الخميس، 5 مارس 2009

 

TUNISNEWS

8 ème année, N 3208 du 05 .03 .2009

 archives : www.tunisnews.net


السبيل أونلاين : سندس الرياحي تناشد المحامين والحقوقيين الوقوف الى جانبها

“سكايز”:الأمن العام اللبناني لا يسمح بدخول كاتب عربي إلى بيروت:بيان صحفي

قدس برس”:السلطات اللبنانية ترفض منح تأشيرة الدخول للمعارض التونسي منصف المرزوقي

المرصد الوطني لحرية الصحافة والنشر والإبداع:المحامي محمد عبّو يمنع مرة أخرى من السفر

السبيل أونلاين : إستدعاءات بالجملة للمساجين السياسيين السابقين بتونس

حزب الإتحاد الديمقراطي الوحدوي:بيان حول مذكرة الاعتقال التي أصدرتها المحكمة الجنائية الدولية في حق الرئيس السوداني

فتحي الناعس:ما أوجه الاستبشار للدكتور المرزوقي بمذكرة إيقاف البشير؟

النفطي حولة :المظلمة الدولية في حق العرب

عبد الباري عطوان:إعتقال البشير: عدالة عوراء

الصحفي المنفي في وطنه عبدالله الزواري:وداعا إفريقية….. شكرا لكم قيادة و شعبا..

الحبيب ستهم:القضاء التونسي يبرئ المرحوم أنيس الشوك الذي دفع حياته ثمنا لتلك البراءة إثر إضراب جوع دام 73 يوما

قدس برس:تونس: الحكم في قضية المـتـهـمـين بالتسبب في وفاة طيار أردني بإحراق ملهى

صـابر التونسي :سـواك حـار (116)

الصباح:عطب طال انتظار إصلاحه

جيلاني العبدلي:تونس: وطن وبوليس ورشوة

خالد الكريشي الحرية أولا وأخيرا :”إرهابنا” وإرهابهم

بلطي لإيلاف: لا أحرّض شباب تونس على “الحرقة” والراب فن ملتزم

مراسلة موقع الشيخ راشد الغنوشي:الشيخ راشد الغنوشي يستقبل مجموعة من الباحثين في جامعة اكستر البريطانية

حزب العمل الوطنيّ الديمقراطيّ : نشرة الكترونيّة عدد  92 – 05 مارس 2009

آمال موسى:ماذا يمكن أن نتعلم من الشابي؟

الصباح:الإنتصاب الفوضوي.. ظاهرة تكتسح شوارع العاصمة وساحاتهـا

محمـد العروسـي الهانـي :الوفاء و المواقف  و الجرأة لها ثمنها و ضريبتها

السبيل أونلاين :غسان بن جدو يتحدث عن العبور الى غزة وتسجيل برنامج “حوار مفتوح”

رويترز:ليبيا تعيّن رئيس المخابرات وزيرا للخارجية

احميدة النيفر:المسألة النسائية في زمن العولمة (1-2).. نصوص من «الزمن الجميل»

 د.أحمد القديدي:فرصة التغيير لدى أوباما لعلها تمر عبر لاروش   

بشير موسى نافع :تركيا وظلال 28 فبراير الثقيلة

هيثم مناع :المحاسبة الدولية أو التحدي الكبير؟  


Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe Windows (

(To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows)


قائمة الموقعين على مبادرة حق العودة  http://www.manfiyoun.net/list.html الرجاء من المقتنعين بهذه المبادرة إرسال الاسم وبلد الإقامة وسنة الخروج من تونس على البريد الالكتروني للمبادرة:


سندس الرياحي تناشد المحامين والحقوقيين الوقوف الى جانبها


 
السبيل أونلاين – تونس – خاص تتواصل محنة الفتاة سندس الرياحي ، حيث يتردد البوليس السياسي على بيت والدها ، ويأمرها بعدم مغادرة المنزل وأيضا بخلع حجابها . وكلما وُفّقت في الحصول على عمل إلا وأُطردت منه بسبب مضايقة البوليس لمشغلها ، وفوجئت خلال الأيام الأخيرة بصدور حكم غيابي ضدها بأربعة سنوات نافذة وخمس سنوات مراقبة إدارية ، فقامت بالإعتراض عليه ، وقد عيّنت المحكمة جلسة للنظر في القضية يوم 05 مارس 2009 . وهي تناشد الأطراف الحقوقية والمحامين الوقوف الى جانبها في المظلمة المسلطة عليها ، والحضور للجلسة المقررة يوم الخميس القادم بمحكمة قرمبالية . من زهير مخلوف – تونس    (المصدر : السبيل أونلاين ، بتاريخ 03 مارس 2009 )


بيروت، 5 آذار 2009 بيان صحافي

الأمن العام اللبناني لا يسمح بدخول كاتب عربي إلى بيروت

 


رفض الأمن العام اللبناني منح تأشيرة دخول للمنصف المرزوقي، الكاتب التونسي والمهتم بقضايا حقوق الإنسان العربية، يوم أمس الأربعاء 4 آذار 2009، الذي تلقى دعوة من “المعهد الألماني للأبحاث الشرقية” في بيروت لتقديم ندوة بحثية في 17 من الشهر الحالي حول موضوع إحتمالات الديمقراطية في العالم العربي كما أوضح لـ”سكايز” المرزوقي. كما امتنع الأمن العام عن إبداء سبب عدم منح التأشيرة كما أوضح مسؤول في “المعهد الألماني” لـ “سكايز”. يذكر أن المنصف المرزوقي هو كاتب تونسي ومفكرعربي طبع سابقا كتابه “الإستقلال الثاني” في بيروت عن دار الكنوز الأدبية في العام 1996، والذي منعته الرقابة  في بيروت حيث “قامت المخابرات اللبنانية بالتحقيق مع دار النشر” كما كتب المرزوقي. ودعا الكتاب إلى ما يسميه “الإستقلال الثاني من أنظمة الإستبداد العربي”، كما يصفها، بعد التحرر الأول من الاستعمار الأجنبي. وقدّر المرزوقي من باريس في إتصال مع “سكايز” بأن “الحكومة التونسية ضغطت من أجل منع دخولي إلى لبنان، وكانت قد ضغطت سابقا على السلطات السورية التي منعت بدورها كتابي ‘حتى يكون للأمة مكان في هذا الزمان’ الصادر عن دار الأهالي في دمشق العام الماضي وضغطت على الحكومة الموريتانية بعد زيارتي لموريتانيا”. المرزوقي حاصل على دكتوراة في الطب وصاحب تجربة سابقة في “الطب الشعبي” في تونس. وكانت السلطات التونسية قد حلت القسم الذي اشرف عليه المرزوقي في كلية طب سوسة في تونس في العام 1992، وطرد نهائيا من كلية الطب في العام 2000. يكتب المرزوقي منذ الثمانينات كتبا ومقالات في الصحف، وخضع للاستجواب والإحالة إلى المحكم أكثر من مرّة بسبب كتاباته. وقد أحيل إلى المحاكمة في تونس في الثمانينيات بسبب كتابه “دع وطني يستيقظ” وجرت مصادرة الكتاب. ووصف المروزقي تجربته مع الرقابة قائلا: “ففي سنة 1992 سرق البوليس السياسي من المطبعة أفلام كتابي ‘الرؤيا الجديدة‘، وسنة 1994 طبعت لي الدار التونسية للنشر كتابا علميا هو “المدخل للطب” لتختفي الألف نسخة بقدرة قادر، وسنة 1995 سحبت السلطة [التونسية] كل كتبي من المكتبات العمومية”. يقيم المرزوقي حاليا في باريس “منفاه الإضطراري” كما وصفه بعد مضايقات تعرّض لها من قبل السلطات التونسية. وكان قد تعرض للسجن سابقا في تونس، ونشطت حملة دولية شارك فيها نيلسون مانديلا لإطلاق سراحه. وكان المرزوقي رئيس الرابطة التونسية لحقوق الإنسان وهو الرئيس الحالي لحزب “المؤتمر من أجل الجمهورية” التونسي المعارض. من كتب المرزوقي السياسية والطبية والأدبية “الطبيب والموت”( تونس، 1982)، “في سجن العقل. من حلم التحرر إلى كابوس الاستبداد” (دار أقواس، تونس، 1990)، “حقوق الإنسان الرؤيا الجديدة” (مركز القاهرة لدراسات حقوق الانسان، القاهرة، 1996)، “الإنسان الحرام. قراءة في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان” (الدار البيضاء، 1996)، “هل نحن أهل للديمقراطية؟” (دار الأهالي، دمشق، 2001)، “من الخراب إلى التأسيس” (المركز المغاربي، لندن، 2003)، “الرحلة” (في خمسة أجزاء، دار الأهالي، دمشق، 2003). يستنكر “سكايز” حجب الأمن العام تأشيرة دخول للمنصف المرزوقي إلى بيروت كما يستغرب الإمتناع عن إبداء سبب المنع. ويعلن “سكايز” احتجاجه على منع كاتب عربي من المشاركة في ندوة بحثية في مدينة شارك المثقفون العرب المنفيون من بلدانهم في نهضتها. ويدعو الأمن العام إلى التراجع عن قرار المنع غير المبرر.
 
Skeyes (Samir Kassir eyes) Center for Media and Cultural Freedom Samir Kassir Foundation Aref Saghieh Bldg. (Ground floor) 63 Zahrani St, Sioufi, Achrafieh Beirut, Lebanon Tel/Fax: (961) 1 397334 Mobile: (961) 3 372717


السلطات اللبنانية ترفض منح تأشيرة الدخول للمعارض التونسي منصف المرزوقي

  تونس ـ خدمة قدس برس  


أفادت مصادر من حزب المؤتمر من أجل الجمهورية في تونس لوكالة “قدس برس” أنّ السلطات اللبنانية رفضت أمس الأربعاء (4/3) الجاري منح تأشيرة الدخول للمعارض التونسي المقيم بباريس الدكتور منصف المرزوقي. وكان الدكتور المرزوقي رئيس حزب المؤتمر من أجل الجمهورية دعي من قبل معهد الشرق ببيروت للمشاركة في ندوة حول الديمقراطية في العالم العربي تنعقد 16 آذار (مارس) المقبل ينظّمها المعهد بالتعاون مع مؤسسة ألمانية. وقد أرسل نسخة من جواز سفره للمنظمين للقيام بإجراءات طلب التأشيرة من بيروت، لكنّ مسؤولين بمعهد الشرق أبلغوه أمس الأربعاء بأنّ السلطات اللبنانية أشعرتهم بأنّ المرزوقي ممنوع من دخول التراب اللبناني دون إبداء أسباب واضحة. وأضاف المصدر أنّ المرزوقي قد ندّد بالموقف اللبناني، معتبرا ما حصل نيلا من حقه في التعبير والتنقل، وسابقة في بلد ديمقراطي مثل لبنان متسائلا عن مصلحة السلطات اللبنانية في ذلك.
 

(المصدر: وكالة قدس برس إنترناشيونال (بريطانيا) بتاريخ 5 مارس2009)
 

 
المرصد الوطني لحرية الصحافة والنشر والإبداع
تونس في 4 مارس 2009

المحامي محمد عبّو يمنع مرة أخرى من السفر

 


 
منع يوم 3 مارس الجاري المحامي المدافع عن حقوق الإنسان من السفر للمرة السادسة على التوالي من قبل شرطة الحدود بمطار تونس قرطاج. وكان محمد عبّو يعتزم التوجّه إلى هولندا وبريطانيا بدعوة من منظمة العفو الدولية لعقد لقاءات مع مدافعين عن حقوق الإنسان ومسؤولين بخارجية البلدين وإلقاء محاضرات. ولم يتم إعلام الأستاذ عبّو بمبررات المنع واكتفى أعوان الحدود بإبلاغه أنّ الأمر يتعلّق “بتعليمات فوقية”. وتفرض السلطات التونسية حجرا تعسّفيا على حق محمد عبّو في السفر خارج البلاد منذ الإفراج عنه في جويلية 2007 بعد قضائه عامين ونصف العام سجنا من عقوبة ثلاثة أعوام ونصف من أجل قضيّة رأي. وقد أبلغ في محاولات سفره الأولى بأنّه يجب عليه إكمال فترة السراح الشرطي الذي أفرج عنه بمقتضاه. وكان هذا التبرير فاقدا لأي سند قانوني لأنّ السراح الشرطي لا ينصّ على عقوبات تكميلية إضافة إلى كون وثيقة السراح التي حصل عليها محمد عبّو خالية من أيّ تقييد على حريته، وحتى لو تم التسليم بالإدعاءات المذكورة فإنّ الحجر المفترض على سفره يكون قد انقضى في شهر أوت 2008 المنقضي. وكان المحامي محمد عبّو قد حوكم سنة 2005 بالسجن من أجل إدانته التعذيب في تونس في مقال نشره على الانترنت، ويتعرّض لسلسلة من الملاحقات الأمنية منذ الإفراج عنه. وكانت آخر الوقائع التي تعرض لها منعه من التنقل إلى مدينة بنزرت (60 كلم شمال العاصمة) لحضور ندوة سياسية وتم إلزامه بالبقاء في مركز شرطة مرور ساعتين قبل إخلاء سبيله مع انقضاء موعد الندوة. وصرّح محمد عبّو للمرصد “أشعر بالحزن وأنا أجد نظام الحكم في بلادي يتمسّك بالخروج على القانون”. والمرصد الوطني لحرية الصحافة والنشر والإبداع : -يعتبر أنّ التقييد على حرية محمد عبّو في التنقل قد أصبح ذا طابع رسمي بما يضفي عليه معايير “الحرمان التعسفي من الحرية” كما حددتها “مجموعة العمل حول الاعتقال التعسفي” بالأمم المتحدة.    – يعتبر أنّ هذه الممارسات تشهد على تعطيل دولة القانون في تونس. -يطالب برفع هذا الإجراء التعسفي وتمكين محمد عبّو من حقه الكامل في التنقل.   عن المرصد نائبة الرئيس نزيهة رجيبة  


إستدعاءات بالجملة للمساجين السياسيين السابقين بتونس


 
السبيل أونلاين – تونس وقع اليوم الخميس 05 مارس 2009 ، إستدعاء السجينين السياسيين السابقين هشام مشماش وسامي المؤدب أصيلي مدينة دار شعبان الفهري ، ووقع تحرير بحقهما بطاقات إرشادات تضمنت أسئلة حول مكان الإقامة ومكان العمل والحالة الإجتماعية وعدد الأبناء وغيرها من التفاصيل الشخصية . كما وقع أيضا إستدعاء عثمان الرزقي ومحمد قشقاش أصيلي مدينة نابل من طرف مركز شرطة “واد سوحيل” عن طريق عائلاتهما ، ولكنهما رفضا الذهاب لعدم وجود إستدعاء كتابي .   وللإشارة فقد تكررت إستداعات البوليس للسجناء السياسيين السابقين في الكثير من المناطق والجهات التونسية خلال الأيام الأخيرة ، ويعتقد أن هذه الإستدعاءات تأتي في إطار تحيين ملفات المساجين السابقين لدى دوائر البوليس . فإلى متى تستمر هذه التضييقات ضد المساجين السياسيين السابقين ، والكف عن معاملتهم كمواطنين من درجة ثانية ؟ من زهير مخلوف – تونس    (المصدر السبيل أونلاين ، بتاريخ 05 مارس 2009)

حزب الإتحاد الديمقراطي الوحدوي التاريخ: 04/03/2009  

بيان حول مذكرة الاعتقال التي أصدرتها المحكمة الجنائية الدولية في حق الرئيس السوداني


في عملية ابتزاز مفضوحة ومحاولة جديدة للاعتداء على وطننا العربي وشعبنا في كل أقطاره أقدمت ما يسمى بالمحكمة الجنائية الدولية على إصدار مذكرة اعتقال في حق الرئيس السوداني السيد عمر حسن البشير على خلفية الصراع القبلي الدائر في منطقة دارفور والذي عملت  الدوائر الصهيونية والاستعمارية استغلاله من أجل تكريس الفرقة والصراع في الوطن العربي بعد أن أذكته ودعمت أطرافه بالمال والسلاح. لقد أكدنا أكثر من مرة أن مخططات القوى الصهيونية والاستعمارية والغربية للتدخل السافر  في السودان والاستحواذ على ثرواته الطبيعية ومقدرات شعبه تمر عبر استغلال الخلاف القبلي والوضع الإنساني في جزء من أرضه كما عملت في السابق على  دعم التمرد وتشجيع الانفصال في الجنوب.  إن الاتحاد الديمقراطي الوحدوي إذ يدين بشدة إصدار هذه المذكرة وكل ما يمس بوطننا العربي فانه: 1- يعلن وقوفه بدون تحفظ مع الشعب العربي في السودان وقواه الوطنية الرافضة لسياسات الإملاء والتخويف والتدخل في الشأن الداخلي ومحاولات الهيمنة والاستغلال. إننا واثقون أن رفض الشعب العربي في السودان وقواه الحية لهذه المذكرة وعدم اعترافه بها وتماسك جبهته الداخلية في الحكم والمعارضة في وجه التدخل الأجنبي كفيل بإفشال هذه المخططات الاستعمارية. 2- يهيب بكل القوى المناضلة في الوطن العربي على اختلاف توجهاتها الفكرية والسياسية أن تقف مع السودان ورفض الاعتراف بالمذكرة وما ينجر عنها  والتحرك على كل المستويات الإقليمية والدولية من أجل فضح مخططات الاستعمار وأزلامه في المنطقة. لقد آن الأوان للفرز على أساس الولاء للوطن والأمة أو الولاء للأجنبي وأعداء الأمة. 3 – ينبه الأنظمة العربية من استمرار سياساتها وأسلوبها في التعاطي مع ما يتعرض له الوطن العربي أرضا وشعبا ورموز السيادة تحت عناوين مختلفة إذ حوصر الشهيد ياسر عرفات واغتيل تسمما على يد العصابات الصهيونية، ثم اغتيل الشهيد صدام حسين رئيس دولة العراق ليلة عيد الأضحى على أيدي الأمريكان وأعوانهم الخونة على مرأى ومسمع الحكام العرب، والآن يتعرض رئيس دولة السودان لمحاولة الاعتقال والتهديد بخطفه عبر عملية قرصنة جوية ولا نعلم على من ستدور الدوائر لاحقا والنظام الرسمي العربي لا يحرك ساكنا للدفاع عن رموزه. 4 – يؤكد الاتحاد الديمقراطي الوحدوي أن إصدار مذكرة اعتقال رئيس دولة السودان هي تغطية على الجرائم الحقيقية التي مارستها الإدارة الأمريكية في العراق وأفغانستان وجرائم العدو الصهيوني في فلسطين ولبنان. 5 – يدين الاتحاد الديمقراطي الوحدوي بشدة طابور الخيانة والعمالة بالسودان وفي كل قطر من أقطار الوطن العربي والذي ما انفك يؤسس ويدعم ذرائع التدخل الأجنبي ويدعو كل القوى الوطنية المنتصرة لوحدة الأمة وسيادة الشعب على أرضه إلى مواجهة الاستعمار وأذياله في الداخل بكل السبل المتاحة. 6 – يؤكد الاتحاد الديمقراطي الوحدوي انتصاره الدائم لحقوق الإنسان في كل مكان ويرفض في ذات الوقت أن توظف هذه القيم النبيلة أداة جديدة لاستعمار الأوطان وإذلال شعوبها واغتيال رموزها.  7 – يدعو الاتحاد الديمقراطي الوحدوي الشعب العربي إلى الوقوف وقفة حازمة للتصدي لهذا الأسلوب الجديد للاستعمار والهيمنة حماية للوطن ورموز سيادته. الأمين العام احمد الاينوبلي


بسم الله الرحمن الرحيم

ما أوجه الاستبشار للدكتور المرزوقي بمذكرة إيقاف البشير؟


فتحي الناعس: باريس ما الذي أصاب الدكتور منصف المرزوقي الذي لم يعرف عنه هذا التبسيط والسطحية في فهم قضية مثل قضية محكمة الجنايات الدولية مع جمهورية السودان. لا أحد يشك في تحمس الدكتور المرزوقي لحركة حقوق الإنسان إلى درجة “التعصب” أحيانا، من موقعه كمناضل عانى ولا يزال من حكم فردي بغيض في بلده تونس، ونحن نحيه ونقف إلى صفه في ذلك، كما أنه لا أحد يشك في وطنية وقومية الرجل عندما يتعلق الأمر بحقوق الأمة في مواجهة الغطرسة الغربية بزعامة الولايات المتحدة الأمريكية من خلال السيطرة الصهيونية على جل الإدارات المتتالية لهذه القوة العظمى. لا نقول هذا من باب المدح للرجل بما ليس فيه بل على العكس فكل مقالاته، الكثيرة مقارنة بغيره من الزعامات الحقوقية والسياسية، وكذلك من خلال مقابلاته الإعلامية وتصريحاته و مواقفه في العديد من المحطات والمناسبات، كلها تدلل وتؤكد على ما وصفنا به الرجل. إذا لماذا فقد الدكتور البوصلة واختلت لديه المعادلة في قضية البشير ومذكرة الإيقاف التي طالته ظلما وعدوانا وأقولها وأنا مقتنع تمام الاقتناع بما أقول وسأبين هذا الظلم لاحقا. لقد راح الدكتور في مقاله الأول وقبل إصدار هذه المذكرة الظالمة يصور أن إصدارها هو بمثابة الصيد الثمين لينتهي في مقاله بالأمس وبعد إصدار هذه المذكرة بوصفها بأنها بشرى سارة ضنا منه أنه في ظل هذا النظام الدولي الأعرج والمختل التوازن بإمكانه أن يرى مذكرة مشابهة ستصدر وهو على قيد الحياة ضد بن علي أو مبارك أو الملك محمد السادس أو غيرهم ومن هنا حقيقة بدت لي هذه السطحية وهذا التبسيط للأمور التي وقع فيها الدكتور المرزوقي. لا تحلم ولا تبالغ في الحلم يا دكتور وكن واقعيا واعلم أنك لن ترى ولن تسمع بمذكرة توقيف ضد أي من هؤلاء من أي جهة قضائية دولية مهما فعلوا ضد شعوبهم من قتل وتشريد وإجرام وذلك ببساطة لأن القانون الدولي والمتحكمون في القانون الدولي بمختلف مؤسساته لن يقبلوا في يوم من الأيام أن يتعرض خدمهم ورعاة مصالحهم حتى لأقل من هذا الأمر الذي تعرض له الرئيس البشير. إن الذين يحلم الدكتور المرزوقي أن يرى أحدهم في الموقع الذي وصل إليه البشير اليوم وعلى عكس ما ذهب إليه تماما، بأن الذي حصل للبشير هو رسالة لهم لكي يرتدعوا أو يحسبوا حسابا لمثل هذا الموقف في مستقبل الأيام، فالرسالة معكوسة تماما فهم سيتمادون في إجرامهم ضد هذه الشعوب المقهورة وهم مطمئنين تمام الاطمئنان على مستقبلهم بل ولمستقبل أبنائهم من بعدهم !! لأنهم ببساطة فهموا الدرس جيدا ليس مثل الرئيس البشير الذي تبين وبعد ضغوطات طويلة وشاقة وحصار تلو الحصار، استمرت لما يقرب عن عقدين ضد بلده الفقير أنه لا يزال “يشاغب” ويعارض الإملاءات والقرارات التي تملى عليه من المتحكمين والمتنفذين في “القانون”الدولي، فالرجل لا يزال يحلم بقرار عربي مستقل، ولا يزال يحلم بتحرير فلسطين، ولا يزال يستقبل حركات المقاومة الفلسطينية على أرض السودان، بل بلغت به “الجرأة” وشق عصا الطاعة في وجه المتنفذين والمتحكمين في “القانون” الدولي، ومحرقة غزة على أشدها تحصد الأطفال والنساء بالمئات والآلاف والكل ينظر ويصمت فيأخذ طائرته الخاصة ويحط الرحال في دمشق في زيارة شد أزر لقوى المقاومة في دمشق ويلتقيهم جميعا ويقوي عزائمهم ضد الدولة الصهيونية، التي بإمكانها وبإشارة واحدة منها لمؤسسات “القانون” الدولي أن توقف مذكرات ومذكرات إيقاف ضده لو فعل كما فعل غيره من المنبطحين والمسبحين بحمد أمريكا واقتنع بأن 99% من أوراق الحل بيد أمريكا. أنا ليست في موقع المدافع عن الرئيس البشير ظالما أو مظلوم وليست من الذين يؤمنون بتبسيط الأمور ورؤية الألوان إما أبيض أو أسود، فللبشير وحكومته أخطاء كثيرة ومن بينها أخطاؤهم الفادحة في قضية دارفور التي جلبت عليهم كل هذه المشاكل فالحكومة السودانية ممثلة في رئيسها البشير قامت بأخطاء فادحة في معالجة هذا الملف وخاصة في بداية النزاع وليس هذا محل التحليل لهذه الأخطاء المرتكبة ولكن وبكل بساطة لو كان البشير وحكومته من المنبطحين والمستسلمين لشرطي العالم والمسبحين بحمد توجهاتها وخطتها في المنطقة وفي العالم لما تحولت هذه الأخطاء وفي وقت وجيز إلى مجازر حرب وإبادة وأعمال عنصرية وإن أفنت نصف الشعب السوداني وليس شعب دارفور فحسب. وبناء عليه فعلى الدكتور المرزوقي أن لا يستبشر كثيرا بإصدار هذه المذكرة ضد الرئيس البشير والحال أنها ستزيد من تبعية الأنظمة العربية العميلة والمرتمية في أحضان الامبريالية والصهيونية و في تسريع وتيرة تنازلها عن ثوابت الأمة وفي مقدمتها قضية فلسطين في مقابل مزيد الإجرام ضد شعوبها وهم في غاية الاطمئنان لأنهم قد دفعوا الثمن الذي نحسب أن الرئيس البشير رفض و يرفض أن يدفعه حتى وإن أدى الأمر إلى مثوله أمام المحكمة الدولية.   عن أي عدالة دولية نتحدث والعدو الصهيوني الذي ارتكب ولا يزال مجازر حرب وإبادة جماعية في حق أهلنا وشعبنا في فلسطين وغزة خاصة على مرأى ومسمع كل العالم أي أن العالم كله شاهد، إذا أن السيد أكمبوا يتحدث عن 30 شاهد ضد البشير في مذكرته الأخيرة فهل يستطيع أن يمس جندي صهيوني واحد أو توجيه له أي اتهام والحجة أن إسرائيل ليست عضوا في هذه المحكمة، فالسودان أيضا ليس عضوا، وليس هناك أي قوة في العالم ذي القانون الدولي الأعرج أن يمرر هذه القضية إلى محكمة الجنايات الدولية من خلال مجلس الأمن كما تم تمرير قضية دارفور في سنة 2005 فالفيتو الأمريكي والفرنسي والبريطاني بالمرصاد. أي محكمة هذه التي نستبشر بلائحة اتهامها وننتظر منها إنصاف المستضعفين في الأرض تصدر لائحة اتهام في قضية “يشهد” عليها 30 شاهد فقط في حين لا تستطيع أن تنظر مجرد النظر في قضية يشهد عليها العالم بأسره.  ما رأيك يادكتور لو قدر للتقرير الذي أصدرته منظمة العفو الدوليةAmnesty  حول المجزرة لتي ارتكبت في غزة، أن يصل إلى أروقة مجلس الأمن الدولي، والذي حملت فيه المنظمة حماس جزء من المسؤولية عما حدث لأهلنا في غزة وبقدرة قادر حول هذا التقرير إلى محكمة الجنيات الدولية، بطبيعة الحال بعد أن يتم تنقيته من كل ما يمت بصلة إلى المجازر المرتكبة من قبل العدو الصهيوني التي لم يغفل التقرير الأصلي بعضها ، وأصدرت هذه المحكمة بناء على صلاحياتها مذكرة توقيف في حق المناضل أبو العبد إسماعيل هنية بصفته المسؤول الأول عن حماس في قطاع غزة التي يتهما التقرير بارتكاب مجازر حرب بجعلها المدنيين كدروع بشرية أمام الدبابات والطائرات الصهيونية!!  هل هذا ممكن أن يحدث يا دكتور في هذا العالم ذي القانون الدولي الأعرج ؟ أنا شخصيا لا أستبعد حدوث مثل هذا وحتى أكثر منه أما أنت فلا أضنك ستسبشر هذه المرة كما استبشرت في مذكرة البشير!! نحن العرب نعاني من معضلتين أساسيتين، الاستبداد والهيمنة الخارجية وجزء منها الاحتلال فنحن الشعب الوحيد في العالم الذي لا يزال جزء من أرضه تحت الاحتلال ممثلة في فلسطين وحكامنا مستبدون بنسبة 99.99% بدرجات متفاوتة بطبيعة الحال،وقد يكون البشير أفضلهم حالا، ولكن البعض وهم الأقلية يشتركون كغيرهم في معضلة الاستبداد ولكنهم لازالوا يبدون شيئا من الممانعة لمعضلة الهيمنة والاحتلال. فهؤلاء وإذا استمرت المعادلة الدولية على ما هي عليه اليوم ومد الله في أعمارنا هم وحدهم من سنراهم يمثلون أمام هذه المحاكم الدولية الواحد تلو الآخر إذا ما استمروا على نهجهم في الممانعة ضد الهيمنة والاحتلال وما البشير إلا البداية، عقابا لهم ومزيدا في تركيع الآخرين حتى تثخن هذه الأمة وتسلم أمرها بالكامل كخادم مطيع وكسوق كبيرة اقتصاديا للمشروع الصهيوني في المنطقة الذي ما استنبت إلا لتحقيق هذه النتيجة. أما البقية الباقية وللأسف هي الأكثرية الغالبة من الحكام فقد تميزوا بأن أخذوا نصيبهم وبامتياز في المعضلتين فزيادة على تمسكهم بالاستبداد كوسيلة لإدارة شؤون الشعوب والأقطار التي ابتليت بهم فقد تميزوا كذلك بأنهم ومنذ أنور السادات صاحب مقولة “أن 99% من أوراق الحل بيد أمريكا” قد ساروا وبدون رجعة في هذا المسار وأصبحوا خدما مطيعين للإدارة الأمريكية وللغرب عموما في المنطقة. هؤلاء يا دكتور وباستمرار المعادلة على ما هي عليه فإننا لن نستبشر بإصدار مذكرة توقيف ضد أحدهم أو مثوله أمام محكمة دولية وإن أفنوا كل شعوبهم فهم أبعد من أن يرتكبوا التعذيب أو الاغتصاب أو الإبادة الجماعية في منطق القانون الدولي الأعرج السائد الآن !!!


المظلمة الدولية في حق العرب

بقلم : النفطي حولة – بتاريخ 5 مارس 2009 -ناشط نقابي وحقوقي


ليس من الغريب أن تصدر محكمة الجنايات الدولية برقية ايقاف ضد الرئيس الشرعي للسودان بل كان أمرا متوقعا  . فمنذ سنوات  والحلف الأطلسي بزعامة أمريكا  يتحرش بالسودان  وصدرت بعض القرارات الظالمة في شأنه  كالمقاطعة الاقتصادية  والمقاطعة الديبلوماسية وكان أشدها العدوان المباشرالذي نفذته الطائرات الأمريكية بتعلة أن السودان يأوي الارهاب والمنظمات الارهابية .  وليس بالغريب أيضا على الحلف الأطلسي المعادي للأمة العربية  في طموحتها المشروعة في الوحدة والتحررأن يصدر القرار تلو القرار مستغلا بذلك ما يسمى بمجلس الأمن او محكمة الجنايات الدولية  ضد بعض الدول العربية التي لم تكن موالية لسياساته كما جرى لليبيا و للعراق  ولبنان  والعدوان على غزة ليس علينا ببعيد. فكان الأولى بهذه المحكمة الموقرة والتي تلتزم  بعلوية القانون الدولي أن  تحاكم مجرمي الحرب الحقيقيين من باراك مكسر أيادي الأطفال وجزار قانا الى شارون جزار الأطفال مرتكب مجزرة جنين الى بوش المجرم في حق شعبنا في العراق مرتكب أبشع المجازر في التاريخ من التعذيب في سجن أبو غريب الى الفلوجة الى الأنبارالى ناتانياهو مجرب الحرب على غزة الصامدة . فأين حرص هذه المحكمة على تطبيق القانون وعلويته لما جرى للعراق كدولة عضو في الأمم المتحدة  وذات سيادة  تنتهك سيادته وتصبح دولة محتلة  ويحاكم رئيسها الشرعي الشهيد صدام حسين ظلما وعدوانا ؟ فأين حرص هذه المحكمة مما جرى من مجزة دمها لم يجف بعد بغزة الأبية على الرغم من أن الجريمة يشهد عليها شعوب العالم قاطبة وبعض المنظمات الانسانية العالمية المستقلة؟ فأين حرص هذه المحكمة التي تزعم أن شغلها الشاغل هو تطبيق القانون من الحصار الجائر على شعبنا في غزة الصمود والكبرياء ؟ أين هذه المحكمة  من دم شعبنا الفلسطيني في كل المجازر التاريخية المرتكبة من دير ياسين الى صبرا وشاتيلا الى قانا الى جنين الى رام الله الى غزة ؟ لماذا لا تصدر برقية ايقاف فوري في مجرم الحرب  بوش ؟ لماذا لاتصدربرقية ادانة وتفتيش في مجرم الحرب شارون ؟ لماذا لاتصدر برقية ادانة وتفتيش  في مجرم الحرب باراك ؟ لماذا لا تصدر برقية ادانة وتفتيش في مجرم الحرب ناتانياهو ؟ لماذا لا تصدر برقية ادانة وتفتيش في مجرمة الحرب ليفني ؟ فالصهاينة هم من ارتكوا المجازر الفضيعة حتى في دارفوربواسطة عملائهم  وهم من لهم مصلحة مع الحلف الأطلسي بقيادة أمريكا في تفتيت السودان  والاعتداء على سيادته الوطنية. كيف لا وهم يعدون السيناريو المحكم منذ سنوات  بل وعطلوا كل مبادرات السلام  في الشمال وفي  الجنوب وها هي أخيرا مبادرة الدوحة التي كانت كل الدلائل  تشير الى نجاحها توئد قبل أن تولد. ان الواقع المريرالذي تعيشه أمتنا العربية تاريخيا علمنا أن حلف الأعداء المتمثل في الامبريالية والصهيونية والرجعية سيظل جاثما على صدر ها . ولن يكون لنا مستقبلا الا بالخيار الوحيد الذي تملكه الأمة بارادتها هو خيار المقاومة المشروعة في سبيل سيادتها وحريتها و وحدتها ومناعتها  رغم حقد الحاقدين وشماتة الشامتين .    

إعتقال البشير: عدالة عوراء


 
عبد الباري عطوان قرار المحكمة الجنائية الدولية باعتقال الرئيس السوداني عمر البشير بتهمة ارتكاب جرائم حرب ضد الانسانية يعكس مدى قيمة العرب وزعمائهم، معتدلين كانوا أم ممانعين، في نظر الغرب والمؤسسات الدولية التي تخضع لنفوذه. قبل ان يساء فهمنا، لا بد من التأكيد بأننا، نحن ضحايا المظالم الاسرائيلية، وما يتفرع عنها من مجازر، وتشريد، وتعذيب، ونهب أوطان، لا يمكن ان نقف مع الجرائم التي تعرّض، ويتعرّض لها، أبناء دارفور، وسواء كانت من قبل أطراف تابعة للحكومة السودانية، أو المتمردين عليها. معالجة الحكومة السودانية للأوضاع في دارفور اتسمت بالعجرفة، واستخدمت العنف المفرط ضد خصومها، الذين تمردوا عليها، وارتكبوا جرائم ضد الانسانية أيضاً بدعم خارجي، واسرائيلي في بعض جوانبه، فهذه الحكومة لم تقدر حجم الأزمة، ولجأت في البداية إلى تسطيحها وتبسيطها، ولم تعطها الاهتمام المطلوب، وتعاملوا معها بأساليب واجراءات غير علمية وغير منطقية، الأمر الذي دفع العالم الغربي إلى التدخل، واستخدام هذه المسألة كورقة ابتزاز ضد حكومة وقفت دائماً إلى جانب القضايا العربية والافريقية العادلة، وحافظت على وحدة السودان. السودان مستهدف لأن ثورة الانقاذ التي أخذت بيده في ظرف حرج، ومنعت انهياره، رفضت العدوان الأمريكي على العراق، وكل مشاريع الهيمنة على مقدرات العرب وقضاياهم، واستخرجت النفط رغم الحصار الغربي، وحققت مصالحات داخلية بالتزامن مع تطوير لافت في خطط التنمية، وترسيخ الخيار الديمقراطي، وترتيب انتخابات حرة ونزيهة، وفتح أبواب البلاد مجدداً أمام جميع فصائل المعارضة للعودة والمشاركة في العملية السياسية. المخطط الأمريكي – الاسرائيلي نجح جزئياً في فصل الجنوب عن الشمال، وهو الآن يريد تقسيم الشمال بسلخ دارفور عنه، في اطار عملية تفكيك محكمة ومدروسة بعناية يتم رصد المليارات لها. وليس غريباً ولا مفاجئاً ان يتخذ السيد عبد الواحد نور زعيم حركة تحرير السودان الدارفورية من اسرائيل الداعم الرئيسي، ويفتتح مكتباً لحركته في القدس المحتلة. ”’ مشكلة الرئيس البشير ليست محصورة في دارفور، وانما في عدم انضمامه إلى محور الاعتدال العربي، واختياره الخندق الآخر المقابل لمشاريع الهيمنة الأمريكية، فلو فتح سفارة لاسرائيل في الخرطوم، وأيّد الغزو الأمريكي للعراق، ووقع معاهدة بوصول مياه النيل إلى فلسطين المحتلة، لربما عندها كان باستطاعته ابادة شعب دارفور عن بكرة أبيه دون أن يعترض أحد. تفكيك السودان لو تم، وفق المخططات الأمريكية الغربية، يعني تحويله إلى دولة فاشلة على غرار ما حدث في الصومال وافغانستان وجزئياً في العراق، وتهديد أمن واستقرار تسع دول أفريقية تحيط به وعلى رأسها مصر، وتفجير حروب أهلية وعرقية قد تمتد لسنوات وربما لعقود. تدمير افغانستان واطاحة نظامها حوّلاها الى دولة فاشلة وملاذ آمن لاكثر تنظيمين متطرفين في العالم، اي ‘طالبان’ و’القاعدة’، وتغيير النظام في العراق ادى الى القاء عجلة انقاذ للتنظيم الثاني، اي ‘القاعدة’، وقد كلفت هذه المغامرات الدموية الولايات المتحدة اكثر من 800 مليار دولار حتى الان مرشحة للارتفاع الى خمسة تريليونات دولار، مثلما كلفت العالم الانهيار المالي الذي يعيشه حاليا، ومن المتوقع استمراره لعامين آخرين. الذين يسعون الى تفكيك السودان ينسون ان الضغوط التي مورست على هذا البلد من قبل الولايات المتحدة وحلفائها العرب، وادت الى ابعاد زعيم تنظيم القاعدة الشيخ اسامة بن لادن ونائبه الدكتور ايمن الظواهري، ادت الى حدوث نقطة تحول في تاريخ هذا التنظيم وما يسمى بالارهاب في العالم بأسره، فقد كان الرجلان منخرطين في معارضة سلمية، واقامة مشاريع زراعية وعمرانية، ولو لم يطردا من السودان لما سمعنا بتنظيم القاعدة، ولما جرى ما جرى في احداث الحادي عشر من ايلول (سبتمبر) عام 2001. الامريكيون قادة العالم الغربي يريدون عملاء وليس حلفاء، فقد تجاهلوا أبعاد الرئيس البشير نفسه للاسلاميين وقادة القاعدة في بلاده، مثلما تناسوا تسليمه لكارلوس الذي يقبع حاليا في احد السجون الفرنسية، وانخراطه في مفاوضات مهينة مع المتمردين في الجنوب وتوقيعه اتفاق مصالحة مذلاً معهم، وجاءت مكافأته بتفجير ازمات دارفور. السودانيون شعب يتمتع بأعلى درجات الكرامة وعزة النفس، ولا يمكن ان يسمح بتسليم زعيمه ليقف امام محكمة الجنايات الدولية كمجرم حرب، وسيجد دعما من كل الشعوب العربية والافريقية، وسيجد العالم نفسه امام حرب حقيقية بين الشمال المتغطرس والجنوب المتمرد. ”’ نحن مع القانون الدولي وتطبيقه شريطة ان لا يكون هذا التطبيق بطريقة انتقائية، او ان تكون العدالة الدولية ‘عوراء’ ترى ‘جرائم’ العالم الاسلامي وتضخمها من خلال آلتها الاعلامية الجبارة، بينما لا ترى جرائم الغرب والاسرائيليين في حقنا، وهي موثقة بالصوت والصورة، وآخرها مجازر غزة. قالوا لنا وعلى مدى الاعوام الثلاثة الماضية، ومن خلال حملات اعلامية مكثفة، ان النظام السوداني ذبح 600 الف شخص في دارفور، لنكتشف ومن خلال قرار المحكمة الاخير ان العدد تراجع الى 35 الفاً فقط، فكيف نثق بهؤلاء وعدالتهم واعلامهم وفرق تقصي الحقائق التابعة لهم التي جاء بعضها بمثل هذه الارقام؟ مقتل انسان واحد هو جريمة يجب ان يعاقب مقترفها، لا شك في ذلك، ولكننا نتحدث هنا عن عمليات التسييس المتعمد لقضايا حقوق الانسان من اجل أجندات انتقامية، ولاستهداف انظمة وشعوب لتحقيق مصالح استعمارية، جوهرها الهيمنة السياسية والاقتصادية في معظم الاحيان. نحن مع تسليم الرئيس البشير الى المحكمة الجنائية، بعد تجميد قرار اعتقاله هذا لمدة عام، شريطة ان يتم خلال هذا العام اصدار المدعي العام نفسه قرارات باعتقال الرئيس الامريكي جورج بوش، وحليفه توني بلير مبعوث السلام بتهمة ارتكاب جرائم حرب ضد الانسانية لمسؤوليتهم الموثقة عن قتل مليون ونصف المليون عراقي أثناء الاحتلال ومليون طفل قبله بسبب الحصار، بعد ان تأكد وبعد خمس سنوات من هذا الاحتلال اكذوبة اسلحة الدمار الشامل التي اتخذت ذريعة لشن هذه الحرب وفرض الحصار قبلها، مثلما نطالب ايضا باعتقال قادة اسرائيل الثلاثة المتورطين في جرائم الحرب في قطاع غزة، وهم ايهود اولمرت رئيس الوزراء، وتسيبي ليفني وزيرة الخارجية، وايهود باراك وزير الدفاع، وجرائم هؤلاء موثقة، واستخدامهم للفوسفور الابيض شاهده العالم بأسره عبر شاشات التلفزة. اننا نقف الآن امام سابقة تاريخية قد تغير شكل القارة الافريقية، والمنطقة العربية، ايضا، وتخطئ الولايات المتحدة والدول الغربية الاخرى اذا كانت تعتقد انها بتعاملها الانتقائي في مسائل العدالة وانتهاك حقوق الانسان، واستهدافها العرب والمسلمين على وجه الخصوص، ستخرج رابحة هذه المرة، لان عواقب هذا التمييز العنصري في تطبيق القانون الدولي قد تكون اكبر بكثير مما تتصور، اذا لم تتم معالجة هذه المسألة بحكمة ومرونة، فقد طفح كيلنا والطوفان قد يكون وشيكاً.
 
(المصدر: صحيفة “القدس العربي” (يومية – لندن) الصادرة يوم 5 مارس 2009)
                                                                    


وداعا إفريقية….. شكرا لكم قيادة و شعبا..

الصحفي المنفي في وطنه عبدالله الزواري


** شكرا لكم قيادة: لم يكن همنا يوم انطلقت قافلتنا نحو غزة.. لم يكن همنا يومها أن نتعرف على أنظمة قيل لنا عنها الكثير و ما سمعناه كان أكثر.. لم يكن همنا أن نعادي نظاما ولا أن نخاصمه ولا أن ننشر غسيله… لكنكم أبيتم علينا هذا الحياد… وأبيتم علينا أن لا نضعكم في بؤرة الاهتمام… سمعنا عنكم الكثير… وكنا نميل إلى اعتبار أن هناك قسط من المبالغة فيما نسمع.. لأن البعض مما نسمع لم يكن يدر بخلدنا أن مثله يمكن أن يقع في بلد مثل بلدكم على بعد ساعة من ضفاف شمال المتوسط.. كانت رحلتنا مناسبة جيدة لنراجع كثيرا من أفكارنا حول النظام الذي أقمتموه، و عن حقوق الإنسان، عن حقوق المرأة و تحررها، عن الشعارات التي تكتب بالخط العريض على الصفحات الأولى من العديد من الصحف في مناسبات معلومة… كان الكثير من أبناء بلدكم يتحدثون عما تعرضوا له و يتعرض له آخرون من هرسلة ومضايقات وانتهاكات لأبسط الحقوق التي – و للغرابة- قد صادق عليه بلدكم دون تحفظ لكنها في الواقع لا وجود لها إلا في الأحلام الوردية التي قد تنعش خيالات معارضيكم أو في الخطابات الطنانة الرنانة لبعض الأبواق التي خلناها قد انتهى زمنها مع عصر الإعلام الإلكتروني  و الاتصالات فائقة السرعة لكن لا يزال أمامها بقية من عصرها الذهبي عندكم.. كنا نحسب أن لديكم من الحكمة ما يجعلنا نقف منكم على الحياد إن لم نقل إلى جانبكم لكن مع الأسف أن ذلك لم يتحقق و  قد قصر فهمنا و إدراكنا عن فهم هذا العداء السافر لأناس مسالمين جاؤوا إليكم عابرين…و حق لبعضنا أن يتساءل : هل ما تعرضنا له يشرف هذا البلد؟ و يشرف نظامه و رجالاته؟ هل يعمل من اتخذ هذه القرارات لصالح بلدكم و الحزب الحاكم    و رجال الحكم أم يعمل لحسابات أخرى؟؟ فغريب غريب مثل هذه القرارات و غموض هائل يلفها.. لكن الأيام كفيلة للإعلان عن الحقيقة و فضح المتسترين وراء أحزاب غير أحزابهم و شعارات غير شعاراتهم… أيها القادة : نعترف  أننا قصرنا في حقكم… و ما كان لنفعل ذلك… قصرنا في “الدعاية” لأشخاصكم… قصرنا في الاستفادة من حكمتكم… قصرنا في التبرك بقداستكم… لذلك حق لكم أن تفعلوا بنا ما فعلتم.. و لكم الشكر الجزيل لتمكينكم إيانا من معرفتكم على حقيقتكم. وأنتم يا أهل إفريقية:  معذرة إن كنا قصرنا في حقك… و صمتنا طويلا عما يقترف ضد أبنائك.. معذرة إن ضللتنا دعاية تصرف عليها ألاف الآلاف من الدنانير لا لتنمية أنت في أشد الحاجة إليها و لا لتعليم يفقد من سمعته مع الزمن و لا… معذرة إن تركناك لوحدك في مواجهة آلة سخرت لها بكرم لا يضاهى مقدرات بلد  لا يزال يعاني منذ عشرات السنين من الاستبداد و الفساد… معذرة فقد رأينا بأم أعيننا ما لم تصدقه آذاننا… رأت “نورا بنات” و  “ميزانين بهيجي” ما كانتا و كنا تسمع عن الخمار في البلد وعما تتعرض له من رأين في الخمار تحررا حقيقيا لهن.. رأت “نورا” و”ميزانين” الفظاظة تمشي على حافرين… وتذكرتا جولاتهم في أحياء لندن ومرورهن أمام سكوتلنديارد ولا خشية عليهما من قريب أو بعيد… ذكرتا عون الأمن هناك، يختلف عنها عقيدة وثقافة و جذورا لكنه اشترك معها في المواطنة و لم ير في البزة التي يلبسها تأشيرة للاعتداء على من يخالفه العقيدة و الثقافة و الجذور و انتهاك أبسط حقوقه… وفي بلدكم عرفتا التهم الجاهزة…. فقد اتهمتا بالجوسسة لكنهما لم يعلما لفائدة من تعملان؟؟ أما John Herson »” فقد أمضى حياته مناضلا نقابيا صلب المراس.. وشهد الإضرابات العديدة  ومشى في مختلف المسيرات المنددة بالعدوان الأمريكي على العراق  و المساندة للشعب الفلسطيني الأعزل… مسيرات تضم عشرات الآلاف –بل مئات الآلاف- أحيانا.. و لم يحدث أبدا أن شتمه رجل أمن أو هدده أو تطاول عليه.. و لعل أبرز من استفاد من رحلتنا الصديق الشاعر Greg Cullin..فقد أراد كتابة عمل مسرحي عن غزة الأبية و ما لحقها من تمدن وتحضر بفعل آلات الدمار الغربي بأيد صهيونية و تحت أعين الأشقاء و الأصدقاء و الجيران، ولم يكتف بما قرأ وسمع  بل أراد أن يكون شاهد عيان فمن قديم قيل ليس من شهد كما سمع… وفعلا ها هو قد رأى ما يجعله يتفهم ما حدث في غزة… معذرة… نحن نعلم أنكم من شمال البلاد إلى جنوبها تودون لقاءنا و تشجيعنا لكنكم قد حالت دونكم ودوننا الحوائل.. و قد تجلى حبكم لنا عند مغادرتنا أرضكم.. و نحن لن ننس لكم ذلك الترحاب العفوي الذي أنسانا الكثير من وعثاء الطريق وغبرائه لكنه لم و لن ينسنا تلك التصرفات التي لم تكن يوما واردة في مخيلاتنا الأشد سوداوية.. و قد أدركنا أسباب ما لحق بغزة و أهلها عندما اكتوينا بما نال أحباء غزة و مساندي سكانها من عنت و أذى.. أدركنا سبب طول اليد الصهيونية العابثة في غزة لأنها أياد لا يدا واحدة.. و لن ننس أبدا  ذلك المشهد الخاشع في ” القرار” قبل مدنين بقليل عندما منعنا من دخول المدينة ليؤدي بعضنا شعائره الدينية… فكان أن لبى هؤلاء نداء ربهم ففرشوا سجاجيدهم وأذن مؤذنهم  معلنا إقامة صلاة الجمعة في البراح… و قام ذلك الهندي المسلم خطيبا وواعظا.. كم من جنسية جمعت تلك الصلاة… إنها عظمة دينكم جمع بين الأبيض و الأسود  والأصفر.. جمع في صف واحد بين الهندي و الباكستاني و التركي و البريطاني و العربي … في اتجاه واحد وراء إمام واحد.. فالتحق الكثير منكم بهؤلاء المصلين في الهواء الطلق… لا نعلم- إن مكثنا في ضيافتكم- هل كان سيسمح للمسيحيين منا بأداء طقوسهم يوم الأحد أو لليهود من الذهاب إلى دور عبادتهم يوم سبتهم… رغم أننا كثيرا ما سمعنا عن كرم الضيافة عندكم خصوصا أيام “الغريبة” لأبناء عمومتكم القادمين من مختلف بلدان أوروبا  و من إسرائيل بالذات و قد بلغ مدى تسامح قيادتكم و تفهمها أن رحبت بقدوم اليهود من إسرائيل مباشرة دون حاجة للالتفاف عبر دولة أخرى… عرفنا الآن كيف يحال بين المعارضين و المهتمين بالشأن العام و وبين حضورهم ندوات و اجتماعات و تنقلات و إلقاء محاضرات… ألم نجبر على السير بسرعة بضع كيلومترات في الساعة قبل مغادرة بلدكم؟؟ أحبابنا، إخواننا، رفاقنا: اطمئنوا فلسنا قصيري النظر و لم نصب بعد بداء النسيان السريع فلم  و لن ينسنا ما رأينا و نحن  على وشك أن نطوي صفحة مؤلمة لرحلة الخمسة آلاف ميل..إن استقبالكم العفوي و الأخوي والخالص حبا للذين خرجنا من أجلهم… لن ننس أبدا كرمكم.لن ننس هداياكم البسيطة، لن ننس قصاع الكسكسي، لن ننس زغاريد النساء و هتافات الشبان… لن ننس، تأكدوا أننا لن ننس… ختاما نقول لكم قيادة و شعبا إننا لن نعود من هذا الطريق لكن ستسمعون عنا و منا ما يسر بعضكم ويغيظ آخرين… ألم يقل قرآنكم: “وأنْ ليس للإنسان إلا ما سعى، وأنّ سعيه سوف يرى” عبدالله الزواري جرجيس، في 4 مارس 2009 (المصدر: موقع الحوار.نت (ألمانيا) بتاريخ 5 مارس 2009)


القضاء التونسي يبرئ المرحوم أنيس الشوك الذي دفع حياته ثمنا لتلك البراءة إثر إضراب جوع دام 73 يوما


تم يوم أمس الأربعاء 04-03-2009 بمحكمة الجنايات بقرمبالية بولاية نابل اصدار الحكم في قضية سلب أموال بالقوة والتي كان طرفا فيها المرحوم أنيس بن عبد السلام الشوك الذي رفض بكل قواه التهمة الكيدية والملفقة بحقه وقد فارق الحياة بعد الامتناع عن الطعام والاضراب جوعا داخل سجن مرناق بولاية بن عروس بتونس لمدة 73 يوما مشترطا فك الاضراب بإطلاق سراحه وقد راسل أخوه محمد الشوك في الغرض وزارة الداخلية ووزارة العدل والإدارة العامة للسجون والاصلاح والوكيل العام للجمهورية كما نشرت منظمة حرية وانصاف الحقوقية عديد النداءات خلال فترة الاضراب راجية الجهات المسؤولة التدخل لإنقاض حية أنيس لكن أخذته يد المنون دون أن تحرك أي جهة أي ساكن . واليوم بعد6 أشهر من موارات مدينة دار شعبان الفهري شهيد الحق في 30 7 2008 يأتي ختم القضاء وحكمه بعدم سماع الدعوى في حق المرحوم أنيس الشوك وقريبه نزار بن أحمد كوتي وإدانة الطرف الثالث في القضية علما بأن الضحية أكد في أكثر من مرحلة من مراحل البحث عدم مشاركة أنيس ونزار وعدم معرفته بهما مؤكدا تورط الطرف الثالث وقيامه بالعملية بمفرده ودون حضور الآخرين. الحق يعلو ولا يعلى عليه ولكن أنيس الشوك ضرب للجميع مثلا في الدفاع عن حقه وعن عرضه وعن شرفه صحيح كل نفس ذائقة الموت ولكن عش عزيزا أو مت وأنت كريم لقد تحقق في أنيس المثل القائل يضع الله سره في أضعف خلقه .. أنيس الذي كان يعاني البطالة ويتجرع مرارة الانقطاع المبكر عن الدراسة منذ سنواته الأولى والذي ليس له باع لا في السياسة ولا في الجمعيات والمنظمات والذي لم يشارك لا في دورات تكوينية ولا حلقات في أدبيات النضال المدني قدم درسا لكل السياسيين ورموز وقواعد المجتمع المدني في المطالبة بالحقوق والثبات عليه دون حسابات ولا تكتيكات ولا مزايدات.. أنيس الذي حطم الرقم القياسي في عدد أيام الجوع دون أن  تلتفت إليه المنظمات والأحزاب السياسية بل ربما لم تعلم به أصلا ما عدى حرية وانصاف يؤ كد الشرخ العظيم الحاصل بين التكتلات السياسية والمنظمات المداقعة عن حقوق الانسان وبين المواطن البسيط الذي لا يفقه السياسة ولا العمل الحزبي.. صيحات الفزع التي نشرت على المواقع الإلكترونية من أجل انقاذ حياة أنيس كما كانت موجهة للسلطة فهي بنفس الحرص والمسؤولية كانت موجهة لكل المنظمات والجمعيات والأحزاب المارضة الذين يتصفحون تلك المواقع ويساهمون فيها قبل غيرهم لكن قدر الله وما شاء فعل وإنا لله وإنا إليه راجعون. لقد زجعت أم أنيس عند إيقافه وتألمت كثيرا وهي تشاهد فلذة كبدها يسير ببطئ نحو حتفه خلال إضراب الجوع واحتسبت للمولى عند وفاته وشكرت ربها عند سماع براءته معتبرة تلك البراءة العروس التي لم يتجوزها .. لم يترك لها لا مالا ولا كنوزا ولا عقارات ولكن ترك لها الكرامة والعزة والعفة والشرف. كلمة أخيرة لكل الأحزاب السياسية والجمعيات الحقوقية إذا كان الظلم جلي في حق المساجين السياسيين والوقوف إلى جانبهم ضروري فإن حالة أنيس الشوك ليست الوحيدة ولا الأولى ولا الأخيرة في ما يمكن أن يسلط من ظلم على مساجين الحق العام وهو ما يستوجب بذل قصارى الجهد في الدفاع عنهم ودفع الظلم عنهم وكشف كل الانتهاكات والخروقات المرتكبة خلال جميع مراحل البحث والإيقاف في حقهم فهم مواطنون مثل الجميع وإن أذنبوا فهم ضحايا قبل أن يكونو متهمين ضحايا القهر والتهميش والاحتقار والاستعلاء والسياسات الخاطئة والأمراض الاجتماعية بجميع أنواعها. إعادة الحياة لأنيس الشوك مستحيلة ولكن رد الاعتبار ممكن والحكم بالبراءة هي بدايته….. الحبيب ستهم 5-03-2009


الخميس 05 آذار (مارس) 2009 م  تونس: الحكم في قضية المـتـهـمـين بالتسبب في وفاة طيار أردني بإحراق ملهى

   


 

تونس- خدمة قدس برس قضت محكمة الجنايات بالعاصمة تونس فجر الثلاثاء (3/3) الجاري بإدانة تسعة متهمين تورّطوا في إضرام حريق بملهى ليلي بضاحية قمرت شمال العاصمة في تشرين ثاني (نوفمبر) 2006 نجم عنه وفاة طيّار أردني عثر على جثّته على عين المكان. وكان المتهمون قد هاجموا الملهى في التاريخ المذكور في ساعات الفجر الأولى متسلحين بعصي وأسلحة بيضاء انتقاما لطردهم تلك الليلة بسبب عدم دفعهم ثمن فاتورة استهلاكهم. وقد أقدموا على إضرام النار في المكان، وعثر فيما بعد على جثة الطيّار الأردني الذي قضى محترقا بعدما حاصرته النيران. وهي حالة الوفاة الوحيدة التي سجلت في الحادث. وتورّط في الحادث تسعة متهمين بينهم فتاتان، وصدرت في حقهم أحكام تراوحت بين السجن مدى الحياة و20 عاما و15 عاما و8 أعوام و6 أشهر. (المصدر: وكالة قدس برس إنترناشيونال (بريطانيا) بتاريخ 5 مارس2009)

     صـابر التونسي

سـواك حـار (116)

 


*ويلاحظ من متابعة حجم الجالية التونسيّة بالخارج تطورا متواصلا حيث تطورت الجالية خلال الفترة المتراوحة بين 1987 و 2007 من 436.806 إلى 1.018.173 أي بنسبة نمو سنوي تقدر بـ 4.3 ٪. (

ديوان التونسيين بالخارج)

لعلها نسبة النمو الحقيقية الوحيدة! … ماذا لو أضفنا أعداد الذين “ابتلعهم” البحر والذين يعيشون تحت الجسور أو في السجون  إلى عدد الجالية! … لو أن الهجرة أتيحت لمن أراد، لبقي “إبن تونس البار” يحكم نفسه!! *كما نلاحظ تراجع عدد جاليتنا بالجزائر خلال الفترة 1987-2006 بنسبة 6.6 ٪.

(ديوان التونسيين بالخارج)

ما الذي يبقيهم هناك؟ … “عريان يسلب في ميت”؟! كما تمثّل نسبة النساء والشبان في سنة 2005 ما يقارب 46 ٪ من مجموع الجالية التونسية.

(ديوان التونسيين بالخارج)

شباب تونس الذين خشوا على أنفسهم الغرق “ركبوا ظهور” عجائز الغرب لعبوره! … وأما بعض التونسيات فقد عبرن بطريقة أدهى وأمر!! لقد أولينا التونسيين بالخارج كل العناية نتابع مشاغلهم وأوضاعهم ونعمل على حماية حقوقهم في بلدان الإقامة وندعمها في التشريع وفي الممارسة. ونطوّر باستمرار قنوات التواصل معهم

(من البرنامج الانتخابي لـ “بن علي 2004 – 2009)

لا يكاد سجن من سجون الغرب يخلو من الشباب التونسي وما علمنا أن أحدا من المسؤولين سأل عنهم أو سعى لحل مشاكلهم! … باستثناء التنسيق المخابراتي في “شبهة” الإرهاب لمزيد التشفي منهم!

 
وكانت أغاني الهادي حبوبة، الذي شارف على عقده السادس، ممنوعة من البثّ الإذاعي والتلفزيوني الرسمي في عهد الرئيس التونسي الراحل الحبيب بورقيبة، الذي كان يرى في الفنّ الذي يستند إلى “آلة المزود  والكلمات الهابطة، إسفافاً بالذوق العام.” (…)ومع صعود الرئيس الحالي زين العابدين بن علي، عام 1987 إلى الرئاسة في تونس، انزاح الطوق عن أغاني حبوبة وأمثاله، حتى باتت تغلب الساحة الغنائية مقارنة بالألوان الأخرى. arabic.cnn إنه الحنين للماضي! … فكثير من القائمين على أمر “الثقافة” نشأوا مع “المزود” وصعب عليهم فراقه!! *وحضر السيد المنذر الزنايدى وزير الصحة العمومية صحبة والى اريانة في هذا الاطار بمستشفى محمود الماطرى باريانة حفل ختان اكثر من 285 طفلا من ابناء العائلات المعوزة من اقليم تونس الكبرى.

(وكالة تونس إفريقيا للأنباء)

شكرا سيادة الوزير فقد أشرفت على أمر محمود في حين يقوم نظراؤك ـ كل من موقعه ـ على “إخصاء” الشعب التونسي وكتم صوته! لقد أوعز “النظام” إلى إدارة الجباية بصفاقس بأن تغرّم معطر ربع مليار عليه أن يدفعها وهو لم يملك حتى ربعها وإلا فإن بيته إلى البيع بالمزاد العلني وإن عائلته إلى التشريد وفقدان المأوى … فهل نحن بعيدون كثيرا عن شارون وجرافاته التي تشرد الفلسطنيين وترحلهم من بيوتهم؟؟!

(أم زياد: كلمة)

لقد قارن أخ لك من قبل بين بن علي وشارون والسجون التونسية و”أبو غريب” فأرسل إلى سجن تونس ليقف على الفرق بنفسه! … نأمل أن لا يأتي الدور عليك لتقارني بين جرافات شارون وجرافات “التجهيز” لدينا!! سواك: صـابر التونسي

 
(المصدر: موقع “الحوار.نت (ألمانيا) بتاريخ 4 مارس  2009)


عطب طال انتظار إصلاحه


منذ ما يزيد  عن السنة والنصف تقريبا تعطبت اضواء الطريق في أحد اكثر شرايين منطقة منفلوري وهو الطريق الرابط بين شارع 13 أوت وساحة 9 أفريل وكذلك شارع جواهر لال نهرو الى جانب بعض مفترقات الطرق الاخرى في شارع طه حسين والقرجاني والسيدة المنوبية.. ورغم تشكيات المواطنين والاشارات المتواصلة لهذا العطب في وسائل الاعلام فان الحال ظل على ما هو عليه وظلت الفوضى وافتكاك اولويات المرور سمة هذه الطريق.. فمتى ستتحرك البلدية وبقية الاطراف المسؤولة لايجاد حل لهذه المعضلة المرورية؟ «المدينة المنتزه» اسندت اللجنة الوطنية لنظافة المحيط وجمالية البيئة مؤخرا بلدية  اريانة العلامة المميزة النهائية «المدينة المنتزه» وتقرر بهذه المناسبة تنظيم حفل استقبال يوم غد الجمعة بمنتزه بئر بلحسن باريانة. زيارة إلى قرية الأطفال sos بقمرت في اطار انفتاحها على محيطها ودعم رسالتها التربوية، تعتزم ادارة المدرسة الاعدادية النموذجية علي طراد بتونس 1 تنظيم زيارة الى قرية الاطفال الايتام sos بقمرت مصحوبة بما يزيد عن مائة تلميذ وتلميذة يرافقهم نخبة من الاساتذة والمرشد التربوي تترأسهم المديرة مصحوبين بهدايا رمزية تعكس بحق ما يكنه تلاميذنا ومربوهم من محبة وحنان وتضامن وتآزر علما وان هذه الزيارة ستتم يوم السبت 07 مارس الجاري بداية من الساعة الثانية والنصف ظهرا. (المصدر: جريدة “الصباح” (يومية – تونس) الصادرة يوم 5 مارس 2009)


تونس: وطن وبوليس ورشوة

بقلم: جيلاني العبدلي في مقهى البريد بالعاصمة شاءت الأقدار أن ألتقي في وسط العاصمة بزميل قديم، ممّن عرفتُ خلال مسيرتي المهنية. وقد انطلقنا لشرب شاي في مقهى البريد المقابل لمركز البريد بنهج أنقلترا، وكنت يومها أحمل في يدي مجلة فكرية بعنوان ” الفكر العربي المعاصر”.  وما إن تجالسنا نخوضُ في السؤال عن الأحوال، وننبشُ في الذاكرة المشتركة، حتّى طاف علينا من السّماء طائفٌ مجهول، ونحن منشغلون مستغرقون: اقترب منّا شخص في زيّ مدنيّ، سُرعان ما انحنى عليّ هامسا في أذني، يُخبرني بأنّه عون أمن، وأنّ عليّ أن أرافقه إلى خارج المقهى للقيام بالتحرّيات اللازمة.  رفعتُ إليه رأسي، وحملقتُ في وجهه ثم رحّبتُ به وسألتُه في أدب: ” أليس من المفروض أن تستظهر ببطاقتك المهنية أولا؟ “.  فما كان منه إلا أن وجّه إليّ سهام نظرات فوقية، فيها تعال وصرامة واستنكار -كأنني قد تطاولت على مقامه الرفيع حين سألته – ثمّ خاطبني قائلا: ” رافقني إلى خارج المقهى بعيدا عن الحرفاء، وهناك يكون حديثنا “.  قلتُ له بوضوح: “لا يمكن أن أرافقك قبل أن أعرف من أنت، عرّف بنفسك أولا”. عضّ على شفتيه، وقطّب جبينه، وعلى مضض مدّ يدهُ إلى الجيب الخلفي لبنطلونه، وأخرج منه بطاقته مُلوّحا بها من بُعد، ثم أعادها إلى جيبه دون أن أتوصّل إلى قراءتها أو فحص صورة حاملها، قائلا بلغة سُوقية: “هي ذا بطاقتي وس…دين والديك” وطالبني بأن أمكّنه من بطاقة هُويتي فورا. أمسكتُ عن محاورته لتخفيف تشنُّجه، وسلمّته بطاقتي وأنا أردّد في نفسي: ” اللهمّ صرّف يومي على خير، واجعل بيني وبين أعوان الأمن حجابا “. مسك صاحبنا البطاقة فقلّبها جليّا ودقّق فيها مليّا، ثم سألني بلغة رفيعة جميلة : ما هي همنتك يا سي…؟  فأجبته: مهنتي منصوص عليها في بطاقة هُويتي، أليس الأمر واضحا؟ قال لي: “إذا كنت فعلا تشتغل أستاذا بالتعليم الثانوي كما هو مدوّن هنا، فاستظهر بما يثبتُ ذلك”.  قلتُ له: ” يا رحمك الله، أليست بطاقة التعريف الوطنية أقوى إثبات؟ أليست كافية لإثبات مهنتي؟ ” ردّ عليّ، وقد ضاق صدره بمجادلتي: لا تعلّمني يا سيّدُ قواعد عملي، عليك أن تستظهر ببطاقتك المهنية لتأكيد وظيفتك، فمن يُؤكّد لي أنّك ما زلت على قيد التدريس، ربما تكون قد انقطعت أو طُردت، و بطاقة الهُوية لا تُجيب على ذلك”. قلتُ له: “حسنا، فهمتُ الآن من كلامك أنّ البطالة جريمة، وأن العاطل عن العمل مُتّهم، فإذا كان الأمر كذلك، وما دامت وزارة التربية والتعليم لا تُمكّن إطاراتها من بطاقات مهنية، اعتبرني مُجرما بصفتي لا أشتغل، وخُذ ضدي الإجراءات القانونية المناسبة. تبرّم ذاك العون من أجوبتي وحرفاء المقهى يسترقون السمع، وأحسّ بحرج شديد من مجرى الحوار لإحساسه أنني قد تجرّأتُ عليه، ولم أمتثل لأوامره، وأمرني بالوقوف في الحال لمرافقته إلى مركز الأمن.  خرجتُ أصحبه إلى حيث دعاني، وزميلي الذي كان يواكب فصول الواقعة في صمت يتبعنا بخطى وئيدة من غير حيلة، ولما ابتعدنا عن المقهى توقّف غير قريب منّي، وتولّى الاستعلام عنّي بواسطة جهازه اللاسلكي، ثم دنا منّي يُقرّعني بلسان سليط ومفردات مُخلّة بالآداب، قائلا: ” أنت… مُربّ تُؤدّب الصبيان ولكنك غير مُؤدّب، تجادلني في عملي وفي الوقت نفسه ترفض الإدلاء ببطاقة هُويتك، سأُلقّن …والديك درسا في المجادلة وعدم الامتثال”.  واصلنا طريقنا حتى بلغنا مركز الشرطة بنهج شارل ديقول، وفي مدخله صفعني مرة أولى، ثم مرة ثانية وهو يدفعني أمامه، مُشنّفا أذنيّ بقبيح الألفاظ إلى أن أدخلني إحدى الغرف، وأغلق بابها عليّ.  أمضيتُ حوالي ساعة أرثي لحظّي، وأنا أتأمّل ما انتقش في ذاكرتي  من صور قبيحة للبوليس التونسي، وللدور السلبي الذي يلعبه داخل المجتمع.  وبينما أنا كذلك أسبح في كوابيسي، إذ فتح أحد الأعوان باب غرفتي، ودفع إليّ ببطاقة هُويتي، وأذن لي بالخروج.  ولمّا غادرتُ مركز الأمن وجدتُ زميلي في الانتظار، وكان قد تدخّل لدى بعض الأعوان يتوسلهم لإطلاق سراحي، وأنا مدين له في الحقيقة بعتق رقبتي في ذلك اليوم.  قال لي- سامحه الله – وهو يُشاكسني، عندما كنّا نمشي على الرصيف: “حمدا على السلامة، ودفع الله ما كان أعظم”. في ذلك اليوم قدّم لنا عون الأمن درسا عمليا في حفظ الأمن في الوطن، وفي إشاعة الاطمئنان في النفوس، حين تدخل في الوقت المناسب لينغّص علينا جلستنا، ويحول دون تحييننا لعلاقتنا. قلتُ من ناحيتي لزميلي وأنا أُودّعه: ” معذرة على سوء الضّيافة، وإلى أن يُخرّب مجلسنا ويُعكّر صفونا بوليس آخرُ، في يوم آخر، في مكان آخر، أتركك بخير.   – يتبع جيلاني العبدلي: كاتب صحفي ناشط حقوقي وسياسي Blog : http://joujou314.frblog.net Email : joujoutar@gmail.com

 


الحرية أولا وأخيرا “إرهابنا” وإرهابهم

بقلم خالد الكريشي أعاد الحادث الإرهابي الذي وقع مساء الأحد الماضي بميدان الحسين بالقاهرة طرح موضوع الإرهاب بقوة من جديد على الساحة الدولية والذي أسفر على مقتل سائحة فرنسية وجرح العديد من السياح العرب والأجانب والذين تصادف تواجدهم هناك وهو عمل إرهابي بالدرجة الأولى لا يمكن تبريره بأي شكل من الأشكال بإعتبار أن له مظهر بسيكولوجي لكونه تعاطى مع الطبيعة الإنسانية النفسية من خلال حالة الهلع والخوف والرعب التي أحدثها وبإعتبار طبيعته اللاتمايزية إذ لم يميز بين رجل وإمرأة أو بين طفل وكهل  وعنصر المفاجأة التي أحدثها وعدم القدرة على التنبؤ بالنتائج التي أحدثها إضافة أخيرا للمحتوى السياسي الذي تضمنه فلم يكن هدفه دوافع ذاتية أو شخصية لينضاف إلى عديد العمليات التي شهدها العالم دون مبرر ديني وأخلاقي وقانوني. وهو عمل مدان ومرفوض من الجميع في وقت مازالت فيه الولايات المتحدة الأمريكية ثابتة على موقفها الرافض لعقد مؤتمر دولي حول الإرهاب بمشاركة جميع الأطراف المعنية لحل عديد الإشكالات المطروحة وتحديد ماهو الإرهاب ؟ومن هو الإرهابي؟ بالرغم من إصدار الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارها المؤرخ في 07 ديسمبر 1987 بأغلبية 153 صوتا ومعارضة إثنين (الولايات المتحدة والكيان الصهيوني) والداعي لعقد مؤتمر لتعريف الإرهاب والتمييز بينه وبين نضال الشعوب في سبيل التحرر الوطني ،وذلك بسبب رفضها التمييز بين الحركات الإرهابية من جهة ومنظمات المقاومة المسلحة وحركات التحرر الوطني لتحرير الإنسان والأرض وبسبب كذلك عدم إقرارها  بوجود إرهاب الدولة أصلا مقتصرة الإرهاب على الأفراد والجماعات والمنظمات دون غيرها وهو موقف متناقض ومردود عليه ضرورة أن وزارة الخارجية الأمريكية تصدر سنويا قائمة بالمنظمات والأحزاب الإرهابية والدول التي تسميها دول راعية للإرهاب وهي قائمة تتغير سنويا حذفا وزيادة حسب خضوع تلك الدول والمنظمات لسياسة الولايات المتحدة الأمريكية في المنطقة ومن بين الدول التي تداولت على القائمة أو التي مازالت على الآن (العراق سابقا ،سوريا ،إيران ،السودان ،ليبيا ،كوبا ،كوريا الشمالية…) والحال انه لو تم تطبيق المعايير القانونية الدولية بكل تجرد وموضوعية لأضحت الولايات المتحدة الأمريكية والكيان الصهيوني على رأس قائمة الدول الإرهابية. أما أن يتم حشر عمليات حركات المقاومة العربية في العراق وفلسطين ولبنان لتحرير الأوطان ضمن ظاهرة الإرهاب الدولي فذلك مرفوض ومدان ولا يستقيم أصلا لأن مثل هكذا عمليات أقرتها الشرائع السماوية (فمن اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُواْ عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ)البقرة : 194 ) ،والقوانين الوضعية والمواثيق الدولية فقد نصت الفصول 11،12،13 من ميثاق الأمم المتحدة على فكرة تقرير المصير كمبدأ قانوني وتتم ممارسة هذا الحق في إطار التنظيم الدولي المعاصر بأحد الطريقتين كلاهما قانوني ومشروع ،الأولى الوسائل السلمية كالاستفتاء على أن يكون تحت إشراف الأمم المتحدة والثانية إستخدام القوة المسلحة بواسطة حركات التحرر الوطني بمعنى أن من حق الشعوب المقاومة المسلحة فرادى وجماعات دفاعا عن حقوقها المسلوبة وإستردادها السيطرة على ثرواتها الطبيعية ،كما نصت المادة 51 من نفس الميثاق على :”ليس في هذا الميثاق ما يضعف أو ينقص من الحق الطبيعي للدول فرادى أو جماعات في الدفاع عن أنفسهم إذا وقع إعتداء مسلح على دول أعضاء في الأمم المتحدة وذلك إلى أن يتخذ مجلس الأمن التدابير اللازمة لحفظ السلم والأمن الدوليين” وهو نفس موقف الإتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب. وأصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة عديد القرارات التي أقرت فيها أن ما تقوم بها حركات التحرر الوطني ليس إرهابا وأضفت عليها صبغة المشروعية من ذلك القرار عدد 2189 المؤرخ في 13 بتاريخ 1966 والذي تضمن إعتراف صريح بشرعية نضال الشعوب الخاضعة لحكم الإستعمار من أجل ممارسة حقها في تقرير المصير وكذلك القرار رقم 3281 الصادر بتاريخ 12 نوفمبر 1974 والذي جاء فيه صراحة :” من حق جميع الدول منفردة ومجتمعة إزالة الإستعمار والعدوان الأجنبي والاحتلال والسيطرة الأجنبية”.بعد هذا من العيب والعار أن نصف المقاومة العربية بأنها إرهاب وأن نطلق على من يريد الإلتحاق بها بأنهم “إرهابيين” ونحاكمهم وفق قوانين دعم المجهود الدولي لمكافحة الإرهاب وغسل الأموال!!!. (عن جريدة مواطنون العدد  95 بتاريخ 04 مارس 2009)


بلطي لإيلاف: لا أحرّض شباب تونس على “الحرقة” والراب فن ملتزم


آمال الهلالي من تونس يعد بلطي من أبرز فناني الراب في تونس حيث تستقطب موسيقاه شريحة هامة من الشباب التونسي والمغاربي لاسيما وان هذا الفنان الشاب اعتمد أساسا على وسائل الاتصال الحديثة للتواصل وإيصال موسيقاه عبر الأنترنت لآلاف من المعجبين بموسيقى الراب والهيب هوب. ويتميز اللون الموسيقي الذي يقدمه بلطي بإيقاعه الأجنبي بكلمات عامية  تونسية مستوحاة من صميم الواقع وخاصة مشاكل الشباب الراهنة بدءا من البطالة والحرقة  والغربة والإدمان والتفسخ الأخلاقي وأصحاب السوء  إلى غير ذلك من المواضيع. و في رصيد هذا” الرابير” الشاب ثلاث ألبومات”اوريجينال ولد بلاد” و”اكستونسيون” والثالث سينزل قريبا للأسواق تحت عنوان”غلوبال كونيكشن”.  ايلاف التقت بهذا الموسيقي  عصامي التكوين للحديث أكثر عن تجربته الموسيقة واختياره لهذا اللون الغنائي الشبابي. بلطي يعرفك الكثيرن بهذا الاسم هل هو اسمك الحقيقي أم مستعار ؟ بلطي هو لقب العائلة واسم الشهرة واسمي الحقيق هو محمد صالح البلطي وعمري 27 سنة  فنان وموسيقي عصامي التكوين. وكيف دخلت لميدان الفن وتحديدا موسيقى الراب والهيب هوب؟ هو ليس اختيار فقد  كنت شغوفا منذ الصغر بسماع موسيقى الهيب هوب والراب  والبلاك اميركان  وتعودت أذناي على هذا اللون الموسيقي وحين كبرت اتضحت  لي الرؤية أكثر فأكثر وأدركت  أن الراب فن ملتزم على عكس الصورة السلبية التي يحملها الكثيرون عنه  فهو  يعبر فعلا عن واقع الإنسان  ومعاناته وشيئا فشيئا كبرت على هذه الموسيقى ونشأ في داخلي حب هذا اللون ولم أكتفي بالاستماع بل انطلقت في التوزيع الموسيقي  وكتابة كلمات الأغاني وفي سنة 2002 سجلت انطلاقتي  الحقيقية  من خلال إطلاق أول ألبوم “اوريجينال ولد بلاد” وشيئا فشيئا بدأت أعرف على نطاق واسع حيث دعاني المخرج التونسي محمد الزرن لكتابة وتلحين أغنية شريطه السينمائي  “الأمير” ثم خضت تجربة ثانية لكن هذه المرة في التوزيع  مع النوري بوزيد في  شريطه  “آخر فيلم”. النضج الفني أكيد  انه لم يأتي من فراغ هناك مراحل وتضحيات خاصة وانك لم تدرس الموسيقى  وانقطعت عن الدراسة باكرا واعتمدت على نفسك؟ فعلا  لقد انقطعت عن الدراسة منذ سن السادسة عشرة  ولأن الموسيقى في تونس لا تأكل خبز لم أفكر في احتراف الغناء وكنت أشتغل بالتوازي لتأمين لقمة العيش لكن مع ذلك ضحيت في سبيل هوايتي وأعطيتها من وقتي وجهدي والحمد لله وصلت لمرحلة صار لي جمهوري والمعجبين بما أقدمه من موسيقى لاسيما من من أبناء جيلي ألا يمكن اعتبار أن كلمات الأغاني والمواضيع التي تتطرق لها التي تعد نوعا ما من المسكوت عنها في مجتمعنا  كالتفسخ الأخلاقي والجنسي والإدمان والبطالة  هي التي ساهمت في الإقبال الكبير على موسيقاك؟ بالتأكيد فإذا لم أكن أنا الذي احكي عن مشاكل” أولاد بلادي” فمن إذا سيحكي عنهم وعن مشاغلهم وهمومهم ؟ موسيقاي تعكس الشارع التونسي ليس فقط الشباب بل الأم والأب والمجتمع بأدق تفاصيله. ألا تعتقد أن حسن توظيفك للتكنولوجيا الحديثة وخاصة الانترنت لإيصال موسيقاك ساهم بشكل كبير في معرفة الناس بك على نطاق عالمي؟ بكل تأكيد  فنحن لسنا معزولين على العالم فاعتقادي أن اختياري للانترنت ليس من باب الصدفة بل لمعرفة الشديدة بمدى تعلق الشباب التونسي به والتفاعل عبر المدونات أو الفيس بوك ومواقع الدردشة بشكل عام. كما ان الأنترنت أضحت وسيلة مهمة لإنزال ألبوماتي وتحميلها أو بيعها عبر الأنترنت بلطي لماذا اخترت العمل  بمفردك دون فرقة ومن دون الاستعانة بملحن أو شاعر فأنت تكتب وتلحن وتوزع؟ صراحة  وجدت نفسي محققا الاكتفاء الذاتي  في كل هذه المجالات بالتالي وجدت راحتي في العمل بمفردي وقد اشتغلت سابقا في إطار فرق ومجموعات شبابية موسيقة لكن التجربة لم تنجح مع احترامي للعناصر الذين اشتغلت معهم لكن الجمهور أحبني بشكل فردي في غناء”الصولو” تركيب كلمات عامية تونسية على الحان راب وهيب هوب غربية هل هو أمر سهل؟ في الواقع لست الوحيد  الذي قام بهذه التجربة هناك فرق تونسية أخرى من الراب والهيب هوب خاضوا نفس التجربة لكن كل شخص له بصمته وشخصيته والرسالة التي يريد ان يوصلها للمستمعين. بخصوص الكلمات ألا تعتقد أن كلماتك فيها نوعا ما من التحريض على الهجرة و التفسخ الأخلاقي خاصة وان فن الهيب هوب والراب لاطالما ارتبط بموسيقى الشارع وكلمات الشارع؟ بالعكس تماما أنا لا أحرض الشباب التونسي  لا على “الحرقة” ولا على التفسخ الأخلاقي بل احرص دائما على إنتقاء كلماتي بكل عناية صحيح انها  شعبية لكنها مهذبة يسمعها الأب والأم والأخت والصديق والصديقة وعشر ملايين تونسي . طبعا مع الحفاظ على جوهر الأغنية كما أني لا أقوم برقابة ذاتية على نفسي لأنها تقتل الإبداع. أنت تقطن في منطقة سيدي حسين السيجومي  الشعبية  أكيد انك استلهمت منها كلمات أغانيك؟ أنا ولدت في نهج القصبة بالمدينة العتيقة لكني أعيش منذ سنوات في منطقة سيدي حسين السيجومي  وهي  شعبية للغاية  و مصدر إلهامي هم شريحة الشباب من رفاق الحومة كبيرهم وصغيرهم من المثقف إلى الأمي والجاهل ومن المتدين إلى السكير والعربيد كل له همومه ومشاغله وأحلامه ونظرته الخاصة للحياة .أغانيا كلها مستوحاة من وضعيات حقيقة ومواقف من الحياة التي أعيشها أو عاشها أصدقائي او أفراد أسرتي وأقاربي. بلطي مواضيعك متنوعة لكن ألا تفكر مثلا في المضي قدما نحو مواضيع أكثر حساسية كالمثلية الجنسية والسيدا الى غير ذلك؟ لا أمانع  في ذلك بتاتا لأني اعرف تماما كيف امرر رسالتي للشباب الذي يسمعني فطريقتي في التعبير ليست همجية ولا تتجاوز الأخلاق بل أحاول دائما أن أوصل المعنى بطريقة مهذبة دون إحداث صدمة للمستمعين مثلا كلمات كهذه :  تخرج للشارع تضيع اليوم كيف تشوف أحوال الناس اللي حبلت في الحرام واللي مقطع من  الأحباس شوف الزطّال شوف اللي ياكل في الأرطال شوف اللي طال بيه الوقت بديبلومو بطّال شوف أحوال شوف اللي مطيح السروال شوف رجال ولاّو نساء ونساء ولآو رجال  فنحن في النهاية مجتمع عربي إسلامي لنا ضوابطنا الأخلاقية التي يجب احترامها وعدم تجاوزها. في السنوات الأخيرة بدأت فرق الراب الشبابية  منتشرة  بشكل ملحوظ  في تونس ماهو رأيك في هذه ظاهرة؟  الراب في تونس ظهر منذ التسعينات من خلال أسماء كبيرة  كسليم الارناؤط وفيلوزوف وتيمان ومجموعة أولاد بلاد التي كنت انتمي لها  صحيح أنها تطورت لاسيما فرق الهيب هوب لكنها ظلت تعمل بشكل خفي في إطار الهواية. ولماذا حسب اعتقادك؟ لان هناك بعض الأشخاص وأقول بعض أعطوا للأسف صورة سيئة عن موسيقى الراب والهيب هوب ف”الرابير” عند التوانسة شخص فاسد ومنحل أخلاقيا “ولد شارع” همجي وليس أهلا أن تعطيه السلطات المعنية فضاءا للتدريب أو تشجّعه ماديا ومعنويا  في حين أن هذه الصورة تخص فئة قليلة من فرق الراب في تونس والشاذ يحفظ ولا يقاس عليه. من هي الفئة المستهدفة في أغانيك بلطي؟ أغاني لاتتعلق بشخص أو مكان معين رسالتي ذات بعد كوني والدليل أني أتلقى يوميا عبر النت آلافا من رسائل الشكر والإعجاب من شباب وكهول ونساء وفتيات يستمعون لاغاني من فرنسا وألمانيا وأمريكا  والمغرب والجزائر وغيرها من البلدان وهذا شيئ يسرني كثيرا . وهل هناك تعامل جدي مع فنانين أجانب؟وماذا عن جديدك؟ أمضيت عقدا مع شركة إنتاج أمريكية “روبويتيكس” وهي شركة فنية أمريكية ذات بعد عالمي تهتم بموسيقيي الراب والهيب هوب من كامل أنحاء العالم كما سينزل لي قريبا البوم من إنتاج شركة فوني وسأقوم بجولة فنية في تونس. كما أشتغل على  أغنية شريط “المشروع” لمحمد علي النهدي  ومسرحية “سعدون 28 ” لسفيان الشعري ماهي الرسالة التي تريد إيصالها  للشباب عبر أغانيك؟ أريد أولاً  أن أغير الصورة السلبية التي يحملها التونسي عن فنان الراب والهيب هوب بأنه شخص متخلف ويائس من الدنيا ومحبط و”كلوشار”. الراب فن راقي وملتزم  ومهذب وله رسالة هادفة ومعاني نبيلة. كما أريد أن أمنح أبناء جيلي ثقة في نفسهم من خلال الموسيقى التي تتحدث عنه رسالتي هي عدم التواكل والإحباط والدعوة للعمل والمثابرة بالحلال لا أحرض الشباب التونسي على الحرقة أو الغربة انا فقط أحكي بلسانه عن همومه  وهو في النهاية حر فاختيار طريقه و مستقبله. (المصدر: موقع “إيلاف” (بريطانيا) بتاريخ 5 مارس 2009) الرابط:http://www.elaph.com/Web/Music/2009/3/415898.htm


مراسلة موقع الشيخ راشد الغنوشي www.ghannoushi.net  الشيخ راشد الغنوشي يستقبل مجموعة من الباحثين في جامعة اكستر البريطانية


استقبل الشيخ راشد الغنوشي في المركز الإسلامي بغرب لندن مجموعة من الباحثين المهتمين بالدراسات العربية والشرق اوسطية  في جامعة اكستر البريطانية، يتقدمهم الدكتور العربي صديقي المحاضر في قسم العلوم السياسة في الجامعة، والذي افتتح اللقاء بالتعريف بالشيخ الغنوشي كأحد أبرز المفكرين الإسلاميين من قادة التيار الإسلامي الوسطي، معتبرا اللقاء به من أهم الفرص للباحثين في الشؤون الإسلامية والعلوم السياسية لما يزخر به إنتاجه الفكري من تأصيل لقيم الديمقراطية وحقوق الإنسان في الفكر الإسلامي المعاصر، بالإضافة الى تجربته الحركية على رأس الحركة الإسلامية في تونس، وهو يعيش لاجئا في بريطانيا بسبب الحملة الإستئصالية التي شنها نظام ابن علي على حركة النهضة الإسلامية منذ بداية التسعينات.   وفي كلمته رحب الشيخ الغنوشي بالحاضرين، وقدم عرضا تاريخيا لمسار تقدم حركة الإصلاح في المنطقة العربية والإسلامية بداية من الأفغاني وعبده ورشيد رضا وخير الدين التونسي وصولا الى حسن البنا و الصحوة الاسلامية المعاصرة وعلى رأسها حركة الاخوان المسلمين . وأكد الشيخ الغنوشي أن حركة الإصلاح و التحديث في العالم العربي والإسلامي كانت تاريخيا تتجاذبها نزعتان، احداهما تؤمن بقدرة الفكر الإسلامي على استيعاب منجزات الحضارة الغربية، فيما تعتبر الثانية الإسلام عائقا أمام التقدم والحداثة واللحاق بركب الحضارة، وقد وجد انصار التغريب الدعم الكامل من القوى الإستعمارية التي اورثتهم أمانة حماية مصالحها، ولا يزالون الى اليوم يلقون الدعم للمحافظة على مراكز نفوذهم في السلطة وادارة الشأن العام ولو على حساب مبادئ وقيم الحداثة  مثل الديمقراطية وحقوق الانسان التي يبشر بها الغرب.   وفي معرض الرد على اسئلة الباحثين، أكد الشيخ الغنوشي على أصالة فكرة الديمقراطية في الفكر الإسلامي، باعتبارها التجسيد العملي لمفهوم الشورى في الإسلام، فالشورى كما يقول الغنوشي هي  فكرة مجردة استطاع الغرب ان يطورها الى نظام وآليات يعبر عنها اليوم بنظام الإنتخابات والمجالس النيابية و الدستورية وغيرها.   أما فيما يتعلق بمفهوم الجهاد فقد أكد الشيخ الغنوشي على الطبيعة الدفاعية للجهاد في مقاومة الإحتلال ورد العدوان، وبالتالي لا علاقة للجهاد بالإرهاب الذي هو اعتداء على الأبرياء. داعيا  الى ضرورة التمييز بين الجهاد والإرهاب، مؤكدا ان التاريخ الإسلامي لم يشهد ما شهدته اروبا من حروب دينية، بل ان اليهود حين اضطهدوا في اروبا و تحديدا في اسبانيا لجأوا الى ديار الإسلام بحثا عن الحماية والأمن.   كتاب “من تجربة الحركة الإسلامية في تونس” للشيخ راشد الغنوشي على شبكة الإنترنات يمكن تصفح كتاب ” من تجربة الحركة الإسلامية في تونس ” في موقع الشيخ الغنوشي على الانترنات ( قسم الكتب)، وهو كتاب كما يقول عنه المؤلف” تدور موضوعاته حول محور واحد، هو التأسيس للحرية والحوار ومقاومة الإستبداد، رغم أن أفكاره قدمت في مناسبات مختلفة على هيئة محاضرات ومساهمات في ندوات ومقالات في مجلات ودروريات أكاديمية مختلفة، ولأن هذه النصوص لم تصدر من قبل، ولأنها ذات مساس وثيق بما يدور في الساحة التونسية وما يعتمل فيها من صراعات وموقع الحركة الاسلامية فيها وموقفها منها، فقد رأينا مناسبا ان نلقي بهذه الأطروحات في خضم المعركة المحتدمة حول مستقبل تونس، اسهاما منا في الحوار وتنوير الرأي العام التونسي وكل جهات الإهتمام بما يجري في هذه الساحة، تقديرا منا لأهمية البعد الثقافي في مثل هذه المعارك، ولا سيما في الحالة التونسية حيث يعد الإنتاج  الثقافي أهم مكون لهوية هذا القطر وخصوصياته” ( من مقدمة الكتاب) .

حزب العمل الوطنيّ الديمقراطيّ

نشرة الكترونيّة عدد  92 – 05 مارس 2009


8 مارس، اليوم العالمي للمرأة: ترجع جذوره إلى الحركة العالمية للنساء الاشتراكيات في أواخر القرن التاسع عشر. وكانت تلك الحركة تناضل من أجل حقوق المرأة في التصويت دون تمييز على أساس الثروة أو الملكيّة أو التعليم. وتمّ الاحتفال لأوّل مرّة باليوم العالمي للمرأة يوم 19 مارس 1911 في المانيا والنمسا والدانمارك والسويد. ثمّ تمّ تغيير التاريخ بطلب من الالمانيات ليصبح 8 مارس واحتفلت به في ذلك اليوم كلّ من ألمانيا والنمسا وروسيا. ويرجع اليوم العالمي للمرأة إلى اقتراح قدّمته المناضلة السياسية والناشطة النسويّة كلارا تستكين (1857- 1933)، والنائبة البرلمانية عن الحزب الشيوعي الألماني خلال جمهورية فايمر (1920-1933)، أثناء مؤتمر للنساء الاشتراكيات انعقد في كوبنهاغن سنة 1910. تونس، العفو الدولية، دعــوة: “تتشرف لجنة المرأة التابعة للفرع التونسي لمنظمة العفو الدولية بدعوتكم لحضور التظاهرة التي تنظمها بمناسبة الـيوم العالمي للمرأة وذلك يوم السبت 7 مارس 2009 بداية من الساعة الثانية بعد الزوال بفضاء الحمراء نهج الجزيرة عـ28ـدد.” تونس،اللجنة الوطنية لمساندة أهالي الحوض المنجمي، إعلام: “علمت اللجنة انه وقع  إطلاق سراح مجموعة من مساجين الحوض ألمنجمي في إطار “السراح الشرطي” وهم: الناصر بن صالح ، محكوم بعامين وشهرين، العيد الرحالي، ستة أشهر ونصف، الطاهر بلخيري، 6 أشهر، الهادي بوغرارة، 6 أشهر ونصف، عصام رحيلي، عامان ونصف. مع العلم ان هذه المجموعة ليست ضمن قضية “الوفاق” التي حوكمت فيها قيادات الحركة الاجتماعية السلمية بالرديف. اللجنة الوطنية التي تهنئ أهالي المسرّحين ، تتمنى أن يطلق سراح كلّ موقوفي الحوض المنجمي وان تطوى نهائيا صفحة المحاكمات، وان تفتح السلطة صفحة جديدة في العلاقات مع الأهالي هناك،  قوامها الحوار والتفاوض لحلّ كلّ المشاكل الاجتماعية القائمة.” تونس، مركز للشؤون الدفاعية والأمنية: قال كاتب الدولة الفرنسي لشؤون الدفاع والمحاربين القدماء جون ماري بوكل ان بلاده تبحث إمكانية إقامة مركز مغاربي ـ أوروبي يعنى بقضايا الدراسات والأبحاث المتعلقة بالشؤون الدفاعية والأمنية، وأوضح أن هذا المسعى يندرج في سياق ما راج في جولات الحوار التي جمعت بين دول الضفتين الشمالية والجنوبية للبحر الأبيض المتوسّط والتي ركّزت بشكل كبير على سبل محاربة الإرهاب والجريمة المنظمة والهجرة غير الشرعية. وأضاف المسؤول الفرنسي بمناسبة زيارة قادته الى تونس أنّ المقر المركزي ستحتضنه تونس. جريدة العلم 03 مارس 2009 تونس، قرض آخر: تمّ يوم 27 فيفري بمقرّ البنك الافريقي للتنمية في تونس التوقيع على اتفاقيات مالية طويلة المدى لتمويل انشاء مطار النفيضة “زين العابدين بن علي” بين شركة “تاف تونس” ومؤسّسات البنك الافريقي للتنمية الذي يساهم بـ 70 مليون يورو في تمويل هذا المشروع والبنك الاوروبي للاستثمار ومجموع الوكالة الفرنسية للتنمية والصندوق الدولي للدّول المصدّرة للنفط. عن وكالة أنباء الامارات تونس، طاقة نوويّة: اجتمعت يوم 25 فيفري الفارط اللجنة الوطنية للطاقة الذرية بحضور مسؤولين من الشركة التونسية للكهرباء والغاز ووزير التعليم العالي والبحث العلمي لدراسة ملف انشاء مفاعل نووي وطرق التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية. وكنّا قد نقلنا  في العدد 81 من نشريتنا الالكترونية عن الوكالة الاسبانية للأنباء أنّ مجمّع الشركات الفرنسي “أريفا” قد قدّم عرضا يشمل دراسة المشروع واستخراج اليورانيوم وبناء مفاعل نووي في غضون عشر سنوات في منطقة الحوض المنجمي. اسبانيا، مقاطعة: صعد الأسبوع الماضي أربعة نشطاء ينتمون إلى “الهيئة من أجل التضامن العالمي” فوق ركح مسرح فكتوريا أوخينيا في مدينة دونوستي (سان سباستيان) عندما بدأت المغنية الصهيونية نوا تقديم عرضها. المتظاهرون رفعوا العلم الفلسطيني ولافة كتبوا عليها بلغتهم الباسك “اسرائيل، لا شكرا”. وكانت المغنيّة التي غادرت المسرح قد صرّحت لوسائل الاعلام قائلة “لقد نجح المتطرفون في خداع اوروبا” و”اسرائيل دولة ديمقراطية لها الحقّ في الدفاع عن نفسها ضدّ القنابل الفلسطينية التي تعاني منها منذ ثماني سنوات”. وكانت مجموعات أخرى من النشطاء قد نجحت قبل ذلك في مقاطعة عرضين آخرين لنفس المغنية في كلّ من مدينتي اشبيليا وبرشلونة.    الصّين، أزمة: أعلنت الحكومة الصينية أنّ 26 مليون عامل مهاجر من الأرياف فقدوا عملهم في المدن وعادوا إلى مناطقهم الأصلية… حسب الأرقام الرّسمية، يبلغ العدد الجملي لهؤلاء النّازحين 130 مليونا، و200 مليون حسب مصادر أخرى… في نفس الوقت أعلنت سلسلة المطاعم الأمريكية المعولمة “ماك دونالدز” أنها ستفتح 175 مطعما جديدا في الصّين عام 2009، إضافة إلى 1050 التي تمتلكها حاليّا… الصّين الجديدة + أ.ف.ب. أندونيسيا، ما حكّ جلدك غير ظفرك: هرب عناصر إدارة معمل “ب. ت. ليفاتيك” للمركّبات الإلكترونية بمدينة “باتام”، بعد أن أغلقوا المصنع بصفة فجئيّة، دون دفع مستحقات العملة (1600 معظمهم من النساء) البالغة 2,5 مليون دولار… احتلّ العاملات والعمّال المصنع وباعوا بالمزاد العلني المنقولات والأثاث، بمبلغ 1,5 مليون دولار، أي حوالي 60% من مستحقّاتهم وأجورهم… رغم احتجاجات البنوك التي ادّعت أولويتها في الإستيلاء على ممتلكات الشركة، إضافة إلى الأراضي والعقارات… عن نقابة عمّال المعادن – أندونيسيا 25/02/2009 بوركينا فاسو، سينما: من 28 فيفري إلى 4 مارس 2009 ، تنعقد الدورة 21 للمهرجان الافريقي للسينما والتلفزيون “فسباكو”، بمدينة “أوغادوغو” عاصمة بوركينا فاسو، وبدأ المهرجان عام 1969، وأصبحت به مسابقة رسمية عام 1972… يشارك في هذه الدورة 129 شريطا من افريقيا والشتات (أفارقة الخارج). يشارك المخرجون التونسيون بفلم روائي “نصف محبّة” (كلثوم برناز) وفلمين وثائقيين طويلين “ذاكرة امرأة” (الأسعد وسلاتي) و”أولاد لينين” (ناديا الفاني)، إضافة إلى 5 أشرطة قصيرة: العبور (ناديا تويجر)، عصافير المدينة(محمد إقبال)، يموت الحوت (مليك عمارة)، موسم بين النّار والجنّة (مراد بن الشيخ)، وراء البلايك (سنيا الشامخي). اليابان، عجز الميزان التجاري: يمرّ الإقتصاد الياباني بأسوإ مرحلة منذ الحرب العالمية الثانية، وانكمش بنسبة 12,7% خلال الربع الأخير من عام 2008… أمّا في شهر جانفي 2009 فإنّ الصادرات اليابانية تراجعت بمعدّل 47% في أسواق آسيا وأمريكا وأوروبا، مقارنة بنفس الشهر من السنة الماضية، وبلغ العجز التجاري لنفس الشهر 9،9 مليار دولار. ب.ب.س. 25/02/2009
 
قائمة مراسلات حزب العمل الوطنيّ الديمقراطيّ info@hezbelamal.org للاتصال بنا : aliradainfo-request@listas.nodo50.org الى SUBSCRIBE  للإشتراك ارسل رسالة فارغة موضوعها  aliradainfo-request@listas.nodo50.org الى UNSUBSCRIBEلفسخ الإشتراك ارسل رسالة فارغة موضوعها   http://www.hezbelamal.org/ موقع حزب العمل الوطنيّ الديمقراطيّ
 


ماذا يمكن أن نتعلم من الشابي؟


بقلم: آمال موسى إن التجارب المهمة في تاريخ الإبداع الإنساني، هي تلك التي تُؤثر فينا عميقا وتقدم لنا دروسا تزيد في معرفتنا وتكون بمثابة المصباح الذي يُضيء لنا المعنى ويقشر كنه الأشياء والأفكار.  فوزن كل تجربة إبداعية يُقاس وفق أهمية النموذج الذي تقدمه وما يزخر به من جديد وإضافات وطريقة مخصوصة في ممارسة الإبداع والحياة،جعلته يستحق الإقتداء به واستخلاص الدروس التي يقترحها لجيله وللأجيال التي ستعقبه. من هذا المنطلق ،نطرح السؤال البسيط التالي:ماذا يُمكننا أن نتعلم من الشابي شعراء وروائيين ومبدعين بشكل عام؟فهل من المنطق أن نحتفل بمائوية الشابي دونما طرح لأسئلة قد تُحرج وربما تستبطن اتهامات صريحة؟ أظن أنه لا معنى للمائوية ولا لكل الفعاليات التي بدأت وستتواصل حتى 9أكتوبر القادم، إذا لم نتسلح بشجاعة السؤال وعبء الشك. إن تجربة الشابي في الشعر وفي النقد،مليئة بالخصال التي تستحق أن تُورث وأن لا نفرط فيها .ولعل أول الخصال التي تمثل الدرس الجوهري الذي يقدمه لنا الشابي على طبق من فضة هو مبدأ الإخلاص في الفن وله ذلك أنه رغم عمره القصير ومعاناة المرض والغربة التي زادت في عذاباته فإن الشابي ظل مخلصا للشعر بوصفه مركز حياته وصاحب الأولوية المطلقة.وبقدر ما أخلص للقصيدة، فإن هذه الأخيرة قد بادلته الإخلاص وأجلسته مقاما مرموقا في دنيا الشعر التونسي والعربي والعالمي. ومن فرط إخلاصه للشعر،فإن الشابي قد سما به وجنبه السقوط في ما يعتبره فخ الأغراض الشعرية من مديح وهجاء، مانحا الشعر المكانة التي هي به أجدر .لذلك تخلو تجربة الشابي من قصائد المديح والهجاء، بل أنه حتى بالنسبة إلى غرض الرثاء لم يكتب أبوالقاسم الشابي سوى قصيدة واحدة عند فقدانه والده. إن قصيدة الشابي اتكأت على الصدق وعمق الإحساس والتغني بالطبيعة وقيم الحرية والإرادة والحياة والغد المشرق وكانت مخلصة لمشروعها الفني والقيمي ولم تدخل في متاهات المتاجرة بالقصيدة أو التعاطي معها كوسيلة لبلوغ أهداف لا تمت بالشعر لا من بعيد ولا من قريب. المسألة الأخرى هي تلك التي وصفها محمد لطفي اليوسفي بالانشقاق. فالشابي من خلال مناهضته للجمود والتقليد ونقده الصارم والصريح والجارح للخيال الشعري عند العرب حيث أظهره فقيرا، فإنه كان يمارس الانشقاق بكل شجاعة وجرأة، قلما نجد لها اليوم نظيرا رغم أن رياح الحداثة الشعرية والنقدية والفكرية عاتية والاستعداد لقبول مضامينها يبدو ظاهريا أكبر. ولعل المشهد الثقافي التونسي اليوم في أمس الحاجة كي يستدين من الشابي شجاعة النقد وجرأة المجاهرة بأطروحته، حيث كثيرا ما تبدو لنا مواقف بعض المبدعين والمثقفين ونحن في عام 2009 غارقة ماضوية وتعود إلى ما قبل الجمود الذي ناهضه الشابي بقرون.بل أن ما قاله الشابي في محاضرة “الخيال الشعري عند العرب” يصعب أن يقوله مبدع معاصر اليوم لو لم يقل.وهو ما يعني أنه بالفعل ظل الشاعر التونسي المتفرد لأنه لم يكتف بكتابة شعر جميل يُحفز الأيادي على التصفيق فحسب، بل أنه كان أكبر من ذلك وأهم إذ نحت بجراحاته ومواجهاته القاسية مع أعداء النقد والتجديد والتجاوز، رؤية متكاملة للفن وللشعر وللحياة وللتقدم، فكان مخلصا إلى أبعد الحدود الإخلاص . فكم يا ترى من مبدع ومثقف تونسي استوعب دروس الشابي أو بعضها وهضمها الهضم المراد؟  (المصدر: جريدة “الصباح” (يومية – تونس) الصادرة يوم 5 مارس 2009)


الإنتصاب الفوضوي.. ظاهرة تكتسح شوارع العاصمة وساحاتهـا

التجارة الموازية وراء استشراء هذه الظاهرة… وأبرز مُـزوّد للباعة المتجوّلين


تونس ـ الصباح: رغم تطور النسيج التجاري المنظم بنسق هام يفوق معدل الاستهلاك، حسب آخر التقارير بخصوص الحركة التجارية في تونس، وبروزه في أشكال وفضاءات متعددة ومختلفة من أبرزها المساحات الكبرى والمحلات المتوسطة والصغرى والمراكز التجارية في عديد التجمعات السكنية في ضواحي العاصمة على وجه الخصوص والمدن الكبرى، فإن ظاهرة الإنتصاب الفوضوي مازالت بارزة وتحتل الشوارع والساحات في العاصمة والمدن الكبرى. هذه الظاهرة ليست في الحقيقة بالجديدة بل تعود الى عشرات السنين، كما أنها تنشط بشكل دائم وتتنوع معروضاتها حسب الفصول، ويمارسها أيضا مئات إن لم نقل الآلاف من المواطنين. هم يحتلون الساحات إما بعرباتهم الصغيرة أو من خلال وضع سلعهم أرضا وطرحها في الشارع أو غيرها من الأساليب المتعددة. فلماذا تتواصل هذه الظاهرة كبعد تجاري شاذ وغير منظم؟ هل فرضتها ظروف اقتصادية وتعقيدات إدارية بلدية ؟ لماذا تبقى الساحات العمومية وسط المدن ,ابرز الشوارع والأنهج المكان المحبب لانتصاب هؤلاء الباعة؟ وهل تطورت هذه التجارة وتكاثر نشاطها ؟ وماذا عن انعكاساتها على حركة الشارع والتجارة الرسمية؟ وهل يشدد الخناق على ممارسيها؟ مؤشرات تطور التجارة الرسمية لم تمنع الظاهرة تشير تقارير صادرة أخيرا حول الحركة التجارية في البلاد أن عدد إحداثات المحلات التجارية ضمن المسالك الرسمية تضاعف قرابة 4 مرات خلال العشريتين الأخيرتين، وأن نصيب المساحات العصرية من تجارة التوزيع تطور أيضا ليقارب 15 في المائة مقابل نسبة لا تتعدى 5 في المائة سنة 2000 . وقد شمل هذا التوسع كافة القطاعات الناشطة في عرض وبيع كافة المواد. وهذا النمو وما يعززه من مؤشرات مردودية لا يجب أن يحجب ظاهرة الانتصاب الفوضوي رغم مواصلة التصدي لأشكالها التي تغزو الشوارع وتطالعنا في كل يوم بمعروضاتها المتنوعة وأساليب انتصابها، والفوضى العارمة التي تحدثها لما ينتج عنها من ازدحام، وتجن على أصحاب المحلات التجارية الرسمية التي باتت سلع التجارة الموازية تتكدس أمام أبوابها وعلى بعد أمتار منها. احتياجات اجتماعية وراء تفاقم هذه الظاهرة السعي لتنظيم هذه التجارة وما ينتج عنها من انتصاب فوضوي كان محل بحث متواصل يجمع بين الردع والبحث عن حلول جذرية تمثل استقرارا للناشطين في هذا المجال. لكن يبدو أن هذه الحلول رغم محاولة ارسائها غير مجدية ولا هي أيضا مقنعة لهؤلاء التجار. فالتوجهات في مجال التصدي لظاهرة الانتصاب الفوضوي تهدف حسب ما أفادتنا به مصادر بلدية ومسؤولة في القطاع التجاري إلى إدماج هذه الأنشطة التي غالبا ما أفرزتها احتياجات اجتماعية ضمن حلقات التوزيع المنظمة، وكذلك تقليصها بصفة تدريجية على المدى الطويل إلى نسب معقولة مثلما هو الشأن في العديد من الدول. وفي هذا الصدد علمنا أن وزارة التجارة وضعت برنامجا متكاملا لتأهيل القطاع التجاري بهدف تعصير وتطوير وتنويع نسيج مسالك الترويج المنظمة، وذلك لمزيد تقريبها من المواطن وضمان ديمومة شبكة التوزيع والرفع من مردودها وتطوير نشاطها وتفعيل دورها في إحداث المؤسسات وخلق مواطن الشغل، إلى جانب حماية المستهلك والحفاظ على قدرته الشرائية. إن كل هذه التدابير تعتبر هامة ولها جملة من الأهداف الرامية إلى تعصير وتطوير القطاع التجاري، لكن ما علاقة كل هذا بظاهرة الانتصاب الفوضوي الذي يحط برحاله في كل مكان ويتطور مشهده من سنة إلى أخرى، وتتعمق أساليب تعاطيه لتأخذ أشكالا مختلفة ومظاهر متنوعة في الشوارع والأنهج وأينما كثرت حركة المارة والمواطنين، مما جعله يفرض نفسه أمرا واقعا على الجميع؟ الانتصاب الفوضوي عززته مظاهراستشراء التجارة الموازية عند الحديث حول مظاهر الانتصاب الفوضوي، واستشرائه في كل مكان، هناك سؤال بارز يتبادر للذهن، وربما يمثل انطلاقة البحث في الموضوع: من يزود التجار الذين يتعاطون هذه التجارة، ويغذي نشاطهم اليومي بأنواع السلع التي يعرضونها؟ الجواب واضح، ولا يتطلب بحثا وتفكيرا عميقا، حيث أن الانتصاب الفوضوي يمثل حاليا مظهرا من مظاهر التجارة الموازية. فأسواق هذه التجارة هي التي تغذي هؤلاء التجار بأنواع السلع المستوردة عشوائيا وتغدق عليهم في كل يوم بتلك الأنواع من السلع. من هنا تظهر أسباب إستشراء الانتصاب الفوضوي، وتواصله وتنوع معروضاته التي تأتي من أسواق الجم وبن قردان وسيدي بومنديل والمنصف باي وغيرها من الفضاءات التي تنشط في مجال التجارة الموازية، وتساهم في انتشار الانتصاب الفوضوي بشكل واسع تعجز معه البلديات والمراقبة الاقتصادية والصحية في تطويقه حتى الآن. ومن هذا المنطلق لا يمكن بأية حال من الأحوال الحد من مظاهر الانتصاب الفوضوي وما يترتب عنه من اخلالات تجارية واقتصادية، وما ينجم عنه يوميا من فوضى في عديد الساحات والشوارع داخل العاصمة والمدن الكبرى. والذي يحضرنا في هذا الجانب هو المثل الشعبي الذي يقول “قص الراس .. تيبس العروق”.. فإذا استطعنا الحد من انتشار التجارة الموازية ومقاومتها وتنظيمها ستتضاءل مظاهر الانتصاب الفوضوي. علي الزايدي (المصدر: جريدة “الصباح” (يومية – تونس) الصادرة يوم 5 مارس 2009)
 

     بسم الله الرحمان الرحيم
والصلاة والسلام على أفضل المرسلين الرسالة رقم 561 على موقع تونس نيوز  الحلقة الثانية بقلـم : محمـد العروسـي الهانـي

الوفاء و المواقف  و الجرأة لها ثمنها و ضريبتها


تحدثت في الحلقة الأولى عن ضريبة المواقف و الوفاء و الجرأة و الشجاعة و أعطيت أمثلة حول الإقصاء و التهميش و الحرمان و الغبن و عدم الإهتمام بمشاغل المواطنين و تعتيم الإعلام و حرمان أقلام الحرية و الشجاعة و الجرأة من الكتابة في الصحف الوطنية و رقابة مشددة على مواقع الأنترنات بإستمرار و دون هواده و ذكرت ثلاثة عناصر حية منها حجز كتابي الجديد و حبسه طيلة 7 أشهر لا شيء إلى أنه كتابا رائدا صريحا و جريئا و مليئا بالمواعد السياسية و الوفاء لرموز الحركة الوطنية في طليعتهم الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة رحمه الله الذي حقق الإستقلال و حرر المرأة و أعلن الجمهورية هذا الكتاب حجز في رفوف المكتبة الوطنية بوزارة الثقافة و المحافظة على التراث لماذا و ما هو ذنب صاحب الكتاب يا ترى الإجابة الذنب الكبير هو الوفاء للزعيم الكبير و التعلق بقيم النضال و قد ذكرت في الحلقة الأولى أن الضريبة التي دفعتها يوم 06 أفريل 2001 في الذكرى الأولى لوفاة الزعيم العملاق بورقيبة و الذي دعى بن علي لإحياء الذكرى في أعلى مستوى و عندما تحمست للزعيم في دار التجمع يوم 06-04-2001 دفعت الضريبة و قد شرحت ذلك بكل صراحة و أمانة و صدق و جل المناضلون الذين حضروا إحياء الذكرى يتذكرون موقفي الشجاع و وفائي لرمز الوطن بورقيبة و التاريخ لا يرحم و بعد نصف قرن إن شاء الله يذكر التاريخ هذا الموقف الشجاع الممتاز . و سوف يتذكرون أيضا بصمات الزعيم الخالد و سوف يذكرون عملية الإقصاء من طرف أشخاص الذين تنكروا للماضي . و أعود بعد هذه المقدمة و الخواطر التي لن تمحى من الذاكرة الشعبية و لن تمحى عند أبنائنا و أحفادنا و أحفاد أحفادنا أن شاء الله تعالى لأنها من الأعماق . أما المواضيع التي أريد ذكرها نتيجة الوفاء و المواقف و الكتابة و الحوار و الحرية و التعبير أقولها بكل صراحة و وضوح و للتاريخ رغم الالتزام و الانضباط و الأصالة و الانتماء و بعض الأشياء لا أريد ذكرها تقديرا لقيمة النضال و العشرة الوطنية و إحتراما للرسالة النضالية و التاريخية التي تحملتها في صلب هياكل حزبنا العتيد حزب التحرير و بناء الدولة العصرية و المثل يقول عند أصحاب الأصول و المجد فلان أكل الماء و الملح و الطعام أي أنه لا يخون الأمانة و رغم الإساءة و الإقصاء و الحرمان و النسيان و التهميش و أحيانا يلحق به الضرر المعنوي و المادي و هذا ما حصل ليس شخصيا و أكرر أن لا دخل للقيادة فيما حصل و يحصل و قد توقفت في الحلقة الأولى لذكر 3 عناصر و اليوم أواصل بقية المواضيع الهامة . – النقطة الرابعة: ذكر عزل العون بلقاسم الناصري الذي عمل طيلة 22 سنة بالشركة الوطنية للكهرباء و الغاز و كما أشرت في الرسائل المفتوحة السابقة العزل جاء نتيجة حادث شغل قدر به الله و لا مرد لقضاء الله و قبل هذا الحادث و بعده وقعت حالات أخرى في القيروان و جربة و بنزرت و علمنا بالصفح و التسامح و إعادة الأعوان إلى عملهم ما عدى العون المذكور الناصري   لماذا لأن قلمي السخي السيال الذي لم يجف كتب رسالة مفتوحة لأب الشعب راجيا منه إعادة البسمة للأسرة المعزول بحكم الإعدام البطيء و رغم ألمنا شدة و طلب الصفح منذ 10-04-2008 و العون عاطل عن العمل و له 5 أطفال و قد تم توجيه ملفا كاملا في الوضع الإجتماعي للسيد وزير الوظيفة العمومية الأخ زهير المظفر قصد التدخل لدى وزير الإقتصاد و الطاقة و المناجم و لحد الآن لم يحصل أي تحرك في الموضوع . النقطة الخامسة: وضعية اخرى ….إجتماعية الشاب سامي عيسى طالب مجاز في التربية البدنية أستاذية في الرياضة تحصل على الإجازة سنة 2006 و قد إنتظر طويلا وهو من منطقة الظل الحجارة و تحمست له لأنه من أسرة فقيرة و منطقة الظل و علمنا أن بعض الحالات الاستثنائية وقع معالجتها و وقع انتدابها في سنة 2008-2009 و حالة المعني بالأمر مازالت لم تجد الحل لأن الأخ الهاني تعرض مؤخرا في مقالين لذكر هذه الحالة و الوضعية الإجتماعية وقد قمت بعديد الإتصالات و لكن دون جدوى – النقطة السادسة : وضعية اجتماعية أخرى من عائلة فقيرة و معوزة و قد حظيت بعناية خاصة تجسيما لقرار سيادة الرئيس بتشغيل أبناء العائلات المعوزة و قد أحيل ملف المعني بالأمر إلى إدارة الشركة التونسية للبنك و وقع دعوة الطالب المجاز يوم 12-12-2006 و وجد الاهتمام و الوعد بتشغيله قريبا و بعد حوالي 3 أشهر تبخر الوعد و عندما أشرنا في رسالة مفتوحة لسيادة الرئيس عبر هذا الموقع حصلت القطيعة و صمت إدارة البنك إلى يوم 04-03-2009 – النقطة السابعة : لا أريد ذكرها لانها تتعلق بحق تشغيل من ضحيت و ناضلت من أجلهم طويلا و هذا ناتج بكل صراحة على مواقفي و وفائي و شجاعتي و كتاباتي لكن هذا و الله العظيم لا يزيدني إلا إصرارا و عزيمة و حماس على مواصلة النضال و التضحية حتى يفرجها الله الواحد الصمد و إن شاء الله تتاح الفرصة لمقابلة رئيس الدولة عاجلا أو آجلا و يتم إعلامه بأمانة بما حصل و كما حصل سنوات 1992 حتى 1999 من رجال بررة كانوا بحق أصحاب أمانة و وفاء للرئيس بن علي و لم يحاولوا إخفاء الرسائل عليه أو إخفاء مشاغل الناس و همومهم و مطالبهم و قد لعبوا دورا هاما لإبلاغ مشاغل المواطنين و الحمد لله وجدت الدعم و العناية و الرعاية من لدن الرئيس بن علي شخصيا و هذا ما حصل لكل مشاغل جهتي من عام 1992 إلى عام 1999 و هذا ما أقٌوله للأمانة و التاريخ قال الله تعالى ” فستذكرون ما أقوله لكم و أفوض أمري إلى الله أن الله بصير بالعباد ” صدق الله العظيم ملاحظة : إن أبواب الرزق مفتوحة من الله وهو الذي تكفل برزق عباده من أبونا آدم إلى آخر مخلوق و إذا عمد عبدا غلق بابا فتح الله سبعون بابا و العبد مسؤولا أمام ربه يوم القيامة و يوم الطامة الكبرى على عدم العدل بين الناس و طمس حقهم و تسبب في إحباطهم و قهرهم و ظلمهم و تجويعهم و نسى قدرة الواحد القهار الذي لا تخفاه خافية وهو الرزاق . و قد جاء في الحكمة إذ دعتك قدرتك على ظلم الناس فتذكر قدرة الله عليك و يا ليت يفقهون هذه الحكمة . أصحاب الجاه و النفوذ قبل سفر القطار و فوات الأوان يومها لا ينفع الندم كما حصل لغيركم و أين الدرس ؟؟؟ محمـد العـروسـي الهانـي مناضل يريد الخير للوطن ويطمح لدعم العدل السياسي والتنموي في تونس الهاتف : 22.022.354

غسان بن جدو يتحدث عن العبور الى غزة وتسجيل برنامج “حوار مفتوح”


السبيل أونلاين – غزة – لماذا اخترت مقاتلي القسام بالذات؟…سؤال إجابته من شِقين – “القسام” لم يفرضوا عليّ أي شرط…ولديّ مشاهدُ كثيرة لم ولن أعرضها – بعد “الحلقة الأولى” اتصلَ بي مناوئون للمقاومة وهم في حالة ذهول – مقاتلو “حزب الله” و”القسام” تجمعهم قواسم مشتركة عديدة – أكثر ما عزّ علي هو أن آتي متخفّياً ولا التقي زملائي في “الجزيرة” – أقولُ لكل من يقوم بتقريع المقاومة “اخجلوا من أنفسكم”! في هذه المرة لم يرتدِ الإعلامي التونسي المرموق غسان بن جدو “بزّته الأنيقة”، ولم يكن الضيوف يجلسون بشكلٍ عادي في الاستديو أو في أجواءٍ مفتوحة مريحة…كل ما كانَ يلزمه وهو يتخذَُ قراراً بالدخول إلى غزة –بأي طريقةٍ كانت- هو أن يدسّ في حقيبة سفره جرأةً غير عادية من أجل شىء يتجاوز بالنسبة له مجرد “المغامرة الصحفية” . على مدار حلقتين متتابعتين من برنامجه المعروف “حوار مفتوح” في قناة الجزيرة شدّ “بن جدو” أنظار العالم العربي إلى مشاهدة “مقاتلو غزة” الذين التقاهم في أجواءٍ جمعت بين الحذر والخوفُ من مباغتة المجهول.. كان هذه المرة بلباسٍ عادي..وتقاسيم وجهٍ فيها الكثيرِ من التحدي، وبعضاً من التعب كما هو حالُ سكان غزة!، أما “الكرسي” الذي كان يجلس عليه المذيع المشهور فهو “التراب” ومن حوله مقاتلون ملثّمون من كتائب القسام تحدثّوا للعالم عن حقيقة حياتهم الإنسانية والعسكرية. معدودون على الأصابع هم الذين كانوا يعلمون بوجوده في غزة، التي خاطرَ بالوصول إليها خفيةً بعد منع السلطات المصرية له بالدخول عبر معبر رفح البري…كيف دخلَ؟.. وكم يوماً قضى هنا؟….ولماذا اختار “مقاتلي القسام” بالذات كي يكونوا عنوان حلقته؟….أسئلة عدة حتماً خطرت ببال كل المشاهدين. غسان بن جدو (47عاماً) مدير مكتب قناة الجزيرة في بيروت منحَ صحيفة “فلسطين” في حوار مطّول أجرته معه عبر “الهاتف” الكثير من الأجوبة….بعضها كان شافياً، وقليل منها كان موارباً لأنه ليس من المناسب الحديث عنها الآن…ولكن بالتأكيد أن كل أجوبته الشيّقة كانت كفيلةً برفع جزءٍ كبير من “طاقية الإخفاء” التي اضطرَ “بن جدو” إلى استخدامها في زيارته الأولى للمدينة التي أذهلته كثيراً برجالها الأشدّاء. وأنا أيضاً لي قراري ! بعد ترحيبه بحرارة بأول وسيلة إعلامٍ فلسطينية تتحدث إليه..بدأنا معه من حيث بدأت معاناة رحلته عندما منعته السلطات المصرية من الدخول إلى قطاع غزة، حيث أكد أن مسألة منعه من الدخول إلى غزة عبر معبر رفح لم يُثر إلا في الأيام الأخيرة، مما جعل الجميع يظن أنه مكث أربعة أيام فقط، مضيفاً:”في حقيقة الأمر أنا مكثت أسبوعين أمام المعبر، وكنت دائماً أتخذ سبيل “العناد اللطيف” إذا صح التعبير، وذلك للإصرار على الدخول ولكن لم يسمح لي، الوضع كان مؤلما جدا بالنسبة لي، حيث كنتُ أرى أن كثراً يدخلون، وفي المقابل كنت أشاهد آخرين لم يستطيعوا الدخول مثلي”. بن جدو أبدى استغرابه من عدم سماح مصر له بالدخول إلى غزة من أجل مهمة تغطية ما بعد الحرب الاسرائيلية، قائلاً بنبرة واثقة:”على كل حال السلطات المصرية لها قرارها، وأنا أيضاً كصحفي لي قراري في طريقة التعاطي مع هذه الأمور والمستجدات بالمنطق الصحفي المألوف، أنا عندما غادرت لبنان واتجهت إلى مصر كان في ظني أنه سيُسمح لي بالدخول إلى غزة بشكل يسير، لا سيما أن فريقا كبيراً من زملائي في قناة الجزيرة وزملاء آخرين من جميع القنوات والصحف العربية والعالمية دخلوا، لم يخطر ببالي أني سأمنع، وعندما ذهبت إلى مصر كنت قد حصلتُ على تصريحٍ رسمي من قبل السلطات المصرية بدخولي إلى غزة، وأنا أشهدُ بأن المعنيين في القاهرة ورفح تعاطوا معي، على مدى أسبوعين بمنتهى اللين والأخلاق، لكن على ما يبدو أن هناك قراراً أعلى منهم هو الذي منعهم، وفي اليوم الثاني من منعي قررتُ أن أدخل بأي طريقة كانت سواء من مصر أو من خارجها، وطبعاً كان صعباً علي أن أدخل من مصر حتى لو بطريقة غير مألوفة، ولكني في نهاية الأمر غادرتُها ودخلتُ غزة”. ثأرتُ لنفسي منهم ! بن جدو رفض تأكيد دخوله غزة عبر “نفق”، مؤكداً أن للصحفي أساليبه الخاصة، وخياراته المتعددة، واصفا مشاعره عندما وطأت قدمه غزة “بابتسامة حنين” لم يُخفها صوته وهو يقول:”عندما وصلت كنتُ مصاباً بنوع من الذهول الايجابي والجذاب، حتى أن المصور كان يصورني دون أن أكون منتبهاً، كان طبيعياً أن أقبل تراب غزة، فهذه المرة الأولى التي أدخل فيها إلى فلسطين، نحن هنا في لبنان على بعد أمتار قليلة من فلسطين، ولكن توجد أسلاك شائكة مُكهربة، يحيطها الجنود الاسرائيليين، لذا لم نستطع أن نلمسها، وأذكر أن أول مرةٍ شاهدت فيها أرض فلسطين عندما كنتُ في الأردن قبل عشرين سنة، وقتها كانت لحظة تاريخية بالنسبة لي، ولكن أن أدخل أرض فلسطين وعبر غزة فهذا أمر جلل، هل يعقل أن أدخلها ولا أقبّل ذلك التراب، هي عملية وجدانية طبيعية حدثت بشكل عفوي، وظني أنها ثأر لنفسي من (اسرائيل)، ومن كل من أراد أن يحاصرنا ويمنعنا، ولكنها في الوقت ذاته إجلال لهذا الشعب، لأني لا أدخلها في وقت رخاء بل بعد عدوان اسرائيلي همجي”. وأضاف :”لقد شاهدتُ ما استطعتُ من الناس، ولكن كانت من أكثر اللحظات إيلاماً عندي أني كنتُ متخفياً، هل تصدّقين بأنني بين ناس غزة الصامدين الشامخين لكني كنتُ اخفي وجهي؟!، حتى لا يلحظني أحد، لأني دخلتُ خفية وكنت مصّراً على الخروج خفية، كان أكثر وقتي في “البيّارات”، وتمشيتُ في بعض المناطق، شاهدتُ الناس في الليل والنهار وفي الصلاة”. بن جدو عبر عن أسفه البالغ بأن يزور مستشفى الشفاء “المشهور” وهو متخفٍ، متابعاً:”تصوري أن أذهب إلى هناك ولا أستطيع التحدث مع أحد، مجرد أن اكتفي بالتفرج، كنت أود الحديث مع الأطباء والمرضى، عزّ علي كثيراً أن اذهب لغزة وألا أعانق زملائي الأعزاء في قناة الجزيرة الذين كانوا فرساناً رائعين، حيث لم يعلم أحدُ منهم على الإطلاق بدخولي أو خروجي، ربما علموا بعد أيام من مغادرتي عندما أعلنت القناة عن البرنامج، وذلك لأن ضرورة الكتمان كانت تقتضي هذه السرية”، حيث اصطحبتُ معي في رحلتي اثنين من الطاقم، وثلاثتنا يجيدُ السباحة!!!”. جانب لم يحظَ بالتغطية السؤال الأهم حول أسباب اختياره لموضوع مقاتلي القسام بالذات، كان هو محور حديثنا معه، حيث اعتبر أن كل الجوانب المتعلقة بالحرب تم تغطيتها من قبل وسائل الإعلام المختلفة، خاصة من قبل قناة الجزيرة، بما في ذلك الجوانب الإنسانية والطبية، والدمار، ولكنه في الوقت ذاته لم يكن هناك من إمكانية لتغطية عملية القتال ذاتها، لذا فضّل اختيار جانب يمكن أن يضيف به شيئاً جديداً للمشاهد”. وبالعودة مرة أخرى إلى الشق الثاني من سبب اختياره لكتائب القسام دوناً عن غيرها من فصائل المقاومة، صمتَ قليلاً ثم واصل:”لاحظتم في الحلقة الماضية، أني وضعتُ كلاماً أشدد فيه على أن قصة القتال الفلسطيني برواية القسام مع التنويه، إلى مشاركة أكثر من فصيل في هذه الحرب، فمن جهة أنه كان يستحيل عليّ أنا وغيري الحديث إلى كل المجموعات، لذا اخترتُ فصيلاً يقرّ الجميع بما في ذلك سائر الفصائل بأن القسام هو كان الأكثر مشاركة في القتال، وقد ركزتُ الحديث عنهم من جانبين رئيسين، الجانب الأول هو ما يتعلق بالمقاتل كبشر وكجانب انساني، كيف يفكر ويحيا ويستمر في الحياة، ويقاتل، بينما الجانب الآخر الذي تمثل في الحلقة الثانية عن جوانب من قصة القتال، بمعنى كيف قاتلوا عسكرياً، وعلى الحدود وما يخص السلاح”. بشر قبل كل شيء وحول الصعوبات التي واجهته في إعداد الحلقات، ذكر أنه لم تكن هناك صعوبات جدية، حيث كان قد هيأ للموضوع قبل فترة من دخوله، مشدداً بكثير من الإعتزاز:”هل تصدقين أن كتائب القسام لم يفرضوا علي أي شرط بأن يتحدثوا عن هذا ولا يتحدثوا عن ذاك، بأن أسال عن هذا ولا أسال عن ذاك، حيث كنت قد طلبت الحديث إلى المقاتلين فاستجابوا، وطلبت تصوير بعض الأسلحة وبعض مواقع المعارك فاستجابوا، ربما أنا مارست الرقابة ذاتياً على نفسي، لأنه لدي مشاهد كثيرة وصور عديدة جداً لكن لم ولن أظهر الا نصفها تقريباً لاحتياطات أمنية، فمن غير المفيد أن أكشف عن كل شيء على الأقل في هذا الوقت…والمقاتلون منحوني ثقتهم، لأنهم يدركون حرصي الشديد على أن أظهر المقاتلين كبشر من خلال حديثهم، وذلك بمعزل عن الجوانب الاستعراضية التي قد تضر ولا تنفع”. وأعرب بن جدو عن دهشته وسعادته من أصداء الحلقة الأولى التي لم يكن يتوقعها، موضحاً:”والله ان بعض المناوئين للمقاتلين والقسام من خارج فلسطين اتصلوا بي وقالوا لي وهم في حالة ذهول:”لقد استطاعت هذه الحلقة أن تغير نظرتنا إلى هؤلاء الناس بأنهم بشر، وكوادر وخبراء…فهم بالفعل تحدثّوا بشكلٍ عفوي ومتقن جداً، لذا وصلت رسالتهم من القلب إلى القلب”. ثقافة الحياة ولكن بشموخ من تابع البرنامج أمس والأسبوع الماضي سيلحظ أن “بن جدو” كشفَ عن الوجه الآخر للمقاتلين الذي لا يعرفه الكثيرون، وعن هذا الوجه يتحدث بحرارة:”ربما هناك من يختلف جذرياً مع القسام أو المقاومة لكن هذا لا يلغي القول بأن هؤلاء المقاتلين بالتعبير الفلسطيني “جدعان” في إقبالهم على الشهادة، وفي الوقت نفسه هم بشر ويتأثرون ولهم عائلات، ولكن هناك مسألة هامة للغاية بأنهم أناس حريصون على الحياة، وليس هدفهم الموت كما يعتقد البعض…هم يريدون أن يقاتلوا وينتصروا على (اسرائيل)، وأن يردّوا العدوان، ويبقوا على قيد الحياة، ولكن إن قتلوا فهم شهداء عند ربهم، مستشهداً بمثال حي من أحد الذين التقاهم في البرنامج عندما وصف مشاعر الفرح التي انتابتهم بعد أن ذهبَت مجموعة منهم لتنفيذ عملية استشهادية، حيث لم يعتقدوا أبداً أنهم سيعودون، لكن عندما عادوا غمرتهم السعادة. وحذّر بشدة حول ما يثار من كلام تشويهي وزائف-على حد قوله- بأن المقاتل الفلسطيني يرمي بنفسه إلى التهلكة، وذلك في إطار ما يطلق عليه بعض الكتّاب “ثقافة الموت”، بينما في الحقيقة هم ينتهجون ثقافة الحياة ولكن بعزٍ وشموخ وكرامة وليس بخنوع واستسلام، مضيفاً بألم:”أخشى أن أهل غزة لا يعرفون قدر أنفسهم، ومَن خارج غزة يظلمونهم بهذه الطريقة كثيراً”. مذهولٌ من شجاعتهم كانت مشاهد الحلقتين مصوّرةُ في مناطق مفتوحة، وهذا استدعى مني سؤالاً له:”بصراحة أستاذ غسان ألم تكن خائفاً”…..ضحك وأجابني:”سؤال ذكي! بالتأكيد لاحظت في الحلقة الثانية بأنني صورت في جبل الريس في منطقةٍ مكشوفة، كما كنا على بعد عشرات الأمتار من الحدود الفلسطينية الفلسطينية بين غزة وأراضي 48م، وكانت هناك بعض الدبابات والمكان خالٍ تماماً..كنتُ في حالة ذهول وأسأل نفسي:”كيف يستطيع المقاتلون أن يأتوا إلى مكانٍ كهذا، ببزّاتهم العسكرية، ويصوروا وهم مسلحون، كنت مذهولاً من جرأتهم وشجاعتهم، كان الوضع أخطر من الحلقة الأولى”. وتابع:”تسأليني إن كنت خائفاً…لستُ أدري! في تلك اللحظات الخوف يزول لأنني سبق وأن مررتُ بفتراتٍ أكثر خطورة عندما قصفنا، فأصبحت الأمور على ما يبدو أكثر اعتيادية”. جدير بالذكر أن الحلقة الثانية “لمقاتلي القسام” التي بُثت، يوم أمس سلطّت الضوء على بعض الجوانب العسكرية المتمثلة في تصوير جزء من غرفة العمليات العسكرية، وحديث إلى قادة ميدانيين في حي الزيتون وجبل الريس، إضافة إلى الحديث مع أبو عبيدة الناطق باسم كتائب القسام. الإعلامي التونسي تطرقَ إلى أكثر المواقف التي أثّرت به وهو يقوم بإعداد حلقاته موضحاً:”حقيقةً كل ما سمعته أثر في، لكن هذا المقاتل الذي تحدّث عن والده وكيف طلب منه حزاما ناسفاً، حيث إن والده ليس رجلا نكرة أو عادياً في الساحة الفلسطينية، أنا لا أستطيع أن أقول من هو، لكن هذا الموقف كان له وقع في نفسي، وهناك لقطة لأحد المقاتلين اسمه أبو المجد، وله رفيق مقاتل آخر اسمه أبو المجد، ولكل منهما شقيق كان يسمى ابو أسامة، وكانا سوياً على مدى سنوات واستشهدا معا، فقال لي:”أنا وشبيه اسمي “أبو المجد” أيضاً سنستشهد سويا”، وهناك أشياء أخرى لا أستطيع أن أقولها”. مؤمنون وأوفياء وخبراء حبّات المسبحة التي كانت تتحرك الواحدة تلو الأخرى بين أيدي “القساميين” الذين كانوا يمتشقون أسلحتهم كالأسود…كان مشهداً يظهر قوة العقيدة التي يشترك فيها كل المقاتلين…غسان بن جدو المعروف بعلاقته الجيدة مع “حزب الله” سيما أنه أحرز سبقاً في إجراء حوار مع أمينه العام “حسن نصرالله” بعد حرب تموز 2006م، سردَ أهم القواسم المشتركة بين كل من مقاتلي “القسام” و”حزب الله” من وجهة نظره، بقوله:”كلاهما يتشابهان في إيمانهم العقائدي الشديد، ووفائهم لقضيتهم ووطنهم، ونكران الذات الكبير، وعلاوة على ذلك الكفاءة والجدارة، الذي يدل على التدريب الواضح وبأنهم ليسوا هواة، فمقدرتهم الفائقة على القتال وصدّ العدوان بلا شك هي ليست صدفة، ولكن بالتأكيد أن المقاتل الفلسطيني يتميز عن سواه من المقاتلين بأنه يحمل القضية الفلسطينية على أكتافه”. “برأيك هل كانت غزة تستحق كل هذه المغامرة؟..ردّه على الفور كان: “ثقي يا أختاه أن زيارتي بهذا الشكل لم تكن جزءاً من إطار صحفي مهني جاف، لو كانت جزءاً من هذا الإطار ما كنتُ مجبراً على المخاطرة بهذه الطريقة، يوماً ما قد أحدثكم عن المخاطر التي واجهناها، لن تصدقي ما أقول لك!، لكني كنتُ أحمل رسالة أؤمن بها، وحلقات غزة لن تمحى من ذاكرتي أو أرشيف البرنامج الذي بلغ عمره أكثر من ثماني سنوات، لأنها سجّلت علامةً بارزة فيه. وكانت من بين الانطباعات الهامة التي سجّلها أثناء تجواله في المدينة تتمثل في:”لاحظتُ ألم الناس وصبرهم وصمودهم وإصرارهم على التحدي من أجل إعادة البناء، وهذا مهم، فأن نتحدث عن صمودٍ بلا ألم فنحن لا نتحدث عن بشر، وأن نتحدث عن ألمٍ بلا صمود فنحن لا نتحدث عن غزّيين!!”. (اسرائيل) آخر همي ويعتبر بن جدو بالنسبة (لاسرائيل) صحفياً غير عادي، فبعد لقائه مع حسن نصر الله بعد حرب تموز كاد الموساد أن يختطفه، كما أن مكتب رئيس الوزراء السابق (أولمرت) تعامل معه بمنتهى العنجهية على إثر الحلقة التي استضاف فيها الأسير المحرر سمير القنطار واحتفل بيوم ميلاده، حيث هدد بمقاطعة قناة الجزيرة ووقف كل الاتصالات إن لم تتم محاسبة (غسان)، وفي ذات الوقت هو معروف بمبدئه في عدم التعاطي مطلقاً مع “القادة الاسرائيليين” ومنهم “ايهود باراك” الذي رفض اجراء حديث معه، عندما أتيح له ذات مرة أن يكون له السبق في ذلك عام 2000م. وفي السياق ذاته، لم يُعر بن جدو كعادته أي اهتمام لـ(اسرائيل) بأن تتخذ منه موقفاً مضاداً عقاباً على مغامرته الأخيرة، موضحاً:”بكل صراحة هذا آخر همي بأن أفكر فيما يمكن أن تفعله (اسرائيل) بأي أمر يتعلق بي، التي عليها أن تعرف أن جيلاً كبيراً من الصحفيين يَعون بأن القضية الفلسطينية مقدّسة، وأننا لن نساوم (اسرائيل) مطلقاً لا من قريب ولا بعيد”. جيلُ جديد سيعزّنا قبل أن يشارف الحديث الشيق معه على الانتهاء…طلبنا منه توجيه رسالةً للمواطن والمقاتل الغزّي، فأتت إجابته على خجل بعبارة متأثرة وصادقة:”من المعيب أن أنصّب نفسي صاحب رسالة لهؤلاء، هم الذين يقدمون لنا رسائل وتوجيهات، نحن من نستلهم من صمودهم جزءا من البقاء والحياة، والله العظيم أقسم ثلاثاً عندما أرى البنايات الفخمة هنا في بيروت أشعر بالخجل، لأني ما شاهدته في غزة يحمّلنا مسؤولية أكبر بكثير مما نتصور، نحن كصحفيين نقوم بجزءٍ يسير من دورنا وهذا واجب علينا، وهناك مسؤولية كبيرة تقع على العرب والمسلمين سواء العلماء أو أصحاب المال والمثقفين، ولكن دعيني أقول للسياسيين والكتاب الذين لم يجدوا حرجاً في التقريع بالمقاومة أن يخجلوا من أنفسهم، فنحن أمام جيلٍ جديد من البشر سيعزّنا، ويعطينا كرامة تاريخية، لذا ينبغي أن نحييهم”. غسان بن جدو….الإعلامي الذي يخفي وراء هدوئه الكثير من الشجاعة والعشق لأرض فلسطين…الحديث معه كان حقاً لا يمّل، حيث كانت أمنيته التي تمناها من كل قلبه أن يأتي في المرة القادمة قريباً إلى غزة ليسّلم على الناس ويقبّلهم في الهواء الطلق…يتحدث معهم جميعاً ويصلي بجانبهم في المساجد ويأكل معهم في المطاعم….أما غزة وأهلها التي غامرَ غسان من أجل أن يُظهر حقيقة مقاتليها فهي أيضاً تنتظر بشغف زيارته المقبلة، التي تأمل بأن تكون هذه المرة زيارةً علنية ولوقتٍ يتسعُ أكثر لطرح المزيد من وجوه الحياة الغزّية في برنامج “حوار مفتوح”. حاورته – هديل عطا الله (صحيفة فلسطين-01.03.2009)-بتصرف قليل
(العـ96ــدد 04 مارس 2009 موقع السبيل أونلاين)


ليبيا تعيّن رئيس المخابرات وزيرا للخارجية


سرت (ليبيا) (رويترز) – عين مؤتمر الشعب العام الحاكم في ليبيا يوم الاربعاء موسى كوسا رئيس المخابرات أكثر المسؤولين نفوذا في البلاد بعد الزعيم معمر القذافي وزيرا للخارجية في تعديل وزاري. وقال بيان رسمي ان كوسا كان له دور هام في مكافحة المنشقين الذين يوجد مقرهم في الخارج وفي مواجهة مع الغرب استمرت نحو ثلاثة عقود. وسيخلف محمد عبد الرحمن شلقم. وأبقى مؤتمر الشعب العام (البرلمان) على المحمودي رئيسا للوزراء. وألغيت مناصب أخرى أو أدمجت لتقليص البيروقراطية. وأصبح عبد الحافظ زليطني الذي كان يتولى وزارة التخطيط الاقتصادي وزيرا للتخطيط والمالية. وهو أيضا رئيس مجلس إدارة هيئة الاستثمار الليبية التي تدير صندوقا للثروة السيادية لليبيا العضو في منظمة اوبك قيمته 69 مليار دولار. وأصبح محمد على الحويج وزير المالية في التشكيل الحكومي وزيرا للصناعات والاقتصاد والتجارة. (المصدر: وكالة رويترز للأنباء بتاريخ 5 مارس 2009)

المسألة النسائية في زمن العولمة (1-2)..

نصوص من «الزمن الجميل»


احميدة النيفر (*)  نقرأ بشيء من الاستغراب في كتاب البيان والتبيين للجاحظ (تـ 255هـ/ 868م) قوله «لا تَدَعْ أُمّ صبيّك تضربه، فإنّه أعقلُ منها، وإن كانت أسنَّ منه». أن تصدر هذه العبارات من مفكر وأديب في مثل مقام الجاحظ أمر يستدعي النظر، فكيف يمكن أن نفهم حديثه هذا؟ هل يتعلّق بالجارية التي يعاشرها سيدها فتنجب منه، ومع ذلك فهو لا يرى لها من قيمة تُذكر مقارنةً بابنه الصغير؟ أم أن المقصود هو ضرورة تجنب ضرب الأبناء، لأن عواقبه وخيمة كما قال ابن خلدون «من كان مُربّاه بالعسف والقهر من المتعلمين، حمله على الكذب والخبث»؟ قد لا يكون المعنى سوى ما يدل عليه ظاهر اللفظ، أي أن الجاحظ ينتقص عموم النساء ولا يرى لهن من فضل في التربية، كما أنّه يمكن أن نحمل عبارة مؤلف البخلاء على غير محمل الجِدّ، وأنه من قبيل الهزل الذي يستعمله هو وبعض الكتّاب عند معالجة القضايا الهامة قصد تلمّس ما خفيّ من التناقضات، وما دقّ من التباينات ليكون الهزل سبيلا لإذكاء العقلية النقدية. الذي لا شك فيه أن الجاحظ الذي وضع رسائل في «المعلمين» و «المغنين» و «القيان»، خص النساء برسالة تأكيدا على أهمية الموضوع. وهو وإن لم يتعرض صراحة إلى قضية المكانة العقلية للمرأة فإن سكوته كان مرجّحا لدلالات تجعله أفصح من الكلام. نجده في مواضع يلمّح إلى مكانة المرأة فيستبعد عنها العقل، وفي مواضع أخرى لا يتردد في التقليل من أهمية رأيها وفي تفضيل الرجل عليها. وإذا كانت المرأة عند الجاحظ تفضل الرجل في أمور، فهي لا تعدو أن تكون أمورا متصلة بالأنوثة والضعف، فهي التي: «تُخْطَب وتُراد وتُعْشَق وتُطْلَب» وهي التي «تُُفْدى وتُحْمى». نجده أيضا يورد بعض النوادر التي وإن كان لا يتبناها صراحة فهي تبقى معبّرة، كقوله «ومن أقوال العامّة: أحمق من معلّم كُتّاب.. وكيف يرجى الرأي والعقل عند مَن يروح على أنثى ويغدو على طفل». ما ينبغي أن نذكره من جهة أخرى أن الجاحظ كان من المعتزلة، بل ومن رجالهم المتميّزين، وأن هذه الفرقة، خلافا لما يمكن أن يُظَنّ، لم تكن مذهبا للخاصة دون العامّة. يقول صلاح الصفدي المؤرخ (تـ 764هـ /1362م): «ومن وقف على طبقات المعتزلة للقاضي عبدالجبار علم ما كانوا عليه من العدد والعدة». كما نجد عند القاضي أبي علي التنوخي (تـ 384هـ /994م) صاحب نشوار المحاضرة: «أن نساء المعتزلة لم يكنّ يخشين الجن والأرواح، وكذلك صبيانهم، لأنهم لم يكونوا يسمعون أحاديث الجن من آبائهم، بل كانوا يسمعون إنكار رؤيتهم». أما ياقوت الحموي (تـ 626هـ /1129م)، صاحب معجم البلدان، فيقول في حديثه عن مدينة «تاهرت» في المغرب قرب «تلمسان» إن مجمع «الواصلية» -أصحاب واصل بن عطاء أحد مؤسسي الاعتزال- كان هناك، وإن عددهم بلغ ثلاثين ألفا في بيوت كبيوت الأعراب يحملونها». ما نستفيده من هذه التفاصيل هو التوسع العمودي لفرقة الاعتزال، وأنه يعسر أن نتصوّر إمكان تحقق ذلك مع أن أحد رجالها كان يعتمد آراء إطلاقية وتحقيرية للمرأة. لكن مع ذلك، فما ذكرناه من بعض أقوال الجاحظ في خصوص مسألة المرأة يظل حاملا لدلالة ثقافية متصلة بعصره، أي أنها عبارات مرتبطة بخطاب قائم في أوساط تجعل عموم المرأة أقلّ قيمة إزاء مطلق الرجال. مثل هذا الخطاب يعتمد تراتبية تكشف عن علاقة إخضاع يتبناها قسم رجالي من المجتمع في تصوّره وممارسته إزاء النساء. ما يتأكد بناء على ذلك أن القول بوجود بنية تصوّرية تعمل على أساس دونية المرأة وأفضلية الرجل، لا يعني أننا أمام بناء ثقافي صمّ وقاعدة مطّردة يشملان جميع الفئات الاجتماعية بمختلف أنماط حياتها المادية وتنوع مستوياتها الحضارية. ذلك ما تثبته البحوث المتصلة بعلم الاجتماع الثقافي، حين تقرر أن الذات الثقافية تكون حتى في حالات «الاستقرار» الحضاري حقلَ تباينٍ يبلغ أحيانا أخرى حدَّ التناقض والصدام الداخليين بين المفاهيم والرؤى التي تنتظم المجتمع. بحث قضية المرأة في هذا السياق لا يكون بالاعتبار البيولوجي وما ينجر عنه من وظائف اجتماعية، بل بصفته «مفهوما»، أي عنصرا معرفيا يتضمن كشفا عن التعدد والتراتب المُحرّكيْن للمجتمعات. هو أيضا ليس تناولا للمرأة بصفتها رمزا يوحِّد طاقات المجتمع في سياق إبداعي أو دفاعي. في هذا المجال نجد نصا آخر من «الزمن الجميل» يكشف لنا تنوّع الزوايا التي يمكن أن تعرض من خلالها قضية المرأة. ذلك أن هناك فرقا بين النظر إلى القضية باعتبارها رمزا موحّدا، وبين تناولها مفهوماً يتضمن تراتبية وتفريقا يقوم على معرفة أي سلطة وسيادة. أورد النص أكثر من مفسر للقرآن الكريم عند شرح قوله تعالى: «يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَنْ لَا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا..»، ذكروا عندئذ بيعة هند بنت عتبة زوج أبي سفيان، فقالوا «إنّ النبي عليه الصلاة والسلام بايعهنّ وكان على الصفا، وهند بنت عتبة متنقّبة متنكّرة خوفاً من أن يعرفها رسول الله، فقال أُبايعكن على أن لا تشركن بالله شيئاً، فقالت هند: إنّك لتأخذ علينا أمراً ما أخذتَه على الرجال، وذلك أنّه بايع الرجال يومئذ على الإسلام والجهاد فقط، فقال رسول الله: ولا تسرقن. فقالت هند: إنّ أبا سفيان ممسك (بخيل) وإنّي أصبتُ من ماله هنات، فلا أدري أيحلّ لي أم لا؟ فقال أبو سفيان: ما أصبت من مالي فيما مضى فهو لك حلال.. فضحك رسول الله وعرفها، فقال لها: وإنّك هند بنت عتبة؟ فقالت: نعم، فاعف عمّا سلف يا نبي الله عفا الله عنك. فقال: ولا تزنين. قالت هند: أَوَ تزني الحرّة؟! فقال الرسول: ولا تقتلن أولادكن، قالت هند: ربّيناهم صغاراً وقتلوهم كباراً وأنتم وهم أعلم. وقال النبي: ولا تأتين ببهتان، قالت هند: والله إنّ البهتان قبيح وما تأمرنا إلاّ بالرشد ومكارم الأخلاق، ولمّا قال: ولا يعصينك في معروف، قالت هند: ما جلسنا مجلسنا هذا وفي أنفسنا أن نعصيك في شيء». ما يلاحظ في هذا النص أن الحوار فيه كان يجري على مقتضى رؤيتين: رؤية الداعي إلى بيعة النساء -وهو الرسول عليه السلام- وهي رؤية تريد أن توحّد وتجمع، أي أنها تنظر إلى المرأة باعتبارها معنى جامعا ورمزا موحِّدا، بينما كانت تعليقات هند بنت عتبة القرشية العبشمية تعبر في الغالب عن منحدرها الاجتماعي والسيادي، أي عن الفئة المالكة للقوة والسلطة ولرؤية خاصة للذات. لكن مع هذا وذاك، فإن هذه النصوص التراثية إذ تكشف عن تركيب الذات الثقافية وتعايش العناصر المتباينة داخلها أو تصادمها، تبيّن درجة التعقيد التي ستبلغها القضية النسائية في سياق معولم. إن ظاهرة العولمة التي تفرض نفسها على الجميع في المجالات الاقتصادية والمالية والسياسية، لن تقف دون اختراق المجالين الاجتماعي والثقافي. هي لذلك ستواجه طبيعةَ البناء الثقافي للمجتمعات بما تَعتَوِرُها من اختلافات بتحديات أكبر تضاعف من حدة تمزّقها. بذلك تتحوّل قضية المرأة اليوم من مجرد مسألة ثانوية ضمن حزمة مسائل أخرى تصوغ أزمة العالم العربي المعاصر، لتصبح في سياق العولمة خاصة قضية إشكاليةً. إنّها بذلك تتطلب رؤية بديلة تتجاوز المنظومات الأيديولوجية الجاهزة وتقتضي في المستوى الاجتماعي السياسي رسم معالم فكر وممارسة يمكّنان من تقدّم حقيقي لقضية المرأة داخل مجتمعات عربية أكثر تحررا وإنسانية. (*) كاتب من تونس (المصدر: صحيفة العرب (يومية – قطر) الصادرة يوم 5 مارس 2009)


فرصة التغيير لدى أوباما لعلها تمر عبر لاروش

        


 د.أحمد القديدي* أكدت عديد وكالات الأنباء العالمية و أخرها الوكالة الهندية و الوكالة الإيطالية بأن عالم الإقتصاد الأمريكي ليندن لاروش من المتوقع أن يكون من بين مستشاري الرئيس أوباما في مسائل الأمن القومي و شؤون الأزمة الإقتصادية الراهنة، ( و يا حبذا لو يكون مستشارا في السياسة الخارجية الأمريكية لأن مواقف الرجل مناقضة جذريا لسياسات بوش و تخبطاته وتعصبه الإنجيلي الوهمي ). وهذا الأمر وارد الإحتمال بعد المساندة التي قدمها السيد لاروش للسيدة هيلاري كلنتن أملا في أن تكون هي أو المرشح باراك أوباما وريثين حقيقيين للرئيس الراحل فرنكلين روزفلت الذي يشكل مدرسة تاريخية في التصدي لأزمة 1929 العاتية والعودة بالولايات المتحدة لدورها الأخلاقي الدولي كعامل توازن و ريادة في عالم محفوف بالمخاطر و التحديات.                                                              و الأمر متوقع أيضا بعد الجلسات المطولة التي دعا خلالها فريق أوباما الإقتصادي المؤقت ( قبل التنصيب الرسمي ليوم 20 يناير) السيد لاروش ليستنير بأرائه و يطرح عليه جملة من الأسئلة حول الخروج من الأزمة. و ليس السيد لاروش غريبا عن جهاز الحكم في واشنطن لأنه سبق أن شارك أثناء ولاية الرئيس ريغن في بلورة مشروع ( حرب النجوم ) أي برنامج الصواريخ المضادة للصواريخ حينما كان الإتحاد السوفييتي قائما و قويا قبل إنهياره المعروف. كما أن السيد لاروش إحتفظ بتقدير و صداقة الزوجين بيل و هيلاري كلنتن طيلة الولايتين ( 1993-2001 ).                                                         السيد لا روش هو الوحيد الذي أنذر العالم من إنهيار النظام النقدي الدولي و شخص الداء كما أنه الوحيد الذي وصف العلاج منذ عشرين عاما برؤية نادرة من استشراف المستقبل واستباق الأزمات، و أصبح اليوم مرجعا أمريكيا و دوليا و للخبراء و الساسة حتى يتخذوا القرارات الجذرية و التأسيس لنظام اقتصادي و استراتيجي عالمي يعوض ( بريتن وودس) و يقوم على العدل و الأمن و التعاون بين أمريكا و الصين و روسيا و الهند و مد شبكات الطرقات و الجسور و الاتصالات  و إسناد التواصل بين الأمم إلى فلسفة حضارية مختلفة بإنهاء الإستغلال و النهب ثم حل الأزمات الكبرى بالإحتكام للقانون الدولي و أولها أزمة الشرق الأوسط بالكف عن الدعم المجنون المغامر لسياسات إسرائيل لأنها في تحليله أصبحت تهدد الأمن  و السلام العالميين و تتحول إلى بؤرة من العنف و القتل و الإبادة العرقية كما وقع في غزة منذ أسابيع.                                                              كما أن السيد ليندن لاروش من أنصار سيادة الأمم على ثرواتها و خياراتها و عدو لدود للإقتصاد المؤسس على الربا و تجارة الأوهام وإحلال الإفتراضيات محل الواقع الملموس مقاوم بلا هوادة لتلاعبات المضاربين لأنه ما فتأ يدعو لإقتصاد عالمي يقوم على الإنتاج الفعلي للثروة والتشغيل و العدل و الرفاه و التكنولوجيا و التجارة، ومكافحة استبداد وأمبريالية المصارف و الشركات عابرة القارات التي تتحكم في رقاب البشرية و تتمعش من الحروب و تتمول من المخدرات.                                                                  هذه المواقف يعبر عنها السيد لاروش منذ ثلاثين عاما من خلال مجلته الشهرية القيمة (إكزكتيف أنتليجنس ريفيو) و أسبوعيته العالمية التي تصدر بثلاث لغات (نيو سوليداريتي) و في نشرته الخاصة الموجهة للنخب الحاكمة ( ستراتيجيك ألرت) و أيضا عبر الأحزاب الأمريكية و الأوروبية التي تنحدر من أفكاره و تدعو إلى سماع صوته. وهي مواقف تشكل بالضبط ما يطمح إليه الرئيس الجديد من تغيير، أي التغيير الذي أعلن قطيعة كاملة مع سياسات المحافظين الجدد لدى بوش و تشيني. وقد أفصح السيد لاروش خلال الأسابيع الأخيرة في مؤتمرات سياسية و صحفية بأنه مستعد للعمل مستشارا للإدارة الجديدة كرجل صاحب خبرات و تجارب قد يحتاجها الرئيس باراك أوباما من أجل إنقاذ الولايات المتحدة من إنهيار إقتصادها و إنحدار سمعتها و ضياع إشعاعها  بعد ولايتين للرئيس بوش تحكم فيهما ديك تشيني و ورط الدولة العظمى في حروب و أزمات و مطبات لا يبررها شيء، واعترف بوش ذاته بأن حروبه كانت تبعا لمعلومات مغلوطة و تقديرات سيئة!              ليندن لاروش عرفته شخصيا منذ ما يربو عن الثلاثين سنة و زرته عديد المرات في بيته بضواحي واشنطن و في بيته الألماني قرب فيزبادن و التقيته مرات لا تحصى في عواصم أوروبية خلال مؤتمرات إقتصادية و سياسية عالمية و شارك معي في عدة لجان دولية منها اللجنة العالمية لإطلاق سراح المناضل الفلسطيني مروان البرغوثي و عملت معه ومع السيدة هلجا زوجته ضمن الهيئة العالمية لمناهضة الألعاب الإلكترونية العنيفة التي تغرس في أطفالنا غريزة القتل و التدمير. و ما أزال أعتقد أنه أحد الشخصيات الأمريكية الأبعد رؤية و الأعدل موقفا و الأقرب إلى قضايا الإنسان المستضعف في العالم و الأقدر بالتالي على إعادة الإعتبار للأمة الأمريكية التي فقدت خلال العشرية الماضية ما تبقى لها من هيبة و احترام. و أنا لا أقنط البتة من إمكانية تعديل السياسة الأمريكية الخارجية إزاء القضايا العربية لأن هذا الإحتمال ممكن جدا، إذا ما أدركنا نحن العرب بعض السبل المؤدية إلى ذلك، فلا يكفي أن نكون على حق بل يجب أن نعرف كيف نفرض ذلك الحق في مجال العلاقات الدولية الذي يفرض فيه أعداؤنا الباطل.                                               *رئيس الأكاديمية الأوروبية للعلاقات الدولية بباريس


تركيا وظلال 28 فبراير الثقيلة


بشير موسى نافع (*) تذكر الأتراك يوم السبت الماضي، كما يتذكرون كل عام منذ 1997، يوم مذكرة مجلس الأمن القومي الشهيرة التي قدمت إلى رئيس الوزراء آنذاك، نجم الدين أربكان، في 28 فبراير، يُعرف هذا اليوم -ثقيل الظل والوطأة- في اللغة التركية السياسية بالانقلاب ما بعد الحداثي، انقلاب الجيش على السلطة السياسية، بدون طوابير دبابات، ولا سيطرة صريحة على مؤسسات الحكم. ولكن ذكرى 28 فبراير هذا العام تختلف إلى حد ما عن الأعوام الماضية، فقد كشفت التحقيقات الجارية منذ شهور حول منظمة أرغنيكون السرية، السياسية-الإجرامية، أن عدداً من «أبطال» انقلاب 1997 هم أيضاً من المشتبه فيهم في شبكة أرغنيكون. هذا، بالطبع، لا يعني أن السياسات والإجراءات التي زرعها انقلاب 1997 قد اختفت. الحقيقة، أن تركيا لم تزل تعيش تحت سقف المناخ الذي أنتجه الانقلابيون منذ 12 عاماً. ما أدى إلى انقلاب فبراير 1997 كان انتخابات 1995 المفاجئة وغير الحاسمة على السواء. للمرة الأولى منذ قيام الجمهورية، أعطت الانتخابات حزب الرفاه الإسلامي موقع الكتلة الأكبر في البرلمان التركي، بدون أن يمتلك أغلبية كافية لتشكيل الحكومة منفرداً، بعد شهور قليلة، نجح الزعيم الإسلامي أربكان في التوصل إلى اتفاق مع السيدة تانسو تشيلر، رئيسة حزب الطريق القويم، لتشكيل حكومة ائتلافية، على أساس تولي أربكان رئاسة الوزراء لمدة عامين، ليخلي بعدها الموقع لتشيلر للعامين التاليين من عمر الحكومة. وهذا ما حدث بالفعل، لتبدأ الحكومة الائتلافية عملها في يونيو 1996، ومنذ اللحظة الأولى لتوليه، لم يخف أربكان توجهات حكومته. بعض من السياسات التي أثارت ردود فعل واسعة في الدوائر العلمانية كان إطلاق أربكان مشروع تشكيل مجموعة «الدول الإسلامية الثمانية الكبيرة»، كخطوة أولى نحو إقامة سوق إسلامية مشتركة. أعلنت حكومة أربكان مشروعاً لتأسيس معهد عال للدراسات الإسلامية في الجانب الآسيوي من مدينة اسطنبول، ونيتها إقامة مسجد في ميدان تقسيم الشهير الذي يتوسط الجانب الأوروبي من المدينة، كما انتشرت شائعات تفيد بأن أربكان يعتزم إعادة آيا صوفيا مسجداً، بعد أن كانت الدولة الجمهورية قد أوقفت الصلاة فيه وحولته متحفاً منذ عشرينيات القرن العشرين. في 22 يناير 1997، عقدت قيادة الجيش اجتماعاً خاصاً لبحث الخطر الذي تمثله الحكومة على مستقبل النظام العلماني، وبدأت قيادة الأركان سلسلة من النشاطات التي استهدفت إضعاف الحكومة وخلق مناخ يسمح بإطاحتها، خلال الأسابيع القليلة التالية، انطلق عدد من التظاهرات التي تتهم حكومة أربكان بتهديد أسس النظام الجمهوري العلماني، وفي 28 فبراير اجتمع مجلس الأمن القومي، الذي كانت الأغلبية فيه من العسكريين، وانتهى بتقديم عدد من المطالب لرئيس الوزراء، لم تنشر هذه الوثيقة رسمياً أبداً، ولكن المعروف على نطاق واسع أنها تضمنت توسيع نطاق تحكم الدولة في المدارس الخاصة والمؤسسات الخيرية ذات النشاط التعليمي، إغلاق عدد من الأحزاب والصحف المتهمة بميول دينية، إقرار قوانين تمنع المتدينين من دخول المؤسسات الحكومية والعامة، بما في ذلك المدارس والجامعات والمعاهد العليا، تطهير الجيش والمؤسسة العسكرية من المتدينين، وإقرار قانون بمد التعليم الحكومي الإلزامي إلى ثماني سنوات، بهدف تقليص تأثير مدارس الأئمة والخطباء (إسلامية التوجه)، وحتى منع المواطنين من التبرع بالأضحيات للمؤسسات الخيرية المستقلة، وقصر التبرع على مؤسسة الجيش الخيرية. قبل سنوات قليلة، قابلت أربكان لأكثر من أربع ساعات، وسألته بإلحاح عن مجريات لقاء مجلس الأمن القومي. وكرجل دولة، قال إن الجلسة تتعلق بأعمال الدولة غير المعلنة وإنه ليس في حل للإفصاح عن مجرياتها. المعروف، بالطبع، أن أربكان وقع مذكرة المطالب، ولكنه كما يبدو تباطأ في تطبيقها، في 20 يونيو تقدم أربكان فجأة باستقالته إلى رئيس الجمهورية. وقد ذكر لي، متجنباً مرة أخرى الإفصاح عن التفاصيل، أنه اضطر إلى الاستقالة لأن أطرافاً أرادت منه تطبيق سياسات تمس بتعهداته للشعب، وبشرفه وقناعاته. قبل أيام قليلة فقط، نشر موقع القناة السابعة الإخبارية تسجيلاً بصوت رئيس الأركان الأسبق، الجنرال إسماعيل حقي كاراداي، المشتبه به في قضية أرغينكون، يقر بأنه كان طرفاً رئيساً في مذكرة 28 فبراير 1997، وأنه كان من اتفق مع الرئيس ديميريل على إجبار أربكان على الاستقالة. يؤكد الجنرال في التسجيل الصوتي: «قلت للخوجة (أي الأستاذ أربكان) اذهب، فذهب. ونحن (أي الجيش)، بعد ذلك، أغلقنا الحزب (أي حزب الرفاه)». ما حدث بعد الاستقالة أن أربكان تقدم إلى رئيس الجمهورية بتواقيع 270 عضواً برلمانياً يدعمون حكومة جديدة تقودها تشيلر، ولكن ديميريل، في تواطؤ مع قيادة الجيش، منح التكليف بتشكيل الحكومة لمسعود يلماظ، رئيس حزب الوطن الأم، الذي تمتع بدعم أقلية صغيرة في البرلمان، وهو ما لم يستطع أن يقوم به، ومن ثم، بدأت الضغوط على النواب من كافة الأحزاب العلمانية لدعم حكومة يقودها رئيس وزراء بديل، موال لقيادة الجيش. ولكن هذا ليس هو المهم. المهم، أولاً، أن تركيا عاشت خمس سنوات تالية من عدم الاستقرار السياسي والانهيار الاقتصادي، حتى استطاع حزب العدالة والتنمية الفوز في انتخابات 2002، وتشكيل حكومته الأولى التي أنقذت البلاد من الهاوية. والمهم، ثانياً، أن تركيا لم تزل مقيدة بتوجهات مذكرة 28 فبراير 1997. في تصريح لرئيس الأركان الأسبق، حسين كيفريكو أوغلو، قال الجنرال «إن 28 فبراير سيستمر 1000 سنة أخرى إن احتاج الأمر»، أما رئيس الأركان الحالي، إلكر باشبوغ، فقد أشار في سبتمبر الماضي إلى أن الفلسفات والأفكار والتوجهات التي دفعت تركيا إلى 28 فبراير ما زالت نشطة في المجتمع، وهو المعنى نفسه الذي أكد عليه الرئيس الأسبق ديميريل، عندما أشار إلى أن 28 فبراير ما زال مستمراً لأن الدولة العلمانية ما زالت مستمرة. أحد المظاهر البارزة على استمرار سيطرة 28 فبراير على المناخ السياسي في تركيا، كان التعديل الدستوري الذي تعهدته حكومة العدالة والتنمية بخصوص السماح للطالبات المحجبات بمواصلة تعليمهن الجامعي. المثال الثاني، كان بالطبع محاولة إطاحة حكومة العدالة والتنمية وإقفال الحزب كلية في دعوى تقدم بها المدعي العام للمحكمة الدستورية. في قضية الحجاب، هُزم التعديل الدستوري قضائياً، ولكن المحكمة، بعد شهور قليلة، أحجمت عن حل حزب العدالة والتنمية وحظر العشرات من قياداته، مما حافظ على استقرار البلاد السياسي. في 28 فبراير 1997، أعادت النخبة العسكرية والبيروقراطية التركية الحاكمة التوكيد على تحكمها بمقاليد الدولة، وتلاعبها بالساسة ورؤساء الجمهورية والحكومات كالتلاعب بأحجار الشطرنج، في 2007–2008، خاض حزب العدالة والتنمية سلسلة معارك لاختراق سقف 28 فبراير، أخفق في بعضها، ونجح في قليل منها، ثم جاءت قضية أرغنيكون لتفتح ملف الدولة الخفية في تركيا، من حيث لم يخطط العدالة والتنمية ولم يأمل. خلال الشهور القليلة القادمة، بعد ظهور نتائج الانتخابات المحلية وانطلاق عملية صياغة الدستور الجديد، سنعرف ما إن كانت حكومة العدالة والتنمية ستطوي صفحة 28 فبراير، وتدخل بتركيا الجمهورية إلى مرحلة جديدة من تاريخها. (*) باحث عربي في التاريخ الحديث (المصدر: صحيفة العرب (يومية – قطر) الصادرة يوم 5 مارس 2009)

المحاسبة الدولية أو التحدي الكبير؟

  


هيثم مناع (*) في واحد من أقوى الردود على التحركات التي تجري من أجل محاسبة مجرمي الحرب الإسرائيليين، كتب الصديق عزمي بشارة أفكارا حول الجرائم والمحاكمة تعد من كلاسيكيات نقد القانون الجنائي الدولي. وكم كنت أتمنى، عوضا عن أن يكتفي بالتوقف عند هذا الجانب، أن يتابع معنا الديناميكية الفكرية والقضائية التي بدأها العدوان على لبنان، وحال دون استكمالها رفض رئيس الوزراء اللبناني فؤاد السنيورة آنذاك قبول اختصاص المحكمة الجنائية الدولية (وهو ما طلبته قاضية أساسية في المحكمة قبل عامين لتشكيل غرفة ابتدائية من ثلاثة قضاة إذا لم يبادر المدعي العام بالتحرك من تلقاء نفسه). وكان لقرار السلطات الفلسطينية (وزير العدل في الحكومة المقالة في غزة ووزير العدل في حكومة تصريف الأعمال في رام الله ورئيس المجلس التشريعي بالوكالة والفصائل الفلسطينية الأساسية).. كان لكل هؤلاء الفضل في تعزيز قوة أكثر من 450 منظمة ونقابة غير حكومية تمثل أكثر من ستة ملايين عضو، من أجل جعل محاسبة مجرمي الحرب الإسرائيليين، ليس فقط فكرة مقبولة في الوعي العام الغربي، بل شرطا واجب الوجود لخروج العدالة الدولية من شبه أمجادها الغربية المخجلة (نورنبرغ، كمحكمة عسكرية استثنائية فبركها الغالبون)، إلى ضرورة إنقاذ هذا المصطلح عبر مبدأ “عدالة واحدة للجميع”. وهذا المبدأ سيبقى دون شك يستأنس بجمال الحلم أكثر من آنية التحقق، بسبب كل ما يذكره عزمي بشارة وغيره من معيقات وقيود ونقاط ضعف، لكن يجب التذكير في هذا الصدد بأننا عندما ناضلنا من أجل محكمة خاصة في رواندا، كنا لا نتجاوز أصابع اليد الواحدة. لا بل أذكر أن مندوب فرنسا في لجنة حقوق الإنسان توجه نحوي بعدما تحدثت عن محاسبة لا تستبعد فرنسا والفاتيكان ليقول “منذ متى يحاكم لاجئ سياسي في فرنسا جمهورية حقوق الإنسان؟” بلد “حقوق الإنسان” هذا الذي لم يتمكن حتى اليوم من غسل يديه من الإبادة الجماعية التي حدثت في رواندا، رغم لجنة الاستقصاء البرلمانية التي شكلها شيراك وجوسبان في ذلك الحين. وكما أدان البرلمان الفرنسي تركيا على الجرائم التي ارتكبتها بحق الأرمن، فإن فرنسا مدانة اليوم من عدد من البرلمانات الأفريقية على تواطئها في مجازر رواندا. والطريق ما زال في بدايته لتنجلي الأمور بوضوح لمن يبحث، حيث إن نقطة التقاطع الوحيدة بين أخذ الثأر وإقامة العدل تكمن في روح المتابعة. لن أخوض في تاريخية المحاكم الجنائية الخاصة والدائمة، أو في القدرة على توظيف الاختصاص الجنائي العالمي في أكثر من بلد، كما أني لست ببائع وهم لبلسمة جروح الضحايا. لكنني دافعت باستمرار عن فكرة مركزية تقول بأن الحق ليس مجرد نص، بل حركة صراعية وديناميكية بين جملة أطراف تلعب فيها السلطة المضادة -أو الفضاء غير الحكومي على الصعيد العالمي- دورا هاما وفاعلا. وربما في التجربة الشخصية وفي منهج التفكير بالعدالة الدولية، يشكل هذا العنصر فارقا مركزيا بين كاتب السطور والمفكر عزمي بشارة الذي اكتشفه العالم عند انتخابه في الكنيست، أي لسلطة تشريعية في الدولة المغتصبة لوجوده المعنوي وكيانه الفيزيائي والإنساني نفسه. إن مكر التاريخ هو الذي يفاجئنا، ولعل هذا المكر نفسه يفتح لنا اليوم أفقا للخروج من الواقع المر للعدالة الدولية، بعد ستين عاما من غياب المحاسبة للدولة العبرية. منذ نهاية مؤتمر روما للمحكمة الجنائية الدولية، كتبت اللجنة العربية لحقوق الإنسان في بيان لها “إن كان القرن العشرون قرن المواثيق الحقوقية والوصف والشجب، فالقرن الحادي والعشرون يجب أن يكون قرن المحاسبة ووضع حد للإفلات من العقاب”. ورغم كل العوائق التي أوجدتها أحداث 11 سبتمبر/أيلول 2001 والحرب على الإرهاب، فقد دافعنا عن هذه الأطروحة في كتاب عالمي جماعي “مستقبل حقوق الإنسان.. القانون الدولي وغياب المحاسبة”. ويمكن القول اليوم إن تجربة المنظمات الإنسانية والخيرية الإسلامية هي التي حولت كل هذه الأطروحات إلى معركة قضائية يومية من أجل رفع جمعيات بريئة عن قائمة الإرهاب أو الدفاع عن سمعة هذه الجمعيات. وقد أدت خبرة عدد هام من المحامين إلى فتح آفاق عمل منسق تمت هيكلته في منظمة “عدالة واحدة” التي زجها العدوان على غزة في المعمعان قبل استكمال عملية الهيكلة والتوثيق، فتحركت مع اللجنة العربية لحقوق الإنسان وعدة منظمات دولية في نطاق تكاملي من أجل تحالف دولي واسع لمحاسبة مجرمي الحرب الإسرائيليين. منذ بدء التحرك، كانت ثمة أجندة واضحة في ذهن النواة الصلبة الأساسية لهذا التحرك.. أجندة تدرك بأن القضية الفلسطينية لا تنزف فقط على جبهتها الدولية وبعدها العالمي، بل تزداد نزيفا بطعنات ذاتية وموضوعية. أول مكامن الاستنزاف الحرب على الإرهاب، وثانيها الاستشراس الغربي ضد الحركات الإسلامية السياسية الذي أجج حالة صراع داخلية فلسطينية، وأخيرا سيطرة حركة المقاومة الإسلامية (حماس) على قطاع غزة. ورغم الحصار المجرم بكل المعاني الحقوقية والأخلاقية الذي استهدف قطاع غزة، لم نتمكن كحركات تدافع عن حقوق الإنسان والشعوب من تنظيم مظاهرات يتجاوز عدد المشاركين فيها عدة آلاف في أي مدينة أوروبية. لا بل كوفئت الدولة العبرية على جرائمها من الاتحاد الأوروبي باتفاقية ترقية علاقات يوم 8 ديسمبر/كانون الأول 2008. ضمن تشابك هذه الظروف، قام الجيش الإسرائيلي بجريمة عدوان ضد قطاع محاصر منذ أكثر من عام ونصف، عدوان لم يحترم فيه أي قاعدة قانونية من قواعد الحرب والقتال المعاصرة. وتواكبت هذه الوحشية مع حالة قرف عامة من إدارة أميركية رعناء حطمت في ثماني سنوات ما بناه البشر في عقود، وصيحة “كفاية” مدنية عالمية لم تلق من الأنموذج الأميركي سوى مؤسسات أمنية وخناق على الحريات الأساسية وأزمة اقتصادية لا سابق لها، بحيث انطلقت عشرات المبادرات من مدن صغيرة أحيانا أو جمعيات مهاجرة تعمل في الأحياء المسماة بالصعبة، وانتفاضة في أوساط الأكاديميين والفنانين والمثقفين في وجه القلم المأجور للصحافة المشتراة سلفا والتي حصلت على اسم طريف “البرافدا الصهيونية”. محامون شرفاء تركوا مكاتبهم للبحث عن منافذ قانونية تضع حدا لغياب محاسبة الابن المدلل في الثقافة السياسية الغربية السائدة (الأنموذج الإسرائيلي). وفي هذا الوضع التعبوي توصلنا إلى تحديد نقاط أساسية للتحرك يمكن تلخيصها في التالي: – استنهاض المحكمة الجنائية الدولية التي خسرت الأساسي من رصيدها في قضيتي العراق ولبنان، لكن بعدم تكرار الأخطاء التي وقعت من جانب الحقوقيين. لذا تم التحرك لدى المجتمع السياسي الفلسطيني بكل فصائله، والعديد من الدول المصدقة على نظام روما للمحكمة الجنائية (بوليفيا وفنزويلا وجنوب أفريقيا وكوستاريكا) من أجل مطالبة المدعي العام بمباشرة التحقيق في جرائم الحرب الإسرائيلية. ولا شك في أن عملية التوثيق الدقيقة والاستنفار الدائم ستضع المدعي العام ورئيس المحكمة أمام مفترق طرق، إما الاستمرار في سلبية اعتمدت حتى الآن على مبادرات الدول المصدقة أو مجلس الأمن، أو الخروج من منطق الضعيف والقوي بأشكال كانت دوما ممكنة. وعليه، لن يترك التحالف الدولي بتحركاته حجة قانونية واحدة لأي طرف كان، خاصة أنه لدى قيادته خبرة مع المحاكم الجنائية. – المحاكم الوطنية ذات الاختصاص الجنائي العالمي، حيث يتحرك عدد كبير من المحامين من أكثر من عشر دول لتحويل مناطق الاصطياف ومعارض شراء السلاح للضباط الإسرائيليين إلى سجون محتملة. – الدعاوى الفردية المتعلقة بمزدوجي الجنسية: هناك عدد من عائلات الضحايا يحملون الجنسية المزدوجة، بما يسمح بإقامة دعاوى قضائية في عدة دول أوروبية. وهناك أيضا سياسيون وعسكريون إسرائيليون يحملون جنسيات أوروبية تجيز للمحاكم الأوروبية ملاحقتهم. – إقامة دعاوى للاعتداءات على أملاك أوروبية: على سبيل المثال لا الحصر، ثمة تحرك مدني حقوقي في النرويج يطالب بالمحاسبة والتعويض، فالنرويج عندما تبني منشأة في بلد تحت الاحتلال، تحتفظ بملكيته حتى إعلان استقلال الدولة المعنية بالمساعدة. وما تضرر من الأملاك المعتبرة مساعدات نرويجية يعتبر اعتداء على مملكة النرويج. – المطالبة السياسية والقضائية بإلغاء اتفاق 8 ديسمبر/كانون الأول 2008 ووقف اتفاقيات الشراكة الأوروبية الإسرائيلية. – تدخل لدى الدولة السويسرية الراعية لاتفاقيات جنيف. وقد باشرت منظمة “عدالة واحدة” العملية وتلقت جوابا يطلب معلومات إضافية، مع تبني قرار مجلس حقوق الإنسان بتكوين بعثة تحقيق وتشكيل بعثات تحقيق أخرى مستقلة. – إقامة دعوى قضائية أمام محكمة العدل الأوروبية بحق لجنة المفوضية الأوروبية المختصة بقضايا الإرهاب لإعاقتها أساليب الحوار السلمية ووسائل التعاون مع الشعب الفلسطيني ومؤسساته المنتخبة، وذلك بتصنيف الفصائل الفلسطينية التي لا تعترف بإسرائيل على قائمة الإرهاب، في حين أنها لم تفعل الشيء نفسه ضد حزب الليكود الذي لا يعترف بفكرة دولة فلسطينية، أو حزب ليبرمان الذي يطالب بالترانسفير. لقد بدأ النضال إذن لبناء تحالف دولي كبير يخرج اتفاقية روما والمحكمة الجنائية من التفسير الأضيق الذي حصرها فيه مجلس الأمن، والموقف الأميركي الصيني الروسي، وما يسمى بالحرب على الإرهاب. هذه الحركية أوجدت أساسا جديدا لتعزيز وتقوية القضية الفلسطينية في العالم، أي فتح الباب لديناميكية هجومية للمجتمعات المدنية. ديناميكية تستثمر هزيمة التجربة البوشية لتعيد الاعتبار إلى حقوق الإنسان وقيم العدالة في المؤسسات الدولية -خاصة منها القضائية- بعد ستين عاما من المظالم والانتهاكات الجسيمة لحق الإنسان الفلسطيني. وإثر عدة اجتماعات كانت بمثابة عملية تنقيب في فقه القانون الدولي، ابتعد عن التحالف بعض المنظمات الدولية الغربية المحافظة، (في تكرار هزلي لسيناريو ديربان عام 2001). لكن هذا الموقف شكل إدانة لأصحابه ولم يؤثر على قوة التحرك. تشابكت جهود عدة مبادرات في بلجيكا والنرويج وسويسرا وإسبانيا وبريطانيا وفرنسا مع مبادرات من المجتمعات العربية لضم الطاقات وتعزيز الإمكانيات وتبادل الخبرات. وانضم إلى هذه التحركات جيش من النقابات المهنية وتجمعات شعبية وعدد كبير من المنظمات غير الحكومية الجنوبية، بحيث إن 86 جمعية ونقابة فقط في التحالف الدولي من العالمين العربي والإسلامي والباقي من خارجه. لكن عندما نتحدث على سبيل المثال عن اتحاد الأطباء العرب، نذكر منظمة فقيرة بالإمكانيات المادية غنية بالطاقات البشرية، تخوض هذه الحرب بعقلانية وتنظيم يفوق فدراليات وتجمعات غربية عمر بعضها ثمانون عاما. نتكلم عن تجديد في الدم والأسلوب، عن عودة قوية لفكرة التطوع المركزية في أي بناء مدني ومقاومة مدنية، وعن الوجوه الجديدة الشابة التي دخلت الحياة العامة للدفاع عن الحق الفلسطيني. ولعل عدم متابعة هذه الديناميكية العالمية الجديدة هو الذي يجعل العديد من المثقفين العرب لا يعولون كثيرا على ما يجري، خاصة عندما يرون من حولهم مجموعة من الديماغوجيين الذين يكتبون ورقة لا تصلح مقالة في صحيفة ويرسلونها إلى السيد أوكامبو لتسجيل شكوى ضد مجرمي الحرب الإسرائيليين. وهنا لا بد من التذكير بأن فاكس المحكمة الجنائية الدولية استقبل أكثر من 150 شكوى من هذا النوع الاستعراضي! باختصار، يمكن القول اليوم إن “التحالف الدولي لمحاكمة مجرمي الحرب الإسرائيليين” نجح في إعادة استقطاب عشرات بل مئات الآلاف من الغربيين وأبناء الجنوب للقضية الفلسطينية، بعدما نجح اللوبي الصهيوني في استثمار الصراع الفلسطيني الداخلي لأقصى حد، واستطاع خلق حالة شوشرة وبلبلة في صفوف أنصار القضية الفلسطينية قبل العدوان. يركز التحالف على أن الصراع الداخلي الفلسطيني ظاهرة طبيعية في أي مجتمع متعدد وديمقراطي، ويبقى قضية داخلية. أما نحن فواجبنا الدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني المنتهكة بجسامة لا الدخول في الملف الداخلي الفلسطيني. وانطلاقا من أن العدوان جريمة والمقاومة حق، يحاول التحالف مد الجسور والتنسيق مع عدد من الدول التي تنسجم سياساتها مع المبدأ الذي يقوم عليه، أي “العدالة كرد على العنف والعدوان”. لا شك في أن حرصنا على العمل أكثر والحديث أقل، ترك المجال للتشويش والاختلاط في عدة قضايا تتعلق بما يجري حول فكرة المحاسبة والمحاكم، إلا أن شراسة المعركة وديمومتها، والقدرة على إدارتها، هي ما يرسم معالم مستقبل هذا التحدي. فنحن محتاجون لجمع كل القوى لا لشرذمتها والتشكيك في نواياها وأفعالها، وفي عدم جدوى المسارات القضائية الدولية، من باب ما سبق من كيل بمكيالين في هذا المضمار. ولعلنا، منذ أن نقلنا معسكر الخوف من عيون الطفل الفلسطيني إلى دماغ الضابط الإسرائيلي، قد دخلنا في صيرورة مدنية جديدة. ونأمل أن يتذكر العالم يوما في نهاية هذا المسار، أنه بفضل معاناة ومقاومة الشعب الفلسطيني تحقق أول اختراق لمنطق القرون الوسطى في العدالة الدولية. فانتصر منطق العدل على الظلم بمعزل عن المصالح والحسابات الضيقة الفردية والدولية، تأسيسا لغد يمكن أن نطمئن له كشعوب تدافع عن حقها في الوجود. (المصدر: ركن “المعرفة” بموقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 2 مارس 2009) الرابط:http://www.aljazeera.net/NR/exeres/4172EFBF-0CD2-4A2F-9CE0-1BCE0B2514CB.htm
 

Lire aussi ces articles

24 avril 2008

Home – Accueil   TUNISNEWS  8 ème année, N°  2893 du 24.04.2008  archives : www.tunisnews.net AISPP: Procès de 19 jeunes

En savoir plus +

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.