السبت، 17 مايو 2008

Home – Accueil

 

TUNISNEWS
8 ème année, N° 2916  du 17.05.2008
 archives : www.tunisnews.net  

الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين بين شعار ” سجون الإصلاح ” .. وواجب ” إصلاح السجون ” ..!

الرابطــة التونسيــة للدفــاع عن حقــوق الإنســـان: تعبر عن تضامنها مع السيد مسعود الرمضاني وعائلته و …

لجنة الدفاع عن المحجبات بتونس : المدير محمد الهادي البريشني يساوم محجبات المعهد ويطردهن

صلاح المستيري: الاتحاد الجهوي للشغل بالمنستير: وكر التآمر والتخريب

إيلاف:الرابطة التونسية لحقوق الإنسان: أبداية حلٍ للأزمة؟

زياد بن بوبكر:بين منتدى 18 أكتوبر و منتدى الجاحظ

صحافي الغلبة : محاكمة سياسية في رحاب منتدى الجاحظ

محمود البلطي ماذايحدث بمصحة الخليل بجندوبة؟

إيلاف: المواطن التونسي بين غلاء المعيشة و عجز الحكومة

كلمة : قطاع اللحوم والأزمة المقبلة

كلمة : منتجو الحليب: مؤشرات على تجدد الأزمة

موقع طلبة تونس : أخبار الجامعة

محمد عبّو:إحياء ذكرى اغتيال نبيل بركاتي

إضاءة أمّ زياد:أضواء على الأنباء

الوطن: سنتان بعد الحادثة:غرق مركب “الوسلاتية” … فلماذا “يغرق” مالكه… وعائلات البحارة !؟

مواطنون:حريّةالإعلام…مع تأجيل التنفيذ

مواطنون:”الكتاب الأحرار” تنظيم إرهابي

مواطنون:إتحاد أوروبا… وانفصالنا

د.خــالد الطــراولي رسـالـة اللقـــاء رقم (31) : تونس والإســلام : الحقيقة المرة

مواطنون :الثوابت الإستراتيجية العليا للممارسة السياسية : المعارضة ـ الموالاة ـ السلطة الجزء الثاني

مواطنون : أمثلة حيّة وتجاوزات موثقة

مواطنون : الفساد يفوح من الوثائق

مواطنون : من التهميش إلى الموت البطيء

عبدالحميد العدّاسي : الكتابات النّافعة (1 / 2)

سليم الزاواوي : إعلامنا الوطني … إلى أين؟

شادية السلطاني:هل تصمد الأسرة التونسية أمام رياح العولمة؟

أبو يعرب المرزوقي : النكوص إلى عقلية الفرق الكلامية

د. عبدالوهاب الأفندي : الاسلاميون ضد نانسي عجرم


 

(Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe Windows (

(To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows)


 

أسماء السادة المساجين السياسيين من حركة النهضة الذين تتواصل معاناتهم ومآسي عائلاتهم وأقربهم منذ ما يقارب العشرين عاما بدون انقطاع. نسأل الله لهم وللصحفي سليم بوخذير وللمئات من الشبان الذين تتواصل حملات إيقافهم منذ أكثر العامين الماضيين فرجا قريبا عاجلا- آمين 

 

21- الصادق العكاري

22- هشام بنور

23- منير غيث

24- بشير رمضان

25 – فتحي العلج  

16- وحيد السرايري

17-  بوراوي مخلوف

18- وصفي الزغلامي

19- عبدالباسط الصليعي

20- لطفي الداسي

11-  كمال الغضبان

12- منير الحناشي

13- بشير اللواتي

14-  محمد نجيب اللواتي

15- الشاذلي النقاش/.

6- منذر البجاوي

7- الياس بن رمضان

8- عبد النبي بن رابح

9- الهادي الغالي

10- حسين الغضبان

1- الصادق شورو

2- ابراهيم الدريدي

3- رضا البوكادي

4-نورالدين العرباوي

5- الكريم بعلوش


 “ أطلقوا  سراح جميع المساجين السياسيين “   “الحرية للصحفي المنفي في وطنه عبدالله الزواري“ الجمعية الدولية  لمساندة المساجين السياسيين 43 نهج الجزيرة تونس e-mail: aispptunisie@yahoo.fr   تونس في 17 ماي 2008

بين شعار ” سجون الإصلاح ” .. وواجب ” إصلاح السجون ” ..!

 

 
على إثر ما أعلنته مؤخرا ” إدارة الحماية الإجتماعية” التابعة للإدارة العامة للسجون و الإصلاح  بخصوص مساعدة عائلات المساجين على التواصل عبر الزيارة المباشرة للموقوفين ، و الذي بلغ حد توفير وسائل النقل لمساعدتهم على التنقل للسجن ..،  يهم الجمعية أن تبدي الملحوظات التالية : – لقد بقي حق الزيارة المباشرة ، المضمون بقانون السجون ( الفصل 18- ثانيا  من القسم الثاني من قانون السجون )، طيلة عشرية التسعينات حكرا على مساجين الحق العام ، فيما يتم إخضاع المساجين السياسيين إلى شتى أنواع المضايقات و التضييقات بما يفرض على عائلاتهم التوجه للزيارة و لتسليم الملابس و ” قفة الطعام” في مناسبات مختلفة . – تم السماح ، في السنوات الأخيرة ، لمساجين ” الصبغة الخاصة ” ( المحاكمين من أجل الإنتماء لجمعية غير مرخص فيها ) و للمساجين ” صنف 1 ” ( المحاكمين بموجب قانون ” مكافحة الإرهاب ” )  بتلقي زيارة مباشرة من 4 من أفراد العائلة مرة كل 3 أشهر( نظريا ..) و قد تمتع ، فعليا ، عدد من المساجين المعنيين ، بهذا ..الحق . – عمدت إدارات السجون في الأشهر الأخيرة ، و خاصة إدارتا سجني المرناقية و برج العامري ، إلى مواجهة العائلات بمماطلة جعلت من التراخيص القضائية ( من حكام التحقيق  و الوكلاء العامين ..) و الإدارية ( من المدير  العام للسجون و الإصلاح ) بمثابة ..العملة غير القابلة للصرف ..! و الجمعية إذ تعتبر أن المطلب الرئيسي يبقى سن العفو التشريعي العام و إفراغ السجون من جميع مساجين الرأي و المساجين السياسيين و إلغاء قانون 10 ديسمبر 2003 ” لمكافحة الإرهاب ” اللادستوري ، فإنها تذكر السلط المعنية  و بأنها ملزمة بحكم القانون و الدستور و المواثيق الدولية بعدم التمييز بين المواطنين على أساس معتقداتهم أو آرائهم السياسية و بعدم اعتماد سياسة المكيالين في معاملة المساجين بما يجعل المحكوم بالسجن كم أجل جريمة قتل أو اغتصاب أو فساد مالي في وضعية أفضل من ..سجين الرأي ..! عن الجمعيـــــة الهيئـــــــــــــــة المديـــــــــــــــــــرة


 
 
 

الرابطــة التونسيــة للدفــاع عن حقــوق الإنســـان Ligue Tunisienne pour la défense des Droits de l’Homme

     

 ما زال السيد مسعود الرمضاني رئيس فرع القيروان للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان يتعرض  للمضايقة والاعتداء على حريته الشخصية من قبل قوات الأمن  التي فرضت حصارا متواصلا  ومتابعة لصيقة لكل تحركاته وتم ترويع عائلته والاعتداء على حرمتها حين أحضر أعوان الأمن رافعة  استعملوها لاستكشاف مقر سكناه . و تم يوم السبت 10 ماي منعه من الوصول  إلى مدينة قصيبة المديوني  للمشاركة في التظاهرة التي  نظمتها فروع الرابطة بسوسة والقيروان والمنستير والمهدية حول مآسي الهجرة السرية. فقد اعترضته سيارات الأمن  بعد خروجه من القيروان صحبة السيد الناصر العجيلي الكاتب العام للاتحاد الجهوي للشغل بالقيروان وتم منعهما من المرور بدعوى “تنفيذ التعليمات”.  والهيئة المديرة للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان إذ تعبر عن تضامنها مع السيد مسعود الرمضاني وعائلته  تدين الاعتداء المتكرر عليه وتطالب بالرفع الفوري لكل التضييقات المفروضة على تحركاته، وتذكر السلطة بضرورة احترام حق النشطاء في العمل بحرية والحقوق المكفولة بالقوانين التونسية والعاهدات الدولية وخاصة الحق في  التنقل وفي الحرمة الجسدية والحرية الشخصـية ، كما تذكر بان التعليمات لا يمكن أن تحل محل القانون وان تكون ذريعة لانتهاكه.  
تونس في 16 ماي 2008 عن الهيئــة المديـــرة الرئيـــس
 المختــار الطريفـــي


 

بسم الله الرحمان الرحيم لجنة الدفاع عن المحجبات بتونس

المدير محمد الهادي البريشني يساوم محجبات المعهد ويطرهن

 

 
بلغنا في لجنة الدفاع عن المحجبات بتونس ,ان مدير معهد حسن حسني عبد الوهاب بالمنيهلة بولاية أريانة , المسمى محمد الهادي البريشني , أقدم على طرد جميع التلميذات المحجبات المرشحات لاجتياز امتحان شهادة الباكالوريا , بسبب إرتدائهن الحجاب ، بعد أن ساومهن على نزع أغطية رؤوسهن مقابل استئناف دروسهن , فأبين الخضوع لهذا الإبتزاز المشين . ولجنة الدفاع عن المحجبات بتونس تسجل أولا حصول إعتداءات كثيرة خلال الفترة الأخيرة ضد المحجبات , وهو ما يؤكد أن التجاوزات في حقهن اصبحت سياسة ممنهجة من قبل السلطة الرسمية في تونس , وتدين بشدة استمرار السلطات التدخل في أخص خصوصيات الحرية الفردية وهو إختيار اللباس , وتحملها كامل النتائج المترتبة عن إعتمادها التعسف والإكراه والعنف والتمييز ضد المرأة التونسية المحجبة . تدعو المسمى محمد الهادي البريشني , مدير معهد حسن حسني عبد الوهاب بالمنيهلة بولاية أريانة , إلى كف أذاه عن الفتيات المحجبات بالمعهد , وترك المجال أمامهن لمزاولة دراستهن في ظروف طبيعية, وتدعو كل محجبات المعهد إلى مقاضاته أمام المحكمة الإدارية . تطالب كل المنظمات والهيئات والشخصيات الحقوقية التونسية والعربية والدولية إلى التنديد بممارسات السلطة التونسية تجاه النساء المحجبات , وتناشد علماء الأمة ودعاتها إلى مناصرتهن أمام ما يتعرضن له من انتقاص في حقوقهن . تونس في17.05.2008 عن لجنة الدفاع عن المحجبات بتونس البريد : protecthijeb@yahoo.fr


الاتحاد الجهوي للشغل بالمنستير: وكر التآمر والتخريب

 

 
صلاح المستيري عاش النقابيون في الأيام السابقة عديد الأعمال والممارسات التي لا تشرف النقابيين والعمل النقابي. أبطال هده الأعمال تجمعيين يقودهم المسمى نور الدين التليلي. فقد دلس إمضاء الكاتب العام لنقابة منزل النور ليسحب اعتراضه السابق /عدم تعليق بلاغ المؤتمر في وقته/ ثم لم يشارك في اضراب أيام جانفي وحاول إفشالها. ثم قدم بطاقت الخلاص المغشوشة لفائدة بعض الأساتدة ليسو منخرطبن في الاتحاد ليجعلهم يشاركون في مؤتمر النقابة الأساسية، ثم تآمر مع الادارة لمنع تعليق بلاغات مؤتمرات النقابات للتعليم الثانوي في بني حسان والمكنين. ورغم المكاتيب التي بعثتها النقابة الجهوية للتعليم الثانوي لتشكو تجاوزاته للكاتب العام الجهوي إلا أ، السيد سعيد يوسف يواصل التستر على نور الدين التليلي. والأكثر استغربا هو أن موضة تقديم الشكايات ضد الاتحاد العام التونسي للشغل قد بدأت تتهاطل في جهة المنستير مثل المطر فبعد القضية التي قدمتها مجموعة من الأساتدة من قصر هلال جاء دور جلال مريمش الكاتب العام لنقابة تونس الجوية بالمنستير ليشكو هو أيضا ببعض المنخرطين من قطاعه لأنهم تجرؤو على نقد تقصيره في الدفاع عليهم. وهذا الكاتب العام هو صديق حميم لسعيد يوسف قد اختاره وشجعه لينقلب على زميله الكاتب العام السابق النسيري /لأن النسيري من سيدي بوزيد وسعيد يوسف لا يحب إلا المساترية/


الرابطة التونسية لحقوق الإنسان: أبداية حلٍ للأزمة؟

   

 العربي الصحراوي   تشهد الرابطة التونسية لحقوق الإنسان مداولات ونقاشات داخلية تتجه نحو الضغط على القيادة الحالية للحوار مع الجناح المنشق داخلها وإيجاد تسوية تسمح للرابطة بعقد مؤتمرها القادم والعمل في كنف القانون والشرعية التي ظلت تفتقدها منذ مؤتمرها الشرعي الأخير في نهاية أكتوبر عام 2000 . وقد أصدرت الرابطة يوم 12 ماي 2008 بيانا تعلن فيه قبولها الانصياع إلى الحوار مع القواعد المنشقة طبق ما ينص عليه القانون الداخلي من اجل التوصل إلى أرضية تسمح بتجاوز الخلافات والحوار مع الجميع مع الحفاظ على استقلالية المنظمة عن السلطة وعن باقي الأحزاب السياسية ذات التوجهات المختلفة وبشكل يجعل منها رابطة حقوقية ترصد حقوق الإنسان وتدافع عنها بعيدا عن التوظيف السياسي والسياسوي الداخلي أو الخارج . وقد جاءت هذه التطورات بعد تتالي الضغوط الداخلية من فروع الاحتجاج على تصرف الهيئة المديرة الحالية التي يرأسها المحامي المختار الطريفي الذي يعيب عليه المعارضون له أنه وظف الرابطة توظيفا يساريا أبعدها عن صبغتها الأصلية التي تأسست عليها في نهاية السبعينات وهي الحرص على الوفاق الوطني والابتعاد عن التوظيف الايديولوجي والسياسي المفرط .  كما يعيب هؤلاء على القيادة الحالية قيامها قبل المؤتمر المقرر في سبتمبر 2005 بالتلاعب بالنتائج وحذف بعض فروع الرابطة ودمج أخرى بشكل أريد منه إسكات الأصوات المعارضة له وقمع الوجوه المعروفة بقربها من السلطة ومحاباة الفروع الموالية للجناح الذي يرأسه الطريفي وهو الجناح المعادي للسلطة والساعي إلى التنسيق مع جمعيات ومنظمات معارضة من أقصى اليسار وأقصى اليمين إلى جانب منظمات أخرى بالخارج تغدق التمويل على القيادة الحالية غير الشرعية للرابطة مما شكل مسا باستقلالية قرارها وتوجهاتها وزاد في ربطها بالأجندات الخارجية في العلاقات مع عدة بلدان غربية لها أجنداتها المختلفة في المنطقة المغاربية أو المنطقة العربية ضمن شرق أوسط جديد . وتشق صفوف الرابطة انقسامات وتجاذبات أهدافها انعكست في النقاشات الحادة التي شهدتها هذه المنظمة الحقوقية على مدى الأشهر الأخيرة على خلفية تجديد السلطات تاكيد رغبتها في التوصل إلى حل وفاقي بين مختلف الفرقاء داخل الرابطة وهو أمر سحب البساط من تحت أرجل المزايدين ودعاة التصعيد مما جعل نقاط التفاهم تلتقي بين هذه التيارات التي تمثلها الفروع المحتجة على مستوى إقليم تونس العاصمة وجناح اصحاب العريضة الموقعة من مائة مناضل من أبرز الحقوقيين على الساحة لإيجاد مخرج مشرف للأزمة إلى جانب التيار الثالث الذي تقدم بقضية عدلية إلى المحكمة في سبتمبر 2005 لمنع القيادة الحالية من التصرف في الرابطة ووضع حارس قضائي عليها وعلى ممتلكاتها يتصرف فيها لمنع تجاوزات واخلالات التسيير والتصرف المسجلة على المستوى المالي وعلى مستوى خرق القوانين الداخلية للرابطة والقوانين المنظمة على المستوى الوطني للعمل الجمعيات وطرق تسييرها وتمويلها . وحسب المصادر المطلعة فإن النية تتجه إلى تجاوز الخلافات بعد تعميم الحوار مع الفروع وفتح المقرات الجهوية بالتنسيق مع السلطات والبدء في التحضير للمؤتمر السادس المعطل بعد عقد مجلس وطني تحضره الهيئات القائمة التي تضم 24 فرعا داخل الجمهورية والهيئة المديرة فيما تحضره الأطراف الأخرى المحتجة  )أصحاب القضية العدلية والموقعون على بيان المائة (بما يعنى أن هناك توجها لسحب القضايا العدلية المرفوعة من قيادين ومناضلين ضد الهيئة الحالية للرابطة . ويبدو أن الضعط الداخلي الذي تعرضت له الهيئة المديرة الحالية قد دفعها إلى التعامل بواقعية مع الفروع انضافت إليها الرغبة الصادقة المعلنة منذ مدة من جانب السلطة لمساعدة القيادة الحالية على تجاوز الصعوبات التي تواجهها والوصول إلى حل توافقي يعمل على صيانة الرابطة التونسية لحقوق الإنسان التي أكد الرئيس زين العابدين بن علي في العديد من المناسبات على ضرورة الحفاظ عليها لعل أخرها الاحتفال باليوم العالمي لحقوق الإنسان حيث أكد أنه » يعتبر الرابطة التونسية لحقوق الإنسان  مكسبا وطنيا وجب الحفاظ عليه«  داعيا الجميع إلى تجاوز الخلافات وتحقيق أرضية توافقية تحافظ على وحدة هذه المنظمة العريقة وتجعلها في خدمة مبادى حقوق الإنسان وتكريسها في أرض الواقع بعيدا عن المزايدات الأيديولوجية أو التوظيف الذي لا فائدة منه لمصلحة البلاد والمسيرة الجمعياته والحقوقيته في تونس . وحسب المطلعين فإن الرغبة الصريحة للسلطة في إيجاد مخرج للقضية قد تفاعلت معها القيادة الحالية للرابطة من خلال سلسلة من اللقاءات تمت بينها وبين رئيس الهيئة العليا لحقوق الإنسان والحريات الأساسية السيد منصر الرويسي مما سمح بإذابة الجليد المتراكم سواء في العلاقة مع السلطات أو داخل أجنحة الرابطة ومنها الجناح المتصلب المرتبط مع الأجندات الأجنبية والقريب من رئيس الرابطة مختار الطريفي والذي قد يكون وجد نفسه في منطقة الزوابع التي تفرض عليه التعامل مع حقائق الواقع بكل أريحية وروح توفيقية لإخراج الرابطة من عنق الزجاجة الذي أوجدها فيها فريق عمق من الانقسامات وراهن على التحالفات الداخلية والخارجية المشبوهة واستعدى السلطة القائمة التي ما انفكت تدعو إلى تغليب روح العقل والوفاق والمصلحة الوطنية قبل أي اعتبار ظرفي أو إيديولوجي وهو توجه وجد في آخر المطاف أذنا صاغية لدى القيادة الحالية التي رضخت للأمر أمام مختلف تحولات المشهد الحقوقي داخليا وخارجيا.   (المصدر: موقع “إيلاف” (بريطانيا) بتاريخ 17 ماي 2008)


 
 

بين منتدى 18 أكتوبر و منتدى الجاحظ

 

 
زياد بن بوبكر   اختار منتدى الجاحظ منذ عودته إلى السّاحة الثّقافيّة التّونسيّة خطّا متوازنا رصينا يهتمّ بالشّأن الثّقافي بعيدا عن المهاترات السّياسويّة التي تذكّر بحلقات الهيجان الإيديولوجي في الجامعة و على  أعمدة بعض الصّحف التّونسيّة المشبوهة . لكن و يا للأسف لقد انتابتني الحيرة عن أهداف هذا المنتدى و أنا أواكب ندوة السيّدة سلوى الشّرفي الجمعة 16/05/2008 التي لم تكن سوى تصفية حساب شخصي مع من ادّعت أنّهم كفّروها وصادروا حقّها في التّفكير و تحوّلت محاضرتها إلى محاكمة سياسيّة تحت غطاء فكري تسرد فيها أفكارا متهافتة و أحداثا وهميّة عن حركة سياسيّة عيّنتها بالاسم . لست من محبّي هذه الحركة و لكنّني تساءلت بكلّ براءة المحايد : لماذا يصرّ بعض الأعضاء المشرفين على هذا المنتدى على التحفّظ على آداء منتدى 18 أكتوبر في إرسائه لتقاليد حوار بين الإسلاميين و الماركسيين والعلمانيين و غيرهم بدعوى أنّه يستهدف الإسلاميين بملاحقتهم فكريّا و الحال أنّه تجاوز الملاحقة إلى المحاكمة و إصدار الأحكام الجائرة  في غياب المتّهمين و محامي الدّفاع. لماذا لم ينبس الجورشي ببنت شفة ” و هو المتحذلق دائما في فنّ ترقيع  الخطابات والمواقف ” و السيّدة الشّرفي تملّس الأحكام كما شاءت لها أيديولوجيّتها الاستئصاليّة  والحال أنّه واكب أعضاء هذه الحركة قديما و حديثا و يعرف مقدار الصّواب و التّحامل في ما قالته  ؟  لقد انزعجنا في الأسبوع الفارط  من مقال مسموم نشر على جريدة الصّباح تحامل فيه صاحبه بغير وجه حقّ على منتدى الجاحظ و قياديّيْه   الدّكتور حميدة النّيفر و الأستاذ صلاح الدّين الجورشي و اعتبرنا ذلك نذير شؤم على السّاحة السّياسيّة و الثّقافيّة و إنذار بالعودة لسياسة الملاحقة الأمنيّة و الفكريّة و ما سمّي بتجفيف المنابع … لكن ها أنّ المنتدى يسقي غيره من نفس الكأس فهل كان الأمر تلقائيّا أم مقصودا لإثبات البراءة وطلب صكّ الغفران من كهنة مرحلة ما قبل 2009 ؟ لقد نجح منتدى 18 أكتوبر ” رغم كلّ ما يمكن أن يقال عنه ” في السّير على خطى الحوار و التّواصل بين الفرقاء السّياسيين و المخالفين فكريّا و لم يضع أحدا في الزّاوية و لم يحاكم أحدا رغم حدّة النّقاشات و التّجاذبات و الحسابات أحيانا و تمكّن من  صياغة مضامين مشتركة قد نتّفق أو نختلف حول قيمتها و صدقيّتها و لكنّها تعكس إرادة صادقة ورغبة قويّة في تجاوز الحالة المرضيّة من التّباغض السّياسي و الاحتراب الفكري . لماذا فشل منتدى الجاحظ في ما نجح فيه منتدى 18 أكتوبر . يتسلّل الأوّل إلى السّياسة من وراء نقاب الثّقافة متخفّيا مندسّا بينما اقتحم الثّاني غمار الثّقافة و الفكر بكلّ شجاعة بصوت مرتفع علني شفّاف لا مصادرة فيه على أفكار الغائبين ، كان الجميع هناك تركوا وراءهم أحقاد الماضي و آمنوا أنّ لا معنى لثقافة مفصولة عن النّضال السّياسي و لا معنى لسياسة دون مضمون فكري متماسك ،  لأنّهم اقتنعوا أنّ عصر الإيديولوجيّات قد ولّى اختاروا أن يتبادلوا الآراء لا ليبتزّوا بعضهم بعضا و لكن ليراكموا الفعل السّياسي والثّقافي رغم تشكيك المشكّكين و محاصرة السّلطة التي تأبى على النّخب التّونسيّة أن تتواصل و و تخرج من وضع التّدابر و التّنافي . هل تعثّر المنتدى عن إنجاز هذه المهمّة الوطنيّة لأسباب أمنيّة ؟ إذا فلماذا يورد نفسه هذه المورارد و ليكتف بنشاطه الثّقافي و لا يلق بنفسه إلى التّهلكة و يترك السّياسة للسّياسيين. أم أنّ الأمر يعود إلى أسباب غير أمنيّة و لكن إلى ترسّبات نفسيّة تتعلّق بمخلّفات التّاريخ السّحيق يوم كان المؤسّسون جزء من تجربة سياسيّة انسحبوا منها في ظروف متوتّرة لا تزال آثارها ثاوية في خطابهم ؟ مهما كانت الأسباب فليكن المنتدى وفيّا للخيار الثّقافي الذي عاقد عليه رواده. 

 
 


محاكمة سياسية في رحاب منتدى الجاحظ

       

 صحافي الغلبة  احتضن منتدى الجاحظ مساء الجمعة 16/05/2008 على السّادسة و النّصف مساء محاضرة للدّكتورة سلوى الشّرفي أستاذة بالمعهد الأعلى للصّحافة و علوم الأخبار حول موضوع ” الإسلاميون و الدّيمقراطيّة ” و ذلك بمناسبة صدور كتابها الذي يحمل نفس عنوان المحاضرة و الذي كان في الأصل رسالة دكتوراه ناقشتها في قسم العلوم السّياسيّة. و قد كان الحاضرون من رواد المنتدى ” من الأساتذة و الطّلبة  و المثقّفين ” ينتظرون أن تعرض الأستاذة مقاربة نقدية عن الخطاب الفكري و السّياسي للإسلاميين و ذلك في سياق البرنامج الذي حدّده المنتدى لهذه السّنة و المتعلّق بحركات الإصلاح في منطقة المغرب العربي ، غير أنّ ما راع الحاضرين إلاّ أنّ الأستاذة المحاضرة التي يبدو أنّها لم تستوعب طبيعة نشاط المنتدى الفكري ” و هي تزوره لأوّل مرّة ” اختارت أن تقيم محاكمة سياسيّة لحركة النّهضة التّونسيّة و انبرت تلقي الأحكام الجزاف و المصادرات و الاتّهامات معتبرة أنّ المنهج الفكري و السّياسي للنّهضويين التّونسين هو منهج تكفيري يقصى المخالف الدّيني و السّياسي رغم الخطاب الدّيمقراطي البرّاق الذي لا يعدو أن يكون ضربا من التقيّة السّياسيّة و استشهدت على ذلك بما تعرّضت له هي نفسها من تكفير من طرف أعضاء هذه الحركة عندما عبّرت عن رأيها بكلّ تلقائيّة في مسائل فكريّة ، كما استشهدت بتكفير حركة النّهضة للوزير السّابق محمّد الشّرفي و تعنيف أعضاء هذه الحركة للمفطرين في تونس أيّام شهر رمضان و اعتدائهم بالعنف على إحدى المحاميات من أجل الاختلاف معها في الرّأي. و اعتبرت أن النّزعة التّكفيريّة متأصّلة في فكر النّهضويين انطلاقا من وثيقة الرّؤية الفكريّة و المنهج الأصولي التي أقرّها مؤتمرهم سنة 1986 و التي تناولتها بالدّرس و التّحليل في كتابها و رأت فيها تكفيرا صريحا لمن يجحد معلوما من الدّين بالضّرورة أو ينكر صريح القرآن أو يؤوّله على غير ما يقتضيه منطوقه اللغوي .  كما أحالت على عدد من النّصوص النّظريّة لراشد الغنّوشي و غيره يتبنّون فيها تكفير المخالف الدّيني مثل كتاب ” حقوق المواطنة في الإسلام ” و الدّعوة إلى تطبيق الشّريعة الإسلاميّة و لا سيما الحدود و العقوبات الجسديّة حيث اعتبرها الغنّوشي في تصريح أحالت عليه الأستاذة ” تعذيبا مقنّنا ” و ذلك مقارنة بتعذيب السّلطة في السّجون التّونسيّة الذي يفتقد للتّقنين  و اعتبرت في المحصّلة أنّ تصوّر الغنّوشي و باقي النّهضويين للمواطنة منقوص و استنتجت أنّ حزب النّهضة التّونسي يأخذ من الدّيمقراطيّة ما يتلاءم مع مصالحه  السّياسيّة و يترك ما يتعارض مع مصالحه مثل الحريّات الشّخصيّة و المساواة بين المرأة و الرّجل و احترام حريّة المعتقد .  ثمّ انتهت الأستاذة المحاضرة إلى أنّ النّهضويّن التّونسيين لم يتطوّروا نحو الدّيمقراطيّة وليس بإمكانهم أن يتطوّروا طالما لم يحدثوا القطيعة المعرفيّة مع الماضي ، و اعتبرت أنّ النّهضة الأوربية إبّان عصر التّنوير لم تقم على إثر القطيعة مع الكنيسة و لكن بعد القطع مع الإنجيل !  و الملاحظ أنّ منتدى الجاحظ الذي اختار موضوع المحاضرة و الأستاذة المحاضرة في هذا التّوقيت بالذّات لم يستدع أحد منظوري هذه الحركة ” التي يعلم أنّهم  محاصرون وملاحقون و محرومون من الانخراط في الشّأن العام ” ليمُكّن الحاضرين من سماع الرّأي و الرّأي الآخر أو على الأقلّ من باب السّلوك الأخلاقي ؟  و لا يفوتنا أن نسأل المشرفين على نشاط المنتدى ” الذين يحرصون دائما على التّأكيد على صفتهم الثّقافيّة و الفكريّة ويتبرّؤون من الصّفة السّياسيّة ” لماذا هذا التخفّي وراء الثّقافة و التّأكيد على أولويّة الثّقافي على السّياسي و الحال أنّ الخلط والالتباس واضحان ؟ لقد طلب السيّد صلاح الدّين الجورشي رئيس المنتدى بعد مداخلة الأستاذة سلوى الشّرفي من الحاضرين ثلاثة أشياء كعادته مع العدد ثلاثة السّحري : أن يوجزوا مداخلاتهم و أن يلتزموا بآداب المناظرة و أن لا ينخرطوا في النّقاش السّياسي !  و نترك للقارئ حقّ التّعليق الحرّ …


 
 

بسم الله الرحمان الرحيم

ماذايحدث بمصحة الخليل بجندوبة؟

                       

 
الامضاء محمود البلطي  
هذه *المصحة تقع في قلب المدينة وهي الوحيدة .ولقد خاض صاحبها نضا لات كبيرة من اجل التر خيص له وصل به الامر الى حد القيام باضراب جوع .هذا اولا وثانيا هذه المصحة متعاقدة مع”الكنام” وانا اسال الكنام هل هناك كراس الشروط من اجل قبول او رفض اي مصحة ترغب في التعاقد معها .اردت ان اقول من هذه المقدمة ان هذه المصحة تسطيع ان تسميها كل شيئ الا مصحة وساروي لكم ما حدث لزوجتي يوم 9/4/2008 في هذه المصحة اللعينة يوم الواقعة احست زوجتي بالام الوضع فا خذتها الى طبيبها الخاص الذي نصحنا بالتوجه حالا الى المصحة المذكورة وسلمنا ورقة فيها بعض الادوية من اجل تقوية الاوجاع ريثما يلتحق بنا .وصلنا الى المصحة اول مفاجئة اعترضتنا ليس فيها ادوية فما كان مني الا ان رجعت  لشراء الادوية وزوجتي تركتها تمزقهاالاوجاع  ليس فيها مصعذ كهربائي حملناها على اعناقنا. الانارة ضعيفة هناك شبه ظلام .ليس هناك مكيف الغرف باردة جدا .الاطار الطبي يتكون من فتاتين الاولى منها عون استقبال ومنها ممرضة والثانية قيل لنا انها “قابلة”وهناك امراة اخرى مكلفة بالتنظيف لا فائدةفي ذكرهيئتها حفاضا على كرامتها .تحملنا هذه الوضعية عن مضض لثلاث اسباب 1 لقربها من العا ئلة 2 لموافقة الكنام عليها واذا غيرنا المصحة فقد لا ترجع لنا جزء من المصاريف 3 لثقتنا في طبيبها فهو مشهود له بالكفائة .وصل الطبيب واكد لي ان ولادتها ستكون طبيعية واذا اضطررنا في اخر لحظة الى توليدها بالعملية”القيصرية “اكد لي انه اتصل بمبنج المصحة واكد له انه موجود وفي اي لحظة يمكن استدعائه.مع تقدم الوقت لاحظ طبيبها انه ليس هناك تقدم وبالتالي حالة زوجتي وحالة الجنين اصبحتا في خطر عندها قرر الطبيب تولبدها بعملية قيصربة فطلب منهم اعداد قاعة العمليات واحظار المبنج وقتها اكتشفنا ان المبنج في منزله في ولاية باجة اتصلوا به لمدة سا عة فلم يرد على الهاتف .مع الساعة الواحدة بعد منتصف الليل تدهورت حالتها الصحية اكثر فقرر الطبيب نقلها الى مصحة خاصة بولايةالكاف فطلبنا منهم مدنا بسيارة اسعاف المصحة اتصلوا بصاحب المصحة ليمدنا بمفتاح السيارة يبدو انه نائم  فحضر بعد حوالي ساعة .المفاجئة الاخرى ان سيارة الاسعاف هي عبارة  عن سيارة نقل ريفي ليس فيها الحد الادنى من التجهيزات الطبية ولا شبه الطبية فقط فيها كرسين على طول السيارة …هذه مصحة الخليل بجندوبة با يجاز وهناك اسئلة ونقا ط استفهام عديدة *اولا=وزارة الصحة عندما توافق على فتح مصحة جديدة وفق كراس شروط محددة الا تقوم بزيارات دورية وفجئية من اجل مراقبة ومتابعة مدى مطابقة الخدمات لكراس الشروط فهذا حسب علمي لم يقع بذليل انه منذ حوالي شهر توفيت زوجة شخص مهم في هذه المصحة بسبب الاهمال واستمرت المصحة مفتوحة بنفس الخذمات المتردية .اهكذا نتعامل مع صحة المواطنين *ثانيا =الصندوق القومي للضمان الاجتماعي”الكنام”الايقوم بعملية معاينة للمصحات التي ترغب في ابرام عقد معها ام ان همه الوحيد هو تجميع اكثر ما يمكن  من الاطباء والصيادلة والمصحات المتعاقدينمعها  لاقناع المضمونين اجتماعيا بصحة مشروعهم  الجديد *ثالثا= من يحدد اسعار الخدمات المقدمة اليس هناك اسعار مرجعية ام ان كل صاحب مصحة يفرض الاسعار التي تشبع   جشعه ونهمه فرغم هذا الاهمال المتعمد والذي كاد ان يذهب بحيات زوجتي وابني الا انه طلب  مني دفع ثمن سيارة النقل الريفي عفوا سيارة الاسعاف والتي تنقلت المسافة الفاصلة بين جندوبةوالكاف والمقدرة ب50كلم .ثمن غير معقول بتاتا   ورفض حتى منا قشته معي *رابعا =من يتحمل المسؤولية لو ان زوجتي ماتت لا قدر الله هل المصحة ام الوزارة ام الكنام فانا اعتبرهم كلهم مسؤولون في هذه الحالة                                                  والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته الامضاء محمود البلطي صاحب بطاقة تعريف 02380682 بتاريخ 18_ماي-2006  بتونس


 

المواطن التونسي بين غلاء المعيشة و عجز الحكومة

 

 إسماعيل دبارة من تونس     يبدو أن لعنة ارتفاع أسعار المواد الأساسية في تونس لم تستثن أحدا هذه الأيام، فالمواطن العادي الفقير يتذمّر، والثري يقول أنه لاحظ زيادة في حجم مصاريفه مما قد يؤثر على قدرته الشرائية بشكل أو بآخر،   والحكومة حُشرت في مأزق عصيب لّما ارتفعت الأصوات المنددة بصمتها و الداعية إلى ضرورة تدخلها لإيجاد الحلول العاجلة لوضع حدّ للمشاكل الاقتصادية للبلاد التي لطالما عُرفت بنجاحاتها ونموها الاقتصادي المتزايد.وحدها أحزاب المعارضة “استثمرت” الوضع الراهن، إذ تواترت بياناتها محملة السلطة مسؤولية تردي المقدرة الشرائية للمواطنين التونسيين وتفشي معضلة البطالة فيما اعتبره مراقبون “مزايدة ألفتها المعارضة التونسية الضعيفة”.   وبعيدا عن الحسابات و المزايدات السياسية يكتوي المواطن التونسي بنيران الأسعار النشطّة التي طالت الخبز و الزيت و البنزين تقول لمياء بن عمر أستاذة الاقتصاد و التصرّف لإيلاف “لا يمكن أن نقول إن أسباب ارتفاع الأسعار في تونس داخلية فحسب، فالأزمة عالمية و لها علاقة وثيقة بزيادة الطلب على كل السلع وخصوصا على الحبوب، و النفط والحديد. و تضيف: بالنسبة لخطا حكومتنا فهو يتمثل تحديدا في البطء الشديد في الاستجابة لكيفية التعامل مع ارتفاع الأسعار العالمي، تونس ليست دولة بترولية علينا ألا ننسى ذلك ونحن نلحظ جليا عجزا كبيرا في الموازنة العامة للدولة وتضخما في الدين العام المحلي”.وتابعت أن ارتفاع أسعار البترول و الحبوب و التراجع و الأضرار التي لحقت باقتصاديات اغلب دول العالم كانت أسباب وجيهة للإعلام الرسمي و شبه الرسمي في تونس لتبرير موجة الغلاء التي اجتاحت البلاد.   من جهتها أكدت إحصائيات صادرة عن المعهد الوطني للإحصاء( رسمي) وجود مصاعب و إشكاليات حقيقية تجابه الاقتصاد التونسي ، وهي إشكالات لا تبدو ظرفية أو عابرة، إذ بلغ ارتفاع الأسعار أعلى مستوى له منذ 6 سنوات ليبلغ 5.7 بالمائة منذ بداية 2008.في حين تؤكد إحصائيات أخرى غير رسمية تجاوز نسبة ارتفاع الأسعار حاجز الـ 15 في المئة.و بما أن نسبة استهلاك المواد الغذائية في تونس تقدر بـ 36.5 في المئة من مجموع المواد المستهلكة فلا حديث في شوارع البلاد و أسواقها و حلقات نقاشها إلا عن “إمكانية ارتفاع سعر الخبز” أو” الصدمة “جراء ارتفاع أسعار الخضر و الغلال و اللحوم.   وتقول السيدة منيرة حناشي أستاذة تعليم ثانوي ل”إيلاف” القسط الأكبر من راتبي الشخصي و راتب زوجي يتلاشى ضمن مصاريف المواد الغذائية التي كسرت ظهورنا بسبب الغلاء …وفوق كل هذا نلحظ غياب بعض المواد الأساسية من السوق كالأزمة التي أصابت الحليب في الآونة الأخيرة …إلى متى سيستمرّ هذا الوضع يا ترى؟   أما العياشي الخليفي 52 سنة فيقول:لما يشتكي مواطن محسوب على الطبقة الوسطى أو الثرية في تونس من غلاء أسعار المواد الأساسية كالبنزين و الطحين و الخضر ، فكيف سيكون الحال بالنسبة لعامل يومي بسيط مثلي و من ورائه عائلة تضم سبعة أفراد لا ينتجون شيئا فأنا معيلهم الوحيد …ربي يحسن العاقبة يا ابني هذا كل ما يمكن قوله”.   وتقول الأستاذة بن عمر:”شكوى المواطنين مبررة هذه المرة ، فالارتفاع كان قياسيا و السلطات تقوم بتهوين الأمور عوض التدخل للحد من الظاهرة ، برأيي يمكن للحكومة فعل الكثير هنا و ربما استغلال الظرف الاقتصادي السيئ عالميا لخدمة الاقتصاد الوطني لو أحسنت استغلال الارتفاع المشط في عدد من المواد التي نقوم بتصديرها للخارج.” شكوى المواطنين من الوضع القائم أسند في الخامس من مايو الجاري بتخوّفات المنظمة النقابية الأولى في تونس و هو الاتحاد العام التونسي للشغل الذي عبر عن انشغاله الشديد إزاء ما شهدته الأسعار من ارتفاع كبير في الفترة الأخيرة محذّرا من أن النتائج السلبية لهذا الوضع قد تؤدي لركود اقتصادي محتمل.”و تطالب المنظمة النقابية خلال مفاوضاتها الاجتماعية الحالية مع الحكومة – والتي تنجز مرة كل ثلاث سنوات- بالزيادة في الأجور بنسبة معقولة ، عسى أن يساعد ذلك المواطنين في تلبية حاجياتهم الأساسية على الأقل ،خصوصا و أن الإجماع شبه حاصل بين كل فئات المجتمع التونسي حول خطورة الوضع الاقتصادي للبلاد. ارتفاع الأسعار لا يبدو مشكلة الحكومة التونسية الوحيدة هذه الأيام ، ففي منطقة الحوض المنجمي و بالتحديد في محافظة قفصة الجنوبية (400كلم جنوب العاصمة) لا يزال التوتر الاجتماعي على أشده منذ يناير الماضي.و يربط متابعون و محللون بين ارتفاع الأسعار و تفاقم مشكلة البطالة في تلك المنطقة الفقيرة من البلاد ، الأمر الذي أدى إلى اندلاع اشتباكات دامية بين عدد من الشباب العاطل و الغاضب على تردي أوضاعه الاجتماعية من جهة وعناصر الأمن من جهة ثانية و قد سقط في السادس من مايو شاب يبلغ من العمر 24 سنة قتيلا بسبب تلك التوترات و فق ما أكده شهود عيان لإيلاف و تقارير صحفية متطابقة . وعلى الرغم من إقرار رئيس الدولة لجملة من المشاريع الجديدة التي قد تحلّ مشكلة البطالة في تلك المنطقة إلا أن بيانات أحزاب و تيارات المعارضة السياسية المختلفة توالت لتندد بما آلت إليه الأوضاع في منطقة الحوض المنجمي خصوصا و في كامل أرجاء البلاد عامة مع ارتفاع الأسعار و الركود الاقتصادي الذي ضرب البلاد.وقد صدرت هذه البيانات التي حصل إيلاف على نسخ منها عن كل من :حزب المؤتمر من أجل الجمهورية(ليبرالي غير قانوني) و حركة النهضة ( إسلامية محظورة) و حركة التجديد (يساري قانوني) و الديمقراطي التقدمي (قانوني) و حزب العمال الشيوعي التونسي (غير قانوني).   (المصدر: موقع “إيلاف” (بريطانيا) بتاريخ 17 ماي 2008)

 

قطاع اللحوم والأزمة المقبلة

 

 لطفي حيدوري منذ بضعة أشهر شهد سعر لحوم الخرفان انخفاضا مذهلا بلغ في بعض ضواحي تونس سعر الكلغ خمسة دنانير وخمسمائة مليم. والسبب الرئيس في ذلك هو مسارعة مربي الماشية إلى التفويت في رؤوس الماشية مع فقدان العلف والمراعي بسبب جفاف هذا العام. وتحاول الدولة اليوم ولكن في وقت متأخر أن تعالج الأمر ببعض المساعدات لبعض مربي الماشية لوقف النزيف الذي ضرب قطيع الأغنام في تونس. ولكن المؤشرات على تجدد الأزمة بحدّة بعد أشهر هو وصول الأغنام المخصصة للتوليد إلى المسالخ، والأخطر من ذلك هو الشروع منذ مدة في التهريب المعاكس. ففي السابق كان يجري تهريب الأغنام من الجزائر إلى تونس أمّا اليوم فتنقل المعلومات أنّ القطيع التونسي يتوجه إلى الجزائر. مناسبتان قادمتان للاختبار، شهر رمضان وعيد الأضحى . المصدر: مجلة “كلمة” (اليكترونية شهرية)، العدد 63 بتاريخ14 ماي2008

منتجو الحليب: مؤشرات على تجدد الأزمة

 

 ملفّ أعدّه الصحبي صمارة يشهد قطاع تربية الأبقار وإنتاج الحليب في تونس مشاكل حقيقية مرشّحة للمزيد من التعقيد ممّا ينذر بفقدان هذه المادّة الغذائية الأساسية بنسبة كبيرة في الأشهر القليلة القادمة خصوصا وأنّ هذه الصائفة تمثّل الفترة الضرورية لتخزين الكمية المعدّة لاستهلاك التونسيين خلال شهر رمضان القادم. “كلمة” تجوّلت في أوساط الفلاحين وأصحاب مجمّعات الحليب وسلّطت الضوء على الأسباب التي جعلت إنتاج الحليب في تونس يعيش هذه الأزمة وحاورت أبناء القطاع حول الحلول المناسبة والضرورية. أسباب الأزمة يجمع أغلب المنتجين للحليب في جهتي المهدية وصفاقس على أنّ مشاكل القطاع تتمثّل في ارتفاع أسعار الأعلاف. فقد شهدت المواد الأساسية المكوّنة للعلف والأعلاف بشكل عام على الأقلّ خمس زيادات متتالية. فالقطانيا مثلا منذ عامين كانت بـ 200 دينار ليصبح ثمنها هذا العام 450 دينارا بالنسبة للطن الواحد. أمّا الصوجا فكانت أسعارها في حدود 380 إلى 390 دينار بالنسبة للطن لتبلغ في الأيام القليلة الماضية 700 و750 دينارا. وكان ثمن “السدّاري” يتراوح بين 105 و110 دينارا للطنّ الواحد فارتفع إلى 250 دينار ويبلغ سعره في السوق السوداء 400 دينار. ويعرّف مربّو الأبقار ومنتجو الحليب في هذه المناطق البقرة بأنّها أشبه ما يكون بالآلة الصغيرة التي تعطي الحليب بحسب ما يقدّم لها من علف. ويقول أحد المربّين الكبار من جهة صفاقس: “إنّ كمية الحليب لم تتحسّن بل على العكس انخفضت رغم أنّنا نحافظ على إعطاء البقرة كمية العلف نفسها”. ويضيف “كنت أعلف البقرة بخمسة دينارات وهي تعطيني عشرين لترا من الحليب يساوي ثمانية دينارات. أمّا اليوم أصبحت أعلفها بـ 10 دينارات أو أكثر لتعطيني نفس الكمية”. فثمن العلف تضاعف ولكن مردود الأبقار هو نفسه، هذا إذا لم يتراجع. إذن فإنّ أهمّ أسباب أزمة القطاع هو اختلال التوازن بين ارتفاع أسعار العلف وأسعار الحليب التي عرفت ارتفاعا ضئيلا بالمقارنة مع الأعلاف. هذا بالإضافة إلى ارتفاع ثمن المحروقات التي تستهلك في عمليّات النقل وارتفاع ثمن الكهرباء ومتطلّبات اليد العاملة والرعاية البيطرية والتنظيف. ولو نقوم بمقارنة، بين الوضعية اليوم ونفس الوضعية قبل خمس سنوات بين ثمن الحليب وما يقابله ثمن كمية العلف التي يمكّننا من شرائها سنجد أن ثمن الحليب يساوي اليوم نصف ثمن كمية العلف منذ خمس سنوات. ما هي الحلول الممكنة ؟ بهذا السؤال توجّهت “كلمة” إلى محدّثيها فكان ردّهم: “نحن لا نملك حلولا إنّنا بصدد تمويل قطاع عاجز والدولة هي الطرف الوحيد القادر على تقديم الحلول. يجب إصلاح عملية الإنتاج من أساسها والوصول إلى معادلة يغطّي فيها منتوج الحليب متطلبات العلف وإلاّ فإن القطاع سينهار بشكل نهائي”. البعض من المسؤولين اعتبر أنّ من بين الأسباب في النقص هي المراهنة على تربية الأبقار في مناطق غير منتجة للعلف خصوصا في جهتي صفاقس والمهديّة وقد أوضح لنا أبناء هذه الجهات خطأ هذا التقييم بالقول: “عندما نجد من يعتبر هذه الأزمة تعود إلى التربية خارج الإطار أي تربية الأبقار في أماكن لا تنتج العلف ولا تحتوي على المراعي نقول إنّه صحيح أنّ المناطق التي تنتج الحليب في وضعية التربية خارج الإطار هي المهدّدة أكثر من مناطق الشمال ولكن نتساءل هل أنّ الاقتصار على التربية والإنتاج في الإطار هي كافية لتلبية حاجات البلاد؟ وهل سنتوقّف عن الإنتاج معوّلين على الشمال ونحن ننظر إلى الثروة الحيوانية تندثر والحاجة الوطنية للحليب تتحوّل إلى عجز تام.؟؟” وللعلم فإنّ هناك ما يقارب 50 إلى 60 بالمائة من منتوج تونس في الحليب يأتي من “مناطق التربية خارج الإطار” l’élevage hors sol وتحديدا من جهتي المهدية وصفاقس وهذه الوضعية بحاجة إلى مراجعة للتوازن بين الجهات.  

ألا يكفي منتوج العلف التونسي لتلبية حاجة القطيع؟ ويضيف محدّثونا أنّه “لا يوجد تشجيع لجهات الشمال على الجنوب والساحل في إنتاج الحليب ولكن الشمال يمتاز بإنتاج العلف والأمطار وتوفّر المراعي والأودية وهي منطقة تنتج العلف وبما أنّها كذلك فإنّها تستهلكه بأسعار أقلّ، فيما في جهتي المهدية وصفاقس لا يمكن إنتاج العلف لعدم وجود أراضي شاسعة ولقلّة الأمطار”. ويقول أحد المربّين إنّ “منتوج العلف التونسي في وضعية استثنائية، فأغلب الأراضي في الشمال التونسي غير مستغلّة لإنتاج العلف وهي أراضي في أغلبها دولية وهي غير مزروعة ومهملة وقد طالبنا الدولة مرّات ومرّات بمنحنا فرصة استغلالها على سبيل الكراء أو البيع لاستغلالها لإنتاج العلف ولكن لا إجابة ولا استجابة لهذا الطلب في حين إن هناك أراضي تحتوي على مصادر مائية بل تقطعها الأودية أصلا وهي مهملة وغير مستغلّة”. إذن هناك درجة من الإهمال فيما يتعلّق بالجهات المسؤولة وهناك بالمقابل من يطمح إلى الإنتاج والعمل ولكنّه لم يجد الإمكانيات ولم يحض بالتشجيع. من هنا يقول محدّثنا “نفهم لماذا التربية والإنتاج خارج الإطار محكوم عليهما بالفناء إذا استمرّت الوضعية هكذا، لأنّهما مرتبطان بالعلف المستورد ومرتبطان بغلاء الأسعار في العالم ومرتهنان بالشركات والأشخاص التي تلعب دور الوساطة وتعمّق الأزمة وهذه الأسباب ستساهم في القضاء على القطاع وتدميره”. في ظلّ هذه الأوضاع والظروف يسعى المربّون إلى إيجاد حلول وإلى استئجار الأراضي وإلى البحث عن مصادر للعلف وهم يعيشون أزمة حقيقية علما وأنّ هناك الآلاف من رؤوس الأبقار مهدّدة بالجوع. وبهذه الجملة التي تلخّص معاناة المربّين يقول أحدهم: “لقد وجدنا أنفسنا في وضعية صعبة حيث التفكير في بيع القطيع في السوق سيؤدّي إلى التفويت فيه بأقل من نصف الثمن وإذا تركنا القطيع دون علف فحتّى ضمائرنا تأبى علينا ذلك. إذن مضطرّون نحن إلى بيع ما نملك لتوفير العلف للأبقار”. ويضيف: “نحن واعون بخطورة الموضوع ونشعر بأسف كبير لما نعانيه من نقص في الأعلاف وارتفاع لأسعارها وتراجع لمنتوج البلاد من الحليب ولكننّا نشعر بالأسف أكثر لأنّ البلاد تحتوي على عشرات الآلاف من الهكتارات التي لا يعتني بها أحد وتترك مهملة والتي يمكن أن تحلّ الأزمة بمجرّد استعمالها لإنتاج العلف ونحن نطالب في هذا السياق بتمكين الراغبين في العمل وإنتاج العلف من هذه الأراضي على سبيل الكراء أو البيع أو الاستثمار حتّى يتمكّن الناس من العمل والإنتاج. إنّه لمن المؤلم حقّا أن نضطرّ لاستيراد الأعلاف ونحن قادرون على إنتاجها. ونرى أن السلطات مقصّرة في هذا الجانب ونتمنّى أن تقوم بدورها لحلّ المشكل وتجاوز هذه الأزمة التي تهدّد القطاع”. ويتدخّل أحد الفلاّحين قائلا “نحن بحاجة إلى وقفة جدّية ونريد من المسؤولين أن يشعروا بخطورة الوضع الحالي وتداركه. نحن بحاجة إلى حلّ عملي فمنذ عامين ونحن نعلن عن وجود مشاكل وأزمة في قطاع الحليب وقد أصبح من الضروري الوصول إلى حلّ ونحن نرى أنّه لابد من التعويل على الأراضي التونسية لإنتاج العلف”. وللتذكير فإن تونس تمكّنت من تحقيق الاكتفاء الذاتي في الحليب بشكل قار وقد تراجع بين سنة 2000 و2002 بل إنّ البلاد التونسية تجاوزت الاكتفاء الذاتي فيما لم يعرف المسؤولون كيف يحافظون على ذلك لأنه لم تقع دراسة الظروف التي ستكون عليها الوضعية في هذه السنوات. ولهذه الأسباب أصبح المنتوج التونسي منذ عامين يعاني من نقص حاد في العلف وغلاء الأسعار وتراجع كبير. وقد أشار أصحاب المركّبات إلى هذه النتيجة بالقول “لقد توصّلنا إلى توفير فائض في الحليب وأحضرنا كميات للتجفيف لما هو فائض ولكننا لم نستمرّ  “. المصدر: مجلة “كلمة” (اليكترونية شهرية)، العدد 63 بتاريخ14 ماي2008  

أخبار الجامعة  
 حملة مضايقات و اعتقالات شرسة تستهدف التلاميذ و الطلبة : شهدت الأسابيع الأخيرة حملة مضايقات و إيقافات و اعتقالات و محاكمات شملت مئات التلاميذ و الطلبة في مختلف جهات البلاد ( تونس – نابل – سوسة – صفاقس – المنستير – …. )  و وصل الأمر إلى حد اقتحام البيوت و انتهاك حرمتها و ترويع الصغار و الكبار على حد السواء … و قد وقعت هذه الإعتداءات بالقرب من المعاهد الثانوية و في محيط الكليات و المبيتات الجامعية و مساكن الطلبة الخاصة و تركزت أيضا أمام المساجد و في الأنهج القريبة منها و لم يسلم من ذلك حتى الذين يمارسون رياضة كرة القدم بصفة جماعية …. و إن كان ليس هناك رابط بين مختلف هذه الإعتداءات على هؤلاء الشباب فإن الوقائع تشير إلى أن المستهدفين هم أساسا الناشطون الحقوقيون و مناضلو بعض الأحزاب السياسية و خاصة الشباب الملتزم و المواضب على صلواته بالمساجد ….  مؤتمر الإتحاد العام لطلبة تونس : تحديد موعد جديد لانعقاده ….. على إثر انعقاد هيئة إدارية استثنائية تم إقرار موعد جديد لانعقاد المؤتمر الخامس و العشرين للإتحاد العام لطلبة تونس حيث ستتم أشغاله أيام السبت 16 و الأحد 17 و الإثنين 18 أوت 2008 بنفس المكان المعين سابقا وهو كلية العلوم ببنزرت 76 أستاذ جامعي بالمدرسة الوطنية للمهندسين بصفاقس يحتجون على حملة الإعتقالات في صفوف الطلبة : أصدرت النقابة الأساسية لأساتذة التعليم العالي بالمدرسة الوطنية للمهندسين بصفاقس عريضة وقعها 76 أستاذ جامعي دعوا فيها إلى ” التخلي عن التعامل مع طلبتنا بهذا الأسلوب الأمني الذي يمس من الحريات الشخصية و يخلق جوا من الرعب و الإرتباك داخل الحرم الجامعي ” كما حذروا من استمرار هذه الوضعية من الإرباك خاصة و أن الإمتحانات على الأبواب و طالبوا بالإطلاق الفوري لسراح الطلبة المعتقلين …. و كان الطلبة قد شنوا إضرابا عاما عن الدروس يوم الإثنين 12 ماي 2008 احتجاجا على الإعتقالات التي طالت العديد من زملائهم ….. باكالوريا 2008 : ارتفاع في عدد المترشحين في الولايات الثلاث التي حققت أحسن النتائج خلال الدورة السابقة … بلغ عدد المترشحين لمناظرة الباكالوريا دورة جوان 2008 ما يقارب 156000  تلميذ و في دورة جوان 2007 تصدرت ولاية صفاقس – كعادتها – قائمة الولايات من حيث نسبة النجاح في حين جاءت ولاية المنستير في المرتبة الثانية و ولاية سوسة في المرتبة الثالثة أما عن عدد المترشحين للدورة القادمة فقد توزع في الولايات الثلاث المذكورة على النحو التالي : – صفاقس :                              094 10 – سوسة :                                 312 7 – المنستير :                              395 6 و يلاحظ أن الشعب العلمية الأربع ( الرياضيات – العلوم التجريبية – التقنية – علوم الإعلامية ) تضم أكبر نسبة من المترشحين حسب الآتي :صفاقس :                                    57,33  في المائة – سوسة :                                      56,66  في المائة – المنستير :                                   58,22  في المائة الحوار مع الشباب : في سنة الحوار مع الشباب تعددت الأشكال الحوارية و هذه عينة جديدة منها : 1 – حملة إرهابية طالت ست فتيات بمدينة صفاقس حيث تم اعتقالهن يوم الجمعة 8 ماي 2008 مباشرة إثر صلاة العصر و كن بداخل منزل بصدد حفظ و تدارس القرآن الكريم و قد شملت الإعتقالات كل من : – فيروز ذياب :        تلميذة بالسنة الثانية ثانوي ( الخامسة ) و قد تم مداهمة محل سكناها و تفتيشه تفتيشا دقيقا و رغم ذلك لم يتم العثور على أسلحة الدمار الشامل ؟؟؟؟  – حنان شعبان :       طالبة بالسنة الأولى آداب فرنسية – كلية الآداب بصفاقس- – سلمى غربال :       طالة بكلية الآداب بصفاقس – فنون بكار :           طالبة بكلية الآداب بصفاقس – إيناس الجلولي :    طالبة في الإعلامية – يسرى القلال :       طالبة بالمعهد التحضيري للدراسات الهندسية بصفاقس 2 – في انتهاك جديد لحق التلاميذ في أداء شعائرهم التعبدية قامت إدارة أحد معاهد سيدي بوزيد برفت التلميذ عبد العزيز الجلالي المرسم بالسنة الرابعة ثانوي ( باكالوريا ) – شعبة التقنية – بصفة نهائية من المعهد بتهمة أداء صلاة العصر داخل حرم المعهد و اضطر تبعا لذلك إلى القيام بترسيم في أحد معاهد نابل … و لم تنته محنته عند هذا الحد حيث قام البوليس السياسي في بداية شهر ماي باعتقاله و تم اقتياده إلى جهة مجهولة … أرقام تدعو للحيرة و التساؤل : عدد الاساتذة المحاضرين بالجامعة التونسية يبلغ   1363  أستاذ محاضر فقط من ضمن  18117  مدرس  يباشرون عملهم بمختلف المؤسسات الجامعية ( أي بنسبة 7,5 في المائة فقط ) فهل لنا أن نتساءل بعد ذلك عن مستوى التكوين و التأطير ؟؟؟ مع العلم أن وزارة التعليم العالي و البحث العلمي دأبت منذ سنوات عديدة – و رغبة منها في تقليص النفقات – على انتداب عدد كبير من أساتذة التعليم الثانوي للتدريس بمختلف المؤسسات الجامعية…. القيادي الطلابي العجمي الوريمي : نجاح بامتياز ….. لم يمض على خروجه من السجن سوى تسعة أشهر و رغم ذلك استطاع القيادي الطلابي الإسلامي العجمي الوريمي التفوق في امتحان السنة الأولى ماجستير حيث تحصل على أحسن الاعداد في مجموعته و كان متميزا في امتحان الشفاهي حيث تحصل على أفضل الأعداد و جاء بالتالي في المرتبة الأولى  و العاقبة في الدكتوراه …. الدورة السادسة و العشرين لمعرض تونس الدولي للكتاب : أسوأ دورة على الإطلاق …. فوجئ عدد كبير من المثقفين بالمستوى الهزيل للدورة 26 لمعرض تونس الدولي للكتاب حيث غابت العناوين الجيدة و الجديدة – إلا النزر القليل منها- و ازدادت قائمة الممنوعات طولا و تساءل البعض لماذا يتم تنظيم معرض بهذا المستوى المتدني فقد غابت المؤلفات الفكرية و السياسية و الدينية بشكل رهيب و لم يقتصر الحظر على المثقفين و الكتاب العرب و المسلمين من أمثال المهدي المنجرة ( المتخصص في الدراسات المستقبلية ) و عبد الإله بلقزيز و عابد الجابري و … بل شمل العديد من الغربيين ممن لم ترق كتاباتهم لذوق الرقيب فجريدة ” لوموند ديبلوماتيك ” على سبيل المثال تخصص ركنا هاما لآخر الإصدارات و لكن لا نجد لها أثرا في معرض الكتاب … كما أن مطابع بيروت و دمشق و القاهرة و الرباط و الرياض تصدر آلاف العناوين سنويا و بمعدل يصل إلى عنوان كل ساعة عل مدار السنة و لكن إدارة المعرض و من يقف خلفها ترفض أن يطلع المثقفون و خاصة الشباب منهم على آخر الإنتاجات الفكرية و الثقافية و السياسية فهي تدعي أنها تمنع الكتابات الظلامية فمن نصبها وصية على الجمهور ذي المشارب المتعددة و هل أن الظلامية الحقيقية ليست إلا تلك التي تحجب الحقيقة و المعلومة و تتعامل مع المثقفين كقصر يحتاجون إلى من يوجههم و يحدد لهم مطالعاتهم و في ذلك استهانة بذكاء المواطن التونسي و استخفاف بتطلعاته المشروعة …. منوبة : مؤسسات جامعية جديدة …. قررت وزارة التعليم العالي و البحث العلمي إحداث ثلاث مؤسسات جامعية جديدة بمنوبة وهي : 1- المعهد الأعلى للدراسات التكنولوجية 2- المعهد الأعلى للعلوم التطبيقية و التكنولوجيا 3 – المدرسة العليا للتجارة الإلكترونية و لم يتضح بعد إن كانت الدراسة ستنطلق بهذه المؤسسات الجديدة خلال السنة الجامعية القادمة 2008 – 2009 و هل سيتم تضمينها بالتالي في دليل التوجيه الجامعي الذي سيتم توزيعه على الناجحين الجدد في الباكالوريا

قائمة سوداء مفتوحة في أعداء الحجاب :

هذه قائمة أولية في أعداء الحجاب الذين لم ينفكوا عن مضايقة و قمع و اضطهاد التلميذات و الطالبات المحجبات في خرق كامل لدستور البلاد الذي يضمن الحريات الشخصية …. 1 –  سمير بن أحمد :                 مدير المعهد الوطني للعلوم التطبيقية و التكنولوجيا 2-  توفيق قسطنطيني :              كاتب عام المعهد الوطني للعلوم التطبيقيو و التكنولوجيا 3 –  محمود العويني :                كاتب عام المدرسة العليا للتكنولوجيا و الإعلامية 4 –  بشير بن ثائر :                   مدير المدرسة العليا للتجهيز الريفي بمجاز الباب 5 – عز الدين بريك :                 مدير المعهد العالي للدراسات التكنولوجية ببنزرت  6 –  حذامي بالإمام :                  مديرة المبيت الجامعي للفتيات باردو1 – تونس – 7-  صالح الجملي :                   مدير معهد محمود المسعدي بنابل 8-  خالد ساسي :                     مدير معهد الوفاء – حي الغزالة – ولاية أريانة – 9 –  ناجية العياشي :                 مديرة المعهد العلوي – باب الجديد – تونس – 10 – عادل الفهري :                 مدير معهد الإمتياز بالجديدة 11 – صلاح الدين القيطوني :      مدير معهد بن عروس 12 – المختار العيساوي :           قيم عام المعهد الثانوي ببوحجلة 13 – فيصل عبد ربه :               مدير المعهد الثانوي بزهانة – معتمدية أوتيك – ولاية بنزرت – 14 – محمد الهادي البريشني :     مدير معهد حسن حسني عبد الوهاب بالمنيهلة – ولاية أريانة – وفاة طالبة في حادث مرور : انتقلت إلى جوار ربها الطالبة نجلاء بطيخ خلال حادث مرور مريع أودى كذلك بحياة والدتها المحامية حليمة العرقوبي و كانت الفقيدتان انطلقتا مساء السبت 26 أفريل 2008 من المنستير باتجاه صفاقس على متن سيارتهما الخاصة و في الطريق الرابطة بين الجم و الحنشة و بالتحديد في مستوى جهة الزغابنة وجدتا نفسيهما وجها لوجه مع شاحنة ثقيلة فحصلت الفاجعة … و كانت الطالبة نجلاء قد تحصلت مؤخرا على شهادة الماجستير وثانية كذلك في حادث مرور : يوم الإربعاء 30 أفريل 2008 قصدت الطالبة كلثوم صحبة خطيبها و صديقين له مدينة نابل لقضاء بعض الشؤون المتعلقة بالزواج و على بعد كيلومترات قليلة من مدينة منزل تميم انزلقت السيارة و انقلبت مما أدى إلى وفاة الطالبة و خطيبها و أحد المرافقين على عين المكان و قد تم تشييع الخطيبين من قبل أهاليهما بالزغاريد – وهي عادة لدى أهالي القيروان عند وفاة أعزب – في غياب زملاء الفقيدة الذين كانوا منهمكين في التحضير لامتحانات آخر السنة … و كان الأجدر بإدارة الكلية تخصيص حافلة لنقل زملائها لحضور الجنازة و تقديم واجب العزاء خاصة أن المسافة بين مدينتي سوسة و القيروان لا تتجاوز 57 كيلومترا و بالتأكيد لن تؤثر ثلاث أو أربع ساعات على المردود في المراجعة …. يذكر أن الطالبة كلثوم – وهي أصيلة القيروان – كانت تدرس في اختصاص التاريخ بكلية الآداب و العلوم الإنسانية بسوسة و كانت تستعد لإجراء الإمتحانات إنطلاقا من يوم الثلاثاء 6 ماي و لكن الأجل سبق … و إنا لله و إنا إليه راجعون و طالب يفارق الحياة خلال النوم: صباح يوم الثلاثاء 15 أفريل 2008 عثر طلبة إحدى المبيتات الجامعية بجهة بئر الباي على بعد 6 كيلومترات تقريبا جنوب مدينة حمام الأنف على زميل لهم وهو جثة هامدة بغرفته … و الطالب الفقيد أصيل جهة برقو من ولاية سليانة و يبلغ من العمر 21 سنة و يزاول دراسته بالسنة الأولى في إحدى المؤسسات الجامعية …. و قد تكون أسباب الوفاة ناتجة عن سكتة قلبية فاجأته خلال النوم و الله أعلم … و في الختام :  ” لا يقاس غنى المجتمع بكمية ما يملك من ( أشياء ) ، بل بمقدار ما فيه من أفكار ”  ميلاد مجتمع – مالك بن نبي –

المصدر موقع طلبة تونس عدد15 بتاريخ 15 ماي 2008


إحياء ذكرى اغتيال نبيل بركاتي

 

 
محمد عبّو بمناسبة الذكرى ال21 لاغتيال المناضل نبيل بركاتي تحت التعذيب والذي أعلن يوما وطنيا لمناهضة التعذيب، توجهت يوم 8 ماي 2008 مجموعة من المناضلين الحقوقيين  والسياسيين إلى مكان السجن المدني 9 أفريل سيء الذكر في عهد الاستعمار كما في عهد الاستقلال – والذي وقعت إزالته سنة 2006 – لإحياء المناسبة المذكورة. وقد تدخل أعوان البوليس السياسي لتشتيت الحاضرين عبر التلويح باستعمال القوة. وقد ألقى السيد حمّة الهمّامي كلمة ذكّر فيها بتاريخ سجن 9أفريل وبضحايا التعذيب وتمّ رفع بعض الشعارات المندّدة بالتعذيب وبالإفلات من العقاب. وكان من بين الحاضرين الأستاذة راضية النصراوي رئيسة الجمعية التونسية لمناهضة التعذيب والسيدة سهام بن سدرين الناطقة الرسمية باسم المجلس الوطني للحريات بتونس والسادة أنور القوصري وأحمد القلعي وحبيب الزيادي أعضاء الهيئة المديرة للرابطة والسيد علي بن سالم رئيس ودادية قدماء المقاومين والسيد عمر المستيري منسق برنامج مقاومة التعذيب بالمجلس والسيد رضا بركاتي رئيس فرع حمام الأنف-الزهراء للرابطة وشقيق الشهيد والسيدين محمد بن سعيد وعبد الجبار المداحي عن فرع بنزرت للرابطة والأستاذ سمير ديلو الكاتب العام للجمعية الدولية للدفاع عن المساجين السياسيين والسيد محمد مزام عن اتحاد الشباب الشيوعي التونسي والسيد نذير بن يدر ناشط حقوقي. كما حضر عن لأحزاب السياسية بالإضافة للسيد حمّة الهمامي الناطق الرسمي باسم حزب العمال الشيوعي التونسي والأستاذ محمد عبو عن المؤتمر من أجل الجمهورية والأستاذ خالد الكريشي عن الوحدويين الناصريين . المصدر: مجلة “كلمة” (اليكترونية شهرية)، العدد63 بتاريخ5 1ماي2008


 

أضواء على الأنباء

 

 
إضاءة أمّ زياد  
موتانا وموتاهم في وقت واحد فجعت تونس في شابين من أبنائها قتلا في ظروف مأسوية، الأوّل هو الشاب هشام العلايمي الذي قتله مسؤول جهوي في الحوض المنجمي إذ حرقه بصعقة كهربائية بينما كان معتصما مع رفاقه المحرومين من العمل والمحرومة جهتهم من التنمية. والثاني هو الشاب عبد الحكيم العجيمي المهاجر الذي قتل بيد شرطة ساركوزي العنصرية. في جانب المعارضة تم الإخبار على مقتل الشابين والتنديد بقاتليهما أمّا في “جرائم” السلطة فقد ظهر قتيل فرنسا وغيّب قتيل الحوض المنجمي. ولكن هذا لم يمنع قلة حياء بعض الأقلام الدنيئة من الصراخ والاستصراخ والتشهير بسكوت المعارضة عن قتيل فرنسا. لو كان لنا مثل قلة حيائهم لقلنا اهتمّوا أنتم بمن قتلته عنصرية فرنسا وسنهتمّ نحن بمن قتلهم نظامكم وتواطؤكم معه. ولكنّنا نقول إنّ مصابنا بالشابين القتيلين واحد وإنّ لمأساتهما سببا واحدا وهو قلة قيمة الإنسان التونسي وهوان منزلته التي تجعله عاريا من كل حصانة سواء أكان داخل بلاده أو خارجها.  
في مرمى نيران 2009 في نطاق الاستعداد “للعرس الانتخابي” وحرصا على مرور هذا العرس بسلام شنّ “الجهاز” حملة تطهير للبلاد من كل المعكّرات الواقعة والمتوقعة. المستهدفون بهذه الحملة هم خاصة الإعلاميون والكتاب والناشطون من الصفّ الأوّل. أمّا شعار الحملة فهو “نعملولهم فاش يتلهاو” أي نرميهم بمصائب تشغلهم عن كل تحرك من شأنه أن يعكّر صفو عرس 2009. القائمة الأولى للمعنيين بالحملة بدأت في الظهور: – توفيق بن بريك وعائلته تلقوا تهديدا مباشرا من مصادر بوليسية من العيار الثقيل تنذرهم بحملة ضد العائلة والأطفال، إذا لم “يقعد توفيق رايض” حتى 2009 وبعدها “عليه أمان الله” كما يقول المهدد. وقد ظهرت بعد تباشير الاعتناء بتوفيق وعائلته ممثلة في تدخل بوليسي غريب في مسألة عائلية تخصّه وزوجته دون غيرهما، وفي تعرض سيارة عزة زرّاد زوجته إلى الكسر والتخريب عقابا على رفضها التعامل مع الجهاز ضد زوجها. – عبد الرؤوف العيادي محامي الحريات الذي يحاصر مكتبه بصفة مستمرة بهدف تجويعه وقطع رزقه تحرّك ضده قضية جبائية تلزمه بدفع مبلغ خيالي ضريبة على دخل منع من تحقيقه. وقد وقع في الأيام الأخيرة تنفيذ هذه الجريمة الجبائية ضده بفرض عقلة على حسابه البنكي في انتظار المرور إلى إجراءات أخرى تعطيه “فاش يتلهى”. – نزيهة رجيبة التي لم تكف عن الكتابة حتى لمّا هدّدت سلامة عائلتها بفضيحة أخلاقية بل زادت كتابتها جرأة. يقع اليوم ابتزازها بمحاصرة مكتب زوجها لقطع رزقه ورزق ابنيها المحاميين العاملين في مكتب والدها. وأحد هذين الابنين (محمد أمين) يخضع منذ سنين إلى إجراء (06) الخاص بالمشبوهين ويقع التحرش به ومحاولة إذلاله في كل مرة يغادر فيها الوطن أو يعود إليه. فيستقبله البوليس السياسي في المطار ويسلّط عليه الديوانة لتفتشه تفتيشا مبالغا فيه… ويبدو أنّ ابتزاز أم زياد بتهديد أولادها قد يتخذ شكلا آخر أكثر خطورة. – جريدة الموقف والقائمين عليها تحاصر بمختلف الطرق وأخبثها رغم أنّها جريدة قانونية وقد رأينا خدم النظام يفاخرون بوجودها في مختلف المحافل التي جمعت بيننا وبينهم. ولكن يبدو الآن أنّ النظام في غمرة خوفه على عرس 2009 لم يعد يبالي حتى بورقات التوت القليلة التي تستر عورته المفضوحة أصلا. سألني توفيق بن بريك في براءة فاجأتني منه: “هم أقوياء ونحن ضعفاء فلماذا يخافوننا ؟” فأجبته جوابا أعجبه: “إنّ اللص الذي يدخل المحل الموثوق تماما من فراغه يصيبه الفزع الأكبر لأقلّ صوت يسمعه ولو كان حفيف شجرة”. اللص مؤذ وهو قادر على التهديد متى فزع وعلى تنفيذ تهديده متى شعر بالخطر… ولكن ليس من حق أي إنسان يحترم نفسه أن يخضع للتهديد وأن يدع اللص يسرق في أمان، وقديما قال أجدادنا “إذا كان المهبول ياكل ويبة، العاقل ما يعطيهالوش”. المصدر: مجلة “كلمة” (اليكترونية شهرية)، العدد 63 بتاريخ 17ماي2008


حريّةالإعلام…مع تأجيل التنفيذ

 

 
 
بقلم مولدي الرياحي ما مِنْ شكّ أنّ الإعلام النزيه الصادقَ هو غذاء المواطنة كما أنّ الطعام هو غذاء الجسم، وحريّة الإعلام والصحافة هي المدخل الأساسيّ لتحقيق الديمقراطيّةوممارسةالشعب لسيادته، لذلك أولتها منظمّة الأمم المتّحدة والمواثيق الدوليّة مكانة متميّزة في تحديد مواصفات مجتمعات الحداثة ومدى احترام الدول لمنظومة حقوق الإنسان. وإنّ المتتبّع لما كتبته عديد الأقلام الشريفة في هذا الوطن ـ سواء تعلّق الأمر بصحافة المعارضة المستقلّة أو بسائر العناوين المتمسّكة بحريّة الرأي والتعبير وباستقلال إرادتها وقرارها ـ بمناسبة احتفال بلادنا مع سائر الشعوب باليوم العالمي لحريّة الصحافة لَيَجِدُ في ذلك برهانًا على مدى تعلّقها بأداء رسالتها النبيلة ومطالبتها بفكّ مختلف القيود عنها والإرتقاء بظروفها الماديّة والمعنويّة في سبيل ممارستها لتلك الرسالة على أفضل وجه ممكن. وفي المقابل تقف سلطة يفعمها كلّ الرضا عن النفس في مجال احترام حريّة الصحافة وتدعو الصحافيين إلى أن يكونوا “أكثر جرأة” في التطرّق إلى مختلف المواضيع وأشدّ قربًا من مشاغل المواطنين وتطلّعاتهم… “والسؤال الذي يبقى مطروحًا هو: إذا كانت السلطة قد وفّرت في العقدين الأخيرين الأرضيّة الضروريّة والظروف الملائمة “لإعلام حرّ وصادق وهادف يشيع حقوق الإنسان والحريّات العامّة فكرًا وممارسة” فلماذا يتكرّر هذا الخطاب وتتجدّد الدعوة في كلّ مناسبة وطنيّة أو عالميّة من أجل “العمل على تنويع فضاءات الحوار وإثرائها… ومن أجل بناء صحافة وطنيّة راقية وجريئة قادرة على الأداء الجيّد… بعيدًا عن كلّ أوجه الرقابة الذاتيّة والخارجيّة”؟ كم من عقود أخرى تلزم لبلادنا حتّى تتحقّق هذه الأهداف؟! إنّ إعلان تونس لحريّة الإعلام الموثَّق في هذا العدد من جريدتنا والذي أصدرته هيئة 18 أكتوبر للحقوق والحريّات في 3 ماي 2008 ـ ونحن أحد الأطراف في هذا العمل المشترك ـ لَيُعَبّرُ بصدق عن رؤية التكتّل الديمقراطي، سواء في مستوى تشخيص أوضاع الإعلام المترديّة في بلادنا أو في مستوى معالجة تلك الأوضاع برفع سائر المكبّلات عن حريّة الإعلام. ومع هذا فنحن نؤكّد على النقاط التالية: * إنّ الخطاب الرسمي ـ في مجال حريّة الإعلام كما في مجال الحريّات عامّة ـ يمضي في واد في حين تمضي الممارسات على أرض     الواقع في واد مختلف تمام الإختلاف، فالحريّة الحقيقيّة للإعلام لا تتعلّق بكثرة عناوين الصحف ـ والبعض منها مثال على السقوط الصحفي لا على النهوض ـ بقدر ما يتعلّق بحريّة رواج الخبر والمعلومة والتحليل الإخباري والسياسي وبحريّة الصحافي في الوصول إلى مصادر الخبر والساحة التي يجري فيها الحدث؛ وإنّ الطوق الذي أحكمته السلطة على أحداث المنجمي بقفصة في المدّة الأخيرة لأفضل مثال على ما نقول. * إنّ تواصل محاصرة صحف المعارضة المستقلّة وتضييق الخناق عليها، وخاصّة بحرمانها من الدعم العمومي ومن الإشهار وبالعرقلة المتواصلة لتوزيعها ولإنتشارها وبحجب مواقعها ومواقع الأحزاب التي تصدرها على شبكة الأنترنت، وكذلك بإفتعال القضايا العدليّة ضدّها لتركيعها ـ وما يجري حاليّا لشقيقتنا صحيفة “الموقف” لمثال جليّ على ذلك… إنّ هذه الممارسات المستمرّة منذ سنوات طويلة مع صحافة المعارضة المستقلّة لَتمثّلُ مفارقة صارخة مع الخطاب الرسمي المعلن وتتناقض تمامًا مع روح الدستور ومع الالتزامات الدوليّة المتعلّقة بإحترام الحريّات والتي أمضت عليها بلادنا. * إنّ هذه الممارسات المتنوّعة إنّما تخفي في الحقيقة استمرار عقليّة الحزب الواحد والعمل بكلّ الأساليب على التظاهر بعكس ذلك وإرجاء التحوّل الديمقراطي الحقيقي… إلى ما لا نهاية له… فحريّاتنا مضمونة… كلّ حرياتنا بما فيها حريّة الإعلام… لكن مع تأجيل التنفيذ!
(المصدر: صحيفة “مواطنون”، لسان حال التكتل الديمقراطي للعمل والحريات، (أسبوعية معارضة – تونس)، العدد61 بتاريخ   ماي 2008   


“الكتاب الأحرار” تنظيم إرهابي

 

 
جلال الحبيب إنّهم فتية آمنوا بالنصّ المكتوب حرّا فاجتمعوا حول نار الكتابة وأسئلتها الحارقة واتفقوا على تأسيس رابطة تجمع من يشاركهم الحلم من كتاب تونس… منذ سنوات وهم يعملون بشكل شبه سرّي، تماما مثل الخلايا الإرهابية التي تدرّب عناصرها في السودان وأفغانستان على فنون القتال ويخفون أسلحة نووية فتّاكة تحت الأرض وفوق السماء… ولولا فرع منظمة ألتيير بتونس لما أمكن لهؤلاء الفتية القيام بأيّ نشاط !… كلّ الأبواب أغلقت بوجوههم وكلّ الصحف الرسمية وشبه الرسمية أغلقت صفحاتها بحضرة حبر أقلامهم… منذ سنوات تقدّموا بطلب رسميّ إلى السلطات المعنيّة قصد الحصول على ترخيص للعمل العلنيّ بحسب ما تقتضيه قوانين البلاد لكن طلبهم قوبل بالرفض لأسباب واهية… قام هؤلاء الفتية بالتعديلات المطلوبة وتقدموا بطلب جديد لنفس الغرض لكن أهل القرار لم يجيبوا أصلا… رفعوا قضيّة عدلية إداريّة علّ القضاء ينصفهم لكن الأمر بقي على ما هو عليه… حاول الكاتب المناضل جلول عزونة القيام ببعض أنشطة الرابطة في بيته لكن قوات الأمن حضرت قبل الموعد وحاصرت البيت وأطردت الضيوف وهددتهم… بعضهم التف حول الرابطة إبّان تأسيسها وحضر اللقاءات الأولى، لكنهم سرعان ما انفضوا من حولها حينما أدركوا أن لا أمل في الحصول على الترخيص القانوني وما يتبعه من مقرّ وتمويل… الباحثون عن موقع ما في هيئة ما لم يجدوا ضالتهم في رابطة الكتاب الأحرار الممنوعة من النشاط القانوني فانتقلوا إلى مواقع أخرى بحثا عن الصفة و عن المال، ولو أنهم رابطوا مع رفاقهم لما آلت الأوضاع إلى ما هي عليه الآن !… رابطة الكتاب الأحرار مذكور اسمها في القائمة السوداء التي تضمّ كل الهيئات والأحزاب والجمعيات والشخصيات التي تشكل خطرا دائما عل أمن العباد والبلاد، وفي ظلّ الأوضاع الحالية يبدو الأمر طبيعيّا لاعتبارات عديدة أهمّها : *السلطات التونسية تكره عبارة ” رابطة” وما حدث ويحدث للرابطة التونسيّة للدفاع على حقوق الإنسان أكبر دليل على ذلك، وكان على الأعضاء المؤسسين لرابطة الكتاب الأحرار الانتباه  إلى الأمر وتغيير التسمية وجعلها مثلا : إتحاد الكتاب الأحرار… أو جمعيّة الكتاب الأبرار… *مؤسّس الرابطة الرئيسي اسمه ” جلول عزونة” وهذا سبب كاف لكي لا تتمتع الرابطة بالتواجد القانوني… إذن كان على رئيس الرابطة أن يغيّر اسمه فيصبح مثلا : مبارك بن مناشد.. أو على وزن فعلان فُعيّل… *ما هي غاية هؤلاء الفتية من وراء تأسيس رابطة للكتاب؟… ألا توجد منظمّة عتيدة تعنى بشؤون الكتّاب التونسيين؟ ما حاجتنا إلى جمعيتين في الآن نفسه؟.. التعددية مثلها مثل الديمقراطية مسألة مرفوضة في الأصل والواقع وفي نفس الوقت يقع الالتجاء إليها كرها من طرف السلطة قصد التضليل والتبرير… ثم ماذا تعني كلمة أحرار هل يعني ذلك أن الكتاب الذين لا ينتمون إلى الرابطة ليسوا أحرارا ؟..إلى ماذا تحيل هذه التسمية ؟ ألا تذكر بما حدث في مصر منذ أكثر من نصف قرن ؟؟… بهذه الطريقة تفكّر السلطة وتسأل وتجيب وتقرر… لذلك كانت قرارتها كلّها صائبة لا لبس فيها…و لذلك وضعت إسم رابطة الكتاب الأحرار ضمن قائمة الرفض و المنع …. (المصدر: صحيفة “مواطنون”، لسان حال التكتل الديمقراطي للعمل والحريات، (أسبوعية معارضة – تونس)، العدد61 بتاريخ   ماي 2008   

إتحاد أوروبا… وانفصالنا

 

 
عبد الرحيم الماجري انضمت، أخيرا تسع دول أوروبية إلى الدول الأوروبية التي ألغت بينها الحدود، ولم يبق خارج مجموعة ( شنقن) سوى ثلاث دول منها بلغاريا ورومانيا المنضّمتان حديثا إلى الاتحاد. ولا شك أن الشهور أو السنوات القليلة القادمة ستسمح بإلغاء الحدود بين الدول الأوروبية المكونة للاتحاد وعددها اليوم سبع وعشرون دولة، وبذلك يصبح انتقال البشر والبضائع والرساميل حرّا بين تلك الدول جميعا فتضمن منعتها بذلك الاتحاد عند السراء وحين البأساء. ولطالما مرّت أوروبا الإمبراطوريات والإمارات والجمهوريات والشعوب على اختلاف دياناتهم ومذاهبهم وألسنتهم بالحروب الأهليّة والقوميّة والدينيّة التي لا يحصيها عدّ ذلك منذ آلاف السنين فمنها حروب عادلة وحروب دفع وحروب غير عادلة وحروب أسياد مع العبيد وحروب عنصرية وحروب اقتصادية وأخرى لا تفسير لها ولا معنى سوى شهوة التسلط والهيمنة والإذلال… ولعل أعنف تلك الحروب الأوروبية وأبشعها وأشدها فتكا وتدميرا الحربان العالميتان (1914-1918) و (1939-1945). وهما حربان كانت دوافعهما الحقيقية اقتصادية أساسا وغاية ودع عنك التعّلات والحوادث العادية التي أطلقت شرارتيهما هاتان الحربان الرأسماليّتان أشعلتا نيران الخراب في أوروبا ثمّ امتدّ تدميرهما إلى أغلب دول المعمورة وبخاصة الشعوب المولّى عليها من الاستعمار.
 وهذا الاتحاد وهو فدرالية كبرى، أرادت أوروبا أن تضمن قوة ومنعة لحاضر شعوبها ولمستقبلهم أيضا. وكانت الأسس التي مهّدت لهذا الاتحاد الشعوبي (نسبة إلى الشعوب) وجعلته ممكنا ميسورا: الانتخاب الحرّ للمسؤولين في كل الدرجات ومساءلة المسؤولين في كل درجات المسؤولية واستقلال القضاء عن كل السلطات والحرية الفردية والجماعية وبالخصوص حرية الصحافة حرية لاحدّ لها (إلا حدّ القانون). وبذلك كله قام الاتحاد الأوروبي مخلّصا شعوبه مما كانت تعاني من ماضيها الطويل الدامي ومتحدّيا ما قد يجد في المقبل من الزمان من فتن وصعوبات مختلفة وكوارث طبيعيّة وبشرية محتملة ومستشرفا لمستقبل لها مطرّد التقدم والرقي والرّفه في شتّى المجالات… بل إن أوروبا الموحدة صارت، بما غدت  تملك من قدرات هائلة وبمواطنيها الأربع مائة والخمسين مليونا، صارت طامحة إلى أن تكون قطبا عالميا راجح الكفة في المنظور المتوسط زمنيا ولم يكن قيام الاتحاد الأوروبي محض نزوة عارضة أو شهوة عابرة أو مجرّد مصادفة أو نتيجة حَمِية، بل كان ثمرة فكر فرنسيّ ناضج متبصّر وجد أول تطبيقاته في توحيد ست دول أوروبية لصناعة الحديد والصُلب في أوائل خمسينيات القرن العشرين، وهي الصناعة التي كانت (ومازالت في كثير من الأحيان) عتاد الحروب التي سبقت… وكان الاتحاد بالخصوص ثمرة مجتمع مدني قوي راسخ الجذور، تذهب الحكومات ويبقى مدافعا عند الحقوق الأساسيّة للفرد والجماعات فصارت الشعوب تختار مسيرها والمصير بكلّ حريّة. استُفْتيت فاختارت الاتحاد… ومن المتوقع أن تنضمّ دول أخرى إليه في السنوات القليلة القادمة ومن غير المستحيل أن ينظّم الاتحاد الروسي إليه في مدى بعيد… ولاشكّ أنّ شعوب أوروبا ستغدو موحدة الدستور والرئاسة والوزارات والعملة عن قريب… وما الرئاسة الدورية للاتحاد والمفوضية والبرلمان الأوروبي والناطق الوحيد باسم الخارجية الأوروبية (السيد “خافيار سولانا”، الآن) إلاّ خطوات ثابتة لا رجوع فيها في تلك الطريق… وبذلك يصبح للاتحاد وزن هائل باعتباره قطبا عالميا، بجانب قطب الدائرة الصفراء (الصين وشرق آسيا جميعا كما تنبأ بذلك أنور عبد الملك) والقطب الهندي والأمريكي الجنوبي الخ… ومن المتوقع أن المراهنين ـ من الحكام بالخصوص ـ على الأحادية الأزلية للقطب الأمريكي سيخسرون رهانهم بعد سنوات معدودات قد لا يتجاوز العشر سنين عدا. وما مديونيّة الولايات المتحدة الكبيرة والمتفاقمة عاما بعد عام (مديونيتها تزيد على مديونيات كل الدول مجتمعة) وما كراهية أغلب شعوب الأرض لسياساتها العدوانية المتغطرسة وما ازدرائها للأمم المتحدة (في احتلالها للعراق) إلا مؤشرا بليغا لبداية نهاية قطبيتها الأحادية.
 ولننظر إلى واقع شعوبنا العربيّة وإلى مغربنا العربي الكبير فستجد أن ما يوحدنا حقا هو التخلف ولا شيء سواه… فالمجتمع المدني لا وجود له. وحتى إن وجد فهو مقموع تحاربه النظم السياسية لكل ما أوتيت من قوة… دون استثناء القوّة المادية…
 وبعكس أوروبا، فالسلطات عندنا باقية إلى الأبد والمجتمع المدني لا قيمة له تذكر عند تلك السلطات.  وبالرغم من وحدة اللسان والإرث الحضاري الثقافي الممتد وبالرغم من الاتصال الجغرافي والتحديات المتنوعة بل والغزو المادي المشاهد فإن تلك الدول تتعامل مع بعضها البعض تعامل الأجنبي مع الأجنبي (لا يتجاوز التبادل التجاري بين العرب نسبة سبعة بالمائة واردا مع صادر !!!). ومن الطبيعي أن بعثرة تلك الدول وتشتّتها سيُمكّنان الأقوياء من السيطرة الكاملة عليها آجلا أو عاجلا، لا بالاقتصاد والسياسة فقط بل وكذلك بالاحتلال المباشر، كما كان الشأن في الماضي وكما هو مشاهد اليوم في العراق وفلسطين وبنسبة ” مذهبة” جدّا!! في بعض دول أخرى عربية… ومن الطبيعي أيضا أن يتعَامل الأقوياء مع المساكين بالسلطة في بلداننا (لأن ما يهمّهم حقا هي مصالحهم السياسية وبالتبَع الاقتصادية. وإلاّ فكيف نفسّر تعاملهم الودّي مع دول لا دساتير فيها ومع دول السلطة فيها وقْفٌ لشخص أو لجمع محدد من الأشخاص تحت لافتة حزب أو قبيلة أوجهة معيّنة؟!   إنّ طريق الوحدة، عربية كانت أم مغاربيّة، على الأقل وحدة سوق أو وحدة تمشّ ديمقراطي، هي طريق شاقة وقد تطول… وهي مقتضبة إصلاحات مهمة سياسيا وبخاصة ثقافيا وفكريا : لأنّ الشأن الثقافي التنويري لا يقل شأنا عن الشأن السياسي، بل إنّ من الضروري أن يسبق الشأن الثقافي والسياسي فينير له السبيل ويمهّد له المسار. وذلك اعتبارا لما يلي : -وجوب اعتبار الهوية العربيّة الإسلامية لشعوبنا كافة هوية متحرّكة لاسُنَنِيّة تقليديّة قد اكتملت ملامحها منذ عصور ويجب علينا تعليقها على رؤوسنا ” حجابا” أو تميمة تقينا شرد الحسود وتنصرنا سحريا على أعدائنا وهم كثيرون!! -الاعتماد على الذات أوّلا مع ما يفرضه ذلك من تضحيات وتخطيط حقيقي للأهداف المرحلية والبعيدة أيضا. -اعتبار الوطنية ديمقراطية أو لا تكون. بردم الهوة السحيقة ماديا ومعنويا بين الطبقة السياسية. والطبقات الشعبية وذلك لايتم دون توفر مناخ من الحريات الفردية والجماعية، وقضاء مستقل يقضي بقوانين يصوغها ممثلون للشعب حقا منتخبون لمجلس تأسيسي وهذا بالنسبة إلى الجمهورية التونسية. أما بالنسبة إلى بعض الدول العربية فلتبدأ بصياغة دستور مهما يكن، على أن لا يُنَصُ فيه على تولي أسرة ما أو حزب ما السلطة إلى يوم القيامة. بمثل هذه الإصلاحات تلتحم الشعوب شيئا فشيئا بنخبها المنبثقة عنها والممثلة لها لتقودها إلى الطريق الوحدوي، وحدة الدول المغاربية أعني، ووحدة الوطن العربي بأسره. ذلك أن كثيرا من علماء المستقبل يرون أن كيانا سياسيا لا يعدّ خمسين مليون نسمة على الأقل لن يؤْبَه له أبدا بعد الأربعين أو الخمسين سنة المقبلة !  فالوحدة ضرورة لا مناص منها. ولن تمليها رغبة حاكم أو حاكمَيْن اثنين ولا العاطفة والحَمية الوجدانية بل تفرضها المصلحة المرسَلة أي مصلحة الشعوب الحقيقيّة في مواكبة هذا العصر الذي لا يرحم الضعفاء. (المصدر: صحيفة “مواطنون”، لسان حال التكتل الديمقراطي للعمل والحريات، (أسبوعية معارضة – تونس)، العدد61 بتاريخ   ماي 2008 


 

رسـالـة اللقـــاء رقم (31) تونس والإســلام : الحقيقة المرة

 

 
د.خــالد الطــراولي ktraouli@yahoo.fr   علاقة السلطة في تونس بالإسلام علاقة عجيبة غريبة، لا يمكن نحت أطرافها والحسم في ذلك في أي لحظة دون أن تتعرض في نفس اللحظة أو التي تليها بمباشرة بموقف أو ممارسة يطيح بكل البناء أو ينسفه من أساسه حتى أنك تصل إلى الحقيقة المرة أن هناك تكتيكا واستراتيجيا يصب كلاهما في نقطة يسير نحوها كل المسار بوعي أو بغير وعي وهي في أقلها لا مبالاة وتهميش الإسلام، وفي أقصاها معاداة ومواجهة؟ نقول هذا ونحن نبحث عن حبل يقودنا إلى فهم هذه المواقف التي تظهر على الأقل متناقضة ومتنابذة، ونحن لن ندخل السرائر فالمشهد السياسي بواجهاته وأفعاله وليس بنواياه، فلو سمح القارئ وأعانني في هذا التشتت الذهني الذي يصيب المتابع لمكانة الإسلام  في تونس وهو يحاول تبين طريقه في هذه الأدغال… ليست لقصتنا بداية معروفة، فلن نبحث عنها في عقود بعيدة حيث حاول الرئيس الأسبق “الاجتهاد” مع النص المحكم وتجاوز ركنا من أركان هذا الدين، فتساؤل عن جدوى الصيام والبلاد في حالة جهاد من أجل النمو والتنمية، واعتبر التخلي عنه بمثابة الجهاد الأكبر في معركة التقدم… لن نبحث بعيدا عن يوم التحف رداء الفضيحة والعار ولا يزال عندما انطلق بدون حياء منشور 108 ضد الحجاب ممثلا في أبسط صيغه الاعتداء على حرية الفرد ومواجهة جنس ضعيف لطالما أوجعت السلطة رأسنا بدفاعها عنه، وضرب فضائل الستر والعفة، ومواجهة قيم أخلاقية ومن وراءها شرع ودين… لن أتحدث عن المواجهة السياسية بين السلطة والحركة الإسلامية والذي حولتها إلى مواجهة مع الإسلام، فانطلقت من أجل ذلك خطة جهنمية من أخبث ما أورده العقل السياسي المتهافت…خطة تجفيف منابع التدين في البلاد بما تعنيه من سياسات تضييق واعتداء وبرامج طالت الثقافة والتعليم والتربية… لن أقف عند هذه الصور، فلعل القائل يطعن في وجودها أو يشكك في تفسيرها أو يجعلها محطة انتهت بنهاية عهدها أو موت أصحابها أو غير ذلك، وهي ولا شك صور لا تخدم مصلحة السلطة في كونها راعية الدين وحامية لحماه! لكني سأسحب البساط قليلا نحو صور قريبة ومواقف لا يزال حبرها لم يجفّ، وأبحث مع القارئ العزيز أن يتبين معي طريق الشهود… تبدأ قصتي مع ذهاب حاكم البلاد لحج بيت الله صحبة زوجته وابنته، وعاشت البلاد والعباد على وقائع هذه الرحلة العبادية، وعلا الفرح الكثير من الوجوه، والتونسي طيب بطبيعته، ولن أنسى أحد الأصدقاء وهو يحكي لي مرور الرئيس بالروضة الشريفة، وقد اغرورقت عينا صاحبي بالدموع ويمني نفسه بعودة وتوبة وصلاح، فقد دخل الإسلام القصر واستوطن المكان حتى سمعنا أن أحد كريمات الرئيس لبست الحجاب! وتمر الأيام وتعترض طريقنا المضطرب وتلوح لنا بين الحجب إذاعة للقرآن الكريم فرحب الكثير بهذا المسعى الطيب، سلطة ومعارضة، وزاد البعض واعتبرها بركة من السماء وأن القلوب قد تغيرت والرحمة قد حلت، والحمد لله أني لم أدخل في جوقة الطرب هذه وكتبت مقالا في رسالة اللقاء رقم 23 تحت عنوان “كرامة الإنسان قبل إذاعة القرآن”… ثم تطل علينا صورة لكاتبة دولة وهي تضع لو بصعوبة حجابا أو شبه حجاب على رأسها وهلل البعض واعتبر أن المسار قد دخل منعرجا، عاضدته الجائزة التي حرص رئيس البلاد تسليمها لعالمة بحرينية محجبة أمام الكاميرات الحالمة، وأصبح البعض يمنّ نفسه أن يفيق ذات صباح فيجد اللحيّ تعم القصر والحجاب موضة الموسم السياحي في الحمامات!! وبين هذا وذاك يزداد الإطار غموضا وتخرج علينا إحدى المحاكم التونسية وتحت رئاسة سيدة فاضلة بمفاجأة السهرة وتحت الأضواء الكاشفة والصمت المريب وتطعن في شرعية المنشور 108 وتعتبره مخالفا للدستور… هذه هي الصورة الجميلة التي تستوقف المتابع لهذه العلاقة بين الإسلام والسلطة في تونس ولو باقتضاب شديد، صورة يمكن أن تحمل شتى العناوين، الإسلام في تونس بخير، أو الإسلام على مشارف القصر، أو تونس والإسلام دين ودولة، حتى إنك لو دفعت التحليل قليلا إلى الأمام مع ابتسامة رقيقة لتساءلت دون مكر أو خداع ما جدوى وجود حركة إسلامية ودستور البلاد يحمل بند عروبة تونس وإسلاميتها، ويدعى على منبر المساجد لرئيس البلاد! لكن صورة أخرى تفاجأك، توقضك من أحلامك، تنزع عنك غطائك، تثير فيك التردد، تحبس عنك أنفاسك، وتعيدك إلى واقع مرير…صورة حزينة ومؤلمة… * أناس في السجون منذ عقود، حيث غادر الحياء الإطار جملة وتفصيلا! * شباب بالمئات يرمى بهم وراء القضبان تحت وقع “قانون” لمواجهة الإرهاب! * اعتقال فتيات، ذنبهم لقاء لحفظ القرآن، وتهمتهم الاجتماع على كتاب الله! * منشور جديد يفاجأ الجميع تطلقه وزارة شئون المرأة والأسرة، تطلب فيه من موظفيها منع الحجاب داخل مؤسساتهم. * شباب يؤخذون من أمام المساجد صبحا، والتهمة صلاة الفجر وتحذيرهم من العودة! * طرد وتنغيص الحياة الدراسية لعديد الفتيات المحجبات، والقصص في هذا الباب أصبحت معروفة ومشهودة ولم تعد نشازا! * التضييق المتواصل على الإسلاميين الذين غادروا السجن، وعذاب اليوم والليلة..، تغيرت القضبان والسجن واحد. * منع الكتب الدينية  من معرض الكتاب، وإدراج قائمة للكتاب الإسلاميين الممنوعين [وقد نلت شرف الانتماء إلى هذه القائمة الفضيحة]. * أحوال جديدة في البلاد تذكر الكثيرين بعقد التسعينات، حيث الضغط والجور في أعلى مستوياته تجاه الظاهرة الإسلامية عموما. * زيادة على الرفض المتواصل لتمكين أي تمثيل سياسي للمرجعية الإسلامية، واللقاء الإصلاحي الديمقراطي الذي أنتمي إليه لا يزال في حالة انتظار متواصل لهذا الحق الإنساني والوطني.   هذه هي الصورة التي تبدو مشوشة في النظرة الأولى ويتأرجح العقل والعاطفة، بين السمع والملامسة، بين الحقيقة والخيال، بين طرفين يتناقضان، بين محور وأطراف، بين ظاهر وباطن، بين سر وعلانية… لكنه سرعان ما ينقشع الضباب إذا حدقت مليا ويصبح الليل دامسا على كل الإطار ويبقى العقل ثابتا مقتنعا بأن في الأمر إنّ… *إن هناك منهجية مصانة في علاقة السلطة بالإسلام، تتقدم وتتأخر، تختفي ثم تظهر، لكنها لا تموت ولا تتغير، وهي منهجية المواجهة والتصفية والإجهاز، وهذه المنهجية يحملها طرف معين داخل السلطة، غلب عليه منطق الأيدولوجيا وتصفية حسابات قديمة، وابحث عن المستفيد سوف تجد الدافع! * إن هناك خوفا من الظاهرة، خوفا من الصحوة، خوفا من الإسلام إذا تجاوز حدّه، وحدّه المرضي عليه هو السولامية والحضرة وخرجة الأولياء والصالحين والجبة “القمراية”! * إن هناك أطرافا شريفة ونزيهة داخل السلطة أو على أطرافها، لا يجب الحط من قيمتها ولا التهوين من شأنها أو رميها بعداوة هذا الدين، بل منها رجال في الخفاء أو في الظاهر، ولكن بكثير من الحياء، يحبون هذا الدين ويعملون على حمايته ويسعون إلى انتشار أفكاره وسلوكياته. * إن هناك سعيا لإثبات تلازم مفتعل بين السياسي والشعائري لضرب الاثنين بحجارة واحدة، والإجهاز عليهما بدعوى التصدي للظلامية والمواقف الرجعية وهو إعادة ركيكة ومفضوحة لمنهجية التسعينات. ختـــاما هذه هي تونس وهذا هو إسلامها… من صورة حالمة وخادعة، إلى صورة حقيقية وحزينة يظهر مسار الإسلام في تونس حاضرا ومستقبلا غير مفروش بالورود، غير أني أحمل كعادتي عنصر التفاؤل فيما يجري لاحقا، لأني بطبعي غير متشائم، ولكن أيضا، لأن مقاربة عقلية ومنهجية وواقعية للداخل والخارج توحي بتماسك ونجاح مستقبلي لهذا الدين، زيادة على الوعد الإلهي، وعلى إيماني الشخصي بأنه لا خوف على هذا الدين ولا على أهله، فلا ننسى عقد التسعينات من القرن الماضي حين أغلقت منافذ الأرض، ففتح ربك منافذ السماء، لا ننسى حين كان قول “السلام عليكم” مجلبه للظنة وسوء المصير… وبين ذلك الزمن وهذا الزمن بشائر وبسمات، لن تطويها جلبة ولا ضوضاء ولا برامج تجفيف، ولكن أيام تتلوها أيام، عنوانها… “والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون” المصدر: موقع اللقاء الإصلاحي الديمقراطي www.liqaa.net بتاريخ 16 ماي 2008


الثوابت الإستراتيجية العليا للممارسة السياسية : المعارضة ـ الموالاة ـ السلطة  الجزء الثاني

 

 
. قوى الموالاة : رغم أنّ المشهد السياسي في بلادنا يضم عدّة أحْزاب بما فيها الحزب الحاكم فإن الأ؛زاب المرخص لها بالعمل القانوني تبدو للناظر عديدة  (الحزب الاجتماعي التحرّري ـ الوحدة الشعبية ـ الاتحاد الديمقراطي الوحدوي ـ حزب الخضر من أجل التقدّم ـ حركة التجديد ـ التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات ـ حركة الديمقراطيين الاشتراكيين ـ الحزب الديمقراطي التقدمي…) ثلاثة أحزاب فقط يمكن إخراجها من دائرة الموالاة (التكتّل والتجديد، والتقدمي) أمّا باقي الأحزاب وهي الأكثر عددا ينضوي أغلبها ضمن قوى الموالاة التي تعمل على تدعيم سياسة الاختيار الواحد ومبدأ الحزب الواحد والبرلمان ذو اللون الواحد وديمقراطية التسعات الأربع 99.99% وهذه الأحزاب تجمعها فيما بينها ثوابت استراتيجية. ·الثبات على الولاء للسلطة هو عنوان المواطنة الحق، فاجتناب نقد السلطة والدخول معها في مجالات سياسية ومسايرتها في سياسة الإصلاح قطرة ـ قطرة أي بمعدّل نصف مطلب في العقد. فبعد 20 سنة من التحوّل استطاعت قوى الموالاة الافتخار بتحقيق إصلاحات سياسية أهمها الحصول على نظام الكوتا الذي يوزّع المقاعد البرلمانية والمكاسب السياسية والاجتماعية حسب درجة الولاء ويفرّق بين الأحزاب في الدور والتسمية والتمويل حيث أصبحنا نفتخر ببحثنا لمصطلح سياسي حديد عالميا وهو الأحزاب المبرلمنة والأحزاب غير المبرلمنية وتبلغ درجة الثبوت على الولاء لدى هذه الأحزاب إلى درجة تجعل بها كلّ طاقاتها الانتخابية على ذمة الحزب الحاكم ومرشحه في الانتخابات الفارطة والقادمة والاجتماعي التحرري أعلن منذ مدّة أنه سيدعم مرشح الحزب الحاكم في استحقاقات 2009 الرئاسية. ورغم أن هذه الموالاة لا تحلم بما تحلم به الموالاة في الديمقراطيات الحديثة إذ لا تدخل أحزاب الموالاة في الديمقراطيات الحديثة غلا بضمانات مسبقة تحقق لها الوصول إلى حكومة وحدة أو الحصول على حقائب وزارية وبرلمانية. لكن الموالاة عندنا تركض للموالاة بدون أيّ ضمانات سوي تمويل نفعي وكوتا محددة مسبقا في البرلمان وبعض الامتيازات في الحياة العامة الاجتماعية والاقتصادية باختصار أن الموالاة عندنا لا ترى الواقع إلا بعيون السلطة فهي ثابتة على استراتيجيّتها العليا بأنه ليس في الإمكان أكثر مما كان ” وأنه إذا كان الفساد مرضا في واقعنا اليوم فعلينا معايشته ولا شفاء لنا منه إلا بالموت. III. السلطة : السلطة متمثلة بالحزب الحاكم الذي اتحد بالجماهير وخاص معها معركة التحرير الوطني والذي كانت علاقته بالجماهير علاقة احتضان وتعايش قبل أن تتحوّل فيما بعد إلى علاقة حاكم بمحكوم تحكمها ثنائية القيادة وضرورة الانقياد. هذا الحزب الذي تربع على السلطة منذ ما يزيد عن نصف قرن وأفتى في سنة 1975 للرئيس الرّاحل أن يستمرّ بالحكم مدى حياته بل وبرّر ذلك أخلاقيا وسياسيّا بأنه تحقيق للوحدة الوطنية ولرغبة الشعب ورغم أن المحللين اليوم يقرأون ذلك الحدث باعتباره انقلابا على الدستور وتجميدا للتاريخ ولسنة التداول على الحكم بل وانقلابا على مبادئ الحزب نفسه فإن الفترة الممتدة لنصف قرن مارس فيها الحزب الحاكم سياسته اليومية القابضة على كلّ دوالب الدولة بنجاح تتميّز بثوابت إستراتيجية لم يغيرها الحزب الحاكم منذ توليه الحكم إي منذ ما يزيد عن نصف قرن 1.فهذا الحزب وفي لمبدء ثابت وهو نداء الغريزة السياسية الأعمق وهي البقاء والاستمرار في السلطة ولو بقانون الغلبة أو الانقلاب على الدستور مستعملا في كلّ مرّة التذكير بالمشروعية العليا لهذا الاستمرار في الحكم ففي سنة 1975 عندما أراد هذا الحزب أنْ يدخْل تونس التاريخ من بوّابة اللامعقول السياسي استعمل مشروعية (نحن حرّرنا البلاد وجاهنا الجهاد الأكبر) لذلك وفاء لمبدإ الاعتراف بالجميل دخلت تونس التاريخ من بوّابة اللامعقول مدى الحياة التي خبرت الجماهير فيما بعد ويلاتها إذ لا تعود في الغالب إلاّ على دينامكية التدمير الذّاتي. وما أشبه اليوم بالأمس فلا يزال الحزب الحاكم ثابتا على إستراتيجية الأولى فهو يخوض معارك سياسية “وإصلاحية” واستفتاء سنة  2002. على تعديل الدستور ليفتح المجال أمام سلطة تنفيذية بلا حدود وهو يعدّل الدستور مرّة أخرى ليختار منافسين على القياس. 2. الثبات على سياسة أقرب إلى الفكر الصوفي الاتحادي حيث يتحد الحزب الحاكم بكل مؤسسات الدولة الاجتماعية والاقتصادية وحتى القانونية التي فترض أن تكون محايدة ومستقلّة لا تتبنى وجهة نظر الحزب الحاكم فهو لا يزال يؤسس لشُعب مهنية داخل كل المؤسسات لتمارس هذه الشُعب المهنية منطق المساومة على المطالب النقابية وتعمل بمنطق يجوز لنا ملا يجوز لغيرنا في تحدّ صارخ لكل مبادئ الممارسة السياسية الديمقراطية التي تحيّد كلّ مؤسسات الدولة عن العمل السياسي المتحيّز. فما أشبه هيكلة هذا الحزب الحاكم بهيكلة إحدى الإدارة التابعة للدولة التي تقصي كلّ إمكانيات المشاركة في القرارات المصيرية للبلاد وتؤمن بمنطق الاختلاف والتعايش السلمي. ـ ابن البحرـ (المصدر: صحيفة “مواطنون”، لسان حال التكتل الديمقراطي للعمل والحريات، (أسبوعية معارضة – تونس)، العدد61 بتاريخ   ماي 2008 


أمثلة حيّة وتجاوزات موثقة
 
 
في غياب المقاييس والضوابط القانونية يتواصل اغراق جريدة “الصحافة بالدخلاء والهدف واضح كما ذكرنا وهو عزل الصحفيين المتمسكين بأخلاقيات المهنة أو حملهم على كتابة مقالات التزلف والمدح الرخيص وتزييف الحقائق. صحيح أن إدارة التحرير في هذه الصحيفة لم تعد قادرة على اجبار الصحفيين على إمضاء مقالات معينة اجبارا مباشرا بل هي لا تمانع من تسريح البعض دون أن تقتطع من مرتبه إلا “لأسباب سياسية” وتضمن له إن ضمنت سكوته بعض مستحقاته، تلك حقيقة لا يجب انكارها ولكن لهذه الإدارة طرق أخرى تفضي بالصحفيين إلى الموت البطيء، ولأن الكتابة الصحفية غدت أرضا مشاعة يطؤها من هب ودب ولأن الأموال العمومية طيعة وسائية في يد هذه الإدارة فبوسعها استبدال المهنيين بأشخاص آخرين. وطبعا نظرا للشح الذي تعيشه سوق الشغل ونظرا للمغريات ومع استعداد البعض فطريا لانتهاك أخلاقيات المهنة أو جهلهم بقواعدها يسهل استغلال هؤلاء الدخلاء. وطبيعي أن يؤسس هذا السلوك للرداءة والمطلع على محتوى جريدة “الصحافة” يدرك تراجع مستوى الكتابات وضحالة المواضيع السياسية والاجتماعية فضلا عن الأخطاء المهنية والسرقات الصحفية.
 ويمكن أن نتفهم تعيين مدير تحرير من خارج القطاع على رأس مؤسسة إعلامية لأسباب سياسية أو إدارية وأنا لست مع الذين يضعون ذلك في إطار صراع الأقطاب في السلطة أو يعتقدون بأن مدير التحرير لا ب أن يكون من داخل القطاع ولكن أن يصل الأمر بهذه الإدارة إلى تنصيب دخلاء وإعطائهم كل الصلاحيات للتحكم في مقالات الصحفيين، فهذا منتهى الإجحاف والتجني باعتبار أن هؤلاء الدخلاء في حاجة إلى التأطير لا إلى تعليم غيرهم من المهنيين . كما بالأرقام أي بحجم المبيعات وبمحتوى الصحيفة يمكن أن ندرك حالة التسيب والفوضى التي تسود مؤسسة ناطقة عمومية وكان من المفروض أن تكون في وضع أفضل نظرا لوجود تلك الإمكانيّات الهائلة ونظرا لعراقة هذه المؤسسة. ” الصحافة” لا تتعدى اليوم مبيعاتها بعض المئات (إذا استثنينا الاشتراكات الرسمية) وطبيعي أن تبور حيث يغيب الصحافيين ويستحكم  الفساد في الادارة. هذه الصحيفة تشغل أكثر من 40 صحفيا منهم ولكن إدارة التحرير تعمل على تهميشهم بشتى الوسائل. والوسائل كثيرة ومتوفرة ومنها  تحويل المؤسسة إلى ضيعة خاصة تعطى فيها المنح حسب الرغبة الخاصة ومن منافع أخرى عديدة تعمل الادارة على تحويلها أي من مستحقات إلى هبات وامتيازات تعطى خارج الضوابط القانونية والصلاحيات وحتى لفائدة منتهكي المهنة.  قبل أسابيع قليلة وكرد فعل على مثل هذه الممارسات وجه صحافيو الصحافة “عريضة” الى مدير الجريدة يعبرون فيها عن امتعاضهم من بعض التجاوزات مثل : احتكار بعض المهمات مما يفتح الباب أمام الاشهار المقنع. ونتيجة للاستهتار بالقانون وبالأعراف المهنية يجد مديرو المؤسسات الاعلامية في توزيع المهام بالخارج متعة كبيرة وسلاحا قويا لعقاب الصحفيين واستعمال هذا الحق حسب رغبتهم في التقرير الذي اعدتهم لجنة الرقابة المادية حول الوضع بجريدة ” الصحافة” كان السؤال الأهم يدور حول الانتدابات العشوائية وغير المبررة والمخالف للقانون الى قد تؤدي الى عدم توفر الكفاءة والمؤهلات المطلوبة.  لقد لفت فريق الرقابة الى غياب أي مبرر لاستثناء انتداب الصحفيين من الاجراء الاداري المتعلق بضرورة اعلام أعضاء مجلس الإدارة ومراقبة الدولة طالما أن الأمر يتعلق بانتداب أعوان يمكن إدراجهم ضمن البرنامج السوي المشار اليه بالفصل 12 من الأمر عدد 2197 لسنة 2001 ورغم أن الإدارة أكدت على أنه ” سيتم آخذ هذه الملاحظة يعيش الاعتبار ” إلا أنها أصرّت على استثناء الصحفيين وعدم مراعاة الاحكام الواردة بالافاقية المشتركة ! (الملاحظات عدد 37 و 38 من التقريرالمذكور) وحول ضرورة الأخذ بعين الاعتبار الحصة المقررة كخريجي معهد الصحافة حسب ما جاء بالملحق التعديلي عدد 8 لقانون 2006 الذي يخصص 50 % من خريجي معهد الصحافة وأصحاب الشهادات فإن جواب الإدارة لم يكن مقنعا حسب ما جاء في التقرير (ملاحظة عدد 43.)  نتيجة لهذه المخروقات دعت اللجنة لإجراء مناظرات تعتمد على حاجات المؤسسة من حيث العدد والمؤهلات. ولكن يبقى الوضع على ما هو عليه وتتواصل التجاوزات في مجال الانتدابات والترقية. o       على مستوى الادارة العامة أو إدارة التحرير تمثل جريدة “الصحافة” خير نموذج للاستهتار بالقانون والفساد دون حسيب أو رقيب وهذا الوضع يتمادى رغم تغير المسؤولين، ويكفي أن نعطي مثلا ملموسا حدث في السنوات الأخيرة : في يوم  12 مارس 2001 اضطر أعوان الطباعة إلى إتلاف الطبعة الخاصة بعدد     13 مارس بسبب خطأ تسرّب إلى موضوع يتصدر الصفحة الأولى وعنوانه “مجلس وزراء الداخلية العرب : دعوة ملحة إلى تشكيل قوة دولية لحماية الشعب الفلسطيني” حيث نقرأ في السطر العاشر ” إن وزراء الحظارجية (عوض الخارجية) العرب…..” هذا الخطأ كلّف المؤسسة الملايين، إذ تم إتلاف 4551 نسخة حجم السحب (6,534 ) وذلك حسب الوثيقة الإدارية feuille de tirage عدد 07560 وقد يكون الخطأ بشريا ولكن حدث قطعا نتيجة الاهمال وهو لا يعفي الفاعلين من المسؤولية والمسؤولين من التحقيق في الأمر.
 مثل هذه الأخطاء أثرت على مردود الجريدة وعلى انتشارها وحين نواجه الإدارة اليوم بالأرقام المخجلة بجريدة رسمية مثل الصحافة تصر هذه الإدارة على أن الأمر لا علاقة له برداءة المحتوى واستبعاد الكفاءات وتهميش المواضيع التي تعالج مشاكل المواطنين وتبرر كل ذلك بتراجع الصحافة المكتوبة في العالم !  يبقى وضع هذه الصحيفة محيرا فرغم أنها تضم مجموعة هامة من الصحفيين المحترفين ورغم ان المسؤولين الذين تعاقبوا عليها في سنواتها العجاف قد وقعت ترقيتهم إلى مناصب عليا منها السفارة وإدارة الإعلام وإدارة التلفزة رغم كل ذلك يبقى السؤال محيرا : ترقية هؤلاء معناه وضع الرجل المناسب في المكان المناسب ومعناه أيضا مكافأة على النجاح في مهمة سابقة ؟ ! وهو ما يتناقض مع الأرقام والتحقيقات التي أجريت في هذه المؤسسة….
 يعتقد الصحفيون في جريدة “الصحافة” أن الوضع قد يزداد اليوم تعفنا إذا أصرت إدارتها الجديدة على التمادي في نفس الأخطاء ومنها الاعتماد على الدخلاء كما ذكرنا وعلى امضاءات تنكرية وذلك أمام نفور الصحفيين من كتابة المقالات السياسية الرخيصة، وردّا على حالة التسيب والازدراء والاستهانة بالصحفيين وبقواعد المهنة. لا أحد ينكر أن كل جرائد العالم تعتمد على المتعاونين إلى جانب الصحفيين أساسيين ولكن حين يتحول هؤلاء إلى الأصل فإن الأمر يزداد خطورة إرسال لجنة مراقبة مالية الى مؤسسة كبيرة مثل الإذاعة والتلفزة أو مؤسسة “السنيت” أو اعلان وزير الاتصال رفض وزارته لمظاهر الفساد والتسيب يثير كثيرا من الارتياح ويؤكد أن مؤسساتنا تخلصت من سلطة “الفرد” الحاكم بأمره لتحل محله سلطة القانون والمؤسسات ولكن ما حدث قبل أشهر يثير كثيرا من الأسئلة.  هذا ما جدّ مع وزير الاتصال في حفل تكريم متقاعدي دار لابراس. أمام أكثر من 70 صحفيا وموظفا انتقد الوزير بشدة إدارة هذه المؤسسة وتذمر من عدم اهتمامها بمشاغل المواطنين. هذا، ولان الوزير مستجد فقد اعتقد البعض الى أن هذه بداية طيبة ستقطع مع الماضي وتساهم في تكريس الشفافية ستدفع مؤسستنا الاعلامية الى محاربة الفساد وستشجع إدارات التحرير على الكف عن الصنصرة والتعتيم ولكن في اليوم التالي قامت “لابراس” بقصقصة كلام الوزير نفسه ورغم حضور عشرات الصحفيين فقد اعتمدت إدارة تحريرها نقل كلمة الوزير على وكالة افريقيا للانباء وهذه الوكالة قامت طبعا بالواجب ! حين يقع الاعتداء على كلام الوزير بهذه الطريقة هل مازال الصحفيون العزل يصدّقون ما يسوّقه القائمون على الاعلام حول حرية التعبير والشفافية في إدارة المؤسسات الإعلامية ؟ وما قامت به هذه الوكالة وسكتت عنه الوزارة يكشف حقيقة واحدة من المسؤولية إن نقولها، وهو أن إدارة لابراس التي تأنيها لا نستعمل وحدها مسؤولية ما حدث وقد تكون مأمورة…. ثم هل كان بوسع الوزير الذي تحدث عن ضرورة التركيز على مشاغل المواطنين ومشاكلهم أن يحمي الصحفيين من العقاب المباشر وغير المباشر أو لم يستطع أن يحمي نفسه من الصنصرة، ثم من صحفي صدق كلام السلطة العليا وهي ترد على تقارير دولية بان الحقوق المهنية مضمونة فحاول القيام بواجبه لكنه وجد نفسه معرضا للعقاب حتى لو تناول مواضيع عادية لا علاقة لها “بالسياسة” او بأصحاب النفوذ الذين يتحكمون في العباد وفي البلاد ؟ إن تحرك نخبة من صحفيي لابراس لإعداد تقرير حول الوضع في هذه المؤسسة كان سابقة في هذه الدار وقد فنّد ادعاء عديد الوزراء المباشرين للقطاع بأنه لا توجد لدينا مشاكل وان من يحاول إثارتها هم قلة قليلة ولإغراض أخرى ! كما ذكرنا تعيش مؤسسة لابراس منذ سنوات حالة من الفساد يغذّيها استقواء المسؤولين بذريعة حساسية قطاع الاعلام وسنورد بعض التجاوزات التي جدت في السنوات الأخيرة وإن امسكنا عن الحديث عن ممارسات خطيرة ومستجدة نترك الفرصة لتلافيها وحتى لا يقال المعنيين بالأمر أنها “تحت الدرس”  (المصدر: صحيفة “مواطنون”، لسان حال التكتل الديمقراطي للعمل والحريات، (أسبوعية معارضة – تونس)، العدد61 بتاريخ   ماي 2008   

 الفساد يفوح من الوثائق

 

 
·اقتناء المعدات في مؤسسات كبيرة مثل دار لابراس يسيل لعاب السماسرة والتجار والوسطاء وأصحاب النفوذ من الفاسدين وان لم تكن هناك رقابة وضوابط قانونية فإن المال العام يصبح معرضا للنهب، ومنذ سنوات سمعنا كثيرا عن القرارات الخاصة بضبط الصفقات واعتماد الشفافية ولكن أين الفعل ؟  والأمثلة التي سنقدمها قد تؤكد ذلك : في أواخر عام 2005 اقتنت دار لابراس آلة طباعة من مؤسسة تجارية (…..) وحسب الفاتورة رقم CHA/2005/1/001698 بتاريخ 20/9/2005 فإن سعرها كان في حدود 200 540 364 وخلافا للعقد الممضى من طرف الشركة الممولة وكذلك ممثلي لابراس فإن هذه الآلة المعروفة باسم TOPLATE  (CTP ) غير مطابقة للمواصفات المذكورة فهي تعمل بنوعية واحدة من الأموال الباهظة عوض الألواح العادية، وإذا عرفنا أن الفارق بين مواصفات تلك الألواح التي ذكر في العقد وبين هذه الألواح المدسوسة تبلغ 8 دنانير للوح الواحد وإذا عرفنا أن الحاجيات تقتضي استخدام ما بين 60 و 70 لوحة في اليوم فإننا نفهم حجم المخالفة الملية التي تصل الى مئات الملايين… عديد الوثائق الخاصة بالمناقصات وبالأخطاء المهنية تؤكد استشراء الفساد في مثل هذه المؤسسات العمومية وفي عمل أوسع يمكن عرضها….. تماما كما يحدث بالنسبة للصحفيين في جريدتي الصحافة ولابراس ترفض الإدارة منذ سنوات اعتماد القانون فيما يخص الانتدابات وكذلك الترقيات وفاء للقاعدة الخاطئة التي كرسها القائمون على الاعلام منذ التسعينات هذه الإدارة تواصل ممارسة المحسوبية والتلاعب بالمقاييس الإدارية إما لأغراض شخصية أو خدمة أطراف معنية. ومع الاحتراز عن ذكر الرقم بدقة فنتيجة هذه الممارسات تضم المؤسسة اليوم حوالي 300 إطار لا يحمل أكثر من خمسين منهم شهادة مؤهلة ! صحيح أن البعض وصل إلى هذه الدرجة عن طريق الأقدمية والكفاءة والتدرج الذي لا يقل أهمية عن الشهادة العلمية ولكن الفارق يبقى كبيرا ويعكس الخروقات الحاصلة في مجال الانتداب والترقية.لقد استخدمت الإدارة هذا السلاح لارباك النقابة الأساسية وقامت بطريقة مفضوحة بمساومة بعض أعضائها وإسناد امتيازات خيالية للبعض الاخر والهدف هو منع مكتب هذه النقابة من ممارسة حقه والسكوت عن أي تعليق أو لائحة ممضاة من اتحاد الشغل وصادرة عن اجتماع قانوني رعته هذه المنظمة الشغيلة….. ولا أحد ينكر أن هذه النقابة قد ساهمت في تحقيق عديد المكاسب المادية للصحفيين ولا تزال وكان من المفروض أن تكون هذه المؤسسة نموذجا لاحترام العمل النقابي ولولا تدخلها في نشاطها. نتيجة قرار غير مسؤول يقع ترقية عون بسيط الى رتبة كاهية مدير أو رئيس مصلحة ودون أي مراعاة لأخلاقيات وضوابط العمل يقع ضخ الامتيازات والدرجات المهنية مما جعل الوزارة الأولة تطلب توضيحا حول ترقية موظف بطريقة غير قانونية من عون الى إطار درجة 71 وتوصي بإلغاء الأمر لكن الإدارة تجاهلت إلى حد الآن هذا الطلب…. قضية هذا العون أو ذاك ليست حالة استثنائية في دار لابراس أو في غيرها من المؤسسات الإعلامية بل هي قاعدة وعنوان آخر للفساد. إن العون سواء أكان حارسا أو راقنا يظل محترما وعنصرا أساسيا في المؤسسة ولكن حين يتحول إلى مسؤول   بصورة اعتباطية،يشوه صورة الإدارة ويؤثر سلبا على أداء زملائه. الإذاعة والتلفزة : oفي الوقت الذي مازال فيه الصحفيون الشبان يعانون من تدني الأجور تظل مؤسستي الإذاعة أو التلفزة كريمة وحريصة على هدر الأموال العمومية في كل الاتجاهات. فمن المشاكل التي تضر بمصالح أبناء المؤسسة وتفتح الباب لسوء التصرف الاعتماد على المتعاونين خاصة بالنسبة للبرامج الضخمة. هذه البرامج تستهلك جل الإمكانيات المادية والتقنية،كذلك توكل الأشرطة الوثائقية وغيرها إلى شركات خاصة مقابل مئات الملايين وفي غياب الشفافية واعتماد المناقصات القانونية طبيعي أن تسود المصالح الخاصة والمحسوبية في اختيار هذه الشركات المنتجة. صحيح أن جل القنوات المحترفة تعتمد في بعض برامجها على أصحاب الاختصاص وتقوم بشراء البرامج أو المنوعات الجاهزة ولكن شريطة أن يكون ذلك المنتوج مجديا من حيث التكلفة ومن حيث النوعية…. أما بالنسبة لتلفزتنا فالمسلسلات التي تثار حولها كثيرا من الأسئلة مازالت تعتبر الأكثر كلفة  في العالم ! وهذا أيضا نتيجة طبيعية حين تتحول الأعمال من مجهود ابداعي ولائم . إن ظاهرة تزايد المناصب والمسؤوليات السامية وهي في بعض الحالات تسميات بلا مسمى مشكلة أخرى في هذه المؤسسة العمومية . بمقتضى التنقيحات التي انحلت على القانون الأساسي لسنة 1996 ثم إحداث خطة  مدير عام للقنوات الإذاعية وخطة مماثلة للقنوات التلفزية وقد انجر عن تلك الوضعية تضخم الجهاز الإداري بشكل غريب ولم يكن لذلك الإجراء أي جدوى حسب أهل الاختصاص  وتم العدول عن هذه الخطط منذ 2006 وقبل الإعلان عن التقسيم الفاصل بين الإذاعة والتلفزة . لكن يبدو أن هذا التقسيم أدى بدوره إلى تضخم عدد المديرين الإداريين والموظفين التابعين لهم، وانجر عنه مزيدا من السيارات الفاخرة والمكاتب الضخمة….. تحت المدير العام مدير آخر وتحتهما مدير ثالث ووراءهم جيش من الموظفين وفي المقابل كثرت القرارات الارتجالية ليتواصل بنفس النسق هدر الأموال….    يتحدث الموظفون والصحفيون عن العديد من هذه القرارات وأبسطها تكليف الكثير : منذ ذلك إعطاء الأمر بنقل المصالح اإدارية الكائنة بنهج فلسطين ثم العدول عن ذلك بعد يوم واحد وبعد الشروع في نقل الأمتعة وتأجير سيارات نقل خاصة كلفت المؤسسة الملايين….  (المصدر: صحيفة “مواطنون”، لسان حال التكتل الديمقراطي للعمل والحريات، (أسبوعية معارضة – تونس)، العدد61 بتاريخ   ماي 2008   

  من التهميش إلى الموت البطيء

 

 
 الفساد الذي تعيشه المؤسسات الإعلامية انعكس على أدائها وعلى الصحفيين ومن خلال التعاطي مع بعض الأحداث التي جدت في   السنة (2007) نستنتج ما يلي: – رغم غض الطرف عن الانتقادات التي تنشر وتذاع هنا وهناك ورغم الصخب المثار خاصة في البرامج الرياضية فإن القائمين على الإعلام مازالوا يتعاملون مع الصحفيين المشرفين بكثير من الريبة والاستنقاص وهذا يتناقض مع الخطاب الرسمي المسوّق. قد تفهم تذرع الإعلام الرسمي بأن المصلحة العامة والخوف من الإثارة هي التي تستدعي التحفظ حول طريقة تغطية أحداث خطيرة مثل أحداث الحوض المنجمي وقبلها مواجهات سليمان ولكن كل ذلك لا يبرر حرمان الصحفيين وحرمان القارئ من تغطية تلك الأحداث بحرية. فالصحفي التونسي له من الحرفية والوطنية ما يجعله يقوم بواجبه دون أن يخدش في المصلحة الوطنية، إلا إذا كانت هذه الأخيرة ملك خاص. إن التعتيم ومنع الصحفيين (باستثناء بعض الصحف المستقلة) من الذهاب على عين المكان وتغطية أحداث ما عرف بقضية الحوض المنجمي أدى إلى بروز كثير من التناقضات بين ما سوّقه الإعلام الرسمي وبين ما كان يكتب على صفحات الانترنيت ويشد الرأي بما أنه موثق بالصورة. الصحافة التونسية تعاملت مع هذه الأحداث من وجهة نظر واحدة منحازة وعوض أن يسمح للصحفيين بالاطلاع المباشر على الأوضاع ركّزت هذه الصحف على بيانات ومواقف السلطة وهذا مطلوب ولكن كان الأجدى أن يقوم الصحفي بنقل الحقائق حتى لا يفتح الباب للتأويل. ففي الوقت الذي ساد فيه التناقض بين أعلام موال يتحدث عن مظاهرات تأييد كانت عشرات المقالات المصورة تنقل مظاهرات الاحتجاج…. وإذا كان من حق السلطة أن ترد بأن ما قيل حول التجاء عائلات تونسية إلى التراب الجزائري لأسباب مادية واحتجاجية عار من الصحة على أن تثبت أن تلك الأخبار المروجة حول هذا الموضوع مغرضة وغير مهنية فإن الرأي العام لن يقتنع بمجرد الرد على صحيفة جزائرية أو نشرة إلكترونية وكان الأجدى أن تقدم الأدلة المدعمة لهذا الرد وأن تسمح للصحفيين التونسيين بالقيام بواجبهم في كشف الحقيقة والتحري… وعلى سبيل المثال لو كانت مثلا تلك البرقية الصادرة بختم إدارة الإعلام والموجهة للصحف بتاريخ 21 أفريل 2008 تحت عنوان “برقية مساندة موجهة إلى رئيس الدولة من النقابيين في قفصة” مصحوبة بتحقيق صحفي يستقي المعلومات من مصادرها لكان أفضل. كان من المفروض أن يكون الإعلام التونسي أكثر جرأة ومصداقية تمكنه من خلق التوازن مع وسائل الاتصال المستجدة مثل الصحافة الالكترونية ولكن تعاطي الإعلام مع مثل هذه الأحداث أثبت أنه مازال تابعا وغير قادر على القيام بواجبه تجاه المواطن الذي يدفع من المال العام ومن ماله الخاص ومن حقه أن يطالب التلفزة التي يدفع لها عبر فاتورة الكهرباء المليارات سنويا أن يحاسبها على الجريمة التي ارتكبتها ليلة فيضانات سبالة بن عمار حيث ظلت ترقص على جماجم الضحايا حين أصرت ليلتها على قضاء السهرة في بث حفل فني مسجل واكتفت بتمرير عنوان يتيم في أسفل الصورة يصي موتى الفيضانات… تعاطي الإعلام مع مثل هذه الأحداث أثبت أن الصحفي التونسي قد خسر الكثير من تعطيله عن كشف الحقائق وممارسة مهمته في مناخ طبيعي لقد بدأ معطلا وفاقدا لكثير من سلطته في الوقت الذي انهالت فيه المعلومات والتي لم تكن تحتاج أحيانا إلا لهاتف جوال وعنوان الكتروني. إن تعطيله قد سمح لأطراف أخرى من حقها أن تملأ الفراغ وتتدارك الهانات بان تتولى مهمته وهي ظاهرة قد استفحلت مع الأحداث الأخيرة…..ليحال معها هذا الصحفي من التهميش إلى الموت البطـيء.
 
(المصدر: صحيفة “مواطنون”، لسان حال التكتل الديمقراطي للعمل والحريات، (أسبوعية معارضة – تونس)، العدد61 بتاريخ   ماي 2008 

سنتان بعد الحادثة:غرق مركب “الوسلاتية” … فلماذا “يغرق” مالكه… وعائلات البحارة !؟

 

 
نور الدين المباركي  تونس/الوطن قبل سنتين ونيف غرق مركب الصيد “الوسلاتية” وكان على متنه عشرة بحارة، لم ينج منهم أحد. كان من الممكن أن يطوى ملف هذه الحادثة بعد معرفة الأسباب الحقيقية للغرق وبعد انتشال جثث البحارة (إن وجدت) وانتشال المركب ذاته، خاصة أن هذه الحادثة ليست الأولى من نوعها. غير أن هذا الملف ورغم مرور أكثر من سنتين ما زال مفتوحا على الأقل بالنسبة إلى مالك المركب الذي مازال يطلب إجابات عن عدة أسئلة، يقول انه رغم طرقه لعدة أبواب لم يتلق إجابات مقنعة، بل في عدة مناسبات أوصدت أمامه الأبواب دون الاستماع له. غير أن الملف لا يزال مفتوحا بالنسبة إلى أهالي البحارة الذين غرقوا… هؤلاء يقولون أنهم يرغبون في معرفة مصير جثث أزواجهم وإخوانهم وأقاربهم. كان من الممكن أن يطوى ملف مركب الوسلاتية لوتم تقديم المعلومة الصحيحة في الوقت المناسب… لكن أمام غياب هذه المعلومة من الطبيعي أن تذهب “التحليلات” والتخمينات إلى أقصاها البعيد ولا يمكن لأي كان أن يحد من توسعها… المعلومة الصحيحة وحدها قادرة على وضع حد لذلك. في بداية هذا الأسبوع اتصل بنا السيد هشام الوسلاتي وعرض من جديد مشكلة مركب “الوسلاتية” وأكد انه يطلب من  السلط المعنية والهياكل المختصة نفي المعلومات التي لديه وتقديم المعلومات الصحيحة إن كانت تملكها… وقال إن مركب “الوسلاتية” غرق… فلماذا يغرق معه !!! وفيما يلي قصة مركب “الوسلاتية” كما جاءت على لسان مالكها السيد هشام الوسلاتي: بداية الحادث يوم السبت 04 فيفري 2006 علي الساعة 11 ليلا غادر مركب الصيد “الوسلاتية” ميناء حلق الوادي بمدينة تونس في رحلة صيد عادية. ويوم الأحد مساء أعلنت مصالح الرصد الجوي عن بداية عاصفة في منطقة خليج تونس، وفي صباح يوم الاثنين بدأت جل المراكب الموجودة بالبحر تغادر مواقع الصيد في اتجاه المواني القريبة ومناطق “الرسو” الموجودة بخليج تونس بما فيا مركب الوسلاتية الذي ابلغ في آخر اتصال لاسلكي مع مركب موجود بنفس الموقع عن عزمه الدخول إلي ميناء حلق الوادي أو الاحتماء بأقرب نقطة معزولة على العاصفة، وقد بادروا بذلك رغم مكوث بعض المراكب الأخرى والتي تعتبر اصغر حجما إلى مواصلة عملية الصيد إلى حدود الساعة لحادية عشرة صباحا من نفس اليوم.                                                                                            يوم الثلاثاء07 فيفري بدا الشك يحوم حول مصير المركب خاصة بعد التثبت في كل المواني بالشمال التونسي ومواقع الرسو بمنطقة خليج تونس والاتصال بالدول المجاورة للبحث عنهم وذلك لاستبعاد تعرض المركب إلى الغرق بما انه تجاوز في السابق عدة عواصف اشد خطورة، كما أن هذا المركوب مشهور بحسن توازنه عند العواصف الكبيرة. على اثر ذلك قامت كل وحدات جيش البحر التونسي والحرس البحري بعمليات تمشيط بالمنطقة (مشكورة على مجهودها) التي شوهد فيها آخر مرة مركب الوسلاتية، مدعومة بطائرة عمودية لكن دون الوصول إلي أية نتيجة.فشاع الخبر في كل البلاد .                                           ويقول السيد هشام الوسلاتي :يوم الخميس تهافتت العائلات على ميناء حلق الوادي وبنزرت في حالات سيئة تطالبني بمدهم بالحقيقة وبدأت عندها المأساة الأولى عند اجتماع أهل المهنة (20 مجهز) للخروج والبحث عن المركب في خليج تونس وذلك بتمشيط المنطقة المشكوك فيها بالواسطة شباك الجر ولكن على الساعة الثامنة ليلا منعهم مندوب الصيد البحري من الخروج بتعلة أن في تلك المنطقة لا يسمح بالصيد التي تسببت في مناوشات لفظية، ولم تخرج إلا 6 وحدات فقط وذلك لشعورهم بحجم المسؤولية تجاه الضحايا والمنكوبين وقد كان تفسير بعض المسؤولين في الميناء بأنهم يريدون المحافظة على الثروة السمكية بما إن منطقة الغرق يمنع فيها الصيد في تلك الفترة بدون اعتبار لمشاعرنا مما جعلني افقد عقلي. غرق المركب يوم الجمعة 10 فيفري حوالي الساعة العاشرة صباحا علقت الشباك بحاجز بمنطقة منبسطة مما أصبح من شبه المتأكد من غرق مركب الوسلاتية.                                                     إلى حد يوم 16 فيفري بقيت أتخبط بين الإدارات وابحث من يقوم بعملية الانتشال ويساعد الفنيين على الغوص فبقيت أدور في حلقة فارغة لعدم تحمل أي جهة المسؤولية وانعدام هيكل مختص في الكوارث الطبيعية وعدم المبالاة من طرف المسؤولين في بعض الوزارات، وبقيت الوضعية على حالها حتى أذن سيادة رئيس الدولة لاستدعاء فريق من البحرية الفرنسية مصحوبين بتجهيزات حديثة للتصوير تحت الماء فكان التأكد النهائي من هوية المركب وتصويره بعمق 100 متر على بعد 7 أميال من منطقة غار الملح. وفي هذه المدة كانت المكالمات الهاتفية تكاد لا تنقطع من كل الجهات التابعة للحكومة والمنظمات وكلهم يرمون الورود ويتجنبون أي مبادرة معللين ذلك بان الموضوع محل متابعة من هياكل عليا. يوم 20 فيفري أصدرت وزارة الفلاحة والموارد المائية بلاغا جاء فيه بالخصوص انه وقع التأكد من هوية المركب وتم اللجوء إلى كل الوسائل الداخلية والخارجية دون الوصول إلى أية نتيجة (التي لم افهم معناها إلى حد هذه الساعة). وإثر هذا البلاغ انقطعت المكالمات الهاتفية وأغلقت كل الإدارات الأبواب في وجهي وعدم مقابلتي أو حتى الرد على اتصالاتي الهاتفية بدون أي توضيح وطردنا في بعض الأحيان ولا نسمع إلا أنه قد أغلق الملف. وبعد الإطلاع على موقع الواب للبحرية الفرنسية فإنه وقع نشر معلومات مفادها أن الدولة التونسية لم تستدعهم إلا للتأكد من هوية المركب وبحث أسباب الحادث دون سواها وبعد هذا أكدوا صحة الغرق بدون توضيح أسباب الحادث مما تسبب هذا في العديد من التأويلات ومنها انه تم ضربه من طرف البحرية الأمريكية بما أنها كانت قريبة في ذلك الوقت من مكان الحادث. وهناك العديد يزعمون أن تكلفة التصوير كانت عالية خلافا لما جاء عن البحرية الفرنسية بأنهم قاموا بهذه العملية في إطار التضامن بين دول البحر الأبيض المتوسط !! فهل يعقل أن نجازى بكل هذا ونحن نعيش في هذا العصر وما يزيد في همومي أن العديد من المسئولين بالحكومة مستاءون من هذه الوضعية الأليمة لأنهم متأكدون من إمكانية إخراج تلك الثروة الوطنية و10 تونسيين أبرياء تفانوا في عملهم وهلكوا من اجل البحث عن قوتهم. على اثر هذه الأحداث اتصلنا بالسلط المعنية بمختلف الوزارات مطالبين بالمساعدة والتوضيح ولكن مع الأسف الشديد لم نتحصل على أي رد مقنع وبعض الأجوبة تأتينا بعد 3 أشهر من الانتظار موضحين أن الأمر ليس من اهتمامهم ويشيرون علي بالاتصال بوزارة ثانية لحل هذه الكارثة والموضوع يتجاوزهم. وآخر رد تحصلت عليه من الموفق الإداري مفاده بأنه قد تم تكليف وزارة الدفاع الوطني بالمساعدة وعند اتصالي بهذه الأخيرة كان الرد شفويا بان هذا الكلام غير صحيح فحاولت مقابلة الموفق الإداري فلم أتمكن من ذلك رغم كتابتي للعديد من المطالب بل يكون الرد بان المسؤول يشتغل في السياسة وليس له وقت للمقابلة.                                                                    ردود غير مقنعة  وهناك العديد من الردود الأخرى المؤسفة التي أسمعها والتي لا تتماشى مع سياسة بلادنا وعدم الاهتمام بالمواطن التونسي وانعدام مفهوم الوطنية وحب البلاد لديهم. الجهات المعنية كان جوابها بادئ الأمر بان العملية غير ممكنة تقنيا فباتصالنا بأهل الخبرة للتأكد من ذلك كانت النتيجة عكس ذلك بعد دراسة فنية وإنزال غواصين محترفين لمعاينة المركب توضح إمكانية إخراج المركب وكل الضحايا الذين بداخله وبعد مواجهتهم بهذه الأدلة أوضحوا لنا أن هذه العملية تعود بالمسؤولية لي فقط وبما أن كل الطاقم مؤمن ولكن الهيكل دون ذلك بسبب عزوف شركات التامين عن التعامل مع مراكب الصيد البحري وخاصة المراكب التي تشتغل بأعالي البحار خارج المياه الإقليمية وخاصة أن هذا المركب مؤهل ويشتغل للتصدير. وباتصالي بمستشار قانوني لتوضيح قانون التامين تأكد لي أن عملية تامين مراكب الصيد بتونس ليست إجبارية ولا يوجد أي قانون يحمي البحارة عند التعرض إلي حادث شغل أو موت، سوى جراية من صندوق الضمان الاجتماعي يتمتع بها زوجة وأولاد المفقود أو الأبوين إذا كانوا في كفالته وليس لهم أي دخل ثان، ولا يمكنهم التمتع بها إلا عند صدور شهادة وفاة تصدر بإذن من محكمة مختصة أو عند انتشال الجثث من موقع الحادث.    فقمت بدراسة فنية وبالاعتماد على مهارات تونسية يمكن إخراجه بكلفة لا تتجاوز 120 ألف دينار فطلبت قرض بنكي وقدمت رهن عقاري لكني منيت بالرفض بتعلة عدم تمويل الأمور الإنسانية وحسب الخبراء فان قيمة المركب تفوق 350 ألف دينار بعد إخراجه ويمكن إعادة تشغيله. وضع العائلات إن الوضعية التي أصبحت عليها العائلات لم تعد تسمح لهم بمواصلة حياتهم اليومية بسهولة، فبعض الأولاد الصغار انقطعوا عن التعليم مطالبين برؤية آبائهم وعدم قدرتهم على فهم أسباب الغرق وما هي إلا أحكام الله عز وجل، والبعض الآخر اتجهوا إلي سوق الشغل في سن مبكرة لتوفير حاجيات العائلة في ظل احتياجاتهم الكثيرة للحياة، ويبقى جل الكبار من أمهات وآباء تحت تأثير صدمة نفسية كبيرة لعدم قيامهم بمراسم الدفن وتوديع ذويهم آخر وداع، فلولا إيمانهم الكبير بالله وتحليهم بالصبر لازدادت حالتهم سوءا وتعقيدا. وما زالت العائلات تطالب وبكل إلحاح لإخراج جثث أولادهم وآبائهم ولو حتى عظاما وهم الآن يعانون الأمرين فحتى تجمعهم أمام مختلف الوزارات والهياكل المعنية لم تجد نفعا ولا جهة أخذت الموضوع بأهمية بل يقع طردهم أو يقولون لهم “اذهبوا لمن اغرق المركب فهو من الواجب عليه أن يخرجه ونحن الدولة لا نستطيع القيام بأي شيء”. ولا يخفى أن عديد الجهات مازالت تحاول استغلال هذه الفرصة لترويج عديد الأخبار صحيحة كانت أم خاطئة وتقوم بتحريضي والعائلات للاتصال بأقاربهم المقيمين بأوروبا وأمريكا للتشهير بهذه القضية والنيل من سمعة البلاد وتقديم شكاوي إلى منظمات عالمية وطلب المساعدة المالية لإخراج الضحايا، ولكن رغم كل التهميش الذي تعرضنا إليه وعدم إعطاء هذه الأزمة العناية اللازمة من طرف الجهات المعنية فإننا لم ننسق وراء المحرضين وتصرفنا بطريقة حضارية وما زلنا كذلك لالتزامنا بالروح الوطنية، هذه الكارثة جعلتنا ونعاني من جوع وتشرد وديون متخلدة بذمتي لا اعرف كيف أسددها بعد أن خسرت كل ما املك وبقيت بدون مورد رزق وغلق كل الأبواب من كل الإدارات التونسية لأنني تكلمت على حقننا في الحياة. هذا وتجدر الإشارة إلي أن الجهات الإدارية المعنية ونخص بالذكر منها ديوان البحرية التجارية والمواني أعطتنا الموافقة المبدئية للقيام بهذه العملية بعد اخذ الاحتياطيات اللازمة فيما يخص الملاحة البحرية وسلامة المتدخلين في العملية المذكورة                                          وقد قام بعض أهالي البر والإحسان بالتبرع لنا في يوم واحد بمبلغ فاق 14 ألف دينار ولكن أصحاب السوء قاموا ببلبلة فأرغمونا على إرجاع النقود ورغم تقديمي لمطالب لا تحصل على رخصة فلم أجد أي آذان صاغية وكان الرد بان القانون في تونس لا يسمح بمدي بأي ترخيص مما جعلني اطرح العديد من التساؤلات.                                                                          ملاحظة : كل التفاصيل الواردة أعلاه جاءت على لسان السيد هشام الوسلاتي صاحب مركب “الوسلاتية”، نشرناه كما وردت إلينا ونشير إلى أننا على استعداد لنشر أي وجهة نظر أخرى متى وردت علينا. المصدر:الوطن لسان حال الاتحاد الديمقراطي الوحدوي العدد 35 الصادر في 16-5-2008
 


الكتابات النّافعة (1 / 2)

 

 
نقل وتلخيص عبدالحميد العدّاسي   عاش خمسا وأربعين سنة قمريّة فقط، ولكنّه مع ذلك ملأ الدنيا علما والمكتباتِ مؤلّفاتٍ عظيمةٍ نافعةٍ وقلوبَ النّاسِ المؤمنين حبّا له وتبجيلا، رحمه الله وبارك في صدقاته الجارية التي لا تحصى. يسّر الله لي قراءة بعض مؤلّفاته وأنا اليوم أنقل عنه – إشاعة للخير والفائدة – ملخّصا لكتيّب بعنوان “المقاصد” للإمام أبي زكريّا يحيى بن شرف النووي الدمشقي المتوفّى سنة 676 هـ.   يقول في بيان عقائد الإسلام وأصول الأحكام: أوّل واجب على المكلّف معرفة الله تعالى: وهي بأن تؤمن بأنّ اللهَ موجودٌ ليس بمعدوم، قديمٌ ليس بحادث، باقٍ لا يطرأ عليه العدم، مخالفٌ للحوادث لا شيء يماثله، قائمٌ بنفسه لا يحتاج إلى مَحلٍّ (أي ذات يقوم بها) ولا مُخصِّص (أي مُوجد)، واحد لا مشارك له في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله. له القدرة فهو القادر، والإرادةُ فهو المُريدُ، والعِلمُ فهو العالِمُ، والحياةُ فهو الحيُّ، والسمعُ فهو السميعُ، والبصرُ فهو البصيرُ، والكلامُ فهو المتكلِّمُ. أرسل الرّسل وتولاّهم بعِصمته، فهم معصومون من الصغائر والكبائر قبل النبوّة وبعدها، وهم أفضل خلق الله على الإطلاق. وأعلى الكلِّ مَن ختم الله به النبوّة ونسخ بشرعه الشرائعَ نبيُّنا محمّد صلّى الله عليه وسلّم. وأصحابه خير القرون، وأفضلهم أبو بكر ثمّ عمرُ ثمّ عثمانُ ثمّ عليٌّ رضوان الله تعالى عليهم أجمعين.   ونؤمن بجميع ما أُخبِرْنَا به على لسان نبيّنا صلّى الله عليه وسلّم، كالملائكة، والكتب السماويّة، والسّؤال (سؤال الملكين في القبر)، والبعث، والحشر، وهول الموقف، وأخذ الصحف، والوزن، والميزان، والصّراط، والشفاعة، والجنّة، والنّار. وكلّ ما عُلم من الدّين بالضّرورة، فالإيمان به واجب والجاحد له كافر.   وأركان الإسلام خمسة أشياء: الشهادتان ولا صحّة له بدونهما، والصلاة، والزّكاة ، والحجّ وصوم رمضان. وأمّا شروط الإسلام: فهي البلوغ والعقل وبلوغ الدعوة والاختيار والإتيان بالشهادتين مع ترتيبهما وموالاتهما ولفظ “أشهد” فيهما ومعرفة المعنى المراد منهما. وأمّا حقيقة الإيمان: فهي التصديق بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، وبالقضاء خيره وشرّه.   ثمّ يقول رحمه الله: وأمور الدّين ثلاثة: أتّباع الأوامر، واجتناب المناهِي، والتسليم للقضاء والقدر. وأحكام الشرع خمسة: واجب (يُثاب على فعله ويُعاقب على تركه)، ومندوب (يُثاب على فعله ولا يُعاقَب على تركه)، وحرام (يُثاب على تركه ويُعاقبُ على فعله)، ومكروه (يُثابُ على تركِه ولا يُعاقَبُ على فعله)، ومباح (لا يُثابُ على فِعلهِ ولا يُعاقَبُ على تركِه).   واعلم أنّ الفرضَ والواجبَ والمُتَحتّمَ واللاّزِمَ عند الشيخ بمعنى واحد، وينقسم إلى فرض عين: وهو اللاّزم على كلّ مكلَّفٍ بعينه كالصّلاة والزّكاة، وفرض كفاية: وهو الذي إذا قام به البعضُ سقطَ عن الباقي كردّ السلام وصلاة الجنازة وحفظ القرآن على ظهر قلب والأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر بشرطه (أي: أن يأمن مِن أن يؤدّيَ نهيُه عن المنكر إلى الوقوع في منكر أكبر منه). واعلم أنّ السنّةَ والمندوبَ والمستحبَّ والفضيلةَ والمرغَّبَ فيه بمعنى واحد كذلك عند الشيخ رحمه الله، وهي عبارة عن أقواله صلّى الله عليه وسلّم، وأفعاله – إلاّ ما خُصَّ بهِ –، وما أقرَّ عليه، ورضِيَ بهِ، وما همّ به ولم يفعله كصوم يوم تاسوعاء (التاسع من محرّم).   يقول الشيخ رحمه الله: وأصول الدّين أربعة: الكتاب، والسنّة، والإجماع، والقياس. وما خالفها فهو بدعةٌ ومرتكبُه مبتدِعٌ يتعيّن اجتنابه وزجره (قلت: ويكثر هذا الصنف عندنا في تونس ضمن دائرة التنويريين المتمرّدين على القديم وعلى الظلاميين)…. يتبع بإذن الله …                 


إعلامنا الوطني … إلى أين؟

 

 
سليم الزاواوي مرة أخرى تثار قضية الإعلام الوطني في سياق البحث الجماعي المتجدد عن سبل الارتقاء بإعلامنا و تطوير ادائه و مضامنه. والأطراف جميعها سلطة و إعلاميين و جمهور المتقبلين على اتفاق شبه تام حول سلبية ما يقدم من مواد إعلامية رغم التحسن الملحوظ و النسبي الواقع هنا و هناك. كما ان الاتفاق حاصلا بشكل متقارب في مستوى تحسس الأسباب الذاتية و العوامل الموضوعية التي تحد من ديناميكية التطور الذاتي للمنظومة الإعلامية و شروط انطلاقها الحر والمسؤول في خضم واسع و مضطرب من الفضاء الاتصالي و التواصلي المعولم. لم يعد من المفيد تحميل هذا الطرف أو ذاك مسؤولية الأوضاع الغير مرضية التي استقر عليها اعلامنا الوطني، فالجميع يطالب بالتطوير، و الجميع يتنصل من التبعات و النتائج. و مع ذلك، ثمة سياسة عامة تضبط حركة الاعلام و توجهاته الكبرى، و هي هنا في موضع المسائلة حتما. و ثمة فاعلون في الحقل الإعلامي يجسدون هذه السياسة و يطبقون ذهذ التوجهات، و هؤلاء هم في موقع التقييم و المراقبة أيضا. أما بخصوص السياسة العامة المتوخاة في بلادنا، فإن تعاملها مع قطاع الاعلام يحتاج إلى جرعة من الاصلاحات باتجاه تطوير القوانين المنظمة للحقل الاعلامي من خلال التخلص من الطابع الزجري الكامن في روح مجلة الصحافة و الظاهر من بعض بنودها على سبيل المثال، أو من خلال اتخاذ اجراءات تحريرية ملموسة في القطاع الاعلامي المرئي و المسموع عبر توسيع نطاق الحرية و الاختلاف في التعبير و مزيد اثراء الساحة الإعلامية بمنابر إضافية متعددة و مبادرات متنوعة تكون قادرة على الاستجابة لكل الأذواق و الانتظارات. أما من جهة الفاعلين الإعلاميين في القطاعين الخاص و العمومي فلم يعد لهؤلاء من مبرر للتقاعس عن النهوض برسالتهم الإعلامية على النحو المطلوب و طبقا لمقاييس الجودة العالمية، فالسقف المتاح من الحريات على نسبيته لا يفسر ما يعم إليه البعض من القائمين على الشأن الاعلامي الرسمي في الاذاعة و التلفزة و حتى الصحف المقروءة من حجب للمعلومات و من استبعاد و تهميش لعديد القضايا الشاغلة للرأي العام. المشكلة مع هؤلاء، أنهم يتوهمون، ما يقدمونه من إعلام خشبي، أنهم يترجمون ولاءهم للسلطة في حين لو عملوا على الاستجابة لأذواق و ميولات القاعدة الواسعة من المجتمع لكانوا أكثر وفاء لتوجيهات السلطة و تعلليمات الرئيس التي أكدت في أكثر من مناسبة على ضورة اضطلاع الإعلام بدوره المحوري في تجاوز مخلفات و ترسبات الحقبة الأحادية و ترسيخ قيم الحرية و التعددية و الحوار الديمقراطي. في الحقيقة إن وضعية الاعلام الوطني، رغم سلبياته البادية للعيان، لا يحجب عنا إمكانية التطلع بقدر من التفاؤل لمستقبل إعلامي أفضل و أكثر حيوية و قدرة على النهوض بدوره التنويري و وظيفته الرقابية كسلطة معنوية مستقلة و نافذة. و هذا التفاؤل لا يصدر عن فراغ بقدر ما يرتكز على مؤشرات فاقعة بالوسع تظهيرها باختزال شديد في النقاط المضغوطة التالية: ـ إن مهمة تطوير المشهد الاعلامي اليوم تأتي متساوقة و منسجمة مع ارادة سياسية عليا ما انفكت تعبر عن نفسها بوضوح من خلال الخطب و التوجيهات الداعمة لخط التحرر من ثقل الموروث الاعلامي الدعائي و الأحادي. و لعل ما تلقته صحف المعارضة من دعم مادي و معنوي لا يمكن إلا أن يصب في مجرى المساعي المكرسة للتوجه التعددي في الساحة الاعلامية خاصة و الحياة السياسية على وجه العموم ـ إن الانفتاح المحسوب الذي شهدته تلفزتنا الوطنية، بالإضافة إلى بعض القنوات الخاصة مثل حنبعل، سواء باستضافة وجوه من المعارضة أو محاولة التطرق بقدر من الجرأة لمواضيع اجتماعية و رياضية. إن هذا الانفتاح على محدوديته يؤشر على تراجع حقيقي و ملموس لقولى الانغلاق و الشد إلى الوراء. هذه القوى الارتجاعية محكوم عليها حتما بالانحسار أو التكيف القسري مع الاكراهات المفروضة من الفضاء الشبكي و الاتصالي المعولم، أما إذا أرادت معاكسة التاريخ و مناقضة منطق العصر فليس لها من مكان سوى قصر الجم أو متحف باردو. ـ إن بوادر الحراك الاعلامي الذي نشطته صحف المعارضة، تضاف إليه عودة الروح للنضال النقابي في أوساط الاعلاميين. كل ذلك يشير بوضوح إلى تغير في الأحوال و تطور في الأوضاع يبشران معا بتقدم حثيث نحو حالة من الانتقال النوعي في المناخ العام للمشهد الإعلامي، فإرادة التطوير التي باتت تسكن نفوس القاعدة العريضة من إعلاميين لم يعد من الملاءم الاستمرار في تجاهلها أو وضع العراقيل الظاهرة و المقنعة امام تحققها الأمثل في حقل الممارسة الإعلامي المستقلة والحرة و المسؤو


هل تصمد الأسرة التونسية أمام رياح العولمة؟

 
شادية السلطاني احتفلت بلادنا هذا الخميس 15 ماي 2008 باليوم العالمي للأسرة وفقا لقرار اتخذته الجمعية العامة للأمم المتحدة منذ سنة 1993 والقاضي بتخصيص مختلف دول العالم هذا اليوم من كل عام للاحتفال بالأسرة لما تمثله هذه الأخيرة من بالغ الأهمية في نحت الملامح الأساسية لأجيال بكاملها باعتبارها الحاضن الوجداني الذي تتشكل على أساسه شخصية الفرد، غير أن التحدي الذي يواجهه هذا الكيان المجتمعي المصغر في الفترة الراهنة هو استعادة مكانته و الحاجة إليه بعد تخلي الدولة عن دورها الاجتماعي والاقتصادي تجاه الأسرة من جهة، و من جهة ثانية تجنب الذوبان في جليد العولمة المفروضة من الغرب الذي لا يشكل مفهومه للأسرة نفسه في البلدان العربية والإسلامية المراهنة على ضرورة الحفاظ على الروابط والانتماءات الأسرية لما تنهض به من دور في خلق مجتمع متوازن فضلا عن كونها ركيزة من ركائز الهوية والخصوصية التي من المفترض أن يعمل الجميع على التشبث بها. على هذا الأساس سنحاول من خلال هذا المقال أن نرصد التحولات البنوية والوظيفية التي عرفتها الأسرة التونسية، ثم سنستجلي العوائق الذاتية والموضوعية لنماء الأسرة و تكيفها مع صعوبات المرحلة. شهدت العقود الأخيرة تحولات هامة على مستوى التركيبة البنيوية للأسرة التونسية، فإن بينت الاستشارة الشبابية الثالثة التي قام بها المرصد الوطني للشباب أن 98.7 بالمائة من الشباب التونسي يعتبرون العناية بالوالدين عند الكبرهي من مشمولات الأبناء إلا أن نتائج المسح العنقودي الأخير للأسرة التونسية الذي قام به ديوان الأسرة و العمران البشري كشف عن تراجع واضح وجلي للأسرة الممتدة في المقابل تزايد نسبة الأسر النووية أوالنواتية التي تربطها ببعضها قرابة مباشرة وهو ما يعني تلاشي القرابات المتنوعة داخل تركيبة الأسرة، باستثناء بعض العائلات بالأرياف أو بمناطق من الجنوب التونسي التي مازالت محافظة على مثل هذا التقليد، بحيث تتكون أسرها في المجمل مما يفوق 5 أفراد هذا بقطع النظرعن العامل الديمغرافي، و يفسر المختصون التحول الحاصل في بنية الأسرة التونسية بعوامل عديدة أهمها المعطيات أو المستجدات الاقتصادية حيث لم يعد الفرد بحكم الظروف السكنية و المادية قادرا على العيش ضمن أسرة ممتدة، مما ينمي فيه النزعة نحو الاستقلالية و الفردانية التي حلت محل التعاون و التآزر، و هو ما يتوضح من خلال ازدياد نسبة الأسر التونسية المتكونة من القرينين فقط من 5.8 % إلى 7.6 بالمائة خلال عقد واحد، كذلك تزايد نسبة الأسر ذات الفرد الواحد من 2.9 % إلى 3.9 بالمائة. في الحقيقة هذا التحول البنيوي للأسرة التونسية رافقه تحول آخر وظيفي ارتبط أساسا بضعف وظيفة الأسرة و مسؤوليتها خاصة في التربية والتنشئة حيث شهدت مختلف المنظومات العلائقية من أبوة و أمومة و بنوة و أخوة داخل العائلة تغيرات تكاد تكون جذرية، فقد تراجع نمط العائلة الأبوية أو السلطة العائلية بحكم عديد الضغوطات منها النفسية والاقتصادية حيث مثل سعي رب الأسرة الحثيث لتوفير لقمة العيش و من ثم تضاعف دورالمرأة داخل البيت و خارجه بخروجها للعمل لتحسين الظروف المعيشية، عاملا أساسيا في ضعف و فتور العلاقات الحميمية بين الزوجين من جهة و بينهما و بين الأبناء من جهة أخرى و حتى بين الأبناء أنفسهم، وبالتالي أصبحت الرابطة الزوجية تحكمها المادة بالأساس بدل مشاعر الحب والانسجام العاطفي، وهو ما آل بعديد الأسر إلى التفكك نتيجة الطلاق الذي يسجل في مجتمعنا التونسي معدلات مرتفعة من سنة لأخرى، كما تراجعت سيطرة الأسرة على أبناءها بظهور أطراف منافسة لها كالشارع والفضائيات وغيرها من المؤسسات، و هذا ما أفرز اختلالا واضحا في منظومة القيم التي ميزت المجتمعات العربية والإسلامية عن غيرها من المجتمعات، فضلا عن أن العلاقات بين الأبناء في مجملها عمودية حيث أضحى الصديق أقرب من الأخ، كما ظهر ما يسمى “بالمنزل الفندق” إذ الانتماء للأسرة و التشبث بها لا يتجاوز الاطار النفعي المباشر و الضيق باعتبارها مصدر الحماية والطعام والمأوى… ما طرأ على الأسرة التونسية خاصة و ربما العربية عامة من تحولات على مستوى البنية والوظيفة في السنوات الأخيرة، و بالتالي ما عرفته من اهتزازات واختلالات بانخراطها الواعي أو اللاواعي والغير مدروس في تيار العولمة يعود إلى ضعف نماءها و تكيفها مع تطورات العصر، حيث ثبت عدم قدرة الأسرة التونسية عموما على التكيف مع كل المراحل بصعوباتها، فأصبح التنصل من المسؤولية والخلاص الفردي أو الجماعي الضيق غاية كل رب أسرة، كما لم تستوعب العائلة بعد ضرورة أن تكون ديمقراطية في سلوكها و العلاقات المنتظمة بين أفرادها، تحسن التعامل مع محيطها وتربي أفرادها على الحوار العقلاني البناء و تشركهم في اتخاذ القرارات و صناعة المصير، دون اللجوء إلى الطرق البدائية من عنف و غيره، ففي هذا السياق كشفت نتائج المسح العنقودي للأسرة التونسية السالف الذكر أن 73% من الأطفال في تونس يتعرضون إلى العقاب البدني داخل أسرهم و تتراوح أعمارهم بين 2 و 14 سنة كما يتعرض 26 بالمائة للشتم، و هو ما يتناقض مع الشعارات والتشريعات التي أقرتها بلادنا أو التي صادقت عليها والمنادية باضطلاع الأسرة بدورها في تربية الفرد على احترام حقوق الإنسان و انتهاج الحوار و تنمية روح المبادرة و المشاركة. إجمالا يمكن القول أن الأسرة التونسية برغم ما عرفته من تطورات في ظل العولمة، فإنها بقيت إلى حد لا بأس به متشبثة ومؤمنة بضرورة تماسكها الذي يعتبر رافدا من روافد الهوية التونسية، بحيث تمثل التحديات المطروحة على الأسرة اليوم، في ضرورة تنشئة طفلها على التوازن و الاعتدال دون فصله عن مستجدات العصر و ما يستوجبه ذلك من ايجاد معادلة بين التقليد والحداثة دون الذوبان في الآخر، رهانا تسعى لكسبه ليس بمفردها وإنما بمعاضدة مختلف مكونات المجتمع المدني.


 
 

  النكوص إلى عقلية الفرق الكلامية

 

 
  أبو يعرب المرزوقي  تمهيد: كنت منذ أمد بعيد مقتنعا بما انتهى إليه الغزالي ومن بعده ابن تيمية وابن خلدون من أن علم الكلام لا طائل من ورائه علميا وبأن ضرره على العقيدة أولا وعلى وحدة الأمة ثانيا ضرر لا يقدر. ولعل مجرد جولة واحدة في موقع الرازي[1] والمواقع المجانسة له أو المضادة من كل المذاهب يكفي دليلا على أن كل الحزازات الماضية قد أعيدت من جديد مع ما يصحب ذلك من معارك ديكة مضحكة ومبكية في آن. وحتى يتضح للقارئ بعد هذا المعارك عن الجدل العلمي المفيد فليتصور ما هو أسوأ من معارك قوم يتكلمون على فلك بطليموس اليوم ويتصورون أنفسهم علماء فلك في حين أنهم يمضغون معارف ماتت منذ خمسائة سنة. لا أريد أن أدخل في جدل كلامي مع الساعين إلى إحياء حزازات الماضي والعودة إلى صراعات الفرق والمذاهب. لذلك فلن أتلكم في ما يزعمونه ردودا عقدية على مواقف ابن تيمية العقدية وعلى مواقف من يسمونهم بالمجسمة إلا كلاما سريعا لتحرير موطن الخلاف لا غير. وكان يمكن أن أواصل العزوف عن الكلام مع المتكلمين حتى في غير كلامهم في علم الكلام. لولا أن بعضهم صار يزعم الكلام في المنطق والفلسفة بما يدل دلالة قاطعة على عدم إدراك طبيعة ما يجري في المجال وخاصة طبيعة ما حققه ابن تيمية من تجاوز لأسس المنطق القديم الميتافيزيقية المنطق الذي يزعمونه كافيا وزيادة في المعرفة بمناهج المعرفة. وما دعاني إلى ذلك هو اطلاعي بمجرد الصدفة[2] على كتاب الاستاذ فودة بعنوان تدعيم المنطق وما جاء فيه من نقد لما يزعمه أخطاء منطقية وقع فيها ابن تيمية. وما سأحاول مناقشته بهدوء تام هو ما جاء في هذا الكتاب من مزاعم حول أخطاء منطقية وجدها في رسالته “”تفصيل الإجمال فيما يجب من صفات الكمال، والفصل فيما اتفق عليه وما اختلف فيه أهل الملل والنحل والمذاهب منها باختلاف الدلائل العقلية والنقلية فيها”[3]. وقبل الشروع في فحصٍ دقيق رغم اعتماده على السبر السريع لهذه الدعوى أريد أن أنبه إلى أمرين لا يهملهما إلا من كان غير منصف في المناظرة حول فكر ابن تيمية المنطقي: فأولا لا أحد يزعم أن ابن تيمية معصوم ناهيك عنه هو. فليس مثله في التواضع العلمي والأمانة في عرض آراء خصومه معتبرا نفسه دائما مجرد مجتهد يصيب ويخطئ ومن ثم فليس من شك في وجود أخطاء في أعمال ابن تيمية. لذلك فلست أكتب لأدافع عن رأي معين من العقائد التي تنسب إلى ابن تيمية مباشرة أو بتوسط الوهابية التي أقل قراءات فكره فهما ومطابقة لمقاصده. وثانيا لم ينف ابن تيمية صحة الصورة المنطقية بصورة مرسلة بل هو يؤكد أن المنطق القديم لا غبار عليه من حيث الصورة بشرط القبول بأسسه الميتافيزيقية. وهو أمر يبدو لي أنه لم يدر بخلد الأستاذ فودة ولا خاصة كل المتعالمين الذي يتبادلون التكفير والتسخيف على أسس واهية من هذا النوع من الكلام. وهذا الشرط الذي يغفل عنه الكثير هو بيت القصيد. وهو شرط لم يفهمه جل المعلقين على فكره المنطقي وعلى رده الكلام والفلسفة والتصوف التي تنبني جميعها على هذا الشرط: فهو لا يرد على المنطق من حيث هو مجرد آلة بل هو يبحث في أسانيدة الميتافيزيقية وثمراته العقدية. وأقول رد الكلام والفلسفة والتصوف لا الرد عليها لأنه لو فعل لكان ذلك يعني أنه يتلكم ويتفلسف ويتصوف مثل المردود عليهم بنفس القواعد الشارطة لما بنوا عليه أعمالهم ظنا أن المنطق مجرد آلة تعصم الذهن من الخطأ. فابن تيمية كما يعلم ذلك أي مطلع على أعماله ولو سطحيا يقبل بالخوارزمية الصورية البسيطة للمنطق الأرسطي (وهي الآن جزء ضئيل من علم المنطق خاصة وعلم أنساق بناء النماذج الرمزية عامة) لكنه ينفي أن تكون قابلة للتطبيق المبدع في العلم إذا كان علما بحق يدرس الموجود الفعلي في الأعيان رغم كونها قابلة للتطبيق في جدل المناظرات الفاحص لنوع محدود من الفرضيات الذهنية إذا اقتصر الكلام على الصورة دون المطابقة مع المادة لأن المطابقة مسألة أخرى تقتضي منطقا من جنس مختلف أشار إلى ضرورة إيجاده حتى وإن لم يتمكن من الشروع فيه[4]. وسأكتفي بفحص مناقشة الأستاذ سعيد لأول النصين اللذين اختارهما للتدليل على دعواه دون أن أعرج على ما قاله في تاريخ المواقف من المنطق وفي محاولته دحض الكوجيتو بالمنطق الأرسطي[5] والدليل الوجودي وإشارته إلى رأيي في الدليل الوجودي الديكارتي. وإليك كيف يحتج على ابن تيمية من منطلق المثال الأول: “قال (شيخ الإسلام) في هذه الرسالة: “فيقول لهم أهل الإثبات: هذا باطل من وجوه أحدها: أن يقال: الموجودات نوعان، نوع يقبل الاتصاف بالكمال كالحي ونوع لا يقبله كالجماد، ومعلوم أن القابل للاتصاف بصفات الكمال أكمل مما لا يقبل ذلك، وحينئذ فالرب إن لم يقبل الاتصاف بصفات الكمال لزم انتفاء اتصافه بها.”اهـ أقول: هذا الكلام إلى هذا الحد، يمكن أن يقبل، لأنه يتكلم عن مطلق الموجود، ومعلوم بالبداهة أن الموصوف بالكمال أكمل من غير الموصوف بذلك. هذا الكلام لا يمكن أن يخالفه أحد. فحاصل القضية أن تقول: الاتصاف بالكمال المحض[6]، أكمل من عدم ذلك. يعني: “أن كل كمال محض فالموصوف به أكمل من غيره”. هذا هو حاصل القضية التي لا نخالف ابنَ تيمية فيها. ولكن ينبغي أن ندقق بشكل أكبر في مفهوم الكمال المحض الذي ذكرناه، فمقصودنا بالكمال المحض أي الذي يعتبر كمالا بالنظر لأصل الوجود، لا بالنظر لأصل الموجود”. عملت بنصيحة الأستاذ سعيد ف”تأملت” النص الذي أتى به شاهدا من عمل ابن تيمية فأفزعني ما وجدت. فهو يزعم بهذا النص التثميل لخطأ ابن تيمية المنطقي ويستعمل التهويل الاصطلاحي الذي يمكن أن يكون له تأثير على من يتصور هذه المعاني دالة على عمق التحليل رغم أنها لا علاقة لها بالمنطق من حيث معايير الصحة الاستدلالية بل هي من الميتافيزيقا الأرسطية صيغت بعبارة سينوية نتركها لعدم صلتها بالموضوع لنورد مباشرة المثال الذي بناه عليها: ” ولكن هذا لا يلزم إذا حكم العقل أن الأمر المعين إنما هو كمال لموجود بعينه أو لجنس أو نوع من الموجودات. الزواج لجنس الإنسان أكمل من عدم الزواج[7]. فالزواج هو كمال لا لأصل الوجود، بل هو كمال لوجود الإنسان. وحينذاك لا يجوز أن يقال، إذا كان الزواج كمالا، فكل ما ليس بمتزوج أنقص من المتزوج!”. وسأبدا بالإشارة إلى أخطاء حاشا أن اعتبرها دالة على سوء النية ولا على الجهل لأن الأستاذ سعيد من شيوخ شباب الفكر الديني المتمرسين بل هي عندي من السهو الذي لا يستثنى منه إلا الله. ومع ذلك فإني أعجب ممن يريد أن يناقش ابن تيمية بحسن نية وممن تنسب إليه دراية بالمنطق حتى لو اقتصرنا على المنطق القديم فضلا عن معاندة ابن تيمية في ما سعى إليه من تطويره أن يقول أقوالا من جنس ما ورد في مناقشة هذا النص. وإليك هذه الأخطاء التي هي متقدمة حتى على العلاج المنطقي المتعلق بمستوى قواعد التأليف Syntax لكونها تقتصر على مستوى ترجمة معاني القول الطبيعي إلى الرموز المنطقية الصناعية التي تمكن من علاجها المنطقي والتي هي معين كل الأغاليط السوفسطائية (لسلامة الصورة فيها عادة): الخطأ الأول: فابن تيمية لم يتكلم في المثال المذكور على الكمال المحض بل على الكمال الذي يخص أحد النوعين اللذين قسم إليهما الموجودات دون تعيين للكمال هل هو محض أو غير محض. الخطأ الثاني: وابن تيمية لم يتكلم على الوجود بل على الموجودات التي قسمها قسمة مترددة بين الاثبات والنفي أعني القسمة الوحيدة المستغنية عن التعليل لبداهة أساسها أعني مبدأ التناقض: 1-ما يقبل الاتصاف بالكمال 2-ونقيضه ما لايقبل الاتصاف بالكمال. ثم عين الأمر فقابل بين الحي الذي اعتبره قابلا والجماد (=اللاحي) الذي اعتبره غير قابل (والقصد الكمالات التي ينسبها القرآن إلى الحي والتي يدور حولها الكلام في نفي الصفات وإثباتها حتى لا ننسى عالم القول: أو السياق المقالي) . الخطأ الثالث: وتعيين القبول للكمالات في الرب يضمر عدم الوقوع في الخطأين السابقين لذلك لم ينتبه إليه المناقش: فالرب أحد عناصر مجموعة هي نوع الموجود الحي الذي يقبل الكمالات. وكل كمال نسبه الله إلى نفسه في القرآن الكريم يفترض أنه له لكونه الحي القيوم. الخطأ الرابع: وابن تيمية لا يريد أن يثبت بالعقل ما يتصف به الله فعلا فذلك مستحيل عنده وإلا لكان من القائلين بضرورة علم الكلام بل هو يريد أن يثبت إمكان ذلك عقلا ليرد على نفاة إمكانه علة لإثبات التعطيل. فلا يكون الكلام في هذه الحالة إلا كلاما سلبيا لبيان الإمكان أو عدم الامتناع لا غير. الخطأ الخامس: وأخير فابن تيمية لا يحتاج إلى إثبات الصفات فالنص كفيل بإثباتها وإنما هو يسعى إلى دحض نفيها العقلي بحجة عدم إمكانها على ما وردت عليه في النص وحاجتها إلى التأويل[8] ومن ثم الاقتصار على بيان إمكانها عقلا وهو كاف في الرد على دعاوى المعطلين. لذلك فكل التهويل التالي لا معنى له:” فمعلومٌ أن الوجود هو عبارة عن مفهوم ذهني، وهذا المفهوم لا يساوي الموجود، إلا عند من يقول بأن الوجود هو عين الموجود، وحتى هذا، فإنه لا يمنع أن يطلق الوجود على المعنى الإضافي أو الاعتباري المقول على كثيرين بالتواطؤ. وعلى ذلك فإن كل ما حكم العقل بأنه كمال لأصل الوجود، فيلزم أن كل ما اتصف به من الموجودات أكمل مما لم يتصف به. ولكن هذا لا يلزم إذا حكم العقل أن الأمر المعين إنما هو كمال لموجود بعينه أو لجنس أو نوع من الموجودات”. كلام الأستاذ سعيد هذا لا يكون ذا معنى إلا لسهو حال دونه والانتباه إلى الأخطاء الخسمة السابقة أو بصورة أدق لتقويله ابن تيمية ما لم يقله في عبارته الواضحة وضوح الشمس في القيلولة لمن يطلب الحق وقبلته وجه الله. والدليل القاطع هو المثال المضروب أدناه: “(مثال الاستاذ سعيد=) الزواج لجنس الإنسان أكمل من عدم الزواج (ما قاله ابن تيمية= الاتصاف بالصفات الكمالية لجنس الحي أكمل من عدم الاتصاف بها). فالزواج هو كمال لا لأصل الوجود، بل هو كمال لوجود الإنسان (والاتصاف بالكمال ليس لأصل الوجود بل هو للحي القيوم). وحينذاك لا يجوز أن يقال، إذا كان الزواج كمالا، فكل ما ليس بمتزوج أنقص من المتزوج! لأن هذا القول هو عبارة عن مغالطة، لأنك بهذا تكون قد استندت إلى الخاص لتحكم على العام. والمقصود بالخاص هنا ما يصدق على البعض، فما يصدق على البعض ولا يصدق على كثيرين، لا يجوز الحكم به على الكثيرين (=وذلك ما فعل ابن تيمية لو لم تقوله ما لم يقل). فتأمل (=وهذه الأخطاء الخمسة هي التي يوصل إليها التأمل)”. إن الكمالات التي يتكلم عليها إبن تيمية ليست لأصل الوجود بل للموجود الحي (مثل الزواج للإنسان) وهو لم يقل من ليس بسميع بصورة مرسلة ليس بكامل بل قال الحي الذي لا يسمع ناقص ومن ثم فهو ليس بكامل والحي القيوم يكون ناقصا لو كان أصم فلا يكون كاملا. ثم إن ابن تيمية لا يمكن أن يتكلم على الكمال لأصل الوجود بل تكلم على كمال ذات حية هي الله لأن الله ليس أصلا للوجود وإلا لكان أصل وجود ذاته فيتقدم الأصل على المأصول وصدور المأصول عن الأصل. ابن تيمية لا يقول ب”الكاوزا سوي” أو الذات التي هي المعلولة لذاتها فهل يكون الأستاذ ممن يقول بها ومن ثم بوحدة الوجود؟ إنما الله هو الحي القيوم غير المخلوق الذي خلق الموجودات المخلوقة. وحاصل القول ومجمله حتى لا نطيل الكلام في ما لا معنى له وحتى نمر بسرعة إلى المقصود من هذه المحاولة أن ما قاله ابن تيمية يقبل التلخيص في جملة واحدة: الله من حيث هو الحي القيوم له كل الكمالات التي ينسبها إلى نفسه والتي هي ذاتية للحي الخالق من حيث هو حي خالق دون أن تكون من جنس ما يتصف به الحي المخلوق علما بأن ذات الله لا تتقاسم الوجود مع ذات المخلوقات إلا بالاسم: فهو الواجد بالمعنيين أي أصل الجود والوجود المخلوق وواهبهما وهي الموجودة أي االفقيرة إليه فيهما. ذلك أن حجته الأساسية ضد نفاة الصفات التي يتصورونها تجسيما أبسط من كل بسيط يتوقعه الإنسان وهو ما أورد هذه الأدلة إلا لإفحام المتعاقلين. فهو يبين أن من ينفي ما يثبته القرآن لله من الصفات أو الافعال بدعوى أنها تؤدي إلى التشبيه يصح على ما يثبته من الصفات أوالأفعال المزعومة عقلانية أو روحية: كلا النوعين يؤدي إلى التشبيه إذا ظن من جنس ما عند الإنسان عقلا كان أو يدا أو سمعا أو بصرا أو نزولا أو صعودا أو عروجا إلخ…. فكما أن صفات الله غير المجسمة لا يليق بها اعتبارها من جنس صفات الإنسان فكذلك الشأن بالنسبة إلى الصفات التي تظن مجسمة. لذلك فهي غيرها ومن ثم فهي منزهة عن التشبيه. وكما لا تماثل بين صفاتنا العقلية وما وصف الله به نفسه مما يشترك معها في الاسم من صفات الإنسان فكذلك صفاته التي تبدو جسمانية لا تماثل صفاتنا الجسمانية إلا بالمشاركة في الاسم. فإذا نسبنا العلم والعقل والإرادة والقدرة إلى الله فنحن ننسبها إليه مع الجزم بأنها مختلفة تمام الاختلاف عن سمياتها الإنسانية لأن الله ليس كمثله شيء. ونفس الأمر يقال عن اليد والغضب والمكر إلخ .. والحركة والنقلة نزولا وصعودا إلخ… وكل الإشكال جاء من موقف الكلام المسيحي والفلسفة اليونانية اللذين كانا يحطان من شأن الجسم قبالة الروح. أما لو أخذنا الجسم من دون التحقير الذي ألصق به فإننا يمكن أن نتصور جسما لا كالاجسام الدنيوية مثل تصورنا عقلا لا كالعقول الدنيوية. فليس الجسم وحده هو المحدود العقل كذلك محدود إذا اعتبرنا التجربة الإنسانية معيار تحديدٍ لماصدق التصورات. وإذا كنا قادرين على نسبة العقل إلى الله رغم أن ما نعلمه من العقول محدود فنضمر نفي المحدودية فإننا يمكن أن ننسب إليه الجسم مع نفي المحدودية كما نفعل مع العقل. ومثلما نتصور ما يتكلم عليه القرآن في الجنة ليس له مثيل في الدنيا رغم كونه جسميا في كل عبارات القرآن الكريم فكذلك يأتي الكلام الله على الله بلغة تبدو تجسيمية دون أن تكون تشبيهية: لأننا من القرآن أيضا نعلم أن الله ليس كمثله. وبهذه المناسبة لا بد من الإشارة إلى ماجاء في كلام أحد المشرفين على ناد من نوادي هذا الموقع تعليقا على رسالتي المفتوحة إلى السيد حسن نصر الله زاعما أنه لا يثق في رأيي لأنه سمعني مشافهة أقول بالقدم النوعي للعالم. ورغم أني لا أحب الحجاج الكلامي لمشاركتي ابن تيمية في الإيمان بوهائه كما أسلفت وأني لا أذكر هذه الحادثة فإني أرى من المناسب هنا أن أبين له إن صح أن ذلك قد حدث أن أبين له ما لم يفهمه فبات لا يثق برأيي بالحجاج الكلامي الذي قد يفهمه: 1- ألست تؤمن بأن الله لا تحل فيه الحوادث؟ 2- ألست تعتبر الخالقية من صفات الأفعال؟ 3- ألا ينتج عن ذلك نفي التجدد على الخالقية لئلا تحل في الله الحوادث فيكون الله خالقا في الأزل والأبد ويكون فعل الخلق قديما؟ 4- ولما كانت أفعال الله ليست عبثا وكانت قدرته مطلقة فإنه لا يمكن أن يكون خالقا للاشيء. فيكون المخلوق قديما بالنوع لعلمنا بفناء المخلوقات بالعدد. 5- ويكون الخلق مستمرا بالنوع ضرورة والمخلوق بالنوع كذلك رغم أن المخلوق بالعدد في سيلان أبدي لا يثبت فيتجدد الخلق في كل لحظة وهو ما يثبته العلم حتى بالنسبة إلى الأنواع الدنيا فضلا عن العالم كله (=كلي ما عدا الله وليس كله لأن كله متوال في الزمن وليس فيه شيء قديم) 6- ومن ثم فالمخلوق بالعدد ليس قديما بل هو حادث دائما يتجدد خلقا بعد خلق إلى غير غاية ومن دون بداية. 7- ونفس الشيء يقال عن صفة الكلام لأن فعل الخلق الإلهي بكلمة “كن”: فإذا أثبت للخالقية من حيث هي صفة فعل القدم فينبغي أن تثبته للكلام من حيث هو صفه فعل القدم لئلا يكون القرآن الكريم مخلوقا بمعنى كونه محدثا. 8- فيكون القرآن قديما بالنوع من حيث هو فعل الكلام الإلهي 9- ويكون القرآن مخلوقا بالعين من حيث هو مفعول فعل الكلام الإلهي مثله مثل العالم من حيث هو مفعول الخلق الإلهي: ولذلك فالعالم مؤلف من كلمات الله التي لا تستوفيها بحار العالم المضاعفة لو كانت مدادا. 10- والدليل الخاتم هو أن كلام الله يكون مخلوقا بالمعنى الزماني لو كان فعل الخلق بدأ بعد أن لم يكن ويتوقف بعد أن كان: لأن الكلام فعل خالق أولا ولأن الكلام خطاب للمخلوق ثانيا. وقد أطلت بعض الشيء في هذا التعريجة التي تبدو من الكلام في حين أنها تثبت أن الكلام لا طائل من ورائه لأن ما يُنفى بحججه يمكن أثباته بها والعكس بالعكس بمجرد تغيير الفرضيات والمصادرات إذا كانت معرفة أو تغيير الأحكام المسبقة أو المعتقدات إذا لم تكن معرفةً بل عقدٌ. والهدف هو الوصول إلى النتيجة التالية: لم يرفض ابن تيمية الكلام لعجز جدالي أو لجهل بالمنطق كما يحاول الأستاذ التلميح بل والتصريح بل هو رفضه لكونه أدرك ما يستند إليه من ميتافزيقا لا يزال الأستاذ يؤمن بها إيمانا يجعله متصورا أن التنزيه عن الجسميات يمكن أن يكون مقنعا إذا لم يؤد إلى التعطيل المطلق من كل الصفات جسمانية كانت أو عقلانية وروحية لأن كل ما يقال لنفيها يقبل القول لنفي نظائرها من العقليات والروحانيات إذا قيست بالصفات الإنسانية في الحالتين. وهو يقبل الوصف بهما إثباتا مؤيدا لماجاء في القرآن بشرط: ليس كمثله شيء عقليا كان أو حسيا. ما قد يكون غاب عن بال الأستاذ فليعذرني الأستاذ إذا رأيت أن الكلام لا يمكن أن يكون ذا معنى في المسائل المنطقية كما أصبحت عليه بعد ثورة ابن تيمية الأيسية في مجالي نظرية الوجود ونظرية المعرفة (تجنبا لكلمة الوجودية التي قد يفهم منها ما صارت تعنيه في اسم أحد المذاهب الفلسفية) قبل الجواب عن بعض الأسئلة الحاسمة التي جعلت شيخ الإسلام يقف الموقف الذي يعيبه عليه الكثير ممن لم يفهم ثورته التي أنهت الميتافيزيقا القديمة ومعها المنطق المؤسس عليها ونظرية اللسان والمجاز التابعين له[9] منذ القرن الثامن وهو ما كان شرطا في تأسيس العلوم الإنسانية أعني جعل التاريخ قابلا لأن يعد علما بعد أن كان أمرا مستحيلا في الإبستمولوجيا الموروثة عن اليونان. لذلك فلا أبن خلدون أشعري ولا ابن تيمية حنبلي بل كلاهما فوق المذاهب وما بعد الفكر التقليدي سواء كان عقليا أو نقليا بالمعنى الذي كان سائدا في عصرهما: السؤال الأول: إذا كان المنطق بالمعنى الذي تفهمه ضروريا للعلم فبأي فن يمكن لك أن تؤسس المنطق ؟ أم إن المنطق مستثنى من الحاجة إلى المنطق ليكون علما علمية ما عداه من العلوم مشروطة به ؟ السؤال الثاني: إذا لم يتأسس المنطق على المصادرة على المطلوب (=المعايير التي يحتكم إليها في تحديد صحة الصورة أو القواعد التي يكثر الأستاذ من ذكرها في مناقشته لابن تيمية)[10] ألا يكون أساسه أحكاما مسبقة هي الفرضيات الميتافيزيقية التي صارت معتقدات يزعمها أصحابها أوليات عقلية ؟ أم هو مجرد قواعد عملية لفعل الفكر فيكون مواضعات معيارية وليس معرفة علمية؟ السؤال الثالث: كيف تفهم فحص الأوليات النقدي أو السؤال عن شرعية القول بها إذا تجاوزت المنزلة الفرضية للقول أو الأصول الموضوعة وضعا شرطيا كما في الرياضيات؟ هل الانتقال من المقدمات الفرضية في القول الرياضي إلى المقدمات التي تعتبر أوليات أو حقائق أولية أمر مشروع أم هو مجرد تحكم ممن يتصور تصوراته نافذة إلى حقائق الأشياء فيكون ذا قدرة تتجاوز الشهادة إلى الغيب؟ السؤال الرابع: كيف تتخلص من الدور والتسلسل أو كيف تثبت شرعية قطع التسسل من دون دور ؟ في المعتقدات الدينية لا وجود لمشكل: تؤمن أو لا تؤمن بعد أن تجتهد لتتبين الرشد من الغي بما مكنك الله منه من أدوات الفهم. والله لا يطالبك بأكثر من ذلك. لكن في العلم تزعمون أنه لا يمكن الاكتفاء بالعقد فتدعون تجاوز درجات العقد المعرفي (Epistemic vision) إلى العلم بالحقائق الموضوعية في ذاتها. فما شرعية الأصول الموضوعة التي تحرر من الدور والتسلسل في هذه الحالة؟ أليست الشرعية التي تعلل الحاجة إليها وهي دائما من خارجها فتكون شرعية عملية نفعية وليست نظرية إنها مجرد آلات وأدوات لتيسير التعامل بين الناس ومع العالم أعني أنها من جنس الموازين والمكاييل وهو ما يعرفها به إبن تيمية ؟ السؤال الأخير: كيف تتأكد من صحة المطابقة بين الصورة المنطقية الصحيحة للاستدلال والعلم الصحيح بحقيقة وجودية تعد مضمونا لتلك الصورة بداية (ما اخترته من المقدمات) وغاية (ما انتهيت إليه من نتائج) وتوسطا بين البداية والغاية (النقلة من المقدمات إلى النتيجة) في عملية التوازي بين ما يجري في القول أو في الذهن وبين ما يجري في الأمر نفسه الذي يدور عليه القول أو العلم ؟ وبصورة أدق كيف تعالج وجهي هذه المسألة أعني الأمرين اللذين عالجهما أرسطو في التحليلات الأواخر بدءا بالقياس البرهاني في المقالة الأولى (مع تسطير كلمة برهاني) وختما بالحد الوجودي في المقالة الثانية (مع تسطير كلمة وجودي) فأي معنى تعطي لزعم التطابق بين الحد والمحدود وبين القوانين المنطقية لصورة القياس والقوانين الوجودية لبنية المضمون؟ إن غياب هذه المسائل الخمس عن بالك دليل على أنك لم تتابع حركة الفكر الفلسفي عامة والفكر المنطقي الفلسفي والعلمي خاصة ومن ثم فالكلام في هذه الحالة على آراء ابن تيمية في المنطق يكون عديم المعنى. وطبعا فلن أغامر بالجواب في هذه المحاولة لعلتين: الأولى لأن المقام لا يسمح بذلك إلا إذا اضطرني تعنت بعض المعاندين الذين يريدون أن يعودوا بالأمة إلى خدع علم الكلام والصراعات المذهبية بعد أن حررتنا منها ثورتا ابن تيمية (وهي الأعمق لأنها أعلنت صراحة عن البديل من الفلسفة القديمة والوسيطة) وابن خلدون (الأفعل لأنها حققت ما وعدت به من بديل في تأسيس فلسفة علم جعلت التاريخ ينتقل من جنس الأدب إلى جنس العلم وجعلت الفلسفة تنتقل من جنس الميتافيزيقا التقليدية إلى ما سعى إليه ابن تيمية من نظرية وجود ومعرفة بديل)[11] ثورتاهما اللتان لم تنالا حظهما من التحليل والتأويل. الثانية لأني عالجت هذه المسائل في غير موضع من أعمالي وبعضها مما اطلع عليه الأستاذ سعيد قصدت كتاب شروط نهضة العرب والمسلمين مسألتيه الأوليين. كما أني عالجت أهم عناصر التجاوز التيمي الخلدوني الذي أشير إليه هنا في المحاورات الثلاث التي دارت بين ثلاثة أساتذة كرام وبيني وأصدرتها دار الفكر والفكر المعاصر في دمشق وبيروت بين 2000 و2006 آخرتها مع البوطي (حول أصول الفقه) والثانية مع حنفي (حول النظر والعمل أو بصورة أدق حولهما من منظور الفلسفة والدين) والأولى مع تيزيني (حول مستقبل الفلسفة العربية الإسلامية). وفقنا الله إلى ما فيه خير من كان أهلا للاستخلاف والله ورسوله أعلم. [1] وقد سجلت انتسابي إليه مؤخرا حتى أتمكن من متابعة بعض ما يجري فيه وغيره كثير من المواقع المتجادلة معه والرادة عليه من جدل عقيم أعتقد أن دورها جميعا في تلهية الشباب المسلم عن العلم الحقيقي في المجالات الطبيعية والإنسانية وفي تذكية جذوة الحروب الطائفية أكبر حتى من دعاية الأعداء الذين يحاربون الأمة في العلن. وقد سحبت الانتساب مباشرة بعد أن قرأت بعض كتابات الاستاذ سعيد. [2] وتتمثل الصدفة في قراءتي ما نشره أحد الطلبة رأيت فيه ميلا إلى البحث في فكر ابن تيمية فحاولت تهدئة ما يشوب فكره من عجلة وتسرع ناتجين عن حب الزعامة الفكرية. وقد نشر مؤخرا في موقع الرازي الذي يشرف على علوم الملة فيه الأستاذ سعيد فودة إعلانا يكشف عن شيء من التزييف وإدعاء لتخرج مزعوم لست أدري مم وهو لم يقدم إلا مذكرة سريعة في السنة الأولى من المجاستر نال ما نال فيها تشجيعا لا إجازة. ولما كان قد طلب إلحاق رسالته بأحد كتب شيخ يتجرأ على ابن تيمية في أمر قد يكون لي فيه ما أقوله (مع حرصي على تجنب الخوض في المباحث الكلامية لكونها عندي من أهم علامات التخلف الفكري العربي والإسلامي من بدايتها إلى غايتها) رأيت أن أقدم هذه المحاولة في شكل رسالة إلى هذا الشيخ الشاب: سعيد فودة. لن أهتم بما قاله الطالب من أنه أعد معي ومع من سماه رئيس قسم الفلسفة العربية (خطة لم أسمع بها من قبل) رسالة تخرج (مم؟) ليطلعني على فكر ابن تيمية (!) التجسيمي بمصطلح الأستاذ فودة ولكي يعلمني بأنه يوجد من يدعم المنطق التلقيدي ولا يولي أهمية لما طرأ بعد أرسطو في المجال مادحا بذلك استاذه. [3] طبعة دار الكتب العلمية عام 1403هـ -1983م،مجلد 2، ص191. [4] فقد حوم ابن تيمية حول هذا النوع الثاني من المنطق ومن شروط التأسيس العقلي لصب المادة في الصورة دون أن يحقق منه شيء يذكر . وكان قصده يضيع فلا يبقى منه إلا مجرد الوعي بالحاجة إلى أمر ما يحقق هذا الغرض لعدم كفاية المنطق القديم لولا ثلاثة أمور: أولها استثناؤه من النقد الصورة المنطقية والرياضيات وكل معرفة فرضية للموضوعات الذهنية وثانيا بعض الأمثلة التي ضربها مما كان يقصده في ردوده على المنطق (من مجالين طبيعيين ومن مجالين إنسانيين: وهي من الطب والفلك واللغة والفقه) وعلى الرازي وأخيرا ما تحقق في المحاولة الخلدونية. وهذا النوع الثاني من المنطق الذي نعنيه يمكن أن نعتبره مؤلفا من مستويين: الأول يؤسس لقابلية المضمون اللامحدد للتحديد بصورة تؤهله لأن يصبح مادة لصورة وذلك ما يمكن تسميته التأسيس العقلي لصوغ المادة صوغا عقليا (بعض منه حاوله أرسطو في التحليلات الثواني ولكن بالميتافيزيقا القديمة الني تعتبر الشروط التي تصورها حقائق أولية وليست فرضيات ذاتية حتى لو كانت كلية). ولعل أول من حقق ذلك بصورة صريحة هو كنط في ما سماه بالمنطق المتعالي. لكن حله يظل دون فكرة ابن تيمية التي تحقق وجه منها عند ابن خلدون ممارسةً أكثر من التنظير الصريح. فتأسيس شروط صب المادة في الصورة ليس هو كامنا في خصائص الموضوع الثابتة لكونها جوهرية له (الحل الأرسطي) ولا في خصائص الذات الثابتة لكونها جوهرية له (الحل الكنطي) بل هو مجرد اجتهاد ذريعي غير ثابت يتغير بتغير التطور الإنساني وهو نسبي للوظائف التي يؤديها فقد يكون إما للتعليم أو للاكتشاف أو للاستدلال أو حتى لتحقيق منظومة للعقد أو للمناظرة ومعنى ذلك أن التأسيس معلل بثمراته وليس بمطابقته لحقيقة ميتافيزيقة مطلقة سواء نسبناها إلى الموضوع (مقولات ارسطو) أو إلى الذات (مقولات كنط). والثاني يحدد المنهجية التي تحقق هذا الصب فعلا ويمكن تسميته مثل ما سمته الممارسة العلمية الحديثة بالمنهج التجريبي ببعديه الرمزي والتقني: فأما البعد الرمزي فهو الصوغ الرياضي أعني منهج إبداع النماذج النظرية التي تمكن من تصوير المادة التجريبية وأما البعد التقني فهو بعد التحقيق التجريبي أعني منهج الهندام التقني للإدراك العلمي الذي تتأسس عليه المعرفة العلمية التي لا تكتفي بقدرات الحواس الإنسانية أعني الهندام التقني من حيث كل جهاز الحضارة المادية التكنولوجي إذ إن هذا الجهاز هو نفسه مقومات الحضارة المادية وأداة الحضارة الروحية أو ما يسميه ابن خلدون بالاستحواذ على عالم الحوادث بما فيه معرفا ذلك بكونه التسخير المناظر للاستخلاف: تسخير الكون للخليفة. فيكون ابن خلدون بفهمه هذا الفهم لدور العقل النظري في صلته بالكون قد ساعد على فهم قصد ابن تيمية خاصة ونقده للمنطق من جنس نقده: كلاهما يسلم بصحة الصورة وبعدم كفايتها لتحقيق المعرفة العلمية وكلاهما ينقد الميتافيزيقا ليبين أن المعرفة العقلية لا يمكن لها أن تتجاوز التجربة الممكنة. ومفهوم التجربة الممكنة في شكل قابلية المحسوسية العاقلة هو المفهوم الأساسي الذي بنى عليه ابن تيمية نقده لأساس التقديس للرازي. [5] وإنه لمن العجائب أن يكتب أحد كتبا في المنطق ويقدم الكوجيتو بصورة منطقية أولا ثم بصورة الشكل الأول من القياس الأرسطي. فأولا ديكارت لا يقبل بانتقال الحقيقة Uebertragung der Wahrheit من المقدمات إلى النتائج بالصورة المنطقية عامة أيا كان المنطق بل هو يعتبر الناقل للحقيقة منها إليها هو الحدس المباشر للحقائق وليس المنطق عنده إلا “هنداما”رمزيا لمساعدة الذاكرة والخيال لا غير. وثانيا كيف يمكن أن تكون الصورة من الشكل الأول هكذا: كل من يفكر موجود (مقدمة كبرى) أنا أفكر (مقدمة صغرى) إذن أنا موجود (نتيجة). ف”أنا أفكر” ليست كلية بل هي دون حتى التسوير الجزئي وتسويرها مستحيل لأنها تتعلق بالعين وليس بالبعض ولا بالكل. وأعلم أن البعض مال إلى أخذها مأخذ الكلية لكأن “أنا كلي” تعني “كل أنا” لكنها ليست كلية ولا جزئية ومن ثم فهي لا تقبل الصوغ القياسي بالمنطق الأرسطي إلا تساهلا. وأخيرا فإن ديكارت قد ناقش ذلك في الردود وبين أن الكوجيتو ليس قياسا. لذلك فقد عجبت لظن الاستاذ سعيد أني لجأت لعلاج آخر غير المنطق القديم في مسألة الدليل الوجودي هروبا من الوضوح والبساطة إلى التعقيد الذي يغني عنه المنطق القديم حسب رأيه. [6] هذا هو المدفع الأساسي الذي يستعمله الأستاذ سعيد موهما الناس -أو متوهما ليست أدري-أنه يتكلم على تصور متواطئ ولعله يظن الوجود كذلك مفهوما متواطئا. فأي معنى يعطيه إياه؟ أليس الكمال المحض هو عين الوجود المحض فيكون عين وجود الشيء من حيث تمامه الوجودي دون إضافة أخرى ؟ وكل شيء يكون ذا وجود تام إذا تحققت طبيعته موجودة على ما تقتضيه. وبهذا المعنى فإن الكمال المحض متعاكس مع الوجود المحض ما يصح على احدهما يصح على الثاني طردا وعكسا. وهكذا كان كل الفلاسفة يفهمونه. لكن جميع الفلاسفة يعتبرون الوجود المحض مفهوما غير متواطئ ومثله الكمال المحض. فيكون الكمال المحض رغم تمحضه متعدد المعاني مثله مثل الوجود المحض. لذلك كانت الكمالات أجناسا مثل الوجود رغم أنه لا أحد بحث في مقولات الكمال أو اجناسه العالية كما فعلوا مع الوجود. إلا أننا يمكن أن نقول إن أجناس الكمالات العالية هي عينها أجناس الوجود العالية إذا كان المفهومان متعاكسين فيما بينهما رغم كونهما كلاهما غير متوطئ في ذاته بل متعدد المعاني. ومثلهما باقي المتعاليات (الواحد والخير). لكن الوجود والكمال ينفصلان بسبب فعل العوارض الخارجية التي تمنع تحقق الوجود فتحدث التشوهات أو الشرور أو تحفزها فتحدث الكمالات والأخيار. وهذا المعنى العميق للتعاكس بين الوجود والكمال تصور قرآني خالص وليس هو فلسفيا فحسب لو كان الاستاذ سعيد يعلم. فهو معنى الفطرة التي يتطابق فيها تمام مكارم الأخلاق والخلقة لأن الموجودات خلقت على أحسن تقويم ومنها الإنسان الذي رد بعد ذلك أسفل سافلين حتى يتمكن بشرطي الاستثناء من الخسر من العودة المختارة للتقويم الأحسن: وتحقيق شرطي الاستثناء هو الإسلام الخاتم أي استعادة الفطرة. وعلة ضعف هذا المدفع أنه لا يمكن من أن يكون حجة باعتراض عدم التعميم نقلا للكمال من أحد الأعيان أو الانواع إلى غيرها. ذلك أن الكمال المحض يعمها جميعا: لكل منها كماله المحض الذي هو تمام حقيقته أو طبيعته من حيث هو ذاك الموجود. ولذلك فابن تيمية لا يتكلم عليه مرسلا بل عليه بعد أن يتخصص: كمال الإنسان المحض هو عين وجوده أعني العاقلية التي تكتمل بها حيوانيته. وكمالات الله التي يريد ابن تيميه أن يثبت إمكانها العقلي لاغير دفعا لنفيه من المعطلة – لأن إثبات وجودها نصي ولا يحتاج إلى دليل -هي كمالات الحي وبالتدقيق الحي القيوم. [7] وحتى هذه فهي غير صحيحة إلا بشرطين موجب وسالب. فإذا لم يكن القصد بالزواج معناه الشرعي لم يصح هذا الحكم. فالحاجة إلى لقاء الزوجين بالمعنى القرآني كمال لكل الموجودات لأنها جميعا زوجية الطبيعة ومن ثم فهي تلغي هذا الحكم. والعلم الحديث يؤيد مبدأ المزاوجة من الجماد إلى الإنسان. وإذن فينبغي نفي هذا المعنى وإثبات ذلك حتى يكون الحكم مقبولا. لكن لا بأس سنسلم بأن المناقش يقصد بالزواج النكاح الشرعي. وكيفما كان الأمر فالاستدلال كله ليس له أساس إذا انطلقنا من مدفعه الأساسي كما بينا في ما قلناه حول معنى الكمال المحض. [8] ومن هنا جاءت أسطورة قانون التأويل عند الرازي استكمالا لما اقترحه الغزالي: فكل ما خالف العقل من النقل ينبغي تأويله ليطابقه. لم يدر بخلد الرازي أن يسأل نفسه: بم تميز بين العقل والنقل ؟ أليس بالعقل ؟ ألا تكون عندئذ قد جعلت العقل قاضيا ومتقاضيا؟ ثم أي معيار للعقلي الذي يرد إليه النقلي بالتأويل؟ ولكن قبل ذلك كله: هل العقل ليس فيه خلاف بحيث يمكن أن يدعي أنه وصل إلى حقيقة واحدة لا يحتاج فيها هو بدوره إلى تحقيق الوحدة لإزالة الخلاف في العقلي نفسه ؟ ولو جربنا أن نحقق الوحدة بين كل النظريات العقلية لكي نتيقن من الوحدة وزوال الخلاف فإننا بشيء بعد شيء من الاستثناء لكل المخالفات المضمونية لن يبقى لنا إلا الشكل العقلي الخالي من كل مضمون أعني صورة العلم أي المنطق. لكن المنطق في هذه الحالية سيكون صورة بلا مضمون. والخلاف يبدأ عندما نريد أن نصوغ المضمون فيكون صوغ المضمون في العقليات مصدر كل الخلافات بين العقليات. فأيها سنرد إليه النقليات بالتأويل؟ والنقليات إذا عريناها من الصورة العقلية التي تصاغ بها بعد التسليم بمبادئها ماذا سيبقى ؟ أليس الأمر سيكون مضمونا بلا صورة ؟ فيكون المشكل عكس المشكل السابق: بعد مشكل كيف نملأ الصورة العقلية يأتي مشكل كيف نصور المضمون النقلي. وهذان هما السؤالان اللذان حاول شيخ الإسلام الجواب عنهما فتجاوز الميتافيزيقا والمنطق الأرسطيين اللذين انبنى عليهما كل كلام الرزاي بعد الخلط بين الكلام الأشعري القديم والفلسفة السينوية عند الغزالي الذي تخلى بالتدريج عن ثورته النقدية وعاد إلى علم الكلام والتصوف المتفلسفين. [9] انظر لمزيد التوضيح محاولتي حول نظريات ابن تيمية الإصلاحية الصادرة في عدة مواقع منها موقع الملتقى الفكري الدمشقي وفي مجلة المنعطف بوجدة المغرب الأقصى. [10] مثل قاعدة أن “الحملية الموجبة لا تصدق إلى إذا كان موضوعها ثابتا”. فهذه القاعدة لا تصح حتى في العلم القديم إلا بشرطين ليس من اليسيرالتسليم بهما. الشرط الأول هو أن يكون الموضوع جوهرا والمحمول أعراضا ذاتية تعرض له من حيث هو حامل لها دون أن تكون من مقوماته. ومن ثم فهي تستثني المقومات التي لا تحمل على موضوع أصلا فضلا عن كونه ليس ثابتا قبلها حتى نقول إنها لا تصخ إلا إذا كان هو ثابتا. بل هما يثبتان معا. وطبعا قد يبدو هذا الكلام متناقضا: فإذا لم تكن المقومات محمولات لموضوع فكيف نستثنيها من قاعدة تتعلق بالعلاقة بين الموضوع والمحمول. والجواب هو عين الثورة الجدلية في المنطق الفلسفي الحديث: الموضوع ليس ثابتا بل هو يسيل في محمولاته وليست محمولاته إلا عين خروج مقوماته فتكون النسبة كالتي بين المادة والطاقة كلاهما يقبل أن يتقدم وأن يتأخر المادة تصير طاقة والطاقة تصير مادة. وهذا يسمى في المنطق الجدلي بالقضية التأملة التي ليس فيها فصل بين الموضوع والمحمول. لكن هذا الكلام قد يدق فلا يكون في متناول من لا يزال يؤمن بالمنطق القديم أو من يرفض أن يحرر شباب الأمة من سرطان الحرب بين الفرق. فلنمر إلى الشرط الثاني. إنه شرط نفي الزمان والحركة على الذوات ظنا أن لها ماهيات متعالية على الزمان أو للوجود المخلوق ثوابت في ذاته غير سنن الله التي تحكمه مجاري عاداته. ولنأخذ مثالا من القرآن الكريم: فعندما يقسم القرآن الكريم بمواقع النجوم فنحن نعلم أن النجم يمكن أن يكون قد مات منذ قرون وأحيانا آلاف السنين لكن نوره لا يزال مرتحلا من موقعه إلينا. فيكون إثبات المحمول ممكن رغم أن الموضوع لم يعد موجودا. في اللحظة التي نثبت فيها المحمول للموضوع تكون القضية الحملية صحيحة رغم أن الموضوع لا وجود له. وهذا يقال على كل شيء تكون علته قد انقضت ومعلوله لم يحصل بعد فتكون علاقة العلية موجودة رغم غياب احد حديها. ويقال أيضا على المستقبل: فنحن نفترض موضوعا سيحصل ونصفه قبل حصوله من خلال محمولاته الثابتة قبل وجوده: ذلك أنه مثلما أن مفاعيل الشيء تبقى بعده فإنها يمكن أن توجد قبله وخاصة في العمران البشري إذ كم من مرض يصبح موضوعا لأعراض تقدمت في تكوينية المرض نفسه ثم ننكص من لحظة ظهوره لكي نفسر به ما كان من إرهاصاته. وحتى يحررنا ابن تيمية من هذه المفارقات الناتجة عن حركة الزمان والصيرورة في الذوات نفى أن تكون الماهيات شيئا موجودا وراء الوجودات وأن تكون التعريفات قولا في الماهيات أو حدودا بل هي رسوم اسمية تعطينا علامات التمييز بينها في تعاملنا معها ولا تمدنا بحقيقة مقوماتها. [11] ينظر لمزيد التوضيح أبو يعرب المرزوقي إصلاح العقل في الفلسفة العربية مركز دراسات الوحدة العربية الطبعة الثالثة بيروت 2004 وتجليات الفلسفة العربية دار الفكر والفكر المعاصر دمشق وبيروت 2005.

المصدر الملتقي الفكري للإبداع بتاريخ 11 ماي 2008

الاسلاميون ضد نانسي عجرم

 

 
د. عبدالوهاب الأفندي (1) تشهد الكويت الأسبوع القادم واحدة من أهم الانتخابات في تاريخها. ولأن هذه الانتخابات قد جاءت كما هو معلوم بسبب حل البرلمان رداً علي ممارسته لحقه الدستوري في مساءلة وزراء الحكومة، فإن التوقع كان أن تصبح قضية الديمقراطية وتحصين البرلمان ضد الحل التعسفي هي محور الحملات الانتخابية. ولكن بعض الظن إثم، لأن الذي حدث هو أن قضية منع الاختلاط بين الطلبة والطالبات في المدارس والجامعات أصبحت هي لب الصراع، مما قسم المعارضة وأضعف الديمقراطية. (2) الكويت كما يحدثنا ابنها البار د. عبدالله النفيسي أصبحت المرأب الخلفي للمدرعات الأمريكية وإحدي أهم القواعد العسكرية الأمريكية التي تنطلق منها القوات لغزو الجيران. وعليه كان أيضاً يتوقع، خاصة من القوي الإسلامية والوطنية، أن ترفع صوتها ضد هذا الوضع الشاذ. ولكن الإسلاميين رأوا أن إقامة الحواجز التي تفصل بين الصبيان والبنات في أماكن التعليم هو الجهاد الأولي. (3) في آخر زيارة لي للكويت قبل بضع سنوات سمعت بعض نواب البرلمان البحرينيين يفتخرون بأنهم انتفضوا لمنع المطربة اللبنانية نانسي عجرم من الغناء في البحرين، وعندما لم ينجحوا أصروا علي أن يفرضوا عليها الاحتشام وهي تغني. وقد عدوا ذلك نصراً مؤزراً وفتحاً مبيناً. نفس النواب قادوا في الشهر الماضي انتفاضة أخري لمنع فنانة لبنانية أخري هي هيفاء وهبي، من الغناء في البحرين. وقد صوت كل أعضاء البرلمان تقريباً علي قرار يطالب الحكومة بإلغاء حفل غنائي لتلك المطربة. (4) بعض من علقوا علي هذا الطلب ذكروا بأن البحرين تزخر بمنكرات أخري كثيرة سكت عنها هؤلاء المجاهدون. ويمكن أن يضيف آخرون نقطة فرعية تتعلق بكون البحرين ظلت مأوي الأسطول الخامس الأمريكي لعقود. ولكن لعل النقطة الأهم من وجهة نظر برلمانيي البحرين كانت يجب أن تكون سلطة البرلمان نفسه الذي يضطر لتوجيه عريضة للحكومة مثله في ذلك مثل أي جمعية أو نقابة. (5) هناك نقاط كثيرة يمكن أن تثار حول هذا السجال، منها علي سبيل المثال أن مجرد فكرة لبس الزي الإسلامي تفترض وجود الرجال والنساء في فضاء مشترك، وإلا لما كان هناك أي داعٍ لارتداء زي معين. ومنها أن الاختلاط قائم أصلاً في الكويت، وأحياناً كثيرة بدون الزي الإسلامي، هذا إضافة إلي ما نعرفه من رحلات الشتاء والصيف إلي أوروبا وغيرها. ولكن هذه تفاصيل، لأن المشكلة تظل هي نفسها حتي لو كانت قضايا الاختلاط تستحق كل هذا الاهتمام. (6) قرأت مرة أن رجلاً أقسم بالطلاق أن الحجاج بن يوسف لا بد أن يكون من أهل النار، ثم ندم علي ذلك فاستفتي أحد الفقهاء عن طبيعة علاقته مع زوجته بعد هذا القسم. رد الفقيه قائلاً: إذهب فلا تثريب عليك، لأنه إن لم يكن الحجاج من أهل النار فلن يضرك أن تعاشر زوجتك بالحرام. بالطبع فإن وضع القضية بهذه الطريقة خطأ من الناحية العقائدية، لأن الله سبحانه تعالي وحده هو الذي يحدد مصائر العباد. ولكن هناك نقطة مهمة تتعلق بالتراتبية بين الذنوب، لأن هناك اللمم والكبائر وأيضاً الموبقات. (7) المنطق البسيط يقول ان هناك فرقاً كبيراً بين التواصل البريء (وحتي غير البريء) بين الطلاب والطالبات في قاعات الدرس وحولها، وبين قيام أنظمة تغتصب حق الأمة وممثليها في الولاية علي الدولة والمال العام، وتستخدم سلطاتها للفساد والإفساد. ويصبح الاختلاف أكبر حين تؤجر هذه القلة المتسلطة البلاد كشقة مفروشة للغزاة الأجانب، فتصبح أنظمة القهر المحلي شريكة في قهر شعوب أخري بما تقدمه من تسهيلات لقاهريها. ويزداد المنكر فظاعة حين نجد أن هذه الأنظمة تمول احتلال أراضيها بما تقدمه من تسهيلات مالية للمحتلين. (8) بنفس منطق المفتي سالف الذكر نقول إنه مهما كانت المضار المحتملة المترتبة علي الاختلاط بين الشباب، أو غناء مطربة بحشمة أو بدونها، فإنها تتضاءل أمام المنكر الأكبر والمؤكد في اغتصاب سلطة المسلمين وأموالهم، واستخدامها في الفساد والإفساد وموالاة أعداء الأمة وتسهيل عدوانهم علي ديار الإسلام. هذا مع العلم بأن المنكرات التي يخافون من وقوعها هي فاشية علي كل حال في تلك المجتمعات أصلاً كما هو معلوم. (9) إذا كانت هناك حركات إسلامية حقيقية في البلدان المذكورة، فإن عليها أن تترك التلهي بهذه الصغائر، وأن توحد جهودها مع بقية فصائل المجتمع، بما فيها التيارات الليبرالية واليسارية لفرض سلطان الأمة وتقوية النظم البرلمانية والقدرة علي مساءلة الحكومات وتغييرها. فالخطر الأكبر علي الأمة لا يأتي من قاعات الدرس، وإنما من القصور التي تحاك فيها المؤامرات ضد الشعوب. وإنه من الضرر أن توجه البرلمانات العرائض لحكومات تمارس التغول علي صلاحيات الشعب وتخويلها اتخاذ قرارات ذات طابع ديني مما يعزز شرعيتها المشكوك فيها ويقويها علي ظلمها وعدوانها. فالحاجة هي إلي إضعاف سلطات هذه الأنظمة لا العكس. (المصدر: صحيفة “القدس العربي” (يومية – لندن) الصادرة يوم 16 ماي 2008)

 

Home – Accueil الرئيسية

Lire aussi ces articles

10 février 2003

Accueil TUNISNEWS 3ème année, N° 996 du 10.02.2003 http://site.voila.fr/archivtn https://www.tunisnews.net   Tunisie : comment s’enrichit le clan Ben Ali

En savoir plus +

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.