السبت، 12 مايو 2007

Home – Accueil الرئيسية

TUNISNEWS
8 ème année, N° 2545 du 12.05.2007
 archives : www.tunisnews.net


الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان ـ فرع  بنزرت:بـيـان الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين:بـيـان الحياة :اجتماعات تونسية – أميركية لتعزيز التعاون العسكري جريدة « الشعب »:الأجراء أوّل المتضررين من الزيادة في أسعار البنزين وقوارير الغاز موقع الحزب الديمقراطي التقدمي :احتفالا بعيد ميلاد صحيفة الموقف التي انطلقت في 12 ماي 1984 صحيفة « الخليج »:بلدان متوسطية تروج للسياحة في تونس صحيفة القبس :استخدام شبكة الانترنت لتأسيس قاعدة بيانات أمنية عربية الجزيرة.نت: جائزتان لفيلم تونسي عن الإرهاب بمهرجان أميركي الاستـاذ محمـد النـوري :بيان انتخابي تكميلي:حول الأمور المالية للهيئة وحول المحاصرة الجبائية للمحامين وحول إقرار نظام داخلي أحمد قعلول: أي مستقبل لتونس الحبيب أبو وليد المكني:حركة النهضة و آفاق المؤتمر القادم اسلام :هل تعلم ؟ … و الى أيّ مدى؟ أبو أنيس :بعد سقوط القناع عن الإستراتيجية المسمومة…ما العمل؟ عزالدين محمود: المصالحة  الى اين ؟ سيدي بو: هذه هي المصالحة الحقيقة عامر عياد: محاربة النظام السياسي لا تبرر محاربة الوطن الشاذليّ العيّادي:إلى الرجل الوحيد في الموالاة و المعارضة… محمد العروسي الهاني  ذكرى معاهدة الحماية:وذكرى تونسة الأراضي الفلاحية  سفيان الشورابي: بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة.. قراءة في التقرير السنوي لجمعية الصحافيين التونسيين:الأداء مازال دون المأمول سمير الوافي »:وزيـر الأخـلاق جريدة « الشعب »:ستار أكاديمي بصفاقس :ومن الحب ما قتل: حادثة تدافع أم اندفاعية شباب…؟ جريدة « الشعب »:«آخر فيلم»للنوري بوزيد:بهتة.. بين لحية غيفارا ولحية بن لادن جريدة « الشعب »:في الليلة الظلماء يفتقد البدر :.. ما ثمّة كان الخير ! جريدة « الشعب »:أضواء على حياة النقابي الكبير الحسين بن قدور  موقع سويس إنفو:ساركوزي في مرايا المغاربيين.. ارتياح هنا واستياء هناك أحمد موفق زيدان :رحلة في معاقل طالبان وحوارات عن إمارتهم الثانية (الحلقة 1) يو بي أي: مدافن للمسلمين تثير غضب سكان قرية ايطالية


(Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe Windows (

(To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows  (


 

الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان ــ فرع  بنزرت 75 شارع فرحات حشاد 7001 بنزرت ــ الهاتف 435.440 72 بنزرت  في9 ماي  2007 بـيـان
 
يعلم  فرع  بـنـزرت   للرابطة   التونسية للدفاع عن حقوق الانسان الرأى  العام ،  أن البوليس في مد ينة  سجنان – 70 كم شمال بنزرت – يواصل انتهاك حرمات المنازل بالمداهمات  المرعبة ، بعد محاصرة كامل الحي وإيقاف المرور من خلاله ،  ويقوم  بمسرحيات  تفتيشها رأسا على عقب  لتسفر نهاية االعملية عن احتجاز بعض االكتب الدينية والادبية ، تباع في كامل مكتبات البلاد التونسية . في هذا الجو االمرعب قام البوليس  بـ :« غاراته» المعهودة كانت حصيلتها إيقاف صنف من المواطنين في ريعان شبابهم ، معروفين بالعفة وحسن السيرة والاخلاق الحميدة الموروثة عن أمهاتهم وآبائهم بهذه المدينة المذكورة  والتي  قبل  عقدين كانت  مدينة  آمنة . نذكر بعضا منهم مما تأكد لدى فرعنا ببنزرت وسنعلم الرأى العام بالبقية بعد التقصيى والتحقيق .

1) الشاب رمزي بن صالح الحكيري ، سنه 26 ، يعمل كُـتبي وهو العائل الوحيد لعائلته بعد وفاة والده ، أوقفه البوليس في مدينة بنزرت  يوم 20 أفريل 2007 وأقتيد إلى مركز البوليس، حيث وبدون مقدمات ودون أن  يوجّه  له  أى  سؤال انهالت مجموعة من البوليس السياسي عليه ضرباً وركلاً مسترسلا  و« نُهشت» ثيابه حتى صار عاريا تماما . حتى بلغ التعذيب  إلى جهازه  التناسلي  ومؤخرته ‼‼‼………….      

                             لا يعرف رمزي كم دامت حصة التعذيب إذ من شدته فقد صوابه. وترك لوقت حتى استعاد جزءا من وعيه، وعندها شعر بشدة العطش فطلب شربة ماء لكن طلبه رفض. وفي المساء من  نفس اليوم  أطلقوا سبيله بعد أن هددوه  إن باح بما وقع عليه من تعذيب ،  ولم  يُرجعوا  له  هاتفه الجوال وبطاقة تعريفه ورخصة السياقة ووثائق سيارته،  و بعد محضر بحث  عن الدين و الصلاة والصوم  ومع من يؤدي الصلاة من أفراد عائلته ومعارفه  حتى  وصل  الامر  أن  طلبوا  منه  (التعاون) معهم  . لكن الشاب  رمزي  كان  صامتاً وصابرا  حتى  غادرهم  ظانا  أن الامر قد إنتهى  . لكن مركز بوليس مدينة سجنان دعا الشاب رمزي للعودة إلى مركز بوليس بنزرت لاسترجاع أوراقه ووثائقه، فذهب  الشاب  رمزي  لهذا  الغرض يوم 24 أفريل الماضي إلى مركز البوليس ببنزرت. ومنذ ذلك التاريخ  لم  يعد الشاب  رمزي إلى عائلته  وأصبح في عداد المفقودين  ذ لك  ان  مراكز(الامن الوطني  بسجنان  وبنزرت  تنفي  أن يكون موقوفا  لديها  ولا تعرفه‼) هذا  ما  أكده  البوليس  لوالدته  السيدة جميلة الحكيري وهي الضحية  الثانية  بعد  إيقاف   إبنها .

2)  يوم 21 أفريل 2007 عند الساعة الخامسة فجرا ، إقتحم  جمع من البوليس في مدينة سجنان،  منزل السيد : عبد الحكيم  المشرقي ، في حين كانت  أفراد العائلة نائمين ، فعاثوا  فيه فسادا  وبعثرةً  لكل أثاث الغرف و محتوياتها ، وفي النهاية  أسفرت عملية المداهمة عن إيقاف صاحب البيت المذكور وحجزوا  معهم  بعض الكتب الدينية والادبية.  والمعلوم أن بوليس الجهة، في سبتمبر 2001  قام باستنطاق السيد عبد الحكيم  في الشؤون الدينية ثم  أطلقوا سراحه بعد أن  طلبوا  منه أن ( يتعاون )  معهم ، غير أنه تمسك  بكرامته  وتجنبهم  الى أن جاء يوم  إيقافه  وقد  مر على زواجه  4  أشهر. تضررت  زوجته  الحامل من  جراء  الصدمة مما  تسبب لها  في عوارض صحية قد تهدد سلامة الجنين واستقراره في الرحم.  إن فــرع  الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان  ببنزت  : – يستنكـر هذه التصرفات غير المبررة والتي تفتقد إلى أي موجب قانوني فيما تواصل السلطة في نهجها من غير تبصر  لما قد ينتج  عنه  من  ردود  فعل خطيرة. – يطالب  السلطة  أن  تلغي  قانون  مقاومة  الارهاب ، وهو في الواقع حصان  طروادة(Cheval de Troie)  لـتصفـية الحسابات السياسية .       – يتوجه  بندائه  إلى السلطة  أن تتعامل في سياستها وفـقـا  للدستور التونسي،  وللمواثيق الدولـية –   التي  صادقت  عليها  ولم  تطبقها في الواقع  . – يواصل  المطالـبة  بسن  قانون  عـفـو  تـشـريـعي  عام وإطلاق سراح  جميع  المـوقوفـين السياسيين «المبرمجين » للمحاكمات المسرحية . عن  هيئة  الفرع الرئيس علي  بن  سـالـم  


  أطلقوا سراح الأستاذ محمد عبو أطلقوا سراح كل المساجين السياسيين الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين 33 نهج المختار عطية 1001 تونس الهاتف /الفاكس:71354984 Email: aispptunisie@yahoo.fr تونس في 12/05/2007 بــيـــــان
 
ما تزال عائلة السجينين السياسيين الشقيقين التوأمين خالد العيوني و وليد العيوني تعيش مأساة متواصلة ذلك أنه بالرغم من حالتها الصحية المتدهورة و الناتجة عن الإضراب المتواصل عن الطعام منذ 3/5/2007 فقد أبت السيدة فطيمة بوراوي والدة السجينين السياسيين المذكورين إلاّ أن تنتقل من قليبية إلى سجن المرناقية للحصول على إذن لها لزيارة ابنها وليد العيوني المقيم بمستشفى الرازي للأمراض العصبية و النفسية لكن إدارة السجن امتنعت و لم تمكنها من الرخصة المطلوبة و لم تكتف بذلك بل أمرت أعوان السجن بالاعتداء عليها فقاموا بضربها ضربا مبرحا أدّى إلى سقوطها على الأرض و عمدوا إلى تمزيق ثيابها و بعثرة الأغراض التي كانت تحملها. و في نفس الوقت وقع اقتياد ابنها الثاني خالد العيوني عنوة للمثول أمام الدائرة الجنائية بالمحكمة الابتدائية بتونس المتعهدة بالنظر في القضية المحال فيها أمامها طبقا لمقتضيات قانون الإرهاب و قد رفض المثول أمام المحكمة لكن الأعوان أجبروه على المثول أمام هيئة المحكمة التي يترأسها القاضي طارق براهم فتم إخراجه من قاعة الجلسة إثر تصريحه بكونه لا يعتبرها مؤهلة لمقاضاته لأنها في نظره غير محايدة و إثر خروجه من قاعة الجلسة وقع الاعتداء عليه بالعنف من طرف أعوان البوليس السياسي بحضور عدد من المحامين.

و الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين ترى أن مأساة عائلة السجينين السياسيين خالد و وليد العيوني قد تطورت تطورا خطيرا ينبغي وضع حد له و أن مواصلة الاعتداء على مواطنين عزّل من شأنه أن يثير نقمة عائلات المساجين التي سبق لها أن عبرت عن مساندتها لوالدة السجينين و طالبت بوضع حد لهذه الاعتداءات المتكررة.    رئيس الجمعية                                                                                الأستاذ محمد النوري


 
الحمد لله وحده    تونس في 11/05/2007

بيــــان انتخابــــي تكميلــــي

حول الأمور المالية للهيئة وحول المحاصرة الجبائية للمحامين وحول إقرار نظام داخلي

 
زميلاتي زملائي ، تبعا للبرنامج الإنتخابي الذي عرضته عليكم والذي تم توزيع نسخ منه على عدد كبير منكم ،

ـ وإيمانا مني بوجوب سلوك سياسة تقشفية بخصوص المصاريف التي تحمل على صندوق الهيئة الوطنية للمحامين ـ وضمانا لحسن التصرف في الأمـوال المستخلصـة مـن المحاميـن والمتأتيـة مـن الإِشتراكـات السنويـة ـ وحرصـا علـى عـدم إثقـال كاهـل المحاميـن بمبالـغ ماليـة قـد تكـون باهضـة بالنسبـة للبعــض ـ ونظــر للتجـاوزات التـي ترتكبهــا الإدارة الجبائيــة  تجــاه عـدد  كبيــر مــن المحاميـــن ـ وحتـى لا تكـون الجبايـة وسيلـة ضغـط يقـع تسليطهـا علـى المحاميـن أو علـى المعارضيـن منهـم  ـ وحرصـا علـى تنظيــم عمــل  الهياكــل  وتحديـد العلاقـــة  بينهــا وبيـــن المحاميـــن ـ وحرصـا علـى انضبـاط المحاميـن وتحديـد مـا لهـم مـن حقـوق ومـا عليهــم مـن واجبـــات ـ ونظرا لعدم إقرار نظام داخلي للمحامـاة من طـرف الجلسـات العامـة للمحاميـن إلـى حـد هـذا  اليـوم

فإنــي أعــد المحاميـــن ، 1/ بعـدم التسامــح أو التساهـل بخصـوص أمــوال المحاميــن وبعـدم الإسـراف فـي المصاريـــف 2/ بالحرص علىاستخلاص أموال الهيئة واستعمال الوسائل الملائمة لذلك عند الإقتضاء مع المحافظةعلى تقاليد المهنة 3/ بأن أتولى شخصيا الدفاع في القضايا الجبائية للمحامين  وتكوين لجنة استشارية لإعـداد وسائـل الدفـاع عنهـم *   *   *   *   * ـ وعلى أسـاس مشـروع النظـام الداخلـي الـذي تـم إعـداده مـن طـرف الهيئـة الحاليـة والـذي سيقع تعديـل بعـض فصولـه عنـد الإقتضـاء مـن طـرف لجنـة يقـع تكوينهـا خـلال  شهـر جويليـة المقبـل ـ وعلـى أســاس دراسـة ماليـة معمقـة يقـع القيـام  بهــا خـلال  شهــر جويليــة المقبــــل ـ وبعد التدقيق في الأموال التي تتصرف فيها الهيئة الوطنيـة للمحامين بموجب الفصل 61 من قانـون المحامـاة

  فإنــــي ألتــــــــــزم  : ـ بأن أعرض على الجلسة العامة للمحامين التي سيقع استدعاؤها للإنعقاد خـلال شهـر سبتمبـر المقبـل 2007 1/ مشروع ميزانيـة بالنسبـة للسنـة القضائيـة المقبلة مع مشروع قانون داخلـي للتصـرف في أموال الهيئـة 2/ مشروع قرار في التخفيض من معاليم الإشتراكات السنوية إلى نسبة النصف إبتداء مـن السنـة القضائية المقبلة

  كمــــا ألتــــــــــزم  : ـ بأن أعرض على نفـس الجلسة العامة مشـروع القانـون الداخلــي للمصادقـة عليــه بعـد تنقيحـــه

زميلكـــم الاستـاذ محمـد النـوري                                                                                     33 نهـج المختـار عطيـة  تونـس                                                                                               الهاتف : 71 340 860  فاكس :  71 351 831


اجتماعات تونسية – أميركية لتعزيز التعاون العسكري

تونس – رشيد خشانة     تعقد اللجنة العسكرية التونسية – الأميركية اجتماعاتها السنوية الأسبوع المقبل في تونس للبحث في تعزيز التعاون في المجالات الأمنية والعسكرية. ويرأس الوفد الأميركي نائب مساعد وزير الدفاع للشؤون الدولية فيما يُرجح أن يقود وزير الدفاع التونسي كمال مرجان وفد بلده إلى الاجتماعات التي تُعقد سنوياً في إحدى العاصمتين بالتناوب. وكان مساعد رئيس الأركان الأميركي الأدميرال إدموند جام باستيان زار تونس الأسبوع الماضي تمهيداً لاجتماعات اللجنة المشتركة وأجرى محادثات مع كبار المسؤولين التونسيين تطرقت لمجابهة الأخطار المتنامية التي تشكلها شبكة «القاعدة في بلاد المغرب»، خصوصاً في ضوء التفجيرات التي هزت الجزائر والدار البيضاء في وقت سابق من العام الجاري. وأتت زيارة جام باستيان قبل اجتماع مهم للحلف الأطلسي في بروكسيل يُرجح أنه خصص لدرس مشروع إنشاء قيادة عسكرية دائمة في أفريقيا، من ضمن مواضيع أخرى. وتسعى واشنطن إلى ضرب طوق حول التنظيمات المسلحة في القارة وبخاصة في منطقة جنوب الصحراء التي اتخذت منها الجماعات الجزائرية المسلحة مسرحاً لحركتها وجسراً لتموين عناصرها بالسلاح. إلا أن ليبيا عارضت في شدة مشروع القيادة الأفريقية التي يتردد أن مركزها سيكون في بلد مغاربي.

(المصدر: صحيفة الحياة (يومية – لندن) الصادرة يوم 12 ماي 2007)


الأجراء أوّل المتضررين من الزيادة في أسعار البنزين وقوارير الغاز

 
غسان القصيبي مرّة أخرى، تقرّ الحكومة زيادة جديدة في أسعار البنزين منذ الارتفاع في أسعار المحروقات. وتبرّر الحكومة هذه الزيادات المتتالية للاسعار بارتفاع عجز الميزانية، لكن ذلك لا ينفي أن المتضرّر الاول من هذه الزيادات هو المواطن بصفة عامة والاجير بصفة خاصة. فالاجير ليست له موارد مالية سوى أجرته الشهرية التي لم تعد قادرة على تحمّل تلك المصاريف وارتفاع أسعار مواد عدة زد عليها «الشنقالات»!! فإلى أين المفرّ؟! ألم تجد الحكومة حلاّ آخر سوى إثقال كاهل المواطن بزيادة تضرّ  بقدرته الشرائية وتكبّله ماليا؟ ألم يكن من الاجدى البحث عن طرق أخرى لتلافي هذا العجز بترشيد اكبر لاستهلاك البنزين من طرف السيارات الحكومية والادارية التي تعدّ بالالاف وتستهلك قسطا مهما من معدّل الاستهلاك الوطني. ولم لا تفكّر الحكومة في ايجاد طرق جديدة لتعويض هذا العجز بتوظيف ضرائب وخطايا جديدة على التبغ والكحول وعلى الافراط في السرعة وعدم استعمال حزام الأمان والمتسببين في حوادث مرور قاتلة. كما يمكن للحكومة تعويض عجزها بالضغط من أجل ارساء جباية عادلة وتتبع المتهربين من دفع الضرائب مهما كانت درجاتهم في السلّم الاجتماعي. هذه بعض المقترحات التي نرجو أن تكون محلّ  اهتمام الحكومة.

(المصدر: جريدة « الشعب » (أسبوعية نقابية – تونس) الصادرة يوم 12 ماي 2007)


استخدام شبكة الانترنت لتأسيس قاعدة بيانات أمنية عربية

تونس – كونا – شدد المدير في الادارة العامة للتدريب بوزارة الداخلية العقيد فوزي السويلم على اهمية دور تكنولوجيا المعلومات في تطوير برامج التدريب. وقال السويلم ل(كونا) في ختام اعمال المؤتمر العربي الخامس لمديري ادارات التدريب ومعاهد وكليات الشرطة والامن في تونس، ان المؤتمر ناقش التقنيات الحديثة المطلوبة لتطوير اساليب التعليم والتدريب لتطوير الاجهزة والكفاءات الامنية وتعزيز قدراتها لمتابعة الجرائم بأنواعها المختلفة ومكافحتها. ورأى ان استخدام الحاسوب اصبح ركيزة اساسية في معالجة جميع المعلومات والبيانات، مشيرا الى الجهود الرامية في اطار الامانة العامة لمجلس وزراء الداخلية العرب من اجل استخدام شبكة الانترنت لتأسيس قاعدة بيانات عربية شاملة. واشار الى اهمية تعزيز التعاون والتنسيق لوضع برامج تدريبية واهدافها ومحتواها وتحديد شروط التأهيل لصياغة البرامج والمواد التدريبية وتدريسها في معاهد وكليات الشرطة والامن. واشاد رئيس الوفد الكويتي الى المؤتمر العقيد السويلم بمستوى التنسيق المتقدم بين دول مجلس التعاون في مجال التدريب الامني، نظرا لما تقوم به الامانة العامة للمجلس من جهود بهذا الخصوص وبحكم انعقاد الاجتماعات الدورية بين ادارات التدريب ومعاهد وكليات الشرطة والامن في دول المجلس. واكد اهمية البرامج والاهداف والاستراتيجيات المستقبلية المشتركة لدول المجلس للتدريب في المجال الامني، مشيرا الى ان لقاء سيجمع قريبا بهذا الخصوص المديرين العامين لكليات ومعاهد الشرطة في دول المجلس لمزيد تعزيز اواصر التنسيق والتعاون. ونوه رئيس الوفد الكويتي الى المؤتمر، الذي يضم مدير كلية الشرطة العقيد محمد سعد المكيكي ومدير مدرسة الشرطة العقيد محارب ساري الرشيدي بنتائج المؤتمر، مشيرا ان التوصيات الختامية تهدف الى تطوير نظام تدريب في المجال الامني بما يخدم العمل الامني العربي المشترك.
(المصدر: صحيفة القبس (يومية – الكويت) الصادرة يوم 12 ماي 2007)


احتفالا بعيد ميلاد صحيفة الموقف التي انطلقت في 12 ماي 1984

مراسلة خاصة إنتظم مساء اليوم الجمعة 11 ماي 2007 بمقر جريدة الموقف حفل بهيج حضره عدد كبير من قادة أحزاب المعارضة ومن الصحافيين ومن ناشطي حقوق الانسان احياءً لذكرى ميلاد الموقف التي انطلقت في 12 ماي 1984.

وافتتح الحفل المدير المسؤول لصحيفة الموقف الأستاذ أحمد نجيب الشابي بكلمة ترحيبية بالحاضرين، ذكّر فيها بالظروف التي انطلقت فيها مغامرة هذه الجريدة المناضلة وما عرفته من محطّات هامّة في تاريخها، ثمّ تحدّث عن الجائزة السنوية التي قرّرت أسرة الموقف اسنادها كل سنة الى قلم صحفي امتاز ببحثه عن الحقيقة وبنزاهته وبنضاله من أجل حرّية التعبير، وأُختير لها من الأسماء « جائزة علي باش حامبة » وذلك لما قام به هذا الأخير من ارجاع الحياة الى النضال الوطني للشعب التونسي ببعثه صحيفة « التونسي » في فيفري 1907 أي منذ 100 عام. واعتبر الشابّي  » أننا اليوم نواصل خطاه من أجل إصلاح الأوضاع السياسية في البلاد ونهدف الى إرساء مجتمع ديمقراطي ».

بعد ذلك تلى السيد محمدّ الهاشمي الطرودي تقرير لجنة التحكيم المشرفة على الجائزة ، والمتكوّنة، إضافة الى شخصه، من الأساتذة : أحمد نجيب الشابّي، رشيد خشانة، جلّول عزّونة، شوقي الطبيب والطاهر بن حسين. وبيّن الطرودي انّ اللجنة اعتمدت في الدورة الأولى للجائزة تقييمًا للحصيلة الجمليّة لمسيرة الصحفيين المُرشّحين، وليس الحكم على مقال أو عمل إعلامي بعينه. كما أضافت اللجنة شهادتيْ تقدير هما « القلم الواعد » لأفضل صحفي أو إعلامي شابّ، و »القلم المهاجر » لأفضل إعلامي أو صحفي أُجبِر على الهجرة أو واصل رسالته الإعلاميّة من المهجر.

إثر ذلك كشف النقاب عن الفائزين لسنة 2007 وهم : الصحفي لطفي حجّي مراسل قناة وموقع الجزيرة ونقيب الصحفيين في تونس، الذي تسلّم درعًا رمزيًا ومبلغًا ماليًا قيمته 1000 دينار، فيما عادت جائزة « القلم المهاجر » الى الهادي يحمد الصحفي السابق بمجلّة « حقائق » الذي إضطرّ للهجرة على إثر ما لحقه من ضغوط بعد إنجازه لتحقيق مميّز حول وضعيّة السجون في تونس، بينما أُسنِدَت جائزة « القلم الواعد » الى الصحفي الشابّ توفيق العيّاشي مراسل قناة « الحوار التونسي » المعارضة.

(المصدر: موقع الحزب الديمقراطي التقدمي بتاريخ 11 ماي 2007)


بلدان متوسطية تروج للسياحة في تونس

بدأ أكثر من مائة عارض من عدة بلدان متوسطية عرض منتجات بلادهم السياحية في مجال الفندقة والصناعات التقليدية والعلاج بمياه البحر ضمن فعاليات الدورة 13 للصالون المتوسطي والدولي للسياحة والأسفار. وافتتح الصالون المتوسطي للسياحة والاسفار أمس الأول وينتهي اليوم السبت بمشاركة عدة بلدان أبرزها مصر والجزائر وجنوب افريقيا ومالي وبوركينا فاسو واليمن ومالي وكوريا الجنوبية، وتميز الصالون بتعدد المنتجات السياحية للبلدان المشاركة ومن بينها السياحة الشاطئية والسياحة الصحرواية والثقافية والسياحة البيئية. كما سجل قطاع النقل الجوي حضوره في الصالون من خلال مشاركة عدد من الناقلين الدوليين لإبراز أهمية القطاع كداعم مهم للسياحة العالمية. ويتوقع المنظمون أن يصل عدد زوار الصالون إلى أكثر من ألفي مختص في مجال الفندقة والسياحة من تونس وخارجها اضافة إلى نحو 15 الف زائر. وتعقد على هامش الصالون ورش عمل وندوات تخصص لمناقشة جملة من المسائل المتعلقة بالقطاع. وتعتبر السياحة قطاعا حيويا في اقتصاد أغلب بلدان الحوض المتوسط حيث تساهم في جلب العملة وتوفر آلاف فرص العمل.     

                              (رويترز) (المصدر: صحيفة « الخليج » (يومية – الإمارات) الصادرة يوم 12 ماي 2007)


معرض تشكيلي يحتفي بالتراث المعماري في تونس

  

احتفى فنانون تشكيليون تونسيون بالتراث الفني والمعماري لبلادهم في لوحات خلال معرض للفنون التشكيلية بدأ في تونس الأربعاء الماضي ويستمر أسبوعا.  وعرضت في المعرض الذي افتتحه وزير الثقافة التونسي مجموعة نادرة من الآثار الخزفية والآلات والأواني القديمة الدالة على عادات التونسيين، كما عرض الرسام التونسي محمد بن عزيزة لوحات تشير إلى عراقة المعمار التونسي وجماله.  وعرض أيضا إبراهيم بهلول -وهو موسيقي ومصور فوتوغرافي- صورا لبعض المواقع والمعالم في تاريخ البلاد مثل « دار الأصرم » و »المدرسة الباشية » و »زاوية سيدي إبراهيم الرياحي ».  وشاركت الرسامة علياء كاتب من جانبها بلوحة « باب فرنسا 1929 » ورفيقة الظريف بلوحة بعنوان « رحبة سوسة » و »إشراقة سيدي بوسعيد ».

(المصدر: موقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 11 ماي 2007 نقلا عن وكالة رويترز للأنباء)


جائزتان لفيلم تونسي عن الإرهاب بمهرجان أميركي

 
نجح فيلم تونسي يتناول « استقطاب الجماعات الإسلامية للشبان » في حصد مزيد من الجوائز في مهرجان بالولايات المتحدة. وفاز الفيلم الذي يحمل عنوان « آخر فيلم » للمخرج نوري بوزيد، بجائزتي أفضل سيناريو وأفضل ممثل عند عرضه بمهرجان تريبكا في نيويورك الأسبوع الماضي. ولعل من أبرز اللقطات إثارة للجدل في الفيلم تعمد المخرج بث لقطات حدثت خارج السيناريو ونقلها كما هي تتضمن نقاشا حادا بين بطل الفيلم ومخرجه حول الموضوع. وفي إحدى اللقطات يحتج بطل الفيلم ويرفض مواصلة العمل ويقول للمخرج « هل أنت بفيلمك هذا تستخدمني لمحاربة المسلمين »، بينما يحاول المخرج إقناع البطل بأنه ليس ضد الإسلام بل ضد خلط الدين بالسياسة. ويروي الفيلم الذي يتقاسم بطولته لطفي العبدلي ولطفي الدزيري قصة شاب يدعى بهتة يعيش في حي شعبي يهوى أشكالا من الرقص والغناء الغربي ويحلم بالهجرة إلى أوروبا لتحسين وضعه المادي. ويركز الفيلم في جزئه الأكبر على كيفية تخطيط « مجموعة إسلامية » لاستقطاب الشاب الذي يعاني من مشاكل مع عائلته لأنه عاطل عن العمل. لكن بطل الفيلم الذي كان يروق له ما يسمعه من كلام خصوصا عن العمليات الفدائية، كان مشدودا أيضا إلى واقع المجون والمغامرات التي يعيشها مع إحدى فتيات حيه، وبدا في كثير من الأحيان ممزقا بين عالمين متناقضين. ويتوقع من يشاهد الفيلم أنه سيتم تجنيد هذا الشاب لتفجير نفسه في أحد بلدان الشرق الأوسط، غير أنه فاجأ الجميع واختار أن ينتقم من الجماعات الإسلامية، لكنه رفض أيضا العودة إلى عالم الفقر والمغامرات وقرر تفجير نفسه بعيدا عن الناس. وكان الفيلم أثار جدلا واسعا عند عرضه بتونس في مهرجان قرطاج السينمائي الأخير وفاز بجائزة أفضل فيلم. كما سبق أن فاز بجوائز في مهرجان السينما الأفريقية في واغادوغو، وفي مهرجان الفيلم ببلجيكا وفي مهرجان تطوان للسينما المتوسطية بالمغرب.  
(المصدر: موقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 12 ماي 2007 نقلا عن وكالة رويترز للأنباء)

 

صدر العدد العشرون لشهري أفريل وماي 2007 (السنة الخامسة) من مجلة « أقلام أونلاين »

http://www.aqlamonline.com/ المحتويات: المراقبة الإدارية.. الجنون.. والموت اليومي المستمر لطفي العمدوني http://www.aqlamonline.com/amdouni20.htm حوارات وراء القضبان مع السجين السياسي السابق أحمد الذهيبي http://www.aqlamonline.com/interview_dhehibi20.htm العولمة والجريمة والحياة السجنيّة سامي نصر http://www.aqlamonline.com/saminasr20.htm أي مستقبل لتونس أحمد قعلول http://www.aqlamonline.com/galoul20.htm المرأة بين العلمانية والإسلام علي كردي http://www.aqlamonline.com/kardi20.htm حركة 18 أكتوبر: المسار.. الحصيلة.. الآفاق فتحي نصري http://www.aqlamonline.com/nasri20.htm مسرحية « خمسون »…أو نَكْءِ الجراح محمد الحمروني http://www.aqlamonline.com/hamrouni20.htm ندوات ومؤتمرات في منتدى الجاحظ: مواجهة العنف تحتاج أوّلا إلى تفهمه http://www.aqlamonline.com/mezlini20.htm كتاب العدد « تاريخية الدعوة المحمدية » لهشام جعيط ومآزق العقلانية الوضعية في دراستها « للماوراء » عرض سمير ساسي http://www.aqlamonline.com/samir20.htm


أي مستقبل لتونس

 
أحمد قعلول شهدت البلاد احداثا للعنف وقد تداعى الكثير من المراقبين الى القول بتوقعها ومال البعض الى التذكير انه كان قد حذر منها في تحليلاته ومقالاته السابقة، وليس هذا مهما فالجميع تنبأ بالعنف ويتنبأ بوقوعه مستقبلا تمنيا له او خشية منه. لا شك ان المناسبات التي واجه فيها المجتمع عنف الدولة بعنف مضاد قليلة اذ لا يذكر في تاريخ تونس الحديث الا احداث قفصة وهي احداث كانت تقف وراءها دولة اما الاحداث الاخيرة فهي احداث تعبر عن تبني فئة من المجتمع التونسي لفكرة مفادها ان العنف وسيلة مناسبة لتحقيق اهداف سياسية او فكرية ما وهذا هو المهم. ليس غرض هذا المقال تناول ظاهرة العنف بالتحليل فقد تولى ذلك العديد من الاقلام ولكن غرض هذا المقال تناول تعامل الطيف السياسي مع الاحداث التي وقعت. ما الذي وقع: كان التعتيم اهم ما طبع الاحداث والمواجهات التي وقعت في البلاد وامام هذا التعتيم فتح المجال للتنبؤ وللاشاعات. ولكني اود ان اقدم ملاحظة مهمة متعلقة بعمل المجموعات التابعة لتنظيم القاعدة وهي تتمثل في ان المراقبين لهذه المجموعات القتالية يجمعون على انها تستعمل أحدث مناهج القتال ووسائله زد على ذلك انها توسع تجاربها وخبرتها الفنية بفضل امتداداتها الدولية. وهذا ما لاحظه المتابعون للاحداث الاخيرة التي وقعت في تونس في ما يخص القدرة الفنية للشباب الذي واجه القوات التونسية. الامر الثاني هو ان بعض المصادر تقول أن هذه المجموعة ليست المجموعة الاولى ولكنها المجموعة التي خرج خبرها والتي كادت ان تنفذ خططها ولم تمنع من ذلك الا بمبادرة الدولة الى الدخول معها في مواجهة مسلحة. وهذا يعني ان هذه المجموعة نجحت في اختراق خط دفاعي امني كان من المفروض ان لا يخترق بحسب الخطة الامنية التي تعمل بها السلطة في تونس. كما يعني ان الامر مفتوح في احتمالات تكرره و يبدو ان الجميع مدرك لذلك والسلطة قبل الجميع، ولعل ذلك ما يفسر توسيعها مجالات الاعتقال وشدة التعذيب الذي تنزله بالشباب المعتقل عندها ردعا وارهابا. وواضح ان السلطة مدركة ان المسالة مسالة وقت واحتمالات فقط وليست مسالة امكان وقوع. كانت نتيجة الاحداث موت عناصر من هؤلاء الشباب عددهم بين الاثنى عشر والاربعة عشر وكذلك عدد من قوات الجيش والامن يترواح عددهم بين الواحد والاثنى عشر بحسب الراوي والرواية. اما السلطة وبعد عشر ايام من الاحداث فانها اعلنت انها سيطرت عليها وان موضوع هذه المجموعة انتهى. وكتمت الاخبار عن عمليات الدفن وهوية المشاركين فيها وضحاياها من الطرفين.  وحقيقة الذي وقع هو ان مواطنين تونسيون قتلوا في احداث عنف متبادل  دون أن يقع اي تحقيق في الموضوع! لقد اغتالت اجهزة الدولة عددا من المواطنين في ظروف أقل ما يقال فيها أنها مشبوهة، ولكن ولم يرفع احد صوته لمعرفة الحقيقة كل ما هناك تنديد بالعنف وشكر للدولة على تجنيب البلاد احداثا للعنف. ولكن كيف قتل هؤلاء الشباب كيف قتل عناصر من الجيش والامن التونسي ليس هناك اخبار. صحيح أنه صدرت بعض البيانات المحتمشمة تطالب بمعرفة الحقيقة لكنها كانت نوعا من رفع الملام. إذ لم تتبع تلك البيانات بأي مساع حقيقية ولا أعمال نضالية من أجل بلوغ الحقيقة أو الكشف عن بعض ملامحها. ثم إن البيانات التي صدرت طالبت بمعرفة حقيقة الاحداث ولم تسعى للتحقيق في نتائجها وفي الارواح التي أزهقت خلالها. وقد تساوى في هذا الامر حال  المواطن المدني والرجل العسكري مع العلم ان كليهما مواطنان تونسيان والدولة مسؤولة تجاههما. فرجل الامن او الجيش عندما يسقط في الاحداث فمن حقه على الدولة التي دافع عنها ودنس شرفه برفع السلاح ضد مواطنيه من اجل الدفاع عنها، من حق هذا المواطن المسكين ان تكرمه الدولة وان لا يوارى جثمانه التراب سرا دون عزاء وتحت جنح الظلام. هذا ان كانت اسرته متيقنة بان من ووري تحت الثرى هو ابنها الذي قتل بينما جيرانه واهله حيه يترحمون على الذي ربما كان قد قتله من اولئك الشباب. المشكل الثاني الذي يواجهه هذا المواطن المندرج تحت سلك مؤسسات القمع هو انه في الحقيقة لا يموت في سبيل الوطن ولا دفاعا عن الدولة بل هو يموت في سبيل الدفاع عن مصالح العائلات الناهبة لتونس. بينما هو وزملاؤه لا يدفع اليه في آخر الشهر ما يمكنهم من العيش الكريم، ما يضطرهم الى سلوك مسالك الرشوة والسرقة والنهب والذلة من اجل لقمة العيش الغير كريم. كيف تصرفت السلطة – كان الجهاز الامني اول الاجهزة التي بادرت الى التعامل مع الحدث. – بيانات السلطة اكدت انها محيطة بالموضوع ومراقبة له كالعادة وقع رمي الاحداث على الخارج وهذه المرة على الجارة الجزائر التي على غير العادة قبلت ديبلوماسيتها الرواية التونسية واكدتها – لم تلتزم السلطة برواية واحدة للموضوع بل اضطربت في الحديث ثم كانت الندوة التي نظمها وزير الداخلية بمقر التجمع، ولذلك جاء الرد من التجمع بتكرار الطلب من بن علي بتجديد الترشح لدورة رئاسية اخرى خالا انتخابات 2009. – اعتبرت السلطة انها خرجت منتصرة من الاحداث ولذلك فقدت كانت الاستجابة المناسبة لما اعتبرته بعض الابواق تحصين لتونس ضد دوامة العنف والارهاب جديد الدعوة الى التجديد لبن علي. – وزيادة في التنكيل فقد استدعيت بعض اطراف المعارضة للاعداد لهذا التجديد من خلال الاعداد للذكرى العشرين لانقلاب بن علي. – بعد انتهاء حوادث العنف بادرت السلطة الى نهج سلوك استئصالي، وبما ان ليس للمجموعة تنظيما معروفا فان السلطة قصدت ظاهرة التدين عموما بمحاولة الاستئصال. رغم اتساع الهجمة التي تقوم بها السلطة وعنفها فانه والى حد الان لا يمكن ان نعتبر ان الحملة التي تشنها السلطة هي بنفس مستوى الحملة التي كانت قد شنتها خلال النصف الاول من تسعينات القرن الماضي على ابناء حركة النهضة اذ قامت باعتقال وسجن عدد يفوق حسب بعض التقديرات الثلاثين والعشرين الف. ولم يتجاوز العدد الالفين خلال هذه الحملة في وضع اتسع فيه مستوى التدين على ما كان عليه خلال تسعينات القرن الماضي. ويمكن تفسير هذ الامر بغياب البنية التنظيمية الموسعة للمجموعات التي تقصدها السلطة بالاستئصال وهذا ما جعل الدولة تقف آلتها القمعية في مواجهة المجتمع مباشرة، اذ لو كان الامر متعلقا بحزب سياسي او تنظيم مدني لسهل على اجهزة القمع تطويقها وخنقها. اما في هذه الحالة فان بنية المؤسسة القمعية وادوات مراقبتها تجد صعوبة في التصرف بالنجاعة والسرعة المطلوبة. وهذا سيؤدي الى وقوع الكثير من الاخطاء كما سيسمح بنجاة العديد من العناصر التي تقصدها الدولة بخطتها الاستئصالية. وهذا يعني ان الحملة التي تشنها الدولة على المجتمع تواجه احتمالين اما الدخول في مواجهة شاملة للمجتمع التونسي بكل فئاته قمعا واستئصالا او البقاء في حالة « تيقظ » متواصل لاي احتمال، وكلا الاحتمالين مرهق للدولة ولمؤسساتها وفاتح لباب الاخطاء والتجاوزات الامر الذي يخدم موضوعيا الطرف المقابل الذي سيفتح له مثل هذا الوضع مجالا للتسرب وتنفيذ خططه. وفي هذا الاطار فانه من المتوقع بل انه مما يلاحظ ان قوات القمع واتباع اجهزتها يتصرفون بكثير من التوتر ونفاذ الصبر رغبة في تحقيق نتائج قمعية سريعة وتكفي نظرة على بيانات الجمعية الدولية لمساندة المساجين لمعرفة حقيقة الماساة التي يعاني منها المعتقلون وذويهم، ولاستنتاج تسرع المؤسسة القمعية وتوتر صاحب القرار في التعامل مع الوضع. فيما يخص المعارضة: اكتفت اطراف المعارضة باصدار البيانات مطالبة السلطة بالكشف عن الحقيقة. كما تداعى الجميع تقريبا ودون استثناء الا من راي للاستاذ العيادي وبعض الاقلام من حزب المؤتمر للجمهورية تدعو الى التمهل في الحكم على الاحداث خاصة وان السلطة نفسها لم تحدد، حينها، هوية الاطراف التي تواجهها. فبخلاف هذه الاصوات تداعى الجميع (اسلاميين وعلمانيين) الى اعلان ادانته للعنف (وكانه متهم به ابتداء) ثم مر الى اللوم التقليدي للسلطة وهو نوعية من الخطاب لم تجد سابقا وليس هناك اي مؤشر يجعل منها مجدية. وقد فتح هذا المسلك بابا آخر لبعض الابواق من اجل التبشير بانجازات رئيس الدولة منقذ البلاد من العنف والتطرف ثم كان طبيعيا ان يتبع ذلك بخطوة اخرى تدعو رئيس الدولة الى تجديد ترشيحه للانتخابات الرئاسية القادمة. بادرت العديد من الاقلام المحسوبة على حركة النهضة إلى الكتابة في الموضوع مذكرة بخط الحركة في نبذ العنف والتنديد به، بينما سارعت بعض الاقلام الاخرى الى مخاطبة السلطة معتبرة ان الوقت مناسب ان تمد السلطة يدها تجاه الحركة الاسلامية، وفي نفس الاجواء اعتبرت بعض الاقلام بعد انتهاء الاحداث ان هناك اجواء للانفراج. والحقيقة ان مثل هذا الخطاب يذكر بما وقع فيه اليسار خلال التسعينات اذ اعتبر ان ضرب الحركة الاسلامية يفتح الباب لان تنفتح السلطة عليهم ثم ادرك الجميع ان القمع اذ مس طرف من المجتمع او فردا من افراده فانه شضاه سيمس الجميع. ولم تبطئ السلطة هذه المرة بل سارعت في خطتها الاستئصالية الى مد يدها للجميع، ولكن الحدث ينبئ عن خلل لدى بعض الناشطين والمناضلين من جمبع الاطياف، كما ينبئ عن اختلال في البوصلة بين موقع الدفاع عن المجتمع ضد قمع الدولة وبين ما يتوهم انه فرصة سياسية. وفي هذا الخضم بادرت هياة 18 اكتوبر الى الاعلان عن بيان متعلق بحقوق المراة وقد جاء هذا البيان في سياق سياسي اقل ما يقال فيه انه غير مناسب لمثل هذه الاجندة ولا لمثل هذا الخطاب الذي تنزل في اجواء يواجه فيها المجتمع هجمة استئصالية من الدولة ضده. كما اتسم البيان بروح ليبيرالية متطرفة محكومة بالاجواء التي تلت الحرب العالمية الثانية وغير مواكبة لما انتهخى إليه الفكر الليبيرالي ذاته بمدرستيه الراسمالية والاشتراكية. هذا وقد اتسم البيان بخطاب تمجيدي لمنجزات ومكتسبات منسوبة للدولة وللنظام الحالي، الى جانب مطالب جزئية تتجاهل عمق المأسات التي يعاني المجتمع برجاله ونسائه. زد على ذلك فان البيان لم يلق في النهاية رضا لا من الاسلاميين ولا من العلمانيين. والحقيقة فانه يمكن القول بان البيان قد عبر عن اجندة ايديولوجية نخبوية منفصلة عن حقيقة معاناة الناس وشباب المجتمع التونسي، ومفسر في النهاية لياس الشعب من نخبه ولميول فئات من شبابه نحو الانتحار والموت. كما كشف عن عجز نخب المعارضة عن الانفكاك من قيود السلطة، وعن غياب اجندة سياسية وطنية وطغيان الاجندة الايديولوجية. وهذا مسار عولت السلطة على تكريسه في حركة 18 اكتوبر منذ تاسست من خلال عزفها على وتر التحالفات المستحيلة والتنبيه لضرورة « عدم رمي الجنين مع الماء ». وفي هذا السياق لم تسلم حركة النهضة من هذا الضعف بل سمحت لنفسها – كما سمحمت بقية الاطراف الوطنية- ان تسقط ضحية ابتزاز الاصولية الائكية. وربما كان من المناسب في هذا السياق لاي طرف وطني وللاسلاميين ان يراجعوا  تصوراتهم السياسية واجندتهم الوطنية كي لا يبقوا اسرى ثقافة المحنة والسجن والتشريد والحصار والابعاد.  خاصة في  ظل سياق سياسي جديد زادت فيه مشاكل المجتمع وتغيرت فيه المعادلة الدولية في علاقتها بالاسلام السياسي واصبحت فيها الدولة في تونس حالة شاذة بكل معان الكلمة وبكل المقاييس. لا شك ان الجميع يحتاج لان يتذكر ان مشكلة تونس تكمن في الاسباب التي ادت الى دخول فئة من خيرة شبابها الى السجن ومعاناتهم الحصار والابعاد، لا في كونهم مسجونين او محاصرين او محرومين من العودة الى وطنهم آمنين. زد على ذلك فان جيلا ثان وثالث من شباب تونس يحترق اليوم بما احترق به من سبقه من اجيال ولم يعد كافيا في الاجواء الحالية المطالبة باطلاق سراح المساجين ولا التنبؤ تفاؤلا او فهما بانفراج سياسي في اجواء المداهمات الليلية والاعتقالات والتعذيب والاختطاف والاعتداء على اعراض الناس. كما يحتاج الاسلاميون لان ينتبهوا ان المسالة الايديولوجية غير مطروحة بهذا الحد من الشذوذ الا لدينا في تونس وان المعادلة الدولية الجديدة لم تعد تتساءل عن اسلام وعلمانية بل عن اي نوعية من الاسلام واي نوعية من العلمانية اذ المطلوب دوليا هو اجندة سياسية مناسبة لمصالح القوى المهيمنة. ولذلك فان التصنيف في الساحة لا يقع بين اسلامي وعلماني او لائكي بل بين اسلامي ولائكي وعلماني وطني وبين اسلامي وعلماني ولائكي عميل. وفي هذا الاطار ونظرا لاتساع القاعدة الاسلامية اصبحت بعض الاطراف الدولية ترى فيما ترى مصلحة في وصول الاسلاميين الى السلطة ومسك مؤسسات الدولة بما ان ذلك هو الاطار الاكثر نجاعة الذي سيدخل هذا التيار في بيت الطاعة الدولية المشكل الوحيد هو حاجة هذه الاطراف الى تاهيل هؤلاء الاسلاميين كي يسهل افسادهم في الدولة  بالدولة دون اضاعة الوقت. الحالة الشعبية: هذا من جهة السلطة والنخب المعارضة اما من جهة المواطن العادي الذي فوجئ بالاحداث وتابع ما يشيع عنها من اصداء واشاعات فان هذا المواطن لم يبادر الى ما بادرت اليه النخب السياسية من تنديد بالعنف واتجاه نحو السلطة مطالبة بكشف الحقيقة والقيام باصلاحات سياسية. اذ بالعكس من ذلك اكتفى الناس بتناقل الاخبار والترحم على الفتية الذين قتلوا. ولعل المرء يعسر عليه اقناع هذا المواطن بان المسلك الذي ينتهجه هؤلاء الفتية مضاره على البلاد كبيرة  وذلك ان حجم الظلم المسلط على الناس اصبح من الثقل بحيث لم يعد يحس غير كلكله، لذلك فان الناس راوا في ما يقع اجابة موضوعية لما يقع من ظلم ومن نهب للبلاد والعباد. لذلك فان الناس لم يروا في ما فعله هؤلاء الشباب شرا ولا لمسوا ضررا بل ان الصورة النهائية التي حصلت هو ان الدولة هي التي لاحقت وقتلت واعتدت بينما تصدى هؤلاء الشباب ببسالة وشجاعة واقدموا على الموت بشجاعة وجراة، وهذه معان ملهمة لاغلب فئات الشعب المستضعفين خاصة وان هؤلاء الفتية لم يتورطوا في دماء الناس بل بادرتهم السلطة قبل ان يبادروها ولذلك فان الصورة الحاصلة في اذهان الناس تؤكد المشهد النمطي للسلطة بينما تقدم ولاول مرة مشهدا جديدا من جهة الشعب. ان الصورة التي تصنع هي في الحقيقة صورة رجال ابطال وقفوا في وجه ظلم الدولة وتحمل صورهم كل معان البطولة فهم من الشباب المثقف ابناء الجامعات وليسوا من المهمشين كما يحلو لبعض المثقفين الحالمين والغافلين تصوير وتفسير العنف بالتهميش والفقر والجهل الى غير ذلك بينما واقع الحال ان هؤلاء من الفئات الوسطى في المجتمع التونسي ولا يعانون تهميشا ولا جهلا ثم اننا اذا ما تتبعنا عمليات الاعتقال التي اتسعت خاصة بالجنوب التونسي فان ذلك يجعلنا نزيد قناعة بان هذه النوعية من الشباب ان صدقت عمليات الاعتقال في التنصنيف يصدرون من فئات اجتماعية صلبة وعريقة ومتينة الروابط. ومن اهم الاطراف المدركة لهذا الامر هي السلطة لذلك فانها صدت بالاعتقال والتعذيب الفئات الحية من المجتمع شبابه الجامعي المثقف الذي كان ولا يزال مصنع النخب ومنبع تداولها وتجددها. وهي في هذا تكرر مسلكها خلال التسعينات ولكن هذه المرة يبدو ان المقصد ليس تجدفيف ينابيع التدين في تونس بل تجفيف ينابيع التجدد في المجتمع والمقاومة. الامر الذي تدركه السلطة بفضل ما جددت به مؤسساتها القمعية من علماء اجتماع ونفس هو صعوبة التحدكم في المخيال الجماعي للناس وضبط قيمهم على انها لا تتخلى عن المحاولة لذلك فان سلوكها القمعي محكوم بالتبشيع والارهاب لعل الناس يرهبون. وهذا ما فعلته في مرحلة التسعينات حتى اصبح الاسلامي من ابناء النهضة كانه الجرب يفر منه القريب قبل البعيد، ولكن ذلك لم يمنع خروج جيل جديد منهم هؤلاء الشباب الذي تقصده الدولة اليوم بالاستئصال. ما تحتاج آلة الدولة ان تدركه هو ان آلية الارهاب والتخويف لا شك تشتغل لفرة ولكن القيم الاجتماعية اعمق منها خاصة اذا ما ارتبطت بمعان المقاومة والرجولة وهي قيم عميقة في مجتمعنا التونسي والعربي عموما ولذلك فانه ليس المهم في مرحلة ما دقة المعلومة بقدر اهمية ما يحب الناس اشاعته من اخبار وحكايات وطرق تصويرهم لها وذلك ان هذا السلوك هو المعبر عن المزاج العام وهو الذي سيكون الذاكرة الجماعية للناس و الذي على اساسه ستربى الاجيال الصاعدة. بمعنى اخر انه حتى لو فرضنا كذب كل الاحداث فان المزاج الشعبي الذي راى في هؤلاء الشباب موضوع ترحم وتعبيرا عن الضجر ونوعا من الانتقام والبطولة يصنع لنفسه صورة خيالية في مرحلة ثم ملهمة في اخرى للتعامل مع الدولة ورموزها ولن نحتاج في هذه المرحلة لانتظار جيل اخر للتحول الى انتاج  فتيان باجندة داخلية يرون (للاسف) في العنف الاسلوب الامثل للرد والمبادرة تجاه عنف الدولة. او ان كانت تونس محظوظة ان تنتج تونس نخبة اكثر شجاعة ووطنية تواجه ظلم هذه الدولة بما يناسبه من نضال سلمي مدني جاد. وفي الختام من البين ان الوضع في تونس لا يبشر بانفراج بل ان السلطة الهرمة لا تزداد الا تصلبا وهروبا الى الامام فهي لا تتصرف تصرف المطمئن لوضعه الواثق من سياسته بل هي تسلك في الناس سلوك الذي ظهره للحائط ولا منجا له ولا امل الا الخوض في الناس ودوس انوفهم ووطئ احلامهم واعراضهم ونهش جماجهم. من البين ان السلطة لا تخاطب احدا داخل البلاد وان المخاطب الوحيد لديها هي الجهات الدولية التي عليها تعتمد في مواصلة حكمها وفي ضمان تجدده. اما عن المعارضة فهي تضعنا في مازق حقيقي فهي اما ان تنهض للقيام بدورها او ان ينتظر المجتمع التونسي دورة اخرى من اجل تصعيد نخب جديدة تكون اجدر بقيادة هذا المجتمع والدفاع عن مصالحه وهذا ما تسعى السلطة في حملتها الخيرة الى منع وقوعه. اما الناس فان شبابهم وشيوخهم يحترق اليوم بكل فئاته متدينيه ولائكييه. وقد صدت في وجوههم ابواب الاحلام والامل في المستقبل. سدت في وجه الشباب حتى ابواب الانتحار على شواطئ الشمال وسدت في وجهه ابواب الانتحار على ما مات عليه آباؤه في فلسطين والعراق. هو اليوم يمنع من الموت الذليل ومن الموت الكريم وتفرض عليه حياة الذلة. لم يعد يجديه لا التزلف ولا الصمتن ولا هو قادر على الكلام آمنا. ان تونس شبابها وشيبها اسيرة اليوم لسلطة بلغ منها الهرم مبلغا ونخر السرطان من جسدها خرقا ولم يعد من هم لها الا تكريس حكمها وتوريث البلاد لنسلها وهي في سبيل ذلك مستعدة لبيع الجيمع ولاستعباده والى جانب هذه السلطة نخب اسيرة لنفس المنظومة الاجنبية ماسورة باجندتها معولة على رضاها خاشية لعتابها. اما النخب المحسوبة على المعارضة فاحلامها قد صغرت واسرها تطرف بعض الاصوليين الائكيين. ربما كان هذا التوصيف متشائما ولكن الامر غير متعلق بالتشاؤم ولا التفائل ولكن يحتاج الجميع لان يدرك بان الوضع وضع ازمة وانه ليس بعد هذا الا الانهيار الكامل للمجتمع وتفتته والحقيقة ان التاريخ لم يعرف حالات من هذه الا ان تقوم قوى اجنبية باحتلال البلاد واستيطانها. كلمة أخيرة: يحلو لكثير من « المعتدلين » والمتشبثين بالخط السياسي السلمي ان يرفع عقيرته بالتنديد بالعنف والحقيقة انه اذ يلوم اولئك الفتية على ما انتهجوا فانه لم يخط لهم مسلكا غير ما انتهجوا فاين هي طوابير المعارضين المسالمين وهي تموت تحت عصي قوات القمع، والتي تتصدر صفوف المستضعفين. ان الشعب التونسي شبابه وشيبه لم ترسم له نخبه الحداثية من مثال للنضال غير خطب المنابر في بلاد المهاجر او بعض المناسبات النادرة وبحماية مهجرية. ان النموذج الوحيد الذي يرسم للشباب في تونس رسم بامثلة للمقاومة تنهج القتل والتقتيل والموت. ان غياب السياسة والنضال السلمي ليس في الحقيقة الا تيئيس للناس من اي حل سلمي للتغيير ومن هذا المنطلق فان الذي يستحق التنديد في حقيقة الامر ليس السلطة ( فهي تدافع عن كرسيها ومصالح من حملوها لذلك الكرسي) ولا اولئك الذين يضنون انهم بما يفعلون سيغيرون العالم بل التنديد كل التنديد باولائك الذين يصورون احلاما ولا يصدقونها وينتظرون ان ياتيهم التغيير مترجما عن اللغة الفرنسية او الانقليزية. (المصدر: مجلة « أقلام أون لاين » (اليكترونية – دورية)، العدد 20 لشهري أفريل وماي 2007)


حركة النهضة و آفاق المؤتمر القادم

 
الحبيب أبو وليد المكني Benalim17@yahoo.fr  ينتظر أن تعقد حركة النهضة مؤتمرها الثامن في موعد قريب ، و تشير مصادر مطلعة إلى أن التحديات  التي  على الحركة مواجهتها كثيرة لكن أهمها ما يتعلق بالتداول على منصب الرئاسة و سبل تفعيل طاقاتها الكامنة و استعادة المبادرة في نضالها من أجل تحقيق التغيير الديمقراطي ، و تنمية علاقتها ببقية مكونات المعارضة بما يساعد على  فك الحصار على المجتمع المدني
1ـ تأجيل النظر في القضايا الاستراتيجية
   و تشير المصادر المطلعة أن الحركة ستعقد مؤتمرها في ظروف بالغة التعقيد بسبب تواصل سياسة الحصار المفروضة على أنصارها في الداخل و استمرار الأوضاع الاستثنائية التي تتلخص في هجرة قرارها و ضعف وثيرة الحوار داخلها و تراكم الملفات التي تنتظر الحلول العملية  ، مما أثر على  أدائها إجمالا و أفقدها جانبا من حيويتها و أضر بمستوى التناغم بين رموزها القيادية .

     و قد لوحظ أن الحركة التي كانت في الماضي القريب مثالا يحتذى في العمل على تجديد الفكر الإسلامي و الإقدام على المراجعات التي سمحت لها بصفة مبكرة  بتبني المطالب الاجتماعية و السياسية لفئات الشعب ، تميل اليوم إلى تأجيل النظر في القضايا الاستراتيجية و تركن إلى نزعة محافظة جعلتها تتأخر عن شقيقاتها في المغرب و تركيا … و يكاد برنامج عملها يختزل بعد التأكيد على عدم احتكارها للصفة الإسلامية و توجهاتها الديمقراطية ، في قضايا الدفاع عن الهوية العربية الإسلامية في تونس و المحافظة على هويتها الخاصة من خلال التأكيد على الالتزام بالثوابت التي انبنت عليها منذ تأسيسها …     لذلك لا يتوقع أن ينكب المؤتمر القادم على القضايا المضمونية  من مثل النظر في أطروحة الفصل بين الدعوي و السياسي  و الحسم في قضية موقفها من شرعية النظام القائم في تونس ، و تبني أسس الدولة المدنية الديمقراطية  ، بل الأرجح كما  تؤكد المصادر المطلعة أن تكون هذه المحطة انتخابية بالأساس  مع تركيز  الاهتمام على قضايا داخلية لتصفية الأجواء و إعادة الوفاق الذي تضرر بعض الشيء على خلفية اختلاف وجهات النظر بشأن  » وثيقة المساواة بين الجنسين » و التـأكيد على  الأهداف التي تضمنتها قرارات المؤتمرات السابقة .

 2 ـ موضوع التداول على الرئاسة .
يبدو أن هذا الموضوع هو الذي سيحتل حيزا هاما من أشغال المؤتمر وفق ما تفيد به مصادر قريبة من الحركة فهناك رغبة كبيرة عبرت عنها القواعد المنتشرة في عشرات البلدان لإحداث تغيير يتخلى بموجبه الشيخ راشد الغنوشي على القيادة ليتولاها أحد مساعديه في الفترة المنقضية و يذكر من الوجوه المرشحة للمنصب رئيس المكتب السياسي للحركة عامر لعريض و رئيس مجلس الشورى وليد البناني ، كما لا تتردد نفس المصادر في التأكيد على أن الشيح الغنوشي نفسه من المنتظر أن بعبر بوضوح عن نيته التخلي عن منصبه استجابة لمتطلبات المرحلة و إقرارا بأن الوقت قد حان لتحقيق سنة التداول و رغبة في التفرغ إلى  التأليف في القضايا التي تساعد على بلورة المشروع الإسلامي ، إضافة إلى حاجته إلى الوقت الكافي للمشاركة في المؤتمرات الدولية و الندوات المختصة التي برز بدوره المؤثر فيها . علما بأن الأمر في حركة النهضة لا يتعلق بموضوع  خلافة مطلوبة بإلحاح ، فالشيح راشد ، حفظه الله ـ الذي بلغ من العمر سبعا و ستين عاما يبدو  في أوح عطاءه ـ وهو يتمتع بصحة و عافية قليلا ما تتوفر لمن هم في مثل سنه .

   الوضع الاستثنائي الذي تعيشه الحركة منذ أن تقرر نقل تنظيمها إلى الخارج لا بد أن يؤثر على قدرتها في إدارة الحوار بين أبنائها و يفرز مع مرور الزمن تعددا  للرؤى، لن يلبث أن يصبح خلافات في تقييم المراحل السابقة و تحديد أولويات المرحلة القادمة و استشراف المستقبل فضلا عن التباين الطبيعي الذي نجده في مجمل الحركات الإسلامية المعنية بمتابعة الموقف السياسي في بلدانها و الحرص على التأثير فيه بما تستطيع ، أعني التباين بين طبقة الدعاة الذين تشغلهم القضايا العقائدية و التربوية و الإرشاد الديني أكثر من الملفات السياسية التي يعسر عليهم متابعتها ، و الطبقة السياسية التي ترصد الأحداث الدولية و الإقليمية و الوطنية التي تتحول بسرعة و ترى أن من واجبها المساهمة الفعالة فيها ، تعبيرا عن وجودها في الساحة و استكمالا  لشروط كونها طرفا مهما في المعادلات السياسية ، ينتظر منه شركاؤه أن بقوم بدوره كاملا في النضال من أجل التغيير الديمقراطي  . « فالسياسيون » من أبناء حركة النهضة  مثلا يرون أن من أولويات الحركة استكمال برنامجها السياسي و الحسم في ملفات  معينة  كالفصل بين السياسي و الدعوي و تحديد الموقف الواضح في تبني مواصفات الدولة المدنية خاصة منها ما يتعلق بمنظومة الحريات الأساسية و العامة بقطع النظر عن الأحكام الشرعية التي تبقى فوق كل الاعتبارات ، و في المقابل يعتقد الدعاة أن الحركة تعاني من نقص كبير في الجانبين الدعوي و التربوي و أن السياسي لديها قد تضخم بما يكاد يغطي على صفتها الإسلامية و من تم وجب الضغط على هذا الجانب حتى يعود هامشا ضيقا من عملها و إن شئنا استخدام المعايير الفقهية  فيمكن أن نقول أن هؤلاء وهم يمثلون الحجم الأكبر من أبناء الحركة يرون أن العمل السياسي هو فرض كفاية إذا قام به البعض يسقط على الباقين الذين يجب أن ينصرف جهدهم إلى شغل منابر الدعوة و توفير المحا ضن التربوية و إنشاء الجمعيات الثقافية التي تُعنى بترسيخ معاني الحفاظ على الهوية الإسلامية المهددة في ديار الغربة و أقطار العروبة و الإسلام  ، و قد يكون مرد ذلك إلى غفلة هذا الفريق عن أن السياسي جانب  » سيد  » إذا دخل جماعة فلا بد أن يستحوذ على القرار فيها و يلحق جملة المناشط الأخرى به  و يفرض عليها التكيف وفقا لمتطلباته ، وليس أدل على صحة هذا الرأي  من أن إثارة موضوع غلبة السياسي على الدعوي في الحركة بدأ منذ الإعلان عن تأسيسها و حتى قبل ذلك   و لكنه بقي مطلبا لم يتحقق و ليس في الأفق إمكانيات إضافية لتحقيقه .

 المهم في الموضوع من ناحية نقطة التداول على الرئاسة أن الشيخ راشد العنوشي لا زال يلعب الدور الأهم في التوفيق بين جناحي الحركة ـ السياسي و الدعوي ـ إذا جاز استعمال كلمة جناح للتعبير عن اختلاف وجهات النظر داخل الحركة  و أنه يذلك يشكل ضمانة لتواصل وحدة الحركة و شرطا للمحافظة على الوفاق بين مكوناتها  حتى تستمر رحلة العودة إلى البلاد  لتستأنف الحركة القيام بدورها الطبيعي الذي تأسست من أجله .

و الجدير بالذكر أن دور الشيخ راشد كضمانة بالمعنى الذي بينته منذ حين  قد تأكد منذ ظهور  » هيئة 18 أكتوبر » لما انخرطت رموز تاريخية للحركة في نشاطها وصارت مكونا أساسيا فيها و التزمت ببرامج نضالها و خاصة ما يتعلق منه بالحوار في قضايا لا تحظى بالإجماع حولها كأولوية داخل الحركة  ، ولما أثمر هذا  الحوار  » وثيقة التوافق حول المرأة و المساواة بين الجنسين  » شكل ذلك  سببا لتعميق الهوة بين  جناحي الحركة  بما يرقى أن يكون شرخا داخليا يلزمه الترميم السريع … ف  » المحافظون  » و خير من يعبر عنهم في الداخل : الشيخ حبيب اللوز و في المهجر: الشيخ محمد الهادي الزمزمي (1 )  يرون أن هذه الوثيقة  تمس بثوابت الحركة و نشكل تنازلا كبيرا منها لأطراف استغلت الوضع الاستثنائي الذي يعيشه الإسلاميون في تونس لفرض شروطهم عليهم ، أما السياسيون و خير من يعبر عنهم في الداخل هو المهندس علي لعريض (2) و في الخارج هو الحبيب المكني  و يرون  أن الأمر لا يتعلق بمس بالثوابت أو تقديم تنازل متعارض مع مواقف الحركة السابقة بل يدرجون ذلك ضمن جملة المواقف التي أخذتها الحركة في ظروف كانت فيها أقوى على فرض شروطها على شركائها و من ذلك تصريحات رئيسها لجريدة » الصباح » التونسية سنة 1988م في معرض تقييمه لمجلة الأحوال الشخصية ، و حدث توقيع ممثلها على الميثاق الوطني الذي يشيد بهذه المجلة و يؤكد على  اعتبارها مكسبا وطنيا من الدرجة الأولى لا يسمح بالمساس به . ويظهر هنا الدور المحوري للشيخ راشد في الموازنة بين وجهات النظر مع الالتزام الواضح و المبدئي بالمواقف السابقة من المجلة و التعبير عن ضرورة استمرار الدعم لهيئة 18 أكتوبر في وقت بدأ الكثير يزهدون فيها ويقللون من حظوظها في الاستمرار ، ورغم أن موقف الشيخ هذا أقرب للسياسيين منه إلى موقف الدعاة فإن وزنه الأدبي كفيل بالتأثير على القلوب و تلطيف الأجواء و التقليل من أهمية الخلاف الذي يمكن تجاوز آثاره السلبية بوضع شروط  جديدة تضمن حسن التشاور في المستقبل عندما يتعلق الأمر بإحراج مشابه .

  نقطة أخرى مهمة تشير إليها تلك المصادر المطلعة لتؤكد على أن التداول على الرئاسة مستبعد في المؤتمر القادم للحركة و تتمثل  في غياب الحديث في أوساط هذه الحركة و المتابعين لنشاطها عن مرشحين محتملين فضلا عن بروز أحد الوجوه الأوفر حظا من غيره كما جرت العادة لدى جميع الحركات السياسية ، لمّا يكون موضوع تغيير القيادة مطلبا ملحا بمناسبة انعقاد مؤتمراتها ، زيادة على  غياب أي مسعى يندرج في سياق التنافس بين المرشحين المحتملين مما يُحمل إما على زهد هؤلاء في المنصب لثقل مسؤولياته و خفة مغانمه أو لأن الرئيس المؤسس للحركة راشد العنوشي لم يشغل نفسه بإعداد خليفة له ، و يفسر ذلك بأمرين :

 ــ إما لكونه قد تقمص دوره كرئيس للنهضة إلى الحد الذي جعله لا يرى نفسه إلا على رأسها و هذا يحيلنا إلى ثقافة المشيخة الصوفية و الإمارة مدى الحياة التي ليس من السهل تجاوزها مع التمسك بالمرجعيات التقليدية في المجتمعات العربية الإسلامية بما في ذلك بعض مواصفات الظاهرة الاستبدادية ،  ــ و إما بسبب أملاءات الظرف  الانتقالي ــ الذي أشرف كما يُظن على نهايته ــ و ما يعود إليه من حاجة إلى خدمة هدف الوفاق المرحلي و رص الصفوف للتغلب على الأمواج العاتية و بعد ذلك  يفسح المجال لتعمل سنة التدافع بقوانينها و تفرز ما تفرزه من قيادات جديدة على أساس مشاريع متباينة ،بما يؤكد الصفة الديمقراطية لحركة النهضة ، تلك الصفة التي تحتاجها كأداة فعالة لفرض الانفتاح السياسي في تونس و تحقيق أمل التغيير الديمقراطي ، سبيلا لإرساء دولة الحق والعدل و الحرية .

    و يعتقد صاحب المقال أن الأمر بين هذا و ذاك مما يبرهن على مصداقية صفة  » بالغة التعقيد » التي أطلقها منذ البداية على الظروف التي ستحكم مداولات هذا المؤتمر و قد يتواصل ضغطها على الحركة الإسلامية التونسية على المدى القريب إثر انعقاده  هوامش (1)   أنظر البيان الذي أصدرته الهيئة العالمية للدفاع عن الإسلام في تونس  بإمضاء الشيخ الزمزمي (2)    نرتكز هنا  على الحوارات التي أجريت مع السيد علي لعريض في قناة الحوار التونسي و جريدة الموقف و موقع الحوار نت


 
بسم الله الرّحمن الرّحيم و الصّلاة و السّلام على سيّدنا ونبيّنا محمّد ابن عبد الله

هل تعلم ؟ … و الى أيّ مدى؟

منذ 16 سنة و مساجين حركة النّهضة الاسلاميّة التّونسيّة يعانون من ويلات السّجون و قد تبقّى منهم قرابة 57 شخصا رهائن في قبضة السّلطة التّونسيّة الّتي جعلت من سياستها استئصال هذه الحركة وعزلها عن السّاحة فاتّهمتها بتهم واهية و أساءت الى سمعتها كأن وصفتهم بالتّطرّف الّذي لا يمتّ اليهم بأيّة صلة و حلّلت للتّونسيّين ما يسمّى بالستار أكاديمي الى أن جرّت الى الهاوية الكبرى  بأرواح لقت حدفها في الحفل الكارثيّ بمدينة صفاقص مؤخّرا اليكم يا اخوتنا الأعزّاء هذه الأمثلة الدّامغة و القاهرة الّتي تتّبع في هذا البلد المسلم  :- كتاب تفسير القرآن الكريم و ماء زمزم و السّبحة و اللّحية « أمور ممنوعة في تونس » عن المساجين السّياسيّين و غيرهم من السّجناء عموما أمّا اللّحية فهي ممنوعة داخل السّجن و خارجه على الرّجال التّونسيّين -في حين أنّ الصّهاينة يصولون و يجولون في تونس و تشدّد الحراسات الأمنيّة لفائدتهم و المناسبة « حجّ  اليهود »  في الغريبة بمنطقة جربة. و يقف الأمن المدني أمام المحلات العموميّة القريبة من مراكز الشّرطة لكلّ من تمرّ مرتدية الحجاب لأمرها بالدّخول الى مركز الشّرطة و هناك يقع نزعه عنها أو أمرها بنزعه و يطلب منها امّا أن يبقى رأسها عاريا و امّا أن ترتدي « فولارة » و لكن أن تجعل مقدّمة شعرها غير مغطّى و أن لا تعقد الفولارة بل ترمي بالجزء الأيمن من الفولارة نحو الأيسرو الأيسر نحو الأيمن و تامر أن توقع على « التزام » متكوّن من 6 أوراق لا تدري ما محتواها كما تسأل عن معلومات شخصيّة دقيقة اليس كلّ هذا استفزاز للمسلمين ؟ و اعتداء على الكرامة البشريّة عموما؟ آخر كلمة هي لا حول و لا قوّة الا بالله و السّلام عليكم ورحمة الله و بركاته اسلام


المصالحة  الى اين ؟

 
بسم الله الرّحمان الرّحيم و به أستعين بعد تمعّن و قراءة الأحداث والتفاعلات   حول مشروع المصالحة وما نتج عنه,  و ربّما سينجرّ عنه تعقيد للقضيّة رغم حسن النوايا.  أتّضح  جليّا  أنه يجب علينا أن نتقدّم  إلى الأمام  بتطوير مشاريع  أكثر  مصداقيّة  وجدّيّة   و لا   نعود  إلى الوراء (مشاريع من هنا وهناك), و بوضوح عندما  نرى  عدم  استجابة  السلطة  لدعوة   أخينا   المهندس   عليّ  العريض لطي صفحة الماضي  ومد  اليد للتعاون  عقب خروجه  من السجن. وغيره  مع  اختلاف  مطالبها . – عفوا تشريعي عام  =   حقوق مدنيّة وسياسيّة مع التعويضات منذ الاستقلال ( مطلبا كلّ المعارضات) – عفو رئاسي  = حقوق مدنيّة ثمّ النضال من أجل الحقوق السياسيّة ( أحسب أنّني منهم لمصلحة البلاد والعباد) – طيّ صفحة الماضي = مقابل لا شيء إلاّ تركي في حالي ( مطلب بعض الإخوة في الدّاخل حسّن الله وضعهم ). –  ما  طرحه  الأخّ  الهاشمي =  لم أجد له  تسميّة,  أو في أي  أطار  يتنزّل,   أرى أنّه لا  يزيد إلاّ تعقيدا  للوصول إلى  حلّ يفرح  به  الشعب التونسي ( سلطة   ومعارضة)    أخي الهاشمي   يقول الرّسول صلّى الله عليه وسلّم من إجتهد  وأصاب فله  أجران و من إجتهد  ولم يصب  فله أجر واحد.  وفي الأثر أحبب حبيبك  هونا  ما  عسى ان يكون  بغيضك يوما ما, وابغض عدوّك  هونا  ما  عسى  أن يكون  حبيبك يوما ما  ( نحن نحبّك في الله و ما يهمّنا  إلاّ  أن نعمل سويّا لمصلحة البلاد بصدق,   و بطرق واضحة) لماذا لم  تستضيف   قناة   المستفلّة    أحد  قيادات  الحركة  داعين للمصالحة؟  لماذا لم  تستضيف أحدا من  السلطة  أو  ممّن  هو  قريب من سلطة  من  المنادين بحلّ  هذه المعضلة؟ نتّقي  الله  في  بلادنا وفي أنفسنا   وعليه اطرح  مشروع  و لا اقول الورقة الأخيرة , ولكنّها مهمّة بإذن الله,  و  ثقتي في   الله سبحانه  وتعالى كبيرة , وأدعو  السيّد الرّئيس الزين العابدين  بن عليّ  شخصيّا  والحركة  بقيادة الشيخ راشد الغنّوشي  أن يجدا مخرجا لهذه المعضلة على أن يتنافسا  على  مصلحة  البلاد والعباد وتأمين المستقبل ,وفّق من الله من  أراد إصلاحا . المهمّ = 

مشروع رسالة  من الشيخ راشد الغنّوشي   بصفته رئيس الحركة   تليق  بمقام  السيّد الرّئيس زين العابدين بن عليّ   لجعل حد   للضّرر  الذي  طال  الجميع. ( عفو رئاسي  وذلك إسترداد  الحقوق المدنيّة والسياسيّة بطريقة التدرّج )

   وعلى  أبناء  النهضة  قيادة  وقاعدة الدّفع  الى هذا المشروع  وتشجيع الشيخ  راشد وفّقه الله,  وأن لا نحمّله  المسووليّة  أكثر  من اللاّزم.  وعلى  المسؤولين في السلطة   ومستشاري سيادة الرّئيس الزين العابدين بن عليّ  أن يدفعوا  الى  مصالحة  وطيّ صفحة الماضي . والله الموفّق عزالدين محمود ezdmahmoud@hotmail.com

 

بعد سقوط القناع عن الإستراتيجية المسمومة…ما العمل؟

 
لم نختلف كإسلاميين على اختلاف خطوطنا و مواقعنا في تقييم ما طرح على أنه فك اشتباك بين سلطة 7/11 و الإسلاميين. وما ظننت و ما أظن أن في بلدي عاقل منصف يقبل بتلك المهزلة. كما أني واثق أنه لا يوجد تونسي  » رشيد » إسلامي أو غير ه يقبل أو يرغب في استمرار هذه المحنة وهذا الإنسداد في أفق تونسنا الحبيبة لأن الكل يعلم مدى الضرر و الخسارة التي تتكبدها البلاد كل يوم إضافي في ظل الازمة الحالية.

هل يوجد بيننا من لا يرغب في أن يرى سجون تونس خالية من سجناء الرأي؟هل منا من لا يرغب في أن يرى الهاروني و الهيثم والجلاصي وشورو و الغالي ودنيال والجامي و عبو و كل المضطهدين يتبوؤون مكانهم الطبيعي في الوطن يساهمون في رقيه و رفعته و يؤطرون شبابه ليتقذوه من الضياع و الإنحراف (التميع أو الإرهاب)؟هل منا من لا يريد للمغتربين في شتى أصقاع العالم العودة لدفء الوطن والمساهمة في النهوض به بما اكتسبوا من خبرات و تجارب في منفاهم وعلى رأس الشيخ راشد و العريض والبناني و غيرهم؟ من منا لا يريد لتونس أن تعود من جديد لسنوات الخصب الثقافي و السياسي و الفكري؟ من منا لا يريد للجامعة التونسية أن تعود كما وصفها أخي محمود قويعة في حواره مع الحوار نات قلعة من قلاع الوطنية و النضال وسدا في وجه التصحر الثقافي و الفكري؟من منا لا يريد أن يعيش آمنا في وطنه مطمئنا على رزقه وحريته و عياله مشاركا مساهما في تطوير بلاده الجميلة كلنا بلا استثناء الداخل(السجن الكبير والصغير) والخارج يرغب بل و يدعو الله ليلا نهارا أن يزيح الغمة عن تونس و لكن كيف يا صحابي؟ طبعا و قطعا ليس عن طريق مسح الأحذية و التنكر لآلام و تضحيات أجيال من الرجال (إناثا و ذكورا) الصادقين والشهداء الذين نحسبهم عند الله خالدين شاهدين.

 وقد أثلج صدري ما نشر للأخ مرسل الكسيبي على موقع توتس نيوز المحترم يوم 11/05/2007 فلا فض فوك يا أخي.

إن المتابع للحالة التونسية (السياسية و الامنية خصوصا) يكاد يجمع على استحالة عودة سلطة 7/11 عن غيها و الإستجابة و لو للقليل من مطالب الطبقات السياسية العادلة من قبيل إخلاء السجون من سجناء الرأي و كف اليد عن المسرحين منهم فما العمل ؟ هل نبقى نتفرج و ننتظر المجهول أم علينا أن نسعى لصنع ذلك المجهول و التعجيل بحدوثه؟كيف ذلك يرحمكم الله ؟

الوسائل عديدة و متنوعة و مشروعة والمطلوب خطة تحرك متواصل و دؤوب لا تعرف الكلل ولا الملل و تجمع الكل (الداخل والخارج) حولها كل يساهم فيها بالمتاح له دون حسابات حزبية ضيقة أو مصالح دنيوية زائلة وليكن شعارنا « كلنا على ثغرة و كلنا مسؤول أمام الله و التاريخ عما آلت إليه أوضاع بلادنا على جميع المستويات » .

لدينا والحمد لله (لا أقصد الإسلاميين فقط بل كل من يحس ألم الوطن و يرغب في إنقاذه ) طاقات خلاقة في جميع المجالات و منّ الله علينا بشبكة رائعة من العلاقات و الإتصالات مع الفاعلين في كل الدنيا. و لدينا قضية عادلة و مطالب مشروعة فلم السكوت و الركون ؟

ما نحتاجه فعلا هو الخطة الجريئة و القيادة الرشيدة فهل ذلك عصي على شعب تونس الحبيبة الذي قدم آلاف المعتقلين و الشهداء عبر تاريخ مليئ بالنضال و الصمود زمن الإستعمار المباشر و قبله و بعده إلى يوم الناس هذا.

فإلى متى الإنتظار؟ أما يكفي ما ضاع من سنوات عجاف خسرتها بلادنا؟ ما العمل أرشدونا يرحمكم الله. أبو أنيس


هذه هي المصالحة الحقيقة

 
بسم الله و الحمد لله و الصّلاة و السّلام على رسول الله و آتّقوا يوما ترجعون فيه الى الله ثمّ توفّى كلّ نفس ما كسبت وهم لا يظلمون كان من المنتظر أو لعلّني كنت أظنّ ان يكتب صاحبنا الدّاعي و المنظّر للمصالحة كلمة ينصح فيها أهالي تونس حتّى لا ينساقوا وراء هذا التّفسّخ الأخلاقي الّذي استشرى في بلد الزّيتونة و الّذي يدعمه الطّاغية الّذي حجّ والذي يصلّي و زوجه و أبنائه و من ورائهم بائع الموز سابقا، هؤلاء و للأسف أصبحوا ينظّرون للفساد ولا أحد يدعوهم للمصالحة مع ربّهم ولا حتّى صاحبنا صاحب المحطّة الفضائيّة و الّتي سيسأل عنها يوم لا ينفع مال و لا بنون أمام الجبّار سبحانه فيسألك لم لم تأمر بمعروف حين ماتوا أهلك في صفاقس بسبب ستار أكادمي ؟ لم لم تكن جريئا في قول كلمة الحق ؟ أم انّها كالعادة الحكمة و الحرب و المكيدة .اتّق الله فانّك ميّت وانّنا ميّتون و أنّ الطّواغيت هالكون ,أتحدّاك أن تقول كلمة لرئيسك الّذي قابلته في قرطاج تنصحه فيها بالتّوبة و العودة الى الله خاصّة وأنّ سنّه في السّبعينات !أم لعلّك تخشى أن تثير حفيظته فيغضب ويرفض المصالحة ؟ ) أمّا لماذا لا يحبّون المصالحة ؟ لأنّهم يدركون تمام الادراك أنّ فيها تهديد مصالحهم فيكفيك يا ابن الحركة الاسلاميّة أن تمرّ على قناة 7 أو حنّبعل وسترى حجم الكارثة الّتي حلّت بأهلك و أهلنا في تونس من عري و تفسّخ أخلاقي جرّاء غياب أبناء الصّحوة أمثالك عن السّاحة . انّ في عودتنا لخير عظيم لبلادنا لأنّ هؤلاء ظنّوا أنّ التّهجير لأبناء الحركة سيكون فيه ذوبانهم في بلاد الغرب ولكنّ الله قدّر أشياءا عنده فآنقلبت المحنة منحة و شهادات عليا و تمسّكا بالمساجد و الحجاب و الدّعوة و العلم الشّرعي . الخ الخ ….. كان لك أن تفتخر بهؤلاء يا صاحبي فاذا بك تنصّع صورة الطّاغية وصهره بائع البانان بنهج الملاحة شتّان بين الثّرى و الثّريّا .أفنجعل المسلمين كالمجرمين؟ مالكم كيف تحكمون؟ و تعازينا الى أهلنا بصفاقس وهمسة لمن كان سببا في موتهم بحديث سيّدي رسول الله صلّى الله عليه و سلّم أنّه أوّل ما يقضي الله يوم القيامة في الدّماء فتأتي كلّ نفس ماسكة بمن قتلها تقول أي رب سل هذا فيما قتلني؟ والسّلام عليكم من أخيكم سيدي بو – ايطاليا (المصدر: موقع الحوار.نت (ألمانيا) بتاريخ 11 ماي 2007)

 

محاربة النظام السياسي لا تبرر محاربة الوطن

 

بقلم عامر عياد

المواطنة عقد اجتماعي ،فهي التزام متبادل ما بين المواطن و الوطن الذي ينتمي إليه .وهذا العقد يرتب حقوقا للمواطن و يفرض عليه التزامات في ذات الوقت وكما أن من حق المواطن أن يطالب بحقوقه التي تقرها المواثيق و الدساتير و القوانين و الأعراف و كذا من حقه النضال من اجل تحقيقها ، فان للوطن أيضا حقوقا .فان من حقه أن يفرض على المواطن الالتزامات النابعة من كونه مواطنا وعلى رأس هذه الالتزامات عدم الإضرار بمصلحة الوطن أو التفريط فيه .

وهكذا فان الأوطان تبنى وتتقدم بفعل جهد جماعي ..جهد الدولة ومؤسساتها و تسخيرها لإمكانياتها لخدمة الوطن و المواطنين ،و جهد المواطنين كل في مجال تخصصه وكل من موقعه ..لا فرق بين حاكم ومحكوم أو بين غني أو فقير أو بين أمي أو متعلم.في حين أن الجميع يحتمي بحمى الوطن و يستظل بظله و يتمتع بخيراته و يكتسب هوية وطنية وكرامة و ثقة بالنفس من خلال انتمائه لوطنه .فالمسؤولية تجاه الوطن.. مسؤولية جماعية.. وتقصير الدولة-أجهزة ومؤسسات-في القيام بواجباتها ،وإذا كان يفرض على المواطن الحق في نقدها و معارضتها بل ومقاومة سلطتها السياسية أن لزم الأمر،إلا أن ذلك لا يعفيه من القيام بواجبه تجاه الوطن ، لان أخطاء السلطة السياسية لا يتحمل جريرتها الوطن ، فالوطن لا يخطى أبدا..و أخطاء السلطة السياسية لا تبرر نكران الوطن و النكوص عن القيام بالواجب تجاهه..لان الوطن ليس هو السلطة السياسية ومن يتخلى عن الوطن بحجة فساد السلطة السياسية أو سوء الوضع الاقتصادي وانهيار المنظومة القيمية واضطراب الحياة الاجتماعية و يفضل مختارا المنفى أو التعامل مع أطراف أجنبية نعلم مبدئيا عداءها للوطن-الأمة-إنما هو قطعا فاقدا للوطنية وخائنا لامته.

الوطن أعظم من السلطة السياسية و متجاوزا لها ومثاله انه رغم أن الشعوب المستعمرة التي تخضع للاحتلال و بالرغم من فقدانها السيادة على أرضها و بالرغم من استغلالها و استعمارها و إلغاء المستعمر لكيانها ،فان الوطن يبقى حاضرا عند هذه الشعوب ولا تسقط وطنية الشعب الخاضع للاستعمار بل يحملون الوطن معهم في غربتهم و تقوي إيمانهم به بالرغم من استعمار الأرض و يناضلون من اجل استرداد الحرية و تحقيق العزة و السيادة.

نعم قد تغيب الدولة وتتعسف في القيام بواجباتها تجاه مواطنيها ، قد تترهل المؤسسات ، قد تفقد السلطة الحاكمة كل المشروعية السياسية والقانونية والشعبية..قد تقمع و تقتل وتنفي بدون سبب ..وقد تكون متسلطة ومستبدة ..ولكن هذا لا يبرر إطلاقا التخلي عن الوطن بل تصبح المسؤولية مضاعفة ..مسؤولية نصرة الوطن و تحريره من ربقة الظلمة بالوسائل المشروعة والنظيفة والأخلاقية بما لا يتنافى والمبادئ التي نؤمن بها بعيدا عن الانتهازية السياسية والنظرة النفعية الضيقة التي  قد تذهب بمصداقية المعارضة الصادقة ،الحرة ، الملتزمة بقضايا الأمة و المدافعة عن مصالحها.

كل الشعوب التي خضعت للاستعمار لم تفقد أوطانها، بل فقدت ارض الوطن..فقدت الدولة، أما الوطن فيبقى حاضرا ومنغرسا في عقل و نفس و شعور كل مواطن ..في لغته ولهجته وفي عاداته وتقاليده ، في أماله و تطلعاته ، في يقظته وأحلامه.

كل ممارسات النظام بما هو السلطة السياسية الحاكمة ..كل ظلمه وجبروته ..كل قمعه واستبداده ..لا تبرر النيل من سمعة الوطن أو الاستعانة بالأجنبي لتحقيق الهدف ..فسمو الهدف من سمو الوسيلة ..ولن يكون للديمقراطية أو الحرية من معنى إذا كان طريق الوصول إليهما مختلطا بالغش و الخداع و بيع الوطن وما مثال المعارضة العراقية –بإسلامييها وعلمانييها ..بشيعيتها وسنتها-ممن رضي بالقدوم على ظهور « الدبابات المبشرة بالديمقراطية » عنا ببعيد.

مثل هذه الممارسات-إن وجدت-في مجتمعنا إنما هي أساسا نتيجة لغياب ثقافة سياسية والتي تكتسب أهميتها الفائقة من ارتباطها بالعلاقة بين الديمقراطية في المجتمع ومن ثم الثقافة في المجتمع وبين الديمقراطية ونظام الحكم.لكن الإقرار بهذه العلاقة الثابتة تجريبيا لا يعني بالضرورة التسليم بإسناد أزمة الديمقراطية إلى العامل الثقافي سواء كمحدد وحيد أو كمؤثر أهم من غيره.

فالاستعانة بالأجنبي « لاستيراد الديمقراطية الملغومة » و التحالف معه أو التنسيق معه في مسائل داخلية إنما هو إلى جانب كونه خيانة فهو ضعف في الثقافة السياسية لدى النخب سواء الحاكمة أو المحكومة .

لذلك لا بد من « خلخلة » بعض الممارسات وتشريحها بعيدا عن منطق المزايدة و العواطف ..والمراجعة المطلوبة التي تنطوي على إعادة النظر في الممارسة الديمقراطية البينية أو العمودية.

فالديمقراطية ليست انتخابات و مؤسسات فقط إنما هي قيم ومعتقدات..أي ثقافة سياسية قبل كل شيء و الثقافة السياسية لا تهبط من السماء ولا تتطور من فراغ وإنما تنتشر تدريجيا في المجتمع عبر الممارسة وما تنتجه من « تدريب » على التنافس و المشاركة و المساءلة .. وهي قابلة للتطور و التمدد إذا توفرت البيئة  والظروف المساعدة في ذلك وفي مقدمتها إيمان والتزام النخب الرئيسية في المجتمع السياسي و المجتمع المدني بالديمقراطية وبعلوية الوطن و ضرورة صيانته و الحفاظ عليه والذود عنه و صيانة استقلاله وحريته وعزته لان بدونها لن تكون ديمقراطية ولا مواطنة.

لا اقصد بهذا الحديث جهة معينة.. ولا حزبا بذاته و لكن هو تذكير بمبدأ اعتقد انه قاسم مشترك من المفروض أن يكون مبدأ عاما وأساسيا سواء أكان من طرف الحكام أو المحكومين والله من وراء القصد


 
بسم الله الرحمن الرحيم

إلى الرجل الوحيد في الموالاة و المعارضة و أكثرهم تقنيّة في المجتمع الأمني  التونسي و أبرزهم ثقة في النفس واقلهم سيقة على الساحة السياسية

كاهنة عصرها السيّدة  » ليلى الطرابلسي » المحترمة كرهًا عند البعض و طوعا عند البعض الآخر

 
بيروت، في يوم الجمعة الموافق لـ11/5/2007  
أطلعك ايها السيّد(ليلى الطرابلسي حرم بن عليّ) على هذا كتاب المرفق راجيا منك مساندتي في نشره على الساحة الوطنيّة  و محاولة طلب مثولي امام المحاكم السويدية ، رغم يقيني بتوجهاتك الإنتمائية الصريحة ، حتى يتسنى لي إفهام العالم و انصاف رجال وطني بان للوطن كائنات حيّة ليست للبيع لا لأنظمتها و لا للوّبي المعروف. ولا تهْوى كبر المقام الاجتماعي  و الكمال المادي على حساب الدم و الساعد والشرف. عفوًا سيدتي، لعدم وجود رجال غوالي على الساحة الأمنيّة و السياسيّة مثلما كان في الأيّام الخوالي  في تونس، فطوبى لك بكبر المقام الإجتماعي و السياسي و طوبى لكل من هو على خطك الذين برهنوا مقولة جدنا إبن خلدون!. إن غياهب السجون في وطني أو في غيره اشرف لي من أن أكون عميلا مبطنا ذات قيمة و صيت امام السواد الأعظم من الناس و الحال أني سأصبح بيني و بين نفسي كمشرفة على العاهرات، الذي اخذ منها التقدم في السن و التجعد الوجه و المفاتن و العجز الجنسي مأخذ الجد . اتقدم لك بكل أنفة و صدق و صراحة راجيا من مقامك المسيطر على كل اصناف وأشكال و شُعب المجتمعات في وطني ، إعانتي على  نشر المقال و تأييدي للمثول امام المحاكم السويدية لكشف العديد من الأشياء تحول بين أبناء جلدتي و الخيانة المجردة عند البعض و الموصوفة عند البعض الآخر. ويكفيني شرفا وبعض رجالات اليسار الوطني والعالمي ,أني قد أجبرت بالنصح الحكومة السويدية على عدم ارسال قوات الى جنوب لبنان بعد الحرب الأخيرة !. حتى يستفيق الشعب التونسي ـ وهذا صعب ـ لك مني اسمى آيات الإحترام و الإعجاب بما حققتيه من نتائج مذهلة على الساحة الوطنيّة و دوليّة  يجهل السواد الأعظم من الشعب الكريم  قيمتها و مردودها في الأمد المتوسط و البعيد.  وأصبحت الكائن الحيّ الوحيد الذيّ يحتل إسم ومكانة و شرف الرجال غير العاديين النادر وجودهم على الأقل في وطني. الشاذليّ العيّادي الحزب الإشتراكي الدستوري التونسي مناضل شرفي بالتجمع الوطني الجمهوري الجزائري إعلامي و خبير في الشؤون الأمنيّة
 

 
بسم الله الرحمان الرحيم
والصلاة والسلام على أفضل المرسلين 

 

ذكرى معاهدة الحماية وذكرى تونسة الأراضي الفلاحية

   من محمد العروسي الهاني

 
 تونس في 12/05/2007 لمسة وفاء لروح المناضل الكبير الحسين الحاج خالد رحمه الله

يحيي المناضلون الدستوريون الأحرار ذكرى وفاة المرحوم الحسين الحاج خالد . الذي غادرنا يوم 12 ماي 1987 في سن 53 سنة في عنفوان العطاء والسخاء، فقد ولد المرحوم سنة 1934 في بلدة الحنشة وكان ينحدر من أسرة فلاحية وطنية حيث كان والده الحاج خالد السلامي من عائلته ماجدة وذا حسب ونسب وتحمل رئاسة شعبة الحنشة في بداية ميلاد الحزب الحر الدستوري الجديد عام 1934. وتربى نجله الحسين رحمه الله على قيم وثوابت وطنية عالية وفي عام 1940 دخل المدرسة الابتدائية بالحنشة  وتحصل على الشهادة الإبتدائية عام 1946، وألتحق بالمدرسة الثانوية بصفاقس عام 1947 وكان من انشط التلامذة في المعهد الثانوي متحمسا لمبادئ الحزب الحر الدستوري  ملبيا نداء الواجب الوطني. وفي عام 1949 زار الزعيم الحبيب بورقيبة رحمه الله صفاقس واجتمع بأحرار صفاقس وألقى التلميذ الحسين الحاج خالد قصيدة شعرية أمام المجاهد الأكبر الحبيب بورقيبة وقد تأثر الزعيم بهذه القصيدة الرائعة. وأوصى الزعيم خيرا بهذا الشبل في النضال وفي عام 1951 شرع الشاب الحسين خالد في توزيع مناشير الحزب وصحفه ونشر تعليمات الزعيم  والأستعداد للمعركة الحاسمة في الربع الساعة الاخير. وشعر الاستعمار بخطورة الوضع فعمد غلاة الأستعمار الفرنسي في غضون عام 1952 إلى اعتقال المجاهد الأكبر الحبيب بورقيبة يوم 18 جانفي 1952 ورفاقه وشملت الحملة التعسفية كل المناضلين وسجن الأخ الحسين الحاج خالد عام 1952 وهو أصغر سجين عمره 18 سنة وفي السجن بتونس قام الشاب المناضل صحبة مجموعة من المناضلين بثقب السجن المدني والفرار منه للمشاركة في المعركة الحاسمة من خارج السجن . لكن الإستعمار الفرنسي تفطن لعملية الفرار وأعادهم من جديد وقام بعملية التنكيل والتعذيب وبقي المناضل في السجن حتى عام 1955 بعد الحصول على الاستقلال الداخلي وعودة الزعيم بورقيبة إلى أرض الوطن غرة جوان 1955. وعند إطلاق سراحه وهو في سن الحادية والعشرين شرع في العمل السياسي الحزبي وكان أول رئيس شعبة دستورية للحنشة وسنه 21 سنة وتحصل على أول بطاقة مقاوم رقم 1 في كامل البلاد . وتاريخ الأخ المناضل حافلا بالنشاط والمواقف الوطنية من 1952 إلى تاريخ وفاته 12/05/1987. وتحمل مسؤوليات كبيرة في صلب الحزب  منها كاتبا عاما لجامعة جبنيانة عام 1958 وعضو بلجنة التنسيق بصفاقس من عام 1960 إلى 1987 ماعدى فترة قصيرة وانتخب عضوا بالمجلس الملي سنوات 1961 -62-63 ونشط في مجالات عديدة وساهم  في نهضة التعليم بولاية صفاقس ونشر وبعث الشعب الدستورية . وكان له الفضل في تطوير الحنشة وأصبحت معتمدية وبلدية وبها كل المرافق. والأخ الحسين الحاج خالد نظيف وشريف وطاهر لم يجري وراء المناصب والمادة…. وفي فترة ما بين عام 1969 و 1972 كان معتمدا على الله وشرف المهنة ولم يطلب مليما أو طلب رخصة أو إمتياز. ولم يجري وراء المناصب ولو تعلقت همته بذالك لحقق رغبته حالا لم يجري وراء مجلس النواب أو خطة معتمد أو والي أو كاتب عام للجنة التنسيق رغم أنه قادر وصاحب كفاءة ونضال وطني. الأخ المناضل النظيف الشريف رفض المادة. وعندما أقعده المرض سنة 1986 زاره السيد الهادي البكوش مدير الحزب الاإشتراكي الدستوري إلى منزله لإعتباره من أصدق  الأوفياء للمرحوم الحسين وبعد أن غادر الأخ الهادي بكوش منزله بعد عيادته في الحنشة أذن السيد أحمد بالأسود كاتب عام لجنة التنسيق بصفاقس بإرسال مساعدة مالية للأخ الحسين وكمية من الأدوية . وكلف السيد أحمد بالأسود الأخوين الطاهر حمودة ورجب بن عامر أصيلا الحنشة بالإتصال بالأخ المناضل الحسين الحاج خالد وتسليمه الصك والأدوية لكن المناضل الشريف رفض الصك وقبل الأدوية هذا هو الاخ الحسين الحاج خالد رحمه الله . واليوم مشكورة شعبته التي تحمل اسمه تحيي هذه الذكرى العشرين وفاء لروحه الطاهرة الزكية واعترافا بخدماته ونضالاته الواسعة فشكرا للأخ المناضل عبد الرزاق السلامي رئيس الشعبة الدستورية على هذه المبادرة الكريمة . ونقترح عليه أن يبادر يوم السبت 26 ماي 2007 بدعوة كل من له علاقة بالمناضل المرحوم الحسين الحاج خالد قصد تسليط الأضواء على جانب من مسيرة هذا المناضل الصامت الذي لم يحظى  بكل العناية… ونرجوا أن نكرم أنجاله وذويه بعده. وألف شكر لصاحب المبادرة السيد عبد الرزاق السلامي الذي كان على غاية من الوفاء للثوابت والقيم والمبادئ الدستورية وهو أصيل ووفي وصاحب ثوابت.

قال الله تعالى  » هل جزاء الإحسان إلا الإحسان » صدق الله العظيم


بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة.. قراءة في التقرير السنوي لجمعية الصحافيين التونسيين

الأداء مازال دون المأمول

سفيان الشورابي تجمع الأوساط الإعلامية المحلية والدولية على أن المشهد الإعلامي التونسي يتسم بالمأساوية والسواد. وتجمع غالبيتها على أن هامش الحرية التي يحتاجها العاملون في هذا الميدان عرف تراجعا حادا خلال العشرية الفارطة . لذا خيرعدد من الكفاءات والإطارات الصحفية العمل في فضاءات إعلامية خارج البلد هروبا من الجحيم الذي يعيشونه اليوم ؟ واذا كان آخرون قد التجؤوا إلى الشبكة المعلوماتية بما توفره من فرص وامكانيات ضخمة وسلسة للبحث ولنقل المعلومة دون رقابة صارمة غير مبررة في أكثر الأحيان ،فان آخرين مازالوا متشبثين بأحقية وجدارة بلادنا بإعلام مكتوب ومسموع ومرئي يوازي على الأقل التطور الذي يحياه التونسيون على أصعدة أخرى. ومن ضمن هؤلاء، نذكر فريق العمل المتكون من أعضاء لجنة الحريات التابعة لجمعية الصحافيين التونسيين ، الذين أنجزوا تقريرهم السنوي السادس بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة . فعن أي رصيد تحدثوا بالنسبة إلى السلطة الرابعة المفترضة ؟ مصاعب مهنية وتردي الوضع الاجتماعي لا يخلو التقرير الصادر عن الجمعية من عدد من الوضعيات الحرجة والمثيرة والمحطة من كرامة الصحفي. فحسب ما استقيناه منه ، هناك قلة فقط من المؤسسات الصحفية تحترم اليوم مجلة الشغل ومجلة الصحافة . ففي ما يتعلق بالوضعية المهنية للصحافيين ، و رغم الزيادات التي تحددها المفاوضات الاجتماعية ، مازال الوضع المادي العام للصحافيين متردي، شأنه شأن الوضع المهني الذي لم يعرف بدوره تحسنا يذكر.ما عدا تمتع الزملاء من منخرطي الجمعية بحواسيب محمولة ! ويتقاضى الصحافيون ، مقارنة بزملائهم في بلدان أخرى متطورة كانت أو نامية أو حتى في قطاعات أخرى مكافئة ، أجورا متدنية تصل أحيانا إلى حدود 200 دينار شهريا. وكشفت استبيانات سابقة للجمعية أن أكثر من 50% من الصحفيين مثقلون بقروض شخصية . وفي إحدى المؤسسات الصحفية الكبيرة لم يحصل الصحافيون على منحة الإنتاج منذ سبع سنوات . وبالنسبة لجريدة وفرت 170 ألف دينارا حسب ما جاء في موازنتها المنشورة ، لا يتوفر فيها صحافي واحد محترف قار.وكذلك الشأن في جل صحف المعارضة . وتبقى العلامة السوداء في القطاع ، تواصل عمليات الطرد. فقد تم في العام الماضي طرد عدد من الزملاء بتعلة عملهم كمتعاونين . والحال أنهم يقومون بأعمال صحافيين قارين ولسنوات طويلة . نذكر منهم كلا من كريمة دغراش وإيمان الحامدي ولطفي بن صالح وسامية الجبالي وآمال الهلالي… وفي إطار آخر، ورغم النجاح الذي حققته المرأة الصحفية في مختلف الأقسام، وإتقانها لمختلف المهام التي تكلف بها، وكثرة عددها مازال تواجدها بمواقع صنع القرار على مستوى التحرير أو الإدارة محدودا. ويشدد التقرير كذلك على الحالة الاستثنائية التي بلغتها جريدة يومية . فهذه القلعة الإعلامية العريقة تعرف تعطيلا للطاقات البشرية أوتجميدها. كما صارت وكالة الأنباء » وات » هي المحرر الأساسي لجل االمقالات . وبدل أن تعاضد جهود النماء والتطوير، صارت مجرد رجع لصدى النشاط الرسمي. إضافة إلى أن انعقاد مجالس التحرير صار أمرا استثنائيا .وهوما يخص غالبية الصحف . فاليوميات على غرار الصحافة والصباح ولوطان لم تجتمع بصحفييها منذ 10 سنوات . ولا يختلف الظرف الموضوعي الذي يعمل في صلبا عموم الصحفيين عن المحددات الذاتية . فالمناخ السياسي لا يشجع ، مع الأسف ، على النقد الصريح والواضح، وتعرية الواقع ليتهل إصلاحا وتجاوز الأخطاء إن وجدت . وما الحديث عن الرقابة الذاتية المفرطة عند العاملين في هذا الميدان إلا مجرد لغط و حشو كلامي. فزجرية القوانين السالبة للحرية لمجرد الإدلاء برأي يخالف الخط الرسمي ويقفز على الخطوط الحمراء، كفيلة لوحدها لأن يمتنع كل هؤلاء عن تناول المواضيع التي قد تحرج . وتصل حالات المنع في بعض الأحيان إلى حد الإثارة . فالتلفزة التونسية منعت مثلا ريبورتاجين حول غلاء الأسعار و تساقط الثلوج في منطقة الشمال الغربي . حيث تم إنجاز ريبورتاج حول تساقط الثلوج في المنطقة تضمن في الجزء الأول منه وصفا لجمالية الثلج ومنافعه بالنسبة للموسم الفلاحي وفي الجزء الثاني إشارة للعزلة التي لحقت بالمواطنين ونقص المواد الغذائية ووسائل التدفئة ، لكن المسؤولين عن المؤسسة تدخلوا لمنع بث الجزء الثاني بدعوى أنه من غير المقبول الحديث في تونس عن مواطنين معزولين ! غياب الحريات الصحافية تعتبر الرقابة على المواضيع وصنصرتها أمرا جاريا ومعتادا في بعض المؤسسات الإعلامية . هكذا ذكر التقرير.وقد ارتكز في موقفه هذا على جملة القوانين والتشريعات التي تقف حاجزا أمام اتساع هامش الحرية . فمجلة الصحافة لا تزال ترزح تحت عبئ 14 فصلا (22،33، 43، 44، 47، 48،49، 51،52،53،54،59،60و65) تتضمن عقوبات بالسجن تتراوح بين سبع سنوات وشهر و20 يوما كحد أدنى عند احتسابها مجملة وتسعة وثلاثين عاما ونصف كحد أقصى وخطايا تتراوح بين 43618 دينارا و133 660 دينارا دون اعتبار العقوبات التكميلية أو العقوبات الأخرى المحالة أساسا على المجلة الجنائية . وتجدر الإشارة إلى أن مجلة الالتزامات والعقود نصت في فصلها 87 على ضمان الضرر الناشئ عن نشر أو إذاعة أخبار غير حقيقية . وفي المقابل ، تم تسجيل صعوبات داخل الجهات في الحصول على المعلومة وخاصة من بعض الإدارات الجهوية التي تتعلل بعدم توفرها على صلاحيات نشر المعلومة وربط المسالة بالإدارات المركزية . وفي نفس السياق تقوم العديد من المؤسسات الصحفية بفرض الكثير من الموانع والعراقيل في وجه الصحفيين . من ذلك أن قناة تونس تخضع المواضيع المقترحة في برامج مثل « المنظار » و »ملفات » و « شواغل الشارع » و »منتدى العالم » و « لحظة بلحظة » و »بكل وضوح » إلى تمحيص شديد من مسئولي المؤسسة . ويشتكى الصحافيون من رفض جل المواضيع التي يقترحونها مهما كانت عادية مثل سرقة السيارات وتجارة العملة الصعبة … ونفس الحال ينطبق على الصحف المكتوبة .فهي ما تزال تتسم بالرتابة والتشابه خاصة في إهمالها للشأن الوطني أساسا، والتركيز على الأحداث العالمية ، وتحويل الحروب المأساوية إلى مادة إثارة وابتزاز للعواطف حتى حولتها إلى » فرجة ». وتحول الخراب إلى مشروع مجتمعي. وقد تحولت الكثير من الصحف إلى منابر للغيبيات والشعوذة واستحضار الأرواح واستنساخ مقالات مجهولة الهوية من الانترنت ، وهو ما يضيق من فرص الشغل للصحافيين . ورغم بعض المحاولات البسيطة والمحتشمة ، ما تزال التلفزة التونسية مخيبة لآمال دافعي الضرائب . وأما بالنسبة إلى قناة حنبعل ، ورغم الجرأة في اختيار المواضيع فقد سقطت هي الأخرى في فخ تكريس وجهة النظر الأحادية . كما شهدت تونس خلال الفترة التي يغطيها هذا التقرير أحداثا خطيرة للغاية شغلت الشارع التونسي وأغرقته في بحر من الحيرة . فقد عمدت مجموعة مسلحة إلى التسلل إلى بلادنا لمحاولة القيام بأعمال إرهابية وزعزعة الاستقرار. وتصدت لها قوات الأمن والجيش مما أودى بحياة البعض منهم . وقد أجمع التونسيون ومنهم الصحافيون على إدانة هذه الأعمال الإرهابية بدون لبس ولامواربة ، غير أنه لابد لنا من تناول بعض ملابسات هذه الأحداث بالنقد. فوزير الداخلية بصفته تلك توجه بالإعلام إلى ندوة إطارات التجمع يوم 12 جانفي واستعرض أمامهم ملابسات الأحداث ،عوض أن يتوجه بخطابه وتفسيراته إلى جميع التونسيين .. وأشار التقرير، في منحى آخر، إلى الصعوبات التي يعاني منها عديد الراغبين في بعث جرائد أو مجلات بسبب امتناع وزارة الداخلية عن استلام الملفات المقدمة لها أو تسليم وصولاتها مثلما يوجبه الفصل 13 من مجلة الصحافة . وتؤكد الجمعية دعوتها السابقة لجعل إصدار الصحف والمجلات خاضعا لإشراف وزارة الاتصال والعلاقات مع مجلسي النواب والمستشارين . كما تدعو الجمعية إلى الإسراع في البت في قضايا الطعن المقدمة ضد الإدارة في هذا الباب . ورغم تعزيز مشهد الصحافة الحزبية خلال هذا العام بإضافة عنوان جديد « مواطنون » وعودة صدور صحف أخرى مثل « الأفق » و »الوطن » وانتظام بقية الصحف « الحرية » و »لورونوفو » و »الموقف » و »الوحدة » و »الطريق الجديد » ، سجل التقرير استمرار ما سماه في التقرير الماضي « بالارتباط  » بين الأحزاب بكل تلويناتها والعمل الصحفي. وأضاف التقرير أنه وبخصوص الأحداث العالمية ، لا تؤمن أغلب الصحف الحزبية مادة من شأنها إنارة الرأي العام وتوجيه وفق رؤية تبرز الاختلاف والعمق والخصوصية في الطرح بالنسبة لكل حزب. هذا وكانت جمعية الصحافيين التونسيين قد أحدثت جائزتها السنوية حول « صحافة الرأي » وأسندتها في عيد الصحافة لعام 2006 إلى جريدة « الطريق الجديد ». متى يعود ربيع الإعلام التونسي؟ أثبت إذا هذا التقرير درجة التراجع والتخلف التي بلغتها وسائل الإعلام لدينا. وهو يشير أيضا ولو بشكل خافت إلى دلالتين : الأولى، هو أننا فعلا في أمس الحاجة إلى تغيير حقيقي. وان تطوير هذا القطاع لا يكون بالخطابات السنوية المتكررة أو بالرسائل الموسمية إلى الأسر الإعلامية ، بل عن طريق قرارات جوهرية وثورية تقطع مع السائد. والثانية ، هو أن جمعية الصحفيين التونسيين قادرة لو توفرت الإرادة الكافية ، وتجاوزت المناسبتية في النشاط ، بأن تكون عنصر ضغط ايجابي لإنقاذ الإعلام التونسي من مأزقه. (المصدر: صحيفة « مواطنون » (أسبوعية معارضة – تونس) بتاريخ 9 ماي 2007)


وزيـــــر الأخــلاق
 
بقلم: سمير الوافي

في كندا ناقش مجلس النواب اقتراح حداث  » وزارة أخلاق » في تشكيلة الحكومة … وتعيين وزير للأخلاق لتكون أخلاق الناس مسؤولية وزارته … وفي بريطانيا طالب عديد النواب بإعادة العصا إلى يد المعلّم …. حتّى يسترجع هيبته وسلطته… ويسيطر على الوضع الأخلاقي المتدهور في المدارس ..!! .. وفي أمريكا أيضا … هناك تخوف من ازدياد نسبة المواليد غير الشرعيين … وحيث أن ثلاثة من كل خمسة مواليد يولدون من علاقات عشوائية … أي أنهم « أبناء حرام  » يترعرع هناك… عددهم يؤكد أن هناك جيلا قادما من  » أولاد الحرام يترعرع هناك … ويا ويلنا نحن العرب… فإذا كان الموجودون حاليا في أمريكا « أولاد حلال »… وأرعبونا وعذّبونا وهزمونا هكذا… فما نوع المعاناة التي تنتظرنا مستقبلا من جيل  » أولاد الحرام »… الذين يكبرون ويتكاثرون هناك!؟ *** …لقد صار الغرب يهتمّ بأخلاق مواطنيه… لكنه أهمل أخلاق دوله … وهي أخطر على العالم … فنحن نعاني من أخلاق بعض الدول الكبرى والأخلاق مثل  » الرّيجيم » لأنها مثله… تحرمك من كل ما هو لذيد …. ونحن نلاحظ يوميا أن أخلاق التونسي متهمة… فهو من أكثر الشعوب استعمالا للألفاظ  » التناسلية ».. وقد أكّد لي أحد الأخصائيين النفسانيين… أن التونسي يتميّز عن كل شعوب العالم … كلها… بأسلوب غزله للمرأة في الشارع… إنه فريد من نوعه في الشارع… وإنه عنيف جدا حتى في التعبير عن حبه… وعن أرق مشاعره  » قنبلة » و  » سخطة » و » صاروخ » … وهو يريد أن  » يأكلها » و  » يقرمشها » … كلّها عبارات عنيفة للتعبير عن أرقّ عواطف الحبّ …!! …. ورغم أنّ الضمير هو درع الأخلاق.. فإنني أعتقد مثلا أنّ « همس » امرأة جميلة … أقوى من « صراخ » الضمير… وذاك هو السرّ !؟ *** … وإذا أردت أن تدرس سلوك التونسي… فإن الحافلة الصفراء الشعبية…. تفضح سلوكه وأخلاقه … وتغنيك عن بحث كامل … أنّها تقيس درجات تحضّره … وتعرّي مستواه السلوك … وإذا أردت أن تفتش ذهن وأعماق هذا المواطن… فاركب معه في الحافلة الصفراء… ولاحظ وتابع وتمعن… وستعرف هذا التونسي وتتعرّف عليه … وسيذهلك!! … أولا يا أخي المواطن… لا بد أن تكون مصارعا… لتصعد إلى الحافلة وسط المتناطحين المتدافعين المندفعين نحو الكراسي.. والكرسي دائما مرغوب فيه حتى في الحافلة..!! .. ثانيا … لا بد أن تكون راقصة شرقية مرنة… كي تقف وسط الحافلة المتمايلة المهتزّة المرتجفة… حتى لا تفقد توازنك ولا تسقط ولا تميل حيث تميل!! …ثالثا… يجب أن تكون  » ايوب … كي تصبر… وتتحمل انتظارها وتأخيرها وتهاونها… ويجب أن تكون « نيلسن مانديلا » كي تصمد وتناضل وتقاوم حين تقضي من عمرك سنوات في استعمالها!! وإذا كنت فتاة « مزدحمة » فلا بدّ أن تكون ملابسك مكهربة… حتى تلسع وتصعق وتصدّ كل من يحاول أن يلبس معك ملابسك..!! وأغلب ركّاب الحافلات يصعدون إلى الحافلة… كما تتدافع المعيز داخل الزريبة… بنفس الهمجيّة والعشوائيّة وقلّة الأدب…! ! .. لقد درّبنا الدببة على الرقص في السيرك.. ودربنا القردة على الجمباز والرياضة… …والماعز على النظام…والببغاوات على الشعر والخطابة … والاحمرة والأبقار على الغناء … ودربنا الكلاب على الغدر … والثعابين على الطيبة والمعاشرة !! ولكننا لم نستطع تدريب مواطن عربي واحد على الصعود إلى الحافلة … من الوراء كالمتحضرين … والنزول منها من الامام كالواعين..!! فكيف سندرّب نفس ذلك المواطن على السلوك الحضاري والديمقراطية.. والحرية … والتربية الجنسية … وإشارات المرور..!! في الحافلة الصفراء تتعرف على التونسي … وفي حركة المرور التي مثل حرب الشوارع عندنا… تعرف أخلاقه… وتقيس تقدّمه!!

(المصدر: بوابة « باب نت » (أليكترونية – تونس) بتاريخ 12 ماي 2007 نقلا عن صحيفة « الصريح » (يومية – تونس) الرابط: http://www.babnet.net/festivaldetail-10178.asp

 

ستار أكاديمي بصفاقس : ومن الحب ما قتل: حادثة تدافع أم اندفاعية شباب…؟

 
بقلم: صابر فريحة
حفل ستار أكاديمي صفاقس الذي استحال إلى حادث مأساوي خلّف وراءه لوعة بين أهالي (7) ضحايا لقوا حتفهم على إثر حادث التّدافع الجماهيري فضلا عن (32) او أقل أو أكثر متضرّرا بدنيّا بجروح متفاوتة الخطورة … الحادث أعقبته أيضا تساؤلات وتعجّبات كثيرة مثارها تفاصيل ماجدّ وأسبابه وتحديد المسؤوليات.. ومالفّ الواقعة من غموض يقف جمهور الفرح الغامر مشدوها عاجزا عن إدراك كيف تحول الحفل الى مأساة من هول المستجد، وصدمة الوقائع ومخلفاتها ، وفرحة عابرة لم تدم بل وانقلبت الى حزن ومرارة ولوعة … تفيد الوقائع كما جاء على لسان شهود العيان ممّن واكبوا بدايات الحفل أنّ ماجدّ نجم عن تدافع بين جموع الشباب ومن اصطحبهم من أفراد عائلاتهم أثناء دخول من لم يدخل الى المسرح ، ويرجع البعض ذلك إلى أن الحفل انطلق في الوقت المقرر والمعلن عنه أي التاسعة ليلا ولكن قبل التحاق (80 % ) من الجمهور بمدارج المسرح وهو إجراء تنظيمي اعتاد منظمو الحفلات اعتماده حفاظا على ظروف الأمن والسلامة. وحسب مختلف الرّوايات فإنّ لهفة الالتحاق بالمسرح وتشوّق الجمهور الشبابي لمواكبة كافة جزئيات الحفل وتفاصيل التحاق النجوم بالركح ..كلها كانت  وراء الفاجعة ..هذا الازدحام في مدخل وحيد ضيّق عجز عن استيعاب تلك الأعداد المتضخمة في ذات الأوان ، وزادت حدة الازدحام حالة الهيستيريا التي انتابت الكثيرات من الكثيرين على اعتبار ان الكثرة الغالبة من الجمهور مؤنثة كما تؤكد حصيلة الضحايا 6 اناث من بين 7 أموات .هؤلاء انفضّوا من مواقعهم بالمدارج للالتحاق بمواقع الكراسي الأمامية المتاخمة للركح قصد الالتحام بالنجوم ومواكبتهم عن قرب وعن كثب لتكون الفاجعة ويتساقط البعض فوق البعض وتتراكم الأجساد ويداس من يداس ويختنق من يختنق ولتنكتم أنفاس وتزهق أرواح…. وتنقلب الفرحة الى بكاء وأحزان …خاصة وأن البعض  لم يتفطنوا إلى حجم الخسائر والأضرار في غمرة الرقص والغناء والهتاف والصياح ، صياح الفرح والاستغاثة المختلط ، ولم يقع تحديد خطورة ماوقع إلا بعد أن أنارت الاضواء الكاشفة مسرح الحفل والحادثة  وذلك من سخرية الاقدار ، لتنجلي ظلمة اقتضتها طقوس حفل «النجوم « ولكنّها أيضا ظلمة تسللت من خلالها آلام المأساة وجراحاتها ليتوقف الحفل وعروضه واستعراضاته …ولتتقاطر الى مسرح الاحداث «المسرح الصيفي بسيدي منصور» سيارات الاسعاف ، وليهبّ كل من له فلذة كبد أو قريب أو قرين أو صاحب أو صديق … استودعه على ذمة الفر ح والبهجة.. ولتحتبس الانفاس في انتظار سماع خبر يجلّي الحزن ويطرد القلق ويبعد الهواجس بعد ان عجزت شبكتا «تونيزيانا» و» تيليكوم» عن نقل بعض التطمينات ، أو بعض حقائق المستجدات ، وليلف الغموض ماكان ويتردّد الاهالي بين طريق سيدي منصور مسرح الحادثة ومستشفى الحبيب بورقيبة مسرح الاسعاف والاغاثة والعلاج والايواء ..وليفتح تحقيق قضائي للبحث في ماوقع وتحديد المسؤوليات.
تدافع أم اندفاعية …؟

حادثة التدافع على ماروى لنا وبالشكل الذي ذكر والحصيلة المحصاة تحيلنا حتما الى التساؤل عن اسباب هذا التدافع في مضمونه الثقافي وأبعاده السلوكية ، فماالذي دفع هؤلاء المتضررين الى التلهف الى متعة المتابعة ولذّة المشاهدة لنجوم  «ستار أكاديمي» الى غاية التضحية بالحياة؟  إن الحميمية الناشئة عن المتابعة اليومية لنجوم ستار أكاديمي عبر شاشة قناة (LBC) اللبنانية خلفت نوعا من التواصل العاطفي مع هؤلاء «النجوم» الى غاية التّماهي والمشاكلة ، فالمتابعة اليومية والتعاطف مع أحد «طلاب» الاكاديمية على حساب الآخر ، والانجرار الى عمليات التصويت عبر (SMS) تعبيرا عن التعاطف والدعم والمساندة … كل ذلك يخلق ألفة وحميمية ترتقي الى درجة الحب من طرف واحد وعن بعد … فكيف بهم وهم يستعدون لمواجهتهم ومشاهدتهم مباشرة، إنها لحظة اللقاء بين حبيب ومحبوب .. والحبّ أعمى… ومنه ما قتل …  يندرج برنامج ستار اكاديمي  التلفزي ضمن ظاهرة تعرف بتلفزيون الواقع  (téléréalité) وهو غرض سمعي بصري يسعى الى نقل الواقع وفق رؤى مبدعية دون تغليف أو» تورية « أو» روتوش « vraie vie بحيث يقع ضبط المجريات على ماهي عليه فتنتصب الكاميرا لكشف السلوك اليومي لمجموعة من المشاركين في مختلف المواقع وكامل الرّدهات من محل يقع تجميع المتسابقين فيه خلال فترة المسابقة ، وهذا التوجه الاعلامي المتلفز ابتكرته الآلة الإعلامية الأمريكية والغربية في نسخ مختلفة اشهرها  «STAR ACADEMY» – «BIG BROTHER» – للمنتج الهولندي الشهير انديمول و» LOFT STORY « وغيرها . ولتنجرّ بعد ذلك القنوات التلفزية في أنحاء مختلفة من العالم الى استنساخ هذه التجربة التلفزية ودون مراعاة للفوارق بين خصوصيات المجتمع المنتج والمجتمع المتقبل ، في ظل غلبة نموذج الاوحد المفرز عن ظاهرة العولمة او بالاحرى الامركة.  وفي الوطن العربي اختارت قناة» LBC»   اللبنانية ان تكون محضنة الاكاديمية في نسختها العربية والتي لا تبدو مختلفة عن النسخة الامريكية والفرنسية اسلوبا وممارسة وليتخرّج من ستار اكاديمي أربع دفعات من النجوم .. ولم تتوقف ظاهرة الاستنساخ لهذا النموذج وذلك بعد ان انطلقت مع بداية هذه السنة  قناة نسمة تيفي  التونسية الخاصة في بث نسخة مغاربية في اعتراض على ما يبدو على مصداقية التصويت والخيارات والتوجهات الذاتية التي اوخذت عليها نسخة  LBC  باعتبار محاباتها لمترشحي الخليج والشرق العربي على حساب المغاربة في نظر البعض . وهكذا اصبح للعرب التميز بأكاديمتين لتخريج نجوم  «ستار اكاديمي» .
بطولة  نجوم  ستار  كاديمي
 الدفعة الرابعة من خريجي اكاديمية ستار اكاديمي الشرق كانت وراء واقعة تدافع حفل صفاقس ليلة الاثنين 30 افريل 2007 بحصيلته المأساوية فبأي نجوم نهتدي؟ يؤاخذ العديد ممن يحملون على ظاهرة ستار اكاديمي مآخذ متعددة الأبعاد وسلبيات موضوعية وذاتية، فبقطع النظر عن النوعية البشرية التي تفرزها الاكاديمية والتي تختلف مع خصائص الانسان العربي وتركيبة وعيه وتفكيره ، فانه على ابطال ستار اكاديمي مآخذ فنية من جهة ان الاكاديمية تعد نماذج لفنانين عرب. اذ يؤكد الكثير من العارفين بفن الغناء والطرب والموسيقى ان خريجي الاكاديمية لا يرتقون الى درجات مهارية عليا في عالم الغناء والموسيقى والطرب بالمقارنة مع منهم على الساحة الفنية العربية، كما أن النجم المعلن عنه عن طريق التصويت لايكون بالضرورة هو الافضل والارقى فنيا بين المتبارين والتجربة تبين ذلك …  فنجوم ستار اكاديمي نجوم ظهيرة لابريق لها في سماء الفن العربي، وسرعان مايتلاشى ألقها بمجرد نهاية التجربة والتخرج وحتى من بقي منهم على الساحة فان إنتاجهم مقلّ وجودة منتوجهم محدودة …  إن ظاهرة ستار اكاديمي افرزت ظواهر سلبية بالجملة في واقعنا العربي ابرزها تمييع مفهوم البطولة، واعادة صياغة مفهوم البطل التاريخي ، الذي ينبعث من ضمير الامة، ويعبّر عن طموحها، ويغير واقعها، ويحقق الافضل. لتبرز للبطل وفق نموذج ستار اكاديمي مواصفات مائعة وخصال باهتة ورمزية مهزوزة ، فبطل ستار اكاديمي ليس زعيم تحرير او منقذ وطن او مخلص امة .. إنه مستنسخ عن شاب مغامر يسعى الى حشد التعاطف معه عبر سلوكات غير اعتيادية، وملبوسات عارية او شبه عارية او مضبوطة ، وبتسريحات شعر غير معتادة وبالوان انثوية زاهية كل ذلك وغيره أدّى الى ضرب مفهوم الذوق السليم ومفهوم التناسق والترتيب، تكريسا للعشوائية في السلوك والفكر ، فأفكار أبطال ستار اكاديمي ليست هي الافضل في بلادنا العربية، ومع ذلك ينجرّ الجمهور المستهدف من هذه التقليعة التلفزية الى النسج على منوالهم  والاحتذاء بهم والسير على منهجهم ملبسا وتصرّفا وسلوكا… ويلجأ مصمّمو  الازياء وتجار الملابس من جهتهم الى ترويج تقليعات تحاكي ملبوساتهم النسوية والرجالية المتشابهة ولتعلو صورهم صدور الذكور والاناث . ان نموذج نجم ستار اكاديمي الهلامي هو نموذج مهزوز من كل جوانب شخصيته التي يفضحها تلفزيون الواقع  فما معنى أن ينقطع شاب عن دراسته ليلتحق بأكاديمية مجهولة الهوى والهوية؟ أليست تلك مواصفات المغامرة مجهولة العواقب  كل هذه الاندفاعية  قد تبرر لنا واقعة التدافع الحاصلة من جمهور شباب صفاقس .
حتى لا نجلد ذواتنا
تؤكد المقدمات التي انطلقنا منها أن حادثة تدافع جماهير ستار اكاديمي بمسرح صفاقس سيدي منصور تتجاوز ابعادها مجرد الحادث العرضي، وانما تعكس ثقافة تأسست وتتأسس في ضمير الامة وعصبها الحسّاس ألا وهو الشباب. كيف لا وقد أثبتت التجربة الى حدّ الان وبعد أربع سنوات فقط من انطلاقها ارتدادات وانعكاسات غزيرة ….  فتربويا تؤكد الاحصائيات تراجع نتائج التلاميذ خلال الثلاثي الثاني الذي تتزامن امتحاناته مع التصفيات النهائية لبرنامج ستار اكاديمي لتخرج  «النجم البطل « وهذه الوضعية تتعارض مع طبيعة الثلاثي الثاني وحصاده على نتائج التلاميذ، اذ لطالما اعتبر الاساتذة مثلا هذا الثلاثي فرصة للتدارك نظرا لقصره الزمني ولمحدودية النسبة للمادة المعرفية المقررة والمدروسة خلال حوالي الشهرين ونصف الشهر، وهي مدة الثلاثي الثاني . كما تؤكد الدراسات النفسية الانعكاسات السلبية لظاهرة الادمان التلفزي الناجمة عن المتابعة شبه الدائمة لتفاصيل الحياة اليومية لطلاب مشاريع النجومية الموهومة وغرائزيتها غير العقلانية والمتعالية عن تاريخ الوعي البشري ، إذ طالما كرست هذه المشاهد سلوك الانسحابية والأنانية، فضلا عن تسطيح المعارف وتكليس ذهنية المشاهد الذي تغيب ذاته عن كل مبادرة او مشاركة تفاعلية مما يؤثر على قدرات التفكير والتذكّر والتركيز والقدرة على النّقد ..نظرا للاكتفاء بفعل المشاهدة لا غير والمتابعة الصامتة القاتلة للمواهب. ستار اكاديمي» منظومة إعلامية تكرّس مسخ مفاهيم البطولة وقيم المبادرة ، بتأسيس شخصية هجينة ومائعة ، وبنفسية مقامرة عاجزة عن التخطيط للمستقبل بوعي وإرادة حرّة . تساند هذه الظاهرة أجهزة اعلامية متلهفة للاثراء العاجل والاستشهار الرخيص والمشبوه للشركات متعددة الجنسيات والعابرة للقارات عبر ضمان حصرية البث وتبعية المشاهد والمنتج، فالجميع على حدّ السواء أدوات للثقافة الجديدة المراد تكريسها في واقع عربي هامد عاجز عن الحراك خاضع خانع للتبعية والابتذال … فمامعنى أن يتدفق على المنطقة العربية هذا البث الاعلامي المركز عبر قنوات تلفزية متكاثرة (أكثرمن 270 قناة عربية او ناطقة بالعربية) جلها مجهول المصدر والغاية وبتركيز واضح على الترفيه والرقص والغناء والتسلية.. وغيره من مظاهر التغييب عن الواقع والتسطيح والقولبة ..في بيئة تتعاظم يوما بعد يوم حاجاتها لخيارات التنمية الشاملة بالفكر والساعد لا عبر الغناء والرقص والفنون غير الجميلة والاذواق المبتذلة …
وبعد إسدال الستار
والان بعد ان استقرّ التاريخ على حد تعبير المفكر الياباني المتأمرك فرانسيس فوكوياما، نعتقد ان حادثة الحفل لن تمرّ دون تقييم في مسائل جانبية تتصل بجوهر القضية مثل المتعهدين للحفلات ومنظميها والمقاولين فيها .. ومسائل الفضاءات الثقافية والاحتفالية والترفيهية في صفاقس بما في ذلك مسرح الحادثة بمنطقة الخليج سيدي منصور وهو المشروع الرئاسي الذي لم يمض على استغلاله 6 سنوات ومع ذلك لم تتكامل أجزاؤه ولم تشهد واجهاته طلاء ولاتعهدا مكوناته الا قليلا..  وهو المسرح الذي يلفه النسيان خلال الشتاء فتهدد الملوحة أساساته والتي تعرت بعضها على مارأينا وتتكاثر الاعشاب الطفيلية حوله وداخله دون ان نغفل الإشارة، الى محيطه ومداخله والتي لا تتوفّر فيها ظروف الدخول والخروج الآمن وبالإنسيابية المطلوبة . ومن الفضاءات الاخرى المسرح البلدي وهو ثاني أقدم مسرح بالجمهورية التونسية بعد المسرح البلدي بالعاصمة ، ولكن ظروف الامن والسلامة به أكثر تهديدا مما يكشف التغافل عن قيمته التراثية والتاريخية والمعمارية والفنية … أما عن الفضاءات الرياضية فحدث ولاحرج، ولعل فاجعة تبخّر كأس الاندية البطلة الافريقية من أنظار أحباء نادي صفاقس الاول وما خلّفه من خيبة أمل مازال يتخبط فيها ذلك النادي، بعد اضطرار مسؤوليه الى تنظيم تلك التظاهرة احتفاليا بالعاصمة، وتحولت العائلات الصفاقسية نساء ورجالا وصغارا وكبارا الى رادس وكان ماكان … هذه الوقائع وغيرها ستجعل منظمي الحفلات والتظاهرات الثقافية والرياضية والاحتفالية .. يفكرون مليا قبل الاعلان عن تنظيم أياً منها مستقبلا. ونذكر بالخصوص هيأتي مهرجان المدينة «  الرمضاني  « ومهرجان صفاقس الدولي الصيفي « ،  خاصة وان السلوك الاستهلاكي في صفاقس غير مأمون وغير مضمون وغير متوقع في مدينة يرى فيها البعض مقومات المدينة النائمة باعتبار خصوصيتها الصناعية والتي بدأت تفقد من ملامحها الكثير لتتحول المنطقة الصناعية بودريار مثلا الى واجهة تجارية استهلاكية بعد أن كانت إنتاجية
(المصدر: جريدة « الشعب » (أسبوعية نقابية – تونس) الصادرة يوم 12 ماي 2007)

«آخر فيلم»للنوري بوزيد: بهتة.. بين لحية غيفارا ولحية بن لادن

 
قام الفيلم على بنية دائرية (من الميناء الى الميناء) مقسومة الى نصفي دائرة أو عالمين يفصل بينهما خط عازل يتمثل في التقاء «بهتة» «بأمير الجماعة». فبطل الفيلم «بهتة» (لطفي العبدلي) انتقل من عالم الى آخر مناقض له تماما: ـ من الحزام الراقص إلى الحزام الناسف ـ من الرغبة في «الحرقة» الى أوروبا الى الاحتراق في حاوية بضائع لشركة أوروبية ـ من أغاني الراب ورقص الهيب هوب الى قراءة كتب «الفكر» السلفي ـ من مسك الشمعة لاصدقائه عند ممارستهم للجنس الى الواعظ المتطرف ـ من الافتتان بصورة تشي غيفارا الى الافتنان بصورة بن لادن وهنا يتساءل المتفرج عن سر الهشاشة في شخصية «بهتة» لماذاتم تحويل وجهته بكل سهولة وبدون مقاومة؟ لماذا انتقل من هامش المجتمع ـ الى هامش المجتمع؟ «بهتة» / الاسلاك الشائكة طيلة أحداث الفيلم ظل «بهتة» يتخبط مصطدما بأسلاك شائكة:

* سلك (1): عائلة «مثالية»: ـ أب غائب / حاضر… غائب بحكم عمله (سائق تاكسي) حاضر بالعنف والقمع الذي يسلطه على «بهتة»، أم لا حول لها ولا قوّة، أخت مطلقة، جد متصاب شهواني وشبه مخرف.

* سلك (2) سعاد سعاد حبيبة «بهتة» تقتله شكا وغيرة وحيرة وتعجز عن تعديل مسار حياته.

* سلك (3) السلطة السياسية ممثلة في شخصية رئيس مركز الشرطة وظل حضورها يتعاود بكثافة طيلة أحدث الفيلم … حضور قمعي صارخ يصف بهتة «بالرقاصة» وبأنّه «مش راجل» ويحرمه من الحصول على جواز السفر، ولاخر لحظة من «آخر فيلم» كان «بهتة» هاربا من «الشرطة».

* سلك (4) :  الفكر السلفي الاصولي حاول ممثلو هذا «التيار» احتضان «بهتة» واستغلال ديناميكيته و»شجاعته» لتحويله الى قنبلة بشرية موقوتة وذلك عبر عدة كليشيهات كاللعب على ثنائية الترغيب والترهيب (الجنة حور العين / النار، عذاب القبر) واستغلال (مأساوية الاوضاع في الوطن العربي  والعالم الاسلامي) لقد أراد النوري بوزيد بهذه الاسلاك الشائكة / الخانقة ان يجسد رؤاه وقناعاته الايديولوجية، فبطل الفيلم كان محكوما بقدر محتوم (اختاره له خالقه / المخرج) يمضي به في نسق تصاعدي من الغليان والاحتقان الى أن تأتي ضربة الرحمة (الحزام الناسف) فينفجر في الميناء وسط حاوية كتب عليها (capital / رأسمال) في إشارة واضحة لدور المنظومة الرأسمالية في مأساة بهتة.

* «بهتة» الهوية الغائبة / المغيبة يفترض أنّ الفيلم صور في تونس (بلد عربي إسلامي)، لكن… بهتة لا يعرف كلمة «زانية» وما معناها (لم أفهم جدوى الحركة البذيئة) ويبدو انه لم يعرف انّ هناك «شيئا» اسمه «الاسلام» الاّ عند لقائه «بالخوانجية» (هل هذه هي قراءة بوزيد لعلاقة المجتمع بالدين في تونس). بهتة يعرف «تشي غيفارا» ولا يعرف «عبد الناصر» بهتة صاحب «اللوك» العولمي راقص الهيب هوب على أنغام المزود، بهتة الذي يكتب أشجانه على ايقاعات «الراب» بلغة هجينة (مزيج من العربية المحكية والفرنسية).. بهتة هذا يمكن ان تجد مثله مئات.. في ضواحي باريس المشكلة ان بهتة ولد وعاش في تونس، والمصيبة انه درس الى حد الباكالوريا… ماذا قدمت المنظومة التربوية التعليمية لبهتة طوال 15 عاما من الدراسة؟ لماذا تحول بهتة الى «مسخ» حضاري؟ لماذا لم يستطع ان يتصالح مع واقعه ومحيطه؟ لماذا بدت شخصيات الفيلم وكأنها مجرد «عرائس من طين» لماذا كل هذا التبلد والتفكك؟

* بهتة» / الخلاص الفردي في بداية الفيلم كان بهتة يتوهم ان الخلاص من واقعه الرديء لن يكون الا بالحرقة/ الهجرة الى الجنة الارضية (أوروبا) ولكن حين لم بجد سبيلا  الى جواز السفر الرسمي  وحين حيل دونه ودون «الحرقة» (بسبب حرب أمريكا على العراق) التجأ بهتة الى جواز سفر آخر اي الحزام الناسف طمعا في نيل الجنة الأخروية (par mention) . وهنا أتساءل لماذا هذه الرؤية الضيقة المحبطة؟ لماذا انحصرت سبل الخلاص في اثنتين: الهجرة الى الله او الهجرة الى اوروبا؟ لماذا اصبح الخلاص الفردي هو الحل؟

*  نوري بوزيد : المفاهيم.. المخلوطة / المغلوطة دفعت الغشاوة الايديولوجية مخرج الفيلم الى الخلط بين الارهاب والمقاومة فهي قراءته لظاهرة «العمليات الاستشهادية» (وهنا لا أقصد العملية التي صورها الفيلم) اصدر بوزيد حكم الارهاب والاجرام على هذه العمليات بالمطلق مبررا حكمه هذا بانها يمكن ان تستهدف المدنيين (هل يعتبر بوزيدالجنود الامريكيين وسكان الكيان الصهيوني مدنيين) متناسيا ارهاب «الدولة» الذي تمارسه امريكا والكيان الصهيوني على أبناء شعبنا العربي متناسيا ان هذه العمليات لم يلجأ اليها المقاومون الا عندما اغلقت كل الابواب أمامهم متناسيا ان هذه العمليات ليست وليدة «ثقافة موت» او هوس استشهادي بل هي ثقافة حياة لان الحياة بدون حرية هي موت يومي ولان الشهداء هم الذين يعبدون طريق  التحرر والكرامة. الفيلم اخطأ في تحديد بداية الظلم الذي يعيشه العرب على يد «كلب حراسة الامبريالية» الكيان الصهيوني فليست «صبرا وشاتيلا» أول المشوار… هل نسي بوزيد نكبة 48 المخرج لم يستطع ان يميز بين مفهوم الجهاد في بداية انتشار الاسلام وبين الجهاد في زمننا الحاضر من حيث هو رد فعل مقاوم تجاه اغتصاب الارض والعدوان الخارجي فليغفر نوري بوزيد وكل مثقف «مرهف الاحساس» وقاحة المقاومين والشهداء وعدم تشبعهم بالمبادئ الانسانية.

* النوري بوزيد:… القرآن المنقح يبدو أن مخرج الفيلم من الذين ينادون باصدار نسخة منقحة من القرآن الكريم نسخة خالية من الدهون وسهلة الهضم بالنسبة للدوائر الصهيو ـ إمبريالية وعملائها  من مثقفي الخدمات والمواخير والجمعيات النسوية وجمعيات حقوق الشواذ جنسيا والدوائر المطبعة مع الاحتلال الصهيو ـ أمريكي. بمعنى أدق يجب حذف الايات المتطرفة والتركيز على الايات المعتدلة ولم لا يتحول الاسلام الى مجرد طريقة صوفية يرقص أتباعها على أصوات بنادير يدقها مثقفون منتهو الصلاحية.

* النوري بوزيد: التصوير.. بعيون الآخر حين تشاهد «آخر فيلم» ينتابك شعور بأن اي مخرج فرنسي أو إيطالي أو أمريكي يستطيع ان يخرج هذا الفيلم بنفس الصورة التي اخرجها بوزيد فالفيلم غرق في بحر من الكليشيهات «الاستشراقية» والرؤى الما بعد ـ حداثوية الغربية ومن أبرز هذه الكليشيهات نجد: المرأة في الوطن العربي يسوق الاعلام الغربي صورة المرأة العربية المضطهدة بشكل لا إنساني والتي لا دور لها في المجتمع والعائلة والتي تعاني أبدا  من مجتمع ذكوري يعتبرها مجرد اداة للاشباع الغرائز… ولم يكن اخر فيلم  بعيدا عن هذه النظرة فالنساء اللواتي صورهن بوزيد كُنّ إما أما عاجزة عن حماية ابنهاء او أخت مطلقة او حبيبة مشكوك في شرفها أو مومس او زوجة محبوسة.

* الحجاب كثيرا ما تفتتت قلوب المثقفين من أجل المرأة المسلمة التي يجبرها الرجل على إرتداء الحجاب معتبرا اياها عورة يجب سترها حارما اياها حريتها الجسدية ولم يفت بوزيد في «آخر فيلم» أن يصور  (بشكل متعاود وصارخ) المرأة المحجبة الوحيدة بين شخصيات الفيلم في واقع المرأة المسجونة وراء قضبان الشبابيك في اشارة واضحة الى الاستلاب والمعاناة.

* الاسلام  كثيرا ما تصف مراكز البحوث التابعة للنيو محافظين الاسلام بانه دين لا عقلاني انتشر بحد السيف وانه يمثل عائقا امام التنمية والديمقراطية والتقدم ولم يبتعد بوزيد كثيرا عن هذا الطرح فهو يعتقد ان القرآن تحول الى أداة غزو وانه لم يعد ينفع لزماننا هذا (هل نحيله على التقاعد) كما ان المخرج سقط ـ واعيا ـ في الخلط بين المسلمين والاسلاميين بين التدين والتطرف.

* العائلة العائلة «التقليدية» هي احد رواسب البرجوازية والعائلة في الوطن العربي هي مؤسسة ذكورية بامتياز تمثل قمعا لحرية الفرد وحّدا من ابداعه وتخضعه لسلطة الاب وشيخ القبيلة في علاقات غير سوية.. هذا الخطاب اتقنه اليسار الصهيو ـ أوروبي المعولم وفي اخر فيلم كان «بهتة» ضحية القمع الابوي (الاب، الشرطي، أمير الجماعة) والمرأة كانت ضحية المجتمع الذكوري لكن النوري بوزيد غفل عن دور العائلة كجدار صد اخير امام العولمة النيوليبرالية التي تعتمد التفكيك والهدم لتمرير مشاريعها.

* النوري بوزيد: ضربة «معلّم» برهن بوزيد انه قناص ماهر يحسن تصيد اللحظة الانسب لتسويق أفلامه. ففي فيلمه الاخير تناول مواضيع ساخنة وطرية كالارهاب و»الحجاب» و»الفكر الاصولي» و»الوضع السياسي في العالم» والديمقراطية، وهي مواضيع احترف الاعلام السلطوي في تونس اللّف حولها فاحداث سليمان (عناصر إجرامية مستوردة!!) والحجاب (لباس طائفي دخيل على الاسلام التونسي!!!) والسلطة السياسية مهمومة بمسألة الديمقراطية (وهل هناك دليل اكبر على «ديمقراطية» هذه السلطة من «تسامحها» مع فيلم «ينتقدها» وربّ صدفة.. يضاف الى «حسن» اختيار التوقيت ابداع المخرج في استغلال مواهبه في صنع الصورة عبر مزيج فرجوي من الحركات والايقاعات والالوان والاماكن واللغات وما تيسر من الحركات الهابطة والالفاظ البذيئة مما يخول للفيلم جلب اكبر عدد من المستهلكين.

* المثقف: جزء من المشكلة وليس من الحل حمل مخرج الفيلم مسؤولية دم بهتة للاصوليين والمنظومة الرأسمالية لكنّه لم يتحدث عن احتكار السلطة السياسية للمجال المرئي والسمعي والمقروء (أجهزة الاعلام) وللعمل السياسي لم يتحدث عن الفساد الاقتصادي والرشوة وغول البطالة وعن سعي السلطة منذ 1956 الى ضرب تيارات الهوية مما خرب مناعة المجتمع وخرب منظومة قيمه لم يتحدث عن عجز التيارات اليسارية عن قراءة الواقع ومتغيراته ولم يتحدث عن فشلها في فهم طبيعة المجتمع الذي تسعى الي الرقي به. وهنا أسأل نوري بوزيد: ألا يتحمل «يوسف سلطان» المثقف الماركسي (بطل فيلم صفائح من ذهب لنوري بوزيد / 1988) جزءا من المسؤولية في مأساة «بهتة»؟؟

رامي عبد المولى (المصدر: جريدة « الشعب » (أسبوعية نقابية – تونس) الصادرة يوم 12 ماي 2007)


في الليلة الظلماء يفتقد البدر : .. ما ثمّة كان الخير !

 
نحيي هذه الايام الذكرى العاشرة لوفاة المرحوم حسين بن قدور أحد المناضلين الصادقين في الحركة النقابية التونسية والعربية. رمز من رموز الاتحاد العام التونسي للشغل والنقابة العامة للتعليم الاساسي … ونحن نعدد مآثر شيخنا وخصاله على مدى عشرات السنين التي قضاها بين اجيال من النقابيين والشغالين بكلمات نعرف انها مهما طالت لن تفيه حقّه ولن تأتي على كل ما قدّمه لنا بكل حب واخلاص وتفان … انه المربي الفاضل الذي اعطى مهنته كل عناية واهتمام عمل مخلصا لواجبه فصقل الاجيال وبث نور المعرفة وحارب الجهل في ربوع تونس منتقلا من جنوبها الى شمالها وساهم في تطوير اساليب التدريس وتخرجت على يديه إطارات وكفاءات عديدة … وساعد زملاءه واخذ بيد المبتدئين منهم وكانت اعماله البيداغوجية مثالا يحتذى به يقتبس منها زملاؤه ويستعينون بها في اداء واجباتهم .. كما كان ايضا الاخ الاكبر لهم عند ادارته للمدارس مساهما في تغيير عقلية مديري المدارس. لم يكتف الفقيد بعمله التربوي واشعاعه البيداغوجي بل اتسعت دائرة اهتماماته الى الحقل النضالي الوطني والمغاربي والعربي والى الحقل النضالي النقابي .. فقد كان مناضلا وطنيا غيورا على استقلال بلده وتحرره ومدافعا عن حرية الامة العربية ووحدتها مناصرا للقضايا القومية وفي مقدمتها القضية المركزية قضية فلسطين. كما كان مؤمنا بالمغرب العربي كمنطقة واحدة جزءا لا يتجزأ من الوطن العربي فوقف كما وقف الشعب العربي في تونس الى جانب الثورة الجزائرية … فانخرط في العمل لمساندة ومساعدة الاشقاء في الجزائر في نضالهم من اجل التحرير الشامل ضد المستعمر الفرنسي. ان من ارتبطت حياته بالنضال والكفاح لا يمكن له ان يدخل ميادينه بهمة ونشاط وقد بدأ عمله النقابي منذ الستينات في نقابة التعليم الابتدائي من نقابة اساسية الى ان تحمل المسؤولية في المكتب التنفيذي للنقابة القومية للتعليم الابتدائي (كما كانت تسمى آنذاك) ..ولقد اسهم الى جانبه رفاقه بفعالية لنقل العمل النقابي من عمل نخبوي الى عمل جماهيري مناضل يرتكز على القاعدة العريضة الشيء الذي ادّى الى تحقيق مكاسب عديدة نذكر منها الآن توحيد اطار التعليم الابتدائي سنة 1974 حيث وقع القضاء على ذلك التصنيف المقيت للمعلمين … ولن يكون غريبا ان يقترن ذلك بصعود شيخنا الى قيادة الاتحاد العام التونسي للشغل حيث واصل نضاله مع رفاقه متحديا الايقاف والتعسف والتعذيب والسجن … فكان من بين أوائل النقابيين الذين دفعوا الثمن باهضا مقابل الدفاع عن استقلالية الاتحاد العام التونسي للشغل خلال ازمة 1978. لقد صمد شيخنا صمودا كبيرا خلال كل الازمات التي مرت بها الحركة النقابية .. ووقف شامخا في وجه كل محاولات التركيع او الترغيب … تحمل الايقاف في السجن والتعذيب وتحمل الايقاف عن العمل وسحب خطته الوظيفية منه … بل كان دائما يردد في احلك الظروف «ما ثمّ كان الخير» .. او «انما المرء حديث بعده». ورغم ما تسبب له كل ذلك من متاعب وامراض خطيرة كانت وراء فراقه الاليم لعائلته وللساحة النقابية فقد تحمل مسؤولياته النقابية بشجاعة واسهم في انتهاج الاتحاد العام التونسي للشغل للنهج النضالي الجماهيري وقد ظهر ذلك خاصة في الدور البارز الذي لعبه في مؤتمري قفصة وسوسة … متمسكا بمبادىء الحركة النقابية التونسية وباستقلالية الاتحاد العام التونسي للشغل … ان ما زاد في اعتزاز النقابيين بالفقيد حسين بن قدور هو خروجه من الباب الكبير عند تقاعده من العمل النقابي او بالاحرى من تحمل المسؤولية النقابية … فلقد كان المؤتمر الثامن عشر احسن فرصة اختارها المرحوم ليقول لاخوانه وللشغالين واصلوا النضال … واصلوا العمل الجدي .. اني ساكون معكم قلبا وقالبا .. لقد صفق له الجميع .. وقدر وتفاؤله الطبيعي .. وحب الخير للغير وايمانه الكبير بالمستقبل. ودعوته الدائمة للتضامن النقابي وايجاد صندوق للتضامن العمالي.

فالكلمات التي يرددها دوما ولا تكاد تفارق شفتيه في الظروف الصعبة هي : «ما ثمّ كان الخير» ـ «سبّق الخير … ما ثمّ كان الخير».. او «انما المرء حديث بعده.». لقد كان خصومه يحترمونه قبل اصدقائه نظرا لما لمسوه لديه من ايمان صادق لا رياء فيه صامدا امام المحن متفائلا بالمستقبل .. انه سيظل دوما ذلك النقابي المناضل نستلهم من ذكراه العزيمة والصمود والتفاني في خدمة الاتحاد العام التونسي للشغل. «يا أيها النفس المطمئنة ارجعي الى ربك راضية مرضية فادخلي في عبادي وادخلي جنّتي». صدق الله  العظيم (المصدر: جريدة « الشعب » (أسبوعية نقابية – تونس) الصادرة يوم 12 ماي 2007)


أضواء على حياة النقابي الكبير الحسين بن قدور

 
بقلم : محمد علي المؤدب في 20 مارس 1930 ولد فقيدنا الحسين بن الطاهر بن عثمان بن قدور الزروقي في عائلة دينية عريقة فجده الاعلي سيدي احمد زروق ولي صالح قدم من الجزائر في القرن العاشر هجري واستوطن الضاحية الغربية لمدينة قفصة وكانت له كرامات منها ان زوجته وهي من جهة ساحلية اشتأقت للبحر والاستحمام فضرب بعصاه الارض فتفجرت عين خرج منها ماء صالح ازرق اللون كالبحر وجعل منها بركة مازالت الى يومنا هذا ملاذا للمستحمين والنتفعين بمائها المعدني الشافي من عدة امراض ومازال الناس يسمون هذا النبع «بحر سيدي احمد زروق». ودفن الجد في هذا المكان واصبح يزار وتقام له الولائم كل سنة وهو نفس المكان الذي دفن فيه فقيدنا العزير بتوصية وتأكيد منه قبل وفاته. اذن تربى الحسين تربية دينية متينة فحفظ القرآن عن جده بخلوة الولي الصالح وحفظ الاناشيد الدينية والاذكار التي كانت تتلى كل ليلة جمعة وبالتوازي ادخله والده الى المدرسة القرآنية فحصل على الشهادة الابتدائية بملاحظة حسن سنة 1944 ثم اختار له اهله الانتماء الى الفرع الزيتوني فتحصل على شهادة الاهلية سنة 1948 ثم انتقل الى العاصمة وزوال دروسه بالجامع الاعظم ومدرسة الخلدونية الى ان تحصل على شهادة التحصيل في العلوم سنة 1952. ثم شارك في مناظرة انتداب معلمين بالمدراس الابتدائية فكان من الناجحين الاوائل الذين اختارتهم ادارة المعارف لقضاء سنة خصوصية بمدرسة ترشيح المعلمين وفي هذه المراحل تتلمذ علي جهايدة المشائخ والمدرسين امثال الفاضل بن عاشور ومحمود المسعدي ومحجوب بن ميلاد واحمد صفر ومختار الوزير وغيرهم من الافاضل. وتمت تسميته معلما لأول مرة بجربة ثم بالقصر وتدرج فعمل مديرا بمدرسة لالة ثم الرديف فبنقردان فمنزل بورقيبة فنهج اراقو واخيرا بباب الجديد بالعاصمة. اما مسيرة كفاحه الوطني والنقابي فالحديث فيها يفوق مساحة هذه المداخلة وربما تحتاج الى كتاب ندعو الله ان يوفقنا بمساعدة ابنائه ورفاقه النقابيين الى اعداده قريبا.

وسأكتفي بومضات وبعض المحطات الهامة في حياته المليئة بجلائل الاعمال والمواقف. فالحسين كان منذ شبابه المبكر من النسور الاوائل ضمن مجموعة الشباب القفصي الواعي والمتحفز لخدمة وطنه والانخراط في حركات الكشف والثقافة والطلبة فكان عضوا بارزا في فريق الجوالة الكشافين هذا الفريق الذي رفع شعار التحدي ضد السلط الاستعمارية باستعراضاته وحمله للعلم التونسي جهارا واحتفالاته بعيد العروبة في 22 مارس من كل سنة ولي صورة فريدة للفقيد ضمن الشباب الكشفي في احدى الاحتفالات ومن هذا الفريق انطلقت الكوكبة من المتطوعين لمعركة فلسطين ثم المعركة التحريرية المسلحة ببلادنا.

وكان الحسين عضوا بارزا ونشيطا في جمعية شباب ابن منظور القفصي التي اسسها الاديب ابو القاسم محمد كرو سنة 1945 وقامت بدور كبير في تثقيف الناشئة ونشر الحماس الوطني بفضل مكتبتها الادبية ومسرحها الطلائعي المتجول عبر المدن والقرى بمسرحيات وطنية وتاريخية مجيدة. وقام الفقيد بالتمثيل في رواية صلاح الدين الايوبي وعثمان التياس. وتجلت فورة حماسه واندفاعه في جمعية (صوت الطالب الزيتوني) بالعاصمة خلال سنوات 1951 ـ 1952 ضمن مجموعة من القياديين امثال: عبد الرحمان الهيلة ومحمد البدوي وعبد العزيز العكرمي وغيرهم ولئن لم يدخل عضوا باللجنة الا انه كان ضمن ما يسمى بالبرلمان الزيتوني. وكان لهذه الجمعية نضال مرير لتحقيق مطالب اصلاح التعليم الزيتوني وكفاح مزدوج ضد الحكومة التونسية والحزب الحر الدستوري الذي يقاوم هذه الحركة بشتى الوسائل لأسباب يطول شرحها، وكان لفقيدنا جولات ومواقف صلبة اثناء المحادثات التي كانت تجري مع الوزير الاكبر مصطفى الكعاك، ثم صلاح الدين البكوش فالحسين كما عرفتموه صعب المراس محجاجا ومشاكسا في غير تهور ومرنا في غير خضوع فكان الجماعة يحملونه معهم عندما تتأزم الاوضاع بينهم وبين الحكومة او الحزب، وله مشادات عنيفة مع صالح بن يوسف الذي حارب صوت الطالب بتكوين جمعية طلابية موازية سماها (كتلة الطلبة الزيتونيين) التي تأتمر بأوامر الحزب وله محاورات حادة مع زعيم الحزب (الحبيب بورقيبة حال رجوعه من جولته الاسيوية في 2/1/1952 والذي كان من المأمل ان يكون حكما بينهم وبين حزبه لانهاء المعاداة ووضع حد للصراع الذي وصل الى عدة احداث واعتداءات بالرصاص والحجارة على الطلبة الزيتونيين واشهرها حادثة 15/5/1951 امام قصر الباي بقرطاج والتي هاجم فيها انصار الحزب من الرعاع الطلبة القادمين للباي للتهنئة بعيد العرش وتقديم عريضة بمطالبهم ولكن الحبيب بورقيبة في اول اجتماع له بجامع صاحب الطابع مساء الجمعة 11/1/1952 هاجم الطلبة الزيتونيين ووصفهم بالمجرمين ونتيجة لهذا نشير الى موقف سياسي للفقيد مثبت بالوثائق يشير الى انه كان على خلاف عميق مع الحزب الحر الجديد وكان كغيره من القياديين على صلة باعضاء الحزب القديم امثال محي الدين القليبي والمنصف المستيري والدكتور احمد بن ميلاد ويحملون ميولات وتوجهات هذا الحزب نظرا للروح القومية والدعوة الى الوحدة العربية والاسلامية التي جهر بها قادة الحزب القديم منذ تأسيسه على يد الزعيم عبد العزيز الثعالبي. وهي اطروحات وتوجهات تجاوب معها معظم الزيتونيين بمن  فيهم فقيدنا الحسين المتشبع فطريا بالروح العربية الاسلامية الاصيلة لذلك لا غرابة ان نراه ينزل الى قفصة وهو مازال طالبا ليدعو الشباب لدعم هذا الحزب والتنديد بصالح بن يوسف حسب ما جاء في الوثيقة التي عثرت عليها بالارشيف الوطني. ونراه في 6 ديسمبر 1952 يقود مظاهرة طلبة دار المعلمين احتجاجا على اغتيال فرحات حشاد ويقع اعتقاله من امام مقر الاقامة العامة ويحجز لمدة 21 يوما.

ولم ينخرط في الحزب الحر الجديد الا في سنة 1957 عندما كان صحبة مجموعة من شباب قفصة يدعون الى تطوير الحزب وتشبيبه بعناصر مثقفة وملتزمة وهكذا جمع حوله كوكبة من الشباب وسيطروا على شعبة المدينة وتحمل الحسين مسؤولية الكاتب العام وقام بنشاط حثيث في تلك الظروف لمقاومة اتجاه صالح بن يوسف او ما يسمى بالامانة العامة والدوافع واضحة ولا تحتاج الى تعليل. كما ان له السبق في اعلام الجماهير بقرار المجلس التأسيسي باعلان النظام الجمهوري في اجتماع حاشد نظمته الشعبة مساء 25 جويلية 1957 بقلب مدينة قفصة ونظرا للعلاقة الوثيقة التي تربطه بالزعيم النقابي احمد التليلي في فترة الكفاح التحريري تم اختياره في قائمة اول مجلس بلدي بقفصة بعد الاستقلال وشغل مستشارا رئيسا للجنة الاجتماعية والثقافية وعمل في هذه الفترة على دعم الثورة الجزائرية التي كانت لها قيادة  فرعية بمدينة قفصة لجمع الاموال وتمرير الاسلحة والمؤونة والادوية الى الثوار المرابطين على الحدود التونسية الجزائرية. وخاض الفقيد عدة معارك سياسية ضد من اتهموه بالناصرية والدعوة الى القومية العربية فاضطر الى الاستقالة من الشعبة صحبة عزالدين الشريف والبشير الشاوش ومنجي  الاجري واصبحوا في حكم المنتسبين الى حزب معارض ضد بورقيبة وهكذا اعتزل الحسين العمل السياسي نهائيا وفي هذه الفترة حيكت له تهمة اتهام متفقد تعليم بالرشوة ولفقوا حوله شهادات مزورة وتم الغاء تسميته مديرا بالمدرسة الكبرى بمدينة قفصة ونقل الى بنقردان مديرا ومن هنا طلب مدرسة منزل بورقيبة التي شهدت بداية عمله النقابي ضمن النقابة الاساسية للتعليم الابتدائي واما دخوله الى المركزية النقابية فقد حدث صدفة وبدون مقدمات ولا سعي منه للوصول الى ما وصل اليه.

ففي اجتماع للمجلس القومي للاتحاد العام في 11 و 12  1972 اتفقنا نحن الكتاب العامون للنقابات الجهوية مع الاخ الحبيب عاشور على حل هيئة النقابة الوطنية (جماعة الطاهر الباجي) بسبب خلافات دبت في صفوفهم ونتيجة ما اكتشفناه من تجاوزات منهم عطلت مصالح المعلمين وطالبنا بتكوين هيئة وقتية للاعداد للمؤتمر الاستثنائي  وهنا تم اقتراح اسم الحسين بن قدور والحقيقة انه لم ين معروفا آنذاك من طرف القيادة النقابية العليا ولكن وللتاريخ كانت شهادة الاخ خليفة عبيد المسؤول عن منطقة بنزرت كافية لادراج اسمه ضمن القائمة التي وقع اختيارها بعد فحصها وتمحيصها ثم كان الاتفاق عليه ليكون الكاتب العام للهيئة الوقتية التي عكفت على تصحيح المسار النقابي برؤية جديدة وحماس شديد ساعداها على تقدم المفاوضات مع وزارة التربية وايجاد الحلول للقضايا النقابية المعلقة وبالتوازي قام الحسين بن قدور ورفاقه بجولة في جميع انحاء البلاد فأعاد بأسلوبه الفذ وفصاحته المعهودة حركية العمل النقابي التعليمي واحيا روح الامل في نفوس المعلمين فأقبلوا افواجا على الانخراط بمنظمتهم وحضور الاجتماعات النقابية بكثافة لم تكن معهودة من قبل كما صحح مفهوم العمل النقابي بالدعوة الى التزام الضمير المهني نحو فلذات اكبادنا مهما كانت الظروف المادية التي يعيشها المربي. كما دعا الى نبذ التطاحن مع الادارة على اساس اننا كلنا اسرة تعليمية واحدة واللجوء الى التفاهم والتراضي بدل الاضراب والتصعيد ولا غرابة في ذلك فهو معلم ألمعي ومربي مثالي ومدير ماهر وواضع برامج وبحوث تربوية محتذاة ومكون للمكونين وآخذ بيد المبتدئين والمتربصين. وانعقد المؤتمر القانوني للنقابة الوطنية سنة 1973 وانتخب بالاجماع صحبة كوكبة من خيرة رجال التعليم وانطلق كالبراق يطوي المسامكاسب   طيا ويحقق مكاسب على غاية الاهمية نخص بالذكر منها:

ـ توسيع قاعدة معلمي التطبيق الذين لم يتجاوزوا عدد الاصابع سنة 1974 ليصبحوا في 1/1/1975: 3500 معلم تطبيق مع نسب التزايد سنويا حسب شروط مهنية. ـ ادماج المدربين من الصنفين في خطة معلم وهو امر عظيم حقق وحدة رجال التعليم وامحى الفروقات المادية والمهنية المجحفة. ـ احداث المنحة البيداغوجية ومنحة السكن ومنحة التنقل لأول مرة زيادة عن منحة الانتاج وغير ذلك من المكاسب التي فتحت الباب لأصناف اخرى من رجال التعليم الثانوي والعالي.

وبرز الحسين كالنجم الساطع في سماء الاتحاد العام وهيئاته التنفيذية واذكر ان الحبيب عاشور خاطبنا يوما قائلا: «من اين اتيتم بهذا الغول». وحينما تقرر ان يخير اعضاء المكتب التنفيذي للاتحاد العام بين التفرغ للعمل النقابي او الاستقالة تم تعويض من استقال وهو المرحوم عامر بن عائشة بالفقيد الحسين بن قدور واصبح لاول مرة عضوا للمكتب التنفيذي وجدد انتخابه بأغلبية ساحقة في المؤتمر الثالث عشر للاتحاد العام 28 مارس 1973 وكلف بأمانة المال والشؤون والادارية وسلم مشعل النقابة الوطنية الى احد اعضاءه وهو الهادي عبيد. وصادف وجوده بالمكتب التنفيدي بداية الصراع وشد الحبل بين حكومة الهادي نويرة والديوان السياسي من جهة والاتحاد العام من جهة اخرى فكان الحسين الداعية الى الوفاق الوطني ونبذ التطاحن وكان شعاره «البلاد بلادنا ومصلحة الوطن في اتحاد قوي ومستقل ولن نتراجع قيد أنملة عن حقوق الطبقة الشغيلة مهما كانت الظروف».

وانكشفت النوايا وتم التصعيد الى ان بلغ منتهاه لاسباب يطول شرحها ولن يعسر كشفها امام الباحثين والمؤرخين اذا ما عقدوا العزم على اجلاء الحقيقة. وكان ما كان بعد اضراب 26 جانفي 1978 وزج بالمئات من النقابيين في السجون وتعرض الاتحاد وهياكله النقابية الي هجمة شرسة وحوكم قادته بمن فيهم فقيدنا الحسين محاكمة غرضية وقضوا سنوات بالسجن لم تزدهم الا اصرارا على الحق وتشبثا بالمبادىء النقابية السامية. ومن هذا السجن كان فقيدنا العزيز يراسل اصدقاءه ويراسلونه ويكتب ويحبر بأدب رفيع وروح معنوية عالية كهذه الرسالة التي اقرؤها عليكم للعبرة والاعتبار (انظر الرسالة المنشورة في مكان اخر). ويشدنا الحديث في  الاخير الى جوانب ذاتية وصفات متميزة في شخصية فقيدنا لقد كان ممتازا في حسن علاقاته مع اخوانه النقابيين رحب الصدر طلق المحيا واليد كريم النفس شهما شديد المراس عنيفا عندما يكتشف الخدع والمخاتلة وخبث الطوية لدى البعض ممن حوله. حريصا اشد الحرص على سلامة اموال الاتحاد وممتلكاته خدوما للنقابيين وغير النقابيين في شتى قضاياهم  ومستحقاتهم ومشاكلهم لا يفرق بين اهل شمال او اهل جنوب ولا بين ثري ولا فقير يقضي الساعات والايام في المتابعة والاتصالات المكثفة لرفع مظلمة سلطت على احد او مساعدة طالب لاتمام دراسة تشغيل هذا ونقل ذاك. كان مكتبه مفتوحا للجميع يعج بالمتظلمين وفاقدي السند.

وفي مسقط رأسه واثناء زياراته الخاطفة تمتلىء مذكرته ويجف قلمه من شدة ما يسجل من مظالم وقضايا وما اكثرها ويعكف على حلها عند رجوعه بأناة وصبر بفضل علاقاته الشخصية بالمتنفذين في مختلف الوزارات. وللتاريخ اقول بأن رسالة وجهتها اليه وهو في السجن حجزت من طرف رجال الامن لان فيها تنويه لمواقفه وكلام اخر اعتبروه كبيرا ووقع بحثي من اجل فقرة قلت له فيها: «وهكذا قدر لهذه الجهة (اقصد جهة قفصة) ان تنكب في رجالاتها الاقوياء مرتين مرة بموت احمد التليلي ومرة بدخولك الى السجن ولكنها ورغم المحن معتزة ان يكون ابناؤها دائما على قدر كبير من الروح العالية وعلى ما هم عليه من صدق ونظافة وشجاعة». هذا غيض من فيض مما يمكن ان نقوله عن حياة العزيز علينا المرحوم الحسين بن قدور رحمه الله رحمة واسعة على قدر عطائه وتضحياته وبارك له في ذريته الابرار وزملائه النقابيين الاحرار.

(المصدر: جريدة « الشعب » (أسبوعية نقابية – تونس) الصادرة يوم 12 ماي 2007)


ساركوزي في مرايا المغاربيين.. ارتياح هنا واستياء هناك

 
تونس – رشيد خشانة يفتح فوز المرشح اليميني نيكولا ساركوزي برئاسة فرنسا، صفحة من الأزمات مع كل من الجزائر وليبيا، فيما يؤشر لعلاقات أوثق مع المغرب وتونس. إذا كان الخليجيون، الذين يبعدون عن فرنسا آلاف الكيلومترات، شعروا بالانقباض من انتخاب نيكولا ساركوزي رئيسا لفرنسا، إلى درجة أن صحيفة « الخليج » الإماراتية، التي شبهته بالمحافظين الجدد في أمريكا، فكيف لا تكون ردود الفعل بالقتامة نفسها في المغرب العربي المجاور، الذي يتأثر بالصغيرة والكبيرة في الحياة السياسية الفرنسية؟ مصدر المخاوف، هو من دون شك السياسة المتشدّدة التي يرمز لها الرئيس الفرنسي الجديد، والتي جسَّـدها في برنامج آلي على نفسه تنفيذه في ولايته التي تستمر خمسة أعوام. وأكثر ما صدم المغاربيين في مشروع ساركوزي، تلك العناوين البارزة التي اقتبس قسما مهِـما منها من برنامج اليمين المتشدد ممثلا في « الجبهة الوطنية »، بزعامة جون ماري لوبّـين، وخاصة في مجال مكافحة الهجرة وتقليص منح التأشيرات للمغاربيين، الراغبين في زيارة فرنسا، وهناك بالتحديد، خشية على مصير 265 ألف طالب أجنبي يدرسون حاليا في فرنسا، ويشكِّـل المغاربيون أكثر من 25% منهم. وربما كان الرئيس الجديد وطاقمه يفكِّـران في تخفيض المِـنح الدراسية المخصصة للأجانب، إذ يحصل 20 ألف طالب على منح للدراسة أو متابعة دورات تدريبية في فرنسا حاليا بقيمة 100 مليون يورو، ومن بينهم 44% من الأفارقة، الذين يحتل المغاربيون حيِّـزا هاما منهم. نكأ جراحنا لعل أكثر ما شحذ الاحتقان المغاربي ضد الرئيس الفرنسي الجديد، أنه نكأ جِـراح التاريخ وعبّـر في الوقت نفسه عن انحياز واضح لإسرائيل. فقد أثارت تصريحاته عن الفترة الاستعمارية ردود فعل عنيفة في الجزائر، اشتركت فيها الحكومة والمجتمع الأهلي والنُّـخب على السواء. فما أن عبّـر ساركوزي عن نِـيته رد الاعتبار للمتعاونين الجزائريين مع سلطات الاحتلال أثناء الحرب التحريرية المعروفين بـ « الحركيين »، حتى ثارت عاصفة من الاشمئزاز والإدانة في الجزائر، كان المبادر بإطلاقها رئيس الحكومة عبد العزيز بلخادم، وهذا يعني أن مشروع « معاهدة الصداقة »، التي تأجَّـل توقيعها على أيام الرئيس المتخلِّـي جاك شيراك، والرامية لطيِّ صفحة الحِـقبة الاستعمارية، ستبقى في أدراج الحكومتين فترة طويلة أخرى، طالما أن المناخ المناسب لتوقيعها بات أبعد منالا. وفي هذا السياق، أكد هشام قسنطيني المعلق في صحيفة « الخبر » واسعة الإنتشار لسويس أنفو، أنه متشائم من مستقبل العلاقات الجزائرية – الفرنسية في ظل الرئاسة الجديدة، مُعتبرا أنه لو فاز لوبّـين، لكان ذلك أفضل بالنسبة للجزائر، ورأى أن فرنسا، التي احتلتها ألمانيا لمدة خمس سنوات، احتاجت إلى 50 عاما كي تنتقل إلى الحديث عن الصداقة مع برلين، فكيف سيكون الحال مع الجزائر التي احتلتها فرنسا لمدة 130 عاما وتسبّـبت في قتل مليون ونصف المليون من أبنائها وتشريد عشرات الآلاف في المنافي؟ ونلاحظ تشاؤما مماثلا، لكن بدرجة أقل، لدى النُّـخب في المغرب وتونس، ليس فقط بسبب مواقف ساركوزي المعادية للعرب، وإنما أيضا للآمال التي كانت معلّـقة على احتمال وصول الاشتراكيين مُجدّدا إلى قصر الإيليزي. فمنظمات المجتمع المدني والأحزاب المعارضة، وبخاصة الإتحاد الاشتراكي للقوى الشعبية، الذي قاد الحكومة المغربية في ظل زعامة عبد الرحمان اليوسفي، كانت تنتظر أن تجد مناخا دوليا مواتيا لمجابهة خصومها المحليين، لو فازت الاشتراكية سيغولين روايال بالرئاسة، ويجابه الإتحاد الاشتراكي استحقاقا انتخابيا حرِجا في الأسابيع المقبلة ضد غريمه حزب العدالة والتنمية الإسلامي المعتدل، والذي ترشِّـحه التوقعات للفوز بالغالبية في البرلمان المقبل. لكن الجامعي فؤاد عمر، أستاذ الاقتصاد في كلية الحقوق بمدينة فاس ينظر إلى هذا الدخول القوي لساركوزي إلى الرّكح من زاوية أخرى، فالصِّـراع بين اليمين واليسار في فرنسا، لا يخرج حسب رأيه، عن النظريتين الكبيرتين المسيطرتين في الغرب منذ انهيار جدار برلين، والتي تقسم الساسة إلى متفائلين ومتشائمين. فنظرية التفاؤل، التي صاغها فرانسيس فوكوياما، والمعروفة بنظرية نهاية التاريخ، تعتبر أن الشيوعية كانت مجرّد قوسين أغلِـقا نهائيا، وأن العالم دخل اليوم إلى عصر الليبرالية والديمقراطية، مما سيعني نهاية الصراعات والحروب. ويعتقد فؤاد عمر في تصريح لسويس أنفو أن التجربة أثبتت أن هذه النظرية غير مطابقة للواقع، أما النظرية المقابلة، وهي لصامويل هانتينغتن، فتقول بحتمية الصِّـدام بين الحضارات، وقد أكّـدت الأحداث أنها أقرب للواقع في رأي مُحدِّثنا. مع ذلك، فهو يرى أن وضع أمريكا في مواجهة مع فرنسا في المغرب العربي بعد وصول ساركوزي إلى سدّة الرئاسة، طرح خاطئ ويائس، لأن فرنسا تعرف المنطقة معرِفة أفضل، لأسباب معلومة ويمكنها أن تكون (مع الأوروبيين الآخرين)، مدافعا عنها على الساحة الدولية بهدف تسوية نزاعات قائمة، واستدل في هذا المجال بالدور النشط الفرنسي (والأوروبي عموما)، خلال حرب لبنان في الصيف الماضي، الذي كان أنموذجا لما يُـمكن أن يكون عليه الدور الفرنسي مع ساركوزي « بصفته يقدِّم رؤية أخرى وأسلوبا مُغايِـرا في معالجة المشاكل من دون احتكاك مع الإدارة الأمريكية » كما قال. مرتبة ثالثة في هذا السياق المتفائل، يمكن إدراج الاهتمام الذي تابعت به العواصم المغاربية التصريح الذي أدلى به ساركوزي بعد فوزه، والذي وعَـد فيه بإطلاق مبادرة لتطوير الشراكة مع بلدان الضفة الجنوبية للمتوسط قريبا. والظاهر، أن الحكومات المغاربية فوجئت بتخصيص ساركوزي فقرة مهمّـة من كلمته للبلدان العربية المتوسطية، والتي بوأها المرتبة الثالثة بين أولويات فرنسا الدولية خلال المرحلة المقبلة بعد أمريكا والإتحاد الأوروبي. وأماط ساركوزي اللِّـثام عن عزمه على طرح مبادرة بعد دخوله قصر الإيليزي، لتفعيل الشراكة الأورو متوسطية (المتعثرة بسبب مضاعفات الصراع العربي – الإسرائيلي)، مُتعهِّـدا بوضع هذا الملف بين الملفات الرئيسية في ولايته، وقال « علينا تجاوز جميع الأحقاد كي نُفسح المجال أمام (تجسيد) حُـلم السلام الكبير وحُلم الحضارة العظيم »، مُضيفا « أتوجه بنداء إلى شعوب المتوسط لأقول لها إن كل (اللعبة) ستكون في المنطقة المتوسطية »، مُؤكِّـدا أنه « آن الأوان لإنشاء اتحاد في المتوسط أسْـوَة بتشكيل الإتحاد الأوروبي قبل 60 عاما ». وفي هذا السياق، ذكَـر فؤاد عمر بأن فريقا من الخبراء، شكّـله الإتحاد الأوروبي في السنة الماضية، من ضفتي المتوسط تحت اسم « أورومسكو » ( Euromesco) لإعداد تقرير عن الشراكة الأوروبية المتوسطية، (وكان هو عضوا فيه)، انتهى إلى إجماع على نقطة مركزية، مفادها أنه علينا، كي نحرِّك الأمور، أن نشرع في إرساء الأسس لمجموعة الدول الديمقراطية، مُعلِّـقا بقوله أن « هذا الإجماع يعكِـس المكانة المركزية للديمقراطية في بناء شراكة وطيدة الأركان بين الضفتين ». طبعة دوفيلبان مع ذلك، يمكن القول أن مشروع ساركوزي، ليس سوى امتداد لخطَّـة فرنسية كان أعلن عنها رئيس الحكومة المُغادر دومينيك دوفيلبان يوم 20 مارس الماضي، ورمت لتنشيط العلاقات مع البلدان المغاربية، واستطرادا، مجابهة المنافسة الأمريكية وحتى الروسية المُتناميتين في المنطقة. واختار دوفيلبان، الذي يمكن أن يكون أحد أعمِـدة حكومة ساركوزي، أن يكشف عن الخطة خلال اجتماع في معهد العالم العربي في باريس، وفي حضور عدد كبير من الشخصيات السياسية والثقافية العربية والفرنسية، من بينها بيير جوكس، وزير العدل السابق، الذي حضر بصِـفته رئيسا لجمعية الصداقة الفرنسية – الجزائرية، وإمام جامع باريس دليل أبوبكر، المُقرب من ساركوزي، وتضمَّـنت الخُـطة إقامة مشاريع مشتركة مع شمال إفريقيا في المجالات، السياسية والاقتصادية والثقافية، في إطار السعي للمحافظة على موقع فرنسا بصفتها « الشريك التجاري الأول والمستثمر الأول في البلدان المغاربية »، مستدلا بحجم المبادلات الاقتصادية معها، والذي قدَره بعشرين مليار يورو في السنة. وشكّـل طرح المشروع قبل أسابيع من نهاية ولاية شيراك، دليلا على ثقة اليمين الفرنسي بأنه سيستمر في الحكم، وهو على كل حال مشروع منذور للإنجاز في ظل ولاية الرئيس المقبل. وفي معلومات مصادر مطَّـلعة، أن ساركوزي اعتمد في بلورة المشروع الذي طرحه عن الشراكة الفرنسية مع بلدان شمال إفريقيا، على تقرير أعدّه كل من مدير عام التعاون الدولي والتنمية في الخارجية الفرنسية فيليب إيتيان، ومدير عام دائرة شمال إفريقيا والشرق الأوسط جون فيليكس باغانون، وهو التقرير الذي اعتمده أيضا دوفيلبان لطرح المبادرة التي أعلنها في معهد العالم العربي. ردود فعل متناقضة وأكدت المصادر أن مشروع ساركوزي يرمي، من ضمن أهداف أخرى، لإنقاذ اللغة الفرنسية من التراجع في منطقة كانت تُعتبر طيلة نصف قرن من أهم مناطق انتشارها، ويميل أكثرية الشباب في البلدان المغاربية، التي يصل عدد سكانها إلى نحو مائة مليون ساكن، غالبيتهم دون سن الخامسة والعشرين إلى استخدام العربية محلّ الفرنسية، التي كان الجيل السابق مُـسيطرا عليها. وفي هذا الإطار، يُرجح أن يُعلن ساركوزي عن فتح فروع لجامعات ومعاهد علمية وتكنولوجية فرنسية في البلدان المغاربية، بغية تحقيق هدفين في آن معا، يتمثلان بتقوية موقع الفرنسية أمام الإنكليزية، التي ما فتئت تنتشر في الأوساط الجامعية، وفي الآن نفسه إقفال إحدى المنافذ الرئيسية للهجرة نحو فرنسا، وأشارت إحصاءات فرنسية إلى أن أكثر من 50% من الطلاب المغاربيين، الذين يُكمِـلون دراساتهم العالية في فرنسا، يبقون فيها ولا يعودوا إلى بلدانهم الأصلية. غير أن الجنرال جان مارك لوران، نائب مدير الشؤون الإستراتيجية في وزارة الدفاع الفرنسية أكد لسويس أنفو أن المشاريع الكبرى، سواء في الإطار الثنائي أو الإقليمي (مع دول المتوسط)، لا ترتبط بالولايات الرئاسية وليست خططا ظرفية، وإنما هي تنفَّـذ على مدى سنوات، واتخذ مِـثالا من برامج التعاون في مجال التدريب العسكري بين دول 5 + 5 التي تلعب فيها فرنسا دورا بارزا، ليؤكِّـد أنه تم إعدادها في سنة 2006 وتمّ الشروع في تنفيذ مراحلها الأولى هذه الأيام، من خلال دورة في باريس « ستكون تجريبية، لكي نُحدِّد في ضوئها الصعوبات الواردة، حتى نتجاوزها في المستقبل ثم ننطلق إلى العمل ». مُتغيرات مع ذلك، لا يمكن اعتبار ردُود الفعل الرسمية المغاربية المتناقضة على انتخاب ساركوزي محكومة فقط بهذه الرؤية، التي تشدِّد على الاستمرارية والثوابت في سياسة باريس. فلا شكّ أن هناك متغيرات مع مجيء رئيس يقِـف على يمين شيراك، تتفاوت من بلد إلى آخر. ففي تونس والرباط، لوحظ أن الرسميين سارعوا إلى تهنئة الرئيس الفرنسي المُنتخب فور فوزه في الدور الثاني، تعبيرا عن الارتياح لخطه وإسقاط « شبَـح » عودة « الخضَّـات » التي أبصرتها العلاقات الفرنسية مع البلدين على أيام الرئيس الراحل فرانسوا ميتران وحكوماته الاشتراكية، بسبب السِّـجال على ملف حقوق الإنسان. ومن مصادر هذا الشعور بالارتياح، طبقا لمعلومات العارفين بالخفايا، أن العلاقات الشخصية سالكة، بل وسلِـسة مع ساركوزي، لأنه سبق أن زار البلدين، عندما كان يتحمل مسؤوليات وزارية (في المالية ثم في الداخلية)، على عكس غريمته روايال، التي لا تربطها علاقات شخصية مع كبار المسؤولين في البلدين. في المقابل، أثار فوز ساركوزي قلقا كبيرا في كل من الجزائر وليبيا، الأولى بسبب تصريحاته بشأن المهاجرين المغاربيين ،وأغلبهم من الجزائريين، وكذلك رؤيته للحقبة الاستعمارية. أما الثانية، فبسبب الموقف المتشدِّد الذي أعلنه من مشكلة الممرضات البلغاريات المسجونات في ليبيا منذ فبراير 1999 في قضية حقن دماء ملوثة لأطفال ليبيين في مستشفى بنغازي. ولوحظ أن الصحف الليبية شنَّـت هجوما حادّا على ساركوزي، بعد الكلمة التي ألقاها فور إعلان النتائج، مُعتبرة أنه « ما كان ينبغي عليه أن يحشر أنفه في قضية الممرضات البلغاريات »، فيما رأت صحيفة « الشمس » أن دماء الأطفال الليبيين « ليست سلعة انتخابية ». وأكَّـدت مصادر فرنسية، أن ساركوزي جادٌّ في تعهده بألاّ تتخلّـى باريس عن الممرضات البلغاريات، ممَّـا يُؤشر إلى أزمة في الأفُـق مع طرابلس، إذا ما انتقل لتجسيد ذاك التعهد. وطالما أن هناك محاكمة جديدة أمام المحكمة العليا الليبية خلال الشهر الجاري بعد استئناف الممرضات والطبيب الفلسطيني حكم الإعدام الصادر في حقهم في ديسمبر الماضي، فلا يستبعد أن تشكل تلك المحاكمة الشرارة الأولى لأزمات ساركوزي مع المغاربيين، وتحديدا ليبيا والجزائر. (المصدر: موقع سويس إنفو بتاريخ 11 ماي 2007)

رحلة في معاقل طالبان (*) وحوارات عن إمارتهم الثانية (الحلقة 1)

** مقاومة طالبانية علي النسق الفيتنامي واللبناني أجبرت قوات التحالف علي الاعتراف بقوتها ** منشد طالبان محمد درويش: بالأمس دمّرنا قصر الكرملين والآن سندمر القصر الأبيض!
 

أحمد موفق زيدان تنشر القدس العربي مقتطفات من كتاب للصحافي في قناة الجزيرة القطرية احمد زيدان عن امارة طالبان الثانية التي يقول انها تختلف عن الامارة الاولي في قندهار وكابول. ويشير الكتاب الي تحولات في اسلوب وفكر الحركة، وانها تعيش ما يقول انها ثورة ناعمة. وتظهر الشهادات اقوال عدد من قادة الحركة الذين يقولون ان الحركة ايام كانت في السلطة اختطفت من قبل عناصر معينة عملت علي تشويه صورة وسمعة الحركة من خلال التدخل في قضايا صغيرة لا تخدم افغانستان ولا العالم الاسلامي، والعجيب ان هؤلاء المتشددون الآن هم الذين تخلوا عن الحركة ولجأوا الي مساعدة الحكومة الافغانية المدعومة من الامريكيين. ويشير الي حياة الامان التي يعيشها السكان في المناطق التي تسيطر عليها طالبان، والي عودة ازدهار تجارة الافيون والمخدرات. وفي لقاءات مع القائد العسكري للحركة ملا داد الله يتحدث عن رغبته في التوجه الي العراق والمشاركة في الجهاد هناك. ويكشف عن وجود صلة مع المقاومة العراقية وتبادل في الخبرات والآراء بشان الوضعين الافغاني والعراقي وامكانية التنسيق بين الطرفين. القدس العربي كانت الساعة تشير الي الثالثة فجراً حين طلب منا مضيفونا ان نتحرك مع المهربين في سيارات بيك آب اُعدت ليوم طالما حلمت به، وربما حلم به اي صحافي او اعلامي مثلي، صحراء قاحلة جرداء، لا طير يطير فيها ولا وحش يسير، كما يقولون، وضعنا امتعتنا في صندوق البيك آب لنبدأ رحلة ملؤها المخاطر والترقب، وكل ما يختلج في النفس البشرية من تلهف لمعرفة ما يجري علي الطرف الآخر من خط رسمه المحتل البريطاني بزعامة مورتيمر دوراند ، خط فصل فيه البشتون الي بشتونين، بشتون باكستان، وبشتون افغانستان، وسعي كما يقول المثل البشتوني الي فصل الماء بالعصي.. الظلام الدامس يلف المكان والزمان، رفيقاي وهما المصور ومساعده كانا بجانبي بالاضافة الي السائق ومساعده بجانبه، لعبة الصمت ربطتنا لبرهة من الوقت كون مضيفينا سلمونا الي السائق ومساعده دون ان يشرحوا لنا قواعد اللعبة، بمعني كيف نتحدث معهم؟ وما هي اللغة وحرية المساحة التي يمكن ان نقضي فيها علي ساعات سفر مضنية، تحفنا فيها الحفر من كل الاحجام؟ لكن السائق الذي لم يقدم اسمه كان بمقدوره ان يكون الفائز الاول في سباق رالي السيارات في صحراء دبي وغيرها، كان يقود السيارة بسرعة تعدت المائة والثلاثين كيلو متراً، واحيانا وصلت الي المائة والخمسين كيلو متراً.. منشد الطالبان المعروف محمد درويش كان انيس وحشتنا، كانت انشودته تصدح بالبشتو: بالامس دمّرنا قصر الكرملين، والآن سندمر القصر الابيض، فيا لثارات شهداء الافغان، اما السائق ومساعده فكانت شفاهمها تتمتم بما يقوله المنشد الافغاني، باديا عليهما التأثر، التفت اليّ زميلي مساعد المصور ليهمس في اذني: انني من المدينة، ولا علاقة لي بهم، ولكن كوني افهم البشتو ؛ فان هذه الاناشيد تدفعني دفعاً للانضمام اليهم، انها قوة الاعلام وقوة الحشد والتعبئة… تذكرت حينها الفيلسوف المعروف والمشهور باسم مكسيم القائل: الذين يفشلون في دراسة التاريخ مكتوب عليهم ان يكرروه ، سبب تذكّري هذه المقولة، دخولي ولاية هلمند المجاورة لقندهار، حاضرة طالبان حين كانوا في كرملينها، ففي احدي ضواحيها تجلس مديرية ميوند الذائعة الصيت في الامبراطورية التي كانت لا تغيب عنها الشمس، ميوند شهدت اعظم معركة ضد القوات البريطانية في: 27 ـ 7 ـ 1880، وذلك خلال الحرب الافغانية الثانية، والتي امتدت من عام: 1878 ـ 1880، والتي تسببت في قتل الآلاف من جنود التاج البريطاني.. كان منشد طالبان درويش يواصل انشودته التي طالما كررها السائق ومساعده، الانشودة التي تتحدث عن ملالي تلك المرأة الافغانية التي دعت الجيش الافغاني الي التجمع بعد ان هُزم في بداية المعركة، وصرخت بأعلي صوتها تطالب الجنود بالعودة، فانبري شير علي الذي يرقد الآن تحت قبة مرمر بيضاء اللون وسط بيشاور التي حرص المقاتلون العرب ايام الجهاد علي تسميتها ببوابة الخلافة المفقودة.. للقتال حتي النصر. سعيت ان اكسر المحرمات، فتوجهت اليه بسؤاله: كيف تنظر الي مهنتك، هل انت راض عنها؟ وهل تريد ان تواصلها؟ التفت الي قائلاً: انا ملك، اشعر كشاه، قالها لي بالفارسية، ليس لدي مشاكل مالية، وارعي اطفالي، واخدم جهادي، اكتفي بعبارات مدروسة وقصيرة وذات معني، لتواصل سيارته وهي تغب طريقاً موحشاً، يقطعها بين الحفرة والحفرة حفرة من الوزن الثقيل او الاثقل ليرتطم رأسنا بسقف البيك آب او بكتف زميل او بزجاج نافذة.. يلتفت الواحد منا الي الآخر مستغرباً، ومتلهفاً لمعرفة الي اين سيقود هذا المسلسل المكسيكي، اما مساعد السائق فكان يسرق بين الفينة والاخري نظرة الي احدنا، يحدجنا بنظرات سخرية واستهزاء صفراوية، علي اننا خوّافون، وربما جبناء، هكذا كانت النظرات تتحدث.. هاتف الثريا همزة الوصل بين السائق وبين من تركهم او من ينتظرونه في افغانستان كان هاتف الثريا المربوط علي الاقمار الاصطناعية، ربما اضخم سوق لهذه الهواتف في العالم، انما هو في هذه المناطق، حيث يحمله الكثير من الناس بسبب الافتقار الي البنية التحتية للاتصالات في هذه المناطق النائية، كان يواصل السائق التواصل مع جماعته علي طرفي الحدود كل نصف ساعة وربما اقل، يخرج رأسه من نافذة السيارة تفادياً لتوقيفها وخسارته بضع دقائق من وقته الذي يراه ثميناً، يتجلي ذلك بسرعة قيادته للسيارة، وربما كان ينوي ان يظهر لنا براعته في القيادة والسرعة في الوصول الي الهدف، يبدو ان السائق انتبه لاهتمامي بالثريا ؛ فقال لي: ان التاريخ هنا يؤرخ ما قبل الثريا وما بعده… طلبت منه ان يشرح لي اكثر واكثر ؛ فقال وهو ممسك بمقود السيارة كأنه يخشي ان يهرب منه: … هل تصدّق انه قبل هذا الهاتف مات الكثير في هذه الصحراء عطشاً وجوعاً، فان خربت سيارته او تاه الطريق، ما عليه الا ان ينتظر وينتظر ويترقب قادماً جديداً ربما يأتي، وفي الغالب لا يأتي، فالطرق كثيرة ومتعددة، وبالتالي هذه الرمال التي تراها امامك تحتضن الكثير من جثث اولئك، اما الآن فبهذا الهاتف يستطيع من انقطعت به السبل ان يتصل ويبلغ عن مكانه، خصوصاً مع خدمة تحديد المكان، الجي بي آر اس، وهي خدمة عظيمة، لقد استخدمتها بنفسي وقت الضرورة، لم يعد العالم عندنا كما كان قبل سنوات، الشكر لله اولاً واخيراً، فهذه نعمة كبيرة انقذت ارواح الآلاف من البشر وربما اكثر، اضف الي ذلك، هناك من كان يخشي ان يسلك هذه الطرق للتجارة وغيرها، خشية ان يتيه الطريق او يضله، ومع وجود الثريا تشجّع الجميع علي السفر دون اية خشية او خوف . واصلت استكشاف السائق وتجربته المريرة التي بدأها كما قال لي قبل اثنتي عشرة سنة علي نفس الطريق الذي حفظه عن ظهر قلب ككفه، قلت للسائق: هل من تجارب غريبة وعجيبة معك طوال هذه السفرات الطويلة في هذه الصحراء التي تصل فيها درجة الحرارة في الصيف الي الخمسين درجة مئوية؟ يغالب دمعة تحجرت في المآقي وهو ينظر الي يمين الطريق قارئاً الفاتحة والدعاء لقبر رُفعت عليه سارية وعلم اخضر، نسيت سؤالي الاول بعد ان تولد سؤال اهم من رحم البكاء، اجابني السائق: قبل اشهر وفي هذا المكان قضي احد زملائنا حين انقلبت سيارته فمات، فوضعنا هذا القبر تذكاراً له، ونحرص علي قراءة الفاتحة والدعاء لروحه الطاهرة كلما مررنا بمحاذاته، تلك هي الحياة، يعود بأدبه الفطري الصحراوي القبلي ليقول لي: بشأن مغامراتي فكثيرة، وانا مشغول بالقيادة الآن، لكن سأروي لك قصتين، الاولي حين كانت مروحيتان امريكيتان تطاردانني ومعي خمسة من مقاتلي طالبان، كانت المروحيتان تودان ضرب السيارة، لكن نجحت في الفرار منهما، قالها بزهو وكأنه نابليون الذي خرج منتصراً من معركة واترلو… اضاف سائقي: كنت اتواري بعيداً عن المروحيتين اللتين اتجهتا الي سيارات اخري معتقدتين ان الفريسة فيهما، بينما كنت قد اطلقت ساق السيارة الي الريح، واي ريح؟!! فقد وصلت السرعة الي اكثر من مائة وخمسين كيلو متراً، ونجحت في انتشال مقاتلي طالبان من فم الاسد الامريكي. اما القصة الثانية فهي حين كانت سيارتي تقل 450 كيلو غراماً من المخدرات، واعترضت عربات عسكرية امريكية طريقي، لكن نجحت كالمرة السابقة في التخلص منهم، وايصال الشحنة التي تصل قيمتها الي ملايين الدولارات الي هدفها، يتابع حديثه، انهم يظنوننا بلهاء وبسطاء، لكنهم لا يعرفوننا تماماً… فيلم رعب لم يكمل السائق كلامه حتي رأيت فيلم الرعب من جديد وشخصياً، بل وشعرت انني بطله، كان سائقي قد التزم الصمت وهو يقود السيارة بشكل جنوني تجاوزت سرعته المائة وخمسين كيلو متراً وكأن افعي قد لسعته، اسأله لماذا لكنه لا يرد، فاشار بيده الي يمينه، حانت مني نظرة واذ بسيارة عسكرية تحاول توقيفه، لكنه خرج عن الطريق الرئيسي الرملي، وبدأت رحلة من المطاردة والمطاردة المضادة، رحلة ذكرتني بأسوأ افلام الرعب التي رأيتها في حياتي، والتي كنت ارتعب لمشاهدتها تلفزيونياً، فكيف وانا امارسها او ارغم علي ممارستها بالتعبير الادق والصحيح؟!! واصلت العربات العسكرية الباكستانية اللحاق به، لكن كان اسرع منها فقد تمكن من الافلات منها علي حساب طول فترة الرحلة. لم ار في هذه الصحراء القاحلة سوي الجمال، سفينة الصحراء دون حاد او راع، التفت الي سائقي ودقق النظر في نظراتي التي كانت تتابع الهجن صغيرها وكبيرها، فهو يعرف ولع العربي بالجمال وبسفينته قائلاً، ها.. ها.. هل اعجبتك؟ انها تذهب الي ايران، وتُباع هناك بحوالي ثمانمائة دولار للجمل الواحد لذبحه واكله.. طمعت اكثر في الحديث اليه، وسألته هل هناك من وحوش برية في هذه الصحراء ؛ فقال: لا.. لم اعثر علي شيء من هذا سوي الافاعي التي قتلنا منها الكثير خلال سفرنا طوال السنوات الماضية.. كان السائق يتوقف بين الفينة والاخري ليتفحص العجلات التي ثُقبت مرة واحدة فعالجها، وتوقف مرة حين غرزت السيارة بالرمل، فما كان منه الاّ ان فرّغ نصف هوائها، وبدا يحرك المقود بطريقة حلزونية تفادياً لتغريز السيارة، وكانت حركات في قمة الروعة تدل علي مهارة غير طبيعية مع السيارة ومع الرمل ذاته.. استمررنا في مواصلة الرحلة سائلين بين الفينة والاخري كم تبقي لنا؟ وهو يجيب بقي ثلاث ساعات، ساعتان، ساعة واحدة، عشرون دقيقة، حتي دخلنا مطعماً في منطقة افغانية، ننتظر ضيوفنا الطالبان، ساعة او ازيد، واذا بالعمائم البيضاء علي سيارة كروزر تتقدم منا، سلّم السائق علي العناصر الطالبانية واودعنا عندهم ليعود ادراجه من حيث اتي، اما نحن فقد بدأنا مرحلة جديدة ويوماً جديداً…….. استراتيجية وتكتيك وانفاق علي الطريقة الفيتنامية تلقفتنا قوات طالبان، كان في سيارة اللاندكروزر شخصان، الاول القائد عبد الناصر ميرويس، في الثلاثينات من عمره، شخصية ذكرتني بالسلطان محمود غزنوي علي الرغم من عدم رؤيتي له بالطبع، ولكن من كثرة ما قرأت عنه في الكتب، توجهنا بالسيارة يرافقنا صوت المنشدين الطالبانيين، اناشيد حماسية علي الجهاد والاستشهاد، والصبر والمصابرة، وعلي وجه السرعة بدأ القـــــائد عبد الناصر ميرويس الذي عرف نفسه كأحد مساعدي القائد العسكري الطالباني داد الله، بدأ باللغة الفارسية التي يفتقر اليها معظم الطالبان، فهم يتحدثون اللغة البشتونية الافغانية، كون اصول معظمهم من البشتون.. لم اشعر بالغربة ومشاكل اللغة، كنا نتحدث، ونحن في السيارة التي كانت تسعي الي اكل الارض الافغانية غير المعبدة، بل والجبلية الصخرية، حيث كنا نتهادي علي بعضنا البعض من كثرة المطبات والمنغصات في الطريق، ذكر لي عبد الناصر كيف اعتقل من قبل التحالف الشمالي بعد سقوط الحركة، وكيف اُفرج عنه مقابل آلاف من الدولارات دفعها رشوة القائد داد الله لمسؤولين افغان من اجل الافراج عنه، وهو ما حصل، علي الرغم من ان تهمته كانت هي حيازته لصاروخ ستينغر الامريكي المضاد للطائرات.. يتابع ميرويس فيقول لي: قضينا اياماً جميلة في السجن، سجن بولي تشرخي، فقد حفظت عدداً من اجزاء القرآن الكريم، بالاضافة الي الدروس الدينية التي كنا نتلقاها او نلقيها علي الشباب هناك، كانت مدرسة بحق، مدرسة سيدنا يوسف عليه الصلاة والسلام، كنا حينها قد اقتربنا من القرية الافغانية التي نقصدها، توقفت السيارة، ودعانا القائد ميرويس الي الترجل منها، وتوجهنا الي تحت شجرة التوت الافغاني المشهور… بدا ميرويس كلامه عن التوت قائلاً: نحن في افغانستان لا نبيع هذا التوت الذي نجلس تحت شجرته، فكل واحد من عابري السبيل ومن المارة يستطيع ان يأكل منه، ويتناوله دون اي حرج، فعار علينا ان نمنع المارة من تناوله واكله، لكن لننتقل الي قصتنا الحقيقية، قالها ميرويس وعشرات من اتباعه يتحلقون حوله معجبين به وبأدائه مع الاعلام، فبعضهم لم ير وسائل اعلامية، وكيف تجري المقابلات ربما في حياته.. شرح لنا ميرويس كيف بدأ قتاله في هلمند بعد خروجه من السجن بأيام، وكيف هاجم حينها نقطة عسكرية افغانية، ثم سعي الي تجميع العناصر الطالبانية القديمــــة التي توثقت علاقــــاتها وروابطها بالمسؤول العسكري للحركة داد الله، هذا الوضع يقول ميرويس مكّن الحركة من السيطرة الآن علي سبع مديريات افغــــانية في ولاية هلـــمند لوحدها من اصل اثنتي عشرة مديرية في الولاية نفسها… تحدثنا عن التكتيكات العسكرية الطالبانية الجديدة، فوعدنا القائد عبد الناصر ان نري بأم اعيننا غداً وعلي الطبيعة قتال الطالبان علي خط النار، او كمر بند كما يطلق عليه باللغة الفارسية، توجهنا في اليوم التالي مبكراً الي خط النار الاول لنلمس حجم الجهد البشري الهائل الذي بُذل لاخفاء المئات من مقاتلي حركة طالبان، جهد لم اكن اتوقع ابداً ان تبذله قيادات طالبان العسكرية، الحاجز ارتفاعه اكثر من متر، وعلي امتداد اكثر من ثلاثة كيلومترات، وهو عبارة عن الحد الفاصل بين مقاتلي طالبان والقوات الدولية، والتي لا يفصل بينهما سوي مئات الامتار فقط. اما علي الطرف المواجه لمناطق طالبان من الساتر الترابي، فقد كانت هناك حفر صغيرة تتسع للمقاتل الذي بامكانه ان يتخذ منها مجلساً ومبيتاً، اما فتحتها فصغيرة، اذ بامكانه ان يدخل منها بصعوبة، وعلي الفتحة كومة من القش الملائمة لطبوغرافية المنطقة للتمويه، مئات من مقاتلي الحركة غالبيتهم العظمي في العشرينيات ؛ لكن الغريب والعجيب الذي لفت انتباهي لهم، هو تميزهم وخلافهم عن عناصر المجاهدين الافغان ايام الحرب ضد السوفييت في الثمانينيات، فهؤلاء يظهر عليهم التدين والايمان والتقوي والقناعة بمبدئهم وفكرهم اكثر بكثير من المجاهدين السابقين ايام الغزو السوفييتي لافغانستان حين كان المجاهدون يحظون بدعم الغرب بنقطة وبلا نقطة.. يفتخر المقاتلون الطالبانيون في ان تكتيكاتهم العسكرية ارغمت قوات التحالف الدولي علي الاعتراف بها، والاشادة بها غير مرة، بل ان بعضهم تحدث عن تكتيكات طالبانية علي النسق الفيتنامي، وكذلك علي نسق حرب حزب الله في لبنان خلال حربه في صيف العام الماضي مع الكيان الصهيوني الغاصب.. ما ان وصلنا الي خط النار الاول حتي لمحنا مقاتلين بالعشرات وهم يتناولون الغداء، ومن اناء واحد، بطاطا وبندورة مطبوخة علي عجل وفي خط النار الاول، الكل كان يسعي الي دعوتنا الي الغداء علي اساس الجود من الموجود ، ما هي الا لحظات حتي فرغ كل واحد من وجبته، وسعي القائد الطالباني الي السماح لنا برؤية مواقع القوات الدولية والافغانية المتحالفة معها بالمنظار حين صعدنا الي اعلي الساتر الترابي لنري مواقع القوات الدولية والافغانية، وهو ما جعل هذه القوات تشعر بنا، فبدأت باطلاق النار والقذائف علي المنطقة، ولكن طالبان لم تردّ ابداً، ودعا القائد اتباعه الي التزام الحدود حتي لا نقع نحن كصحافيين بين نارين، وبالتأكيد صمتت الاسلحة وانتهي الامر… استغل القائد عبد الناصر زيارته هذه ليعطي دروساً في بعض الاسلحة الثقيلة للمقاتلين الطالبانيين، وشرح لهم استخدام بعض انواع الاسلحة ؛ بينما كان البعض يتهيأ للصلاة، والبعض الآخر منهمكاً في تنظيف سلاحه الخفيف، والبعض الآخر يستعد لترتيب بعض الخيام والمخابئ التي كانت طالبان قد اعدتها لمقاتليها…. التفت الينا احد المقاتلين العاديين ليسألنا: هل رأيتم سياسة الارض المحروقة بانفسكم؟ فها هي مزارع الذرة تُحرق بشكل كامل بالقرب منا، وكذلك البيوت التي تحولت يباباً، فالقوات الامريكية جبانة ولا تستطيع ان تواجهنا وجها لوجه، فتلجأ الي استخدام الطائرات من الجو، ومن ارتفاعات شاهقة. قالها محمد جان 25 عاماً، وركض باتجاه الجنوب خلف مجموعة من المقاتلين الطالبانيين، اما المقاتل ادريس الذي نبتت لحيته حديثاً ؛ فقد كان فرحاً جداً بالتحاقه بالمقاتلين الطالبان، سألته متي التحقت، وكيف حصل هذا، وهل انت متزوج ام لا؟ واسئلة اخري، رد علي والبشر يعلو وجهه: لقد قبلت الحركة اخيراً ان التحق بها، امتثالاً لاوامر زعيم الحركة الملا محمد عمر الذي يقول: ان الامرد كالنساء، وبالتالي لا يقاتل في صفوف الحركة الا من نبتت لحيته، وها انا ذا احظي بشرف الالتحاق بالحركة بعد ان نبتت لحيتي. يقول هذا وهو يداعب لحيته، وكأنه يتمني ان تطول مزيداً.. حركة دؤوبة علي خط النار، فالكل يقول ان المعركة هنا، وبالتالي لا علاقة لنا بتحلــــــيق الطائرات فوق المزارع والبيوت الآمنة والقري الخاضعة لسيطرة الحركة، وذلك تفاديا للرد العنيف الذي قد يعقب اسقاط طائرة او مروحـــية فوق مزرعة او قرية… كان الهمس بين القادة والجنود عن تغيير خط القتال، خط القتال هذا اصبح له فترة في مكانه بالاضافة الي قربه من القرية، ولا بد من ابعاد خط المعارك عن القرية، قالها احد القادة الميدانيين في المنطقة لعبد الناصر الذي اكتفي بايماءة من رأسه موافقاً، مختلساً نظرة الينا فيما اذا كنا نسمع ونفهم ما يدور بينهم ام لا، كانت اشارة عبد الناصر للقائد الميداني ان الزمان والمكان لا يناسبان ان نتحدث بذلك الآن.. رحلة خط النار الاول استمرت لاكثر من ثلاث ساعات، كان مرافقونا حريصين علي ابراز حجم الدمار والخراب الذي لحق بالبيوت والمزارع المحيطة بخط النار من جرّاء القصف الامريكي، عدنا من خط النار باتجاه القرية، فاستضافنا علي ما يبدو تاجر المنطقة المعروف، كان بيته كبيراً واسعاً، جلسنا كالعادة تحت شجرة التوت الجميلة، ومن امامنا ساقية ماء تم حفرها من قديم لتنقل الماء من قناة من قنوات ري نهر هلمند الكبير، كان المنظر جميلاً، وكالعادة علي عجل ودون اي تكلف حضر الطعام البسيط، مرق ولحم، وخبز وبالطبع اللبن الذي لا يستغني عنه الافغان ابداً، خصوصاً بعد نهاية كل وجبة.. التفتّ الي مرافقينا لأسألهم عن سر جلب اللبن، وحرص المقاتلين الطالبان عليه، التفت اليّ احدهم ليقول لي: ان اللبن هذا من الوصايا القليلة الطالبانية، وسأذكر لك قصة عن اللبن، فقد حصل ان نفذ اللبن من احدي المعسكرات الطالبانية حين كانت الحركة في السلطة، فما كان من الامير الا ان ارسل مروحية عسكرية علي عجل الي القرية لتجلب اللبن قبل تناول الغداء، فاللبن والشاي شيئان مهمان للافغاني والمقاتل الطالباني، تذكرت حينها ما يُروي عن الافغان الشماليين المجاورين لوسط آسيا: اكر شاي نميخري جنك نميشا اي بدون الشاي لا يمكن القتال، ويبدو أن القاعدة الطالبانية العملية: بدون اللبن لا يمكن القتال..

(*) جزء من كتاب سيصدر قريبا تحت عنوان امارة طالبان الثانية . (المصدر: صحيفة القدس العربي (يومية – لندن) الصادرة يوم 12 ماي 2007)


مدافن للمسلمين تثير غضب سكان قرية ايطالية

 
روما ـ يو بي أي: نشب خلاف في قرية صغيرة في توسكانيا الإيطالية حيال قرار المجلس البلدي للقرية بتخصيص مدافن للمسلمين في المقبرة المحلية. وذكرت وكالة أنسا الايطالية للأنباء ان المجلس البلدي لقرية ريغوتينو صوت في الشهر الماضي لصالح تخصيص عشرة مدافن في مقبرة القرية للمهاجرين المسلمين المقيمين في مدينة أريزو القريبة. وسوف تحفر القبور بطريقة توجه فيها رؤوس الموتي الي مدينة مكة المكرمة لدي المسلمين (القبلة) وفقاً للتقليد الإسلامي في دفن الموتي. كما صوت المجلس لصالح أن يدفن المسلمون بالطريقة التقليدية مباشرة في التراب من دون توابيت. وأشارت الوكالة الي أن مقبرة ريغوتينو ومقبرة أخري في قرية سان ليو القريبة هما المقبرتان الوحيدتان اللتان تملكان مساحات يمكن دفن المسلمين فيها. غير ان الفكرة أثارت اعتراض السكان المحليين الذين قالوا إنه يمنح المسلمون بطريقة غير عادلة أماكن محجوزة ومخصصة لموتاهم، الأمر الذي ليس متاحا أمامهم. وشكّل السكان المحليون لجنة لمحاربة هذا القرار. ووقع حوالي 500 شخص لغاية الجمعة علي عريضة طالبوا فيها بتدخل رئيس أساقفة الأبرشية. وهذا الخلاف هو الثاني الديني من نوعه الذي تشهده إيطاليا في الأيام القليلة الماضية. وكان السكان المحليون والسياسيون في مدينة ميلانو الإيطالية ثاروا غضبا بسبب بعض التقارير التي ذكرت أن إدارة المستشفي الحكومي المحلي قررت ازالة الجدران التي تحمل الصلبان واستبدالها برسوم مميزة للسيدة مريم لكي لا يتسببوا بإزعاج للمرضي غير الكاثوليك. وكانت صحيفة لا ريبوبليكا الايطالية اول من نشر تقريرا حول قرار عيادة مانغياغالي للتوليد إحدي أهم دور الولادة في ايطاليا بازالة الصلبان واستبدالها بصور السيدة مريم العذراء. (المصدر: صحيفة القدس العربي (يومية – لندن) الصادرة يوم 12 ماي 2007)

Home – Accueil الرئيسية

Lire aussi ces articles

23 juin 2008

Home – Accueil TUNISNEWS  8 ème année,N° 2953 du 23.06.2008 archives : www.tunisnews.net C.R.L.D.H. Tunisie:Arrestation du porte-parole du mouvement de protestation

En savoir plus +

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.