الخميس، 3 مايو 2007

Home – Accueil الرئيسية

TUNISNEWS
8 ème année, N° 2536 du 03.05.2007
 archives : www.tunisnews.net


حركة النهضة بتونس: مرة أخرى، سياسات السلطة تقود الى كارثة جمعية الصحافيين التونسيين: التقرير السنوي السادس حول واقع الحريات الصحفية في تونس محمد العكروت: محمد القلوي في خطر

محمد العكروت: السجن أحب إلي مما يدعونني إليه نورالدين الخميري : وضعيّة السّجين السياسي فرج الجامي في خطر: صرخة ونداء إلى أصحاب الضمائر الحيّة وعشّاق الحريّة

 عدد كبير من أعوان البوليس يحيطون بمكتب الاستاذة راضية النصراوي . . و تعنيف الصحفي سليم بوخذير  إسلام أون لاين : « فرحة شباب تونس » .. هياج الجسد دهس الأرواح أم.بي.سي: « ستار أكاديمي 4 ».. « حفل الموت في تونس الصباح: بعد مأساة التدافع في حفل «ستار أكاديمي» بصفاقس – شهــادات حيـة لأوليـاء عـدد من الضحايـا حزب العمل الوطنيّ الديمقراطيّ : نشرة إلكترونيّة عدد 12 عبدالله الــزواري: بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة: ثنائية  الفساد و غياب حرية التعبير  محمد  العروسي الهاني : عيد الصحافة العالمي الاعلام الجاد يبرز الحقائق ويلفت النظر لنقائص صلاح الدين الجورشي: المرأة التي أغضبت السلطة فعانقت العالمية سليم بن حميدان: أمريكا والرباعية والمصالحة التونسية بوعبدالله بوعبدالله: المصالحة « دعوة  »  للخير فلا تحولوها منبر للسب د. محمد الهاشمي الحامدي: سورة الفاتحة  « الشروق » الجزائرية: رعاة في مهمة جوسسة لفائدة المهربين على الحدود مع تونس  الحياة: نقابات محامين ومحكمون عرب يدعون الى مقاطعة مؤتمر تونس للتحكيم توفيق المديني: حاجة رويال الى الوسط لهزيمة ساركوزي د. بشير موسي نافع : تركيا العدالة والتنمية: نيسان أقسي الشهور


(Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe Windows (

(To readarabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows  (


 

بسم الله الرحمن الرحيم

حركة النهضة بتونس

مرة أخرى، سياسات السلطة تقود الى كارثة

 

 إن متابعة بسيطة  لما تنفثه القناة الرسمية تونس 7 وربائبها، من فنون هابطة، تلهب من الصباح الى المساء عرام الشهوات في نفوس الشباب بالاغاني المنحطة ومشاهد الرقص المثيرة، كفيلة بأن تفسر ما حدث أول أمس في أحد مسارح مدينة صفاقس من كارثة أودت بعشرات الشبان بين قتيل وجريح خلال تدافع أكثر من ثمانية آلاف من المتهيجين جاؤوا من كل فج عميق ليتابعوا موكبا من مواكب الفراغات الوافدة على البلاد، شهر بمسمى أعجمي لا يمت الى الامة ولا للدين ولا للمروءة بصلة « ستار أكاديمي ».

 

تحدثت وسائل الاعلام عن أن الذي يتولى في بلادنا تنشيط هذا الموكب من الفراغ والفساد أحد أفراد الاسرة الحاكمة، وذلك من طريق إغراء المراهقين والمراهقات بالشهرة والمال واللذة والنجومية، للانخراط في هذه الهيصة، فينتقون الفتية والفتيات من ذوي « المواهب الصوتية » ويتم عزلهم عن ذويهم في فنادق فخمة تعد لهم، حيث يدربون على أساليب العيش « الراقية » و »تصقل مواهبهم » بما يعيد تشكيل شخصياتهم تشكيلا ينزع عنهم الحشمة والحياء، ويغرون بالشهرة والمنافسة من خلال الترويج لنجوميتهم في وسائل الاعلام الرخيصة، وتعقد لهم الحفلات التي يتهافت عليها المراهقون لمشاهدة هؤلاء الابطال. ولا تقتصر المنافسة على الصعيد المحلي وإنما تنتقل الى الصعيد « القومي العربي » بما يجعل للمنافسة بعدا وطنيا يزيد المنافسة التهابا حرصا على « أمجاد الوطن ».

 

ضمن هذه المناخات الملتهبة تولى المتاجرون بعواطف الشباب المروجون بينهم لسعار الشهوة والشهرة ملئا للفراغ وللجيوب، تنظيم موكب من هذه المواكب الفارغة في أكبر مسارح صفاقس. ولقد دفعهم الجشع والظمأ الذي لا يرتوي الى المال الى بيع حجم من التذاكر تجاوز العدد الذي يتسع له المسرح بما يعيد للذاكرة كارثة مماثلة حصلت في نفس المدينة منذ مدة خلال مقابلة رياضية بين فريق تونسي وآخر جزائري حيث حصلت مأساة مماثلة للسبب ذاته.

 

لقد اندفع الشباب المحتشد المتيم بنجومه حالما طلعت بدورهم للاقتراب منهم، فتساقطت الجموع بعضها فوق بعض بما أودى بالعشرات بين قتيل وجريح.

 

وإزاء هذه الكارثة لا نملك إلا أن

 

         نعزي أهل الضحايا سائلين للضحايا الرحمة ولأهلهم جميل الصبر.

         نحمل سياسات السلطة المسؤولية المباشرة على هذه الكارثة بسبب النفوذ المطلق الذي يتمتع به آل الطرابلسي متحدين كل قانون، وبسبب غياب ما يكفي من قوات الامن لتنظيم حركة الجماهير، فقط لأن الامر يتعلق بأمن المواطن، ولو كان يتعلق بأمن الدولة لرأينا حشودا أمنية بالآلاف لمجرد التصدي لعشرات من المتظاهرين في احتجاج سياسي، فضلا عن المسؤولية غير المباشرة المتمثلة في سياسة التفسيخ والتمييع التي اعتمدتها دولة السابع من نوفمبر في مجال الشباب دفعا لهم الى تافه الاهتمامات والمناشط وسفسافها صرفا لهم عن عظائم الامور مما له صلة بأوضاع الوطن والامة والانسانية.

         ندعو أهل الضحايا والمنظمات الحقوقية مثل الرابطة ومجلس الحريات وغيرها الى التحقيق في هذه الكارثة لتحديد المسؤوليات عنها، وما تخفيه راءها من ضروب عبث واستهتار بالاموال والارواح والقيم.      

 

‏16‏ ربيع الثاني‏، 1428 الموافق ‏03‏ ماي 2007

 

حركة النهضة بتونس

الشيخ راشد الغنوشي


جمعية الصحافيين التونسيين

التقرير السنوي السادس حول واقع الحريات الصحفية في تونس

الـفـهــرس المقدمة ………………………………………………………….. 02 المناخ السياسي العام ……………………………………………. 03 الجانب التشريعي ………………………………………………… 05 الأوضاع المادية والمهنية ……………………………………….. 14 المشروع السكني ………………………………………………… 17 المرأة الصحفية  …………………………………………………. 18 الصحافة المكتوبة ……………………………………………….. 19 القطاع السمعي البصري …………………………………………. 23 الانتهاكات ضد الصحافيين  ………………………………………. 28 الأخلاقيات ……………………………………………………….. 33  

مقدمــة نضع بين أيديكم التقرير السنوي السادس حول واقع الحريات الصحفية في بلادنا الذي أنجزه فريق عمل من أعضاء لجنة الحريات تشكل بقرار من الهيئة المديرة لجمعية الصحافيين التونسيين. ويعتبر تمسك جمعية الصحافيين التونسيين بإصدار تقريرها سنويا بمناسبة الاحتفال باليوم العالمي لحرية الصحافة تأكيدا على تمسكها بالقيم والمبادئ التي انبنى عليها هذا اليوم والتزامها بالعمل على دفع الإعلام في بلادنا والارتقاء به إلى مستوى تطلعات شعبنا وطموحات الصحافيين. وحتى يكون الإعلام رافدا للمشروع المجتمعي التعددي التحديثي المبني على قيم المعرفة والتسامح. إن الغاية من تقارير الحريات المتتالية حول واقع الحريات الصحفية في بلادنا برصدها لمكامن الوهن والإخلالات الموضوعية والذاتية، هي مزيد الارتقاء بالأداء الإعلامي لا غير. ونسجل بكل ارتياح التفاعل الإيجابي لرئيس الدولة مع التقارير التي تنجزها الجمعية وإنصاته لمشاغل أهل المهنة وهي تقارير عادة ما تكون متبوعة بإجراءات إصلاحية لفائدة القطاع. كما نسجل التقدم الكبير في الملفات المطروحة مع سلطة الإشراف ونأمل أن يتواصل هذا التعاون الإيجابي مع الإشارة إلى أن هذه العلاقة لم تمس استقلالية الجمعية ومواقفها المساندة لحقوق الصحافيين ولإعلام حر تعددي ومسؤول.  المناخ السياسي العـام :
لا يمكن أن نتحدث عن المناخ السياسي العام بمعزل عمّا يجري في محيطنا الإقليمي والدولي حيث يسود منطق القوة وتدور حروب ميدانية وأخرى كلامية وأخرى ثقافية من أجل السيطرة وسلب الهوية والثروات، في زمن استبيح فيه انتهاك القوانين والأعراف الدولية بشكل فض وشرّعت قوانين استثنائية تسلب الحريات وتبيح انتهاك الذات الإنسانية وتسمح بالاحتلال وزعزعة الأنظمة وزرع الفتنة الطائفية والدينية وإعادة رسم الحدود.. من الطبيعي إذن أن نتوقف عند الأهداف الحقيقية للعولمة التي بشرت بتعميم النماء والديمقراطية فإذا بها تكرّس عولمة الإرهاب .. دول عريقة في الديمقراطية كانت متخصصة في إسداء « الدروس » في الديمقراطية والحريات وحقوق الإنسان خرقت حتى دساتيرها ووضعت العالم في فوهة بركان ولم تنجح إلا في عولمة الإرهاب وتفريخ الإرهابيين.. ولطمس الحقائق تم استهداف الصحافيين بشكل منهجي بالاغتيال والسجن والترهيب، وقد سجلت السنة المنقضية رقما قياسيا في هذا الشأن.. شهدت بلادنا في موفى 2006 أحداثا خطيرة تمثلت في اشتباك مجموعة سلفية مع قوات الأمن. وكانت المجموعة تنوي تنفيذ عمليات إرهابية. وتجدد جمعية الصحافيين التونسيين إدانتها المطلقة للإرهاب. كما تعبر عن رفضها لكل أشكال الغلو والتطرف والإرهاب وتؤكد على أهمية دور الإعلام المستنير في نشر قيم التسامح والاعتدال والحداثة. وفي هذا الصدد فإن السماء المفتوحة فسحت المجال لفضائيات جيدة وأخرى مختصة في بث التطرف وتغييب العقل أو متخصصة في نشر الميوعة والاستلاب، ولا يمكن مواجهة هذا الطوفان إلا بمزيد الارتقاء بأداء إعلامنا من حيث الشكل والمضمون، بجرأة وحرفية وبمزيد توسيع مساحة الحرية حتى يجد المجتمع التونسي ضالته في وسائل إعلامه وليس في وسائل إعلام أجنبية. كما شهدت الساحة السياسية حركية مكثفة لأحزاب المعارضة عكسته بدرجات متفاوتة الصحف بالحوارات وتغطية أنشطتها وعرض أرائها في مختلف الملفات. وتعزز المشهد الإعلامي بعودة بعض الصحف الحزبية للصدور وبعث صحيفة ‘مواطنون » صوت التكتل من أجل العمل والحريات وانطلاق قناة تلفزية خاصة « نسمة تي في ». وانعقد خلال هذا العام مؤتمر الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية كما انعقد مؤتمر الاتحاد العام التونسي للشغل في جو من الحراك الفكري والسياسي وبرز على الساحة حديث حول التعددية النقابية. وتم في الجانب التشريعي تعزيز مهام الهيئة العليا لحقوق الإنسان والحريات الأساسية، ومن جهة أخرى شهدت مجلة الشغل تنقيح بعض أحكامها بما من شأنه أن يدعم حماية الممثلين النقابيين. وبخصوص الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، تأمل الجمعية أن تكون البوادر الأخيرة مقدمة لتسوية الأزمة كما تأمل في أن تستعيد هذه المنظمة العريقة دورها باعتبارها مكسبا لتونس ولكل التونسيين. وقد قامت جمعية الصحافيين التونسيين بنشاطات عديدة بالتنسيق مع مكونات المجتمع المدني للتعبير عن مواقفها المبدئية من قضايا الحريات وحقوق الإنسان وحق الشعوب في تقرير مصيرها وفي مقدمتها الشعبين الفلسطيني والعراقي. فضلا عن مساهمتها الفاعلة في تشكيل تحالف وطني من أجل إلغاء عقوبة الإعدام إلى جانب الفرع التونسي لمنظمة العفو الدولية وغيرها من المنظمات الحقوقية. الجانب التشـريعي :
تعززت خلال السنة المنقضية التشريعات التي من شأنها أن تدعم بشكل مباشر أو غير مباشر حقوق الصحافيين والمناخ الذي يعملون فيه. وفي تقديرنا فإن الإخلالات الموجودة في تطبيق القانون لا تضر بالصحفيين وحدهم بل تتعداهم إلى سائر مكونات المجتمع، لأن صحافة معتلة لا يمكنها أن تلعب دورها في نهضة المجتمع والمساهمة في تحصينه من كل أشكال الاستلاب في عصر أصبحت تحسم فيه الحروب في ساحة الإعلام. وما يصح على المستوى الوطني يصح كذلك على المستوى الدولي لأن الصحافة الحرة دعامة للأمن والاستقرار في العالم..  1 – حماية دولية :
الثمن الباهض الذي يدفعه الصحافيون في مواقع النزاع من أجل الإبلاغ عن حقائق الوقائع الميدانية واستهدافهم من قبل الأطراف التي من مصلحتها طمس تلك الحقائق، دفع باتجاه تبلور وعي دولي جديد بخصوصية المهنة الصحفية وبضرورة العمل على حمايتها. وفي هذا الاتجاه تبنى مجلس الأمن الدولي بالإجماع في 23 ديسمبر 2006 قرارا يحمل عدد 1738 يدين فيه كل أشكال الاعتداء على الصحافيين في مناطق النزاع المسلح ويطالب المتحاربين بوقف استهدافهم للصحافيين واحترام الدور الذي يضطلعون به في إيصال الحقيقة. كما يعبر القرار عن أسفه العميق لأعمال العنف المتكررة ضد الصحافيين في مناطق شتى من العالم وهو ما يعتبر خرقا للقانون الدولي الإنساني. وليس مستبعدا أن يتطور مجال الحماية في السنوات المقبلة متجاوزا حدود مناطق النزاعات والصراعات المسلحة ليشمل ممارسة المهنة في حد ذاتها.   2 – حماية الحق النقابي :
شهدت مجلة الشغل تنقيح بعض أحكامها بما من شأنه أن يدعم حماية الممثلين النقابيين. وهو إجراء ترحب به جمعية الصحافيين التونسيين خاصة وأنها طورت قانونها الأساسي باتجاه اكتساب مشروعية قانونية تضاف إلى مشروعيتها التاريخية وممارستها العملية في الدفاع عن الحقوق المادية والمعنوية للصحافيين. فقد صدر القانون عدد 19 لسنة 2007 المؤرخ في 3 أفريل 2007 والمتعلق بتنقيح بعض أحكام مجلة الشغل ناصا على إلغاء الفصل 166 وتعويضه وإضافة الفصل 166 مكرر لهذه المجلة. * الفصل 166 (جديد) : كلما اعتزم المؤجر طرد عضو رسمي أو مناوب ممثل للعملة باللجنة الاستشارية للمؤسسة يتعين عليه عرض ذلك على اللجنة الاستشارية للمؤسسة لأخذ رأيها في الغرض. كما يتعين عليه بعد ذلك عرض المسألة على المدير العام لتفقدية الشغل والمصالحة الذي يبدي رأيه معللا في أجل لا يتجاوز عشرة أيام من تاريخ تعهده. وكلما اعتزم المؤجر طرد نائب رسمي أو مناوب للعملة يتعين عليه عرض المسألة مباشرة على المدير العام لتفقدية الشغل والمصالحة الذي يبدي رأيه معللا في نفس الأجل المبين في الفقرة السابقة.  * الفصل 166 مكرر : تعطى الأولوية في البقاء في العمل لممثلي العملة سواء كانوا أعضاء اللجنة الاستشارية للمؤسسة أو نوابا للعملة أو ممثلين نقابيين وذلك في حالة الطرد أو الإيقاف عن العمل لأسباب اقتصادية أو فنية.     3 – الهياكل المعنية بالحريات العامة :
تعتبر الهيئة العليا لحقوق الإنسان والحريات الأساسية من الهياكل الحساسة التي يمكنها لعب دور هام ودافع باتجاه تجذير الممارسة الديمقراطية وتطوير التشريعات المتعلقة بالحريات العامة والمساعدة على حماية حقوق الإنسان من كل أشكال التجاوزات الممكنة. وصدر أخيرا الأمر عدد 886 لسنة 2007  المؤرخ في 10 أفريل 2007 والقاضي بتعزيز مهام هذه الهيئة التي أصبحت تتركب من رئيس وأعضاء كالتالي :
– 15 شخصية وطنية مشهود لها بالنزاهة والكفاءة في ميدان حقوق الإنسان والحريات الأساسية، – ممثل واحد عن مجلس النواب، – ممثل واحد عن مجلس المستشارين، – 10 ممثلين عن الجمعيات الناشطة في مجال حقوق الإنسان والحريات الأساسية، وهؤلاء الأعضاء وحدهم يحق لهم التصويت، يضاف لهم فريق استشاري يتكون من : – ممثل واحد عن وزارة العدل وحقوق الإنسان، – ممثل واحد عن وزارة الداخلية والتنمية المحلية، – ممثل واحد عن وزارة الشؤون الخارجية، – ممثل واحد عن وزارة التربية والتكوين، – ممثل واحد عن وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والتكنولوجيا،  – ممثل واحد عن وزارة الشؤون الاجتماعية والتضامن والتونسيين بالخارج، – ممثل واحد عن وزارة الصحة العمومية، – ممثل واحد عن وزارة الثقافة والمحافظة على التراث، – ممثل واحد عن وزارة الشباب والرياضة والتربية البدنية، – ممثل واحد عن وزارة شؤون المرأة والأسرة والطفولة والمسنين، – ممثل واحد عن وزارة الاتصال والعلاقات مع مجلس النواب ومجلس المستشارين. ورغم تنوع هذه التركيبة وشمولها لفريق استشاري يرتبط مباشرة بوزارات لها علاقة بمجال نشاط الهيئة بما من شأنه أن يسهل التواصل بين جناحي الهيئة والتفاعل بينهما، إلا أن التساؤل حول مدى فاعلية هذه الهيئة وخاصة من جهة طريقة اختيار الأشخاص والجمعيات الممثلة فيها بالشكل الذي يمنع إغراقها في « التوجه الواحد » يظل قائما ومشروعا. وتعتبر جمعية الصحافيين التونسيين نفسها بحكم صفتها ودورها ومهامها معنية بالتواجد في الهيئة العليا لحقوق الإنسان والحريات الأساسية. 4 – الحماية عند التعرض للإيقاف :
شهدت مجلة الإجراءات الجزائية تنقيحا هاما أدخله القانون عدد 17  لسنة 2007 المؤرخ في 22 مارس 2007 على بعض أحكامها بإفساح المجال أمام المتهم للاستعانة بمحام أثناء سماعه من قبل أعوان الضابطة العدلية. فقد أضيفت للفصل 57 من مجلة الإجراءات الجزائية فقرتان وجاءت الفقرة الثانية كما يلي:   « إذا اقتضى تنفيذ الإنابة سماع المظنون فيه فعلى مأموري الضابطة العدلية إعلامه بأن له الحق في اختيار محام للحضور معه والتنصيص على ذلك بالمحضر. فإذا اختار المظنون فيه محاميا يتم إعلامه فورا من طرف مأمور الضابطة العدلية بموعد سماع منوبه والتنصيص على ذلك بالمحضر. وفي هذه الصورة لا يتم السماع إلا بحضور المحامي المعني بالأمر الذي يمكنه الاطلاع على إجراءات البحث قبل ذلك ما لم يعدل المظنون فيه عن اختياره صراحة أو يتخلف المحامي عن الحضور بالموعد وينص على ذلك بالمحضر ». هذه الإضافة على أهميتها تطرح ملاحظتين اثنين: – 4 – 1 – الاستعانة بالمحامي بعد توجيه التهمة وليس قبله :
أوضح المجلس الدستـوري في رأيه عدد 14 – 2006 بخصوص هذا التنقيح بأنــه « وحيث يكون المظنون فيه على معنى الفقرة الثانية المزمع إضافتها إلى الفصل 57 هو الشخص الذي سبق لقاضي التحقيق أن وجه إليه التهمة عند حضوره لأول مرة.. » والحال أن الأوساط الحقوقية والقانونية كثيرا ما اشتكت من حصول حالات انتزاع اعترافات من مشتبه فيهم بصورة غير قانونية من قبل باحث البداية الذي يجهز التهم التي ستوجه لهم قبل عرضهم على حاكم التحقيق. وربما كان من الأوفق لو انسحبت إمكانية الاستعانة بالمحامي حال تعرض المشتبه فيه للاعتقال ضمانا لحقوقه الدستورية واستباقا لأية انحرافات محتملة.        – 4 – 2 – مسألة تطبيق النص القانوني :
وجود تشريعات تحمي حقوق المواطنين يعتبر مكسبا نفخر به وضمانة هامة لهم ضد كل أشكال التجاوز الممكنة. لكن هذه الضمانة تستوجب على أهميتها الحزم في التطبيق. فالفصل 13 مكرر من نفس مجلة الإجراءات الجزائية يلزم مأموري الضابطة العدلية بإعلام أحد أقارب المشتبه فيه حسب اختياره عند تعرضه للإيقاف والتنصيص على ذلك في محضر سماعه، فضلا عن التنصيص على طلب عرضه على الفحص الطبي سواء كان صادرا عنه أو عن قريبه الواقع إعلامه. وهو إجراء لا يقع احترامه في أغلب الأحيان رغم وضوح النص لذلك وحتى تكتسب هذه التنقيحات قيمة أكبر لا بد من قرنها بنص يرتب مسؤولية على من يخل بأحكامه.      5- استقلال القضاء :
أوضحت وقائع محاكمة الزميل محمد الفوراتي والحكم عليه بالسجن بعد تبرئته أكثر من مرة نتيجة إصرار النيابة العمومية على تتبعه واستصدار حكم بإدانته بأن الصياغة الحالية للفصل 23 من مجلة الإجراءات الجزائية الذي ينص على أنه لوزير العدل : (أن يبلغ إلى الوكيل العام للجمهورية الجرائم التي يحصل له العلم بها وأن يأذنه بإجراء التتبعات سواء بنفسه أو بواسطة من يكلفه أو أن يقدم إلى المحكمة المختصة الملحوظات الكتابية التي يرى وزير العدل من المناسب تقديمها)  بحاجة إلى المراجعة. وتدعو جمعية الصحافيين التونسيين إلى تنقيح هذا الفصل باتجاه جعل الوكيل العام للجمهورية هو صاحب القرار في الإذن بالتتبع من عدمه في الإحاطات الواردة إليه من وزير العدل وهو الأمر الذي يجسد أكثر استقلالية القضاء التي تعتبر ضمانة لباقي الحريات وحرية الصحافة تحديدا. 6- العقاب البدني في مجلة الصحافة :
أكدت جمعية الصحافيين التونسيين في أكثر من مناسبة دعوتها إلى إلغاء العقاب البدني من مجلة الصحافة والغرامات المجحفة وتعويضها بخطايا معقولة تتناسب مع التجاوز الحاصل ولم لا العقوبات البديلة مثل القيام بأعمال محددة لخدمة الصالح العام. وقد استبشرت الجمعية عندما تم الأخذ ببعض مقترحاتها بمناسبة تنقيح 3 ماي 2001 لمجلة الصحافة الذي تم بموجبه سحب 9  فصول سالبة للحرية من هذه المجلة. لكن مجلة الصحافة لا تزال ترزح تحت عبء 14 فصلا (22، 33، 43، 44، 47، 48، 49، 51، 52، 53، 54، 59، 60 و65) تتضمن عقوبات بالسجن تتراوح بين سبع سنوات وشهر و20 يوما كحد أدنى عند احتسابها مجملة وتسعة وثلاثين عاما ونصف كحد أقصى وخطايا تتراوح بين 436 18 دينارا و 660 133 دينارا دون اعتبار العقوبات التكميلية أو العقوبات الأخرى المحالة أساسا على المجلة الجنائية. وتجدر الإشارة إلى أن مجلة الالتزامات و العقود نصت في فصلها 87 على ضمان الضرر الناشئ عن نشر أو إذاعة أخبار غير حقيقية. ورغم تطلع  جمعية الصحافيين التونسيين إلى إلغاء العقاب البدني بشكل كامل من مجلة الصحافة فهي تأمل مرحليا على الأقل التخفيف من كتلة العقاب بالسجن والخطايا الضخمة المفروضة التي تصل إلى حد التعجيز أحيانا. كما تدعو الجمعية إلى إدراج فصل خاص في مجلة الصحافة يحمي السر المهني ويكفل للصحفي عدم الكشف عن مصادره.      7- الضمانات القانونية لتشغيل الصحافيين :
وفر القانون التونسي للصحافيين العديد من الضمانات التي تكفل حقوقهم عند تشغيلهم. فقد نص الفصل 15 مكرر من مجلة الصحافة على أنه  » يجب على كل مدير نشرية دورية ذات صبغة إخبارية أن يثبت في كل حين أنه يشغل صحفيين يعملون لديه كامل الوقت وحاملين للبطاقة المهنية ومحرزين إما على شهادة ختم الدروس في الصحافة وعلوم الإخبار أو على شهادة معدلة لها. ويجب أن يكون عدد هؤلاء المشغلين معادلا على الأقل لنصف فريق التحرير القار العامل بكل نشرية. وبالنسبة للنشريات التي تشغل بقسم تحريرها شخصا أو اثنين بالوقت الكامل يتعين وجوبا أن يكون أحدهما حاملا لشهادة على معني الفقرة الأولى من هذا الفصل ». كما نص الفصل 17 على أنه عند مخالفة الحكم السابق يعاقب مالك النشرية الدورية أو المدير « بخطية من 120 إلى 1200 دينار. ولا يمكن للنشرية الدورية أن تستمر على الصدور إلا بعد إتمام المقتضيات المطلوبة ». ولم تتخلف مجلة الشغل في فصليها 406 و 407 عن توفير ضمانات حاسمة للعمل الصحفي، حيث نص الفصل 406 على أنه « أثناء شهر جانفي من كل سنة يحرر(وزير الاتصال) قائمة في أرباب المؤسسات الصحافية الذين يبرمون للعام المذكور التزاما باحترام حقوق الصحافيين المنصوص عليها في الاتفاقية المشتركة ». فيما نص الفصل 407على أنه « لا ينتفع بتوزيع المبالغ التي تخصصها الدولة والمجموعات والمؤسسات العمومية والمؤسسات المستلزمة للمصالح العمومية لمصاريف الإشهار… إلا المؤسسات المرسمة بالقائمة المحررة طبقا لأحكام الفصل 406 ».  ومضى الفصل 408 من هذه المجلة أبعد من ذلك حين اعتبر بأن أحكام الفصول من 397 إلى 405 ضمن الباب الخامس عشر المتعلق بالقانون الأساسي للصحافيين المحترفين تكتسي صبغة النظام العام. ومن حقنا كصحافيين أن نتساءل : أين نحن من كل هذه الضمانات؟ أين هي تفقديات الشغل؟ أين هي القائمة السنوية التي يفرض القانون إعدادها؟ أين هي الالتزامات التي يفترض من أصحاب المؤسسات الصحفية توقيعها سنويا؟ أين هي النيابة العمومية التي لم نرها يوما تستخدم نصوص مجلة الصحافة لتتبع منتهكي حقوق الصحافيين حسبما يلزمها به القانون؟  8- شفافية العمل الصحفي :
اعتبارا لأهمية مجال العمل الصحفي وحساسيته سعى المشرع من خلال عديد فصول  مجلة الصحافة لضمان شفافية هذا العمل. فقد أوجب الفصل 18 من هذه المجلة على كل نشرية دورية بتعريف العموم بأسماء من يمارسون إدارتها وبعدد النسخ التي تسحبها عند كل إصدار وحتم عليه نشر موازنتها السنوية ورتب عقابا على مخالفة نلك. كما فرض المشرع من خلال الفصل 23 الإشارة بوضوح إلى المقالات الإشهارية والبلاغات (وطنية كانت أو تابعة لدول وسفرات أجنبية) ومنع الانتحال واستعارة المقالات بما في ذلك من الانترنيت دون بيان مصدرها مثلما أكده في الفصل 23 مكرر. لكن عديدة هي المؤسسات الصحفية التي تضرب عرض الحائط بهذه النصوص وبما أقرته من مبادئ. 9- حرية النشر والتوزيع :
أشارت جمعية الصحافيين التونسيين في تقاريرها السابقة إلى الصعوبات التي يعاني منها عديد الراغبين في بعث جرائد أو مجلات بسبب امتناع وزارة الداخلية عن استلام الملفات المقدمة لها أو تسليم وصولاتها مثلما يوجبه الفصل 13 من مجلة الصحافة. وتؤكد الجمعية دعوتها السابقة لجعل إصدار الصحف والمجلات خاضعا لإشراف وزارة الاتصال والعلاقات مع مجلسي النواب والمستشارين. كما تدعو الجمعية إلى الإسراع في البت في قضايا الطعن المقدمة ضد الإدارة في هذا الباب. وعلى صعيد آخر، ترحب الجمعية بالقرار الصادر أخيرا عن مجلس المنافسة والقاضي بتغريم الشركة التونسية للصحافة (سوتيبرس) بسبب سياستها الاحتكارية وخرقها مبدأ حرية المنافسة في التوزيع. 10- توزيع الصحف والمجلات الأجنبية في تونس :
يتم في تونس توزيع 1091 عنوانا أجنبيا بواسطة شبكة تضم 500 موزعا. وتحتكر الشركة التونسية للصحافة (سوتيبرس) الجانب الأكبر من هذا النشاط بحصة تتراوح ما بين 82 و 93 بالمائة حسب السنة. وخول الفصل 25 من مجلة الصحافة وزير الداخلية أن يحجر إدخال أو جولان المؤلفات الأجنبية الدورية وغير الدورية وذلك بعد أخذ رأي وزير الاتصال. وتم خلال السنة المنقضية بالفعل منع دخول بعض الدوريات الأجنبية أساسا بسبب تضمنها صورا مسيئة للرسول الكريم تمس من مشاعر المواطنين وتستهزئ بمقدساتهم. وقد سارعت بعض المنظمات الدولية لإدانة هذا المنع، وإذ تؤكد جمعية الصحافيين التونسيين بأن الحرية لا تعني القبول بالتطاول على ثقافات الشعوب  والاستهزاء بمقدساتها، فهي تلاحظ بأن نفس هذه المنظمات المنتقدة وقفت صامتة ولم يسمع لها صوت أو حركة عند تمرير قرار  في الجمعية العامة للأمم المتحدة  يجرم التشكيك في عدد ضحايا المحرقة النازية كما لم تصدر عنها إدانة أو دفاع عن حرية الراي والتعبير عندما تعرض بعض المؤرخين البارزين للسجن نتيجة التصريح بأن الأعداد المروج لها لضحايا المحرقة النازية غير دقيقة رغم إقرارهم بوجود المحارق النازية وإدانتهم لها؟.      11- تصحيح الوضع القانوني للجمعية  :
تحتفل جمعية الصحافيين التونسيين هذه السنة بالذكرى 45 لتأسيسها. وقد تم تكوين الجمعية في 14 جانفي 1962 استنادا إلى قانون الجمعيات الصادر في 7 نوفمبر 1959 الجاري به العمل وقتها. ورغم صدور مجلة الشغل سنة 1966 لتضم الجمعيات المهنية إلى مشمولاتها، إلا أن جمعيتنا ظلت خاضعة لنفس القانون السابق. وعند تنقيح قانون الجمعيات سنة 1992 وإقرار مبدأ التصنيف تم وضع جمعية الصحافيين التونسيين في خانة الجمعيات الودادية  رغم تعارض هذا التصنيف مع أهدافها المصادق عليها. وتكرست هذه المفارقة أكثر بعد التنقيح الأخير المدخل على القانون الأساسي للجمعية المنشور بالرائد الرسمي والذي أصبحت تتحمل بموجبه مسؤوليات نقابية واضحة باعتبارها جمعية مهنية. ولإنهاء هذا التعارض وتصحيح الوضع القانوني للجمعية قررت الهيئة المديرة خلال اجتماعها يوم السبت 14 أفريل 2007 الموافقة مبدئيا على تنقيح القانون الأساسي للجمعية بالتنصيص في فصلها الأول على خضوعها لأحكام مجلة الشغل عوضا عن قانون الجمعيات. وستعمل الجمعية على تصحيح هذا الوضع حسب ما ينص عليه قانونها الأساسي. ويمثل هذا التوجه نحو تصحيح الوضع القانوني للجمعية باعتبارها جمعية مهنية ذات طابع نقابي مناسبة أخرى لتأكيد تمسك الصحافيين التونسيين بمشروع بعث « اتحاد الصحافيين التونسيين » باعتباره خيارهم الاستراتيجي الذي لا تنازل عنه. وهم يدعون الحكومة إلى المبادرة بعرض مشروع قانون « اتحاد الصحافيين التونسيين » الذي سبق تقديمه لها على البرلمان خاصة وأنها صرحت من أعلى هذا المنبر يوم الأربعاء 17 ديسمبر 2004 على لسان السيد الكاتب العام للحكومة بأن  » جمعية الصحافيين التونسيين عريقة وتضطلع بدور بارز سيشهد تطورا هاما مستقبلا ومنه النظر في تحويلها من جمعية إلى اتحاد.. ».             12- صندوق تآزر الصحافيين :
حضرت جمعية الصحافيين التونسيين اجتماعين في مقر وزارة الشؤون الاجتماعية يومي 24 جانفي و4 فيفري 2007 ضم ممثلين عن الوزارة المضيفة ووزارتي المالية والاتصال. وبعد مراجعة نص المشروع المقدم من الجمعية لبعث صندوق التآزر ومواءمته للقانون تم الاتفاق على مجمل فصول القانون الأساسي للصندوق باستثناء الفصل 27 المتعلق بالموارد حيث رفض ممثل وزارة المالية تضمين منحة الدولة في هذا الباب. وتتمسك جمعية الصحافيين التونسيين بمنحة الدولة وعدم الاكتفاء ببناء هذا المشروع الحيوي والضخم فقط على موارد افتراضية وتامل توفير موارد قارة له تضمن ديمومته كتجسيد أمين لقرار رئيس الدولة. وتذكر الجمعية بحق الصحافيين المعترف به عالميا في حصة من عائدات الإشهار خاصة وأنهم ممنوعون من الحصول على أية منافع بمناسبة قيامهم بعملهم مثلما جاء في الفصلين 22 و 23 من مجلة الصحافة.   الأوضـاع الماديـة والمهنيـة :
رغم الزيادات المنتظمة في الأجور التي تحددها المفاوضات الاجتماعية مازال الوضع المادي العام للصحافيين مترديا شأنه شأن الوضع المهني الذي لم يعرف بدوره تحسنا يذكر ما عدا تمتع الزملاء من منخرطي جمعية الصحافيين التونسيين بحواسيب محمولة ما كانت لتتحقق لهم لولا قرار رئيس الدولة الذي أوصى بتمتيع الصحافيين بأدوات عمل حديثة تكون مواكبة لتطور الإعلام. 1 – الأوضاع المادية :
يتقاضى الصحافيون، مقارنة سواء بزملائهم في بلدان أخرى متطورة كانت أو نامية أو حتى في قطاعات أخرى مكافئة، أجورا متدنية تصل أحيانا في بعض المؤسسات الإعلامية مثل « الصريح » وعدد من الأسبوعيات والصحف الحزبية إلى حدود 200 دينارا شهريا. وكشفت استبيانات سابقة للجمعية أن أكثر من 50 بالمائة من الصحافيين مثقلون بقروض شخصية الغرض منها تجاوز العجز المادي الشهري إضافة إلى اضطرار أغلب الصحافيين إلى طلب تسبقة على الأجر الشهري سواء من المؤسسات التي يعملون فيها أو من البنوك. ومن الأسباب الرئيسية لتردي الوضع المادي للصحافيين، عدم تطبيق المؤسسات الإعلامية لأحكام مجلة الشغل والاتفاقية المشتركة للصحافة المكتوبة وخصوصا المؤسسات الخاصة، وعدم تطابق الزيادات المنتظمة في الأجور مع النسق المتسارع لارتفاع الأسعار وغلاء المعيشة. ففي دار « العمل » لم يحصل الصحافيون على منحتي أجر الثالث عشر والإنتاج منذ سنة 2003. أما في دار « الصباح » فلم يتحصل الصحافيون على منحة الإنتاج منذ سبع سنوات. كما نسجل عدم انتظام استرجاع صحافيي دار « العمل » مصاريف العلاج رغم اقتطاع مساهماتهم الشهرية في نظام التأمين على المرض وذلك منذ سنوات. وإذا كانت المؤسسة تشكو من عجز مالي فكيف نفسر اقتناءها عدة سيارات إدارية. من جهة أخرى مازال عدد من خريجي معهد الصحافة وعلوم الإخبار يعملون بصفة « متعاون » رغم قضائهم بين 4 و 7 سنوات عمل، وبما أن المؤسسة قامت بتمتيع عدد من إطاراتها وصحافييها بالتقاعد المبكر فمن المفروض أن تقوم بإدماج الصحافيين المتعاونين. وفي جريدة « الصريح » مازال الصحافيون على قلتهم، يتقاضون أجورا متدنية لا علاقة لها بجدول الأجور الذي تتضمنه الاتفاقية المشتركة للصحافة المكتوبة إضافة إلى امتناع المؤسسة عن تطبيق فصول الاتفاقية بخصوص نظام التدرج والترقية وعقود الشغل وفترة الاختبار. كما يشتكي الصحافيون من عدم تمتعهم بالتغطية الاجتماعية. بالنسبة لجريدة « الطريق الجديد » والتي وفرت 170 ألف دينار حسب ما جاء في موازنتها المنشورة في حين لا يتوفر فيها صحافي واحد محترف قار وكذلك هو الشأن في جل صحف المعارضة. وفي دار الأنوار يشتكي جل الصحافيين من عدم تطبيق الإدارة لنظام التدرج والترقية، حتى أن بعض الصحافيين لم يحصلوا على ترقية منذ أكثر من 15 سنة. وعموما لا تطبق الاتفاقية المشتركة للصحافة المكتوبة إلا في المؤسسات الإعلامية العمومية. وحتى مؤسسة الإذاعة والتلفزة التي شهدت العام الماضي تسوية وضعية عدد من الزملاء بقرار من رئيس الدولة، مازال نظام عقود الشغل فيها غير مطبق. وقد اتصلت جمعية الصحافيين التونسيين بـ 52 مطلبا يشتكي فيها أصحابها من عدم تسوية المؤسسة لوضعياتهم المهنية.     2 – الأوضاع المهنية :
إلى جانب تردي الوضع المادي العام للصحافيين، مازال الوضع المهني الذي يشتغلون فيه سيئا في عدد من الحالات. وبالإضافة إلى تواصل حالة ازدحام الصحافيين في مكاتب ضيقة والنقص الكبير في أدوات العمل مثل الهاتف المباشر والانترنيت في بعض المؤسسات ومصاريف المهمات الصحافية التي تمتنع بعض المؤسسات عن توفيرها وخصوصا عند السفر إلى الخارج. من جهة أخرى تلزم بعض المؤسسات الخاصة صحافييها بإنتاج يومي للمادة الصحفية يفوق طاقتهم وهو ما من شأنه أن يؤثر على نوعية المادة المقدمة. وشهدت المدة الأخيرة بروز ظواهر سلبية خارقة للقانون مثل تشغيل المتقاعدين وإقحام عناصر من مؤسسات أخرى تعمل بازدواجية، أي تعمل في مؤسستين بالتوازي. وفي هذا سد للباب أمام الصحافيين في الترقية وتحمل المسؤوليات. وترى الجمعية أن الاستفادة من خبرة الزملاء المتقاعدين يمكن أن تكون في مجالات الاستشارة والتأطير. ومن الظواهر السلبية الأخرى التي استفحلت في القطاع وتعد خرقا للقانون ولأخلاقيات المهنة الصحفية تحديدا ، تلك التي شهدتها الفترة الأخيرة باستغلال بعض المؤسسات للصحافيين في الخدمات الإشهارية. ويتواصل في بعض المؤسسات الإعلامية إبعاد وتجميد الكفاءات الصحافية إما بحرمانها من الإبداع أو بتشغيلها في مهام أخرى إدارية كما هو الشأن بالنسبة لعدد من الزملاء في دار لابريس ومؤسسة الإذاعة والتلفزة. وتبقى العلامة السوداء في القطاع تواصل عمليات الطرد في دار الصباح خصوصا. فقد تم في العام الماضي طرد عدد من الزملاء من هذه المؤسسة بتعلة عملهم كمتعاونين والحال أنهم يقومون بأعمال صحافيين قارين ولسنوات طويلة.     المشــروع السكنـي :
تقوم جمعية الصحافيين التونسيين منذ تأسيسها بإنجاز مشروع سكني للصحافيين كل عشر سنوات تقريبا. ويعود آخر مشروع أنجزته الجمعية لبداية التسعينات حيث وفرت مساكن لـ 181 صحافيا ضمن مشروع حي الصحافيين بالغزالة ضواحي تونس العاصمة. وتم ذلك بفضل الدعم الخاص الذي لقيته الجمعية من قبل رئيس الدولة. وقد أعدت جمعية الصحافيين التونسيين أخيرا تصورا لإنجاز مشروع جديد لإسكان الصحافيين بالتعاون مع شركة النهوض بالمساكن الاجتماعية (سبرولس) سينتفع به حوالي 300 صحافية وصحافي، وتقدمت بملف في الغرض لسلطة الإشراف. ويتطلع الصحافيون التونسيون إلى أن يحظى مشروعهم الجديد برعاية رئيس الدولة حتى يتم إنجازه في أحسن الظروف وفي أقرب الآجال. ويؤكد الصحافيون التونسيون المعنيون بالمشروع السكني الذي تقدمت به الجمعية لوزارة الاتصال والعلاقات مع مجلس النواب والمستشارين على الأهمية الاستراتيجية لهذا المشروع الذي يعتبر المدخل الرئيسي لأي استقرار ممكن، إيمانا بأن الوضع الاجتماعي للصحافي هو حجر الزاوية في حرية العمل الصحفي إذ لا حرية ولا استقلالية لمن لا يعرف للاستقرار سبيلا ولا يعيشه، والاستقرار الاجتماعي سببه الرئيسي المسكن القار والذي لا يمكن إلا أن يكون لائقا. إن جل الزملاء الصحافيين خاصة الشبان منهم يعيشون حالة من عدم الاستقرار بسبب عدم امتلاك مسكن يأويهم ويحمي عائلاتهم. إن الصحافيين التونسيين يعتبرون أن الإنجاز الفعلي للمشروع في أقرب الآجال الممكنة هو أمر ملح لأهميته التاريخية والاجتماعية وإن أملهم كبير في أن تبادر الجهات الرسمية المعنية بالإعلان عن الموافقة على المقترحات التي تقدمت بها جمعية الصحافيين التونسيين.
المــرأة الصحفيــة :
رغم نجاح الصحفية التونسية في مختلف الأقسام والمواقع وإتقانها لمختلف المهام التي تكلف بها وارتفاع عددها، مازال تواجدها بمواقع صنع القرار على مستوى التحرير أو الإدارة محدودا . وفي ما يتعلق بصورة المرأة في الإعلام، ورغم ما تتميز به المرأة التونسية على المستوى التشريعي مقارنة بالمرأة العربية وحتي الأوروبية، إلا أن الصورة التي تعكسها وسائل الإعلام لا تركز إلا على الجانب السلبي وتكرس بالتالي الصورة النمطية التي اعتاد عليه المتلقي منذ سنوات رغم تغير الظروف. فعادة ما تكون المرأة في وسائل إعلامنا مجرمة، مغتصبة، فاشلة في عملها أو منزلها، جاهلة لحقوقها، أو جسدا جميلا يزين الصفحات أو ديكور البرامج التلفزية.. ونادرا ما تعكس وسائل الإعلام عن وعي تميز المرأة ونجاحها وتفشل عادة في ترسيخ صورة متوازنة عن المرأة سواء كانت منتجة لمواد إعلامية أو محورا لها وهي للأسف ظاهرة عالمية مستفحلة. الصحافــة المكتوبــة :
رغم بعض العلامات المضيئة التي برزت في بعض الصحف منذ مطلع هذه السنة ، فإن الأداء مازال دون المأمول لأسباب موضوعية وذاتية. فأغلب الصحف مازالت تتسم بالرتابة والتشابه خاصة في إهمالها للشأن الوطني والتركيز أساسا على الأحداث العالمية وتحويل الحروب المأساوية إلى مادة إثارة وابتزاز للعواطف حتى حولتها إلى « فرجة » رافدها الأساسي ثقافة الموت التي تبيح النسف والقتل والذبح واستهداف الأبرياء وتحول الخراب إلى مشروع مجتمعي. إن جمعية الصحافيين التونسيين حريصة على الارتقاء بالأداء الصحفي باعتماد المهنية ومزيد توسيع هامش الحريات الأساسية حتى تشد الرأي العام الوطني وتنافس وسائل الإعلام العربية والأجنبية. وحدها المصداقية تضمن الرواج وتخدم قضايانا الوطنية، والمصداقية هي عنوان الثقة التي سيمنحها المواطن للإعلام الوطني. تؤكد الجمعية مجددا على أهمية مجالس التحرير لتكريس مساهمة الصحافي المنتج الأول للمادة الإعلامية وهذا من شأنه أن يثري محتوى الصحف من حيث الأجناس الصحفية وكذلك من ناحية بلورة الرؤى وزوايا التعاطي المهني مع الأحداث ويوطد انتماء الصحافي للمؤسسة ويذكي فيه روح الارتقاء بصحيفته. كما تؤكد جمعية الصحافيين التونسيين على أهمية سيلان المعلومات ومزيد تفتح مصادر الخبر بقناعة أن المسافة النقدية ليست بدعة وإنما هي أساس العمل الجاد والمقنع. ولقد بينت التجربة أن حجب المعلومة أكثر ضررا من نشرها باعتبار أن غيابها يفتح باب الإشاعة والتأويل ويتلف المصداقية.     1 – الصحافة العمومية :
تعتمد الصحف العمومية (لابريس والصحافة) أساسا على ما تنشره وكالة الأنباء الرسمية وتحجب أحداثا هامة بدون موجب رغم صدورها في يوميات أخرى بدل أن تكون نموذجا ومثالا للإعلام الهادف الجيّد وقاطرة للنهضة الإعلامية المنشودة فهي تزخر بكفاءات قادرة على تقديم منتوج صحفي متميز يرتقي إلى مستوى تطلعات وانتظارات نخبه لو يفسح أمامها مجال المبادرة . وتأمل جمعية الصحافيين التونسيين أن تخرج هذه المؤسسة من التردي الذي تشهده وهي القلعة الإعلامية العريقة : تعطيل الطاقات البشرية أو تجميدها صار سمة بارزة كما صارت وكالة الأنباء هي « المحرر » الأساسي لجل المقالات وبدل أن تعاضد جهود النماء والتطوير صارت مجرد رجع لصدى النشاط الرسمي، ولم ترتق حتى إلى مستوى التحسن النسبي الذي شهده القطاع السمعي البصري حيث غابت الإضافة بالاستقصاء والريبورتاج والحوارات واحتضان النخبة كما كان شأنها. إضافة إلى كل هذا فإن انعقاد مجالس التحرير صار أمرا استثنائيا وهو ما أفقد الصحافيين نكهة العمل وروح المبادرة والإثراء والإبداع.    2 – الصحافة الخاصة :
تأمل جمعية الصحافيين التونسيين في أن تضطلع الصحف الخاصة بدور محوري في تنوع وإثراء المشهد الإعلامي وترسيخ قيم الحداثة والتنوير والاعتدال وتكريس صحافة القرب والاستقصاء التي تعكس مشاغل مجتمعنا في كل المجالات بجرأة وحرفية. غير أن الواقع الحالي يؤكد أن الرهان الأكبر صار على الإثارة بذريعة المنافسة القاسية، والحال أن الإثارة من أجل الإثارة مطية سهلة ولكن أثاراها مدمرة خاصة عندما تتحول الصحف إلى منبر للغيبيات والشعوذة واستحضار الأرواح واستنساخ مقالات مجهولة الهوية من الانترنيت أو من صحف تصدر في بيئة لا علاقة لها بالعقلانية أو هي موغلة في التخلف والانغلاق. والجمعية تذكر أصحاب هذه المؤسسات بأنه إضافة إلى خرق قوانين الملكية الفكرية فإن تسويق هذه المواد أشد ضررا من تسويق بضاعة مسمومة للاستهلاك العام. مع العلم وأن الاعتماد على الانترنيت بشكل واسع يضيق من فرص الشغل للصحافيين الذين يضخهم سنويا معهد الصحافة وعلوم الإخبار في السوق. وإلى جانب هضم حقوق الصحافيين – سخاء في ثمن الورق واقتصاد في ثمن العرق – فإن ظروف العمل في بعض المؤسسات غير لائقة وعندما تلتقي كل هذه المعوقات فلا غرابة أن يتدنى أداء الصحافي وفي أسوأ الحالات قد « يزل قلمه » ويحيد عن شرف المهنة.. ولا تشغل بعض الأسبوعيات صحافيين قارين ويكتفي بعضها بمتطوعين مثل الملاحظ. ويشتكي الصحافيون في الإعلان والأخبار وتونس هبدو من أن العلاقة الشغلية بينهم وبين صاحب المؤسسة تخضع لإرادة هذا الأخير بالكامل. وتشترط مجلة حقائق على صحافييها جلب الإعلانات وهي تخلط بين العمل الصحفي والعمل الإشهاري. كما حولها أحد الكاتبين فيه إلى منبر خاص لتصفية الحسابات. 3 – صحافة الأحزاب والمنظمات :
3 – 1- صحافة الأحزاب :
رغم تعزيز مشهد الصحافة الحزبية خلال هذا العام بإضافة عنوان جديد (مواطنون) وعودة صدور صحف أخرى (الأفق والوطن) وانتظام بقية الصحف (الحرية ولورونوفو والموقف والوحدة والطريق الجديد)، نسجّل بأسف شديد استمرار ما أسميناه في التقرير الماضي « بالارتباط » بين الأحزاب بكل تلويناتها والعمل الصحفي. وباستثناء صحف دار العمل وبدرجة محدودة جريدتا « الوحدة » و »مواطنون »، التي أثث صحافيوها مادة متنوعة من حيث المواضيع والأجناس الصحفية فإن بقية الصحف الحزبية ظلت عبارة عن أوعية للبلاغات الحزبية التي يتداخل فيها الخبر والتعليق. كما يعاب على الصحف الحزبية في بلادنا الانكفاء على ذاتها في تغطية الأحداث الوطنية ونشاطات المجتمع المدني بالخصوص والاقتصار بين الفينة والأخرى على أحداث ومواقف يتم عرضها بانتقائية لتسجيل موقف تجاه هذا الحزب أو تلك المنظمة. وبخصوص الأحداث العالمية، لا تؤمّن أغلب الصحف الحزبية مادة من شأنها إنارة الرأي العام وتوجيهه وفق رؤية تبرز الاختلاف والعمق والخصوصية في الطرح بالنسبة لكل حزب. ومن منطلق إيمانها بأهمية الصحافة الحزبية في إرساء الإعلام التعددي وصحافة الرأي، أحدثت جمعية الصحافيين التونسيين جائزتها السنوية حول « صحافة الرأي » وأسندتها في عيد الصحافة لعام 2006 إلى جريدة الطريق الجديد. وهي تأمل أن يكون تراجع الصحف الحزبية اليوم ظرفيا وأن يعي القائمون عليها وخصوصا المتمتعون بالدعم العمومي  بأن من حق الشعب التونسي أن يقرأ صحافة حزبية مهنية، متنوعة، حرة ومعبّرة عن مشاغله وهواجسه واهتماماته وتطلعاته. ونستغرب في هذا الباب احتجاب صحيفة في حجم « المستقبل » مهما كانت المبررات. ونأمل أن يشمل التمويل العمومي جميع الصحف بما فيها « الموقف » و »مواطنون ». ومرة أخرى تدعو الجمعية صحف الأحزاب إلى التعويل على الصحافيين المحترفين القارين لأنها بذلك تحقق العديد من الأهداف لعل أبرزها ملائمة وضعها مع القانون على غرار بقية الصحف وتطوير مادتها الإعلامية وتعزيز المهنية والإسهام في تشغيل الصحافيين وتحسين أوضاعهم المادية والاجتماعية. 3 – 2 – صحافة المنظمات :
تساهم العديد من المنظمات التونسية في إثراء المشهد الإعلامي بدوريات أسبوعية وشهرية. وهي على غرار بقية الصحف توفر فرص عمل هامة للصحافيين، وتتمتع بالدعم العمومي ويتبوأ بعضها مكانة هامة في سوق الصحف. ومن هذا المنطلق يسلط تقريرنا لهذا العام الضوء على هذه الصحافة لما يراه فيها من فرص وقدرات من شأنها تقديم قيمة مضافة للإعلام التعددي في بلادنا. وتتبوأ جريدتا « البيان » التي يصدرها الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية و »الشعب » لسان حال الاتحاد العام التونسي للشغل صدارة صحف المنظمات من حيث تنوع المادة التحريرية وثرائها إلى جانب كونها تزخر بالطاقات الصحفية. أما دوريات مثل « الفلاح » التي يصدرها الاتحاد الوطني للفلاحة و »المرأة » لسان حال الاتحاد الوطني للمرأة التونسية فهي أقرب إلى أدوات الاتصال المؤسساتي منها إلى وسائط الاتصال الجماهيري. ومثل هذه الدوريات تظل أسيرة الخطاب الأحادي كما يعوقها تخصصها في الوصول إلى شرائح واسعة من القراء. ورغم ما تحظى به من دعم عمومي سخي فإن دورية مثل « الفلاح » تستنكف عن تشغيل الصحافيين المحترفين القارين.                                                    القطــاع السمعــي البصـــري :
تواصل فتح القطاع السمعي البصري في تونس خلال الفترة التي يغطيها التقرير أمام المبادرات الخاصة حيث انطلق خلال هذه السنة بث قناة تلفزية ثانية بعد قناة « حنبعل » هي قناة « نسمة تي في ». ويسير العمل على قدم وساق لإعادة هيكلة مؤسسة الإذاعة والتلفزة التونسية مثلما أذن بذلك رئيس الدولة، وينتظر أن يتم في أفق سنة 2008 تكريس تقسيم هذه المؤسسة. وقد صادق مجلس النواب يوم 27 أفريل 2007 على مشروع قانون يتعلق بالمؤسسات العمومية للقطاع السمعي البصري يهدف إلى تمكين هذه المؤسسات في شكلها القانوني الجديد من الاستغلال الأمثل للفضاءات ومعدات الانتاج السمعي البصري حتى تواكب الرقمنة بتوظيف التكنولوجيات المتطورة للإنتاج ورقمنة المخزون السمعي البصري والمحافظة عليه وهي مسألة جد هامة نبهنا إليها في تقاريرنا السابقة.
وتسجل الجمعية مايلي في الحقل السمعي البصري:
– يحتل القطاع السمعي البصري مكانة متقدمة خاصة وأن البث الفضائي يغزو البيوت والمجتمعات وفي هذا المجال تدور منافسة شرسـة يكـون فيها الفوز للأقـوى والأكثر إقناعا. وفي هذا الإطار فإن الجمعية تؤكد على مزيد الارتقاء بهذا القطاع وفتح الباب للكفاءات للإبداع حتى يرى المشاهد نفسه فيها بانتظاراته ومشاغله وطموحاته. وإن سجلنا بعض النقاط المضيئة في قناة تونس 7 في ما يتعلق بشواغل الناس وبعض القضايا التي كانت في خانة المسكوت عنه، فإن ما يقدم مازال دون المأمول في هذا القطاع الاستراتيجي. كما ترجو الجمعية أن تمكن إعادة الهيكلة من تحقيق نقلة نوعية وأن يتم تأثيث المقر الجديد المتطور بالإنتاج الذي يعكس طموحاتنا وصورتنا. – وسجلت الجمعية أن هامشا من الانفتاح أفضى إلى تطور الاهتمام بالعمل الميداني خلال البرامج الإخبارية واتسم التناول الإعلامي في هذا الباب بشيء من الحرفية والجرأة والارتباط الوثيق بالآنية.
كما وقع استحداث أركان جديدة في النشرات الإخبارية على غرار معرض الصحف لكن مضمونها بدا سطحيا في أغلب الأحيان ومجانبا للحرفية. ومع أهمية الجهود المبذولة في البرامج الإخبارية والحوارية وفي مقدمتها برنامج « المنظار »، ما تزال جمعية الصحافيين التونسيين تطالب بتوسيع دائرة الضيوف وتمثيلهم لوجهات النظر المختلفة سواء تعلق الأمـر بالمواضيع والأحـداث الوطنيـة أو العالمية. وفي هذا الصدد أيضا ندعو إلى إعطاء الفرص للصحافيين التونسيين لمواكبة الأحداث العالمية بإيفادهم في مختلف المناسبات وعدم الاقتصار على الوكالات والتغطيات التي ينجزها المراسلون (إن وجدوا) لأن العمل الميداني والاحتكاك بالصحافيين من مختلف الفضائيات من شأنه إذكاء روح المنافسة وتطوير الأداء وتقديم الإضافة. ولعل النقطة السوداء التي طبعت مسيرة قناة تونس 7  خلال الفترة التي يغطيها التقرير هي المواد التلفزية التي أعدت ضمن برمجة شهر رمضان الماضي وخصوصا المسلسلات التي أثقلت كاهل المؤسسة ماديا ولم ترق إلى تطلعات المشاهدين.
ولقد كانت هذه المسلسلات في فترات ما من أهم المواد التي تبثها الفضائية التونسية، إذ بحكم ملامستها لخصوصيات ثقافية وحضارية للتونسيين شدت اهتمام المتفرج رغم إغراء الفضائيات ومن هذا المنطلق لا يجوز التفريط في هذا الإنجاز ولا يجوز بالتالي إجبار التونسيين على هجرة فضائيتهم.  وتأمل الجمعية أن تكون إعادة هيكلة القطاع السمعي البصري مناسبة لتجاوز الارتجال وسوء التخطيط وترشيد المصاريف وتنظيم الإنتاج ذي النوعية الجيدة.   ولا يفوت الجمعية أن تنبه إلى أنه أصبح من غير المعقول أن يكون موقع تونس 7 على شبكة الانترنيت في حالة أقل ما يقال فيها أنها رديئة.  – وبخصوص قناة « حنبعل » كنا أشرنا في تقاريرنا السابقة إلى أن هذه المؤسسة الإعلامية تعاني من أزمة « هوية »، وعزونا ذلك إلى حداثتها وتحديات تأسيسها.  كما نبهنا إلى أن انعدام استقرار إطارها المهني من صحافيين ومنشطين وفنيين وإداريين من شأنه أن يحول دون مراكمة التجربة ونحت الشخصية وبالتالي السقوط في الارتجال واختلاق المشكلات التي تتجاوز للأسف حرمة المؤسسة لتملأ صفحات الجرائد. إضافة إلى عدم تمتع الأغلبية الساحقة من الصحافيين إلى أي ضمانات قانونية من عقود شغل إلى التغطية الاجتماعية.. كما لفت انتباهنا خلال الفترة الماضية ممارسة منافية للأخلاقيات ولضوابط القانون وتحديدا قانون الصحافة وقانون الملكية الفكرية، حيث تقوم قناة « حنبعل » ببث مسلسلات وأفلام وبرامج مأخوذة عن مؤسسات إعلامية أخرى أو مقتناة من الأسواق مباشرة (محلات بيع الأشرطة)، وللتمويه خلال البث تحجب القناة شعارها ثم تعيده بمجرد انتهاء العرض..
ونسجل على صعيد آخر الجهد الذي تبذله القناة في بعض البرامج الحوارية الاجتماعية والرياضية بشكل خاص والتي أثّرت بوضوح على قناة تونس 7 ودفعتها إلى تطوير عدد من برامجها وخلقت ضربا من المنافسة. على أننا نسجل في نفس الوقت أن بعض البرامج الحوارية السياسية ورغم الجرأة في اختيار المواضيع قد سقطت في فخ تكريس وجهة النظر الواحدة التي لا تعكس ثراء المجتمع التونسي. كما كادت بعض البرامج الرياضية تحيد عن دورها في إعلام الرأي العام وتوعيته بتعمدّها إذكاء نعرة المغالاة في تناول بعض الظواهر والمشكلات الرياضية..
– أما بالنسبة لقناة « نسمة تي في » وهي الفضائية الثانية في بلادنا التي تم الترخيص لها على أساس امتياز استند إلى السلطة التقديرية لسلطة الإشراف، فإننا ننتظر أن تقدم الإضافة للمشهد السمعي البصري. ونأمل أن توفق هذه القناة الفتية في نحت شخصيتها ورسم توجه واضح لبرامجها في المستقبل خصوصا مع انتهاء تجربة تلفزيون الواقع (ستار أكاديمي المغاربية) التي دشنت بها البث والتي اتسمت بعديد النقائص والسلبيات لعل أبرزها مشكلة اللغة.. كما يهم جمعية الصحافيين التونسيين أن تؤكد مرة أخرى أن فتح مجالات الإبداع أمام الصحافيين وتوفير الظروف المادية والمعنوية الملائمة لهم من شأنها أن توفر ضمانات النجاح للمؤسسة الإعلامية الناشئة. – وما سقناه بخصوص قناة تونس 7 نسجله بالنسبة للإذاعة الوطنية حيث سمح هامش هام من الانفتاح في المرحلة الأخيرة بتطوير ما تقدمه الإذاعة شكلا ومضمونا. – وتسجل جمعية الصحافيين التونسيين بشكل خاص تطور المادة التي تؤمنها إذاعة تونس الدولية الناطقة باللغة الفرنسية لما تتسم به من ثراء وانفتاح. – ويقف المتابع لإذاعة الشباب للأسف على حقيقة أن هذا المنبر فقد بريقه ولم يعد يستجيب لتطلعات مستمعيه رغم كونه موجها للطاقات الشابة وزاخرا بها، مثلما تراجعت قناة 21 التلفزية بشكل واضح عن بداياتها. – وتأمل الجمعية أن تفرض الإذاعة الثقافية نفسها ضمن المشهد الإعلامي وأن تشع وتضطلع بدورها في استقطاب الفاعلين الثقافيين وتجذير الهوية الوطنية وترسيخ قيم الحداثة والتطور في أوسع شرائح المجتمع من خلال تعزيز وجود الصحافيين المحترفين وتحسين نوعية البث وإيجاد ظروف العمل المناسبة. – وبخصوص الإعلام الإذاعي الجهوي، فهو بشقيه العمومي(صفاقس، قفصة، تطاوين، الكاف والمنستير) والخاص (الجوهرة)، وإن كان يقدم مضمونا يستجيب إلى حد كبير لحاجيات المواطن ويعكس نسق الحياة في بلادنا فإننا نرى بأنه قادر على المزيد من الجرأة ومن الالتصاق بالشأن اليومي للتونسيين. وفي هذا الصدد ندعو إلى دعم المكاتب الجهوية للإعلام والتوثيق لما لها من دور حيوي في حصول الإعلاميين على المعلومة المحينة والدقيقة التي تهم الجهات. وفي المقابل، نسجل بأن الصحافيين في الجهات يلاقون صعوبات في الحصول على المعلومة وخاصة من بعض الإدارات الجهوية التي تتعلل بعدم توفرها على صلاحيات نشر المعلومة وربط المسالة بالإدارات المركزية. كما يشتكي الصحافيون من صعوبة عقد اللقاءات الصحفية مع المسؤولين لدى حلولهم بالجهات ويبقى الأمر متعلقا بمدى تعاون الولاة أو المسؤولين أنفسهم. ونسجل أيضا غياب حضور الإعلام الجهوي في مداولات الغرف النيابية واقتصاره على بعض الاجتهادات عبر الهاتف ليبقى الاعتماد كليا على ما تورده وكالة تونس أفريقيا للأنباء. ومازال الإعلام الجهوي لا يغطي أنشطة الأحزاب والمنظمات الوطنية التي تقع في الجهات رغم تغطيتها من قبل قناة تونس 7 في بعض الأحيان. – وتعتبر جمعية الصحافيين التونسيين أن إذاعة « موزاييك » هي بصدد إحراز تقدم في مواجهة التحديات التي يفرضها نجاح العديد من برامجها.  كما تسجل التفاعل الإيجابي للقائمين عليها مع مطالب الجمعية ومقترحاتها رغم بقاء بعض التحفظات على اللغة الهجينة المستعملة. كما يظل موقع « موزاييك » على شبكة الانترنيت من أكثر المواقع التفاعلية والمحيّنة التي تجلب الجمهور في تونس وخارجها. وفي علاقة بإذاعـة « جوهرة أف أم » تسجل الجمعية النهج الجيد الذي تسير عليه برامجها وموقعها الالكتروني. وتجدد جمعية الصحافيين التونسيين التوصية بضرورة إيجاد كراس شروط للراغبين في بعث القنوات التلفزية والمحطات الإذاعية الخاصة ضمانا للشفافية في إسناد الرخص وهو الأمر الذي يسمح في تقديـرنا بوجود وسائل إعـــلام ذات هوية واضحـة على درجة رفيعة من المهنية والاحتراف وتكرس حق المواطن في الإعلام وتضمن حقوق العاملين فيه.   كما تؤكد الجمعية على أهمية عدم حصر بث الإذاعات الجهوية على موجة « الأف أم » لما قد يسببه وضعها الحالي من انقطاع الوصل مع جمهور يمثل امتدادا للعمق التونسي في دول شقيقة، كما يحرم مستمعين محتملين داخل تراب الجمهورية من التقاطها ويحد على صعيد آخر من روح المنافسة بين الإذاعات..   الانتهاكــات ضد الصحــافيين :
ما تزال ظروف ممارسة العمل الصحفي تتسم بالصعوبة، ومازال الصحفي يعاني من شتى أنواع المراقبة في مؤسسته وهو الأمر الذي من شأنه أن يقتل روح المبادرة لديه ويزيد في تهميش دوره في المؤسسة كما في المجتمع مما يعيق قيامه بما هو مطلوب منه ومن القطاع. وتأخذ الانتهاكات المسلطة علي الصحفي أشكالا عدة ونؤكد مجددا رفض الصحافيين المطلق لكل أشكال هذه الانتهاكات. ويجدر التذكير أن رصدنا للانتهاكات ضد الصحافيين والعمل الصحفي هو جزء لا يتجزأ من عملنا كصحافيين وكذلك من عمل جمعية الصحافيين التونسيين، وهو عمل يراد له أن يساهم في الارتقاء بالعمل الصحفي خدمة للقطاع. ولهذه الأسباب فنحن نستهجن ما جاء في صحيفة « الصريح » بقلم مالكها ورئيس تحريرها السيد صالح الحاجة بتاريخ 19 ماي 2006 ردا على تقريرنا السابق في مقال حمل عنوان « إلى من يفضحون أمهاتهم » ونقول للعام قبل الخاص أن بداية النهاية للصحافة الحرة هو تقديم النقد على أنه مؤامرة، وتقديم المناضلين من أجل إعلام حر يقطع مع الخرافة وثقافة الموت على أن مصيرهم الخسران، واعتبار المطالبة بالحقوق المشروعة التي يكفلها القانون عقوقا… إننا مصرون على النقد وعلى المطالبة بإعلام أكثر حرية وبظروف أحسن للعمل الصحفي وهي شروط ستمكن قطعا من عملية فرز بين العمل الصحفي وخسران الصحافة وبعض من ظل طريقها. 1 – غياب هيئات التحرير :
يشتكي الصحافيون من غياب اجتماعات دورية لهيئات التحرير وهو أمر تشترك فيه جل المؤسسات الإعلامية التونسية في حين يعتبر الحديث عن هيئات تحرير منتخبة تكون شريكة في القرار الإعلامي ضربا من الترف الفكري وهو ما يجعل الصحفي خارج دائرة التاثير ويعطي لصاحب المؤسسة أو المسؤول الأول فيها سلطة مطلقة. وحسب معلومات أكيدة فإن صحفا يومية على غرار « الصحافة » و »الصباح » و »لوطون » لم تجتمع بصحفييها منذ 10سنوات إلا لماما في حين تنعدم هذه الاجتماعات في جريدة الصريح وتعقد بشكل متقطع في صحيفة « لابريس ». وعموما وباستثناء « الشروق » و »حقائق » فإن اجتماعات التحرير تغيب أو تكاد عن بقية المؤسسات الصحفية. ويعلل المسؤولون ذلك بأن هذه الاجتماعات قد تتحول إلى « نقد لسياسة التحرير وتطاول على هيبة الإدارة بالمؤسسة » في بعض الأحيان، وإلى « اجتماعات نقابية للمطالبة بالحقوق وتحسين ظروف العمل » في أحيان أخرى.        2 – الرقابة :
تجبر بعض الصحف مثل الصحافة ولابريس صحافييها على الالتزام بمقياس « وات ». فالمواضيع التي يسمح بالتالي الكتابة فيها في الشؤون الوطنية خاصة هي تلك الواردة في نشرة الأحداث المنتظرة لوكالة الأنباء وهي غالبا ما تكون أنشطة رسمية. وما عدا ذلك فالاجتهاد غير مرغوب فيه. وفي قناة تونس 7 تخضع المواضيع المقترحة في برامج مثل المنظار وملفات وشواغل الشارع ومنتدى العالم ولحظة بلحظة وبكل وضوح إلى تمحيص شديد من مسؤولي المؤسسة. ويشتكى الصحافيون من رفض جل المواضيع التي يقترحونها مهما كانت عادية مثل سرقة السيارات وتجارة العملة الصعبة.. وتعتبر الرقابة على المواضيع وصنصرتها أمرا جاريا ومعتادا في بعض المؤسسات الإعلامية، ففي قناة تونس 7 نادرا ما يمر موضوع في البرامج الإخبارية خاصة دون أن يخضع إلى « تدخل جراحي » قد ينتهي بتشويهه. ومن المواضيع التي وقعت صنصرتها « غلاء الأسعار » و »تساقط الثلوج في منطقة الشمال الغربي » حيث تم إنجاز ريبورتاج حول تساقط الثلوج في المنطقة تضمن في الجزء الأول منه وصفا لجمالية الثلج ومنافعه بالنسبة للموسم الفلاحي وفي الجزء الثاني إشارة للعزلة التي لحقت بالمواطنين ونقص المواد الغذائية ووسائل التدفئة لكن المسؤولين عن المؤسسة تدخلوا لمنع بث الجزء الثاني بدعوى أنه من غير المقبول الحديث في تونس عن مواطنين معزولين. لكن من الغد فوجئ المسؤولون على القناة بأن رئيس الدولة تدخل شخصيا ليأذن بتقديم مساعدات لهؤلاء المواطنين وفك العزلة عنهم. كما تم في جريدة لابريس منع مقال حول الانتخابات الفرنسية بعنوان « بايرو ، مرشح التوجهات السلمية » وهو مقال بلغ كتابة الجمعية وعموما فإن ظاهرة الرقابة تمثل قاسما مشتركا بين أغلب الصحف والمؤسسات الصحفية وهي عادة ما يقع تبريرها بالخط التحريري للصحيفة أو المؤسسة. بيد أنه من الضروري التنبيه إلى أن عدم وضوح الخط التحريري في اغلب الأحيان يفسح مجالا للرقابة المسبقة واللاحقة ويتيح مجالا أكبر للغموض ولاجتهادات القائمين على المؤسسات الصحفية ويعيق بالتالي ممارسة العمل الصحفي. 3 – التعتيم :
شهدت تونس خلال الفترة التي يغطيها هذا التقرير أحداثا خطيرة للغاية شغلت الشارع التونسي وأغرقته في بحر من الحيرة. فقد عمدت مجموعة إرهابية إلى التسلل إلى بلادنا لمحاولة القيام بأعمال إرهابية وزعزعة الاستقرار. وتصدت لها قوات الأمن والجيش ببسالة أودت بحياة البعض منهم. وقد أجمع التونسيون ومنهم الصحافيون على إدانة هذه الأعمال الإرهابية بدون لبس ولا مواربة، غير أنه لا بد لنا من تناول بعض ملابسات هذه الأحداث بالنقد. أولا : إن المعالجة الأمنية والعسكرية لمثل هذه الأعمال أمر يفرضه الواقع والمنطق غير أنه لا بد من الإقرار بأن جميع مكونات المجتمع المدني معنية بالدفاع عن مكاسب البلاد واستقرارها، وأن عملية الدفاع هذه تستوجب تعبئة لم يتمكن الإعلام الوطني من القيام بها لشح المعلومات وتضاربها في بعض الأحيان. وقد كانت جمعية الصحافيين التونسيين عبرت عن موقفها في كل ما حدث في حينه. ثانيا : ونظرا لكون ما جرى في الفترة الفاصلة بين 23 ديسمبر 2006 و3 جانفي 2007 يهم كل التونسيين بدون استثناء وبصرف النظر عن تلويناتهم السياسية فإن عموم التونسيين كانوا معنيين بإعلامهم بما جرى، غير أن وزير الداخلية بصفته تلك توجه بالإعلام إلى ندوة إطارات التجمع يوم 12 جانفي واستعـرض أمامهم ملابسات الأحداث. ونحن إذ نفهم سعي السلطات إلى تعبئة أعضاء الحزب الحاكم إلا أننا نرى أن خطورة الأحداث تهم كل التونسيين الذين هم معنيون بأمن واستقرار البلاد والذين من حقهم الحصول على المعلومة التي يجب أن تكون الشيء الأعدل قسمة بين كل المواطنين. 4 – غلق مصادر الخبر :
يمثل غلق مصادر الخبر أحد أهم العراقيل التي تقف أمام الصحافي وممارسته لعمله مما حدا بوزارة الاتصال إلى تنظيم ندوة وطنية حول الموضوع بإذن من رئيس الدولة، وهي ندوة أسفرت عن عديد التوصيات التي ما زلنا لم نر أثرها في الواقع. إذ مازال الصحافي يعاني من غياب المعلومة وإجبارية مرورها عبر الملحق الصحفي وهو ما يعيق في تقديرنا تطور الإعلام عموما والصحافة الاستقصائية على وجه التحديد. وهذه الممارسات دارجة في وزارات مثل العدل وحقوق الإنسان والتربية والتكوين والتعليم العالي والبحث العلمي. 5 – الطرد التعسفي والتقاضي :
يعتبر الصحافي الحلقة الأضعف في المؤسسة الإعلامية مقارنة ببعض الأصناف الأخرى الإدارية والتقنية. وتسجل سنويا حالات طرد تعسفي في عدد من المؤسسات الخاصة على وجه التحديد. وتعتبر صحف الصباح والصريح وقناة حنبعل التلفزية الخاصة الأبرز في هذا المجال. وقد سجلت هذه السنة عمليات طرد في دار الصباح للزملاء : كريمة دغراش وإيمان الحامدي ولطفي بن صالح وسامية الجبالي وأمال الهلالي كما تم طرد ألفة الجامي من حقائق. وكانت جمعية الصحافيين التونسيين أعربت في تقريرها السابق عن استغرابها الشديد جراء بعض الأحكام العرفية الصادرة بخصوص الزملاء المطرودين من دار الصباح واستغرابها كذلك من التمطيط غير المبرر الذي شهدته إجراءات هذه القضايا التي دامت أكثر من ثلاث سنوات. واليوم تجدد الجمعية استغرابها واستياءها من بعض الأحكام التي أصبحت باتة والتي تعارض بقوة مقتضيات القانون وفقه القضاء وتزيد في هشاشة وضع الصحافي عموما وتشجع بعض أصحاب المؤسسات على التمادي في انتهاك القوانين وضرب حقوق الصحافيين المكتسبة. 6 – انتهاكات ضد الصحف :
لم تسجل عمليات إيقاف للصحف أو حجزها خلال السنة المنقضية، وفي المقابل أصدرت جريدة الموقف يوم 23 مارس 2007 بيانا جاء فيه أنه تم جمع نسخ العدد 398 من الجريدة المؤرخ بيوم الجمعة 23 مارس 2007 من جميع الأشكاك بالعاصمة وأن العملية تكررت في نفس اليوم في الولايات داخل الجمهورية. 7 – منع الصحف الأجنبية من الدخول :
لئن مثل إلغاء نظام الإيداع القانوني على الصحافة الوطنية إجراء هاما باتجاه رفع القيود عن الإعلام الوطني نوهت به الجمعية أثناء صدوره، فقد سجلنا أحيانا عدم انتظام ترويج بعض الصحف الأجنبية ومنها صحيفة القدس العربي. 8 – إصدار الصحف :
ما يزال عديد المهنيين والصحافيين ينتظرون منذ سنوات الحصول على الوصل الذي يمكنهم من إصدار صحفهم الشيء الذي جعل البعض منهم يلتجأ إلى الصحافة الالكترونية. وكنا طالبنا في تقاريرنا السابقة بضرورة الاستجابة لمطالب الزملاء الصحافيين وتمكينهم من إصدار صحفهم وإعطائهم الأولوية في ذلك. ونجدد في تقريرنا الحالي هذا المطلب الملح. أخــلاقيات المهنــة :
كنا نبهنا في تقاريرنا السابقة إلى ظاهرة انتهاك أخلاقيات المهنة الصحفية وميثاق شرفها. وتأخذ هذه الانتهاكات أشكالا مختلفة ومن ذلك أسلوب التشخيص وهتك الأعراض والتخوين والسرقة والانتحال  والإشهار المقنع، إلا أن عدم تطبيق القانون شجع أصحاب المؤسسات الإعلامية في الصحافة المكتوبة والسمعية البصرية والانترنيت وبعض الصحافيين للأسف على التمادي في ممارسات مخلة بشرف المهنة وهي ممارسات ما انفكت تتسع. ونعتقد أن الأوضاع المادية والمهنية الهشة في عديد المؤسسات تمثل أرضية خصبة لتنامي ظاهرة خرق أخلاقيات المهنة ونفرق في هذا الصدد بين نوعين من الخروقات، تلك التي رصدناها نحن على غرار ما فعلناه في السنوات السابقة وأخرى بلغت إلى علم الجمعية وأحيلت على لجنة أخلاقيات المهنة التي اتصلت بالمعنيين بالأمر وحصلت منهم على تعهد بتسوية إخلالهم.
ونؤكد مجددا استمرار لجوء بعض الصحف والأقلام والمواقع الالكترونية من مختلف التلوينات السياسية والحساسيات إلى أسلوب هتك الأعراض والتخوين والتشخيص. وإذ نجدد إدانتنا لمثل هذه الخروقات ونطالب بالردع القانوني لمرتكبيها فإننا ندعو الصحافيين الذين يتعرضون لضغوطات من أجل القيام بمثل هذه الأعمال المخلة بشرف المهنة للالتجاء لجمعية الصحافيين التونسيين. تقلصت خلال الفترة التي يغطيها التقرير ظاهرة المقالات الجاهزة والمقالات غير الممضاة أو الممضاة باسماء مستعارة للثلب أو للرد على أحداث أو مواقف لم يطلع عليها القارئ أو المشاهد التونسي. ولكن هذه المقالات على قلتها، تبقى معيبة للإعلام خاصة في صحف في حجم الصباح والشروق. كما شهدت فترة إعداد التقرير اتهام صحافي بجريدة لابريس بقلب وقائع جلسة عامة للمحامين من خلال مقال ممضى وقد تم تمكين عميد المحامين من حق الرد. ولا يفوت الجمعية التنديد بما صدر عن « صحافية » من حقائق من شتائم عنصرية تجاه الزميلة ماريان كاتزاراس من جريدة لوطون خلال ندوة صحفية. ورغم أن قانون الصحافة واضح ولا يحتمل التأويل بالنسبة للسرقات الفكرية والأدبية إلا أن عديد الصحف مثل الصريح والإعلان والحدث والأخبار وتونس هبدو وأضواء والملاحظ تلجأ إلى ملء صفحات مقتطعة بالكامل من صحف أجنبية وعربية دون الإشارة إلى مصادرها الحقيقية. بل إن صحفا مثل الصريح اليومية وأسبوعيات الحدث والإعلان والأنوار غالبا ما تقتطع حوارات بأكملها وتوهم القراء بأنها إنتاجات خاصة ويصل الأمر ببعض الصحف إلى إضافة عبارة « خاص » لتجسد بذلك أقصى أشكال الاستهتار والاستهزاء بالقارئ.
وقد تحولت شبكة الانترنيت إلى ملاذ حقيقي لهؤلاء. وتخصص الصريح موظفا للسرقة من الانترنيت لملء صفحات الجريدة بجميع أقسامها (الشؤون العالمية والرياضة والثقافة والمنوعات..)./.
انتهى أنجز هذا التقرير فريق عمل من لجنة الحريات يتكون من الزملاء :
جمال الكرماوي زياد الهاني مراد علالة ناجي البغوري محسن عبد الرحمان الهاشمي نويرة كما ساهم في إعداده الزملاء فتحي الشروندي وسفيان رجب وجمال العرفاوي إضافة إلى لجنة المرأة ولجنة أخلاقيات المهنة ولجنة السكن

 

محمد    العكروت:

محمد القلوي في خطر (المناضل القيادي بحركة النهضة)

إذا كان الواقع المشترك لكل إخواني المجاهدين القابعين في غياهب السجون ظلما دونما ذنب اقترفوه غبر جهادهم من أجل المساهمة في رقي بلادهم سياسيا و اجتماعيا و فكريا و ثقافيا لإعادة الاعتبار لهوية البلاد التي وقع الدوس عليها حيث أبعد الإسلام من كل تأثير في واقع المجتمع و حنط في شعارات و شعائر تعبدية كما أبعدت اللغة العربية و همشت و لقد ناضل أبناء حركة النهضة من أجل اقتسام عادل لخيرات البلاد التي استنزفها من لا هم لهم غير الثراء الفاحش مستعملين كل الوسائل المشروعة و غير المشروعة مستغلين كل ما يملكون من سلطة و نفوذ إضافة إلى التوزيع غير العادل للثروات و الجهود و الكفاءات توزيعا يزيد الثري ثراء و الفقير فقرا و يهمش أغلب الفئات الاجتماعية حيث نجد أن ما يزيد على الثمانين بالمائة من ثروات البلاد بأيدي 20 بالمائة من المواطنين و الوضع سيزداد قتامة في المستقبل القريب إذ بدأنا نحصد الثمار الخبيثة لسياسة التفويت في المنشآت الاقتصادية كالاسمنت و الفولاذ … للأجانب و هو شكل من أشكال الاستعمار بل أخطر من الاستعمار المباشر فالاستعمار بكل ألوانه يأكل الثمرة و يتحكم و يتحكم في البلاد و يوجهها الوجهة التي يراها دون أن يتحمل تبعات استعماره و دون أن يملك المواطن الحر الغيور على بلاده الوسيلة لمقاومة الغازي و قد ضحى أجدادنا بالغالي و النفيس ضحوا بالنفس و المال و العرض و كلهم أمل أن تنعم الأجيال من بعدهم بالحرية و خيرات البلاد و بحقهم في ممارسة شعائرهم التعبدية … و لكن السياسة الخاطئة أعادت الاستعمار من جديد …
هؤلاء الإخوة الأبطال القابعون في السجون وراء القضبان منذ ما يزيد على 15 سنة ظلما و عدوانا لا لشيء إلا لأنهم تكلموا حين خرس أغلب الناس يعانون اليوم من الأمراض المزمنة و المختلفة، يعانون من سوء المعاملة و الحرمان من أبسط حقوقهم الإنسانية و من سياسة التجويع و التجهيل و قد أنهكتهم الإضرابات المستمرة و مصت دمهم و لحمهم و هي لعبة راقت لإدارة السجون و من يقف وراءها إذ تدفع السجين إلى الإضراب بأساليب مختلفة كاستفزاز مشاعره بالتضييق عليه و على عائلته في الزيارة أو القفة أو الكتب أو الصحف أو التداوي أو التنكر لوعود و عدتها و لحقوق حققها السجين بعد نضالات متكررة حتى إذا شارف المضرب على الهلاك جاءته الإدارة كعادتها متثعلبة تعده خيرا و لبت مطالبه و تكون التلبية في أغلبها لا تزيد على وعود سرعان ما تتنكر لها الإدارة بأساليبها الماكرة المعتادة و إدارة السجن تملك من الخبرة ما يفوق التصورات في قدرتها على التراجع عن وعودها و ذلك يعتبر في عرفها شطارة و ذكاء.
و هذا ما يمكن أن نسميه سياسة القتل عرقا عرقا و هو من أروع الابتكارات في الديمقراطية التونسية و ما أرحمك يا  » راجل أمي الأول » إذ كنا سابقا بمجرد الإعلان عن الإضراب أو حتى نية الإضراب تسارع الإدارة بحل المشكلة أو التفاوض معك حولها بينما اليوم يقع استفزازك بحرمانك من حقوقك و بشتى الأساليب الثعلبية الماكرة حتى إذ أعلنت عن الإضراب أو أعلنت عن عزمك عليه قيل لك أنت حر في أن تفعل ببدنك ما تشاء البدن بدنك و أنت حر فيه و قد يزيد حضرة المسؤول بعض الإيحاءات الخفية لاستفزاز مشاعرك وإن كنت لم تعزم بعد على الإضراب و ستجد نفسك حينئذ بين خيارين أحلاهما مر: إما الإقدام على الإضراب رغم إرادتك و ما ينتظر صحتك من إنهاك و مخاطر أخرى من أمراض مزمنة و أمامك إخوانك الذين استشهدوا و هم في إضرابات جوع دون إسعاف و هم بين يدي جلاديهم التي لا تعرف الرحمة أمثال الشهيد  » اليوساعي » أو الذين استشهدوا بأمراض نتيجة حتمية للإضرابات و الإهمال من إدارة السجون و من يقف وراءها أو التراجع عن عزمك في الإضراب و عندها ستذلك الإدارة أيما إذلال فهي تبحث عمن يطرأ عليه أي ضعف كي تستفزه و تميت فيه كل روح نضالية فالإدارة لا هم لها إلا إسكات الجميع و إجبارهم على الخضوع لأمر الواقع و القبول بالمهانة و لعل أكبر شعار يسمعه السجين من أعوان السجون  » طير البرني لاحصل معادش يفرفط ».
المناضل محمد القلوي مقبل على إضراب عن الطعام: لقد اتبعوا معه سياسة الهرسلة و الموت البطيء و القتل عرقا عرقا و هو المحكوم بمدى الحياة و ألحقوا به أخيرا قضية أخرى تحت عدد 829 في الوقت كان و كنا و عائلته و سائر أحبابه و إخوانه رفقاء الدرب و النضال النقابي بساحة محمد علي ننتظر أن يفرج عنه أفلا يكفيه و إخوانه 15 سنة سجنا من المعاناة و التعذيب المادي و المعنوي و من كرم السلطة أن أضافت إليه قضية باطلة من أساسها زادته و عائلته غما و هما فالقضية قد حكم فيها سابقا و تفريعاتها ضمن القضية الأم و حتى يحكم القاضي فيها باتصال القضاء لابد من نسخة من حكم المحكمة العسكرية في القضية الأم و حتى يدرك القاصي و الداني بأن القضية مفبركة شماتة به لم تقدر هيئة المحكمة الابتدائية بقابس في شخص رئيسها و لا النيابة العمومية الحصول على هذه النسخة و طبعا من باب المستحيلات أن يتحصل عليها المحامي، و حال و حال المحامي في محاكمنا حال الأيتام في مأدبة اللئام، فهل هذا معقول؟ هل يقبل عاقل بأن الإجراءات القانونية و القضائية على هذه الدرجة من التعقيد؟ فمنذ ما يزيد عن السنتين و المناضل محمد القلوي و أفراد عائلته يعانون الحرمان و الشقاء و التعذيب فلكم أن تتخيلوا ماذا يعني نقلة سجين من تونس إلى قابس مصفدا في أغلاله الحديدية القاسية و ما يصحب ذلك من بعثرة لأدباشه و ضيع ما تحصل عليه من مكاسب بعد طول عناء إذ بمجرد النقلة من سجن إلى آخر يفقد السجين كل ما اكتسبه من بعض الامتيازات و إن قلت كالتعود على المساجين المتساكنين معه و الجو العام للغرفة و السرير المناسب نسبيا موقعا و هيأة فبالنقلة يصبح كأنه دخل السجن لتوه و رغم كل هذه المشاق و المتاعب يمكن للمناضل محمد القلوي تحملها فهو المعروف بصبره و جلده و حكمته و أما ما لا يمكن أن يتحمله إبعاده عن زوجته و أولاده و عدم وصول رسائله إليهم و رسائلهم إليه أفلا يكفي زوجته و أبنائه معاناة حتى تزيدهم معاناة أخرى بإبعاده من تونس إلى قابس و ما ذلك إلا شكل من أشكال العقوبات الملتوية له و لعائلته بحرمانه و حرمانهم من الزيارة فالزيارة الواحدة تصبح كلفتها تفوق ألمائتي دينار مع استحالتها عمليا فالزوجة مدرسة و الأبناء يدرسون.
هذه القضية المغلوطة الظالمة أرهقته و أرهقت عائلته و دفعته إلى الدخول في إضراب زاد على الـ20 يوما في المدة الفارطة أوشك أن يأتي على حياته و أوقف الإضراب بناء على وعود معسولة بأن تجد هذه القضية طريقها إلى الحل بأن ترسل المحكمة العسكرية نص الحكم و يعاد به إلى سجن تونس و فعلا أعيد و رغم أنه تقدم بشكل رسمي إلى إدارة السجن بأنه متنازل عن حقه في حضور المحاكمة و يكتفي بحضور محاميه و وعدوه بذلك و لكن أنى لهم الوفاء بالوعود؟ فهذه خصلة قد تجردوا منها خاصة إذا كان المعني مناضلا قياديا من حركة النهضة و قد ناشدت عائلته رئيس الدولة و وزير العدل و وزير الداخلية التدخل لحل هذه المعضلة التي تعتبر وصمة عار في جبين القضاء التونسي ( عجز جهاز قضائي عن الحصول على وثيقة من جهة قضائية أخرى: المحكمة العسكرية) و لهذه الأسباب أناشد أصحاب الضمائر الحية من جمعيات حقوقية داخلية و خارجية و كل وسائل الإعلام التدخل السريع لإنهاء هذه المأساة الماراطونية و مواصلة السعي الحثيث و الجاد لإنهاء معاناة كل المساجين السياسيين. أفلا يكفيهم و يكفي عائلاتهم 15 سنة سجنا دون ذنب اقترفوه فهذا الجرح النازف خطره لا يمس السجين و عائلته فحسب بل يتعداهم إلى خسارة كل البلاد والعباد فهذا الاحتقان السياسي قد أضر بالجميع و شوه سمعة البلاد و دفع المواطنين إلى اليأس و قد بدأت باكورات هذا اليأس تظهر و لا أدل على ذلك من المواجهات المسلحة الأخيرة و يعلم الله ماذا يخفي المستقبل لبلادنا السجينة مادام النظام الحاكم فيه مواصلا لسياسته المعتمدة على الحلول الأمنية التي لن تجدي نفعا و أول و أكثر المتضررين منها هو النظام الحاكم نفسه أفلا يذّكرون؟ أم على قلوب أقفالها.
لهذا أدعو السلطة في بلادنا و في سائر البلدان التي تنهج نهجها إلى مراجعة حساباتها و البعد كل البعد عن الحلول التي اتضح لكل ذي بصيرة فشلها الذريع فأقول للحكام أنقذوا أنفسكم و كراسيكم بنشر الحريات و اجتناب الكبت و البعد عن القهر و الظلم فهو الأنجع للجميع حكاما و محكومين أنقذوا شعوبكم و الشباب خاصة من اليأس و الإحباط فإبعاد شبح الإرهاب و الاقتتال الداخلي هو بأيدي الحكام قبل غيرهم و لا يولد أي شاب تواقا إلى العنف و لكن سياسة الحكام و من بيدهم القرار هم الذين يغرسون فيه الجرثومة الخبيثة التي إن استفحلت في مجتمع أتت على الأخضر و اليابس و تضرر منها الجميع بدءا بالمتسببين في غرسها و نشرها فالرسول الكريم صلى الله عليه و سلم أرشدنا بأن الإنسان يولد على الفطرة و أبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه و لم يقل يسلمانه لأن الفطرة هي الإسلام و كلمة الإسلام دينا و لغة كافية للدلالة على الرحمة و الخير والسلم و السلام لمصلحة الجميع بمن فيهم من يفسدون فطرة الله التي فطر الناس عليها. فأفيقوا يا حكامنا و انتبهوا فإن الخطر داهم لا محالة و تجردوا من كبريائكم و مدوا أيديكم إلى شعوبكم دون انتقاء أو إقصاء أو استئصال أو وصاية فثم الخير العميم و الأمن و الأمان الحقيقيان و إني لأجزم بأن مصلحة البلاد و العباد في المصالحة و الحوار النزيه و نشر الحريات فهي الوسيلة الوحيدة و الناجعة لإخراج الجميع من المستنقع و من عنق الزجاجة. و الله من وراء القصد
محمد العكروت ( قيادي بحركة النهضة) (   المصدر : موقع الحزب الديمقراطي التقدمي  بتاريخ 1 ماي 2007  )  

بسم الله الرحمان الرحيم

السجن أحب إلي مما يدعونني إليه

محمد عياد العكروت استدعيت بل حملت إلى منطقة الشرطة بقابس اليوم: السبت 28-04-2007 و في الحقيقة الذي أخذني معه في السيارة عاملني بلطف و قال لي في الطريق بأنهم منذ أن خرجت لم يقلقوني و كل ما في الأمر أن لهم استفسارات عن مسألة ما و فضلوا أن تكون في منطقة الأمن عوضا عن الطريق العام. و في منطقة الامن دار حديث مع المسؤول يمكن تلخيصه في مايلي: تهديد بالسجن و إمكانية إلصاق تهمة بتمويل الإرهاب و بعد مجاذبات حول ضرورة أن يكون معي محام و حول قانون السراح الشرطي و تذكيري بأني مسرح شرطيا و حسب شرحه بأن كلمة شرطي تقتضي وجود شروط علي التقيد بها و إلا… و لكن لما لم أتجاوب معه في أسئلته و لم أشاطره فهمه للمستلزمات التي يجب أن يكون عليها المسرح شرطيا حاولت أن أبين له أني مصدوم من جلبي إلى المنطقة و هذا استفزاز ليس له ما يبرره و لا موجب إلى هذه الأسئلة حول ترميم داري التي لا تصلح للسكن و كان الأولى أن توجه هذه الأسئلة لأهل الثراء الفاحش… اتهمني مرافقه بأن رأسي كاسح و كان من المفروض أن أجيب عن أسئلة السيد المسؤول دون تعقيد فهي أسئلة عادية و أنهم لا يريدون إقلاقي كرد على قولي بأن جلبي في سيارتهم سيخيف الجيران و المتصلين بي و سيضيق علي معاشي… خرج المسؤول ثم عاد بعد قليل بتعليمات ملحا علي التقيد بها وفي نبرته شيء من التحذير مفادها أني بمقتضى السراح الشرطي علي أن أعلمهم بكل تحرك أقوم به فقلت مقاطعا أعلمكم عندما أغير مقر إقامتي فقط.
كما علي أن أخبرهم بكل من يزورني و بكل ما أتحصل عليه سلفة أو استرزاقا أي مورد رزقي و نظرا لقناعتي بأنه لا يمكن البتة أن يوجد قانون يفرض هذا قلت: بعد محاولة نقاش لم يسمح بها حضرة المسؤول سوف أحاول الإطلاع على القانون و استشارة محامي فإذا وجدت صحة ما تطلبونه مني فسوف أفعل فالفيصل بيننا القانون و لما كنت في الطريق عائدا إلى داري قلت في نفسي أن خلاصة ما طلب مني أن أكون مخبرا « قواد » و على من ؟ على نفسي و زواري و على كل من تسول له نفسه مساعدتي فيا للعار. و رغم قناعتي الراسخة بأنه لا يمكن أن يوجد قانون في الدنيا يصل إلى هذه الدرجة من الغباوة يذل الناس و يمحق كرامتهم قلت لنفسي محذرا ومنبها: أليس يا عكروتي السجن أحب إليك مما يدعونك إليه و قد يكون لحكامنا إبداعاتهم الخاصة في إيجاد مثل هذه القوانين و تأويلها حسب ما يحتاجون و حسب ما يخدم مصالحهم فالقوانين قدت على مقاسهم و لهم الباع الكبير في فهمها.
و أمام هذا التضييق و الإذلال المقصود فكرت في أن أوجه رسالة إلى إخواني الذين يقبعون في السجون بألا يفرحوا بخروجهم، و أن أوجه نداء إلى كل الذين يطالبون و يسعون إلى إخراج المساجين السياسيين من معاناتهم بأن يكفوا عن مطالبتهم و نداءاتهم حتى يتوفر لمن سرحوا منهم الحد الأدنى من الكرامة في الرزق و العيش الكريم و السكن المتواضع جدا و لا أقول السكن المحترم و اللائق فيكفي السكن الذي يتوفر فيه قدر أدنى من الوقاية من الحر و القر… و أخيرا عولت على توجيه هذا النداء و قلت دع الأيام تفعل ماتشاء.
محمد عياد العكروت قيادي بحركة النهضة (   المصدر : موقع الحزب الديمقراطي التقدمي  بتاريخ 1 ماي 2007  )  

وضعيّة السّجين السياسي فرج الجامي في خطر صرخة ونداء إلى أصحاب الضمائر الحيّة وعشّاق الحريّة

تواصل السّلطات التّونسيّة التنكيل بما تبقّى لديها من رهائن في سجونها وهي بذلك  تؤكّد لكلّ المراهنين على خيارات المصالحة المغشوشة طبيعتها الإجراميّة والإستئصاليّة  ولعلّ ما تصلنا من أخبار مروّعة من داخل تونس إلاّ تأكيدا لهذا التوجّه البوليسي في التعامل مع المعارضين السيّاسيّين        
                                                          وما حالة السّجين السيّاسي السيّد فرج الجامي الذي تجاوز إضرابه عن الطعام أسبوعه الثّالث إلاّ إحدى الشّواهد الحيّة لاستمرار السّلطات في نفس النّهج السّابق ونظرا لما آلت إليه الوضعيّة الصحيّة للسّجين السيّد فرج الجامي  نتيجة ما ألمّ به من أمراض داخل السّجون التّونسيّة حيث يشكو منذ مدّة بالإضافة إلى مرض القلب من آلام حادّة في الرّجلين وأخرى بأسنانه ممّا يستوجب إجراء عمليّة جراحيّة له ،  فإنّنا ندعو الرأي العام  الوطني من شخصيات وأحزاب ومنظّمات حقوقيّة لبذل مزيد من الجهد لمطالبة السّلطات التّونسيّة بالإسراع  لمعالجته فورا وبدون أيّ تأخير  أو السّماح لعائلته  للقيام بهذه المهمّة وتحمّل مصاريف العلاج على كاهلها لتجنّب أيّ انعكاس صحّي قد يعرّض حياة السّجين للموت نورالدين الخميري 2007.05.03 للإتصال بالعائلة : 0021671920880    

عاجل :

عدد كبير من أعوان البوليس يحيطون بمكتب الاستاذة راضية النصراوي . . و تعنيف الصحفي سليم بوخذير

   

أحاط عدد كبير من أعوان البوليس السياسي منذ صباح اليوم الخميس 3 ماي 2007 بمكتب الحقوقية والمحامية التونسية المعروفة الأستاذة راضية النصراوي رئيس جمعية مناهضة التعذيب بعد إستقبالها في مكتبها الواقع بنهج  أم كلثوم لوالدة السجين السياسي التونسي وليد العيوني الذي ترفض السلطات التونسية الإفراج عنه مع أنّه فقد تماما مداركه العقلية جرّاء التعذيب الشديد في السجن .

  و قد تواصل تواجد أعداد البوليس السياسي طوال النهار حيث أعلنت والدة السجين إضرابا عن الطعام للمطالبة بالإفراج عن إبنها  و بقيت بالمكتب مع الأستاذة النصراوي، و توافد عدد من المحامين و الحقوقيين على زيارة مكتب الأستاذ راضية و منهم  الأساتذة عبد الرؤوف العيادي و عبد الرزاق الكيلاني و محمد النوري و غيرهم .

  و في حدود الثامنة مساء ، حضر الصحفي التونسي السيد سليم بوخذير إلى  المنطقة الواقع بها مكتب الأستاذة راضية للإلتحاق بالحاضرين إلاّ أن البوليس   السياسي  إنتهزها فرصة لتعنيفه و جرّه في الشارع و إبعاده إلى شارع الحبيب بورقيبة و إسماعه السباب و الشتم و إنتزاع هاتفه الجوال منه أمام المارة  قبل أن يلتحق به عدد من الأساتذة لشدّ أزره .

  حدث هذا في يوم العيد العالمي لحرية الصحافة ، و يومان فقط بعد نشر السيد بوخذير مقالا عن كارثة حفلة ستار أكاديمي في صفاقس التي راح ضحيتها 7 قتلى أبرياء و  كشفه في المقال لإسم منظّم الحفل و هو حسام الطرابلسي صهر بن علي .  إنّها تهنئة من البوليس السياسي التونسي لهذا الصحفي بمناسبة  العيد العالمي لحرية الصحافة ، و لكنّها تهنئة بطريقة خاصة لا يعرفها غير البوليس التونسي . . * مراسلة من تونس بتاريخ 3 ماي 2007 

 

إلغاء حفل « ستار أكاديمي » حداداً على ضحايا تونس

قرر منظمو حفلات مجموعة طلاب “ستار اكاديمي 4” إلغاء حفل ثالث في تونس، ورابع في بيروت، وذلك حدادا على أرواح الفتيات والفتيان الذين لقوا حتفهم قبل يومين نتيجة التدافع أثناء حفل لهذه المجموعة في مدينة صفاقس التونسية. وقال ناجي الباز مدير شركة “ستار سيستام” المكلفة بالتسويق لحفلات مجموعة “ستار أكاديمي 4” في تصريح امس إن “قرارا اتخذ بإلغاء حفل لهذه المجموعة كان مبرمجا الليلة بمدينة بنزرت التونسية، كما تقرر أيضا إلغاء حفل بيال في بيروت بعد فاجعة صفاقس”. وأضاف أن مجموعة طلاب ستار أكاديمي 4 لن تعود إلى تونس إلا في حالة واحدة هي “أن يغني الطلاب في حفل يذهب ريعه إلى عائلات ضحايا فاجعة صفاقس”.
(   المصدر : صحيفة دار الخليج بتاريخ 3 ماي 2007  )

 

« فرحة شباب تونس » .. هياج الجسد دهس الأرواح

محمد الحمروني تونس – حالة من الهستيريا والهياج سادت بين الشباب في القاعة، وما إن بدأ العرض وأطفئت الأضواء، حتى ساد الهرج وتدافع الحاضرون، ودهسوا بعضهم بعضًا.. هكذا تحول حفل نجوم برنامج ستار أكاديمي بعد لحظات من بدئه إلى مأساة توفِّي خلالها 6 فتيات وشاب، وسط انتقادات لجمعية « فرحة شباب تونس » الرسمية التي نظمت الحفل الإثنين الماضي بمدينة صفاقس التونسية. وألقى خبير في علم الاجتماع باللائمة في هذه الحادثة على السلطة باعتبارها المسئولة الأولى عن حالة « التفسخ الأخلاقي والفراغ الثقافي » لدى الشباب، إما لاستهدافها كل من يثبت تدينه بالاعتقال والتعذيب، وإما بغسيل أدمغة الشباب وإفراغها من أي ضابط أخلاقي. ويقول مراسل « إسلام أون لاين.نت »: إن الحزن العميق والصدمة الكبيرة خيما على صفاقس، العاصمة الاقتصادية (350 كم جنوب)، وعاشت المدينة حدادًا غير رسمي، وأغلقت المدارس حزنًا على المفقودين في حادث التدافع. القصة ماهر الجراية (19 سنة)، أحد الناجين من الحادثة، وصف ما جرى قائلاً لـ »إسلام أون لاين.نت »: « كانت مأساة حقيقية سببها سوء التنظيم والرغبة في تحقيق أكبر قدر من الأرباح حتى ولو كان ذلك على حساب أرواح الأبرياء ». ومضى يقول: « في حدود التاسعة إلا الربع من مساء الإثنين وصلت برفقة أختي إلى مسرح الهواء الطلق، سيدي منصور، حيث يقام الحفل فوجدنا تزاحمًا كبيرًا على الأبواب الخارجية في الوقت الذي كانت القاعة ممتلئة في الداخل ». وتابع ماهر: « وبعد أن دلفنا ضمن مجموعة كبيرة، ووسط زحام شديد إلى القاعة، وجدنا أنفسنا محاصرين بين الجموع بالخارج تريد الدخول وبين من كانوا بالداخل ». وذكر أن القاعة كانت ممتلئة وتسود المكان حالة من الهستيريا، وما إن بدأ العرض وأطفئت الأضواء في القاعة حتى بدأت حالة من التدافع الكبير وساد الهرج، وتساقط الحاضرون، ودهسوا بعضهم بعضًا. وعندما لاحظ بعض الحضور حالة الهرج السائدة، وأرادوا المغادرة، رفض المنظمون ذلك، وحاولوا تهدئتهم بالقول: « إن الهرج سببه البحث عن طفل ضائع ». وأضاف ماهر الذي فقد خلال الحادثة أخته ندى (21 سنة – طالبة): « دهستها الأقدام دون أن أقدر على مساعدتها، وما أزال أتذكر صورتها وهي مطروحة أرضًا، وقد تكومت عليها الأجساد، وهي تستغيث وتقول لي إنها ستموت، ثم سمعتها تكرر الشهادة أكثر من مرة، وكان ذلك آخر عهدي بها.. بدأت أشعر بالاختناق، فرددت الشهادة، ودخلت في غيبوبة لم أفق منها إلا في المستشفى ». ولفت ماهر إلى أن المنظمين لم يدركوا منذ البداية حجم الكارثة، وكانوا حريصين على إنجاح العرض؛ لذا لم يوقفوا الحفل؛ الأمر الذي أدى لارتفاع حصيلة الضحايا. وقال شهود عيان: إن الضحايا ظلوا يستغيثون قرابة الساعة دون أن ينتبه إليهم أحد بسبب ارتفاع أصوات الآلات الموسيقية، وقد فقد المنظمون السيطرة على القاعة التي استسلمت للفوضى. وبحسب بعض المسئولين عن الحفل فإن القاعة التي لم تكن تتسع لأكثر من 10 آلاف متفرج، كان بداخلها ما يقرب من 15 ألفًا، إضافة إلى انعدام التنظيم وغياب الأمن. غضب الأهالي السلطات التونسية يبدو أنها أدركت حجم الكارثة فأرسلت وزير الصحة ليتفقد وضع الضحايا، في الوقت نفسه أعلنت جمعية « فرحة شباب تونس » عزمها تقديم تعويضات مادية لأهالي الضحايا. لكن الأهالي طالبوا بفتح تحقيق واسع حول الحادثة، ومعاقبة المقصرين، خاصة فيما يتعلق ببيع عدد كبير من التذاكر يفوق قدرة استيعاب قاعة العرض، وتساءلوا عن سبب تأخر « النجدة » لأبنائهم عندما وقعوا تحت الأقدام، وعدم وجود خطة للطوارئ. وكان حفل لستار أكاديمي أجري قبل الحادث بيومين في تونس العاصمة شهد حالة كبيرة من الهستيريا بلغت حد إغماء بعض الشابات، وقامت أعداد منهن بإلقاء قطع من المصوغات (قلائد وخواتم) وبعض من ملابسهن الداخلية على المطربين، في حين وصل الأمر بأحد الشباب أن يعانق إحدى راقصات الباليه. السلطة مسئولة وتعليقًا على الحادثة الأخيرة، قال أستاذ علم الاجتماع بالجامعة التونسية، الدكتور مهدي مبروك: « حين خمد صوت الرصاص الذي أطلق في الضاحية الجنوبية أواخر السنة الماضية وبداية السنة الحالية كانت مسألة الشباب تطرح نفسها على ضمير السلطة والنخب الفكرية بكل إلحاح، وكنا ننتظر أن يكون هناك فرصة لبدء تفكير جاد وعقلاني في المسألة ». وقتلت قوات الأمن 12 مسلحًا واعتقلت 15 آخرين ممن أسمتهم بـ »مجموعة خطيرة من المجرمين » في ديسمبر 2006 ويناير 2007 بالضاحية الجنوبية بعد مطاردة أمنية. وأضاف منتقدًا أسلوب السلطة في التعامل مع الشباب، « لكن خيال السلطة تفتق على مقاربة فريدة وهي الاحتواء، وتدبرت له أمرين؛ الأول أمني صرف يتمثل في استثمار أرقى تقنيات المراقبة والمعاقبة ولو على حساب كرامة البشر، فنشطت ورش الاعتقال والتعذيب دون أدنى ضابط أخلاقي أو سياسي مستهدفة كل من ثبت تدينه ». الأمر الثاني، بحسب د. مبروك، يتعلق بالناحية الثقافية حيث ابتكرت مؤسسة « فرحة شباب تونس »؛ لغسل أدمغة الشبان وإفراغها من أي ضابط قيمي أو أخلاقي. واتهم أستاذ علم الاجتماع في تصريحات صحفية، وسائل الإعلام بالتوظيف الخطير لظاهرة ستار أكاديمي، معتبرًا أن ما أسماه بالتلفزة الوطنية « لعب دور التخدير الجماعي، حيث يسلب حصانة الشباب ويسلمهم إلى المتع المجانية، وذلك عن طريق الحملة الإعلامية المكثفة التي قادتها مختلف وسائل الإعلام والدعاية في البلاد ». مشروع السلطة و »فرحة شباب تونس » جمعية ثقافية غير ربحية، لكنها حسب المراقبين، تحولت إلى ما يشبه متعهد الحفلات العمومية، وتعمل على خدمة المشروع الثقافي للسلطة. وتتواصل في تونس سلسلة المحاكمات التي يتعرض لها الشباب المتدين من مختلف التيارات، وخاصة ما بات يعرف منهم بـ »التيار السلفي ». وخلال الأسابيع القليلة الماضية، شنّت قوات الأمن أكثر من حملة استهدفت المحجبات في الأسواق العامة والمعاهد وأمام المساجد، حيث يتم اعتقالهن وإهانتهن، وممارسة ضغوط شديدة لإرغامهن على نزع خمرهن. وفي رمضان الماضي شنّت السلطات حملة واسعة ضد المحجبات، كما قامت بسحب الدمية المحجبة « فُلّة » التي تمثل طفلة محجبة، وتلقى إقبالاً في تونس، وكل الأدوات المدرسية التي تحمل صورتها.
 
( المصدر : موقع إسلام أون لاين بتاريخ 3 ماي 2007  )


  تسبّب في كارثة

« ستار أكاديمي 4 ».. « حفل الموت في تونس

سليم بوخذير (تونس)
انتهى حفل ستار أكاديمي ليلة الإثنين الماضي بمدينة صفاقس التونسية بكارثة كبيرة مات فيها سبعة مواطنين، وجرح 19 عندما تدافع الجمهور بشكل كبير فاق طاقة استيعاب مكان الحفل.
وقالت مصادر في مدينة صفاقس لـ(mbc.net) إن التدافع كان كبيرا على فضاء المسرح الصيفي بسيدي منصور بصفاقس لحفل « ستار أكاديمي 4″؛ حيث سمح المنظمون بدخول أعداد كبيرة من الجمهور بشكل فاق طاقة استيعاب المكان، ودون توافر وسائل حماية لهم. وهو الأمر الذي أدّى إلى كارثة بعد ساعة من انطلاق الحفل؛ عندما تدافعت أعداد مهولة من الجمهور الذي كان في المدرج العلوي فوق الجمهور في المدرج السفلي، وهكذا سقط الجمهور بعضه فوق بعض، وهو ما أدى إلى وفاة سبعة مواطنين ستة منهم ماتوا على الفور، وضحية سابعة فارقت الحياة في المستشفى، فيما بلغ عدد الجرحى 19 جريحا، بعضهم حاله خطيرة.
ونظم الحفل مجموعة « فرحة شباب تونس » التي يديرها حسام الطرابلسي، وحفل صفاقس كان هو الحفل الثاني لـ »ستار أكاديمي 4″ في تونس بعد الحفل الأول مساء الأحد 29 أبريل، والذي أقيم بفضاء القبة بالعاصمة التونسية.
وإثر كارثة حفل صفاقس وقع إلغاء حفل ثالث لـ »ستار أكاديمي 4″ كان من المفترض أن يقام مساء الثلاثاء بمدينة بنزرت، وقال مصدر في بنزرت إنه تم إعلام المواطنين الذين قطعوا التذاكر بإلغاء الحفل، ووعد المنظمون المواطنين برد مبالغ التذاكر إليهم. من جهة أخرى ورد في نشرة أخبار التلفزيون التونسي الناطقة بالفرنسية أن الرئيس التونسي أذن بفتح تحقيق في الحادث
·        المصدر : موقع قنوات « أم.بي.سي » التلفزيونية بتاريخ 1 ماي 2007 . ·        الرابط  : http://www.mbc.net/portal/site/mbc/menuitem.cec41c4faec6734497b11b101f10a0a0/?vgnextoid=88cc0d4f0dc42110VgnVCM1000008420010aRCRD&vgnextchannel=66597fb9d32ee010VgnVCM100000f1010a0aRCRD  


 

بعد مأساة التدافع في حفل «ستار أكاديمي» بصفاقس:

شهــادات حيـة لأوليـاء عـدد من الضحايـا

 

 
صفاقس-الصباح مازال أهالي صفاقس يعيشون على أثر الصدمة العنيفة جرّاء ما خلّفه حفل «ستار أكاديمي» في حادثة غير مسبوقة من ضحايا بشرية ومن أسى ولوعة في قلوب أهالي الضحايا الذين ودّعوا هذا العالم بدون رجعة… فما حصل ليلة الثلاثاء بمسرح الهواء الطلق بسيدي منصور «حدث» سجّله التاريخ وسيبقى محفورا في الذاكرة خاصّة لدى الشّباب الذين أبوا إلاّ أن يتحوّلوا لمواكبة حفل نجومهم… فجأة وفي حدود الساعة التاسعة وعشر دقائق تقريبا انقلب هذا الفرح إلى مأتم… ليتحوّل المشهد الاحتفالي إلى مشاهد درامية تدمي القلوب … مشهد «عشّاق ومجانين» الأكاديمية إلى جثث هامدة داخل المسرح الذي غصّ بهم بعد تدافعهم من المدرج عدد 4 على أرضية العشب المخصص للكراسي… ليتعالى صياحهم… صياح من كان يحتضر.. عويل من كان يطلب النجدة من تحت الأقدام… ليختفي طلاّب الأكاديمية في لمح البصر من خشبة المسرح غير مصدّقين لما حصل في اعتقادهم أنّها سحابة عرضية ستمرّ بمجرّد لمسة تنظيمية محكمة من قبل المشرفين على هذا الحفل حتى يعودوا للسمر مع «عشّاقهم»… غير أنّ ذلك تبخّر بسبب سوء التنظيم منذ وقت انطلاق الحفل والذي تسبّب في حصول هذه الكارثة… متابعة «الصباح» ومواكبة لهذه الأحداث المؤلمة حرصت على متابعة الموضوع واتّصلت ببعض عائلات الضحايا: سامي الجرّاية ممرض بالمستشفى الجامعي الحبيب بورقيبة بقسم الحلق والأنف والأذن والذي افتقد ابنته ندى في حين أصيب شقيقها بإصابات بليغة… فحدّثنا بمرارة عمّا ألمّ به وبعائلته دون أن ينسى بأنّ القضاء والقدر أبيا إلاّ أن يختطفا منه فلذة كبده وهي في أوجّ العطاء… فكشف لنا حقيقة في خصوص المأساة التي سننفرد بنشرها.. فابنته ندى تبلغ من العمر 22 سنة وتدرس بالسنة الثالثة اقتصاد وتصرّف.. التحقت في نفس الوقت منذ حوالي شهر للعمل بإحدى مصانع الخياطة لمساعدتنا في مصاريف البيت خاصة وأنّ والدتها ستخضع قريبا لإجراء عملية جراحية على مستوى رأسها… ونظرا لما تتطلّبه هذه الأخيرة من مصاريف انصرفت للعمل بالتوازي مع مواصلة الدراسة… وفي يوم الواقعة وقبل أن تغادر البيت صحبة شقيقها ماهر أدّت صلاة المغرب وودّعتني قائلة لي حرفيّا: «باي.. باي.. يا بابا… فقلت لها مازحا… ملّى ستار أكاديمي متاعكم… فكانت آخر كلمة ردّدتها: «ياللّى يا بابا.. خلّي الواحد يتفرهد ويعمل ضحكة… ولم يجل بخاطري أنّها هي تلك الكلمات الأخيرة التي ستنبس بها وأنّه لقاء الوداع…». إثرها وفي اللحظة المشؤومة تلقّيت اتصالا هاتفيا من ابني الذي هاتفني من «بورتابل» صديقي رؤوف وحدّثني بصوت متقطّع… مستنجدا… لأهرع رفقة صديقين لي على متن سيارة خاصة وهناك حافي القدمين بلغت مسرح الحادثة وأنا الرّجل المسنّ ألهث وأعاني من رواسب التّدخين  لأعثر على ابني في نهاية المطاف الذي كان قبل لحظات وسط الحلبة واستمع لنداء شقيقته قبل أن تفارق الحياة… مردّدة.. «يا ماهر ماش نموت… ماش نموت»… ويواصل محدّثنا قوله لحظتها لم أكن أتوقّع أنّ ابنتي مفارقة للحياة وسط الموتى الذين غطّوهم بلحاف… وأمام هول الصّدمة والمشاهد الفظيعة حملت ابني بمعيّة صديقي على أيدينا بعد أن اكتشفنا أنّه هو بدوره بين الحياة والموت يعاني من صعوبة التنفّس حافي القدمين وقد تناثر حذاءه ونظارته الطبيّة وجهاز هاتفه الجوّال في حالة تدمي القلب. وبوصولنا إلى المستشفى علمت بنبأ وفاة ابنتي نتيجة الاختناق وحصول نزيف دموي لها في الرأس بسبب الدهس الذي تعرّضت له… وعن حقيقة ما حصل داخل مسرح الهواء الطلق والأسباب الحقيقية التي آلت لحصول هذه الواقعة أفادنا السيّد سامي على لسان ابنه المتضرّر: عند انطلاق الحفل الذي حضرته جماهير غفيرة خيالية لم يشهده عصر عمالقة الفنّ العربي وأصحاب الأصوات العذبة مثله حصل عطب كهربائي بأحد الأضواء الكاشفة… في اللحظة التي أطلّ على خشبة المسرح أحمد الكوتي عندها أصاب المتفرّجين الذين لم يفتح لهم سوى باب وحيد فقط إثر انطلاق الحفل الهلع والخوف والفزع ممّا سينجر عن الأسلاك الكهربائية من تدافع قوي أدّى إلى سقوطهم دفعة واحدة… فوق البعض ليحصل ما حصل ويفارق الضحايا الحياة على عين المكان.. وباتصالنا بالسيد حسونة المسدّي وهو معلّم متقاعد ووالد الضحية هناء المسدّي وهي تلميذة بالسنة الثانية ثانوي بمعهد محمد علي وتبلغ من العمر حوالي سبعة عشرة سنة… حدّثنا هذا الأخير بعين دامعة حرقة على فراق ابنته المتفوّقة في الدراسة والحائزة على جوائز وشهادات والتي مكافأة لتفوّقها في الدراسة أهدى إليها تذكرة لمواكبة حفل ستار أكاديمي… يقول «ابنتي هي الوحيدة في صنف البنات وهي شقيقة لأشرف وماجد ورمزي وكلهم متفوّقون في الدراسة… رمزي متحصل على الاجازة في المحاسبة… ماجد يدرس بالسنة الثانية كلية العلوم وأشرف صيدلي… وفي يوم الواقعة تحوّلت ابنتي الهالكة صحبة صديقتها ووالدتها فردوس القروي العش والتي فارقت الحياة أيضا.. ثم وفي حدود الساعة التاسعة تقريبا اتصلت بها للاطمئنان على حالتها فأعلمتني بأنهم مازالوا خارج المسرح الصيفي فأوصيتها بأن تعتني بنفسها فردّت عليّ حرفيّا: «متخافش يا بابا… وهي آخر كلمة مازال رنينها بمسامعي… غير مصدّق لما حصل… وفي حدود الساعة العاشرة والنصف تقريبا تلقّى ابني الصيدلي أشرف اتصالا علم من خلاله حصول كارثة بمسرح الهواء الطلق بسيدي منصور تم خلاله إيقاف الحفل… لذلك حاول الاتصال بشقيقته هناء التي لم تردّ هذه المرة وللأبد لا فقط عن اتصالاته وإنّما حتى عن اتصالاتي المتكرّرة… وبدنوّ عقارب الساعة الحادية عشرة والنصف كررت الاتصال بهاتف ابنتي ليرد عليّ شخص أعلمني بأنه من قوات الأمن وطلب منّي التحوّل إلى المستشفى.. ويعلم الله كيف طوينا الطريق أنا ووالدتها للوصول إلى قسم الاستعجالي الذي مُنعنا من الدخول إليه رغم ابلاغهم بأنّنا تحوّلنا بطلب من أعوان الأمن.. وبوساطة أحد الممرّضين تمكنّا في الأخير من الولوج إلى هناك… وبمحاولتنا الاستفسار عن حالة ابنتي صدّت جميع الأبواب في وجوهنا ولم نجد الآذان الصاغية وتمت معاملتنا بطريقة غير حضارية خاصة في الحالة التي كنّا عليها… ألم وحرقة فزع وهلع… وممّا زاد في الطين بلة هو أنّنا لم نعثر على اسم ابنتنا ضمن قائمة المجاريح فطلبنا من المشرفين هناك أن يمدّونا بقائمة الموتى حتى نتأكّد من وفاتها أم أنّها مازالت على قيد الحياة.. لكن للأسف الشديد تجاهلونا فتحوّلنا بدورنا إلى قسم الأموات… لكن لا من جواب شاف ولا مرشد أشار علينا بشيء… وظللنا نتجول بين أروقة المستشفى لحين أن التقيت في حدود الساعة الواحدة بعد منتصف الليل بوزيري الداخلية والتنمية ووزير الصحة وشرحت لهما الموقف طالبا منهما التدخل لاطلاعي على الحقيقة بعد أن أعلمتهما بأنّه ومهما كان حجم الخبر الذي سأتلقّاه فإنّني راض بمشيئة الله وقدره… والدة البنت أمل المصفار: السيدة فائزة المصفار هي أرملة فقدت ابنتها الوحيدة في لمحة من البصر.. فحدثتنا بصوت متقطع ومتهدّج وبعين باكية.. هي ابنتي الوحيدة… توفّي والدها منذ سنوات خلت.. عندما كان عمرها عاما فقط… بعد أن توجّه والدها ليبتاع الحليب والحفاظات  فصدمته سيارة أردته قتيلا على عين المكان… وإثر هذه الصدمة العنيفة ضحيت بالغالي والنّفيس لتربيتها أحسن تربية وتعليمها… فكانت بمثابة ملاك الرحمة… مثابرة على صلاتها وواجباتها الدراسية والمنزلية… لقد فقدتها إلى الأبد.. فهي التي ورغم صغر سنها كنت أشتكي لها همومي.. تؤانسني وحدتي.. كنت أنتظر اليوم الذي ستتحصّل فيه على شهادة الباكالوريا.. التي لم يعد يفصلها عن اجتيازها سوى سنة فقط… ورغم قلّة اليد حاولت أن أوفّر لها سبل العيش… وتواصل السيدة فائزة الأرملة الطيبة والمؤمنة بالقضاء والقدر.. لقد أوصلتها للمسرح الصيفي بنفسي وعدت إلى المنزل فأديت صلاة المغرب الذي تأخّرت عنها قليلا… هذه المرة لأتلقّى في الأثناء اتصالا هاتفيا تحوّلت على اثره إلى المستشفى الجامعي بصفاقس والذي بلغته بصعوبة كبيرة… وتمكّنت من الالتحاق بابنتي بغرفة الانعاش فوجدتها في حالة غيبوبة تامة عندها لمستها من رجليها الاثنين اللتين كانتا باردتين حينها عرفت أنّ مكروها سيحلّ بفلذة كبدي.. وأنّها بين حياة وموت… فعدت أدراجي إلى منزلي ليتمّ إعلامي في حدود الساعة الواحدة بعد منتصف الليل تقريبا بأنّها فارقت الحياة بعد أن توقّف قلبها عن النّبض في مناسبتين متتاليتين وتوفّيت في المرّة الثالثة… وهكذا التحقت بوالدها إلى دار الخلد… دنياز المصمودي
 (المصدر: جريدة الصباح (يومية – تونس) الصادرة يوم 3 ماي 2007)
 

حزب العمل الوطنيّ الديمقراطيّ

نشرة إلكترونيّة عدد 12 – 3 ماي ( أيار) 2007

يصادف يوم 29 أبريل-نسيان الذكرى الثانية للإعلان عن تأسيس حزب العمل الوطنيّ الديموقراطيّ, الذي قدم مطلب تسجيل يستجيب للشروط القانونيّة لم ترد عليه مصالح وزارة الداخلية. بهذه المناسبة صدر العدد الأول من صحيفة « الإرادة » في الأول من ماي (أيار) 2007 ويمكن الإطلاع عليه في الموقع.
في الأول من ماي( أيار), جرت تظاهرات في كافّة أرجاء العالم أهمّها: في تركيا عنف بوليسي واعتقال أكثر من 600 متظاهر في استانبول وحدها, في مكاو أطلقت الشرطة الرصاص على المتظاهرين. في إيران طالب العمال بالعدالة الإجتماعية وبتحسين شروط العمل فهاجمتهم الشرطة بعنف. في برلين اعتقل 16 متظاهر, وفي أندونيسيا مظاهرة ضخمة, طالب فيها  العمال بالزيادة في الأجور وندّدوا بالشركات عابرة القارات التي تبالغ في استغلال القوّة العاملة المحليّة (1 ماي (أيار) ليس يوم عطلة). في مدينة طورينو (إيطاليا) 100 ألف متظاهر يثيرون قضيّة حوادث الشغل التي تؤدي بحياة 1200 عامل سنويا إضافة إلى 20 ألف جريح, في كوريا الجنوبية مظاهرة عمالية ضخمة… عن وكالة الصحافة الفرنسية 01-05-07.
تونس- خصخصة: أعلن مؤخرا في تونس عن خصخصة « الشركة التونسية لصناعة السيارات »(ستيا)بنسبة 99,99 بالمائة.
-سياحة: بلغ عدد السائحين في الثلاثية الأولى من عام 2007 : 1036580 سائح (بزيادة 2,6 بالمائة بالنسبة لنفس الفترة من 2006) منهم 53 بالمائة مغاربة (الجزائر وليبيا). أما من أوروبا فإن الفرنسيين يأتون في المرتبة الأولى يليهم الإيطاليون فالبلجيكيون فالأسبان… وانخفض عدد الأتراك والألمان والأنجليز وعرب الخليج. الصباح 24-04-07. -اقتصاد: أما الميزان التجاري فإن العجز بلغ في الأشهر الثلاثة الأولى, 813,4 مليون دينار(635,9 في نفس الفترة من 2006) وتغطي الصادرات نسبة 85,1 بالمائة من الواردات, مما يعمق تبعيّة الإقتصاد للخارج. صحيفة « لوطون »25-04-07 . وتبلغ تحويلات العمال المهاجرين نسبة 10 بالمائة من العملة الأجنبية (في المغرب 23 بالمائة متجاوزة السياحة والإستثمارات الخارجية). وفي دراسة أجريت في المغرب العربي تبين أن 90 بالمائة من الشباب الذين تتراوح أعمارهم ما بين 20 و24 سنة يرغبون في الهجرة (70 بالمائة منهم من حملة الشهادات الجامعية) وتعود أسباب الهجرة إلى عوامل تاريخية واقتصادية متعلقة بالهيمنة الإستعمارية, فقد شارك في الحرب العالمية الأولى (في فرنسا وحدها) 175 ألف جندي و 150 ألف عامل من المغرب العربي المحتل. المصدر: الجامعة العربية, ندوة عن الهجرة من شمال أفريقيا إلى أوروبا. عن القدس العربي 26-04-07 .
 
 في مجال الحريات, اعتزم فرع منظمة العفو الدولية بمدينة سوسة القيام بندوة داخلية تم منعها من طرف السلط مما اضطرّ المنظمة إلى إلغائها وأصدرت قيادة المنظمة في لندن بيانا يندد بهذه الممارسات المتكررة. ضحايا: في مدينة صفاقس, جرى حفل موسيقي بمسرح الهواء الطلق(30-04-07),في إطار »ستار أكاديمي »,
وأدى التدافع والفوضى إلى وفاة العديد (قيل سبعة) وجرح العشرات من الشبان (قيل 40). يقدم أعضاء الحزب تعازيهم لعائلات الضحايا وتمنياتهم بالشفاء للجرحى, ونرجوا أن يؤدي التحقيق للوقوف على أسباب هذه الكارثة.
تونس: أدٌى السيد « روبرت فرانك غوداك » سفير أمريكا بتونس (رفقة المستشار السياسي للسفارة) زيارة إلى مقر « الحزب الديموقراطي التقدمي » (من مكونات »حركة 18 أكتوبر »), حيث استقبلته الأمينة العامة »مية الجريبي » ومدير صحيفة الحزب (الموقف) « رشيد خشانة » (راجع نشرتنا عدد11) –المصدر: موقع الحزب الديموقراطي التقدمي 30-04-07.
تعاون مخابراتي مغاربي: انعقد في طرابلس (ليبيا) « مؤتمر الأمن المغاربي » (بداية من 23-04-07 ) بمشاركة البلدان المغاربية الخمسة « للنظر في سبل مكافحة الإرهاب » (تبادل المعلومات وملاحقة التنظيمات المسلحة), بالتنسيق مع إيطاليا وفرنسا وأسبانيا وأمريكا (راجع نشرتنا عدد9 ). موقع « مغاربية » (وزارة الدفاع الأمريكية) 25-04-07   السودان: منعت الشرطة مظاهرة وسط الخرطوم نظمتها لجنة المفصولين من عملهم في القطاع العام لأسباب سياسية, واستعملت الشرطة القوة ضد المتظاهرين واعتقلت منهم 26 من بينهم وزير الخارجية الأسبق »إبراهيم طه أيوب » ثم أطلقت سراحهم (راجع نشرتنا عدد 4).موقع صحيفة الميدان- الحزب الشيوعي السوداني- 16-04-07. الإمارات- زكاة؟ : دفعت دولة الإمارات 10 ملايين أورو لترميم قصر فرنسي بمدينة »فونتان بلو » يعود بناؤه إلى القرن السابع عشر مقابل تسمية إحدى قاعاته باسم أحد مشايخ دبي – وكالة الصحافة الفرنسية (أ.ف.ب) 30-04-07.
فلسطين 48 : 35 أمر هدم لبيوت الفلسطينيين من بدو النقب, أصدرتها محكمة بئر السبع وتولى موظفو الداخلية تعليقها على الأبواب, بدعوى البناء بدون رخصة, هذه الرخصة التي لم تُسلّم أبدا لمن طلبها. وأصدرت « لجنة فينوغراد » التي شكلتها الحكومة الصهيونية تقريرا يلومها على تقصيرها في الأداء أثناء عدوان الصائفة الماضية على لبنان, أي أن رئيس الحكومة ووزير الحرب لم يقوما ب »الواجب » لسحق لبنان رغم ملايين القنابل وتخريب الإقتصاد والدمار والهدم والموت.
فرنسا- « ما جزاء الإحسان إلاٌ الإحسان »: بداية من 16 ماي-أيار سيسكن الرئيس شيراك (مجانا) شقة قريبة من قصر الإليزي على ملك أيمن الحريري(2,7 مليار دولار), أصغر أبناء صديقه رفيق الحريري.
عبد الحليم خدام حظي بنفس الإمتياز ويسكن مجانا قصرا بباريس تملكه عائلة الحريري. وكالة الصحافة الفلرنسية 24-04-07.
 حاز نيكولا ساركوزي على أعلى نسبة له في الدورة الأولى لانتخابات الرئاسة, لدى المسجلين في الكيان الصهيوني (أغلبهم مزدوجي الجنسية إسرائيلية-فرنسية) حيث صوت له 84,5 بالمائة من جملة المسجلين (8409 في القدس و33262 في فلسطين 48).
إيران- الإسلام السياسي واللبرالية: صرح « علي كردار » المسؤول عن الخصخصة بوزارة النفط أن 118 شركة عمومية للنفط والغازستتم خصخصتها (تسويق وتكرير) على دفعات, في محاولة لجلب المستثمرين الأجانب المتخوفين من التهديدات الأمريكية ضد إيران, رابع مصدٌر للنفط في العالم.(راجع نشرتنا عدد 10) عن »عالم اقتصاد »(إيران) 26-04-07
المكسيك: أقر المجلس التشريعي لولاية مكسيكو(أغلبية يسار), بأغلبية الثلثين قانونا يبيح الإجهاض, وسط احتجاجات الكنيسة واليمين. حسب المنطمات النسوية, نصف مليون عملية إجهاض تتم سنويا, بأسعار باهضة (ألف دولار) وفي ظروف صحية سيئة, تؤدي بحياة ما لا يقل عن 150 امرأة. وكالة الصحافة الفرنسية 25-04-07
فنزويلا: اعلن الرئيس « هوغو شافيز » عن زيادة في الأجور بنسبة 20 بالمائة, وعن انسحاب بلاده من صندوق النقد الدولي والبنك العالمي, بعد أن تخلصت من الديون (قبل موعدها مما يتطلب دفع غرامة رادعة) أ.ف.ب. – رويترز 01-05-07.
حوادث الشغل في العالم : 2,2 مليون عامل يموتون سنويا جراء حوادث الشغل أو الأمراض المهنية, و270 مليون جريح سنويا في مواقع العمل, حسب الأرقام المعروفة والمصرٌح بها. من تقرير للمكتب الدولي للعمل 27-04-07.  
أمريكا-ضرب الحق النقابي: أصدرت « هيومن رايتس واتش » (مموّلة من وزارة الخارجية الأمريكية) تقريرا عن أكبر مؤسسة لتجارة التفصيل, »وول مارت » التي تضم 1,3 مليون أجير بأمريكا ولا أحد منهم ينتمي لنقابة (صدفة؟) لأن إدارة المؤسسة خلقت جوا من الرعب ضد أي محاولة انتساب للنقابات ووضعت أجهزة تجسّس ومتابعة ضد كل من شكّ المسؤولون في قربه من أية نقابة (راجع نشرتنا عدد 1 ). عن أ.ف.ب.01-05-07
(   المصدر : قائمة مراسلات حزب العمل الوطنيّ الديمقراطيّ بتاريخ3   ماي 2007  )


 

  بسم الله بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة « إن هدف الصحافة ليس المجاملة أو المعاداة بل تحريك القلم في الدمل »[1]

ثنائية  الفساد و غياب حرية التعبير

الفساد هنا يشمل الفساد السياسي و الفساد الاقتصادي و الفساد الاجتماعي و غير دلك من ضروب الفساد كما أن حرية التعبير تشمل المحامل الإعلامية المختلفة من صحافة  مكتوبة و مسموعة و مرئية و إلكترونية…
إن عملية استقراء بسيطة تبرز أن حرية التعبير إنما تنمو في المواطن التي تتقلص فيها مساحات الفساد كما انها تضمر بل و تنعدم في المواطن التي يهيمن عليها الفساد… و مرد ذلك ببساطة سعي القائمين على الفساد أو المنتفعين منه إلى استمرار الوضع على ما هو عليه تحقيقا لمآربهم و إشباعا لغرائزهم لأن هؤلاء يستفيدون أيما استفادة من عدم معرفة المواطن فسادهم و سوء تصرفهم و تلاعبهم و لذلك توضع السياسات و الخطط المختلفة الرامية إلى تكريس إعراض المواطن عن الشأن العام و عدم اهتمامه به… فإن كان من حق الإعلامي الحرص على حرية التعبير و المطالبة بها بل ممارستها  و العمل من أجل تيسير الوصول إلى مصادر المعلومة و التصدي لكل أشكال النيل منها سواء « قانونية » كانت أو « واقعية » فإن للمواطن الحق في الإعلام، إعلام نزيه يبرز الحقائق و لا يتسترعلى اي شكل من أشكال الفساد…  و إن كان الطبيب الذي لا يحسن تشخيص مرض ما فيؤدي الدواء الذي يصفه للمريض إلى وفاته المباشرة معرضا للتتبع الجزائي بتهمة الإهمال و لا مندوحة له في الخطا الطبي، فلم لا يكون الصحفي – مثل الطبيب- معرضا للتتبع الجزائي إذا تبين أنه حاد عن الحقيقة في نقله أو تغطيته خصوصا و نحن نعلم القائمة الطويلة من التهم التي يمكن أن توجه إلى رجل الإعلام، فما ضير إن أضفنا لها تهمة أخرى لكن هذه المرة في الاتجاه الصحيح، أتجاه احترام المتلقي بتقديم الحقيقة دون تجميل أو تزييف او تمويه أو مغالطة…
و عادة ما يكون السم في الدسم
و قد تبعث المشاريع الإعلامية التي يقال عنها إنها من مظاهر حرية الإعلام و تدعيما لها و حرصا من السلطة التنفيذية على ثراء الساحة إلى غير ذلك من الجعجعة التي تصب في خانة كلمة حق أريد بها باطلا… و هذا دأب الأنظمة المستبدة التي تسوءها حرية التعبير، لكنها تسعى في نفس الوقت إلى الظهور بمظهر المحترم لهذه الحرية، فتسمح بصدور عناوين جديدة لكن التدقيق فيمن تمتع بهذا « الحق ⁄ الفضل » يبرز أن في إسناد هذا الحق أسرارا لا تمت للمهنة بصلة ، فهذا  يسند إليه امتياز إصدار صحيفة أو مجلة مختصة و هو الذي لم يكن يوما ذا صلة بالقطاع، بل يكاد المرء يجزم أنه لم يقرأ صحيفة قط قبل ذلك، في حين يحرم ذوي الباع الطويل في ذلك الاختصاص بالذات من الاستجابة لمطالبهم التي قدموها قبل غيرهم بأمد بعيد… و ما قيل عن الصحف المكتوبة يسحب كذلك على غيرها من المحامل.. و اليوم و بعد عقود من ‘الدولة الحديثة » – حسب ما يقولون- التي وضعت أسسها النخبة التي قادت عملية التحررمن الاستعمار المباشر، ماذا عسانا نجد إن أمعنا النظر في الذين تربعوا على عرش الصحافة، تلك النخبة التي هيمنت على مختلف السلط من تنفيذية و تشريعية و قضائية لم تكن لتترك السلطة الرابعة بعيدا عن هيمنتها المطلقة، حتى غدت  » أجنحة تردد نعيق الغراب »[2]… و هي التي تدرك قبل غيرها دور هذه السلطة في تعبئة الراي العام أو تهميشه و في دورها في انخراط طاقات الأمة في قضاياها الحقيقية أو دفعها نحو قضايا وهمية لا غاية منها إلا فسح المجال للنافذين بتحقيق رغباتهم و إن كانت تصطدم بكل القيم الوطنية و الدينية و الإنسانية و لا تعارض بينها… لذلك توصد الأبواب بألف قفل و قفل على حرية التعبير لأن فيها ما فيها من مخاطر على هؤلاء النافذين تهدد بخراب بيوتهم التي لم تنسج إلا من خيوط العنكبوت و لم تبن إلا بالسرقة و الابتزاز التلاعب و ذلك بفضح ممارساتهم و كشفها للعموم…
اي عمل أولى  بالإعلامي الوطني تغطية باهتة لنشاط رسمي أو تحقيق ميداني لآفات تنخر المجتمع؟؟؟ أي عمل أولى به تغطية افتتاح مؤسسة سياحية أو تغطية مآسي الفقر و المرض و انتهاك آدمية الإنسان؟؟؟  و قس ما قيل على ما لم يقل… لذلك تكون من أولويات الطغمة الحاكمة خنق حرية التعبير ب »تفصيل » قوانين تهم القطاع تكون على المقاس لا هدف من سنها غيرمزيد مراقبة ما ينشر أو يذاع أو يشاهد، أما من استطاع التسرب من تحصينات الفساد « القانونية » و تخطي الحواجز المختلفة التي أقيمت دون الرأي العام ففي بقية المشوار ما يكفل وأد هذا المتمرد في المهد من مثل الحرمان من أسباب البقاء من مثل الإشهار و التوزيع و التشجيع و التعويض إلى غير ذلك من الممارسات المتخلفة من جمع الصحف من الأكشاك و نقاط البيع أو مضايقة كل من يقتني تلك الصحف….        و قائمة التفنن في هذه الأساليب طويلة…
و تكون الحلقة المفرغة القاتلة: فساد يؤدي إلى قمع الحريات و على رأسها حرية التعبير فيترسخ الفساد بترسخ الاستمرارية في الحكم و عدم التداول السلمي عليه… فأي فاسد مفسد يسمح بنشر غسيله على الرأي العام           و بكشف تجاوزاته القانونية و الأخلاقية و الإنسانية؟؟ ألا يحفر بذلك قبره بيده؟؟؟ ألا يفتح لنفسه باب السجن على مصراعيه فيدخله خالدا مخلدا إلى أن يقف بين يدي من يقتص للمستضعفين من الطغاة المستكبرين الذين علوا في الأرض و جعلوا بني آدم شيعا يستضعفون طوائف منهم و ذبحوا الأبناء و استحيوا النساء و أشاعوا الجهل        و المرض و الفقر و الرذيلة؟؟؟
لذلك ترى الفرق شاسعا بين وسط تنعدم فيه حرية التعبير و آخر تكون لها فيه الكلمة الطولى، فإن كان المستبد لا خيار له إلا التمسك بالكرسي محافظة على ما يظنه « حريته » و إن كان يدوس بذلك على حرية شعب بكامله…فإن رجل الحكم في الأوساط التي تشهد حرية التعبير لا يخشى مغادرة قصر الرئاسة لأنه لم يرتكب ما من شأنه أن يعرضه للملاحقة و المؤاخذة لأن وسائل الإعلام لم تكن لتلازم الصمت و الحقوق الشخصية و الجماعية تنتهك صبح مساء و ما كان لها أن تشغل النااس بالحديث عن العرافة و الشعوذة و السحر و هي ترى التلاعب بمقدرات الأمة و سيادتها و ما كان لها أن تتلهى بمدح بارونات المخدرات و المافيا و الجريمة المنظمة في الوقت الذي تسلط أفظع الممارسات على شباب يفدي وطنه بأغلى ما عنده…
و لم يكن المستغرب بعد ذلك و قبله أن نرى أنظمة « ديمقراطية » تقدم مشاريع قوانين لمجالسها المنتخبة شعبيا ترمي إلى تقليص الفترة الرئاسية من سبع سنوات إلى خمس( فرنسا) و يحظى المشروع بموافقة البرلمان          و بمباركة رئيس الدولة، في حين نرى أنظمة  » ديمقراطية أخرى » – حسبما يقال-  تفعل نقيض ذلك و يبارك رأس السلطة هذا الاجراء أيضا.. فما الذي دفع الرئيس الأول إلى مباركة تقليص المدة بينما بارك الثاني التمديد…؟؟ فلنبحث عن ذلك في الفساد ودرجته‼‼ و مع أني لا ابرئ  « الديمقراطية الفرنسية » من الفساد فهو لا يعدو أن يكون فضائل في أنظمة الاستبداد و ما أكثرها و ما أجملها…. عبدالله الــــــــــزواري جرجيس في 02 مـــاي 2007 [1] – « Le but du journalisme n’est ni de déplaire ni de complaire.C’est de remuer la plume dans la plaie » [2] – إشارة إلى المثل التونسي القائل: » عصفور يغني و جناحه يرد عليه »


بسم الله الرحمان الرحيم                                                                                                        تونس في 3 ماي 2007 والصلاة والسلام على أفضل المرسلين                                       
 
 بقلم محمد  العروسي الهاني
  رئيس شعبة الصحافة الحزبية سابقا الرسالة رقم 226           على موقع الأنترنات         تونس نيوز                 

عيد الصحافة العالمي

الاعلام الجاد يبرز الحقائق ويلفت النظر لنقائص

 
 

إن الاحتفال بيوم 3 ماي من كل عام هو احتفال  بعيد الصحافة العالمي. التي سماها علماء الاعلام ورواد القلم وفرسان الكلمة الهادفة والفاعلة والصادقة. سماها هؤلاء بالسلطة الرابعة وأردف بعضهم جملة أخرى صاحبة الجلالة أي كلمتها فاعلة حاسمة نافذة للقلوب، فاعلة في السلوك، حاسمة في المواقف… صادقة في الأسلوب. هادفة في الوجدان والأحاسيس قادرة على تغيير أسلوب الحياة شامخة الثوابت والقيم رادعة لكل انحراف وزيغ. راعية لأبلاغ مشاعر الناس، حاكمة بالعدل والانصاف، ناجعة في أداء الرسالة، راسخة في شرف المهنة، قاضية على المجاملة والنفاق. صادقة في الإتجاه والأهداف المرسومة عاملة على نشر الحقائق والفضائل، عاتية على كل مظاهر الانحراف والرذيلة قائمة بالواجب المقدس بكل أمانة،  ماضية في طريق دعم التسامح والتضامن، رافعة راية الإعلام خفاقة إلى يوم الساعة شاهرة القلم في وجه الظلم والتجاوزات ساهرة على أرسى الديمقراطية والعدل فاتحة أعمدتها وأبوابها دون أحتكار تلك هي حرية الصحافة. وتلك هي السلطة الرابعة وتلك هو التعريف بصاحبة الجلالة نرجو أن نجسم هذه المعاني في عيد الصحافة العالمي تجسيما واقعيا على أرض الواقع، وأن نعطي الصورة الصادقة للصحافة العربية الأصيلة التي لا تجامل أحد ولا تعادي أحد أيضا وفي عيد الصحافة هل كرسنا هذه الثوابت أم أن لكل دلو غاية ولكل لون مصالح. ولكل صحافة اتجاه. ولكل صحيفة رأي ولكل جريدة مواقف، ولكل لون أهداف إذا علينا أن نجتمع لنحدد الأهداف الوطنية فلا نسمح أن نتجامل على أهم مكاسب في بلادنا التعليم والتربية وما أدراك ما التعليم والمعرفة تابعنا مؤخرا حملة واسعة ضد وزارة التربية وتصعيد في اللهجة وهذا لا يتماشى مع قيم الصحافة وثوابت المهنة وشرف الميثاق فأبواب الحوار مفتوحة بوزارة التربية والوزير المشرف على قطاع التربية والتكوين متعلق بالحوار وليس له غاية لتعطيل قنوات الحوار والاستعداد للحوار في كل وقت وحين. ولا يليق بان نوظف بعض المواقف السياسية على قطاع التعليم الرهان الكبير منذ فجر الاستقلال والمكسب العظيم لتونس المستقلة ذات السيادة… فلا يجوز أطلاقا أن نركب قطار التربية ونهمش ثروة وكنز ثمين لمجرد غايات وتوظيف سياسي وحملة واسعة هذه الأيام حتى أن صحيفة أسبوعية في عدد واحد نشرت 3 مقالات حول التربية فالغاية أصبحت واضحة ومقصودة… ونهول الأمور ونصعد اللهجة في وسائل الاعلام بينما الحوار مفتوح وأبواب الوزارة مفتوحة للجميع. والدكتور القربي على استعداد للحوار.

مظاهر أخرى لا تليق

 بعض الصحف تسعى لتشويه صورة المرأة وتبرزها للعموم بانها مخلوقة للشهوة والإثارة والفتنة والمتعة واللذة وماشبهها وتصويرها عارية او في لباس خليع أو أجزاء من مفاتنها عارية. وغاية الصحيفة الابتزاز والتجارة والربح المادي على حساب هدم ركن الحياء والحشمة وكرامة المرأة كإنسانة وكأم وأخت وبنت وزوجة لها دورها في المجتمع وهي نصف المجتمع عليها يعول في تكوين الأسرة الصالحة والمجتمع النظيف.

الإساءة والتحامل وطمس الواقع

هناك صحف أخرى تسعى مع الأسف لنبش الماضي وتحريف التاريخ والإساءة للأبطال العظام الذي صنعوا مجد أوطانهم وخلد التاريخ ذكرهم وفي طليعتهم الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة وبعضهم يصرح مؤخرا بأن القائد حنبعل يحذق 5 لغات وتجاهل ذكر رمز البلاد وعملاق التاريخ وصانع أمجاد تونس ومحرر الوطن.

التكريم والعناية برجال الاعلام

دوما نشير في المقالات التي نشرتها في موقع تونس نيوز منذ عامين. وفي الصباح عام 1993 أشرت إلى ضرورة العناية بالعنصر البشري والسعي لتكريمه والأخذ بيده ومساعدته أدبيا وماديا . وإبراز مجهوداته ودعم وضعه الاجتماعي خاصة في مجال السكن . كما تم في الصحافة الحزبية أعوام 76 و 77و 79 و 1980 إنجاز مشاريع سكنية هامة للصحافيين والعاملين والإداريين الفنيين . 254 مسكنا لفائدتهم  وفي السنوات الأولى من التغيير أذن سيادة الرئيس بإنجاز مشروع سكني بغزالة لفائدة الصحافيين. وأذن مؤخرا بدعم الصحافيين بحاسوب لكل صحافي مباشرا ومتقاعدين بدع رئاسي نصف المبلغ والنصف الثاني  يقسم بين المؤجر والصحافي . وقد علمنا أن جمعية الصحافيين نظمت يوم عيد الشغل حفل تكريم على شرف المتقاعدين وهي مبادرة طيبة مشكورة الجمعية على هذه المبادرة ووزعت شهائد شكر وتقدير للصحافيين. ومما يذكر ان الصحفي سفيان فرحات الصحفي القدير بجريدة لابراس، أكد على ضرورة تكريم فرسان الصحافة وفي طليعتهم الصحفي الكبير توفيق بوغدير الذي يستحق كل الدعم والمساندة. وختاما نرجو فهم الرسالة الكريمة التي توجها بها سيادة الرئيس بن علي للصحافيين والعمل على تطوير الإعلام التونسي حتى يواكب التطور في العالم ويواكب الديمقراطية المنشودة وحرية الرأي، ومزيد تطوير وسائل الاعلام وعيدا سعيدا لكل الصحافيين في العالم. قال الله تعالى : »وفي ذالك فليتنافس المتنافسون  » صدق الله العظيم.                                     

 محمد العروسي الهاني .


المرأة التي أغضبت السلطة فعانقت العالمية

لم تكن التونسية سهير بلحسن تتوقع في يوم من أيام حياتها أن تُـتوج سيرتها الذاتية بالتربّـع على عرش أحد كبريات منظمات حقوق الإنسان في العالم مثل الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان. والذين يعرفونها عن قرب، فوجِـئوا بالتحوّل الذي حصل في حياتها عندما انتقلت من صحفية مثقفة ومرتاحة اجتماعيا، لتصبح فجأة في مربع يجمعها بأكثر التونسيات اصطداما بالسلطة وأجهزتها الأمنية. الذين يعرفونها عن قرب، فوجِـئوا بالتحوّل الذي حصل في حياتها عندما انتقلت من صحفية مثقفة ومرتاحة اجتماعيا، نجحت في اختراق الدوائر الرسمية وتمكّـنت من أن تربط علاقات قوية بأصحاب القرار، وفي مقدمتهم زوجة الرئيس السابق وسيلة بورقيبة، لتصبح فجأة في مربع يجمعها بأكثر التونسيات اصطداما بالسلطة وأجهزتها الأمنية، مثل راضية النصراوي وسهام بن سدرين وأم زياد. رغم هذا الانتقال الجوهري في الموقع والرؤية والأولويات، إلا أن ذلك لم يأت من فراغ ولم يكن نتيجة نزوع براغماتي أو انتهازي. فسهير بلحسن تؤكّـد بأنها لا تحسن منطق « الحسابات والمناورات »، وهذا ما تشهد به الكثير من صديقاتها، خاصة وأن الانخراط في المعارضة أو في الحركة الحقوقية في بلدها لا يجلب لأصحابه، على الأقل في البداية، مكاسب أو امتيازات. المرأة المناهضة للظلم وعند سؤالها عن الأحداث التي أثرت فيها، تعود بها الذاكرة إلى مرحلة المراهقة عندما كانت حرب الجزائر تثير المشاعر وترسخ الوعي بأن عهدا عربيا جديدا في حالة مخاض، كما أن هزيمة حزيران 1967 عاشتها هذه الصحفية الطموحة بكل انفعال وتأزم. لكن الحدث الذي أثر فيها أكثر من غيره، عندما وجدت نفسها مشاركة في حملة من أجل إنقاذ عشرة شبان تونسيين حُـكم عليهم بالإعدام على إثر أحداث الخبز الشهيرة، التي اندلعت يوم 3 يناير 1984. لقد تعاطفت مع هؤلاء الشبان، الذين قرر بورقيبة أن يضحِّـي بهم عِـبرة لغيرهم، تُـهمتهم الوحيدة أنهم ينحدرون من أكثر الأحياء التونسية فقرا وبؤسا، وقد نجحت في أن تُـقنع يومها سيدة تونس الأولى، التي استعملت تأثيرها على الرئيس بورقيبة وجعلته يصدر عفوا على هؤلاء الضحايا. وفي تلك الظروف، اكتشفت سهير الوجه لتونس الأعماق، التي وصفتها بأنها « صارت تحت وطأة ليبراليّة متوحِّـشة رسّخت الكبت »، وفي تلك الأجواء التي ميّـزت نهاية عهد، أخذت تنمو شخصية المرأة المناهضة للظلم وعدم المساواة تقول، لقد علمتها الأحداث ما لم يكن بالإمكان أن تتعلّـمه من مطالعة الكتب. تذكر هذه السيدة، وقد بلغت من العمر 63 عاما دون أن تفقد حيويتها وأناقتها وإرادة الحياة والتغيير، أنها ليست من صِـنف الذين يخططون لحياتهم بطريقة مدروسة سلفا، إنها تغامر وتلقي بنفسها بين الأمواج المتلاطمة، لتبدأ فيما بعد تدرك خطورة ما أقدمت عليه. غير أنها عندما تتأكد بأنها قد « تورّطت »، تلجأ إلى عنصر القوة في شخصيتها، وهو قدرتها على « التكيف مع متطلبات الوضع الجديد الذي أقحمت نفسها فيه »، وتظهر ما تختزنه من صبر وعناد وعطاء، وهذا ما حصل لها عندما وجدت نفسها، دون تخطيط مُـسبق، في قيادة الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان مع المؤتمر الخامس الشهير. زوبعة كبرى قبل ذلك الموعد، وقّـعت على عريضة نِـسائية أثارت غضب السلطة، دون أن تتوقع بأن ذلك الإمضاء سيُـثير زوبعة كبرى في البلاد، وسيُـجبرها على مغادرة تونس خلال 24 ساعة، حيث استقرت في باريس، ولم تتمكّـن من أن تكون إلى جانب ابنتها أثناء اجتياز امتحان الباكالوريا، لكنها عادت، وكانت تتوقّـع بأن تأسيسها لمجلة مختصة في شؤون التلفزيون وبعيدة عن عالم السياسة، سيجعلها تواصل حبها لمهنة الصحافة دون مشاكل، لكن عاصفة أخرى كانت تنتظرها لتقوض في لمحة من البصر حُـلما كانت تتصور بأنه قد أصبح واقعا، حيث اضطرت لتغلق الصحيفة ويتبخر معها جزء هام من المال الذي ادخرته للأيام الصعبة، مما اضطرها إلى بيع منزلها. وبينما كانت تعتصِـر ألما وغضبا بعد أن انسدّت الأبواب في وجهها، إذا بخديجة الشريف وبشرى بالحاج حميدة تقترحان عليها الترشح للهيئة المديرة للرابطة. ضحكت في البداية، لكنها وجدت نفسها تقدم طلب الترشح قبل نهاية الآجال القانونية بسويعات قليلة، وإذ شكك البعض في قدرتها على تحمل مسؤولية العلاقات الخارجية داخل الهيئة المديرة للرابطة، نظرا لعدم امتلاكها أي تجربة في هذا المجال، غير أن الأيام أثبتت بأنها كانت الأقدر على إنجاز تلك المهمة في ظرف كادت فيه الرابطة أن تتبخر وتُـصبح جزءً من الماضي. كما نجحت في استكمال درب طويل داخل أروقة الفدرالية الدولية، سبق وأن وضع أسسها الناشط الحقوقي المعروف خميس الشماري، وتبعه في ذلك الدكتور سعد الدين الزمرلي، الرئيس السابق للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان. إهانة واعتداء عندما التحقت سهير بالمكتب الدولي للفدرالية بعد أن تم انتخابها، وجدت شخصا من ذوي القامات العالية ساعدها كثيرا، هو المثقف المسلم الملتزم والمناضل السينيغالي الكبير سيدي كابا، الذي احتضنها ورعاها وأكسبها مزيدا من الخِـبرة والحكمة. وقبل أشهر قليلة، كان يستمع إليها وهي تُـلقي محاضرة في إحدى العواصم الإفريقية، فقال في نفسه « هذه السيدة هي التي أبحث عنها لتخلفني على رأس الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان »، وكانت تلك المفاجأة الكبرى بالنسبة لسهير بلحسن، التي لم تكن تفكِّـر في ذلك على الإطلاق، ولهذا، سألتها بعد انتخابها مباشرة : هل أنت خائفة؟ أجابت، « لا، الخوف لا يجتمع مع النضال، لكني أشعر بثقل المسؤولية، فموقعي الجديد نقلني إلى عالمية حقوق الإنسان التي آمنت بها ». هذه الكونية أو العالمة، هي التي جعلتها لا تميِّـز بين ضحايا القمع، بمن في ذلك الإسلاميين الذين دافعت عن مساجينهم وترأست أكثر من لجنة للتعريف بمعاناتهم والمطالبة بإطلاق سراحهم، وعرّضت نفسها في أكثر من مناسبة لإهانة الشرطة والاعتداء عليها بالعنف. انتصار على التمييز ضد المرأة.. سألتها: ماذا يعني عندك أن تكون امرأة تونسية عربية مسلمة على رأس منظمة حقوقية كبرى مثل الفدرالية؟ أجابت، دون أن تتردد « إنه انتصار على التمييز ضد النساء، إضافة إلى أن انتخابي أعتبره رسالة رمزية قوية موجهة للعالم العربي ». وسألتها أيضا عن أولوياتها بالنسبة للمنطقة العربية، فقالت بكل حماس « مواكبة مسارات التحول الديمقراطي ودعمها »، وأضافت « نحن كمنظمات حقوقية، ليس لدينا جيوش أو أحزاب، وكل ما نملك هو مبادئ نؤمن بها، وفي مقدمتها ترسيخ الديمقراطية في المنطقة ». وتعتقد السيدة سهير بأن أهم الخطوات في هذا المسار الصعب، هو تأكيد استقلالية العدالة وإصلاح القضاء، إلى جانب ضمان حقوق النساء وتوفير الحريات الأساسية، مثل حرية التعبير والتنظيم، كما أنها تنوي العمل من أجل دعم منظمات حقوق الإنسان العربية. أما فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، التي احتلت مكانة بارزة في الكلمة التي ألقتها بعد انتخابها، فإنها ترى فيها هويتها التي لا يمكن أن تتخلى عنها، وهي تراهن في هذا السياق على تفعيل الآليات الدولية لحقوق الإنسان من أجل دعم الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، وفي مقدمتها حقه في إقامة دولته المستقلة. تألمت السيدة سهير بلحسن كثيرا عندما تجاهلتها وسائل إعلام بلادها في الوقت الذي تصدّر فيه خبر انتخابها مُـعظم صحف العالم وإذاعاته وتلفزيوناته. كانت تنتظر أن تتلقى مكالمة هاتفية من سفير تونس بالبرتغال، يهنِّـئها باسم الحكومة بثقة أكثر من 140 جمعية حقوقية فاعلة في أكثر من 100 دولة، ويؤكِّـد لها بأن نجاحها هو نجاح لتونس، لكن شيئا من ذلك لم يحصل، ووجدت العزاء، عندما استقبلها بالمطار في وقت متأخر من مساء يوم الخميس 26 أبريل، جمع من النشطاء والأصدقاء الذين هتفوا لها وهنّـأوا أنفسهم والمجتمع المدني التونسي بهذا الحدث التاريخي. « حسن قيادة سفينة الفدرالية الدولية » وفي رد على سؤالي: هل تفكِّـرين في بذل جهود من أجل تطبيع العلاقة بين الفدرالية والنظام التونسي؟ أجابت بشيء من المرارة: « ما أتمنّـاه هو أن تستغل السلطة هذه الفرصة لتُـسوّي نهائيا وضعية الرابطة »، وأضافت « أنا ابنة الثورة التونسية ثورة القانون، وأملي في أن تتغذّى بلادي من هذه التجربة التي أخوضها، وأنا على أتم الاستعداد للمساهمة في تصحيح العلاقة وإنهاء مشكلة الرابطة التي وفرت لي هذه الفرصة، مشاغلي الآن أصبحت أكبر من تونس، حيث مشاكل حقوق الإنسان مُـنتهكة في كل مكان في العالم، ومع ذلك إني مستعدة لخِـدمة ما فيه خير لبلدي وللرابطة التي أنتسب إليها ». عندما اقتربت الجلسة من نهايتها على إثر يوم مرهق، وجّـهت لها ثلاث أسئلة خاطفة، طلبتها أن تذكر لي ثلاث أشخاص أثّـروها فيها، فلم تذكر سوى اثنين: الأول والدها الذي ربّـاها، والثاني هو البشير بن يحمد، صاحب مؤسسة « جون أفريك »، الذي اكتشف فيها روح المغامرة الصحفية. ثم سألتها ماذا بقي لها من أهداف تُـريد تحقيقها، فلم تجد أمامها إلا هدفا واحدا، هو كيف تتمكّـن من حسن قيادة سفينة الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان، التي تمر بمرحلة « تدافع إيجابي »، دون أن تصطدم بالصخور الكثيرة ». وأخيرا: هل بدأت تدوِّن مذكراتها، ففوجئت وهي التي عاشت تكتب، أن سهير بلحسن لا تزال تبحث عن الجو المناسب لتشرع في كتابة سيرة حياتها. صلاح الدين الجورشي – ليشبونة (   المصدر : موقع  سويس أنفو بتاريخ 2 ماي 2007  )

أمريكا والرباعية والمصالحة التونسية

سليم بن حميدان « أعلنت وزيرة الخارجية الأمريكية كوندوليزا رايس اشراك سورية في اجتماع اللجنة الرباعية المقرر عقده  الجمعة، في ما بدا وكأنه تحول نوعي في سياسة الإدارة التي قامت على عزل إيران وسورية ». أوردت صحيفة القدس العربي هذا الخبر كما تناقلته معظم وكالات الأنباء العالمية مساء غرة ماي واعتبرته كلها تقريبا تحولا نوعيا في السياسة الخارجية الأمريكية باتجاه تغليب الحلول السياسية والدبلوماسية على منطق  الضغوط والتهديدات العسكرية في التعامل مع مأزقها التاريخي في العراق والمنطقة. فاستراتيجية مكافحة الإرهاب بالإرهاب (الحرب) وصلت أخيرا، وباعتراف أصحابها، إلى أفقها المسدود الذي توقعه كل العقلاء الرافضين للحرب منذ بدأت تقرع طبولها، ولم يبق لهم سوى التفكير في الطريقة المثلى للانسحاب بما يحفظ ماء وجوههم ويخفف عن كبريائهم وجع الهزيمة النكراء. ذلك هو في اعتقادي، وفي اعتقاد كل العقلاء مرة أخرى، المصير المحتوم الذي ينتظر استراتيجية الحل الأمني الشامل التي تمارسها بتعنت وصلف وعتو ونفور أغلب أنظمتنا العربية برعاية صهيونية-أمريكية مباشرة. النظام التونسي، كما هو معلوم، يتربع على رأس الدول التي تدعي « مكافحة الإرهاب » والتي ما فتأت تتباهى بنجاحها غير المسبوق في القضاء عليه بفضل أسلوب الكي والاستئصال الذي تروج، داخليا وخارجيا، بأنه العقار الأنسب في التعاطي مع الأورام الخبيثة.       لا يختلف ادعاء النظام التونسي هذا عن الخطاب الإنتصاري الكاذب الذي أوهم به المخاتل جورج دبليو بوش شعبه المخدوع وكل الأغبياء في العالم يوم وطأت جحافل رعاة البقر بلاد الرافدين. لقد كان ذلك يوما على المؤمنين عسيرا حيث « زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر وظنوا (وتظنون) بالله الظنون »- الأحزاب/10) ولكن الصادقين منهم لم يزدهم إلا إيمانا وتسليما بأن النصر قادم يقينا. يومها قال العقلاء بأن الحرب بدأت ولم تنته باقتحام بغداد، وأن الذي انهار ليس إلا جيشا نظاميا مهمته الحقيقية طاعة رئيسه وإرهاب جيرانه لا حماية بلاده وتحرير مقدساته. انطلقت المقاومة كالمارد من قمقمه مثبتة للعالم بأسره أن الإرهاب الحقيقي هو ذاك الذي يدعي المحتل نشره تحت عباءة الديمقراطية وحماية حقوق الإنسان، فكان أن تهاوت الشرعية الأخلاقية اللازمة للتوسع الإمبراطوري مؤذنة بانهيار أعظم قوة شر ودمار في العالم. في العراق كما في تونس يبدع الطغاة في فن صناعة الإرهاب، احتلالا وقصفا هناك، استبدادا وقمعا هنا مهيئين كل الأسباب والظروف لانتشار العنف والجريمة ثأرا وانتقاما. الفارق النوعي بين الإرهاب العسكري الأمريكي والإرهاب البوليسي التونسي هو الطبيعة البراغماتية والعقلانية للأول بسبب قيامه على أسس الديمقراطية التعددية التي تتطور وتصحح أخطاءها بفعل التوازنات والضغوط والسجالات السياسية بين الفرقاء، والطبيعة الإيديولوجية الجامدة للثاني بسبب قيامه على أساس « ديمقراطية الإجماع » والرأي الواحد التي تجعل من التعددية ديكورا للخداع والإخضاع لا آلية للتداول وتصحيح عمل السلطة.      المصلحة القومية هي المحك والمنتصر في المقاربة الأولى، أما في الثانية فإنها الغائب بل « اللامفكر فيه » لتبقى السياسة مغلقة على أفق عصابي واحد عنوانه « التصعيد والصمم ». الخطأ في المقاربة الأولى يبقى مفتوحا على التصويب والتدارك وحتى الاعتذار، أما في الثانية فإن العناد والكبر يحولان دون الاعتراف به أصلا ولو أدى الأمر إلى انتشار الحرائق والطوفان.    في المقاربة الأولى يمكن التراجع عن التصلب، ما إن يتبين خطأه وكارثيته، وهو ما يفسر قبول الولايات المتحدة الأمريكية، تحت نفس القيادة المتهمة بالجنون، تشريك دول لا زالت  مصنفة ضمن محور الشر في اجتماعات رسمية وعلنية، أما في المقاربة الثانية فإن دعاة الإصلاح والمصالحة هم أشبه بالشياطين الذين تلحقهم اللعنات فلا حق لهم في القانون ولا مكان لهم في الوطن.   ذلك هو الفارق النوعي بين ديمقراطيتهم « المنقوصة » وديمقراطيتنا « المعدومة »، فهما وإن التقيا في الخطأ فإنهما يختلفان جوهريا في أسلوب معالجته وتصحيحه. لقد بدأ الكونغرس الأمريكي بالضغط على رئيسه والتلويح ببدء إجراءات إقالته كما صرح بذلك رئيس اللجنة الفرعية للدفاع والعضو الديمقراطي البارز جون مورتا في تصريح لإحدى قنوات التلفزة الأميركية، أما « الكونغرس » التونسي فلا حظ له من السياسة سوى تزكية خيارات رئيسه حتى الموت. المصالحة التونسية، بشروط السلطة، إن تمت يوما فلن تكون إلا بثمن باهظ عُملته الموت (أي موت السياسة)، لذلك لا يتصالح النظام إلا مع من أعلن رمي المنديل ورحل إلى جوار « الخبزة والزوجة » تاركا الحبل على الغارب والوطن فريسة للذئاب القادمة من كل حدب وصوب. النظام يدرك جيدا أن رفض المصالحة هو قرين موت السياسة الذي هو إعلان لميلاد العنف كتهديد مباشر للمصلحة الوطنية لكنه لا يكترث لذلك لأن شرعيته انبنت أصلا على أكذوبة  » مكافحة التطرف والإرهاب ». ينبغي لهذا الأخير إذن أن يوجد ويستمر ولو بشكل متقطع حتى تبقى مبررات القمع والمحاصرة الأمنية والتعذيب قائمة لذلك سبق أن وصفنا عنف الجماعات بأنه جنون المجتمع ردا على جنون الدولة. وباعتبار أن الرقابة على عمل « الحاكم » مؤجلة عندنا إلى محكمة التاريخ فإن الزمن رحب فسيح لا تفسد فرحة الحياة فيه مؤسسات ديمقراطية ولا لجان تقص ومحاسبة ولا آجال انتخابية كما هو الحال في دول السادة الكبار. لذلك نحسب أن مهمة المعارضة التونسية أكثر تعقيدا من فصائل المقاومة في فلسطين والعراق لأن النضال الوطني عندنا ينبغي أن يستمر صمودا وضغطا دون اللجوء إلى العنف الذي هو مطلوب أدعياء مكافحة الإرهاب تشريعا لإرهابهم. اختلاف ظروف المقاومة عندنا (أي طبيعة الصراع) عنه في فلسطين والعراق يفرض علينا القبول بالتفاوض مع « الحاكم » دون شروط، أما التنازل له مسبقا عن المطالب العادلة أو ربما عن الهوية والمشروع السياسي فمرادف للتخاذل والاستسلام الذين لن يزيدا إلا من تأبيد الأزمة وتوطيد أركان !الاستبداد رغم أغصان الزيتون وصدق النوايا ودعاوى المحبة الصادقةّ أما والحال أن « الحاكم » عندنا يصم أذنيه ويغمض عينيه أمام نداءات العقلاء ورايات السلام والمصالحة فلا يبقى لنا إلا واجب التربع في مثلث الإرادة والعزيمة والإيمان انتظارا وترصدا لريح ديمقراطية عاتية قد تزعزع هذه المرة أركان بيت السيد الأمريكي نفسه. 

بسم الله الرحمان الرحيم

المصالحة « دعوة  »  للخير فلا تحولوها منبر للسب

بدات بعض اقلام الإخوة في تناول « دعوة » الأخ الهاشمي للحوار تبرز مدى اتساع دائرة الإتفاق بين اصحاب طرح الموضوع من خلال الأقلام التي تساهم في اثرائه .  ومن خلال ما كتب يمكن ان نتبين
ان نقاط الإجتماع :
 تتركز اساسا ان الأغلبية مع المصالحة وطي صفحة الماضي لكن كيفية انجاز او تحويل هذه الفكرة او الدعوة الى مبادرة تعترضها عراقيل , اهمها ان الطرف الرئيسي والذي بيده الحل لا وجود له اساسا . لكن رغم ذلك يتواصل المشاركون في الطرح .  وانا ارى ان الأخ الهاشمي قد نجح في ابراز بعض جوانب الإتفاق عند المجموعة المشاركة  فاختلفت الردود , بعضها مع الفكرة كفكرة , والبعض الآخر مع الفكرة لكنه ضد  صاحبها – اي الهاشمي الداعي  اليها – والبعض الآخر كان مشاركا راغبا في استضاح وان تنقلب هذه الدعوة الى مبادرة .
 فمعظم المتدخلين مع فكرة او مبدا المصالحة – لكن اختلفوا , فمنهم من يرى ان الأمر يجب ان يتوجه به الأخ الهاشمي مباشرة للسلطة باعتبارها هي التي تملك الحل او هي التي لا ترغب في الحل  
لكن هنا نتوقف ونسأل هل رفض السلطة للحل او عدم دخولها على الخط  يعني هذا ان تتوقف الأقلام عن الكتابة في الموضوع؟؟؟ .هذا سؤال اتوجه به لأصحاب هذه القناعة  لإنهم في نظري الى جانب تاكيدهم على قمع السلطة واستبدادها وانه لا حل معها الا بالنضال او تقوية مؤشر النضال ودعوة المناضلين لمواصلة المسيرة ؟ وعدم اتباع سبيل المتساقطين والمتخاذلين انظر ما كتبه اخ علي مبروك   اخيرا – وان كنت لا اعرفه وسالت عنه من حولي فلم اجد من يعرفه – . نجد اصحاب هذه الفكرة  يعتمدون الطعن في اصحاب – او من هم مقتنعون بفكرة الدعوة للمصالحة-
والبعض منهم يرفض الدعوة للمصالحة لأن مصدرها الهاشمي الحامدي, واني اسأل  ما الذي يسئ للفكرة ان كان صاحبها الهاشمي  ؟ ثم ما هي مؤاخذاتكم على الهاشمي ؟
هنا اريد ان اتوجها للراشدين البالغين قائلا لهم :لا تحكموا على نوايا الأشخاص ولا تكن نظرتكم للفرد من خلال نظرة التنظيم الذي تنتمون اليه – هذا اذا كنتم تنتمون لتنظيم ما –  فالمواقف التنظيمية لا تلزم الا ابناء التنظيم لأن الغير يطلب الحجة والبرهان لإقناعه لا ارسال التهم والحكم بالغيبيات  فلم يعد هناك من يقتنع بالغيبات – الا البعض ممن تخصص في قراءة النوايا وعن بعد –   او لغة  » سمعت من قال فيه  » دون تمحيص وبيان
ثم لا تزكوا انفسكم بان كل من خرج من التنظيم فهو محل كل التهم  . تُقّبحون الناس لمجرد خروجهم  من  جماعتكم, فالمساحة التي يتحرك فيها من هو ليس من النهضة اكبر بكثير ممن هو في تنظيم فهو متحرر من الضوابط التنظيمية التي على ابناء التنظيم ان يلتزموا بها – هذا اولا درس يجب ان تتعلمونه من تتبعون – , لأني قرات بعض المقالات من ابناء النهضة – او ممن يدعون انهم منها –  اقسى على الجماعة ممن هو متحرر منها . ثم ان ننقد النهضة هذا ليس بعيب وليس بحرام . لكن من انتقد النهضة بمعلومات مزيفة وغير صحيحة فلكم ان تبينوا او تعروا بهتانه وافتراءه لأن القارئ لا يقتنع الا بالحجة بل الحجة الدامغة ومن لا دليل له فهو كاذب ,   وبكذبه يكون قد اقترف اثما عظيما على عباد الله . يجب ان لا يخرجنا تناقضنا الفكري من دائرة الحلال والحرام فاحذروا . ثم لا تحكموا على الفرد من مقال واحد فليس كل من كان مع المصالحة انه يهادن السلطة ولا ينتقدها  ومن كانت هذه قناعته عليه ان ياتينا بالبرهان كي يفضح صاحبها ليبين انه  » يلعب على حبلين : كما يقول المثل . لكن ارى انه ينقصكم الدليل وعدم الرغبة في قول الحق في مواجهة الآخر لذا تتسترون وتكتفون بالسب والشتم وتتهم الطرف الآخر بالعثرات حتى تبرزو وكانكم زعامات في حين انه قد فاتكم الكثير فالتزموا آخر الصف ولا تجتازو العقبات فتصيبكم العثرات وتسقطوا سقطات  بدل ان ترتقوا.
البعض يعتبران الهاشمي او غيره من دعاة المصالحة يجرمون النهضة ويبرؤون ساحة السلطة  » قل هاتوا برهانكم  » . فالأخ الهاشمي قد بين انه يريد ان ينظر للسلطة من الجهة النيرة والساطعة فيها . ولا يريد ان يتحدث عن الجهة الأخرى لأنه يرى ان الحال هو حال جمع , وقد ايده بعض ابناء النهضة / انظر ما قاله الدكتور النجار والأخ بيداني فتحي والأخ عز الدين محمود  كل قيادات النهضة التي خرجت من السجن تقول طي صفحة الماضي  وهذا يعني ان لا ننظر الا لمحاسن بعضنا البعض ونغض الطرف عن السيئات  لأنها لا تقرب . وانظر الى ما قاله العديد من المستقلين اظر ما قاله الدكتولا القديدي  او المستقلين من النهضة انظر ما يقوله الأخ  مرسل الكسيبي .
 كما أنه في الطرف الآخر يوجد بعض الإخوة لا يريد ان ينظر للسلطة الا من جهة السواد وله الحق في ذلك ما لم يدخل في نوايا الناس بالطعن , انظر ما يقوله الأخ  الفطناسي  او الأخ محمد بن سالم  – اركز فقط على الأسماء التي اعرفها معتذرا للأسماء المستعارة وهذا عيبه فعندما يذكر الرجال يغيبون –
ثم ايها الإخوان لماذا تركزون على ان دعاة المصالحة يسبون النهضة . انا ما قرات ولا كلمة في سب النهضة واقراوا الكثير الكثير في سب السلطة  , وعليكم ان تفرقوا بين السب والتقد . ثم التركيز على النهضة ليس من فراغ بالرغم من وجود اطراف اخرى اسلامية وغير اسلامية معنية بالأمر لكن التركيز ياتي على هذه الجماعة لأنها الأكثر بروزا . لكن بعض الأقلام التي تريد ان تجد لها موقعا– وحسب رايي ليست من النهضة  فهي غير معروفة اصلا – تروج لهذه المزاعم فلا يمكن الحوار معها خصوصا اذا تخصصت في السب والشتم لأن الأقلام الحرة التي تنتمي للنهضة تقول الكلمة الطيبة وان كانت مخالفة للأخر . اما هؤلاء الذين يتسترون وراء اسماء مستعار ويدعون انهم يدافعون عن النهضة فهؤلاء بعيدين كل البعد عن هذه الجماعة وادعوهم ان يحتكوا مجرد الإحتكاك باعلام هذه الحركة حتى يتعلموا , فقد غاب عنهم الكثير لذا هم لم يفلحوا الا في  » توسيخ  » الصورة.  واقول لهم : قولوا الكلمة الطيبة وتصالحوا مع انفسكم واسمائكم وذواتكم قبل تزج بانفسكم في موضوع المصالحة مع السلطة.
ان موقف الأخ الحامدي كان واضحا في نقطة واحدة حسب علمي وفهمي وهي انه يدعوا للمصالحة. وفهم البعض انه يريد استبعاد– الشيخ راشد –   او القيادة الحالية – ان وجدت – من كل صلة بالسلطة انا اريد ان افهم من اصحاب هذا الراي من اين استنبطوه ؟ وعلى الأخ الحامدي ان يبين  للقراء جديته في طرح الموضوع خصوصا وانه قد توجهت اليه العديد من الأسئلة بقيت من غير جواب , وادعوه بكل الحاح  الجواب عنها بدل ان يرد على من توجه اليه باللمز او شيئ أخر ,  حتى لا نخرج عن الموضوع فليس الوقت وقت  مواعظ فالقراء يريدون معرفة الكثير عن هذه الدعوة واسئلتهم  في انتظار الرد من الأخ الهاشمي . او السلطة وهو احسن.
واتوجه لمن اتهم كل من ايد الدعوة – اوتفاعل مع دعوة الحامدي  للمصالحة ولا يريد شتم السلطة  –  بانه  متخاذل خائن غادر والى  غيرها من الصفات الدنيئة ,  اولا عرفنا بنفسك واكشف الغطاء  ثم ادلو بدلوك وسيصلك الرد المباشر وغير المباشر مني شخصيا على الأقل – فانا لا اخاف الا من الله  تعالى  . علما واني اكن للحامدي وغيره  من دعاة الخير – وان كنت قد اختلف معهم في بعض المسائل – كل  الإحترام واحترامي لكل واضح  صادق وشريف . واعلم يرحمك الله  ان زمن الحكم على الناس بالغيبات قد ولى , وحتى لا نقع في اللمز والهمز وما حرم الله فاتقوا الأعراض وهاتوا البرهان . فبه تنتصر علي , وبه تفحمني وبه قد اتبعك في رايك وخطاك . ثم يا اخي فرق بين النقد او الإنتقاد والسب فلا احد سب النهضة او اتباعها  ولا احد من الصادقين يرضى هذا . كما ان من حق البعض ان يرفضوا سب السلطة والتهجم عليها فمن سب عليه ان ينتظر السب  فهذا مبدأ قرآني . والكل حر في اختيارته, علما وان منهج الصلح يتطلب ان تتخلى كل الأطراف عن السب وتبادل التهم فقد مللنا التوصيف  وكثرة الكلام نريد كلاما يفرز مشروعا يستفيد منه الجميع  فلا نريد عنتريات ولا قصائد وبيانات تتهجم على السفارات والشخصيات او مملوءة بالمغالطات. فكيف يعقل ان نقترب ونتصالح مع اعداء الأمس من علمانيين وشيوعيين استئصاليين  ونمضي معهم البيانات  ونشاركهم الشطحات , و في المقابل ننصب العداء مع من هم من ديننا ؟ فاتقوا الله – يا من لا نعرفكم – وتأدبوا فانتم تحاورون اناس تضبطهم شريعة ومعتقد يحرم  دم وعرض المسلم  . فاتقوا الله فينا   وتحدثوا معنا بالحجة والبرهان  – وان كانت تنقصكم نمدكم بها ان شاء الله –
واعلموا افتراضا  ان نجحت دعوة الحامدي  ولقيت القبول فستكونون اول المستفيدين  فانتم هربون وقت الشدة فزعون عند الغنائم  – كلمة هذه اوجهها خصيصا ومباشرة عبر البريد السريع للمتسترين المستعيرين الأسماء المسعرين للشتيمة والبغض بين الأخوة –  وان فشلت فبالله قولوا لي ماأنتم خاسرون؟؟؟؟
بوعبدالله بوعبدالله

قبسات من أنوار القرآن الكريم

 

سورة الفاتحة

 

د. محمد الهاشمي الحامدي

 

سورة الفاتحة سورة رحمة وهداية، وهي أم الكتاب بما احتوته في آياتها القليلة من كليات العقيدة الإسلامية، ومن أسرار السعادة الإنسانية.

سورة تبدأ بالحمد والثناء على من هو أهل للثناء كله، وترشد الإنسان إلى أن ينطق بتلك الكلمة الصادقة المخلصة الجميلة: الحمد لله.

يحاول الإنسان أن يحصي الأسباب التي تلزمه بحمد خالقه والثناء عليه فلا يستطيع مهما دقق في الحساب. إن نعم الله من حوله لا تحصى. خلقه هو من عدم أول المعجزات. تصويره في أحسن هيئة، وإمداده بمقومات التعامل مع الحياة الدنيا ومطالبها المختلفة، وعلى رأسها العقل والسمع والبصر. الدنيا الجميلة من حوله. الشمس والقمر والنجوم. الخضرة والماء والوجه الحسن. العواطف الرقيقة التي تحيط به متضمنة رأفة الأم والأب، ومحبة الزوجة أو الزوج، ومعية الذرية، ومودة الأصدقاء، واهتمام الجيران، وابتسامات الناس في كل الدروب.

الحمد لله رب العالمين جواب الفطرة. انظر إلى رد فعل الإنسان العفوي إذا أهداه إنسان آخر هدية، أو منحة، أو ترقية في وظيفة، كيف يشكره ويثني عليه ويشعر بالإمتنان له. انظر إلى قصائد الشعراء يمدحون فيها من خصهم بجائزة مالية أو معنوية. فكيف لا يبادر الإنسان إلى حمد خالقه الذي كرمه وأعلى من شأنه وسخر له الكون وجعله خليفة في الأرض وكتب له الجنة دار قرار إذا سار على النهج القويم والصراط المستقيم؟

« الحمد لله رب العالمين. الرحمن الرحيم. مالك يوم الدين ». هكذا تعلمنا سورة الفاتحة فضيلة الحمد والشكر والإمتنان لخالقنا الكريم، وترشدنا لحال المؤمن الحقيقي، المعترف بفضائل المولى عز وجل عليه. هذا الحمد، وهذا الشكر والإمتنان، عنوان الخلق الرفيع، والتأكيد الحقيقي بأن من ينطق لسانه وقلبه بحمد الله إنسان كريم، يقدر فضل خالقه عليه ويرجو منه المزيد. ومن أوجه الحمد، وأركان العقيدة الصحيحة، إفراد الله تعالى بالعبادة، والإستعانة به وحده لا شريك له.

ها هنا معنى أصيل من معاني الحرية في الإسلام. إنه الإعلان الصادق الصريح أن المسلم لا يعبد إلا الله. لا يقبل أن يخضع لأي مخلوق آخر على وجه هذه الأرض، ولا للخرافة والأوهام، ولا للتماثيل والأصنام.

وهو أيضا إعلان التحرر من سلطة الأشخاص الآخرين من أمثاله، مهما ادعى هؤلاء الناس لأنفسهم من مكانة سياسية أو مالية أو معنوية. فلطالما اعتدى بعض البشر على البشر، ولطالما استعبد بعض البشر البشر، وكبلوهم بالقيود السياسية والمالية والمعنوية، من أجل السيطرة عليهم، على قلوبهم وعقولهم وأبدانهم.

لكن الإسلام جاء لتحرير الناس من عبادة العباد إلى عبادة الله وحده. والمسلم يقرأ في سورة الفاتحة، في كل ركعة، في كل صلاة يؤديها في اليوم الليلة، « إياك نعبد وإياك نستعين »، من أجل ألاّ ينسى أبدا أن الجدير بالعبادة واحد فقط هو الله تعالى وحده لا شريك له، والجدير بأن يدعى ويستعان به واحد فقط هو الله تعالى وحده لا شريك له.

إن التذكير اليومي بهذه المبادئ يوحي بأهميتها الكبيرة من جهة، وينبه من جهة أخرى إلى أن الإنسان قد ينسى وينحرف، ولذلك يجدر أن يحيي في نفسه هذه المعاني باستمرار ويتعهدها بالرعاية.

ألا ترى كيف انحرفت أجيال من البشر عن تعاليم الأنبياء والمرسلين، على مر الدهور والعصور، فتركت عبادة الله الواحد الأحد إلى عبادة الأصنام والقبور والناس من الأحياء والأموات؟

ألا ترى كيف حاول البعض في القرون الماضية، ويحاول البعض في عصرنا، أن يدلسوا على الناس، وعلى المسلمين خاصة، يقولون لهم إننا نستعين بالمهندس والخبير والطبيب، وعلى هذا المنوال يجوزون الإستعانة بفلان وفلان من الأموات، ويجوزون طلب النفع والضر منهم، وطلب الذرية والزيادة في الرزق ومثل ذلك من المطالب التي لا يملك تلبيتها إلا الله عز وجل؟

الإستعانة بالمهنس المعماري لتصميم منزل أو عمارة أمر بديهي لا يناقش فيه أحد. والذهاب للطبيب عند الحاجة حكم العقل والشرع معا. وطلب المشورة من الخبير المالي قبل الدخول في سوق الأوراق المالية أو في مشروع تجاري عنوان على الحكمة ورجاحة العقل. وطلب المال من غني، على وجه السلفة أو المنحة، أمر شائع بين الناس قديما وحديثا. وطلب العلم من عالم متخصص نهج طلبة العلم في كل العصور.

إنما جوهر الموضوع فيما يتعلق بمنع الإستعانة بغير الله تعالى، كما هو واضح ومفهوم في سورة الفاتحة، هو أن كل الأمور التي لا يسوغ العقل طلبها من البشر تطلب من الله تعالى وحده.

يدعو المسلم: اللهم اغفر لي، وعافني، واهدني، وارزقني. ويدعو: رب اغفر لي خطيئتي يوم الدين. ولا تخزني يوم يبعثون. يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتي الله بقلب سليم. ويدعو: ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما. ويقول: اللهم اصلح لي في ذريتي. ويقول: اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه. وأرنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه.

ويدعو المؤمن: اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن. وأعوذ بك من العجز والكسل. وأعوذ بك من الجبن والبخل. وأعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال. اللهم إن أعوذ بك من الكفر والفقر. وأعوذ بك من عذاب القبر. لا إله إلا أنت. اللهم عافني في بدني. اللهم عافني في سمعي. اللهم عافني في بصري. لا إله إلا أنت.

ويطلب المؤمن من ربه الرزق العميم الوفير والسعادة في الدنيا والآخرة.

يدعو المؤمن ويطلب كل هذا وما هو على مثاله ومنواله من الله عز وجل وحده لا شريك له، ولا يطلب أيا من هذه الأمور من عبد من عباد الله مهما علا شأنه بين الناس، حيا كان أو ميتا. وقس على هذه المطالب كل ما هو معروف بالشرع والعقل والعرف أن أمره بيد الله وحده وليس بأيدي البشر.

التذكير بهذه المعاني مطلوب في كل صلاة، وفي كل لحظة، حتى لا ينحرف الإنسان. فما أكثر الذين يقصدون الأحياء والموتى من الناس يطلبون منهم النفع والضر، وهم يظنون أنهم يتقربون بذلك إلى خالقهم زلفى، رغم أن الآية في سورة الفاتحة واضحة قاطعة: « إياك نعبد وإياك نستعين ».

من يثني على الرحمن الرحيم يستحق الزيادة من فضله وكرمه. هذا وعد الله للشاكرين. لذلك يتفضل الخالق على الشاكرين فيعلمهم أفضل الدعاء: « اهدنا الصراط المستقيم، صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين ». إن دروب الباطل والضلال كثيرة، تحفها الشهوات والمغريات من كل جانب. أما درب الحق فيحتاج التزامه إلى همة عالية، وتصميم حقيقي من الإنسان، وقبل ذلك وبعده إلى هداية وعون وتوفيق من الرحمن الرحيم.

يدعو الإنسان في كل ركعة صلاة يؤديها خالقه الكريم ليهديه الصراط الحق، صراط الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، صراط إبراهيم وموسى وعيسى ومحمد وإخوانهم من الأنبياء والمرسلين عليهم صلوات الله وسلامه إلى يوم الدين.

صراط هؤلاء يخالف بالضرورة، مخالفة مطلقة كاملة، صراط الذين غضب الله عليهم، الضالين الذين أعرضوا عن دعوة الحق ودستور الهداية الإلهية، وردوا ما جاءت به الرسل عن ربهم، وأعرضوا وصدوا عن الرسالة الخاتمة التي توجت كل الرسالات السابقة وأكملتها وتمَّمَتها: رسالة الإسلام التي بعث الله عز وجل بها عبده محمدا صلى الله عليه وسلم خاتم الأنبياء والمرسلين لتكون نبع الهداية الصافي ودليل السعادة للناس أجمعين.

نسأل الله تعالى أن يجعلنا من عباده المؤمنين، الحامدين الشاكرين، الذين يعبدون الله وحده لا شريك له ويستعينون به وحده لا شريك له، وأن يهدينا الصراط المستقيم، صراط الذين أنعم الله عليهم، غير المغضوب عليهم ولا الضالين.

آمين.

ـــــــ

3 مايو 2007


 

نقابات محامين ومحكمون عرب يدعون الى مقاطعة مؤتمر تونس للتحكيم

بيروت     الحياة     – 03/05/07//
أفـــاد بيــان لمركز التحكيم التجاري لدول مجلس التعاون الخليجي بأن «نقابات المحامين في البلاد العربية والمحكمين العرب تبحث في إصدار بيان يدعو الى مقاطعة مؤتمر تونس المقرر عقده في 17 أيار (مايو) الجاري». إذ اعتبروا «اختيار مركز تحكيم تونس ليكون في واجهة التحدي»، يأتي رداً على عرض مركز الخليج التحكيمي على غرفة التجارة الدولية عقد مؤتمر الحوار، على خلفية كتاب رئيس المركز ناصر غنيم الزيد الى رئيس محكمة تحكيم غرفة التجارة الدولية بيار ترسييه في نهاية كانون الثاني (يناير) الماضي، مطالباً بالمبادرة الى عقد مؤتمر «يكون مفتوحاً للمناقشة والحوار راسماً خططاً تؤدي الى الثقة والتوازن في التحكيم، وأن يتناول مستقبل التحكيم الأوروبي – العربي».
وكان أساس المطالبة التحفظ الذي تبديه أوساط التحكيم العربي عن «التحكيم الأوروبي – العربي الذي يشهد أزمة ثقة وتعاون وتوازن»، معتبراً في كتاب الى ترسييه أن هذه الأزمة «في حال تجاهلها، ستتفاقم وسيكون لها الأثر السلبي في صدقية التحكيم ومنه في التجارة الدولية والاستثمارات».
وأشار بيان المركز الى أن مجموعة من المحكمين العرب من الخليج ومن مصر ولبنان ودول المغرب أصدروا بياناً في تشرين الأول (أكتوبر) عام 2006، سجلوا فيه «مآخذ على التحكيم الأوروبي – العربي وخصوصاً تحكيم غرفة التجارة الدولية، مؤكدين حصول تجاوزات تتمثل في «عدم تعيين محكمين عرب في التحكيمات التي تطبق فيها القوانين العربية، وإحكام قبضة محكمين أوروبيين على التحكيم الدولي العربي». كما لاحظوا أن الشركات العربية «تخسر دعاواها بمعدل يزيد على 95 في المئة في تحكيمات غرفة التجارة الدولية في باريس، وتبدأ قيمة المشاريع بـ 200 مليون دولار، فتنتهي في التحكيم بـ 500 مليون». ولفتوا الى أن «التجاوزات تكررت في حق المحامين العرب المشاركين في التحكيم ولم تعد تعين جلسات المحاكمة إلا في أعياد الأضحى وعيد الفطر وسائر الأعياد الإسلامية». كما رأوا أن المجموعة الأوروبية الجديدة «درجت على مقاطعة مؤتمرات التحكيم العربية، لا سيما مؤتمر التحكيم والقضاء الذي عقد في شرم الشيخ حيث شارك الأوروبيون وقاطع الفرنسيون».
(المصدر: صحيفة  »  الحياة  » (يومية – لندن) الصادرة يوم 3 ماي 2007)

رعاة في مهمة جوسسة لفائدة المهربين على الحدود مع تونس

02/05/2007 الفوضى الإدارية والقانونية المتعلقة بعدم تمكين حرس الحدود من آليات قانونية تتيح لهم مراقبة محطات البنزين التي يتزود منها الفلاحون بـ 200 لتر من المازوت كل مرة يقومون بتخزينها، ثم تحويلها إلى المهربين التونسيين، خلف لدى الجانب الجزائري مافيا تقليدية غير منظمة في مادة المازوت المستمر نزيفه، أمس فقط ونحن نهم بمغادرة المنطقة أحبط حرس الحدود العاملون بسرية بورنان وفي المركز المتقدم سيدي صالح المتاخم للونزة ولاية تبسة محاولة تهريب 750 لتر مازوت ما يرفع حصيلة الكميات المصادرة في ظرف الأربعة الأشهر الماضية إلى 4190‮ ‬لترا،‮ ‬وهو‮ ‬رقم‮ ‬يفوق‮ ‬الآن‮ ‬مجموع‮ ‬ما‮ ‬تم‮ ‬استرجاعه‮ ‬في‮ ‬كامل‮ ‬السنة‮ ‬الماضية‮. ‬ أميار‮ ‬يؤسسون‮ ‬لتهريب‮ ‬مقنن‮ ‬للمواشي الفوضى الإدارية يمكن ملاحظتها أيضا في قضية تهريب الماشية، فكل ما يدب فوق الأرض قابل للتهريب، ومقارنة بقطعان الماعز التي استرجعت مجموعة حراس الحدود 189 رأسا، والأبقار 14 رأسا، يشكل تهريب الأغنام آفة متعاظمة تهدد « التراث الوطني » في الصميم، حيث تم احباط تهريب 417 رأسا خلال سنة 2006 و80 رأسا خلال الرباعي الأول من هذه السنة، ما مجموعه 497 خروفا، وقصة الخروف الجزائري المهرب إلى تونس، حيث يباع للجزارة لحما وصلت شهرة لذته إلى إيطاليا، ثم أروبا ومنها يحمل إلى اسرائيل، مأساة في اتجاهين، أولا لأنها تمس الخراف الصغيرة، حيث يبيعه الجزائريون بهامش ربح يبلغ 3000 دج ومع فارق السعر ببيعه التونسيون في بلدهم بـ 670 دينار تونسي ما يحقق لهم ربحا بـ 200 دينار تونسي، ثم يعيدون بيع صوفه للجزائريين بـ 120 دينارا للكيلوغرام الواحد! ليست خرفان المناطق الحدودية هي التي تباع، إنما هناك موالين معروفين وبزناسة وبارونات محلفين معروفين بتجميع الخرفان القادمة من الولايات الجزائرية الداخلية بما فيها الجلفة، حيث يتم نقلها على مراحل باستغلال رخص بلدية لهؤلاء موقعة من طرف أميار تسمح بنقل الماشية، وطبعا فإن هذه الوثيقة التي غالبا ما تحرر في ورقة بيضاء عادية، هي الثغرة التي يتسلل منها المهربون للتهجير الجماعي للمواشي وكل ما يدب فوق الأرض من الأنعام، وعندما لاحظنا كثرة تحايل الموالين والتفاهم على التهريب بتهريب مقنن نتيجة هذا « الحرز الإداري » المسلم من أميار عادة ما يكونون جهلة أو متواطئون، طرحنا الأمر على قائد المجموعة الذي قال « هذا هو لب المشكل، فالوثيقة لا تحدد زمن وساعة الرخصة بدقة ولا تحمل مهنة الموال »، ومع انتشار الموالين الوهميين والتجار، يستطيع الموال استعمال الرخصة في عدة نقلات لمئات رؤوس الماشية في يوم واحد دون إمكان حرس الحدود من وضع حد له مادامت الوثيقة تمكنه بنقل المواشي إلى المناطق المتاخمة للشريط الحدودي، قبيل تهريبها بسبب خصوصية الشريط الحدودي الجزائري، حيث تقع مراكز الحراسة المتقدمة خلف السكان الحدوديين وليس أمامهم ما يجعل أمر المراقبة‮ ‬صعبا‮ ‬في‮ ‬انتظار‮ ‬خطة‮ ‬إعادة‮ ‬الانتشار. ‬ وفي‮ ‬انتظار‮ ‬خطة‮ ‬إعادة‮ ‬الانتشار‮ ‬يجب‮ « ‬وقف‮ ‬نقل‮ ‬رؤوس‮ ‬الماشية‮ ‬بهذه‮ « ‬الوثيقة‮ ‬الفوضوية‮ » ‬ووضع‮ ‬بطاقية‮ ‬وطنية‮ ‬للموالين‮ ‬لفرز‮ ‬الحقيقيين‮ ‬من‮ ‬المافياويين‮ ». ‬ الواقع أن تهريب الماشية يشهد جملة من التحايلات منها لجوء المهربين الجزائريين الذين يرعون أغنامهم على بعد أمتار فاصلة فقط من نظرائهم التونسيين عادة ما يلجأون إلى رمي الخرفان في جانبهم بمجرد مرور دوريات الدرك، وحتى إن تفطن هؤلاء للأمر لا يمكن فعل شيء، لأنه لا يمكن الملاحقة داخل التراب التونسي، كما أنهم وبالنظر إلى تشدد حراس الحدود في مراقبة الخرفان الصغيرة المرشحة للتهريب، يلجأون إلى إخفاء الخراف الصغيرة وسط الكبيرة، وحتى إن كان القانون يسمح للشخص العادي نقل ثلاثة كباش في سيارته لكي لا يمكن اعتباره مهربا في المناطق الحدودية، يلجأ بعضهم إلى التهريب بالتقسيط الثلاثي من خلال نقلات متتالية!، وعلاوة على حتمية بطاقية وطنية للموالين، المطلوب حسب بعض الرسميين بطاقية خاصة للأغنام من خلال « الترقيم التسلسلي » للخرفان من خلال وضع علامات خاصة ودمغة خلف الأذن لتحديد ملاكها الحقيقيين‮ ‬وكيفيات‮ ‬انتقالها‮. ‬ لكل منطقة في الشرط الحدودي اختصاصها التهريبي الغالب وليس الوحيد، فمنطقة بورنان وعين الزانة بولاية سوق أهراس تشتهران بتهريب المازوت مقابل السكر والعجائن للأولى، وتهريب المواشي والأبقار للثانية مقابل الخراطيش أحيانا، أما مناطق برج بولعراس والعيون بولاية الطارف فتشتهران بتهريب المازوت مقابل « الصوف » للأولى، والمرجان والمخدرات بالنسبة للثانية، وتهريب المرجان الذي عادة ما يضبط في الحدود البحرية للطارف أو عنابة أو محملا فوق حقائب ظهرية يحملها المهربون فرادى، حيث تم حجز 12.5 غراما لدى مهرب بمنطقة العيون، علما أن الغرام‮ ‬الواحد‮ ‬يباع‮ ‬بـ‮ ‬8000‮ ‬دج‮!‬ أطنان‮ ‬من‮ ‬الصوف‮ ‬مقابل‮ ‬نقود‮ ‬أثرية إذا كان معروفا الآن أن المهربين الجزائريين « يصدرون » المازوت والبنزين والأغنام والأبقار والماعز، فإنهم يستوردون الطماطم المصبرة التي تباغ بـ 14 دينارا تونسيا أي بـ 81.02 دنيارا جزائريا لبيعها بـ 110 دج بربح صافي في الكيلوغرام الواحد يتجاوز 30دج، حيث حجزت مصالح الدرك 772 كيلوغراما أي 7.72 قناطير في الفترة الممتدة بين 1 جانفي 2006 إلى 26 / 04 / 2007 (15 شهرا) ويجلبون السكر الذي يباع في تونس بـ 6.6 دنانير جزائري في الكيلو الواحد، حيث تم حجز 5423 كلغ (5.4 طن) سنة 2006 و 753.8 كليوغراما خلال الأربعة أشهر الماضية من 2007، وعندما أصيب سوق البطاطا بارتفاع سعره هنا استقبل المهربون 687 كيلوغراما من البطاطا التونسية التي تباع بـ 4 دنانير تونسية ما يقابله 23.02 دينارا جزائريا لإعادة بيعها بضعف الثمن في الجزائر عندما بلغت سعر 40 دج للكيلوغرام الواحد، وفيما نجد على لائحة المهربات من الجزائر إلى تونس قطعا نقدية أثرية رومانية حجزت منها 11 قطعة سنة 2006 وهي مصنفات ذات قيمة تاريخية ثقيلة، فإن المهربين الجزائريين أكثر إقبالا على أخف مادة وهي الصوف التي تهرب من تونس وتباع بـ 120 دج للكيلوغرام الواحد، حيث قدرت محجوزات حرس الحدود 2227‮ ‬كيلوغراما‮ ‬سنة‮ ‬2006‮ ‬و1556‮ ‬كيلوغراما‮ ‬في‮ ‬الأشهر‮ ‬الأربعة‮ ‬الماضية،‮ ‬ما‮ ‬يرفع‮ ‬الوزن‮ ‬الإجمالي‮ ‬الى‮ ‬ثلاثة‮ ‬أطنان‮ ‬وسبعة‮ ‬قناطير‮!‬ البلبوزة‮ ‬لإنتاج‮ ‬محاليل‮ ‬صيدلانية‮… ‬والداد‮ ‬الجزائري‮ ‬للماكياج‮ ‬الأوروبي يتساءل كير من المختصين في مكافحة التهريب عن مصدر « الثقاف التهريبية » المتغلغلة وسط الفئات الممارسة لهذا النشاط، والوسائط التي توجههم نحو تهريب بعض « المواد » الظاهر أنها تافهة، لكنها غالية الأثمان بمجرد خروجها وراء الحدود، ولم أفهم هذا التساؤل إلا عندما علمت أن أفواجا من البشر والعائلات التي رأيتها في المزارع الواقعة على طول الشريط الحدودي من رأس سكلاب بالطارف إلى سيدي صالح بسوق أهراس كانت تنبش في التراب بحثا عن نبات « الداد » و »البلبوزة » المسماة في مناطق أخرى بالبصيلة، التي تظهر على عمق سنتيمترات تحت التراب خلال أشهر مارس وأفريل وماي، إلا عندما أكد لنا تقرير مفصل عن المحجوزات حجز مصالح الدرك لـ 350 كيلوغرما من جوز الصنوبر (الزقوقو) في الأشهر الماضية، وإفشال محاولة تهريب 329 كيلوغراما أي ثلاثة قناطير كاملة من نبات الداد خلال السنة الماضية، وفيما يتم تحويل (الزقوقو) إلى تونس بهدف استعماله كزينة غذائية في الحلويات والمرطبات، فإن نبات الداد ذي الجذور الحلوة وأحيانا سامة قاتلة مثلما حدث مع ثلاثة رعاة بولاية سطيف، يستغله التونسيون الذي يعيدون بيعه لمخابر إيطالية مختصة في تحضير المستحضيرات التجميلية والعطرية مقابل أثمان مرتفعة بالعملة الصعبة، ونفس الأمر ينطبق على نبات « البلبوزة » أو البصيلة المعروف في اللغة الفرنسية تحت مسمى Tubureuse، أي المسك الرومي، وهو نبات عشبي من فصيلة النرجسيات، يستعمل كغذاء للخنازير، وتستخدم سوائله الطرية المتلبدة في صناعة الغراء، لكن أهم خاصيته التي‮ ‬ثبتت‮ ‬حسب‮ ‬القواميس‮ ‬المعتمدة‮ ‬أنه‮ ‬يستخلص‮ ‬منه‮ ‬محلول‮ ‬صيدلاني‮ ‬خاص‮ ‬بداء‮ ‬السكري،‮ ‬ونظرا‮ ‬لخصائصه‮ ‬المطلوبة‮ ‬فإن‮ ‬المهربين‮ ‬التونسيين‮ ‬يحولونه‮ ‬بدورهم‮ ‬إلى‭ ‬تجار‮ ‬إيطاليين‮ ‬في‮ ‬الضفة‮ ‬الأخرى‮ ‬للمتوسط‮.‬ رعاة‮ ‬يتجسسون‮ ‬على‮ ‬حرس‮ ‬الحدود‮ ‬مقابل‮ »‬منحة‮«‬؟ تنامي ظاهرة التهريب على الحدود الشرقية فرض على المهربين استعمال وسائل جديدة كالحقائب الظهرية لتهريب المخدرات، واستعمال الدراجات النارية لتجاوز المسالك الجبلية، وفي حين تعد الكمائن المنصوبة أفضل علاج للحد من المتسللين عبر الجبال بحقائب ظهرية، فإن اقتناء وحدات حرس الحدود لسيارات ستايشن « رباعية الدفع » بسرعة 240 كلم في الساعة يجعل من أمر تعقب السيارات والدراجات النارية المهربة للمازوت ممكنا فوق التضاريس الوعرة، غير أن أكثر الوسائل قلباً للمعادلة هي الهاتف النقال، فمنذ انتشاره في الجزائر تنامت هيكلية التهريب وواجهت عمليه مكافحته عقبات إضافية، تنضاف إلى العائق الرئيسي المتعلق بانتماء المهربين الجزائريين والتونسيين إلى عائلات واحدة قرابة ومصاهرة ضمن عصبة مغلقة وتتصل فيما بينها بيسر لتحديد المواد المرشحة للتهريب وفق فوارق السعر في كل بلد والهامش المراد تحقيقه، فهناك بورصة يومية ـ بورصة المهربين ـ الذين يتبادلون معلومات الأسعار لتحديد السلعة القابلة للتهريب المحققة للربح لكل طرف، وفي هذه الأيام يفكر المهربون الجزائريون إدخال فاكهة « الفراولة » الذي يباع في تونس بـ4 دنانير تونسية للكيلو ما يقابله 28 دينارا جزائريا بغرض إعادة‮ ‬بيعه‮ ‬بفائدة‮ ‬تقدر‮ ‬بـ120‮ ‬دينار‮ ‬جزائري‮!‬ ومنذ انتشار جهاز النقال صارت عمليات التهريب عمليات حسابية تعتمد على السرعة والجوسسة والمراقبة، وليس رجال الدرك من حرس الحدود هم فقط من يراقبون… بل هم مُرَاقَبون أيضا من مخبرين يوظفهم المهربون الكبار والعاديون بمبالغ مالية حيث يفضل هؤلاء الانتشار في شكل رعاة ويقومون برصد تحركات الحرس، هذا ما قاله لي الرائد يادري بعدما خرجنا في رحلة استكشافية لبعض المواقع المتقدمة بولاية الطارف، وتحديدا إلى سرية برج بولعراس ومركز سليانة المتقدم الذي وصلناه بعد ساعة سير شاقة في منعرجات ومرتفعات زادتها صعوبة الطريق بين أولاد دريس وبوحجار في واقع حال يؤكد تدهور قطاع الطرقات في هذه المناطق بفعل انزلاقات التربة والأرضية، بعد مسافة مئة كيلومتر وصلنا إلى الموقع المتقدم الواقع قرب وادي إيروڤ الفاصل بين حدود الجزائر وتونس مع تداخل بين مناطق البلدين في العمق من خلال نتوء جغرافي لايتجاوز الوادي ويوفر مايعرف مسالك مشتركة بين مواطني البلدين. أطلع قائد الوحدة مرؤوسه أنه يتعرض لضغوط من أحد المهربين عقب حجز عشرات الكيلوغرامات من الصوف المهربة، وتقدمنا بعدها إلى حدود الوادي الفاصل بين تراب البلدين، وتفرض حالة وجود الوديان نصب الكمائن في عمقها باتجاه الناحية الخلفية، وشاهدنا هناك صعوبة العمل الميداني الذي يقوم به عناصر حرس حدود سليانة، حيث لاتبتعد منازل التونسيين والجزائريين عن بعضها سوى ببضعة أمتار فقط، كما أن بعضها لايقع سوى على مرمى بصر، وفي مثل هذه الحالات يؤكد مرافقنا « المهربون ونتيجة توفر الاتصالات بواسطة أجهز نقالة ينصبون مخبريهم فوق الهضبات والتلال وقد يكون رعاة ماشية يقدمون خدمة التجسس بمقابل، ويوفر لهم هؤلاء تغطية، كما يعتمدون على أشخاص آخرين يعرفون بمسمى « فاتحو الطريق » والذين يقومون باستطلاع الأوضاع وتواجد حرس الحدود باتجاه الطرق المؤدية‮ ‬إلى‮ ‬العمق‮ ‬الجزائري‮ ».‬ في هذا الموقع المتقدم يمكن ملاحظة أن بعض الدواوير المتفرقة الواقعة في الطرف الجزائري على غرار سكحالة ومعاطلية والتبشارية مقابل لدواوير تونسية هي درايعية والموخر، مع ملاحظة الميزة الأساسية للتكوين البشري للمهربين الذين ينتمي معظمهم إلى عائلات مختلطة جزائرية – تونسية ففيهم ابناء الأخوال والمتصاهرون والمتزوجون ما يعطي لطابع مواجهته طابع مواجهة عصبة عائلية واحدة وعشيرة قبلية متجانسة تتحدد حسب الحالة المدنية والحالة الاقتصادية والاجتماعية معا، ونفس الخلاصات يمكن تعميمها على المواقع المتقدمة التي زرناها عن قرب أو اطلعنا عليها عن كثب، سيدي مسعود والصخيرة، وحمام سيدي طراد، وكافة المواقع المنتشرة على طول قطاع الشريط الحدودي الطويل. ليست هذه العوائق سوى عينة عن المصاعب التي يواجهها حرس الحدود بتفانٍ وإخلاص كبيرين ومثابرة في ظروف مناخية صعبة سببت لبعضهم متاعب صحية كاضطراب الساعة البيولوجية نتيجة قلة النوم وكثرة السهر على حماية الحدود، إضافة إلى أمراض متعلقة بالتهاب اللوزتين والشقيقة والصداع المزمن نتيجة أداء المهام تحت حرارة الشمس وبرد الشتاء القارس، وحتى عندما زرنا هؤلاء وجدنا أنهم لايعرفون كلمات الأعياد، ففي عيد راحة العمال،‮ ‬لايعرف‮ ‬هؤلاء‮ ‬سوى‮ ‬عيد‮ ‬الأعمال‮ ‬اليومية‮ ‬لتأمين‮ ‬الحدود‮ ‬ووقف‮ ‬نزيف‮ ‬الاقتصاد‮!‬ دعم‮ ‬تهريبي‮ ‬من‮ ‬الأمام‮… ‬ورشاوى‮ ‬من‮ ‬الخلف؟‮!‬ بحسب قائد المجموعة 18 لحرس الحدود، فإن هؤلاء جابهوا في السنوات الماضية صعوبات إضافية من طرف بعض الحراس التونسيين الذين يقومون بتصرفات معزولة وانفرادية، حيث تؤكد معطيات متوفرة لديه قيام بعضهم بتقديم معلومات للمهربين حول أماكن تواجد الدوريات الجزائرية ونقاط الكمائن وتحرك الدوريات المتحركة والراجلة، ما يوفر دعما لوجيستيكيا للمهربين الذين يستغلون تلك المعلومات الثمينة لإتمام صفقات التهريب، حدث هذا في السنوات الأخيرة، لكن ومنذ اشتبكات مصالح الأمن التونسي مع عناصر إرهابية مسلحة في حمام الأنف وقرومباليا وسلمان جنوب العاصمة تونس، والتي أكدت تواجد جماعات سلفية جهادية عقب مقتل مجموعة أشخاص وتوقيف آخرين، أصبح التونسيون يدركون حجم المخاطر المشتركة بين البلدين الشقيقين حيث ضاعفوا من الإجراءات الأمنية الصارمة والمتشددة، فقد يتسامح التونسيون مع التهريب الخفيف، لكن عندما يتعلق بالأمن والشؤون الاستراتيجية فإنهم يظهرون صرامة أكثر وهذا في فائدة الجميع، حيث يعقد الطرفان لقاءات تنسيق دورية لمعالجة الإشكالات العالقة والتفاهم باستشارة الجهات الوصية مركزيا والقيادات العسكرية والمدنية للبلدين، مثلما حدث في قضية إطلاق الحرس الوطني التونسي الرصاص ضد مهرب جزائري داخل الإقليم الجزائري، ما تطلب حضور ممثلي السفارة التونسية بالجزائر ما يعكس أجواء الحوار المفتوح والثقة المتبادلة حتى في الفترات العصيبة. كما أن الجانب التونسي يقوم برد الأشخاص الجزائريين المشبوهين إلى أوربا ولا يسمح لهم بعبور التراب التونسي والدخول إلى الجزائر حتى وإن كانت لهم أوراق إقامة إيطالية أو فرنسية بسبب « الشبهات » والهواجس الأمنية. وبغض النظر عن بعض العوائق المتحكم فيها مع الجيران، يتعرض حرس الحدود إلى عوائق داخلية يصنعها جزائريون، فغداة تنقلنا إلى مركز أولاد عباس مع دورية حرس الحدود تفاجأنا بوجود مسلك مقطوع قامت العناصر بإزالته قبل أن أعرف أن هذا من عمل بعض الفلاحين الذين يحاولون منع الدوريات القيام بمهامها بحجة « التعدي على أملاكهم الفلاحية وأحيانا بحجة الحرمة »، فيما يعكس الواقع حقائق أخرى تعكس تخوف بعض الفلاحين المهربين على مستقبلهم التهريبي. ولا تتوقف الضغوط عند هذا الحد، بل تتعداها إلى كتابة شكاوى مجهولة إلى القيادات العسكرية والمدنية ضد الأفراد بهدف إزعاجهم، دون الحديث عن « الإغراءات المادية ومحاولة إرشاء الأعوان والضباط، حيث عرض أحد مهربي الماشية بعدما حجزت عناصر مركز أولاد عباس 95 رأس غنم على رئيس المركز الضابط الشاب مبلغ 70 مليون سنتيم للتراجع عن عملية الحجز، لكن تلك المحاولة باءت بالفشل بعدما رفض الضابط الخضوع لابتزاز المهرب. وعلى نفس المنوال رفض النقيب عالم بن علي نائب قائد المجموعة رشوة بـ30 مليون سنتيم حاول تاجر مهرب قطع غيار منحها له للتراجع عن الحجز، دون أن تنجح إغراءات التاجر لرفع الحجز عن سيارة كانت تهرب 65 قطع غيار من تونس إلى الجزائر، وتعكس هذه المواقف الرجولية لعناصر المجموعة 18 حجم الشعور بالمسؤولية وخدمة الصالح العام دون البحث عن الوضع الخاص في مواقع عمل تدر الملايير لو أراد أصحابها استغلالها. وفي سياق متصل أكد قائد المجموعة أن إثارة أية شبهة خفيفة في حق الأعوان تكلفهم التحويل، فيما تسمح قرائن الشبهة بفتح تحقيق حول عملهم تفاديا للتلاعبات والمنطق الفاسد. خطة‮ ‬انتشار‮ ‬جديدة‮ ‬لاستئصال‮ ‬التهريب‮ ‬سنة‮ ‬2009 ثمة خلل استراتيجي واضح في كيفية توزيع مراكز المراقبة المتقدمة، ويبدو هنا أن الجانب الجزائري يدفع أحيانا ثمن الأخطاء الإدارية، فعدد المراكز الجزائرية المتقدمة على طول 184 كلم تبلغ 12 فقط… في حين تبلغ في الجانب التونسي 24، أي الضعف! كما تطرح طريقة توزيع المراكز نقطة ضعف واضحة؛ ذلك أن المراكز المتقدمة في الجانب الجزائري تقع خلف السكان الجزائريين المقيمين في الشريط الحدود في وقت كان المفروض أن تكون المواقع المتقدمة أمام السكان لا خلفهم، هذه الملاحظة « الغريبة » لا أثر لها لدى الجانب التونسي الذي تقع كل مراكزه المتقدمة أمام السكان لا خلفهم وقد خلفت الوضعية الجزائرية الشاذة التي خلفت نقطة فراغ في المنطقة التي لايجب أن يكون بها فراع عدة تعليقات، وفهمت أن هذه الوضع الشاذ تحكمت فيه معطيات أمنية خلال مرحلة الإرهاب، حيث وزعت هذه المراكز بحسب الحاجة الأمنية الملحة آنذاك وما تتطلبه خطة مكافحة الإرهاب، ولتدارك هذا النقص والثغرات ثمة خطة انتشار جديدة بدأت منذ عدة سنوات وستكون جاهزة سنة 2009 من خلال الانتهاء من إنجاز مراكز متقدمة إجبارية عند نهاية آخر خط من الشريط الحدودي ليكون السكان وراء الظهر وليس أمام العين، كما سيتم رفع عدد المراكز إلى اضعاف للتحكم في « النقاط الرمادية » أي الأماكن غير المؤمنة بشكل جيد عند الشريط الحدودي. وفي انتظار ذلك، يؤكد قائد المجموعة رقم 18 لحرس الحدود أن نسبة النجاح وتغطية مهام الحراسة الحدودية تفوق 70٪، في انتظار أن تساهم إصلاحات إدارية تخص معالجة ملف البطاقية الوطنية للفلاحين والموالين للحد من تهريب رؤوس الماشية والمازوت والبنزين؛ ذلك أن مصالح حرس الحدود من الأفضل تنظيم الفوضى بدل تسيير تبعات الفوضى الإدارية المنظمة »… فيما يأمل سكان هذه المناطق الاستفادة من برنامج وطني خاص لتنمية هذه المناطق الاستراتيجية‮ ‬الحساسة،‮ ‬ثمة‮ ‬نظرية‮ ‬استراتيجية‮ ‬تقول‮ ‬إن‮ ‬قوة‮ ‬المناطق‮ ‬الاستراتيجية‮ ‬توفر‮ ‬قوة‮ ‬واحدة‮ ‬للدولة،‮ ‬أما‮ ‬ضعف‮ ‬المنطقة‮ ‬الاستراتيجية‮ ‬يوفر‮ ‬ضُعفين‮ ‬وخطرين‮ ‬اثنين‮ ‬لا‮ ‬خطرا‮ ‬واحد‮ ‬على‭ ‬الدولة‮!‬ طاهر‮ ‬حليسي (المصدر: صحيفة صحيفة « الشروق » الجزائرية الصادرة يوم 2  ماي 2007) http://echoroukonline.com

 


حاجة رويال الى الوسط لهزيمة ساركوزي

توفيق المديني
في ظل نظام مؤسسات الجمهورية الخامسة، المعززبانعكاس روزنامة الانتخابات(التشريعية تعقب إجباريا الرئاسية)، تعتبر معركة قصر الإليزيه أم   كل المعارك الانتخابية.والحال هذه،يتركز انتظارفرنسا على هذا  الاستحقاق، كماعلى الشخصيات القادرة على الفوزبه. ويعتبر هذا الانتظار قويا جدا بالنظر إلى الأسئلة الثقيلة  التي تنخرالمجتمع الفرنسي ( النقاش حول « الجمود »،القوة المطالبة بالتغيير في مجتمع بات يخشى أن يفقد مكاسبه الديمقراطية و الاجتماعية،وتسلط مسألة الهوية، و تعطل المصعد الاجتماعي)، و التي لم تجد أجوبة واضحة .
تقليديا ،كانت حكمة  الاستحقاقات الرئاسية في فرنسا،تريد أن تكون الدورة الأولى فرصة للإختيار بين المرشحين ، أما الدورة الثانية ، فتكون مناسبة لإقصاء واحد من  المرشحين. أما في هذه الانتخابات الرئاسية  ، فقد جرى العكس تماما. إذ كانت الدورة الأولى مناسبة لإقصاء عدد كبير من المرشحين ، فيما أصبحت الدورة الثانية التي ستجري يوم الأحد 6 أيار/ مايو المقبل فرصة للإختياربين مشروعين . 
و بصرف النظر عن حالة الغموض التي سيطرت على مجريات الحملة الانتخابية ، فإن المشروع الوحيد الذي يجابه مشروع نيكولا ساركوزي ، و يرتكز على قوة سياسية قادرة على الحكم  ، هو مشروع سيغولين رويال . بيد أن الحسم لا يزال بعيدا  عن متناول أيّ من مرشحي الانتخابات الرئاسية الفرنسية، بانتظار ما ستظهره استطلاعات الأيام المقبلة، ولا سيما بعد المناظرة المرتقبة بين نيكولا ساركوزي وسيغولين رويال الأربعاء 2مايو الجاري،التي عادة ما تحدد هوية الفائز في الدورة الثانية. كل هذا يشكل مادة دسمة للفرنسيين الذين ينتظرون بفارغ الصبر « المناظرة التلفزيونية » المرتقبة ، والمتوقع أن تمثّل تحولاً في مسار الخط الأخير قبل الوصول إلى الإليزيه؛ إذ ينتظر المراقبون أن تكون المناظرة بمثابة « صراع جبار » حامي الوطيس بين شخصيتين قويتين، وأن تحوي من « الإثارة والصدامات » ما يجعلها تنافس أفضل برامج الـ « تيلي رياليتي »، حيث يكون التشديد على نفسيات « المشاركين » وشخصياتهم وسرعة بديهتهم وتفننهم بالتراشق الكلامي وبإخراج الجمل القاتلة.
 فقد سبق فوز ميتران في الدورة الثانية لانتخابات العام ,1981 تفوقه في المناظرة على جيسكار ديستان. وقبل أن يدخل جاك شيراك سبعة أعوام إلى الإليزيه في العام 1995 كان قد سحق خصمه الاشتراكي ليونيل جوسبان أمام الكاميرات، قبل أن يستكمل نصره التلفزيوني بنصر في صناديق الاقتراع. بعد أن استفادت  المرشحة الاشتراكية من انضمام  كل مرشحي اليسار الأنتي ليبرالي الذين حصلوا مجتمعين على 9%  في الدورة الأولى ،متراجعين عن الانتخابات الرئاسية في عام 2002، عندما حصلوا على 13،8%،و الذين رفعوا شعار « أياً كان إلا ساركوزي » منذ بداية الحملة الانتخابية،تخوض سيغولين رويال معركة كسب ناخبي الوسط السبعة ملايين الذين صوتوا لمصلحة مرشح  الوسط  فرانسوا بايرو ، باعتبارهم  سيلعبون دورا كبيرافي لعبة الأيام الأخيرة. واستطاعت سيغولين رويال أن « تشد بايرو » لمناظرة تلفزيونية قبل أيام وظهرت كأنها « مرشحة الانفتاح على الآخرين »، في حين أن نيكولا ساركوزي رفض « السجال مع الخاسر ».ولم تفعل سيغولين روايال سوى تمثل أسلوب فرانسوا ميتران .
أمام هذه الاستفادة ، كشفت رويال للمرة الأولى في تصريح لصحيفة « لوموند » الفرنسية يوم الاثنين الماضي ، عن احتمال أن تكلف برئاسة حكومتها الأولى الاشتراكي دومينيك شتراوس خان، وهو وزير الاقتصاد السابق، وزعيم الجناح الديموقراطي الاجتماعي ـ اليميني ـ في الحزب الاشتراكي، وهي رسالة واضحة لناخبي الوسط الذين يعتبرون شتراوس كان، قريباً جداً من مرشح الوسط فرانسوا بايرو، وقد يرفع ذلك من حصتها بين السبعة ملايين ناخب الذين اقترعوا لبايرو في الدورة الأولى، والذين تقول الاستطلاعات إن 60 في المئة منهم قد اختاروا سيغولين رويال، فيما اختار 30 في المئة نيكولا ساركوزي. هذه القاعدة  التي اختارتها سيغولين رويال هي أيضا قديمة قدم الانتخابات الرئاسية.فمنذ عام 1965، كان كل مرشح اشتراكي يصل إلى الدورة الثانية ، يحاول ، لكي يفوز في الدورة الثانية ، أن يحصل على دعم ناخبي الوسط.في عام 1965، عندما وصل فرانسوا ميتران  إلى الدورة الثانية بوصفه مرشح الاشتراكيين و الشيوعيين ، بحث في كسب قسم  من ناخبي جان لوكانييه. و في عام 1974،عندما كان فرانسوا ميتران مرشحا وحيدا للحزب الاشتراكي و الحزب الشيوعي، عمل الشيء عينه لجلب ناخبي جاك شابان دالماس.
هاتان المحاولتان من « التحريض « الانتخابي لم تحققا اختراقا إلى غاية عام 1981، عندما يسّر جاك شيراك سرا فتح أبواب قصر الإليزيه لفرانسوا ميتران ، فاتهمه جيسكار ديستان آنذاك مرشح اليمين التقليدي أنه ارتكب « خيانة متعمدة ».
لكي تبرهن سيغولين رويال عن حريتها إزاء حزبها الاشتراكي ، فقد اختارت الانفتاح على الوسط بدعم قوي من كبار بارونات الحزب الاشتراكي  ميشال روكار، وبرنار كوشنر، ودومنيك شتراوس خان . صحيح أن فرانسوا بايرو لم ينضم إلى تحالف مع رويال ، لكنه انتقد بشدة ساركوزي. و هناك توافق في المصالح بين ساركوزي و بايرو. فرويال كانت تبحث من خلال  اللقاء مع بايرو  تبادل الأفكار لتحديد النقاط المشتركة، إذ قالت إنها لا تنتظر منه أن « ينضم إليها في نهاية اللقاء »، الذي « يسمح بالعمل معاً لنهضة فرنسا ». وقد وافقها بايرو على وجهة النظر هذه.
منذ مؤتمر إيبيناي عام 1971، عندما كان فرانسوا ميتران متحالفا مع الشيوعيين ،  والحزب الاشتراكي يحاول أن يجسد القطيعة مع الماركسية، على غرار بقية الأحزاب الاشتراكية الديمقراطية الأوروبية. الآن تتمتع سيغولين رويال بهامش من الحرية بوصفها مرشحة للانتخابات الرئاسية، فقد استطاعت أن تكسر عدة طابوات ، كان الحزب الاشتراكي يرفض التحرر منها،و هي الآن شرعت في بلورة خط جديد اشتراكي – ديمقراطي إصلاحي  يقف  بين فرانسوا ميتران و طوني بلير، الاشتراكية –الليبرالية و مناهضة العولمة. ومهما كانت نتيجة 6 مايو ، فإن الحزب الاشتراكي لن يعود إلى نقطة البداية. (   المصدر : صحيفة الخليج رأي ودراسات  بتاريخ 1 ماي 2007  )  

تركيا العدالة والتنمية: نيسان أقسي الشهور

د. بشير موسي نافع بدا الأمر كأنه نكتة سمجة عندما أعلن زعيم حزب الشعب الجمهوري(CHP ) دينيز بايكال أن نواب حزبه سيقاطعون جلسة البرلمان الخاصة بانتخاب رئيس جديد للجمهورية، مهدداً بأنه سيطعن في شرعية الانعقاد البرلماني أمام المحكمة الدستورية إن فشل حزب العدالة والتنمية (AK ) في حشد ثلثي النواب في قاعة المجلس.
ولكن هذا ما حدث بالفعل؛ وهو ما أدخل تركيا أزمة سياسية ودستورية لم تشهدها منذ أسقط الجيش حكومة إربكان ـ تشيلر الائتلافية في صيف 1997 بمزيج من الضغوط العسكرية غير المباشرة وشراء ذمم النواب. ولكن بايكال، الذي يحسب حزبه ممثلاً لليسار العلماني الراديكالي، لم يستطع تحقيق هدفه بدون تعاون مفاجئ ومستغرب من حزبي اليمين المحافظ، الطريق القويم (DYP)، الذي يرأسه محمد آغار، والوطن الأم (AVAVATAN)، الذي يرأسه إركان مامجو. في انتهازية سياسية من الطراز الأول، قرر الحزبان اليمينيان، اللذان يتمتعان بتمثيل برلماني صغير ولكنه مؤثر، الاصطفاف إلي جانب خصمهما السياسي والأيديولوجي، الشعب الجمهوري، ومقاطعة جلسة انتخاب الرئيس. ويعتقد أن الرئيس السابق، السياسي اليميني المحافظ، سليمان ديميريل كان أحد مخططي الأزمة، يحركه طموح جامح للعودة إلي قصر الرئاسة. في خضم الفوضي التي سادت افتتاح الجلسة بعد ظهر الجمعة 27 نيسان (أبريل)، تضاربت الآراء في البداية حول عدد النواب الحاضرين، ولكن سرعان ما أصبح واضحاً أن الحضور لم يتجاوز 363 نائباً، وهو ما يعني أن عدداً من نواب أحزاب المعارضة رفض الانصياع لقرار المقاطعة، ولكن هذا العدد لم يكن كافياً للوصول إلي رقم 367 السحري، رقم ثلثي أعضاء البرلمان.
المشكلة التركية الدستورية يمكن تلخيصها في التالي. يجادل بايكال، وقادة أحزاب المعارضة الأخري، أن الدستور ينص علي أن جلسة انتخاب الرئيس لا تعتبر شرعية إلا بحضور ثلثي أعضاء المجلس، بينما يقول قادة حزب العدالة والتنمية الحاكم، بما في ذلك رئيس البرلمان بولنت أرينتش، أن الجلسة يمكن أن تعقد كأي جلسة عادية بثلث الأعضاء، ولكن انتخاب الرئيس لا يتم في جلستي التصويت الأولي والثانية إلا بثلثي الأصوات. إن فشل أي من المرشحين للرئاسة في الحصول علي ثلثي الأصوات في الجلستين الأولي والثانية، يتفق الجميع علي أن أغلبية بسيطة (أي 276 صوتاً) تكفي لانتخاب الرئيس. مرشح العدالة والتنمية، وزير الخارجية الحالي عبد الله غول، هو المرشح الوحيد للرئاسة؛ وكما كان متوقعاً لم يحصل في جلسة التصويت الأولي إلا علي 357 صوتاً، وهو ما يقل عن ثلثي الأصوات بقليل، ويستدعي بالتالي عقد جلسة ثانية للمجلس، وربما ثالثة، لإعادة التصويت. ولكن الاستمرار في العملية أصبح محل شك. النص الدستوري المتعلق بشرط الثلثين هو نص يكتنفه الغموض، وهذا ما دفع بايكال وحزبه إلي رفع الأمر للمحكمة الدستورية للفصل بين الرأيين. وبينما كانت التوقعات تتضارب حول ما يمكن أن يكونه قرار المحكمة المشكلة من 11 قاضياً، فوجئ الأتراك، شعباً وقوي سياسية، بتطور جديد.
بعد منتصف ليلة 27 ـ 28 نيسان (ابريل)، أي بعد ساعات من انفضاض جلسة البرلمان وذهاب حزب الشعب باعتراضه علي شرعية الجلسة إلي المحكمة الدستورية، وضعت قيادة أركان الجيش بياناً علي الموقع الإلكتروني الخاص بالقوات المسلحة. البيان، الذي ندد بما سماه تزايد النشاطات الدينية المتطرفة في الأناضول، أكد علي أن الجيش هو حارس النظام العلماني في البلاد، وأنه يراقب بقلق الجدل حول انتخاب رئيس جديد، ولن يتردد في إعلان موقفه، قولاً وفعلاً، من العملية في الوقت المناسب. ولم يكن خافياً أن بيان الجيش يحمل تهديداً للعدالة والتنمية، وأن قيادة الأركان، صاحبة انقلاب 1997 ما بعد الحداثي، تحاول هذه المرة، وفي اتساق مع روح العصر ربما، انقلاباً إلكترونياً. في صباح اليوم التالي، حرصت قيادة العدالة التنمية علي الحفاظ علي هدوئها؛ وبعد جلسة للحكومة، ترأسها الطيب رجب أردوغان، خرج وزير العدل والناطق باسم الحكومة في تصريح يؤكد علي أن بيان الجيش هو أمر غير مقبول في نظام ديمقراطي، وأن الجيش يخضع لقرار الحكومة المنتخبة ولا يمكن للحكومة قبول تهديدات من أحد. ولم يتردد أردوغان بعد جلسة الحكومة في الاتصال التليفوني برئيس الأركان، يشار بيوك – أنيت، للإعراب له عن امتعاض الحكومة ورفضها الصيغة والطريقة اللتين صدر بهما بيان الجيش. ممثل الاتحاد الأوروبي في أنقرة، والناطق الرسمي الأمريكي، أدليا أيضاً بدلوهما وطالبا قيادة الجيش عدم التدخل في العملية السياسية. ولأن رؤساء أحزاب المعارضة استشعروا الغضب الشعبي تجاه ضغوط الجيش السافرة علي الحكومة، فقد اعلن الواحد منهم تلو الآخر أن لا علاقة لموقفه من الانتخابات الرئاسية ببيان الجيش.
أكتب هذه المقالة من مدينة اسطنبول، التي يلفها قلق واضح، قبل صدور قرار المحكمة الدستورية. ولكن ثمة قليلا من الشك في أن القرار سيصدر لصالح المعارضة. أولاً، لأن أغلب قضاة المحكمة معين من رئيس الجمهورية الحالي، نجدت سيزار، أحد أعتي الأصوات العلمانية المعارضة للحكومة، والذي لم يخف تحريضه الجيش علي التدخل خلال الأسابيع القليلة الماضية. وثانياً، لأن المحكمة لابد أن تستجيب لبيان الجيش، الذي لم تخطئ قيادة العدالة والتنمية وصفه بمحاولة التأثير علي قرار المحكمة. إن فاجأت المحكمة التوقعات وجاء قرارها لصالح تفسير العدالة والتنمية للدستور، فالأرجح أن تمضي عملية انتخاب غول إلي نهاياتها، مهما كانت العواقب. ثمة رأي عام تركي، حتي في صفوف رجال الأعمال والأكاديميا والقطاع الأوسع من الصحافة والإعلام، يريد للحكومة أن تقف موقفاً صلباً من ابتزاز النخبة العلمانية الراديكالية وقيادة الجيش المتكرر، النخبة التي تري الشعب التركي عبيداً لها، والتي تهدد الاستقرار السياسي والاقتصادي الكبير الذي حققته حكومة العدالة والتنمية. وبالرغم من مظاهرتي القوي العلمانية الحاشدتين في أنقرة واسطنبول، والتي ضمت الثانية منهما زهاء مائتي الف، فالجميع يعرف أن بإمكان العدالة والتنمية، إن أراد، حشد مظاهرات مليونية بالفعل في عدة مدن تركية. أغلبية الشعب وضعت ثقتها في قيادة العدالة والتنمية، التي سيرت شؤون البلاد طوال خمس سنوات بكفاءة نادرة.
ولكن إن صدقت التوقعات وجاء قرار المحكمة موافقاً لتفسير المعارضة فإن المستقبل مفتوح علي الاحتمالات. بين هذه الاحتمالات، أن تسحب الحكومة مرشحها ويفتح الباب من جديد للتقدم بمرشحين للرئاسة، بحيث يطرح العدالة والتنمية مرشحاً أقل مدعاة للمعارضة والجدل. الاحتمال الآخر أن تحل الحكومة البرلمان وتدعو لانتخابات مبكرة في اب (أغسطس) علي الأرجح، بدلاً من الموعد المقرر في تشرين الثاني (نوفمبر). في الحالة الثانية، سيحتل رئيس البرلمان المتشدد بولنت أرينتش، والذي يعتقد أنه الذي دفع إلي ترشيح غول، موقع الرئاسة عندما يفرغ الموقع بنهاية فترة الرئيس الحالي في منتصف ايار (مايو). وقد بات من المؤكد أن العدالة والتنمية سيعزز موقعه في الانتخابات القادمة؛ مما يعني أن موقفه في انتخابات الرئاسة بعد انعقاد البرلمان الجديد، مهما كان مرشحه عندها، سيكون أكثر قوة. الانتخابات المبكرة ستكون في الحقيقة أقرب إلي الاستفتاء الشعبي علي العدالة والتنمية وعلي الرئاسة في وقت واحد، وليس هناك شك، حتي في الأوساط العلمانية الراديكالية المعارضة، أن العدالة والتنمية قد كسب التعاطف الشعبي في هذه الأزمة. وقوع انقلاب عسكري سافر، لا الضغوط الإلكترونية المعنوية وحسب، ما يزال أمراً محتملاً؛ ولكن الأرجح أن الجيش لن يلجأ إلي هذا الخيار. الجيش التركي في وضعه الحالي لا يحب الأوروبيين ولا الأمريكيين، لأسباب عديدة تتعلق بشروط الوحدة الأوروبية، التي تضعف نفوذ الجيش في الحياة السياسية، وبالسياسة الأمريكية في العراق، التي تهدد أمن تركيا القومي. وقيادة الجيش لن تنصاع لنداءات الأوروبيين والأمريكيين. ولكن الجيش يعرف علي وجه اليقين أن الشعب التركي لم يعد لديه مزيد من الصبر علي تدخلات الجنرالات المتكررة في شؤون الحكم، وأن الانقلاب قد يفجر حالة من الغضب والعنف غير مسبوقة في تاريخ تركيا الحديث، في وقت يعصف الغضب والعنف بكل الجوار التركي. من ناحية أخري، هناك مؤشرات عديدة علي أن قيادة الجيش غير متفقة علي نهج التدخل الانقلابي، وأن قطاعاً ملموساً من كبار الضباط لا يريد إدخال الجيش في اللعبة السياسية من جديد، وهؤلاء لن يذهبوا أبعد من دعم ضغوط معنوية علي السياسيين، مثل البيان الإلكتروني الأخير.
بيد أن من الضروري رؤية القوي الأعمق التي أدت إلي انفجار هذه الأزمة. ثمة من يعتقد أن العدالة والتنمية تسرع في طرح شخصية مثل عبد الله غول لمنصب الرئاسة. إن كان العدالة والتنمية أراد بترشيح غول امتصاص الضجيج الذي أثاره احتمال ترشح أردوغان للمنصب فقد أخطأ الحساب؛ فشخص وتاريخ وزير الخارجية لا يقلان إثارة للجدل من رئيس الوزراء. كما أردوغان، جاء غول من صفوف حزب الرفاه، ومثله أيضاً تضع زوجته غطاء الرأس (أو الحجاب، كما هو شائع). بل أن السيدة خير النساء غول كانت قد تقدمت بشكوي لمحكمة حقوق الإنسان الأوروبية ضد قرار الحكومة التركية منع المحجبات من الأماكن الرسمية العامة، ولم تسحبها إلا عندما تولي زوجها وزارة الخارجية وأصبحت الشكوي محرجة للطرفين، الزوج والزوجة. الأولي، يقول أصحاب هذا الرأي، كان أن يتقدم الحزب بمرشح ديمقراطي، يتفق مع العدالة والتنمية في مجمل توجهاته، ولا يثير سجله أو نمط حياته عداء القوي العلمانية، التي تستشعر التراجع والخسارة. طريق المصالحة الديمقراطية السلمية بين الدولة التركية الحديثة ودين الشعب، وبناء علمانية محايدة، غير تبشيرية وغير تدخلية، لم يقطع بعد شوطاً كافياً يسمح بوصول أمثال عبد الله غول وزوجته لقصر الرئاسة. هذا، مع العلم أن القول بأن زوجة غول ستكون أول سيدة أولي ترتدي الحجاب هو قول غير صحيح؛ فقد احتلت زوجة مصطفي كمال أتاتورك قصر الرئاسة وهي ترتدي الحجاب، وظلت كذلك إلي وفاتها. من ناحية أخري، يصعب علي المراقب للشأن التركي تجاهل واحدة من أهم حقائق الحياة السياسية التركية الحالية، الحقيقة التي لم يستطع تجاهلها حتي معلق رئيسي في صحيفة حريات العلمانية: ففي حين قدم العدالة والتنمية الدليل تلو الآخر علي أنه قطع شوطاً كبيراً في طريق التغيير وإعادة قراءة الشأن التركي، منذ ولد من لحظة الأزمة والطريق المسدود الذي واجهه حزب الرفاه، فإن النخبة العلمانية التركية، السياسية والعسكرية والبيروقراطية، لم تتغير قيد أنملة. تبني حكومة العدالة والتنمية منذ خمس سنوات تركيا جديدة من الازدهار والنمو والاستقرار، تركيا المتصالحة مع نفسها والتي تنظر لنفسها وينظر لها العالم باحترام بالغ، بينما ترفض النخبة العلمانية التخلي عن طرائق التخويف والتهديد والابتزار والاستهتار بإرادة الشعب.
منذ زرت تركيا للمرة الأولي في مطلع التسعينات، لم ألحظ ملامح الناس في اسطنبول، كبري مدن الجمهورية ومستودع تاريخ شعبها وضميره، كما لاحظتها في الشهور القليلة الماضية. هذه تركيا في أفضل حالاتها منذ انهيار الإمبراطورية، تركيا ناهضة، تشع بالتفاؤل. ومهما كانت نتائج هذه الأزمة، فليس لدي شك في أنها ستنتهي، آجلاً أو عاجلاً، لصالح الشعب التركي.
(المصدر: صحيفة  » القدس العربي » (يومية – لندن) الصادرة يوم 3 ماي 2007)


Home – Accueil الرئيسية

Lire aussi ces articles

11 avril 2005

Accueil TUNISNEWS 5 ème année, N° 1787 du 11.04.2005  archives : www.tunisnews.net قدس برس: الرئيس الأسبق لحركة النهضة التونسية

En savoir plus +

21 août 2009

Home – Accueil   TUNISNEWS 9 ème année, N° 3377 du 21.08.2009  archives : www.tunisnews.net   OLPEC: Les autorités orchestrent un

En savoir plus +

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.