الخميس، 23 فبراير 2006

Home – Accueil الرئيسية

TUNISNEWS
6 ème année, N° 2103 du 23.02.2006

 archives : www.tunisnews.net


حركة النهضة تدين بشدة تفجير سامراء

حزب البعث العربي الاشتراكي القطر التونسي: بيان إلى الرأي العام الوطني والقومي الإتحاد العام لطلبة تونس: بيان توضيحي الإتحاد الجهوي للشغل بصفاقس: رموز الاتحاد أرقى من افتراءات أعداء العمل النقابي إيلاف: العربية تفجر قنبلة في وجه زين العابدين الصباح: في سوسة: 106 سنوات سجنا لمنظمي عملية «حرقان» هلك فيها 60 شخصا القدس العربي: تونس وموريتانيا توقعان علي اتفاقيات لتعزيز التعاون الثنائي العربية نت: الجيش الليبيي ينتشر ببنغازي لاحتواء اجواء غضب المواطنيين في المدينة

ابن الأغلب: رحيل الشيخ عبد الرحمان خليف .. شيء من التاريخ (1 من 3)  الهادي بريك: ليكن المسجد بيتك الثاني توفيق المديني: الديمقراطية تعبد الطريق للحركات الإسلامية د. أحمد القديدي: الـعـبّـارة الـعـربـيّـة عبداللطيف الفراتي:  رغـم أنف الحكام  محمد كريشان: قادتنا والإعلام د. عزالدين عناية: المؤسسة الدينية والتدين في الغرب

صلاح الدين الجورشي : الرسوم: معركة بدون استراتيجية واضحة « الصباح » في حوار عبد المجيد الشرفي: الرّسوم الكاريكاتورية تعني للدّانماركيين تعبيرا عن موقف من عنف يمارسه بعض المسلمين باسم الإســـلام

منال معالج المصمودي:حوريّة للروائي التونسي حافظ محفوظ -عن صديق يكمل قصّة الحبّ!


Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe ( Windows ) To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic (Windows).

 

بسم الله الرحمان الرحيم

 

حركة النهضة: تدين بشدة تفجير سامراء

 

الاربعاء 23 المحرم 1427 الموافق ل 22 فيفري 2006

 

تعرض اليوم الأربعاء مقام الإمامين علي الهادي وابنه حسن العسكري وهما من أئمة أهل البيت عليهم السلام في العراق لتفجير مشبوه جبان وتعرضت مساجد سنية ومقرات للحزب الإسلامي العراقي إثر ذلك للحرق والتدمير والاعتداء إن حركة النهضة بتونس وهي تتابع هذه التطورات الخطيرة:

 

– تدين بكل شدة هذه الجريمة التي لا يستفيد منها بقطع النظر عمن يقف وراءها إلا أعداء الأمة ودعاة الفتنة الطائفية واستمرار الاحتلال.

– تعبر عن تضامنها مع كل العراقيين وتدعوا إلى إعادة بناء هذا المعلم بأيدي عراقية وعربية إسلامية.

– تدعوا كل العراقيين إلى الوحدة وتفويت الفرصة على المتربصين بالعراق ووحدته واستقلاله.   

 

عن حركة النهضة

                           الشيخ راشد الغنوشي 

 

 

بسم الله الرحمان الرحيم حزب البعث العربي الاشتراكي   القطر التونسي   
 
 أمة عربية واحدة ذات رسالة خالدة وحدة – حرية – اشتراكية

بيان إلى الرأي العام الوطني والقومي

 

 
على اثر البيان الذي تم نشره على موقع المحرر، والمتضمن لبيان تأسيسي مذيل بـ « الشباب العربي البعثي » يهم حزب البعث الاشتراكي بالقطر التونسي أن يوضّح للرأي العام الوطني والقومي النقاط التالية: 1 – إن هذه المجموعة لا تمثّل لا البعث شعبيا ولا الطليعة الطلابية العربية قطاعيا إذ لكل تيار سياسي عناوينه التي خبرتها الساحات النضالية في الجامعة وخارجها. وإننا وان كنّا قد تعاملنا في الماضي مع هذه المجموعة الضالّة وفق خيار وحيد هو خيار الإهمال بعد أن سقطوا من حساب البعث، فإنهم قد عددوا لنا، اليوم،  الخيارات، بعد تطاولهم على البعث العظيم وتاريخه في القطر التونسي و انغماسهم في مؤامرات التفتيت والفتنة ضمن المشروع الأمريكي الصهيوني الرجعي الهادف لاجتثاث البعث في الوطن العربي، ولكن للبعث مناضلون يحمون مسيرته بدمائهم. ولا يضيره أن تنضاف إلى قائمة أعدائه زمرة مجهرّية الحجم تدعي البعثيّة على شاكلة إياد علاوي وأمثاله. 2 – لقد اختارت هذه العناصر المعزولة والمهمشة (فيفري / شباط) تاريخا لإصدار بيانها، و قد تماهت بذلك مع نواياها التخريبية  لتكون صفحة جديدة من صفحات الخيانة التي بدأها أسلافها ممن يحملون جينات الخيانة في( شباط/ فيفري 1966) في القطر السوري عندما انقلبت الزمرة الفاسدة على القيادة الشرعية للحزب وقصفت مقر القيادة القومية بالطائرات وصفّت عناصرها جسديا، وقد اعتبر أولئك الخونة أن  فعلهم الغادر هو حركة تصحيحية.؟؟؟  3 – إن ما تضمنته النشرية، التي تمّ توزيعها محلّيا وبشكل محدود بالتوازي مع البيان التأسيسي هو بمثابة التقرير الأمني ، خصوصا فيما يتعلق بذكر الأحياء من المناضلين، يتنزل في إطار الوشاية الأمنية المباشرة والسلوك الليبرالي الفض ، ولا تتعدى بقية المعطيات الواردة فيها كونها مجموعة من المعطيات العامة التي يعرفها القاصي والداني ممن عايشوا المسيرة النضالية، اعتمدت المشافهة والنقل المزاجي و التحريف المقصود لنضالات البعث في القطرالتونسي. 4 – إن ما ورد في البيان التأسيسي يتنافى تماما مع البعث فكرا وتنظيما وان وشّح ببعض الاستشهادات المنقولة عن الرفيق المؤسس أحمد ميشيل عفلق والرفيق القائد صدام حسين، وهو ما يؤكد جهل هذه المجموعة بتقاليد الممارسة السياسية البعثية، وغربتها الفكرية عن مدرسة البعث العظيم. وبالمناسبة نتوجه إلى الرفاق أينما كانوا للتدقيق في مصادر البيانات قبل نشرها واعتماد القنوات الآمنة في نشر الإعلام وترويجه، وإننا نحذر كل القوى السياسية في القطر من مغبة التعامل مع هذه المجموعة الضالّة لما سبق ذكره، ويعتبر حزب البعث العربي الاشتراكي في تونس أي تدخل في هذا الشأن هو تدخل مباشر في شؤونه الداخلية، واعتداء سافر عليه وعلى تاريخه النضالي، ونؤكد في الختام أن مثل هذا المحاولات اليائسة والناتجة عن قراءة خاطئة لقدرات الحزب المادية والبشرية في القطر، لن تلهينا عن مواصلة دورنا النضالي صلب الساحات الجماهيرية، و وفق برامجنا  ومخططاتنا السياسية  ومرجعيتنا الفكرية. ونعد هذه المجموعة الضالة التي تجرأت على المقدّس في البعث فكرا وتنظيما، أن يكون ردّنا عليها درسا تستقى منه العبر لكل الذين تساورهم فكرة المساس بهذا الصرح العظيم : حزب البعث العربي الاشتراكي. المجد والخلود للمقاومة العربية الباسلة البقاء لحزب البعث العربي الاشتراكي المناضل والمقاوم وعاشت أمتنا العربية المجيدة.

حزب البعث العربي الاشتراكي القطر التونسي تونس في 22/2/2006

 

 الإتحاد  العام لطلبة تونس      تونس في 2006/02/18

  بيان توضيحي   
 يتشرّف المكتب التنفيذي للأتحاد  العام لطلبة تونس  ) مؤتمر التصحيح( بالتوجه الى الرأي العام الطلابي والديمقراطي والى عموم الفعاليات الطلابية المعنية بالأنخراط في  الأتحاد العام للطلبة تونس  والدفاع عنه وعن ثوابته في اطار احترام قانونه الأساسي ونظامه الدّاخلي ومقررات مؤتمراته وأساسا عن الديمقراطية والاستقلالية صلبه والنأي به عن كلّ توظيف حزبي أو فئوي أو طائفي ضيّق واحترام المنظمة باعتبارها نقابة لا اطارا حزبيّا.
ومن موقع دفاعنا عن ثوابت المنظمة وتوجهاتها وعن الارث  النضالي النيّر للحركة الطلاّبية وتضحيات عديد الأجيال ومكابد تها الصّعاب والمحن من أجل الحفاظ عن الأتحاد العام لطلبة تونس ، منظمة نقابية ديمقراطية مستقلة ، موحدة.
وعلى أثر ما ورد في صحيفة الموقف  لسان « الحزب الديمقراطي التقدمي » في عددها « 347 » الصادرة بتاريخ17 فيفري 2006 وفي ركن أخبار طلابيّة وتحت عنوان هيئة اداريّة وما مفاده: »  عقد الأتحاد العام كطلبة تونس ) مؤتمر التصحيح (  هيئة  ادارية يوم الأثنين
13 فيفري  بأحد الأجزاء بالعاصمة خصّصت للنظر في المستجدات على الساحة الطلاّبية وفي الأوضاع الدّاخلية للتصحيح  وبالخصوص في وضعيّة أمنيه العام جمال التليلي على خلفيّة توقيعه بشكل  منفرد بيانا مشتركا مع عز الدين زعتور بمناسبة انتخابات المجالس العلميّة الأخيرة ولتغيبه المتكرّر عن اجتماعت المكتب التنفيذي كما أفادنا .أحد أعضاء هذا المكتب . »
  يهمنا أن نتوجه الى الرأي العام الطلابي والوطني بالآتي:
– لقد عودتنا جريدة الموقف بالدفاع عن صديقتها ومصداقيتها من خلال  حرصها على نشر الأخبار بعد تمحيصها ، لكنّها فاجأتنا على الأقل هذه المرّة بنشر هذا الخبر  ناسبة أياه الى  » عضو مكتب تنفيذي » هكذا  ؟ دون مراجعة -على الأقل- الرفيق جمال التليلي باعتباره أمين عام التصحيح  .) مثلما  عود تنا سابقا( وفي هذا السيّاق نلتمس وبكلّ لطف مزيد التدقيق والتثبت .الاّ اذا كان هذا السلوك مترجما لموقف سياسي فرضته التحالفات ونصرة لممثلي خط سياسي داخل مؤتمر التصحيح.
– نذكر الجميع بأنّ للمنظمة قوانين تنظمها )قانون  أساسي ونظام داخلي ( وتضبط سير مختلف هياكلها . ففي الفصل الرابع والعشرون ينصّ القانون  الأساسي على التالي :  » يجتمع المكتب التنفيذي مرّة كل خمسة عشرة) (15 يوما أو كلما  دعت الحاجة  وذلك بدعوة من الأمين العام  للأتحاد العام للطلبة  تونس أو بطلب من 2/3 أعضاءه.( وأمام تعذ ر د ورية الاجتماعات أمام الصعوبات والظروف التي يعلمها الجميع اقتصرت الاجتماعات على دعوة الأمين العام ولم تحصل أبدا أي دعوة من (2/3) المكتب التنفيذي للاجتماع ، وهو ما يجعل الخبر الوارد في صحيفة الموقف مجرّد كذب .
وآفتراء وتحرش سياسوي. ونورد كذلك الفصل  الثاني والعشرون لمزيد آستجلاء الحقيقة :  ) تجتمع الهيئة الاداريّة عاديا كل شهرين واستثنائيا بدعوة من (2/3) أعضاءها أو من المكتب التنفيذي حسب اجراءات يضبطها النظام الدّاخلي.( وأمام تعذر الدوريّة لم يجتمع المكتب التنفيذي ليدعو الهيئة الادارية للأنعقاد ولا بامكان  (2/3) أعضاءها الدعوة الى انعقادها نظرا للفراغ الهيكلي والذي أقرته آخر هيئة اداريّة التي كان أغلب  الحاضرين  فيها ملاحظين عن أجزاءهم الجامعيّة وهو ما أوصت الهيئة الاداريّة على أثره بطبع الانخراطات القاعديّة  وتوزيعها بغاية تسييب الوضع الهيكلي للمنظمة .
كما يهمنا أن نوضح الآتي: أنّ البيان المشترك  بين جمال التليلي وعز الدين زعتور والدّاعي الى  » وحدة العمل » في المجالس العلميّة  سبقته عديد النقاشات ،والمباد رات والأجتماعات التنسيقية والمقترحات داخل المكتب التنفيذي ، كما أنّ نص البيان  اطلع عليه أغلب أعضاء المكتب التنفيذي وباركوه وحتى الامضاء بدون  صفات على البيان كان محلّ اتفاق على الأقل بين أغلبيّة المكتب التنفيذي والذ ين ناقشوا البيان .
– كما توجد بيانات ومباد رات مشتركة بين أعضاء من المكتبين التنفيذ يين  للمنظمة. ) انظر مباد رة المستقلين كما فتحت حساسيات سياسيّة من داخل التصحيح النقاش مع ) أمين عام المؤتمر 24 وقيادته ( ، علاوة على التنظيم المشترك  لعديد التحركات  الميدانية وقد نبهنا الى أن تجاوز الوضع التنظيمي الراهن يجب أن يكون عبر الهياكل وقدمنا مقترحات )اللجان المشتركة( لكن البعض لم يتفاعل معنا واعتقد انّ الحلّ يكون بين المنظمة ممثلة في 🙂 قيادة المؤتمر(24 وبين الأطراف الطلابيّة ( وبناءا على ما تقدّم يهمنا كذلك اعلان الآتي:
انّ وحدة المنظمة فوق كلّ اعتبار بما في ذلك المصالح السيّاسية والفئوية والحزبيّة الضيقة ، وأنّنا نرفض التعدّدية النقابيّة  وهو الخيار المبدئي  للتصحيح أمّا من يطمح الى الحفاظ  على يافطة المنظمة الطلابية فأمامه خيارين امّا الأنخراط في النقاشات بشكل غير  مشروط بغاية انجاز المؤتمر التوحيدي أو, تأسيس منظمة موازية لكن تحت شعارات ومسميات أخرى غير الأتحاد العام لطلبة تونس و التصحيح.
انّ الأتحاد العام لطلبة تونس منظمة ديمقراطيّة في هيكلتها مستقلّة في قرارتها تقدميّة في توجهاتها ولن تهاد ن  الانغلاق والتعصب والظلاميّة والتطرف مهما كانت مصادرها  أو مسمياتها، وكذلك التسخير والتوظيف و التمعش  من هياكلها وباسمها ونحن نتعفف الآن علىالأقل على سرد محاولات التسخير والتمعش خدمة لوحدة الصف الطلابي وتيسيرا لتجاوز الوضعي التنظيمي الراهن للمنظمة وعلى رأسه ازد واجية الهياكل.
انّ الاتحاد العام لطلبة تونس يتسع لكلّ الطّاقات والكفاءات النضالية وكذلك للتعبير عن الرأي  وتحويله الى ممارسة شريطة  أن لا يتناقض ذلك مع أهداف المنظمة ومقرراتها وقانونها الأساسي ونظامها الدّاخلي ووحدتها واستقلاليتها،و في هذا الاطار ندعو الجميع الى  الأحتكام الى صندوق الأقتراع والعمليّة الانتخابية لا البقاء فوق الربوة وامتهان المزيدات السياسية ذات الطابع اليسراوي والجوهر اليمني الانتهازي.
كما ندعو كافة مناضلي التصحيح الى  الأنخراط الجدّي في انجاز رؤية فعلية وواقعيّة للخروج من مأزق الأزدواجيّة والترفع عن السقوط في صراعات هامشيّة  لا  طائل من وراءها غير مزيد تفتيت الجهد الطلابي والمكوث  في المهاترات والتهريج السياسي والسلوك النقابي غير المبد ئي والتي جرّبها الجميع واكتوى بنار نتائجها.
– ختاما نهيب بكافة القوى الديمقراطية والتقدميّة أحزابا ومنظمات وشخصيات وطنيّة  الوقوف الى جانب الاتحاد العام لطلبة تونس ودعم الجهد التوحيدي من أجل اعادة الأعتبار للمنظمة ومن ثمة الحركة الطلابية واسهاماتها الواسعة في النضال الديمقراطي.
                                                   عاش الأتحاد لطلبة تونس                                                مناضلا وديمقراطيا ومستقلاّ وموحّدا.                                                                                عن المكتب التنفيذي                                                                                      الأمين العام                                                                                     جمال التليلي


 

وصلنا الرد التالي من المكتب التنفيذي للاتحاد الجهوي للشغل بصفاقس ردا على مقال نشر في تونس نيوز يوم 30 جانفي 2006 تحت عنوان « عهد الأمان أم جيش شعبان ».  

 الاتـحـاد الـعـام الـتـونسي للـشـغـل

الاتحاد الجهوي للشغل بصفاقس

 

رموز الاتحاد أرقى من افتراءات أعداء العمل النقابي

 

بأسلوب حاول أن يكون أدبيا رغم أنه خاليا من كل رائحة أدب أو تأدب ، كتب نكرة لم يملك الشجاعة للتعريف باسمه الحقيقي » نصا  » من ثلاثة فصول يفصّل فيها ما زعمه تجاوزات الأخ محمد شعبان الكاتب العام للاتحاد الجهوي للشغل بصفاقس في حق المؤسسات و البلاد  » ينجزها بإرادة عمالية  تلتف بلحاف نقابية « و هو مقال غلب عليه البهتان و غرق الصواب فيه لغلبة الكذب عليه.

 

بعد هذه المقدمة التي ندخل بها هذا الرد على ما يسمى « سهام ع » صار لزاما علينا أن نوضح بعض النقاط ، و هنا نقول نوضح لأن ما يهمنا هو وضوح الرؤية لدى القارئ الكريم وليس الرد على نص هو أتفه من أن يرد عليه ، فالباطل فيه واضح و التحامل على الأخ الكاتب العام فيه بارز و الحقيقة عنه عارية عراء صاحب المقال من أي قيمة معرفية أو نضالية أو أخلاقية.

 

إن تصوير الأخ محمد شعبان الكاتب العام للاتحاد الجهوي للشغل بصفاقس  وأخوته من أعضاء المكتب التنفيذي على أنهم عصابة و ما إلى ذلك من النعوت التي لا تليق إلا بمدعيها حيث أن من قبل التضحية بنفسه و عائلته تطوعا في خدمة العمال بالدفاع عن مصالحهم و كرامتهم و قدم ضريبة غـالية من أجل ذلك ( السجون ، و المعتقلات…)  لا يمكن أن تكون تلك أخلاقه و ممارساته فضلا على أن تصوير هؤلاء المناضلين النقابيين على أنهم مجموعة خارجة عن القانون هو حديث مجانب تماما للحقيقة لأنه ببساطة شديدة بنى ادعاءاته على أكاذيب ينقصها الإتقان نسجها من خياله المريض المشبع بتراثه الحافل بالعداء للعمل النقابي.

 

إن الاتحاد الجهوي للشغل بصفاقس الذي تغذى بمبادئ حشاد و استنار بقيم الاتحاد العام التونسي للشغل و استرشد بمقررات عماله والمفتخر بتاريخه الحافل بالنضالات التي أسهمت في تحرير البلاد، لا يمكن أن تؤثر فيه مثل هذه الحملات الدنيئة بل تزيده إيمانا بصحة نهجه و خطه النضالي.

 

فالأمثلة التي أوردها المفتري هي حجج عليه إذ أن المؤسسات التي ذكرها كأمثلة لطالما عانى العمال و العاملات من تجاوزات و ظلم و تعسف أصحابها  و قد حاول الاتحاد الجهوي للشغل بصفاقس استباق الأمر قبل أن يتفاقم فأصدر في ذلك عديد التقارير يبرز من خلالها خطورة الوضع على أمل إيجاد الحلول المناسبة . و يكفي هنا الرجوع إلى محاضر الجلسات  الصلحية في تفقدية الشغل و مقر الولاية بل و الأحكام القضائية التي جاءت لصالح حقوق العمال حتى يتبين للجميع مدى وجاهة وصلابة الموقف النقابي و خطورة ممارسات هؤلاء الأعراف الذين رفضوا كل الدعوات التي توجه بها الاتحاد الجهوي بهدف إصلاح الأوضاع تلافيا لأي تعكير للمناخ الاجتماعي بتلك المؤسسات و بالجهة عموما، لكن نداءات الاتحاد كصراخ في واد بلا مجيب !

 

وحيث أن المجال لا يسمح بتوضيح حقيقة الأوضاع داخل كل المؤسسات التي تعرض لها المقال فإننا سنقتصر على التوقف عند أحد الملفات الذي يخص مؤسسة » التقدم » لصاحبها عبد الوهاب معلى.

 

إن ما قام به الاتحاد الجهوي من فضح لممارسات مالك المؤسسة المذكورة هو السبب وراء صدور المقال الذي نحن بصدده و ذلك في محاولة من صاحبه لتحويل الأنظار عما ارتكبه من تجاوزات بلغت حدتها حد الإضرار بمصالح الاتحاد و الوطن.

 

و يمكن تلخيصها فيما يلي:

 

§                طرد عاملات بتهمة الانتماء للاتحاد العام التونسي للشغل

§                الاعتداء على المضربات اللاتي طالبن بإرجاع زميلاتهن المطرودات ثم طرد أعضاء النقابة

§                الاصرار على التعدي على قانون الاتحاد العام التونسي للشغل من خلال تدليس الانخراطات و التدخل السافر في انتخاببات النقابة الأساسية

§                التهديد المتكرر للمسؤولين النقابيين الجهويين.

 

إن اختيار النواة الصلبة داخل الاتحاد الجهوي للإساءة إليها  لا يمكن أن تخفى مقاصده على أحد. فستتكسر أيادي المعتدين على الاتحاد و رموزه قبل أن تصاب كرامة منظمتنا العتيدة بخدش واحد. فمحمد شعبان الذي تكيلون له التهم قوي بالدعم الذي يلقاه من كل الهياكل و القواعد النقابية و كسب ثقة الجميع بسبب بما عرف به من استماتة في الدفاع عن مبادئ الاتحاد لكن كذلك بسبب حزمه في التصدي لكل من يتطاول على منظمة عريقة بنضالاتها و تاريخها المجيد و تضحيات زعمائها . و ليعلم صاحب المقال و من وراءه أن محمد شعبان لم يصدر منه ما يسيء لمـصـالح العمال  و الاتحاد ، و لو حصل هذا لكان محل محاسبة لأن المنظمة تسير حسب قواعد ديمقراطية تمكن الأطر النقابية من اتخاذ القرار المناسب تجاه كل من يضر بمصالح العمال مـهما كـان مـوقـعه. و تاريـخ الاتحاد العام التونسي للشغل شـاهد على ذلك .

 

و على مستوى آخر و فيما يتعلق بإيقاظ  النعرات الجهوية و ما يمكن أن ينتج عنها من فتن و تفريق للصفوف فأننا نقول لكاتب المقال و لكل متلحف بهذا اللحاف أن التستر وراء « الجهويات  » دفاعا أو هجوما هو سلاح المفلسين من خريجي أكادمية « بول بريمر » فضلا عن كونه عملا تخريبيا ينال من وحدة النسيج الاجتماعي للشعب ذلك أن معايير الإنتماء للاتحاد العام التونسي للشغل بكل هياكله هي معايير نضالية و أخلاقية أساسها التوحيد لا التفريق بعيدا عن الاعتبارات الجهوية أو العشائرية، لكن على أساس واضح هو ثوابت منظمتنا العتيدة التي من أجلها ضحى الزعماء المؤسسون و ناضلوا و اسـتـشـــــهدوا و هي مبادئ حري بصاحبها أن يستحضرها بشكل دائم و يسعى من خلالها إلى التعرض لما هو بناء بعيدا عن الإثارة و الكذب كما ورد في نصه الذي يبدو أنه مهوس بمؤتمر الاتحاد العام التونسي للشغل لسنة 2007 حيث أن كل ما ادعاه لم يكن إلا من باب الحرب القذرة على المناضلين و الصادقين من أبناء الاتحاد هدفه البحث عن ثغرة يلج منها إلى دائرة الأحداث التي لا شك أن مؤتمر 2007 هو محطة هامة ضمنها.

بعد هذا لم يبق إلا أن نقول لصاحبنا « مبدع المقال  » إن لم تستح فافعل ما تشاء…. »

 

المكتب التنفيذي للاتحاد الجهوي للشغل بصفاقس

 


العربية تفجر قنبلة في وجه زين العابدين

نصر المجالي

 

خرجت قناة العربية اليوم إلى العلن في مواجهة مع حكم الرئيس التونسي زين العابدين بن علي متهمة قوات الأمن التونسي التي تأتمر بأمر الرئيس بالاعتداء على مراسلها في تونس وسحله في الشارع حين كان في طريقه لتغطية مؤتمر صحافي مصرح به من جانب الحكومة كانت دعت إليه « هيئة 18 تشرين الأول (أكتوبر)  للحقوق والحريات » وذلك في مقر الحزب الديمقراطي التقدمي المرخص له في شارع « ايف نوهال« .

 

ويحكم الرئيس (اللواء السابق في الأمن في عهد الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة) تونس منذ تشرين الثاني (نوفمبر) العام 1987 في انقلاب خلال قمة عربية كانت تعقد في العاصمة الأردنية عمّان لوضع استراتيجيات العمل الاقتصادي العربي لعقد من الزمن. وتم عزل الرئيس بورقيبة والتحفظ عليه إلى أن غابت شمسه عن تونس متوفيا منتصف التسعينات الفائتة.

 

ومنذ توليه السلطة، فإن مدير الأمن السابق والسفير لدى فرنسا، اللواء زين العابدين بن علي الذي تلقى علومه العسكرية في معاهد فرنسية وأميركية أمنية يحكم تونس بإجراءات قمعية حيث الاعتقالات متواصلة ضد جميع المعارضين من إسلاميين وغيرهم. ويعاني الرئيس التونسي منذ سنتين داء سرطان البروستاتا حيث تتم معالجته في شكل سري بين حين وآخر في مستشفيات فرنسية واوروبية.

 

وطالت إجراءات الأمن التونسي على مدى سنوات عشرات من الصحافيين والمعارضين السياسيين وسط احتجاجات واسعة من جماعات مدافعة عن حقوق الإنسان، كما أن ملف تونس في شأن حقوق الإنسان جعلها عرضة على الدوام لقرارات الأمم المتحدة والأصدقاء مثل الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا، على أن حكم زين العابدين بن علي تحالف مع الغرب في الحرب ضد الإرهاب.

 

وإليه، نشرت قناة العربية اليوم تقريرا حول ممارسة رجال الأمن التونسيين مع مراسلها في تونس ونقلت عن « هيئة 18 أكتوبر للحقوق والحريات » إن أعوان الأمن استثنوا مراسل العربية.نت « سليم بو خذير » وكذلك نقيب الصحافيين التونسيين الصحافي « لطفي حجي » من تغطية المؤتمر الصحافي ومنعاهما باستعمال القوة، فيما سمحت لكل الصحافيين الآخرين بتغطيته.

 

ووصفت راضية النصراوي رئيسة جمعية مناهضة التعذيب منع الصحافي بوخذير بالقوة بأنه « حلقة جديدة من التحرشات بمراسل العربية.نت إثر قرار السلطات حجب الموقع في كل المحافظات التونسية منذ 12 تشرين الثاني (نوفمبر) » و »اعتداء جائر جديد على حرية الإعلام« .

 

وأعلنت الهيئة أنّ أعوان الأمن « عنّفوا قبل بوخذير بدقائق عبد الرؤوف العيادي أيضا عضو الهيئة وحمة الهمامي وكلاهما عضوان بالهيئة ومنعاهما من حضورالمؤتمر الصحافي » وأضافت أن ذلك يعتبر « منعا مقنّّعا للمؤتمر أن يدور في ظروفه العادية بغرض إضعافه ومحاولة افشاله« .

 

 وأدان العيادي والهمامي ما وصفاه بـ »الاعتداء عليهما » وعلى الصحافيين بوخذير وحجيّ في تصريح هاتفي لـ « العربية.نت » و اعتبراه « جريمة يعاقب عليها القانون الجنائي التونسي« .

 

وقال سليم أبو خذير للعربية.نت إنه فوجئ بنحو 70 من قوات الأمن بملابس مدنية تعترضه على وجه التحديد أثناء سيره في الشارع لحضور المؤتمر وأصرت على إبعاده وقال له قائد المجموعة إن العربية.نت ومراسلها ممنوعان من العمل في تونس وأبرز له ورقة فيها أمر بمنعه من حضور المؤتمر، وحين رفض الاستجابة لهم قاموا بسحله في الطريق ما أدى إلى تمزيق ملابسه.

 

يذكر أن مراسل العربية.نت وموقعها قد تعرضا للحظر في تونس منذ قمة المعلومات التي عقدت قبل عدة أشهر، وتعرض مراسلها لمضايقات الجهات الأمنية عدة مرات.

 

و كانت ما تعرف بـ »هيئة 18 تشرين الأول( أكتوبر) » قد أعلنت في المؤتمر الصحافي عن دعوة عامة للتونسيين للمشاركة في ما وصفته بـ »تجمع عام » في مقر حزب التكتل الديمقراطي المرخص له من أجل العمل والحريات يوم الجمعة المقبل، لـ »المطالبة بحق الاجتماع الذي يكفله القانون« .

 

وجاءت دعوة الهيئة هذه الى التجمع المذكور، على خلفية ما وصفه عضوها المنجي اللوز في تصريح لمراسل العربية.نت بـ »منع السلطات طوال الأشهر الماضية لأنشطة المنظمات والأحزاب المرخّص لها وغير المرخّص » .

 

ي

شار في الختام الى أن  » هيئة 18 تشرين الأول /أكتوبر » تتألف من أغلب قيادات الأحزاب والمنظمات الحقوقية التونسية، ووقع تشكيلها على اثر اضراب 8 معارضين تونسيين عن الطعام لمدة شهر للمطالبة بـ »الحريات العامة » بتاريخ 18 تشرين الأول/ أكتوبر 2006 عشية القمة العالمية لمجتمع المعلومات (تونس من 16 الى 18 تشرين الثاني / نوفمبر 2006).

 

(المصدر: موقع إيلاف بتاريخ 22 فيفري 2006 على الساعة  العاشرة مساء بتوقيت غرينيتش)

وصلة الموضوع:http://www.elaph.com/ElaphWeb/Politics/2006/2/130502.htm  


في سوسة:

106 سنوات سجنا لمنظمي عملية «حرقان» هلك فيها 60 شخصا

نظرت مؤخرا الدائرة الجنائية بالمحكمة الابتدائية بسوسة في ملف القضية المتعلقة بالحادثة الشهيرة والمحزنة التي ذهب ضحية لها عشرات الأشخاص (حوالي 60) غرقا بين تونسيين ومغاربة خلال محاولة «حرقان» فاشلة انطلاقا من شاطئ سيدي بوعلي قرب هرقلة، وأصدرت أحكاما بثبوت الادانة وبالسجن مددا بلغت 106 سنوات وشملت جميع المتهمين الموقوفين والفارين. وبالرجوع الى الملف نجد فيه أنه في ذلك اليوم (3 أكتوبر 2004) وردت مكالمة هاتفية  على وكالة الجمهورية بسوسة من مركز الحرس البحري بهرقلة حول غرق مركب في عرض البحر ينقل حوالي 70 شخصا أغلبهم من المغرب، وقد توفي جلهم ونجا 11 وتم العثور على 5 جثث.. والبحث جار عن البقية.. وبذلك انطلقت الابحاث والتحريات، وأنهت الادارة الجهوية للحماية المدنية بسوسة تقريرا جاء فيه بأنه وعلى اثر الغوص في عمق 35 مترا وعلى بعد ثلاثة أميال وقع اكتشاف المركب (صابر 547MA) وتم التقاط صور المسلك الذي تم اتباعه قبل عملية الابحار خلسة انطلاقا من محطة سيارات الأجرة بسيدي بوعلي الى شاطئ الرملي بحلق المنجل بين شط مريم وهرقلة.. كما تم تضمين الهويات والبصمات وصور الهالكين الذي وقع التعرف عليهم.   ومن جهة أخرى ثبت من الأبحاث الأمنية أن المدعو (ع) – مغربي الجنسية – كان قد اتفق مع المدعو (ما) على تكوين وفاق قصد تنظيم مغادرة التراب التونسي خلسة وقام (ع) باستقطاب أشخاص من المغرب بمساعدة (م) – توفي غرقا – مقابل ألف أورو تسلم بالمغرب وألف تسلم بتونس وتكفل (ما) بالاتصال مع أشخاص آخرين (6) وكونوا وفاق مغادرة تونس نحو إيطاليا خلسة، وتكفل أحدهم (عب) بالبحث عن وسيلة الابحار… ونجح في ذلك بشراء مركب من المدعو (كـ) الذي انضم بدوره  الى الوفاق بعد أن علم بالغاية من شراء المركب.. وتكفل المدعو (ج) بقيادة المركب، فيما أشرف البقية على عملية إيصال الراغبين في السفر خلسة سواء من المغرب أو من تونس إلى  غاية المركب في شكل مجموعات الى الشاطئ ومنه انطلقوا سباحة نحو المركب.. وباكتمال العدد انطلق المركب محملا بالعدد الهائل.. وبعد نصف ساعة وقع التنبه الى تسرب المياه الى داخل المركب. فحاول السائق الرجوع إلا أنه لم يفلح، وغرقت الجهة الخلفية اليمني وغمرتها المياه بسرعة، فغرق المركب بكامله وبمن فيه ما عدا أحد عشر ناجيا كتبت لهم الحياة ليحكوا الواقعة ويعطوا الدرس الأليم للطامعين في «الحرقان»!   وانتهى التحقيق إلى ضبط المظنون فيهم (11 بينهم امرأة) وقررت دائرة الاتهام احالتهم على المحاكمة بتهم تنظيم مغادرة أشخاص للتراب التونسي خلسة، وإيوائهم ونقلهم في إطار وفاق نجم عنه موت، وتكوين تنظيم يهدف الى ارتكاب الأفعال المذكورة بالنسبة لتسعة متهمين (3 بحالة فرار)، ويضاف لبعضهم تهمة التجمع بقصد الابحار خلسة.. أما بالنسبة للاثنين الباقيين (رجل وامرأة) فقد وجهت اليهما تهمة أيواء مرتكبي جريمة تنظيم مغادرة أشخاص للتراب التونسي خلسة عبر البحر واخفائهم والعمل على فرارهم وعدم التوصل للكشف عنهم… وإحالة الجميع حسب الفصول 38-39-40-41-42-44 من القانون  عدد 6 لسنة 2004 (أحدث خصيصا لمقاومة ظاهرة الحرقان السيئة) والفصل 76 من المجلة التأديبية والجزائية البحرية. وفي جلسات الاستنطاق تراوحت أقوال المتهمين بين الاعتراف الجزئي والانكار الكلي لما نسب إليهم ودافع عنهم محاموهم كل بما رآه صالحا لفائدة موكله.   وإثر المفاوضة القانونية قضت المحكمة بثبوت ادانة الجميع كل بما نسب اليه وبسجن ثلاثة لمدة عشرين عاما وبسجن اثنين لمدة ثلاثة عشر عاما، وبسجن واحد لمدة سبع سنوات وآخر لمدة أربع سنوات وآخر لمدة ثلاث سنوات وثلاثة متهمين لمدة عامين وبينهم المرأة التي أسعفت بتأجيل التنفيذ.   محمد العجيلي (المصدر: جريدة الصباح  التونسية الصادرة يوم23 فيفري2006 )

 

تونس وموريتانيا توقعان علي اتفاقيات لتعزيز التعاون الثنائي

 

تونس ـ يو بي أي: وقعت تونس وموريتانيا علي ثلاث اتفاقيات ومذكرة تفاهم، و4 برامج تنفيذية تستهدف تعزيز التعاون بين البلدين في مجالات الصناعة والطاقة والسياحة والثقافة والتعليم والتكوين المهني.

 

وذكرت وكالة الانباء التونسية امس الاربعاء ان التوقيع علي هذه الاتفاقيات تم بحضور رئيسي وزراء تونس محمد الغنوشي وموريتانيا محمد ولد بوبكر علي هامش الدورة الرابعة عشرة للجنة العليا المشتركة التونسية ـ الموريتانية التي انتهت اعمالها مساء الثلاثاء بنواكشوط.

 

وأوضحت ان الاتفاقيات الموقعة تتعلق بالتعاون في المجال الصناعي، والطاقة، والسياحة، بينما تتعلق مذكرة التفاهم بالتعاون في مجال البحوث الجيلوجية، تخص البرامج التنفيذية التعاون في مجال الثقافة والتعليم العالي،والتكوين المهني والشباب والرياضة.

 

ونقلت عن رئيس الوزراء التونسي تأكيده عقب التوقيع علي هذه الاتفاقيات علي أهمية متابعة تنفيذ الاتفاقيات المشتركة والسهر علي تحقيق اهدافها لتعزيز التعاون بين البلدين، ومزيد دعمه وتنويع مجالاته بما يوطد جسور التواصل والتكامل ويخدم المصالح والتطلعات المشتركة.

 

وكانت الدورة الرابعة عشرة للجنة العليا المشتركة التونسية ـ الموريتانية قد اختتمت مساء الثلاثاء بعقد جلسة عمل خصصت لاستعراض مسيرة العلاقات بين البلدين وتقييم حصيلة التعاون الثنائي واستشراف آفاقه علي ضوء التوجهات والاولويات المرسومة للمرحلة المقبلة .

 

يذكر ان رئيس الوزراء التونسي محمد الغنوشي الذي وصل الي العاصمة الموريتانية امس الاول قادما من المغرب قد التقي الرئيس الموريتاني علي ولد محمد فال، وسلمه رسالة خطية من الرئيس التونسي زين العابدين بن علي.

 

(المصدر: صحيفة القدس العربي الصادرة يوم 23 فيفري 2006)


صور من مدينة بنغازي في اليوم الثاني للأحداث

http://www.justice4libya.com/index.php?option=com_content&task=view&id=2163&Itemid=89


بعد مقتل وجرح العشرات في مظاهرت نددت برسوم مسيئة للرسول

 الجيش الليبيي ينتشر ببنغازي لاحتواء اجواء غضب المواطنيين في المدينة

تونس، طرابلس الغرب – سليم بوخذير ذكرت مصادر ليبية لم تكشف عن اسمها لـ »العربية.نت » في مراسلة بالبريد الالكتروني أن « 4 شبان ليبيين قتلوا هذا الأسبوع بشارع عبد المنعم رياض أمام مبنى الإذاعة على يد قوات الأمن » ضمن تظاهرات جرت في إطار تداعيات أحداث الجمعة الدامية ضد الرسومات المسيئة للرسول صلى الله عليه وسلم، والتي شهدت مقتل ما لا يقل عن 10 متظاهرين وكذلك حرق القنصلية الإيطالية بمدينة بنغازي. وتابعت المصادر ذاتها أن مدينة بنغازي تشهد منذ مساء يوم الثلاثاء 21-2-2006 « انتشارا واسعا لفرق الجيش وتضمّ كل فرقة حوالي 10سيارت جيش »، وأضافت أنّ هذه الفرق « تجوب كل المحافظة وتقوم بتفريق كل ّ اثنين واقفين في الشارع »، وتابعت المصادر ذاتها أن « قوّات الأمن الليبي قامت بإغلاق كل مقاهي الإنترنت في المدينة  » . وكانت المدينة قد شهدت الثلاثاء 21 فبراير 2006 وفاة آخر ضحايا تظاهرة الجمعة الدامية ضدّ الرسومات المسيئة للرسول الكريم ببنغازي، واسمه مراد الساحلي وهومن سكان حي « السكابلي » بالمدينة، حيث جرى دفنه في مقبرة « الهواري ». وقالت المصادر نفسها إنّ جموعا حاشدة من أهالي بنغازي شاركت في الجنازة مردّدين هتافات مناهضة للحكومة من قبيل « ياشهيد ارتاح ارتاح حانكملو الكفاح » و »بنغازي انتي حرّة والخائن يطلع برّة » وأضافت أن « المشيّعين قاموا بما يشبه الزفّة للفقيد وانّهم قاموا بتكسير صور رئيس الحكومة الليبية ». وقالت المصادر نفسها إنّ « حملة اعتقالات واسعة كانت قامت بها قوات الأمن الليبي منذ مساء أول أمس الاثنين بمنطقة بن يونس وشملت أغلب الشبان الذين شاركوا في التظاهرة الشهيرة » على أساس أنها « تشتبه في مشاركتهم في حرق مركز رأس عبيدة » وقالت المصادر إن « عدد المعتقلين بلغ حولي 150 شابا ». ووصفت المصادر « انتشار قوات الأمن والجيش في المدينة » بأنّه صار « كثيفا جدا ويوحي وكأنّ البلد في حالة حرب ».   ونفت من جهة أخرى المصادر ذاتها « صحّة ما تمّ بثه في وسائل الإعلام الرسمية بليبيا عن نقل المصابين للعلاج بالخارج » ذاكرة أن « الذين وقع نقلهم إلى الخارج للعلاج هم فقط أعوان ومنتسبي حركة اللجان الثوريّة ممّن أصيبوا في أحداث الجمعة الدامية »، وأضافت أن « المصابين من المواطنين مازالوا طريحي الفراش في مستشفى السبيعة في طرابلس ». وقالت المصادر من جهة أخرى إن تظاهرات موازية شهدتها مدينة سلوق 50 كلم شرق بنغازي هذا الأسبوع ممّا أسفر عن « حرق المثابة الثوريّة  » وأن تظاهرات أخرى شهدتها مدينة طبرق و »أسفرت عن حرق مركز البريد بالمدينة « ، ولم يتسنّ لـ »العربية.نت  » الحصول على أي موقف من المصادر الليبية الرسمية من صدقية هذه الأخبار.    المصدر = العربية نت  بتاريخ  الخميس 23 فيفري 2006


 

تصحيح خطأ:

ورد في مقال بعنوان « الفاجعة العظيمة » للسيد خميس الماجري نشرناه في عددنا ليوم 21 فيفري 2006 خطأ في نقل الآيات القرآنية 154 و155 من سورة البقرة. يقول تعالى: « وبشّر الصّابرين الّذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المفلحون » صدق الله العظيم.

 


رحم الله الامام خليف

هذا كل ما يمكننا أن نقوله اليوم أمام حتمية الوفاة. لقد كان رجلا عظيما وخطيبا باهرا ونحن نعترف له بذلك حتى ولو انه كان من أشد خصومنا.ولكن خصومتنا معه لم تتجاوز الصراع الفكري، وهو أنبل صراع مهما احتد، ويكفينا أن حافزنا في هذا الصراع كان ما يراه كل منا صالحا لوطننا المشترك. 

 

(المصدر: موقع آفاق تونسية بتاريخ يوم 22 فيفري 2006)
 


في وفاة الشيخ العلامة عبد الرحمان خليف .. ملاحظات « إعلامية » لا بد منها

 

** في الساعة الثالثة والنصف من عصر يوم الأحد 19 فيفري 2006، انتقل إلى رحمة الله تعالى الشيخ العلامة عبد الرحمان خليف

 

** ابتداء من الساعة الرابعة ، بدا الخبر بدأ في الإنتشار داخل القيروان وخارجها

 

** في الساعة السابعة والربع مساء تقريبا، قناة الجزيرة الفضائية تعلن عن الخبر في شريطها الإخباري.

 

** في الساعة الثامنة و17 دقيقة مساء، قناة « تونس 7 » تعلن عن الخبر وتبث صورا من الأرشيف لآخر مناسبة جمعت بين الشيخ عبد الرحمان خليف والرئيس بن علي موكب المولد النبوي بجامع عقبة بمدينة القيروان في عام 2002.

 

** في الساعة التاسعة والربع مساء، اختفى خبر الوفاة من شريط قناة الجزيرة.

 

يوم 20 فيفري 2006:

 

– بعض الصحف التونسية الصادرة يوم  الإثنين تكتفي بنشر برقية التعزية التي وجهها بن علي إلى عائلة الفقيد

 

– النشرة الرئيسية للأنباء في التلفزيون الرسمي تبث صورا لا تزيد عن 7 ثوان عن الجنازة التاريخية التي شهدتها مدينة القيروان

 

يوم الثلاثاء 21 فيفري ‏2006‏‏

 

** « بعض » الصحف وليس كلها تعيد نشر خبر الجنازة كما بثته وكالة تونس إفريقيا للأنباء بدون أي إضافة.

 

هكذا غطت وسائل الإعلام التونسية – بإصرار متعمد وتخطيط مسبق – نبأ رحيل أحد أبرز العلماء الذين كانوا على قيد الحياة في البلاد التونسية وشمال إفريقيا. فلماذا يا ترى؟ وما هو سبب هذا التعتيم على شخصية بمثل هذا الحجم والوزن والمكانة؟ هذه محاولة للفهم والإجابة.   


بعد رحيل الشيخ العلامة عبد الرحمان خليف رحمه الله .. شيء من التاريخ (1 من 3)

بقلم: ابن الأغلب

 

في يوم 17 جانفي 1961، تعالى شعارات المتظاهرين وملأ دخان القنابل المسيلة للدموع ساحة بيتنا الصغير ولعلع الرصاص في الشارع المقابل لنا .. واقتحم المتظاهرون الغاضبون البيت القريب منا الذي يقطن فيه عمر شاشية، والي القيروان وسوسة ونابل حينها (الذي نجح في الفرار من غضبة المواطنين متخفيا في لحاف امرأة) … عندها خشيت جدتي للأم رحمها الله – التي روت لي الحكاية بتفاصيلها عندما كبرت – من تفاقم الوضع ومن العواقب السيئة فحملتني (وكان عمري لا يزيد آنذاك عن عامين ونصف) على عجل إلى بيت جدي للأب الذي لا يبعد سوى مائتي متر عن بيتنا المقابل للحي الزيتوني (أي فرع جامع الزيتونة المعمور بمدينة القيروان) الذي تحول فيما بعد إلى معهد ابن رشيق الثانوي « المختلط » ثم « للفتيات » ثم « مختلطا » من جديد.

 

هكذا بدأت حكايتي (ولست سوى واحد من بين عشرات الآلاف من أبناء القيروان وبناتها الذين يدينون بالفضل للشيخ عبد الرحمان خليف – رحمه الله تعالى وأجزل إليه الثواب – في حفظ القرآن وتعلم الدين والأخلاق) مع هذا المعلم البارز والمنارة المضيئة والقدوة الساطعة في تاريخ تونس الحديث.

 

هكذا كانت البداية .. احتجاج شعبي وطالبي (شمل بالخصوص الطلبة الزيتونيين) من طرف القيروان التي شنت بشكل عفوي وتلقائي أول (وآخر) إضراب عام لمدينة تونسية في فترة ما بعد الإستقلال على قرار جائر اتخذته السلطات بنقل (عمليا: نفي داخلي) إمام وخطيب الجامع الكبير ومدير الحي الزيتوني إلى قفصة عقابا له على تجرؤه انتقاد إجراءات وتصرفات منافية للدين والشرع من قبيل دعوة بورقيبة التونسيين إلى الإفطار في رمضان أو المساخر والمناكر التي يندى لها الجبين التي كان صحن جامع عقبة بن نافع ومحيطه مسرحا لها بمناسبة تصوير لقطات من شريط « سارق بغداد » (وهو إنتاج فرنسي إيطالي مشترك لعام 1960، وقد مثل فيه أدوارا ثانوية كل من محمد العقربي ومحمد جميل الجودي) بمشاركة طاقم من الممثلين والممثلات الغربيين. 

 

ويمكن القول أن الغضب الذي استبد بأهل القيروان كلهم كان مزيجا من الإستنكار للتطاول الذي لمسوه على المقدسات الإسلامية (انتهاك حرمة أول مسجد جامع في الشمال الإفريقي) وللأسلوب الفج والمتعالي الذي تعامل به النظام الجديد مع المدينة ذات التاريخ المجيد ومع رمز محبوب ومحترم من رموزها الدينية الشعبية وتعبيرا مبكرا جدا (وإن كان مبهما) عن الرفض الشعبي لما بدا يتضح أنها توجهات علمانية أو منافية لأسس وخصوصيات الإجماع الحضاري والديني والثقافي الذي تأسست عليه البلاد التونسية منذ الفتح الإسلامي الذي انطلق تحديدا من .. القيروان!

 

إذن تواصى أصدقاء الشيخ – رحمة الله عليه – وإخوانه وأحبابه ومريدوه على أن تقفل المدينة أبوابها للتعبير عن الإحتجاج وأن يتم التوجه إلى مقر الولاية لإبلاغ عمر شاشية رفض القيروانيين لقرار النقلة التعسفية (النفي الداخلي عمليا) لشيخهم المحبوب (ولزميله المرحوم الشيخ الطيب الورتاني) وفي صبيحة يوم 17 جانفي 1961 انطلق الجميع في مسيرة حاشدة من أمام جامع عقبة بن نافع ترفع شعارا بسيطا .. بساطة تلك الأيام، وعفويا .. عفوية أبناء القيروان في تلك السنين لا يزيد عن: « الله  أكبر .. ما يمشيش ». 

 

عندما لم يعثر المتظاهرون على الوالي في مقر الولاية توجهوا إلى مقر إقامته القريب (والمواجه للحي الزيتوني) حيث اقتحموه ودمروا محتوياته لكن عمر شاشية تمكن (بمساعدة من بعض الأشخاص الذين هرّبوه متخفيا في لحاف امرأة) من الفرار بجلده من غضبة المواطنين العارمة.

 

في الأثناء، تمكنت قوات من الجيش والشرطة من مدينة سوسة المجاورة من الوصول إلى القيروان وحدثت مواجهات استعمل فيها الجنود الذخيرة الحية ما أدى إلى سقوط عدد من الشهداء (5 على الأقل) والجرحى ثم بدأت حملة اعتقالات واسعة شملت المئات من أبناء مدينة القيروان ورجالاتها الذين تعرضوا لصنوف وحشية من التعذيب والإهانة والإذلال.

 

ثم عُـرض الشيخ عبد الرحمان خليف رحمه الله مع العديد من الموقوفين على محكمة عسكرية كان المدعي العام فيها صلاح الدين بالي (الذي شغل عدة مناصب وزارية لاحقا في حكومة بورقيبة ورئيسا لمجلس النواب في عهد بن علي).

 

ومع أن المدعي العام العسكري طالب هيئة المحكمة بالحكم على الشيخ عبد الرحمان خليف بالإعدام، إلا أن الشيخ الجليل اكتفى في رده على رئيس المحكمة بالقول: إنني معتصم بحبل الله المتين .. بالعروة الوثقى.

 

الأحكام صدرت قاسية على الجميع ونال الشيخ وعدد من رفاقه وتلاميذه أحكاما بالأشغال الشاقة المؤبدة أو بالسجن ثم أودعوا في الأغلال في قلعة غار الملح السيئة الذكر (وهي شبيهة من ناحية الرطوبة وسوء ظروفها بمعتقلي برج الرومي والناظور) حيث دامت فترة سجنهم بضع سنين…   

 

لقد كانت « مظاهرة الله أكبر .. ما يمشيش » مثلما يُعرّفها أهل القيروان حدثا فارقا وفاصلا في حياة الشيخ عبد الرحمان خليف وفي مسار مدينة القيروان والبلاد التونسية عموما لا بد من أن ينكب المؤرخون على دراستها وسبر أغوارها والتعريف بها.    

 

(يتبع)

 

تونس في 2006/02/18


 

 مزيد من تعليقات متصفحي موقع « العربية.نت » على خبر وفاة عالم تونس

الشيخ العلامة عبد الرحمان خليف رحمه الله وأحسن إليه

 

انا لله وانا اليه راجعون

abdullah |20/02/2006 م، 8:17 (السعودية)، 5:17 (جرينيتش)

ندعو الله ان يدخله فسيح جناته ويسكنه مع الانبياء والشهداء والصديقين . ان اعظم الجهاد فى عصرنا هذا هو كلمة حق فى وجه سلطان جائر وكان الفقيد خير مثلا في زمن قد تكون الكلمة تقتل صاحبها وعاش حر ومات حرا فاسكنه الله فسيح جناته 

 

———————————————————————–

الله يرحمه

سعودي مغترب |20/02/2006 م، 8:19 (السعودية)، 5:19 (جرينيتش)

الانسان يتمنى انى يقابل ربه بعمل صالح يجزى عليه الله يهدي الجميع 

 

———————————————————————–

 

الى جنات الخلد

مراد من هلاندا |21/02/2006 م، 0:32 (السعودية)، 21:32 (جرينيتش)

انا لاله وانا اليه راجعون نعزي كل التونسيين والمسلمين بووفات العلامة و الى جنات الخلد 

 

———————————————————————–

 

كلمة حق أمام إمام جائر.

أحمد الجيدي. تطوان المملكة المغربية |21/02/2006 م، 0:41 (السعودية)، 21:41 (جرينيتش)

قلت كلمة حق أمام إمام جائر، لأن الزيتونة تنعيك اليوم، لأنك منها واليها تنتسب، وهاءنت اليوم تنعيك الأمة من مشرقها الى مغربها، وتذكر الشيخ( عبد الرحمن خليف) بأنقى الأعمال، ولم يهيبك سلطته، وهذا الموقف يكون إن شاء الله يرفعك الى أعلى عليين، فالزيتونة سدت أبوابها في وجه طلبة العلم هدية لإحتلال الفرنسي، فكانت خسارة كبرى ليس على تونس وحدها وإنما على العالم الإسلامي، رحمك الله وأثابك على جهادك في إعلاء كلمة الله، وإنا لله وإنا اليه راجعون،والصبر للعائلة الكبيرة والصغيرة… والسلام. 

 

———————————————————————–

 

وفاة الشيخ عبدالرجمن خليف

من اعلام تونس الحضراء |21/02/2006 م، 6:39 (السعودية)، 3:39 (جرينيتش)

رحمه الله رحمة واسعة و اسكنه فسيح جناته و هو فعلا التونسي الحقيقي لا وزير اوقافهم الذي يتهكم على الحجاب و لا حول و لا قوة الا بالله العلي العظيم 

 

———————————————————————–

 

يا شيخي !!

وجدي |22/02/2006 م، 0:4 (السعودية)، 21:4 (جرينيتش)

انا لله و انا إليه راجعون و لا حول و لا قوة الا بالله العلي العظيم 

 

———————————————————————–

 

عجزت النساء ان يلدن مثله

نور الدين الوحيشي |21/02/2006 م، 19:47 (السعودية)، 16:47 (جرينيتش)

 

عرفته منذ كنت صبيا كنت احضر دروسه باستمرار الى ان خط الشيب مفرقي كان خطيبا مفوها وعالما فقيها محدثا حفظ معظم كتب الحديث خصوصا الصحيحين وكان لا يستشهد بحديث الا رواه بسنده وبين درجته كانت دروسه اغلبها في تفسير القران الكريم ودرس اسبوعي خاص بالسنة الشريفة كان طلق الوجه بشوشا حلو النادرة لا تخلو دروسه من نوادر يذهب بها الملل عن الحاضرين. كان لا يخشى في الله لومة لائم يامر بالمعروف وينهى عن المنكر كان ياتمر هو واهله بما امر الله به قبل ان يامر غيره به كان يبدا بنفسه وباهله كان ابناءه محمد وعبد الرحيم وعبد الله مضرب المثل في القيروان من حيث الاستقامة وعلو الاخلاق الحميدة . ماذا عسانا ان نقول فيمن كان قدوة اهل القيروان وشيخهم بدون منازع ما يزيد عن نصف قرن , لقد صدمني الخبر وانا تركت القيروان منذ سبعة عشر سنة واعيش في الغربة , اللهم انا نشهد ان الشيخ ابا محمد عبد الرحمن خليف بلغ عن رسولك صلى الله عليه وسلم احسن تبليغ ونصر دين الاسلام النصر المبين ونافح ودافع عن نبيك دفاع الواعين المتمكنين اللهم جازه باحسن ما جازيت عالما عن علمه وداعيا عن دعوته واسكنه جوار نبيك محمد صلى الله عليه وسلم اللهم لا تحرمنا اجره ولا تفتنا بعده واغفر لنا وله وانا لله وانا اليه راجعون 

 

————————————————————————

Inna lillahi wa inna ilaihi raji`oun !

Yousef |22/02/2006 م، 13:38 (السعودية)، 10:38 (جرينيتش)

 

Allahumma ighfir lahu warhamhu wa `afihi wa`fu `anhu wa akrim nuzulahu wawassi` mudkhalahu waghsilhu bilma`i watthalji walbarad . Wa abdildu daran khairan min darihi wa ahlan khairan min ahlihi wa adkhilhu aljanna min ghairi hisab ya rabba al`alamin

 

 

(المصدر: موقع العربية.نت بتاريخ 22 فيفري 2006)

وصلة التعليقات: http://www.alarabiya.net/Articles/2006/02/20/21294.htm


 

الكتاب….العطش العربي المالي والأخلاقي لفريق حاكم…أنموذج تونس

صدرفي فرنساويوجد منذ يوم21 فيفري2006ب..

. 1- Librairie du Monde Arabe

220 rue Saint Jacques, Paris

 2- Librairie Averroès, 7, boulevard Saint Germain, Paris 5°

Prix de vente: 14 euros, 215 pages

 

الكاتب…حسين المحمدي تونس.

 

*عمل طيلة 16سنة في مختلف هيئات الحزب الحاكم القاعدية والجهوية منها والوطنية.

*عمل بوزارةالداخلية مركزيالمدة7سنوات ومحليا لسنتين.عايش مختلف مؤتمرات الجمعيات

والهيئات والمنظمات ورابطة حقوق الإنسان والمحامين من موقعي التجمع والداخلية.له إطلاع كامل على مختلف السياسات والأشخاص.حكما ومعارضة.

*غادر الوظيفة العمومية في أوت 2003 وترشح لرئاسة الجمهوريةفي 9مارس2004وقدم طعنا في تزكية المترشحين الأربعة وبالمثل في مختلف نتائج الانتخابت اعتمادا على التويثق.

*الكاتب يوجد بتونس.وهومايعطي للكتاب قيمةاكبر.قررمواجهةالفريق الحاكم من داخل تونس.مثلما هوعمله للتغييرمن الداخل.الرجل واثق من أفكاره ومعطياته.ما سيكون أهم.الكتاب يقول للحاكم العربي هاأنت  عاريا من جهة ولمن يساند هذا الحاكم هذا هو متاعكم ربنا كما خلقتنا من جهة أخرى.

*منذأوت2003 ممنوع من العمل.والاتصالات.ومحاصربالليل والنهار.

*دعته إدارة امن الدولة(أعلى هيئة أمنية) يوم 30جويلية2005.ثم أوكلت الأمر لمصالحها الجهوية في ولاية بن عروس بتاريخ 26ديسمبر2005 و4جانفي 2006.

*تجري ملاحقته في حله وترحاله من طرف البوليس السياسي.يمكن الرجوع إلى تونس نيوز بتاريخ 27ديسمبر والأسبوع الأول من جانفي 2006 والأسبوع الثالث من نفس الشهر.

 

.التقديم….

 

منذ ما يزيد عن 50سنة من استقلال تونس.نفس الحزب يحكم والعناصر.ونفس نوعية

المعارضة.نهدف عبر الكتاب..

1-تعريف التونسيين والتونسيات ورجال الحرية عبر العالم وخاصة التونسيين والتونسيات

المتواجدين بالمهجربنوعيةرجال الحكم في تونس وذهنياتهم وسياساتهم وبالمثل مايقال عنهامعارضة ومجتمعا مدنيا.واستعدادات هذاوذاك لحكمنامن جديدبالكذب والبهتان لخمسين سنة أخرى.

2-من خلال أرقام ونتائج تعلن من الدّولة.تزكّيهاوترفضهاأطراف داخليةوأخرى خارجية.يحدث

حولهاضجيجاولغواوتاويلات واسعةوضيقة.يلجامعهاكل بحسب مرجعياته وأهدافه وارتباطاته الداخليةوالخارجيةوإمكانياته وتوقيتاته وعبرهذه الوسيلةوتلك للتبريروإسقاط على الأغلبيةالمطلقة من التونسيين والتونسيات والإنسان الفرد نتائج الضجيج من جهة وحشرأجانب في حيل متنوّعةومتعددة ومراكنات إطالة للعمرمن جهة أخرى.

3-وهوماالحق كبيرالضّرربالحرّيةوالدّيمقراطيةوالجدّيةوالفكراللّيبرالي وفتح مجالات شتّى أمام كل من الفكرالغيبي والشّوفيني والاسترزاقي.

4-قطعامع هذاوذاك أعددت الكتاب ربماالأول من نوعه(توثيقي لماهومعلن من الدولة في كل المجالات من جهةومن مسئول كان داخل الدولةوهوفي تونس من جهة أخرى)في محاولة مباشرة وجادّة على نهج التعريف في أخلاق ومسئولية بحكايات الصّناديق الخاصّة-(ما أكثرها في تونس وكلها تتبع الرئيس شخصيا)وتلويك الأمريكان واليهود وفلسطين والعراق والداخل والخارج والنماذج التنموية والمال والأرزاق والانتخابات والمجتمع المدني والحياة الحزبية وحكايات الإسلام السياسي وكيفيةتسييرالدولةوالتعيينات في الداخل وفي الخارج والميزانيةالعامةللدولة لسنة2006.

5-العمل قام أساساعلى ماهورسمي ومعلن من رجالات الدولة وفي خطب رئيس الفريق الحاكم ومسئوليه ومنشور للعموم.

6-العمل توثيقي وتحليلي في جانب.واستشرافي في جانب آخربمايطرح من سياسات جديدة أساسها مواطنايقررعبرمشاركاته الجدية في رسم نوعيةوطبيعةالدولةوالمجتمع والعلاقات.وهونابع من إدراك عبرالمكان والمجال والأشخاص.

7-العمل التوثيقي هدفه عرض نموذجالذهنيةعربية( تقريباهي في نظرالغرب معتدلة مقارنة بسورياوليبياوالسعوديةوالسودان و…)ولمنطق وخطاب وسلوكيات وسياسات غرّر بها العطش المالي والأخلاقي…على أمل التنبيه من خلاله إلى أن الحرب على الإرهاب منطلقهاوتدبيرها

عقل ونهج.وان محاربةهذاتكون بعقل ومنطق وأسلوب.

8-الحرب على الإرهاب تربح عبرالعقول.ولا يمكن لمن صنع الإرهاب محاربته.كمالا يمكن لدكتاتور

أن يبحث في عقل مهماكان حجمه ونوعه لأنه يخاف أصلا العقول وتعوّد

تدميرها لا فهمهاوتفهّمهالإيجادأفضل الصّيغ للتعامل معها.في كلمةمايحدث في تونس قتل بدم باردللمجتمع في صلف وغرور لا مثيل لهما.

9-رؤساء يؤدّون القسم مع كل انتخابات لا توجد إلا في أذهانهم.إلى جانب تعهدهم بالمحافظة على قيم المجتمع وماتشترطه من نزاهةوإخلاص.يقتلون القيم بعيون مفتوحة.يعلنون تكوين

هيئات لقيطة في كل المجالات تسهرعلى انتخابات غيرموجودة وتسوق لمترشحين وناجحين ونسب مشاركة وأصوات للحزب الحاكم والمعارضة قبل إجراء الانتخابات

بدهر ورجال الهيئات محامون وجامعيون وعميد سابق لهيئة المحامين؟

10-رؤساء على هذه الشاكلةيهمهم أمرفلسطين واسرائيل؟ودارفور؟و..أشخاصاأدمنوا الكذب والتزويروعشق المال العام والخاص والأرقام الكاذبةولهم مطلق السلطةوصحافة تروج لأجرامهم على انه حكمةوعبقريةووصف كل صوت منادبالحريةبالخائن.ماذايمكن

أن يبرزوا للعالم في أفضل الصّور؟

11-الكتاب يقول للتونسي والتونسيةولرجال الحريةهذامن يحكمنافي 2006؟وهذامن يستعد؟هل نستحق هذافي تونس بعد50سنة من التعليم والثورةالاتصاليةالرهيبةهذا؟

12-الكتاب يقدم حركةالأيدي والعقول النظيفة كبديل من ضمن بدائل أخرى للفساد والإفساد والتحطيم لقيم المجتمع.

13-الكتاب يضع لبنات السيرعلى نهج انتخابات جدية في 2009.أو عند أي شغور.

14-الكتاب يعري شهادات غربية ومساندات للفساد والكذب والعجز.مع ترديد رجال الغرب قيم العدالة والحداثة والتقدم والمدنية و…يأتون بمناسبة وبغيرها وخاصة خلال الانتخابات ليقولوا بديمقراطية أمامنا نحن من لا نصوت؟وبعبقرية لرجل كل ميزته انه قهر وغيّب الحرية والتداول السلمي والمدني على الحكم.

15-الكتاب وثّق شهادات غربية بهدف وضعها أمام الناخب الغربي.

16-تعامل الغربيين والناخب الغربي  مع الحرية في جنوب المتوسط سيحدد نوعية وطبيعة الحكم عبر البلدان العربية.

 

مع تحياتي والى لقاء قريب مع كتاب جديد قبل جويلية المقبل.

 

حسين المحمدي

العنوان…عمارة 1شقة22اقامة النخيل المدينة الجديدة 1

الترقيم البريدي2063.ولاية بن عروس الجمهوريةالتونسية. Houcine_mhamdi@yahoo.fr

 

التمس من الفضائيات العربية والصحف والدوريات وكل رجل حرية عبر العالم شراء الكتاب والتعريف به.وهي مساندة صغيرة جدا للحرية.التغيير من الداخل ونحن نعمل له.والقادم أهم.

 


 

ليكن المسجد بيتك الثاني

ثلاثة أعمال كبرى قام بها عليه السلام فور وصوله إلى المدينة نتعرض لها بإذنه سبحانه تباعا في هذه الحلقة وفي اللتين تليانها وهي : تشييد مسجد جامع و حركة مؤاخاة واسعة بين المهاجرين والانصار وتأسيس نظام سياسي بأتم معنى الكلمة على رقعة المدينة .

 قباء  » لمسجد أسس على التقوى من أول يوم أحق أن تقوم فيه فيه رجال يحبون أن يتطهروا »:

ظلت الناقة مأمورة تسعى لا يسلس قيادها لاحد ممن جاؤوا آملين في الفوز بشرف إستضافة من إزدان بصدقه الصدق وتطيبت بأمانته الامانة متكئا على أريكة فوق عرش الخلق العظيم قمرا منيرا في عليائه يمخر عباب دجى كالح . فلما وافت الناقة حائطا ليتيمين من بني النجار بركت ثم قامت مسرعة لتتقدم خطوات أخرى ثم عادت إلى ذات مبركها وأذنت بالنوخ وأذن القدر معها بأتخاذ بيت يتيمين من بني النجار أول مسجد في الاسلام قال فيه عليه السلام  » صلاة فيه تعدل عمرة  » ولا غرو فهو المسجد الذي جمع بين جنبيه حب اليتامى الذين ضاقت عنهم موائد يهود المدينة تماما كما ضاقت عن مثلهم صوامع وبيع وصلوات فجاء الاسلام ليؤذن من أول يوم على حق اليتيم ـ رمز الحرمان والنبذ ـ في المسجد والجماعة والتكافل . لا بل لا غرو فهو المسجد الذي تشرف بمجابهة حركة النفاق الكئيبة فكان قبلة الذين يحبون أن يتطهروا قلبا وعقلا وبدنا وكان مسجد الضرار مؤسسة تقف بمن فيها  » على شفا جرف هار  » .

لم لم يبت ليلة واحدة عليه السلام يلتقط أنفاسه في مهجره الجديد دون بناء مسجد ؟

تقول الروايات بأنه بدأ العمل مع أصحابه في بناء مسجد قباء من أول يوم نزل فيه ضيفا على آل أيوب . عجبا . لم لا يستريح يوما واحدا يلتقط أنفاسه ويأخذ قسطا من الراحة بعد رحلة طويلة لا بل بعد عشرية كاملة متواصلة عذاباتها ليل نهار صباح مساء ؟ هاهم أصحابه يصلون جماعات أنى ما تيسر لهم ذلك وهاهي المدينة تعج بالمسلمين لا يوجد بها تقريبا بيت واحد لم يدخله مصعب أو أحد نقباء بيعة العقبة الثانية  .

إجتماع المسلمين فريضة وما من فريضة في الاسلام إلا خادمة لفريضة الاجتماع :

لا أجد فيما أفهم من الاسلام جوابا على ذلك سوى أن الاسلام دين الجماعة أو لا يكون أي أن الجماعة والاجتماع والاتحاد والتعاون من لدن المسلمين بأقصى قدر مستطاع … فريضة مفروضة أو هي بتعبير المقاصديين مقصود لذاته وليست وسيلة لغيرها .

كان يمكن له عليه السلام في سنوات الدعوة الاولى بمكة أن يبث الدعوة سرا أو جهرا في صدر كل من يلقاه أو يطمئن إليه تجنبا لاغراء قريش بالمسلمين أو لتسليط عذابات تجعل إمرأة مثل سمية تقضي تحت الحراب وهي الانثى الضعيفة بين غلاظ قريش وشدادها . فلم جمع أصحابه في دار الارقم وظل مواظبا على ذلك ؟ أليس ذلك ضرب من التنظم  بتعبيرنا المعاصر؟

كما كان يمكنه أن يلتقي بمبايعي العقبتين من الانصار واحدا واحدا أو يوصي بما يريده منهم مع سفيره مصعب فلم جمعهم مرتين لا بل لم دعاهم إلى إنتخاب نقباء عنهم مع أن عددهم لا يتجاوز بضع عشرات دون المائة ؟ حاول أن تجد بلغتنا المعاصرة لذلك قبيلا . بأي خطاب ولغة ومجاز وكناية يمكنك الالتفاف على كون ذلك لم يكن تنظيما مستجيبا لكل شروط ومقومات التنظيم  المحكوم بآليات شورية ضمن عقد الرضى المتبادل ؟

خذ الصلاة مثالا : لم كل ذلك التشديد الذي تعرفه في صلاة الجماعة حتى وصل إلى حد التهديد بالتحريق بالنار لكل متخلف عن صلاة جماعة ـ وليس صلاة جمعة ـ ؟ لا بل لم إختار صلاة واحدة من بين خمس وثلاثين صلاة في الاسبوع ليجعلها صلاة جماعة فرضا لا إختيار فيه ؟ لا بل غير من هيئتها وجعل لها خطبتين ؟ لم لم يجعلها صلاة ظهر جماعة فحسب ؟ لم كل ذلك الترغيب في صلاة الجماعة حتى يقارب أجرها ثلاثين ضعفا مما هي عليه صلاة الفذ ؟ لم إهتبل كثيرا من تغيرات المناخ ليجمع الناس في صلاة جماعة إستسقاء للغيث ودعاء في الكسوف والخسوف حتى الميت يصلى عليه ؟ لا بل حتى صلاة النافلة تصلى جماعة من مثل التراويح على مدى شهر كامل . لم يسر كل الابواب لصلاة الجماعة فيؤم المسافر المقيم والمقيم المسافر والصحيح السقيم والسقيم الصحيح والكبير الصغير والصغير الكبير والاقل علما من يفوقه والابن أباه والخادم مؤجره والمتيمم المتوضئ والمتوضئ المتيمم والعربي غير العربي وغير ا لعربي العربي وإمام العصر مأموم الظهر والمتم  المقصر والمقصر المتم  والمؤدي المتنفل والمتنفل المؤدي والقاضي والناذر والمسبوق غيره ـ مع الاختلاف ـ ولا إختلاف في إئتمامه ولو بلحظة واحدة قبل التسليم ؟ لا بل الاغرب من ذلك كله أنه شدد على إلتزام الامام بالتخفيف في القراءة والتيسير في الصلاة حتى عاتب يوما معاذا عتابا شديدا لما شكاه بعض الضعفة  » أفتان أنت يا معاذ .. وكررها ثلاثا  » وكان يؤمهم متنفلا وهم من خلفه مؤدون لاخر البردين  .

أنظر إلى شروط الجمعة عددا من إبن حزم الذي عدها جماعة تنعقد بما تنعقد به هذه فتصح صلاة جمعة بإمام ومأموم حتى من قال بأربعين ومن توسط بإثني عشر أي معدل عائلة واحدة تقريبا . لا بل إنظر إلى شروطها وقتا من أحمد الذي أجازها قبل الزوال إلى بعض المالكية الذين أجازوا تأخيرها حتى ضروري العصر ـ أو ربما غير المالكية ـ . كما لا ترتبط صلاة الجماعة والجمعة بمكان محدد  » جعلت لي الارض مسجدا وطهورا  » تيسيرا لمن لا يملكون المسجد.

أنظر إلى الاذان كيف فرض خمس مرات في اليوم والليلة حتى على مسافر وحيد في فلاة لن يسمع له إنس صوتا  ثم زاد عليه أذان بلال ـ نسبة إليه ليس أكثر ـ قبل دخول الوقت تهيئة للنائمين ولجلب الماء والاغتسال وفرصة للقاطنين بعيدا .

لو لم يكن الاذان من أجل قيمة الجماعة ـ أي بأكثر من مسألة الصلاة فحسب ـ لما بدل فيه الفاروق عليه الرضوان فجعله إثنين أو ثلاثا  يوم الجمعة بدل أذان واحد .

بأي حق يغير الفاروق شعيرة الاذان وقد ظلت أحادية على طول عهده عليه السلام وعهد خليفته الصديق ؟ أليس ذلك دينا مدينا ؟ لم لم يعترض على ذلك  الصحابة سيما من عرفوا بالحس الفقهي المرهف جدا من مثل إبن عباس ومعاذ وعلي وإبن كعب وإبن مسعود ؟

إذا كان الاذان  » متغيرا  » فما هو الثابت إذن ؟ أم هل أن تغيير العدد ليس شيئا كبيرا ؟

كما تصح خطبتها ولو بحمدلة وصلاة وسلام على محمد عليه الصلاة والسلام وكلمة  » إتقوا الله ».

حتى في حالة الخوف الشديد والحرب حيث لا يموت سوى من كتب له المحيي سبحانه حياة جديدة لفرط تناوش الاسياف البتارة وحصدها للرقاب دون إل ولا ذمة .أجل حتى في حال الخوف الشديد والحرب لم يرض منا بإقامة الصلاة إقامة فذ تتوفر فيه كل شروط الخشوع البدني والقلبي وسائر ما يتوفر لكل صلاة كاملة تامة بل شرع لنا صلاة الخوف لا بل فصل هيئتها في القرآن الكريم على غير عادة القرآن الكريم الذي لم يفصل في الصلاة أبدا ولو مرة واحدة .

أجل حتى في حال الخوف والحرب يكتفي فريق بركعتين ثم يتولون حراسة الفريق الثاني .

لو كان الغرض من كل ذلك سوى الصلاة لوجد لها ألف ألف سبيل آخر ولكن الغرض من ذلك الجماعة بمعاني التآخي والتعاون والاتحاد والاجتماع والتكافل ورص الصف بعد شعيرة الصلاة.

ولو تفرست في شروط الصلاة لوجدت عجبا من اليسر لا يكاد يصدق سيما لو إعتمدت منهج الفقه المقارن وتوقفت عند أسباب الاختلاف كما فعل إبن رشد في بدايته . فلا تجد جماعة ـ في سفر مثلا ـ عسرا في تحري القبلة ولا حرج عليها بعد خطإ في إجتهاد حتى قال بعضهم بعدم الاعادة سواء بعد خروج الوقت أو قبله والامر ذاته لمن وجد الماء سيما بعد خروج الوقت . ولك أن تنظر في ذات اليسر فيما يتعلق بطهارة الثوب حتى إن الخمر ليست نجاسة بل تصح صلاة من كانت عمدا في جيبه في أثناء صلاته ويكفي حت المني المتيبس دون حاجة لغسل ولا لمجرد نضح وكذا في عورة الرجل وفي كمية الماء القليلة جدا لوضوئه لا بل لغسله لا بل يتيمم من خشي فوات وقت الفريضة : يتيمم من جنابة وحدث أكبر فضلا عن أصغر .

إنظر كيف عاتب عليه السلام بعضا من صحابته إلى حد إستخدام صيغة الدعاء عليهم بالقتل لما أفتوا أميرهم الجريح أو المجنب بالاغتسال بدل التيمم ففعل فمات   » قتلوه قتلهم الله إنما شفاء العي السؤال كان يكفيه أن يتيمم لم لم يسألوا إذ لم يعلموا « . لم لم يعاتبهم على عدم الصلاة كل لوحده فذا إذ إختلفوا مع أميرهم ؟ ألا تعد صلاتهم كلهم أفذاذا صحيحة ؟ لم ركز على قضيتين : اليسر والعلم ؟ لو لم تكن حرمة الانسان عند خالقه سبحانه أكبر من كل كبير في الحياة حتى من الكعبة المشرفة لقال قائل بأنه عليه السلام سيكون عليهم أشد عتبا وغضبا لو صلى كل واحد منهم منفردا .

كل ذلك وأكثر منه بأضعاف مضاعفة لا تحصى ليس له من معنى سوى الحرص على إقامة الجماعة وليس إقامة الصلاة فحسب لان الصلاة تقوم بغير ذلك في البيوت جماعة وفي العائلات الكبيرة جماعة ولكن المقصود من التشديد في أمر صلاة الجماعة والترغيب فيها كثيرا وتيسر كل أمرها طهارة وقبلة وحركات وقراءة وإمامة وعددا ومكانا وتأخيرا وتقديما وقصرا وجمعا وغير ذلك مما لا يحصى … ليس سوى إحكام آصرة الجماعة وتثبيت مبدإ إجتماع المسلمين وتوفير الفرص اليومية والاسبوعية والسنوية لالتقائهم وما يترتب على ذلك من تعارف وتوحد وتآخ وتصاف وتغافر وتعاتب وتكافل وتضامن وتعلم وتصاهر وتثاقف وتواع وإكتساب مهارات إجتماعية في الحديث والسلام والسؤال والتعامل ومناسبات للتخلق بالصبر والشكر والحلم والاناة والانفاق والقوة والكرم وخفض الجناح …

كل ذلك في الصلاة فحسب وكان يمكن أن يكتفي الاسلام منا بإقامتها في بيوتنا ومع من نحب أن نصلي معهم داخل العائلة أو خارجها فلم شدد على جمعنا فإن لم نجتمع هددنا بتحريق بيوتنا على رؤوسنا فإن لم نفعل رغم ذلك فرض علينا صلاة الظهر من كل يوم جمعة جماعة .؟

لا بل كيف يعرف الناس في المجتمع الاسلامي مقيم الصلاة من تاركها فيستتاب هذا ثلاثا ثم يقتل حدا لا كفرا حتى مع إقراره بها وفق ما إنتهى إلى ذلك إجتهاد الامام أحمد خاصة ؟

إذا كان التجسس على البيوت ممنوعا فكيف يعرف هذا من ذاك لولا صلاة الجماعة والجمعة والعيدين والجنازة والاستسقاء والخسوف والكسوف ؟ وكيف تطبق أحكام الاسلام ؟

لن أثقل كاهلك بأمثلة من العبادات الاخرى من مثل الصيام والزكاة والحج لاني سأكرر ذات التفاصيل فيها جميعا بما يخدم المقصد الاسنى من ذات الفكرة الكبيرة وهي أن الاسلام بأسره عقيدة وعبادة وشريعة ونظاما في كل تفصيلاته وجزئياته فضلا عن كلياته هو نظام الجماعة وليس نظام الفرد على معنى أن الفرد لوحده فيه لا يتقدم بالاسلام خطوة واحدة إلى الامام بل سرعان ما تعلوه الشبه وتخترمه الشهوات فيرتد بوجه أو بآخر .

لذلك لا تجد في القرآن الكريم بأسره نداء واحدا بصيغة المفرد إلا مراعاة لخصوصية وهي قليلة جدا جدا جدا أو نداء جنس عام وكل ذلك ينبئك بأن الاسلام دين الجماعة أو لا يكون .

دعني أختم لك بأمرين يخدمان ذات الغرض :

1 ــ حتى الدعوة إلى التقوى لم ترد مرة واحدة بصيغة المفرد رغم أن الانسان لا يمكنه أن يتقي الله في جماعة تقوى حقيقية لان  » التقوى ههنا  » كما قال عليه السلام . حرص الاسلام على جعلنا نتقي جماعة حتى لو كان فينا منافقون وعصاة أشداء لم ترح أفئدتهم رائحة الخشوع يوما ولم يخالج مهجهم شغاف الحب ليلة . يبدو ذلك غريبا في منطق العقل وهو كذلك فعلا ولكن حين تقرأ المنافع المترتبة عن ذلك للجماعة وللفرد في آن واحد لادركت بأن من لم يفقه معنى الجماعة في الاسلام لم يزده تدينه إلا بعدا حتى لو خضلت دموعه الحرى لحيته الكثة مرات ومرات في اليوم الواحد .

2 ــ كان يمكن له عليه السلام ـ وللتشريع الاسلامي عامة ـ أن يشدد علينا في صلاة الجماعة والجمعة بذات ما ذكرت آنفا وما تعرف أنت وما لا تعرف دون أن يحدد لنا مكانا معينا نصلي فيه جماعة أي دون مسجد مشيد مبني ولو بالجريد أو بالطوب أو برسم علامات فوق الارض تماما كما يرسم القبر … كان يمكن له فعل ذلك فيصلي الناس الظهر هنا والعصر هناك واليوم بالقرب من هذا وغدا من ذاك … أليس يمكن له تيسيرا على الناس فعل ذلك وهي نبي اليسر عليه السلام؟

أراد عليه السلام من تعيين مسجد محدد معروف مكانه حتى لو لم ترفع منه على الارض جريدة واحدة ولا طوبة واحدة أن يوحدنا ويجمعنا في مكان معلوم معروف حتى لانتفرق غدا بعد إجتماعنا اليوم لا بل حتى لا ينسب إجتماعنا اليوم لفلان وغدا لعلان لا بل لم يرض أن يكون منزل واحد منا مسجدا ـ سوى لضرورة قاهرة جدا تقدر بقدرها ـ حتى يشعر المسلمون بالمساواة فإذا لم يشعر العابد بالمساواة مع العابد الذي بجنبه فإن تسعة أعشار الخشوع تذروها رياح الحسد وتطمرها عواصف البغضاء فتتمزق الصفوف .

لا بل حرص أهل التخطيط العمراني سابقا في تاريخنا على جعل المسجد أعلى بناية في المدينة أو القرية سيما بمنارته ومئذنته صورة وبأذانه صوتا ويتوسط التجمع السكني والمرافق المحيطة به .

فالخلاصة إذن هي أن مؤسسة المسجد في الاسلام كانت تحتل منزلة القلب من الاهتمام النبوي فكرا وعملا لتحقيق مقصدين كبيرين لو حرصت على ترتيبهما ليس ترتيبا تفاضليا ـ لان الترتيب التفاضلي بين فرائض الاسلام ليس منهجا صحيحا ـ ولكن ترتيبا يقوم على فكرة الحفظ أي أيهما يحفظ الاخر … لو رتبت ذينك المقصدين الكبيرين وفق تلك الفكرة لما ترددت في القول بأن : 1 ــ الحرص على المسجد ـ ولو بالجريد الذي لا يقي من حر ولا قر ـ يحقق فريضة الجماعة على المسلمين ولو مرة واحدة كل أسبوع ولا شك أن الجماعة :

ــ تيسر سبل التدين عامة وإقامة الصلاة خاصة

ــ تيسر سبل التعاون والتعلم والتعارف بما يقوي وحدة المسلمين ويقيم بينهم العدل والامانة

2 ــ الحرص على المسجد يحقق فريضة صلاة الجماعة سواء كانت صلاة عادية أم جمعة أم جنازة أم صلاة بمناسبة كالاستسقاء والخسوف والكسوف وإن كان الاستسقاء سيما عند بعضهم قديما لظروف معلومة يستحب له خارج المسجد و العيدين …

أيهما حسب رأيك أكثر حفظا لصاحبه : الجماعة للصلاة أم الصلاة للجماعة ؟

لا ضير إن إختلفنا على هذا  » المتحول  » كلما تشبثنا بأن  المسجد فريضة على المسلمين به وفيه يصلون متوحدين أو يتوحدون وهم عابدون  » في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها إسمه يسبح له فيها بالغدو والاصال رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة  يخافون يوما تتقلب فيه القلوب والابصار ليجزيهم الله أحسن ما عملوا ويزيدهم من فضله والله يرزق من يشاء بغير حساب  « .

والله تعالى أعلم

الهادي بريك / ألمانيا


 

الديمقراطية تعبد الطريق للحركات الإسلامية

توفيق المديني (*)

 

يبدوأن موجة الديمقراطية التي بدأت تعم في العالم العربي آخذة في التصاعد.فعندما انتخب العراقيون مجلسهم التشريعي مع بداية هذا العام ، هللت إدارة بوش لنصر ديمقراطي في المنطقة التي ترزح تحت عبء الفساد و المحسوبية و الديكتاتورية.

 

و أن تنتصر حركة حماس في ظل كل التعقيدات المتعلقة بالمشهد السياسي الفلسطيني ، فهذا يعني أن الشعب الفلسطيني متمسك و مناضل عنيد من أجل التحول الديمقراطي المنظور حاليا ، كبديل لخيبة السلطة الفلسطينية القائمة على حركة فتح.وقد أظهرت نتائج الإنتخابات في فلسطين المحتلة ، أن الرهان الحقيقي يتمثل الآن  في الحركة الإسلامية الفلسطينية  حماس لكي تكون هذه الشرعية السياسية.

 

الكل في العالم العربي، و في العالم الغربي، يتساءلون عن التطورات السياسية والإسقاطات السياسية داخل فلسطين المحتلة، و في منطقة الشرق الوسط، على ضوء الفوز الكاسح الذي حققته حركة حماس في الإنتخابات التشريعية الفلسطينية، و على توازنات القوى السياسية داخل المجتمع الفلسطيني، و مدى تفاعل مجموعة من التغيرات الفلسطينية مع المعطيات الإقليمية و الدولية في منطقة الشرق الأوسط.

 

الشعب الفلسطيني  يتطلع  إلى الديمقراطية الحقيقية المرتبطة بضمان إقامة دولته الوطنية المستقلة  ‘ و عاصمتها القدس الشريف، فهل ستكون حماس بمستوى هذا التحدي التاريخي والحضاري، أي بمعنى آخر تحترم المشروع الديمقراطي كخيار سياسي تاريخي لا رجعة عنه في فلسطين، وتحترم وجود معارضة علمانية وديمقراطية، و أكثر من ذلك تؤمن بمبدا التناوب في السلطة، وقبول ضرورة وجود صحافة حرة وديمقراطية تكون ركيزة للحياة الديمقراطية في فلسطين؟

 

مما لاشك  أن وصول حكومة إسلامية  بقيادة حماس  إلى السلطة في فلسطين المحتلة سيكون له وقع كبير ، ربما حركة من التغيير السياسي  في بلدان الشرق الأوسط، ،لا سيما أن الإنتخابات التي جرت مؤخرا في العراق، و في مصر، وفي دول أخرى من المنطقة، أظهرت مهارة الأحزاب الإسلامية في الإستفادة من الحريات السياسية الجديدة لكسب حجم من النفوذ و الشرعية لم يسبق له مثيل في الشرق الأوسط.و تعتبر القوة المتنامية للأحزاب ذات القواعد الدينية العنصر المفاجىء الأكبر الذي طرأ على رؤية إدارة الرئيس بوش لعملية استبدال الأنظمة الديكتاتورية بالديمقراطية.

 

هناك تساؤل ألقى بثقله على الساحة السياسية الفلسطينية ، و العربية، منذ انتصار حماس في الانتخابات البلدية و التشريعية، و يتمثل ماهو الأفضل للعالم العربي، أن يبقى على حالة الديمقراطية ، حتى و إن أدت عملية الانتخابات الإشتراعية إلى وصول الإسلاميين إلى السلطة، أم أن الأمر على عكس من ذلك يتطلب الإبقاء على الأنظمة التسلطية عن طريق إجهاض  الفوز الإنتخابي للإسلاميين بحجة حماية المسار الديمقراطي، و المثل الديمقراطية؟وفي سؤال جامع ، هل حالة الديمقراطية حالة شر تام أم حالة خير للعالم العربي؟

 

الأحزاب الإسلامية ، سواء كان الحديث عن الإئتلاف  العراقي الموحد، أو حزب الله في لبنان،أو حركة حماس في فلسطين، أو الإخوان المسلمين في مصر، استفادت من الدعم الأمريكي لإحلال الديمقراطية، و الإصلاح السياسي والاقتصادي، وتحسين اوضاع الأقليات و حقوق الإنسان و القوانين المقيدة للحريات و حرية التعبير، في العالم العربي. لكن هذا الدعم لم يكن مصدر القوة الوحيد للحركات الإسلامية التي استفادت أيضا  من مشاعر العداء الشعبي الحاد للسياسات  الأمريكية و الصهيونية ، إذ إن قوة الدعم الشعبي للأحزاب الإسلامية شكلت مخزونا استراتيجيا وظفته هذه الأخيرة لمصلحتها عبر صناديق الإقتراع.

 

وغالباً ما يتساءل بعض الباحثين والمنظرين العرب والأجانب عن العلاقة بين الإسلام والديموقراطية، وهل تتلاءم أو تتعارض الثقافة الإسلامية مع بعض التجربة « الديموقراطية الغربية » أو « الليبرالية »؟ ».

 

والحال هذه ساد في البلاد العربية نموذج الدولة التسلطية التي وأدت الديموقراطية الليبرالية، وهي لا تزال طفلة تحبو. ومنذ إنتصار الثورة المحافظة في الغرب مع مجيء تاتشر وريغان، تبدل المناخ العالمي، وأصبحت الديموقراطية بمفهومها الليبرالي إيديولوجية مهيمنة ومطلباً شعبياً جارفاً لايمكن الوقوف بوجهه ورفضه. ولم تسلم المنطقة العربية من شظايا هذه الإيديولوجيا التي استعمرت المخيلة الإنسانية منذ سقوط جدار برلين وانهيار المعسكر الإشتراكي بقيادة الإتحاد السوفياتي.

 

لاشك أن التعددية السياسية تكسر احتكار النظم العربية للدولة والمجتمع، وتفسح في المجال للإسلاميين لإنهاء عزلتهم وإقامتهم الجبرية، و تمنحهم فرصا ذهبية للعب دور فاعل في الحياة السياسية العربية. ويصل الباحثون المتخصصون في الحركات الإسلامية   إلى نتيجة مفادها، أنه في ظل إنقلاب ميزان القوى لمصلحة الإسلاميين، أصبح هؤلاء أكثر تقبلا للتعددية السياسية والإنتخابات العامة، بالرغم من إستمرار تحفظهم عن مفاهيم الديموقراطية الغربية. كما إن نجاحات الإسلاميين المحدودة ناجم عن كونهم الفريق الأساسي الذي يصارع النظم الإستبدادية الضعيفة المشروعية في العالم العربي، إضافة إلى مواقفهم الراديكالية من الكيان الصهيوني ، لاسيما الحركات الإسلامية الجهادية.

 

وإذا كان الإسلاميون بدأوا جدياً في تحديد مواقفهم المعقدة من قضية الديموقراطية وروافدها المتعددة ـ الحزبية، التعددية السياسية، المواطنة، المساواة القانونية بين الرجل والمرأة، إلا أن هذا التعاطي الإيجابي لا يعني أن الإسلاميين أصبحوا ديموقراطيين أو تخلوا عن تحفظاتهم العديدة عن بعض المفاهيم في الديموقراطية الغربية.

 

في مقابل ميلاد هذا التيار الإسلامي الديموقراطي الذي جاء كنتاج لعملية مستمرة داخل منظومة فكرية تتراوح بين التجديد والإنفتاح والأنسنة وبين الإنغلاق والجمود وتعطيل العقل الإجتهادي، يظل الموقف من الديمقراطية في العالم العربي بوجه عام هو موقف زئبقي يتحول من طرف إلى آخر تبعاً لإرتفاع درجة الطقس السياسي والإجتماعي، وحسب المصالح والأهواء، لا حسب القناعات والوعي والثقافة الديموقراطية.

 

(*) كاتب تونسي مقيم في دمشق

 

(المصدر: صحيفة الخليج الإماراتية الصادرة يوم 22 فيفري 2006)


الـعـبّـارة الـعـربـيّـة

د. أحمد القديدي (*)

رحم الله تعالى ضحايا العبارة المصرية الألف ورزق الله أهاليهم وذويهم جميل الصبر والسلوان، فقد كدنا في زخم الأحداث المأساوية المتلاحقة أن ننساهم، بينما كان الأجدر أن نعطي الأولوية لهذا المصاب الجلل، لا ككارثة مصرية ذات جنسية، فلاجنسية لمصائبنا بل ككارثة عربية تهم كل مواطن من المحيط الى الخليج. ولا أخفي القراء الأفاضل بأني اكتشفت التشابه العجيب بين العبارة وبين العالم العربي كله، مع الاحساس الذي يحدوني بأن كليهما يغرق: العبارة في مياه البحر الأحمر والعالم العربي في مياه العصر الراهن، وأن كليهما يقدم الضحايا الأبرياء الذين لا يفهمون أسباب الغرق وأن كليهما يقفز منه الربان الى مركب الطوارىء طلبا للنجاة تاركا الجمل بما حمل دون اعتبار المبدأ المعروف والمتداول منذ الأزل وهو أن الريس هو آخر من يغادر المركب الغارق.

ثم إن العبارة تماما مثل العالم العربي خالفت قواعد السلامة رغم أن اسمها السلام، وخرجت عن قوانين الطبيعة والتوازن الفيزيائي باضافة ثلاثة طوابق عليها من أجل زيادة الربح الحرام مع الضرب عرض الحائط بأرواح الركاب المساكين الذين سلموا مصائرهم الى أياد غير أمينة معولين على شعور المسؤولية الذي من المفترض أن يتحلى به ريس العبارة وأفراد الطاقم المسير للعبارة، ووجه الشبه الآخر بين العبارة والعالم العربي هو أيضا كون الجمهور نسي الألف ضحية والتفت صوب ملعب كرة القدم مصفقا مهللا للفوز بكأس الأمم الافريقية، فكان الجو يوحي بأن المأساة المنسية غرقت في الفرحة الشعبية وبأن الألف غرقان راحوا فداء المهرجان.

ليس تعليقي على الحدث الأليم تحميلا لأحد الأطراف مسؤولية ما، فذلك موكول للقضاء المصري وهو قضاء عادل ونظيف، ولكن الغاية من اثارة هذه المأساة هي استخلاص العبر مما حدث وعقد المقارنة بين العبارة وعالمنا العربي، فكلاهما يشق طريقه في يم متلاطم الأمواج تجري الرياح فيه بما لا تشتهي السفن كما يقول مثلنا العربي القديم. ثم ان المقارنة تصح وتتعزز اذا ما عرفنا أن سفينة عربية مرت بالقرب من العبارة الغارقة ويشاع والله أعلم أنها لم تقم بواجب الانقاذ، وهذا السلوك لو صح بعد التحقيق يذكرنا بعزلة أي شعب عربي عن شقيقه والتنافر بين البلدان بما لا يخدم مصالحها ولا يعمل على تنسيق جهودها والتوفيق بين سياساتها أمام عالم أصبح يتعامل معنا على أساس أننا منقسمون مشتتون. فما أشبه السفن المارة قرب العبارة الغارقة بدولنا التي تتماس دون شعور بضرورة النجدة والمؤازرة.

خذ لك مثل السلطة الفلسطينية بعد فوز حماس الديمقراطي المشروع والمؤيد بانضمام الشعب حولها وحول برامجها كأية ديمقراطية حقيقية، كل الأطراف في العالم تحركت كل حسب مصالحه أو مصالح دولة اسرائيل: أمريكا لهاموقف والاتحاد الأوروبي له تحفظات واسرائيل لها تهديدات والصين نطقت وروسيا تنصح والهند تحلل، للجميع تحركات باعتبار الأمن في منطقة الشرق الأوسط هو بيت الداء للسلام العالمي، وباعتبار عدم التخلف عن قافلة الاستراتيجيات الدولية التي تصنع المستقبل، الكل تحرك ما عدا العرب!

انها ظاهرة مخيفة ولا تبشر بخير، لأن الانطباع لدى الرأي العام العالمي هو أننا أمة عاجزة عن الاتفاق حتى على هذا الملف الراهن والساخن، كأننا لم نتذكر أن القضية الفلسطينية هي القضية الأم والمشكلة المحورية للعرب منذ عام 1947 تاريخ النكبة التي لم تعقبها الا النكبات حينما نسيناها وتخلينا عن واجب النهضة بأعباء التضامن الصادق معها، أو مع الأسف حين استغلت بعض الأطراف العربية مأساة الشعب الفلسطيني ووظفتها لخدمة زيد والاطاحة بعبيد وتعاطت معها بعض الأطراف الأخرى من منظور العواطف الجياشة والأناشيد الحماسية لتغطي على العجز والاعاقة والتفريط.

واليوم لو أخذنا مثالاً ما وقع يوم الأحد الماضي في فلسطين لأدركنا أننا نحن العرب أجمعين محل استهداف ومساومات واستفزاز، فقد اغتالت قوات اسرائيل شابين من المقاومة، وقتلت بالدم البارد طفلين في اقتحام لمخيم بلاطة بنابلس، وعلى الصعيد السياسي أعلن أولمرت أن الحكومة الفلسطينية أصبحت جماعة ارهابية وعلى المستوى الاقتصادي أعلنت اسرائيل حرمان السلطة من عائدات الضرائب التي تنص عليها اتفاقية أوسلو برعاية الرباعي المشرف على تنفيذها: واشنطن وموسكو والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة. هذه التحركات المخططة لاذلال الفلسطينيين وممارسة العقاب الجماعي عليهم كما وصفها اسماعيل هنية في نفس يوم الأحد لا تجد أي صدى في العبارة العربية، والحال أنها استفزاز للعرب جميعا وتهديد صارخ لكل المصالح العربية العليا، لأن اسرائيل لو وجدت ردود فعل عربية في مستوى هذه المخاطر لما أقدمت على الاستهانة بكل محاذير السلام والأمن في اقليم متفجر ومحل صراع بين الحق والباطل منذ ستين عاما.

فالعبارة العربية تواصل طريقها وتمخر عباب بحر الظلمات محفوفة بالمهالك، ومثقوبة الخشب كأنها لا تبالي بالعواصف المحيقة والأعاصير القادمة.

هذه هي العبارة العربية: نسخة عملاقة مكبرة من العبارة المصرية والغريب أن هذه وتلك ترفعان شعار السلام ولن تجدا السلام الا في المواقف الجريئة الموحدة وفي الحفاظ على الثوابت دون غوغاء، أي في كنف ما يتوافر لنا من أدوات العزة والكرامة والعنفوان حتى نورث العبارة العربية لأبنائنا سليمة وقادرة على الابحار ونعلمهم بالأسوة الحسنة كيف يصونونها من الغرق والتلف ويرفعون على صواريها راية الأمة العربية ذات المجد التليد والمستقبل العتيد. هذه الأمانة ستظل في أعناق جيلنا نحن وهي حق الأجيال الصاعدة علينا، فكما تسلمنا العبارة سليمة قوية من الجيل الذي حررها من الاستعمار يجب أن نسلمها لجيل عربي يحميها من الانهيار.

(*) كاتب وسياسي من تونس

(المصدر: صحيفة الشرق القطرية الصادرة يوم 22 فيفري 2006)


 رغـم أنف الحكام

بقلم عبداللطيف الفراتي (*)

في مثل هذه الأيام قبل 17 سنة، تم التوقيع في مراكش العاصمة التاريخية المغربية والمغاربية على وثيقة إنشاء الاتحاد المغربى العربي بحضور رؤساء دول المغرب وموريتانيا والجزائر وتونس وليبيا. ومن بين الرؤساء الذين وقعوا على تلك الوثيقة التي اعتبرت في حينها تاريخية لم يبق في الحكم سوى رئيسين من الرؤساء الخمسة في مواقعهم، وغادر الحياة أو المسرح السياسي كل من الملك المغربي الحسن الثاني والرئيس الجزائري الشاذلي بن جديد والرئيس الموريتاني معاوية ولد الطائع، بينما يواصل مهامهم أكثر من كانوا مؤمنين وقتها بالوحدة المغاربية والنجاح في التحدي الوحدوي أي الرئيسان بن علي و القذافي.

وتأتي هذه الأيام الذكرى السنوية للأمل الكاسح بتحقيق مطمح حوالي 80 مليونا من البشر شهدوا حلمهم تذروه الرياح على مذبح انعدام الإرادة السياسية والخلافات التي ما أنزل الله بها من سلطان.

وإذ تراجع الحلم وانكفأت الشعوب على جراحها وآمالها الخائبة، فإنه لم يبق من توقع إلا أن يفرض الواقع على القادة تشابك المصالح الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وغيرها ، لقيام إن لم يكن وحدة، فعلى الأقل تداخل بين الشعوب يفرض واقعا ليس في الحسبان.

وإذ تمتد النظرة إلى تلك الوحدة التي تحققت في التاريخ، والتي حملها الشباب المثقف في قلبه منذ العشرينيات وفي باريس بالذات موقع التقاء الشباب الطالبي حينذاك أيام لم تكن تتوافر جامعات في الشمال الإفريقي وكانت عاصمة النور هي قبلة من يسعى للتعليم الجامعي، فقد مرت الفكرة بمراحل متعددة من مؤتمر طانجة سنة 1958 إلى قيام اللجنة الاستشارية للمغرب العربي التي كان مقرها في تونس والتي كانت أهدافها متمثلة فقط في تحقيق التكامل الاقتصادي قبل أن يقع إجهاضها بأيدي البعض من القادة المغاربيين (يخربون بيوتهم بأيديهم) ، ليتوج كل المسعى بذلك الاجتماع للقمة الذي انعقد في مراكش الذي انتهى بإنشاء اتحاد مغاربي بأبعاده السياسية والاقتصادية والثقافية والتعليمية وغيرها.

غير أن حليمة لم تنس عادتها القديمة فسرعان ما امتدت أيدي التخريب إلى هذا الصرح قبل أن ينضج وتناولته المعاول هدما وتكسيرا حتى جعلته رغم تواصل قيامه على الورق مجرد شبح باهت لما كان مخططا له من مستقبل على الأقل في مستوى مجلس التعاون الخليجي أو الكثير من الأجهزة الإقليمية التي تشكلت في إفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية وحتى الشمالية.

ولكن هل يستطيع الحكام أن يقضوا بجرة قلم على هذا المولود الذي حملته أجيال الشمال إفريقيين في أرحامها ولم تنقطع عن الدعوة له ورعايته والقيام عليه.؟

وإذا كان الحكام أو البعض منهم غير راغبين في هذه الوحدة ، أو غير قادرين على تصور طبيعة المرحلة التاريخية الحالية من حيث قيام التجمعات الإقليمية ضمانا للحصول على مكان في غابة المنافسة الشرسة القائمة حاليا عبر العالم وفي نطاق العولمة ، فهل إن الشعوب قادرة على التجاوز؟

وهل إن الظروف العالمية ستفرض واقعا جديدا من فوق رؤوس الحكام والقادة؟

ففي العام الماضي المنقضي أمكن للجزائر بفضل ثروتها البترولية والغازية أن تحقق مدخرات من العملة الأجنبية تفوق 40 أو50 مليار دولار في ظل ارتفاع أسعار البترول،

والجزائر التي فرطت في عهد الرئيس بومدين وما بعده في ثروة هائلة أتيحت لها ولم تحسن استخدامها على إثر « الصدمتين « البتروليتين للعامين 1973 و1980 ، وانتهت وهي الدولة الغنية إلى أزمة اقتصادية واجتماعية خانقة ، مقرة العزم هذه المرة على ألا تترك فرصتها تمر دون أن تحقق لنفسها شأوا من التقدم والتنمية كبيرا، مستفيدة من هذه الثروة مؤملة أن تجعلها في خدمة الشعب الجزائري الذي كم عانى من سوء التصرف إن لم يكن من الفساد خلال سنوات طويلة مر بها.

غير أن الجزائر المحاطة ببلدين حققا رغم قلة الموارد وتواضعها فيهما نسبا من التنمية والرفاهة غير قليلة لابد هذه المرة من أن تستفيد من التجارب المتراكمة في كل من تونس والمغرب ، واعتماد نمط التنمية فيهما ربما بخبرات من كوادرهما وإطاراتهما التي حققت نموا عاليا نسبيا رغم قلة الإمكانيات.

ولعله من المؤكد أن الشعوب تبدو الأقدر على تحقيق التنسيق بينها وهو ما بدأ فعلا، فالتيارات التبادلية سواء السلعية أو الخدمية أخذت بالتعاظم ، والخبرات أخذت تتنقل بحرية كبيرة بحيث لم تعد الحدود في غالب الأحيان لتقيم حواجز أمام الأفراد والسلع ، والثروة المستجدة في الجزائر باتت قادرة على جذب ليس فقط القوى العاملة ولكن بالخصوص أصحاب الخبرات العالية، ورغم تفشي البطالة في الجزائر أكثر من تونس والمغرب فإن البلد بات بفضل ما توافر لديه قادر على استقطاب الطاقات الكفيلة هذه المرة بتحقيق القفزة النوعية التي يحتاجها والذي أخفق قبلا ورغم ثرواته في تحقيقها بالنظر إلى اعتماد إقامة المشروعات «السياسية» لا ذات الجدوى وانسياب الأموال في ما لا يعني مما سمي منجزات ظهر لاحقا أنها كانت كرات حديدية تشل الحركة بدل خلق فرص التنمية.

فهل تنجح الشعوب في تخطي ما فشل فيه الحكام ويقوم مغرب الشعوب بدل مغرب القيادات؟

ذلك هو السؤال المطروح بإلحاح أمام فرص الاستثمار الضخمة المتاحة للجزائر اليوم والتي تحتاج ولا شك إلى الإخوة المغاربيين وخبراتهم للوصول إلى بر الأمان.

(*) كاتب وصحافي من تونس

(المصدر: صحيفة الشرق القطرية الصادرة يوم 19 فيفري 2006)


 

قادتنا والإعلام

محمد كريشان

 

أعلنت طرابلس عن استيائها الشديد من أن محطة سي.إن.إن التلفزيونية الأمريكية شوهت مقابلة أجرتها مع العقيد القذافي وذلك لأنها ابتسرت مقاطع من هذه المقابلة التي كانت تعهدت ببثها كاملة مما يعتبر مخالفة مهنية صريحة لما تم الاتفاق عليه مسبقا بين المحطة والجهات الليبية حسب ما صرح به مسؤول إعلامي ليبي في الدوحة. ومع أن المقابلة سجلت في العاشر من نوفمبر العام الماضي وبث جزء منها في الخامس والعشرين منه إلا أن التذمر الليبي لم يخرج إلي العلن إلا أمس الثلاثاء لأن ما بين التاريخين جرت محاولات عبر خبراء قانون ومحامين دوليين لتذكير المحطة بالتزامها دون جدوي مما استلزم، حسب ذات المسؤول من السفارة الليبية بالعاصمة القطرية، إعلان ذلك علي الملأ حتي نبين أن ما قامت به المحطة المذكورة يخالف المصداقية والثقة التي اعتقدنا أنها متوافرة مع وسائل الإعلام التي تتحدث دائما عن حرية الصحافة والتعبير والنشر وهو ما خالفه الواقع بصراحة .

إلي هنا ينتهي الخبر الذي لن ندخل في حيثياته التفصيلية وما إذا كانت المحطة الأمريكية مخطئة فعلا أم لا، لأن ما يهمنا فيه تحديدا هو طريقة تعامل القيادات العربية مع وسائل الإعلام الأجنبية بالخصوص وربما التلفزيونية علي وجه أدق. الملاحظة الأولي أن أغلب هذه القيادات من جهة نادرا جدا ما تعطي مقابلات لتلفزيوناتها المحلية وفي نفس الوقت تريد التعامل مع التلفزيونات الأجنبية وكأنها محلية تابعة لها. لا أدري كم من الوقت تحدث العقيد القذافي أو ماذا قال ولكن هل من المطلوب مثلا أن تبث أي محطة مقابلة مدتها ثلاث ساعات لمجرد أنها التزمت ببثها كاملة وهي لا تدري أن الضيف سيتحدث كل هذا الوقت؟! في المقابل فإن محطاتنا الوطنية الهمامة مستعدة لبث أي شيء يقوله القائد الملهم حتي لو كان طويلا مملا كمسلسل مكسيكي. من ناحية أخري، هناك هيام خاص من بعض الزعماء العرب بالتلفزيونات الأجنبية، في المغرب العربي بالفرنسية تحديدا وربما أيضا الإسبانية والإيطالية وفي المشرق بالأمريكية أولا ثم البريطانية وكثير من هؤلاء لم يتحدث مرة واحدة لا إلي تلفزيونه المحلي ولا إلي أي محطة عربية واسعة الانتشار، فيما آثر البعض الآخر السلامة فلا يتحدث لأي تلفزيون أبدا فهو يفضل دائما الصحف والمجلات، تبعث الأسئلة مكتوبة فترد الأجوبة مكتوبة وكفي.

هناك فرق بديهي بيــّـن بين الخطب الجماهيرية والمقابلات التلفزيونية ففي الأولي بإمكانك أن تفعل مثل فيدال كاسترو أو هوغو تشافيز فتتحدث لسبع ساعات أو خمس دون مقاطعة إلا من تصفيق صادق أو منافق، أما المقابلات ففن آخر مختلف وأشك أن بعض قادتنا قد تواضع وأخذ دورات تدريبية في كيفية التعامل مع الكاميرا بدءا من نوعية اللباس وطريقة الجلسة وقسمات الوجه وصولا إلي صياغة الجملة القصيرة المكثفة المعبرة. ليس عيبا أبدا أن يؤتي بمستشارين وشركات علاقات عامة تجيد تلقين هذه التقنيات فقد يكون القائد، جدلا، عبقري زمانه في كل شيء لكنه فاشل تماما في الحديث أمام كاميرا ويفتقر إلي حضور البديهة وروح النكتة اللازمة لتنفيس أي لقاء تلفزيوني قد يكون مشحونا أو متوترا. ثم إن من يملك هذه الاستشارات الواسعة قد لا يوفق بالضرورة لأن للخصال الشخصية دورا كبيرا في الخروج بصورة إيجابية أو سلبية بعد المقابلة فضلا عما يقال فيها هي نفسها من آراء ومواقف ويكفي هنا مثلا استحضار بعض مقابلات الرئيس الأمريكي بوش ووزير دفاعه رامسفيلد مثلا.

والخلاصة أن علي الكثير من القيادات العربية الالتفات أكثر إلي ما بات يعرف بفن أو علم التعامل مع وسائل الإعلام، وخاصة التلفزيون، قبل أن نرمي اللوم علي الآخرين كما تفعل دائما في كثير من القضايا.

 

(المصدر: صحيفة القدس العربي الصادرة يوم 22 فيفري 2006)


المؤسسة الدينية والتدين في الغرب

د. عزالدين عناية (*)

 

من الصواب عند تناول سوسيولوجيا الدين في الغرب التمييز بين قطاعي: المؤسسة الدينية كجهاز وظيفي توظيفي والتدين كظاهرة اجتماعية، معبرة عن تجربة روحية داخل وعي الفرد، لما بينهما من تغاير ولغرض الالمام الموضوعي والجلي بالأمر

.

ففي الراهن الحالي تتلخص مجمل الاشكاليات التي تواجه المؤسسة الدينية الغربية، في مصدرين أساسيين: يعود الأول، الي فلسفة الدوغما التي تصوغ الرؤي وتحكم التوجهات وتضبط المواقف؛ والثاني، الي مظاهر تجليات فعل المؤسسة ونشاطها، وما تمليه عليها تاريخيتها الداخلية من جدل مع الأوضاع المحيطة بها. في ما يتعلق بفلسفة الدوغما، التي لا تزال تميز أكبر أجنحة المؤسسة الدينية الغربية، ألا وهي الكنيسة الكاثوليكية، برغم ما تتحدث فيه عن نفسها، وتسعي لاقناع الخارج به، من قطع شوط في التطور اللاهوتي والتبدل، بعد المجمع الفاتيكاني الثاني (1962 ـ 1965)، لم تغادر بؤرة مقولاتها القروسطية، المتلخصة في مقــولة لا خلاص خارج الكنيسة

extra ecclesiam nulla salus ، في موقفها من الأديان الأخري. وارتباط المؤسسة الدينية المتين بجهاز الفعل السياسي، برغم ما هو شائع ظاهريا من فصل بين الدين والدولة، حولها الي مشهد اعلامي بارز موظَف، مولدا ذلك الارتباط خضوعا لمغريات الآلة المشهدية، التي أثرت علي استقلالية الرسالة الروحية، وأغرقتها في مُرائية تتناقض مع الشهود الفعلي لرسالة الناصري. ذلك الولاء الذي ارتضته المؤسسة جعلها تتطلع الي كسب سلطة خلقية، علي المجال الديني العالمي، تحوز فيه المرجعية العليا لكافة الأنماط الدينية، تماثل هيمنة الآلة السياسية البراغماتية، علي مجالي المصالح والمنافع. تتكفل فيها بفرز المشروع من اللامشروع، والصائب من الخاطئ، في حقلي الروحي والخلقي، وهو ما لخصه اللاهوتي الألماني السويسري المنشق هانس كونغ بالسعي لكسب احتكار الحقيقة المتعالية.

فحين تصير الدوغما وأخلاقياتها مشروطة، وجودا وعدما، بقوي زمنية تقدر قدرها، تكون عرضة لاندماج كلي ضمنها، مهما نأت ظاهرا عن ذلك، ومهما تظاهرت بالاستقلالية والحياد. والموقع الذي تضع المؤسسة الدينية نفسها اليوم فيه، ضمن لعبة آلة الهيمنة السياسية العالمية، أملي عليها عرض وجه انساني مسالم بنسق ديني مشروط بغيره، يتخفي فيه قبح وعنف آلة استغلال سياسية جبارة، تحركها وغيرها من الأدوات التابعة. فالشر لا يستطيع أن يأتي عاريا بل عادة ما تصحبه خلقية يلتف بها ولو كانت نقيضا لما يفعل

.

وفي الزمن الذي ترتدي فيه المؤسسة الدينية ثوب ديمقراطية الاطار السياسي والحضاري الذي يحويها، تحـــاول التعــامل مع غيرها من الديانات والفضاءات الحــضارية بمنــطق البطرياركية. جاء في وثيقة صــادرة عن مجمــع عقيدة الايمان ـ

Congregazione per la Dorina della Fede ـ، وهي أعلي الهيئات الفاتيكانية الساهرة علي العقيدة، ضمن تصريح Dominus Iesus ، بامضاء مفتش العقائد السابق، الكردينال جوزيف راتزينغر، الذي يشغل منصب الحبر الأعظم في حاضرة الفاتيكان في الراهن: بالتأكيد، تحوي مختلف التقاليد الدينية وتوفر عناصر دينية، متصلة بالله، وتمثل جانبا من عمل الروح القدس في قلوب البشر وفي تواريخ الشعوب والثقافات والأديان. فبالفعل، يمكن أن تؤدي، بعض الصلوات والطقوس في الأديان الأخري دورا في التحضير الانجيلي، بصفتها فرصا أو بيداغوجيات، تتأهل من خلالها القلوب للانفتاح لعمل الرب. لكن في حد ذاتها، لا يمكن نسبة أصلها لله ولا يمكن أن تتوفر فرص خلاص عبرها، بصفة الأمر حكرا علي الأسرار المسيحية، فلا يمكن تجاهل أن الطقوس الأخري، الممتزجة بالخرافات والأغاليط، تمثل عقبة فعلا أمام الخلاص .

فلئن تشهد المؤسسة تطويرا لنشاطها وتوسعا لنفوذها، غربيا وعالميا، فانه لم تصحبها انتعاشة للتدين في الداخل، برغم ما قد يتبادر للذهن من ارتباط آلي بينهما. فقد صارت الكنائس والشعائر والصلبان و الخرجات ـ المواكب الدينية التي تجتاح الطرقات الغربية أحيانا ـ فلكلورا شعبيا، كما أصبح رواد الكنائس، من السياح لا العباد، تجلبهم أشهر اللوحات والرسوم الفنية، التي تغص بها الكنائس لا أداء الصلوات أو القداس. كما تراجعت المفاهيم والمعاني الدينية في الواقع العملي بشكل لافت، وهنا اشكالية علاقة الدين بالتدين في الغرب، قلة من تراعيه وقلة من تسعي للاهتداء بتعاليمه، ولكن مقابل ذلك هناك نواة مؤسسية تستميت علي تأكيد حضوره الرمزي في الحياة. وهو ما يمكن تلخيصه بنفوذ حضور المؤسسة وتحلل التدين

.

في الوجه الآخر لنشاط المؤسسة الدينية في الغرب، منذ أن أعيد رسم علاقة الكنيسة بالدولة، علي اثر معركة الفصل الدامية بينهما، تم تدشين الف جديد، حصلت علي اثره تركيبة جديدة في علاقة الديني بالمدني، لا تستند للاقصاء بل الي التنسيق وتقاسم الأدوار. التزمت المؤسسة الدينية فيها بأنشطة فاعلة داخل النسق الاجتماعي العام، لعل أبرزها اسداء نعوت القداسة و التطويب ، التي تمنح لاضفاء الكاريزما علي بعض الأفراد لغاية تمرير خط ايديولوجي من ورائهم. لذلك يلاحظ الكم الهائل ممن أعلنهم البابا الراحل كارول ووجتيلا قديسين ومطوبين، بلغت أعدادهم بالتوالي 476 و 1314، في حين لم يتجاوز مجموع ما أقره البابوات السابقون، عبر تاريخ الكنيسة الكاثوليكية، 300 قديس و1310 مطوبين

.

كما احتفظت الكنيسة بدور خلقي في السياسة، غالبا ما قادته تنظيمات كنسية عالمية شبه حزبية مثل: أوبوس داي و فكولاري و سانت أيجيديو و كومونيون وليبرسيون و رينيوم كريستي و ليجيوناري كريستيس ، تدعم تكتلات دولية أو تساند أحزابا أو تساهم في انشاء تحالفات، مع تجنب الاغراق المباشر في الفعل السياسي. وقد وجدت الكنيسة نفسها، ضمن هذا الدور، أقدر فعلا علي التأثير في المجالات الاجتماعية والسياسية، في مختلف التكتلات السياسية من أقصي يمينها الي أقصي يسارها، في الداخل والخارج

.

وضمن لعبة تقاسم الأدوار تلك، احتفظت الكنيسة بدور في غاية الخطورة، في مجال السياسة العالمية، يدعم ويخدم الاستراتيجية الغربية العامة، خصوصا فيما اتصل منه بانتقاد الكتل الحضارية الكبري المشكلة للعالم: كالكتلة الاسلامية، والكتلة الكنفشيوسية، والكتلة الهندية، والكتلة المسيحية الأرثوذكسية، التي لا زالت تعاني تناقضا مع الكنيسة الكاثوليكية

.

فقد خلصت المؤسسة الدينية أن مهمتها في مواجهة التحديات الدينية والحضارية الخارجية، وأنه لن يتيسر لها ذلك الا بدعم من قوي الفعل العلماني، عبر مسايرتها والتنسيق معها، وتجنب أي تناطح في ذلك. وحتي وان اختلفت معها في الموقف من بعض أمور الشأن الداخلي الغربي، كما تجلي من خلال رفض مسودة الدستور الأوروبي الذي يساوي بين المسيحية والديانات الأخري بالقارة الأوروبية، أو من حيث التحكم ببعض الفضاءات وصبغها بصبغة دينية أو الهيمنة عليها، فانها تتحاور معها وتضغط بوسائلها، وتتجنب أي تعنت متشدد معها

.

كما تبقي نظرة تلك المؤسسة احتكارية للفضاء الاجتماعي المهيمنة عليه، لذلك برغم أن الاسلام مثلا يمثل الديانة الثانية في عديد البلدان يبقي غير معترف به في العديد منها، كديانة قانونية، ويتعمق ذلك في البلدان ذات التقليد الكاثوليكي، فمثلا في ايطاليا التي تجمع أكثر من مليون مسلم يبقي مسجد المركز الاسلامي بروما الوحيد المعترف به قانونيا، وتبقي كل المساجد الأخري غير قانونية، تلك احدي تناقضات الديمقراطية الغربية عندما يتعلق الأمر بأتباع الرسول محمد (ص

).

وتحاول المؤسسة الدينية، في التاريخ المعاصر، وخصوصا منها تفرعها الكاثوليكي والانجيلي الأمريكي، أن تبقي الحربة المتقدمة للغرب في الاشارة أو التنديد أو التنبيه للعقل السياسي، من نقاط الحذر والانتقاد للعالم الاسلامي أو العالم الكنفشيوسي وغيرها من الفضاءات الحضارية الخارجة عن سيطرتها وهيمنتها. فنظرا لما تملكه تلك المؤسسة من مقدرات علمية، ومراصد دبلوماسية، وارتباطات مع أقليات دينية، كما الشأن في العالم الاسلامي، تحاول من خلالها صنع الحدث الاشكالي الذي يُنتَقَد منه. وضمن لعبة التوظيف تلك، نجد مسيحيي الشرق غالبا ما

أخطأوا التقدير، حين اعتبروا الغرب حامي المسيحية، ولم يدركوا أنه مجموعة من المصالح الوطنية المختلفة، استغلت مسيحيي الشرق لتفتيت الامبراطورية العثمانية سابقا، وفي أيامنا لصياغة توازنات قوي لصالح الغرب في منطقة الشرق الأوسط الحساسة.

أما في ما يتعلق بمسألة التدين في الغرب سأتناول الأمر من خلال معاينات مباشرة للفضاء السوسيوديني: لقد لفت انتباهي الالحاح المفرط في السنوات الأخيرة علي الهوية الدينية اليهودية المسيحية، والأمر ما كان مطلبا شعبيا بل مطلبا مؤسسيا، وكأن هناك هاجسا بتآكل الهوية وبتهديد صامت وخفي لها. لذلك يشتد الاصرار علي تثبيت الرموز الدينية بشتي الأشكال. وأنا جالس أفكر في صياغة هذا المقال، في احد المقاهي المطلة علي ميدان بيازا دلا ريبوبليكا في وسط روما، لفت انتباهي شعار مكتوب بالحرف البارز، متكرر علي أطراف عديد الحافلات روما مدينة مسيحية ، فارتبط في ذهني تخيل ذلك الشعار مرسوما علي حافلات القاهرة أو الجزائر أو دمشق، فماذا سيكون رد فعل السائح الأجنبي، هل سيختزل ذلك في انتشار الأصولية والتشدد، أم سيعتبر ذلك من باب التعبير عن هوية البلد والمحافظة عليها لا غير؟ في مقابل ذلك الالحاح الرمزي الذي تبثه المؤسسة، ألتفت لحضور الدين في الأفراد، فاذا القلوب صحاري قاحلة، تواري منها التدين بمدلوله الروحي الطهري، وصار الفرد في لهث متواصل لتحقيق متعه وكسبه المادي، دون مراعاة قيم الدين وتعاليمه. وحتي بعض الممارسات التي توحي في الظاهر بمدلول ديني، تأتي متناقضة أصلا مع حقيقتها، فعقود الزواج التي تعقد في الكنائس، بعد دفع أجرتها بحسب أسعار الكنائس الفخمة الباهظة والشعبية الأقل تكلفة، حيث تدخل العروس مرتدية الحجاب الأبيض، رمز العفة والعذرية والطهارة من الخطايا فيما مضي، والذي صار شاهدا علي تقليد اجتماعي مفتقد لمضمونه؛ وبالمثل طقوس الممات، المدفوعة الأجرة أيضا، فهي تؤدي علي الموتي من الملاحدة والمضادين للكنيسة أيضا، والأمر ليس من باب التسامح والرحمة والعفو، بل يجري ضمن نسق دورة اجتماعية تقليدية تستوجب وتستدعي القيام بتلك المراسم لا غير، وفي حل من أي ارتباط

ولائي لعقائد المؤسسة. الأمر شبيه أيضا في ما يتعلق بطقس التثبيت ، الذي يمارس في الكاثوليكية علي الصبية، وهو طقس يلي طقس التعميد، فغالبا ما يتم اختيار أميمة، بمثابة أم رمزية، للصبي أو الصبية، تكون رفيقة وأنموذجا اجتماعيا ودينيا للمثبَت أو المثبَتة، والحال أن المهدي والمهتدي في قارب التيه معا. لقد اشتكت لي أميمة، قائلة: ماذا سأعلم هؤلاء الصبية دينيا وأنا ملحدة أرفض الكنيسة وتعاليمها وقد تم اختياري لأداء تلك المهمة!؟

ذلك الحضور الشكلي والفلكلوري للدين، والذي صار سائدا، أفقد الممارسات الدينية معناها، حتي تقلصت أو كادت تنعدم حدود الفصل بين المقدس والمدنس. فقد صادف أن دخلت يوما مرحاضا في منزل عائلة ايطالية لقضاء حاجتي، فهالني ما رأيته، وجدت الكتاب المقدس، بشقيه: العهد القديم والعهد الجديد داخل بيت الراحة، سألت عن سبب تواجده فقيل لي يُتلهي بقراءته أثناء التغوط

!

عملية تفريغ المقدس من شحناته، المتمثلة في المهيب والعجيب والغريب، بحسب تعبير أوتو رانك، حولت الرمز الديني في الغرب الي معتاد اجتماعي، فأن تمارس مومس الفحش وتحمل الصليب في رقبتها، ما عاد يمثل تناقضا مع أبعاد الدين الخلقية، بل صار معبرا عن واقع فراغ المقدس من شحناته وعليائه ونقاوته، مما حوله الي متاع دنيوي مبتذل

.

والحقيقة أن الواقع السوسيوديني الغربي يدفع الانسان بعنف نحو تفريغه من التدين، ان لم نقل باتجاه الالحاد والعداء للدين. فالدين المؤسسي واهية صلة ارتباطه بالفرد، وفي مقابل ذلك يربطه جسر متين مع السلطة ومراكز النفوذ، من خلال تقاسم أدوار لدفع التحديات الآتية من

الدوائر الحضارية الخارجية، ولعل دائرة الحضارة الاسلامية هي أشد ما يقلق الغرب اليوم. ويتجلي اغتراب المؤسسة الدينية في الغرب عن جحافل المسيحيين في تناقض المواقف بينهما مما يتعلق بمسائل الأحوال الشخصية، في شؤون الطلاق والزواج والأسرة والحياوة الخلقية البيوايتيك والاعتراف بزواج الجنسيين المثليين، خصوصا في جنوب أوروبا، وما تلاقيه من تشدد ومطالبة بالتسريح بينهما.

والنمط الذي خلفه استهلاك الدين لم تنحصر آثاره بالمجال الداخلي، بل انعكس ذلك أيضا علي رؤية الآخر، فالغربي من داخل تجربة الدين المأزومة لديه يتعامل مع الأوضاع الدينية الخارجية، فهو لا يتصور تواجد علاقة اجتماعية دينية عادية ومتزنة تتجاوز ما اختبره تاريخيا وما

يعيشه حاليا. لذلك بمجرد تطلع الغربي علي فضاء ديني خارجي تحضر لديه اشكالياته الداخلية المتراكمة مع الدين ليتصورها اشكاليات كونية، وعادة ما ينجر عن احتكاكه بالآخر أن يتبدل أكثر عنفا وحنقا، لما صيغت حول ذلك الآخر تاريخيا من صور نمطية ولما رسمت بشأنه عديد اللوحات البشعة، لذلك تري الغربي أكثر شراسة في انتقاد المقدس الاسلامي من انتقاده مقدساته الداخلية، نظرا لما يرتبط به دين الآخر من عداء وصراع في لاوعيه التاريخي، وكذلك لضعف الحماية المؤسسية للدين الخارجي المتواجد بالداخل.

فعلاقة المجتمع بالدين لدي الآخر، غالبا ما تشابه الأمر علي الغربي في معالجتها، لحظة خروجه من فضائه التقليدي، اذ بتبدل آليات العلاقة الرابطة بين الفرد والتدين والمجتمع والدين، الا ويجد الغربي نفسه خارج معتاده الرؤيوي، فتجده يصدر الاتهامات والنعوت السلبية أو التحليلات المغتربة. لعل أبرز مظاهر ذلك ما ترافق مع موجة العمليات الاستشهادية في فلسطين، والتي عادة ما خلص المحلل الغربي أن الاستشهادي، الذي ينعته بالكاميكاز، يأتي العملية وهو مهووس بأربعين حورية تترقبه عند باب الجنة. والحق أن غياب الالمام بفلسفة الشهادة لدي الآخر وباشكالياته السياسية والاجتماعية، هي ما تجعله يغرق في مخيال مفرط في الجنسانية، يعيش رهينا له، فيحاول اسقاطه علي الآخر

.

ذلك غيض من فيض من أوجه مآسي الدين المنغلق، الذي يعاني منه عصرنا، حيث لا يري العالم الا من داخل التجربة الدينية الذاتية، لذلك تبقي الحاجة ملحة لتشييد الدين المنفتح

.

 

(*) أستاذ تونسي بجامعة لاسابيينسا بروما

 

(المصدر: صحيفة القدس العربي الصادرة يوم 22 فيفري 2006)

 


 

الرسوم: معركة بدون استراتيجية واضحة

صلاح الدين الجورشي (*)

 

العلاقات الغربية – الإسلامية ملغومة باستمرار، مرشحة دائماً إلى الانتكاس والتوتر، فهل يمكن القول بأن كل محاولة لإخراجها من دائرة الشك والمواجهة محكوم عليها مقدماً بالفشل؟ فبالإضافة إلى تراكمات الماضي القديم والحديث، يبدو أن هناك من يحرص باستمرار على تغذية أجواء التوتر بين الغربيين والمسلمين. فما تكاد تهدأ مشاعر الريبة والرفض حتى تعمد جهة من الجهات إلى افتعال مشكلة جديدة تفتح المجال لجولة أخرى من حملات التنديد والوعيد، التي غالباً ما تعيد العلاقة إلى نقطة الصفر. وفي كل مرة تظهر مؤشرات الرغبة المشتركة في التجاوز والتعبير عن حسن النيات، وتتوالى مبادرات متفاوتة الأهمية من أجل تطويق حالة التشنج، وتبذل جهود من أجل تشغيل جسور الحوار والتواصل، لكن ما أن تكاد تحقق هذه المساعي بعض النتائج المتواضعة، حتى ينفجر حدث مدمر تقوم به جهة متشددة سواء من داخل الغرب أو في إحدى مناطق العالم الإسلامي، فيشتعل فتيل المواجهة من جديد، ويتم إجهاض جهود «التسوية» المستعصية.

 

في هذا السياق تتنزل حادثة نشر الصحيفة الدنماركية «يولاندز بوستن» رسوماً كاريكاتورية تتضمن إساءة واضحة وسخرية ساذجة بالرسول محمد (ص). وبمجرد إلقاء نظرة على هذه الصور، يصاب المرء بالدهشة والحيرة، لأنها جاءت خالية من أي قيمة فنية أو إعلامية أو ثقافية أو سياسية، ما عدا ترسيخ تلك الصورة النمطية المتوارثة عن الإسلام. وهو ما جعل الكثيرين يعتقدون بأن الغرض من نشر تلك الصور كان مجرد استفزاز مشاعر المسلمين، ومحاولة جرّهم إلى ردود فعل متشنجة لإظهارهم للمرة الألف بأنهم «متعصبون» ومعادون لحرية الرأي والمعتقد.

 

لن نقف عند تحليل هذه الصور أو البحث عن الدوافع الحقيقية من نشرها في هذا الظرف. فالساهرون على هذه الصحيفة، أو بقية الصحف التي ساندتها وقامت بإعادة نشر الصور، اعترفوا بأنهم لم يتوقعوا حجم الردود الغاضبة والتداعيات الخطيرة التي ترتبت عن ذلك. بمعنى آخر، أنهم لم يدركوا أن المشاعر الدينية في العالم الإسلامي تتمتع بكل هذا الزخم والعمق والانتشار، رغم أن هذه الردود كانت مشروعة ومنتظرة، حيث لم يكن وارداً أن يغض الكثير من المسلمين أبصارهم عن إساءة مجانية وقبيحة من هذا القبيل. وهكذا يضع الديموقراطيون الغربيون أصدقاءهم وحلفاءهم في العالم الإسلامي أمام مأزق جديد، يزيد من تعميق الفجوة بين الطرفين، ويعطي فرصة ذهبية لمن يعتبرونهم خصوماً مشتركين. لقد اهتزت شعوب بكاملها، وما كان ذلك ليحصل لولا وجود إحساس عميق لدى أمة مجروحة عامنت كثيراً من الإقصاء والتهميش.

 

أما الأمر الآخر الذي لم يتوقعه أيضاً ناشرو الصور هو التداعيات المالية الناتجة عن المقاطعة المتزايدة للبضائع الدنماركية والنروجية. فعندما هددت مصالحهما الحيوية، وجدت الحكومة اليمينية الدنماركية نفسها مضطرة لتغيير أسلوب تعاطيها مع القضية، والقيام بعدد من الخطوات الديبلوماسية ذات الطابع الرمزي في محاولة منها للتوفيق بين مبدأ حرية الصحافة والتعبير وبين حماية صادراتها الموجهة للعالم الإسلامي.

 

في كل مرة يتجدد الاشتباك، يلجأ القادة السياسيون وصناع الرأي العام في الغرب للاستناد الى المبادئ الكونية من أجل تبرير مواقفهم وسياساتهم. وهو ما قامت به الحكومة الدنماركية في بداية اندلاع الأزمة، حين رفض رئيس الوزراء استقبال 14 سفير دولة عربية وإسلامية لتقديم احتجاج دولهم، معللاً ذلك بأن ما حصل يندرج ضمن حرية التعبير والصحافة. ومع أهمية اللجوء إلى المبادئ الكونية في نزاع محلي أو دولي، إلا أن هذا الأسلوب لم يعد يجدي كثيراً في إقناع الطرف الإسلامي. ويعود ذلك إلى سببين على الأقل. أولهما أن الجدل لم يحسم بعد عالميا حول كيفية تحقيق التوازن بين حرية التعبير من جهة واحترام معتقدات الآخرين، خصوصاً إذا أدى هذا الشكل من التعبير إلى تغذية مشاعر العنصرية والتمييز والاحتراب الديني أو القومي الشوفيني. فإلزام الأشخاص بضوابط منهجية وأخلاقية تمنعهم من التمييز مسألة لا علاقة لها بما اعتبرته صحيفة «لوموند» «إنشاء شرطة للرأي على حساب الاستهانة بحقوق الإنسان». ويكفي في هذا السياق التأمل في الكيفية التي تعاملت بها الأوساط الغربية مع مصطلحي «الصهيونية» و»معاداة السامية» لندرك أن الأمر ليس بسيطاً كما يزعم البعض. لم يسلم الجميع حتى الآن بوجود حرية تعبير مطلقة مهما كان ثمنها ومحتواها، وإلا لوجب مراجعة العديد من وثائق حقوق الإنسان والتشريعات الخاصة بالثلب والمتصدية لكل تحريض على القتل والتمييز العنصري والاحتراب الأهلي. وقد نصّت على ذلك المادة رقم 20 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية التي اعتبرت أنّه «يحظر بالقانون أية دعوة إلى الكراهية القومية أو العنصرية أو الدينية تشكّل تحريضا على التمييز أو العداوة أو العنف».

 

أما السبب الثاني فيتعلق بلجوء الحكومات الغربية في أحيان كثيرة إلى عدم التقيد بإلزامية هذه المبادئ والثوابت الكونية عندما تتعارض مع مصالحها واختياراتها الاستراتيجية. وكان آخر مثال على ذلك تلك الردود الغربية المثيرة للدهشة التي صدرت عن الإدارة الأمريكية والاتحاد الأوروبي على إثر فوز حركة «حماس» في الانتخابات التشريعية الفلسطينية. وبقطع النظر عما يمكن أن يقال عن تداعيات هذا الانتصار، إلا أن تصريحات عديدة جاءت متناقضة بشكل صارخ مع مبادئ الديموقراطية واحترام إرادة الشعوب وحقها في اختيار ممثليها عن طريق انتخابات نزيهة وشفافة. وبناء عليه، يكون من واجب الحكومات الغربية بالخصوص إضفاء التجانس والمصداقية على خطابها، حتى تنجح في مخاطبة الشعوب غير الغربية، والمساهمة في دفعها نحو الاحتكام إلى مرجعية يفترض أن تكون مشتركة وملزمة للجميع.

 

الآن، وبعد استمرار الاحتجاجات أكثر من شهر علينا أن نتساءل كمسلمين: إلى أن نسير؟ وماذا نريد أن نحقق من هذه المعركة التي فرضها البعض، وتعددت الجهات التي تريد قيادتها وتوظيفها؟

 

لاشك في أن الضجة التي حصلت قد أثرت فعلاً على عموم الغربيين، حيث أدرك الكثير منهم أن ما حصل ليس أمراً بسيطاً، وأن الاستخفاف بالمسلمين ومقدساتهم لن يؤدي إلا إلى مزيد من الاحتقان الثقافي والسياسي وتحقيق ما ينادى به البعض من صدام الحضارات أو الثقافات، وأن ذلك من شأنه أن يهدد الاستقرار العالمي ويحدث أضراراً فادحة بمصالح الغرب. فنشر الصور كان مجرد النقطة التي أفاضت الكأس، حيث يعيش المسلمون منذ سنوات في حالة احتقان متزايد، لشعورهم بأنهم مستهدفون حقيقة من جهات غربية عديدة. لكن في المقابل، يلاحظ أن بعض الجهات الإسلامية قد انحرفت بالقضية عن أصلها، وأخذت تدفع في اتجاه ينذر بمخاطر لا يمكن التكهن بنتائجها. وحتى يبقى الطرح سليماً ومشروعاً يجب أن يكون السقف واضحاً والمطالب معقولة وأساليب التعبير والاحتجاج سلمية وحضارية، وهو ما يتطلب الانتباه إلى الجوانب الآتية:

 

– لا يرد على الخطأ الذي حصل بخطأ أفدح منه أو من نفس الطبيعة. بمعنى آخر، ليس من مصلحة المسلمين تحويل الخلاف إلى احتراب ديني، أو معركة مفتوحة ضد الغرب. إن مصلحتنا تكمن في مواصلة الدفاع عن حقوقنا المشروعة مع تمسكنا بقيم الحوار والتعايش السلمي والانفتاح الضاري. فداخل الغرب هناك أطراف كثيرة تحترم الإسلام، وتؤمن بالتعايش، وقد اتخذت مواقف معتدلة خلال الأزمة الدائرة. كما أن العديد من كبار المفكرين والأدباء الغربيين قد قدموا شهادات نزيهة وعظيمة حول مكانة الرسول ودوره التاريخي. فتحويل المشكلة الراهنة إلى فرصة لإعادة إنتاج خطاب انطوائي معادي وسطحي للغرب لن يساعد على ترسيخ مبدأ الحوار الحضاري الذي يطالب به المسلمون، لأن نجاح هذا الحوار شرط من شروط دخولهم للتاريخ مرة أخرى.

 

– بقدر ما كانت البيانات والمقاطعة التجارية والتجمعات الاحتجاجية السلمية وسائل مشروعة، أشرت عن وجود مجتمعات مدنية في حالة تشكل ونضج، بقدر ما شكلت عمليات حرق الأعلام والاعتداء على السفارات وتهديد الأجانب من الديبلوماسيين والتلويح باللجوء إلى أسلوب القنابل مؤشرات سلبية على احتمال الانزلاق نحو فوضى لن تجن منها شعوب المنطقة إلى مزيد من الخسائر والتشويه. كما برز خطاب دفاعي عن الإسلام، شديد الفقر، خال من الأبعاد الإنسانية التي رسخها القرآن، ولا صلة له بالتسامح الذي كان من بين أهم صفات الرسول (ص) وعظمته.

 

– ضرورة الحذر من الوقوع في الخلط بين حماية مبدأ حرية التعبير وبين الاستهزاء بشخص الرسول. فما يقال هنا وهناك يدل على أن هذه المسألة لا تزال غامضة حتى لدى الكثير من المسلمين. بمعنى آخر ليس من حق المسلمين أن يمنعوا أيا كان من نقد الإسلام، مهما بدا هذا النقد مجافياً للحقيقة والموضوعية شريطة أن يكون بعيدا عن السخرية والاستخفاف المجاني. فذاك حق من حقوق الآخرين. وقد احتوى القرآن على آيات يتعبد بها المسلم في صلواته رغم أنها تصور بدقة الحملة الشرسة التي قادها خصوم الإسلام على الرسول محمد لإثنائه عن إتمام رسالته. كما أن المسلمين مطالبون أيضاً باحترام مشاعر مخالفيهم في الدين، بما في ذلك غير المؤمنين بالإله، وان يتجنبوا كل ما من شأنه أن يؤدي إلى التباغض بين الأجناس.

 

– وجوب وضع سقف ونهاية لهذه المشكلة، وعدم تركها مفتوحة على جميع الاحتمالات الأكثر سوء. فكل من يخوض معركة عليه أن يدريها بحكمة، ويحدد لها أهدافا معقولة وقابلة للتنفيذ. وما يلاحظ حالياً أن هناك من يريد استثمار مسألة الرسوم لفرض أجندته الخاصة على جميع المسلمين، وجرهم إلى أزقة بلا منافذ. والغريب أن أصواتاً ارتفعت لتفرض تغييرات على ما يعتبره الغربيون ثوابت لديهم، وتفرض عليهم تدارك ما قصر المسلمون في تعريفه ولم يلتزموا به في حياتهم وأنظمتهم السياسية والثقافية والاجتماعية. وخلافاً لما دعا إليه وزراء الداخلية العرب، يجب أن ندرك بأن الذي يعاقب الصحف أو الصحافيين في تلك البلدان ليست الحكومات ولكن مؤسسات قضائية مستقلة، وأن من يغير القوانين أو يعدلها ليس الرؤساء أو الوزراء كما هو الشأن في بلاد عربية كثيرة، وإنما برلمانات منتخبة، وبالتالي هناك أدوات وطرق مغايرة لممارسة الضغوط وحماية والمصالح.

 

المعركة التي دارت ولا تزال يجب أن تبقى معركة حقوقية، وعدم تحويلها إلى مواجهة سياسية وأيديولوجية تقوم أطراف خفية وأخرى معلومة إسلامية أو دولية بتوظيفها لتحقيق مآرب عديدة، لا علاقة للكثير منها بالإسلام ومصالح المسلمين. ولعل المقترح الذي ينادي به العض والخاص بصياغة إعلان دولي لعدم المس بالمقدسات، يصلح لكي يكون منطلقا لنقاش معمق، يحقق التوازن بين الحرية التي يجب أن تبقى قيمة عليا ومقدسة، وبين ضمان الحد الأدنى من شروط تناول الأديان دون جعلها فوق النقد أو المس من حقوق الذين لا يؤمنون بها.

 

(*) كاتب وصحفي من تونس.

 

(المصدر: صحيفة القدس العربي الصادرة يوم 23 فيفري 2006)


« الصباح » في حوار خاص مع المفكر التونسي عبد المجيد الشرفي

الرّسوم الكاريكاتورية تعني للدّانماركيين تعبيرا عن موقف من عنف يمارسه بعض المسلمين باسم الإســـلام

حاورته آمال موسى

تونس – الصباح

إن المتمعن في كتب المفكر عبد المجيد الشرفي سواء منها «الإسلام والحداثة» أو آخرها «الإسلام بين الرسالة والتاريخ» يستنتج دون عناء، الجهد الذي يبذله الباحث في سبيل تحديث الوعي الإسلامي والتركيز على علوية وأهمية الإسلام الذي يقدمه القرآن تحديدا ذلك أنّ الشرفي يميز بين ما يسميه بإسلام القرآن وإسلام الفقهاء وينتصر بشكل واضح وعالي النبرة لصالح إسلام القرآن. وتهدف معظم بحوث عبد المجيد الشرفي إلى خلق سبل معرفية تؤدي بالضرورة إلى تحديث الوعي الإسلامي وجعله متحرّكا في علاقته بمختلف أنواع الوعي الأخرى وذلك كي يتجنّب المسلمون الوقوع في صدامات هي في جوهرها معرفية أساسا.

في هذا الحديث نحاور الشرفي حول ثنائية الإسلام والغرب وحقيقة العلمانية الغربية وأسباب ربط الإسلام بالإرهاب ومستقبل الإسلام في أوروبا. ولكن قبل كل هذه الإشكاليات، كان لا بدّ من الالتصاق بالأحداث الآنية المتعلّقة بقضية الرسوم الكاريكاتورية المسيئة للرسول محمد صلى الله عليه وسلم، التي يمتلك فيها وجهة نظر خاصة.

س: كيف تقرأ قضية نشر الرسوم الكاريكاتورية المسيئة للرسول وردود الفعل الإسلامية حولها؟

ج: هذه القضية التي أصبحت تشغل جانبا كبيرا من الرأي العام ذات أبعاد مختلفة، أولا لا بد من التمييز بين الرسوم الكاريكاتورية في الصحيفة الدانماركية المحدودة الانتشار التي نشرتها وبين إعادة نشر هذه الرسوم في جرائد وصحف غربية مختلفة من ناحية ثانية. بالنسبة إلى الرسوم الكاريكاتورية، المرجح أنها لم تكن تعني بالنسبة إلى الدانماركيين سوى التعبير عن موقف العنف، الذي يمارسه بعض المسلمين باسم الإسلام وتندرج في نطاق الحرية التي هي فعلا ممارسة في الدانمارك وفي البلاد الغربية عموما الحرية في التعبير وفي الفن ونقد المؤسسات، كل هذا شائع في العالم الغربي ولا يجد فيه القارئ ما من شأنه أن يمثل اعتداء على عقيدته أو على ضميره. وإذا كان نقاد العرب القدامى يقولون كما قال الجرجاني «الدين بمعزل عن الشعر» فإن الغربيين يعتبرون أن الدين بمعزل عن الفن عموما لا عن الشعر فقط.

أمّا استغلال هذه الرسوم وإعادة نشرها فيمكن أن يحمل دلالتين، ليستا بالضرورة متناقضتين: الأولى التأكيد على حرية الرأي والتعبير. والدلالة الثانية هي نوع من تصفية الحساب مع ممارسات باسم الاسلام.

إذا نظرنا الان في ردود الفعل الإسلامية، فإننا نلاحظ أنها ردود أبعد ما تكون عن العفوية وأنها استغلت الشعور الديني للقيام بأعمال وصفها بعضهم بأنها همجية وهي على كل حال غير لائقة بالتسامح الذي يلح عليه المسلمون في كل مناسبة وردود الفعل هذه ليست في محلها، فالأولى لا طلب الاعتذار من الحكومة الدانماركية ولا من غيرها، بل رفع قضية عدلية أمام القضاء والقضاء هو المؤهل للبت في كون هذه الرسوم فيها اعتداء أم لا على مشاعر المسلمين.

ومطالبة الحكومات بالاعتذار، يدل على هذا الخلط بين الدين والسياسة وعلى أن المطالبين به لا يؤمنون بحرية التعبير ولذلك فهم يطالبون بتقييد هذه الحرية على غرار ما هو معمول به في البلاد الإسلامية عموما، أي أن الذين يطالبون بتقييد الحرية هم المحرومون منها في الواقع والحد من حرية التعبير على فرض أنه كما نقرأ ونسمع يشمل فقط المس من المقدسات فهل يتعلق ذلك بشخص الرسول فقط، أم يتعلق كذلك بالصحابة، فلا يجوز نقدهم: بما أن الاعتقاد القادري نسبة إلى الخليفة العباسي القادر فرض عدم نقد الصحابة.

وهل يمس كذلك ما يعتبر ثوابت في الدين وليست كذلك في الحقيقة. وهكذا نلاحظ أن هذا المفهوم مفهوم فضفاض ويؤدي فعلا إلى كبت الحريات. بينما نحن في حاجة إلى توسيع هذه الحريات لا إلى كبتها.

وعلى سبيل المثال فقد تذرع بعضهم بتحريم تصوير النبي في حين أن بعض الصور للنبي، قد نشرت أو أعيد نشرها في كتاب في مصر في خمسينيات القرن الماضي، دون أن يثير ذلك أيّة ضجّة. والكتاب نشره ثروت عكاشة.

القضية من جانب آخر تهم الفكر الغربي عموما، فلقد نجح الغربيون بعد صراعات ونضالات في فض مشكلتهم مع المضطهدين ومع الذين كانوا يضطهدونهم أي أساسا رجال الحكم ورجال الدين. فافتكوا حرية نقد هذين الصنفين من الناس. ولكنهم في الآن نفسه فشلوا في حل علاقتهم بالمضطهدين، بالذين اضطهدوهم هم. ومن بين هؤلاء اليهود فعملوا على تهجيرهم نحو فلسطين للتخلّص منهم والمستعمرون القدامى ومن بينهم المسلمون. فعلاقتهم بهؤلاء الذين اضطهدوهم في تاريخهم، مازالت قائمة ولم تجد حلا. ولذلك تتفاوت مواقفهم بين الشعور بالذنب والرغبة في الانتقام، بين التفهم والاضطهاد، بين الاحترام والاضطهاد إلى غير ذلك. لا بد إذا من استحضار كل هذه الجوانب وغيرها، لكي يكون للإنسان موقف لا عاطفي فقط بل عقلاني.

والملاحظ أن المسلمين في العصور الأولى بل حتى أقرباء الرسول أنفسهم لم يكونوا يتحرّجون من نقده على سبيل المثال عندما نزلت الآية المتعلقة بالواهبات أنفسهن للرسول، كان موقف زوجته عائشة كما هو مثبت في صحيح مسلم: «ما أرى ربّك إلاّ مسارعا في هواك» وفي هذا الموقف ما فيه مما لا يتصور المتزمتون اليوم أنّه مقبول ولا يثير حفيظة الرسول نفسه.

التشنج إذن إنما هو في هذه الحالة من رواسب العقلية السائدة في عصور الوهن الحضاري ولذلك آلف ابن تيمية كتابه المشهور: «الصارم المسلول عن شاتم الرسول» لكن الفرق هو أنّ ابن تيمية يتحدّث عن الذين يشتمون الرسول فيما كان يسمى دار الإسلام، أما في قضية الحال فتصوير الرسول في رسوم كاريكاتورية صدر عمّن يعيشون في بلاد غير إسلامية، ولا يمكن في نظري أن نطالبهم بما نطالب به المؤمنين برسالة محمد. فضلا عن أنّ الذين يدعون إلى احترام المقدسات مهما كانت لم يحركوا ساكنا عندما هدم طالبان تمثال بوذا في بامبيان وهو مقدس عند البوذيين، الخلاصة هي أن هذه الرسوم بصرف النظر عن قيمتها الفنية أثارت زوبعة في العالم الإسلامي لأن المسلمين عموما يعيشون نوعا من انشطار الذات فهم يشعرون بصفة غامضة بأن الآخر المختلف قد صار جزءا منهم ولم يعد غريبا عنهم بقيمه وبمرجعياته. وهم غير مستعدين وغير مهيئين بشكل كاف لقبول هذا الوضع  الجديد ولذلك فهم ينغلقون على أنفسهم ويردون الفعل بطرق لا تتناسب والسبب الذي كانت من أجله. وبالطبع فإن هذا ليس تبريرا للتهجم على رسول الإسلام بأية طريقة كانت ولكنه من باب تفهم أبعاده ومحاولة وضعه في إطاره الصحيح.

س: نفهم من هذه القراءة أنّ الغرب بريء وأن المسلمين لو توجهوا إلى القضاء كما ذكرت فإن قضيتهم ستكون خاسرة؟

ج: لا أظنّ أن القضية كانت تكون مخسورة على كلّ حال أمام القضاء ولكن ليس هناك القضاء وحده، فهناك إمكانية رد على هذه الرسوم بالقلم والإقناع والحوار. أما أن الغرب بريء أو غير بريء، فلا ينبغي في نظري أن ننظر إلى الغرب على أنه كتلة متجانسة: الغرب فيه الفكر الحر النزيه وفيه الفكر العدائي المغرض وفيه ما نطمح إلى أن يتحقّق عندنا وفيه كذلك ما لا نرضى عنه. ولهذا فأنا لا يهمني موقف الغرب بالدرجة الأولى بقدر ما يهمني موقف المسلمين، وليس من باب الصدفة أن ردود الفعل العنيفة وسقوط القتلى في المظاهرات، حصل في المجتمعات التي لم تعرف حركة تنويرية فكانت في ليبيا وفي نيجيريا وفي باكستان عاكسة لبؤس الفكر الديني غير المتسامح في هذه البلدان وفي غيرها.

س: لديكم موقف من ثنائية غرب إسلام، التي أصبحت من أكثر المقابلات اللفظية تكرارا، وهي مقابلة بين طرف ديني وآخر جغرافي حضاري. هل صحيح أن الإسلام بعد سقوط الاتحاد السوفياتي، أصبح العدو البديل للشيوعية؟

ج: معروف أنّ هذا هو الموقف الذي عبّر عنه هنتغتون بصراع الحضارات وقد يكون هو موقف السياسة الأمريكية الحالية ولكنه موقف لا أساس له لا في الواقع ولا في التاريخ.

أولا لأنّه لا توجد في عصرنا حضارات بالجمع بل توجد حضارة واحدة غربية المنشأ ولكنها أصبحت كونية وهناك في نطاق هذه الحضارة الكونية ثقافات وأديان مختلفة وهي تتسع لها جميعا.

والصراع بين الثقافات لا بين الحضارات ينبغي النظر إليه على أنه أخذ وعطاء هناك دائما تثاقف يحصل عبر الحدود الدغمائية التي يراد حصر ثقافة ما أو دين ما في نطاقها. ألم يأخذ الفكر الديني في الإسلام من الفكر الفلسفي اليوناني على سبيل المثال؟ ألم يأخذ الفكر الديني المسيحي منذ توماس الأكويني من الفكر الإسلامي عن طريق ابن رشد أساسا؟

هذان مثالان من جملة عديد الأمثلة، على أن الثقافات الحية لا يمكن أن تكون جامدة على منوال واحد. لأنها حية فهي تتطور والقضية هي في الوعي بهذا التطور وهذا الوعي غير منتشر بما فيه الكفاية.

ولذلك تغلب النزعات الانطوائية. لا بد إذن من التمييز بين واقع العلاقة التي بين الثقافات والإيديولوجيا التي توظّف هذه العلاقات في اتجاه أو في آخر بحسب المصالح الظرفية أو الاستراتيجية.

س: عندما نتأمل واقع العلاقة بين المسلمين والغرب اليوم، نلحظ أنّ تلك الخصومة التاريخية لم يقع تجاوزها ولم ينس الغرب أن الفتوحات الإسلامية، قد شملت أراض كانت آنذاك مسيحية. ما نصيب هذه الملاحظة من الصحة؟

ج: هذا الموقف من الإسلام موجود، لا سبيل إلى إنكاره ولكن ينبغي أن نحذر من اعتباره الموقف الطاغي على الغرب. فهو موقف هامشي وإذا ما عممناه، فإننا نكون قد وقعنا في تضخيم الذات، بينما آفاق الغرب أوسع بكثير من أن تحصر في علاقته التاريخية بالإسلام. والغرب بصفة عامة متجه إلى المستقبل أكثر مما هو ملتفت إلى الماضي. لقد حقق الغرب قطيعة مع ماضيه. قطيعة نسبية ولكنها عميقة كذلك. ولهذا فليست له نفس العلاقة المرضية التي لنا نحن بماضينا إذا قد نُفسّر بعض المواقف برواسب الصدام والعلاقات العنيفة التي كانت بين المسلمين والمسيحيين ولكننا نخطئ خطأ جسيما، إن أغمضنا أعيننا عن أنّ ما يهم الغربيين اليوم بالأساس هو مصالحهم ومصالحهم الاقتصادية بالدرجة الأولى. وإن أردنا أن تتغير العلاقة الصدامية إلى علاقة قائمة على الحوار وعلى التكافؤ، فما ينبغي أن نقوم به بالأساس هو الارتقاء بمجتمعاتنا، حتى تستطيع محاورة الآخر محاورة الند للندّ. أما في ظروف التأخّر العلمي والتكنولوجي وحتى السياسي والثقافي، فإننا لا ينبغي أن ننتظر من الغرب الاحترام الذي نرى أنفسنا جديرين به.

س: هل يمكن القول إن العلمانية بما تعنيه من انحسار لدور الدين وتراجعه، لم تتجذر كما يدعي الغرب ذلك. والدليل أنّ كثيرا من الاعتبارات  تقوم على المعايير الدينية من ذلك أن جورج بوش اعتمد في حملته الانتخابية الأخيرة على الناخب المسيحي، وأول أمس صدر حكم قضائي ضد مؤرخ بريطاني شكّك في عدد ضحايا المحرقة اليهودية؟

ج: العلمانية ليست واحدة في المجتمعات الغربية والتونسيون في العادة لا يستحضرون إلاّ النموذج الفرنسي بينما يكاد يكون هذا النموذج فريدا  في البلدان الغربية بمعنى أنّ فصل الدين عن الدولة لم يتم بنفس الطريقة في ألمانيا وبريطانيا والولايات المتحدة وغيرها لأنّ هذه الشعوب والمجتمعات مرت بظروف مختلفة، أدت بدورها إلى مواقف مختلفة. الرموز الدينية لا يُنظر إليها في الغرب بنفس الطريقة ولكن الظاهرة الطاغية على البلدان الغربية هي أن الدين وإن كان يوظف في بعض الحالات، فإنّه لم يعد له نفس التأثير لا في السياسة ولا في الحياة العامة بصفة أشمل وهذا واضح إذا ما نظرنا في سير المؤسسات الغربية فالمشرعون في البرلمانات الغربية لا يشرعون على أساس ديني ورجال الأعمال لا يديرون أعمالهم على هذا الأساس ولا العاملون في الإدارة ولا العلماء في مخابرهم وجامعاتهم العلمية. إذا هي سيرورة اجتماعية قبل كل شيء. وقبل أن تكون خاصة بعلاقة الديني والسياسي. ومن هذه الناحية فإنّ المجتمعات المعاصرة كلها خاضعة لنفس هذه السيرورة بدرجات متفاوتة بحسب مدى انخراطها في أنماط الانتاج الحديثة الصناعية وما بعد الصناعية ولهذا فالعلمانية موجودة في مجتمعاتنا كذلك ولكنها غير معترف بها في مستوى التنظير. فالخطاب إذن سياسيا كان أو دينيا لا يعكس الواقع بأمانة دائما. ولا بد من تحليل السلوكات الاجتماعية لتبين مدى العلمية في نطاق كل مجتمع.

س: في ضوء ما يجري من تاريخ أحداث 11 سبتمبر، إلى غاية نشر الرسوم الكاريكاتورية، كيف ترى مستقبل الإسلام والمسلمين في أوروبا؟

ج: مستقبل الإسلام في أوروبا يصنعه المسلمون أنفسهم وليس مسطرا سلفا. ولو نظرنا في التركيبة البشرية للمسلمين في أوروبا فإنّنا نلاحظ أنه هناك مسلمين من أهل تلك البلدان في البلقان أساسا وأوروبا الشرقية وجاليات من المهاجرين في النصف القرن الأخير بالخصوص.

المستوى الثقافي والمادي لهذه الجاليات كان مستوى متواضعا جدا.

ولذلك لم تكن تجرؤ على المجاهرة بخصوصياتها لا الدينية ولا في الأعراف والتقاليد. ونحن الان مع الجيل الثاني والثالث من المسلمين المقيمين بأوروبا. والجيل الثاني والثالث ليست لهما لا نفس المطالب ولا نفس المؤثرات ولذلك فإنهم متذبذبون بين الاندماج في الأوساط التي يعيشون فيها والحفاظ على ما يتميزون به بحكم الدين والثقافة واللغة وغير ذلك.

هذا التذبذب استغلته إلى حدّ الآن الأطراف التي هي متأثرة بالأيديولوجيا السائدة في البلاد العربية والإسلامية. وهي إيديولوجيا في أغلب الأحيان ماضوية ومحافظة ومعارضة لكل تغيير ولكن هذا الوضع حسب المرجح لن يستمر لأنّه لا بد أن تظهر من بين مسلمي أوروبا كفاءات تنجح في التوفيق بين الانتماء إلى الإسلام والانتماء إلى الحداثة في الآن نفسه. أي أنها ستكون مضطرة إلى استنباط طرق جديدة في التفكير وابتكار أنماط جديدة من التدين تقطع مع ما هو سائد في التاريخ الإسلامي ولكنها ليست بالضرورة أقل وفاء للرسالة النبوية ولمقاصد الدين الإسلامي. نحن نرجح ذلك ولكن صلة المسلمين بأوطانهم الجديدة في أوروبا والغرب ستمر لا محالة بأزمات عديدة لأنّ المسلمين مضطرون إلى بذل مجهود إضافي مقارنة بالغربيين.

أعني أنّ التغيير الذي هو سمة العصر يُحدث مشاكل تأقلم للغربيين أنفسهم، فما بالك بالذين لم يمروا بنفس التجارب التي مر بها الغربيون والتي تساعدهم على تخطّي هذه الصعوبات والأزمات وإذا ما نجح المسلمون الغربيون في استنباط هذا التوفيق الذي تحدثنا عنه فلا شك أنّ عدواه ستكون مفيدة جدا لسائر المجتمعات الإسلامية. وهذا هو ما يُلاحظ في التجربة التركية الآن: ففي تركيا نظام علماني ولكن حزبا إسلاميا قد وصل في نطاق هذا النظام العلماني الى الحكم بطريقة ديموقراطية. ولذلك فهو لا يتشبّث بنفس الشعارات التي ترددها الحركات الإسلامية في البلدان التي لم تعرف مثل هذا النظام العلماني.

س: إذن لتجاوز الأزمات الحالية، لا بد من أن تتحول الأنظمة العربية إلى أنظمة علمانية؟

ج: المطلوب أن تتحوّل الأنظمة العربية إلى أنظمة ديموقراطية والديموقراطية ليست في علاقة عداء لا مع المتدينين ولا مع غير المتدينين، الديموقراطية نمط من الحكم ليس فيه انفراد بالرأي وليس فيه استبداد لا في الرأي ولا في الحكم. وليس هو كما يُشاع حكم الأغلبية فقط. فإذا كانت الأغلبية لا تحترم عددا من المبادئ الأخلاقية في التعامل مع الآخرين، فإنها تنقلب في الواقع إلى نظام فاشي.

ولهذا لا أعتبر شخصيا القضية في العلمانية أو عدم العلمانية لأنّ نظرتي إلى هذه القضية لا تعتبر أنّ الفصل في ذات الإنسان بين مبادئه ومعتقداته وسلوكه أمر ممكن ولذلك فالمطلوب ليس الفصل بين الدين والسياسة بقدر ما هو التمييز بين المستويات أي أنّني عندما أمارس العمل السياسي فقد استند إلى مبادئ دينية وأخلاقية ولكني مطالب إلى أن أخضع لقواعد اللعبة السياسية وعندما أمارس ديني فإنّني أرغب في أن أرى مبادئي الدينية مجسّدة في أرض الواقع ولكن لا أسعى إلى فرضها بواسطة السياسة. السيطرة على الآخرين، هي في كل الحالات الحل الذي ينبغي تجنبه والابتعاد عنه.

س: ولكن عندما فاز الإخوان في مصر بخمس مقاعد برلمانية وحين فازت حماس في الانتخابات الأخيرة، استاء الليبيراليون العرب والبلدان الغربية والحال أنّ الفوزين من نتاج الديموقراطية؟

ج: هنا أيضا أنا لا تهمني ردود الفعل الغربية بقدر ما يهمني مستقبل مجتمعاتنا وفي جل المجتمعات العربية كان الفراغ السياسي الذي عملت على نشره الأنظمة القائمة سببا في احتلال الإسلام السياسي للساحة. وهنا تتفاوت الأوضاع من بلاد إلى أخرى ومن مجتمع إلى آخر. فالإسلام السياسي له حظوظ في البروز بصفته البديل عن فشل الأنظمة القائمة في المجتمعات، التي ينقصها التحديث في كل المجالات لا فكريا فقط.

ولكن حظوظ هذا التيار الإسلامي السياسي أقل في المجتمعات التي خطت خطوات في سبيل هذا التحدّيث.

وتبقى المسألة في نهاية الأمر رهينة الوعي بالرهانات الحقيقية وراء كل الايديولوجيات السائدة، بما فيها الايديولوجيا الدينية. هذه الايديولوجيا الدينية لا يمكن أن تكون واحدة كما هو الشأن في أفغانستان في عهد طالبان وفي تركيا الآن.

ومن هذه الناحية، فإنّ الحركات الإسلامية التي مارست الحكم لم توفر بدائل مغرية في السودان وفي الجزيرة العربية وفي باكستان وغيرها.

فصعود هذه الحركات إذن له صلة متينة بمدى تطور المجتمعات وأن تكون هذه الحركات موجودة. فهذه ظاهرة طبيعية بل أكاد أقول إنها ظاهرة صحية، إذ هي تمثل عنصر المحافظة وإنّما الخطر على تقدم المجتمع هو في احتلال هذه الحركات وسط الميدان لا على هامشه.

س: تقول إن لدينا نوعا من العقدة تجاه الغرب ما هي أسبابها، وما علاقة ظهورها بالنظرة التفاضلية التي يمارسها العالم المتقدم ضد العالم المتخلّف؟

ج: نحن نعاني من عقدتين لا من عقدة واحدة، لو كنا نعاني من عقدة نقص تجاه الغرب لعملنا جاهدين على تدارك التخلف الذي نشعر به، إذ نحن في الآن نفسه لنا عقدة الاستعلاء ونعتقد أنّنا الأفضل من الغربيين.

هذا المزيج بين العقدتين، عقدة النقص وعقدة الاستعلاء، ربما كان العائق الرئيسي دون السلوك المنطقي ودون أن تكون مواقفنا مواقف منسجمة داخليا لا فقط مع الظروف الخارجية. ومهما كانت العقد لدى الإنسان فردا أو جماعة، فإن المشكلة ليست في وجود هذه العُقد أو في عدم وجودها بل في الوعي بها.

الواعي بعقدته يستطيع أن يتجاوز عقدته ويرتقي بسلوكه.

س: ولكن هاتين العقدتين هما رد فعل عكسي على عقدة التفوّق والاستعلاء التي يتصف بها الغرب؟

ج: العالم المتقدّم له نظرة استعلاء ولكنها نظرة إن لم نبرّرها فإنّنا نفهم مرتكزاتها الطبيعية وهي شبيهة بالنظرة التي كانت للمسلمين عندما كانوا متفوقين حضاريا، من يستطيع أن يلوم مسلم القرن الرابع على نظرته لكل الآخرين. ورغم هذه النظرة الاستعلائية الموجودة في الغرب، فلا بد هنا كذلك أن لا نعمم وأن نأخذ بعين الاعتبار التنوع الذي في الغرب وأن الغرب رغم كل شيء قد خطا خطوات عملاقة في سبيل تكريس حقوق الإنسان لم يكن يُعترف له بها في القرون القديمة. نعم هناك ازدواجية المعايير والكيل بمكيالين ولكن رغم ذلك فإنهم يبقون متشبّثين بمجموعة من القيم، التي ليس بمقدورنا لا تجاهلها والتنكّر لها: قيمة الحريّة والحرية الفردية وقيمة المساواة بين الرجال والنساء وبين مختلف الشرائح الاجتماعية مهما اختلفت الأديان واللغات.

س: لماذا في حديثنا عن الغرب نُمنع من التعميم، في حين أن الحديث عن المجتمعات العربية والإسلامية في العالم الغربي غارق في التعميم. هل يعني ذلك أنّنا لا نمتلك بدورنا نخبا تقطع مع الصورة المشوهة؟

ج: موقفي بالنسبة إلى هذه النقطة هو أنّ المجتمعات الإسلامية مثل المجتمعات الغربية متنوعة. وربما كان التنوع بالنسبة إلى المجتمعات الإسلامية أكثر من الغربية، لأنّ التفاوت في التحديث أبلغ في مجتمعاتنا. لهذا يبقى التعميم في الحالتين غير  جائز. التعميم يقوم به رجال السياسة وأصحاب الإيديولوجيا لأنهم في حاجة إلى مواقف مباشرة، لكن التعميم لا يعين على فهم الواقع وتفهم التعقيد والتشعب الذي هو سمة المجتمعات الحديثة كلها. في القديم كان من الممكن أن يختزل مجتمع في ملكه أو أميره، في حين أنّ المجتمعات الحديثة بلغت درجة من التعقيد لم تكن تتصوّر قبل قرن فقط من الزمان.

وإلى جانب هذا التعقيد هناك أيضا تشابك في المصالح فمن هنا كان الحديث عن العولمة إقرار بواقع هذه العولمة التي هي مثل كل المنتجات البشرية لها مزاياها ولها عيوبها. ولو نظرنا إلى القوى الفاعلة في المجتمعات العربية والإسلامية، فإننا نلاحظ انخراطها المتزايد في هذه العولمة.

س: كيف تم الربط بين الإسلام والإرهاب بهذا الشكل الحاسم، وما هو دور شق من الاستشراق في تمرير أفكار خاطئة؟

ج: تصوير المسلمين على أنهم إرهابيون يندرج في نفس المنطق ونفس التهمة التي رُمي بها كل المقاومين للسيطرة الاستعمارية. المقاومة المشروعة كانت دائما في نظر المضطهد إرهابا وحين نحلل هذه الظاهرة نلاحظ أنّ تضخيمها في الإعلام الغربي هو من أجل الدفاع عن مصالح ولكنها في الواقع ظاهرة يذهب المسلمون ضحيتها أكثر من الغربيين أنفسهم. هي ظاهرة كذلك تعكس الالتجاء إلى حلول اليأس وحلول اليأس لا يمكن أن تكون بناءة.

أثر الاستشراق في نشر هذه الصورة للمسلمين أثر هامشي جدا لأنّ إنتاج المستشرقين لا يجد إلا صدى باهتا لدى المجموعة العلمية في الغرب، وقليلون هم المستشرقون الذين استطاعوا أن يكونوا مختصين في تاريخ العالم الإسلامي أو لغته أو جانب من جوانبه ومنخرطين في الآن نفسه في التيارات الفكرية والنقاشات العلمية في بلدانهم الأصلية. في هذه النقطة كذلك لا نريد لا أن نبرئ الآخر ولا أن نجرمه ما يهمنا هو ما نفعله نحن: هل نعطي للأعداء ذريعة حتى يشوهوا صورتنا بكل  سهولة أم هل نفرض عليهم احترامنا بسلوكنا وباحترامنا لحقوق الإنسان وبإسهامنا في انتاج المعرفة، إلى غير ذلك من متطلبات عصرنا. هذا هو الذي ينبغي أن يكون رصد أعيننا لأنّنا بدونه سنبقى نبكي على حظّنا التعيس وعلى المؤامرات التي تحاك ضدّنا ولكنّنا لن نتقدم. لقد آن الأوان أن نتجاوز مرحلة الانفعال وأن نكون فاعلين في مجتمعاتنا أولا وإذاك نستطيع أن نكون فاعلين في هذه الحضارة بصفة طبيعية. ولئن كان الانطباع السائد هو تخلفنا في التخلص من هذا الانفعال فإنّ هناك مؤشرات عديدة على أن العديد من مجتمعاتنا بدأت تسير في الطريق الصحيح بصعوبات وبعثرات ولكن عندما نقارن وضعها بما كانت عليه قبل جيلين أو ثلاثة، نرى أنّها خطت خطوات لا بأس بها، ومن شأن هذا الشعور أن يحثنا على الإسراع نظرا إلى أنّ الطريق التي مازال علينا أن نقطعها مازالت طويلة، بل أقول إنها عمل لا ينتهي وهذه الطريق هي التي يحقّق بها الإنسان إنسانيته على الوجه السليم.

س: هناك تساؤل يستحق النظر، لماذا  تحول الإنسان العربي والمسلم إلى كائن انفعالي بالدرجة الأولى رغم أنّ مكانة العقل في الدين الإسلامي كبيرة والمناظرات حول العقل في الحضارة العربية والإسلامية ضاربة في الرسوخ؟

ج: بالنسبة إلى مكانة العقل في الإسلام أو في أي دين آخر المسألة رهينة بالظروف التاريخية التي يمر بها المؤمنون بذلك الدين قبل كل شيء.

وإذا كانت الأجيال الأولى من المسلمين قد أولت العقل مكانة متميزة فإن التحوّل الذي بدأ مع المتوكّل في القرن الثالث هجري وانتصار أهل الحديث قد مثل بداية منعرج نحو تغليب النقل على العقل. وتزامن ذلك بل وتفاعل مع الظروف الداخلية للامبراطورية الإسلامية وبداية التشتت وكذلك مع الظروف الخارجية. فلا ننسى أنّ أهم الطرق التجارية بدأت تتحول من العالم الإسلامي في حوالي سنة ألف للميلاد أي في آخر القرن الرابع للهجري واعتماد العقل في ثقافة ما، هو مغامرة لا تنتهي ولكنها محتاجة دوما إلى من يدفعها ويتحداها، فإذا انعدم النقاش الحر والتفكير الفلسفي، فإنّ العقل يُصبح جامدا ومُعطّلا. وهذا ما لاحظه ابن خلدون حين شعر بأن هناك خلقا جديدا في الغرب لأن هناك حركة فكرية عقلانية بدأت في أوروبا منذ القرن 12 و13  وبرزت في عصر النهضة الأوروبية وتدعمت مع عصر الأنوار. نحن لم نعرف حركة تنويرية منذ عصر النهضة العربية في قوة الحركة التنويرية التي عرفتها أوروبا. وعندما نقول إنّ الإسلام لا ينافي العقل فينبغي أن ننتبه إلى أن المعقولية الحديثة معقولية تأخذ في حسبانها لا فقط ما يفرضه التفكير العقلي والمنطقي بل كذلك كل ما هو رمزي ومتخيل. بل حتى ما هو أسطوري. لذلك فإنّ هذه المعقولية الحديثة ليست معادية للرموز الدينية، كما كان الشأن بالنسبة إلى العقلانية الوضعية. لا بد من أن ننتبه إلى ما توفره علوم الإنسان والمجتمع الحديثة من تجاوز هذه الثنائيات عقل-نقل/ – دين-دنيا/حداثة – محافظة/ هذه الثنائيات تخفي دائما في عصرنا أوضاعا معقدة وتلتبس فيها الأمور، فيُقدم التغيير أحيانا في شكل للمحافظة أو العكس.، المهم أن نبتعد عن النظرة الماهوية وأن نتعمّق في تحليل الواقع وما وراء الخطابات.

(المصدر: جريدة الصباح التونسية الصادرة يوم 22 فيفري 2006)


حوريّة للروائي التونسي حافظ محفوظ:

عن صديق يكمل قصّة الحبّ!

منال معالج المصمودي (*)

 

لا تحاول هذه القراءة لرواية حوريّة (دار الأطلسية للنّشر. تونس 2005) للتونسي حافظ محفوظ أن تستبطن مفهوم السّرد الـ نّرسيس كما ورد لدي ليندا هتشيون، بل إنّ العبارة تخرج هنا إلي فضاء أرحب يمكن أن يعني علاقة الكاتب بنصّه في المطلق. ولمّا كانت هذه العلاقة علاقة عشق ذاتي،ّ استعرنا العبارة دون المفهوم نتوسّل بها الاقتراب إلي عالم هذه الرّواية التّي تطرح في الحقيقة مسألة غاية في الأهمية ألا وهي مسألة أصالة البناء.

 

هذه الرواية تحاول أن تصنع بناءها الخاص وهي لا تحاكي مثالا سابقا ولا تدّعي الانتماء إلي نمط متداول في الكتابة، إنّها سليلة الشّعر والقصّة معا وهي إلي ذلك جماع أبنية اشتهرت بها ضروب أخري من الكتابة. ولعلّ هذا الاختيار الذّي نجد جذورا له في سابق أعمال حافظ محفوظ النّثرية هو ما يجعل هذه التجربة جديرة بالعناية النّقدية. فالكاتب يتوق إلي نصّ مفتوح علي شتّي الأجناس من قصّة قصيرة وشعر وسيرة ومقالة ونقد أدبيّ وخاطرة وغيرها… ففي سيرة رجل عاش يومين تصبح الرّواية مجموعة متتالية من القصص القصيرة لا يجمع بينها في الظاهر شيء ولكنّ المتمعّن يكتشف أنّها تؤلّف نصّا واحدا يتتبّع سيرة البطل الذي يغيّر أسماءه وصفاته وفق ما يقتضيه المكان والزّمان والأحداث.

 

ويحتوي الكتاب علي فصول عديدة يمكن قراءتها علي أساس أنّها مقالة أدبية. يقول: كنت بصدد كتابة هذه المقالة وكان موضوعها الشّعر واللاّتواصل وهي عبارة عن جملة من الملاحظات حول ما يكتبه الشّاعر والمسرحيّ بول شاؤول .. وفيه نصوص هي إلي الخبر أقرب منها إلي القصّة. يقول: عن صاحبي، عن ابراهيم السمّاع ،عن أخيه صاحب الديوان، عن السّامريّ حافظ المخطوط في مكتبة الأمير والي مدينة هزار أفسان الواقعة في الضفّة العليا لبحر العرب أنّه قال …

 

تداخل الأجناس

 

وفي كتاب غزال الأندلس نجد الكاتب بصدد تتبّع سيرة الشّاعرالمعتمد بن عبّاد في مقطع وكتابة قصيدة حرّة علي وزن المتقارب في مقطع آخر يقول: سماء محاصرة بالنّيازك، أركب بحرا وأترك للطّير صوتي ليسقط عنّي الصّدي شجرا وبيادر، خذني إليك. أقول له أيّها البرق خذني … والأمر ذاته يتكرّر في باقي الرّوايات من ارتباك الحواس و حارس الملائكة و مكعّب الحكمة إلي رواية حورية . هذه الأخيرة لا تخرج عن هذا الاختيار الذي صار خصيصة تميّز روايات حافظ محفوظ القادم من الشعر وقد نشر سبع مجموعات شعرية . والحقيقة أنّ الرّوايات التي التزم فيها أصحابها بمثل هذا الاختيار نادرة جدّا إن لم نقل أنّها منعدمة. فقد يطعم الرّوائيّ نصّه بالشعر وقد يبنيه علي شاكلة الخبر القديم وقد يجعل منه فسيفساء لقصص قصيرة، ولكن لم نتعرّض لتجربة متكاملة تجعل من تداخل الأجناس قاعدة يسير عليها في كلّ رواياته.

 

إضافة إلي ما تقدّم، نلمس لدي حافظ محفوظ خصيصة أخري تتكررّ أيضا وتتعمّق من رواية إلي أخري ألا وهي ما يطلق عليها النقّاد العوالم الميتاقصّية وإن كان المجال يضيق هنا بتفصيل الحديث فيها، فإنّه يمكن إيجاز القول في هذا النمط من الكتابة بأن نعرّفــــه كالآتي من ميزاته البارزة عدم اتّكاء طبيعته الإحالية كلّيا علي محاكاة الواقع أو العالم الخارجي، إنّما تستولد عوالمه الخاصّة من واقع الكتابة نفسه .

 

واـ ميتاقص كما يعرّفه ويليام غاس هو القصّ الذي يجذب الانتباه إلي نفسه، كونه صنعة ليطرح أسئلة عن العلاقة بين القصّ والواقع وفي رواية حورية نجد الكاتب يجدّ في لفت الانتباه إلي وضعيتها القصّــــية وإلي أسباب نشــــــأتها وتكوّنها، بل إنّه يورد فصلا كاملا يعنونه بـ نقد ذاتيّ وتصحيحات يتحدّث فيه عن الرّواية ذاتها ويوجّه ملاحظات عديدة لتشكّلها ولفقرات منها وفي فصل آخر يفشي أسرارا تخصّ الكاتب وهو يكتب روايته والتّعديلات التي قام بها ليستوي عمله كما خطّط له من قبل، أي عندما جالت في ذهنه الفكرة الأساسية.

 

البداية عند النهاية

 

وما دمنا نتحدّث عن هذه الفكرة الأساسية فلا ضير من التّعريج عليها بإيجاز الآن لأنّنا نضعها أيضا في سلسلة الخصائص التي تجعل من روايات حافظ محفوظ أعمالا أصيلة شكلا ومضمونا. تقدّم لنا الرواية بطلا فريدا، غير مألوف يعيش حكاية حبّ عميقة ولكنّه بسبب مرض عضال يقرّر الانفصال عمّن يحبّ ويطلب من صديق له أن يكمل قصّة حبّه لهذه المرأة ومن هنا تبدأ الأحداث في التّصاعد وفي التشتّت في آن. فالصّديق الذي اختاره البطل ليس شخصا عاديّا هو الآخر. فبمجرّد سماعه لطلب صديقه الغريب ينخرط في سرد حكايته الشخصية. هذا السّرد سيكشف لنا أسرارا أخري تقدّم لنا علي أساس أنّها سيرة حياة غير عاديّة يتكفّل الكاتب بنسجها بشكل مشوّق جدّا فننسي في أثناء ذلك الحكاية الأولي التي نكتشف فيما بعد أنّها ثانوية. وتبدأ بعد ذلك سلسلة من القصص الجانبية المرتبطة ببعضها البعض بشكل محكم بحيث تعرض أمامنا حكايات تاريخية عن ملك تونس أحمد باي وعن ابن خلدون وغيرهما ثم نجد أنفسنا أمام شخصيات أخري يمكن أن تشكّل إن جمعناها مجتمعا مضطربا تنمو داخله قيم جديدة تكاد تعصف به.

 

الرواية تبدأ حين تنتهي. فبمجرّد أن تكمل قراءتها حتّي تنهال عليك أسئلة عديدة:

 

ـ كيف استطاعت هذه النّصوص المتفرّقة أن تصنع نصّا شديد التّماسك والتّكامل؟

ـ ما هو الرّابط المنطقيّ الذي يؤلّف بينها؟

ـ كيف يمكن لكلّ تلك الشّخوص رغم بعدها عن بعضها في الزمن والمكان أن تتعاون علي فعل ضمنيّ واحد قام بـه سعيد بن عيسي في لحظة مجنونة؟

ـ هل أنّ رواية حوريّة هي رواية شخص أم رواية جيل أم رواية بلد كامل ينظر إلي نفسه في المرآة؟

 

أسئلة كثيرة لا تملك أمامها إلاّ أن تعيد القراءة من جديد لتكتشف أنّ فتنة هذه الرّواية تكمن أوّلا في قدرتها علي شدّك إليها وفي لغتها الشّعرية المنسابة وفي أصالة بنائها المميّز. ومن المسائل الجديرة بالاهتمام أيضا مسألة الرّاوي والمرويّ له في هذه المتاهة السرديّة. فإذا كان الفصل الأوّل يقدّم لنا شخصيّتين بلا أيّ تعريف لهما، واحدة تروي والأخري تنصت للحكاية، فإنّ ذلك سيغيب في الفصل الثّالث والرّابع والخامس لتتولّي شخصية أخري رواية الأحداث بالتّعاقب مع الرّاوي الأوّل ثمّ ينقطع كلّ ذلك لتوكل الرّواية إلي ضمير المتكلّم الجمع النّائب عن إخوة سعيد بن عيسي لتقصّ علينا سيرة طفولته قبل أن ينتقل للعيش مع حورية حيث يصبح سعيد نفسه الرّاوي. ليس ذلك فقط. إذ نجد أنفسنا في ستّة مقاطع مكتوبة بخطّ مغاير عن الخطّ الأصليّ للنصّ أمام راوٍ آخر هو محمّد الصّادق باي الذي يروي لنا أحداثا تعود إلي سنة 1923 . هذا إلي جانب تلك الفصول التّي يتولّي الكاتب نفسه التّعليق عن الأحداث.

 

هذا التّغيير المتواصل للرّاوي له ما يبرّره في إطار الحكاية الكبري ولعلّ مبدأ الحضور والغياب هو الذي شرّع لذلك. لكنّ الملفت للانتباه هو أنّ أسلوب الحكاية يتغيّر من راوٍ إلي آخر فيتغيّر بالتّالي الإيقاع وهو ما يجعل قراءة هذه الرّواية قراءة بعيدة عن الرّتابة ومحكومة بالتحوّل والمفاجأة.

 

حورية تقدّم نموذجا سرديّا متميّزا يفتن قارئه ببنائه الفريد ولغته الشّعرية الخاصّة وكذلك بهذا السّحر الخاصّ الذي ينبع من الحكاية ذاتها. إنّنا أمام عمل فنّي رائع لروائيّ ننتظر منه الكثير: هو حافظ محفوظ.

 

(*) جامعية من تونس

 

(المصدر: صحيفة القدس العربي الصادرة يوم 22 فيفري 2006)


Home – Accueil الرئيسية

Lire aussi ces articles

2 septembre 2004

Accueil TUNISNEWS   5 ème année, N° 1566 du 02.09.2004  archives : www.tunisnews.net المجلس الوطني للحريات بـتونس: بيـــان مرصد حرية الصحافة

En savoir plus +

9 avril 2006

Home – Accueil – الرئيسية TUNISNEWS 6 ème année, N° 2148 du 09.04.2006  archives : www.tunisnews.net Familles des prisonniers politiques en

En savoir plus +

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.