الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين: كلـّنا ..مسؤولون ..!
الرابطـة التونسيـة للدفـاع عن حقـوق الإنسـان: بيــــــان
لجنة الدفاع عن المحجبات بتونس: إستهداف محجبات معهد محمود المسعدي بنابل من قبل المدير
اللجنة الوطنية للدفاع عن المطرودين من الدراسة : بلاغ إعلامي
الاتحاد العام لطلبة تونس: بيــان
النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين: بـيــــان
القدس العربي: امنستي تدين استمرار سجن الصحافي بوخذير وتطالب بالإفراج عنه
يو بي أي: تونس تفرج عن 14 معتقلاً أوقفوا بموجب قانون الإرهاب
آفاق: الجزائر تمنع صحافي تونسي من دخول أراضيها لحضور ندوة أدبية رويترز: واشنطن تنوي دعـم منظمات المجتمع المدني في تونس يو بي أي: واشنطن ترصد تمويلات لمنظمات المجتمع المدني التونسي يو بي أي: بن علي يجدد دعم بلاده لجهود تحريك عملية السلام في الشرق الأوسط ا ف ب: تونس تنظم “اسبوعاً للضحك” لتمويل المشاريع الخيرية وات: مجمع الوكيل يقتنى 77ر88 بالمائة من رأس مال شركة المعامل الآلية بالساحل محيط: حرب الحجاب – حالة خاصة في تونس رويترز: وسائل إعلام: هولندا تمنع النقاب في المدارس والمكاتب الحكومية محمد الهادي حمدة: مهام ثلاث على جدول أعمال الحركة النقابية عبد الرحمان بلعوجة: من هم المستفيدون بالمشروع الفلاحي” بئر الرومي” ؟ عبدالباقي خليفة: قلائد من الجماجم في رقبة نظام 7 نوفمبر – لماذا لا نطالب بتحقيق دولي المنجي الفطناسي: التعذيب أعظم إنجازات العهد الجديد (الحلقة الأولى) صــابـر التـونسي: سـواك حـار (65) عبد السلام الككلي: القانون التوجيهي للتعليم العالي – مشروع غير ناضج، طبخ على نار غير هادئة ! الوطن: الملف – تونسيون اعتنقوا المسيحية: لماذا!؟ الوطن: الوطن للشعب كافة والله من فوق الجميع أية دولة نريد: دولة دينية أم علمانية أم دولة مدنية ذات دين؟ الوحدة: الدكتورالطيب البكوش في منتدى الجاحظ: – علاقة السياسي بالنقابي في الاتحاد العام التونسي للشغل مرسل الكسيبي: تونس وشموع الأمل : الوطن سيكون حتما أرحب بحري العرفاوي: أوجاع الإنسان في غفلة من الوطن – رواية “البرزخ” لسمير ساسي خــالد الطــراولي: جفّـت الدمـوع يا غـزّة محمـد العـروسـي الهانـي: دور الإعلام هام في كل المجالات وخاصة في مجال لهيب الأسعار ورغيف المواطن العربي أينما كان
(To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows)
21- رضا عيسى 22- الصادق العكاري 23- هشام بنور 24- منير غيث 25- بشير رمضان |
16- وحيد السرايري 17- بوراوي مخلوف 18- وصفي الزغلامي 19- عبدالباسط الصليعي 20- لطفي الداسي |
11- كمال الغضبان 12- منير الحناشي 13- بشير اللواتي 14- محمد نجيب اللواتي 15- الشاذلي النقاش |
6- منذر البجاوي 7- الياس بن رمضان 8- عبد النبي بن رابح 9- الهادي الغالي 10- حسين الغضبان |
1– الصادق شورو 2- ابراهيم الدريدي 3- رضا البوكادي 4-نورالدين العرباوي 5- الكريم بعلوش |
كشف الحساب..لقضاء ..”يكافح الإرهاب ” ..! :
عام مع تأجيل التنفيذ ..بتهمة ” عدم الإشعار “..!
كلـّنا ..مسؤولون ..!
إستهداف محجبات معهد محمود المسعدي بنابل من قبل المدير
يزى لا تقرأ ما كتبتنا
الحزب الديمقراطي التقدمي
جــامعة توزر
نفطة في 20 جانفي 2008
دعوة لحضور اجتماع عام
تتشرف جامعة توزر للحزب الديمقراطي التقدمي بدعوتكم لحضور الاجتماع العام الذي تنظمه يوم الجمعة 25 جانفي 2008 على الساعة الرابعة بعد الظهر بمقرها الكائن بحي المواعدة نفطة و ذلك للتنديد بالحصار الجائر الذي يفرضه الكيان الصهيوني على مدينة غزة.
تونس تفرج عن 14 معتقلاً أوقفوا بموجب قانون الإرهاب
امنستي تدين استمرار سجن الصحافي بوخذير وتطالب بالإفراج عنه
الجزائر تمنع صحافي تونسي من دخول أراضيها لحضور ندوة أدبية
واشنطن تنوي دعـم منظمات المجتمع المدني في تونس
واشنطن ترصد تمويلات لمنظمات المجتمع المدني التونسي
بن علي يجدد دعم بلاده لجهود تحريك عملية السلام في الشرق الأوسط
منظموه دعوا إلى “أخذ المسألة بجدية” تونس تنظم “اسبوعاً للضحك” لتمويل المشاريع الخيرية
مهرجان تونسي للضحك
مجمع الوكيل يقتنى 77ر88 بالمائة من رأس مال شركة المعامل الآلية بالساحل
تونس 23 جانفي 2008 (وات) انتظم يوم الاربعاء بمقر الادارة العامة للتخصيص حفل امضاء عقد التفويت فى 77ر88 بالمائة من راس مال شركة المعامل الالية بالساحل بقيمة اثنين فاصل خمسة مليون دينار “5ر2 م د” لفائدة مجمع الوكيل الذى تقدم بعرض لاقتناء المساهمات المعروضة للبيع فى اطار مشروع تخصيص شركة المعامل الالية بالساحل.
وياتى اختيار هذا المجمع اثر قرار لجنة اعادة هيكلة وتطهير المؤسسات ذات المساهمات العمومية بتاريخ 25 اكتوبر 2007 ويعتزم مجمع الوكيل بوصفه المقتنى لاغلبية راس مال شركة المعامل الالية بالساحل المحافظة على الاعوان وعلى حقوقهم المكتسبة الى جانب انجاز الاستثمارات اللازمة التى من شانها المساهمة فى الحفاظ على هذه المؤسسة العريقة وتطوير انشطتها بما يرسخ موقعها بالسوق التونسية والانطلاق نحو الاسواق الاجنبية.
والملاحظ ان شركة المعامل الالية بالساحل وهى شركة خفية الاسم على ملك الشركة التونسية للبنك الى حد هذا التاريخ قد احدثت سنة 1962 بسوسة وهى تعد 530 عونا وتصنع اساسا حنفيات التجهيز الصحى والخاصة بالبناءات ومعدات واوانى المطبخ المصنوعة من معادن غير قابلة للتاكسد “اينوكس”.
(المصدر: وكالة تونس افريقيا للأنباء (وات – رسمية) بتاريخ 24 جانفي 2008)
الله لطيف
تعرض الأخ أحمد الاينوبلي الأمين العام للحزب إلى وعكة صحية ألزمته الفراش لعدة أيّام.
تمنياتنا بالشفاء العاجل للأخ الأمين العام ليعود إلى سالف نشاطه وعطائه.
النقابة الوطنية للصحافيين
تم نهاية الأسبوع المنقضي الإعلان عن توزيع المهام داخل المكتب التنفيذي للنقابة الوطنية للصحافيين التونسيين.
وأسندت رئاسة النقابة لناجي الباغوري الذي حصل على المرتبة الأولى في انتخابات المؤتمر التأسيسي.
ويتكون مكتب النقابة من 9 أعضاء أغلبهم (5 أعضاء) من القائمة المستقلة البديل النقابي.
مؤتمر المحامين الشبان
انطلقت الاستعدادات بين المحامين لانتخابات جمعية المحامين الشبان المزمع عقدها بداية شهر مارس المقبل.
وقالت مصادر في المحاميين “للوطن” إن الانتخابات المقبلة ستكون ” على درجة عالية” من الأهمية وذلك على خلفية نتائج انتخابات 2006 التي أفرزت أغلبية قريبة من الحزب الحاكم.
محاكمة “مجموعة سليمان“
تنظر محكمة الاستئناف بالعاصمة يوم 29 جانفي القادم في قضية “مجموعة سليمان“.
وكان المحكمة الابتدائية أصدرت أحكاما تتراوح بين الإعدام والسجن ضد هذه المجموعة المتكونة من 30 فردا.
في منتدى التقدم
نظم منتدى التقدم (جريدة الوحدة) حفل تقديم للكتاب الأول الصادر عن المنتدى “رؤى تقدمية في الديمقراطية والتنمية وحقوق الإنسان“.
الكتاب جمع ملخصات عن الندوات التي تمّ تنظيمها في إطار المنتدى سنة 2007.
وحضر الحفل عدد من الشخصيات الوطنية والإعلامية.
في اتحاد الكتاب التونسيين
أعلن السيد صلاح الدين بوجاه رئيس اتحاد الكتاب التونسيين انه لن يترشح خلال المؤتمر المقبل لاتحاد الكتاب.
الإعلان ساهم في تحرك عدد من الكتاب استعدادا للمؤتمر المقبل… ووصف بعض المراقبين هذا التحرك بأنه “حملة انتخابية” سابقة لأوانها.
عجز الميزان التجاري
كشفت أرقام حديثة أن عجز الميزان التجاري التونسي بلغ 4.1 مليار دولار خلال سنة 2007، مقابل 3.6 مليار دولار خلال السنة الماضية، أي بزيادة قدرها 13,1% .
في فرع تونس لمنظمة العفو الدولية
احتضن فرع تونس لمنظمة العفو الدولية يوم 12 جانفي ندوة موضوعها التنديد بظروف الاعتقال في غوانتنامو.
وطالب المشاركون في هذه الندوة بإغلاق المعتقل.
يذكر أن منظمة العفو الدولية نظمت حملة دولية حول الموضوع ذاته.
انقطاع عن الدراسة
كشفت إحصائيات رسمية أن السنة الدراسية الفارطة شهدت انقطاع 148 ألف تلميذ دون سن 16 سنة عن الدراسة. وان نسبة الأمية لدى الإناث في الأرياف بلغت 46 % سنة 2004.
وكشفت الإحصائيات ذاتها أن 10700 فتاة ريفية دون سن 14 سنة تنقطعن عن الدراسة سنويا خاصة في الشمال الغربي والوسط الغربي.
إضراب التعليم الثانوي
قالت مصادر نقابية ان نسبة المشاركة في إضراب التعليم الثانوي (16 و17 جانفي) بلغت 68 % وأنّ النسب كانت متفاوتة وشهدت “جهات عديدة نجاحا كبيرا مثل صفاقس ومدنين وقبلي وتطاوين وسيدي بوزيد وقفصة“.
إضراب عملة التعليم العالي والبحث
نفّذ قطاع عملة التعليم العالي والبحث والتكنولوجيا إضرابا قطاعيا يوم 24 جانفي وذلك عل خلفية جملة من المطالب المادية والمهنية.
تحركات طلابية
جدت في مدينة سوسة خلال الأيام الأخيرة عدة تحركات طلابيّة وذلك على خلفية ما تعرض له عدد من الطلبة المنخرطين في الاتحاد العام لطلبة تونس اثر تحرك احتجاجي في احد المطاعم الجامعية.
وقالت مصادر طلابية “للوطن“إنّ عدد من الطلبة تم إيداعهم السجن في انتظار محاكمتهم.
تبرئة تونسي من تهمة الإرهاب
قررت المحكمة العسكرية في تونس قبل أيام تبرئة بدر الدين الفرشيشي من تهمة الإرهاب.
وبدر الدين الفرشيشي هو أحد التونسيين الذين شاركوا في الحرب البوسنية، وسلمته السلطات البوسنية لتونس خلال سنة 2006.
تونس تهدد بالانسحاب من معرض القاهرة للكتاب
ذكرت مصادر صحفية أن تونس هددت بالانسحاب من المشاركة في معرض الكتاب الدولي الذي يقام بعد أيام في القاهرة.
وقالت المصادر ذاتها أنّ هذا التهديد جاء على خلفية أن المعرض سيعرض كتبا تسيء لتونس.
حماية الطالبات
جدت في مدينة صفاقس قبل أيام جريمة قتل ذهبت ضحيتها طالبة جامعية.
أولياء الطلبة والطالبات يقولون إنّ المكان الذي جدت به الجريمة سبق أن حصلت به جرائم أخرى وطالبوا بمزيد حماية المكان والطالبات.
التفويت في مطار المنستير
فوّتت وزارة النقل في مطار الحبيب بورقيبة المنستير لفائدة شركة “تاف هولدينفر” التركية وذلك في إطار لزمة تستمر أربعين سنة اعتبارا من بداية جانفي الجاري.
(المصدر: صحيفة “الوطن” ( لسان حال الإتحاد الديمقراطي الوحدوي، العدد 22 بتاريخ 25 جانفي
حرب الحجاب
حالة خاصة في تونس
محيط ـ هبة شكري
يواجه الحجاب ـ كفريضة أقرها الدين الإسلامي ـ بعض المشكلات في أماكن كثيرة من العالم تحت دعاوى مختلفة، وإن كانت الحرب على الحجاب بدأت في الغرب بقانونٍ فرنسي يحظر ارتداؤه في المدارس والمؤسسات الحكومية ويتوقع له الامتداد الرأسي في مؤسسات ووزارات أخرى وفي دول أوروبية، فإنَّ بعض الأنظمة في العالم العربي والإسلامي كان لهم السبق في شن تلك الحرب على الحجاب، وتمثل تركيا وتونس أحد أكثر النماذج العلمانية في العالمين العربي والإسلامي بشاعة في العداء للحجاب وسط تواطؤ كامل من دعاة حقوق الإنسان وحرية العقيدة .
وتمثل تونس نموذجًا عربيًا للعلمانية التركية المعادية للحجاب رفع رايتها الرئيس السابق الحبيب بورقيبة وخليفته الرئيس زين العابدين بن علي ، وإن كانت تتميز عن نظيرتها التركية أنها نموذج للعلمانية الاستبدادية التي تمنع كل الحريات بما فيها الحرية الدينية إلا أنها تختلف عن النموذج التركي في أن السياسات المعادية للدين تخالف أصل الدستور التونسي الذي ينص على أنَّ دين الدولة الإسلام أصل الدستور التونسي، بينما تعد الكمالية أو الأتاتوركية هي أساس الدستور التركي .
فالمعروف أن ارتداء الحجاب محظور في تونس بحكم القانون رقم 108 الذي صدر في عام 1981 في عهد الرئيس التونسي الراحل الحبيب بورقيبة، الذي اعتبر الحجاب “زيا طائفيا” وليس فريضة دينية، ودعا لمنعه خاصة في الجامعات ومعاهد التعليم الثانوي .
وبدأ التشديد فعليًّا بعد الانقلاب الذي قام به الرئيس زين العابدين بن علي ووصوله إلى الحكم، فتم التشديد على منع المحجبات من دخول الجامعات والإدارات الحكومية مع بداية تسعينيات القرن العشرين الميلادي المنصرم .
واحتدم الجدل في تونس خلال عام 2006 م بشكل لا يسبقه مثيل حول ظاهرة عودة الحجاب بقوة الى الشارع التونسي بعد تأكيدات حكومية على رفض هذا اللباس “لانه ينال من المكاسب التي تحققت للمرأة التونسية” .
حيث دعا الرئيس التونسي الحالي زين العابدين بن علي إلى تكريس قيمة الاحتشام وفضيلة “الحياء” في اللباس رافضا “الزي الطائفي الدخيل” .
وقال بن علي خلال لقاء له مع بوبكر الاخزوري وزير الشئون الدينية :” إن تونس المتمسكة على الدوام باسلامها الحنيف دين الاعتدال والتفتح والوسطية والتسامح والحوار البناء حريصة على تكريس قيمة الاحتشام وفضيلة الحياء وهي تعتبر تقاليدها في الملبس في المدن والارياف كفيلة بتحقيق ذلك” .
وأضاف الرئيس التونسي قائلا :” إنه من الضروري تفاديا لكل تذمر التفريق بين الزي الطائفي الدخيل واللباس التونسي الاصيل عنوان الهوية الوطنية” .
ويعتبر وضع منديل على الرأس من التقاليد التونسية لا سيما في الارياف وبين النساء الناضجات على عكس الحجاب الذي بدأ ينتشر مؤخرا في المدن رغم ان القانون التونسي يحظره.
وأدان التجمع الدستوري الديمقراطي الحزب الحاكم في تونس ، ارتداء التونسيات الحجاب وظاهرة “التستر بالدين لخلفيات سياسية” وذلك خلال “مسامرة رمضانية” حول “الحفاظ على الاصالة والهوية الوطنية”.
وشدد الحزب على ضرورة العمل على تطبيق التشريعات في المؤسسات العمومية والتربوية والجامعية وفي كل الفضاءات والمواقع العمومية.
وقد أعربت الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات وهي جمعيات علمانية، غير حكومية عن قلقها العميق لتنامي ارتداء الحجاب في تونس مؤخرا بعد أن كان شبه مختفٍ طيلة العقدين الأخيرين.
المنشور رقم 70
وجه الصادق شعبان وزير التعليم العالي والبحث العلمي منشورًا إلزاميًّا حمل رقم 70 بتاريخ 27 ديسمبر 2002 إلى كل عمداء ومديري المؤسسات التعليمية حول ما سماه “ارتداء الزي الطائفي ” .
وجاء في هذا المنشور : ” يمنع الدخول لهذه المؤسسات على كل من يرتدي أزياء ذات إيحاءات طائفية، أو يحمل أية إشارات أخرى من هذا القبيل”.
وطالب الوزير صراحة بإحالة كل من لا يتقيد بهذا الشرط على مجالس التأديب.
كما طلب الوزير من رؤساء المؤسسات الجامعية “إعلامه دوريًّا بتنفيذ هذا المنشور في كل المؤسسات التعليمية”.
القضاء والحجاب
وقد أبطل القضاء الإداري التونسي اكتوبر / تشرين الثانى 2007 م ، في خطوة لافتة وغير مسبوقة في تاريخ البلاد العمل بالمنشور الصادر عام 1986 الذي يمنع الموظفات والطالبات من ارتداء الحجاب باعتباره لباساً طائفياً وعنواناً للتطرف السياسي والديني.
وقال محمد النوري رئيس جمعية “حرّية وإنصاف” الحقوقية المحظورة في تصريح صحفي :” إن القضاء الإداري التونسي رأى أن هذا المنشور الصادر سنة 1986 يفتح للإدارة سلطة تقديرية غير محدودة في تطبيقه مما ينتج عنه تهديد للحريات الأساسية ومنها حرية المعتقد المضمونة دستوريا واستعماله مطية للتضييق من الحقوق والحريات الفردية ويكون بذلك مخالفاً للدستور الذي يعطي الحق للمواطن في التمتع بحقوقه كاملة بالطرق والشروط المبينة بالقانون”.
ووفقا لما ورد بجريدة ” البيان “الإماراتية أضاف النوري قائلا :” إن المحكمة الإدارية التونسية أسقطت قرار صادق القربي وزير التربية والتكوين إيقاف مدرسة تدعى سعيدة عدالي عن العمل في مدرسة المهن بمدينة حمام الأنف (15 كلم جنوب العاصمة تونس) وحرمانها من راتبها لمدة 3 أشهرلارتدائها الحجاب “.
وتابع رئيس الجمعية الحقوقية الحديث قائلا :” إن المحكمة الإدارية وضعت حداً للجدل القائم حول شرعية أعمال الإدارة في حملاتها المتواصلة ضد ارتداء المدرسات والطالبات للحجاب”، داعيا إلى الكف فورا عن جميع المضايقات والانتهاكات التي تستهدف مرتديات الحجاب بعد ثبوت خرقها لمبدأ الشرعية.
وقد عبر علمانيون عن قلقهم إزاء قرار المحكمة واعتبروه مؤشرا على تسامح السلطات مع ظاهرة التحجب اللافتة في صفوف التونسيات.
وأصدرت قاضية تونسية بالمحكمة الإدارية بتاريخ 18 / 10 / 2007 م حكماً لصالح مدرسة كانت قد تظلّمت من قرار أصدره وزير التربية بفصلها مؤقتا من عملها لمدة ثلاثة أشهر وحرمانها من مرتبها، معللا ذلك بإصرارها على ارتداء لباس”يوحي بالتطرف”، في إشارة إلى الخمار.
وكانت الوزارة الأولى قد أصدرت خلال أول محاكمة للإسلاميين في العام 1981 مرسوما يعرف بـ”منشور 108″، يحظر ارتداء الخمار، ووصمه بالزى الطائفي، ثم تأكد هذا الحظر بقرار إداري آخر يحمل إسم “المنشور 102” وصدر عن وزارة التربية التونسية في العام 1996، ويمنع التونسيات من حقهن في ارتداء الزي الشرعي، خصوصا في المؤسسات الإدارية والتعليمية وفي كل مؤسسات الدولة، ليتوسع تطبيقه لاحقا في جميع المؤسسات العامة منها والخاصة.
وجاء حكم هذه القاضية واضحا أن المنشورين 108 و 102 يخالفان الدستور التونسي، واعتبرته منشورا ” يقوم مقام التدخّل في مجال الحريات الفردية نظرا لما يتميز به اللباس من تعبير عن الانتماء الحضاري والديني والفكري وما يعكسه من ميولات شخصية “.
واعتبرت القاضية في حكمها أن هذا المنشور يتيح للإدارة سلطة تقديرية غير محدودة في تطبيقه، مما ينتج عنه تهديدا للحريات الأساسية ومنها حرية المعتقد المضمونة دستوريا واستعماله مطية للتضييق في الحقوق والحريات الفردية، وبذلك يكون هذا المنشور مخالفا للدستور الذي يعطي الحق للمواطن في التمتع بحقوقه كاملة بالطرق والشروط المبينة بالقانون”، وفق ما ورد في حيثيات حكم المحكمة الإدارية.
وأشادت حركة النهضة التونسية في بيان لها بالحكم القضائي ، ووصفته بالشجاع والتاريخي، واعتبرته “خطوة إيجابية، ومن شأنه أن يضع حدا لـ”مأساة” الآلاف من نساء تونس.
موقف وزارة التربية
قررت الحكومة التونسية في اكتوبر / تشرين الاول 2007 م استئناف الحكم القضائي الصادر مؤخرا القاضي بإبطال العمل بمنشور حظر الحجاب في الوظائف العمومية وقطاع التعليم .
ونقلت جريدة “القدس” الفلسطينية عن مصدر مستقل بالمحكمة الإدارية بتونس قوله :” إن وزير التربية تقدم بطلب استئناف الي المحكمة الإدارية لنقض الحكم القضائي القاضي بإبطال المنشور 102 المانع للحجاب الذي بمقتضاه كان أصدر قراره بفصل مُدرسة محجبة من عملها”.
وتابع المصدر الذي فضل عدم الكشف عن اسمه ان المحكمة الإدارية قامت بترسيم طلب استئناف الوزير للحُكم تحت عدد 26255 للنظر فيه.
ويتيح القانون التونسي للحكومة استئناف الحكم القضائي المذكور في الآجال التي حددتها التشريعات، الأمر الذي لا يجعله يكتسي صفة الحكم النهائي .
وبعد طول انتظار، اصدرت المحكمة مؤخرا حكما قضي بإبطال العمل بالمنشور 102 لـ عدم دستوريته وبالتالي إبطال قرار فصل المُدرسة المنجر عنه.
وأوردت المحكمة في نص حكمها ان تطبيق المنشور قد ينتج عنه تهديد للحريات الأساسية واستعماله مطية للتضييق من الحقوق الفردية ، مُعتبرة إياه مخالفا للدستور .
وصدر الحكم عن الدائرة الخامسة للمحكمة الإدارية برئاسة القاضية سامية البكري، في القضية عدد 10976/1.
وهذه هي المرة الأولي في تاريخ تونس التي يُبطِل فيها القضاء التونسي العمل بالمنشور 102 الذي استندت اليه الحكومة طيلة سنوات لمنع النساء والفتيات المحجبات من العمل في الوظيف العمومي وقطاع التعليم.
وتونس هي البلد الثاني الذي يمنع النساء من إرتداء الحجاب، سواء في مواقع العمل او في غيرها، وذلك بناء علي المنشورين 108 الصادر في 1981، و102 الصادر في 1996اللذين يعتبران الحجاب لباسا طائفيا و يوحي بالتطرف والخروج عن المألوف .
استنكار حقوقي
أكدت الرابطة التونسية للدفاع عن الحقوق الإنسان في بيان لها أن 38 تلميذة حرمن من اجتياز امتحانات نهاية العام بمعهد “القنال” بمدينة بنزرت لارتدائهن الحجاب .
وأكد تقرير الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان السنوي عن عام 2002م أنَّ “العديد من المحجبات تعرضن إلى المضايقات في الشوارع أو أماكن العمل، وتمَّ تجريد العديد منهن من الحجاب عنوة في بعض مراكز الأمن بالعاصمة، وإجبارهن على التوقيع على تعهد بعدم العودة إلى ارتداء الحجاب”.
وفي العام الدراسي 2002-2003م تمَّ إحالة 5 طالبات إلى مجلس التأديب التابع لكلية العلوم الإنسانية والاجتماعية بتونس لرفضهن نزع الحجاب داخل الجامعة، كما تمَّ إيقاف موظفة عن العمل لمدة 3 أشهر بعد إحالتها لمجلس التأديب إثر امتناعها عن نزع حجابها.
وفي عريضة وقَّعها أكثر من 100 محامٍ وناشط حقوقي خلال نوفمبر 2003م ندَّد الموقعون على العريضة “بالاعتداءات على الحرمة الجسدية للمواطنات من طرف سلطة يفترض فيها أنها تسهر على احترام القوانين وحماية المواطنين، لا على ترويعهم والتدخل في خياراتهم الشخصية .
واستنكرت الجمعية الدولية لمساندة السجناء السياسيين والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان ما تعرضت له المحجبات من مضايقات وإجبارهن على خلعه في المدارس والمؤسسات التربوية، إلا أن السلطات التونسية نفت ما روج عن منعها الحجاب ، وقالت :” إنها تحث على اللباس المستور والمحتشم الذي يتماشى والتقاليد التونسية “.
وقالت الجمعية الدولية لمساندة السجناء السياسيين :” إن بنات السجناء الإسلاميين في تونس يتعرضن إلى المضايقة بسبب ارتدائهن الحجاب “.
وأوضحت الجمعية في بيان لها أن بعض مدراء المعاهد الثانوية وموظفيها عمدوا مؤخرا إلى نزع الحجاب عنوة من فوق رؤوس التلميذات المحجبات تحت إشراف الوالي ورؤساء خلايا الحزب الحاكم.
ومن جانبها ، أدانت الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان في وقت سابق “اعتداء” السلطات التربوية التونسية على حرية اللباس في إشارة إلى منع المحجبات من دخول المؤسسات التربوية.
وحملت الرابطة في بيان أصدرته بمناسبة العودة إلى المدارس السلطات التونسية مسئولية ما يمكن أن ينتج عن قرارها من تجاوزات واعتداءات على الحقوق الأساسية للمواطنين.
واشتكت عائلات المحجبات إلى المنظمات الحقوقية التونسية تصرف وزارة التعليم العالي التي أجبرتهم على إمضاء وثيقة تضمنت الالتزام بمنع اللباس الطائفي ـ والمقصود به الحجاب– واللباس الخليع، وأن كل إخلال بهذا الالتزام يؤدي إلى سحب التسجيل.
وبشأن هذا الإجراء أفادت مصادر حقوقية بأن تعليمات صدرت إلى مدراء المدارس والمعاهد والكليات لمنع دخول المؤسسات التربوية على كل فتاة ترتدي اللباس المشار إليه.
ونفت السلطات التونسية ما روج عن منعها الحجاب وتقول إنها تحث على اللباس المستور والمحتشم الذي يتماشى والتقاليد التونسية .
وترفض السلطات في المقابل ” الأشكال المستوردة ” في اللباس التي يقدمها أصحابها على أساس أنها اللباس الإسلامي.
وتلتزم السلطات التونسية في المؤسسات التربوية والإدارية بالمنشور رقم 108 الذي صدر عام 1981 والقاضي بمنع ما يسميه اللباس الطائفي.
تضامن جامعي
شهدت الجامعات التونسية تضامنًا مع الطلاب المحجبات، ففي كلية العلوم ببنزرت قامت عشرات الفتيات غير المحجبات بارتداء الحجاب عندما حاولت الإدارة إحالة عشر فتيات محجبات إلى مجلس التأديب في 19 مايو 2003 لإظهار تضامنهن مع زميلاتهن.
وفي معهد الصحافة وعلوم الإخبار رفض الطلبة إناثًا وذكورًا الدخول إلى قاعات الامتحان إلا بعد السماح للمحجبات بذلك.
كما أضرب نحو ألفي طالب وطالبة في معهد التكنولوجيا يومي 18و 19 مايو 2003 بمدينة أريانة، عن الدراسة بسبب طرد محجبات من المبيت الجامعي.
ومن جهتها ، قالت الناشطة الحقوقية المحامية سعيدة العكرمي “: “إن الحملة الأخيرة اتخذت طابعًا عنيفًا ومنظمًا، وهي تهدف إلى حرمان الفتيات المحجبات من النجاح في دراستهم”.
وحمّلت سعيدة السلطات التونسية مسئولية الانتهاكات الخطيرة التي تجري “ضدّ أبسط حقوق الإنسان المضمونة في المواثيق والمعاهدات الدولية”.
كما انتقد “المجلس الوطني للحريات بتونس” في بيان له الجمعة 30-5-2003 منع العديد من المعاهد العليا والكليات الطالبات اللاتي يرتدين الحجاب من دخول المؤسسات التعليمية.
وطالب البيان الذي وقعه الناطق الرسمي محمد نجيب حسني السلطات بـ”الكف عن تعسفها ضدّ النساء المرتديات للحجاب، واحترام حقوقهن وحرياتهن الشخصية”.
وجاء بالبيان :” اللباس شأن شخصي ولا يحق لأي طرف من الأطراف تحديده للناس رجالاً كانوا أو نساء”.
وقد أكد المجلس الوطني للحريات بتونس متابعته لبعض مجالس التأديب، وقال في بيانه الأخير: إن بعض مجالس التأديب قررت طرد بعض الطالبات لمدة سبعة أيام
محجبات تونس يناشدن الرئيس بن علي
أدانت العديد من الطالبات التونسيات في عام 2003 م ، الحملة التي تشنها الحكومة ضد الحجاب والتي أدت إلى حرمان بعضهن من خوض امتحان نهاية العام الدراسي، فيما اعتبرت منظمات حقوق إنسان تونسية هذا الإجراء بحق الطالبات المحجبات مخالفا للمعاهدات والمواثيق الدولية.
وقالت الطالبة لمية التميمي (21 سنة) : ” الحملة ضد المحجبات تهدف إلى القضاء على الإسلام ومحاربته من خلال ترهيب الناس وإجبارهم على تطبيق قوانين لا إنسانية”.
وأضافت لمية التي تم إخراجها من قاعة الامتحانات بكلية الحقوق جامعة تونس وهي تبكي “هذه حملة تطهير لم نقترف أي ذنب حتى تمنعنا وزارة التعليم من دخول الامتحانات”.
وتابعت قائلة: “ليس لنا أي علاقة بالسياسة، أنا من عائلة لم تمارس أي نوع من الحزبية في تاريخها، أنا فقط أمارس ما أعتقد أنه لباس شرعي، وهذا من حقي الذي يضمنه الدستور التونسي”.
وقالت: “هذه الحملة اللاإنسانية ستكون فاشلة؛ لأن السلطة لا تستطيع منع آلاف التونسيات من ارتداء الحجاب. وإذا تواصلت هذه الحملة فستظهر وكأنها محاربة للدين الإسلامي، وهو ما سيكون له انعكاسات خطيرة”.
ومن جهتها قالت “منية” 22 عامًا الطالبة بكلية الآداب: “هذه الإجراءات ضد المحجبات خلال فترة الامتحانات ليست اعتباطية أو صدفة.. إنها خطة من بعض الحاقدين ضد الطالبات الملتزمات”.
ووجهت منية أصابع الاتهام إلى أطراف علمانية داخل السلطة تسعى لمحاربة مظاهر التدين.
وحول أسباب الحملة ضد المحجبات قالت: “منذ سنوات قليلة أصبح الحجاب ظاهرة ملموسة في الشارع التونسي مثل كل مظاهر التدين الأخرى، كما امتلأت المساجد بالشباب. وهذه المظاهر تثير لدى البعض الحقد والكراهية لما اعتقدوا أنهم جففوا ينابيعه. وهم يحاولون الآن استغلال الظرف العالمي والمحاولات الدولية للخلط بين الإسلام والإرهاب، ولكنهم بإذن الله سيفشلون”.
أما طالبة الفلسفة “نادية حفظلاوي” 23 سنة فقالت: إن إدارة المعهد العالي للعلوم الإنسانية “ابن شرف” دعتها إلى الإمضاء على التزام بعدم ارتداء الحجاب.
وأوضحت أنها استدعيت إلى مجلس تأديب، لكنه تأجل إلى أجل غير مسمى بعد احتجاج الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان.
ووجهت نادية نداء إلى رئيس الدولة زين العابدين بن علي قائلة: “هناك ضغط كبير يمارس علينا لسبب يبدو بسيطا وهو ارتداء الحجاب وهناك تهديدات بطردنا من المؤسسات التعليمية وعلى رئيس الدولة أن يتدخل لحماية القانون وحق المرأة التونسية في اختيار اللباس الذي يناسبها”.
وفي أعقاب قرار الإبطال الذي تم انتظاره طويلا، تنامت أصوات حقوقية داعية الحكومة للاعتذار للمحجبات، وتعويض المتضررات منهن بعد 21 عاما من حظر الحجاب .
(المصدر: شبكة الأخبار العربية “محيط” بتاريخ 24 جانفي 2008)
وسائل إعلام: هولندا تمنع النقاب في المدارس والمكاتب الحكومية
امستردام (رويترز) – قالت وسائل الاعلام يوم الاربعاء ان الحكومة الهولندية تتجه الى فرض حظر على إرتداء النقاب في المدارس والمكاتب الحكومية في تراجع عن خطط الحكومة السابقة لفرض حظر عام.
وقالت وكالة انباء ايه.ان.بي. نقلا عن مصادر لم تحددها بالحكومة ان الحكومة قررت عدم فرض حظر موسع على ارتداء النقاب في الاماكن العامة لان ذلك مخالف لمبدأ حرية العقيدة.
وتقول الطائفة المسلمة ان نحو خمسين امرأة فقط يرتدين النقاب. وتقول ان فرض حظر عام سيزيد الاغتراب بين المسلمين الذين يبلغ تعدادهم نحو مليون في البلاد.
وقال متحدث باسم وزرارة الداخلية انه ليس هناك قرار نهائي في الموضوع بعد ومن المتوقع مناقشته في الاجتماع الاسبوعي لمجلس الوزراء يوم الجمعة المقبل.
وارتداء غطاء الرأس في المدارس واماكن العمل قضية حساسة في الاتحاد الاوروبي بأسره.
وتمنع فرنسا التي تضم أكبر أقلية مسلمة في اوروبا غطاء الرأس والملابس الدينية الأخرى في مدارس الدولة. وايطاليا لديها قانون منذ عقود يحظر تغطية الوجه في الأماكن العامة باعتباره إجراء مضادا للارهاب.
وكانت الحكومة الهولندية السابقة قد اقترحت قبل ان تغادر موقعها فرض حظر كامل على النقاب وأغطية الوجه الأخرى متذرعة بمخاوف أمنية.
ولكن حكومة ائتلافية جديدة للمسيحيين الديمقراطيين والعمال والاتحاد المسيحي تولت السلطة في فبراير 2007 واتخذت موقفا تصالحيا اكثر بشأن الهجرة.
(المصدر: وكالة رويترز للأنباء بتاريخ 24 جانفي 2008)
مهام ثلاث على جدول أعمال الحركة النقابية
خلال أيام تطوي الحركة النقابية التونسية صفحة السنة الأولى بعد مؤتمر الاتحاد العام التونسي للشغل الذي انعقد بمدينة المنستير أواسط شهر ديسمبر من السنة المنقضية.ومع بداية السنة الثانية من الدورة النيابية الحالية تبرز الضرورة في تسليط الضوء على عطاء هذه المنظمة العريقة واقعا و آفاقا حيث سبق و لحق مؤتمرها الأخير حراك نقابي أعاد إلى الأذهان صور لحظات المد النضالي الذي تصدرته خلال عشريتي السبعينات و الثمانينات.
ولعل تحديد المهام التي تفرضها المرحلة النضالية الراهنة يعتبر من زاوية مصالح الحركة النقابية و من ورائها الحركة العمالية المدخل الضروري و المناسب لبلورة أجندة نقابية واضحة المعالم حيث تقع على عاتق تيار الاستقلالية النقابية مهمة التوافق على أجندة العمل النقابي الديمقراطي على أرضية موحدة للنضال، و في تقديرنا فإن تسوية ملف التجريد بكل القطاعات و الجهات و العقوبات المهنية التي كان العديد من رجال التعليم الثانوي و الابتدائي ضحية لها تسوية مشرفة و الإعداد الجماعي و الجدي للمفاوضات الاجتماعية في جوانبها المختلفة و طرح أزمة الصناديق الاجتماعية بكل أبعادها القانونية و المالية و الاجتماعية تشكل المهام التي يوكلها واقع الحركة العمالية على عاتق الحركة النقابية عموما و على تيار الاستقلالية و الديمقراطية النقابية بشكل خاص.
1 ـ حول ملف التجريد و العقوبات المهنية:
1 ـ 1/ في التجريد على الهوية:
ينبغي التأكيد بداية و بشكل عام أن العمل النقابي المتماسك و البناء هو ذاك الذي يقترن فيه العطاء النضالي و الاستماتة في الدفاع عن مكاسب و مصالح و تطلعات الشغالين بالبعد الأخلاقي الرفيع و المستند إلى خلفية حقوقية تجعل من الإنسان مهما كان حجم الخلاف معه محل كل الاحترام و التقدير الشخصي ويقترن كذلك بالدفاع بلا هوادة عن قيمة الحرية ضمن إطار مرجعي عام رسمه النظام الداخلي و القانون الأساسي للمنظمة.و إن المبررات التي تم على أساسها إحالة مجموعة من الإطارات النقابية من قطاعات و جهات عدة على لجنة النظام الوطنية بل و تجريد البعض منهم من المسؤولية النقابية إنما يتم على الهوية الفكرية و السياسية حيث لا معنى لمزاعم إهانة القيادة النقابية ـ في إحالة فجّة على المجال الأخلاقي ـ في علاقة بالحق المطلق للنقابيين في التعبير عن آرائهم مهما بدت مختلفة حيال المسلكيات النقابية لهذه القيادة تحديدا فضلا عن لامعقولية اختصاص”السلطة التنفيذية”داخل المنظمة بالولاية على التأديب رغم شرعيتها القانونية التي لا تشوبها شائبة.إن توظيف لجنة النظام في حسم الصراع مع الرأي المختلف يجعل القيادة النقابية الحالية خصما و حكما و يشكل منزلقا خطيرا تتحمل وحدها نتائجه الوخيمة على المسار النضالي النقابي داخل الاتحاد فضلا عن إضفائه الوجاهة على الحجج الواهية للنقابة الموازية وأن الموقف العقلاني و الرصين إنما يتجه صوب حفظ كامل الملف و إرسال الإشارات الكفيلة بتنقية الأجواء النقابية و طمأنة النقابيين و العمال في هذا الاتجاه و إلا فإن الأمر موكول للهياكل القطاعية الدنيا و الوسطى و العليا لتأخذ زمام المبادرة و تدافع عن الشرعية.
1 ـ2 /في العقوبات المهنية:
إن الضغط على السلطة لرفع العقوبات المهنية التي ذهب ضحيتها بعض رجال التعليم الثانوي و الابتدائي مفتتح السنة الدراسية الحالية على خلفية نضالات السنة المنقضية ( الإيقاف عن العمل ـ النقل التعسفية ـ الحرمان من الخطة الوظيفية) يشكل المدخل المناسب لاستعادة الاتحاد العام التونسي للشغل لزمام المبادرة و من ثمة مكانته التي اهتزت لدى القطاعات الوازنة و في أوساط الرأي العام النقابي عموما، وما لم تقطع الهياكل و الإطارات النقابية المعنية بهذه المعركة مع الانتظارية و الاستكانة وتحاشي غضب القيادة النقابية و الطمع في مقاسمتها غنائم المواقع فإن يد الإدارة ستمتد مستقبلا إلى تصفية العديد من النقابيين قصد التخلص منهم طالما أن الجسم النقابي غير محصّن.إنه من الممكن اعتبار مسألة التجريد و العقوبة المهنية لحظات اختبار لقدرة تيار الاستقلالية قيادة و قواعد على الدفاع عن النفس و تتحدد إمكانية التوسع في التخلص من الخصوم وفق نتائج المعركة و مستوى رد الفعل و درجة التصدي لذلك فإن الترفيع في درجة الضغط على القيادة النقابية لحملها على التراجع عن المنزلق العقابي يعتبر ضرورة ملحة على تيار الاستقلالية إنجازها على أكمل وجه.
2 ـ المفاوضات الاجتماعية:
إن مناهضة الاختيارات الاقتصادية و الاجتماعية للسلطة من زاوية الدفاع عن مكاسب و مصالح جمهور الشغالين و التصدي لكل ما من شأنه الإضرار بالقوى العاملة و الانخراط في معركة الدفاع عن الحريات الفردية و العامة في الأعراف المحلية و الإقليمية و العالمية للحركة النقابية لا يمثل بالضرورة ولوجا لدائرة العمل السياسي لأنه ببساطة لا يتطلع للوصول للسلطة و إنما ينشد تصويب مسارها لا إكراه القوى العاملة على تقديم فاتورة اجتماعية باهضة تمتلىء ـ على نخب امتصاص جهودهاـ جيوب من لا يملك و من لا يستحق، لذلك فإن مقايضة إطفاء الحريق الاجتماعي طيلة السنوات الثلاث القادمة في مقابل مليمات هزيلة لا تكاد تبلغ جيوب العمال حتى تلتهمها الزيادات الجنونية في الأسعار و رحى الجباية الثقيلة هذه المقايضة يجب أن لا تحظى بتزكية النقابيين و العمال وهو ما يفرض على تيار الاستقلالية ضرورة التحول إلى قوة اقتراح تقدمية في هذا المضمارو تقديم البديل عن النموذج التفاوضي الذي توافقت عليه السلطة و القيادة النقابية منذ سنة 1990و العمل على تعبئة الرأي العام النقابي حوله و حشد الدعم الضروري لصالحه و ذلك من خلال الدفع باتجاه اشتراط تزكية الهياكل النقابية القطاعية الدنيا و الوسطى على النموذج التفاوضي بعد مرحلة المناقشة في الاتحادات الجهوية و المحلية و مختلف الهياكل القطاعية و اشتراط موافقتها النهائية على إقراره و المصادقة على نتائجه وفق روزنامة محددة، وما من شك في أن السعي لإشراك أوسع القيادات النقابية الأساسية و الجهوية ووضعها في صورة مختلف المراحل و التعرجات التي ستعرفها العملية التفاوضية إنما سيشد اهتمامها ما سيدعم رقابتها المستمرة على التفاوض و يحد تبعا لذلك من المنزلقات التي قد تتسبب فيها السلطة أو القيادة النقابية.
2 ـ1 /مقاييس التفاوض:
يفترض أن يقوم التفاوض عبر:
ـ المطالبة بتوسيع دائرة مكونات مؤشر الأسعار لتشمل مختلف أوجه الإنفاق الناشئة بموجب توسع دائرة استهلاك سلة الطبقة العاملة و تنامي ضغوطات عناصر الاستهلاك ذات الطبيعة الخدمية الاتصالية ( خدمات الانترنت و الهاتف الجوال ) و الثقافية و الترفيهية على الأجور.
ـ إقرار ربط الزيادة في الأجور بالزيادة في الأسعار.
إن التوصل لفرض إقرار الارتباط في زيادة الأسعار بالزيادة في الأجور سيهمش حتما قيمة المدة الزمنية التي تغطيها أي اتفاقية للمفاوضات الاجتماعية باعتبارها رهان الطرف الأقوى و المتحكم في زيادة الأسعار من أجل تجميد مفعول الزيادة في الأجور على نسب الأرباح في دورة رأس المال كما أن توسيع مؤشر الأسعار سيمكن الأجر من هامش مالي جديد للحد من ضغط الاستهلاك على قيمته السوقية باعتبار هامشية قيمته الاسمية في ضوء ارتفاع نسبة التضخم المالي.
2 ـ 2 /محاور التفاوض:
أما ما يتعلق بمحاور التفاوض فهي تباعا الجانب المالي( الزيادات في المنح الخصوصية و الزيادات العامة) و التشريعات الشغلية( الاتفاقيات و العقود المشتركة والأنظمة الأساسية) و الحق النقابي بكافة عناصره( الحق في الاجتماع في المؤسسات والحق في الإعلام و حماية النشطاء النقابيين في القطاع الخاص(العمل على تدارك حالة إفراغ الاتفاقية 135 من مضمونها الدولي) و في القطاع العمومي و الحق في الإضراب(رفع اشتراط موافقة المركزية النقابية على شرعيته القانونية في الفصل 376 من مجلة الشغل) و أخيرا الحق في آلية تعقب أو تعطيل أو التراجع في اتفاقية ممضاة بين الأطراف الاجتماعية وهو ما يفرض انتهاج أسلوب المسارات التفاوضية الثلاثية(حسب المحاور التفاوضية المذكورة آنفا) المتوازية التي من شأنها الحد من الموقع التفاوضي القوي للأعراف و الحكومة عبر الفسح في المجال لمساحات أوسع لفائدة المفاوض النقابي للمناورة و المساومة على أكثر من محور و أكثر من قضية.
2 ـ 3 / أطراف التفاوض:
وما من شك في أن تشكيل الهيئة النقابية المسئولة عن العملية التفاوضية يعد أحد أبرز شروط النجاح حيث لابد من فرض الإدارة القطاعية للمفاوضات بالتنسيق مع المكتب التنفيذي للاتحاد العام دون تمكينه من الهيمنة على المسار التفاوضي مقاييسا و محاورا و نتائجا و يتعين في هذا السياق أن تكون اللجنة القطاعية المفاوضة منتخبة من الهيئة الإدارية القطاعية ومن ثمة مسئولة أمامها و من اللجان القطاعية المنتخبة تنبثق اللجنة المركزية للمفاوضات الاجتماعية بإسناد استشاري و إشراف غير وصائي للمكتب التنفيذي للاتحاد العام.إن التوصل لفرض التركيبة القطاعية للهيئة المفاوضة مثلما ذكر أعلاه يعني فيما يعنيه قطع خطوة هامة على طريق إعادة الاعتبار للقطاع كمقدمة للانطلاق في مشروع تحويل المنظمة من الاتحاد العام إلى الاتحاد الكنفدرالي حيث تسهم هذه الخطوة في تفكيك و إعادة تركيب نظام السلطة داخل المنظمة بما يقلص من صلاحيات المركزية و يفتح الأفق لإيلاء القطاع المكانة التي هو بها جدير.
3 ـ أزمة الصناديق الاجتماعية:
ستتوقف جهود الاتحاد العام التونسي للشغل فيما يتعلق بطرح أزمة الصناديق الاجتماعية و إلى حد كبير على النتائج التي سيحققها تيار الاستقلالية النقابية في المفاوضات الاجتماعية من حيث حضوره و درجة تأثيره في الأحداث و الوقائع و كذا في منهجية طرح المسألة( أي مسألة أزمة الصناديق الاجتماعية) حيث لا مناص من طرحها للنقاش العام باعتبارها مسألة تتعلق بالمجال العام و لا تختص بها جهة بعينها.
3 ـ 1 /في أصل الداء:
لعل أبرز القضايا التي تنخر هذا الملف ولم تجد المكانة اللائقة بها فيما نشر حول أزمة نظام أنظمة الضمان الاجتماعي ببلادنا هي التساؤل حول الإطار القانوني للولاية الحكومية على الصناديق الاجتماعية نظما و سياسات و تراتيب و الحال أن الطرف الحكومي لا يساهم في تمويل الصناديق الاجتماعية بل إن هذه الأخيرة تساهم في تمويل ميزانية الدولة.إن كل الشرور التي يتميز بها نظام أنظمة الضمان الاجتماعي ببلادنا ناجمة أساسا عن طبيعة الإطار القانوني للعلاقة بين السياسات الحكومية المتعاقبة و الحاجيات الحقيقية لتطوير أداء منظومة الضمان الاجتماعي بما يستجيب لتطلعات الشغالين المشروعة في الأمان الاجتماعي حيث بمقدار تنامي الطلب على مختلف أوجه و مظاهر الأمان الاجتماعي كمّا و كيفا بما يعنيه ذلك من ارتفاع مستمر للتكلفة الجملية للأمان الاجتماعي و ما يقتضيه من موارد متجددة على أرضية النظام التوزيعي بمقدار تفاقم تراجع قدرة المنظومة الاقتصادية التونسية على توفير مواطن شغل جديدة و من ثمة تقلص موارد الصناديق الاجتماعية وهو ما يفسّر إجرائية المقاربة الحكومية لإصلاح أوضاع الصناديق الاجتماعية و حصرها في الجانب المالي فكان اللجوء على فترات متعاقبة لتوسيع دائرة التغطية الاجتماعية من أجل البحث عن منخرطين جدد من غير الأجراء لتعويض العائدات المالية الناجمة عن الانتدابات الجديدة فيما لو اندرجت السياسة الاقتصادية الرسمية في استراتيجية دعم الطلب الداخلي و دفع الاستثمار العمومي و الخاص في إطار تنمية متمحورة حول الذّات و غير منقطعة على العالم الخارجي.إن تزامن تعمق أزمة الصناديق الاجتماعية مع تبني الحكم لبرنامج “الإصلاح الهيكلي” أواسط الثمانينات يكشف عن حجم الكلفة الاجتماعية التي على الشغالين التونسيين دفعها حيث تؤكد الإسقاطات المستقبلية نضوب مدخرات الصناديق الاجتماعية بالكامل خلال السنوات القليلة القادمة بعد بلوغ حالة العجز المالي في مستوى العلاقة بين الموارد و أوجه الإنفاق.و إن استراتيجية فك الارتباط بين الصناديق الاجتماعية و السياسات الحكومية هي الكفيلة بفتح المجال أمام أي جهود إنقاذية تقوم بالضرورة على إيقاف التدهور و منع الكارثة أولا ثم استنهاض الإبداعية التسييرية الكامنة في أكفء مناضلي الحركة النقابية و كفاءات البلاد عامة.
3 ـ 2 / في ملامح الإصلاح الحقيقي:
يستوجب الإصلاح الحقيقي تمتع الصناديق الاجتماعية بالشخصية المعنوية و الاستقلال المالي ما يعني توفر السياق القانوني و التسييري و المالي الضروري للنهوض بهذا المرفق من طرف مكوناته الحقيقية في مستوى هياكل المداولة و التنفيذ و إلزام الحكومة بتخصيص منحة سنوية من الموازنة لفائدة الصناديق الاجتماعية و سن ما يلزم من التشريعات و التراتيب لاسترجاع الأموال التي تمتع بها البعض (دولة و خواص) فيما يتعلق بتكلفة “تطهير”المؤسسات العمومية التي وقع تخصيصها و التي حملت على الصناديق الاجتماعية وكذا جرّاء قصر المدة القانونية لحق التتبع القضائي للديون المتخلدة بذمة الأعراف كما أن القضاء على كل مظاهر الزبونية السياسية ـ الاجتماعية التي مارسها الحكم بتوظيف موارد و إمكانيات الصناديق الاجتماعية ( جرايات الفئات الاجتماعية ذات الحاجيات الخاصة و التي لا علاقة لها بالضمان الاجتماعي بل بالتضامن الاجتماعي) من شأنه توفير هامش مالي عريض من أجل إعادة ترتيب أولويات الصناديق الاجتماعية تجدر الإشارة أخيرا إلى أنه لا خير يرجى من تطبيق قانون التأمين على المرض رغم جوانبه الايجابية في ضوء تدهور الأوضاع المالية للصناديق الاجتماعية.
استخلاصات:
لا شك أن العرض الذي قدمناه آنفا يفترض الانتهاء إلى الاستخلاصات التالية:
1 ـ أن مهمة الانتقال بالاتحاد العام التونسي للشغل من وضع الاتحاد العام إلى الاتحاد الكنفدرالي هي مسار نضالي طويل و متعرج يستلزم بناء القوة النقابية المؤهلة لذلك وهو ما لا يتم إلا في حمأة الصراع على تمثيل مصالح الطبقة العاملة صلب الاتحاد وهي الوظيفة التاريخية لتيار الاستقلالية النقابية.
2 ـ أن المستوى التنظيمي و الترتيبي في مسار الانتقال على قاعدة النظام الداخلي و القانون الأساسي المنشود و الضامن لخصائص الاتحاد الكنفدرالي لجهة إعادة صياغة نظام السلطة داخل المنظمة إنما هو تتويج لسلسة طويلة من الصراعات و المعارك التي على تيار الاستقلالية خوضها و توفير الشروط الذاتية و الموضوعية لكسبها.
3 ـ إن بناء القوة النقابية المؤهلة تاريخيا يقتضي خوض المعارك المذكورة من أجل صياغة معادلة نقابية جديدة قوامها ميزان قوى في صالح التلازم بين الاستقلالية و الديمقراطية ما يفتح أفق الترفيع في مردود العمل النقابي على الحركة العمالية التونسية من جهة و يعيد تموقع الحركة النقابية التونسية ضمن المشهد المدني و السياسي ببلادنا من جهة أخرى.
4 ـ إن تحقيق هذه الغايات لا يمكن أن يكتب له النجاح ما لم يأخذ في الاعتبار طبيعة النظام السياسي السائد ببلادنا و من ثمة لن تكلل كل هذه الجهود بالنجاح ما لم تندرج في إطار استراتيجية الإصلاح الشامل.
هذه في اعتقادنا مساهمة متواضعة في تعميق النقاش حول المسألة النقابية و نحن نرحب بكل المساهمات و الانتقادات التي تصدر عن رؤية البناء و التطوير.
محمد الهادي حمدة
نفطة في 14 نوفمبر 2007
من هم المستفيدون بالمشروع الفلاحي” بئر الرومي” ؟
التعذيب أعظم إنجازات العهد الجديد
(الحلقة الأولى)
المنجي الفطناسي / ألمانيا
(أريد أن ألفت عناية الإخوة القراء الأعزاء إلى أن هذا البحث المتواضع سينزل بإذن الله على أربعة أو خمسة حلقات فإن أصبت فمن الله وحده وإن أخطأت فمن نفسي ومن الشيطان أسألكم الدعاء).
تحتل تونس في العشرين سنة الأخيرة الصدارة بين دول العالم العربي والإسلامي في مجال انتهاك حقوق الإنسان داخل مراكز الإعتقال وأقبية السجون وخارجها.
فالتعذيب في بلادنا سياسة رسمية ممنهجة للدولة التي يرى نظامها أن الضامن الوحيد لاستمرارتمعشه من الدوائر الغربية التي ترعاه وتدعمه ، ولبقائه أطول فترة ممكنة في السلطة هو تعذيبه وقتله ومحاكمته للمعارضين ، وأنا أجزم أنه لا يوجد مركز بوليس واحد أو سجن من السجون في تونس لا يمارس فيه التعذيب ، ولم يمر يوم واحد على الشعب التونسي في ظل هذا العهد دون اختطاف أو هرسلة أو تعذيب.
ولم نسمع قط أنه تمت مساءلة أو محاسبة أو مقاضاة متهم واحد بتعذيب الأبرياء بل بالعكس لقد تم تكريم أكابر مجرميهم في أكثر من مناسبة وهذا من أوضح الأدلة على تورط الدولة.
ولم العجب فرئيس الدولة مارس ذلك بنفسه عندما كان مديرا للأمن ( يروي الشيخ العالم الفقيه محمد صالح النيفر رحمه الله وأسكنه فسيح جنانه أنه لما حقق معه كان سيئ الأدب وفاحش القول وأهانه كثيرا ولم يحترم شيخوخته وشيبته وعلمه ونسبه ) ، كما أن كل الإنتهاكات التي حدثت وتحدث في تونس هي بتشجيع وضوء أخضر منه ، وهذا ما قاله لي أحد الجلادين ذات يوم ( نحن نتقاضى أعلى الأجور من أجل مهمة واحدة وهي تعذيبكم وذبحكم وقتلكم ).وكبار الجلادين في بلادنا يحصلون على دخل شهري يفوق دخل أساتذة ودكاترة الجامعات إضافة إلى المنح والرتب والترقيات.
كما أن كبار الجلادين يتعاملون مباشرة مع القصر وليس مع وزير الداخلية.
ومن أطرف ما يراه المرء عند دخوله إلى أي مركز أمن في تونس وجود الميثاق العالمي لحقوق الإنسان معلقا على الحائط وإلى جانبه آثار دماء لضحايا التعذيب.
كما أن التعذيب لم يعد مقتصرا على الجلادين فقظ بل إن أعضاء الشعب والمليشيات ولجان اليقظة صاروا يختطفون الناس ويمارسون هذا الدور في الشوارع وداخل مقراتهم .
ورغم مصادقة الدولة التونسية، بدون تحفظ، على المعاهدة الدولية لمناهضة التعذيب في 20 أكتوبر 1988، وغيرها من المعاهدات و رغم النداءات و التنابيه الصادرة عن المحامين و منظمات الدفاع عن حقوق الإنسان، في الداخل والخارج و خاصة، لجنة الأمم المتحدة ضد التعذيب ، فإنّ ممارسة التعذيب استفحلت بشكل لم تعرفه البلاد.في تاريخها إذ أنّ مراكز الأمن والحرس والسجون و دهاليز وزارة الداخلية و كذلك ثكنة بوشوشة تحوّلوا جميعا إلى “ورشات يومية للتعذيب”. ليس للمعارضين فقط ولكن لكل أفراد الشعب.
ماهو التعذيب:
توفر اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب لعام 1987 تعريفا للتعذيب وهو كل عمل ينتج عنه ألم أو عذاب شديد، جسدي اكان أم عقليا، يلحق عمدا بشخص ما بقصد الحصول منه، على معلومات أو على اعترافات ، أو معاقبته على عمل ارتكبه أو يشتبه في أنه ارتكبه أولم يرتكبه ، أو تخويفه أو إرغامه لكي يمضي على أمور لم يقترفها ( كما حصل ويحصل دائما في تونس).
ويعتبر الحقوقيون ورجا ل القانون في العالم جريمة التعذيب من أخطر الجرائم ضد الإنسانية، لما تخلفه من آثار مدمرة على الضحية والاسرة والمجتمع قد تستمر عقوداً من الزمان ( انظروا إن شئتم المعاناة الدائمة والوضع الصحي والإجتماعي المتدهور لإخوتنا المسرحين من السجون ) ، كما أنها من أسوء أشكال انتهاكات حقوق الإنسان و ابشعها بسبب انطوائها على الوحشية والهمجية والبربرية ونقل الإنسان من حالة الإنسانية والمدنية الناصعة إلى الحالة الحيوانية.
وقد سعى المجتمع الدولي والأمم المتحدة ممثلة بهيئاتها وأجهزتها المختلفة لضمان الحماية الكافية لجميع الأشخاص من التعرض للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية أواللاإنسانية أو المهينة والحاطة بالكرامة وذلك من خلال إدراج جريمة التعذيب في العديد من الوثائق الدولية التي بلغ عددها خمسا وأربعين وثيقة دولية قابلة للتطبيق على التعذيب في سياق القانون الجنائي الدولي وحده من بينها أربعة ذات صلة وثيقة به.
ولهذا يعد التعذيب في إطار ما تقدم جريمة دولية تجد مصادرها في الصكوك والاتفاقيات الدولية سوءا كان في وقت السلم أو في وقت الحرب .
وسنورد هنا أبرز الإعلانات والاتفاقيات والقوانين الدولية التي تناولت جريمة التعذيب بناءً على التسلسل التاريخي.
• الإعلان العالمي لحقوق الإنسان 1948م(2)
اعتُمد بموجب قرار الجمعية العامة 217 ألف (د-3) المؤرخ في 10كانون الأول/ديسمبر 1948، وقد جاء في نص مادته رقم 2 ( لايعرض أي إنسان للتعذيب ولاللعقوبات أو المعاملات القاسية أو الوحشية أو الحاطة بالكرامة ).
– اتفاقية جنيف الأولى لتحسين حال الجرحى والمرضى بالقوات المسلحة في الميدان المؤرخة في 12 آب / أغسطس 1949
– جاء في المادة رقم (50) من هذه الاتفاقية أن المخالفات الجسيمة هي التي تتضمن أحد الأفعال التالية إذا اقترفت ضد أشخاص محميين أو ممتلكات محمية بالاتفاقية: القتل العمد، التعذيب أو المعاملة اللاإنسانية، بما في ذلك التجارب الخاصة بعلم الحياة، تعمد إحداث آلام شديدة أو الإضرار الخطير بالسلامة البدنية أو بالصحة.
– • العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية1966م (8)
– اعتمد وعرض للتوقيع والتصديق والانضمام بموجب قرار الجمعية العامةللأمم المتحدة المؤرخ في 16 كانون/ديسمبر1966 تاريخ بدء النفاذ: 23 آذار/مارس 1976، وفقا لأحكام المادة 49 ، وقد جاء في نص مادته رقم 7 (لا يجوز إخضاع أحد للتعذيب ولا للمعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو الحاطة بالكرامة. وعلى وجه الخصوص، لا يجوز إجراء أية تجربة طبية أو علمية على أحد دون رضاه الحر)
– إعلان حماية جميع الأشخاص من التعرض للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة 1975م (9)
– اعتمد ونشر على الملأ بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة المؤرخ في 9 كانون الأول/ديسمبر 1975، وقد جاء في مادته رقم 2 ما يلي: ( أي عمل من أعمال التعذيب أو غيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة هو امتهان للكرامة الإنسانية، ويدان بوصفه إنكار لمقاصد ميثاق الأمم المتحدة وانتهاكا لحقوق الإنسان والحريات الأساسية المنصوص عليها في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ).
– اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة1987م (10)
– توصي المادة 55 من هذه الإتفاقية، بتعزيز احترام حقوق الإنسان وحرياته الأساسية، ومراعاتها على مستوى العالم، ومراعاة منها للمادة 5 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والمادة 7 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية،وكلتاهما تنص على عدم جواز تعرض أحد للتعذيب أو المعاملة أو العقوبة القاسية أواللاإنسانية أو المهينة، ومراعاة منها أيضا لإعلان حماية جميع الأشخاص من التعرض للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة،الذي اعتمدته الجمعية العامة في 9 كانون الأول/ديسمبر 1975، ورغبة منها في زيادة فعالية النضال ضد التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أواللاإنسانية في العالم قاطبة.
– وتحتوي هذه الاتفاقية على 33 مادة تضمنت تعريفاً محدداً للتعذيب وأكدت على حرمته وعلى واجب الدول الأعضاء باتخاذ التدابير لمنعه وفصلت في الإجراءات التي تضمن ذلك.
– وقد جاء في أحد هذه المواد :
– 1-تتخذ كل دولة طرف إجراءات تشريعية أو إدارية أو قضائية فعالة أو أية إجراءات أخرى لمنع أعمال التعذيب في أي إقليم يخضع لاختصاصها القضائي.
– 2-لا يجوز التذرع بأية ظروف استثنائية أيا كانت، سواء أكانت هذه الظروف حالة حرب أو تهديدا بالحرب أو عدم استقرار سياسي داخلي أو أية حالة من حالات الطوارئ العامة الأخرى أو استغلال قوانين مكافحة الإرهاب كمبرر للتعذيب.
– .3-لا يجوز التذرع بالأوامر الصادرة عن موظفين أعلى مرتبة أو عن سلطة عامة كمبرر للتعذيب.
– • نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية 1998م (12)
– وقد جاء في الفقرة المادة السابعة من نظام روما أن التعذيب من ضمن الأفعال التي تعتبر جريمة ضد الإنسانية متى ارتكب في إطار هجوم واسع النطاق أو منهجي موجه ضد أية مجموعة من السكان المدنيين.
– • اتفاقية حقوق الطفل 1990م (13 )
– اعتمدت وعرضت للتوقيع والتصديق والانضمام بموجب قرارالجمعية العامة للأمم المتحدة 44/25 المؤرخ في 20 تشرين الثاني/نوفمبر 1989 – تاريخ بدء النفاذ: 2 أيلول/سبتمبر 1990، وفقا للمادة 49 ، وقد ورد في الفقرة أ من المادة 37 أن ألا يعرض أي طفل للتعذيب أو لغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أواللاإنسانية أو المهينة. ولا تفرض عقوبة الإعدام أو السجن مدي الحياة بسبب جرائم يرتكبها أشخاص تقل أعمارهم عن ثماني عشرة سنة دون وجود إمكانية للإفراج عنهم. كماجاء في الفقرة ب من نفس المادة ألا يحرم أي طفل من حريته بصورة غير قانونية أوتعسفية، ويجب أن يجرى اعتقال الطفل أو احتجازه أو سجنه وفقا للقانون ولا يجوز ممارسته إلا كملجإ أخير ولأقصر فترة زمنية مناسبة.
(المصدر:موقع الحوار. دوتش (ألمانيا) بتاريخ 23 جانفي 2008)
سـواك حـار (65)
ســواك: صــابـر التـونسي
أقله كان على هذه القناة أن تحترم ضحايا هذا النظام وتترك الجنازة تمر في هدوء حتى إذا تمدد الجسد وأهيل التراب وانفض الناس عادت حليمة… وللإمعان في التشفي والتنكيل وفي وقت متزامن يعددوا هنا انجازاتهم ويراقبوا هناك بيت العزاء ويستلموا رؤوس الانهج ليدققوا في الغادي والرائح وبقاياهم في المقبرة قبل الجنازة والفقيد ، يشاغبون حفار القبر يسألونه أأنت منهم و المسكين يرسل فأسه في طين الأرض و يقول لا يا سيدي انا حفار “مستقل”.
(الحوار نت: نصرالدين)
** لم يصدقوا بأن الحفار مستقل فأقسم المسكين على مسامعهم بأنه كذلك، وتوجه إلى الله مخلصا له الدعاء أن يمكنه من حفر قبورهم جميعا حتى يصدقوا أنه مستقل، كما وعدهم بأنه سيكون عند حفر قبورهم أكثر همة ونشاطا وأنه سيحدّ مِسحاته وينتظر ذلك اليوم ليثبت صدقه!
أٍن جريمة تشبه اٍلى حدّ كبير جريمة المحمودية، شهدتها تونس قبل أكثر من 60 عاما عندما دخلت القوات الأميركية والبريطانية تونس لتحريرها من القوات النّازية والفاشية. …ثلاثة جنود من القوات الأميركية أقدموا في الليلة الفاصلة بين يومي 26 و27 يونيو/حزيران من عام 1943 في منطقة الوطن القبلي شرق تونس العاصمة, على اغتصاب فتاة تونسية لا يزيد عمرها عن 16 عاما على مرأى ومسمع والدها. …الجنود الأميركيين لم يكتفوا بهذه الجريمة واٍنما “عمدوا اٍلى اٍرغام والد الفتاة المغتصَبة على الاصطفاف مع تونسي آخر وشيخ يبلغ عمره حوالي سبعين عاما، حيث أجهز أحدهم على الجميع بزخّات من رشّاشه بكلّ برودة دم” (جريدة الصباح)
** “الكاو بوي” (راعي البقر) هو “الكاو بوي” أكان في القرن الماضي أو في القرن الحالي وحيث ما حل ففعله “بقري متوحش” أكان في تونس أو “أبوغريب” أم “قوانتنامو” أو “باقرام” أو الصومال ومن شذ عن هذا النهج “البوشي” المتوحش تنكر لثقافة “رعاة البقر”! … ومعذرة للبقر على إساءة المقارنة!!
ان النقابيين والشغالين سيظلون سندا قويا للمشروع الحضاري المستنير للرئيس زين العابدين بن علي ودرعا واقيا للمجتمع ضد كل مخاطر التطرف كما سيكونون متحفزين دوما لتجسيم خيارات رئيس الدولة لتامين التقدم للبلاد والرفاه للشعب التونسي والمناعة للوطن.
(عبد السلام جراد)
** سبقك بها “إسماعيل السحباني” يا سي جراد وشُرف بلقب “وزير” إتحاد الشغل وكان القصر مرتعه!! … ولكن خُتم له بالسجن والعاقل من اتعظ بغيره!!
السنة الدراسية الجديدة ستعرف أيضا فتح 25 مدرسة تعليمية خاصة أغلبها في التعليم الابتدائي.وسيضم القطاع الخاص هذه السنة 78 ألف تلميذ.
(الصادق القربي وزير التربية)
** تشجيع المدارس الخاصة وازدياد الإقبال عليها “ضربة معلّم” تسقط عدة عصافير بحجر “فخصخصة” التعليم تعفي الدولة من مسؤولية توظيف المعلمين والإنفاق على التلاميذ والمدارس!! … وبعد أن كانت المدارس محضنا لأبناء الطبقات الإجتماعية المختلفة، ستختلف المدارس حسب الطبقات … و”كل قدير وقدرو“!
وتعرف السنة الدراسية الجديدة نقصا في عدد التلاميذ بـ45 ألف تلميذ مقارنة بالسنة الفارطة منهم 32 ألف في التعليم الابتدائي.
(الصادق القربي وزير التربية)
** دليل على النجاح الباهر لسياسة تحديد النسل… سياسة “قلل ودلل”!! … المشكلة أننا قللنا ولم نقدر على تدليل أبنائنا لأن البحر قد ابتلعهم!!
إن هذه التعبئة الطالبية تؤكد ما يتميّز به الرئيس بن علي من قدرة على استقطاب الكفاءات العلمية، إذ أصبح حزب الرئيس يضمّ اليوم أكثر من 50 ألف طالب وثلاثة آلاف أستاذ جامعي… (الصادق شعبان)
** عندما ينقشع الغبار تعرف يا سي الصادق أتركب حصانا أم حمارا!! … وسينقشع الغبار لا محالة وتتبين حقيقة خمسين ألف طالب يرعاهم خمسون ألف “بوليس“!
وتقول سلوى التي فقدت اخاها رفيق (27 عاما) في رحلة بحرية باتجاه ايطاليا انها تشعر بحرقة ولوعة لان امها ماتت حسرة على فقدان رفيق الذي قالت انه ابلغها في آخر يوم رأته فيه “اما ان اصل لفرنسا او ان اموت في البحر.”
(شبكة النبأ المعلوماتية)
** إنا لله وإنا إليه راجعون! … كم “أكل” البحر من شبابنا وكم حُفرت قبورا لمجهولين شمال المتوسط ووضع عليها الصلبان! … وحكامنا وأبواقهم مثل العجوز “إلّي هازها الواد وهي تقول:العام صابة“!!
كما أن بعض الشرائح الاجتماعية، بالمعنى الطبقي للكلمة، أصبحت تقترف جرائم لم تكن واردة من قبل في سجلّ ممارساتها الإجرامية، فالطبقات الوسطى مثلا أو العليا، كانت جرائمها المألوفة عادة ما ترتبط بالجرائم الاقتصادية (الصك بدون رصيد، التهرب الضريبي، المتاجرة السوداء… الخ)، أما في العشريتين الأخيرتين فإن هذه الشرائح أضافت إلى ممارساتها الإجرامية جرائم أخرى هي من النوع الثقيل تتعلق بالعنف والقتل والاغتصاب”.
(الدكتور مهدي مبروك)
** نهم الطبقة “العليا” لا يقف عند حدّ وإلا انتفت عنها صفة “العَلَوية”!! وبعد أن فرغت من نهب الإقتصاد و”تأميمه” لابد لها أن تنهش الأعراض وتشيع العنف والبطش حتى تظل مُهابة ولا ينافسها فيما نهبت أحد!
و”البراكاج” لفظة تعني قطع الطريق على مستعمله، وسلب ما يملك تحت التهديد والعنف المسلح، وتحدث أغلب هذه الأفعال ضدّ النساء، وتتم في أماكن معزولة أو تحت جنح الظلام وأحيانا في قلب العاصمة… يستعمل هؤلاء الشبان أسلحة ذات فاعلية، مثل الغاز المخدر، وشفرة الحلاقة، والسكاكين والسيوف. (قدس برس)
** دولة قامت على “الأمن”، وتحيى على “الأمن”، ويقودها “الأمن”،وينتشر “الأمن” في كل أرجائها، شاعت فيها ظاهرة “البراكاج” ولا يأمن مواطنوها، لا خير في “أمنها” !! وحاميها حراميها!!
(المصدر:موقع الحوار. دوتش (ألمانيا) بتاريخ 23 جانفي 2008)
القانون التوجيهي للتعليم العالي مشروع غير ناضج، طبخ على نار غير هادئة
!
الملف
تونسيون اعتنقوا المسيحية: لماذا!؟
إعداد: نور الدين المباركي
6 حركة التبشير نشيطة ويقوم بها تونسيون
7 الفراغ الثقافي أحد الأسباب
8 300 مليون دولار تصرف سنويا لدعم حركة التبشير في شمال إفريقيا
9 أرقام متضاربة حول عدد المتنصرين في تونس
10 مسيحي تونسي لـ“الوطن“: “أتباع الكنيسة الإنجيلية في تونس يتجاوزون الـ10 آلاف“
11 مبشرة مسيحية: “جئت إلى تونس بذهنية التبشير.. ولاحظت أنهم عطشى ليتعرفوا علينا“
مساء يوم 14 جانفي تابعت حلقة برنامج “عسلامة” الذي تبثه فضائية مختصة في التبشير والدعوة لاعتناق المسيحية.
موضوع الحلقة كان “تاريخ الكنيسة“، أما الرسالة الأساسية التي حاول المنشط وضيفاه (وهم تونسيون) إبلاغها هي أن “المسيحيين التونسيين ليسوا صنيعة الاستعمار أو الحركات التبشيرية، إنما لهم جذورهم التي تعود إلى مئات السنين…”.
واجتهدوا في تقديم ما يثبت كلامهم، من ذلك الآثار التي تشير إلى انتشار “المعموديات” والكنائس في عديد المناطق في البلاد… و“الوشم” الذي يشير إلى الصليب وتضعه العجائز… الخ.
ويبدو أن الهدف من هذه الحلقة كان مزدوجا، فمن ناحية هو رد على الأصوات التي تحذر منذ مدة من انتشار حركة التبشير والتنصير في تونس وشمال إفريقيا عموما، ومن وجود هيئات وجمعيات غربية وأمريكية وراء هذه الحركة النشيطة، وهو من ناحية أخرى دعوة للمسيحيين التونسيين خاصة الشباب ممن اعتنقوا المسيحية مؤخرا للتمسك “بدينهم الجديد” وأن لهم “جذورهم وتقاليدهم في هذه البلاد… وبالتالي ليسوا مسقطين أو تم زرعهم…”، كما جاء على لسان منشط برنامج “عسلامة“.
إن هذه الحلقة من برنامج “عسلامة“، إلى جانب عدة وثائق ودراسات وشهادات أخرى تجعلنا نقول بوضوح: إن التبشير في تونس نشيط وتمكن من تحقيق خطوات، لم يعد من الممكن تجاهلها أو نفيها، وإن الموقف السليم هو التعاطي مع هذه المسألة والبحث في الأسباب والدوافع التي تجعل تلامذة وطلبة وشبانا، بعضهم لم يبلغ العشرين من عمره يستجيب لدعوات هؤلاء “المبشرين الجدد” وبعضهم يقبل أن يقاطع أهله وأصدقاءه من “أجل يسوع الذي خلصه وكشف أمامه طريق الحق“.
حرية المعتقد في تونس مضمونة ويكفلها دستور البلاد ولم يحدث أن اشتكى أي كان من اضطهاد على أساس معتقده أو دينه أو عرقه.
هذه حقيقة يتفق حولها الجميع، لكن ذلك لا يمنع من وجهة نظرنا أن نتابع وأن نهتم بكافة الظواهر التي أصبحت تجد مكانا لها بين الشباب. وقد سبق لصحيفة “الوطن” أن تعرضت إلى بعضها من ذلك: مظاهر الميوعة والانحلال الأخلاقي (العدد 5) وعبدة الشيطان في تونس(العددين 6 و7) والسلفية الجهادية (العدد 20) والعنف في الملاعب الرياضية (العدد 21).
من هذه الزاوية والخلفية، سنتعرض في هذا العدد إلى مسألة التبشير في تونس وأسباب إقبال فئات من الشباب على اعتناق المسيحية.
التبشير في تونس حقيقة ملموسة
يمنع القانون التونسي التبشير ويحظر أعماله ويعتبر أن الدعوة لاعتناق المسيحية عمل يخالف النظام العام. لذلك تمّ في مناسبات عديدة ترحيل أجانب حاولوا القيام بأعمال تبشيرية وتمت مصادرة الوثائق والمواد التبشيرية من كتب وأشرطة وأقراص ممغنطة… الخ.
لكن ذلك لم يمنع هذه الحركة من التواصل والاستمرار تحت يافطات مختلفة مستغلة وسائل الاتصال الحديثة من انترنيت وفضائيات. والأهم من ذلك اعتمادها على تونسيين للقيام بالدعوة “لبشارة يسوع“.
لم يعد المبشرون “الآباء البيض” كما كان يطلق عليهم سابقا.. لقد أصبح جزء هام منهم تونسيين ولدوا على هذه الأرض وتربّوا بيننا.
حدثني سائق سيارة أجرة “تاكسي” تجاذبت معه الحديث حول هذا الموضوع قال: “… ركب شابان في نهاية العقد الثاني سيارتي.. وفي الطريق حدثاني عن المسيح ومعجزاته وأبواب النعمة التي يفتحها أمام أتباعه.. وقبل أن ينزلا تركا لي الإنجيل وكتابين آخرين وقرصا ممغنطا يتضمن حياة المسيح بعدة لهجات عربية، من ضمنها اللهجة التونسية…”.
وتوجد في المدونات ومنابر الحوار على شبكة الانترنيت شهادات لعدد من الشبان التونسيين يتحدثون عن اعتناقهم المسيحية ويقولون “إنهم تعرفوا على يسوع من خلال أصدقائهم أو أقاربهم وأن هؤلاء هم من قادوهم إلى الكنيسة…”
وحدثني شاب اعتنق المسيحية منذ ثلاث سنوات قائلا: “… إن نشر رسالة المسيح ومبادئه التي اقتنعت بها هي جزء من رسالتي كمؤمن… فإلى جانب أني أصلي للآخرين من أجل أن يتعرفوا على يسوع، فإني أقدم لهم ما يمكنهم من الاقتراب من المسيح، ولا أسمّي ذلك تبشيرا، إنه واجبي تجاه ما اقتنعت به…”
ومكنني هذا الشاب من كراس صغير الحجم يتضمن أمثلة للمسيح باللهجة التونسية الدارجة. وقال لي: اقرأها لتعرف لماذا اخترت المسيحية.
ويتحدث بعض المسيحيين التونسيين عن قصة شاب تونسي من جهة “المحمدية” (إحدى ضواحي العاصمة) تنصّر والتحق بالكنيسة الكاثوليكية قبل سنوات. هذا الشاب، تمكن من تنصير “عدد هام من الشبان“. مما بوّأه مكانة خاصة في الكنيسة الكاثوليكية بتونس، وتمكن من السفر إلى إيطاليا وتم استقباله في الفاتيكان من طرف أعضاء مرموقين.
وهناك عدة قصص وروايات أخرى تشير بوضوح إلى أن من يقوم بالتبشير اليوم في تونس هم تونسيون، منهم من تنصر في أوروبا وعاد إلى تونس “لينشر رسالة يسوع“.
ونعتقد أنه ليس صدفة أن يتم الاعتماد على تونسيين (من أبناء البلد) للقيام بالتبشير والدعوة للمسيحية حتى وإن كانوا في بداية طريقهم، ذلك أن المسألة مدروسة ولها خلفياتها.
في سنة 1978 احتضنت أمريكا الشمالية مؤتمرا يعرف بـ“مؤتمر كلورادو“. هذا المؤتمر حضره نحو 150 من قادة الرأي والفكر، من بينهم نخبة من المنصّرين العاملين في الميدان وأكاديميين ومستشرقين لاهوتيين وأساتذة في علوم الأجناس وعلوم الاجتماع وعلم النفس والدراسات اللغوية ومن خبراء ومستشارين سياسيين وأمنيين وديبلوماسيين.
المؤتمر وُصِفَ بأنه “من المؤتمرات القادرة على تغيير مجرى التاريخ“. وركز على ما يلي:
10 أولا:أن يجد الإنجيل طريقه إلى 720 مليون مسلم.
11 ثانيا: أن يتخلى المنصّرون عن أساليبهم البالية ووسائلهم الفاشلة.
12 ثالثا: أن تخرج الكنائس القومية عن عزلتها وتقتحم بعزم ثقافات المسلمين.
13 رابعا: أن يجد المسعى لتحريك المواطنين النّصارى في البلدان المعنية ليعملوا مع الإرساليات.
وما يحدث اليوم في تونس (وفي المغرب العربي عموما) هو ثمرة حقيقية لهذه النقاط الأربع وخاصة النقطة الرابعة.
وإلى جانب ما يقوم به التونسيون “للتبشير بيسوع“.. ودفع أصدقائهم وأقاربهم لاعتناق المسيحية، فإن ما تقوم به الفضائيات وعشرات المواقع على شبكة الانترنيت وبعض الأجانب له دور في أن تكون حركة التبشير في تونس نشيطة وتستقطب الشبان والشابات.
وفي خصوص الفضائيات سنكتفي بعرض شهادات لعدد من التونسيين تشير إلى أنهم تنصروا تحت تأثير ما يبث في هذه الفضائيات، وهذه الشهادات موجودة على الموقع الإلكتروني لقناة “الحياة” التبشيرية.
يقول “طارق – تونس“: “..أنا مسلم مداوم على متابعة هذا البرنامج (كشف القناع بقناة الحياة) الذي أثار العديد من الأسئلة في ذهني بخصوص إيماني المتوارث عن أمور سلمت بها من دون تفكير (…) للحقيقة أقول إن كمية التسامح التي ألمسها في المسيحية لم ألمسها في ديانة أخرى…”.
ويقول “نبيل – تونس” : “حياتي تغيرت بعد مشاهدتي لبعض القنوات التنويرية التي تحكي الصفات الطيبة التي يتميز بها سيدنا المسيح (…) هناك قوة خفية في عقلي وقلبي تدعوني إلى الإيمان بالمسيح تولدت بعد مشاهدتي لبرامجكم..”
ويقول “رجل من تونس“: “هذا البرنامج (الحياة في كلمة) هو السبب لتحولي لقبول الإيمان المسيحي..”
وفي خصوص شبكة الانترنيت توجد مئات المواقع الالكترونية المختصة في التبشير، توفر لمتصفحيها كل الإجابات عن الأسئلة التي يطرحونها حول المسيح والمسيحية إلى جانب كتب ووثائق وأشرطة فيديو.. ومن ضمن الكتب التي اطلعنا عليها.. كتب تمس عقيدة المسلمين ومقدساتهم والشخصيات الدينية المقدسة وتشكك في الأحاديث النبوية.. بل ويصل الأمر إلى حد التشكيك في ما نزل به القرآن.
وتتضمن أيضا وثائق باللهجة التونسية ومن ضمن الوثائق التي اطلعنا عليها “ترانيم تونسية” وقصص مسيحية باللهجة التونسية ومعطيات تاريخية حول الكنيسة في شمال إفريقيا… الخ.
كما تتضمن أشرطة فيديو لتونسيين تنصروا واعتنقوا المسيحية يتحدثون عن تجربتهم وماذا قدم لهم “يسوع من نعمة وشفاء…”.
وهناك منابر حوار ودردشة يقبل عليها شبان تونسيون ويشاركون فيها.
يقول الدكتور أبو خولة في مقال له تحت عنوان “مسيحيو المغرب في حكم الإسلاميين” نشر يوم 10 أفريل 2007 على موقع إيلاف الالكتروني: “يقدر الناشط المسيحي المغربي (يوسف) أن الاتصالات الشخصية مسؤولة عن تنصير حوالي 60% من المجموع، بينما لا يتجاوز دور الانترنيت 30% والـ10% المتبقية اعتنقت المسيحية على يد المبشرين الأجانب..”
وتتعلق هذه الإحصائيات بالمغرب الأقصى ونعتقد أنها قريبة من الوضع في تونس، خاصة إذا علمنا أن هناك خطة موحدة للتبشير في المغرب العربي، تقول بعض التقارير غير الدقيقة إن حجم الإنفاق الذي تتحمله المنظمات التبشيرية في المنطقة يجاوز 300 مليون دولار سنويا.
أما في خصوص دور الأجانب في حركة التبشير في تونس، رغم أنه لا توجد معطيات دقيقة حول دورهم لأنهم يعرفون جيدا أن التبشير في تونس ممنوع وأنه يمكن أن يكونوا عرضة للترحيل.. رغم ذلك هناك عدة مؤشرات ودلائل تؤكد أن بعض الأجانب بصدد القيام بدور ما في هذه الحركة:
14 يتحدث عدد من متساكني مدينتي دوز وقبلي عن رجل إيطالي أنشأ مؤسسة لتعليم اللغة الإيطالية.. هذا الرجل نشيط في حركة التبشير.
15 شهادات عديدة بلغتنا عما يقوم به بعض موظفي أحد البنوك في العاصمة من تبشير ودعوة للمسيح. هذه الشهادات وصلتنا من عدد من أصحاب سيارات التاكسي ومن مواطنين جمعتهم الصدفة به هؤلاء (توزيع كتاب الإنجيل وتوزيع أقراص ممغنطة…الخ).
16 تقول “نيللي الكلاب” وهي مبشرة تعمل ضمن “راهبات الفرنسيسكات” وهذه الجمعية لها مقر في تونس عنوانه موجود على شبكة الانترنيت تقول في رسالة لها نشرت على موقع هذه الجمعية: “لقد ذهبت إلى تونس وتحديدا إلى عين دراهم (قرية في تونس) بذهنية تبشير الناس لردّهم إلى المسيحية (!!!)، أثناء زيارتي الأولى طرح عليّ رجل السؤال التالي: “… ما الفرق بين القرآن والإنجيل؟” .. ولأنه كان ممنوعا عليّ التكلم عن الدين والإنجيل وسط عالم إسلامي صرف. فوجئت بالسؤال ولكنني حاولت الإجابة ولاحظت أنهم عطشى ليتعرفوا علينا…”.
وتضيف: “… الناس في تونس مختلفون عن اللبنانيين. لا يربطون بين الأمور الدينية والسياسية، اكتشفت أنه يكفي أن نعيش المحبة المسيحية مع الناس، لكي نعلن الإنجيل ونوصله إلى الآخرين بطريقة أخرى…”.
وتضمنت هذه الرسالة صورة لهذه المبشرة وهي تتوسط عائلة تونسية من منطقة عين دراهم.
من خلال ما تقدم يبدو واضحا أن حركة التبشير في تونس مسألة لم يعد من الممكن تجاهلها أو نفيها.. هي حقيقة ملموسة وتتطلب الوقوف عندها.
لا يعني هذا أننا بصدد تضخيم هذه المسألة أو إعطائها أبعادا أكثر مما تستحق.. لكن في الوقت ذاته نعتقد أن المسألة تتطلب اهتماما ومتابعة لأن إغماض الأعين عنها وترديد كلام من قبيل “التبشير غير موجود في تونس” هو كلام يجانب الحقيقة.
عدد المسيحيين التونسيين
رسميا لا تتوفر أرقام محددة حول عدد التونسيين الذين اعتنقوا المسيحية، فلا الكنائس الثلاث المقيمة في تونس قدمت أرقاما حول هذه النقطة ولا الجهات الرسمية قدمت ذلك.
غير أن ذلك لا يعني عدم وجود بعض الأرقام من مصادر مختلفة.
2 قال مطران تونس (مروان لحام) في تصريح لوكالة الأنباء الإيطالية يوم 18 ديسمبر 2007 إن عدد الكاثوليك في تونس يتراوح بين 20 و22 ألف نسمة موزعين على نحو 60 جنسية. لكنه لم يذكر عدد التونسيين منهم، إلى جانب أن هذا الرقم يهم الكاثوليك فقط.
3 في تقرير الحريات الدينية لوزارة الخارجية الأمريكية 2003 جاء ما يلي “… أما الطائفة المسيحية اسميا والتي تتكون من سكان أجانب ومجموعة صغيرة من المواطنين المولودين في البلاد من أصل أوروبي و/أو عربي، فيبلغ عددها نحو 20 ألف شخص موزعين في كل أرجاء البلاد. ويقول زعماء الكنيسة إن عدد السكان المسيحيين الذين يمارسون شعائر الدين يبلغ نحو ألف شخص ويضم حوالي مائتين من المواطنين من أصل عرقي عربي من مواليد البلد الذين تحولوا عن دينهم واعتنقوا المسيحية“.
4 قبل أكثر من سنة نشرت مجلة “إفريقيا الفتاة” ملفا حول المسيحية في المغرب العربي ومن ضمن الأرقام التي وردت في هذا الملف أن عدد التونسيين الذين اعتنقوا المسيحية خلال السنوات الأخيرة بلغ نحو 500 تونسي.
5 جاء في وثيقة تحمل اسم “الملاحظات الختامية للجنة القضاء على التمييز العنصري على التقارير الدورية التاسع والعاشر والحادي عشر والثاني عشر لتونس“، وفي النقطة 167 ما يلي: “.. وفي رده على أسئلة وتعليقات أعضاء اللجنة، قال ممثل الدولة إن هناك 5 آلاف تونسي من غير المسلمين بينهم حوالي 3 آلاف من اليهود والباقي من المسيحيين…”
يذكر أن اجتماع “لجنة القضاء على التمييز التمييز العنصري” (تابعة للأمم المتحدة) عقد للنظر في التقارير حول تونس خلال شهر مارس 1994.
2 قال لي تونسي اعتنق المسيحية قبل أكثر من عشر سنوات (الكنيسة الإنجيلية) إن عدد المسيحيين التونسيين يبلغ نحو 14 ألفا موجودين في كافة مناطق البلاد (الشمال والجنوب والشرق والغرب). وأكد أن هذا الرقم صحيح، وغير مبالغ فيه.
وأضاف أن أغلب معتنقي المسيحية في تونس يتجهون إلى الكنيسة الإنجيلية وأن نسبة هامة منهم لا يستطيعون الكشف عن “دينهم الجديد” ويفضلون أن يبقى الأمر سرا.
وبقطع النظر عن صدقية هذا الرقم فإن الاكيد هو أن عددا من معتنقي المسيحية يرفضون فعلا الإعلان عن تنصرهم بسبب تأثير ذلك على علاقاتهم سواء العائلية أو في المجتمع.
7 في محاضرة تحت عنوان “عرض لكنيسة تونس: إلى إخوتنا أساقفة الشرق الأوسط” لمطران تونس الأسبق فؤاد طوال جاء ما يلي: “وخلال عدة سنوات، وبسبب تسارع الأحداث السياسية المتتالية، انحسر عدد المسيحيين وهبط من عدة مئات من الألوف إلى عدد ينحصر بين 20 و40 ألفا، وعدد الكهنة الذي كان يبلغ 150 سنة 1964، انحدر إلى حوالي الثلاثين سنة 1999. وكانت تلك الفترة صعبة بالنسبة إلى الذين رأوا رعاياهم تزول وأصدقاءهم يرحلون“.
8 كتب الدكتور عز الدين عناية (جامعي تونسي مقيم في إيطاليا)، مقالا تحت عنوان “قراءة في التقرير الإحصائي للكنيسة الكاثوليكية” نشر في صحيفة “القدس العربي” اللندنية يوم 12 أكتوبر 2007، جاء فيه على وجه الخصوص: “أما من حيث أنشطة الكنيسة الكاثوليكية في العالم العربي فهي متنوعة، فقد ارتفعت أعداد المعمّدين (المتنصرين – التحرير) في شتى البلدان مقارنة بما ورد في إحصاء 2001، باستثناء تونس والمغرب وقطر التي شهدت تراجعا ضئيلا…”
من خلال ما تقدم يظهر جليا أن هناك عدم وضوح فيما يتعلق بعدد التونسيين الذين اعتنقوا الديانة المسيحية. وهذه المسألة لا تهم تونس فقط، بل عموم منطقة المغرب العربي، حتى إن أحد الصحفيين الجزائريين علق قائلا: “إن العدد الحقيقي لمعتنقي المسيحية في الجزائر هو سر من أسرار الدولة“!
ونعتقد أن إخفاء الرقم الصحيح أو التقليل من عدد المتنصّرين (مهما كانت الأسباب والدوافع) أو التضخيم فيه، كلها عوامل لا يمكن أن تخفي مشكلة أن التنصير في تونس وتوجه عدد من الشبان إلى المسيحية هي مسألة واقعية وحقيقية وأن التعامل معها لا بد أن يكون بشفافية ووضوح لأنها مسألة تهم الجميع.
ملاحظة:
جاء في تقرير الحريات الدينية الذي تصدره وزارة الخارجية الأمريكية: “تدير الكنيسة الكاثوليكية 7 كنائس، و6 مدارس خاصة و6 مراكز ثقافية/مكتبات في كل أنحاء البلاد. بالإضافة إلى مستشفى في تونس العاصمة. (…) وبالإضافة إلى إقامة الشعائر الدينية تنظم الكنيسة الكاثوليكية وبحرّية نشاطات ثقافية وتقوم بأعمال خيرية في كل أرجاء البلاد.
تضم الكنيسة الأرثوذكسية الروسية نحو 100 عضو ممن يمارسون شعائر دينهم، وتشغل كنيسة واحدة في تونس وأخرى في بنزرت.
كذلك تشغل الكنيسة الإصلاحية الفرنسية كنيسة واحدة في تونس، تضم رعيتها نحو 140 فردا معظمهم من الأجانب.
بينما تملك الكنيسة الأنجليكانية كنيسة في تونس تضم نحو 70 عضوا أجنبيا.
وللكنيسة الأرثوذكسية اليونانية 30 عضوا، ثلاث كنائس (تونس – سوسة – جربة) وهناك أيضا نحو 50 عضوا في شهود يهوه: حوالي نصفهم من المقيمين الأجانب ونصفهم من المواطنين المولودين في البلاد…” (تقرير 2003)
لماذا اعتنقوا المسيحية؟
قرأت في بعض المواقع على شبكة الانترنيت مقالات تصف الذين اعتنقوا المسيحية “بالمرتدين” إلى جانب أوصاف أخرى مثل الانبتات والتفسخ…الخ.
وأعتقد في الحقيقة أنه قبل أن يتم اتهام هؤلاء الشبان لا بد من طرح السؤال التالي: لماذا اعتنقوا المسيحية؟ ما هي الدوافع والأسباب التي جعلتهم يختارون هذا الطريق؟
إن الإجابة عن هذه الأسئلة من شأنها أن تفسر لنا ماذا يحدث… وتدفع الجميع إلى التفكير في السبل والوسائل للحد من هذا التوجه.
من خلال ما كتب ونشر هناك حديث عن سببين اثنين: الأول مادي (بعض الشباب يرغب ف بالمساعدات المادية التي يمنحها المبشرون) والثاني معنوي يتعلق بالفراغ الثقافي والروحي الذي يعيشه الشباب.
فيما يتعلق بالسبب الأول ورغم أن بعض الدراسات والمقالات الصحفية في الجزائر والمغرب كشفت عن الإغراءات المادية التي يقدمها المبشرون (في الجزائر ذكرت إحدى الصحف أن كل متنصر يُمنح 5 آلاف أورو).. فإنه في تونس لا توجد دلائل ملموسة حول هذه المسألة وما يقال هو كلام وحديث لا بد من التعامل معه باحتراز.
ومن ضمن ما يقال أن بعض الشبان اعتنقوا المسيحية للحصول على عقود عمل في إيطاليا وفرنسا… وأن هناك من تنصر للحصول على مساعدة مالية مكنته من بعث مشروع صغير.
وقال لي المسيحي التونسي الذي تنصر منذ أكثر من عشر سنوات: “الكنيسة الإنجيلية التي أنتمي إليها لا تقدم المساعدات المادية بغاية التنصير… لأننا نستهدف الروح ونعمل من أجل أن يدخل الروح القدسي هؤلاء الشباب الذين عصفت بهم الخطايا… وكل من التحقوا بالكنيسة الإنجيلية فعلوا ذلك لأننا صلينا من أجلهم ولأن يسوع يحب أبناءه…”.
أما في ما يتعلق بالسبب الثاني أي الفراغ الثقافي والروحي لدى الشباب، فإنه المسألة الأخطر، لأن من تنصر من أجل تحقيق أهداف مادية يمكن أن يتراجع (وقد حصل ذلك). أما من كان يعيش فراغا ثقافيا ومعنويا جاء من يملأ له هذا الفراغ فتلك هي المشكلة.
لنطلع على شهادات (مكتوبة) لعدد من الشبان ممن اعتنقوا المسيحية:
1 (آمال – تونس): “لا أستطيع أن أجاهر بإيماني لأن أهلي يهددون بقتلي إن آمنت بالمسيح.. أنا أتابعكم على شبكة الانترنيت وأرجو أن تساعدوني ببعض الكتب الروحية لتقوية إيماني…”
2 (نزار – تونس): “… لا يوجد من يرشدني ويعلمني وأرجو أن أجد في برنامجكم هذا منفذا ومخرجا يعينني…”
3 (كمال – تونس): “آمنت بالرب يسوع وأحببته وهو قد خلصني من الأتعاب ومن الشرور ومن الإرهاق المتواصل والتشاؤم… وذلك عن طريق الصلاة…”.
4 (جمال – تونس): “هذا البرنامج يعطي شحنة روحية ومعنوية للإنسان لما يبسطه من المعاني الأخلاقية حتى يسهل على الفرد الالتزام بها.. أنا أنهل من معين خطابكم الأساسي وهو الكتاب المقدس.. فسبحت في عالمه الخاص وجوّه المفعم بالروحانية…”.
وهناك عشرات الشهادات الأخرى يمكن الاطلاع عليها على موقع قناة “الحياة“
ويشير أغلبها أن هؤلاء وجدوا من يلمس النقطة الحساسة لديهم وهي حالة الفراغ والأسئلة التي تدور بذهنهم فانجذبوا إليه. كما انجذب عدد آخر من الشبان نحو القراءات المتطرفة للدين الإسلامي وكما انجذب آخرون نحو عبدة الشيطان وغيرهم.
ويبدو أن هذه الحالة ليست غائبة عن رموز التبشير والأساقفة وغيرهم.
2 يقول المطران فؤاد طوال في محاضرته “عرض لكنيسة تونس” : “من حظنا أننا نعيش في هذه البلاد، أنها تدفعنا ولا يكون ذلك مريحا كل يوم لكنها تقول لنا أيضا إذا فتحنا أعيننا كيف يشتغل فيها الروح كما فعل فينا أيضا…”
3 وتقول “نيللي الكلاب” من راهبات الفرنسيسكانيات: “أقول نظرة محبة، ابتسامة من القلب وإصغاء للآخر.. هذا ما ينتظره الناس منا وهذه هي الرسالة. وما لاحظته ولفتني أن الناس في تونس لا تميز بين المكرسين والعلمانيين والمسيحيين، بالنسبة إليهم كل المسيحيين هم إخوة وأخوات…” (رسالة تونس: الموقع الالكتروني لراهبات الفرنسيسكانيات).
4 وكتب عماد خليفة توماس مقالا تحت عنوان “الطريق إلى تونس” جاء فيه: “.. التقينا بالقس إيميل وهو من أصل لبناني ومتزوج من تونسية ومسؤول عن خدمة العربية في تونس وسألناه عن وضع المؤمنين المسيحيين في تونس والعقبات التي تواجههم، قال: إن هناك حالة من الطفولة الروحية يعيشها المؤمنون الجدد بس عدم وضوح العلاقة مع الله.
وقال إن هناك اختبارا حقيقيا وخميرة واضحة من خلال عمل الله.
وإلى جانب هذه الشهادات، إذا اطلعنا على بعض الأرقام الرسمية حول الاهتمامات الثقافية والدينية للشباب التونسي سنجد أن هناك فعلا مشكلة حقيقية هي التي فتحت الأبواب لتوجيه فئات من الشباب نحو أفكار ومعتقدات أخرى.
8 جاء في وثيقة “الممارسات الثقافية والترفيهية” الصادرة إثر الندوة الوطنية حول الممارسات الثقافية والترفيهية لدى الشباب التي انتظمت يومي 16 و17 مارس 2004 بمدينة العلوم أن 0.50% من الشباب يمضون أوقاتهم الحرة في الجمعيات والمنظمات. و1.78% في دور الشباب والثقافة و3.56% في المكتبات و1.27% في قاعات السينما و14.10% في المقهى و54.27% في البيت.
وهذا يطرح السؤال التالي: لماذا عجزت الجمعيات والمنظمات ودور الثقافة ودور الشباب والمكتبات وقاعات السينما عن استقطاب الشباب!؟؟.
وجاء في وثيقة صدرت سنة 2006 عن المرصد الوطني للشباب تضمنت النتائج الإحصائية لدراسة ميدانية قام بها مطلع صائفة 2004، جاء أن هناك عزوفا من الشباب التونسي عن الخطاب الديني الرسمي إذ أن 0.11% فقط يهتمون بالموضوعات الدينية التي تنشرها الصحف.
إن هذه الأرقام تشير إلى وجود مشكلة واقعية تتطلب التدخل لأن الشباب ممن كان غير محصن يمكن أن يكون عرضة لكافة التأثيرات مهما كانت خطورتها.
هوامش من التحقيق
2 اتصلت بالفريق الذي يقدم برنامج “عسلامة” على قناة “الحياة“.. وذكرت لهم أني مهتم بما يقدمونه وأريد أن أتعرف أكثر… فكانت إجابتهم أن أرسل لهم اسمي بالكامل عن طريق الـSMS.. ثم سيتصلون بي خلال أسبوع على أقصى التقدير. وبعد نحو 20 دقيقة اتصلوا بي وطلبوا مني بعض المعطيات الشخصية فذكرت لهم أني صحفي ومهتم بالتبشير في تونس.. فكانت الإجابة “سنتصل بك“، لكن إلى حد الآن لم يحصل ذلك.
3 استدعاني أحد المسيحيين التونسيين لحضور الصلاة في الكنيسة الإنجيلية السبت أو صباح الأحد.
4 عدد من المسيحيين التونسيين الذين تحدثنا إليهم أشاروا أنهم اعتنقوا المسيحية عن اقتناع ووعي.. وهناك من رفض الحديث معنا.
5 بعض المنتسبين للكنيسة الإنجيلية لا يترددون في كيل الاتهامات خاصة للكنيسة الكاثوليكية.
6 توجد على شبكة الانترنيت عدة نصوص تتحدث عن التنصير في تونس وتتضمن عدة معطيات لا يمكن التأكد من دقتها.
7 اطلعت على أشرطة فيديو لشبان تونسيين اعتنقوا المسيحية، واللافت للانتباه أن أغلبهم يتحدث أنه رأى المسيح.
(المصدر: صحيفة “الوطن” ( لسان حال الإتحاد الديمقراطي الوحدوي، العدد 22 بتاريخ 25 جانفي 2008)
موقع البشارة:
http://www.elbichara.com/?gclid=CLSEnIbfi5ECFRKkXgodfgWa_g
الوطن للشعب كافة والله من فوق الجميع أية دولة نريد: دولة دينية أم علمانية أم دولة مدنية ذات دين؟
علاقة السياسي بالنقابي في الاتحاد العام التونسي للشغل.
تفاعل ثاني مع الأستاذ محمد البشير بوعلي
تونس وشموع الأمل : الوطن سيكون حتما أرحب
مرسل الكسيبي (*)
أحيي مجددا أخي العزيز الأستاذ محمد البشير بوعلي وأكبر فيه روحه الحوارية الراقية التي حتمت علي احترام وجهة نظره كما الاصغاء الى نقده البديع بين جنبات واحد من أجمل المقالات التي سعدت بنشرها قبل يومين أو ثلاثة على صحيفة الوسط التونسية.
لم يزعجني أن أنشر وجهة نظر كثيرا ماترقبتها خاصة في ضوء نقدي الشديد للأستاذ محمد غلام الذي أتفهم كثيرا تذمره من تعطل مسار الاصلاح بكثير من بلاد العرب غير أنني لاألتمس له عذرا عند اغتنام الفرصة على شاشة الجزيرة من أجل تبرير منطق الانقلاب ثم الدعوة اليه همزا ولمزا عند مروره على ذكر شؤون الجمهورية التونسية …
لقد سررت كثيرا بتوازن الأخ الفاضل الأستاذ محمد البشير بوعلي ورفضه المطلق لمنطق الانقلاب واصراره على الاصلاح في الأطر المشروعة وهو ماعنى لي بأن المسافة بيني وبينه لم تكن كبيرة لولا سوء الفهم أو التحامل الذي أراد أن يتعامل به البعض مع اعلاني قبل أيام وبصفة مدروسة عن زيارتي للقنصلية التونسية ببون قصد المطالبة بحق دستوري في جواز سفر تونسي .
الأخ محمد البشير بوعلي كان جريئا دون مجاملة حين ذهب بعيدا في تأويل مقاصد هذه الزيارة , ولو أنني أعيب عليه وعلى كثير من الاخوان التغافل عن أن القنصلية تونسية وليست تابعة الى دولة عدوة أعلنت على مصالح تونس أو الأمة حالة الحرب .
لقد كنت واضحا مع سائر الأصدقاء والقراء الى أقصى حد حين كتبت عن هذه الزيارة وشكرت الاخوان في الطاقم الديبلوماسي التونسي , بل انني وضحت لاحقا بأنني أنوي مستقبلا وبمشيئة الله كسر الجليد القائم بين الصف المعارض وبين الاخوان المسؤولين في الحكومة التونسية من خلال الحرص على التواصل بشكل طبيعي مع ابلاغ رجالات الدولة هموم مجتمعنا المدني من خلال جلسات استماع تهدف الى الخروج من حالة الاتهام والاتهام المضاد أو حالة الشك والارتياب التي طبعت علاقة الطرفين على مدار فترة ليست بالقصيرة .
أذكر مجددا بأن لدي ثقة في الجهات السياسية العليا بأن تعالج مخلفات الحقبة السياسية الماضية بروح ايجابية جديدة وهو ماتبدو مؤشراته واضحة من خلال التراجع في المحاكمات التي أسس لها بناء على قانون استثنائي صدر سنة 2003 , أو من خلال تبرئة ساحة من أعيد اعتقاله من أبناء حركة النهضة المحظورة من الذين انزعجوا لاخضاعهم لاجرائات قاسية حملت لافتة الرقابة الادارية .
لدي قناعة بأن الرئيس بن علي يرغب في معالجة الكثير من الملفات السياسية في بعد تام عن منطق المحاكمات والملاحقات القضائية وهو مابدى لدي جليا من خلال اعادة الاعتبار والمبادرة لقيادة التجمع الدستوري الديمقراطي وكثير من كوادر الدولة المخضرمين , وهو مايعني في تقديري بأن المؤسسة الرئاسية ستقدم على خطوات أكثر انفتاحا وأكثر اصلاحا في المرحلة القادمة .
في اطار هذه المستجدات الرسمية وفي أجواء يحرص فيها بعض المعارضين على مزيد من التصعيد والاحراج نأمل أن نساهم بدور ايجابي في الدفع باتجاه أفق أفضل نراعي فيه مصالح الجميع ونحافظ من خلاله على التوسط في الرؤية ونساهم عبره في القيام بواجب وطني يجسر الهوة بين الأشقاء .
هذه خلاصة تصور سنسعى اليه في تواضع ايمانا منا بأن الحزب الحاكم في تونس ليس عدوا أجنبيا وانما هو سليل مدرسة تحريرية ووطنية عريقة لها من خبرات الحكم والتسيير ماتفتقد له المعارضات التونسية مجتمعة , غير أن ذلك لايعني عدم الاحتفاظ بمسافة نقدية من مواطن النقص والخلل أو التنكر للمطالب الوطنية العادلة أو التنكص لأهمية الحريات وتطوير المسار الديمقراطي الذي لابد أن نتعاون جميعا على تنضيجه بعيدا عن المغالبات أوالمغامرات .
باختصار شديد نريد لبلدنا مزيدا من التطور والنماء في أجواء هادئة من الانفتاح والاصلاح بما يضعنا من جديد في قائمة الدول العربية والمغاربية نموا سياسيا مستديما , وهو مايعني الحفاظ على المكاسب والمنجزات والاعتراف بسبق الفضل لمن قاد قاطرة الاستقلال والتحديث والبناء في مؤسسات الدولة التونسية المدنية والأمنية .
بهذه الكلمات أردت رفع كل التباس أو تلبيس يقصده البعض ممن خضت معه سابقا تجربة سياسية قمت بمراجعتها فكريا ونظريا وعمليا على الملأ راجيا أن نتجاوز جميعا عقبة الأشكال والألفاظ والتاريخ والآلام والضحايا من أجل مستقبل مشرق لوطننا العزيز تونس .
وفي الأخير ألف شكر وتقدير وتحية للأخ الفاضل محمد البشير بوعلي على هذا الحوار الفكري والادبي الراقي .
(*) رئيس تحرير صحيفة الوسط التونسية : reporteur2005@yahoo.de
(المصدر: صحيفة “الوسط التونسية” (اليكترونية – ألمانيا) بتاريخ 23 جانفي 2008)
أوجاع الإنسان في غفلة من الوطن – رواية “البرزخ” لسمير ساسي
بقلم: الشاعر بحري العرفاوي
1 تنبيه
على طريقة مقدمي نشرات الأخبار إذ يعتذرون على عدم بث مشاهد حية واقعية احتراما لمشاعر المشاهدين فإننا نعتذر لقارئي هذا التقديم للرواية على عدم تسريب مشاهد محزنة مما جاء فيها وننصح أيضا ودون وصاية ضعاف النفس وسريعي التأثر بعدم الاطلاع على تفاصيل الأوجاع وإبداعات الآدميين في إيذاء شركائهم في حليب الوطن
2 أوجاع النص وشهادة التاريخ
رواية ” البرزخ” لن تكون محل ترحيب من قبل طرف رئيسي –واقعي أو مفترض- في ملحمة مشهدية لها ما يؤكد كونها حقيقة لها عناوينها وأزمنتها ولها أدلتها في كلوم الجسد وخدوش النفس وكدمات الألياف العصبية ،لها ما يحفظها في الذاكرة تأسيسا لوعي أعمق وولادة لأسئلة واقعية وقراءة مختلفة… ثمن قراءة الواقع باهظ وثمن الوعي سنين من الوجع الحرام .
قد يكون ممكنا محو آثار العمران ولكن مستحيل محو ذاكرة الإنسان ، نص الرواية اخذ مساربه إلى التاريخ ،أصدره “المركز المغاربي للبحوث والترجمة بلندن ” في طبعة أولى سنة 2003 ،سيكون له شان إذ تجترع منه – بالتأكيد – تجربة الإنسان الكوني يقرا في جراحاته تفاصيل الوجع وأسئلة الترحال
3- تتكلم الأحزان
“الأدب مأساة أو لا يكون ” ذاك خيار بعض المبدعين إذ يستجمعون طاقاتهم الاحتزانية ويعتصرون الذاكرة علهم يظفرون ببعض مداد حزنهم يجهدون أنفسهم لتصريفه في لغة يحتاجون شحنها بتمطيط الخيال …”البرزخ” تجربة أخرى في أدب المأساة ،لم يذهب إليها كاتبها خيارا إبداعيا … يكتشف من يقرأ النص أن الأوجاع أثقل من اللغة وان الموجوع كان يلوذ بالمفردات الحية يقضها قضا كي تتسع لأحزانه ،قاموس مستجمع من عصير اللحم الحي ومن دخان الروح تتشهى التسرب من قبضة “أبي المغاليق” … ذاك مبدع المشهد المفزع في رواية “البرزخ” وذاكرة المواطن الإنسان :سمير ساسي
الرواية متفردة الأداء والتفاصيل توشك أن تظنك بصدد رحلة ابن القارح في رسالة الغفران للمعري ،ولكن لا يفتأ الوجع والحزن أن يقضاك وينقلاك من إبداع الخيال إلى أوجاع الحال . رواية واحدة بعنوان ” أيام من حياتي ” لسيدة مصرية قرأتها في السبعينات تتواشج آلامها وتفاصيل أوجاعها مع رواية البرزخ لسمير ساسي ،مع تفوق لغوي وإبداعي وتصوير مشهدي مؤثر يؤزّ القارئ أزّا ويطّوف به في خبايا علم موحش غريب .
“البرزخ ” عالم مجتزأ من سياق التاريخ ومن رحابة المكان تدور أحداثه المؤلمة خارج التقاليد والعرف والقانون وبعيدا عن أعين المؤرخين والمثقفين وعامة الناس ،وأيّ وجع أوجع من أن لا يسمع توجعك احد؟ وأيّ غربة أوحش من أن تجد ذاتك كلها غير مستساغة وغير مقتربة؟ وأيّ عناء أثقل من أن لا يجد المرء لنفسه ملامح هوية يتقاسم بها مع الآخرين مكانا وأزمنة ؟
” فخر الدين ” مداد الرواية وشاهد الوجع ليس مجرد بطل قصة – كما يقول النقاد- ولكنه مواطن ينبعث من تحت “ركام ” يستصرخ فلاسفة الحياة ويتهم كل “المتواطئين” عليه مع “أبي المغاليق” … يتهم “الغفلة” والسّماعين والمثقفين وقضاة الزخرف وخصوم الايديولوجيا لم يغفروا له ارتفاع صوته في الجامعة إذ سبقوه الى مقبض العصا
“فخر الدين” تلتعج في أعماقه آلام وأشواق وأحزان وعاطفة وتعصف به الأسئلة الجارحة ويضيق به المكان ، وكل شوارع المدينة اصغر من حبيبته تواعده ولا تأتي … يكاد يشك في كونه كان “خبا ” إذ كان طيّبا ومثاليا وحالما حتى أدركه “الفوت” و”الفوت أشد من الموت”
يعود فخر الدين من البرزخ إلى عالم واقعي بناسه ومعاشه وأمكنته …كل ما يعرفه تغير ولم يعد يجد معه انسجاما ،هل كان لا بد من ذاك الثمن الموجع من اجل غربة موحشة؟
“قال وما الغربة؟
-أن تهجرك المدينة وأنت حل بها
-وما المدينة؟
– من لك عليها حق المواطنة وهي مدينة لك بمعناها فمن دونك يكون الخراب
– وكيف تهجرك ؟
– كما تهجر اللغة صوفيا فينطق بما لا يفهمه الخلق يضيق بي مكان المدينة وزمانها وتحل هي في نفسي حلما فأصير بها غريبا
– ومن الغريب ؟
– من لا يجد له قرينا إلا شرطيا او عينا”.
تختمر آلام فخر الدين وأوجاعه وأسئلته وأحزان الغربة ولكن اليأس لن يأسره ولن يستفرغ من طاقته الروحانية ودفق الشوق … سيحل في “المدينة” حلول الصوفيين لا يقدر عليه عسس ولا جنود “أبي المغاليق”
” احلل بها يحلو لك المكان والبسها من نورك يجئ إليك زمانها ثم اتحد بها يصفو إليك شخوصها “
4 البرزخ وثيقة للتأمل
آمل ألاّ تقع الرواية بين أيدي الشباب قبل أن يتدارسها السياسيون وعلماء النفس والاجتماع ومثقفو الحياة ، ينفذون بها إلى طبقات سحيقة في عوالم النفس البشرية ويسبحون بها إلى فضاءات لها علية ويسبرون أسرارها الخفية إذ تنتزع من فضائها الطبيعي وامتدادها الإنساني وتجلياتها الفطرية والثقافية ، ينظرون فيما يمكن أن تخلفه تجربة “البرزخ” تلك في أعماق الذات البشرية ونسيج المجتمع وتاريخ الأوطان وذاكرة الأجيال .
قد لا يكون أحد معنيا ب”اللغز” السياسي أو الأمني المؤسس لعالم “البرزخ “ذاك. ولكن لا احد بمنأى عن الاشتباك الخفي الحاصل فعلا بين ما يرى وما لايرى .إن عوالم النفس والأفكار أعقد كمن ورشات الحدادة و فصالة الحرير …قد لا يترتب سوء عن التخلص من جهاز الكتروني معقد التركيب عجزنا عن التعامل معه، ولكن الأمر ليس كذلك مع الإنسان
سمير ساسي العائد من “البرزخ” يشهد أن الإنسان في كل مكان يتهدده “أبو المغاليق”
(المصدر: موقع تونس أونلاين.نت (ألمانيا) بتاريخ 23 جانفي 2008)
دور الإعلام هام في كل المجالات وخاصة في مجال لهيب الأسعار ورغيف المواطن العربي أينما كان
جفّـت الدمـوع يا غـزّة
خــالد الطــراولي
جفّت الدموع ياغزة
فأين الفرج
أين الكرامة أين الشهامة
أين الشرف
نظرت إلىّ باسمة
إي بنيّ
لمَ الهرج
أوقد نارا
أوقد شمعة
أوقد سراجا
ولا حرج
***************
غزّة الألم
لمن المشتكى
وغربان الليل زاحفة
تلقي بنار وحمم
تعوي لاهثة
أين المقر أين المفر
وإخوان الأمس
في جنازتك ساروا
دون نعش أو صلاة
أو خبر
***************
غزّة لا تبكي الأرض
لا تبكي الثرى
لا تبكي العرض
لا تبكي السماء
سيول الدمع
على الخدود قد صارت
منابت أخدود
وصوت رعد وسعر
وإخوان لك
في السراء غابوا
وفي الضراء
ليس لهم أثر
وطفل رضيع
في أحضان أمه
يفتح عينه حينا
وحينا يبتسم
***************
غزّة الخير
صبرا
لن يبقى العذاب
لن يبقى الوحل
إن موعدنا الصبح
والصبح آت
لا عجل.
ملاحظة : يصدر قريبا للدكتور خالد الطراولي كتاب جديد بعنوان “حــدّث مواطن قــال..” يمكن الحجز بمراسلة هذا العنوان: kitab_traouli@yahoo.fr
24/جانفي/2008