السبت، 12 أغسطس 2006

Home – Accueil الرئيسية

TUNISNEWS
7 ème année, N° 2273 du 12.08.2006

 archives : www.tunisnews.net


مصادر تكشف زواج بلحسن الطرابلسي من سهى عرفات .. و إحتفاظها بحسابات سرية لمنظمة التحرير ! البعض من ذكريات عبد الكريم الهاروني في شهر جويلية 2006 الحبيب مباركي:مأساة مساجين الرأي في تونس :شهادة السجين لطفي السنوسي وات: بطلب من تونس: المجلس الأممي لحقوق الإنسان يدين العمليات العسكرية الإسرائيلية في لبنان ميدل ايست اونلاين: في عيد المرأة التونسية بن علي يؤكد: التحرر السياسي لا ينفصل عن التحرر الاجتماعي رويترز: قرية (اس.او.اس) بتونس.. بوابة لادماج الاطفال في المجتمع الشيخ راشد الغنوشي : الإسلام في أوروبا د. محمد أحمد الخضراوي: انتصار الدم على السيف هيثم مناع: « إسرائيل »…  بربرية القوة  إلى أين ؟ عبد الباري عطوان: الفاشية الاسلامية ام البوشية ؟ محمد فتحي السقاط: بريجيت باردو وحيوانات لبنان عبدالحميد العدّاسي: اخترت لكم صلاح الداودي  :كوريغرافيا المذبوحين (2) – هكذا تحدث لبنان سليم دولة: وَشْحَلَةُ الوَطَنِ علَي الشَّوَارِعِ..


Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe ( Windows ) To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic (Windows).

 لمشاهدة الشريط الإستثنائي الذي أعدته « الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين »  

حول المأساة الفظيعة للمساجين السياسيين وعائلاتهم في تونس، إضغط على الوصلة التالية:

 


 

مصادر تكشف زواج بلحسن الطرابلسي من سهى عرفات .. و إحتفاظها بحسابات سرية لمنظمة التحرير !

    أسرّت مصادر عليمة خاصة في تونس رفضت الكشف عن إسمها بأنّ الأيام القليلة الماضية شهدت عقد قران أرملة الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات ،على شقيق حرم رئيس النظام التونسي ليلى بن علي  المُسمّى بلحسن الطرابلسي  في طيّ الكتمان و السريّة المطلقة.  و سبق أن راج في تونس منذ شهرين أنّ بلحسن الطرابلسي أقدم على طلاق كريمة الهادي الجيلاني  رئيس إتحاد الصناعة و التجارة ، و أنّه يستعد للزواج من شقيقة سهى عرفات ، لكنّ  المصادر ذاتها الموثوق بها جيّدا أكدت أنّ طلاقه كان من أجل سهى عرفات نفسها و ليس  شقيقتها و أنّ عقد القران تمّ فعلا  بعلم و عناية من زوجة بن علي ليلى .

  و معلوم أنّ أرملة عرفات رفضت الإقامة بعد وفاة زوجها في الأراضي المحتلّة  أو أي عاصمة أخرى غير تونس نظرا لصداقتها الوطيدة جدّا بأعلى هرم السلطة و خاصة بليلى بن علي وُلدت الطرابلسي .  و  يجدر التذكير بأنّ علاقة سهى عرفات برموز سلطة محمود عباس  عرفت أوج  تشنّجها خلال فترة إقامة الراحل عرفات  في مستشفى فرنسي قبل إعلان وفاته نهائيا ، و كانت معالم الخلاف الحادّ قد تصاعدت  خلال تلكّ الأيام علنا و صراحة على شاشات الفضائيات و تبادلت سهى عرفات مع ممثّلي نظام عباس التهم  الخاصة  بالنواحي المالية لزوجها الراحل ، و ردّدت بعض التهم من الجانب الفلسطيني معلومات إلى أنّ سهى عرفات  لها علم في ما وُصف وقتها ب »مفاتيح الحسابات السرية » لمنظمة التحرير في بنوك  أوروبية .

 و قالت مصادرنا الخاصة في تونس ، و العُهدة عليها ، أنّ القيادة الفلسطينية مازالت – بعيدا عن أضواء الإعلام- ، تطالب  أرملة الراحل عرفات  بتسوية هذه الحسابات  عن طريق الإتّصال بها في تونس ، على ذمّة ذات المصادر.   و أضافت أنّ  مسارعة شقيق ليلى بن علي المُسنّ إلى طلاق زوجته الشابة  ثمّ  عقد القران فورا بسهى عرفات هو من أجل مال وافر يعتقد انّه بحوزة أرملة الرئيس الفلسطيني الراحل و ليس من اجل خاطر عينيها  على حدّ وصف المصادر نفسها .

  و من جهة أخرى  ذكرت هذه  المصادر أنّ عائلة الراحل عرفات كانوا طالبوا سهى بحقهم في حضانة إبنته الوحيدة منه بعد وفاته وفقا لمقتضيات القوانين في المشرق العربي  ، لكنّ  أرملة الراحل حصلت ، وفقا للمصادر ذاتها، على الجنسية التونسية سرّا  بهدف أن تُنفّذ  على حالتها مجلّة الأحوال الشخصية التونسية .

 
( المصدر: مراسلة خاصة بتاريخ  10 جويلية 2006)

البعض من ذكريات عبد الكريم الهاروني في شهر جويلية 2006

يتزامن احتفالنا هذه السنة بمرور خمس و عشرين سنة على بداية رحلتنا مع الاعتقال و السجن منذ  جويلية سنة واحد وثمانين في العشر الاواخر من رمضان المعظم اثر خروجي من المسجد في مدينة المرسى مسقط راسي يوم كنت طالبا في الهندسة في العشرين من عمري ربع قرن كامل جعل لحياتنا قيمة خاصة و طعما متميزا اني بخير و الحمد لله مرتاح الضمير  و لكن مشغول البال بما يجرى في فلسطين و في لبنان مستبشرا بتنامي حركة المقاومة للعدوان و الاحتلال و الاستبداد و الفساد في بلاد العرب و المسلمين و في العالم فامتنا بدات تنهض من جديد لتخرج من الظلمات الى النور و لو كره المجرمون
 
( المصدر: مراسلة من السيدة Luiza Toscane  بتاريخ 12 جويلية 2006)
 

 

مأساة مساجين الرأي في تونس

التضييقات و العقوبات

* شهادة السجين لطفي السنوسي :

نبهنا مدير سجن برج الرومي بعد يوم من الاستقبال « الحار » (انظر فصل الاستقبال) بان الصلاة الجماعية ممنوعة منعا باتا و كذلك قيام الليل. و لما نقلنا إلى سجن تونس غرفة 1B في سبتمبر 1992, دخل العون »التميمي » و خطب بما مفاده:يمنع منذ اليوم اقتسام القفة و التجمع في أكثر من اثنين على الأكلة و الصلاة,و تمنع النوافل بكل أصنافها و يمنع التحدث مع مساجين الحق العام و كذلك مع غير قرين الأكل و الصلاة… و بدأت من وقتها فتنة المراودة على الانسلاخ من الحركة(النهضة) و رفع لواءها الملازم فؤاد بن مصطفى…

نقلت بعد مدة لا تزيد عن 6 اشهر إلى جناح 3 G و كانت تلك الجهة يرأسها المدعو عمر الحبيبي, هذا الوكيل الذي يبحث صباحا مساءا عن الاستقالات و الانسلاخات و مخابئ بقية الأسلحة و المناشير المعادية للسلطة(كان له أعين في كل الغرف و لكن مع الأسف كانوا من الجهلة الأميين فكان لأحد الإخوة قطعة قماش يستعملها سجادة و كتب فوق مكان السجون « القبلة » فقرأها احد أعينه « قنبلة » فأتى من اجلها أمن الدولة ليحققوا في المسالة)… و مهمته منع صلاة الصبح في وقتها لان قراءة القران تفيق النائمين الذين ودعوا التلفزة في أخر دقيقة من بثها. كما منع أيضا الاغتسال و كلفوا حراس الغرف بالتبليغ عن المغتسلين, فكانت عمولة الاغتسال تتراوح بين دينار و أكثر (مقتطعات) أو عشاء من قفة مع الثمار طبعا أو قطع ثياب؟ منع أيضا أن ينظر إسلامي في وجه إسلامي أخر ليس من غرفته, فترى الأعوان يصيحون كلما خرج احدنا من غرفته و وجد نزلاء غرفة أخرى يقومون بفسحة: »دور للحيط؟ دور للحيط؟ » و هذه المهزلة لم تنتهي إلا في 1998.

منع عني ارتداء البرنس أولا, و بعد مدة منعت عن الجبة, و في الأخير منع ارتداء السراويل البيضاء و حتى لو كانت مخيطة على النمط الأوروبي… كل هذا كان قبل نقلتنا إلى سجن برج الرومي يوم 13/8/ 1991 الحبيب مباركي سويسرا email: mbarkiha@yahoo.fr

 

حول عودة أعضاء مطرودين من المكتب السياسي للحزب الاجتماعي التحرري

ورد علينا من السيد نصراوي محمد علي التوضيح التالي: «ردا على المقال الذي ورد في جريدة الصباح بتاريخ 6 اوت 2006 بخصوص الحزب الاجتماعي التحرري الذي يطالب بعودة اعضاء مطرودين من المكتب السياسي للحزب، يعلن الدكتور نصراوي محمد علي انه لا يزال متمسكا بانتمائه لحزب الوحدة الشعبية الذي يترأسه الرفيق محمد بوشيحة نظرا للعلاقات الطيبة التي تربطه بالحزب منذ زمن طويل. لكن الدكتور نصراوي محمد علي يعتبر ان المؤتمر الاستثنائي الأخير ليوم 15 جويلية 2006 والذي برزت فيه القيادة الجديدة للحزب الاجتماعي التحرري قانوني وشرعي».
(المصدر: جريدة الصباح التونسية الصادرة يوم 12   أوت 2006  )

بطلب من تونس: المجلس الأممي لحقوق الإنسان يدين العمليات العسكرية الإسرائيلية في لبنان

  * جينيف (وات) صادق مجلس حقوق الإنسان التابع لمنظمة الأمم المتحدة أمس الجمعة بجينيف على قرار يشجب العمليات العسكرية الإسرائيلية في لبنان ويطالب بإجراء تحقيق بشأن الهجومات المتكررة لإسرائيل على المدنيين اللبنانيين.

وكان هذا المجلس قد افتتح أمس اشغال دورته الخاصة وذلك بطلب من تونس التي تترأس المجموعة العربية في هذه الهيئة الأممية المعنية بحقوق الإنسان. وتضمن جدول أعمال هذه الدورة الخاصة النظر في الانتهاكات الإسرائيلية الواسعة لحقوق الإنسان في لبنان وخاصة مجزرة قانا وما تسببه من خسائر بشرية فادحة وتهجير في صفوف المدنيين خصوصا الأطفال والنساء والشيوخ وما تشكله من خرق خطير للقانون الدولي ولا سيما القانون الإنساني واتفاقيات جينيف لعام 1949 المتعلقة بحماية المدنيين زمن الحرب.

ويذكر أن الرئيس زين العابدين بن علي أكد في اختتام الندوة السنوية لرؤساء البعثات الديبلوماسية والقنصلية أن تونس تتابع بانشغال شديد ما يعانيه الشعبان الشقيقان اللبناني والفلسطيني جراء العدوان العسكري الإسرائيلي وما يخلفه يوميا من أوضاع مأسوية على جميع الأصعدة تمثل انتهاكا صارخا لحقوق الإنسان وسيادة الدول وكرامة الشعوب. ودعا رئيس الدولة إلى الوقف الفوري لإطلاق النار حاثا أعضاء مجلس الأمن على الإسراع في المشاورات للتوصل إلى قرار أممي في الغرض يكون مقبولا من طرف لبنان وقابلا للتنفيذ في أسرع وقت.

 
 (المصدر: جريدة الشروق التونسية الصادرة يوم 12   أوت 2006  )

في عيد المرأة التونسية بن علي يؤكد: التحرر السياسي لا ينفصل عن التحرر الاجتماعي

 

 
التمسك بالثوابت الوطنية والدينية والثقافية والاجتماعية لا يتناقض مع روح التجديد والتحديث. ميدل ايست اونلاين تونس – أكد الرئيس التونسي زين العابدين بن علي في خطاب ألقاه بمناسبة الاحتفال بالذكرى الخمسين لإصدار مجلة الأحوال الشخصية أن صدور هذه المجلة يعد إنجازا تاريخيا كبيرا بما احتو ته من روح ثورية على العقليات البالية والممارسات الاجتماعية الجائرة بحق المرأة والأسرة. ولاحظ أن تونس برهنت بإصدار هذه المجلة على أن التحرر السياسي لا ينفصل عن التحرّر الاجتماعي وأن التمسك بالثوابت الوطنية والدينية والثقافية والاجتماعية لا يتناقض مع روح التجديد والتحديث، كما أن البناء الحضاري الشامل لا تكتمل مقوماته بدون شراكة فاعلة ومتكافئة بين الرجل والمرأة في كل شؤون الحياة.

وأبرز الرئيس بن علي أنه أكد منذ تغيير السابع من نوفمبر 1987 وبكل حسم ووضوح أن لا تراجع فيما اتخذته تونس لفائدة المرأة والأسرة من إصلاحات ومبادرات ليتم تثبيت الأسس التي قامت عليها مجلة الأحوال الشخصية وإثرائها وتطويرها بعدة تعديلات وإضافات والارتقاء بها إلى مرتبة الدستور إذ لم تعد هذه المجلة مجرد تشريع ينظم شؤون المرأة والأسرة وإنما أصبحت إحدى المقومات الجوهرية للنظام الجمهوري في توازنه وتطوّره. وتسلم الرئيس بن علي خلال موكب انتظم بالمناسبة الدرع الذهبي لمنظمة المرأة العربية تقديرا لجهوده ومناصرته لقضايا المرأة التونسية والعربية.

 
 (المصدر:موقع ميدل ايست اونلاين بتاريخ 12 أوت 2006)

 

قرية (اس.او.اس) بتونس.. بوابة لادماج الاطفال في المجتمع

Sat Aug 12, 2006 1:59 PM GMT Printer Friendly  قمرت (تونس) (رويترز) – لم تتمتع فاطمة فتاة العشرين عاما بدفء احضان ابويها سوى يومين فقط بعد ان ولدت خارج اطار الزوجية لتجد نفسها بين احضان عائلة جديدة هي عائلة قرية (اس.او.اس) قمرت لرعاية من لا عائل لهم والتي جعلت حياتها شبيهة بحياة باقي اندادها من الفتيات. فاطمة التي تعرفت الى والديها في الاونة الاخيرة بعد فراق دام زهاء عشرين عام قالت ان حنينها الوحيد هو الى امها امال التي رعتها في قرية قمرت. واضافت انها غير متحمسة للعيش مع والديها من جديد وتفضل البقاء بجانب امها وجدتها واخوتها في القرية هنا. تعيش فاطمة في (دار الصبايا) داخل قرية جميلة تتوسطها شقق زركشت شبابيكها وابوابها باللون الازرق في شكل معماري مشابه لنمط منتجع سيدي بوسعيد السياحي.

القرية محاطة بمنظر جبلي خلاب والاطفال بالقرية تشملهم رعاية متميزة من قبل مسؤولي هذا المركز الاجتماعي الذي انشيء عام 1984 بغية تضميد جراح مثل هؤلاء الاطفال واعادة ادماجهم في المجتمع. تأوي قرية قمرت في الضاحية الشمالية للعاصمة تونس نحو مئة طفل وبعضا من الشبان ترعرعوا هنا بعد ان لفظهم المجتمع بسبب مآس اجتماعية تترواح بين الولادة خارج نطاق الزواج وبين وفاة الابوين وبين انتحار او سجن اخرين. لكل طفل في هذه القرية حكاية وفي كل حكاية دموع سعى أب القرية الروحي (المدير) والامهات والخالات الى ان يكفكفها بتوفير رعاية خاصة لكل حالة. ووزع الاطفال منذ مجيئهم الى القرية على عشرة بيوت يضم كل بيت قرابة 10 اطفال برعاية ام وهبت كل وقتها لتربيتهم. ومثل كل بيت يعيش الاطفال علاقة اخوة قريبة جدا من الاخوة الحقيقية. ويروي اسكندر ابن التسع سنوات الذي يعيش في بيت يضم ثمانية اخوة وامهم شهلة قائلا « اتشاجر مع باقي الاطفال في القرية في حالة واحدة اذا اعتدى احدهم على واحد من اخوتي. »

لكن انتصار هؤلاء الاخوة لبعضهم لا يمنع حدوث المشاكل بينهم مثلما يحصل في كل بيت اما بسبب الغيرة او بسبب بعض اللعب. وتقول شهلة وهي امرأة تجاوزت الستين عاما خصصت كل وقتها طيلة اليوم لتربية ابنائها « احس انهم ابنائي واذا غاب احدهم عن المنزل ساعة خارج وقت الدراسة فان بالي لا يهدأ ولااستطيع تحمل ذلك وارسل جميع اخوته للبحث عنه فورا. » وتضيف شهلة التي تقول انها فخورة بتفوق ابنائها في الدراسة « ليس لي اسلوب خاص في تربية اطفالي..انا مثل كل ام قد اضرب احدهم اذا اخطأ وقد تبكي لالام اخر. » وقال مدير القرية عماد اللبان لرويترز « نحن لسنا ملجأ للايتام.. وهدفنا تعويض العائلة اذا فقدت بسبب او باخر.. فنحن عائلة باتم معنى الكلمة. » وتبلغ ميزانية القرية قرابة نصف مليون دولار. والامهات في القرية متفرغات كليا طيلة ساعات اليوم وطيلة ايام الاسبوع للاهتمام باطفالهن ومستواهم التعليمي لايقل عن البكالوريا ويخضغن لتدريبات طويلة قبل مباشرة هذا « العمل النبيل ». وفي القرية حدائق وروضة للصغار ومركز اعلامية ونوادي ترفيه اضافة الى نحو 35 مسؤولا يسهرون على الاهتمام بكل من يحتاجه بعضهم من رعاية خاصة.

وزار القرية عديد من النجوم مثل مغني البوب مايكل جاكسون وعديد من الفنانين العرب والرياضيين اضافة الى رؤساء حكومات عدة بلدان. ويفتخر مدير المركز بان عددا من اطفال القرية يدرسون بالجامعات ومن بينهم من هو مهندس وهو ما اعتبره دليلا على نجاج المساعي التونسية في مجال العناية بالطفولة. ويقول « نحن نشجع ابنائنا على الاختلاط بصفة عادية بباقي الاطفال والشبان في المدرسة والمعهد لكي يستطيعوا الاندماج في المجتمع بصفة تدريجية دون الحاجة لتهويل مشاكلهم. » حالات معقدة اجتماعيا يسعى المشرفون على المركز الى التوصل لادماج اصحابها بشكل تدريجي في المجتمع من خلال الحديث لكل طفل تجاوز ثماني سنوات شيئا فشيئا عن حالته الاجتماعية التي سبقت مجيئه الى هنا. لكن الامر لايقتصر عن التحدث الى الاطفال بمشاكلهم بل يسعى المسؤولون ايضا الى معالجة كل حالة على حدة. من بين هذه الحالات الحزينة وضع الاخوين انور (4 سنوات) ويسري (11 عاما) الذين تقبع امهما في السجن بعد ان قتلت زوجها. وكان انور ويسري يرفضان زيارة امهما في السجن واصبحا يتنقلان على متن سيارة شرطة تأتيهما للقرية ليلتقيا بامهما كي تخفف شيئا من الامهما. ويقول يسري الذي يجتهد في الصف الخامس الابتدائي بابتسامة متفائلة وبثقة متناهية « رفضت رؤية والدتي في البداية لكن الحمد لله ان الان ازورها شهريا وهي فخورة بنتائجي الدراسية ».

واشاد مدير القرية بالرعاية الشخصية التي يحظى بها اطفال القرية من الرئيس التونسي وقال « حرم الرئيس ليلى بن علي تعرف ايضا اغلب اسماء الاطفال وتتدخل باستمرار في عديد من الحالات. » ويستقبل المركز الاطفال بعد تلقي نداء من مندوبي الطفولة في تونس الذين يشيرون الى حالات خطرة تستوجب رعاية خاصة بسبب حالاتهم الاجتماعية التي غالبا ما تتمثل في انجاب اطفال خارج اطار الزوجية. وتشير دراسات اجتماعية الى انه يتم تسجيل ما بين 1600 و2000 حالة ولادة غير شرعية كل عام في تونس لكن يعتقد ان الولادات غير الشرعية اكثر من ذلك بكثير غير ان الحرج الاجتماعي يحول دون اعلان العديد من الحالات. غير ان نجاح مسؤولي القرية في توفير حلول مناسبة لعدة حالات اجتماعية معقدة لم يحل دون فشل البعض الاخر ممن خرجوا منها الى معترك الحياة. ولعل حكاية الهاشمي (24 عاما) الذي كان الحاحه على التعرف الى عائلته الحقيقية مصدر ماساته ومعاناته احد ابرز العناوين الفاشلة. وقدم الهاشمي الى القرية طالبا من ابيه الروحي (المدير) اعطائه مبلغ 50 دينارا تونسيا (30 دولارا) لتمكينه من المعالجة بعد ان اقدم على محاولة انتحار اثر ادعاء اخته الحقيقية بمحاولة اغتصابها.

ويروي الهاشمي لرويترز بصوت متحجرج تغلب عليه الغصة « اختى من دمي اودعتني السجن لعام نصف واوصلتني الى محاولة الانتحار. » وناشد الهاشمي المسؤولين قائل « امنيتي تأسيس جمعية لشباب القرية تعنى بخلق فضاء لربط صلة متينة مع العائلة الحقيقة لان القطيعة عاقبتها وخيمة. » اضافة الى ذلك يبقى هاجس تشغيل ابناء القرية احد ابرز العوائق التي تعترضهم في عمر الشباب حسب قول مدير القرية الذي طالب بمعاملة ابنائهم على اعتبار انهم ذوي احتياجات خاصة تستوجب اعطاءهم اولوية في التشغيل.

من طارق عمارة

 
(المصدر:موقع وكالة رويترز لأنباء بتاريخ 12 أوت 2006)
 


الإسلام في أوروبا

الشيخ راشد الغنوشي
على خلفية مضاعفات الرسوم الدانمراكية المحقرة للاسلام وللمسلمين وما سبقها من أحداث وبالخصوص منذ زلزال 11سبتمبر2001يتعرض الاسلام والمسلمون في الغرب وفي اروبا بالذات لحملات من التعبئة الجماعية المشحونة بالكراهية والتخويف والتشويه والازدراء والاحتقار،  تشارك فيها شبكات  اعلامية ومراكز وأعمال أكاديمية ومجموعات عنصرية ولوبيات صهيونية يهودية وصهيونية مسيحية وجماعات سياسية تغذي حملات الكراهية ضد المهاجرين تربط بهم وبدينهم كل مشكلات الجريمة والبطالة والفوضى والوساخة. ولقد جاءت رسومات الكرتون التي نشرتها صحيفة دانمراكية متخذة من شخصية رسول الاسلام عليه وآله السلام مجالا للهزء والتحقير والتشويه صابة  الزيت على مخزونات متراكمة في العقل الجمعي الغربي من الصور الشائهة المتغلغلة في أعماق العقل الجمعي الغربي حقدا على الاسلام وتحقيرا له ولرموزه ومعتنقيه ، رغم أن التنوير قد خفف منها لصالح النزعة الانسانية والاعتراف بالآخر انتهاء الى بالاعتراف بحريات للانسان وللمواطن وبالتعددية السياسية وصولا الى مشارف استقرار الاعتراف باروبا متعددة الثقافات والالوان،
 إلا أن بقايا غير قليلة من الارث الديني المغلق وحروب الفرنجة وحروب الاستعمار لا تزال تلقي بظلالها الداكنة على صورة الاسلام والمسلمين  ، وما تفتأ وقائع الصدام المتلاحقة تزيدها اشتعالا وتعطي الفرصة للقوى المتربصة بالاسلام وأهله لتأجيج ارث العداوات، ولربما يعد حدث اندلاع الثورة الاسلامية في ايران وما تلاه من صدور فتوى بإهدار دم صاحب رواية « آيات شيطانية  » بداية لتصعيد جديد في العلاقة بين الاسلام والغرب وتضييق الخناق على الاقليات المسلمة في الغرب وتنامي إحساس أجيالها الجديدة  بالهوية بعد ما كانت معرضة للذوبان وهو ما ولّد تجاهها شعورا من التوجس وكأنها طابور خامس وجسم غربيب يتنامى داخل رحم أجنبي. وجاءت أحداث 11سبتمبر2001 وما تلاها من أحداث مشابهة وما تأدت اليه من غزو افغانستان والعراق والتهديد بضرب سوريا وإيران لتوسع الهوة بين الاقلية المسلمة في الغرب ومحيطها ويتنامى الشعور إزاءها بالتوجس وتوقع الشر والخطر منها حتى لكأن كل مسلم مشروع ارهابي فتوالى صدور منظومات قانونية تحت مسمى مقاومة الارهاب مما ليس معنيا به في الحقيقة غير المسلمين. وما من شك في أنه رغم تعدد مصادر تغذية مشاعر العداوة والارتياب تجاه الاسلام وأهله يبقى الصراع العربي الاسرائلي في فلسطين الوقود الرئيسي لتلك العداوة المتصاعدة ضد الاسلام والمسلمين وذلك بسبب ما يزخر به الصراع على فلسطين بين الاسلام واروبا من رموز دينية وثقافية وبسبب ما نجح اليهود الصهاينة في تحقيقه من اختراقات واسعة وعميقة  وتغلغل في العقل والضمير الغربيين وفي سائر مجالات الحياة الغربية بعد أن تماهوا مع مشاريع الهيمنة الغربية في المنطقة واضعين أنفسهم في خدمتها مستفيدين كذلك من الاصلاح الديني المسيحي  الذي انتهى لا لمجرد تطهير الضمير الغربي من العداء لليهود ولعنهم وتأثيمهم بل أكثر من ذلك تمت عملية دمج ديني وثقافي تحولت معه اليهودية شريكا الى جانب المسيحية في الارث الحضاري الغربي بل غدت وبالخصوص في المذهب البروتستانتي المرجع المقدس الاول للمسيحية بل بلغ التطور في هذا الاتجاه الى حد إضفاء الطابع الديني المسيحي على المشروع الصهيوني على اعتبار سيطرة اليهود على فلسطين وبناء الهيكل المقدمة الضرورية لعودة المسيح .وفي هذه المناخات أمكن لقادة المشروع الصهيوني أن يحسنوا توظيف ما تعرضوا له من اضطهاد في اروبا على يد الفاشية والنازية ليجعلوا منه أساسا قويا جديدا لضمان دعم غربي مضمون وموصول للكيان الصهيوني وتبرير كل ما يقترف من جرائم نوعا من التعويض المعنوي والمادي وتخفيفا من وخزات الضمير وسبيلا للابتزاز الدائم للغرب وفرض الصمت عليه لدرجة انتزاع حصانة مطلقة لكل سياسة اسرائلية أو جريمة يأتيها يهودي في أي مكان .
ومما أعطى مزيدا من الفرص للقوى الصهيونية المتغلغلة في مراكز صنع القرار وإنتاج الفكر والثقافة ومؤسسات السيطرة المالية ولحليفتها الموضوعية أو العلمية أعني القوى اليمينية العنصرية، الوجود الاسلامي المتنامي في اروبا كما وكيفا رغم أنه لم يتجاوزالعشرين الى الخمسة وعشرين  مليونا من جملة سكان قارة يتجاوزال400مليونا أي  نسبة حوالي  5% أو من سكان اروبا وتقل تلك النسبة الى النصف أو أقل في بريطانيا مثلا وترتفع الى حوالي 10% في فرنسا وروسيا الاتحادية وقد تصل الى زهاء 50% في البوسنة أو أكثر في البانيا ومع ذلك يتزايد التحريض عليها والتخويف منها والتحذير من وصولها خلال نصف قرن فقط الى إحداث انقلاب دراماتيكي في جملة اروبا إذ قد تصل تلك النسبة الى 40أو 50 % من سكان القارة وبالخصوص إذا فتح باب الاتحاد الاروبي في وجه تركيا فيصبح ربع البرلمان الاروبي مسلما!  ولم يكن عجبا أن ياتي اندلاع قنبلة الرسومات المستهترة بالاسلام ورموزه وأهله في بلد بروتستانتي لوثري (مملكة الدانمارك) وأن يكون لرئيس تحرير الصحيفة علاقة وطيدة مع دانيال بايبس المافوق ليكودي صهيوني امريكي الذي يعتبر كل المسلمين متطرفين ولم يقبل مسلما معتدلا إلا أن يكون من نوع سلمان رشدي أو الرئيس ابن علي. ولقد سبق لدانيال بايبس أن زار الدانمارك وكتب مقالا نبه فيه لخطر الاقلية المسلمة وحملها مسؤولية البطالة وانتشار الجريمة ورفض الاندماج، وبالخصوص إذا أخذ بعين الاعتبار حال الشيخوخة السكانية التي تعاني منها القارة إذ لا يصل النمو السكاني في معظم بلاد القارة حتى الى النسبة العادية الكفيلة بالمحافظة على العدد السكاني الموجود 2،1لكل أنثى بينما الانثى الاروبية اليوم ينحط انتاجها البشري عن تلك النسبة الى نسبة 1،5أو حتى دون ذلك ، مقابل ما هو معروف عن العائلات المهاجرة من وفرة في الانتاج قد تتجاوز ضعف ذلك لكل أنثى.
ماهو مستقبل الوجود الاسلامي في اروبا؟
 
إن سياسة التخويف من الاقلية المسلمة المستضعفة في اروبا تتأسس على خلفية ترسبت فيها العداوات بأثر الحروب وبأثر الارث الديني الكنسي الذي ناصب العداء للاسلام منذ البداية وظل مصرا على نفي الاعتراف به جزء من الرحمة الالهية التي تنزلت على النبي العربي ، كما تنزلت على غيره من الانبياء والرسل عليهم جميها السلام، ولم يفلح الاسلام رغم اعترافه باتساع تلك الرحمة لكل النبوات وأتباعها في  أن يبادله الآخرون ذلك الاعتراف بل بلغ بهم الامر الى تفضيل عقائد الشرك والوثنية على التوحيد الاسلامي وبذل الدعم لها. أما في هذا العصر فههم أعياهم التبشير بدين التثبيث وسط أمة التوحيد طفقوا يشجعون نزوعات العلمنة والالحاد إذا كان بديلها هو الاسلام ، ورغم ما حققته المجامع الفاتيكانية من انفتاح على كل الديانات إلا أن ممثليها ظلوا مصرين على رفض الاعتراف بالاصل السماوي للاسلام . أما الاصلاح الديني فقد كان حقده أشد على الاسلام وأهله.
و خلافا لذلك اختلط في  التنوير منحى الاستمرارية في تحقير نبوة الاسلام كما هو حاصل لدى رموز شهيرة  في التنوير الفرنسي مثل فولتار وعدد كبير من المستشرقين مثل رينان، اختلط   مع اتجاه الى السماحة إزاء الاسلام لدرجة التنويه به وبنبيه وبالخصوص من قبل عدد من كبار الادباء  الكبار مثل غوتة وكارليل ولامارتين الى عدد من الدارسين المنصفين. وبالجملة يمكن اعتبارفكر رجال  التنوير رغم ما شابه من خلط للاسلام- دافعه الجهل- بينه وبين ما تعارفوا عليه من مواريث دينية كبلت العقول ومثلت عائقا في وجه ثورات الشعوب التحررية- على حين انطلقت شرارة الحضارة الاسلامية من لحظة نزول الوحي- ، إلا أن فكر التنوير يظل السند الأساسي للدفاع عن الوجود الاسلامي في الغرب  تاسيسا على  ما أثمره  من حداثة  وديمقراطية  فكت قيود العقول وأقرت حقوقا متساوية للانسان والمواطن وطوت سلطة رجال الدين حتى حصرتها في أضيق نطاق ودافعت عن حقوق الاقليات وصولا الى مشارف الاقرار باروبا متعددة الالوان والديانات والثقافات.
  ومع ذلك  تبقى ضرورات النمو الاقتصادي الراسمالي هي التي كان لها النصيب الاوفى في حمل  القوى الراسمالية على جلب مئات الآلاف من  أبناء المستعمرات لتلبية احتياجات الآلة الصناعية. ولا تزال تلك الضرورات تمثل أكبر عقبة في وجه نيران العداوات والتحريض المتصاعدة ضد المهاجرين والمقصود المسلمون، تلك النار التي يعد الكيان الصهيوني وحلفاؤه اليمين العنصري موقدها الاساسي ،والتي تعمل ليل نهار على نفخ سعار العداوة على الاسلام وأهله وبالخصوص داخل القلعة التي حسبوا أنهم أتموا السيطرة عليها وتوظيفها عصا لقمع عالم الاسلام أعني اروبا وامتدادها الامريكي إن دأبهم حثيث على عزل الاسلام في اروبا وتشويهه ومنع نموه الكيفي والكمي إذا ما أمكن تهجيره . إن الذي يقف موضوعيا في وجهه هذا المخطط  والنفخ المتواصل ليس فقط الثقافة السياسية السائدة في العصر والتي لم تعد تقبل شن حروب ابادة وتطهير عرقي كما حصل في البوسنة.  العقبة ليست من نوع فكري وقيمي وإنما من نوع أصلب إنها العقبة الاقتصادية والمتمثلة في الحاجة الثابتة والمتزايدة لليد العاملة المهاجرة وذلك أمان تفاقم العجز السكاني في القارة الشائخة غربها و حتى  شرقها بما يجعل دول الاتحاد الاروبي محكوما عليها رغم كل الضجيج المثار ضد المهاجرين محتاجة الى ما لا يقل سنويا عن توريد مليون مهاجر، فكيف والحال هذه يمكن تصور تهجير 30مليونا  معظمهم مواطنون ليس ذلك بالامر الهين ، وهو ما يجعل الهدف الموضوعي من الحملات ضد الوجود الاسلامي في اروبا بعضه من قبيل المزايدة السياسية الحزبية، فالمهاجرون كبش فداء: يلقي عليهم اليمين- مناكفة لليسار- مسؤولية انتشار البطالة وحتى الوساخة أحيانا فضلا عن الارهاب، ويرد اليسار مدافعا عن قاعدته الانتخابية بالتضييق عن المهاجرين الموجودين وتشديد الرقابة على استيراد المزيد لكن الجميع عندما يحكمون يفتحون الباب لمهاجرين جددا ربما مع الحرص على النوعية ، ولا يخلو الامر من تنامي اتجاه التنافس على التقرب من المهاجرين خلال الحملات الانتخابية للظفر بأصواتهم لدرجة التنافس على ترشيح بعضهم للبرلمانات ، ولم يتخلف عن هذه السياسة حتى زعيم الجبهة الوطنية الفرنسية إذ رشح مهاجرين من أصل جزائري على قوائمه والزعيم الجديد للمحافظين البريطانيين اتخذ مسلما أحد نوابه. وما يفتأ عدد المرشحين المسلمين في البلالمانات والبلديات والاحزاب يتصاعد وهو ما يقض المضجع الصهيوني ويحرمه النوم. فيمعن في تسعير النيران ضد الوجود الاسلامي متحالفا مع أشد خصومه التقليديين اليمين العنصري والديني بهدف عزل هذا الوجود أو ترحيله. وما قصة علاقة الصحيفة الدانمراكية اليمينية  سيئة الذكر في علاقتها برموز من المحافظين الجدد الليكوديين الامريكان بغريبة الاسلام الاروبي أصيل من حيث الوجود والاسهام الحضاري: إن  الوجود الاسلامي في القارة ليس وجودا حديثا فلقد توجهت الى الفاتحين المسلمين منذ القرن الثامن الدعوة من قبل الموحدين الاسبان ثم من بعد ذلك من قبل الموحدين البوشناق في وسط اروبا لانقاذهم من الاضطهاد الروماني بغطاء ديني تثليثي. ولبى الاسلام النداء وفتح تلك البلاد بيسر كبير واقام فيها حضارات تعددية زاهرة، حتى  أوشك في القرن الثامن أن يصل الى قلب  فرنسا وسويسرا، ورغم أنه رد على الاعقاب فلقد أنشا في شبه الجزيرة الايبرية واحة حضارية مثلت أهم الجسور والقنوات التي نقلت الانوار الى اروبا وأخرجتها من ظلمالتها. ولم ييأس الاسلام من الوصول الى قلب القارة فلم تمض غير ثلاثة عقود على سقوط غرناطة وذلك بعد أن سقطت قبلها الممالك الاسلامية في الجنوب الايطالي وكانت هي الاخرى جسرا مهما لنقل الانوار الى القارة المظلمة، حتى وقف الاسلام على مشارف  روما ثم فيانا مخترقا بلادا اروبية كثيرة  بعد أن كان قد سبقت فتوحاته الى البلقان. ورغم أن الاسلام رد مرة أخرى على أعقابه فقد حافظ على واحات حضارية في البلقان مثلت نماذج حضارية رائعة في للتعايش بين الكنائس والمساجد والبيع وكانت سارييفو نموذجا حضاريا متفوقا  قاوم ولا يزال كل بقايا مواريث التعصب العرقي والديني الاروبي ، ورغم ما عاناه الاسلام في القارة من آثار الجهالات والتعصب إلا أنه تمكن من نقل الشرارات الاولى للتنويرالى القلاع الغربية المظلمة التي تفاعلت هناك وصنعت ثورات أمكن لها أن تدك الحصون التي فشلت جيوش الاسلام في الاطاحة بها حصون التعصب الكنسي والجهل فاسحة المجال أمام كل فكر حر بما في ذلك الاسلام أكبر المستفيدين من الفتوحات العلمية والفكرية والديمقراطية بما جعل القارة منذ أزيد من قرن في حكم البلاد المفتوحة من وجهة نظر الشريعة الاسلامية التي أعلت من شأن الحريات الدينية واعتبرت دار الاسلام حيث تسود الحريات الدينية والانسانية وتسود سنن العدالة المقصد الاعظم من بعثة الرسل » وقل الحق من ربكم فمن شاء فليومن ومن شاء فليكفر ».
 واليوم:
 
  إن الوجود الاسلامي في اروبا حقيقة ومعطى ثابتا لا تحميه كما كان من قبل جيوش إذا ضعفت وخسرت معركة انحسر معها ذلك الوجود، وإنما  يحميه اليوم  بفضل الله تطور حضاري متجه قدما رغم كل العوائق للقبول بقوانين ومواثيق انسانية دولية عادلة  تقر لكل البشر على اختلاف دياناتهم وأعراقهم وحضاراتهم وثقافاتهم بحقوق انسانية متساوية تفرض على الجميع احترامها واحترام حقوق ومقدسات أهلها ، إنه الاتجاه الذي بشر به الاسلام الذي نادى ولا يزال  الى عالم تتعايش فيه في سلام الحضارات والديانات والاعراق والقبائل والشعوب « ياأيها الناس إنا خلقانكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا.الحجرات. إنه التعدد في إطار وحدة الرب والاصل الانساني والكون وما فرضته تقنيات المواصلات من مصير ولا بد أن يكون مشتركا إذا أريد له أن يكون ممكنا.
الكيد الصهيوني:
 
وما من شك عندنا أن المشروع الصهيوني الذي تغلغل في العمق الغربي وفكك كثيرا من آليات دفاعاته لفرض الاستسلام عليه – ولمّا يستكمل نجاحاته فليس من اليسر تفكيك هويات الشعوب – والذي تماهى مع نزوعات السيطرة الغربية الراسمالية فوضع نفسه في خدمتها لفرض السيطرة على منطقتنا وتفكيكها وإعاقة كل مشروع لنهوضها وصولا الى التحكم فيها شأن كل جرثوم خطير يغزو بدنا فيشل مقاومته ليهمن عليه- إنه ليس مرشحا لغير الفشل وكل الذي سيحقق نهاية هو المزيد من استفزاز وتحريك عوامل المقاومة في هذا الجسم حتى يتكمن من طرد الدخيل واستعادة عافيته ووحدته وتحقيق نهضته ، تلك وظيفته المقدّرة له، ربما سيكون ذلك هو السبيل الاقرب لفك قبضة ذلك السرطان على الكيان الغربي وتحرير علاقته بالاسلام من أهم العوائق: العائق الصهيوني الذي يعد اليوم العامل الاول في التحريض على الاسلام جملة وصحوته وبالخصوص على  الاقلية المسلمة في الغرب والتشويش عليها لمنعها من كل نمو سوي تقديرا منه أن الغرب ورقة اشتغل عليها طويلا ليوظفها في خدمة مشاريعه واتخاذها عصا لقمع الاسلام وأهله – وهل كان من محرك للحروب الغربية التي شنت على العراق مثلا أشد من اللوبي الصهيوني بما جعلها تشبه أن تكون حربا بالوكالة-. إن المخطط الصهيوني لضمان استمرار تواصل الدعم الغربي للكيان الصهيوني لفي هاجس مقض لمضجعه كلما نظر الى الوجود الاسلامي المتنامي في الغرب معتبرا إياه خطرا وجوديا عليه، من خلال ما يمكن أن يتوصل اليه من نفوذ كمي وكيفي لا يستبعد أن تأثيره على القرار الغربي الداعم بلا حدود لا لبقاء الكيان الصهيوني وحسب بل وفرض سيطرته على المنطقة ولجم الاسلام ونموه . إن ذلك الدعم الموصول يمكن أن يتعرض للتهديد بوقف وتجفيف منابعه إذا تواصل النمو الاسلامي في الغرب . ولذلك لا عجب أنه حال انتهاء الحرب الباردة وانهيار القومية العربية حليفة السوفيات بدأ ظهور تفكير في الغرب بانتهاء الوظيفة الصهيونية الغربية في صد النفوذ الشيوعي وحليفه القومي! ، عندها انطلقت الاستراتيجية الصهيونية الجديدة تدفع الاسلام الى الواجهة وترشحه العدو الجديد للاستراتيجيا الغربية والصهيونية التي دشنها رابين بخطاب في البرلمان الاروبي أكد فيه على هذا الخطر شاجبا ضعف الوعي الغربي بهذا الخطر المتنامي على كل صعيد بما في ذلك الصعيد الغربي داعيا الى الاعتماد على الخبرة الصهيونية في هذا الصدد. وهكذا انطلقت الآلة الصهيونية الرهيبة في التحريض على الاسلام وعلى العرب مستفيدة من كل تراث العداوات الغربية مقيمة تحالفات  حتى مع أعدائها التقليديين في اليمين العنصري والديني المتعصب الذي يعتبر اليمين المسيحي المحافظ »الصهيونية المسيحية نموذجه » حيث تحولت  بلمح البصر عناصر يهودية من أقصى اليسار الى أقصى اليمين متغلغلة في الادارات اليمينية لتمطي الظهر الامريكي وتسوقه في حروب ليس لها من مبرر غير خدمة المشروع الصهيوني . وتعد شخصيات مثل بول وولفيتز ودوغلاس فايث  ودانيال بايبس ومارتن كرايمر وأستاذهم جميها برنارد لويس ..أهم رموز اليمين المحافظ المنظر للحرب على  العراق وعلى الاسلام بكل حركاته وهم ليكوديون معروفون نجحوا في التغلغل الى قلب مؤسسة الفكر الاستراتيجي والأمريكي والقرار السياسي وحتى الحربي موظفين الزعماء التقليديين لليمين المسيحي المحافظ الغبي مثل رامسفيلد وديك تشيني وجون كروفت وبوش الصغير، ونجحوا في أن يسوقوا وراءهم ليس أمريكا فحسب بل واروبا ودول عربية واسلامية لدمجها ضمن استراتيجية الحرب على الاسلام بل الحرب على كل الحضارات والقوى الدولية لفرض سيطرة امريكية صهيونية على العالم تحت مسمى الحرب على الارهاب. ولم يقصّر عدد من حمقى المسلمين والعرب في سوق المياه الى مجاريهم وتقديم الفرصة وراء الاخرى لهم من خلال تصريحات نارية وأعمال إجرامية باسم الجهاد ضد أناس وشعوب ابرياء هم مثلنا ضحايا المخططات الهيونية الامبريالية خرجوا معنا في مسيرات مليونية احتجاجية على قرارات حكوماتهم  في لندن ومدريد وروما وباريز وسياتل ، وهكذا يفعل الاحمق بنفسه ما لا يفعل العدو بعدوه.
 ومع كل هذه المكايد والمخططات والحماقات فإن الغرور الصهيوني الامبريالي بإخضاع الاسلام وكل الشعوب والحضارات والديانات لمخططاتهم الهيمنية لن يكتب لها النجاح لأنها تتصادم مع سنة العدل الالهي التي قام عليها بنيان الكون  سنة العدل والتعدد ، كما تتصادم مع صحوات الشعوب في عصر انسياب المعلومات وصحوة الاسلام وفشو مبادئ وقيم حقوق الانسان والديمقراطية ومن ذلك ما كشف عنه سبر للآراء في دول اتحاد اروبا كشف عن وجود راي غربي يعتبر اسرائيل وحليفتها الولايات المتحدة أكبر عدو للسلام العالمي، وهو ما سعّر المخططات الصهيونية للهجوم على الاسلام ورموزه وأقلياته المسلمة في الغرب . وفي هذا الصدد تتنزل الرسومات سيئة الذكر، لا سيما أمام  تنامي صحوة الاسلام وانتصاراته الديمقراطية وتنامي تحالفاته مع القوى التحررية المناضلة داخل عالم الاسلام ضد الاستبداد والمشروع الصهيوني أو على الصعيد الدولي مع القوى المناهضة للعولمة المتوحشة واتجاهها الى اللقاء الاستراجي مع الاسلام وحركاته التي تخوض على الخط الاول الصراع ضد المخطط الصهيوني الامبريالي وعملائه في المنطقة متحالفة مع كل قوى التقدم والتحرر في اتجاه عالم تحكمه شريعة العدل »ياأيها الناس إنا خلقماكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم »
   ( المصدر: مجلة « حوار العرب » الشهرية العدد 21، أوت 2006، التي تصدر عن مؤسسة الفكر العربي في بيروت  )  

 

انتصار الدم على السيف

د. محمد أحمد الخضراوي
سقوط الأوثان الحضارية أن للثعلب دينا؟ يخطئ من ظن يوما
أقبلت القديسة الأمريكية رايس ، إلي الشرق الأوسط الجديد في لبوس الراهبات المتبتلات، تظهر التنسك وتحمل بيدها سلة من المبادئ والقيم الإنسانية وأخذت تصلي من أجل اللبنانيين وتنشد أمام الصحافيين ترانيم الخير والمحبة حتي يبعثها الإعلام إلي أرجاء البلد المنكوب. كان طبيعيا أن يستأنس المتابعون للشأن اللبناني بهذه الروح اللاهوتية العالية التي نزلت علي لبنان النازف، تحمل إليه الخلاص من عذابات العدوان وتلقي إليه بسلام البيت الأبيض كبلسمة لجراحات الظلم الصهيوني. لكن، ما راع الناس بعد انصراف الفاتنة رايس من مأدبة العشاء المفتوح الذي جَمَعَ في المعبد الأمريكي (حيث إقامة السفيرــ أولئك الذين فقدوا البوصلة الوطنية)، إلا وقد انهمرت علي المدنيين العزّل آخر العطايا الأمريكية المصممة لإبادة الآمنين، لتعيد صياغة مجزرة قانا في جزئها الثاني بأكثر تراجيدية وأشد فتكا وتدميرا، حيث قتل 39 طفلا تحت أسقف المنازل من جملة 60 مدنيا أحاط بهم الموت من كل جانب وهم نائمون.
كانت صلاة الوزيرة السمراء، قشرية ومظهرية خادعة تماثل دين الثعلب الذي أحكم تزييف الخارج ليظهر به التخشع، ورتب خطابه الديماغوجي المراوغ ليغالط به فرائسه التي أرهقه اصطيادها. غير أن الغابة ما لبثت أن كشفت البعد الدرامي الكامن وراء السيناريوهات الرومانطيقية المخاتلة التي ترسل إلي الجماهير، وفهمت أن الثعلب ينتمي إلي إمبراطورية الشر التي لا يدين رؤساؤها بدين. إن هم إلا كائنات معادية للحرية وللديمقراطية، لا يمكنها أن تتخلي عن المناخات الدموية التاريخية التي صنعت حاضرها الاستعماري. فالقمع حالة عيادية لا تنفك عن الإنسان النرجسي الذي لا يري في الكون غير ذاته المتعالية، ولا يفارق قيمه التعاملية مهما أضاف إليها من الرتوشات والمساحيق المضللة عن الصورة ـ الأصل والوجه الحقيقي. لقد مثلت وزيرة بوش الصغير البلطجة السياسية التي لا سبيل إلي السيطرة علي إرادة الجماهير وعلي بسط النفوذ علي المشرق الجديد من دونها. لا أدري إن كانت واقعيتنا أم وقوعيتنا هي التي حتمت علينا الاقتناع بأن الأمم لا تزول وإن زالت أخلاقها وتبنت الشراسة منهجا للحياة. غير أن فرويد حين كتب عياء في الحضارة الغربية (ص 65) جزم بأن الطبيعة العدوانية تظل تهدد مجتمع الحضارة علي الدوام بالتقوض والهدم والدمار. أي أن الشر المحض متي ما كان مولّدا للتدبيرات السياسية، أنتج التكاره الحضاري وقاد التطور إلي الإنهيار. وقد حسم المثقفون العرب رأيهم في هذه السطوة الاستعمارية التي تقود العالم إلي صدام الثقافات بدل حوار الحضارات الذي أسسه الرئيس الإيراني محمد خاتمي. فقد تحدث سامي أدهم في العدمية النهيلستية عن فاشستية النص الأمريكي، والعدوانية النصية المتجمّلة بالقناع الديمقراطي (ص125). ووصف إدوارد سعيد المستشرقين بكونهم وسطاء امبرياليين وصانعين للسياسات الغربية (ص 252) وذلك في كتابه الاستشراق الذي أكد أنه أسلوب غربي للسيطرة علي الشرق واستبنائه وامتلاك السيادة عليه (ص39). وبما أن المثقف الغربي عجز عن تجاوز مركزيته كما كتب هشام جعيط في أوروبا والإسلام وعجز عن مغادرة الفكر العدواني القائم علي الأسس الانفعالية وتَمَثــّله (بضم الثاء المشددة) الاسلامَ ذلك التمثّلَ المجبولَ أساسا بالعداوة (ص 18)، فإن عالم الحضارة الفسيحَ، تحوّل إلي مسرح روماني شاذ عن كل حقوق المدنية والمواطنيَّة، وقد زرع الرعب في كافة أرجائه وخيم الموت علي ساحاته.
لقد تبدت استراتيجيا العنف الاستعماري حين زرع الغرب الكيان الاسرائيلي المحتل في جسد الأمة العربية منذ 14 ايار (مايو) 1948، وحوّله من اجتماع لمستوطنين،آفاقيين (شذاذ آفاق) إلي دولة عاتية تمتلك 600 طائرة حربية، و80 بارجة، و9000 من الآليات العسكرية و200 قنبلة نووية ولا تتوقف عن التباكي الدائم وعن الشوشرة والضجيج لتظهر بمظهر المدافع عن النفس والمتخوف من إزالة إسرائيل من الوجود . وذلك من أجل تبرير نظام الآبارتايد الذي تقيمه في فلسطين، والتغطية علي أطماعها التوسعية التي تدفع بها في قرن ما بعد الحداثة إلي الاعتداء علي دول الجوار، وما تزال تعاود، بحسب الأمزجة الحاكمة فيها، استهداف لبنان الذي فقد كل إمكانات القوة منذ أن سقط في حرب طوائفية سنة 1975، حين انفلتت كل موازين الحكمة من عقول المرجعيات، لتتحول الكلمة من العقلانية إلي ألعاب نارية تحصد أرواح المواطنين الأبرياء. وهكذا حتي تشكلت المقاومة الوطنية الإسلامية (1982) لتلغي كل المساومات علي البلاد وعلي العباد، وعاد الفرقاء يستنيرون بالحكمة وبالموعظة الحسنة وينشرون السلام الاجتماعي في أنحاء البلاد. وإذا كان لبنان ثاب إلي رشده وعاد إلي أنواره وإلي عقلانيته الأولي، فإن الوطن العربي ظهرت فيه أمارات لفقدان الرشد واضطراب الوعي وسقوط العزة. فالتيارات التكفيرية بدأت تقرع طبول الحروب الطوائفية لتحول العالم العربي إلي أشلاء جاهزة لإقامة الشرق الأوسط الأمريكي عليها. الفتاوي الطائرة والوعي المأزوم إذا كان دعاة التفرقة يتسمون دائما بالرعونة واللامسؤولية،والفوضي، فإن الشيخ البائس صاحب الفتوي التحريضية الذي لم يختر من أجل الظهور الإعلامي إلا موقف المنازلة الطوائفية في هذه اللحظة المفصلية والحاسمة من تاريخ الأمة، قد فقد كل حصافة دينية، وسعي لاشعوريا أو شعوريا إلي تدمير النص المقدس الداعي إلي التوحيد ونبذ الإفتراق والصدامية وهو قوله تعالي وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَيَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ سورة آل عمران 103. وقديما قال الفقهاء: الفتنة نائمة، لعن الله من أيقظها.. لم تفاجئنا المقولة المتكلسة للشيخ المشبوه وقد جاءت توقظ الحساسيات البائدة، وتحاول إعادة تخدير الأمة التي تخلصت من عقالها التاريخي السلبي. فالشيخ الخليجي الذي ينتمي بهذا القول التخذيلي إلي الطابور الخامس ـ طابورالمستشرقين وأدوات الاستعمار، من المثقفين الارتزاقيين والعملاء (أو العلماء) المأجورين، دعا إلي خيانة لبنان، حين نادي بالتخلي عن مساندة حزب الله، وعدم التدخل ولو بالدعاء لدي القدر الإلهي لمنع المجازر عن الأطفال وعن النساء، وحرّم طلب اللطف الإلهي بالمقاتلين المسلـــــمين الذين يدافعون عن كرامة الأمة فنجح كل النجاح في تبرير مذهب شارون الذي يمثله، حسب توصيف قناة المـــــنار أدولف أولمرت الدموي الذي استباح الأموال والأعراض والأنفس والثمرات. وهي مصطلحات دينية تخوّل أوتوماتيكيا الدفاع الشرعي عن كرامة النفـــس البشـــرية دونما فتوي أو فلسفة في الدّين. فـــفي النص النبوي: من قـُتل دون ماله أو عرضه فهو شهــــيد . لذلك، كان حفظ الذّات الإنسانيّة من المسائل المركزية في مقاصد الشريعة الإسلامية وإن عميت عنـــها الفتـــاوي المذهبية والكهنوتية المتخشبة وألحقت بها هذا التشويه الخطير.
لقد حسم عقل النبوة إيجابيا في قضية الصراع التاريخي بين فكر الأنا ورأي الآخر، فأعلن أن الذوات البشرية تتكامل باعتبار وحدة العقل الإنساني، وتنسجم بحكم طبيعة العيش في العالم الالهي المشترك بين مختلف المكونات الوجودية، فأحسن النبي عليه الصلاة والسلام صياغة استراتيجيا حضارية تستند إلي مبادئ روحية وإنسانية تجميعية لا إقصاء فيها. لقد أسس الرسول الكريم دستورا مدنيا بالمدينة المنورة، شرّع (تشديد الراء) به حوار الحضارات بين المسلمين والمسيحيين واليهود، لكنه آخي قبل ذلك بين الأوس والخزرج ونزع من قلوبهم الغل والحقد وإرادة الفتنة الجاهلية التي حاول إيقاظها عبدالله بن أبي بن سلول (اليهودي أو العبري) في مجتمع المدينة، وتنظَّر (تشديد الظاء) لها الفتاوي المذهبية والتكفيرية الخارجة عن حركة التاريخ اليوم. وإذا كانت الواقعية النبوية أسست التواصلات الاجتماعية بين مختلف المكونات الاثنية (العرقية) والطائفية فلكونها أرادت بهذه السياسة الوقائية (من الفتن) توحيد الأمة ضمن بناء متين يحمي من التمزق والضعف والهزيمة. لكن، دون الانزلاق إلي الاستسلامية والتسامح الساذج والتواصلية اللاعقلانية. كان النبي صلي الله عليه وسلم حازما منذ البدء. حيث فرّق وهو في مكة، بين المتآمرين علي المصالح الوطنية وبين المناصرين لقضايا الأمة. وذلك حين مايز بين أبرهة، الملك المسيحي، الذي قدم من أجل تدمير الكعبة وهدم الرمز الديني الأسمي، فجعل الله كيده في تضليل، وبين النجاشي، الملك المسيحي الآخر، الذي قبل للمسلمين لجوءهم السياسي إلي بلاده، وأدان القمع العربي الذي مارسه المجتمع الجاهلي ضد المجموعة الايمانية الأولي، فصلي عليه النبي الكريم صلاة الغائب (صلاة الجنازة عن الميت البعيد جغرافيا) عندما مات. وتلك أعلي مراتب التشريف. الغريب أن الشيخ (صاحب الفتوي) التائه في الأنفاق المذهبية المظلمة، لم يسمع له صوت حين هدّد الصهاينة بغزو خيبر (المدينة المنورة) والوصول الي مكة المكرمة كما وصلوا الي مدينة بيروت، ولم يردّ علي دعوات السياسيين الأمريكيين الذين حرّضوا علي قصف الكعبة المشرّفة بصواريخ تقليدية أو نووية، ولم تصدر منه إدانة لغزو لبنان منذ العام 1982، أو احتلال العراق وأفغانستان، ولم يغضب للإبادة الجماعية والتدمير المنهجي الذي يطال في كل يوم فلسطين والفلسطينيين والمسجد الأقصي الذي يسعي الاسرائيليون الي تقويض بنيانه من الأساس. لقد أثبتت الايديولوجيا المذهبية عجزها عن مواجهة الشر ومقاومة العدوان، وراحت تـتعيش من البلاطات حتي استفحلت فيها نزعة الهزيمة فتناغمت مع مشاريع الفتك بمبادئ الأمة وهويتها الدينية، وتحيزت الي خياراتها الامبريالية الاستكبارية. وهكذا استدار الزمان بهذه الفئات الهامشية حتي ألبسها منطق بني إسرائيل التاريخي حين رفضوا المقاومة وحمل السلاح مع نبي الله موسي عليه السلام، وجاهروه بالخيانة والوقاحة قائلين: قَالُواْ يَا مُوسَي إِنَّا لَن نَّدْخُلَهَا أَبَدًا مَّا دَامُواْ فِيهَا فَاذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ سورة المائدة 24. فكان طبيعيا أن يصطدم هذا الفكر الانهزامي مع القيم الثورية للكائن الإيماني المعاصر الذي لا يقيم وزنا للسفسطات الإفتائية والمهاترات المدرسية. وبالمقابل، فإن حزب الله اللبناني تعامل مع الواقع الاستعماري طبقا للمنهج الاسلامي المنافي والمناهض لعقلية بني إسرائيل الهروبية. أي أنه تعاطي مع المستكبرين كما تعاطي معهم أصحاب رسول الله صلي الله عليه وسلم من البدريين. فحين قرّر النبي الكريم إقامة توازن قوي، مع النظام القريشي القمعي وأخذ يستعد لمعركة بدر، وسأل المساندة الاجتماعية، صدر عن المقداد بن عمرو موقف ممثل للوعي الديني لدي المقاومين المهاجرين القادمين من مكة المكرمة، فأعلن النصرة والولاء الكامل للنبوة، والبراءة من غدر بني اسرائيل التاريخي للأنبياء، وقال: يا رسول الله امض لما أراك الله، فنحن معك. والله لا نقول لك كما قالت بنو إسرائيل لموسي قَالُواْ يَا مُوسَي إِنَّا لَن نَّدْخُلَهَا أَبَدًا مَّا دَامُواْ فِيهَا فَاذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ . ولكن اذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكما مقاتلون. (سيرة ابن هشام) وقد بين سعد بن معاذ زعيم الأنصار(سكان المدينة الأصليين) الفارق العملي بين النضالية والانهزام حين قال للنبي الكريم: لو استعرضت بنا هذا البحر فخضته لخضناه معك ، إنا لصُبُر (بضم الصاد والباء وتنوين الراء) في الحرب، صُدُق في اللقاء (نفس الحركات). فبين أن النصر والهزيمة يكمنان كلاهما في مدي الشجاعة أو الخوف من العدو .
إن المجهود التعبوي الذي انخرط فيه النظام الرسمي العربي متحالفا مع بعض الفتاوي الرسمية (هي الأخري ـ وليست الشرعية)، من أجل رسم صورة نمطية لمقاومة المسلمين في لبنان للعدو الصهيوني، يرتكز علي تأجيج المشاعر التنفيرية وإحداث الصدام بين المسلمين تحت مسمي المغامرة أو التشيّع لرسول الله وآل بيته الكرام واتهامها بالاندفاع والمجازفة كبديل عن العقلانية الاستسلامية، لكنها لم تحقق بهذا العنف القدحي هدفها التخذيلي. إذ تعزز، علي عكس المقصود، الإجماع الشعبي اللبناني والعربي والعالمي، ولم تعد الفتاوي الفضائية المهزوزة تعطل مسار الكرامة الإسلامية الثائرة. لقد أسقطت الشعوب وهْمَ المركز الذي استحوذ بموجبه بعض من استوطنوا المناطق المقدسة واحتكروا العلم الديني (بوصفهم الممثل الشرعي والوحيد للإسلام والمسلمين)، ليبثوا من وراء ذلك التفرقة المذهبية وينشروا القراءات الحرفية والمدرسية للشريعة الاسلامية بعد فصلها عن بعدها الحضاري العالميني (الموجه للعالمين). ولهذا، لم يعد لهذه الفتاوي العلموية (غير العلمية) من وقع عاطفي، بل ردود فعل شاجبة ومستنكرة لها ولكل من يدنسون نصاعة الاسلام ويريدون ليطفئوا الأنوار الالهية بأفواههم المرتجفة. لا جدال في أن العالِم المسلم الموضوعي، حسب منظومة الفهم الديني المستـنير، هو من لا تُعْتمَدُ مقولاته وفتاواه باعتبار انتمائه المذهبي والطائفي، أو بمقامه الجغرافي، بل بالعلم والعمل. أعني بمواقفه العملية والتزاماته الميدانية المتعلقة بالقضايا العربية والاسلامية ضمن الصراعات والممانعات السياسية القائمة ضد القوي الاستكبارية في العالم، في إطار ما يعرف بفقه الواقع وفقه الأزمات. وإلا، فإن اغتيال الهوية الدينية، وقمع الشعوب، والمتاجرة بالقضية الفلسطينية، واعتبارها مشروعا للمقايضة والمزايدات السياسية، قد خضع علي مدي عقود من الزمان لماركوتينغ الفتاوي التجارية المنبجسة من التبعية لمركز القرار ومواقع الهيمنة. ولهذا، كانت مواقف أحرار العالم من المسيحيين والبوذيين والعلمانيين والملحدين أكثر جرأة ودعما لقضايا التحرر من هذا البازار الإفتائي ذي الخط التراجعي الغائب عن الواقع المعيش، وعمَّا يدبر للمستضعفين من مخططات تدميرية داخل المؤسسة الانسانية. وبالنتيجة، ستظل هذه الفتاوي الصفراء تعيش وضعا شيزوفرينيا. أعني، حالة من اللاتطابق بين مطالب الدين اللامنفعية كما دعا إليها النبي الكريم عليه السلام وبين المطالب السلطوية، كما يحددها الأمير في إطار الدنس المادي واللاأخلاقية حسب التفسير الماكيافللي (كما ورد في كتابه: الأمير ) ثقافة المقاومة وتحرير الانسان حينما تولي سماحة السيد حسن نصر الله قيادة حزب الله عام 1992، لم يكن له من العمر سوي 32 عاما (ولد عام 1960 ببرج حمود ببيروت)، في حين كانت تلك الحقبة من أحلك فترات تاريخ أمتنا الصراعي. فقد تم تدمير العراق بمشاركة عربية (1991)، ووُقِّع (ضم الواو وتشديد القاف) اتفاق أوسلو بدعم عربي (1993) كحجر أساس لبناء الشرق الأوسط الكبير بزعامة اسرائيلية. في ذلك الوقت أيضا، كانت القوي الاستعمارية تتنزه في لبنان باعتباره فضاء مفتوحا لكل عربدة عسكرية لكونه الحلقة الأضعف في خاصرة الجسد العربي، والبلد الأقل كفاءة قتالية من بين دول الطوق. كان طبيعيا لزعيم شاب في أضعف دولة في المنطقة أن ينهزم ويتراجع وينتهي إلي تسويات مذلة كما جميع حكام الأمة، مقابل ثمن بخس ودولارات معدودات لا تدوم. غير أن حركة التحرير الوطني اللبناني المسماة حزب الله، اتخذت لبناء ذاتها استراتيجيا نموذجية أسست لانتصارات المستقبل البعيد: فقد قبلت من جهة وطنية بالواقع الاجتماعي بفسيفسائه الطوائفية فرفضت في كل الأوقات الدعوة الي إقامة دولة اسلامية، ونأت من جهة إيمانية بنفسها، رغم كونها أكبر الطوائف اللبنانية، عن الوليمة السياسية التي تتزايد عليها مختلف القوي الأسرية والعشائرية، فاستطاعت (حركة التحرير) بهذه الشفافيّة المنهجية أن تصنع معادلة جديدة في الشرق الأوسط تقوم علي ممارسة القيم العقائدية في مجتمع متعدد واحترام المفاهيم الكلية للعيش الجماعي في وطن مشترك. كان هذا هو الرأسمال الاجتماعي للمقاومة الذي استقطب مختلف الفئات والشرائح والقطاعات من جميع الطوائف، ما أدي إلي تحجيم الدور الصهيوأمريكي الطَمُوح إلي زعزعة بلد الصنوبر، دون جدوي. إذ لا مكان للمستعمر في مناخ التوافق السوسيولوجي الذي لم تشهد البلاد العربية له مثالا. وبالنتيجة، فإن القوات الإسرائيلية المدعومة أمريكيًّا خرجت مهزومة منكسرة من لبنان الذي أرادته الرأسمالية العربية ملهي ليليا ومكانا لشم الهواء. ولأول مرة في تاريخ المنطقة منذ 60 عاما، تهزم إسرائيل الأمريكية (في 25 ايار ـ مايو 2000) ومن ِقبَل البلد الأصغر مساحة وعددا وإمكانيات، وإن كان الأكبر عقلا ونضالية. وقد برهن الشيخ حسن نصر الله علي هذه العظمة اللبنانية حين وجه في خطابه الخامس منذ بدء الحرب علي لبنان (في 12 تموز ـ يوليو 2006). وذلك يوم الخميس 3 آب (اغسطس) 2006 تهديدا واضحا وصريحا لإسرائيل: إذا ضربتم عاصمتنا بيروت فسنضرب عاصمتكم تل أبيب وهو تحدّ لم يحلم به عربي في منام قط. بل إنه لم يُعْرَض حتي في الرسوم المتحركة للأطفال علي أساس الخيال السينمائي الذي يسمح باللذة دون تحقيق هذه اللذة. ثم إن الدور النضالي الطلائعي للمقاومة لم يتوقف عن إثبات جدارته السياسية، فتوصل عام 2004 إلي كسر كبرياء العدو وتحرير 450 أسيرا لبنانيا وعربيا من سجون الاحتلال. ولم يتوقف كفاح هذا الشيخ القائد عند هذا الحد، بل إن سيد المقاومة سماحة السيد حسن نصر الله أعلن أن العام 2006 سيكون بشكل استراتيجي عام تحرير الأسري، إذ لا مجال لإذلال أطول للمسجونين اللبنانيين في سجون الاحتلال. وهكذا أنجز حرٌّ ما وعد . فكانت عملية الوعد الصادق التي تم علي إثرها أسر جنديين اسرائيليين. غير أن الكيان الصهيوني الأسير للأجندا الأمريكية والخادم لمصالحها في المنطقة، سارع إلي اجتثاث الروزنامة الكولونيالية من سياقها الزمني، واستبق الضربة الاستباقية المعدة سلفا للاعتداء علي لبنان وتمزيقه علي الطريقة العراقية ضمن مخطط الشرق الأوسط الصهيوأمريكي. أثبتت حركة الكفاح اللبنانية التي يمثلها حزب الله من خلال العدوان الصهيوأمريكي الحالي ثلاثة أمور: الأول هو أنها مقاومة جماهيرية مسلحة طويلة الأمد تقتصر علي الصمود والتصدي للمعتدين علي حرمة لبنان (ولا علاقة لها بالفتن الدّاخلية). وبكلام آخر، ليست المقاومة جيشا نظاميا يعتمد علي آلات وألوية عسكرية تناهض جهاز الدولة، وإنما هي مقاومة شعبية تستمد قوتها من طول المدي الزمني الذي يفعل فعل الموت في الجيوش التقليدية. وهي بهذا، تدعم استقلالية البلاد ودستورها. والأمر الثاني، هو أن النشاط العسكري لحزب الله عملٌ مكمّل لنظامية الجيش اللبناني، وداعم سياسي لدولة لبنانية قوية ذات سيادة واستقلالية عن القرارات النازلة من القوي الامبريالية المهيمنة، عبر العولمة العسكرية علي العالم الحر المقاوم. والأمر الثالث، هو أن المقاومة أسقطت أكذوبة أمريكا الأم الحنون التي تعطف علي لبنان في زمن السلم وتعصف بها في زمن الحرب. وذلك حين تقدم لمستخدميها العرب مآدب ومآكل جماعية (مثل وليمة رايس الشهيرة في عوكر) بينما تُقدِّمُ لاسرائيل قنابل ذكية من أجل أن توقع بالشعوب مجازر جماعية.
لقد أسقطت حرب أدولف أولمرت علي لبنان المستقل القناع عن مسرحية السلام وعن سيناريوهات التطبيع التي لم تكن في الواقع سوي استراتيجيا حربية تحدُّ من جبهات القتال لتوفير الجهد الإسرائيلي العسكري. فمنذ اقتراح السادات الرئيس المصري المقبور معاهدة سلام عام 1971 التي لم تحظ بالقبول إلا بعد حرب أكتوبر (التي دامت ستة أيام) عام 1973 وما ذاك، إلا من أجل إخراج مصر من الصراع العربي ـ الاسرائيلي وتحويله إلي حليف استراتيجي للكيان الصهيوني المحتل، ومتآمر حسب الطلب الأمريكي علي قضايا الأمة. من أجل هذا، شجع النظام المصري صدام حسين علي حرب إيران علي مدي سبع سنوات، وساعد أمريكا علي تدمير العراق عام 1991 وعلي احتلاله عام 2003، ورفض غزو العراق للكويت، وفي المقابل رضي بالغزو الصهيوأمريكي علي لبنان. السلام إذن مقالة حربية تكتيكية. والدليل أنه منذ اقتراح السلام من قبل السّادات عام 1971 لم يتم الانسحاب من سيناء إلا عام 1982، ليقوم الكيان المراوغ بالاحتلال الفوري للبنان في ذات العام ومن دون أن يتوقف في الأثناء (خلال فترة السلام المزعوم) عن العربدة في المنطقة العربية. فقد هاجم الاحتلال الاسرائيلي المخيمات الفلسطينية في لبنان عام 1975، وظلت اسرائيل تتعقبهم حتي وصلوا إلي الأراضي التونسية فقصف مقر منظمة التحرير وما حوله بحمام الشاطئ في تونس عام 1986، وصُنِّف الاعتداء كالعادة دفاعا عن النفس . ولا ننسي كذلك قصف المفاعل النووي العراقي عام 1981 دفاعا عن العرض (الإسرائيلي). إذ لا يجب أن ينازعه في الكفاءة التكنولوجية والحربية منازع حتي يبقي واحدا لا شريك له في المنطقة. إذا كانت اسرائيل تدمر لبنان عام 2006 من أجل جنديين مأسورين في أراضيها، وإذا كانت أمريكا قصفت الأراضي الليبية وقـــــتلت الأطفال بموافقة مجلس الأمن عام 1986( نفس تاريخ العدوان الاسرائيلي علي تونس) من أجل موت جنديين في ملهي في ألمانيا إثر انفجار لم يُكشف مدبره، فهذا يعني أن السياسة الرسمية لمجتمع العولمة الجديد هي سياسة إرهابية مسعورة انطــــــلاقا من أمريكا العنصرية، مرورا بنظام الآبارتايد في جنوب إفريقيا وانتهاء بالممارسات النازية للكيان الصهيوني المحتل في فلسطين.
ضمن هذه المعطيات يتأكد أن المقاومة عمل دفاعي استراتيجي ضروري لكل بلد مستضعف في العالم. إذ لا سلام بين من يمتلك الطائرات والبوارج الحربية والقنابل النووية، ومن لا يمتلك إلا بنادق الصيد للدفاع عن النفس وأسلحة كرتونية وألعابا نارية تعرض في المواكب والمناسبات الرسمية لاستقبال أصحاب العظمة. لقد ثبت في الواقع التجريبي أن القانون العالمي لا يحمي المغفلين (والمغفلون هم الضعفاء). كما أن القانون الذي قال عنه بن غوريون انه مِمْسَحة من ورق كما أخبر بذلك روجيه غارودي ـ لا يمكنه أن يصنع معادلة ردع وحجز عن الظلم بإزاء نظام القوة والغلبة. لقد فضحت حرب لبنان 2006 نظرية العدالة الكونية التي باتت قيمة مهدورة في ردهات الأمم المتحدة وخرقة ملقاة في كواليس مجلس الأمن. من أجل هذا الإختلال في المؤسسة الانسانية، جاء في القرآن الكريم أن القوة وحدها هي التي تحجز القوة. قال تعالي: وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ سورة الأنفال 60. فدعا جهرة إلي سباق التسلح من أجل إحداث امكانات مادية لرد العدوان وإحداث توازن رعب عبرت عنه نهاية الآية بالقول: تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ . وهذا يعني، أن الدفاع عن النفس لا يحصل إلا باكتساب أسباب القوة، وبحجم التسلح الذي يهابه العدو لكونه يمثل نظاما للردع وإمكانا لالحاق الهزيمة بالمعتدين. وما دام النظام العربي الرسمي قد أعلن حالة السلام ، وانصرف إلي تنمية الموارد البشرية ـ البيولوجية (الجسدية) عبر قنوات المجون والسمسرة علي الأجساد العربية (وهي بضاعة مزجاة في عالم الجمال والدلال المعولم). وبالمقابل، ألحق الشلل بمؤسسات الثقافة والصناعة وحركات المجتمع المدني، وانصرف إلي معانقة رايس وتسيفي ليفني (؟) كرمز لبورنوغرافيا السلام، فإن الأمة العربية الاسلامية مطالبة بانتزاع سيادة الشعب، كمضمون جوهري واحد ووحيد للديمقراطية، وحمل الحكومات، الإنكفائية والعاجزة، علي الإستجابة لمطالب الجماهير. وذلك عن طريق الإعتصامات والإضرابات والمسيرات السلمية المتكررة والمواقف النقدية الدائمة، من أجل تهشيم حاجز الخوف والهلع، بهدف تشريك كل الشرائح والقطاعات الشعبية في عملية التحرير. لأن الحاكم العربي، رغم كل ملفاته المشبوهة وتاريخه المعروف بالدناسة، يقوم الارتزاقيون من خلال الهرسلة الإعلامية المحتكَرة من قبل السلطة، بغسيل الآثام والشرور التي ينفثها في المجتمع بتوصيات خارجية متعالية، ويحولون فجوره السياسي إلي مناقبيَّة يصير بموجبها طوطما ومعبودا لدي جماعات المصفقين والانتهازيين الذين ينفخون في حجمه الضئيل ليصير زعيما عالميا، وحكيما كونيا، وفلتة من فلتات التاريخ. إن هكذا حاكمية رعناء لا تنتج تقدما ولا تبدع أسباب التطور بقدر ما تسوق البلاد والعباد إلي الإنهيار. ذلك أنها تنسف الانسان والقانون والمؤسسات بقبضة حديدية من وراء سياسة الواجهة التي تظهر احترام الإنسان والقانون والمؤسسات، زورا وزيفا وبهتانا كما شرحت ذلك حنََّا آرنت (Hannah Arendt) في كتاب لها من جزءين عن التوتاليتارية. وهكذا، فإن الحاكم الشمولي لا يتورع عن تدمير الأخلاق التي من دونها تنعدم مصداقيته لدي المحكومين. لذلك لا يثق أحد بخطاباته الخشبية الباهتة المكرورة والجوفاء لأنها تناقض الواقع اليومي الرازح تحت التسلط والقهر السياسي. وقد لاحظت اليونسكو في كتاب بعنوان المواطن السيد لفيليب أوجيي (Augier)، أن مفهوم الديمقراطية بمعني سيادة الشعب لا يعني شيئا إذا ما اقتصر علي التحليلات والتعريفات اللفظية بمعزل عن الفعل الحضاري وعن الممارسة الموضوعية. فلا يكون للديمقراطية معني، متي ما انفصلت عن الإلتزامات الاخلاقية (ص 15 ـ 16) ولهذا كان سر تفوق المواطن في لبنان وسبب نجاح المقاومة الاسلامية فيه، أن هذا البلد لم يرزح يوما تحت نظام دكتاتوري جائر يكبل إرادة الشعب ويجرها الي فوضي القرون الوسطي التي ما كانت لتتحرر منها أوروبا لولا الثورة الفرنسية.
ضمن هذا السياق، تكون الدعوات إلي الجهاد في لبنان اليوم (رغم تعيُّنه وفوريته) غير منهجية. لأن الحرب هناك، هي حرب تكنولوجيا وعقول واستراتيجيات، لا تحتاج إلي أكوام من اللحوم البشرية تضاف إلي مجزرة قانا والقاع. فالجهاد الملحّ والعاجل هو التحدي الحضاري والسياسي الذي يجب أن تخوضه الشعوب تأسّيا بلبنان من أجل استرداد سيادتها الديمقراطية المهدورة من قبل العصابات التوتاليتارية الحاكمة، وكسب معركة القانون وحقوق الإنسان العربي المسلوبة حتي تتحرر(الشعوب) نهائيا من المحتشدات الكبيرة المُكَبّل أهــــــلُها (المواطنون الأجانب في وطنهم) بأصفاد المذلة والخنوع والرعب الاستخباراتي. غير أن الأمة العربية، وهي تزدري مراجعها الروحية وتــــتنكر لخصائصها الهووية (من الهوية)، لــــن تســـــتعيد مناعتها إلا مــــتي عاودت بناء ذاتيتها الروحيـــة في صياغتها الحضارية الأولي.
و بالمحصّلة، فإن حزب الله حطم أسطورة اسرائيل العظمي بقوة تكنولوجية، وروح تضحوية، وقيم عقائدية في ظل قيادة عقلانية وواقعية مثلها سماحة السيد المناضل حسن نصر الله. هذا الرجل الذي خذله العرب كما خذلوا رسول الله صلي الله عليه وسلم حينما طلب النصرة من أهل الطائف المتآمرين مع أهل مكة. إلا أنه استطاع، منفردا، أن ينتصر كما انتصر رسول الله منفردا، لمَّا أن جاهد الغزاة المحتلين مستنيرا بمنهج النبوة وتعاليم الرسالة الإلهية. وبالمقارنة، فإنه حينما تـُعرض صور الجنود الصهاينة وهم يمسكون بالتلمود وبفتاوي الحاخامات الدموية، مهتزين مترنحين ومتمايلين فوق دبابتهم، فإنهم يستقدمون من التاريخ لوحة حربية، ومشهدا من صراع تاريخي كان أبو سفيان الجاهلي المعتدي يقول فيه: أعْلُ هـُبل (أي أظهر دينك) وكان الرسول عليه السلام يجيب : الله أعلي وأجل. لسنا سواء. قتلانا في الجنة وقتلاكم في النار. إننا، بإزاء التداعي العالمي علي الإسلام والمسلمين بالفعل وبالكلمة وبالصمت، نشهد حربا دينية ونعيش صداما حضاريا متوحشا لا يُحسم بآلات الحرب والدمار، بل بالتوازن المتعقِّل في إطار أخلاقي يُحقُّ الحقَّ، ويوفِّر العدالة، ويُسوّغ العيش المشترك للجميع في عالم لا يستمر ولا يستقر إلا إذا سادته المحبّة وانتشرت فيه رحمة الله رب العالمين.
جامعة الزيتونة تونس (المصدر: صحيفة القدس العربي الصادرة يوم 12 أوت 2006)

 

« إسرائيل »…  بربرية القوة  إلى أين ؟

هيثم مناع في السابع من أيار (مايو) 1948 وجه شارل مالك، مندوب لبنان في الأمم المتحدة، برقية إلى الحكومة اللبنانية يقول فيها:  » لقد أتم اليهود استعدادهم لإقامة دولتهم بالقوة، وسيباشرون العمليات العسكرية خلال هذا الشهر، فإن لم يقض العرب على هذه الدولة في غضون سبعة أيام، ستدوم سبعة أشهر، فإن لم يقضوا عليها خلال سبعة أشهر ستدوم سبعة أعوام، فإن عجزوا عن إزالتها في سبعة أعوام فقد تدوم سبعين عاما وربما أكثر ». وقف العالم الغربي بمعسكريه مع قيام دولة إسرائيل ورفض العرب والمسلمون هذه الدولة. كانت هزيمة حرب 1948 نكبة هزت أركان الدول العربية بعد الكولونيالية الناشئة. ومن المنافي ولدت هوية فلسطينية مشتركة لكل الفلسطينيين في الوعي الجماعي كمشروع سياسي وثقافي وحضاري لاستعادة الذات التي استلبتها دولة الاستيطان اليهودي في فلسطين.

رغم النكبة ونكسات الجانب العربي السياسية والعسكرية، لم تتعرض الهوية الفلسطينية لأزمة تعادل بعمقها تلك الناجمة عن اتفاقية أوسلو في 13 سبتمبر 1993. حيث دفعت قيادة منظمة التحرير الفلسطينية ثمن عودتها إلى فلسطين المحتلة، تفكيك الفكرة الأساسية في تكوّن الشخصية الوطنية الفلسطينية. الفكرة التي نشأت في المخيم، باعتباره الحيز الذي طوّر الفلسطينيون في تخومه، كما ينوه محمد حافظ يعقوب، إستراتيجية هويتهم في البقاء. فكرة قائمة ليس فقط على وحدة المشروع ووحدة المصير، بل أيضا وقبل كل شيء وحدة الأرض الفلسطينية الجامعة لمن عليها على اختلاف دينه ومذهبه في دولة حديثة ديمقراطية مدنية. أزمة الهوية هذه لم تحدث يومها في الجانب الإسرائيلي بنفس العمق. فالحكومات الإسرائيلية المتتابعة لم تتعامل يوما مع فكرة السلام باعتبارها مسار متبادل أساسه قبول الآخر بوصفه مشروعا سياسيا لدولة قابلة للعيش. وهنا نعود لجذور أسطورة التأسيس لدولة إسرائيل القائمة على رفض الآخر الفلسطيني ككيان سياسي. لم يكن الآباء المؤسسون يوما يهذبون الكلمات والعبارات في كل ما يتعلق بالترحيل والنفي القسري كوسائل « مشروعة » لبناء وطن قومي نقي. الدفاع العدواني aggressive defense، الذي جعل منه دافيد بن غوريون إنجيله العسكري، يربط باستمرار بين تحطيم الهدف العسكري وطرد السكان. الحكومة الإسرائيلية التي وقعت أوسلو، لم تكن بعيدة عن هذا النهج حين ربطت بشكل عضوي بين بناء المستوطنات والعملية السياسية.  لم تكن السلطة الفلسطينية مطلع هذا العام بقادرة على دفع ثمن صناديق اقتراع وتغطية تكاليف العملية الانتخابية عندما صوتت « الأغلبية الفلسطينية تحت الاحتلال » لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) التي لا تعترف بدولة إسرائيل. جاء هذا في ظروف يمكن القول بأنها الأسوأ في العالم العربي منذ رسالة شارل مالك المنوه إليها أعلاه. ورغم ذلك، هذا الرأي يتقاسمه مجموعة اتجاهات فكرية تتزايد يوما بعد يوم. إنها تتوزع على أكثر من مصدر نظري وعقائدي ولأسباب ليست بالضرورة واحدة. هي تتحدث عن تفسخ بنيوي في الكيان الإسرائيلي وحالة ضياع سياسية، لا يغطيها الخطاب الأمني والمزايدات السياسية ولا يرحمها الوهن الرسمي العربي. فالمواجهة الإسرائيلية البربرية للانتفاضة الثانية والخيارات السياسية الأحادية الجانب رفعت الغطاء الاعتباري عن المشروع الصهيوني في أوربة. كما ولم تعد « الحرب على الإرهاب » مادة ممكنة للتسويق لبيع الناتج الإعلامي الإسرائيلي منذ مجازر العدوان الإسرائيلي الجديد على لبنان. لقد أفلتت الدولة من عقالها وأصبحت تتلبس تعريف L’Etat Voyou (الدولة الداعرة) بكل صفاته. تعبير « العصابة » الذي استعمله بولتون، مندوب الإدارة الأمريكية في الأمم المتحدة، ينطبق على أصدقائه الإسرائيليين أكثر مما يمكن استعماله بحق المقاومة المشروعة للعدوان.   ففي الوقت الذي يتم فيه توظيف المأساة اليهودية في ظل النازية- في صناعة متكاملة تبدأ بتعزيز عقدة الذنب وتنتهي بالحصول المجاني على أسلحة الدمار الممنوعة- تعيد الدولة، التي قدمت نفسها للعالم باعتبارها النقيض المعنوي لمأساة اليهود في ألمانيا، إنتاج السيناريو بصيغة تناسب الزمان والمكان. في لحظة « اكتمال » التفوق العسكري الإسرائيلي التقني بكل المعاني، ونجاح اللوبي الموالي لإسرائيل على الصعيد العالمي في إقامة تواصل قانوني وسياسي بين المقاومة والإرهاب، على الأقل في عرين حلف شمال الأطلسي، تنال الحكومة الإسرائيلية تفويضا مفتوحا بالقتل والهدم من المحافظين الجدد. كما وتستغل فرصة التواطؤ الغربي الرسمي والتعفن العربي الرسمي لتخرج كمون أحقادها على لبنان. لبنان التعددية الدينية والطائفية. لبنان القدرة على التعايش. ولبنان المقاومة. لكن لهيب الحقد نفسه هو الذي يضع المجتمع الإسرائيلي ويضعنا أمام أسئلة مركزية تعيدنا إلى المساءلة الأولى حول شرعنة الكيان الصهيوني: – ما هي الفكرة التي تحملها الجماعة الإسرائيلية اليهودية عن تنظيم العلاقة مع المكونات الذاتية للدولة وجيرانها؟ – هل يمكن أن يتحرر المجتمع اليهودي الإسرائيلي من فكرة العصبية الممزوجة بالتفوق كأساس لأمنه، هذه الفكرة الخلدونية التي تترجم في كل أزمة بارتكاز مفهوم الشعب حول القوة المسلحة والوطن على كراهية الآخر؟ – هل يمكن للسيطرة أن تكون عنصر توازن داخلي وتعايش خارجي؟ – هل بإمكان هياكل الدولة حماية عملية إعادة إنتاج الغيتو « الموسع في كيان سياسي » من الخوف والحقد؟ – هل يمكن للمجتمع الإسرائيلي الاستمرار اليوم دون أرضية باثولوجية منجبة للعقد النفسية داخل الجماعة،  وللجرائم الجسيمة من حولها، باعتبار إرهاب الآخر عنصر اطمئنان أساسي للذات المهزوزة ؟ أصبحت تعبئة لوبي المناصرة لمشروع يعيش أزمة معممة ترتبط أكثر فأكثر بتعزيز التعصب والعصبية اليهودية. أما مناهضة كل اندماج لليهود في مجتمعاتهم فتحولت اليوم إلى سياسة رسمية للدولة العبرية. ومع كل فشل في خوض معركة العلمنة الضرورية للخروج من الجماعة المتسلطة إلى الدولة الديمقراطية، مع كل فشل في التعامل المتكافئ مع الجيران، أو في الخروج من ثقافة العنف الضروري للأمن إلى ثقافة الاعتراف بالآخر كأساس لأي استقرار أمني وسياسي، أو في بناء علاقة بشرية خارج منطق العربات المصفحة والطائرات القادرة على التحطيم والاغتيال بذكاء.. لا تنحسر النتيجة فقط في فقدان الاستقرار السياسي موضوعيا والاستقرار النفسي ذاتيا. بل تتعدى ذلك لتكوين جماعة مغلقة تسلطية بتعريف طبيب الأمراض النفسية لوسيان إسرائيل: « جماعة محمولة بالطباع التسلطية(الأوتوريتارية) تفرز ميثولوجيا تكوينية، تأسيسية، مسارية وأصلية. الأب المشترك، الإله، الطوطم.. يؤسسون الاعتراف المتبادل بينهم عبر مراجع بيولوجية كاذبة: نحن من نفس اللحم، لقد استهلكنا الضحية عينها، نفس الدم يجري في عروقنا.. تتشكل الجماعة بالتعارض مع الخارج (الآخر)، وهكذا ينبثق الطبع التسلطي. إذا كنا داخل الجماعة بين أخوة الدم، فالآخر الخارجي يتحدد بعلامات وصفات تختلف عن صفات الجماعة. وهذا الاختلاف يصبح حاملا لقيم، والآخر خارج الجماعة يصبح حاملا للشر. التجمع يسمح للطبع التسلطي بأن يحمل دون توجس ولا قلق حكما تحقيريا حول الآخر، حكما يسمح بكل العداوات وكل المظالم » (مدخل إلى الأمراض النفسية، ص 37، 1984). لا تحمل السلطة في ذاتها تبريرها النهائي مرة واحدة وإلى الأبد. فشرعية الدولة ترتبط أولاً بما تعنيه بالنسبة للجماعة التي تشكل إطارها البشري. أي بالفكرة التي تحملها الجماعة عنها وقدرة هذه الفكرة على أن تكون قاسما مشتركا أدنى مع محيطها الجغرافي. فلا يكفي أن يطمئن المواطن الإسرائيلي على تفهّم الأمريكي أو الإنجليزي  لدوافعه المعلنة لاعتماد العقوبات الجماعية في فلسطين ولبنان استراتيجية عسكرية: حصار اقتصادي واجتماعي وبشري، قصف البنية التحتية واستهداف القرى والمدن اللبنانية، تحويل فلسطين المحتلة لسجن محاصر بترسانة عسكرية تصول وتجول فوق سمائه وبين بيوته وعلى الشاطئ وفي البيارات المحطمة والإدارات والمنشآت الاقتصادية المدمرة. المجتمع إرهابي والقيادة إرهابية، خطف القيادة السياسية الفلسطينية والاعتداء على القيادي بالضرب والإهانة عن سابق إصرار وتصميم..  لا اعتذار ولا هزة جفن إن أدى قصف بيت مقاتل إلى خسارة ثلاثين مدنيا. أليست « الحرب على الإرهاب » في قراءتها الأمريكية الإسرائيلية أيضا،  إلغاء تفريد المسئولية بدعوى عزل الإرهابي عن مجتمعه؟؟ أي العودة إلى ما قبل مفهوم القانون. في وضع كهذا يتأصل يوما بعد يوم تصدع وجودي زرعته عقلية التفوق وأصلته القناعة بالقدرة على الفعل دون محاسبة، تصدع يعطي قواعد بسيطة ستعيد صياغة المفاهيم والتصورات والمواقف السياسية في كل ما يتعلق بإسرائيل: النفي ينجب النفي، والعنف ينتج العنف، وبربرية القوة تشّرع لكل أشكال المقاومة. مهما كانت طريقة نقل وتصوير الجرائم الإسرائيلية في الإعلام ووسائل مجموعات الضغط للمجتمع الغربي، فإن الصورة التي يكونها هذا المجتمع لا تغير الكثير في مقومات الاستقرار الإقليمي الذي يسمح للجماعة الإسرائيلية بتجديد شروط إنتاجها كجماعة سياسية في الزمان، أي التاريخ، وفي المكان، أي الفضاء البشري المجاور.  فمهما كانت بنية الدولة أو حجمها أو قدراتها أو عقيدتها المعلنة، تنهار أسطورة التأسيس مع تقلص هامش العمل السياسي مع المحيط وصيرورة العمل العسكري التعبير الأسمى للسياسة. إن أي إزمان لحالة عدم التوازن لا يعني اضطراب الوجود الفلسطيني تحت الإحتلال أو اللبناني في ظل العدوان وحسب، بل اضطراب في حالة الاستقرار السياسي للمحتل المعتدي نتيجة التداخل الإجباري بين الجماعة الفلسطينية والجماعة الإسرائيلية، بين صورة الجنوب في ذهن اللبناني وصورته في ذهن الإسرائيلي.  ها قد ماتت صورة الكيبوتز، وغابت ضرورة الدولة الأخلاقية التي لا يحق لها تكرار ما حصل مع مؤسسيها بحق ضحايا جدد. و »الديمقراطية » الطائفية لم تعد أنموذجا يمكن التحدث فيه. مع العسكرة الدائمة للمجتمع والدولة، انحسر المشروع الصهيوني في أسطورة جيش لا يقهر.. قوة متفوقة ومساعدات بلا حدود تحقن هذا الوجود الذي جعل من العنف شرطا واجب الوجوب لاستمراره. ما حدث في لبنان، فكك هذه الفكرة المركزية. وبهذا المعنى، لم تزرع المقاومة فقط مسمارا في نعش الدولة الداعرة، التي لم يعد الخط البياني لاستمرارها تصاعديا، وإنما أعادت الإعتبار لفكرة المجتمع المقاوم الحر. المجتمع القادر على النهضة من تحت رماد التدمير البربري. لا يحتاج البشر لصور الأطفال والدمار ليتحركوا. دعم لبنان وإعادة بنائه واجب لا يقلّ في قداسته عن الفريضة الدينية. هذه المهمة دينُ في أعماق كل من يتقاسم مع شعب لبنان فكرة أصيلة عن الإنسانية، ورغبة عميقة في عالم أكثر عدلا وأقل بربرية.  —————————–       مفكر وحقوقي عربي من سورية

 

(المصدر: الوسط البحرينية الصادرة يوم 12 أوت 2006)  


الفاشية الاسلامية ام البوشية ؟

عبد الباري عطوان

يؤكد الرئيس الامريكي جورج بوش يوما بعد يوم، انه يستخدم الحرب ضد الارهاب التي يرفع لواءها حالياً، كذريعة لاخفاء نواياه الحقيقية في اذلال العرب والمسلمين، وكسر شوكتهم وتحويلهم الي خدم لمشاريع الهيمنة الامريكية الاسرائيلية. فوصفه للمحاولة المزعومة بتفجير طائرات مدنية بريطانية في طريقها الي الولايات المتحدة التي جري الكشف عنها بشكل مريب يوم الخميس الماضي، بانها جزء من الحرب مع الفاشيين الاسلاميين يعكس مدي كراهيته وحقده علي الديانة الاسلامية واتباعها من منطلق عنصري ديني اصولي متطرف. وهو وصف لم يستخدمه اي مسؤول غربي منذ الحروب الصليبية وحتي هذه اللحظة. فالرئيس بوش عندما اعلن انه يخوض حربا صليبية ضد الارهابيين في افغانستان انتقاما لضحايا احداث الحادي عشر من ايلول (سبتمبر)، كان يعني ما يقول تماما، ولم تكن زلة لسان عابرة مثلما حاول بعض مساعديه ان يوحوا لأجهزة الاعلام للحيلولة دون اثارة الشارعين العربي والاسلامي ضد الولايات المتحدة في بداية حروبها في المنطقة. الادارة الامريكية دمرت افغانستان واستخدمت انواعا من القنابل ذات قدرات تدميرية عالية جدا، وفعلت الشيء نفسه في العراق، ولم يقل اي كاتب او مسؤول عربي او مسلم ان هذه الحروب تشنها الفاشية المسيحية ضدنا. من المؤسف انه لا توجد قوانين تدين كل من يثير الكراهية ضد المسلمين، مثلما هو الحال مع اليهود، لانهم باتوا حيطة واطية لا يوجد من يدافع عنهم، بسبب خنوع انظمتهم للارهاب الامريكي ايثارا للسلامة، وطمعا في البقاء في كراسي الحكم. الرئيس جورج بوش وحليفه توني بلير، وكل اركان ادارتهما الحالية هم الذين يجسدون ابشع انواع الفاشية الحقيقية، وهم مجرمو حرب بزّوا الجميع من امثالهم، بالمجازر البشرية التي يرتكبونها حالياً في العراق، ويساندون ما هو افظع منها في لبنان. الفاشي هو الذي يرسل القنابل الذكية من وزن طن الي الدولة العبرية لاستخدامها في قتل اطفال لبنان في قانا والشياح وبنت جبيل والضاحية الجنوبية وغيرها. الفاشية الامريكية هي التي قتلت مئتي الف عراقي حتي الآن، واعطبت اكثر من نصف مليون آخرين، وحولت بلدا مستقرا الي فوضي دموية، ومرتع لحرب اهلية طائفية تزهق ارواح اكثر من الفي شخص شهرياً. العالم اصبح اكثر خطرا، وأقل أمناً واستقراراً بفضل هذه الفاشية الامريكية وحروبها الظالمة وغير الاخلاقية التي تخوضها ضد المسلمين فقط تحت حجج وذرائع كاذبة مفضوحة. ندين التطرف الاسلامي بكل اشكاله، مثلما ندين وبأقوي الكلمات والعبارات كل عمليات قتل المدنيين باعتبارها ارهابا. ولكننا ندين وبكلمات وعبارات اكثر قوة ارهاب الدولة الذي تمارسه الحكومة الامريكية زعيمة العالم الحر، والحكومة الاسرائيلية التي تدعي انها الديمقراطية الوحيدة في المنطقة، ونري وجهه البشع الدموي في صور الاطفال الرضع الذين تنتشل جثثهم الطاهرة البريئة من تحت ركام البيوت المدمرة في لبنان والعراق وفلسطين. ان حديث الرئيس بوش عن الفاشية الاسلامية ومساندته للعدوان الاسرائيلي لتدمير لبنان اقدم دولة ديمقراطية، وأحد ابرز المراكز الحضارية في المنطقة، وممارسات قواته الدموية في العراق، وانتهاكات جنوده لحقوق الانسان واغتصاب المحصنات العراقيات، كلها تصب في خدمة التطرف، وتعزيز منظماته، وتوسيع دائرة الارهاب، وتعريض ارواح الابرياء للخطر. اننا نشك في كل ما قيل حول هذه العملية الارهابية التي جري الكشف عنها بطريقة مريبة يوم الخميس من قبل وزير الداخلية البريطاني، ونجد لزاما علينا طرح العديد من علامات الاستفهام حولها وحول توقيتها. فاذا كانت هذه العملية تهدف الي ارتكاب مجزرة حماعية، وتستدعي رفع الاستعدادات الأمنية وحالة الطوارئ الي اعلي مستوياتها في كل من بريطانيا والولايات المتحدة، فكيف يصر توني بلير رئيس وزراء بريطانيا علي المضي قدما في خطط اجازته في جزر الكاريبي، ويستمر الرئيس بوش مستمتعاً باجازته ولا يقطعها لمواجهة هذا الارهاب الذي قيل بانه اكثر خطورة من ارهاب الحادي عشر من ايلول (سبتمبر)؟ واذا كانت اجهزة الامن البريطانية تتابع المتورطين في هذه المؤامرة الارهابية منذ شهر كانون الاول (ديسمبر) الماضي، فلماذا قررت الكشف عنها قبل يومين فقط، وفي وقت يقف فيه الرأي العام البريطاني بأغلبية ساحقة ضد سياسة بلير ـ بوش في دعم العدوان الاسرائيلي علي لبنان ومعارضة صدور اي قرار عن مجلس الامن بوقف فوري لاطلاق النار؟ نطرح هذه الاسئلة لاننا نعرف جيدا ان من فبرك مسألة اسلحة الدمار الشامل، والمعامل البيولوجية والكيميائية العراقية المتحركة، لتبرير الحرب، وقتل مئات الالاف من المدنيين، يستطيع ان يفبرك مسألة اختطاف طائرات ومحاولة تفجيرها بسوائل كيميائية او غيرها. وحتي اذا كانت هذه المؤامرة الارهابية، صحيحة فعلا، فان المسؤول عنها في الاساس هو الرئيس بوش وحليفه بلير وسياساتهما الصليبية الفاشية الاستفزازية التي نراها في ابشع صورها في بلادنا العربية والاسلامية. محور الشر الفاشي الذي يدمر العالم، ويصعّد التطرف، ويخدم الارهاب، هو الذي يقوده الرئيس بوش، ويضم توني بلير وايهود اولمرت، والفرق بينه وبين تنظيم القاعدة، ان التنظيم الاصولي المتطرف لا يدعي الديمقراطية ولا زعامة العالم الحر، ولا يقول انه يمثل القيم الغربية في العدالة والمساواة وحقوق الانسان.

 
(المصدر: صحيفة القدس العربي الصادرة يوم 12 أوت 2006)

 

بريجيت باردو وحيوانات لبنان

السيدة بريجيت باردو قلقة ومنزعجة لمصير حيوانات لبنان علي اثر العدوان الصهيوني، هذه السيدة تتجاهل مئات القتلي والاف الجرحي من المدنيين وعدد كبير منهم من الاطفال والادهي من ذلك آثار الاسلحة الفسفورية والعنقودية المحرمة دوليا علي الجرحي.
حقيقة، هذه السيدة تمثل الوجه القبيح للغرب ونظرتهم الدونية للانسان العربي، بالنسبة لديهم الانسان العربي اقل درجة من الحيوان، في تقديري هذا الاستكبار ينبع من تخوفهم التكنولوجي، وعلينا معالجة هذه الوضعية والا سنبقي اذلاء الي يوم يبعثون!
فليست الحوارات بينهم وبيننا ستفضي الي تضييق الهوة بل العمل العمل!! غير ان حماقة الانظمة العربية ستؤجل الازمة الي عقود اخري!!
ما ينفقه العدو الصهيوني علي البحث العلمي يفوق ثلاثين مرة ما تنفقه الانظمة العربية مجتمعة!
اما الامر الثاني الذي شد انتباهي برودة الشارع لما يحدث في لبنان، يبدو انه بعدما نجح الغرب في تجزئة العالمين العربي والاسلامي وتقطيع اوصاله نجح ايضا في ترسيخ الثقافة القطرية.
نحن نعيش ازمات معقدة ومتداخلة تدمي القلب وتنغص الحياة نحن مهزومون علي كافة الاصعدة ومقومات قيادة العالم لدينا وليست لديهم بشريا وماديا املي يبقي علي الاجيال المقبلة لصيانة حدودنا وسيادتنا بقوة السلاح وليس بمعاهدات مذلة او بقواعد العدو.
محمد فتحي السقاط تونس (المصدر: صحيفة القدس العربي الصادرة يوم 12 أوت 2006)

 
اخترت لكم
كتبه أو نقله عبدالحميد العدّاسي   حريّ بنا أن نعود بين الفينة والأخرى إلى أقوال سلفنا الطيّب، فقد كانوا أكثر قربا من القرون الخيّرة وأكثر اتّباعا لخير البشر صلّى الله عليه وسلّم وأشدّ إقتداء بسنّته وتوقّفا عند أوامرها ونواهيها… وقد شدّني اليوم كتيّب نصحني بقراءته أخ فاضل عزيز، التقيتُه خلال الصائفة، فكساني وفَرشني وأطعمني وسقاني كرما لا يقدر على أمثاله الكثير ممّن نُصاحب، فجزاه الله خيرا وبارك فيه وفي أهله الطيّبين وإخوانه من شبَهه أجمعين. والكتيّب بعنوان ( رسالة المسترشدين ) للحارث بن أسد المحاسبي العنزي البصري البغدادي العراقي المولود سنة 165 هـ، والمقبوض سنة 243هـ، رضي الله عنه ورحمه رحمة واسعة… وقد قام بتحقيق الكتيّب صاحب الفضل علينا وعلى القرّاء، يوسف علي بديوي الدمشقي، حيث أخرجه في طبعته الأولى سنة 1424هـ الموافق لسنة 2003 م.   وقد اقتطفت من الكتاب ما يكفي – إن شاء الله – لسدّ بعض حاجة النّفس المتعطّشة إلى الكلمة الطيّبة، سيّما في هذا الوقت الذي اتّسم بقسوة قلب فاقت قسوة الحجر وبضلال سارت فيه الأنعام أعلى وأهدى من البشر.   يقول الشيخ رحمه الله: …والزم تقوى الله؛ فإنّ  » المسلم مَن سلم النّاس مِن لسانه ويده  » و » المؤمن مَن أمن النّاس بوائقه « . وقال أبو بكر الصدّيق رضي الله عنه: اتّق الله بطاعته، وأطع الله – عزّ وجلّ – بتقواه، وكفّ يدك من دماء المسلمين، وبطنك من أموالهم، ولسانك من أعراضهم. وحاسب نفسك في كلّ خطرة، وراقب الله عزّ وجلّ في كلّ نَفَس. وقال عمر بن الخطّاب رضي الله عنه: حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وزنوها قبل أن توزنوا، وتزيّنوا ليوم العرض الأكبر ] يومئذ تُعرضون لا تخفى منكم خافية [. وخَفِ الله في دينك، وارجُه في جميع أمورك، واصبر على ما أصابك. وقال عليّ رضي الله عنه: لا تخف إلاّ ذنبك، ولا ترْجُ إلاّ ربّك، ولا يستحي الذي لا يعلم أن يسأل حتّى يعلم، ولا يستحي من يُسأل عمّا لا يعلم بأن يقول: لا أعلم. واعلم: أنّ الصبر مع الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد، فإذا قطعت الرّأس؛ ذهب الجسد. فإذا سمعت كلمة تغضبك في عرضك؛ فاعف واصفح؛ فإنّ ذلك من عزم الأمور… وقال رضي الله عنه أيضا: يا ابن آدم! لا تفرح بالغنى ولا تقنط بالفقر ولا تحزن بالبلاء ولا تفرح بالرّخاء؛ فإنّ الذهب يُجرّب بالنّار، والعبد الصالح يُجرّب بالبلاء، فإنّك لن تنال ما تحبّ إلاّ بترك الشهوات، ولن تبلغ ما تريد إلاّ بالصبر على ما تكره. وابذل جهدك لرعاية ما افترض الله عليك. وارض بما أرادك الله به.. وقال ابن مسعود رضي الله عنه: ارض بما قسم الله لك تكن من أغنى النّاس، وأدّ ما افترض الله عليك تكن من أعبد النّاس، واجتنب ما حرّم الله عليك تكن من أورع النّاس ( من أكثرهم ورعا ). ولا تشْكُ مَن هو أرحم بك إلى مَن لا يرحمك، واستعن بالله تكن من أهل عبادته…              وجاء في وصيّة عُبادة بن الصامت رضي الله عنه لابنه: … ولا تخالط إلاّ عاقلا تقيّا، ولا تجالس إلاّ عالما بصيرا، وقد سئل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: أيّ جلسائنا خير؟ فقال:  » من يذكّركم بالله رؤيتُه، ويزيد في عملكم منطقُه، ويذكّركم بالآخرة عملُه « . وتواضع لله، وأدم ذكر الله تعالى تنل قربه… واعلم أنّ مَن نصحك فقد أحبّك، ومن داهنك فقد غشّك، ومن لم يقبل نصيحتك فليس بأخ…   … ويستمرّ الكتيّب بكلماته يفضح بواطني، التي لو وقفتْ عند بعض ما فيه من الكلام، ما تركتني أتجرّأُ على نقل جملة واحدة منه إليكم ( أسأل الله الصدق والثّبات )… ولكنّها كلمات حفظتها عن بعض أهل العلم مفادها: أنّ المعاصي لا يجب أن تمنع من/عن قول كلمة الخير أو نقله أو تبليغه…  فلعلّ التدقيق في انتقاء الصالحين يقلّل كثيرا من عدد النّاقلين… كما أنّ هذه النقول قد تكون مساهمة بشكل كبير في إصلاح حال النّاقل نفسه، ولذلك فعلته، سائلا الله لي ولكم حسن الخاتمة… وإلى لقاء مع مختارات أخرى بإذن الله!


 

كوريغرافيا المذبوحين (2)

هكذا تحدث لبنان

   « الكرامة غضب, المحبة غضب » النصر هزيمة /الحرب هزيمة السلام كذب انخفضت كل البيوت حتى استوت مع البحر استوي الماء مع النار احترقت كل الصخور كأنها من قصب   جهنم الآن   صواريخ إسرائيل ملائكة من حطب قذائفها انهار لبن طائرات إسرائيل حوريات بوارجها سحب جيش إسرائيل أنبياء,برد وثلج ضحاياها قش وتبن ضحايانا وقود جهنم جهنم الآن واحد تموت الجنة /يحيا الجحيم شهدائنا حمم جهنم على الأرض يقتحمون جنانكم عين النعيم جذعه نار وجذره سعير   أمس الجنة غدا   نموت اليوم في أرضنا ولكننا , لا نموت إلا في سماءنا نموت اليوم في أرضنا ولكننا لا نحيا إلا في سماءنا الموت واحد الموت موت غد الجنة أمس اليوم اليوم وليس غدا   الآن الآن   يوم واحد في أرضنا أمس الزمان الآن ويوم في سماء فلسطين أمس المكان هنا الأرض أرضهم –أرضنا اليوم وغدا مقبرة الشعوب مقبرة جرائم إسرائيل نحيطها بالبحر ونملؤه بما تبقى من سهول وجبال آية منا على حروب الآلهة هذي هي الجنة/هذا هو الجحيم مقبرة الخالدين هنا الآن وليس هناك   الحشر   الأرض هي الأصل والسماء رقعة احتياط للنائمين معا مقبرة بلا تراب خاص حشر بلا موعد قار فلا يهمنا زحاما كان أو كان لا احد الآن الآن سيان عربا كانوا أو إسرائيليين يهودا كانوا أو نصارى أو مسلمين لا فرق لدينا بين عظام وجثامين فالحشر اسر للأحرار وللمساجين الأسر وعد حق قرار لا فرق بين أبرياء ومقاتلين فالأبدية مستقر فرار لا يهم موتانا كانوا أو موتاكم فكل الشهداء-الضحايا-القتلى أبرياء من إسرائيل أبرياء من الله أبرياء من الموت أبرياء من الدين أبرياء منكم إن قتلتمونا /أبرياء منكم إن قتلناكم ولبنان بريء منا إن متنا جميعا بريئة منا إن متنا فلسطين ماذا يا لبنان ماذا ماذا تقول؟   سيناريو أخير   تصرخ القدس: لا تسبوا إسرائيل فهي التي توقظ الثوار لا تلعنوا إسرائيل فإسرائيل تقتل إسرائيل تبتسم: أنا لست آلهة الموتى وموتى مرتين أهون علي من موتك يا لبنان فلسطين واحدة –واحدة لا تأكلوا التراب قلت لكم لا تشربوا البحر وإلا طردتم من الاثنين بريئة أنا من جرائمهم ومن جرائمهم بريئة أنا من جرائدهم /من جرائدكم من موائدهم /من موائدكم بريئة أنا من أصدقائهم /من أصدقائكم من أعدائكم /من أعدائكم بريئة أنا مني بريئة جريمتي /جريمة براءتي ماذا أقول يا لبنان ماذا ؟ ماذا أقول ؟   باريس 11 اوت 2006 صلاح الداودي     ملاحضة:هذا النص تتمة لكوريغرافيا المذبوحين 1 :هكذا تحدثت اسرائيل المنشور بتاريخ 30 جويلية 2006

 

وَشْحَلَةُ الوَطَنِ علَي الشَّوَارِعِ..

سليم دولة (إلي المقاتلات والمقاتلين ماديا ورمزيا عن الأمة والوطن رأسا، رفعا لهذا اليأس) ـ ايشْ حَالَكْ.. يالشّوَارِعْ ؟ ـ وَآشْ.. حَالَكْ.. يَالوَطَنْ ؟ يائسون منهم، تمامًا، و إنْ لاَ حَيَاةَ مَعَ اليَأْسِ يائسون من سَمَاحَةِ.. سُمُوّهِمْ. يائسون من دولتهم. ودولة دولتهم.. يائسون من جلالتهم وفخامة معاليهم.. و انْ لاَ يَأْسَ مَعَ الحَيَاةِ . يائسون من يأسهم في المُلْكِ البَهِيّ.. حُكّامٌ ومَحْكُومٌ بهم.. في الرِّقَابِ: أُمَرَاءُ زُيُوتُ الجَحِيمِ مُلُوكٌ، والرَّئِيسُ والرُّئَيْسُ جَارُ الرّئِيسِ، خانُوا كلّ شيء وخانُوا… سوي غريزةَ الهلاكِ المُبينِ.. والسَّمْسَرةَ بالأوطانِ، بعد الأوطانِ. (فلسطين/ القدس/ بغداد/ ولبنان). بَقَرٌ.. أحذيةٌ عسكريّةٌ رُؤُوسُ باذنجان.. علي تيجانٍ. بَعْرٌ.. وأسماءُ أضدادٍ.. جميلون جدا: حسنهم شُوم وبُوم وزينة زينتهم، وشاح سوادٍ.. لاَ يَصْلَحُ.. للحِدَادِ ومُعَمِّرُهُمْ.. عنوانٌ سريٌّ تَعَرَّي.. للْخَرَابِ. لو عاد نبي الله بينهم، لحَصَبُوهُ بِحُصَيَّاةِ الجِبَالِ حَصَاةً، حَصَاةً، وقتلُوه صَبْرًا** وزادُوه فوق العذابِ.. عَذَابَا، وصَلُّوا إلي البيت الأبيض جَمْعًا.. وهَلَّلُوا: لَيْسَ لَنَا فِي غَيْرِ هَذَا البَيْتِ المُقَدَّسِ رَبٌّ نحن آباء: التعقّل و الحِكْمَةِ و الصَّوَابِ . وهذا أبُو الإِرْهَابِ وحَادَفُوهُ، ـ أخيرا ـ بالكتاب . يائسون منهم.. تمامًا، يَا شَقِيقَ الوَرْدِ. الوَطَنُ فِي عُرْفِ ذَوِي الذُلِّ: بَرَامِيلٌ من  » زَيْتِ الصَّخْرِ ».. عَلَي الحَجَرِ، ومُتَوَالِيَاتُ مِنْ ذَوَاتِ.. الأَكْعَابِ والوطن في عُرْفِ الحُرِّ: سِرٌّ، عند، أُنَيْسَانِ العَيْنِ.. بَيْنَ الأَهْدَابِ. يائسون منهم.. تمامًا، ولاَ بَأْسَ – تماماً – مِنْ تُهْمَةِ: الإِرْهَابِ . ہ حاشية جديدة من كتاب ديلانو / شقيق الورد . (لم يصدر بعد). ہ القتل صبرا: القتل جوعا وعطشا. ہ الكاتب الحر: سليم دولة / تونس. تونس (المصدر: صحيفة القدس العربي الصادرة يوم 12 أوت 2006)


Home – Accueil الرئيسية

 

Lire aussi ces articles

15 avril 2007

Home – Accueil – الرئيسية   TUNISNEWS 7 ème année, N° 2518 du 15.04.2007  archives : www.tunisnews.net AISPP: Communiqué Kalima: L’avocat

En savoir plus +

22 août 2008

Home – Accueil TUNISNEWS 8 ème année, N° 3013 du 22.08.2008  archives : www.tunisnews.net   AISPP & Vérité-Action: Campagne pour sauver

En savoir plus +

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.