الخميس، 28 أغسطس 2008

Home – Accueil

TUNISNEWS
8 ème année,N°3019 du 28.08.2008
 archives : www.tunisnews.net 


 

الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين : البوليس السياسي يستبيح مدينة بنزرت..!  سليم بوخذير : عندما أعادت لي الحكومة بطاقة الهويّة : بيان حزب العمل الوطنيّ الديمقراطيّ : نشرة الكترونيّة عدد 66 –

الحزب الديمقراطي التقدمي : مشاهد من معاناة أهالي ولاية قابس (2)

الصباح : حركة الديموقراطيين الاشتراكيين:هل يحسم الخلاف حول توزيع بعض الحقائب في المكتب السياسي بالتوافق؟

عبدالحميد العدّاسي : متّى يتّخذ السجّان التونسي ربّ التونسيين إلاها!؟

عبدالعزيز عقوبي شرف الدين: رسالة مفتوحة إلى وزير العدل و حقوق الإنسان:عريضة في طلب فتح تحقيق

كلمة : من تحف صحافتنا الوطنيّة (4) أحمد الصغير : التغييرات الاجتماعية في تونس

الصباح : التأشيرة إلى أوروبا: تعقيدات جديدة

رويترز : فقد 5 مهاجرين قبالة سواحل تونس

الحوار.نت : سـواك حـار (92)

محمد شمام : فشل خطة استئصال مسيرة النبوة ثم انفراج وانفتاح الآفاق

الشاذليّ العيّادي :   الكل يَضْرب و المُتلقيّ واحد : خطورة المخابرات التخاطريّة

الشاذلي العيّادي : إلى السيد أبوجعفر لعويني

أبوجعفرلعويني : الجواب الأجدر على مقال يوسف الأخضر: تطوير خطاب الحركة الاسلامية في تونس

محمد العروسي الهاني : إلى عناية سيادة رئيس الجمهورية بمناسبة حلول شهر رمضان المعظم أكتب بكل شرف ونخوة


(Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe Windows (

(To readarabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows)

اسماء السادة المساجين السياسيين من حركة النهضة الذين تتواصل معاناتهم ومآسي عائلاتهم وأقربهم منذ ما يقارب العشرين عاما بدون انقطاع. نسأل الله لهم  وللمئات من الشبان الذين تتواصل حملات إيقافهم منذ أكثر العامين الماضيين فرجا قريبا عاجلا- آمين 

1-الصادق شورو

2- ابراهيم الدريدي

3- رضا البوكادي

4-نورالدين العرباوي

5- الكريم بعلوش

 

6-منذر البجاوي

7- الياس بن رمضان

8-عبد النبي بن رابح

9- الهادي الغالي

10- حسين الغضبان

11-  كمال الغضبان

12- منير الحناشي

13- بشير اللواتي

14-  محمد نجيب اللواتي

15- الشاذلي النقاش

16- وحيد السرايري

17-  بوراوي مخلوف

18- وصفي الزغلامي

19- عبدالباسط الصليعي

20- الصادق العكاري

21- هشام بنور

22- منير غيث

23- بشير رمضان

24- فتحي العلج 


 » أطلقوا  سراح جميع المساجين السياسيين “ “الحرية للصحفي المنفي في وطنه عبدالله الزواري“ الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين 43 نهج الجزيرة تونس aispptunisie@yahoo.fr e-mail   تونس في 27 أوت 2008                                         

البوليس السياسي يستبيح مدينة بنزرت..!

تتصاعد يوما بعد يوم وتيرة الانتهاكات و الاختطافات التي تشهدها مدينة بنزرت و بدلا من مراجعة السياسة الأمنية القائمة على ترهيب الشباب و مضايقة النشطاء و الدوس على القانون ، شهد مسلسل استهداف النشطاء الحقوقيين فصلا جديدا باختطاف عضو الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين طارق السوسي  بعد  أن حاصرت مقر إقامته مجموعة من أعوان البوليس السياسي عمدوا إلى اقتحام المنزل بعد  تحطيم الباب و بعثرة الأثاث و ترويع العائلة ، و قد شهد صباح اليوم 27 أوت 2008 اختطاف الشاب نور الحق بن الشيخ الذي سبقت محاكمته و استرد حريته بعد فترة من الإيقاف . و رغم الحرج الذي تجده الجمعية في التنبيه إلى الحملة التي تستهدفها ( محاكمة العضو المؤسس عثمان الجميلي وعضو الهيئة المديرة فوزي الصدقاوي و خالد بوجمعة ، انتهاء باختطاف طارق السوسي ) اعتبارا لتصاعد الحملة التي طالت جميع النشطاء دون استثناء (السيد محمد الهادي بن سعيد عضو الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان فرع بنزرت والذي يقضي حالياً عقوبة بشهرين سجن نافذة، وقبل ذلك إيقاف السيد علي الوسلاتي عضو الرابطة فرع بنزرت أيضاً ومحاكمته بثلاثة أشهرسجن مع التأجيل  ).. و تسلطت على أغلب مكونات المجتمع المدني ، فإنه من الواضح أن فرع بنزرت للجمعية مستهدف بحملة ترهيب و تخويف ..لاسيما وأن التهمة المقترحة هذه المرة ،بعد إحالة السيد طارق السوسي على القضاء ، وفق ما بلغ إلى علم الجمعية، هي:« نشر أخبار زائفة » و إذ تجدد الجمعية تنديدها بعمليات الاختطاف التي لم تعد تستثني النشطاء الحقوقيين و شهدت تصعيدا خطيرا في مدينة بنزرت التي يراد لها أن تكون مدينة  » انتهاكات دون شهود  » ، فإنها تطالب بالإفراج الفوري عن المناضل و السجين السياسي السابق طارق السوسي و تعتبر أن  أي اتهامات قد توجه له   هي اتهامات باطلة و كيدية و أن السبب الحقيقي لاختطافه هو ، فضلا عن نشاطه الحقوقي الدؤوب صلب الجمعية ، مداخلته في النشرة المغاربية لقناة الجزيرة يوم 26 أوت 2008 بخصوص ..الاختطافات بمدينة بنزرت .. ! .. مع كل اعتداء جديد على ناشط حقوقي ..مع كل  محاكمة كيدية جديدة ..مع كل منع  » اعتباطي  » من السفر..مع كل ترهيب قضائي..أو ضريبي..أو بوليسي جديد.. : رسالة واضحة و صريحة.. لكل النشطاء  .. : اخرسوا .. ! و بنفس القدر من الوضوح و الصراحة تكون الإجابة : سنواصل فضح الانتهاكات و تعرية الجلادين ..مهما كان الثمن .. !   عن الجمعية   الرئيس الأستاذة سعيدة العكرمي

عندما أعادت لي الحكومة بطاقة الهويّة بيان

القلم الحرّ سليم بوخذير :   أخيرا ردّت الحكومة على نداءات عدد من المنظمات الدوليّة والوطنيّّة على مطالبتها بإعادة بطاقة هويّتي التي صادروها لي منذ إعتقالي في 26 نوفمبر 2007 و بمنحي جواز سفري المحروم منه منذ سنوات .  ولأنّها حكومة وفيّة لطريقتها الخاصّة جدّا في الردّ على مطالبات المواطنين بحقوقهم ، فقد إختارت أن لا توجّه لي بطاقة هويّتي بالطرق القانونيّة التي تحرّر فيها محضر تسليم رسمي يسجّل في أوراق رسميّة بشكل يثبت لي أنّ بطاقة الهويّة صُودرت لي منذ تاريخ إعتقالي بغير وجه حقّ  .  و إنّما بطريقة أخرى منسجمة تماما مع تقاليد هذه الحكومة ، ففي ظهر اليوم الأربعاء 27 أوت 2008 حضر إلى منزل والدتي شخص مجهول بزيّ مدنيّ مُدّعيا أنّه عون أمن طالبا من والدتي مقابلتي بدعوى « تسليمي بطاقة هويّتي » .  و حين قابلته فوجئت أنّه يرفض الإدلاء بهويته ولا يحمل زيّا نظاميّا ويرفض تسجيل محضر رسميّ في تسليمي بطاقة هوّيتي وفجأة حضر من ورائه مجهول ثان بزيّ مدني أيضا للطلب نفسه .  و حين أصريت على تسلّم بطاقة الهويّة عن طريق محضر رسمي .  غادرا و عاد أحدهما بعد دقائق خُفية .. نعم خُفية و رمى ببطاقة هويتي في شبّاك منزل شقيقي غير مكتمل البناء و رغم نداءات والدتي له بالتوقّف عن الدخول من غير إذن ، فقد رمى بطاقة الهويّة وفرّ مُسرعا إلى سيارة بيضاء كانت متخفّية خلف سياج البستان لتُسرع السيارة إلى إتجاه غير معلوم .  هكذا وصلتني من حكومة جمهوريّة الغد (وما بعد الغد) بطاقة هويّتي ، و أنا لن أُعلّق (..) . و لكنّي أذكّر الحكومة المُوقّرة أن المجهول الذي أرسلتموه لي رمى لي بطاقة الهويّة فقط في الشبّاك  وأمّا جواز السفر فلا ، فهل  عليّ أن أبحث جيّدا تحت أشجار بستان والدي علّه تركه هناك و أنا لم أنتبه أم خلف الجدران أم فوق السقف أم أين تحديدا ؟، أم أنّكم يا ترى قرّرتم إرسال جواز السفر لي ليلا مع بابا نوال مثلا في ديسمبر القادم وعليّ إذن أن أبحث عنه قرب السرير من الغد ….  أنا في الإنتظار … صفاقس في 27 أوت 2008 * القلم الحرّ سليم بوخذير


 

حزب العمل الوطنيّ الديمقراطيّ

نشرة الكترونيّة عدد 66 – 28 أوت 2008

تونس-شهداء: دُفن الشهيد التونسي « مقداد بن عبد الله الخليفي » في مقبرة مدينة « سبيطلة » مسقط رأسه بالوسط الغربي يوم 24/08/08. وهي آخر رفات من جملة رفات الشهداء التونسيين الذين وقع تبادلها بين حزب الله والكيان الصهيوني. توفي الشهيد يوم 27/11/1990 أثناء عملية فدائية ضد جيش الإحتلال الصهيوني جنوب لبنان (شبعا)… تجمٌع عدد كبير من المواطنين بالمقبرة ثم بمقرّ النقابات العمالية (الإتحاد المحلي للشغل)، ونوهوا بالمقاومة والتصدي للإحتلال. حضر موكب الدفن السيد « أنور اللجمي » والد الشهيد بليغ اللجمي. يعلن حزب العمل الوطنيّ الديمقراطيّ وقوفه إلى جانب عائلات الشهداء الذين ضحوا من أجل فلسطين ويقف إجلالا لكل شهداء القضايا العادلة.
تونس-حريات نقابية: أمضى مئات النقابيين عريضة تنديد بممارسات سلطات الإشراف ضد نقابيي التعليم الأساسي والثانوي والجامعي، حيث أحيل عدد منهم على مجالس التأديب وُوجّهت لهم إنذارات (لفت نظر). وتدخل هذه الممارسات في باب التضييق على النقابيين وعلى حرية العمل النقابي، ويعلن الممضون مساندتهم لزملائهم المتضررين من هذه الممارسات الزجرية.  تونس: أصدرت « الجمعية التونسية للنساء الدٌيمقراطيات » بيانا بتاريخ 20/08/08، يندّد بالإعتقالات والإعتداءات والمحاكمات، خاصّة في الحوض المنجمي، وتعبّر الجمعية عن مساندتها لنساء وأمهات هذه المنطقة المحرومة والفقيرة، كما تعبّر عن استغرابها من إمضاء السلطة التونسية العديد من الإتفاقيات الدولية ضدّ التمييز وضدّ العنف، المسلط على النساء مثلا، دون تطبيقها… كما تعبّر الجمعية عن تضامنها مع السيدة سهام بن سدرين التي تعرّضت للإهانة والمضايقة في المطار والمنع من السفر يوم 19/08/08
تونس: ذكر « المرصد الوطني للمرور » ان عام 2007 شهد 10681 حادث مرور أسفر عن موت 1497 وجرح 14559، أي بمعدل 3 قتلى و40 جريحا يوميا، ويرتفع هذا المعدل طيلة شهري جويلية وأوت … يو. بي. آي + الشروق 22/08/08
تونس-قمع الكتروني: يشتكي عديد المواطنين المشتركين في شبكة الانترنت من تشويش وحجب لبريدهم الالكتروني، فضلا عن عدم تمكن المواطنين من الإطلاع على بعض المواقع (منها موقع حزب العمل الوطنيّ الديمقراطيّ)…بريد المئات (ربما الآلاف) من التونسيين معطل، بفعل فاعل (سياسي)، وكذلك عديد المدونات محجوبة، منها على سبيل المثال مدونة الصديق سفيان الشورابي القيمة بمواضيعها وتحليلاتها…  تونس: قام حوالي 400 من المسجونين والموقوفين بسبب قانون 10/12/08 (مكافحة الإرهاب) بإضراب عن الطعام منذ 15 أوت للمطالبة « بمحاكمات عادلة » وظروف سجن أقل قساوة… موقع « الجزيرة.نت »+ الشرق الأوسط 25/08/08
فلسطين المحتلة-غزة: نظرا للحصار المحكم من كل الجهات لجأ أهالي غزة إلى حفر الأنفاق على الحدود المصرية للتزود ببعض الإحتياجات، لكن قوات الأمن المصري عمدت إلى رش التربة حتى تنهار على رؤوس الفلسطينيين، وخلق هزات وارتجاجات (بتجهيزات أمريكية) وانفجارات لتنهار الأنفاق، ورش المبيدات والغازات السامة داخلها… مما رفع عدد قتلى الأنفاق (المعروفين) إلى 34 فلسطينيا في ظرف سنة واحدة…تجمّع أهالي ضحايا الأنفاق 23/08/08 . يعتصم  في مدينة العريش المصرية، حوالي 600 فلسطيني من غزة بقوا في الجانب المصري منذ أشهر دون التمكن من العودة لديارهم وأهلهم بسبب تطبيق النظام المصري للحصار الصهيوني، وفي الجانب الفلسطيني من غزة هناك نفس العدد تقريبا من الطلبة والعاملين الذين لم يتمكنوا من الخروج.
الصومال المحتل: منذ الإحتلال الأثيوبي (الأمريكي بالوكالة) تم تهجير مليون مواطن قسريا من ديارهم، وقتل 8 آلاف في ظرف سنتين، ومنذ بداية السنة الحالية يعيش 3,2 مليون مواطن صومالي « في حاجة قصوى وأكيدة ومستعجلة للغذاء » والماء الصالح للشراب، أي أنها مجاعة غير معلنة… إحدى المنظمات الأممية المتفرعة عن المنظمة الأممية للتغذية والزراعة، التي أنجزت هذه الدراسة المكلفة، ذكرت عددا من العوامل المتسببة في هذة الأوضاع ، و »نسيت » احتلال البلاد. عن رويترز 25/08/08
الكونغو: في الكونغو كنشاسا يضرب منذ يوم 18/08/08 أطباء الصحة العمومية (مع نظام تناوب بالقسم الإستعجالي) لنفس الأسباب التي أضربوا من أجلها في 15 يناير الماضي: الرفع في الأجور وتحسين ظروف العمل. عن النقابة الوطنية للأطباء 23/08/08 . أما في الكونغو برازافيل فإن المعلمين والأساتذة قرروا الإضراب منذ اليوم الأول للعودة المدرسية، ويتزامن ذلك مع عدد من الإضرابات في الوظيفة العمومية إذ لم تطبق الحكومة اتفاقيات سابقة ولم تدفع الأجور أو المنح لبعض الموظفين مثل أعوان الجمارك والمالية الخ.
الطوغو « تدريب على الديمقراطية »؟: في إطار « تطوير الديمقراطية وتعزيز دولة القانون »، نظمت (وموّلت) « مؤسسة كونراد ادناور » الألمانية دورة دامت 4 أيام، جمعت مدنيين وعسكريين، أحزابا وجمعيات، « ونخب المجتمع المدني، بهدف تعزيز لغة التواصل واحترام الشرعية الدستورية وقيم الجمهورية والتعاون بين النخب لحل المشاكل المطروحة على الأمة… ». منذ 1992، تنظم هذه « المنظمة غير الحكومية » (الألمانية) ندوات ومؤتمرات من هذا النوع في دول افريقيا الغربية. موقع africaengigne. 24/08/08.
كينيا: يضرب تلامذة التعليم الثانوي منذ 18/08/08 احتجاجا على إقرار العقاب البدني في الثانويات « كوسيلة بيداغوجية » وكذلك ضد اجراءات جديدة تخص مراجعة اجراء امتحانات الباكالوريا (الثانوية العامة) واعادة النظر في المواد الإجبارية والإختيارية الخ. توفي تلميذان في ظروف غامضة واعتقل ما لا يقل عن 12 تلميذا… وتزامنت هذه الإضرابات والمظاهرات مع إضراب حراس السجون لتحسين ظروف عملهم والتخفيف من الإكتظاظ الذي أدى إلى انتفاضات داخل السجون… صحيفتا « ديلي ناشيون » و » ذي ستاندارد » 22/08/08
الهند: تظاهر ملايين العاملين في الهند يوم 20/08/08 للإحتجاج على سياسة الحكومة الإقتصادية وبلوغ نسبة التضخم 12,4% (أعلى نسبة منذ 13 سنة)، والسياسة المعادية للعاملين والفئات الشعبية التي تتبعها حكومة حزب المؤتمر (وسط اليسار) الحاكم منذ ماي 2004، والذي تخلى عن مساندته 4 أحزاب « يسار » ممثلة في البرلمان… دعت لهذه الإضرابات والمظاهرات النقابات التي يسميها الصحافيون « ماركسية » عن بيان « الإتحاد النقابي » – رويترز 20/08/08
المكسيك: دعت النقابات وأحزاب اليسار إلى مظاهرة يوم 31/08/08 لمطالبة الحكومة باستعمال عائدات النفط لفائدة التنمية وتحسين الأجور والخدمات ( التعليم والصحة) وخلق مواطن شغل… المكسيك من أكبر مصدري النفط إلى الولايات المتحدة. لمحاولة إفشال المظاهرة، دعا اليمين والمنظمات (غير الحكومية؟) الممولة من الكنيسة وأرباب العمل إلى مظاهرة أخرى قبلها بساعات (ليلا) للإحتجاج على انعدام الأمن، الذي يعتبر مشكلا حقيقيا، لكن النقابيين ومناضلي اليسار هم أكثر المستهدَفين في عمليات العنف والإغتيالات التي يقدر عددها الجملي بـ5 آلاف في سنة واحدة و64 اختطافا في الشهر الواحد… عن رويترز 21/08/08
البيرو-غضب السكان الأصليين: منذ التاسع من شهر آب/أوت بدأ سكان البيرو « الهنود »، في شرق البلاد خاصة، جملة من الإحتجاجات ضد مرسومين أصدرهما الرئيس « آلان غرسيا » يبيحان خصخصة الأراضي (الغنية بالمواد الأولية) التي بقيت ملكا جماعيا لمجموعات السكان الأصليين للبلاد (قبل مجيء الأسبان والأروبيين)، ويبيحان بيعها بعد خصخصتها إلى الإحتكارات الكبرى لاستخراج المعادن واستغلالها…. في التاسع من تموز/جويلية الماضي، شنت النقابات إضرابا ب46 ساعة احتجاجا على نفس النهج اللبرالي للحكومة، وتم قمع العمّال المضربين، بشكل غير مسبوق وغير معهود… عن صحيفة « لومانيتيه » الفرنسية 21/08/08
الصين: اشترى « بنك الصين الصناعي والتجاري » المملوك للدولة، أجزاء (اسهما؟) في مجموعة بنك ستاندرد (جنوب افريقيا) وبنك سنغ هونغ (جزيرة مكاو التي عادت إلى الصيبن، بنظام خاص)، وافتتح له فروعا جديدة في نيويورك وسيدني، لأنه « يهدف إلى أن يصبح مؤسسة مالية رائدة »، حسب بيان البنك، الذي أعلن أن أرباحه بلغت 9,4 مليار دولار في النصف الأول من العام الحالي، وبذلك « أصبح أكثر البنوك ربحية في العالم »، وترك وراءه في المرتبة الثانية بنك « هيش أس بي سي » (البريطاني) الذي « لم تبلغ أرباحه سوى 7,7 مليار دولار » في النصف الأول من السنة. وكالة « سينهوا » (الصين) 25/08/08 . حادث عمل: حصل انفجار يوم 26/08/08 في مصنع للمواد الكيمياوية في « يزهو » جنوب الصين. قتل 16 عاملا وجرح 57 وتم ابعاد 11500 ساكن من المناطق المجاورة ولم يعلن عن سبب الحادث. وكالة « سينهوا » 27/08/08
صربيا: يبلغ عدد الصرب المهاجرين العاملين خارج بلادهم 3,5 مليون شخص، يحولون إلى عائلاتهم الباقية في صربيا حوالي 5 مليار دولار سنويا، أي ما يعادل 17,2% من المنتوج الداخلي الخام للبلاد. رويترز 25/08/08
من تداعيات حرب القوقاز: دعا « فيكتور يوشنكو » رئيس أوكرانيا إلى ضم بلاده بسرعة إلى الحلف الأطلسي، كما استغلت الولايات المتحدة هذه الحرب لتركيز محطات صواريخ وتجسس في بول ونيا التي يرأسها كذلك رئيس يميني موالي لها، وأرسلت أمريكا دفعة أولى تتركب من 3 سفن حربية (من جملة 6 سفن) إلى ميناء « باتومي » في جورجيا، « لتقديم مساعدة إنسانية لجورجيا » حسب الأمريكيين. أ.ف.ب. 25/08/08 ألمانيا: أعلنت شركة « دوتش تيليكوم » عن حذف 8 آلاف موقع عمل في مراكز الإتصال عن بعد (كال سنتر) وعددها 60 . منذ 2005 أطردت الشركة (أكبر مؤسسة أوروبية للإتصالات) 32 ألف عامل بدعوى « إعادة الهيكلة والضغط على المصاريف ». صحيفة « بيلد » الألمانية 21/08/08
فرنسا: قتل 10 جنود فرنسيين وجرح 21 في أفغانستان يوم 18/08/08 (22 قتيلا منذ 2002)، وبذلك علم عدد هام من الفرنسيين أن لهم جنودا في أفغانستان… في استطلاع للرأي، يطالب 55% منهم سحب القوات الفرنسية ( 59% من العمال و58% من النساء والشباب دون 30 سنة). هناك 30% من أعضاء وأنصار الحزب الإشتراكي (حسب نفس الإستطلاع) يؤيدون بقاء القوات الفرنسية في أفغانستان، و35% منهم يؤيدون ساركوزي ويمنحونه ثقتهم بخصوص هذا الملف… هناك 3 آلاف جندي فرنسي في أفغانستان، إضافة إلى قواعد عسكرية في دول مجاورة… عن صحيفة « لوباريزيان » 22/08/08 ومؤسسة الأستطلاع « سي أس آ ». في فرنسا أيضا، خسر القطاع الصناعي حوالي 10% من مواقع العمل في ظرف 5 سنوات، وأصبح لا يشغّل أكثر من 3,6 مليون أجير، بينما يشغّل قطاع الخدمات 13 مليون أجير…ولم يتطور عدد مواقع العمل المحدثة سوى بنسبة 4% بين 2002 و2007 (لا حديث عن نوعية هذه الأعمال)، بينما كانت هذه النسبة 14% ما بين 1997 و2001… يشغّل القطاع الخاص 18 مليون أجير عام 2007 … من دراسة « الوكالة المركزية للحماية الإجتماعية » (أكوس)19/08/08
بلجيكا: إثر إضرابات واعتصامات قام بها العمال المهاجرون غير المقيمين بصفة قانونية، أعلن رئيس الحكومة « إيف لوتارن » عن تسوية وضعية حوالي 10 آلاف مهاجر ممن يتمكنون من إثبات ما لا يقل عن 4 سنوات عمل متتالية، وتقدر اوساط الجمعيات الحقوقية العدد الجملي لغير الحاصلين على أوراق إقامة قانونية بـ100 ألف، وتطرد بلجيكا يوميا ما يعادل 16 مهاجرا. صحيفة « لا ليبر بلجيك » 24/08/08
بريطانيا- جريمة عنصرية: محمد الماجد، فتى من قطر، لم يتجاوز 16 سنة. ذهب إلى « هستنغس » جنوب انغلترا في دورة تدريب لمدة 6 أسابيع لتحسين مستواه في اللغة الانغليزية. اعترضه ليلة السبت الماضي 4 شبان تتراوح أعمارهم بين 17 و 20 سنة وانهالوا عليه ضربا حتى الموت، « لأسباب عنصرية » حسب بلاغ الشرطة. أ.ف.ب. 26/08/08
عولمة 1: تبلغ نسبة المنتوج الداخلي الخام للبلدان الصناعية « الغربية » 70% من المنتوج العالمي (بينما لا يقطن هذه الدول سوى 15% من سكان العالم) « بسبب احتكارها تصنيع وتصدير المنتوجات ذات القيمة المضافة العالية، واحتكار التقنيات المتطورة ونتائج البحث العلمي والإبتكارات… » نصحت « المنظمة الأممية للتجارة والتطوير » التي أصدرت هذا التقرير الدول الفقيرة « بتنويع اقتصادها وصادراتها للصمود أمام تقلبات السوق »… في البلدان الفقيرة مثل هايتي والنيبال التي هاجر مواطنوها بكثافة جراء الفقر تجاوزت تحويلات العمال المهاجرين مجموع قيمة صادرات هذه البلدان… بيان مركز الإعلام للأمم المتحدة (جنيف) إثر اجتماع اممي انعقد في « أكرا » عاصمة غانا. 19/08/08
عولمة 2 – رياضة وبزنس: أعلنت شركة « أديداس » ( أكبر شركة أوروبية للتجهيزات والمواد الرياضية) أن مرابيحها الصافية في النصف الأول من السنة بلغت 286 مليون أورو بفضل « الشراكة الرسمية مع اللجنة الأولمبية الدولية بمناسبة ألمبياد بيكين »، أما مبيعاتها في الصين فقد زادت بنسبة 60%، وافتتحت في بيكين أكبر مغازة لها في العالم (3آلاف متر مربع). أما نقاط البيع فكان عددها في الصين 4800 وسيصبح 7200 عام 2010، وستتجاوز مبيعاتها مليار أورو. أ.ف.ب. 24/08/08
عولمة 3 – مرابيح استثنائية، زمن الأزمة: حسب « قائمة فوربس » لعام 2007، عن الشركات التي حققت أكثر مرابيح، نجد « ايكسن موبيل » – بترول (امريكا) التي بلغت مرابيحها 40,6 مليار دولار- « رويال دوتش » – بترول (هولندا) 31,3 مليار دولار – « جنرال الكتريك » (أمريكا) 22,2 مليار دولار – تويوتا (اليابان) 15 مليار دولار – وول مارت – تجارة تفصيل (امريكا) 12,7 مليار دولار – آي أن جي (مصرف هولندي) 12,6 مليار دولار…. عن « دي إكونوميست » 25/08/08   قائمة مراسلات حزب العمل الوطنيّ الديمقراطيّ info@hezbelamal.org للاتصالبنا : aliradainfo-request@listas.nodo50.org الى SUBSCRIBE  للإشتراك ارسل رسالة فارغة موضوعها  aliradainfo-request@listas.nodo50.org الى UNSUBSCRIBEلفسخ الإشتراك ارسل رسالة فارغة موضوعها   http://www.hezbelamal.org/ موقع حزب العمل الوطنيّ الديمقراطيّ  


مشاهد من معاناة أهالي ولاية قابس (2)

*فساد إداري : علمنا من مصادر مطلعة على الحياة الجامعية، أن تجاوزات خطيرة تحدث من قبل إدارة ديوان الخدمات الجامعية بالجنوب (فرع قابس) تتمثل في السماح لعدد من الطلبة بالسكن في المبيتات الجامعية الحكومية خلال السنة الدراسية 2008-2009 رغم إستفائهم لحقهم القانوني المعمول به من  طرف وزارة التعليم العالي (سنة واحدة للذكور ، سنتان للإناث) . و تجدر الإشارة أن جميع هؤلاء الطلبة تربطهم علاقة قرابة بمسؤولين أمنيين و إطارات في المؤسسات العموممية. *معاناة أصحاب الشهادات العليا : أصدرت إدارة المجمع الكيمائي بقابس قرارا غريبا يجبر شركات المناولة المتعاقدة مع المجمع على عدم تشغيل أصحاب الشهادات العليا ضمن عمال النظافة و الحراسة . و جاء هذا القرار بالتنسيق بين إدارة المجمع و الولاية لمحاولة إنجاح المشروع الذي أطلقته الأخيرة حول حث أصحاب الشهادات على الإنتصاب للحساب الخاص و بعث مشاريع بالحصول على قروض من السلطة . و رأى بعض أصحاب الشهائد أن هذه المشاريع غير مضمونة النجاح أما البعض الآخر لاحظ أنها لا تتناسب مع مستواه التعليمي و لا تعوض تضحية عدة سنوات من الدراسة. *صرخة مواطن : إتصل بنا السيد « عبد الحميد الشتاوي » صاحب بطاقة تعريف وطنية رقم 03838847 متزوج و أب لثلاثة أبناء ، و أعلمنا أنه صدم بوجود شروط تعجيزية وضعتها ولاية قابس حول الحصول على رخصة محل هاتف عمومي (تاكسيفون) تتمثل في ضرورة أن يكون المستوى التعليمي  للمستفيد من الرخصة لا يقل عن بكالوربا + سنتين جامعة . و أضاف أن مثل هذه الصعوبات جعلته يفشل أكثر من مرة في بعث مشروع بسيط يضمن له العيش الكريم و يخرجه من الظروف الإجتماعية الصعبة التي تمر بها عائلته بعد عزله من العمل كسائق شاحنة بشركة « سوهترام » للنقل . *تجاوزات تجمعية : لا زال كاتب عام لجنة تنسيق الحزب الحاكم بقابس يتجاوز القانون . و آخر شطحات هذا المسؤول التجمعي تنصيف نفسه وصيا على إستقرار أمن ولاية قابس حيث عقد هذا الأسبوع إجتماعا مع مسؤولي و أعضاء هيئة أحباء « الملعب القابسي » و مستقبل قابس » و حثهم على ضرورة تحمل المسؤولية تفاديا لحدوث أعمال شغب خلال لقاء « الدربي » الذي سيجمع الفرقين الأحد القادم . و الملفت للنظر في الموضوع أن هذا الإجتماع كان مبرمج مع والي الجهة في مقر الولاية و ليس مع ممثل التجمع الدستوري الديمقراطي في مقر حزبه.   *مراقبة الأنترنات: قامت الفرق الأمنية خلال هذا الأسبوع بتشديد الرقابة على المراكز العمومية للإنترنات بجهة قابس و ذلك بمطالبة أصحاب المراكز الإتصال بفرقة الإرشاد و مدها بهوية و أوصاف  الحرفاء الذين يطالعون صفحات المواقع السياسية و الدينية . كما علمنا أن أعوان الأمن السياسي يقومون بزيارات فجيئة للمراكز للتأكد من إلتزام أصحابها بالأوامر الجديدة الصادرة لهم. تنسيق: معز الجماعي عن موقع الحزب الديمقراطي التقدمي الرابط : www.pdpinfo.org

 

حركة الديموقراطيين الاشتراكيين: هل يحسم الخلاف حول توزيع بعض الحقائب في المكتب السياسي بالتوافق؟

 
تونس ـ الصباح: يتوقع أن يلتئم المكتب السياسي لحركة الديمقراطيين الاشتراكيين في غضون الايام القليلة القادمة، لبحث مسألة توزيع المسؤوليات التي أجلت القيادة الجديدة النظر فيها إلى موعد لاحق.. وعلى الرغم من بعض التكتم الذي يحيط بعملية توزيع المسؤوليات، في ضوء خلافات غير معلنة حول بعض ‘الحقائب’، فإن غالبية الحقائب تبدو محسومة، على اعتبار أن قسما مهما من أعضاء المكتب السياسي السابق، قد حافظوا على مواقعهم، بما يعني إسنادهم ذات الحقائب، في غياب بدائل جديدة.. وإذا استثنينا الامانة العامة للحركة التي تم تجديدها للسيد إسماعيل بولحية، وخطة ‘منسق عام’ التي عهدت للسيد محمد مواعدة، بالاضافة إلى النائبين الاول والثاني للامين العام، وهما السيدين، الطيب المحسني والصحبي بودربالة، فإن بقية حقائب عديدة لا يبدو عليها خلاف كبير.. توزيع الحقائب.. فمن المتوقع، أن يحتفظ المنجي كتلان بالمالية، والعروسي النالوتي بالاعلام، فيما لا يستبعد أن تسند للطيب المحسني حقيبة العلاقات الخارجية، التي كان يشغلها منذ العام 2004. ومن المنتظر أن تسند حقيبة الاقتصاد إلى فتحي النوري، والمنظمات والاحزاب إلى زكي شعبان، فيما سيعهد ملف الشباب إلى مكرم القرقني، الاسم الوحيد الجديد الذي التحق بالمكتب السياسي للحركة.. وتفيد بعض المعلومات، أن الملف السياسي سيعهد ـ على الارجح ـ إلى السيد علية العلاني.. في مقابل ذلك، يسود خلاف بين بعض أعضاء المكتب السياسي حول ثلاثة حقائب يبدو التنافس بشأنها شديدا، وهي المرأة والادارة والهياكل.. إذ يوجد تنافس بين السيدتين، سعاد الغربي وزينب بن زكور فيما يتعلق بلجنة المرأة، فيما سيتنافس السيدان حسين الماجري ومحمد رجا ليتيم حول حقيبة الهياكل التي كانت تحت اشراف السيد الصحبي بودربالة، عضو المكتب السياسي، وكان الماجري وليتيم عضوين فيها خلال السنوات الاربع الماضية.. أما الادارة فمن غير المستبعد إسنادها للسيد الناصر بونتوف رغم أن الاحتمال الغالب، إلحاقها بالسيد المنجي كتلان المعروف بخبرته في هذا المجال.. وفي ضوء هذا التوزيع المرتقب، يتوقع أن تكون المسؤوليات صلب المكتب السياسي على النحو التالي: ــ إسماعيل بولحية: أمين عام (إعلامي).. ــ محمد مواعدة: منسق عام (أستاذ جامعي).. ــ الطيب المحسني: نائب أول للامين العام، مكلف بالعلاقات الخارجية (مهندس فلاحي).. ــ الصحبي بودربالة: نائب ثان للامين العام (محام).. ــ المنجي كتلان: المالية (محاسب).. ــ العروسي النالوتي: الاعلام (صحفي).. ــ فتحي النوري: الاقتصاد (أستاذ جامعي).. ــ علية العلاني: الملف السياسي (أستاذ جامعي).. ــ زكي شعبان: المنظمات والاحزاب (متفقد بالتعليم الثانوي).. ــ الناصر بونتوف: الادارة (إطار بنكي).. ــ سعاد الغربي (أستاذة) أو زينب بن زكور (قيّمة عامة): لجنة المرأة.. ــ مكرم القرقني: لجنة الشباب (مهندس إعلامية).. ــ حسين الماجري (رئيس قسم إداري ومالي بشركة ‘الباتيمان’) أو محمد رجا ليتيم (معلم تطبيق): لجنة الهياكل.. والسؤال المطروح في أوساط مناضلي الحزب هو، هل يقع حسم الخلاف بشأن بعض الحقائب التي أشرنا إليها، بواسطة الوفاق أم بالانتخاب؟ صالح عطية (المصدر: جريدة ‘الصباح’ (يومية – تونس) الصادرة يوم 28 أوت 2008)


 

متّى يتّخذ السجّان التونسي ربّ التونسيين إلاها!؟

عبدالحميد العدّاسي كثرت الاعتداءات في تونس على المتساكنين وبالخصوص على المتديّنين منهم (أعني الذين يدينون بالإسلام) وعلى المطالبين بحقوقهم أو المتصدّرين تطوّعا وأخلاقا للدّقاع عن حقوق غيرهم ممّن بطّأت بهم وسائلهم الخاصّة، في أرض تغيّر فيها كلّ شيء حتّى عادت تونس التغيير كأرض مكّة ما قبل الإسلام: تُعبدُ فيها ‘الأصنام’ وتُأتَى فيها الفواحشُ وتُقطّعُ فيها الأرحامُ ويُساء فيها الجوار ويأكل فيها القويُّ الضعيفَ ويُعربد فيها الوضيع بما حازت يمينه من خيرات البلاد ويتطاول فيها الفاسدون على هويّة الامّة بما أشاعوا من الضلالات التي مسخت كلّ شيء حتّى لكادوا يطوفون في البلاد عراة كما فعل العرب قبل الإسلام حول الكعبة، غير أنّ نواديهم الليلية الماجنة وبعض خجل من الظهور البارز على قوائم فاقدي المناعة المكتسبة منعهم ذلك!…  أصرخ هذه الصرخة – دون كثرة مراعاة ‘للمتديّنين الأصوليين’ الذين ستروا حبّهم للدّين في قلوبهم حتّى أخفوا شعائرهم فلم يُروا يصومون ولا يصلّون ولا يزكّون، وحتّى سُمِعوا يردّون بعض الآيات المحكمات التي قد تفسد عليهم حبّهم – وأنا أقرأ وأرى ما يرتكبه السجّانون في حقّ السجناء (وتونس قد تخاصمها سجّان وسجّان) الذين قالوا ربّنا الله أو الذين رفضوا الظلم والاستكانة لهذه الزمرة التي أفسدت علينا حتّى لذّة الانتساب…  بالأمس كنت أتابع عبر قناة الجزيرة استضافة للعالم التونسي الفذّ محمّد الأوسط العيّاري، الذي لخّص اختراعه الجليل المتمثّل في منظومة الشاهد والذي سيساعد على توحيد رؤية الهلال، بأنّه استجابة لنداء بنيّة تونسية لا يتجاوز سنّها الـ12 سنة، دعت بفطرتها إلى توحيد أمر المسلمين وقد رأت في محمّد الأوسط – وهو كذلك – الأهليّة الكاملة لتنفيذ هذه المهمّة، وهي تراه قد امتلأ حبّا للخير وللإنسانيّة جمعاء!… كنت وأنا أتابع البرنامج وأتملّى وجه محمّد الأوسط المُشرق الصبوح الباسم أحلم بتونس متحضّرة متقدّمة محبّة للخير لأهلها ولجيرانها وللنّاس أجمعين… كنت أستقبح وأستكثر وأستنكر تعطيل عالمنا الفذّ المنصف بن سالم وحرمان البشريّة من خيره الوفير … كنت أتألّم لرؤية تونس عامل إفساد للجوّ المعيش وعامل تعطيل للخير: فما جعل محمّدا الأوسط متألّقا إلاّ وجوده خارج تونس وما جعل المنصف بن سالم منسيّا إلاّ وجوده داخلها وماجعل أسامة الملّولي متألّقا في الألمبياد إلاّ وجوده خارج تونس وما جعل بقيّة الرّياضيين منكسرين مستوعبين للهزيمة إلاّ وجودهم داخلها وقناعتهم بشعارها القاتل للنخوة ‘العبرة بالمشاركة’… كنت أرى هذا وأسمع  المعلّقين المتملّقين الفاسدين حُماة الرّداءة – قبل أن ينطقوا – يستنكرون عليّ هذا الرّأي ويرمونني بالعمالة لمن ‘اعتدى’ على الرّسول صلّى الله عليه وسلّم ويصفونني بعدم الوطنيّة، دون أن يلحظوا هذه الحقيقة التي لا تقدح في تونس ولا في أولادها وإنّما تقدح في ولاّة أمورها وتحمّلهم المسؤوليّة في عدم توفّقهم لاتّباع  الطريقة المثلى في التّعامل مع النّاس، ودون أن يدركوا أنّني ممّن علم أنّ التونسيّ – بشهادة المقام والمقال – ناجح ومبدع في كلّ المجالات الحياتيّة حتّى رأينا سركوزيا لا يأكل إلاّ خبزا تونسيّا (*)… أمّا اليوم فأقرأ عن سجّانين تضامنوا للاعتداء على حسّان بن محمد بن سعيدان الناصري المحبوس في سجن الهوارب بالقيروان أرض بداية الفتح الإسلامي في شمال إفريقيا، يعيبون عليه هذا الدّين (الإسلام) ويمطرون ربّه (الله جلّ جلاله) بالشتائم المقذعة، في وقت يُكثر فيه المسلمون في تونس وفي غيرها من بلاد الله من دُعاء ‘اللهمّ بارك لنا في شعبان وبلّغنا رمضان’، وفي وقت يزفّ فيه محمّد الأوسط البشرى للمسلمين وللإنسانيّة بإنجازه النّافع!… أشهد أنّ السجّانين الذين يسبّون الله جلّ وعلا أوالذين يوالونهم ليسوا من المسلمين، وأسأل الله أن يعين المسلمين عليهم فيكسر شوكتهم ويستأصل شأفتهم ويطهّر البلاد منهم ومن أمثالهم حتّى لا يبقى فيها إلاّ محبّ للخير نافع للبشريّة مخبت لربّه الكريم… والتحيّة الخالصة والمناصرة التامّة في الختام لكلّ الثابتين على الحقّ، ولا بارك الله في عمل المفسدين!…   _________ (*): قرأت بأنّ المموّن الخاصّ لسركوزي (رئيس فرنسا) هو تونسي فاز على كلّ الخبّازين بكفاءته وتفانيه وإخلاصه في عمله!…

 

 رسالة مفتوحة إلى وزير العدل و حقوق الإنسان شارع باب بنات – تونس mju@ministeres.tn                                

رعاه الله عريضة في طلب فتح تحقيق

 

 
 بعد أرقى آيات الإحترام و التقدير أني الممضي أسفله عبد العزيز بن محمد بن الحاج صالح بن محمد شرف الدين عقوبي سابقا . أحد ورثة المرحوم محمد بن شرف الدين لطيفي العقوبي سابقا.  قد حاول احد ابناء الأسرة إستثمار قسط من الإرث لفائدة كافة الورثة ويمثل هذا القسط في مساحة 1400 هكتار من الأراضي الصالحة للفلاحة و منها أراضي صالحة للبناء وأراضي أخرى تقارب مساحتها 10.000 هكتار صالحة للفلاحة وتربية الماشية. توجد أكثرها في معتمديه الحامة من لاية قابس إلى جانب مبلغ يتجاوز 400 ألف دينار كغرامة تعويضية عما أحدثته الشركة الوطنية لإستغلال وتوزيع المياه من محطات تبريد وحفر أبار إرتوازية بأرضنا الموروثة المذكورة.  كان أهلي بإتفاق مع أغلبية الورثة أن توضف لتأسيس مشروع فلاحي مندمج في المساحة المذكورة آنفا بمنطقة بشّيمة البرح بمعتمدية الحامة ولاية قابس. هذا المشروع يتمثل في تركيز منشأة لتصنيع المنتوجات الفلاحية  وتصبيرها إلى جانب غراسة 30.000 ألف  شجرة زيتون وتربية الماشية فضلا عن غراسات آخرى إضافة إلى البكورات (بيوت مكيفة) لكن أستأثر كل من الورثين السيّد عمار بن منصور شرف الدين والسيّدة خديجة بنت حمد بن الجيلاني شرف الدين بالتصرف فيها بالبيع والهبة سواء لفائدة المؤسسات العمومية أو الخاصة كالديوان الوطني للبريد أو شركة إتصالات تونس أو كذلك لأفراد خارج نطاق الورثة أو البعض من الورثة أيضا من خلال قَطَع أرض صالحة للبناء .  لقد ارسلنا الى رئيس الجمهورية في شهر اوت سنة 2007 لنفس الغرض ولم نجد رد عن رسالتنا وهذه الرسالة الثانية لسيادتكم. و ما تقدم من تصرف في المشترك ( الإرث ) قبل قسمته يكون العنصر المادي لجريمة التصرف في مشتكر قبل قسمته كل هذا امام السلطة المحلية واعطائهم شهادات في الملكية للمشتري بموافقة مسؤولين المنطقة السيّد معتمد الحامة، الذي يعرف جيدا اني صاحب الملك الأوفر مع جميع الورثة . مع العلم لقد طلبت منه شهادة ملكية فرفض لاسباب تعاطفه  مع عمار وخديجة. واعترف باني صاحب الملك ولا يستطيع إعطائي أي شهاده ملكية أو إشتراك في الملكية. رغم أن  السلطة المحليّة تعرف هذا الملك على الشياع جيدا وتتصرف كانها لاتعرف المنطقة وتسلم اراضي الغير من غير ان تسترشد  ثم تستشير اصحاب الحق الأصليين. وهو ما يتجلى سافرا في وضعية الأرض التي وهبت لفائدة شركة اتصالات تونس دون موافقة أو حتى استشارة بقية الورثة. هذا فضلا عن وجود وضعية بيع ارض من طرف من لا يملك في هذا الإرث شيئا أمثال كل من  السيّد السيّد عمار بن منصور شرف الدين والسيّدة خديجة بنت حمد بن الجيلاني شرف الدين. إلتجات  إلى إستصدر إذن على عريضة من جانب رئيس المحكمة الإبتدائية بقابس بتاريخ 27 أوت 2007 تحت عـ18607ـدد لتعيين مصفي يتولى ضبط و إدارة وكذلك  قسمة التركة تحت رقابة القاضي. رفع كل من السيّد عمار بن منصور شرف الدين والسيّدة خديجة بنت حمد بن الجيلاني شرف الدين دعوتين بالمحكمة الإبتدائية بقابس تحت عددين 9356 و 9357، القصد منهما الإعتراض عن الإذن المذكور وطلب الرجوع فيه ولقد تبين لي من الدعوتين ما ذكروه في العريضتين التي قدموهما الى القضاء حرفيا: 1) أن هذا الاذن صدر استجابة لطلب من كان غير ذي صفة وليس من ورثة المرحوم وانه نسب نفسه لورثة محمد شرف الدين ( العقوبي سابقا) حسب حجة الوفاة المصاحبة:  2) لم يثبت لا ركن الاشتراك ولا ركن الاستبداد بالمشترك  3) أن التركة المراد الائتمان عليها كانت موضوع حكم استحقاقي كان  طالب الإذن طرفا فيه بمقتضى التداخل بادعائه ملكية مناب من العقار وقضي في حقه ابتدائيا واستئنافيا بعدم سماع الدعوى حسب القرار الاستئنافي عــ992ـدد الصادر عن محكمة الاستئناف بقابس في 19/01/1993: أولا أن هذا الحكم لم يكن لي علما به تماما لا أنا ولا والدي المرحوم وثانيا منذ سنــ1989ـة الى سنـ2001ـة لم ادخل تونس لأسباب هم يعرفونها بالتفصيل كلفوا محامي عني غيابيا ولم أكن أعرف شيئا عن هذا الموضوع ثانيا اتصرف في منابي ولي جميع الوثائق والحجج والبراهين والتصرف في منابي عند ادارة الشؤون العقارية بتونس ولقد سلم والدي لبعض الأشخاص لغراسه الأشجار المثمرة منذ 40 عاما الى يومنا هذا باسمه الشخصي من منابه 3) أن حجة الوفاة وقع تدليسها أربع مرات منهم واحدة غيروا حتى تاريخ الوفاة.4) الاشخاص بانفسهم امضوا على وثيقة عدلية بالتراضي مع بقية الورثة بما فيهم والدي وأخي سنـ1994ـة وأخرى في 20 أفريل 1996 على قسمة العقار حسب الفريضة الشرعية علما)))) لقد رفعت دعوى جناحية ضد هذه الاطراف من اجل التصرف في مشترك قبل القسمة منشورة لدى محكمة الاستئناف بقابس تحت عدد 429 التي صدر فيها القرار الجناحي الاستنافي ذو العدد الاخير 429 بتاريخ 12/11/2007 ناصا على اقرار الحكم الابتدائي الناطق بعدم سماع الدعوة العامة ووجوب النخلي عن الدعوة الخاصة في حق المدعين المتضررين مثبتا في الاثناء الاشتراك في الملكية ارث محمد شرف الدين لطيفي العقوبي سابقا صلب الحيثية ما قبل الأخيرتين ومحملا لهؤلاء المذكورين المصاريف القنونية. غير انه ما يعني في القرار المذكور اعلاه ان الجناب الناظر في الدعوى لم يثر جريمة التصرف في مشترك قبل القسمة لفائدة غير (ليس من الورثاء) والحال ان الركن المادي لها ثابت ودليله قد وضع بين يدي الجناب (عقد  بيع عقار) اعترف المدعي عليهما بالقيام بهذا التفويت بالبيع والاستفادة الشخصية من ذلك امام السيد القاضي في جلسة 05/11/2007 وهو ما ياكد ثبوت حقيقة الركن المعنوي لجريمة الاحتيال. ولقد جاء في الحكم الابتدائي النص التالي : حيث تقوم جريمة الحالة بتوفر ركنها المادي المتمثل في عمل التصرف وهو ما يعتمد به التصرف القانوني دون المادي المؤدي الى خروج ملكية المشترك في ذمة بقية الشركاء والركن المعنوي المتمثل في انصراف ارادة الجاني الى الاضرار ببقية مشاركيه في الملكية. وحيث تبين بفحص اوراق الملف استحقاق ورثة الخضراء بنت محمد شرف الدين بموجب حكم استحقاقي وهم من قام المتهمان بتخسيسهما بموجب الكتب المؤرخ في 24/11/2005 ب32 هكتار وقطعة ارض اخرى تمسح 1800 مترا. وحيث ان تخصيص ورثة الخضراء بنت محمد شرف الدين المتحصلين قضائيا على جزء من الارض موضوع النزاع ينفي عن المخصص اية نية اضرار باعتبار انه لم يقع التفويت في المشترك الى اجنبي ماترى معه المحكمة انتفاء الركن المعنوي لجريمة الاحالة لما يوجب القضاء بعدم سماع الدعوى. 2) في الدعوى الخاصة . حيث سبق لهذه المحكمة القضاء بعدم سماع الدعوى العامة ما وجب التخلي عن الدعوى الخاصة طبقا للفصل 170 ف أ ج. ولهذه الاسباب قضت المحكمة ابتدائيا حضوريا بعدم سماع الدعوة العامة والتخلي عن الدعوى الخاصة وابقاء مصاريفها القنونية محمولة على القائمين . لهذه الأسباب أطلب من السيد وزير العدل إعطاء أوامره لفح تحقيق جذري في موضوع هذه العريضة لتبيان مختلف التجاوزات للقانون  و ذلك لإعطاء كل ذي حق حقه و تلاعب الشركة الوطنية لإستغلال وتوزيع المياه منذ سنين بحقنا بإخفاء الملف وتعطيلنا منذ 18 سنة .  لسيادتكم سديد النظر  عبدالعزيز عقوبي شرف الدين حقوقي ومعارض تونسي العنوان : saidacharf@hotmail.com    ليون فرنسا  في28 أوت 2008   

من تحف صحافتنا الوطنيّة (4) حبّــــــــة ملحْ أم ‘حبّـــــة في المخّْ’

تتواصل محنة المتابعين للسّخافة التونسيّة مع كائنات لم نجد لها تعريفا إذ تواصل نشر كلّ ما يجول بخاطرها تحت غطاء العفوية والبساطة ــــ وهي في الحقيقة ‘بسالة’. أحد أكبر هذه المنابر المفتوحة لسخافات كلّ من هب و دب هي الصّريح التي تمتلك و الحقّ يقال جيشا من التّافهين و الغربان النّاعقة. وكان لها الإسهام في مزيد تدنّي وعي التّونسي بمشاكله الحقيقية وإبعاده بطريقة خبيثة عن واقعه بأشياء ــــ ‘نستحي من تسميتها ‘مقالات’ ـ و الأصحُّ أن تسمّى مقلاة (و إن كانت هذه الأخيرة تصلح في المطبخ)’ لا يمكننا إذا وصف أصحابها بالصحفيين لأن ذلك شرف لا يستحقّونه. وسخيف هذه المرّة هو كمال بوخذير الذي تطالعنا صورته بضحكة بلهاء في أعلى ‘مِقلاتهِ’ ليكتب خبرًا عن امرأة أمريكية اقتيدت الى مركز البوليس لتأخرها في إعادة كتابين قد استعارتهما من المكتبة العمومية و تغريمها بـ170 دولار ثم مجموعة من الجمل المنفصلة ــ ‘إلّي لا عندها لا راس لا ساس’ ليستنتج ‘عيني ما تضرّو’ أنّه لو طبّق هذا القانون في تونس لجنى أموال تمكنّه من بعث مشروعِ تجاري بما أنه أعار العشرات من الكتب و لم يستعدها. هذه الكتب لم تكن لها أي فائدة مادام ‘كمال(يكمّل عليه بمخّو)’ بهذا المستوى الرديء في الكتابة و في التفكير. و أقترح عليك اسما آخر يليق بك ألا و هو ‘الحمار الذي يحمل أسفارًا’ بما أن هذه الكتب لم تساعدك في تحسين مستواك. أقترح أيضا على ‘ الحاجّة’ عفوا صالح الحاجّة بإسناد منحة إنتاجية لأكثر المحررين و المساهمين تفاهة لأن الصريح في حقيقة الأمر هي ‘سقيفة حمّام نساء’ بمعنى الثرثرة و التفاهة. في الأخير أشجع صاحب المقلاة على آخر سطر كتبه أي أن يذهب لفتح دكان لبيع ‘الزلابية والمخارق’ و أن لا ينسى اصطحاب الحــــاجــّـة ‘لتلف’ ليلف له ‘المخارق’ بأوراق الصّريح خير لهما من أن يحاكما بانتحال مهنة صحفي. (المصدر: مجلة ‘كلمة’ (اليكترونية شهرية – محجوبة في تونس) بتاريخ 27 أوت 2008)


 

التغييرات الاجتماعية في تونس

أحمد الصغير إن المتابع للشأن العام التونسي و التطورات الحاصلة في البلد منذ منتصف التسعينات إلى اليوم يشاهد، بما لا يمكن مواربته، حجم التغيرات الكبيرة والعميقة التي تشهدها الحياة في تونس، و ذلك على جميع الأصعدة. فهذه التغيّرات لا تتمثل حسب اعتقادنا في مجرد ارتفاع نسب النمو الاقتصادي، ومعدلات التنمية، و ازدياد عدد السائحين القادمين إلى تونس باطراد فقط، بل الأهم من ذلك كله، التغيّرات البنيوية التي يشهدها المجتمع بمختلف مؤسساته، بالمعنى السوسيولوجي للكلمة. فالموطن التونسي الذي أصبح يتمتع بدخل أكبر، و مستوى تعليمي أفضل، و يتصفح الانترنت، و يشاهد الفضائيات، ويتواصل مع كل العالم بشتّى الطرق، و يستقبل السياح، ويشاهد طريقة عيشهم، و يدخل في اتصال مباشر معهم، و يتطلّع إلى ما هو أفضل وأرقى، يصبح حتما شخصية متفتحة، متفهمة، متحضرة، و متطورة باستمرار. إن بناء هذه الشخصية و شحذ صفاتها بتلْكم الطريقة ما كان ليتحقق لولا انفتاح البلد، وتفطن القائمين على السياسة و الاقتصاد والاجتماع إلى ضرورة القيام باتخاذ السياسات الكفيلة بتحقيق الأهداف المنشودة، والالتزام و الصبر على إنجاح ما استقرت عليه البرامج التنموية والتطويرية، و تحمّل ما ينجم عن ذلك من ضغوط اقتصادية، و اجتماعية، و إدارتها(أي الضغوط و الشدائد) بطريقة جيّدة و ذكية، في فترة شديدة الحرج على المستوى الاقتصادي، و المالي و السياسي( الفترة الانتقالية اقتصاديا). من المؤكد أن كل ذلك ما كان ليتحقق لولا التزام الرئيس بن علي نفسه بهذه الرؤية التطويرية و التحديثية، حيث عرف عنه حبّه للتكنولوجيا المتطورة، و شغفه بالتقدم و النمو، و عزمه على تحسين وضعية بلاده و مستوى مواطنيه. و للتدليل على ذلك، يكفي أن نقارن تونس، على الرغم من محدودية مواردها و صغر حجمها نسبيا، مع أقطار عربية و افريقية أخرى، حيث يتجلى للعارف، و للدارس، و للمقارن، بون الفارق، و اتساع الفاصل بين تونس وما كان ينبغي أن يكون في مستواها، بل أفضل مقارنة بالإمكانيات، من بقية الدول العربية و الإفريقية، خصوصا تلك التي في الجوار. و لقد لمست هذه الحقيقية في المهجر، و حيث ما حللت، خصوصا في مدينة جنيف، في وسط المنظمات الدولية المتخصّصة، وأروقة الأمم المتحدة، حيث يطلب منك من أي بلد جئت، و بمجرد أن تجيب أنك من تونس، ترى البشاشة على وجه مخاطبك، و هو يقول نعم، لقد زرت تونس، انه بلد جميل و متطور. انه لأمر يثلج الصدر و يشرحه. ما من شك أن المجتمع التونسي يتطور، شأنه شأن أي اجتماع بشري، مع اختلاف في نسق التطور و سرعته من مجتمع لآخر. و من المؤكد كذلك أن هذا التطور لا يمكن إلا أن يكون نتيجة لما انتهى إليه تفاعل المجتمع التونسي مع جملة من المعطيات، و المعايشات، و التجارب التي تم خوضها، على المستوى الجماعي و الفردي، في المجالات المتعددة للحياة. كذلك، يمكننا القول أن الشكل الآني(النسخة النهائية) لتطور المجتمع التونسي يعكس في جملته مجموعة من العناصر الإرادية و غير الإرادية للأفراد والمجتمع بكامل مكوناته و مؤسّساته (بالمعنى الاجتماعي-السوسيولوجي وليس السياسي). و من ثم تتأتى صعوبة رصد حركة المجتمع و تطوره بصفة لصيقة و دائمة. فهي عملية شديدة الصعوبة و الخطورة، بل هي مستحيلة، لأنها تفترض امتلاك القدرة على رصد و مراقبة الأعمال، والأقوال، و النيات، و الأفكار، و الأحلام، و الشعور و الخواطر، و غيرها. فلا بد للمرء أن يكون إله حتى يتمكن حقا من مراقبة الناس و رصد سلوكهم، و توقع ردات فعلهم، وطرائق تعبيرهم بصفة دقيقة. من جهة أخرى، تتيح التقنية الحديثة للمجتمع فرصة أكبر للتقدم و النمو. كما  يمكن أن تمنح للأفراد نوعا من الاستقلالية النسبية تجاه المجتمع الذي ينتمون إليه، وتجاه الدولة في نفس الوقت. إن ملخص ما يمكن التوصل إليه في رصد حركة المجتمع وتطوره هو الإقرار باستعصائه عن التحكم فيه بصفة مطلقة و مستمرة، و صعوبة تطويعه إيديولوجيا. ذلك يجعلنا نميل إلى القول بأنه يبدو أن للحركات والأحزاب السياسية منطقها و أولوياتها، وللمجتمع، بتنوعاته و تعبيراته المختلفة، ديناميته الخاصة و المستقلة.  طالما اعتقدت الأحزاب و الحركات السياسية في تونس، خطأ، أنها أذكى وأرقي حسا من الشعب و من المجتمع، و ذلك بأن و ضعت الإيديولوجي قبل الاجتماعي، خلافا للمجتمع الذي يهتم لأمر قوته، و أمنه، و تسيير سائر شأنه بأسلوب أكثر واقعية و براغمتية. يمكن أن يكون قد آن الأوان لهذه الأحزاب والحركات، أن تعود إلى منطق الناس و المجتمع، بأن تنخرط في الوعي والعمل الاجتماعيين، و أن تتعلم القانون، و السياسة (بمعناها الإداري قبل السياسي)، و أصول الحكمة من المجتمع عوض الإعراض عنه واتهامه بعدم الوعي و فقر المعرفة. هذه دعوة للعمل و التفكير السوسيولوجي البناء، باعتباره قاعدة أساسية و آلية للفهم و الإبصار و من ثم التطوير، إن تيّسر ذلك.          نتمنى لتونس مزيدا من الأمن، و التنمية، و المجد، و الحرية، و العدل، والإخاء، و حل ما استعصى من المشاكل، و دفع للبلاء. أحمد الصغير باحث تونسي جنيف


التأشيرة إلى أوروبا: تعقيدات جديدة

 كمال بن يونس ..بعد 13 عاما عن مؤتمر برشلونة الاورو متوسطي الاول تتوالى ‘طلعات’ البيروقراطيين والموظفين ‘السامين’ الاوروبيين التي تتنافى مع الشعارات التي يرفعها السياسيون والمثقفون عن تسهيل تنقلات رؤوس الاموال والمسافرين والسلع بين ضفتي البحر الابيض المتوسط..  ومن بين اخر هذه ‘الطلعات’ ـ المخيبة للامال ـ قرار الخارجية البريطانية تمديد مدة حصول التونسيين على تاشيرة الدخول الى بريطانيا الى ما لا يقل عن اسبوع قبل موعد الرحلة.. مع احالة ملفات ‘المترشحين’ (للفيزا وليس لنيل شهادة الدكتوراه؟) الى سفارة لندن في القاهرة؟؟ وتتزامن هذه التعقيدات الجديدة مع فترة تراجع نسبي في عدد السياح البريطانيين.. وتعثر جهود تنمية العلاقات الاقتصادية بين رجال الاعمال الخواص.. لعدة اسباب من بينها تشكيات كثير من رجال الاعمال والموظفين التونسيين من ‘مشكل’ الفيزا.. وارتفاع تكاليفها بشكل مستفز.. كما تتزامن هذه ‘المفاجآت’ غير السارة مع تعقيدات في الحصول على تاشيرات سياحية نحو كثير من بلدان الاتحاد الاوروبي الاخرى.. من فضاء شينغن.. بما في ذلك بالنسبة لتاشيرات العمل.. رغم تحسن تعامل السفارة الفرنسية بتونس مع مطالب رجال الاعمال والاعلاميين والنخب وارتفاع عدد الحاصيلن على تاشيرة طويلة المدى.. هذه الطلعات والتعقيدات مخيبة للامال.. لانها لا تبني اجراءات ثقة بين الشعوب.. وخاصة بين نخب المثقفين ورجال الاعمال والشباب.. وهي مناقضة لشعارات الشراكة الاورو متوسطية ولمشروع الاتحاد المتوسطي.. أو الاتحاد من أجل المتوسط.. من حق سلطات الامن البريطانية والاوروبية وغيرها أن تتخذ كل الاجراءات التي تحمي أمنها.. لكن ليس من حقها اهانة شعوب ودول فتحت منذ قرون أبوابا عريضة لملايين السياح والمستثمرين والمثقفين الاوروبيين.. ان التمادي في تعقيد اجراءات التاشيرة نحو بعض البلدان الاوروبية يعني بناء جدار معنوي عملاق من الميز العنصري وسوء التفاهم.. والرفض للاخر.. في وقت بات فيه العالم ومنطقتنا في اشد الحاجة الى جسور جديدة للحوار الثقافي والتفاعل الحضاري والتعاون الاقتصادي والامني الشامل.. (المصدر: جريدة ‘الصباح’ (يومية – تونس) الصادرة يوم 28 أوت 2008)


 

فقد 5 مهاجرين قبالة سواحل تونس

تونس (رويترز) – قالت مصادر أمنية في تونس يوم الخميس ان وحدات البحرية التونسية انقذت ثلاثة شبان من الغرق قبالة سواحل بنزرت بينما فقد خمسة اخرون اثناء احدى الرحلات البحرية السرية باتجاه اوروبا والتي تتزايد في مثل هذا الوقت مع استقرار العوامل الجوية. وأضافت المصادر ان المركب الذي كان يقل المهاجرين انطلق مطلع هذا الاسبوع من ميناء جرزونة الواقعة بمحافظة بنزرت شمالي العاصمة تونس. وذكرت ان الشبان ألقوا بأنفسهم في البحر معتقدين انهم اقتربوا من جزيرة لمبيدوزا الايطالية لينجو ثلاثة منهم بينما اعتبر خمسة اخرون في عداد المفقودين. وقال سكان بالمنطقة ان بين المفقودين تلميذا لم يتجاوز عمره 15 عاما. وكثفت تونس من جهودها للحد من تدفق المهاجرين على اوروبا وفرضت عقوبات صارمة وغرامات مالية طائلة على كل من يضبط من مشاركين ومنظمين لهذه الرحلات. وتطالب اوروبا بلدان شمال افريقيا بتكثيف مراقبة سواحلها. (المصدر: وكالة رويترز للأنباء بتاريخ 28 أوت 2008)


 
 

سـواك حـار (92)

صابر التونسي

في الوقت الذي كان فيه المستهلك المسكين يكاد لا يغمض له جفن من كثرة ما أرّقه التفكير في مواجهة مصاريف العودة المدرسية وشهر رمضان طالعته منظمة الدفاع عن المستهلك ببلاغ آخر من بلاغاتها التي اعتادت فيها تحميله كامل المسؤولية وكأنه المسؤول عمّا حدث وعمّا سيحدث. بلاغ لا يخلو من التهم الضمنية للمستهلك بالإفراط في الاستهلاك وبإفساد برامج الحكومة … (جريدة الصباح) أهي منظمة للدفاع عن المستهلك أم للدفاع عن الحكومة؟! … الحاجة تجلد ظهرك أيها المستهلك والأسعار ترمقك باحتقار وتترفع عن النزول إلى مستواك!! فارتفع إلى مستواها ومستوى من صنعها!! قلّما تتحالف الظروف على «بو العيلة» بحدّة مثلما تعدّ للتحالف عليه خلال الأيام القادمة.. فالمسكين ما إن يودّع فصل العطل السنوية والاعراس حتى يستقبل حدثين لا يقلّ أحدهما أهميّة وثقلا عن الآخر. فشهر رمضان الذي هو كالعادة شهر الانفاق بامتياز وشهر الدفع بلا حساب سيتزامن إستقباله مع الاستعداد للعودة المدرسيّة (…) وكأن ذلك لا يكفي إذ لا يمرّ أسبوع واحد عن العودة المدرسية حتى ينطلق الاعداد لعيد الفطر وما يتطلّبه من صنع الحلويات واقتناء الملابس (جريدة الصباح) لو أن عصابات النهب المسلح بالسلطة   تترفع عن ‘الغَرْفِ’ في مثل هذه المناسبات على الأقل، ثم تُحوّل تلك الأموال إلى ‘بو العيلة’ أو إلى ‘آباء العيال’ جميعا لحُلّت المشكلة ولكن عين ابن آدم لا يملؤها إلا التراب والدود!! وأكد المكتب ‘حزب الخضر’ لدى اجتماعه يوم الخميس الماضي في دورة عادية أن خطابي الرئيس زين العابدين بن علي في مؤتمر التجمع الدستوري الديمقراطي يظلان المرجع الأهم لحسن التفاعل مع مقتضيات المرحلة الدقيقة التي تمر بها البلاد لما تضمناه من تشخيص موضوعي للواقع واستشراف عميق لآليات العمل والحلول القادرة علي مزيد السير بتونس نحو المزيد من النجاحات والمكاسب . (أخبار تونس) ما لم نعلمه هل حضر أعضاء ‘حزب الخضر’ إلى مؤتمر التجمع بصفتهم ضيوفا أم أعضاء؟! أم ‘ضيوفا’ أعضاء!! وأما الخطابات والوعود فـكما: كانت مواعيد ‘عرقوب’ له مثلا *** وما مواعيده إلا الأباطيل! كم سيكون الأمر ممتعا لو زجّ بي في أقرب جحيم (…) حينها سألتقي بكل أصدقائي الأشرار.. وسأشخط في وجهك أيّها الربّ (…) أخيرا سيكون لي أن أفرك أنفك بأصابعي العشرة وأهرب كالأطفال (…) سأصرخ فيك إذن، وأخرج لساني وأصابعي (…) (نقله نصر الدين للحوارنت) علمنا أن ناقل الكفر ليس بكافر ولا ندري إن كان نفس الحكم ينطبق على  ناقل البذاءة والتفاهة أم إنه يُصاب ببعض من شظاياها! توفي الرئيس الزامبي ليفي باتريك مواناوازا في أحد مستشفيات باريس صباح اليوم حسبما أفاد به نائبه روبيا باندا وأحد أفراد أسرته.وكان مواناوازا قد نقل في 29 يونيو/حزيران إلى فرنسا لتلقي العلاج إثر إصابته بجلطة دماغية عشية انعقاد القمة الأفريقية بمصر، لكن صحته استمرت في التدهور حسبما أفاد به نائبه وبيا باندا. (الجزيرة) يأبى الله إلا أن يذكّر ‘السادة الرؤساء’ من حين لآخر أنهم بشر وأن الموت مصيرهم، فما أسرع أن ننسى في غمرة ‘فرعنتهم’ ذلك   وينسونه، ولكن قاسم الجبارين لا ينسى!! أصارحكم سعادة الوزير أنّ حال المحجبّات في بلادي  و ما يعشنّه يشغلني و يشغل جزءا كبيرا من التونسيين.  إنّ ما يُعرف بمنشور108القاضي بمنع الحجاب، بحجة أنّه لباس طائفي، في المؤسسات العمومية  قد تسبب تطبيقه في الكثير من المتاعب لتونسيات كثيرات، هنّ أمهاتنا وأخواتنا وبناتنا و زوجاتنا، من طالبات وتلميذات وموظّفات وعاملات..، كما أنّه تسبب  في الكثير من سوء الفهم و اللّبس بين أبناء البلد الواحد. (رسالة إلى وزير الشؤون الدينية، مصطفى الونيسي الحوار نت) في الحجاب الخصام والسيد الوزير الخصم والحكم ! … وقد أسمعت لو ناديت حيا ولكن لا حياة لمن تنادي! … والمستجير ‘بالوزير’ عند كربته، كالمستجير من الرمضاء بالنار!! ‘الحجاب دخيل، ونسمّيه بالزي الطائفي، باعتبار أنه يخرج من يرتديه عن الوتيرة، فهو نشاز وغير مألوف، ولا نرضى بالطائفية عندنا..وأن الفكر المستنير الذي نبث كفيل باجتثاثه تدريجيا بحول الله’ ‘ (بوبكر لخزوري وزير الشؤون الدينية:الصباح 27 ديسمبر 2005) عندما تغيب الحجة تحضر الجبة مصحوبة ‘بالكرافات’ ويخرج السفساري ليغطي ‘الميني جيب’! وبذلك تصعد أسهم ‘الهوية’ الوطنية والتقاليد التونسية!! … والكذب ‘فنون’ كما الجنون!! (المصدر: موقع الحوار.نت (ألمانيا) بتاريخ 27 أوت 2008)


السبيل أون لاين فشل خطة استئصال مسيرة النبوة ثم انفراج وانفتاح الأفاق بسم الله الرحمان الرحيم حتى لا يشوش على الواجب الشرعي – الحلقة الحادية عشرة أدعو إلى محاكمة للأحداث وفق المنهج القرآني (6) فشل خطة استئصال مسيرة النبوة ثم انفراج وانفتاح الآفاق

 

محمد شمام
 
تفاعلا مع موقف الأخ الفطناسي بالدعوة إلى محاكمة قرآنية للأحداث وفق المنهج القرآني، كانت هذه الحلقة الحادية عشرة في هذه السلسلة. وستكون هذه الحلقة في عدة أجزاء ، كان الأول منها في وقفات مباشرة مع موقف الأخ الفطناسي، وتناول الثاني مقدمات في الواقع وفي المنهجية، والثالث طبيعة محكمة الإسلام وحقيقتها ومناخها وروحها التي بقدر إدراكنا لها بقدر ما يحصل لنا فقه محكمة الإسلام وفقه تناولها للقضايا والأحداث، وتناول الرابع محاكمة حركة النهضة إلى مهمتها الأصلية من زاوية أسسها، والخامس يواصل هذه المحاكمة ولكن من زاوية الإعلان والصدع بدعوة الإسلام وتبليغها. وسنواصل في هذا الجزء السادس هذه المحاكمة إلى مهمة حركة النهضة الأصلية وهذه المرة من زاوية تعاملها مع خطة الاستئصال التي تعرضت لها ومدى ثباتها وسلامة سعيها لفك الانغلاق.   تمهيد    حركة النهضة التونسية هي حركة من حركات الإسلام، همها إقامة الإسلام دعوة والتزاما ، فيما يليها من بلاد المسلمين (وهي تونس) ، متظافرة في ذلك مع كل الامكانيات التونسية الخيرة. هذه هي مهمتها الأصلية وهي مهمة كل الأنبياء والرسل ، ومهمة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ، فأين هي منها الآن؟ أين هي من مهمة إحياء الإسلام وإحياءا على منهاج النبوة؟   وحتى نجيب على هذا السؤال سوف نحاكمها إلى مسيرة نبينا صلى الله عليه وسلم في نسقها وسياق تطورها العام ، متوقفين عند العديد من العينات والمحطات بما تتجلى به الروح العامة والقيم والضوابط التي كانت تحكم تلك المسيرة.   لقد مرت دعوة الإسلام في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم – بعد أن شرفه الله بالنبوة والرسالة – من زاوية أدائها وتطورها بمراحل خمسة. ولقد مرت محاكمة حركة النهضة إلى المرحلة التأسيسة لدعوة الإسلام، وإلى مرحلة إعلان الدعوة والصدع بها وتبليغها في أهل مكة‏، وسنحاكمها الآن إلى مرحلة خطة استئصال مسيرة النبوة حتى الانفراج وانفتاح الآفاق، وذلك في العناصر التالية:   خطة استئصالية لمسيرة النبوة / انهيار كل الإمكانيات والقوى المادية والصحية والبشرية /خروج الرسول صلى الله عليه وسلم لدعوة أهل الطائف وطلب نصرتهم / عرض الإسلام علي الأفراد والقبائل العربية وطلب نصرتهم / بيعة الإسلام وانتشار الإسلام في المدينة / بيعة النصرة : البيعة السياسية على إقامة مجتمع ودولة الإسلام / خلاصة ومحاكمة /   خطة استئصالية لمسيرة النبوة : رأينا في الجزء السابق لقطات عديدة مما واجه به المشركون دعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد مارسوا كل ذلك متنقلين من طور إلى طور، ومن أسلوب إلى آخر‏.‏ فمن شدة إلى لين، ومن لين إلى شدة، ومن جدال إلى مساومة، ومن مساومة إلى جدال، ومن تهديد إلى ترغيب، ومن ترغيب إلى تهديد، ولكنهم بعد كل الجهود واختبار كل الحيل عادوا خائبين، فأخذوا يفكرون في خطط القتل والاستئصال‏.‏   ولما رأي أبو طالب في تحركاتهم وتصرفاتهم ما يؤكد أنهم يريدون ذلك، جمع بني هاشم وبني المطلب، ودعاهم إلى القيام بحفظ النبي صلى الله عليه وسلم، فأجابوه إلى ذلك كلهم ـ مسلمهم وكافرهم ـ حَمِيَّةً للجوار العربي، وتعاقدوا وتعاهدوا عليه عند الكعبة‏.‏ إلا ما كان من أخيه أبي لهب، فإنه فارقهم، وكان مع قريش‏.‏   1 – ميثاق المقاطعة الشاملة : ولما وجد المشركون أن بني هاشم وبني المطلب مصممين على حفظ نبى الله صلى الله عليه وسلم والقيام دونه، كائنًا ما كان، تفتقت قريحتهم على المقاطعة الشاملة ، فاجتمعوا وتحالفوا على بني هاشم وبني المطلب ألا يناكحوهم، ولا يبايعوهم، ولا يجالسوهم، ولا يخالطوهم، ولا يدخلوا بيوتهم، ولا يكلموهم، حتى يسلموا إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم للقـتل، وكتـبوا بذلك صحيـفـة فيها عهود ومواثيق ‏(‏ألا يقبلوا من بني هاشم صلحًا أبدًا، ولا تأخذهم بهم رأفة حتى يسلموه للقتل‏)‏‏.‏ تم هذا الميثاق وعلقت الصحيفة في جوف الكعبة، فانحاز بنو هاشم وبنو المطلب، مؤمنهم وكافرهم ـ إلا أبا لهب ـ وحبسوا في شعب أبي طالب‏.‏   2 – ثلاثة أعوام من الحصار واشتد الحصار، وقطعت عنهم المعايش، فلم يكن المشركون يتركون طعامًا يدخل مكة ولا بيعًا إلا بادروه فاشتروه، حتى بلغهم الجَهد، والتجأوا إلى أكل الأوراق والجلود، وحتى كان يُسمع من وراء الشعب أصوات نسائهم وصبيانهم يتضاغون من الجوع، وكان لا يصل إليهم شيء إلا سرًا، وكانوا لا يخرجون من الشعب لاشتراء الحوائج إلا في الأشهر الحرم، وكانوا يشترون من العير التي ترد مكة من خارجها، ولكن أهل مكة كانوا يزيدون عليهم في السلعة قيمتها حتى لا يستطيعون شراءها‏.‏   وكان أبو طالب يخاف على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكان إذا أخذ الناس مضاجعهم يأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يضطجع على فراشه، حتى يرى ذلك من أراد اغتياله، فإذا نام الناس أمر أحد بنيه أو إخوانه أو بني عمه فاضطجع على فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأمره أن يأتي بعض فرشهم‏.‏ وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون يخرجون في أيام الموسم، فيلقوْن الناس، ويدعونهم إلى الإسلام‏.‏   3 – آخر وفد قريش إلى أبي طالب: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من الشعب، وجعل يعمل على شاكلته، وقريش وإن فشلت خطتهم الاستئصالية فقد واصلوا يعملون على شاكلتهم . وأما أبو طالب فهو لم يزل يحوط ابن أخيه، لكنه كان قد جاوز الثمانين من سنه، وكانت الآلام والحوادث الضخمة المتوالية منذ سنوات ـ لاسيما حصار الشعب ـ قد وهّنت وضعّفت مفاصله وكسرت صلبه، فلم يمض على خروجه من الشعب إلا أشهر معدودات، وإذا بالمرض يلاحقه ويلح به. وحينئذ خاف المشركون سوء سمعتهم في العرب إن أتوا بعد وفاته بمنكر على ابن أخيه، فحاولوا مرة أخرى أن يفاوضوا النبي صلى الله عليه وسلم بين يديه، ويعطوا بعض ما لم يرضوا إعطاءه قبل ذلك‏ ،‏ فقاموا بوفادة هي آخر وفادتهم إلى أبي طالب‏.‏ مشوا إلى أبي طالب فكلموه، وهم أشراف قومه – خمسة وعشرون تقريبًا ـ فقالوا‏:‏ (يا أبا طالب، إنك منا حيث قد علمت، وقد حضرك ما ترى، وتخوفنا عليك، وقد علمت الذي بيننا وبين ابن أخيك، فادعه فخذ له منا، وخذ لنا منه؛ ليكف عنا ونكف عنه، وليدعـنا وديننا وندعه ودينه). فبعث أبو طالب له صلى الله عليه وسلم، فجاءه فقال‏:‏ (يابن أخي، هؤلاء أشراف قومك، قد اجتمعوا لك ليعطوك، وليأخذوا منك)، ثم أخبـره بالذي قالوا له وعرضوا عليه من عدم تعرض كل فريق للآخر‏.‏ فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏‏ ‏(‏أي عم، أفلا أدعوهم إلى ما هو خير لهم‏؟‏‏)‏ قال‏:‏ وإلام تدعوهم‏؟‏ قال‏:‏ ‏(‏أدعوهم إلى أن يتكلموا بكلمة تدين لهم بها العرب، ويملكون بها العجم‏)‏. فلما قال هذه المقالة توقفوا وتحيروا ولم يعرفوا كيف يرفضون هذه الكلمة الواحدة النافعة إلى هذه الغاية والحد‏.‏ ثم قال أبو جهل‏:‏ ما هي‏؟‏ وأبيك لنعطيكها وعشر أمثالها، قال‏:‏ تقولون‏:‏ ‏(‏لا إله إلا الله ، وتخلعون ما تعبدون من دونه‏)‏‏.‏ فصفقوا بأيديهم، ثم قالوا‏:‏ أتريد يا محمد أن تجعل الآلهة إلهًا واحدًا‏؟‏ إن أمرك لعجب‏.‏ ثم قال بعضهم لبعض‏:‏ إنه والله ما هذا الرجل بمعطيكم شيئًا مما تريدون، فانطلقوا وامضوا على دين آبائكم، حتى يحكم الله بينكم وبينه، ثم تفرقوا‏.‏ وفيهم نزل قوله تعالى‏:‏ ‏{‏ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي عِزَّةٍ وَشِقَاقٍ كَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَبْلِهِم مِّن قَرْنٍ فَنَادَوْا وَلَاتَ حِينَ مَنَاصٍ وَعَجِبُوا أَن جَاءهُم مُّنذِرٌ مِّنْهُمْ وَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا سَاحِرٌ كَذَّابٌ أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ وَانطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَى آلِهَتِكُمْ إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ يُرَادُ مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ إِنْ هَذَا إِلَّا اخْتِلَاقٌ‏}‏ ‏[‏ص‏:‏1‏:‏ 7‏]‏‏.   انهيار كل الإمكانيات والقوى المادية والصحية والبشرية:   صحيح أن خطة الاستئصال فشلت بالمعنى المباشر، ولكن واصل القريشيون في تطبيق روحها. وكل ذلك لم يكن من دون خسائر كثيرة، مادية وصحية وبشرية، بل سنرى أنه قد انهارت في خلالها كل امكانات حركة الإسلام ودعوته ، بما أصبحت به عارية من كل ذلك، ولم يبق لها من قوة ولا حام إلا الله رب العالمين.   1 – انهيار القوة الخارجية الحامية للدعوة: رأينا أن أبا طالب قد هدته الأحداث والسنون حتى لازم الفراش . فلما حضرته الوفاة دخل عليه النبي صلى الله عليه وسلم وعنده أبو جهل، فقال‏:‏ ‏(‏أي عم، قل‏:‏ لا إله إلا الله ، كلمة أحاج لك بها عند الله ‏)‏ فقال أبو جهل وعبد الله بن أبي أمية‏:‏ يا أبا طالب، ترغب عن ملة عبد المطلب‏؟‏ فلم يزالا يكلماه حتى قال آخر شيء كلمهم به‏:‏ على ملة عبد المطلب، فقال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏لأستغفرن لك ما لم أنه عنـه‏)‏، فـنزلت‏:‏‏{‏ مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَن يَسْتَغْفِرُواْ لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُواْ أُوْلِي قُرْبَى مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ‏}‏ ‏[‏التوبة‏:‏113‏]‏ ونزلت‏:‏‏{‏إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ‏}‏ ‏[‏القصص‏:‏ 56‏]‏‏.‏ ولا حاجة إلى بيان أن أبا طالب كان الحصن الذي احتمت به الدعوة الإسلامية من هجمات الكبراء والسفهاء، ولكن لاينفع مع الكفر شيء‏.‏ ففي الصحيح عن العباس بن عبد المطلب، قال للنبى صلى الله عليه وسلم‏:‏ ما أغنيتَ عن عمك، فإنه كان يحوطك ويغضب لك‏؟‏ قال‏:‏ ‏(‏هو في ضَحْضَاح من نار، ولولا أنا لكان في الدرك الأسفل من النار‏)‏ 2 – انهيار القوة الأسرية المتبنية والمناصرة للدعوة:   الأسرة هي مثابة المرء من كدح النهار للسكن والراحة من تعب ومواجهات الخارج، وقاعدة تجديد العزم والطاقة لاستئناف هذا الكدح ومواصلته. وبغير هذا التعاقب لن يلبث المرء أن يُستنزف حد الشلل والعجز. ولقد كان دور خديجة في هذا رياديا مع الرسول صلى الله عليه وسلم وهو الدور الذي هدّها بما مر عليها من شدائد خاصة شدة الحصار ، فلم يمر على وفاة أبي طالب ثلاثة أشهر حتى لحقت به وتوفيت رضي الله عنها . إن خديجة كانت من نعم الله الجليلة على رسول الله صلى الله عليه وسلم، بقيت معه ربع قرن تحن عليه ساعة قلقه، وتؤازره في أحرج أوقاته، وتعينه على إبلاغ رسالته، وتشاركه في مغارم الجهاد المر،وتواسيه بنفسها ومالها، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏آمنت بى حين كفر بى الناس، وصدقتني حين كذبني الناس، وأشركتنى في مالها حين حرمنى الناس، ورزقنى الله ولدها وحرم ولد غيرها‏)‏   3 – تضاعف البلاء وانغلاق الأوضاع وانسدادها إلا من الله: انهارت هاتان القوتان المؤلمتان خلال أيام معدودة، فاهتزت مشاعر الحزن والألم في قلب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم لم تزل تتوالى عليه المصائب من قومه‏، حيث تجرؤوا عليه وكاشفوه بالنكال والأذى بعد موت أبي طالب، فازداد غمًا على غم، حتى يئس منهم، وخرج إلى الطائف رجـاء أن يستجيبوا لدعوتـه، أو يؤووه وينصـروه على قومــه، فلم يـر مـن يؤو ولم يـر ناصرًا، بل آذوه أشد الأذى، ونالوا منه ما لم ينله قومـه‏.‏ وكما اشتدت وطأة أهل مكة على النبي صلى الله عليه وسلم اشتدت على أصحابه حتى التجأ رفيقه أبو بكر الصديق رضي الله عنه إلى الهجرة عن مكة، فخرج حتى بلغ بَرْك الغِمَاد، يريد الحبشة، فأرجعه ابن الدُّغُنَّة في جواره‏.‏ قال ابن إسحاق‏:‏ لما هلك أبو طالب نالت قريش من رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأذى ما لم تطمع به في حياة أبي طالب، حتى اعترضه سفيه من سفهاء قريش فنثر على رأسه ترابًا، ودخل بيته والتراب على رأسه، فقامت إليه إحدى بناته فجعلت تغسل عنه التراب وهي تبكى، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لها‏:‏ ‏(‏لا تبك يابنية، فإن الله مانع أباك‏)‏‏.‏ قال‏:‏ ويقول بين ذلك‏:‏ ‏(‏ما نالت مني قريش شيئًا أكرهه حتى مات أبو طالب‏)‏‏.‏   4 – عوامل الصبر والثبات والقوة والمقاومة: ورغم جسامة الخسائر، واستنزاف القوى، وانهيار الامكانات، بقيت حركة الإسلام ثابتة صامدة ، أسوتها في ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فما سر هذا الثبات وهذا الصمود؟   إنه القرآن كلام رب العالمين الذي يهدي ويزكي ويمد بالعلم والقوة / ومعه بشارات تخرج من ضيق الحاضر وانغلاقه إلى آفاق المستقبل بالتمكين في الدنيا والفوز في الآخرة.   إنه القرآن الذي يهدي ويزكي ويمد بالعلم والقوة :   في تلك الفترات العصيبة الحالكة كانت تنزل السور والآيات تقيم الحجج والبراهين على صدق مبادئ الإسلام ـ التي كانت الدعوة تدور حولها ـ ، وترشد المسلمين إلى أسس الهدى، وتثير مشاعرهم  ونوازعهم على الصبر والتجلد، تضرب لذلك الأمثال، وتبين لهم ما فيه من الحكم‏{‏أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء وَزُلْزِلُواْ حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ مَتَى نَصْرُ الله ِ أَلا إِنَّ نَصْرَ الله ِ قَرِيبٌ‏}‏ ‏[‏البقرة‏:‏214 ‏]‏ ‏{‏الم أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ الله ُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ‏}‏ ‏[‏العنكبوت‏:‏1‏ – 3‏]‏‏.‏ كما كانت تلك الآيات ترد على إيرادات الكفار والمعاندين ردًا مفحمًا، ولا تبقي لهم حيلة، ثم تحذرهم مرة من عواقب وَخِيمَة ـ إن أصروا على غيهم وعنادهم ـ في جلاء ووضوح، مستدلة بأيام الله ، والشواهد التاريخية التي تدل على سنة الله في أوليائه وأعدائه، وتتلطف بهم مرة أخرى إفهاما إرشادا وتوجيها حتى ينصرفوا عما هم فيه من الضلال المبين‏.‏ كذلك كان القرآن مع المسلمين وكذلك كان يبصرهم بمشاهد الكون وجمال الربوبية، وكمال الألوهية، وآثار الرحمة والرأفة، وتجليات الرضوان ما يحنون إليه حنينًا لا يقوم له أي عقبة‏.‏ كما كان يبين لهم مصير هم ‏{‏يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُم بِرَحْمَةٍ مِّنْهُ وَرِضْوَانٍ وَجَنَّاتٍ لَّهُمْ فِيهَا نَعِيمٌ مُّقِيمٌ‏}‏ ‏[‏التوبة‏:‏21‏]‏، ومصير أهل الكفر والطغاة والظالمين ‏{‏يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ‏}‏ ‏[‏القمر‏:‏48‏]‏‏.‏   وأما الرسول صلى الله عليه وسلم فقد كان {يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة} . ولم يزل الرسول صلى الله عليه وسلم يغذى أرواحهم برغائب الإيمان، ويزكي نفوسهم بتعليم الحكمة والقرآن، ويربيهم يحدو بنفوسهم إلى منازل سمو الروح، ونقاء القلب، ونظافة الخلق، والتحرر من سلطان الماديات، والمقاومة للشهوات، والنزوع إلى رب الأرض والسموات، ويخرجهم من الظلمات إلى النور، ويأخذهم بالصبر على الأذى، والصفح الجميل.‏ فازدادوا رسوخًا في الدين، وعزوفا عن الشهوات، وتفانيًا في سبيل المرضاة، وحنينًا إلى الجنة، وحرصًا على العلم، وفقهًا في الدين، ومحاسبة للنفس، وقهرًا للنزعات وغلبة على العواطف، وتسيطرًا على الثائرات والهائجات، وتقيدًا بالصبر والهدوء والوقار‏.‏  بشارات تخرج من ضيق الحاضر وانغلاقه إلى التمكين في الدنيا والفوز في الآخرة: ليس الدخول في الإسلام معناه جر المصائب والحتوف، بل إن الدعوة الإسلامية تهدف إلى نشر الخير وسوقه إلى الناس جميعا . وكان صلى الله عليه وسلم يبشر أن هذا الخير سيعم في الأخير ليس فقط مكة أو جزءا محدودا من الأرض ولكن الأرض جميعا. وكان القرآن ينزل بهذه البشارات ـ مرة بالصراحة وأخرى بالكناية ـ ففي تلك الفترات القاصمة التي ضُيّقت الأرض على المسلمين، وكادت تخنقهم وتقضي على حياتهم كانت تنزل الآيات بما جرى بين الأنبياء السابقين وبين أقوامهم‏.‏ فكانت في هذه القصص إشارات واضحة إلى ظهور الحق والخير‏، قال تعالى‏:‏ ‏{‏وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنصُورُونَ وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ فَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّى حِينٍ وَأَبْصِرْهُمْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ أَفَبِعَذَابِنَا يَسْتَعْجِلُونَ فَإِذَا نَزَلَ بِسَاحَتِهِمْ فَسَاء صَبَاحُ الْمُنذَرِينَ‏}‏ ‏[‏الصافات‏:‏171‏ – 177‏]‏،وقال‏:‏ ‏{‏سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ‏}‏ ‏[‏القمر‏:‏45‏]‏، وقال‏:‏ ‏{‏جُندٌ مَّا هُنَالِكَ مَهْزُومٌ مِّنَ الْأَحْزَابِ‏}‏ ‏[‏ص‏:‏11]‏‏.‏ ونزلت في الذين هاجروا إلى الحبشة‏:‏ ‏{‏وَالَّذِينَ هَاجَرُواْ فِي الله ِ مِن بَعْدِ مَا ظُلِمُواْ لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَلَأَجْرُ الآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ‏}‏ ‏[‏النحل‏:‏41‏]‏‏.‏ وسألوه عن قصة يوسف فأنزل الله في طيها‏:‏ ‏{‏لَّقَدْ كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آيَاتٌ لِّلسَّائِلِينَ‏}‏ ‏[‏يوسف‏:‏7‏]‏‏.‏ أي فأهل مكة السائلون يلاقون ما لاقى إخوانه من الفشل، ويستسلمون كاستسلامهم.    وقال وهو يذكر الرسل‏:‏ ‏{‏وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّـكُم مِّنْ أَرْضِنَآ أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ وَلَنُسْكِنَنَّـكُمُ الأَرْضَ مِن بَعْدِهِمْ ذَلِكَ لِمَنْ خَافَ مَقَامِي وَخَافَ وَعِيدِ‏}‏ ‏[‏إبراهيم‏:‏13، 14‏]‏‏.‏   وحينما كانت الحرب مشتعلة بين الفرس والرومان، وكان الكفار يحبون غلبة الفرس لكونهم مشركين، والمسلمون يحبون غلبة الرومان لكونهم مؤمنين بالله والرسل والوحي والكتب واليوم الآخر، وكانت الفرس يغلبون ويتقدمون، أنزل الله بشارة بغلبة الروم في بضع سنين، ولكنه لم يقتصر على هذه البشارة الواحدة، بل صرح ببشارة أخرى، وهي نصر الله للمؤمنين حيث قال‏:‏ ‏{‏وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ الله ‏}‏ ‏[‏الروم‏: ‏4، 5‏]‏‏.‏ وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم نفسه يبشر بمـثل هذه البشارات بين آونـة وأخـرى، فكـان إذا وافي الموسم، وقـام بـين الناس في عُكاظ، ومَجَنَّة، وذى المَجَاز لتبليغ الرسالة، لـم يكـن يبشرهم بالجـنة فحسب، بل يقول لهم بكل صراحة‏:‏ ‏(‏يأيها الناس، قولوا‏:‏ لا إله إلا الله تفلحوا، وتملكوا بها العرب، وتدين لكم بها العجم، فإذا متم كنتم ملوكًا في الجنة‏)‏‏.‏ وقد أسلفنا ما أجاب به النبي صلى الله عليه وسلم عتبة بن ربيعة حين أراد مساومته على رغائب الدنيا، وما فهمه ورجاه عتبة من ظهور أمره عليه الصلاة والسلام‏.‏ وكذلك ما أجاب به النبي صلى الله عليه وسلم آخر وفد جاء إلى أبي طالب، فقد صرح لهم أنه يطلب منهم كلمة واحدة يعطونها تدين لهم بها العرب، ويملكون العجم‏.‏ وقال خباب بن الأرت‏:‏ أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو متوسد برده وهو في ظل الكعبة، وقد لقينا من المشركين شدة، فقلت‏:‏ ألا تدعو الله ، فقعد، وهو محمر وجهه، فقال‏:‏ ‏(‏لقد كان من قبلكم ليمشط بمشاط الحديد ما دون عظامه من لحم وعصب ما يصرفه ذلك عن دينه، وليتمن الله هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت ما يخاف إلا الله والذئب على غنمه ‏ولكنكم تستعجلون‏)‏ ولم تكن هذه البشارات مخفية مستورة، بل كانت فاشية مكشوفة، يعلمها القريشيون، كما كان يعلمها المسلمون، حتى كان الأسود بن المطلب وجلساؤه إذا رأوا أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم تغامزوا بهم، وقالوا‏:‏ قد جاءكم ملوك الأرض الذين يرثون كسرى وقيصر، ثم يصفرون ويصفقون‏.‏ وأمام هذه البشارات، مع الرجاء في الفوز بالجنة كان الصحابة يرون أن الاضطهادات التي تتوالى عليهم من كل جانب، والمصائب التي تحيط بهم من كل الأرجاء ليست إلا‏:‏ ‏(‏سحابة صيف عن قليل تقشع‏)‏‏.‏ خروج الرسول صلى الله عليه وسلم لدعوة أهل الطائف وطلب نصرتهم: في شوال سنة عشر من النبوة خرج النبي صلى الله عليه وسلم إلى الطائف، وهي تبعد عن مكة نحو ستين ميلًا، سارها ماشيًا على قدميه جيئة وذهوبًا، ومعه مولاه زيد بن حارثة، وكان كلما مر على قبيلة في الطريق دعاهم إلى الإسلام، فلم تجب إليه واحدة منها‏.‏ 1 – مع أهل الطائف :   فلما انتهي إلى الطائف عمد إلى ثلاثة إخوة من رؤساء ثقيف ، وهم عبد ياليل ومسعود وحبيب أبناء عمرو بن عمير الثقفي، فجلس إليهم ودعاهم إلى الله ، وإلى نصرة الإسلام، فقال أحدهم‏:‏ أمْرُط ثياب الكعبة ‏[‏أي أمزقها‏]‏ إن كان الله أرسلك‏.‏ وقال الآخر‏:‏ أما وَجَدَ الله أحدًا غيرك، وقال الثالث‏:‏والله لا أكلمك أبدًا، إن كنت رسولًا لأنت أعظم خطرًا من أن أرد عليك الكلام، ولئن كنت تكذب على الله ما ينبغى أن أكلمك‏.‏ فقام عنهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال لهم‏:‏ ‏[‏إذ فعلتم ما فعلتم فاكتموا عني‏]‏‏.‏ وأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أهل الطائف عشرة أيام، لا يدع أحدًا من أشرافهم إلا جاءه وكلمه، فقالوا‏:‏ اخرج من بلادنا‏.‏ وأغروا به سفهاءهم، فلما أراد الخروج تبعه سفهاؤهم وعبيدهم يسبونه ويصيحون به، حتى اجتمع عليه الناس، فوقفوا له سِمَاطَيْن ‏[‏أي صفين‏]‏ وجعلوا يرمونه بالحجارة، وبكلمات من السفه، ورجموا عراقيبه، حتى اختضب نعلاه بالدماء‏.‏ وكان زيد بن حارثة يقيه بنفسه حتى أصابه شِجَاج في رأسه، ولم يزل به السفهاء كذلك حتى ألجؤوه إلى حائط لعتبة وشيبة ابني ربيعة على ثلاثة أميال من الطائف، فلما التجأ إليه رجعوا عنه.    وأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى شجرة من عنب فجلس تحت ظلها إلى جدار‏.‏ فلما جلس إليه واطمأن، دعا بالدعاء المشهور الذي يدل على امتلاء قلبه كآبة وحزنًا مما لقي من الشدة، وأسفًا على أنه لم يؤمن به أحد، قال‏:‏ ‏(‏الله م إليك أشكو ضَعْف قُوَّتِى، وقلة حيلتى، وهواني على الناس، يا أرحم الراحمين، أنت رب المستضعفين، وأنت ربي، إلى من تَكِلُنى‏؟‏ إلى بعيد يَتَجَهَّمُنِى‏؟‏ أم إلى عدو ملكته أمري‏؟‏ إن لم يكن بك عليّ غضب فلا أبالي، ولكن عافيتك هي أوسع لي، أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات، وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة من أن تنزل بي غضبك، أو يحل علي سَخَطُك، لك العُتْبَى حتى ترضى، ولا حول ولا قوة إلا بك‏)‏‏.‏ فلما رآه ابنا ربيعة تحركت له رحمهما، فدعوا غلامًا لهما نصرانيًا يقال له‏:‏ عَدَّاس، وقالا له‏: ‏خذ قطفًا من هذا العنب، واذهب به إلى هذا الرجل‏.‏ فلما وضعه بين يدى رسول الله صلى الله عليه وسلم مد يده إليه قائلًا‏:‏ ‏(‏باسم الله ‏)‏ ثم أكل‏.‏ فقال عداس‏:‏ إن هذا الكلام ما يقوله أهل هذه البلاد، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏من أي البلاد أنت‏؟‏ وما دينك‏؟‏ قال‏:‏ أنا نصراني من أهل نِينَوَى‏.‏ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ من قرية الرجل الصالح يونس بن مَتَّى‏)‏‏.‏ قال له‏:‏ وما يدريك ما يونس ابن متى‏؟‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏ذاك أخي، كان نبيًا وأنا نبي‏)‏، فأكب عداس على رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم ويديه ورجليه يقبلها‏.‏ فقال ابنا ربيعة أحدهما للآخر‏:‏ أما غلامك فقد أفسده عليك‏.‏ فلما جاء عداس قالا له‏:‏ ويحك ما هذا‏؟‏ قال‏:‏ يا سيدى، ما في الأرض شيء خير من هذا الرجل، لقد أخبرني بأمر لا يعلمه إلا نبى، قالا له‏:‏ ويحك يا عداس ، لا يصرفنك عن دينك، فإن دينك خير من دينه‏.‏ 2 – تأييد الرسول بملك الجبال وتفويضه في أمر قومه:   ورجع رسول الله صلى الله عليه وسلم في طريق مكة بعد خروجه من الحائط كئيبًا محزونًا كسير القلب، فلما بلغ قرن المنازل بعث الله إليه جبريل ومعه ملك الجبال، يستأمره أن يطبق الأخشبين على أهل مكة‏.‏ وقد روى البخاري تفصيل القصة ـ بسنده ـ عن عروة بن الزبير، أن عائشة رضي الله عنها حدثته أنها قالت للنبى صلى الله عليه وسلم‏:‏ هل أتى عليك يوم كان أشد عليك من يوم أحد‏؟‏ قال‏:‏ ‏(‏لقيت من قومكِ ما لقيت، وكان أشد ما لقيت منهم يوم العقبة، إذ عرضت نفسي على ابن عبد يالِيل بن عبد كُلاَل، فلم يجبني إلى ما أردت، فانطلقت ـ وأنا مهموم ـ على وجهي، فلم أستفق إلا وأنا بقَرْنِ الثعالب ـ وهو المسمى بقَرْنِ المنازل ـ فرفعت رأسي فإذا أنا بسحابة قد أظلتني، فنظرت فإذا فيها جبريل، فناداني، فقال‏:‏ إن الله قد سمع قول قومك لك، وما ردوا عليك، وقد بعث الله إليك ملك الجبال لتأمره بما شئت فيهم‏.‏ فناداني ملك الجبال، فسلم عليّ ثم قال‏:‏ يا محمد، ذلك، فما شئت، إن شئت أن أطبق عليهم الأخشبين ـ أي لفعلت، والأخشبان‏:‏ هما جبلا مكة‏:‏ أبو قُبَيْس والذي يقابله، وهو قُعَيْقِعَان ـ قال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ بل أرجو أن يخرج الله عز وجل من أصلابهم من يعبد الله عز وجل وحده لا يشرك به شيئا‏)‏‏.‏ وفي هذا الجواب الذي أدلى به الرسول صلى الله عليه وسلم تتجلى شخصيته الفذة، وما كان عليه من الخلق العظيم لا يدرك غوره‏.‏ 3 – تأييده بإيمان نفر من الجن وانقلابهم إلى قومهم داعين :   وأفاق رسول الله صلى الله عليه وسلم واطمأن قلبه لأجل هذا النصر الغيبى الذي أمده الله عليه من فوق سبع سموات، ثم تقدم في طريق مكة حتى بلغ وادى نخلة، وأقام فيه أيامًا‏.‏ وخلال تلك الإقامة بعث الله إليه نفرًا من الجن ذكرهم الله في موضعين من القرآن‏:‏ في سورة الأحقاف‏:‏‏{‏وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِّنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِم مُّنذِرِينَ قَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنزِلَ مِن بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُّسْتَقِيمٍ يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ الله ِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ‏}‏ ‏[‏الأحقاف‏:‏29‏:‏ 31‏]‏‏.‏ وفي سورة الجن‏:‏ ‏{‏قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِّنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَن نُّشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا‏}‏ إلـى تمـام الآيــة الخامـسة عشـر ‏[‏ الجن‏: ‏1: 15‏]‏‏.‏ وسياق الآيات يدل أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يعلم بحضور ذلك النفر من الجن إلا بعد نزول الوحي فيهم ‏.‏ وكان هذا الحادث نصرًا آخر أمده الله به ، وبشارة بنجاح دعوة الإسلام، وأن أي قوة لا تستطيع أن تحول دون هذا النجاح‏:‏ ‏{‏وَمَن لَّا يُجِبْ دَاعِيَ الله ِ فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ فِي الْأَرْضِ وَلَيْسَ لَهُ مِن دُونِهِ أَولِيَاء أُوْلَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ‏}‏ ‏[‏الأحقاف‏:‏32]‏، ‏{‏وَأَنَّا ظَنَنَّا أَن لَّن نُّعجِزَ الله َ فِي الْأَرْضِ وَلَن نُّعْجِزَهُ هَرَبًا‏}‏ ‏[‏الجن‏:‏12‏]‏‏.‏   4 – عودته إلى مكة :  وحينئذ صمم على العود إلى مكة، لمواصلة مهمته بنشاط جديد وبجد وحماس‏،‏ فقال له زيد بن حارثة‏:‏ كيف تدخل عليهم وقد أخرجوك‏؟‏ فقال‏:‏ ‏(‏يا زيد، إن الله جاعل لما ترى فرجًا ومخرجًا، وإن الله ناصر دينه، ومظهر نبيه‏)‏‏.‏ وسار رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا دنا من مكة مكث بحِرَاء، وبعث رجلًا من خزاعة إلى الأخنس بن شَرِيق ليجيره، فقال‏:‏ أنا حليف، والحليف لا يجير ، فبعث إلى سهيل بن عمرو، فقال سهيل‏:‏ إن بني عامر لا تجير على بني كعب، فبعث إلى المطعم بن عدى، فقال المطعم‏:‏ نعم ، ثم تسلح ودعا بنيه وقومه ، فقال‏:‏ البسوا السلاح، وكونوا عند أركان البيت، فإني قد أجرت محمدًا، ثم بعث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ أن ادخل، فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه زيد بن حارثة حتى انتهي إلى المسجد الحرام، فقام المطعم بن عدى على راحلته فنادى‏:‏ يا معشر قريش، إني قد أجرت محمدًا فلا يهجه أحد منكم. وانتهى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الركن فاستلمه، وطاف بالبيت، وصلى ركعتين، وانصرف إلى بيته، ومطعم بن عدي وولده محدقون به بالسلاح حتى دخل بيته‏.‏   عرض الإسلام على الأفراد والقبائل العربية وطلب نصرتهم: في ذى القعدة سنة عشر من النبوة عاد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مكة؛ ليستأنف عرض الإسلام على القبائل والأفراد، ولاقتراب الموسم كان الناس يأتون إلى مكة رجالا، وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق لأداء فريضة الحج، وليشهدوا منافع لهم، ويذكروا اسم الله في أيام معلومات، فانتهز رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الفرصة، فأتاهم قبيلة قبيلة يعرض عليهم الإسلام ويدعوهم إليه ، كما كان يدعوهم منذ السنة الرابعة من النبوة ، وقد بدأ يطلب منهم من هذه السنة ـ العاشرة ـ أن يؤووه وينصروه ويمنعوه حتى يبلغ ما بعثه الله به‏، فلم يستجب منهم أحد‏.‏ وهذه القبائل لم يكن عرض الإسلام عليها في سنة واحدة ولا في موسم واحد، بل إنما كان ما بين السنة الرابعة من النبوة إلى آخر موسم قبل الهجرة‏، والأكثر كان في السنة العاشرة‏.‏ 1 – رفض الرسول صلى الله عليه وسلم لموقف قبيلة ينحرف بالدعوة : ومع رفض هذه القبائل لدعوة الرسول صلى الله عليه وسلم فقد تباينت ردودهم . والملفت منها رد قبيلة بني حنيفة حيث « لم يكن أحد من العرب أقبح عليه ردًا منهم”، ومنها رد بني عامر بن صعصعة.   قدم الرسول صلى الله عليه وسلم‏ على بني عامر‏ فدعاهم إلى الله ، وعرض عليهم نفسه، فقال بَيْحَرَة بن فِرَاس ‏[‏رجل منهم‏]‏‏:‏ والله ، لو إني أخذت هذا الفتى من قريش لأكلت به العرب، ثم قال‏:‏ أرأيت إن نحن بايعناك على أمرك، ثم أظهرك الله على من خالفك أيكون لنا الأمر من بعدك‏؟‏ قال‏:‏ ‏(‏الأمر إلى الله ، يضعه حيث يشاء‏)‏، فقال له‏:‏ أفَتُهْدَفُ نحورنا للعرب دونك، فإذا أظهرك الله كان الأمر لغيرنا، لا حاجة لنا بأمرك، فأبوْا عليه‏.‏ ولما رجعت بنو عامر تحدثوا إلى شيخ لهم لم يواف الموسم لكبر سنه، وقالوا له‏:‏ جاءنا فتى من قريش من بني عبد المطلب يزعم أنه نبي، يدعونا إلى أن نمنعه ونقوم معه، ونخرج به إلى بلادنا، فوضع الشيخ يديه على رأسه ثم قال‏:‏ يا بني عامر وهل لها من تَلاَف‏؟‏ هل لذُنَابَاها من مَطْلَب‏؟‏ والذي نفس فلان بيده ما تَقَوَّلَها إسماعيلى قط ، وإنها لحق، فأين رأيكم كان عنكم‏؟‏‏   2 – الست الأوائل الذين أسلموا من أهل يثرب : كان من حكمته صلى الله عليه وسلم إزاء ما كان يلقى من أهل مكة من التكذيب والصد عن سبيل الله أنه كان يخرج إلى القبائل في ظلام الليل، حتى لا يحول بينه وبينهم أحد من أهل مكة المشركين‏.‏ فخرج ليلة ومعه أبو بكر وعلي، فمر على منازل ذُهْل وشيبان بن ثعلبة ، وكلمهم في الإسلام‏.‏ وقد دارت بين أبي بكر وبين رجل من ذهل أسئلة وردود طريفة، وأجاب بنو شيبان بأرجى الأجوبة، غير أنهم توقفوا في قبول الإسلام‏.‏ ثم مر رسول الله صلى الله عليه وسلم بعقبة منى، فسمع أصوات رجال يتكلمون فعمدهم حتى لحقهم، وكانوا ستة نفر من شباب يثرب كلهم من الخزرج. وكان من سعادة أهل يثرب أنهم كانوا يسمعون من حلفائهم من يهود المدينة، إذا كان بينهم شيء، أن نبيًا من الأنبياء مبعوث في هذا الزمان سيخرج، فنتبعه، ونقتلكم معه قتل عاد وإرم‏.‏ فلما لحقهم رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لهم‏:‏ ‏(‏من أنتم‏؟‏‏)‏ قالوا‏:‏ نفر من الخزرج، قال‏:‏ ‏(‏من موالى اليهود‏؟‏‏)‏ أي حلفائهم، قالوا‏:‏ نعم‏.‏ قال‏:‏ ‏(‏أفلا تجلسون أكلمكم‏؟‏‏)‏ قالوا‏:‏ بلى، فجلسوا معه، فشرح لهم حقيقة الإسلام ودعوته، ودعاهم إلى الله عز وجل، وتلا عليهم القرآن‏.‏ فقال بعضهم لبعض‏:‏ تعلمون والله يا قوم، إنه للنبى الذي توعدكم به يهود، فلا تسبقنكم إليه، فأسرعوا إلى إجابة دعوته، وأسلموا‏.‏ وكانوا من عقلاء يثرب، أنهكتهم الحرب الأهلية التي مضت قريبًا، والتي لا يزال لهيبها مستعرًا، فأملوا أن تكون دعوته سببًا لوضع الحرب، فقالوا‏:‏ إنا قد تركنا قومنا ولا قوم بينهم من العداوة والشر ما بينهم، فعسى أن يجمعهم الله بك، فسنقدم عليهم، فندعوهم إلى أمرك، ونعرض عليهم الذي أجبناك إليه من هذا الدين ، فإن يجمعهم الله عليك فلا رجل أعز منك‏.‏   كان ذلك في موسم الحج من سنة 11 من النبوة ، وقد وجدت الدعوة الإسلامية في هؤلاء بذورًا صالحة، سرعان ما تحولت إلى شجرات باسقات، اتقى المسلمون في ظلالها الوارفة لفحات الظلم والعدوان حتى تغير مجرى الأحداث وتحول خط التاريخ‏.‏    بيعة الإسلام والدعوة إلى الإسلام في المدينة :   1 – بيعة الإسلام : وما أن رجع هؤلاء إلى المدينة حملوا إليها رسالة الإسلام، حتى لم تبق دار من دور الأنصار إلا وفيه ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏ وكان من جراء ذلك أن جاء في الموسم التالي ـ موسم الحج سنة 12 من النبوة – اثنا عشر رجلًا ، فالتقوا برسول الله صلى الله عليه وسلم عند العقبة بمنى وبايعوه ‏.‏ روى البخاري عن عبادة بن الصامت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏[تعالوا بايعوني على ألا تشركوا بالله شيئًا، ولا تسرقوا، ولا تزنوا، ولا تقتلوا أولادكم، ولا تأتوا ببهتان تفترونه بين أيديكم وأرجلكم، ولا تعصوني في معروف، فمن وفي منكم فأجره على الله ، ومن أصاب من ذلك شيئًا فعوقب به في الدنيا، فهو له كفارة، ومن أصاب من ذلك شيئًا فستره الله ، فأمـره إلى الله ؛ إن شاء عاقبه، وإن شاء عفا عـنه‏]‏‏.‏   2 – سفير الإسلام في المدينة: وبعد أن تمت البيعة وانتهى الموسم بعث النبي صلى الله عليه وسلم مع هؤلاء المبايعين أول سفير في يثرب؛ ليعلم المسلمين فيها شرائع الإسلام، ويفقههم في الدين، وليقوم بنشر الإسلام بين الذين لم يزالوا على الشرك، واختار لهذه السفارة شابًا من شباب الإسلام من السابقين الأولين، وهو مُصْعَب بن عُمَيْر العبدرى رضي الله عنه‏.‏   نزل مصعب بن عمير على أسعد بن زُرَارة، وأخذا يبثان الإسلام في أهل يثرب بجد وحماس، وكان مصعب يُعْرَف بالمقرئ‏.‏ ومن أروع ما يروى من نجاحه في الدعوة أن أسعد بن زرارة خرج به يومًا يريد دار بني عبد الأشهل ودار بني ظَفَر، فدخلا في حائط من حوائط بني ظفر، وجلسا على بئر يقال لها‏:‏ بئر مَرَق، واجتمع إليهما رجال من المسلمين ـ وسعد بن معاذ وأُسَيْد بن حُضَيْر سيدا قومهما من بني عبد الأشهل يومئذ على الشرك ـ فلما سمعا بذلك قال سعد لأسيد‏:‏ اذهب إلى هذين اللذين قد أتيا ليسفها ضعفاءنا فازجرهما، وانههما عن أن يأتيا دارينا، فإن أسعد بن زرارة ابن خالتي، ولولا ذلك لكفيتك هذا‏.‏ فأخذ أسيد حربته وأقبل إليهما، فلما رآه أسعد قال لمصعب‏:‏ هذا سيد قومه قد جاءك فاصدق الله فيه، قال مصعب‏:‏ إن يجلس أكلمه‏.‏ وجاء أسيد فوقف عليهما متشتمًا، وقال‏:‏ ما جاء بكما إلينا‏؟‏ تسفهان ضعفاءنا‏؟‏ اعتزلانا إن كانت لكما بأنفسكما حاجة، فقال له مصعب‏:‏ أو تجلس فتسمع، فإن رضيت أمرا قبلته، وإن كرهته كف عنك ما تكره، فقال‏:‏ أنصفت، ثم ركز حربته وجلس، فكلمه مصعب بالإسلام، وتلا عليه القرآن‏.‏ قال‏:‏ فو الله لعرفنا في وجهه الإسلام قبل أن يتكلم، في إشراقه وتهلله، ثم قال‏:‏ ما أحسن هذا وأجمله‏؟‏ كيف تصنعون إذا أردتم أن تدخلوا في هذا الدين‏؟‏ قالا له‏:‏ تغتسل، وتطهر ثوبك، ثم تشهد شهادة الحق، ثم تصلى ركعتين‏.‏ فقام واغتسل، وطهر ثوبه وتشهد وصلى ركعتين، ثم قال‏:‏ إن ورائى رجلًا ـ سعد بن معاذ ـ  إن تبعكما لم يتخلف عنه أحد من قومه، وسأرشده إليكما الآن ثم أخذ حربته وانصرف إلى سعد في قومه، وهم جلوس في ناديهم‏.‏ فقال سعد‏:‏ أحلف بالله لقد جاءكم بغير الوجه الذي ذهب به من عندكم‏.‏ فلما وقف أسيد على النادى قال له سعد‏:‏ ما فعلت‏؟‏ فقال‏:‏ كلمت الرجلين، فوالله ما رأيت بهما بأسًا، وقد نهيتهما فقالا‏:‏ نفعل ما أحببت‏.‏ وقد حُدثت أن بني حارثة خرجوا إلى أسعد بن زرارة ليقتلوه ـ وذلك أنهم قد عرفوا أنه ابن خالتك ـ لِيُخْفِرُوك‏.‏ فقام سعد مغضبًا للذى ذكر له، فأخذ حربته، وخرج إليهما، فلما رآهما مطمئنين عرف أن أسيدًا إنما أراد منه أن يسمع منهما، فوقف عليهما متشتمًا، ثم قال لأسعد بن زرارة‏:‏ والله يا أبا أمامة، لولا ما بينى وبينك من القرابة ما رُمْتَ هذا مني، تغشانا في دارنا بما نكره‏؟‏ وقـد كان أسعد قال لمصعب‏:‏ جاءك والله سيد من ورائه قومه، إن يتبعك لم يتخلف عنك منهم أحد، فقال مصعب لسعد بن معاذ‏:‏ أو تقعد فتسمع‏؟‏ فإن رضيت أمرًا قبلته، وإن كرهته عزلنا عنك ما تكره، قال‏:‏ قد أنصفت، ثم ركز حربته فجلس‏.‏ فعـرض عليــه الإسلام، وقـرأ علـيه القـرآن، قـال‏:‏ فعرفنـا والله في وجهـه الإسلام قبـل أن يتكلم، في إشـراقه وتهلّله، ثـم قـال‏:‏ كيـف تصنـعون إذا أسلمتـم‏؟‏ قالا‏:‏ تغتسل، وتطهر ثوبك، ثم تشهد شهادة الحق، ثم تصلي ركعتين‏.‏ ففعل ذلك‏.‏ ثم أخذ حربته فأقبل إلى نادي قومه، فلما رأوه قالوا‏:‏ نحلف بالله لقد رجع بغير الوجه الذي ذهب به‏.‏ فلما وقف عليهم قال‏:‏ يا بني عبد الأشهل، كيف تعلمون أمري فيكم‏؟‏ قالوا‏:‏ سيدنا وأفضلنا رأيًا، وأيمننا نقيبة، قال‏:‏ فإن كلام رجالكم ونسائكم عليّ حرام حتى تؤمنوا بالله ورسوله‏.‏ فما أمسى فيهم رجل ولا امرأة إلا مسلمًا ومسلمة، إلا رجل واحد ـ وهو الأُصَيْرِم ـ تأخر إسلامه إلى يوم أحد، فأسلم ذلك اليوم وقاتل وقتل، ولم يسجد لله سجدة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏[عمل قليلًا وأجر كثيرًا‏]‏‏.‏ وأقام مصعب في بيت أسعد بن زرارة يدعو الناس إلى الإسلام، حتى لم تبق دار من دور الأنصار إلا وفيها رجال ونساء مسلمون، إلا ما كان من دار بني أمية بن زيد وخَطْمَة ووائل‏.‏ كان فيهم قيس بن الأسلت الشاعر ـ وكانوا يطيعونه ـ فوقف بهم عن الإسلام حتى كان عام الخندق سنة خمس من الهجرة‏.‏ وقبل حلول موسم الحج التالى ـ أي حج السنة الثالثة عشرة ـ عاد مصعب بن عمير إلى مكة يحمل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بشائر الفوز، ويقص عليه خبر قبائل يثرب، وما فيها من مواهب الخير، وما لها من قوة ومنعة‏.‏ بيعة النصرة : البيعة السياسية على إقامة مجتمع ودولة الإسلام بالمدينة في موسم الحج في السنة الثالثة عشرة من النبوة حضر لأداء مناسك الحج بضع وسبعون نفسًا من المسلمين من أهل يثرب،جاؤوا ضمن حجاج قومهم من المشركين، متسائلين‏:‏ حتى متى نترك رسول الله صلى الله عليه وسلم يطوف ويطرد في جبال مكة ويخاف‏؟‏  يقول كعب بن مالك الأنصاري رضي الله عنه‏:‏ خرجنا إلى الحج، وواعدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالعقبة من أوسط أيام التشريق. فلما فرغنا من الحج، وكانت الليلة التي واعدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم لها، فنمنا مع قومنا في رحالنا حتى إذا مضى ثلث الليل خرجنا لميعاد رسول الله صلى الله عليه وسلم، نتسلل تسلل القَطَا، مستخفين، حتى اجتمعنا في الشِّعْب عند العقبة، ونحن ثلاثة وسبعون رجلًا، وامرأتان من نسائنا‏.‏ فاجتمعنا في الشعب ننتظر رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى جاءنا، ومعه عمه‏:‏ العباس بن عبد المطلب ـ وهو يومئذ على دين قومه ـ إلا أنه أحب أن يحضر أمر ابن أخيه، ويتوثق له، وكان أول متكلم‏.‏   1 – بداية المحادثة وتشريح العباس لخطورة المسؤولية: وبعد أن تكامل المجلس بدأت المحادثات ، وكان أول المتكلمين هو العباس بن عبد المطلب عم رسول الله صلى الله عليه وسلم،‏ قال‏:‏ يا معشر الخزرج ـ وكان العرب يسمون الأنصار خزرجـًا، خزرجـها وأوسـها كليهما ـ إن محمدًا منا حيث قد علمتم، وقد منعناه من قومنا ممن هو على مثل رأينا فيه، فهو في عز من قومه ومنعة في بلده‏.‏ وإنه قد أبي إلا الانحياز إليكم واللحوق بكم، فإن كنتم ترون أنكم وافون له بما دعوتموه إليه، ومانعوه ممن خالفه، فأنتم وما تحملتم من ذلك‏.‏ وإن كنتم ترون أنكم مُسْلِمُوه وخاذلوه بعد الخروج به إليكم فمن الآن فدعوه‏.‏ فإنه في عز ومنعة من قومه وبلده‏.‏ قال كعب‏:‏ فقلنا له‏:‏ قد سمعنا ما قلت، فتكلم يا رسول الله ، فخذ لنفسك ولربك ما أحببت‏.‏    2 – ابرام عقد البيعة: وبعد أن تكلم الرسول صلى الله عليه وسلم، قال جابر‏:‏ قلنا‏:‏ يا رسول الله ، علام نبايعك‏؟‏ قال‏:‏ ‏[على السمع والطاعة في النشاط والكسل‏.‏ وعلى النفقة في العسر واليسر‏.‏ وعلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر‏.‏ وعلى أن تقوموا في الله ، لا تأخذكم في الله لومة لائم‏.‏ وعلى أن تنصرونى إذا قدمت إليكم، وتمنعونى مما تمنعون منه أنفسكم وأزواجكم وأبناءكم، ولكم الجنة‏]‏‏.‏ وبعد أن تمت المحادثة حول شروط البيعة، وأجمعوا على الـشروع في عقدها قام رجلان من الرعيل الأول ممن أسلموا في مواسم سنتى 11 و 12 من النبوة، قام أحدهما تلو الآخر؛ ليؤكدا للقوم خطورة المسئولية، حتى لا يبايعوه إلا على جلية من الأمر، وليعرفا مدى استعداد القوم للتضحية، ويتأكدا من ذلك‏.‏ قالوا‏:‏ فما لنا بذلك يا رسول الله إن نحن وفينا بذلك‏؟‏ قال‏:‏ ‏[الجنة‏]‏‏.‏ قالوا‏:‏ ابسط يدك، فبسط يده فبايعوه‏.‏ قال جابر‏:‏ فقمنا إليه رجلًا رجلًا فأخذ علينا البيعة، يعطينا بذلك الجنة‏.‏ خلاصة ومحاكمة :   ما يحتاج مما سبق إلى توقف ثلاث: ثبات وصمود مسيرة النبوة على محورية الدعوة إلى الله حتى في أثناء وعقب خطة الاستئصال / وسر هذا الثبات والصمود / وضرورة فهم التكامل لأحداث ومراحل السيرة لسلامة الاستفادة منها .   1 – ثبات وصمود مسيرة النبوة على محورية الدعوة إلى الله في أثناء وعقب خطة الاستئصال:   رأينا ماذا كان موقف الرسول صلى الله عليه وسلم تجاه آخر محاولات القريشيين قبل وفاة أبي طالب حيث قال ‏:‏ ‏(‏أرأيتم إن أعطيتكم كلمة تكلمتم بها، ملكتم بها العرب، ودانت لكم بها العجم‏)‏ ، فقال أبو جهل‏:‏ ما هي‏؟‏ وأبيك لنعطيكها وعشر أمثالها، قال‏:‏ تقولون‏:‏ ‏(‏لا إله إلا الله ، وتخلعون ما تعبدون من دونه‏)‏‏.‏ فقالوا يأسا من تحوله عن دعوة الإسلام :‏ (إنه والله ما هذا الرجل بمعطيكم شيئًا مما تريدون، فانطلقوا وامضوا على دين آبائكم، حتى يحكم الله بينكم وبينه‏.‏) كان هذا مشهد آخر من ثباته صلى الله عليه وسلم وأبو طالب على فراش الموت، وقد كان بعد خطة استئصالية  كانت لها أضرارها الكبيرة، ومنها حال عمه أبي طالب طريح الفراش. ومع ذلك لم يحدثهم إلا في القضية الواحدة، قضية الدعوة وقضية الإسلام حتى عبر عليها بالكلمة الواحدة، رغم أنهم عبروا بوضوح  أنهم جاؤوا للأخذ والعطاء، فلم يأخذ ولم يعط بل عرض دعوة الإسلام في كلمة واحدة.   إنه نفس الثبات الذي رأيناه في أول مشهد وأبو طالب في عنفوانه. وما بينهما كان ثباتا كله ، مع ثبات الصدع بالحق كاملا وتبليغه، بعيدا عن كل أساليب المراوغة والكذب والخداع التي يمارسها أهل السياسة اليوم، والتي بدأت تأخذ طريقها حتى لدى حركة النهضة.    لقد اشتهر الرسول صلى الله عليه وسلم بالصدق والأمانة حتى لقّب في الجاهلية بالأمين. وبعد بعثته تعامل وفي ظروف الشدة وغيرها بذلك الصدق وبتلك الأمانة ، بكل وضوح وبكل الصدع المطلوب منه، حتى وصفه المولى سبحانه وتعالى  » وإنك لعلى خلق عظيم  » (سورة القلم)   إن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يزدد مع الزمن إلا سموا في الأخلاق حيث كان خلقه القرآن وحيث بعث ليتمم مكارم الأخلاق . إن السياسة من ساس يسوس ، أي قاد يقود ، فلا شك أن الرسول صلى الله عليه وسلم – وخاصة وأنه مسدد بالوحي – كان أمهر القادة أي أمهر الساسة والسياسيين، وكذلك – كما مر بنا –  كانت سياسته في الفترة المكية ، رافضا أي سياسة لا تحفظ المبدأ أو تضره أو تأتي عليه ؟   فأين هذه المحورية للدعوة في حركة النهضة ؟ بل على العكس من ذلك فقد تحولت هذه المحورية للعمل السياسي مجردا عن المبدأ ، بل قد بدأ يراودها الأخذ والعطاء فيه والمساومة به كما مر ذكره في الجزء السابق .   2 – تضييع حركة النهضة لمصادر ثباتها وصمودها وقوتها الأساسية :    لقد تعرضت حركة النهضة إلى خطة استئصال سرعان ما انصرف في أثنائها عنها كل نصير خارجي، وانهارت كافة امكانياتها وقواها الذاتية، واستنزفت إلى حد الشلل والعجز، ونال منها الاستئصاليون ما لم ينالوا منها في أي وقت سابق، وانغلقت الأوضاع وانسدت إلا من الله سبحانه وتعالى. ومع ذلك فماذا فعلت هذه الحركة؟ هل لجأت إليه سبحانه أم طفقت تجاهد في الأبواب المغلقة ؟   لقد كان ثبات هذه الحركة وثيات أبنائها عموما في الجملة ثباتا بطوليا إلا أنه كان ثباتا في السياسة، فلماذا لم يكن ثباتا بنفس الدرجة في الدين؟   إن أكبر الأبواب الذي دخل منه على حركة النهضة الضعف والوهن والخلل، ليس مجموع ما أصابها من البلاءات مما سبق ذكره، ولكن تفريطها في القرآن ومدده وشحنه وفي العمق الإيماني للأحداث والأعمال.   لقد رأينا أن سر ثبات وصمود مسيرة النبوة هوعيشها مع القرآن ، بكل أعماقه وآفاقه بما في ذلك آفاق التمكين في الآخرة وأيضا في الدنيا، ليس بالمعنى العجول الذي يعاصره المبتلون ولكن بالمعنى المجرد عن حظوظ المعاصرة له.   لقد حرمت حركة النهضة نفسها من المصدر الحقيقي للزاد والطاقة خاصة في وقت الشدائد، وهو المصدر الذي لا يقدر أحد أن يحول بينه وبينها بخلاف كل ما سواه. وهذا الزاد وهذه الطاقة كما هما قوة ثبات وصمود هما قوة وصل وصهر ووحدة للحركة، وهما أيضا قوة دفع وعمل.   إنه بحرمان هذه الحركة نفسها منه آل حالها إلى نفاذ الطاقة لدرجة العجز والشلل، وأصبحت مهددة في وحدتها، وأيضا في ثباتها وصمودها حتى في الجانب السياسي نفسه. وأخطر من كل ذلك أصبحت مهددة في هويتها وصفتها الإسلامية.   لقد سجنت نفسها في عالم السياسة مجردا عن عمقه الإسلامي فأصابها الإحباط وسكنها اليأس. ولامخرج لها مما تردت فيه إلا بتوبة إلى الله صادقة تقوّم الزيغ وتستعيد ما ضاع….   وهذا التضييع للقرآن والعمق الإسلامي لم يعرض حركة النهضة إلى ما ذكرنا فقط ، ولكن أيضا إلى انغلاق أبواب الانفراج دونها، وانسداد الآفاق أمامها. لقد كانت الأبواب – بمنطق الأسباب الظاهرة – مغلقة أمام مسيرة النبوة، ولكن أتى الله لها بالفرج من حيث لم يحتسب أحد، فرجا فتحت معه آفاق عظيمة. ولم يكن لها ذلك إلا بعد عمل دؤوب في الدعوة وفي العبادة وفي تلك الأغوار والأعماق الإيمانية …   فأين حركة النهضة من كل هذا بعد تضييعها وإهمالها تلك الأعماق والأغوار، وسجن نفسها في تسطيح سياسي غير منفك عن كثير من عفونات الواقع، والذي لا يمكن أن يفلح في شيئ يرضاه الله بحال؟   3 – الفهم التكاملي لأحداث ومراحل مسيرة النبوة ضروري لسلامته وصحته :   وحتى لا نحيد عن الفهم السليم لمسيرة النبوة من الضروري أن ندرك أن أحداثها ومراحلها لا يطوي لاحقها سابقها، ولكن هي حلقات يدعم بعضها بعضا ، مهامها مطلوبة باستمرار ، والسابق منها هي أصول وأسس لما بعدها . ولهذا فإن مراجعة حركة النهضة مع أصل مهمتها تقتضي محاكمتها إلى كافة تلك المراحل النبوية بمهامها وأساليبها وروحها ومقاصدها وضوابطها .   بهذا التكامل والترابط ينبغي أن تفهم أحداث وأطوار وتطورات مسيرة النبوة ، وأن يستفاد منه في أي بناء جديد.  عند إقبال الأنصار على الإسلام بدأ معهم الرسول صلى الله عليه وسلم من البداية، وتطور معهم بعد ذلك. فكان اللقاء الأول مع أول نفر منهم الذين أسلموا نقدر أنهم تلقوْا فيه الأسس الأولى للإسلام التي تضمنتها المرحلة الأولى التأسيسية من مسيرة النبوة كما بيناها.   وأما اللقاء الثاني معهم – الذي حصل في العام الموالي – فقد بايعوا فيه الرسول صلى الله عليه وسلم بيعة الإسلام وأرسل معهم مصعب بن عمير معلما وداعية. وواضح في هذا تناسبه مع مرحلة الصدع بالدعوة وتبليغها كما بيناها في المرحلة الثانية من مسيرة النبوة. إن الصدع بالدعوة وتبليغها هذه المرة ليست في مكة ولكن في المدينة، وهو إن لم يجد مناخا مناسبا في مكة فقد وجده في المدينة ، حيث لم تكتمل سنة واحدة حتى انتشر الإسلام فيها ، ولم يبق بيت لم يدخله إسلام، حتى تهيأت المدينة وأهلها لدور دار الإسلام ونصرته. وكان تتويج ذلك ببيعة النصرة، وهي بيعة مرتكزة على البيعة السابقة ومكملة لها، وتعني أن الإسلام ودعوته قد توفر على أهل وأرض يقام فيها مجتمع الإسلام ودولته وحكمه، بقيادة الرسول صلى الله عليه وسلم.   هذه هي الآفاق التي فتحها الله لمسيرة النبوة بعد ذلك الثبات والدأب والتقوى والتوكل والإخبات إلى المولى سبحانه… وهي آفاق لا يمكن أن تفتح لجماعة أو لفئة إلا من ذلك السبيل، ولا يمكن أبدا أن تفتح من باب السياسة كما تمارس الآن، وإذا انفتحت فلتنهار سريعا كانهيار بناء بدون أساس.   وفي الختام ، هذه هي مرحلة استئصال دعوة الإسلام ، إلا أنه قد تولدت فيها في نفس الوقت أسس انبعاث هذه الدعوة من جديد التي ستشكل أسس مرحلتها القادمة . إن مرحلة الاستئصال بالنظر لشدتها وخطورتها تضمنت في نفس الوقت آفاقها الكبيرة التي ستبلغها هذه الدعوة، فسبحانه {يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَيُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَكَذَلِكَ تُخْرَجُونَ (19)} (سورة الروم)     بقلم محمد شمام  العنوان البريدي : mohacham@gawab.com الهاتف النقال : 0046736309986   وإلى الجزء القادم إن شاء الله وهو الهادي إلى سواء السبيل

 
  

الكل يَضْرب و المُتلقيّ واحد    خطورة المخابرات التخاطريّة

  مقدمة بادئ ذي بدء، لإفادة أمراء في استصغار وتهميش وظلم الناس. وخبراء في تدمير النفس البشريّة وهتك الجسد الآدمي. وإنارة أهل العدل والإنصاف من القضاء ومن أهل العفة وعزة النفس من أتباع مهنة يسوع سيد المسيح، روح الله المخلّص، الذي وضع البعض منهم تجاربه الطبيّة و العلميّة بغير وجه حقّ في خدمة أجهزة المخابرات  للقضاء على أصحاب التفكيرالوطني و القومي والرأي المخالف. وكذلك إلى كل منتمي بالصدق و العفاف من السلطة الرابعة. و إلى أفذاذ المجتمعات المدنية المغاربيّة، الذين هم للإنبطاح كارهون و للفكرالقومي عاشقون و للحريات الشخصيّة يقدسون.  وذلك لأن طلب الحريّة وإحترام الآخر في كنف المساوات و العدل والإنصاف غريزة مكنونة في الإنسان ككُمون النّار في الحجر والعود، لا ترى حتى يقدحها قادح من غيرها. فإذا قدحها ظهرت بضوئها النافع أو بنار حريقها المدمّر للروح والجسد والأمة والبلد !؟. قال أحد عمالقة اجهزة المخابرات في العالم، وواضع أسس وأعمدة أكبر إمبراطورية إستعلامية على وجه الأرض، الجنرال البارز والمحامي المرموق بيل دونوفان، الملقب بالوطني الذي لا يعرف الرجوع إلى الخلف : – »  ليس هناك ما هو أفضل لصيانة الوطن و الأمة و رعاية النفسيّة الوطنيّة من رجل مخابرات نقي النفس. فائق التقنيّة والتجارب. متسلح بعلوم العصر و بسيكولوجيّة مرهفة و فاعلة. عليم بالقانون. إنساني في العمل والمعاملة مع مختلف أجنحة المجتمع المدني . يقدس النفس البشريّة و يحترم الجسد الآدمي .« محاولة جد متواضعة لإنارة هذا الموضوع الفسيح في المضمون والجوهر، موجهة إلى أهل الإختصاص، الذين أكثرهم للجهل عانقون و للنخب المثّقفة مستعبدون ولذواتهم عاشقون و للشَخُصَنَة عابدون.  وأذكّر كل متعالي بمنصبه أوبموقعه القيادي في كل مركزيات صنع القرار و مختلف مفارز ونخب المجتمعات الأمنية العربيّة أن في التواضع أصل المسؤوليّة. و في الإحساس بالغير صدر الإنسانيّة. و في الإنسانيّة وقاية فعّالة لجهاز مناعة المجتمع المدني من جهة وإرتباط وثيق بين جميع شرائح المجتمع ومركزية صنع القرار من جهة أساسيّة أُخرى. إذ قال الله الواحد الأحد في كتابه العزيز مخاطبا سيّد الخلق، الرسول الكريم صلّى الله عليه و سلّم في الآية169من سورة آل عمران:  » لو كنت فظا غليظ القلب لإنفضوا من حولك فأعف عنهم وإستغفر لهم و شاورهم في الأمر »   صدق الله العظيم كما ورد عن لوقا(Luc) في الإنجيل المقدس- العهد الجديد ـ6:27- 28 و32- 36/11:  9- 13: ((45- فهو يطلع الشمس على الأشرار و الصالحين، و يمطر على الأبرار و الضالين. فإن كنتم تحبّون الذي يحبّونكم، فأي أجر لكم؟ « –  » 12- عاملوا الآخرين مثلما تريدون أن يعاملوكم. هذه خلاصة الشريعة و تعاليم الأنبياء)). وأذكّر في هذا السياق قول سيّد المرسلين عليه الصلاة و السلام في حديثه الشريف، الذّي رواه الطبراني في الأوسط: – » رأس العقل بعد الديّن التوّدد إلى الناس و إصطناع المعروف الى كل برّ و فاجر »-. توطئـــــــة : *ـ إذا بحثنا في(علوم المخابرات) تسمية الجاسوسية والتجسس نجد في معاجم وتاج العروس أن التجسس » لغة أو لسان « من جس وهو اللمس باليد ويقال يجسه جسا أو إجتسه أي » مسه « ولمسه. وجس المرء بعينه إذا أخذ النظر إليه بغرض أن يتعرف عليه ويتثبته. وهو كما يقول محمد ركان الداعمي في كتابه » التجسس وأحكامه في الشريعة الإسلامية « مجازه حيث أن الجس هو اللمس باليد بإعتبار ما فيه من معنى الطلب باللمس فإن من يطلب شيئا يجسه ويلمسه ومنه جسّ الأرض أي وطئها وداسها وجسّ الخبر يعني بحث عنه. ومن التجسسّ وقيل التحسسّ هو » التفتيش « عن بواطن الأمور والتجسسّ بالجيم  –ج- المعجمة والتحسسّ بالحاء –ح- المهملة مآلهما إلى معنى واحد وإن كلا منهما يعني البحث عن الاخبار وتفحصها بصورة خفيّة وسريّة ومعرّفة الامور، والبحث عنها وطلبها. في تفسير القرطبي يقول : التجسسّ هو البحث عما يكتم عنك. وقيل في نيل الأطوار وفتح الباري : «الجاسوس يسمى عنيا لأن عمله » بعينه « أو لشدة إهتمامه بالرؤية وإستغراقه فيها فكأن جميع جسده سار» عينا . أما القواميس العسكريّة فتحدثت عن التجسسّ بمعناه الحديث وتسمية نوعا من أنواع العمل الإستخباري وهدفه البحث والحصول والإستيلاء على المعلومات المتعلقة بدولة ما او بأي ساحة مراد مراقبتها ونقلها بطريقة سرية « خاصة من مكانها إلى مكان آخر بواسطة عملاء دولة أخرى». وبهذا المعنى كما ورد في «الموسوعة العسكرية »  يشمل انواعا مختلفة من النشاطات المتعلقة بالأمن القومي والسياسة الخارجية التي تمارسها الدولة وتنبع أهميتها من أن كافة القرارات تتخذها بناء على توافر معلومات معينة، وإن يوم رئيس الدولة يبدأ وينتهي عادة بقراءة تقارير المعلومات قبل أن يتخذ القرارات المناسبة حسب إملاآت رجالات مخابراته و درجة وعيه ببواطن الأمور وإلمامه بأبجديات ميدان المخابرات و عالم المعلومات. وبالنسبة إلى كل بلدان المعمورة ا، فإن التجسسّ له مهمتان أساسيتان، الاولى رئيسية والثانية ثانوية. أما المهمة الرئيسية فهي إعطاء إنذار مبكر عن نوايا أهل العداوة والحسد لمركزية صنع القرار و المجتمع من أبناء ذلك الوطن وغيرهم، أما المهمة الثانية فهي التزويد بالمعلومات والإقتراحات الأساسية لبناء طرق الرد على التكتلات الإقليمية من المجتمع المدني والمنظمات الدولية المُعَرَّفَة و من يضمر من اصناف الشرور قليلها أو كثيرة  للنظام و الإقليم و الأمة. ويحدد نوع التجسس نوعية وطبيعة المعلومات المطلوبة، ومن هنا جاءت التسميات الآتية : -أ-     التجسس العسكري -ب-   التجسس السياسي -ج-   التجسس الإقتصادي -د-    التجسس الإستراتيجي -هـ-   التجسس القومي -و-   التجسس التكتيكي القتالي               -ز-   التجسس المضاد -س-  التجسس التخاطر والبارا-بسيكولوجيا -ش-  التجسس الداخلي على أهل السلك و المهنة من المجتمع الامني و العسكري لمعرفة خفايا وخلفيات نفسياتهم. و مستوى الجدّية لديهم ودرجة الصدق فيهم. ونواياهم وصفاء ضمائرهم. ودرجة ولائهم للكتلة والمساحة حتى لا يكونوا مصدر إغلاط وخطر على الدولة والوطن و الأمّة. – إن مصادر المعلومات في التجسسّ تكون علنيّة وهي التي تحصل عليها الدولة بما تملك من وسائل التصنت والإستماع والرصد. وهي المعلومات الاهم كما أن بعض مصادر المعلومات تكون » سريّة « وتصل بعض المعلومات العلنية إلى أجهزة الدولة عن طريق البعثات الديبلوماسية و المحطات الأمنيّة الخاصة. أما المعلومات السرية فيتم الحصول عليها من العملاء اولا ومن الإستطلاعات بالوسائل التكنولوجية المتوفرة حسب التقدم العلمي للدولة أو تبعياتها لقوة أكبرمنها او تفوقا في التجربة أو تدور في فلكها ثانيا. يقول القاموس السياسي للأستاذ أحمد عطية الله عن الجاسوسية : « الجاسوسّة في الإصطلاح القانوني هي العمل سرًا وبإدعاء كاذب ليستولي شخص أو يحاول الإستيلاء على معلومات حيويّة لغرض توصيلها إلى الأعداء، ونصّت إتفاقية لاهاي الدوليّة عام 1907 على محاكمة المتهم بالجاسوسيّة والحكم عليه بما يتناسب مع ما قام به من جرائم التجسس بما في ذلك الحكم بالإعدام. لا يعد من الجواسيس الجنود يقبض عليهم في مناطق الاعداء ماداموا لا يخفون شخصياتهم ولو كانوا يحاولون الإستيلاء على معلومات. أو مدنيون والجنود الذين يقبض عليهم وهم بصدد نقل المعلومات او تمرير المراسلات، أو الذين ينزلون بالمظلات. اما في زمن السلم فيعد  » جاسوسا  » كل من يحاول الإستيلاء على معلومات خاصة بالقوات المسلّحة او الذخائر أو التحصينات أو وسائل الدفاع بقصد توصيلها إلى دولة أخرى ». المخابــرات / الإستخبــارات منذ القــدم يمتد جذور نشوة المخابرات من العصور الغابرة وعبر عبق التاريخ في أقدم بلدان العالم الصين ومصر مرورا بالقرون الوسطى والحضارات العصرية حتى بلغت في يوم الناس هذا ذروتها سواء بتشعبها أو بنفقاتها الباهظة أو بالحاجة الماسة إليها وإستعمالها جميع الوسائل العلمية الحينيّة والحديثة وتسخير الإكتشافات المتطورة في سبيلها. والمراحل التي مرّ بها تاريخ المخابرات بحيث إزدياد الحاجة لأجهزة المعلومات المتطورة على مدى السنين. حيث كان الأباطرة والملوك والرؤساء والحكام يستلهمون الآلهة ويستشيرون أهل التصوّف والسحرة قبل الذهاب إلى الحرب ممّا يدل على الحاجة الفطرية والماسة إلى الإستطلاع والإستعلام ولو غيبا لمعرفة أخبار العدو.. وفي التوراة كما ذكر في طيها في السفر عدد الثالث عشر :  »-فأرسلهم موسى، ليتجسسّوا أرض كنعان وقال لهم إصعدوا من هنا إلى الجنوب واطلعوا إلى الجبل وأنظروا إلى الأرض، ما هي والشعب الساكن فيها، أقوي هو أم ضعيف، قليل أم كثير «-  عندما بعث سيدنا موسى بحضيرة مؤلفة من زمرتين، أي إثنى عشر كشافا، لإستطلاع أرض الكنعانيين في سيناء.  عاد هؤلاء بعد أربعين يوما فأعلموه بأن هذه الأرض مليئة بالمرعى وبالعسل واللبن ويمكن العيش فيها بسهولة كما أيقنوه بان رجالها أقوياء أشدّاء لا يمكن التغلّب عليهم. وكان رسول الله ( صلى الله عليه وسلم )، أول من أمر بإستطلاع اخبار قريش إبان حربه معها فكان يبعث ببعض أصحابه ليأتوه بأخبار القريشيين أو ليحددوا أماكن تجمعهم أو يرصدوا حركاتهم وتحركاتهم. ونجد مثل ذلك في الفتوحات الإسلامية في الشام ضد الروم وفي العراق ضد الفرس حيث كان جل القادة، الذين هم بالتواضع يتحلّون،  يتخفون بازياء مختلفة ليستطلعوا بأنفسهم شؤون بلاد الأعداء ليجمعوا الأحداثيات وذلك لتمهيد للجيوش الإسلامية الطريق إلى النصر وتجنب المباغتة والخسائر. وكدليل على ما نذكره نعود إلى الحروب الصليبية حيث قام ناصر صلاح الدين الأيوبي ( كردي ) بإنشاء شبكة تجسسّ ناجحة إمتدت من القدس أين كان الصليبيون إلى حد قلعة شقيف في جنوب لبنان حيث كان الأيوبيون . فكان الملك( صلاح الدين) يتلقى أخبار الصليبين يوما بيوم بواسطة هذه الشبكة بمختلف الطرق والوسائل المتاحة في هاتيك الأيام الخوالي برجالها الغوالي. وبالإضافة إلى ذلك فقد إستطاع الملك وبعض سواعده تجنيد بعض الرهبان من سلاله مريم العذراء و من أراضيها المعادين للصليبية وكذلك الذين تم » تهميشهم « من طرف قادة الصليبيين في ذلك الحين. وبعض النسوة اللواتي إستطعن الوصول إلى زوجة الملك الصليبي » بغدوين « وجعلها تتعاون معه بإرسال الأخبار المهمّة عن تحركات جيش زوجها مقابل هدايا نفيسة كانت محرومة من إقتنائها. المعلومات التي جُمعت من الشبكة ساعدت صلاح الدين الأيوبي على معرفة ما كان عليه الصليبيون معرفة دقيقة ومهدت له إسترجاع القدس بطريقة لم تعرفها الحروب العلنيّة و المبطنة من قبل. بل صارت تدرّس في جميع المدارس الأمنيّة و الكليّات العسكريّة في جميع أرجاء المعمورة إلى يوم الناس هذا (إستفيقوا يا عرب من سلالة مريم العذراء إلى غاية أمة محمد. ـ السُبات ممات). هنا نؤكد كيف أن فنّ التجسسّ( المخابرات) كان متطورا عند العرب والمسلمين بالنسبة إلى الأمم الأخرى بخلاف الجنس الأصفر واليهود، حتى أن الوزير الشهير » نظام الملك « مؤسس المدرسة النظامية في بغداد قبل أكثر من تسعة قرون يثبّت ويرسّخ في كتابه القيّم » السياسة « ان التجسّس ( جهاز المخابرات) كان من أهم اعراف الدبلوماسية الإسلامية حيث يقول الكتاب عن واجبات السفراء إذا أوفدوا إلى ملك أو رئيس دولة»  : إن مهمة السفراء لا تقف عند حد تقديم رسالة إلى من أرسلوا إليه بل إن هناك مئات من الأغراض الثانية يجب أن يبحثوا عنها- ومنها : 1- عليهم أن يعرفوا حالة الطريق والآبار وهل الطريق مرصفة تستطيع الجيوش أن تمر عليها؟ 2- عليهم أن يعرفوا أماكن المروج والأعشاب للعلف. 3- عليهم أن يعرفوا قوة الجيش والمؤن التي لديه وعدده وعُدده وحالته في الإستعداد في الدفاع والهجوم.. 4- عليهم ان يعلموا كيف يعيش » الملك أو الأمير « وماذا يأكل وبمن يجتمع وما هي تنظيمات بلاطه في القصر » والعادات المتبعة .«. 5- معرفة ماهي ملاهيه التي يلهو بها وهل يلعب الشطرنج -أو الصولجة أم يذهب للصيد … 6- معرفة عاداته في ظلمه وعدله ولهوه وتبذله وكرمه وأخيرا اخلاقه… 7- معرفة هل هو متعلم ام جاهل.. 8- معرفة هل جنده راضون عنه أم غاضبون عليه… 9- معرفة هل هو بخيل أم كريم جواد… 10- هل ازدهرت بلاده بالعمران أم امتلأت بالخراب والأطلال… 11- هل رعيته من الفقراء أم من الأغنياء … 12- وزيره الاول هل قدير أم عاجز . 13- هل حاشيته من العلماء الأذكياء أم العكس  … ؟ 14- ماذا يحب ويفضل وماذا يبغض ويكره ..؟ « ويصف المؤلف نظام الملك بالقول :  «إذا رغبوا في محاربته يوما أو أرادوا نفض خططه أوعيوبه كانوا مطلعين ومدركين يضعون المحاسن والمساوئ، نصب اعينهم وينهجون بحسبها». وهذا النظام الذي شرحه » نظام الملك « ، المتوفي سنة 1093 يكاد يكون كاملا. ويمكن إضافة أمور أخرى تستوحيها محدثات هذا العصر لكن العناصر الأساسية الواجب معرفتها والإقتياد بها مذكورة وهي متعلقة: بالحكم والقوات المسلحة والحالة الإجتماعية والنفسية للعباد والبلاد. هكذا نجد ان العرب المسلمين أدركوا قيمة معرفة أحوال أعدائهم حقّ المعرفة وإنه كان لهم مناهج علمية مخابراتية أتبعوها للإستفادة من المعلومات المتوفرة لديهم ونافع ما هو بحوزتهم عن أعدائهم. وعند ذلك تغلبوا عليهم وإجتاحوا عظيم رواقع العالم ورسّخوا دين الإسلام وحضارة العرب فيهم. امّا عندما إبتدئوا في إهمال ميدان التخابرالصحيح ووضع منفعة أركان النظام و أطرافه فوق المصلحة العليا للدولة. وإتبّاع سياسات التكتّل العرقي والقبلي والجهوي والأسروي ثم أصبحوا يعبدون محسوبية الزمالة وعلوية الإنتمائية العسسّية ( الأمنيّة في الوقت الحاضر ) ، ذهب ريحهم وأصبحوا فريسة سهلة المنال لأبسط الأعداء إبتداء من القرن الحادي عشر إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها. وإن فنّ المخابرات (الفنّ الثامن) لم يتخذ صورة علمية واضحة إلا في القرن الخامس قبل الميلاد وبالتحديد في الصين وقد ذكر الفيلسوف والعالم الصيني«صن تزو»  في كتابه  «بنج فا»  يعني فنّ الحرب، الذي وضعه سنة 510 قبل الميلاد.والذي قال في شأنه دونالد ماكرميك في كتابه » الخدمة السريّة في إسرائيل « :  » إن « صن تزو»  حكيم الكون في التجسسّ وفن الحرب وقيادة الرجال. وأظهر كيفيّة إختيار رجال المخابرات وتدريبهم والتعامل معهم وإختبارهم بالظروف الحربية الصعبة، وكيفـّّة غشّ العدو بواسطة المخبر المدسوس وكيفية التأثير سلبا على معنوياته بإشاعة الأخبار الكاذبة ( أي الحرب النفسية ) كما تسمى حاليا. ولقد أطلق على هذا إسم  » مخبر التضليل « . ولقد أصبح هذا الكتاب بعد مرور ما يقارب ألفا وخمسمائة سنة المرجع المفضل لدى حكام الصين وخاصة الزعيم الراحل ماو تسي تونغ « . ويروى أن كل من بيل دونوفان، الأب الجيني للمركزية الأمنية الأمريكية. وبيريا لورنتي مدير المخابرات السوفياتية في عهد ستالين. وكل الرؤساء المتعاقبة على إدارة الإتحاد السوفياتي قد حفظوا هذا الكتاب عن ظهر قلب و أوعزوا إلى ضباط  مخابراتهم بقراءته والتقيّد بتعليماته ونصائحه. ويمكن القول هنا أن الصين هي أول دولة قامت ببعث وتنظيم جهاز مخابرات على أسس علمية صحيحة عبر التاريخ. وتجدر الإشارة هنا إلى أن اول من كوّن جهاز مخابرات بعد الصين واليهود كانت الملكة إيليزابات الأولى في نهاية القرن السادس عشر ( 1587 ) حيث عهدت بعد قراءة الكتاب إلى أحد الأثرياء الأنقليز وهو » السير فرانسيس ولشنقهام « بتأسيس جهاز مخابرات لجمع المعلومات عن إسبانيا في حينه و في تلك الحقبة من الزمان. وقد قام » السير فرانسيس ولشنقهام « بالعمل المطلوب على أكمل وجه إلى درجة أنه أنفق ثروته الخاصة في سبيل تكوين الجهاز وتنشيطه- بعد العديد من النجاحات انعمت عليه الملكة بأن يكون مستشارها الخاص ثم أصبح وزير للدولة نتيجة تفانيه في عمله بالمخابرات. كما أصبح في نظر الجميع الأب الروحي لكل اجهزة الغرب. لا بد من الإشارة في هذه الحقبة من الزمن إلى ان صعوبة الإتصال في حينه كانت العقبة الرئيسية في وجه إستثمار المعلومات حيث كان المخبر أو العميل أو ساعي البريد يقضي أيام على صهوة جواده أو على متن سفينة أومركبة نهريّة لإيصال معلومات مشخّصة أوتقرير معيّن لرؤسائه. ولكن الإنقليز كانوا السباقين بإستعمال طيور الحمام بعد العرب لنقل الرسائل بسرعة طيران» الحمام « إلى رؤسائهم في القيادات وكانت معركة » واترلو « أول مناسبة أستعمل فيها عسكريا الحمام الزاجل. ما بين سنة 1850 و1900 تطورت مهنة المخابرات بسرعة هائلة نظرا لإكتشاف التليغراف والهاتف وسكك الحديد وكثرة تبادل السفراء وضباط الإرتباط بين الدوّل. وحذا الفرنسيون بعد الحركة  » الصهيونية  » حذو الإنقليز في عهد نابليون، الذي قال » لا شيء تفعلونه لصالح الوطن خارج عن الأطر القانون  » وهو أول من سمي المخابرات العسكرية بالمكتب  » الثاني « . ولدى إندلاع الحرب الكونية الأولى 1914-1918 نشطت أجهزة المخابرات للدول المشاركة في الحرب بشكل جليّ وملموس. وأصبحت تهتّم بالإستعلام وبالتجسس ومكافحته والتخريب والعمليات الخارجية، وبإيعاز وتأطير من عناصر صهيونية محلية صارت تحتكر وتسيطرعلي مكونات الدّول و الشرايين الرئيسة فيها ولوهي شريان المعلومات و الإعلام  ثم المال؟. وقد أصبحت هذه الأجهزة تدار من قبل رؤساء الدول بالذات لأهميتها. وبعد إنتهاء الحرب العالمية الأولى ومرحلة ما بين الحربين إنشغلت الدول بتنظيم أجهزة مخابراتها على ضوء تجاربها وتقويتها ورصد الميزانيات الكبيرة لها بحيث أخذت تتدخل في جل الميادين العلمية والتكنولوجية والإجتماعية والمجتمعية والسياسية وساعدت في تطوّر الإكتشافات العلمية ولم يعد نشاط المخابرات محصورا داخل حدود أي بلد. في الأثناء ظهرت أنواع جديدة من العملاء منهم : 1- العميل السري –   يوضع في بلد آخر بشكل سري. 2- العميل المزدوج – يستعمل من طرف اكثر من جهاز ضمن خطة مدروسة أو خارجها. 3- العميل المخادع –  يوضع ضمن خطة خداع واحدة ثم  » يسحب « . 4- العميل المتسلل –  يدخل إلى بلد ما خلسة للضرورة. 5- العميل المراسل –  يزرع بغطاء علمي أو مجتمعي وهو خارج السلك. وكانت لأجهزة المخابرات الفضل في كسب المعارك في الميدان العسكري والامني كما هو معروف تاريخيا، وهنا لا بد من الإشارة- للعبرة – أن جل أجهزة المخابرات في العالم بإستثناء بعض دول عربيّة( منها سوريا والجزائر) كان إنطلاقها بمساعدة فعلية من عناصر صهيونية قٌطريّة أو محليّة أثبتت قدرتها وجدارتها أثناء الحرب العالمية الثانية، كما ان الولايات المتحدة بقيت إلى نهاية الحرب بدون جهاز مخابرات مقنّن وقد شهد الرئيس  » روزفالت  » بعد تدمير ميناء « بيرل هاربور » سنة 1941 بأهمية بالغة لبعث جهاز مخابرات فأرسل صديقه الشخصي المحامي  » بيل دونوفان  » (مسيحي في الصميم و مستهود أمام المجتمع المدني الأمريكي) إلى بريطانيا لدراسة كيفّية إنشاء جهاز على منوال المخابرات البريطانية. وبالفعل بعد عودته شرع في تكوين جهاز تحت إسم  » ديوان الخدمات الإستراتيجية – OSS  » . عند قدوم الرئيس ترومان،  يدعى اليهوديّة التلموديّة وصهيونية المذهب، أمر بإنشاء المخابرات المركزية الأمريكية سنة 1948 وأصدر أوامره لأحد رجال ديوان الخدمات الإستراتيجية، آلان دالس، شقيق  » جون فوستر دالس  » وزير الخارجية الأمريكية في ذلك الحين لإنشاء الجهاز عوضا عن ديوان الخدمات الإستراتيجية، الذي ترك وراءه مخزونا إستعلاميا خاما تتطلب قراءته حوالي 8 ساعات في اليوم لمدة 16 سنة بدون إعتبار التحاليل. وقد لوحظ منذ منتصف القرن المنصرم أن أول عمل يقوم به أي رئيس دولة جديدة وحديثة الإستقلال هو تكوين جهاز امن خاص قبل سائر الإدارات الرسميّة ليتمكن من تسيير أمور البلاد وتمتين قواعد حكمه. فمعرفة بواطن الامور قوة، والجهل يؤدي إلى دهاليزالقرارات الخاطئة وبالتالي فقدان هيبة الدولة. هناك الأهم من هذا وذاك : إن الجاسوسية الإسرائيلية المنظمة كمهنة محترمة ومعترف بعلويتها، عند بني إسرائيل القدامى إبتداءا من النبيّ موسى، ويشهد على ذلك  » العهد القديم  » ومن ثم يمكن القول أنه وإن كان عمر الدولة  » العبرية  » أكثرمن خمسة عقود فقط فإن جهاز مخابراتها واحد من اقدم نظم المخابرات في العالم، ولا يوجد أقدم منه سوى نظم التجسسّ الصيني. وهنا نقطة الجدال بين اليهود والصينين بمثل ما هي بين البيضة والدجاجة أيهما أتت الاولى. فالمنظومة الصينية إمتازت بنوع من الإستمرارية، في حين  » توقفت  » أو تعطلت الخدمة السرية  » العبرية  » من حيث الكثافة لا التركيز لعدة قرون. ويفتخر الإسرائليون دوما، بانهم قد إستطاعوا خلال سنوات قليلة من قيام دولة إسرائيل الحديثة إحياء خدمة سرية يمكن أن توصف بأنها من الطراز الاول. وبمساهمتهم في تلقيح وتنشيط كل أجهزة الغرب إبان الحرب العالمية وبعدها.  والدور الذي لعبه  » اليهود  » في بعث وصقل المخابرات السوفياتية منذ تأسسها في عهد القيصرية مرورا بـ ليوبولد تريبر إلى غاية   » غورباتشوف  » . أما اليوم فإن المخابرات الإسرائلية قد تكون أصغر ما في العالم من حيث العدد ولكنها وبالتاكيد أكثرها كفاءة وسيطرة قبل مجيء امر الخالق  في ذات حزب الله. ومن أسباب نجاحها عدم وجود البيروقراطية الأمنية داخل المجتمع الأمني الإسرائيلي، التي تؤدي في كثير الحالات إلى السيئات والتشكيك في أساليب العمل و التشكك في النتائج وتلغي في الأساس عند أكثر من جهاز قاعدة نبل الغاية و إنسانيّة الوسيلة من جهة وإعتقادهم الراسخ في صحّة مقولة  » شلومو شولسكي  » من جهة اخرى :   » لم يمكن الوصول إلى القمة إن لم يكن هناك قبور على الطريق » خلاصة القول: إن الأعداد الكبيرة من اليهود، الذين هاجروا إلى فلسطين من بداية القرن الفارط والذين كانت لديهم خبرة في مجال المخابرات وأعمال التجسسّ، قد كرسوا انفسهم كلية لإستخدام هذه الخبرة لتحقيق هدف أكبربالنسبة لهم هو إنشاء الدولة الصهيونية. فبالنسبة إلى هؤلاء، لم يكن هناك ولاء آخر غير الولاء  » للصهيونية  » ضمن التلموديّة. وليس من المبالغة في شيء إن نقول إن الدور الذي لعبوه بحكمة وبمعرفة نفسية الجميع في خلق دولة إسرائيل، كان أعظم بكثير من ذلك الذي لعبه السياسيون والمتعاطفون مع الصهيونية أو رجال الإدارة، فبدون تلك المجموعة من رجال المخابرات الذين لهم نفسية مخالفة للعرب، وهي ان الخوف مفيد للمعرفة ونجاح للعمل. وإن الشك نافع للمعرفة ولكن مضر بالعمل ولا يوصل إلا للتنديد والإحتجاج، لأصبحت دولة صغيرة تحت رحمة القرارات الأممية، بل اصبحت الدولة العتية التي خط دفاعها الأول هو العلم والمعرفة ورد الفعل بما هو اعظم. الواقع ان المجتمع العسكري والمجتمع المخابراتي في إسرائيل لا تعرف البيروقراطية إليهما سبيلا. كما لا مجال للأسطورة المدمرة للنفس والذات المتبعة من قبل العرب، وهي قداسة المناصب الامنية وإلاهية الأقدمية، بل يتيحان الفرصة لكل الرتب والمناصب بالسلم الإداري لكي تتقدم بإقتراحاتها وخططها مباشرة للقائد العام للقوات المسلحة ولرئيس  » الميمونية ( الميمونة) » أو لأية إدارة أمنيّة أو مخابراتيّة دون التقيّد بوقت معيّن أو بأي تسلسل إداري أو رُتبوي في أي موضوع،  أكان حيني أو مستقبلي : _  منصب الميمونة هو أكثر قوّة و نفوذ من أي منصب في المجتمع الأمني والعسكري، والذي يشغره تكون له سلطة مطلقة و فعليّة وهي أقصى ما يمكن أن يتمتع به أي مدير جهاز مخابرات في العالم. كما له سلطة خرق القوانين بحكم مبدأ نابولييون بونابارت من حين لآخر و إن كانت سلطة غير مقننّة. و بالرغم من رقابة شديدة من جانب لجنة خاصة بالكنيست على هذا المنصب فهو عامل بكل راحة و أريحيّة بقاعدة شرعيّة الأعمال اللاشرعيّة للذود علي الدولة وعمق الفكر الصهيوني ضمن تعاليم التلموديّة. وهو أيضا رئيس اللجنة التي تضم رؤساء كافة فروع الخدمة السريّة وهو مسؤول مباشرة أمام رئيس الوزراء وله مقعد دائم برئاسة مجلس الوزراء _. والدليل على صحة هذا عند أهل الإختصاص، هو النقيب جوناتان ناتنياهو، الذي كان وراء تخطيط ونجاح أخطر وأكبر عملية تحرير رهائن نفذت في العالم بعاصمة أوغندا في »الدقيقة الأولى »من اليوم »الخامس »من شهرجويلية سنة 1976 . لقد سميّت العملية على إسم مخططها ومنفذها وجعلت من شقيقه في المستقبل رئيس وزراء إسرائيل وهو بنيامين ناتنياهو، كما أصبحت مادة تدرس في جميع الكليات الأمنية والعسكرية في العالم إلى يوم الناس هذا. الأخطر من هذا وذاك،  هو إحياء بصورة ملحّة بعد حرب أكتوبر المخابرات  » التخّاطريّة  » وإستعمال التصوير  » الكيرلياني  » في البحث والتحري والسيطرة على ما وراء الجسد، اللذان غيّرا بصورة دراماتيكية القطب المغناطيسي لكل الأعمال المخابراتية ( الذي يؤدي أجر الزمّار يختار اللحن ). إن الصراع العربي الإسرائيلي يعتمد على العمل السري إعتمادا متزايدا، وأصبح ذلك أكثر وضوحا بعد حرب أكتوبر المجيدة، وهناك عدة عوامل متداخلة ومتشعبة وراء الوضع الحاضر وذلك لان السلام في نظر الصهاينة يعني التخلي عن الأرض ( المساحات الإستراتيجية )، وإزالة المستوطنات والحقول أو تسليمها على حالتها للعرب، وإنخفاض المخصصات الامنية والموازنات والميزانيات العسكرية العامة، بالإضافة إلى ذلك أن اجهزة دول الطوق آخذة في التحسن والنمو. كما يوجد في الافق إحتمال ولو ضعيف أن تقطع الولايات المتحدة الامريكية و دولة المانيا المساعدات العينية، الأمنية منها والعسكرية، وذلك لأن إسرائيل لم تعد في حالة حرب في نظر الغرب. كما سيضعف دعم الهجرة اليهودية من الخارج، وهنا الطامة الكبرى بالنسبة إلى العقل الصهيوني   » ,وإتجاه لبّ صهيون  » و » رَبّ ترمود ». فالطريقة التي ترى فيها  » الصهيونية  » خلاصها وإستمراريتها أن من الافضل لهم بقاء الأمور تسير على النحو الحالي مع تضخيم أكبر للدور المخابراتي والحقل المعلوماتي وإدراج  » الأسماء العربية  » التي تنادي  » بالسلام  » ضمن  » قوائم الهدف  » والمزيد من التركيز في وضع عصا الشق بين بعض العرب المتآكلة نفوسهم بالشك والجهل والدناءة والتنكر للذات. وانه لا شيء أسهل في المنطقة العربية من البحث عن الخونة وضعفاء النفوس وعشاق الرذيلة والمتنكرين لذواتهم. المخـــابرات التخـّاطــريّة  الموضوع: من وجهة النظر العسكرية والأمنية الغربية، فإن ليس هناك مجرد شكّ على الإطلاق أن الدولة »العبرية  » وبصفة خاصة المجتمع الأمني الإسرائيلي يمكن أن يكون ذا نفع كبير لدول حلف شمال الاطلسي ( ناتو ) بل يمكن أن يتزايد ذلك النفع إن هو إنضم فعلا إلى الحلف بغرض المساعدة في مجابهة الإرهاب الدولي و التديّن المتزايد. وإحتمال إنطلاق إرهاب القوميات بالمنطقة، وذلك بعد نجاح أحد فصائل المجمع الأمني الإسرائيلي في خطف السيد  » عبد الله أوجلان  » زعيم الأكراد الترك من أحد عواصم إفريقي. فلدى الدولة  » العبرية  » بالفعل الردود على أسئلة عديدة فشلت فيها كثير من المخابرات الغربية في الردّ عليها. ولدى المجتمع الأمني الإسرائيلي الحلول لكثير من المشاكل التي تبدو وكأنها تخص روايات الخيال العلمي. ومن بين المجالات التي تتفوّق فيها المخابرات الإسرائيلية بحكم تكوينها الديني وإيمانها بالخوارق- مجال التجسسّ النفساني بكل فروعه من التنويم المغناطيسي لغاية التخـّاطر ( الإحساس و التحسس من بعد وتبادل ما بالخاطر ) والسيطرة على الموجات المنبثقة من الدماغ الآدمي.                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                 إن الإتحاد السوفياتي السابق أصبح منذ منتصف القرن الفارط يزداد كل يوم من أعداد العلماء والاطباء والمتخصصين في فروع علم النفس وجراحة المخ في الدوائر الرسمية سواء كانوا من الإتحاد أو من بلغاريا ورومانيا وتشيلوزلوفاكيا.  وفي نفس الوقت فالروس يكرّسون جزءا كبيرا من تجسسّهم لإكتشاف ما تفعله الدول الأخرى في هذا الميدان والميادين الموازية له. وعموما فقد كان العالم الغربي متشككا في جدوى أي دراسة خاصة بالتجسس النفساني. ويقال أن الولايات المتحدة متخلفة خمسين سنة وراء الروس بالنسبة إلى الدراسات العلمية لما يسمى بشكل عام  » ما وراء الجسد  » ولكن كلا من الصين وإسرائيل قد أدركتا ان هذا التخلّف يشكل ثغرة في الأمن القومي لا بد من سدها. لقد نجح الروس في إجراء عملية قيصرية على المخ بثقب الجمجمة وشل الخلايا التي تجعل من الإنسان مدمنا على المخدرات، وأفعال اخرى تخص السيطرة على العقل البشري وقيام الإنسان بعمل معيّن خارج عن إرادته دون عوارض البهتة والسرحان والهلوسة وعدم التركيز. وعلى سبيل المثال في المضمون، نذكر هنا قضية المهندس المصري شريف فوزي أحمد الفيلالي، الذي تم تجنيده من طرف مواطن روسي يهودي الديانة من أهل الإختصاص يدعى جريجري زيزان وصوابه ZIONOV وكلمة ZION تعني صهيون. عندما إنهارت أعصابه سلم نفسه للمخابرات المصرية وإعترف بقيامه بالتجسس لصالح إسرائيل. وبعد التحقيق والتحري تم تقديمه للمحاكمة فقضت عليه بخمسة (5) سنوات سجن. ولأول مرة في تاريخ القضاء المصري يصدر لفائدته عفوا من إدارة إثبات الأحكام في شهر جويلية من سنة 2001 .وذلك لعدم وجود أي نص قانوني تحتويه مجلّة العقوبات المصريّة لمعاقبة جرائم الخوارق. بعد الإفراج عنه تمت مراقبته من طرف الإدارة العلمية للمخابرات المصرية ( … ) بالإستعانة ببعض الخبراء النفسانيين في ميدان  » البارا-بسيكولوجيا – PARA-PSYCOLOGIE  » فأمر الرئيس مبارك إدارة الأحكام لإعادة محاكمته بحجّة انه وقع له تداخل طبي نفساني من طرف أجانب لمدة طويلة دون الحاجة لذلك ولم يعلم سلطات بلاده فتمت محاكمته من جديد يوم 23 مارس سنة 2002 بـ 15 سنة سجن. في يوم 21 ديسمبر من سنة 1976  منعت السلطات السوفياتية عقد ندوة كان مقرّر لها أن تستمر ثلاثة أيام في موسكو، لمناقشة الثقافة  » اليهودية ضمن الخطّ الصهيوني و التوافق ما بين التورات و التلمود  » في ميدان التصوّف وما وراء الطبيعة. فإعتقلت السلطات الأمنية حوالي خمسة وأربعين من اليهود ذوي النشاط العلمي والسياسي والجمعياتي على إعتبار أنهم زعماء شبكة مناهضة لنظام الحكم وإفشاء أسرار عسكرية. كما تم إلقاء القبض على كل أعضاء اللجنة المنظمة للندوة وعددهم ثلاثة عشر ونقلت معظم صحف العالم تلك الانباء في حينها، ولكنها لم تذكر أن الندوة التي كان اليهود ينوون تنظيمها كان موضوعها  » دراسة دولية عن ظاهرة ما وراء الجسد  » ودراسة تشمل الخلط أو توارد  » التخاّطر  » والبسيلوكوينس والإدراك بما هو فوق الإحساس والتصوير الكيرلياني  ( أنظر صحف أوروبا الغربيّة بتاريخ 22- 23-24 –25 26 ديسمبر 1976 ). وكان بين الأجانب الذين رفض السوفيات تمكينهم من دخول البلاد لحضور بعض هذه الندوات، عدد من الإسرائليين الذين قد أعدّوا في ذلك الوقت بحوثا ليلقوها في تلك الندوات، ومنهم الدكتور آهرون أكبر عالم نفس ومحاضر في جلّ الجامعات الامريكية والأوروبية ورئيس شرفي للإدارة العلمية بالمخابرات الإسرائيلية. كما قامت السلطات المذكورة بإرجاع عدد من اليهود الذين قدموا من مختلف أقاليم البلد إلى العاصمة من حيث أتو. ومنع آخرين من الحضور بحيث لم يصل فعلا سوى ثلاثة أنفار إلى مقر المؤتمر. كان من بين أعضاء اللجنة المنظمة المعتقلون الأساتذة في علم النفس والبسيكولوجيا : بنيامين فين – ليونيلد فولفوفسكي – باكل إبراهونمتس – فلاديمير بوستاين – أركادي ماي – ألكسندر ليرنر و زوجته. ولقد تجمع حوالي خمسين عالما يهوديا في شقة جريجري روزنشتاين، احد العلماء البارزين في الميدان. وكان قد تقدم بعدة ابحاث من بينها إثنان عن دور التصوف والتنويم والإتصال بما وراء الطبيعة في التاريخ   » اليهودي « . في نظر العلماء اليهود وحكماء اهل صهيون، أن التجسس النفساني هو سلاح المستقبل، وهو العمل النظيف الذي يهدف إلى شق طريق مختصر، لعملية التجسس ومكافحة التجسس ومعرفة وتعرية نفسية العاملين فيه من الجانبين دون الإلتجاء لأجهزة معقدة وغير مؤكدة، أو إلى التعذيب الذي يؤدي إلى تفكيك المجتمع من جهة وإلى غضب الله من جهة أخرى . والدولة التي تستطيع أن تحقق تفوقا ملحوظا في هذا المجال تستطيع أن تحقق درجة عالية من النجاح الامني وتفوق شامل في الحرب، وحتى الآن لم تحقق أية دولة هذا التفوق، إلا إذا إعتبرنا إغتيال الرئيس كيندي والملك فيصل تفوقا. ولا حتى الروس بالرغم من تقدمهم في الأبحاث والخبرة في هذا الميدان. أما الإسرائليون فإنهم قد أخذاوا الأمر مأخذ الجد منذ بداية الخمسينات. ولقد مكنهم هذا من معرفة ما أنجزه الروس والدول الاوروبية الشرقية الأخرى في هذا المجال عبر العلماء اليهود في تلك الدول .والذي ادهش الإسرائليين حقا هو ان هؤلاء الذين بصدد تطوير موضوع التجسّس النفساني ليسوا الروس وإنما الدول التي كانت تسبح في فلك الإتحاد السوفياتي السابق. إن مواهب  » اليهود  » المتعددة في مجالات العلم والثقافة شيء معروف حق المعرفة، ولكن أبرزها وأشدّها خطرا على النفسية العربية، سهلة الإختراق بحكم تكونها على قاعدة الشك والإنبطاح المرضي و عبادة الشَّخْصَنَة، هو مجال   المخابرات البسيكولوجية وميدان ما وراء الطبيعة. ومن رواد هذا المجال العالم اليهودي  » ستيفن  أوسوسكي  » المولود في روسيا البيضاء سنة 1877 .وآنس في نفسه مواهب بسيكولوجية أمكنه صقلها على مر سنين بمساعدة بعض الحاخامات. في عام 1921 توجه إلى بولونيا وهناك أمكنه الوصول بقدراته البسيكولوجية إلى أقصى مدى. وأجرى عدة تجارب على التخّاطر ومن بينها تجربة على الإرسال لمسافة طويلة إذ قام أحد أتباعه من الميدان في مدينة  » كراكو  » بعمل رسم خارطة بسيطة وهو في منزله وأرسل نسخة منها عن طريق التخّاطر لبعض العلماء بأماكن مختلفة تبعد نحو 600 كلم، فتمكن كل ملتقي من رسم نفس الخارطة وهو بموقعه. لم يكن ستيفين أوسوسكي يقبل أي مكافاة مالية عن عمله من طرف المنظمة الصهيونية ولا من طرف الحلفاء، وفي يوم إنتفاضة  » وارسو  » اعدمه النازيون قبل نهاية الحرب لتجسسّه وظل ستيفن أوسوسكي محل تكريم وتقدير في تاريخ الحركة السرية اليهودية، وأطلق إسمه على قاعة الإجتماعات بإدارة علم النفس بمبنى  » الموساد  » المتكون من خمسة طوابق الذي يشبه في شكله مبنى البنتاغون، ويقع بين غابة صغيرة من أشجار  » الحور  » إلى جانب مركز تجاري كبير على الطريق العام المؤدي من شمال تل أبيب إلى حيفا. وكما أن هناك مخبر لعلم النفس والبسيكولوجيا داخل بولونيا (بولندا) يحمل إسمه، وهذا المخبر يزود إسرائيل بالمعلومات التي يتم الحصول عليها. كما يوجد مخبر آخر بغرب أوروبا قيل أنه متواجد بأرض على ملك الأستاذ الدكتور العالم في الفيزيا النووية  » فرانسيس بيرن  » الذي كان أحد علماء COLLEGE DE FRANCE وهو يهودي الديانية وقد أشرف في السابق على الاطروحة التي قدمها سنة 1956 العالم التونسي في الفيزياء النووية الدكتور بشير التركي، الذي أعلم بدورة بعض الأقطار العربيّة بالموضوع. في مدينة براغ يوجد مقر » المنظمة الدولية للبحوث البسيكولوجية « . وترأس هذه المنظمة في الماضي الدكتور » زنديك بجداك  » وهو تشيكي يهودي. وتضم هذه المؤسسة أعضاء بارزين من بلغاريا ويوغسلافيا وروسيا وفرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة. منهم العالم الدكتور  » ميلان ويزل  » الذي عاش في براغ. وبعد نكسة 1967 ذهب إلى الولايات المتحدة وقام بإجراء دراسة مطوّلة عن كل الجوانب البسيكولوجية  » للتخّاطر « . ولما عاد إلى براغ أنشأ مخبرا خاص به بتمويل من طرف المخابرات المركزية الامريكية . التجسس البسيكولوجي يجرى فعلا فيمكن القول إن الروس متقدمون من حيث مدى علمهم في هذه الميدان فلديهم منذ عهد الإتحاد السوفياتي مخابر ومختبرات كثيرة تابعة للجيش والمجمع الأمني في كل من موسكو و لينين غراد وأوسك وإيركونسك وفلاديفوسنك وكيارفوسك. كما يوجد عدد كبيرا من الإخصائيين في معهد  » دوروف  » يدرسون التخاطر ويجرون التجارب على التجسّس البسيكولوجي. ويتم كل هذا تحت سيطرة المجتمع الامني الروسي وتحت نظر المخابرات الإسرائلية، التي لديها بعض التفاصيل عن قيام غواصات نووية روسية بإجراء تجارب في التخّاطر. منها الغواصة المتحطمة في بحر الشمال والتي ادت بأرواح أكثر من مائة بحار متخصص ضمنهم أكثر من عشرة علماء في ميدان التخّاطر عبر موجات إلكترو- مغناطيسية. من جانب آخر، و لو بسيط ، انه تواجد في الآونة الاخيرة قسم آخر للبحوث النفسيّة والبسيكولوجية بمستشفى جديد وحديث البناء بمنطقة  » شرم الشيخ  » المصريّة بالإضافة إلى قسم متواضع موجود منذ الثمانينات بإحدى مقرات المجتمع الأمني السوري، مختص في مكافحة الجوسسة والتجسسّ و التحقيق والتحرّي.و هذا ما يخيف إسرائيل و ما يدهش المجتمع الأمني الفرنسي  حسب ما قيل لي من طرف أحد كبار الساسة فرنسا وأكبر شخصيّة أمنيّة و إستراتيجيّة في العالم بأسره. – لقد وجد الإسرائلييون أن هناك قدرا كبيرا من اللامبالاة والتشكك بالنسبة إلى التجسّس البسيكولوجي في معظم أنحاء وأرجاء أوروبا الغربية ولكن هناك نوع من  » الإهتمام  » من طرف الولايات المتحدة لتواجد بعض الإطارات اليهودية في مختلف إدارتها قبل عملية إغتيال الرئيس  » كينيدي « ، وحماس ملموس بعد النجاح في تصفيته بطريقة التخّاطر والسيطرة على ما وراء الجسد، بتحويل الدوافع السلوكيّة. وقد أوضح الدكتور  » ميلان ريزل  » أنه يعتبر التجارب السوفياتية في هذا المجال شيئا خطيرا وفي هذا يقول : – » إن الجيش والبوليس السرّي يبديان إهتماما غير عادي بما يسمى بالبارا- بسيكولوجيا PARA-PSYCOLOGIE، وهو فرع من علم النفس يبحث في التخّاطر والسيطرة على العقل البشري، ولكن خانهم عنصر المال لمواصلة التجارب. وإن الروس كانوا قاب قوسين أو أدنى من ذلك للوصول إلى نتائج رهيبة تجعلهم يسيّرون بعض البشر حسب رغبتهم دون أخطاء مترتبة على سوء إستخدام ذلك الأسلوب « . الإسرائليون لا يتغاضون عن ذلك بالفعل، ومنذ زمان حصلوا على صورة جيدة عما يقوم به الروس في مجال التجسس البسيكولوجي، وهي صورة أدق وأوضح مما حصلت عليه أي دولة أخرى، فالأمر لم يعد مسألة تخّاطر فحسب فهم يركّزون تجاربهم على تحويل الدوافع السلوكيّة والتحّكم في سلوك وشخصيّة الفرد عند الغضب، ومحاولة التحكّم في عدد الموجات المنبثقة من عقل الفرد في حالة النوم واليقظة ومحاولة السيطرة وإمكانية قراءة إنبثاق ما بين 15 موجة عند النوم و45 موجة عن اليقظة ..؟ وصل بهم الأمر في جلسات التخّاطر إلى حد إختراق وسيط تخّاطري بين شخصين معنيين، يحاول التشويش إذا أراد من جهة والحصول على ما سيتم إرساله وإنحرافه إذا شاء من جهة اخرى ؟. فالوسيط يستطيع إنتاج نوع من التشويش على موجات التفكير وبالتالي تشويه الرسالة إذا أراد ذلك مع تلقيه أصل الرسالة وخداع العقل الباطني ؟. إن هذا النوع من شرعيّة الاعمال اللاشرعية هو الذي تم تطيبقه على  » لي هارفي أوزوال  » قاتل الرئيس الامريكي كينيدي في 21 نوفمبر سنة 1963. وعلى فيصل إبن مساعد قاتل الملك فيصل، ملك السعودية في 13 مارس 1975. ظهرت قبل قتل الملك الفيصل أكثر من مقالة في هاتيك الأيام الخوالي قبل فترة وجيزة من إستشهاده، وإحدى المقالات التي حررها  » جون كرافت  » بمجلة  » الهيرالد تريبيون  » تكشف كيف ان إسرائيل في حاجة إلى إنسان يتعاطى عقار الهلوسة  » L.S.D  » للتخلص من الملك الذي كان يصعد في المواجهة مع إسرائيل والقوى الامريكية المساندة لها.. وعقده صفقة وجهت ضربة للمصلحتين الحيويتين لامريكا وهما النفط  و إسرائيل. – فليس من يتناول عقار الهلوسة أو المخدرات ( يصيبان الإنسان بالخوف والجبن وعدم التركيز ) بإمكانه قتل الملك فيصا بتلك الحرفية وبرودة الدم والتركيز حيث تقدم القاتل بخطى ثابتة نحو الملك، فمد الملك فيصل يده لمصافحته، فقبض القاتل يد الملك اليمنى مصافحا إياه وأخرج القاتل مسدسا من عيار 9 ملم من عبائته وأطلق رصاصتين بيده اليسرى ـ نعم رصاصتين وهو ليس بالأَعسرأو بيساري الممسك وإستعمال اليدّ : -أ- الرصاصة الأولى دخلت من اسفل الذقن خارقة الفم صاعدة إلى الدماغ، فنفذت إلى اعلى الرأس ناثرة معها قطعة من عظم الجمجمة. -ب- الرصاصة الثانية دخلت من الأذن اليمنى ونفذت بعرض الرأس إلى الأذن اليسرى آخذة معها ما شاء الله من العظم واللحم، كل هذا في 6 ثواني ( أين هذا من عقار الهلوسة  يا أولوا الألبان و أهل الإختصاص )؟. – قال الدكتور مصطفى محمود، سنة 1981 :   » إن الإتصال بين الخالق والمخلوق يتم عبر فصيل أو كتلة من موجات إلكترو-مغناطيسية غير معروف إرتدادها، يعني أن الروح هي إتصال عبر هذه الموجات، كما انها نظام أو أمر لسلوكيات كل المخلوقات. وإذا إختلت أو تم تداخل لم يعد الإنسان إنسانا- وهنا أتى مرض العصر، وهو مرض الإلكترونيات لوجودها بكثافة.بمحيط الإنسان »    ( مكتبة دار العلوم المصرية ).   كما قال الدكتور بشير التركي، صاحب إكتشاف علمي في الفيزيا النووية بأطروحته سنة 1956 تحت عدد 4092 -عدد ترتيبي A3220 – دار العلوم الفرنسية :  » إن العلم هو دراسة تطور الانظمة والبحث عن الثوابت والمستقرات خلال هذا التطور- والتطور هو كل تغيير حالة النظام الظاهرة خلال الزمان إذ يوجد في النظام ما لا يدركه العقل والحسّ « . -هناك جانب آخر في هذا المجال هو التصوير  » الكيرلياني « ، الذي تم إختراعه من طرف يهودي بالإتحاد السوفياتي سابقا إسمه  » دافيد  فينش  سيمون  كيرلياني  » المتوفى بإسرائيل في السنوات الأخيرة من القارن الفارطة. وهذا النوع من التصوير يعد ثوريا إذ أنه يكشف عن التيار الكهربائي المكنون والمفترض وجوده داخل الجسم البشري. ومجال الطاقة التي تشّع من كل الكائنات الحيّة دون أهل النور(الملائكة) والنار(الجان).  ولقد أجرى الروس عدة تجارب على التصوير الكيرلياني بأغراضه المختلفة من بينها الكشف عن الكذب، أثناء عمليات الإستجواب والإستنطاق والكشف عن الامراض في مختلف مراحلها وإختيار بذور التقاوي الأفضل للزراعة. ولقد أثبت التصوير الكيرلياني انه أكفأ وادق من كل الوسائل الأخرى المستخدمة للتحقيق ولكشف الكذب.  ولهذا فإن الإسرائيليين يطبقون هذا النوع من التصوير في أجهزتهم المخابراتية، وأجروا تعديلات مهمة عليه بحيث اصبح يستعمل في مجال التخّاطر ومراقبة تغيير وتحويل سلوكيات الفرد حسب مخططاتهم ) تم  تحضير جهازمن هذه الفصيلة وتركيزه و تثبيته في منطقة رفح الحدودية بين الكيام الصهيوني و القطر المصري بمعرفة محمد دحلان)، كما تمكنوا في أواخر العشرية الفارطة من  خفض تكاليف تلك العملية بمساعدة عدد وفير من كبار الباحثين في ميدان العلوم الصحيحة والبارا- بسيكولوجيا التابعين للمجتمع الأمني الإسرائيلي. وإنشاء مختبرات خاصة لتحليل الطريقة التي يبعث من خلالها العملاء من وراء ستار  » دول الأموات  » ( سوريا، الأردن، مصر، العراق ). والعملاء الذين يرسلون تلك المعلومات هم انفسهم من الإختصاصيين في هذا المجال وحتى الذين يتم تجنيدهم من دول الهدف هم كذلك من أهل الإختصاص النفساني أو الطبي مع تكوينهم بما يجعلهم قادرين على مواكبة هذا المجال مزدوج الخطورة لفترات طويلة دون إعتبار من يتم إختيارهم للقيام بعملية إستهلاكية واحدة. – هنا أذكرلأنير بصيرة المجتمعات الأمنية العربيّة  أنه قد وقع إذاعة سرّ خطير بالبرنامج الأسبوعي للإعلامي االكبير السيدّ حمدي قنديل  » رئيس التحرير  » على الشاشة الصغيرة بقناة مصر الفضائية وذلك على ما أتذكر في آخر أسبوع من سنة 2001 ، على أنه قد وقع ضبط عدد هائل بكل من مصر والأردن من  » ربطات العنق  » المستوردة من إسرائيل تحتوي كل واحدة منها على قرص مغناطيسي صغير الحجم حيث لا يمكن التفطّن إليه إلا بصعوبة شديدة، وهو على شكل زرّ عادي لا يجلب الإنتباه بالمرة.  لما له من تجربة  صحفيّة و إختراقه لبعض القيادات العليا للمجتمع الأمني المصري ، أفصح السيّد حمدي قنديل ان هذا القرص أدى إلى التقليل من جهد الإنسان والإرتباك في التفكير، وصوابه أنه يفتّت الطاقة الموجودة داخل الجسد ويربك الموجات المتأتية والمنبثقة من الإنسان. ويسهل مختلف الإختراقات الفكرية والذهنية ؟. – لم يتم بعد الحصول على نصر كبير في هذا المجال، هذا إذا إعتبرنا  » إغتيال  » كيندي والملك فيصل ليس بنصر. ففي هذه الأيام الإسرائيليون حرصون على تعلّم كل ما يمكن تعلّمه بقدر حرصهم على الإحتفاظ بسريّة الدوافع التي تحركهم نحو المزيد من البحث والتجارب في هذه الميدان. وسياستهم تنطوي على إستعدادهم لتسريب قدر معين من المعلومات للغرب وبالتحديد إلى ألمانيا وبريطانيا والولايات المتحدة الامريكية على أمل أن يحصلوا على شيء في المقابل.  ولقد نجحوا في ذلك إلى حد ما والسبب أن العالم الغربي لا يزال يشعر بالفتور إزاء خطر إنعكاس التخّاطر وكذلك الإستنساخ وترك هذا النوع من البحوث خارجا عن نطاق الأمن القومي وفي أيدي العلماء وغيرهم ممن لا صلة لهم بالمركزيّة الأمنيّة الأمريكيّة ولكن ليس من الصعب الحصول على نتائج عامــة عما يجري في مجال الباراـ بسيكولوجيا في أوروبا الغربيــة و الولايات المتحدة الأمريكية بفرض أن العلماء وأهل الإختصاص أكثرهم من اليهـــود . أحسن مصادر إسرائيل هي تلك التي تساعد في الإشراف عليها في بلغاريا حيث يوجد أحسن المنجمين وخبراء التخّاطر، ولديهم معاهد خاصة بالأبحاث البارا- بسيكولوجية في كل من « صوفيا  » و » بيترنيش  » أين وضع مخطط عمليّة تدمير بورجي نويورك في 11 سبتمب من سنة2001 منذ سنة 1996. – إن إسرائيل بطموحها، متقدمة بالفعل على العالم الغربي في هذا المجال. الذي جعل المركزية الأمنية الامريكية تكون مملوكة لها ولكن ذلك يرجع بالأساس إلى حقيقة أن  » اليهود » كانوا منذ القرن الماضي رواد هذا الفرع من العلم وإنهم قد أظهروا موهبة  فضيعة في ذلك المجال وليس هناك مثل خبير التخّاطر  » أولف ميسنق  » الذي كان وراء قتل كيندي والملك فيصل . وهو يهودي بولوني هرب أثناء الزحف النازي على بولونيا. ولقد وضع كتاب سنة 1967 عنوانه  » أنا التخّاطري  » يقول فيه :     » إن الإنسان الواقع تحت تأثير التنويم المغنطيسي والسيطرة على الموجات المنبثقة منه يمكن أن ننزع الخوف منه بحيث يصبح طبيعيا.  ونوحي إليه بأن يطلق النار على أرنب بينما هو في الواقع يطلق النار على شخص ما ضمن مخطط مدروس ومسجل في ذاكرته دون ان يستطيع سرده لأي شخص كان، بل يمكن التشويش عليه من طرف وسيط بعد إتمام العملية « . دون داوود بن غريون، قبل وفاته بأسبوع، بسجل لجنة الأمن القومي بالكنيست. مفاده إن الفرق بين رجل المخابرات العربي الفاشل، والإسرائيلي الناجح، هو أن الأول يخطط في ساعة وينفذ بأكثر من ذلك بحكم الشك المرضي والبيروقراطية وسلبية رؤساءه. والثاني يخطط في لحظة وينفذ في أقل من ذلك بحكم تكوينه وتحمل المسؤولية من طرف آمريه. وإذا واصلتم على هذا النحو، فلن يهز إسرائيل إلا زلزال يوم الميعاد./. خلاصة القول، * إن جهاز أمني نقي النفس، عالم في ميدانه، عامل بالعقل والصدق والحزم والعفاف، مدرك لأركان النفسية الوطنية، يقدس النفس البشرية والجسد الآدمي، يحترم في داخله مجتمعه المدني، مسخر من ذاته لخدمة مصالح عليا للوطن من خلال الدولة، خارج عن نطاق تألبات رجالات النظام. لا يخفي ذلك مردوده الإجابي على البلاد والعباد، وإن خفي ذلك جهده. كالمسك النادر، وإن خفي لا يمنع ريحه من فيوح وعبيره من الإنتشار. فيصبح مجرد شذاه على أهل العداوة والحسد للمجتمع و الوطن كحجر الزبور، إذا سقط عليهم محقهم وإذا سقطوا عليه ترضضوا. دون هذا، سقوط أي نظام من الاعلى إلى الدرك الأسفل يسير. وفي عدم وجوده، إرتفاع أي نظام ومن صغر المنازل إلى أشرفها عسير. مثل ذلك مثل الحجر الثقيل الذي رفعه من الأرض إلى العاتق عسير وطرحه من الأعلى إلى الأرض يسير. – من جانب آخر، إن الكثرة العددية ليس لها المقام الاول إنما للقلّة العارفة بالميدان بمختلف فروعه وتقنياته، الثابتة بإستعابية ما في القانون من نص وروح وبمختلف ضروريات حقوق الإنسان، المتجردة للوطن. وإن الكثرة بمظاهرها تكون أحيانا سببا في إتلاف بعض انسجة المجتمع برمته وبالتالي تؤدي إلى هلوسة الخوف التي تؤدي بدورها بالسواد الأعظم من الناس إلى اللامبالاة والتبلّد المرضي والإنحطاط الأخلاقي وإندثار روح الوطنية.  ويقضي على كل مقومات النجاح في المجتمع والدولة. لأن بعض الماحلين التائهين وأصحاب العلّل النفسيّة المكنونة من المسؤولين والنافذين والعناصر ممن لم يدركوا حقيقة العمل الأمني ووظيفته السامية سمو الملائكة عن بني البشر. ومتخذين منه عامل جاه وقوه وإثراء ووسيلة للتربع على أعلى المراتب المجتمعيّة. وأبرز مراكز الوجاهة. وإقصاء الآخرين الأقل منها إنبطاحا وتملقا. والاكثر منهم مهنية وتقنية،تتزلزل أقدامهم وترجف في أوقات الشدة وبذلك يشيعون المزيد من الإضطراب والهزيمة في النفوس والصفوف. إن تقويم العناصر وتصنيفهم من مظاهر عافية أي نظام. ونقاء للدورة الدموية لأي جهاز أمن يحافظ على حرية المواطن و سلامة الوطن. وإن أي قيادة تريد النجاح الإجتماعي والسياسي يجب ان تكون أعمق فكرا وأبعد نظرا من إستهواء سطحية إجراءات حينية وأعمال غير مسؤولة من طرف بعض قياديي النظام من جهة ومسؤولي المركزية الأمنية من جهة أخرى. في هذا المضمار، وضعت إسرائيل بعد تكوينها سنة 1948 في عقل كل مسؤولي وعناصر المركزية الأمنية بعد تركهم العصابات الأربعة التي كانت تشن الحرب على العرب والأنقليز على حد سواء. قواعد وسلوك، وحددت طرق معاملة تتماشى ومصالحها العليا ولا تتقاطع مع مبادئ حرية وكرامة الفرد و سلامة المجتمع. وألزمت أي عنصر وأي مسؤول، كل من مركزه أن يراعي هذه القواعد ويلتزم بهذه الطرق لتعّم المحبّة والصفاء والامن. ويسود السلام الإجتماعي.  فيشعر كل فرد من افراد المجتمع بانه مع أخيه يتعاون معه. فيصبح من حماة المجتمع  في وقت السلم وشعلة من الوطنية في زمان الحرب. ولولا الرفق ولين في المعاملة لما صارت إسرائيل القوة الاولى في المحيط العربي والإسلامي. والقوة الثالثة في العالم وصاحبة التاج الثاني في الميدان الإستعلامي و العملياتي. في المقابل وعلى سبيل المثال،هناك أكثرمن نظام عربي يتبجّح في كل مطلع ثانية زمنية بالديمقراطية وحقوق الإنسان وحريّة الصحافة وإستقلال القضاء. والحال انه وصل في إستصغار شعبه إلى حد تطبيق كل القواعد النازية والممارسات الستالينية، بإعطاء سلطة لأبسط مسؤول في الامن العام، بل اكثر من ذلك يسمح لمجرّد رئيس مركز الشرطة بتجويع مواطنين وحرمانهم من الشغل. وأمّر من ذلك، يسمح له بإيواء أي مواطن غير مرغوب فيه قسرا بإحدى مؤسسات الصحّة النفسية والأمراض العقلية للتخلص منه وتدمير نفسيته وعقله قصد النيل من مصداقيته بتواطئ من القضاء ؟ قال داوود بن غريون في إحدى المؤتمرات اليهودية سنة 1936 حسب ما جاء على لسان الدكتور محمد فرا :  » إذا كنتم تريدون بناء دولة قوية بعيدة على منال العرب، علينا أن نحترم بعضنا البعض، نصلح المخطئ ونجازي المصيب بنفس اللين والرفق. ولو لم نفعل ذلك لإندثرنا. حذاري من تشتت النفس اليهودية  » . وقال إلياهو أَبشتاين، في حضرة الرئيس  » ترومان  » ووزير خارجيته الجنرال  » مارشال  » .وهو المسؤول على الوكالة اليهودية، بواشنطن ووكيل الحكومة المؤقتة للدولة اليهودية بالولايات المتحدة الامريكية أثناء تقديم مطلب الإعتراف بإسرائيل كدولة :                » يا سيّد الرئيس، كوّنا دولة نحترم فيها بعضنا البعض، نصلح المخطئ ونجازي المصيب بنفس الطريقة والإحترام، ونعترف بالجميل ونحافظ على صداقاتنا، هل نحظى بإعترافكم يا سيادة الرئيس « . رد الرئيس ترومان عليه مبتسما :  » خبيث انت يا عزيزي إلياهو، وعظيم هو معلمك  » . – إن المجتمع المدني والأمني في إسرائيل مستمد قوته من ثقافة إحترام الفرد للمجموعة. وتقدير المجموعة لجهود الفرد. وفي إحترام الفرد قوة، وفي الحريّة يكمن إثبات الذات. ولا حرية لمن يطعن في الذات، وفي القوة كرامة للذات. وذلك لان نفسية بني إسحاق من أركانها الخوف من فقدان الحرية وإندثار الذات. وإن الخوف بقدر ما هو صالح للمعرفة فهو نافع للعمل .ودافع أساسي للتوسّع في علوم المبطنات من جهة، ومبرر لسرعة رد الفعل في كل الميادين، وموّحد القلوب والمواقف على حساب المنهج والنفوس عند الشدة والمآزم من جهة أخرى. أما نفسية بني إسماعيل من بارز وطالع أركانها الشك في كل شيء إلى درجة عدم الثقة في الغير وفي النفس. وإن الشك بقدر ما هو ضروري للمعرفة، فهو في أغلب الاحيان و الحالات مدمّر للعمل ومضّر بالعلاقات الإجتماعية، وعامل مخصّب لتوليد وتركيز رذيلة التنكّر للذات وداء الشَخْصَنَة. وركن أساسي عند ضعفاء النفس للتشبث العشقي بمراكز النفوذ ومبرر لتوسيع مساحة الكتلة و إطلاق حريّة النخبة( الحريّة المطلقة مفسدة مطلقة)  على حساب حريّة ومصلحة السواد الأعظم من الناس من زاوية، وباعث للتملق الإجتماعي والسياسي ومؤدي بالمجتمع برمته إلى السعاية والمصانعة من زاوية اخرى. الأمرالذي جعل جل المجتمعات الامنية في الوطن العربي، تتبع سياسية التكتلات لمحاولة مواصلة التحكّم في رقاب ومصائر من خلقهم الله أحرارا حتى في عبادته، على حساب مركزيّة صنع القرار و حريّة ومستقبل الشعوب. مما جعل  الديمقراطية بعيدة كل البعد عن النفسية العربية، وأكد ان العرب لا يعشقون إلا القوة سوى كانت لهم أو عليهم.  ولا يتّعظون بالتاريخ ولا بالأيام الخوالي، ولا يبحثوا عن دوافع ومسببات تقدم وإنتصارات خصومهم وأعدائهم إلا بالاكاذيب والاراجيف غير المجدية والرمي بسبب ودون سبب بألقاب كرهة على صفوة ما في شعوبهم وخصومهم والأعداء على حد سواء. والحال أن المستحدثة في التكوين والمتجذرة في الفكر الصهيوني و المبدأ التلمودي تتبجح أمام العالم بالديمقراطية وبمحبّة وإحترام السواد الأعظم من اليهود والصهاينة للمؤسسة الامنية. وإعتقاد جل يهود العالم ان المؤسسة الأمنية أساس قوة إسرائيل وإحترام العالم الحّر لها. وشعبها يسبح في هامش كبير من الحريّة في محيط عربي وإسلامي لا تعرف الديمقراطية إليهما سبيلا .وتأيد شعار قادتها :  » ان الأحذية الثقيلة هي التي تصنع التاريخ والعالم لا يشفق على المذبوحين بل يحترم المحاربين.  » أين الديمقراطيّة في إسرائيل من هذا الشعار من حيث الشكل و المضمون؟   خاتمـــــــــــــــة، –  إلى أن تنتهي جل المخابرات العربية عن تهميش الكفاءات، وأن تقلع عن سياسة التكتلات وتقديس الإنتمائية الأمنية ومحسوبية الزمالة، وجعلها من محق من هو أعلى تقنيّة ووطنيّة وسيلة ترقي في سلّم الوظيفي ومصعد الوجاهة.  وإلى أن يتم فك أسر القضاء ونزع اللجام عن السلطة الرابعة وتقديس النفس البشريّة وإحترام الجسد الآدمي في أكثر من دولة عربيّة. سوف تظل الحديثة في التكوين والمتجذرة في المكر التلمودي وخديعة حكماء صهيون، تدوس في كل مطلع ثانية زمنية على كرامة جل الدول العربية بما لها من حبّ للذات وإحترام النفسيّة اليهوديّة، وما لديها من حسن الخدمات الخاصة والسريّة في العالم. قال يسوع ابن مريم العذراء عليه السلام ( إنجيل لوقا 12 : 2 –7) 28 لا تخافوا اللذين يقتلون الجسد ولا يقدرون أن يقتلوا النفس،بل خافوا الذي يقدر أن  يهلك الجسد والنفس معا في جهنم. و يقول الله تعالى في كتابه العزيز  : بسم الله الرحمن الرحيم  « لايَحْسبنَّ اَلّذين كفرُوَاْ أَنمّا نُمْلِى لهُمْ خَيرُُ لأّنفُسِهِمْ إِنِّما نُملِى لهُمْ لِيزْدادُوَا إِثْما ولهُمْ عذابُُ مُّهينُُ ـ صدق الله مولانا العظيم ـ آية 178 من سورة آل عِمران. – الى أن يرزقنا الله في منطقة المغرب العربي الكبير بتشكيلات ضمن المجتمعات المدنية المغاربيّة كجماعة حزب الله من حيث التنظيم و العفـّة الجمعياتيّة. وبقادة اوفياء لأوطانهم و لخطهم الوطني وخططهم القوميّة و لصدقاتهم امثال سماحة السيّد حسن نصرُالله. وبأجهزة أمن طاهرة العقل و الفكر. وجادّة في المبدأ وواضحة في الطريقة و الأسلوب كجهاز أمن حزب الله. نقول لمن يعتقدون انفسهم انهم بتحالفهم مع المجتمع الأمني الإسرائيلي هو حماية للبلاد و العباد، أن الشدائد تعين على تقدير مقاييس الرجال أكثرمما تعين عليه التحالفات المريبة مع الصهيونيّة و الموالين لها. العبرة بمعدن الإنسان و صفاء وطنيّته مهما كانت درجة تجويع وتهميش ومهانة رؤساء أجهزة المخابرات  للسواد الأعظم من الخلق ومعاذير تعذيبهم لمن يتحلى بالوفاء للوطن و الأمة .  فمن يصبر للشدائد و النوازل و الجائحات و يغالبهم و لا يستسلم لهم. خليق بأن يصل النصر في أعماله و حقيق أن يبلغ ما يريد مهما ركّزوا المتصهينين في النفس و الجسدي القِرَاح.                هنا، أعممّ بالتوجه في القول برأس اللسان و طرف الأنف الى من ساورته نفسه المريضة و قصر نظره المٌزمن من بعض المجتمعات المدنيّة و الأمنية في أمّة العرب و من مركزيات صنع القرار في بعض رواقع الوطن،  أنّ التحالف الإنبطاحي مع الصهيونيّة الإقليمية  قصد الفوز برضاء الصهيونيّة العالمية و كسب حماية المارد الأبيض، لا جدوى فيه. وإنّ دوام الحال من المحال و لكل بداية نهاية. وفي الأساس إنّ الرجوع الى السواد الأعظم من الشعب حماية لا يعرف الزوال اليها سبيلا. ولم يدوّن التاريخ من قبل أحسن للفخرسليلا. وانّ في الوطنيّة و في الوفاء للدمّ و الساعد كنز لا يفنى على الإنفاق، و ذخيرة لا يضرب لها بالإملاق، و حلّة لا تخلق جدتها، ولذّة لا تصرم مدتها، مهما أثخنوا المتعاملين مع الصهيونيّة العالمية من الأنظمة و المجتمعات المدنيّة العربيّة في النفس و الجسد الجراح. من خالط العطّار نال عطره و من خالط الفحّام نال سوادا بسم الله الرحمن الرحيم  » قُلْ كُلُُّ مُّتربِّصُُ فتربِّصُواْ فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ أَصْحابُ الصِرَاِط السَّوِيِّ و مَنِ أهْـتَدَى » صدق الله مولانا العظيم ـ سورة طــه آية 135 ـ. طعم المرّ في الحلق للذكرى، – في الأخير، وبكل لطف وأدب وإحترام، أحذر في الجانب الأول وفقا للتجربة و المعلومة وإدراك، فطاحل أجهزة المخابرات والساسة في كل من فرنسا، وإيطاليا، وبلجيكيا، وألمانيا من إمكانية وقوع عمل مماثل في المستقبل للضربة الدموية والمحزنة التي وقعت في مدريد عاصمة دولة نصف شقيقة. وأقول بكل محبّة لمن عرف من أين تؤكل الكتف من أهل الإختصاص الآتي : – قبل الوقوع في فخ الإدارة العلمية وقسم التضليل والدراسات النفسية والإستراتيجية بالمركزية الأمنية الإسرائيلية. والمجموعات اليمينية والنيو- فاشية الناشطة على الساحة الأوروبية بإيعازمن اللوبي التلمودي ومنظمة لبّ صهيون» Lob-Zion «التي لها حضور مكثف ضمن وكالة التضليل الإعلامي والتأثيرات الإستراتيجية بأمريكا الشمالية. وبين براثن منظمات متطرفة في التديّن ومخترقة منذ إنطلاقها في سنة 1979 من طرف عناصر صهيونية. متخذة من طريقة شيخ الجبل، حسن الصباح وأستاذه الطبيب عبد الملك بن عطاش. معلم الحشاشين في القرن الحادي عشر، وسيلة عمل وبروز ونشور على حساب عقلاء التديّن من جهة وسماحة الدين الإسلامي الحنيف من جهة أخرى. وأسئلوا يا اولي الألباب، قبل كل أنواع وصنوف الإملاءات و الإتهامات والأعمال المجّانية، الفاضل ليندن لاروش، السياسي والإقتصادي المعروف، والمرشح الديمقراطي لرئاسة الولايات المتحدة. فسوف يدلكم قطعا على مخرجي ضربة مدريد وما سيليها في المستقبل. أو على الأقل ينير لكم الطريق للمزيد في معرفة الفاعل الأساسي. وإسئلوا أيضا السيد رؤول كسترو، شقيق الزعيم الكوبي والمسؤول على امن كوبا و الرئءس الحالي لها. وكذلك الصحفي مايكل لينييج والصحفي كلوديو شيلاني، كيلاهما من أسرة تحرير المجلة الأمريكية المختصّة E.I.R . – تذكروا على سبيل المثال الإتهمامات الرسمية الآتية، الصادرة من طرف أكثر من جهاز أمني وقضائي في غالب دول أوروبا الغربية : * جانفي 2000، يميني متطرف قريب من مجمع الصهيوني الأوروبي يدعى أندريا أنساباتو، أعتقل على إثر عملية إرهابية فاشلة ضد مكاتب الحزب الشيوعي الإيطالي برومة وثبتت علاقته الوطيدة بقائد المجموعة الإرهابية فورزا نوفا Forza Nuova المدعو روبارتو  فيوري الذي فرّ من إيطاليا إلى لندن سنة 81 بعد إكتشاف علاقته بالمنظمة الإرهابية الفاشية –تريزا  بوزيزيوني- » TERZA POSIZIONE «- يعني الموقع الثالث – المورطة في عمليات إرهابية، مثل تفجير بيازا فونتانا في إيطاليا سنة 1969. وتفجير محطة بولونيا 1980 والتي ادت إلى مقتل 85 شخصا. قتل أندريا أنساباتو أثناء إعتداء إرهابي على صحيفة يسارية في روما يوم 2000/12/22. حيث إنفجرت عليه القنبلة المخصصة لتفجير مكاتب الصحيفة. * نوفمبر 2001، منظمة إسبانية أمريكية ومنظمة كتائب أوروبا، أسسوا مجلة أطلق عليها إسم   » ماري تورنس « ضمت محررين ذوي علاقات بمنظمة الإرهاب الدولي صهيونيّة » إستراتيجي أوبتنشونس « المتخصصة بتفجير التوتر في أرجاء اوروبا. ومعروفة بكرهها للعرب والإسلام ومنهم : بلاس بينار، مؤسس » كتائب النهضة «، وفرانسيسكو موريزيو دي جوفاني، مؤرخ فاشي رئيس قاد عصابات » القمصان السوداء الشباب «. * 17-16 من شهر نوفمبر سنة 2002 وقع إجتماع في مدريد تحت أعين بعض مسؤولي جهاز المخابرات ضم ألسينار كرست من إئتلاف المافيا السياسة الدولية  وبلاس بينار. و روبارتو فيوري. وممثلي عن  » فيورزا نيوفا  » و» فالنج إسبانيول « إضافة إلى ممثل الجبهة الوطنية الفرنسية (FN) بزعامة جون مري لوبان. وممثل عن منظمات بريطانية، ومندوبين عن الحرس الحديدي الروماني فضلا عن الجنرال الأرجنتيني غوستو بريد عبيد، الذي جال على رأس وفد في كل من فرنسا وإيطاليا لتوجيه سير عمليات بإشراف لوبان و فيوري. * 2003/1/26 إجتماع في مدريد حضره ثلاثة آلاف شخص ( منهم من الشرق الاوسط ) بعلم من السيد أزنار،رئيس الوزراء الإسباني السابق شخصيا وخطب فيه فيوري، معلنا عن إئتلاف حزبه فورزا نيوفا بمختلف مجموعات نيو- فاشية ومجموعات صهيونية، وأحزاب أخرى مثل حزب أليسندار موسوليني حفيدة الدكتاتور الإيطالي السابق بينيتو موسوليني الملقب » بالدوق « – بلاس بينـــار : رئيس الجبهة الإسبانية التي تضم عدة تنظيمات وأحزاب اليمين الإسباني، خلال الثمانينات كان يقود حزب القوة الجديدة » FUERZA NUEVA « وإنضم في عام 2003 إلى الكتائب الإسبانية لتشكيل جبهته.  – روبارتــو  فيــوري : أحد مؤسسي حركة » FORZA NUOVA « سنة 1979 ومن أكبر إرهابي TERZA POSIZIONE والحركة الجديدة للعمل المباشر. وهو الذي قتل السفير الإسرائيلي سنة 1982 بلندن بإيعاز من شارون نفسه قصد إيجاد تعلة أمام الرأي العام الإسرائيلي لإجتياح لبنان وهو صديق إلى كل من سمير جعجع و إيلي حبيقة وله عقار بمنطقة الكحالة بلبنان. – غوستافو بريد عبيــد : من أصل لبناني ـ صديق حميم لآل جميل و سمير جعجع ثم للمتطرف جورج عدوان  و أنطوان زهرة وأنطوان لحد. والعديد من أمراء الحرب بلبنان. دخل الكلية العسكرية بالأرجنتين سنة 1969 وقام بالعديد من التربصات العسكرية في كل من فرنسا وإيطاليا والولايات المتحدة. وتسلم مناصب عسكرية وأمنيّة في بلده. وكان من احد مؤسسي الحزب الشعبي لإعادة إعمار الأرجنتين Porto Popular Por La Recontruction . – أليسنـدار موسولونــي : حفيدة الزعيم الفاشي بينيتو موسولوني، طبيبة كانت تعمل كعارضة أزياء، إنتخبت في عام 1992 نائبا عن حزب الإتحاد الجديد الإيطالي، وإستقالت بضجة كبيرة في 2003/11/28 بعد تصريحات لرئيس الحزب جيانفوكو- فيني خلال زيارته إلى إسرائيل بمقارنة جدها بياسر عرفات ومقارنة الفاشية بمنظمة التحرير الفلسطينية. هنا، أضع حكاّم أنظمة المغرب العربي الكبير أمام مسؤولياتهم وأحذّرهم بأنه قد سقط الجدار النفساني للخوف من العمل الإنتحاري عند البعض و الإستشهادي عند البعض الآخر. وإن الساحة الأفغانيّة العراقيّة قد أعطت للعديد من العناصر المغاربيّة المضطهدة من طرف الأنظمة و المراكز الأمنيّة فيها كل التجارب و المبررات للأعمال التفجيرية بكل أشكالها و صنوفها (أنظروا ما يُفعل في الجزائرمن طرف بما يسمى بتنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي). و إنّ كل صنوف و أنواع التدريبات الأمريكية و الغربيّة القائمة الآن على قدم و ساق في مجال مكافحة الإرهاب لا جدوى لها في بلدان المنطقة لأنّ بكل بساطة سقط حاجز الخوف من الأنظمة من جهة و تكاثرت الرغمة دينيا و وطنيا في مجابهة و مقاتلة كل شيّ متأتيّ من المارد الأمريكي و ممن يدور في فلكه. وإن المشهد العراقي و الحرب على لبنان قد غرسا في عمق نفسيّة شعوب المنطقة كراهية مفرطة لمن يساند الدكتاتوريّة العربيّة في الغرب لم يعرف التاريخ مثلها من قبل. و لا تضمحل الاّ بالإقلاع عن محاربة الدين الإسلامي الحنيف و الكفّ عن زرع الفتنة بين الدين الواحد.  و إضمحلال الإحتلال للأراضي العربيّة. ورفع يّد الحماية على الأنظمة الدكتاتورية العربيّة. ــ  أسمى آيات الإحترام والتقدير إلى كل من يتحلى بذهنيّة صافيّة و بوطنية مخلصة ونكران الذات ومقت للشخصنة و الإبتعاد على الإستقواء بالغرب على حساب شرف الدين و الأمة. وتقديس النفس البشرية والجسد الآدمي. من كل أجهزة المخابرات في العالم  العربي و خاصة مجتمعاته المدنيّة . و الي كل أهل النبل و الفضيلة من القضاء. وإلى كل فذ يقدس مهنة السلطة الرابعة، ويعشق من خلالها بالصدق والعفاف الحريّة، ويعمل لصالح البلاد والعباد في سبيل الله و الوطن . لأعداء أوطان العرب و زعماء الممانعة نقم و لمن سالمونا ارقى ما في السلام
 
 الشاذليّ العيّادي


 

إلى السيد أبوجعفر لعويني

 
بسم الله الرحمن الرحيم  
ردّ باحترام و محبّة على إبن الوطن السيّد أبو جعفر لعويني على مقال لم ينشر بعد علي صفحات موقع تونس نيوز الإخباري بل نشر في موقع « حوارنات » يوم 25 من الشهر الجاري عنوانه: الكلّ يضرب و المتلقّي واحد فنشر نفس ردّ السيّد ابو جعفر لعويني بتاريخ27 من هذا الشهر في موقع تونس نيوز، تماما كما نشر على صفحات « حوار نات » قبل يومين (1) لست شيعيا و لا سنيا كما أني لست أيضا مسيحيا، بل أرتدي منذ نعومة أظفاري سُترة حبّ الوطن من الإيمان. و ألتحف من الأكفان ما يبرز جليًا الراية التونسيّة و علويتها. و أرتدي أمام كل التيارات الجهادية و اليسار العالمي ثوب القوميّة وأتأنق بالوفاء للصداقة و أتعطّر بعدم نكران الجميل. هل هذا مفهوم أيها العزيز؟ (2) أني ابتدأت الجهاد من أجل بيت المقدس قبل مجي الثورة الإيرانية و قبل انطلاقة حزب الله. و بإمكانك سؤال المناضل المعروف المحامي عبد الرؤوف العيّادي عن مذا فعلت من أجل بعض رموزالمجتمع المدني التونسي، المتآكلة بعض أطرافة بالانبطاح و التعامل و الخيانة و نكران الجميل، قبل هروبي من الوطن و لولا كل من السادة الأستاذ عبد الرؤوف العيّادي والمحامي سمير بن عمر لماتت والدتي من عدم قدرتي على إقتناء دواء أمراضها المزمنة (3) في ما يخص القول الآتي : الى أن يرزقنا الله في منطقة المغرب العربي الكبير,بتشكيلات ضمن المجتمعات المدنية المغاربيّة كجماعة حزب الله من حيث التنظيم و العفـّة الجمعياتيّة. لم يجد في كل أقطار العالم الثاني و الثالث أنقى و أنفع للذات والأرض و أكثر تنظيما و تقنيّة من جهاز أمن حزب الله. كما ليس هناك مجتمع مدني شفّاف و رحيم بين بعظهم البعض أكثر من حزب الله. هذا ما يتقصنا في رواقع الوطن المغاربي. (4) للعبرة ، ذهبت إلى الشيخ عُمرمن التيار الديني التونسي بأريانة الجديدة لمحاولة الشغل عنده براتب رمزي. وهو يملك ما شاء الله من ممتلكات ثابته و منقولة. شكوت له إنحدار حالتي إلى درجة أني ألتجئ لسرقة المواد الغذائية لتأمين قوت والدتي اليومي . فقال لي طالما أني لم أأكل من المسروق المخصص لوالدتي فهذا لا يعد حراما؟ تصور لو كان في تونس شيعة و ذهبت إلى أحدهم ، هل يجيبني بنفس الجواب؟ (5) في ما يخص الأمر الآتي من قول سيّد المسيح الثابت في طيّات الكتاب المقدس – العهد الجديد: قال يسوع ابن مريم العذراء عليه السلام ( إنجيل لوقا 12: 2 –7) و تعليقك ربما أقصد به النصاري؟ إسم « يسوع » في الإنجيل هو في الأصل اسم عيسى إبن مريم في القرآن الكريم (6) في ما يخص ما قلته على المذهب الشيعي الذي أجهله سأكلف أحد أبناء تونس من الشيعة للردّ عليك لأني لا أفقه تاريخ و عمق المذهب الشيعي إلا ما درسته أكاديميا في موضوع حسن إبن الصباح الحميري شيخ الجبل. (7) في ما يخص كذلك روح ما كتبته في مقالك و حادثة بيروت قد سمعته من بعض أبناء وطني من إطارات حركة النهضة و شاهدت ما فعلوه في لبنان في ميدان تأجيج الطائفيّة و محاولة إستقطاب بعض عناصر من أوروبا للتغرير بهم على الساحة اللبنانيّة. و إن وطنيّتي لا تسمح لي بذكر أسمائهم و أماكن إقامتهم في بيروت و في أوروبا حتى لا يمسهم سوء لا قدّر الله و يفرض عليا الانتقام لهم بصفتهم من حاملي جنسيّتي الساميّة. و إذا كنت مقتنعا بما كتبته و لك من الشجاعة بارزها، طلبت مني ذلك علنا سأكشف لك أسمائهم عبر موقع « حوارنت » و « تونس نيوز » و بالتالي يسقط عني فرض عين الإنتقام لهم ؟ كما أني مستعد أن أعطيك أسماء من يتحلى بالطائفيّة المميتة و هو يمثل من البيوت الآمنة للقاعدة في كل من فرنسا و سويسرا و ألمانيّة و بريطانيّة و إيطاليا و خاصة مدينة آخن Aachen -– إني بين الكاف و النون لتلبيّة رغباتك- و لكن أسئل في الوطن على آل العيّادي و آل المكاّوي و مكانتهم من علوم الدين و السنّة. (8) بناء على عدم قدرتك قراءة ما يُكتب في ميدان الفنّ الثامن، و هذا ليس بإهانة، اطلب منك إذا إعادة قراءة المقال بتروي حتى تتأكد أن كل هميّ هو المساهمة في إستفاقة كل المجتمعات الأمنيّة المغاربيّة و إعتناقهم مبدأ تقديس النفس البشريّة و إحترام الجسدي. و ألفت نظرك أني مختص و منظّر في الأمن القومي و ليس في الأمن الإقليمي أو في الإستقواء على وطني بالصهيونيّة العالميّة. و لو كنت كذلك لقبلت الإغراءات المناصبيّة و الماديّة المتأتيّة من النظام في تونس و من المجتمع الأمني في الوطن. و لساهمت بكل إتقان و منهجيّة في تحييد بأيادي أجنبيّة كل من تستهويه التفرقة الجهويّة و الطائفيّة و الإستقواء بالأجنبي. و من ولّوا وجوههم شطر عواصم كل من فرنسا و ألمانيا و النمسا للمساهمة في بيع ما تبقى من تونس في المستقبل. هل فهمت و استوعبت الدرس يا إبن الوطن العزيز، الذي نجود في أسواقه بالمنهج و النفوس ،عملا بما أمرنا به الإسلام و واضعه؟ (9) ألطاب منك سؤال المناضل الكبير، سليل أهل العفّة والمقاومة الدكتور و المؤرخ السيّد منذر سفر من حذره من عمليّة تلموديّة بإيعاز من المجمع اليهودي في فرنسا و كبير الحاخامات في تونس حاول تنفيذها كل من السادة الدكتور ضحية المجتمع المدني قبل المجتمع الأمني الصحبي العمري و حمّادي الفرجاوي في فرنسا. و من سبق الإدارة الأمريكية سنة 2005 (بالإسم و الرتبة) في تحذير العالم من أن النظام التونسي ينوي تنفيذ بعض التفجيرات في تونس قصد القضاء على المعارضة وخاصة التيّار المتديّن منه. أما في ما يخص مصر، أنا الذي أعلمت أواخر سنة 2006 أكثر من قطر عربي و بعض قيادات الثورة الفلسطينيّة بأن هناك مخطط يرمي لبعث دولة فرعونيّة ثانيّة قبل سنة2012 بقيادة السيّد جمال مبارك.كما أعلمت في السابق مركزيّة صنع القرار بعمليّة مقبل السادات قبل وقوعها و ذلك يوم 21 أوت سنة 1981في أقبية إدارة سلامة أمن الدولة كما أطلب منك سؤال فطاحل الثورة الفلسطينيّة و كذلك الأمن التونسي من اعلم الشهيد صلاح خلف في قصر قرطاج بتاريخ28أوت من سنة1981 بتاريخ إجتياح إسرائيل لجنوب لبنان قبل أقوعه؟. و من قصف سعد حداد ؟ و من ذبح بعض عملاء إسرائيل في جنوب لبناء – هل فهمت الرسالة ؟ (10) في ما يخص الغرب أقول لك بكل التواضع رغم إتهامي بالإرهاب الدولي من بعض دول الغرب بخطفي طائرة على متنها 40 من عناصر البوليس الدولي، أنا الذي جعل السويد تعدل على إرسال 1500 عسكري من قواتها المسلحة إلى جنوب لبنان بعد وقف العمليات العدوانيّة الإسرائيلية على جنوب لبنان. و قبلها تراجعها في فتح مخازنها لإرسال قنابل نيترونية تكتيكيّة لقصف جنوب لبنان في اليوم 27 من الإعتداء الإسرائيلي على جنوب لبنان. و قبلها كذلك الإبتعاد عن تأييد طرح الرئيس الفرنسي الأسبق لقصف سوريا بناء على رغبة آل الحريري. (11) في ما يخص النضال في تونس يجب قبل ذلك تحييد بعض الأسماء من المجتمع المدني التونسي لإستعانة البعض منهم باللوبي الصهيوني و البعض الآخر بالمحافل الماسونيّة بأوربا. ليسوا هؤلاء الرهط أفضل البتة من بطانة النظام في تونسي و جل المنتمين للمجتمع الأمني التونسي . و لايمكن التغلب عل النظام في تونس طالما أن العدد الكبير من منتسبي المجتمع المدني التونسي يتحلى بالشَخْصَنة و يتعامل سرًا مع بعض رجال النظام من القضاء و من البوليس و من مستشري قصر قرطاج من أجل الكبر المقام المجتمعي و رعاية الطاقة الشرائيّة. أطلب منك مجددا سؤال صديقي و أخي المحامي عبد الرؤوف العيّادي و إذا أردت كذلك سؤال المحامي سمير بن عمر.كما بإمكانك سؤال السيّد عبد العزيز يعقوبي هنا أنصحك، بصفتك من أبناء وطني المفدى و جنسيّتي الساميّة الإبتعاد عن التحدث بمصطلحات الطائفيّة لأنها مرفوضة و لا تتمشى و النفسيّة الوطنيّة إذا كنت مقتدرا و ليس إرتجاليا و لك من المعارف على الساحة الفرنسيّة من هو قدير و حقيق لإحالتي على القضاء ( بكل إحترام أشك في ذلك)، اضع نفسي تحت تصرف أي قضاء في العالم نتيجة هذا الكلام و اشياء أخرى في ميداني تبقى أنت لها من الجاهلين لك منيّ أقدس ما في الإنسانيّة من معاني و مجتمعة و أنبل ما في الوطنيّة من محاسن رعاية النفسيّة الوطنيّة. و أطلب من الخالق أن يمدكم و ذويكم بحسن التديّن و أن يمكنكم من النجاح المهني و الهناء الأسروي و كبر المقام الديني و الإجتماعي في كنف الخوف من الله و الصحّة الجيّدة و السعادة الدائمة احتراماتي الفائقة مع تمنياتي للجميع بقدوم رمضان مبارك. عاشت تونس و سُعِد بذلك السواد الأعظم من الشعب الكريم الشاذلي العيّادي إذا أردت مكاتبتي فبإمكانك أخذ عنواني الإلكتروني من أسرة تحرير موقع « حوار نات » المحترم أو من إدارة موقع تونس نيوز

 

الجواب الأجدر على مقال يوسف الأخضر كتب الردّ: أبوجعفرلعويني

تطوير خطاب الحركة الاسلامية في تونس

كنت قد كتبت في فترة سابقة عن ضرورة الاردوغان التونسي نظرا لحاجات التيار الإسلامي في تونس إلى حركة تغيير وتقييم تستجيب لتحديات المرحلة التي يمر بها بعد محنة التسعينات من القرن الماضي . ووصلت من بين جملة استخلاصات وقفت عندها إلى أن أكثر من هو مؤهل للقيام بهذا الدور هم شبابها الذين جمعوا بين تجربة السجن والقدرة العلمية والفكرية التي تسمح لهم بقراءة الأحداث والواقع والتوازنات قراءة سليمة بعيدا عن ردود الفعل المتشنجة الناتجة عن اعتبارات شخصية أو ايغال في مبدئية موهومة. -هذا الأمر متاح ومرغوب إذا ما هيّئت الأسباب,ومهّدت الطّريق ,وفسح المجال من طرف الحزب الحاكم المستبدّ,الذي لا يقبل الآخر ولا الرّأي الآخر, و يحسب نفسه الوليّ و الوصيّ الذي لا يمكن لغيره, إلاّ أداء الخمس شأن الثقافة الجديدة الصّاعدة,أو كما كانت الأنظمة الشّمولية والشيوعيّة,وأنّى للبروليتاريا والعوامّ ,التّدخل في الشّأن العامّ والشّؤون الإجتماعيّة والمشاركة في الحكم وصياغة القوانين  و بقطع النظر عما قد يكون أحدثه هذا الرأي من ردود فعل و تفاعل ايجابي أو سلبي داخل الصف الإسلامي يجدر التأكيد مرة أخرى أن هذه الفكرة صارت أكثر إلحاحية في الوقت الراهن بعد جملة من التطورات التي شهدتها هذه الساحة على ضآلتها مقارنة بما هو مأمول منها. – الغريب في الأمر هنا ,أنّ أكثر المتحدّثين في هذا المجال,يسوّقون أنفسهم و صاروا يُعرفون من لحن القول, وكأنّهم يتقرّبون للنّظام الرّافض أصلا الإستماع لحلولهم الحواريّة, والدّاعية إلى تقريب وجهات النّظر,وتفريغ السجون من المعارضين أيّا كانت مشاربهم, وباتّباع سياسة القطرة قطرة, يواصل(النّظام) سياسة التّنكيل والإقصاء والحرمان,ولا يزال يهيمن على المساجد لتغيير رسالتها الرّوحية, والإجتماعية مسخا وترهيبا للملتزمين, ويمّم اللاّهثون وراء السّراب وإن كان حقّا لابدّ من كسبه ولكن بطرق سويّة,يمّموا وجهاتهم وصعّدوا تهجّماتهم صوب مكتب الحركة المنتخب, من طرف نخبة لم ينقطع عملها منذ الحملة المشهودة على الحركة, والمتعاطفين معها ولو شبهة لا أساس لها من الصّحة,وهؤلاء المتكالبون أشكّ في نزاهتهم وحسن نيّتهم , إذ النّظام العالمي للأحزاب والجمعيّات ينصّ على تنظيم معروف ومعترف به دوليّا,ينصّ على إقامة  مؤتمر للأعضاء, وتشكيل هيئة لصياغة القانون الأساسي والنّظام الدّاخلي ,وانتخاب مكتب يتكوّن من رئيس وأمين عام أو كاتب عام ,وأمين مال ونوّابهم , ثمّ يكلّف مسؤولين على هيئات أخرى, سياسية وثقاقية واتّصال, وهلمّ جرّا. وطوال سنيّ الجمر (النّفي والتهجير والإقصاء زيادة على السجون) لم نسمع لهؤلاء اللاهثين ذكرا ولا ركزا,وكأنّهم أصحاب الكهف يستيقضون فجأة ,ويطالبون بالحركة ورئيسها ,فيذكّروني بدحلان غزّة وأصحابه من عصابة دايتون ونعلم جميعا ما جرى في أوسلو وما بعدها,وأنّ فلسطين وماهي عليه اليوم يتصرّفون وكأنّها دولة مستقلّة,فيا هؤلاء المتهافتين على رسلكم ,انتُخب المكتب في ظروف غير عادية تحت ضغوط معروفة,وأعذر الدكتور محمد الهاشمي الحامدي,الذي تحرّك في الوقت المناسب,لمّا كان هؤلاء في سباتهم العميق وهو رجل يعرف قدره إذ تدخّل في الوقت المناسب ثمّ احترم القرار والنّتائج,وعلى الجميع أي من يحسب نفسه من الجماعة ,اتّباع أحسن الطّرق حتّى لايكون مفرّقا للجماعة.    وتتلخص هذه التطورات في بروز خطابات ومقالات تدعو قيادة الحركة  الإسلامية إلى مراجعة منهجها في التعامل مع السلطة ومنهم من بلغ به الرأي حد التنصل من هذه المواقف وتحميل رموز بعينها مسؤولية هذا الانسداد الذي تشهده العلاقة بين الطرفين. -(وهؤلاء القوم عليهم بالرّجوع إلى الحقّ والرّجوع إلى الحقّ فضيلة وأحقّ أن يتّبع)  وفي رأيي أن هذه الدعوات لم تلق حظها من التفاعل الايجابي لأنها صدرت عن أناس احرقوا كل سفنهم داخل الصف الإسلامي بصرف النظر  عن  حسن نيتهم إذ سارعوا إلى تحميل الإسلاميين المسؤولية كاملة دون احتراز وكانت لهم مواقف أنقصت من مصداقيتهم . وفي المقابل  وجدت دعوات أخرى على احتشامها يمكن ان تشكل مدخلا هاما لما هو مطلوب من خرق في الخطاب الإسلامي من اجل مصلحة التيار والبلاد عموما.  (هناك مجالات متعدّدة للعمل الدّيني والسّياسي, وهو فسيح يسع الجميع ,وعلى كلّ منهم أن يضيف ما يصلح للبلاد والعباد وألاّ يتّبع هوى النّفس) فيضلّ ويضلّ. واللافت أن  الدعوات بشقيها استهدفت كما ذكرنا رموزا بعينها على رأسهم الشيخ راشد الغنوشي زعيم الحركة. وكنت شخصيا قد صنفت الشيخ الغنوشي  ضمن القيادات التي لم يعد لها ما تلعبه داخل المجال السياسي( كيف تفسّر ذلك لإقناع الجماعة,وهل كنت حاضرا في المؤتمر الأخير بلندن؟) باعتبار ان التجربة في العالم العربي أثبتت استحالة الجمع بين الثقافة والممارسة السياسية(تلك أمور فيها نظر) ودعوت الشيخ وأمثاله الذين بلغوا ‘درجة الاباء الروحيين’ كما وصفتهم آنذاك,إلى أن يهتموا بالإنتاج الفكري والنظري والبحوث العلمية, من اجل مزيد تنضيج المدونة الفكرية للتيار الإسلامي.؟  واليوم أعود للحديث في الموضوع بعد اطلاعي على الخطاب الأخير للشيخ الغنوشي في موقع النهضة انفو بمناسبة الذكرى 27 لتأسيس حركة النهضة والذي فاجأني من جهة وأكد لي بعض القناعات من جهة أخرى أحاول ان أقف عليها في  هذا المقال. المفاجأة ليست كبيرة بالنظر إلى تتبع النسق العام لخطاب الشيخ بعد سنوات المحنة والتي لم تخرج عن إطار تصعيد الخطاب في إطار التمسك بمبدئية يحسبها  البعد الوحيد في العمل السياسي،  ولا تعدو المفاجأة سوى استغراب من  توقيت صدور هذا الخطاب محقا في ذلك كنت ام مبطلا باعتبار أن ‘الشئ من مأتاه لا يستغرب كما قد يقول لي البعض ردا على هذا التفاجئ. غير ان الأمر  عندي مستغرب لأنني لا أرى الشيخ مأتى لهذا الشئ لان له في نظري القدرة على حسن القراءة  لا يمنعه منها غير تمسك بمبدئية محمودة في غير هذا الموضع  ،وهذا لا يعني  فتوى لغيره للتخلي عن مبدئيته  بقدر ماهي دعوة الى فقه الواقع المعيش والمحيط بما لا   يخل بالمبدئية ولا يضيع مصلحة.اما زمن صدور المقال فوجه الغرابة فيه انه لم يراع تغير الزمن أولم يقرأ  زمنه كما ينبغي ان يقرأه،فظل حبيس لغة جربها منذ عقدين من الزمن  ولم تؤت أكلها بل ربما ادت الى نتائج خطيرة على المشروع الإسلامي في تونس ولم تضر السلطة شيئا. ‘ – كيف يا هذا تسوّل لك نفسك وأشباهك الذين تتحدّث معهم, التّحدّث بهذا الأسلوب الرّجعي المنبوذ, الذي لا يقبله منك كلّ عاقل, وخاصّة أنّ الشيخ الغنّوشي لم يفرض نفسه إلاّ بالعمل المشهود له به ,ولم يقبل التجديد إلاّ احتراما للآغلبية المتواجدة,وقد فاز ب65بالمائة من الأصوات,فكيف تفسّرون الدّيمفراطية إذا,أمّا المشروع الإسلامي ,فإنّه هو الحلّ و سوف يختاره الشّعب,طواعية وليس كما نرى ,ولو فسح المجال للخطاب الدّيني الوسطي ,لما كانت هذه المشاكل التي نرى في تونس من تنصير وتبصير(تشيّع) أو استغلال إنتهازي ظلامي علماني. ذلك أن التوصيف لا ينبغي ان يكون غاية في حد ذاته و هو لا يحسب لصاحبه انجازا وأن بلغ في الدقة مبلغه لان المطلوب في العمل السياسي هو فهم ميكانيزمات عمل الطرف المقابل وحسن تحليلها لا وصفها. ولنا هنا ان نورد امثلة على ذلك تبين الفرق بين التوصيف والتحليل، وأبرز مثال هو من داخل التيار الاسلامي وفي علاقته بالسلطة و انا هنا اذكر كيف كان الاسلاميون يصفون السلطة بأبشع النعوت  وبالغوا في نشر هذا التوصيف حتى ظلوا حبيسيه ومنعهم من فهم آليات عمل السلطة حتى كانت محنة التسعينات فوجدوا انفسهم امام حقيقة مخالفة للسلطة التي وصفوها بالغباء والحمق وظنوا انهم قادرون عليها في اي لحظة في المقابل كانت السلطة تدرس الإسلاميين وتقرا خطابهم وتؤله بما يخدم هدفها ونجحت في ذلك أيما نجاح، ولست هنا انتصر لها أو اقلل من قيمة الإسلاميين ولكن كان هذا  واقعا  يقر به  كل من عايش تلك الفترة ، فما الذي يعنيه ان يستمر مثل هذا الخطاب بعد عشريتين من الزمن؟ ماذا يعني ان تصف  مشروع السلطة بالهولوكست النوفمبري؟ يعني هذا في التقدير البسيط عدم الاستفادة من التجربة ولا مراعاة لواقع الحال  وللتوضيح أقول يشترك ابن الريف وابن المدينة مثلا في توصيف الحمار لكن ذلك لايعني  اشتراكهما في سوس الحمار  فلا يعني اعتقادك في حماقة الحمار قدرتك على سوسه ما لم تكن مدركا لطبعه عارفا به. عجبا لهذه اللغة الحمارية, يا يوسف الأخضر (باحث جامعي)التى لا تجدر بباحث جامعي, إلاّ أن يكون علمانيّا متهافتا يعمل لشقّ الصفّ الإسلامي , وهنا أتعجّب من هذا النّوع من البشر ,إذ منذ سقوط جدار برلين صاروا أيتاما,فتبنّتهم الأمبريالية الرأسمالية الماسونية,فتأقلموا معها دون جهد ,مكلّبين مروّضين ,صاروا أشدّ علينا من الغرب ذاته,أقول لك وبكل صراحة ومصداقية ,أرجعوا إلى جحوركم ياخفافيش الظّلام ,فقد بزغ الفجر الجديد وأشرقت شمس الإسلام ولن تغطّوها بالغربال. وهذا قياس مع وجود الفارق لكنه يساعدني على توضيح وجه الغرابة في صدور هذا المقال للشيخ الغنوشي فالتوصيف الذي ظل الاسلاميون يتمسكون به منعهم من قراءة آليات السلطة وفهمها ومتابعة تطورها على خلاف العلمانيين في تونس مثلا خاصة منهم الذين يشتركون او يقتربون من توصيف الاسلاميين للسلطة  فهؤلاء رغم وصفهم السلطة باللاوطنية  والعمالة والكمبرادورية وغيرها من ‘النعوت القوالب’ إلا ان ذلك لم يحبسهم عن التعامل الواقعي والبراغماتي مع منطق السلطة ومحافظتهم في الوقت نفسه على صفة المناضيلن وهنا أسال ماذا يعني أن يتحرك رموز المعارضة الذين يتحالف معهم الإسلاميون اليوم وغيرهم ممن يحتفظون بعلاقة متوترة مع السلطة  ، يتحركون بكل حرية لهم الحق في العمل والسفر والاتصال بالأطراف الدولية  و المشاركة في الأنشطة الثقافية بأشكال مختلفة وتضطر السلطة الى تبرير ما قد تفعله في حقهم من إيقاف او اعتداء  وأحيانا تفند ذلك في حين لا تبالي لاحتجاج اسلامي يقع ايقافه او سجنه او قتله بل قد تزيد من وقاحتها و تدافع عما مارست في حقه . يعني هذا كله وببساطة ان الاسلاميين لم يحسنوا بعد قراءة ميكانيزمات عمل السلطة ولم يستطيعوا ان يلائموا بين المبدئية والمصلحة او بمنطق الاصول لم يستطيعوا ان ينزلوا النص في واقعهم. آسف يا  يوسف, لقد أخفقت في شرحك ودراستك ,وقد أسفرت عن شخصك وشخصيّتك دون أن تدري,وأنت تريد إيصال رسالة من الشّاطئ المهجور, مبرّرا بألوان واهية مكشوفة ومفضوحة , فالنّظام واضح في طرحه , ويسعى للقضاء على الحركة إسما ومضمونا و(يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم والله متمّ نوره) وليخسإ الخاسئون كما قال صدّام. هذا عن زمن صدور هذا النص اما عن مضمونه  فأبدا بسؤال الى صاحبه ومن يتبناه هل أحدث هذا الخطاب خرقا في الواقع الذي يعيشه الاسلاميون في تونس؟ (نعم)  وهل كان الاسلاميون المسرحون او المسجونون في حاجة الى وصف ما يعانونه ام الى تغييره ؟ وهل ان التوصيف سبيل امثل لتغيير ما يتعرضون اليه ؟ في ظني ان الاجابة عن كل هذه الاسئلة هي اجابة بالنفي (جواب انهزامي) لاسباب: اولا سبب منهجي إذ التوصيف فعل عاطفي بلاغي قد يفتح لصاحبه ابواب خطاب لا ينغلق ويشتت امامه السبل بحيث يمنعه من ادراك مبتغاه خاصة إذا كان هذا الواصف او القائم بالتوصيف عرضة لما يصفه فحتما سيغلب الجانب النفسي على التوصيف وان بالغ صاحبه في تحري الموضوعية والفهم  وللإشارة هنا فانا لا أقول بعدمية التوصيف ولكني أرى الوقوف عنده والمبالغة فيه من الأخطاء المنهجية القاتلة. – (أخفقت في الشّرح الفلسفي الذي أوردت) ثانيا يعتبر هذا التوصيف مؤشرا خطيرا على عدم تطور الحركة الاسلامية على مستوى  العمل المؤسساتي ذلك ان مثل هذا الخطاب لا يمكن ان يصدر عن مؤسسة حركة سياسية ،لان المؤسسات مهما بلغت حدة تشنجها إزاء موقف ما فإنها  تعدد الاراء فيها  واختلاف وجهات النظر يساعد على  صدور خطاب متزن يراعي المصلحة العامة للحركة ولا يخل بأهدافها ويحدد موقفه من الواقعة او الحدث بحنكة وذكاء. ولان خطاب الشيخ كان غير ذلك في تقديرنا فإن التساؤل الذي يفرض نفسه هنا هل تحولت المؤسسة الى الشيخ أو احتكر الشيخ المؤسسة فصارا واحدا متماهيين؟ ( أزيدك شرحا عمّا سلف ,وهو صمود المكتب لكلّ التّيارات العاتية ,التي تتعاقب باطّراد منذ بداية السنّة الإدارية ,وهذا يعدّ نجاحا في حدّ ذاته,و زيادة عن ذلك  عدم الإفراج عن سجناء الرّأي, وعدم سنّ العفوالتشريعي العام, لصالح المنفيين والمهجّرين,والمساجين جعل البعض منهم يشكّكون في نوايا النّظام) ولا اريدك أن تقتنع بشرحي ,لأنّ رأيك معروف معزة ولو طارت. ظاهر الأمر يوحي بهذا الاتحاد  غير المحبب في زمن تغيرت فيه الكثير من أساليب العمل السياسي ،وإذا استمر مثل هذا الاتحاد فنتائجه ستكون كارثية على العمل الإسلامي  وسيكون ارتكاب خطأ آخر نتيجة هذا النمط من التفكير جريمة في حق الإسلام والإسلاميين والبلاد التي خسرت كثيرا بغياب الإسلاميين عن الساحة السياسية،(أأنت مقتنع بذلك أم مخادعة الخبّ) ولست املك وصفة جاهزة للحل خاصة في ظل التعنت الذي تبديه السلطة في التعامل مع هذا الملف ومع ملفات الحريات العامة في البلاد مطلقا ( إذا تكلّم المرء فليقل خيرا أو يصمت) حديث شريف ,وكان أحرى بك الصّمت أو العمل للصّالح العامّ أو إعانة الجماعات العاملة. – ولكني أدعو أبناء الحركة الإسلامية خاصة الذين هم في الداخل إلى التفكير بعمق وعقلانية وواقعية في واقعهم وسبل التجاوز  و أن تكون لهم الجرأة على القطع مع كل الأساليب القديمة حتى التي أثبتت بعض فعاليتها باعتبار ان الواقع تجاوزها ،كما ادعوهم إلى أن لا يضعوا أي شئ في موضع المقدس  حتى يستطيعوا تبين الخلل فيه وأن لا يستعجلوا الثمرة   وليتريثوا في استخلاص النتائج. (لاتنهى عن خلق وتأتي مثله عار عليك وإن فعلت عظيم). واختم مقالي هذا باقتراح أرى فيه من الجدة والجدية ما يساعد الإسلاميين على البدء بالخطوات الأولى للتجاوز دون ان يكونوا عرضة للتبعات الأمنية التي قد تضيق عليهم سبل العمل وإن كان الأذى غير مستبعد في بلادنا لكن هذا الاقتراح سيحرج السلطة ويفرض عليها التعامل بطريقة مختلفة مع الملف وحتى أذاها الذي قد تفكر في إلحاقه مرة أخرى بالإسلاميين لن يكون في حجم المرات السابقة وسيلقى الإسلاميون مساندة اكبر من كل الأطراف، ويتمثل الاقتراح في فتح حوار علني بين أبناء الحركة عبر شبكة الانترنت يقدمون فيه تصوراتهم للعودة السياسية وطريقة عملهم دون حرج وابتعادا عن ازدواجية الخطاب مع الاحتفاظ ببعض الخصوصية التي تهم كل حركة سياسية بما فيها الحزب الحاكم كعدم مناقشة ما صار ملكا للتاريخ باعتباره شأنا داخليا يمكن أن يطرح حين تعود مؤسسات الحركة للعمل في ظل القانونية والشرعية. إن مثل هذا الحل من شأنه ان يذهب حجة السلطة في قضية التنظيم السري كما يذهب حجته وحجة المترددين في مساندة التيار الإسلامي حول قضية ازدواجية الخطاب  وفي الوقت نفسه يقدم صورة واضحة لأبناء الوطن عن هذا التيار يوسف الأخضر باحث جامعي وخاتمة القول من أبي جعفر لعويني ,وكلّ ما رددت به عليك يا أخضر ,هو من منطلق ‘ المسلمون يمشي بذمّتهم أدناهم, وهذا لايؤمن به المتنطعون والمتغطرسون, وأنا بدوري أنصحك والذين هم على شاكلتك, أنّ الإسلام هو دين الشعب التونسي ,وهو بند من بنود الدستور , والأغلبية اليوم قد لفظت الإشتراكية الغربية والشيوعية والماسونية بكلّ أسمائها وألوانها وتيّاراتها,ورجع إلى رحاب الدّين الذي هو الحلّ الأسلم والأحسن والأعدل ,محبّ للتغيير السّلمي الوسطي المعتدل فننصح النّظام الحاكم على العمل من أجل الوطن والشّعب,لتسهيل المهمّة واّلاّ يتّبع الطّريقة الشّمشونية عليّ وعلى أعدائي فنحن في سفينة واحدة ,ولن نقبل من يخرقها. (المصدر: موقع الحوار.نت (ألمانيا) بتاريخ 27 أوت 2008)


 

تونس في 28/08/2008
 
                                                    بسم الله الرحمان الرحيم                                                                      والصلاة والسلام على أفضل المرسلين           الرسالة رقم 462 بقلم
محمد العروسي الهاني  على موقع الانترنات مناضل كاتب في الشأن           الوطني والعربي والإسلامي رسالة للتاريخ مفتوحة رقم 25

إلى عناية سيادة رئيس الجمهورية بمناسبة حلول شهر رمضان المعظم يسعدني كمناضل دستوري أن أكتب بكل شرف ونخوة واعتزاز

إلى سيادة رئيس الجمهورية
للمرة 25 عن طريق الانترنات وللمرة 46 عن طريق الفاكس والبريد ومباشرة إيمانا مني بأن لا حواجز بين رئيس الدولة وأبناء الشعب طبقا لدستورنا التونسي وتقاليدنا الوطنية وقانون الجمهورية وتكريسا لهذا المبدأ فإن الكتابة لسيادة الرئيس حق شرعي ضمنه الدستور وواجب وطني لإعلام سيادة الرئيس بكل ما يهم الشأن الوطني ومشاغل الناس وحقوقهم وخاصة إذا تغافل عنها المسؤولون لو تجاهلوها. فإن الواجب يفرض ويدعوا إلى تحمل المسؤولية وإعلام سيادة الرئيس الضامن و الراعي لحقوق المواطنين والساهر على تنفيذ القانون والراعي لشؤون الشعب وانطلاقا من هذه الثوابت والقيم فإن من واجبي من حين لآخر مكاتبة من يمثل أعلى سلطة في البلاد اليد الطوله وصاحب القرار الفصل والضامن والراعي لشؤون الأمة. سيادة الرئيس يسعدني بعد هذه المقدمة الوجيزة التي من واجبي التذكير بها حتى يدرك بعضهم أن مكاتبه سيادتكم ليس بدعة أو خروج عن المؤلوف والعادات والتقاليد وأن المواطن الصالح الغيور على مكاسب وطنه هو الذي يسعى لإبلاغ سيادتكم بكل التجاوزات أو المظالم أو التقصير وبلفت النظر للمشاغل بصدق وأمانة عندما يشعر بأن الاهتمام والمتابعة في أوساط مسؤولة غير كافية أو معدومة. وقد استغرب أحدهم من كثرت الرسائل الموجهة إلى سيادتكم وتجاهل التقصير الحاصل وعدم الاستجابة لمشاغل الناس وتجاهل أيضا أن في بلاد حاكم يسهر على شؤون شعبه سيادة الرئيس إن قراركم الحكيم يوم 25/08/2008 بمناسبة متابعتكم للملفات الكبرى مع السيد الوزير الأول فقد قررتم في هذه المقابلة تقديم صرف منحة الإنتاج لأعوان الدولة والمجموعات المحلية لمجابهة مصاريف العودة المدرسية التي تزامنت مع حلول شهر رمضان المعظم وأعطيتم إذنكم للقيام برفع نسق المفاوضات بين الحكومة والأطراف الإجماعية للإسراع بإقرار الزيادة المنتظرة لسنوات 2008 – 2009 – 2010 وفي انتظار إستكمال المفاوضات قررتم تقديم تسبقة عن سنة 2008 وفي ذلك حس مرهف وعناية فائقة ومتابعة رئاسية كريمة تدل على حس مرهف وشعور بالمسؤولية ومتابعة لمشاغل وخلجات ودقات وإحساس شعبكم وما يعانيه في مثل هذه المناسبات. سيادة الرئيس إلى جانب هذه الشريحة الهامة فهناك شرائح أخرى تستحق الدعم والعناية في مثل هذه المناسبات الدينية والوطنية منها: 1-  شريحة المتقاعدين الذين ليس لهم منحة إنتاج ولا حق في الإعانات المدرسية ولا القروض. 2- شريحة العائلات المعوزة التي تعد حوالي 180 ألف عائلة منها 80 ألف عائلة مهمشة تعيش على الصدقات في المناسبات الدينية و100 ألف أسرة تعيش بمنحة مالية قدرها 150 دينار وكل 3 أشهر أي معدل 1600 مليم يوميا. سيادة الرئيس 3- وهناك شريحة أخرى تستحق الدعم والعناية وهي شريحة المطرودين أو من تعلقت بهم قضايا وهم في حالة بطالة وإعادتهم إلى العمل ضرورة حتمية لحفظ كرامتهم وعيشهم. هذه الشرائح هي أقرب إلى القلوب الرحيمة وتحتاج إلى الدعم والمعونة والمساندة. وختاما أرفع إلى سيادتكم ومقامكم الرفيع هذه القضية العويصة والشائكة وهي معضلة لم يعطيها المسؤولين أي إهتمام فقد حصل حادث شغل في مكان العمل بجهة التلالسة معتمدية الجم أثناء العمل في شركة الكهرباء والغاز. وحصل الحادث لشاب يعمل بفرع الجم توفي فورا رحمه الله أثناء الواجب المهني حيث لم يتفطن لمواصلة النور الكهربائي عند الإصلاح والقيام بالواجب المهني المطلوب وسرعان ما صفعه النور الكهربائي وعجل بموته رحمه الله. وكان رفقته المسؤول زميله الذي هو الآخر لم يتفطن لاستمرار الكهرباء وحصلت الكارثة مات الشاب وأغمي على الثاني المسمى بلقاسم الناصري من شدة الصدمة والتأثر على زميله. وعندما بلغ الخبر لإدارة الشركة سارعت بإيقاف العون الثاني رئيس الفريق ، وقد اتخذت في شأنه قرار عاجل بإيقافه عن العمل من 10/04/2008 وفي 11/06/2008 وقعت دعوته لحضور مجلس التأديب وفي 16/07/2008 اتصل المعني بالأمر بقرار العزل أي حكم الأعدام على عائلة تتركب من 7 أشخاص 5 أطفال والزوج والزوجة وأكبر الأبناء عمره 13 سنة. ورغم المحاولات والوعود والاتصالات باتت كلها بالفشل الذريع خاصة محاولة هامة من طرف وزيرا متحمسا بالوزارة الأولى ومن المسؤولين الوطنيين الصادقين وقد تحمس للموضوع الإنساني جزاه الله كل خير لكن الأذان مغلقة والقلوب لا تعرف الرحمة حتى خلال حلول شهر رمضان المعظم نرفع إلى سيادتكم هذه المعضلة ولا نشك لحظة واحدة في مبادرتكم الرئاسية وعطفكم وحنانكم وحسكم المرهف وقراركم بعودة الشاب إلى سالف عمله وإزالة آثار الحرمان والخصاصة لمدة 5 أشهر مضت على هذه المعضلة. والله ولي التوفيق والهادي إلى سواء السبيل   ملاحظــــة هامــــــــة: تلخص بوضوح ما جاء في الرسالة : إدارة الشركة اجتهزت وذكرت في دعم وإنقاذ أرملة الهالك رحمه الله وأكرمتها بامتياز الشغل عوضا عن الزوج المتوفي وحكمت بالإعدام وقطع الخبزة على الشاب الذي له 5 أطفال أصغرهم 5 أعوام قال لوالده أين الغلال والحليب والياغورت يا أبي ؟؟؟ فهل بن عرفه له قلب رحيم وكذلك شلبي؟؟؟ وبدون تعليق لكن في المقابل الرئيس سيأخذ القرار ويعيد الكرامة والابتسامة للطفل الصغير

Home – Accueil الرئيسي

Lire aussi ces articles

5 octobre 2006

Home – Accueil – الرئيسية TUNISNEWS 7 ème année, N° 2327 du 04.10.2006  archives : www.tunisnews.net Syndicat de la Magistrature: Communiqué

En savoir plus +

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.