TUNISNEWS
7 ème année, N° 2215 du 15.06.2006
المرصد الوطني لحرية الصحافة والإبداع والنشر: السلطات التونسية تصادر كتب و وثائق خاصة لصحافيين تونسيين في مطار تونس الصباح: في بلاغ لاتحاد الشغل:على المدرسين وضع المصلحة العامّة فوق كل اعتبار الجزيرة.نت : الحكومة التونسية تعرض خصخصة الشركة المصنعة للسيارات
الجزيرة.نت : اتحاد المغرب العربي يقر إنشاء بنك لتشجيع التجارة والاستثمار
محمد العروسي الهاني: رسالة للتاريخ مفتوحة لرمز البلاد رئيس الدولة التونسية
موقع نهضة.نت :حوار مع الأخ د. محمد بن سالم نائب رئيس حركة النهضة
المنجي الفطناسي: شهود الزور والدور المشبوه محمد بوسنينة: التكوين المهني يعاني
من التشتت .. وتقلص الإقبال.. وتربكه تحولات سوق الشغل (1) لطفي الهمامي: الجمهورية الرقمية -شذرات في الرد على نحو جمهورية الجماهير لصلاح الداودي
أحمد بلمحظي: تأملات في واقع اليسار التونسي وآفاقه
حقائق: الحزب الديمقراطي التقدّمي: من سيتنافس على الأمانة العامّة وما هي نقاط قوّة وضعف المترشّحين ؟ حقائق: عن برج الرومي والسفهاء…
برهان بسيّس: من إسبانيا إلى ألمانيا: غزّة تستحضر بيروت
آمال موسى: أين فكر التنمية في تونس؟ خميس الخياطي: أربعون سنة و… 320 ألف مشاهد؟! د. بشير موسي نافع : أبو مازن رئيس ضعيف يقامر بوحدة الشعب وحقوقه الوطنية روجر هيكوك، فرنسوا بورغا وآلان غريش: فلسطين: الحصار المزدوج
Pour afficher les caractères arabes suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe ( Windows ) To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic (Windows).
|
المرصد الوطني لحرية الصحافة والإبداع والنشر
تونس في 16 جوان 2006
السلطات التونسية تصادر
كتب و وثائق خاصة لصحافيين تونسيين في مطار تونس
قامت المصالح الامنية التونسية يوم الأربعاء 7 ماي 2006 بحجز جميع الوثائق والمطبوعات التي كانت بحوزة ثلاثة صحافيين تونسيين نزيهة رجيبة (نائبة رئيس المرصد الوطني لحرية الصحافة) ومحمود الذوادي (الكاتب العام لنقابة الصحافيين التونسيين) ولطفي حيدوري (سكرتير تحرير مجلة كلمة) وسامية عبّو (زوجة سجين الرأي محمد عبّو)، عند عودتهم من الدار البيضاء بعد مشاركتهم في ندوة حول حرية التعبير في منطقة شمال إفريقيا نظّمها المرصد الوطني لحرية الصحافة والنقابة الوطنية للصحافة المغربية والجمعية المغربية لحقوق الإنسان ورعتها منظمة اليونسكو. وتوّجت بتأسيس مجموعة عمل للدفاع عن حرية الصحافة والتعبير في شمال أفريقيا.
واشتملت المحجوزات على موادّ إعلامية هي نسخ من صحف مغربية ( الصحيفة، دفاتر فلسفية، الجريدة، الأيّام، النهار المغربية، النهج الديمقراطي، التجديد، الاتحاد الاشتراكي، Journal Hebdo) ونسختين من كتاب صادر في لبنان عن مؤسسة مهارات بعنوان “شهداء الصحافة اللبنانية” ومنشورات بالعربية وبالفرنسية لمنظمة “إنديكس” وتقرير أيفيكس الأخير عن حالة حرية التعبير في تونس “ادعاءات وأكاذيب” وتقريرين لنقابة الصحافيين التونسيين، بالإضافة إلى أقراص CD ووثائق ومخطوطات وصور خاصّة تتعلّق بالندوة المذكورة.
وكانت نزيهة رجيبة قد تعرضت لتفتيش كامل لمحتويات حقيبتها قبل المغادرة من تونس إلى الدار البيضاء واحتجز منها بيانات لمنظمات تونسية صادرة أخيرا.
وقد تم استهداف النشطاء الأربعة بالذات بتأخير وصول حقائبهم من دون جميع ركّاب الطائرة ساعة كاملة بعد وصولهم وبعد أن خلت قاعة الوصول من المسافرين. وقد تسلّموا أمتعتهم التي تم تفتيش محتوياتها مسبقا تفتيشا دقيقا ثم أعيدت الكرّة عند مصالح الديوانة المرفوقة بعناصر الأمن السياسي التي كانت تراقبهم منذ وصولهم.
وقد أصرّ موظّفو الديوانة التونسية على حجز جميع المطبوعات دون الاطّلاع على مضمونها.
ويتكرّر هذا الاعتداء باستمرار ضد النشطاء في مطار تونس (سهام بن سدرين وسعيدة العكرمي ولطفي حجّي وسمير ديلو وناجي مرزوق…). ولا تعيد مصالح الديوانة هذه المحجوزات إلاّ بعد ترخيص من إدارة الرقابة على المطبوعات في وزارة الداخلية، وهو ما لا يحصل في أغلب الأحيان.
والمرصد الوطني لحرية الصحافة والإبداع والنشر :
– يحتجّ بشدّة على هذه المعاملة التمييزية التي يلقاها النشطاء التونسيّون في مطار تونس عند تنقلهم خارج البلاد وعند عودتهم.
– يدين الحجر الخاص المضروب في تونس على تنقّل المعلومات والأفكار.
– يذكّر بانتهاك السلطات التونسية المستمرّ للمواثيق الدولية التي وقّعت عليها كالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والذي ينصّ في الفصل 19 على “حرية التماس مختلف ضروب المعلومات والأفكار وتلقّيها ونقلها إلى الآخرين دونما اعتبار للحدود سواء على شكل مكتوب أو مطبوع أو في قالب فنّي أو بأيّة وسيلة أخرى يختارها”.
عن المرصد الرئيس محمد الطالبي
في بلاغ لاتحاد الشغل: على المدرسين وضع المصلحة العامّة فوق كل اعتبار
جاء في بلاغ صادر عن الاتحاد العام التونسي للشغل ما يلي: «إن المكتب التنفيذي للاتحاد العام التونسي للشغل، وبعد استعراضه لحصيلة المفاوضات بين النقابة العامة للتعليم الثانوي ووزارة التربية والتكوين: ـ يجدد مساندته للمطالب المشروعة لمدرسي التعليم الثانوي ووقوفه الى جانب نضالاتهم من أجل تحقيقها ـ يؤكد على ايجابية الموقف الذي عبرت عنه وزارة الاشراف في مواصلة التفاوض مع النقابة العامة للتعليم الثانوي بشأن النقاط التي لاتزال محل خلاف في السنة الدراسية القادمة. ـ وتبعا لذلك، وإيمانا منه بضرورة مراعاة مشاعر الأولياء والتلاميذ وحماية العمل النقابي من كل الشوائب، فإن المكتب التنفيذي للاتحاد يدعو كافة مدرسي التعليم الثانوي المشاركين في اصلاح الامتحانات الوطنية الى مواصلة عملهم في ظروف عادية ووضع المصلحة العليا فوق كل اعتبار». (المصدر: جريدة الصباح التونسية الصادرة يوم 15 جوان 2006)
الحكومة التونسية تعرض خصخصة الشركة المصنعة للسيارات STIA
عرضت الحكومة التونسية خصخصة الشركة الحكومية الوحيدة المصنعة للسيارات (ستيا) في إطار سعيها لدفع النمو الاقتصادي في البلاد. وقال مصدر رسمي إن على الشركات المهتمة تقديم عروضها للإدارة العامة للخصخصة في أجل لا يتعدى 31 يوليو/تموز, لكنه أضاف أن تاريخ العروض قد يتم تمديدها حتى يتسنى للشركات المهتمة التعرف على ستيا. وأوضح أن البنك الذي سيتولى الاهتمام بالعملية سيحدد الفائز حسب أهمية العروض المقدمة, لكنه لم يذكر أي تفاصيل عن المبلغ المتوقع جمعه من هذه العملية. وقد بلغت قيمة مبيعات الشركة عام 2002 حوالي 114 مليون دينار (86.2 مليون دولار). واستطاعت الحكومة جمع حوالي 1.82 مليار دولار من خصخصة 194 شركة منذ عام 1987, إضافة إلى 2.24 مليار من عائدات خصخصة 35% من أسهم شركة اتصالات تونس هذا العام. (المصدر: موقع الجزيرة.نت بتاريخ 15 جوان 2006 نقلا عن وكالة رويترز للأنباء)
اتحاد المغرب العربي يقر إنشاء بنك لتشجيع التجارة والاستثمار
أعلنت مجموعة تضم خمس دول من شمال أفريقيا اتفاقها على إنشاء بنك لمساعدة الشركات في المنطقة وتشجع التجارة والاستثمار عبر الحدود. وأفاد مسؤولون اجتمعوا في العاصمة الليبية طرابلس من أجل الإعداد للقمة السنوية لاتحاد المغرب العربي أن بنك المغرب للاستثمار والتجارة الخارجية سيكون مقره في تونس وسيفتتح في مارس/آذار عام 2007 بعد تحديد رأسماله ونظامه الأساسي. وأوضح الأمين العام للاتحاد الحبيب بن يحيى أن البنك سيشارك مؤسسات الاتحاد الأخرى في دفع التكامل المغاربي للأمام. وفي ظل ضغط من دول في الاتحاد الأوروبي تحاول دول اتحاد المغرب العربي دعم التجارة الإقليمية لحفز اقتصادها وتوفير فرص عمل وتحسين مستويات المعيشة. وقد تأسس اتحاد المغرب العربي عام 1989 بهدف تحقيق وحدة اقتصادية وسياسية بين ليبيا وتونس والجزائر والمغرب وموريتانيا. وتحقق دول الاتحاد تقدما بطيئا جدا بسبب التوترات السياسية بين أعضائه خاصة النزاع على الصحراء الغربية الذي أدى إلى تأزم العلاقات بين المغرب والجزائر وخلافات حول إصلاح وتحرير التجارة. وبحث مسؤولون حكوميون سبل تحقيق منطقة للتجارة الحرة إلا أنهم لم يحددوا موعدا لإنجازها وناقشوا المجموعة الاقتصادية للاتحاد والاستعداد لاستحقاق إقامة المنطقة الأورومتوسطية للتبادل الحر في عام 2010. (المصدر: موقع الجزيرة.نت بتاريخ 15 جوان 2006 نقلا عن “وكالات”)
الـحـبـل في العالم الغربي ما انفكت الغرائز تتعدد.. وطلعاتهم المفاجئة ما فتئت كل يوم تتجدّد.. فها هم في العاصمة البريطانية بصدد انجاز لم يسبق له مثيل.. إنهم يظفرون أطول حبل في الدنيا للغسيل. طالعت الخبر فقلت في قرارة نفسي أيها الأخ.. «لماذا لا يهدون هذا الحبل العربي كي ينشروا عليه غسيلهم الداخلي الوسخ؟!». محمد قلبي (المصدر: جريدة الصباح التونسية الصادرة يوم 15 جوان 2006
تونس في 14-6-2006
بسم الله الرحمان الرحيم
والصلاة والسلام على أفضل المرسلين
بقلم محمد العروسي الهاني
مناضل دستوري تونس
معتمد متصرف متقاعد
رسالة للتاريخ مفتوحة لرمز البلاد رئيس الدولة التونسية
سيادة الرئيس زين العابدين بن علي
على بركة الله وبواسطة موقع الانترنات تونس نيوز وتبعا للرسالتين التاريخيتين التي وجهتهما لسيادتكم الاولى بتاريخ 29-12-2005 حول تطوير الحياة الحزبية والساسية ومقترحات حول تطوير هياكل التجمع والثانية يوم 9 فيفري 2006 حول توضيح بعض المشاغل حرية الرأي وحرية الاعلام ومواضيع الساعة ، واليوم يسعدني أن أتوجه الى سيادتكم بالرسالة رقم 3 حول إحياء الذكرى الخمسين لتونسة الادارة الجهوية لسلك الولاة والمعتمدين والتي جاءت تجسيما لارادة الحكومة الوطنية الاستقلالية لتونسة دواليب وهياكل الدولة التونسية المستقلة وتم يوم 23 جوان 1956 تونسة الادارة الجهوية لوزارة الداخلية سلك الولاة والمعتمدين الذي عوض أسلاك اخرى في عهد الاستعمار الفرنسي المراقب والقائد والكاهية والخليفة.
مرور نصف قرن على تونسة السلك
واليوم بعد مرور نصف قرن يوما بيوم في مثل هذا جوان 1956 وعلى وجه التحديد يوم 23 جوان 1956 وبناء على المقالات المتوالية التي نشرتها بموقع الانترنات تونس نيوز حول هذه الذكرى المباركة التي لا تقل اهمية عن ذكرى تونسة الامن الوطني وتونسة سلك الحرس الوطني والجيش الوطني والديوانة في نفس السنة 1956 بإدارة قوية وشجاعة واقدام من قبل المجاهد الاكبر الرئيس الحبيب بورقيبة رحمه الله.
تطورا ملحوظا
وبناء على اهمية هذه الذكرى وتأكيدا لما جاء في مقالاتي المشار اليها من ملاحظات واشارات ومقترحات وخواطر جريئة وذكر مواقف مشرفة للسلك العتيد وما قام به من مجهودات جبارة لدعم اركان الدولة وبناء اسس الجمهورية والنهوض بالمجتمع التونسي في كل المجالات حسب الخطة المرسومة من قبل الدولة وما قام به السلك من تضحيات جسام منذ الاستقلال الى اليوم والتطورات العملية المستمرة ودعم اللامركزية واللامحورية ومضاعفة عدد الولايات من 13 ولاية الى 24 ولاية ومن 96 معتمدية الى 266 حاليا . واحداث خطة معتمد للشؤون الدينية في كل مركز ولاية في العهد الجديد وتعيين اكثر من 21 امرأة في سلك المعتمدين وامرأة على راس ولاية زغوان وبناء على ذلك اصبح عدد المعتمدين والمعتمدين الاول .
362 معتمدا ترابيا وبمراكز الولايات في كامل انحاء البلاد
و24 واليا هذا العدد مازال في تطور وزيادة بحكم تطور المجتمع وطموحاته ومشاغله والنمو الديمغرافي والاجتماعي .وتجسيما الى ذلك فإن الحاجة تدعو الى
احداث ولايات جديدة
خاصة تقسيم ولاية صفاقس التي بها 950 الف نسمة وحوالي 18 معتمدية ترابية ولم يشملها التقسيم الترابي منذ الاستقلال الى اليوم. وقد تطورت ووقع إضافة مناطق للامن والحرس الوطني.
وهناك تفكير في احداث محكمة ابتدائية ثانية حسبما صرح به وزير العدل مؤخرا ومن الضروري مواكبة هذا التطور الملحوظ بإحداث ولايتان جديدتان بكل من جبنيانة والمحرس او السخيرة وللعلم فان جبنيانة كانت في التنظيم القديم قيادة اعني ولاية بالمفهوم الجديد وانه من اوكد الواجبات تطوير التنمية الشاملة في مقدمة المشاغل الاخرى فاحداث ولاية يسبق احدث محكمة او منطقة امن …وان احداث 10 ولايات جديدة بعد الاستقلال يندرج ضمن هذا المفهوم وإحداث ولاية منوبة في العهد الجديد.
مقترحات عملية لتحسين الوضع المادي للسلك
كما اشرت في مقالاتي في الحلقات الثلاثة المتولية فان مرتبات واجور اطارات السلك اصبحت لا تفيء بالحاجة بالمقارنة لارتفاع الاسعار ومتطلبات الحياة ومرافق العيش وضرورياته. واذا قارنا المرتب الذي حدد في بداية الاستقلال 1956 والذي كان يغطي تكاليف الحياة نظرا لاستقرار الاسعار وتناول كل الحاجيات بنصف المرتب وهناك من ادخر لبناء مسكنا ، اما اليوم فان الجراية للمباشر او المتقاعد لا تفي بالحاجة الضرورية للاكل والملبس والكهرباء والماء والنقل وغير ذلك….
ومنذ شهر نوفمبر 2000 والسلك ينتظر الزيادة التي تمتع بها كل اعوان الدولة والمؤسسات والشركات مع العلم ان عدد افراد السلك بين المباشرين 362 والمتقاعدين عددهم لا يتجاوز 468 من الاستقلال الى اليوم يكون العدد الجملي حولي 854 بما في ذلك السادة الولاة والمعتمدين الاول والمعتمدين مع اضافة 24 كاتبا عاما لمراكز الولايات يصبح العدد 878 هذا العدد هو اقل من 10% اللذين يعملون في الشركة الوطنية للسكة الحديدية وكما اسلفت في الحلقة الثالثة بتاريخ 12/06/2006 حول الذكرى الخمسين لتونسة الادارة الجهوية ، فان العون او مراقب التذاكر للشركة الانفة الذكر يتقاضى سواء المباشر او المتقاعد اكثر من مرتب المعتمد والفارق يصل بين 250 و300 دينار أي حوالي 3000 دينار سنويا والفارق واضح بينما المعتمد او الوالي هو المسؤول الاول على كل مظاهر الحياة العامة بجهته والوالي ممثل رئيس الجمهورية والمعتمد ممثل الوالي وبالتالي ممثل رئيس الدولة
الاشراف على الذكرى والتكريم واجب وطني
اعتقد ان للذكرى اهمية خاصة ومعنى ومغزى وطني وتاريخي واخلاقي تكريسا لثوابت السلك ووفاء للقيم والمبادئ التي بني عليها النظام الجمهوري العتيد وعليه فان اشراف سيادتكم على احياء الذكرى الخمسين لتونسة الادارة الجهوية يندرج ضمن هذه الثوابت الخالدة وان في تكريمكم للسلك دعما متجددا لمزيد العناية والرعاية لابناء السلك ودفعا متواصلا لشحذ العزائم والهمم وتكريسا لمفهوم تداول المسؤوليات وترسيخا لسنة الوفاء لمن قدم خدمات جليلة للشعب والوطن وكما ذكرت فان هناك ولاة ومعتمدون مازالوا على قيد الحياة يستحق التكريم والعناية على غرار ما يجري في فرنسا التي اولت عناية للسلك ولاعضاء الحكومة وكل من عمل في مؤسسات الدولة وقد اطنبت في المقال السابق في الحديث عن هذا الموضوع وتلك هي اسمى مفهوم وقيمة للديمقراطية والاخلاق السياسية العالية.
سيادة الرئيس رمز البلاد
ان اشرافكم على احياء الخمسينية المشار اليها يندرج ضمن الوفاء لتونس ولابنائها العاملين المخلصين وللثوابت التي اسسها رمز هذه الامة وباني مجدها المجاهد الاكبر الحبيب بورقيبة وان المقترح الهادف مهما كان من قدمه او فكر فيه واصدع به وبادر قبل غيره بنشره في الصحافة او موقع الانترنات او بتقديمه في شكل رسالة مفتوحة كهذه . فان الديمقراطية المتطورة المواكبة للعصر تكرم صاحب المبادرة ولا ينقص من هيبة النظام شيئا اذا نوهنا بمثل هذه المبادرات واخذنا بعين الاعتبار هذه المقترحات حتى يكون
للديمقراطية شأن ومعنى ، وللنظام الجمهوري الذي يستمد قوته وشرعيته من الشعب صاحب السيادة وحتى يكون للنظام الجمهوري مغزى لمفهوم دعم المواطنة .
وكما قال زعيم ورمز هذه الامة المجاهد الاكبر في مؤتمر سوسة في 2 مارس 1959 في معنى الرأي الحر قال كم من مقترح يصدر من دستور في القاعدة فيصبح قانونا تعمل به الدولة .
المواطن و الدستوري رأيه
وكما قلتم يا سيادة الرئيس ان التجمع الدستوري لا يضيق صدره ورحابه من أي راي مهما كان نوعه وتجسيما لهذا الشعار فان مقترحاتي جديرة بكل عناية واهتمام واتمنى ان تجد طريقها الى قصر الجمهورية دون تعطيلها او اخفائها في مكاتب اخرى وهي امانة عظمى يحاسب عليها الانسان يوم القيامة قال تعالى” يوم لا ينفع مال ولا بنون الا من اتى الله بقلب سليم” صدق الله العظيم
وما جعلني اذكر هذه النقطة هو مصير الرسالتين السابقتين بتاريخ 29 ديسمبر 2005 و9 فيفري 2006 حيث لم يقع الرد عليهما وهذا يؤكد لي ان هناك ابواب موصودة رغم ان الانترنات مفتوحة اقليميا ودوليا وعالميا والآراء والمقالات يطالعها العالم بأسره اتمنى ان يفتح الله علينا بأمناء يبلغون ولا يخفون خاصة والمواضيع تهم تونس والوطن غالي وعزيز علينا جميعا والله ولي التوفيق.
قال تعالى” فستذكرون ما اقول لكم وافوض امر الى الله والله بصير بالعباد” صدق الله العظيم.
مع تمنياتي القلبية و تهامي بعيد تونسة الادارة الجهوية لسلك الولاة و المعتمدين
محمد العروسي الهاني
مناضل دستوري تونسي
حوار مع الأخ د. محمد بن سالم نائب رئيس حركة النهضة
1- كنتم خلال فترة الإعلان تدرسون بفرنسا ويمكن القول أنكم كنتم حينها خارج الدائرة التي عايشت الحدث لكن هذا لا يمنعنا من سؤالكم كيف تقيمون الحدث ونحن على مسافة زمنية منه؟ – بعد شكركم على هذه المبادرة الطيبة التي تسلط الضوء على فترة مهمة جدا من تاريخ حركتنا أقول انه فعلا وقتها لم أكن ضمن الدائرة و بالتالي لم أواكب مسألة الإعلان عن قرب ولكنها في رأيي رغم بعض الظروف الأمنية التي سرعت وتيرة الإعلان فقد كان تتويجا ونهاية طبيعية لفترة كانت سمتها الأساسية بالإضافة للبناء التنظيمي والاتساع الدعوي في المساجد و محاربة البدع في الأرياف من زيارة الأضرحة و النذور و غيرها، الاشتغال بالشأن العام سواء على مستوى السياسة الداخلية بالتعليق على المواقف السياسية المعلنة أو نقد النهج العلماني المتطرف الذي اختاره بورقيبة والمعادي للدين جهارا سواء عند مطالبته بالإفطار في رمضان أو باستهزاءاته المتكررة بالشعائر الإسلامية أو حتى برسول الإسلام أو كذلك بالسياسة الخارجية والمتمثل بمناصرة الثورة الإسلامية الإيرانية ضد دكتاتورية الشاه و قوى الاستكبار العالمي أو بالوقوف مع حق الشعب الفلسطيني في التحرر وغيرها من القضايا المطروحة في السياسة الدولية. إذن جاء الإعلان، في نظري، تتويجا لخيار علني من الأساس وإن استعمل السرية في فترة أولى إلا أنه بادر للإعلان عن نفسه حتى يعرض بضاعته في مقابل البضائع الإيديولوجية الأخرى. 2- هذه التجربة الطويلة و الثرية في أبعادها السياسية الفكرية و الحركية، هل ترون فيها تجديدا أم هي تكرار لتجارب أخرى هنا وهناك؟ – نحن في حركة الإتجاه الإسلامي سابقا و حركة النهضة حاليا شعارنا كان دائما الحكمة ضالة المؤمن أينما وجدها فهو أحق بها فبالتالي لا اذكر قط اننا تخلينا عن فكرة لأنها سبقتنا اليها جهة اخرى سوى كانت اسلامية او علمانية ونحن نفخر أنه بالإضافة لخلفيتنا الإسلامية الواضحة و تأثرنا بمدارسها المختلفة الأخوانية والهندية الباكستانية السنية والإيرانية الشيعية فإننا نفخر كذلك باستفادتنا في المجال الإجتماعي النقابي بالتجارب اليسارية التونسية خاصة و هذا التفريط في مبادرتنا الأساسية و دون الإحجام على المساهمة الذاتية في تطوير هذه الأفكار والتجديد المحكوم بالثوابت الإسلامية. و من المسائل التي ساهمت الحركة في تطويرها و التي كانت سباقة على مستوى الحركات الإسلامية الأخرى نجد اعتبار ان النظام السياسي الديمقراطي اقرب الأنظمة للنظام الإسلامي المنشود و الذي تستمد الشرعية فيه من الشعب أي بالبيعة و التي شكل من اشكال الإنتخاب. وهذه القناة امتدت لها الحركة مبكرا و أعلنت عليها بوضوح لا يرقي اليه الشك في الندوة الصحفية يوم 06/06/1981. مسألة تحرير المرأة من موروث عصور الإنحطاط والقفز بها الى المكانة المرموقة التي بوأها الإسلام و هي عملية صعبة حيث النضال على جبهتين متناقضتين الأول في مواجهة قوى المحافظة الكامنة في المجتمع و ان كانت غير منظمة و لكن بحكم اتساعها و تحفزها للجهة العلمانية الرسمية كانت استجابتها بطيئة للقبول بالسماح للمرأه بالمشاركة السياسية في الحياة العامة النضال في مؤسسات الحركة الشورية و التنفيذية المركزية و حتى في المؤسسات الجهوية أما الجبهة الثانية فكانت مع القوى العلمانية و اليسارية في الجامعة و التى كانت و لا زالت بعضها يرى انه لا تحرير للمرأه الا بكسر كل ما يربطها بدينها وهويتها. كما كانت لنا إضافات ومساهمات محترمة في المجال الاجتماعي بالمساهمة في الدفاع على مؤسسات الاتحاد العام التونسي للشغل أمام هجمات النظام لتطويعه وتنظيم زيارات للمستشفيات للتخفيف على المرضى وغيره من الاجتهادات الموفقة في هذا المجال. 3- نعم لقد كانت هذه المحن التي مرت بها الحركة مناسبات للمراجعة والتقييم لا أدّعي أننا وفقنا في استخلاص كل الدروس ولكن بالتجربة خرجت الحركة في كل تجاربها السابقة أكثر قوة وانتشارا فعدد المحاكمين سنة1981 كانوا بضع عشرات والمحاكمين سنة 1987 كانوا بين تسعة إلى عشرة آلاف والموقوفون بين سنوات 1990 و 1995 تجاوزوا الخمسين ألف. أماّ في ما يخص محنتنا الأخيرة، والتي ما زالت متواصلة فإن ما يأتينا من أخبار من الداخل من انتشار للصحوة الجديدة رغم بعدنا الجغرافي عنها ومحاصرة النظام لإخوة الداخل حتى يقوموا بواجب الترشيد والعناية بالإضافة إلى تقلص الأصوات الداعية لاستئصال كل ذلك يجعلنا مطمئنين أن نهاية هذه المحنة سيكون كنهاية سابقاتها لصالح مشروعنا وأن حركتنا ستتبوأ مكانتها الطبيعية داخل بلدها الحبيب تونس حيث سنواصل الدفاع عن مبادئنا باعتدال وحكمة متعاونين مع كل أبناء شعبنا مهما كانت مشاربهم الفكرية والإيديولوجية بقناعة قديمة لدينا قدم إعلاننا عن طلبنا لتأشيرة حزب أردناه أداة لخدمة بلدنا وشعبنا وهوية دينا ودنيا.ولعل بهذا الكلام أجبت عن سؤالكم الأخير حول رأيي في المستقبل،مشروعا إسلاميا ووطنا. وفي الأخير لا يفوتني في هذه المناسبة الهامة أن أجدد عهدي وعهد إخواني في الحركة بوصفي النائب الحالي لرئيس الحركة لإخواني في السجون وإخواني في الداخل بأن نعمل جاهدين على رفع المظلمة المسلطة عليهم وأن لا يهدأ لنا بال مادام لنافي السجن سجين واحد وما دامت الحركة ممنوعة من حقها الطبيعي وما دام شعبنا لا ينعم كبقية شعوب العالم بحقوقه في الحرية واختيار حكامه بك لديمقراطية. (المصدر: موقع نهضة.نت بتاريخ 13 جوان 2006)
أبناء النهضة في باريس يُـحـيُـون ذكرى الإعــلان
تحت شعار: “حركة النهضة: ربع قرن من العمل والتضحية في سبيل الإصلاح“، عقدت الحركة بباريس يوم 13/06/2006 احتفالا بمناسبة الذكرى الخامسة والعشرون للإعلان عن تأسيسها (الاتجاه الإسلامي (سابقا)). وقد تميز الاحتفال بحضور عدد كبير من الضيوف وخاصة من ممثلي ورموز الأحزاب السياسية والجمعيات الحقوقية التونسية وكذلك عدد من المثقفين والصحفيين إضافة إلى العشرات من أبناء الحركة وبناتها وأنصارها. وقد تداول على المنصة في كلمات تبارك للحركة هذه الذكرى وتعبر عن دعمها للمساجين. ولم تخل بعض الكلمات من توجيه ملاحظات حول مسيرة الحركة وتجربتها كما لم يغب النصح وأحيانا بعض المجاملات عن كلمات المتدخلين. وكان ممن اخذ الكلمة السادة: – اياد الدهماني ممثلا عن الوحدويين الناصريين. – عمر المرابط عن حزب العدالة والتنمية المغربي. – خميس كسيلة عن لجنة 18 اكتوبر بباريس. – الهادي الجيلاني عن التكتل الديمقراطي للعمل والحريات. – عماد الدايمي عن حزب المؤتمر من اجل الجمهورية. – طارق بن هيبة عن اللجنة من اجل احترام حقوق الإنسان بتونس – أمية الصديق بصفته مستقلا. – الطاهر بلحسين مدير ومنشط قناة الحوار الفضائية. كما اخذ الكلمة الدكتور المنصف المرزوقي رئيس حزب المؤتمر من اجل الجمهورية. وكانت كلمة الختام للأخ عامر العريض رئيس المكتب السياسي لحركة النهضة وقام الأخ حسين الجزيري بالإشراف على الاحتفال وتقديم الضيوف. كما تم خلال الحفل تقديم وتوزيع بعض المشروبات والحلويات على الحاضرين وفي نهايته انشد الحضور النشيد الوطني وعددا من الأغاني الملتزمة. (المصدر: موقع نهضة.نت بتاريخ 14 جوان 2006)
نجوم العهد الذهبي لكرة القدم التونسية على شاشة “المستقلة” يومي السبت والأحد
تبث قناة “المستقلة” في السادسة مساء بتوقيت غرينيتش يوم السبت 17 يونيو الجاري، ضمن برنامجها اليومي “عالم الرياضة” تسجيلا للشوط الأول من مباراة المنتخب التونسي لكرة القدم مع نظيره الألماني في نهائيات كأس العالم التي احتضنتها الأرجنتين عام 1978. يتيح البرنامج للمشاهدين التونسيين والعرب فرصة تذكر الآداء المميز لنجوم العهد الذهبي لكرة القدم التونسية، ومنهم طارق ذياب وحمادي العقربي وتميم الحزامي. وفي نفس الوقت في السادسة مساء بتوقيت غرينيتش يوم الأحد 18 يونيو، تبث قناة ” المستقلة ” ضمن برنامج ” عالم الرياضة” الشوط الثاني من هذه المباراة. يعلق على مجريات الشوطين النجم الاعلامي التونسي الراحل، المرحوم نجيب الخطاب، الذي كانت تغطياته لمباريات المنتخب التونسي في الأرجنتين بداية بروزه القوي ومسيرته الحافلة في الساحة الاعلامية التونسية والعربية.
شهود الزور والدور المشبوه
المنجي الفطناسي اعتمد النظام التونسي في حربه على شعبه الأعزل العديد من الوسائل الرخيصة ( أسد علي وفي الحروب نعامة). هذه الوسائل منها العلني ومنها السري ومنها ما هو محلي ومنها ما هو مستود. على رأس هذه الوسائل تجنيده لجيش جرار من عديمي الإحساس والدين والأخلاق والإنسانية للقيام بأقذر الأدوار وتتلخص مهام هؤلاء في الآتي: * تبرير جرائم السلطة وتسويقها للرأي العام الداخلي والخارجي على أنها محاسن ومكتسبات. * تلميع صورة النظام وتعداد منجزاته بمناسبة وبغير مناسبة وفي كل المحافل. * تجريم كل من ينتقد السلطة وتشويه سمعته واعتباره خارجا على القانون وخائنا للوطن وعميلا لجهات أجنبية. * رصد تحركات المعارضين السياسية والحقوقية والإعلامية والتصدي لها بشتى طرق التزييف والتلبيس والتشكيك وتصويرها على أنها مزايدات سياسية ومحاولات يائسة من طرف فئة ضالة لفظها الشعب التونسي. ومن أجل القيام بهذه المهام على أحسن وجه وضعت المخابرات التونسية أرشيف المعارضين تحت تصرفهم بحيث ينتقون ما يشاؤون من المعلومات الكاذبة لتوظيفها في الإتجاه غير الصحيح . وخصصت لهم الدولة ميزانية ضخمة أخذت من قوت الشعب الجائع لتصرف في شراء مساحات في بعض وسائل الإعلام المرئية و المقروءة وتأسيس العديد من المواقع على شبكة الأنترنت وتمتيعهم بأفضل أنواع الإمتيازات حتى يتمكنوا من عرض وجهة نظر السلطة والدفاع عنها والإفتراء على المعارضة. أبرز هؤلاء المرتزقة على الإطلاق في هذه المرحلة برهان بسيس. فقد عقمت أرحام الأمهات أن تلد له مثيلا في هذا الإختصاص فالرجل أوتي قدرة عجيبة على الإلتواء واللف والدوران وقلب الحقائق. فهو يكذب ويعلم أنه يكذب ويدرك جيدا أن لا أحدا يصدقه ورغم ذلك فهو يصر على الكذب ما دام يدر عليه أموالا طائلة ويرفعه إلى أعلى المراتب في ظل الأنظمة المتخلفة.: – فقد أنكر وجود العلم الإسرائيلي على متن الطائرة التي أقلت وزير الخارجية الإسرائيلي الذي حضر مؤتمر المعلوماتية في حين أن كل وسائل الإعلام نقلت هذه الصورة. – تطاول على سيده عالم الفيزياء الدكتور المنصف بن سالم الذي تفوق شهاداته كل شهادات أركان الحكم في تونس عندما ادعى على قناة الجزيرة أنه في حالة سراح و يتمتع بكل حقوقه كمواطن تونسي في حين أن الجميع يعلم أن حياة هذا العبقري معطلة منذ 19 سنة: فلا شغل و لا دخل و محروم من كل أنواع الأنشطة و مراقب من طرف البوليس ليلا نهارا و ممنوع من حق السفر – اعتبر جريمة تدنيس المصحف الشريف في سجن برج الرومي مجرد إشاعة مغرضة و اصطياد في الماء العكر و دعاية مفلسة. و أنا أسأله هل زرت يوما السجون التونسية و اطلعت على ما يجري فيها من أهوال؟ إن كنت لم تفعل فكيف تكذب؟ وهل هناك نظام مستبد في العالم اعترف بجريمة نسبت إليه؟ – يصور تونس في مقالاته وبرنامجه البعد الآخر ومداخلاته التليفزيونية على أنها واحة للديموقراطية. ويتجاهل متعمدا الحديث عن الظلم والفساد ونهب العائلات الحاكمة لخيرات البلاد. أقول لبرهان بسيس و أمثاله إن لم تستحوا فاصنعوا ما شئتم. سوف لن يغفر لكم التاريخ و لا الشعب التونسي هذا الدور المشبوه و القذر الذي تلعبونه. (المصدر: موقع الحوار.نت بتاريخ 14 جوان 2006)
التكوين المهني يعاني من التشتت .. وتقلص الإقبال.. وتربكه تحولات سوق الشغل (1)
تونس ـ كتب محمد بوسنينة سربت وزارة التربية والتكوين منذ مدة، أن اختصاصات التكوين المهني ستدرج ضمن دليل التوجيه الجامعي للسنة المقبلة. وإذا صحّ ذلك، كما سيؤكده أو ينفيه دليل التوجيه الجامعي الجديد عند صدوره قريبا، فسيصبح هناك ترابط بين التكوين المهني العادي والتكوين المهني الجامعي. ولكن قبل ذلك فإن هذه الخطوة تفترض أن هذا المجال بمرحلتيه العادية والجامعية قد حقق النجاح أو النجاعة المطلوبة منه في النسيج الإقتصادي وفي سوق الشغل وتحسين الإنتاجية حتى يمكن تطوير خطوات موالية فيه. فالتكوين المهني أصبح مجالا حيويا لتنمية الإقتصاد من خلال تنمية القدرات والكفاءات المهنية للفرد سواء كان في طور الشباب أو باحثا عن شغل أو كاسبا لاختصاص ما ويمارسه مهنيا. وتلك الكفاءات المهنية هي التي توفر الإضافة المطلوبة وتعزز جودة المنتوج وتقدم للمؤسسة التأطير الذي تحتاجه، وبالتالي يكون المردود مزدوجا لفائدة المؤسسة الإقتصادية وإنتاجيتها من جهة، وللدخل والمردود المادي والمعيشي للفرد ولمحيطه الأسري من جهة أخرى. وخلال السنوات الماضية اكتسب التكوين المهني موقعا مهما في الثقافة الإجتماعية والإقتصادية، وأصبح معطى في التحول الإجتماعي. ولكن يبدو أن هذا القطاع ربما احتاج في هذه المرحلة إلى وقفة للتأمل وربما لإعادة صياغة دوره في ظل وضعه العام وما يعيشه من إشكاليات. تكوين مهني لكل وزارة وأول ما يجلب الإنتباه في واقع التكوين المهني في تونس، وعلى عكس ما يتصوره المواطن العادي، أنه قطاع يتسم بالتشتت والتوزع بين عديد الوزارات، وأنه غير خاضع بالتالي لجهة إشراف واحدة. فهناك على الأقل 15 وزارة لها مراكز أو مؤسسات تكوين خاصة بها وتوفر تكوينا مهنيا مرتبطا بمجال تدخلها. وإلى ذلك يوجد هيكل وزاري هو كتابة الدولة للتكوين المهني بوزارة التربية والتكوين والتي لها مجال تدخل متعدد الجوانب سنعود له، إلى جانب القطاع الخاص. وعلى مستوى الكلفة، فإن الدولة والمجموعة الوطنية تتحمل مبالغ كبيرة في مجال التدخل العمومي للقطاع بشتى تنوعاته. وفي ميزانية الدولة لهذا العام تبلغ مجموع المقدرات الموجهة للتكوين المهني أكثر من 140 مليون دينار. ويدخل في ذلك أكثر من 40 مليونا لفائدة التكوين التابع لشتى الوزارات، تكاد تكون كلها ـ أي أكثر من 90 بالمائة ـ في شكل منح مباشرة من الدولة ومقررة ضمن الميزانية. وتخصص الدولة صندوقا للنهوض بالتكوين والتدريب المهني بميزانية تبلغ 40 مليون دينار. كما تنفق أيضا أكثر من 23 مليونا ونصف المليون دينار لفائدة القطاع بعنوان بناء مقرات أو اقتناء أو صيانة أو تجهيز مراكز، أو ورشات بحث وإحاطة ومنظومات تكوين وغير ذلك من الحاجيات المتعلقة بالمراكز الخصوصية. هذه طبعا معطيات عامة حول جانب من تمويل قطاع التكوين المهني، يضاف له ما هو مخصص للمعاهد العليا للدراسات التكنولوجية والتي هي مؤسسات تكوينية تابعة لوزارة التعليم العالي. وبطبيعة الحال فإن الصندوق الوطني للتشغيل 2121 يوفر هو الآخر تكوينا مهنيا واسعا لقطاعات عريضة من الشبان موجها لاكسابهم معارف مهنية خاصة من أجل بعث مشاريع صغرى حرفية ومهنية أو الإندماج في سوق الشغل. وتفيد الإحصائيات أن من انتفع منهم بهذا النمط من التكوين قد بلغ مئات الآلاف. الإدماج والتجميع .. يحقق النجاعة وبالإقتراب أكثر من قطاع التكوين المهني بشكل عام نجد أنه من الممكن الحد من ذلك التشتت الذي يشهده بسبب توزعه بين عدد من الوزارات. فباستثناء مجالات التكوين التابعة لوزارتي الدفاع والداخلية بما لها من خصوصية، فإن بقية الإختصاصات التكوينية العائدة لوزارات أخرى يمكن التفكير في إعادة تجميعها ودمجها في هيكل الإشراف الموحد، إذا ما توفرت ظروف وعوامل النجاعة، وتأمينا لحسن التصرف والضغط على الكلفة. من ذلك أن بعض الإختصاصات يمكن أن ترتبط بالتكوين الجامعي كمجالات التكنولوجيا والرصد الجوي والتراث أو الديوانة العائدة حاليا لوزارات تكنولوجيا الإتصال والنقل والثقافة والمالية، وكذلك معاهد الإحصاء أو ما يمكن أن يرتبط بالطب البيطري. كما أن بعض الإختصاصات الأخرى يمكن أن تلحق أو ترتبط مثلا بالمركز الوطني للتكوين المستمر والترقية المهنية الذي يمكن أن يكون آلية ممتازة لإثراء المهارات المهنية للعاملين الأجراء لا سيما إذا تعززت مجالاته ماديا ومعنويا، وتدعمت إمكانياته ووسائل عمله، كأن يقع إقرار إجبارية الإلتحاق به بعد كل مدة محددة من التجربة المهنية على حساب المؤسسات المؤجرة، وأن يعتمد ذلك آليا كحق في ترقية الأجير. أما الباقي فيمكن إلحاقه أو إدماجه ضمن برامج التكوين المهني الواسع الذي تتولاه حاليا الوكالة الوطنية للتكوين المهني. الإستثمار الآخر من أجل البشر ذلك أن الهيكل الحكومي الأساسي في مجال التكوين المهني هو ما تضمه حاليا وزارة التربية والتكوين. وعندما اعتمدت الدولة في بداية التسعينات رؤية متكاملة لتأسيس هذا القطاع وأرست له منظومة تشريعية وتمويلية منذ عام 1993، كان ذلك خيارا استراتيجيا له أبعاد اقتصادية واجتماعية ومهنية متكاملة، بسبب ارتباط الحاجة للتكوين، من جهة باكتساب الأجير أو الموظف للكفاءة المستمرة لتأمين الإنتاج والحفاظ على مواطن الشغل، وبالتالي تحسين المستوى المعيشي والحياتي للفرد فالأسرة فالمجتمع، ومن جهة ثانية لتلبية ضرورة اقتصادية تتعلق بتحسين الإنتاجية وجودة الإنتاج وتطوير القدرة التنافسية للمؤسسة وللإقتصاد الوطني في هذا الوضع العالمي الصعب. ومن هنا كانت نظرة الدولة وما زالت تعتبر التكوين المهني أيضا آلية لدخول الفرد إلى سوق الشغل، ومن ثمة مواجهة البطالة، وأيضا وسيلة إضافية للتنمية الإقتصادية. وهذا ما أضفى أبعادا هامة على المجهود الإستثماري الكبير الذي وظفته الدولة والمجموعة الوطنية لفائدة هذا القطاع الحيوي على امتداد السنوات الماضية. من ذلك مثلا الأداء على التكوين والمرتبط بالتأجير، أو ما يوظف في إطار المجتمع المدني، مثل اتحاد المرأة لفائدة الفتاة الريفية. لكن الأهم هو ما توظفه الدولة. فاعتمادات البرامج والمشاريع المخصصة ضمن ميزانية الدولة لهذه السنة لفائدة التكوين ضمن وزارة التربية والتكوين تبلغ 13 مليونا و700 ألف دينار لفائدة وكالة التكوين المهني، و3 ملايين و185 ألف دينار لفائدة مركز تكوين المكونين وهندسة التكوين، ومليونين و700 ألف دينار لفائدة بناء معاهد للفنون، دون احتساب المنحة الموظفة للصندوق المتخصص، وحوالي 4 ملايين دينار لمدارس المهن وغيرها مما هو تابع للإدارات الجهوية للتعليم، وإضافة لحوالي 4 ملايين أخرى للمؤسسات التكوينية المتخصصة ولبرامج التوسعة والترميم والتجهيز والتهيئة والصيانة بها. فمنظومة التكوين في هذا الإطار يمكن أن تكون مؤهلة لتأدية الأهداف الإقتصادية والإجتماعية المقررة لها. وقد كان من جملة تلك الأهداف مع نهاية التسعينات هو بلوغ رقم مائة ألف متكون، بمختلف أنواع التخصص التكويني. فهل تم ذلك فعلا؟ أم أن واقع التصرف في الموارد والإمكانيات مقابل الأهداف أبقى هذه الأخيرة على مستوى النظريات أكثر منها على مستوى الواقع العملي؟ غدا: عندما يسود سوء التصرف مراكز تكوين مهني؟..
الجمهورية الرقمية (La république numérique)
شذرات في الرد على نحو جمهورية الجماهير لصلاح الداودي
لطفي الهمامي 1 – استهلال إيقاف الحياة في لحظة تجد فيها الذات كيانها ينهج نحو الموت حيث تتجسد الطاقة الحيوية كطاقة ذات وجود حسي ,جسدي تفكيري. وذات حركية حية .
الانتحار ألمأزقي قرار ذهني جسدي تعبيري مبني على حركة دائرية في رمزيتها وفاقدة للحسية المستقبلية . إنها منهارة منه وبه وعليه و غير راغبة في وجوده .
إن الأداة ليست ذات الأهمية المحددة في هذه العملية القائمة على ثنائية العمومية والخصوصية . فالتوزع الجمهوري المضبوط بإحصائيات الدولة رغم دورها الأساسي في عملية التنفيذ وهي كذلك الواجدة والموجدة لمساحة الفصل ما بين الامتدادات والتعبيرات المتحاككة اجتماعيا يبقى غير مفيد.
التماس هو مسافة ومساحة من أرقى الفضاءات عمقا في الحياة, لكونه الكيان الثالث فلا هو المدني المصنوع بالأحذية الرسمية مهما اختلفت مجاريها, ولا هو الموت أو فقد الحسية المؤقتة نحو المنتهى الذي لا بعده امكان في الحس والألم, ولا إمكان فيه لا للتخيل ولا للتأويل .
رغم ذلك فان الأداة –الطريقة تظل خارجية ,لان الفاصلة المنهجية تحولت إلى عمق التفاعلات عوضا عن دورها كأن تجعل من جدران الماء جدرانا للماء,.فعوضا عن أن تكون هذه الجدران قوة حركة سيلان, تتحول إلى حاجز منيع وطوقا للماء.
سقراط الذي قرر إيقاف الحيوية الكائنة فيه استعمل الأداة السائلة باعتبارها ذات الفعالية الأجدر في تحقيق الغرضية, و ابلغ ما فيه الزمنية و الفعالية والطريق الذي لا إمكان للمرور منه إلا مرة واحدة لكل كائن تحققت كياناته ماديا واستوي جسدا.
أليست هذه هي الحالة الممكنة والقابلة للمشابه الفعلية لديمقراطية الاضطهاد المدني للدولة – الأداة المنهجية للتلاعب الجمهوري المدني المتلبس بالعسكرية والمتأسس على مذهبية النجاعة المطلقة والاستباقية الربانية في ملاحقة الإجرام المفترض؟. 2 – دولة ما بعد الحماية: إبادة الجمهور سيادة الدولة لحماية”التنين-اللوفياتونيي”:, الحامية للقلعة, التي جعلت من الشعب جمهورا من جمهرة الحكم المنظم ومن الجمهور فئة في الدولة لحماية “الإيالة” من الدولة وجعلت من حماية الدولة الفصل بين أجهزة الدولة لمراقبة كل جهاز من أجهزتها الأخرى لإقامة السلطة الدائمة لمنظومات متتالية متمحورة في جهة التحديد الخاص بالتحديدية المصلحية المطلقة في العمودية والعاملة على تطوير الاستباقية في معالجة الإجرام, سواء المتسم بالخاص أو بالعمومية.
هذه السيادة متعددة الأصول وشرعية الأسبقية في مناهضة الغريب المحددة ملامحه بالأسبقية الفعلية والمفترضة .
إن الذي يسهر على الحق ويضمن الحقوق هو الذي يرفض حيوية المقاومة في التمسك بالحقوق المتوزعة, لأنه المتحكم في الديمقراطية الإجرائية والاداتية الفاصلة بين ما هو متوزع بين العموم الممتد خارج الجغرافية السياجية والسجنية والممتد في العمومية الكونية . ثمة بدائل ممكنة تنطلق من مفاوضات الجسد- الأجساد – في إحداث التحاد بين الأحداث المتواترة بنهجيات متناقضة ومتصادمة في إمكانية جمهورية لا هندسية ولا رقمية ,إنما امتدادية “أ والجمهورية كواقعة ما بعد ديمقراطية ” أو غير عثمانية .
ثمة واقعة منفلتة من الملاحقة, تكمن وتنبعث من التجريح, ومن الأذان النائمة على المسجدة, من الأذرع المنسية, من الوجوه المشردة, من أصحاب الضمائر الملاحقة, من اللاجئة, من المهشمة, من باعة الأقمشة الرخيصة ومن احتمالات”الديمقراطية قصة شاملة……………معروضة أكثر من كل الأرصفة “. 3 – اللائكية عيش مشترك جماهيري “لان المسجون ليس مسجونا لأنه لائكي أو متدين,المسجون مسجون فقط ,وجريمته الوحيدة افتراضية”:
هندسة الحدود الإجرامية التضييقية نحو كل مسلكية أو خطاب أو ضمير منحاه الرفض أو الترابطية الحيوية للمقاومة.
الفوضوية أو المنهجية 🙁 ) في هذه الزاوية تقع التعبئة العامة لتمجيد القوة المنظمة والمستعدة تدربا على الاحتمالية كفرضية دائمة اليقظة كرجالات اليقظة الدائمة وكضمير استباقي للدولة كجمهورية.
الافتراضية التجريمية هي الهندسة المدنية للعقلانية من اجل التمسك بالامتياز العيني وجدار الفصل بين جمهورية الناطق باسم الجمهورية وجمهورية المتعدد الجمهوري الحي ,الحركي ,المقلق ,السائر في اتجاه الجمهوري ألا هادئ,المروع,المذهل ,الثائر عليه باستمرار.
الائكية في هذه الأثناء ليست في الفصل التقني ولا هي في بلوغ الاطلاقية والكمالية في بناء مجتمع طاهر ومنظم ومكتمل الأركان التفصيلية وإنما هي الدفع بقوي الحياة المجتمعية في صياغة الفضاء المدني وإقامة العمران السلمي على حدود ثورية الصراع المذهل في التعايش الممكن والمبدع. وهي بذلك الإنسان المتكلم,.فالكلم ركن التأسيس الائكى كثقافة تواصلية لتكون بذلك اللغة السياسية هي اللغة المدنية بكل تميز ورقي وهي التناقض الحركي والتفكيري في مواجهة الجدران وعسس الجدران وحواجز الطرقات وهي حالة من الدهشة وديمومة القلق الإنساني ضد حالات التقادم والأقدمية والائكية العقدية للدولة الإرهابية المعاصرة .
ليست هناك مدنية خالية من الهمجية وبقايا العسكرية والانغلاقية كالائكية ,كحالة انتقال ذهني وتفكيري من الكليانية إلى الكسموس المفتوح ,من هذا الكون المتسم بالسماء الزرقاء المغلقة و المضاءة بالمصابيح إلى الكونية المتعددة والمفتوحة على الحياة وعلى الإمكانية الدائمة في الحياة الخلاقة المرعبة في الإبداع والجمالية.
القيمة الحية لقبول الكل في أطيافهم وأجناسهم ومؤهلاتهم المدرسية وقدراتهم الفهمية والإنتاجية والجنسية وولاداتهم ومقابرهم وطقوس أعراسهم دون أن تكون الائكية للائكيين الامجاد وإنما هي القوة في هدم الاسيجة القاتلة وزاوية خلقها في رفضها للسجين المتدين والسجين الملحد والسجين الطويل والسجين الأطول أو الأسمر أو الأخضر أو حتى الأزرق المسجون, ولأنها كذلك فهي الأقدر على مجاوزة الحالة نحو مقاومة السجن لأنه سجن وفقط ولأنه أعظم مؤسسة لتعذيب الجسد وإهانة الإنسان. القصة أيضا تكمن في التطور المذهل لصناعة النمط الذهني المعتل.
القصة أن الحرية تلقت الطعنات المتتالية من راكبيها الهوبزيين :حرية أن يؤتمن الواحد منا على عرضه وماله ونفعه وزوجه ونطفه وجسده المجروح في معركة الحرية . القصة أيضا في مهاجمة “الحرية “للحرية و”الائكية” للائكية و”المدنية” للمدنية وعودة تهافت الفلاسفة في وجه تهافت التهافت. 4- السجن :واقعة غير قابلة للقصص تحتاج الأحياء المبعثرة بالناس والمقاهي المنثورة على رصيف الغبراء. والوجوه الكئيبة – المسرورة والمرحة بآخر برنامج تهريجي إلى أمطار غزيرة لنزع الروائع الكريهة العالقة بها ونزع التبعثر الإيديولوجي عن هزيمتها الوهمية.
من يلدغ كل من قاوم السجن .فالتجمهر في مختلف الجمهوريات الذهنية هو الأرض الوحيدة لمقاومة دولة السجن ووزاراته وموظفيه وزنزاناته الانفرادية العجيبة في هذا العصر الرهيب.
انه لا يطاق ,انه لا يروي حتى على المقبرة ولا يروى عند الفجر ولا في منتصف العصر ولا في المغارب الزاهية انه لا يروى في مكة ولا في حبشة العبيد ولا عند الثوار ولا عند الراهبة.
انه الحبل المشدود على كعب اليد وعلى رموش العينين والجارح للشفاه الليلية .
ذلك هو الرفض الموحش للامتثال لواقع المجابهة الداخلية
. حالة المقاومة المادية للجدار الأخرس من ساقية الشهداء والمشتبه فيهم,تماما كأننا في معركة التحرير والأصل في الرواية أن الراوي تبين انه صانع رواياته الخيالية عن حرب التحرير منذ بدايتها إلى حد دولتها الخبيثة ,إنها أصل التحرير في ضلوع المشتبه بهم اليوم كقتله .فمن القصة تبدأ مخيلة الطفلة المدللة في عبقريتها. 5 – المشترك حق عام “عندما تلتقي جماعة سياسيّة متناقضة المنطلقات والمبادئ والأيديولوجيات على برنامج إ خلاء السّجون مثلا فذلك لا يمكن أن يكون موضوعا سياسيّا حزبيّا وإنما مطالبة جماهيرّية بأمر يخصّ الشأن العام كفضيلة جمهوريّة.” 6 – الإنسان التاريخي لا يسبح في نفس الدماء مرتين: تجدد المقاتلة الدائم. حركة المقاومة مشروعية كفاحية وجماهيرية قائمة على فكرة تحرير الأرض و طرد الغريب باعتباره غريب محتل و فارض للغلبة بالإرادات السياسية –العسكرية, والمهيمن على الانتفاع العام و الخاص . مقاومة المحتل يجب أن تحمل الغضب الضروري لان المقاومة تهدف إلى التحرير و التحرر .
تحمل الحق الضروري لان الآخر الغريب يحمل الموت والتعذيب والاستيلاء على الأرزاق والمنافع ويحصد الحرية الفردية والعامة ويقيدها ,لأنه يحتل الفضاء بصورة مطلقة وهو ما يستوجب نهوض الحيوية ويدفع بالطاقة –الفرد –الأفراد – اللذين هلك متاعهم وفضاءهم بجملة نواحيه المادية والروحية تنشا المقاومة من اجل الوجود.
و من اجل استمرار يته الماضية –الحاضرة والمأمولة بالحيوية غير المنتظرة وغير التاريخية.
من اجل التاريخية الممكنة لكونها الجزء المراكم لتاريخينية خاصة بها ومملوءة بالمفاجئات و الملاحم الممكنة و الغامضة الآن والواضحة في المأمول فيه في ظل المعارك الموقدة غير المرغوب في تفجرها وغير المرغوب في إخفاتها عندما تتحول إلى جزء منا و فينا .
إن تأطير المعركة و تأسيس المقاومة لدى القوات الحيوية التفكيرية والميدانية كانت في مغلبها موحدة و مناصرتها مبعثرة ومترددة. تنهج نحو التوحد لان غاياتها تأخذ في التوحد ضمن جبهة الداخل .
لكون سؤالها المركزي لا يحوم حول ماذا تريد أن تؤسس في ما هو المابعد, أي في ملامح المشروع الممكن عند الانتصار وإنما ظل سؤالها مرتهن ومرتبط باللحظة أي التركيز على معايير الفعل الميداني مرتبط بالمقاتلة والقتالية ضد الغريب البعد الأساسي في التفاهمية الباطنية والعقد الروحي, يتمثل في استعادة الفضاء بما عليه من منتفع تاريخي –رمزي ومن امتداد تنقلي ممكن يحمل معنى الملكية و السيادية بكل ما تحتويه من عصبية وتملكية ولما فيه من رمزية التغلب والمغالبة .
فأما ما بعد ذلك من تنظيم لهذا الفضاء الجمعي و كيفيات إدارته تنشا تفكيريا و ميدانيا بكيفيات متداخلة ما بين الآن والمقبل في الحركية.
عودة هذه المعارك ونصب المدفعية من جديد لقطف المدن وإعلان مشاهد الجثث على أنظار كل من هب ودب, كأننا من جديد على مشارف قلاع الروم, أو حروب إسبارطة أو في مغارات الشيشان المحجوبة عن إلاه الموت أو في بغداد المقاتلة في الليل من اجل الليل وفي النهار من اجل النهار وفي النهرين من اجل النهرين الداميين أو في متاخم الإمبراطورية العثمانية أو أمام باب مكة ورأس عبد الله ابن الزبير يتدلى.
إنها حرب غير منظمة هي حرب الكل ضد الكل من جديد بعد العقد البشري الكوني ألا تزهق الأرواح بالحق أومن دون الحق.
و بعد الإقرار الكوني بالحق في الحياة كمبدأ في إدارة المروق و الصراعات. 7 – إستراتيجية تدمير الاستباقية /الافتراضية: يستعمل الإنسان الأداة / الأدوات بسيطها ومعقدها في فعله في كل أوجه حياته. هذه الأدوات لعبت الدور المادي الأحق في وجوده لغاية الحياة بما تحتويه من تناقضات و تداخلات وتفاعلات حية و كذلك لإنهاء كياناته الفردية المشدودة بالزمن ألضوءي.
استعمل الفرد الأداة من اجل إنهاء حياته في لحظة ذات مدلولات ذاتية. لها حركتها الدنيوية في الذات الراغبة في الانصهار في الأخروية المعلومة والخفية / المتعالية. فالحالة هي في رجل مقاتل وقع في المصيدة فاستعمل الأداة ليحول جسده / ذاته / تلفا لغاية حماية الأرض أو العرض أو المنفعة أو بهاجس الخوف على جسده أو طاقته أو عاطفته أوحريته.
منذ بدايات مباشرة الإنسان الحيوية في الطبيعة استعملها في الدفاع, في الحركة, في الإنتاج, في فضاء الفعالية فيه أو لغرض في ذاته أو لأمر خارج عن كياناته . انه يستعمل هذه الأدوات المخصبة للزرع والفاتكة به على حد السواء.
انه يستعمل هذه المادة الرخوة/ الصلبة/ السائلة أو غيرها من أمتعة القتال والمقاتلة .
العملية الاستشهادية / الانتحارية / الكفاحية أو ( ) الحيوية تقوم أساسا على عكس الانتحار السقراطي كعقلة للوجود المنظم للمدينة / القرية.
قصص النزاع والمنازعة مختلفة ,تلعب فيها الطريقة / الأداة الدور الحاسم لان الهدف يقوم على الطريقة الناجعة. إنها الحيوية الخارجة عن الذات والقائمة على الافتراضية ذات الاتجاهات المتعددة دون الاعتماد على الرياضيات أو علوم الجبر.اي المحدثة لمجال الألم الخارجي في الذات المنفذة لاسقاطها من التعالي كأبراج نيويوركية والحط من نظراتها الشاهقة وزلزلة مكاتب الهندسة المعمارية المعاصرة ووضعها في احراجات التصميم الافتراضي. 8 – الوقائية غدر للديمقراطية في زمان ما ومكان ما ورغم الحيثيات في إمكان التأسيس ظلت المقاومة منفلتة وغير منفصلة ولا منحصرة في الاطلاقية باعتبارها حالة من التداخل بين الفضاء الجمهوري والدولة الخالدة للذهنية والحسية ولمسافة التداخل بينهما.
ان تعدد التجريح الاجتماعي والأنشطة الذهنية جعل الفيزياء الاجتماعية هي المؤسس للوقائية والعلاجية عبر إحداث الوقائية النفسية والإحاطة الاجتماعية حيث باتت هذه الميادين أسس المجتمع المدني الحديث ثم تطورت في أحضان الدولة إلى مراكز أبحاث مختصة وتمكنت من الخروج من منطقية الضابطة العامة نحو التخصصية في الحالات ثم تحولت إلى مراكز السيطرة على الذات الخاصة والعامة .فهذه المنهجية الوقائية تشكل اليوم موضوعة التجريح النقدي الأنجع لانتهاج السيطرة . 9 – الدولة مصيدة الجمهور تلك هي موضوعة الصيد, لان صيد الإنسان للإنسان هو الأعنف والأقذر في جميع أشكال الصيد.
تكمن بداية المصيدة في المنطلقات الداعية للحذر من تحريف الرسالة الأكمل والدولة تكفلت بحمايتها من أمثالنا الجمهوريين.
لكن المنهجية الوقائية هي الرسالة الأهم في المنطقية الرقمية للجمهورية الكونية لأنها تدير عاصفة الصحراء وتجتاح باسم الضربات الوقائية . 10 – لا وقاية حيث الوقاية هي العلاج تختصر علوم السياسة ألان هكذا : “الوقاية خير من العلاج”. إنها ابستيمولوجيا القضاء على العلاج بالقضاء على الجسد المدني السليم و الروح المدنية الحية . ملاحظة: الجمل الواردة بين معقفين مأخوذة من نص “نحو جمهورية الجماهير”لصلاح الداودي والمنشور بموقع الحوار المتمدن وتونس نيوز باريس – جوان 2006 لطفي الهمامي
تأملات في واقع اليسار التونسي وآفاقه
بقلم أحمد بلمحظي / متخصص في الشؤون الدولية ـ تونس انطلاقاً من تاريخ نشأته الممتد لأكثر من ثمانية عقود وما رافقه من نضالات مضنية ـ بنجاحاتها وإخفاقاتها ـ في الحقلين الوطني والاجتماعي، ومع حضوره المتميز داخل الساحات الجماعية والنقابية وفي منظمات المجتمع المدني، وفي الأطر الثقافية (فكر، أدب، فنون..) ورغم أشاعته للعديد من القيم والأفكار التقدمية على غرار مفهوم الديمقراطية، حقوق الإنسان، العدالة الاجتماعية.. واستماتته في الدفاع عن بعض مكتسبات دولة الاستقلال الحديثة وسعيه الدؤوب إلى تطويرها، وعلى الرغم من واقع الحصار والقمع المسلط عليه والإرهاب الإيديولوجي الذي يتعرض له وصموده البطولي في المحافظة على تواجده… مع كل ذلك ظل واقع اليسار التونسي وحجمه لا يتماشى والتطلعات المشروعة في أن يصبح قوة تغيير حقيقية للواقع المجتمعي المأزوم. يمكن أن ننطلق من أربعة مسائل تمثل في تقديرنا المفاتيح الرئيسية لجعل اليسار التونسي فاعلاً، وفي مستوى التحديات المطروحة عليه؛ يتعلق أولها بضرورة القطع مع ظاهرة عدم التجذر وتجاوز <<النخبوية>> حيث ظل على مدى عقود من الزمن ـ رغم بعض المحاولات ـ حركات مثقفين وطلبة. ثانياً عليه أن يقطع مع ظاهرة الانقسام، التشرذم، الانغلاق والتكلس الإيديولوجي عبـر تجديد خطابه وتحيينه <<زماناً ومكاناً>> انطلاقاً من <<هنا والآن>> أي في تونس وفي القرن الواحد والعشرين وفي علاقة جدلية بالواقع العربي، الإقليمي والدولي الراهن. ثالثاً عليه أن يمسك بزمام المبادرة ولا يكتفي بدور المتفرج وأن يطرح نفسه كبديل للحكم ببـرنامج يميزه ـ وبالضرورة ـ عن غيره من القوى السياسية. وأيضاً عليه أن يصحح علاقته بباقي مكونات الحركة الديمقراطية ـ التي ظلت تحكمها الريبة والشكوك المتبادلة ـ والعمل على بناء هذه الحركة وتوحيدها لإنجاز المهام المشتركة، الملحة والعاجلة المتعلقة بالتغيير الديمقراطي لنظام الحكم. وسنحاول توضيح هذه المسائل في محورين؛
مشروع اليسار ومجالات فعله الخاصة
إن استنهاض الدور الريادي لليسار التونسي لا يمكن أن يتم إلا من خلال استنهاض عناصر قوته بانغراسه الجذري في أوساطه الحقيقية وفي القوى الاجتماعية التي يمثلها بتنويعاتها الشعبية، العمالية، الشبابية والنسائية.. وتنظيماتها المختلفة وأن لا يتركها منفردة تواجه ـ سلبياً ـ مصيرها في التعرض للهجمة النيوليبـرالية المتوحشة وما رافقها من تهميش وتفقير وبطالة وتمييز ومحسوبية وفساد… وما تتعرض له من اغتراب وتعمية إيديولوجية تتقاذفه من خلالها إما قنوات <<التسليع>> البشري، التمييع والانحلال المغذية للفردانية والتنافسية السلبية وأما قنوات التزمت والانغلاق الديني… في ظل غياب أي صلة لليسار كحركات وكتنظيمات بهذه الجماهير وفي ظل غياب المشروع الثقافي المجتمعي البديل. الذي من المفروض أن يكون أحد أهم مهامه النضالية. فاليسار التونسي مدعو اليوم وأكثر من أي وقت مضى للانغراس داخل هذه الأوساط والعمل معها، ولن يتم له ذلك إلا من خلال شرط التوحد حول مشروعه الخاص. فلكي يكون فاعلاً عليه أن يكون موحداً ديمقراطياً على أن لا يكون ذلك بالضرورة في إطار حزب رغم أهمية تأسيسه التي تتطلب توفراً للشروط العامة ونضجاً للظروف الخاصة به. وعليه فإن صيغ التوحيد ممكنة (في إطار جبهة ائتلاف، تجمع… إلى غير ذلك من الصيغ التوحيدية) ومجالات العمل والالتقاء واسعة بين مكوناته شرط أن تتخلى عن التناحرات والتنازعات الفئوية والتحزبية الضيقة ويقطع مع عقلية المناورات و<<المؤامرات>> ضيقة الأفق التي تغلب التناقضات الثانوية (المفتعلة في كثير من الأحيان) على التناقض الرئيسي مع قوى الاستبداد والهيمنة. وعلى اليسار التونسي في هذا الصدد أن يتحمل مسؤوليته في تفعيل الأطر التي يتواجد فيها ويصبح فاعلاً لا منفعلاً بها ومتكيفاً بشكل سلبي مع واقعها (بيراقراطية، امتيازات…) وأن يتصدر نضالاتها ويكون في طليعة القوى التغييرية نحو تقدمها. وعلى اليسار التونسي إذا ما رام التوحد والانغراس في الأوساط الجماهيرية والقوى الاجتماعية التي يمثلها أن يوضح رؤيته ويحدد بصفة دقيقة وملموسة المهام الملقاة على عاتقه ويناقشها بصفة صريحة وشفافة والتي يتمحور أولها حول الاختيارات الاقتصادية والاجتماعية للنظام، وبدائلها الممكنة. فهذه تمثل إحدى أهم مهمامه التي تميزه بالضرورة عن غيره من القوى السياسية. ونعني بذلك ضرورة إعطاء العمق الاقتصادي والاجتماعي لنضالاته وأن تكون شغله الجوهري لأنها من طبيعة عمله ومن طبيعة استعداداته وهي التي كانت إحدى أهم مفاتيح اليسار الأميركي اللاتيني في هزم الأوليغارشيا ديمقراطياً ـ وأن كان واقعهم السياسي مختلفاً عن واقعنا حيث توضح الفرز عندهم بشكل شبه جلي؛ بين يسار يرتكز على بـرامج تنمية اقتصادية واجتماعية تنحاز إلى هذا الحد أو ذاك ـ رغم اختلاف التقييمات حولها ـ للفقراء والمستغلين (مثلاً، تراجع نسبة الفقر في فينزويلا 18% في السنة الأخيرة وحدها) وبين يمين ينحاز لمشاريع الطغم المالية المحلية المرتبطة بدوائر المال الأميركية والعالمية على عكس واقعنا الذي لم يتضح فيه الفرز بعد. وعليه فلكي يكون اليسار التونسي فاعلاً لا بد له من بلورة رؤية بديلة تحدد موقفه بكل وضوح من الهجمة النيوليبـرالية العولمية وسبل التصدي لها وإعمال هذا <<العقل الجبار>> في التفكير النقدي والبناء لإجابة عن الإشكال الأهم على الإطلاق، وهو ما العمل؟ لمجابهة ديكتاتورية السوق المعولمة؟؟؟ وابتداع بدائل علمية وعملية لتنمية عادلة ومستديمة وـ عامة الانتفاع ـ دون الوقوع في اجترار الوصفات الجاهزة ودون إعادة صياغة تجارب الدوليتة (نسبة إلى الدولة) الفوقية والبيرقراطية التي أدت إلى نتائج فاشلة رغم ما حققته من إنجازات وإسهامات قد تختلف حولها التقييمات. طبعاً لا يعني ذلك التهجم على القطاع العام بل نحن نحاول لفت النظر إلى ضرورة البحث عن الآليات والسبل المتعلقة بكيفيات ديمقراطية هذا القطاع ومشاركته إدارة وتسييراً وانتفاعاً، وتفعيل إنتاجيته كماً نوعاً وترفيع اتجاهات تطوره ونموه.. وبهذه الرؤية البديلة يؤكد اليسار على الوقوف المبدئي والجوهري لحماية الطبقة العامة والشعب الكادح والقوى الاجتماعية المفقرة والتي تعاني الإهتراء المادي والمعنوي. وفي هذا الصدد على اليسار التونسي ربط قنوات صداقة وتضامن مع القوى اليسارية في المنطقة والعالم وإيجاد صيغ تنسيق وتعامل مشترك على غرار الملتقيات والمنتديات الاقتصادية والاجتماعية والمنظمات غير الحكومية وتفعيلها إيجابياً، وتبادل الخبـرات حول التخطيط والتنمية والبيئة وحقوق الإنسان ومواجهة الفقر والتبعية وسبل التصدي لديكتاتورية السوق المعولمة ومكافحة الفساد والإثراء غير المشروع على حساب المجموعة الوطنية… طبعاً دون السقوط في منطق الإلحاق والتبعية والتعويل على الخارج في تغيير الواقع التونسي المأزوم الذي يبقى بالأساس مهمة التونسيون وقواهم الوطنية وبكل استقلالية ودون تدخل. وعلى الرغم من مساوئ العولمة وطبيعتها الامبـريالية والتهيمنية لصالح رأس المال العالمي وشركاته المتعددة الجنسيات، فقد وفرت ظروفاً تقنية جديدة ذات طبيعة تقدمية للإنسانية جمعاء، ونعني بذلك الثورة الرقمية والمعلوماتية <<التي جعلت من العالم قرية>> والتي يمكن لليسار التونسي والقوى التقدمية في العالم إذا ما أحسنت توظيفها أن تفعل تضامنها وتآزرها وتسهل ترابطها بالقوى الشعبية التي لها مصلحة في التغيير ومناهضة العولمة ودكتاتورية سوقها وآثارها التدميرية على الإنسان والبيئة. أما المستوى الثاني الذي يجب أن تتمحور حوله نضالات اليسار التونسي يتمثل في الأبعاد الوطنية والتحررية والقومية المناهضة للهيمنة الإمبـريالية في مرحلتها المعولمة والمناهضة للصهيونية والمناصرة لقضايا التحرر الوطني والاجتماعي إقليمياً. عربياً ودولياً وتفعيل التضامن الأممي بين الشعوب والعمل على دعم صمود المقاومة الوطنية للشعب الفلسطيني الذي يتعرض لأبشع احتلال فاشستي وعنصري عرفه التاريخ، ودعم صمود المقاومة الوطنية العراقية لدحر الاحتلال الأميركي وإيجاد صيغ لتفعيل هذا الدعم لمساعدة هذين الشعبين الصامدين لبناء مشروعهما الوطني وانتصار قضيتهما العادلة. هذا ونلاحظ تداخلاً بين ما هو مرحلي وما هو استراتيجي في المهام النضالية على اليسار التونسي أن يجيد التعامل معه، حتى يتسنى له التميز والنجاعة وحتى يتمكن من تجاوز واقع الاستقطاب الثنائي والتأسيس لطريق ثالثة مختلفة عن كل من النظام الحاكم وأحزابه الديكورية التشريفاتية التي تلعب دوراً في غاية الخطورة للتغطية على واقع الحزب الواحد وإيهام الشعب والرأي العام بوجود تعددية وإعطاء صورة سيئة عن المعارضة. ومختلفة أيضاً عن الحركة الإخوانية الماضوية المحافظة. ومن دار في فلكها. حيث أن كلا من القطبين ـ السلطة / الإخوان ـ يقبل بالتكيف السلبي مع مقتضيات الهيمنة الرأسمالية المعولمة والتبعية وديكتاتورية السوق واحتكار الأقلية للثروة وتعميم الفقر. وتأخذ نفس المواقف من خصخصة القطاع العام ومن تسريح العمال ومن الأشكال المستحدثة والهشة للعمل ومن بطالة الشباب وأصحاب الشهادات العليا… تلك هي الملامح العامة لنضالات اليسار التونسي في إطار مشروعه الخاص ومع ذلك فإن له مهام ملحة ومباشرة مع باقي مكونات الحركة الديمقراطية.
المشترك الديمقراطي والمهام الملحة
على اليسار التونسي السعي إلى ضرورة بناء الحركة الديمقراطية وتوحيدها حول بـرنامج الحد الأدنى والقواسم المشتركة الملحة والعاجلة التي تتوحد حولها مختلف القوى المرتكزة على أرضية الديمقراطية بما فيها القوى الليبـرالية والعمل على تعديل موازين القوى المختلة في الواقع عبـر بناء قطب ديمقراطي يمكنه بشكل أو بآخر التأثير في القرار السياسي. على أن يتم توحيد الحركة الديمقراطية على جملة من المطالب الإصلاحية في مستوى يضمن استقلالية المؤسسة القضائية التي كبلت منذ الاستقلال، والمؤسسة التشريعية أحادية اللون وإن تم تزيينها شكلاً، وأيضاً بما يضمن استقلالية الإعلام. استقلالية تامة عن السلطة التنفيذية التي يجب بدورها ان تكون مسؤولة أمام السلطة التشريعية. وعلى كل القوى المنتسبة إلى الحقل الديمقراطي أن تعمل على إصلاح المنظومة القانونية حتى تكون ضامنة للحريات الفردية والعامة ولحقوق الإنسان وتجرم انتهاكها، وتجعل من الاقتراع العام أسلوباً أوحداً لإدارة الشأن العام، بما يتطلبه من ضرورة تعديل النظام الانتخابي حتى يتسنى التمثيل الفعلي ـ لا الصوري ـ للمؤسسات المنتخبة. كما لا يفوت الحركة الديمقراطية أن تتوحد حول أحد أهم الشروط الجوهرية للنظام الديمقراطي ونعنى بذلك مسألة فصل الدين عن السياسة والدولة بالمعنى الحيادي لها تجاه الدين وليس بمعنى معاداته ومعاداة العقيدة، التي يجب أن تظل في دائرة الشأن الشخصي للمواطن وضمن حرياته الفردية ـ حرية المعتقد ـ حتى يتسنى حماية السياسة ذات الطبيعة النسبية والمرنة من كل تقديس يجعلها بمنأى عن المحاسبة والمكاشفة وبالتالي التصويب والتغير. هذا ونلاحظ أن توظيف الدين كان مزدوج الأطراف سواء من طرف السلطة التي طالما استعملته لتبـرر سياساتها أو من طرف معارضيها الإسلاميين ـ وأفضل استعمال مصطلح منافسيها لأن المعارضة تفترض نظرياً بدائل تغيرية ـ على عكس التيارات السياسية الدينية التي تظل في جوهرها ذات نزعة محافظة اقتصاداً واجتماعاً وسياسة رغم تركيزها على التغيير الأخلاقي والإغراق في مسائل جزئية مفتعلة. وهذا هو جوهر الاختلاف بين القوى الديمقراطية التونسية التي شهدت استقطاباً حاداً ومزدوجاً بين قطبين أحدهما يتمحور حول المبادرة الديمقراطية التي تطورت إلى مبادرة / ائتلاف ديمقراطي تقدمي يضم قوى متنوعة ـ شيوعيون، اشتراكيون ديمقراطيون، ومستقلون… رفضت كلها بشكل قاطع مشروع الشرق الأوسط الكبير ومساوئه الشاملة التي من بينها الترويج للحركة الإسلامية وتصويرها على أنها <<ديمقراطية>> في إطار حسابات أميركية متوسطة المدى تجعل من الإخوان احتياطي استراتيجي لترتيبات لاحقة قد تتطلب تعويضهم للأنظمة الحالية أو تقاسمهم للسلطة معها على حساب المصالح الحقيقية للشعوب، حتى تضمن الولايات المتحدة إدامة هيمنتها حاضراً ومستقبلاً على المنطقة باستعمال جناحي اليمين أنظمة /إخوان… وهكذا رفضت المبادرة/ الائتلاف بشكل جذري كل صيغة للتحالف مع الحركة الإخوانية معتبـرة إياها محافظة ومعادية في جوهرها للديمقراطية، على عكس القطب الآخر الذي تمحور حول حركة 18 أكتوبـر التي تعتبـر الحركة الإخوانية جزء من الحركة الديمقراطية… وأوجدت صيغ للتنسيق والتحالف معها ضد السلطة، ومن الضرورة في هذا الإطار مزيداً من تعميق النقاش بين مكونات الحركة الديمقراطية للتوضيح النهائي لهذه المسألة حتى تقوم تحالفات مبدئية وصحيحة تتناسب والمشروع المجتمعي المنشود. تلك هي الملامح العامة لواقع اليسار التونسي سواء في إطار مشروعه الخاص أو في إطار ما يتعلق بمجالات فعله المشتركة مع باقي مكونات الحركة الديمقراطية. ونحن نعلم أن طريقه لن تكون سهلة ومفروشة بالورود، لكن حسبنا أننا نعلم أن التاريخ يتقدم ـ وإن ببطء ـ وإن الإنسانية ستنحاز حتماً، إن عاجلاً أم آجلاً إلى التقدم والاشتراكية والديمقراطية والمساواة والحرية والسلام الدولي واحترام الشروط البيئية… في إطار صراعها المستمر والمتنامي ضد قوى الهيمنة والاستبداد وضد الهمجية والبـربـرية.
(المصدر: موقع مجلة الحرية) وصلة الموضوع
لا ندري ما هو سرّ اعتناء قناة ”الجزيرة” بالشأن التونسي، وعندما نقول الشـأن التونسي فإننا نجانب الحقيقة في واقع الحال لأننا لا نرى لهذه القناة اهتماما يذكر بالحياة الاجتماعيّة والاقتصاديّة والثقافيّة والفكريّة والسياسيّة لبلادنا فلا حديث عن الواقع اليومي للتونسي ولا لانجازاته المتعددة ولا لمشاكله الحقيقيّة كذلك. إنّما التركيز، كلّ التركيز على عيّنة خاصّة من ”الأخبار” تساق عادة دون موجب أو سبب ولا نرى غير الإساءة غاية لها. وآخر هذه ”الأخبار” مسألة ”تدنيس القرآن الكريم” في أحد السجون التونسيّة. وكأنّ المشاهد العربي إزاء قضيّة جديدة تساوي فضيحة قوانتنامو.. لكن الأمر أبشع هذه المرّة لأنّ التدنيس حصل في أرض إسلاميّة وبأيد مسلمة حسب ما أوردته الجزيرة. أليس من أبجديّات المهنة التثبّت من صحّة الخبر من مصدرين منفصلين ؟ ! هل طبّقت ”الجزيرة” هذا التمشّي المهني الاعتيادي لاسيما أننا أمام حالة غير عاديّة بالمرّة…؟ فهل يمكن أن نتصوّر أنّ مسلما واحدا يدوس القرآن برجليه ؟ ! وهل كانت ”الجزيرة” تجرؤ على نشر هذا الدسّ لو تعلّق الأمر بإحدى البلاد المشرقيّة ؟ أم أن المغاربة -بطبعهم- ضعيفو الإيمان ؟ ! ألم يكف هذه القناة إساءتها للعرب والمسلمين عندما أصبحت بوقا في يد سافكي الدّماء…؟ أتريد لأحدهم أن ”يثأر” للقرآن الكريم في تونس ؟ ! أتريد أن تراق دماء بريئة في بلد عربي لأنّها لم تتثبت ولم تقم بالتحريات الكافية ؟ إنّ ما أقدمت عليه ”الجزيرة”، وما أعانها عليه بعض التونسيين مسيئان إلى أقصى درجة إلى الحقيقة أولا وإلى الأخلاق المهنيّة ثانيا وإلى مستلزمات الدفاع عن ديننا وهويّتنا ثالثا. حقائق (المصدر: افتتاحية مجلة “حقائق” التونسية، العدد 4 بتاريخ 12 جوان 2006)
الحزب الديمقراطي التقدّمي:
من سيتنافس على الأمانة العامّة وما هي نقاط قوّة وضعف المترشّحين ؟
الشاذلي بن رحومة بعد أن اتّخذ السيد أحمد نجيب الشابي الأمين العام للحزب الديمقراطي التقدّمي قراره بعدم تجديد ترشّحه لمنصب الأمانة العامّة للحزب ، بدأت عديد الأسماء في الترويج لنفسها والتسويق لإمكاناتها لهذا المنصب في تحرّكات كواليسيّة أعطت الانطباع بأنّ نسج التحالفات سيكون دقيقا وإن كان المراقبون لا ينفون تأثير السيد أحمد نجيب الشابي من مجرى الأمور. الجدل الدائر في الوقت الحاضر حول حظوظ البعض وقدرتهم على لفت الأنظار إليهم لا يلغي نية ترشح وجوه من عناصر قياديّة تتفاوت في التجربة والحضور داخل هذا الحزب وخارجه، وهي عناصر لن يشكّل صعدوها لمنصب الأمانة العامّة مفاجأة باعتبار أهليّة أغلب هذه الأسماء ونشاطها الدائم من بين الأسماء التي تداولتها الألسن ويروج بشأنها حديث عن انطلاقها في مهمّتها للظفر بالمنصب الأوّل للحزب، أسماء كلّ من السيدين المنجي اللوز ومحمد القوماني والسيدة ميّة الجريبي. وبحساب نقاط قوّة وضعف كلّ من سيتنافس على مسؤوليّة الأمانة العامّة لهذه الحزب فإنّ هذه الأخيرة تتأتّى قوّتها من كونها امرأة مناضلة وفوزها بهذا المنصب سيعدّ سابقة أولى في الحياة السياسيّة والحزبيّة، وتحظى هذه السيدة كما يتداول بتأييد المجموعة باعتبارها رافقت الحزب وكانت من الأوفياء لخطّه وحافظت على علاقات طيّبة مع قيادته لكنّ في الآن نفسه تبدو علاقات مية الجريبي محدودة مع أطراف الحزب ومع مكوّنات الساحة السياسيّة وهو ما قد يؤثّر على حظوظها إذا ما ترشّحت رسميّا لهذا المنصب. أمّا بالنسبة للسيد المنجي اللوز، فإنّه معروف بتاريخه النضالي حيث عرف حياة السجن وكان رفيق درب السيد أحمد نجيب الشابي إبّان الفترة البورقيبيّة ويحتفظ السيد اللوز بعلاقات مع أطراف ومكوّنات الساحة السياسيّة وخاصّة اليساريّة منها، وفي المقابل يبدو السيد اللوز في وضع مادّي ومهني قد يؤثّران عليه سلبا باعتبار حاجة الأحزاب الى الامكانيات المادية. الوجه الآخر الذي يتردد اسمه هو السيد محمد القوماني،وهو مناضل حقوقي وقد يكون عرف بهذا الصفة أكثر من صفته الحزبيّة التي بدأها منذ سنوات قليلة في هذاا لحزب، يحتفظ للسيد القوماني بقدرته على نسج علاقات واسعة لكن ذلك لم يمنع البعض من حصره ضمن خلفيّة سياسيّة مهما كانت تقدميّة مواقفه وهو ما سيعمل منافسوه على هذا المنصب للتأكيد عليه إذا ما أعلن التنافس وبدأت المعركة الانتخابيّة. وبغضّ النظر عن هذه الأسماء وغيرها ومدى حظوظ أصحابها في الفوز بمنصب الأمانة العامّة تظلّ كلّ السيناريوهات ممكنة قبل مؤتمر لم تعد تفصلنا عنه إلاّ أشهر قليلة. وقد تتحدد بعض من ملامح تلك السيناريوهات مع انعقاد المكتب السياسي الموسّع المقرّر عقده مع بداية الشهر القادم. لكن السؤال الذي يظلّ قائما هو هل ستكون الحظوظ أكبر لمن سيتمسّك بخطّ الحزب مع مراعاة استحقاقات المرحلة السياسيّة أم ستكون لأكثر الأطراف مناورة ولمن لها القدرة على الاستفادة جيّدا من واقع الحزب والتناقضات التي تحكمه ؟ الأكيد أنّ طبيعة المرحلة وتساوي الحظوظ بين المترشّحين قد يدفعان مثلما يتداول باتّجاه تعميق روح العمل الجماعي وذلك حفاظا على وحدة الحزب. (المصدر: مجلة “حقائق” التونسية، العدد 4 بتاريخ 12 جوان 2006)
عن برج الرومي والسفهاء…
رضا الملولي لأوّل مرّة في تاريخ الرابطة يصدر فرع من الفروع بيانا حول مسألة من المسائل دون إعلام الهيئة المديرة، خصوصا إذا كان موضوع البيان على درجة من الخطورة والأهميّة. وبصرف النظر عمّن كتب البيان فإن امضاء رئيس فرع بنزرت عليه فيه توريط على مستويين : مستوى المبادئ التي تقود العمل الرابطي ومستوى المقاصد المعلنة أو المضمرة عند نشر مثل هذا البيان. على مستوى المبادئ المؤسسة للرابطة، متى كانت هذه المنظّمة الحقوقيّة معنيّة بالمعتقدات الخاصّة للنّاس أو بتأليب ”المؤمنين” على من هم أقلّ درجة إيمانيّة، إضافة إلى سخف الادّعاء بأنّه وقع دوس المصحف من قبل مسؤول في سجن برج الرومي… وهذه أوّل مرّة في تاريخ الرابطة، يكون فحوى بيان محلّ رفض وجدل من قبل الرابطيين أنفسهم… ومتى كانت الرابطة -المعنيّة أساسا بالشأن الوطني لا تولي اهتماما لمصالح البلاد العليا، داخل منظومة دوليّة جائرة، همّها الوحيد ابتزاز الشعوب والدوس على سيادة الدول، دون أن ننسى أخطبوط التطرّف والتكفير الذي يتحيّن كلّ الفرص مهما كانت ضئيلة للانقضاض وتدمير الأحياء طمعا في ”شهادة” موهومة ! ! وعلى مستوى المقاصد فإنّ مضمون البيان يشتمل على دعوة صريحة إلى التنكيل بمن داس المصحف، دون أيّ إثبات يذكر وهو خبر زائف تناقلته قناة مختصّة في الترويج للتديّن السليم والعفة الفقهيّة !! فهناك دعوة للجهاديين حتّى يثأروا من ”الكفرة” إمّا عبر تفجير أنفسهم وهذا أفضل بشرط أن يكون في البحر وإمّا بتكليف من يتولّى القصاص من دعاة الزّور والبهتان ! وتخيّلوا المشهد الدموي الذي يريدنا أن نعيشه كاتب البيان، ومن هم ضحاياه وإلى أيّ المنافذ سيوصلنا ؟! وهنا أتذكّر المرحومين الفاضل الغدامسي وسارج عدّة عند رفضهما الدّائم العبث بالعقائد والزجّ بالمقدّس في أتون الخلافات السياسيّة. ففي المؤتمر الثاني للرابطة، تعمّد عميد سابق للمحامين اتّهام سارج عدّة بيهوديّته (هكذا) ورفض المؤتمر هذا السّخف وكان ذلك حافزا للاعتزاز بميثاق الرّابطة. سارج الذي أوصى بأن يدفن فوق الأرض التونسيّة، اخْتُزِلَتْ مواطنته الكاملة في عرف من اتهمه إلى بعد ذاتي من أبعاد الوجود البشري وهو معتقده الديني. بل إنّ مسؤولا في أحد الفروع الجنوبيّة تمّ طرده من الرابطة لأسباب شبيهة. دون أن ننسى الحملات التي قادها المتطرّفون للتشكيك في مجلّة الأحوال الشخصيّة ومبدإ المساواة وتكفير وزارة التعليم العالي برمّتها عند الشروع في إصلاح برامج التربية التي سمّوها تجفيف المنابع والحال أنّها تسطيح للعقول وترويض على العنف والتكفير. ما حدث منذ أيّام شبيه بما ذكرنا، إنّه يؤدّي حتما إلى نفس النتائج باعتبار نفس المقدّمات : إخلال فظيع بمبادئ الرابطة وتوظيف فجّ للمقدّس باعتباره أقرب المراجع الذهنية لمجتمع مسلم. الخطر أن التوظيف الذي تم لم يكن ضمن سياق مدني واضح المعالم، بل إن السياق كلياني باعتبار مرجعية البيان الدينية وباعتبار – وهذا أخطر – التحالفات المشبوهة بين بعض الهيئات وعناصر منسوبة إلى المجتمع المدني في محاولة يائسة لإرجاع دعاة الدولة الدينية إلى واجهة الأحداث. وبالمناسبة نريد توضيح معطى كثيرا ما يتمّ تشويهه في ما ينشر على شبكة الأنترنات وبأقلام مسعورة ومشبوهة من أن اختلافنا مع دعاة الدولة الدينيّة اختلاف مبدئي يتّصل بعدم الزجّ بالدين كمشترك روحي في حلبة الصراعات السياسيّة وبنمط المجتمع الاستبدادي الذي يبشّر به هؤلاء.. اختلافنا معهم لا علاقة له بصفتهم كآدميين ومواطنين نتقاسم معهم نفس الحقوق والواجبات ولم ندع في يوم من الأيّام إلى التنكيل بهم، بل دعونا إلى القطع الجذري مع التصوّرات التي يحملونها ومنها نصّ بيان فرع بنزرت الذي تزامن مع إدّعاء مضحك آخر هو حمل المصلّين لبطاقة مغناطيسيّة لدخول المساجد (هكذا)… وتخيّلوا كلفة البطاقة المذكورة إذا ما تمّ تعميمها على آلاف المصلين، دون نسيان النوعية الخاصة للأبواب التي لابّد من توفيرها. الانحراف الخطير في قضية الحال يكمن في توظيف المقدس وإضفاء شرعية محددة عليه، شرعية المعتدى عليه وبذلك يتحول المقدس الى ضد لكل المعاني الانسانية التي يحملها، مع ما يستتبع ذلك من ردود افعال قد تتراوح بين الهمجية وبين التكفير، بين الدعوة الى القصاص وبين تنفيذ حكم الشرع على الكفرة!! وحدانية الرداءة والآداء الأعرج سمتان مميزتان لعمل هياكل عديدة في السنوات الأخيرة مما يدفع إلى الإقرار بأن بعضها سيتلاشى إن لم يتم إنقاذه وإبعاده عن شبح الخواء والدفع به نحو المحتويات النبيلة دون سواها. الانحراف الخطير في قضية الحال يكمن في توظيف المقدس وإضفاء شرعية محددة عليه، شرعية المعتدى عليه وبذلك يتحول المقدس الى ضد لكل المعاني الانسانية التي يحملها، مع ما يستتبع ذلك من ردود افعال قد تتراوح بين الهمجية والتكفير، بين الدعوة الى القصاص وبين تنفيذ حكم الشرع على الكفرة!! (المصدر: مجلة “حقائق” التونسية العدد 4 بتاريخ 12 جوان 2006)
على أمريكا أن تخرج من أفغانستان والعراق
محمد فتحي السقا – تونس انتفاضة الشعب الافغاني تؤكد وبامتياز فشل المشروع الامريكي. فالشعب الافغاني، شعب أبي لن يبيع هويته وخصوصياته من اجل حفنة من الدولارات يقذفها له الغرب من هنا وهناك! ألم تفهم امريكا بعد، ان المسلمين ورغم ما عليهم من سلبيات فانهم ليسوا بالالمان او اليابانيين الذين استسلموا كلية للطغيان الامريكي ورفعوا الراية البيضاء! فالشعوب الاسلامية لن تتعايش ابدا مع المحتل مهما كانت جنسيته امريكيا، بريطانيا، فرنسيا او صهيونيا! ولنا في التاريخ الحديث نموذجا لفشل المشروع الاستعماري الاستيطاني الفرنسي في الجزائر، هذه القوة الاستعمارية الظالمة والغاشمة قتلت في ما بين سنة 1950 و1961 اكثر من مليوني جزائري، واليوم الدولة الفرنسية ترفض تقديم الاعتذار للشعب الجزائري! واليوم امريكا ترتكب نفس الاخطاء وتريد فرض هيمنتها علي الشعوب الاسلامية المستضعفة والتدخل في شكل سافر من اجل تغيير نمط حياة هذه الشعوب! فالمقاومة الباسلة في العراق سوف ترغم امريكا علي الخروج من العراق ووجهها منتفخ تحت الضربات النوعية للمقاومة. هذه الادارة الامريكية الفاشلة والتي تدعي انها تريد تصدير الديمقراطية للشعبين الافغاني والعراقي ترفض وبشدة الديمقراطية الحقيقية والحرة في فلسطين بل نراها تستميت في حصار وتجويع الشعب الفلسطيني! فمصير الحكومة العراقية العميلة للاحتلال الامريكي سيكون نفس مصير الحكومة الافغانية العميلة للاحتلال الامريكي! (المصدر: بريد القراء بصحيفة القدس العربي الصادرة يوم 14 جوان 2006)
من إسبانيا إلى ألمانيا:
غزّة تستحضر بيروت
بقلم: برهان بسيّس لا أعرف ولكن الاحساس بان التاريخ يراوح مكانه يسيطر دوما على روح استبطاننا للأحداث ورؤيتنا للعالم حوّلنا خاصة اذا تشابهت نفس الظروف وتقاربت نفس العناوين. اذكر انه في جوان 82 كنا نعاين بنفس الشغف والحماس احداث كأس العالم باسبانيا وكانت قلوبنا مشدودة الى «الملحمة العظيمة» التي كان منتخب الجزائر بصدد خوضها ضد عتاة فرق الغرب المتكبر الناجحة بمؤامرة ألمانية نمساوية في الاطاحة بطموح العرب في ان يجتاز فريق منهم الدور الاول في نفس الايام وفيما كنا بقلوبنا وجوارحنا وعقولنا نحيا بامتلاء تفاصيل الحدث الكروي كانت دبابات شارون تجتاز الحدود اللبنانية ملتهمة القرية تلو المدينة في طريقها لحصار بيروت لاستئصال الوجود الفلسطيني فيها والعودة برموز منظمة التحرير والمقاومة مكبلين في اقفاص وعرضهم في شوارع تل ابيب. بدأ الغزو الاسرائيلي للبنان بتفاؤل واستعلاء اسرائيلي بالغ أخذ يضمر ويتضاءل مع اول قصص الصمود الفلسطيني الاسطوري تصنعها بنادق اشبال الثورة الفلسطينية في قلعة شقيف وصيدا والنبطية ليفهم شارون حينها ان مغامرته في لبنان لن تكون مجرد نزهة عابرة كما توقع لها. انطلق حصار بيروت وانطلقت معه احدى ملاحم الصمود المشترك بين المقاومة الفلسطينية والمقاومة الوطنية اللبنانية في مواجهة آلة الدمار الصهيوني النازلة على بيروت قصفا ونارا بحرا وبرا وجوا. تعالت حينها صورة البندقية المقاتلة في تلاحم رائع مع رنين الكلمة الحرة المحرّضة عبر قصائد وصحف ومقالات ورسوم احرار لبنان وفلسطين في مشهد صمود لم يزد شارون وآلته الحربية سوى شراسة وحقدا لتنتهي قصة الغزو الاسرائيلي للبنان الى النتائج المعروفة جاثمة على لوحة الدم المخيف تعبث بجثث شهداء صبرا وشاتيلا على اصداء عويل الامهات والثكالى وسط صمت وانسحاب فاقعين لكل قيم الضمير الانساني ومعاني احترام حقوق البشر في الحياة. ظلت اسبانيا رغم ذلك قطب الاهتمام المركز على مقابلاتها وكرتها ولاعبيها في تعبئة شاملة لم ينج منها سوى فريقان: شارون وعسكره والمقاومة ومقاتليها. حين تأتينا الصور هذه الايام بنقل حي لمجزرة شاطئ غزة وصراخ الطفلة هدى النازل كالمطرقة على الرؤوس والضمائر المشيحة بانظارها عن صورة المجزرة. وحين تمطر طائرات اولمرت وحليفه اليساري العمالي بيرتس غزة ورفع ورام الله بالقنابل والصواريخ دون ان تفرق بين مقاتل او طفل. وحين يرد اللاعبون الرئيسيون على الساحة الفلسطينية على العدوان الاسرائيلي باتمام مراسم الاعداد لحرب اهلية داخلية لا ينقصها سوى تتويج الاشتباكات على الارض باعلان رسمي عن انطلاق الفتنة العبثية. في مثل هذه الظروف والملابسات لا يمكن لشعوب امتنا العربية الصامدة الا أن تهنأ بما تحقق لها من فتوحات وانتصارات وامجاد وبطولات بتمكن نخبة من مهندسيها وتقنييها من فك شفرة ما اغلق في بعض قنوات نقل مباريات الكرة حتى تكون متعة المخدر في متناول الجميع. خطوة اولى على درب النصر في معركة الديموقراطية والمساواة في انتظار النصر القادم في معركة التحرير. والقادم مبشر بكل علامات الفتح المبين!! (المصدر: جريدة الصباح التونسية الصادرة يوم 15 جوان 2006)
أين فكر التنمية في تونس؟
بقلم: آمال موسى في الجلسة المُمْتعة التي عقدت يوم 3 من الشهر الجاري بمنتدى الجاحظ، تطرق ضيف الجلسة المفكر الجدلي أبو يعرب المرزوقي إلى مسألة نعتقد أنهـــا على غايـــــة من الأهمية والقـــــدرة في تشخيــــص موطن الداء. والمسألة المقصودة، تتمثل في ضرورة التفكير في سُبل الانتقال من الثقافة الصحفية التي قد تبلد ذهن الشباب إلى الثقافة الفلسفية، التي يمكن أن تسمو به إلى أفق النجاة من رمل الظرفي المتحرك. فجوهر هذه الفكرة المبدئية، هي أنه لا يمكن التعويل على الثقافة الصحفية في خوض أي بلد لمعركة التنمية ولا يُمكن لحلم التقدم أن يتشكل ولو جنينيا سوى بالانطلاق من مقومات ثقافة فلسفية، تكرس مفاهيم معينة تصبح بفعل قوة الثقافة الفلسفية المؤسسة في مستوى العقيــــدة الأخـــــرى. وعندما نقلب صفحات التاريخ الكبرى، نجد لفكرة المرزوقي أكثر من صدى وحجة. ولعل الثورة الفكرية في فرنسا التي مُهد لها بعصر الأنوار وبأطروحات فلاسفة كبار، تؤكد لنا أن الأرضية الصلبة للتقدم هي الثقافة الفلسفية التي تحتاج كي تتحقق إلى فضاءات تُكرسها وإلى فاعلين ثقافيين يديرون الفعل الاجتماعي من منظور فلسفي لا غنى عنه وكذلك الشأن إلى ماوتسي تونغ وإلى غاندي وغيرهما في التاريخ كثير، قد أسسا مشروعا تنمويا بناء على أطروحات قد تبدو بسيطة ولكنها تمثل البعد الفكري والفلسفي لأطروحاتهم التنموية. ولا شك في أن بلادنا تونس، قد أظهرت وعيا في مرحلة الحصول على الاستقلال ويتجلى ذلك في تركيزها على مسألة التحديث الثقافي وبناء منظومة قيمية ذات مفاهيم حداثية تنويرية، وتغلب على الخطاب السياسي وحدات دلالية تتعلق بالتقدم والعقل وعدم الرضا بالدون. ولعل هذه المفاهيم وغيرها قد ساهمت بشكل قوي في جعل تونس تنجح في معالجة عدة ملفات كملف المرأة والصحة والتعليم ولكن إذا كانت هموم دولة الاستقلال قد تركزت تحديدا في كيفية الخروج من التخلف، فإن خطاب تونس السياسي في بداية الخمسينية الثانية من الاستقلال، يتطلع إلى التنمية الشاملة وإلى اقتصاد المعرفة وإلى تكنولوجيات المعلومات وإلى التقدم ومواجهة تحديات مصيرية كبرى. وما نلاحظه أن جيل الشباب، الذي يمثل رأس المال الفعلي في عملية التنمية، لا يتلقى التأطير اللازم كي يكون الفاعل والمستفيد والمحرك لفعل التنمية الشاملة في تونس. ويعتبر التأطير أكثر من هام وضروري بالنسبة إلى بلد متواضع الامكانيات المادية والثروات الطبيعية. كما أن التنمية كي تضمن تغلغلها لدى الشباب ويُقبلون عليها الاقبال الفعال، لا بد من تعضيدها بفكر تستند إليه وتجتمع فيه كافة السواعد والعقول التونسية، خصوصا أن مشروع التنمية يتطلب الديمومة والمواصلة والمثابرة. ومن الغريب أنه قد ذهب في أذهان الأغلبية من المجتمع التونسي أن التنمية مسألة ذات بُعد اقتصادي لا أكثر ولا أقل. ولو توفر لمشروع التنمية لدينا مشروع فكري واسع الانتشار في صفوف المجتمع ربما لتقلصت مثل هذه الأفكار الخاطئة، خاصة أن الخطاب السياسي حول التنمية واضح الرؤية وثري بالمفاهيم. لذلك تصبح الحاجة إلى ثقافة فلسفية مسألة حيوية تُمكن من نشر مفاهيم الخطاب السياسي حول التنمية ومن جعلها في متناول الجميع حتى تتحول إلى ثقافة تتغلغل في سلوك المواطن التونسي، وهو العمل الذي يستطيع المختصون والباحثون القيام به على أحسن وجه سواء ذلك من خلال تشجيع نشر أعمال تصب في هذا المنحى أو فتح مراكز للبحث تبني ثقافة فكرية، تُؤمن بأن فعل التنمية يحتاج إلى جانب السواعد والأيدي إلى خيال خلاق وإلى عقل حر وإلى ضمير يتغذى من ثقافة أخلاقية راقية، تُسهم في بناء الانسان التونسي من الداخل. ذلك أن التنمية التي لا يمكن لها إلا أن تكون شاملة، تستدعي مشاركة الفرد بمختلف أبعاده، دون أن ننسى أن إعادة النظر في المؤسسات التي تبني العقول وعلى رأسها المؤسسة التربوية، تُعد من الشروط التي لا يقبل المشروع التنموي الجاد أي نقاش بخصوصها. من هذا المنطلق، نعتقد أن التفكير في كيفيات تعزيز عملية التنمية في تونس بثقافة فلسفية فكرية تقويها وتجعلها تنحت قالب النموذج التنموي الخاص الذي يقوم على رؤية عامة وخاصة للتقدم وللرخاء وللنجاح، يمثل المفتاح الذي لم نعِ أهمية استعماله كما يجب إلى حد الآن! (المصدر: جريدة الصباح التونسية الصادرة يوم 15 جوان 2006)
أربعون سنة و… 320 ألف مشاهد؟!
خميس الخياطي (*) تمثل التلفزة والتلفاز لدي التونسي المعاصر فتحة أساسية قد تبدو الحياة بدونها رتيبة لا تطاق، لا سيما والشارع قد أفرغ من جاذبية حيويته بمحض النمو الحضري الهجين مع تزييف للمدينة وانقلاب في سلم القيم الأخلاقية، إذا استثنينا المراكز التجارية الـ مودرن التي لا حداثة فيها إلا من الجانب الإستهلاكي لتصبح مرتع المستورد أو المحلي الذي يقلد المستورد ليحصل علي رضي المستهلك الذي تعتمل فيه الإعلانات التلفزية. وهكذا، تنغلق الدائرة علي نفسها. وقد بينت دراسة قامت بها الشركة التونسية للكهرباء والغاز ستاغ ، (وهي الأحرف الأولي لإسم الشركة باللغة الفرنسية) أن جهاز التلفزة يأتي في المرتبة الإستهلاكية الثانية بعد الثلاجة وبمعدل 227 كيلوات في الساعة ويشتغل ست ساعات يوميا وأن بتونس مليونين وثلاث مئة ألف جهاز تلفزي قيد الإستغلال، 94 في المئة منها أجهزة ملونة و70 في المئة منها مرتبطة باللاقطات الهوائية التي هي في أغلبها رقمية… مع العلم أن رئيس الدولة ألغي مؤخرا ضريبة الهوائيات. أما التونسي، وبحسب دراسات أخري، فإنه يشاهد التلفزة بمعدل ثلاث ساعات يوميا.. آخر الدراسات الميدانية التي قامت بها شركة ميديا سكان (إلياس عبد الجواد) بتونس الكبري بين 3 و9 ايار/مايو الماضي عبر عينة بها 3150 تونسيا وتونسية وبنظام الإستجواب بينت أن القناة الوطنية تونس 7 تأتي علي رأس سلم المشاهدة بنسبة 24.6 في المئة (أي 320 ألف متفرج إن اعتبرنا أن واحد في المئة يعادل 13 ألف مشاهد) تتبعها قناة حنبعل الخاصة بنسبة 18.9 في المئة (246 ألف متفرج) ثم تأتي قناة الجزيرة الإخبارية بنسبة 7.6 في المئة (99 ألف متفرج) تليها روتانا سينما بنسبة 6 في المئة (78 ألف متفرج) فيما نجد القنوات الفرنسية (الأولي والسادسة والثانية) في المراتب الخامسة والسادسة والتاسعة. قناة 21 الشبابية، والتي لم تعد شبابية إلا إسميا، حصلت علي نفس نسب مشاهدة الأولي المصرية واللبنانية أل بي سي (1.8 في المئة). أفضلية أم فضول؟ إجماليا، قيمة هذا السلم تدل علي ضعف كثافة المشاهدة وعلي ترتيبها. أن تكون القناة الأم علي رأس القائمة وأن تتبعها القناة الخاصة، فذلك طبيعي جدا وعادي جدا ولا داعي ليتغني الديك بجناحيه. في خضم وضوضاء الفضائيات الـ2500، يبحث التونسي ـ كما غيره ـ عن موقعه في حرب الصورة التي عملت علي محو الفوارق والحدود والتشديد علي الخصوصيات. هذا الترتيب لا يعني الأفضلية بقدر ما يعني الفضول للتأكد من وجود صورة المجموعة الوطنية التونسية عبر لغتها ورؤيتها التلفزية (حكي وصورة) قبل الإبحار نحو آفاق كاتوديكية عربية أو غربية بحثا عن الضالة المنشودة ليعود ثانية إلي نقطة الأصل ويذهب عنها مرة أخري. وبعد التوقيف المفاجيء لبرنامج دليلك ملك لسامي الفهري والإعلان عن عودته في رمضان المقبل دون أي سبب، وهو البرنامج الذي تربع علي قمة سلم المشاهدة لجهة المبالغ الضخمة المطروحة للربح لا غير، يكون أول برنامج يواظب التونسي علي مشاهدته هو سيتكوم شوفلي حل للثنائي حاتم بلحاج/صلاح الصيد بنسبة 23 في المئة. هذا المسلسل به توابل النجاح لجهة الممثلين (كمال التواتي/سفيان الشعري/مني نور الدين وآخرون) ولجهة الموضوع الذي يلازم السلوك العلمي (علم النفس) للسلوك الغيبي (قارئة الطالع) لا سيما وقد تفاقمت ظاهرة الركون للغيبيات وتكاثرت الإعلانات عن العلماء والعالمات الروحانيين والروحانيات وكل ذلك عبر عائلة وجيرة ومشاكلها. والغريب في الأمر أن برنامجا إقتصاديا يبث أسبوعيا بعد النشرة المسائية الأولي حصل علي معدل مشاهدة هام يقدر بـ20.9 في المئة، وهي نسبة مفاجئة. ولو نظرنا مليا إلي النتائج، لبانت عادية جدا إذ أن دراسة قام بها مركز الأسرة والعمران البشري مؤخرا حول قيم الشباب التونسي أظهرت أن قمة سلمه القيمي تتمثل في العائلة والمال والدين في حين يأتي الوطن أو الإنتماء للمجموعة الوطنية في آخر السلم. وهو أمر خطير يذهب عكس ما تريده الدولة في وضع الوطن صلب اهتمام الشباب التونسي. وهذا ما جعل المجلس الأعلي للإتصال يدرس كيفية وضع إستراتيجية تحسين صورة الوطن لدي الشباب التونسي… تلي هذا البرنامج الإقتصادي مجموعة من البرامج الروائية/التوثيقية مثل إعادة بث مسلسل منامة عروسية للثنائي علي اللواتي/صلاح الصيد (20.1 في المئة) و نجم المدينة للثنائي وليد التليلي/نعيم بالرحومة (16.9 في المئة) و ألبوم التلفزة لبية الزردي/الشلغمي (7.3 في المئة) و صورة/صوت الذي أعده ويسهر علي إخراجه الصديق كمال يوسف (5.6 في المئة). أما من الجانب الإخباري، تجدر ملاحظة صعود نجم المجلة الإخبارية المنظار وتفوقها علي النشرة الإخبارية الرئيسية (16.0 في المئة مقابل 11.1 في المئة) التي في بلاد غير البلاد العربية تمثل البوصلة التي من خلالها يوجه المواطن شؤونه. كما نري، الفارق كبير بين النسبتين وقد يكون سببه أن النشرة الإخبارية، حتي في فقرة شواغل الشارع ، باتت محل مراقبة مرضية من طرف الإدارة التي تذهب في عديد الأحيان إلي مراجعة التعليقات وتنقيتها مما تعتبره مسيئا لصورة النظام أو تغض الطرف مثلا عما يعتمل في الشارع التونسي مثل الإضرابات التي تعلن عنها جريدة الشعب (لسان المركزية النقابية) أو أحداث المحامين والقضاة وغيرهما. وقد طالت هذه الرؤية الرقابية البرنامج الحواري ملفات الذي لم يحصل إلا علي 8.2 في المئة من إهتمام التونسي، أي أن 106 آلاف تونسي يشاهدونه فقط… وهذا الرقم الهزيل دلالة واضحة علي غياب الحوار أو فشله وعدم مصداقيته مثلما حصل في حلقتين مع وزيري القضاء والتعليم العالي وباتتا محل تندر الشارع. فرح أصبح مأتما؟ من المعاني التي تشيعها الصورة المتلفزة التونسية علي القنوات الثلاثة (تونس7 وحنبعل وقناة 21) أن تونس هي بلد الفرح الدائم أو ابتسم، إنها تونس وما إلي ذلك من الشعارات السياحية الدعائية… ولو ألقينا نظرة علي البرامج الترفيهية الموسيقية ـ الغنائية لوجدنا أن هذه المعاني بليت نوعا ما ولم تعد تصيب أهدافها. ان تحصل منوعة مساء السبت غير المباشرة موزيكا وفرجة من إعداد وإخراج خلف الله الخلصي وتنشيط هيكل الشعري والتي تعول عليها الإدارة التلفزية لإنعاش الشباب التونسي، أن تحصل هذه المنوعة علي 10.7 في المئة (139 ألف مشاهد)، فهنا خسارة كذلك. ولو تعلق الأمر بها وحدها، لقلنا أن في الحالة إستثناء. إلا أن المنوعة الأحدية المباشرة كوكتيل الأحد ليسر الصحراوي/عبد الجبار البحوري هي كذلك في حالة مزرية حصلت فيها علي نسبة 7.1 في المئة، أي 92 ألف مشاهد. ونذهب أكثر من ذلك للقول بأن المنوعة التي بثتها تونس 7 بمناسبة مرور أربعين سنة علي انبعاثها كانت الضربة القاضية للجانب المنوعاتي ـ الترفيهي للتلفزة التونسية. أن تكون لمؤسسة ما، وخاصة الإعلامية ـ الترفيهية منها، أربعون سنة من النشاط مرت خلالها بأنظمة مختلفة وبوجوه إعلامية متعددة وبأساليب صحافية وتنشيطية عديدة وشهدت تغيير الوجه العام في البلاد فإن ذلك زادا لا يمكن تقديره وتقييمه… إلا أن المنوعة التي أعدتها وأنجزتها وبثتها التلفزة التونسية بهذه المناسبة وفي إرتجال وركض غير معهودين، بينت أن صناعة الفرحة لم تعد تونسية وأن التلفزة كانت قاتلتها أو في الحقيقة الشاهدة علي قتلها. إضافة لذلك، أظهرت إدارة التلفزة أنها لا تؤمن بالتراكمات المرئية والصوتية خوفا من أن تندس بين صورة وأخري صورة غير مرغوب فيها أو أن يكون من بين الضيوف ضيفا لا يروق وجهه لمسؤول ما… أول هذه الخطايا أنها أوكلت إعداد وإخراج المنوعة إلي المخرج بلغيث الذي لم يشتغل علي مثيل لها منذ ما يقارب 15 سنة، بل هو متقاعد منذ مدة. ثانيا أن التنشيط تعهدت به كل من أسماء بالطيب (تقول في أحدي الجرائد السيارة أن الأمومة هي التي حرمتني من التنشيط !) وبيه الزردي، صاحبة برنامج ألبوم التلفزة . ومنذ الوهلة الأولي، ظهر عدم التنسيق جليا بين المنشطتين حيث ذهبت كل منهما إلي جذب الحبل إليها… وزايدتا في أفعال التفضيل وشكر رئيس الدولة لجهة إهدائه المبني الجديد للتلفزة التونسية، مبني كان في الأساس مخصصا لجامعة الدول العربية قبل عودتها إلي القاهرة، وإن كان الإحتفال بالذكري الأربعين (وليس بـ الأربعينية كما قالت منشطة) وبالمبني مشروعا، إلا أن المغالاة وتصنع الفرحة لا يخدمان لا الترفيه ولا التلفزة ولا سياسة الدولة… ولو ألقينا نظرة واحدة علي وجوه الضيوف لشعرنا أننا في مأتم، ذلك أن الوجوه تنتظر أن تتدخل دون تخطيط مسبق، واحد يلوك علكة أمام الكاميرا، أخري يدها علي خدها، ثالثة (وهي السيدة نعمة) رفضت الغناء لأنها تابت ولبست لباسا شبيها بلباس الجواري في أفلام الـ بيبلوم . أما الديكور، فقد كان هزيلا، فقيرا، غير معبر، ناهيك عن المؤثرات الخاصة ولو أتينا إلي جهة الأغاني، فحدث ولا حرج. وكأن إدارة التلفزة التونسية الحالية نسيت أنها تحتفل بذكري انبعاثها، فغلبت الدعاية علي الفرح. وهذا ذنب كبير في حق المتفرجين التونسيين الذين، رغم هشاشة كثافتهم (320 ألف) يسبحون نحو قنوات أخري ولكن الحنين الملعون يرجعهم إلي أصلهم التلفزي: تونس 7. هو الحب بمعني محنة للصورة والبحث عنها. (*) ناقد وإعلامي من تونس khemaiskhayati@yahoo.fr (المصدر: صحيفة القدس العربي الصادرة يوم 15 جوان 2006)
فلسطين: الحصار المزدوج
روجر هيكوك، فرنسوا بورغا وآلان غريش (*) تحدّيان رئيسيّان يواجهان الأوضاع في الأراضي المحتلّة منذ اسابيع: أولاً وبالطبع مصير أو استمرار النزاع العربي – الاسرائيلي، لكن أيضاً ما ستؤول اليه عملية الانفتاح الديموقراطي وتجاوز الأشكال السلطوية في هذه المنطقة من العالم. وإذا كان الداعمون للمعسكر الاسرائيلي يقومون بأدوارهم المعهودة من دون مفاجأة، فأنصار «المعسكر الديموقراطي»، من أميركيّين واوروبيّين واسرائيليّين وأيضاً فلسطينيّين، يتخلّفون عن دورهم. إننا نشهد في الواقع ظاهرة غريبة: فهؤلاء أنفسهم الذين دفعوا باتجاه انتخابات حرّة (ولو في ظلّ الاحتلال) يتصرّفون الآن بطريقة تمنع تثبيت النتائج لا بل تؤدّي الى قلبها. فإذا نجحوا سيدفع الشعب الفلسطيني الثمن، وستكون حدود قد رُسمت أمام التجربة الديموقراطية في العالم العربي: «يمكنكم الاقتراع لكن عليكم التصويت للمرشّحين الذين يقبل بهم الغرب». اتّخذت الولايات المتحدة مسافة إزاء التزامها المسلّح بالديموقراطية في الشرق الأوسط، تحت وطأة الضربات المتلاحقة الناجمة عن المغامرة – الكارثة في العراق والانتخابات الرئاسية في ايران وصعود الأخوان المسلمين في مصر، وعلى وجه الخصوص النتيجة غير المتوقّعة للانتخابات التشريعية الفلسطينية. فالأولويّة باتت تُعطى اليوم للـ «خطوات الصغيرة»، ويمكن لمصر والأردن وتونس أو المغرب الاكتفاء بإصلاحات تجميلية لا تمنعها من تعزيز دولة المخابرات ذات التطلّعات التوريثية أحياناً، والمُفترض أن تحول دون بروز بديل، «إسلاميّ» بطبيعة الحال. فالولايات المتحدة هي التي أعلنت مقاطعة السلطة الفلسطينية، وهو في الواقع حصار منهجيّ للشعب الفلسطيني، ممّا أدى، وفق مصادر الأمم المتحدة، الى التسبّب بالجوع في أوساط الفئات الهامشيّة من المجتمع، أي تلك التي طردت الطبقة الحاكمة السابقة بانتخاب الحكومة الحالية. ويشكّل هذا الحصار إعلان حرب في نظر القانون الدوليّ، ممّا دفع سويسرا الى عدم المشاركة فيه. لكنّ واشنطن تُدرج سياستها هذه في إطار «الحرب على الإرهاب». للأسف، شارك الاتحاد الاوروبي بإجراءات الحصار على رغم طابعها غير الانساني. بيد أنّ هذه التوجّهات تطرح أسئلة وتثير مقاومة، لا سيّما في فرنسا وبريطانيا. واحتمال حدوث تفسّخ في الجدار الخارجيّ يثير قلق أصحاب القرار في أميركا، ممّا يدفعهم الى مضاعفة الضغوط لإسقاط الحكومة الفلسطينية الحاليّة بأسرع وقت. حصار مزدوج وما يجعل الوضع أكثر تعقيداً أنّ الحصار الدولي يترافق مع «حصار داخلي» تفرضه غالبيّة الطبقة السياسية. فقبل أن تُشكّل حماس الحكومة، بدأت الضغوط عليها من أجل تعديل توجّهها السياسي. وكونه من المعلوم أنها لن تتمكّن من هذا التغيير بسرعة كونها انتُخبت على قاعدة هذه المبادئ، فإنّ الهدف الحقيقي للهجمة السريعة هو زعزعة السلطة الجديدة بوضعها في موقف الدفاع قبل التخلّص منها. فبعد أن طلبت فتح من حماس الموافقة على إعلان الاستقلال عام 1988، الذي تبنّاه المجلس الوطني الفلسطينيّ وهو الهيئة العليا في منظّمة التحرير الفلسطينية (في الوقت الذي لا تشارك فيه حماس في منظمة التحرير)، أعلنت موافقتها على مذكّرة المعتقلين الفلسطينيّين في السجون الاسرائيلية، والتي تقول بقيام دولة فلسطينية في الضفة وغزّة، تكون عاصمتها القدس، وحصر المقاومة المسلّحة بالأراضي المحتلّة عام 1967. يجدر التذكير بأنّ الموافقة على هذا النصّ لا تلبّي الطلبات الغربيّة وقد لا تؤدّي الى رفع الحصار عن الشعب الفلسطينيّ. مع ذلك، فإنّ الاختلافات بين حماس وفتح حول هذا النصّ قليلة، وبعض حسن الإرادة قد يسمح بتجاوزها. فحول الإقرار بالدور المركزي لمنظّمة التحرير، تطالب حماس بإصلاح مُسبق لما بات جهازاً إدارياً غير ديموقراطيّ، فيما تطالب فتح بانضواء غير مشروط من قبل حركة حماس. فتح وحماس متّفقتان مبدئيّاً على احترام الشرعيّة الدوليّة، يبقى حصر الموضوع. لا أحد في فلسطين يطالب حماس الاعتراف بإسرائيل (ضمن أيّ حدود في كلّ حال؟) دون شروط، وهو الخطأ القاتل الذي ارتكبتْه فتح. وفيما يخصّ المقاومة، فإنها تلقى هكذا تأييداً من الرئيس عبّاس ولو أنها تبقى محصورة في الأراضي المحتلّة. من جهتها، تقترح حماس وقفاً غير محدّد لإطلاق النار مع اسرائيل وهي الوحيدة التي تحترمه. من هو الأكثر عدائيّة؟ ويؤكّد المأزق الحالي واقع أنّ فتح، الحزب – الدولة، لا تسمح بممارسة السلطة لمن أزاحها عن طريق صناديق الاقتراع. فأطلقت هجوماً تستخدم فيه كلّ ما لديها من وسائل لشلّ الحكومة ونزع الشرعيّة عنها. فشهدنا حالات سورياليّة حرّكت فيها فتح الموظّفين لمطالبة الحكومة بدفع رواتبهم، كأنها هي المسؤولة عن الحصار. تحالفَ الرئيس عبّاس مع خصومه السابقين داخل فتح، وبات هناك توجّهان داخل السلطة السابقة: المُستعجلون ومن يقبلون الانتظار الى أن تُثمر الأفعال الخارجية فتنزع شعبيّة السلطة الجديدة. إنّه ليس فقط صراعاً على السلطة بين فتح وحماس. فالإنتخابات التي جرت في 25 كانون الثاني (يناير) 2006 حسمت هذه المسألة، ممّا سمح لكلّ طرف باختيار معسكره وفق أفضليّاته وحساسيّاته (والتي لا يمكن تحديدها فقط بأنها مواجهة بين «علمانيّة برغماتيّة وكوسموبوليتيّة» و «سلفيّة متعصّبة وإنعزاليّة»). كما كانت الانتخابات استفتاءً على سنوات فتح العشر في السلطة وانتهاك السلطة. إنهم الأقل تمتّعاً بالامتيازات، وبالطبع الأقلّ «كوسموبوليتيّة»، أولئك الذين اقترعوا لصالح السلطة الحاليّة ضدّ سلطة فاسدة وعاجزة عن بناء المؤسذسات التي تحتاجها فلسطين. ليس سلوك فتح مفاجئاً. بل الأكثر إثارة للتساؤل هو موقف المثقّفين والسياسيّين المستقلّين. فمن قدّموا أنفسهم على أنهم ليبراليّون، تقدّميون او مستقلّون في الانتخابات، وتميّزوا بنسبة معيّنة عن سلطة فتح، نجحوا معاً في الحصول على عشرة مقاعد في المجلس التشريعي الجديد. بعد تفاوض أوّلي مع حماس، قرّروا، لأسباب مختلفة (وأبرزها الخوف من المقاطعة)، عدم المشاركة في الحكومة الإئتلافيّة. هذا ما حصل أيضاً مع الشخصيات المستقلّة التي تفاوضت هي أيضاً ثمّ رفضت المشاركة. إذا اعتبرنا أنّ الخوف من العزلة، وبالنسبة الى البعض عدم التعاطف مع الإسلاميّين وجوانب مختلفة من برنامجهم، دوافع كافية للإمتناع، فإنّ ذلك لا يفسّر حماستهم الانتقاديّة المتزايدة تجاه السلطة الجديدة فور تنصيبها، ممّا يُكمل آليّة الحصار المفروض من الخارج ويبرّره ويجعله غير قابل للإختراق. فالخطاف المتصاعد بدأ، للمرة الأولى في التاريخ الفلسطيني، بالإشارة الى صراع الحضارات بين «العلمانيّين» و»الدينيّين». فبدل التضامن مع سلطة فلسطينيّة مُحاصَرة من قبل أعدائها الخارجيّين، بغية خلق الشروط لكسر الحصار الدوليّ (ذلك أنّ هؤلاء التقدّميين والمستقلّين المعروفين في الخارج والقادرين على التأثير في الرأي العام والحكومات للقطع مع سياسة الولايات المتحدة في هذا المجال)، يقدّم المستقلّون/ التقدّميون، عن طريق المقاطعة الداخلية، أفضل تبرير لسياسة الاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة. وهم اليوم يدعمون، في غالبيّتهم، مشروع الإستفتاء الذي عن طريقه ستستردّ فتح ورئيسها الشرعيّة التي حُرموا منها في الانتخابات الأخيرة. خدعة إلقاء «المسؤوليّة» على حماس يبرّر هذا الموقف المقولة التي تدّعي بأنّ المقاطعة الديبلوماسية الراهنة مردّها الى الحكومة الفلسطينية الجديدة. لكن يجب التذكير بأنّ الرئيس «أبو مازن» مارس كل السلطات بعد وفاة عرفات ولم يُعترف به كمحاور. فحكومة ايهود أولمرت ليست مستعدّة للتفاوض وتتأهّب، مهما كان الحلّ للقضيّة الفلسطينية، لتطبيق برنامجها للإنسحاب الأحادي والمضيّ في سياستها الإستيطانيّة. مؤسف هذا التطوّر الفلسطيني كونه يخيّب الآمال في تعزيز الانتقال الديموقراطي المنطلق. وما يزيد الخيبة أنّ انتخابات كانون الثاني (يناير) بدت كأنها إعادة توزيع للقوى وفق تطوّر المجتمع الفلسطيني. كما كان يمكنها أن تمثّل نموذجاً للعالم العربي، عن طريق خلق بنية سياسية قويّة وذات مصداقيّة تتمتّع بثقة الجماهير والنخبة، من خلال قدرتها على استيعاب التناوب في مجتمع مدنيّ ذي مؤسّسات قويّة وشفّافة وديموقراطيّة تؤمّن العيش الكريم للمواطنين، بمقاومتها ضربات الاحتلال وتوجيه البلاد نحو مستقبل يكون فيه الاستقلال الذاتيّ واقعاً معاشاً وليس مجرّد حلم. (*) على التوالي جامعيّ (بيرزيت)، جامعيّ (اكس اون بروفانس) وصحافيّ (باريس). (المصدر: صحيفة الحياة الصادرة يوم 15 جوان 2006)
أبو مازن رئيس ضعيف يقامر بوحدة الشعب وحقوقه الوطنية
د. بشير موسي نافع (*) بالرغم من المجازر التي توقع بشعبه، بالرغم من التوتر البالغ الذي يشوب علاقات القوي السياسية الفلسطينية، وبالرغم من عجزه عن حماية شعبه ووحدته، مازال الرئيس محمود عباس مصمماً علي إجراء استفتاء شعبي حول ما بات يعرف برسالة الأسري. وقد حدد الرئيس بالفعل موعداً لإجراء الاستفتاء. من جهة أخري، تجد الرسالة في صيغتها الحالية، وبالتالي مشروع الاستفتاء، رفضاً صريحاً من الحكومة الفلسطينية، من حركتي حماس والجهاد، من قوي مقاومة أخري مثل لجان المقاومة الشعبية وبعض أجنحة شهداء الأقصي، ومن قطاعات يصعب تقدير حجمها داخل حركة فتح والتنظيمات الوطنية الأخري. في ظل تباين المواقف من الرسالة، يبدو واضحاً ان الرئيس الفلسطيني يسعي إلي تعميق حالة الانقسام السياسي الفلسطيني، مؤكداً فشله في بناء إجماع وطني حول القضايا الوطنية الكبري، ومقامراً بوحدة الشعب وحقوقه الوطنية. بهذا المعني، يعيد عباس بناء نفسه في شكل حثيث ليصبح خطراً علي موقع الرئاسة وعلي الوضع الفلسطيني كله. كان انتخاب عباس قد قوبل بترحيب فلسطيني ملحوظ (بما في ذلك من كاتب هذه السطور). لم يأت ذلك الترحيب من الاعتقاد بأن أداء عباس سيكون بالضرورة أفضل من أداء الزعيم الراحل ياسر عرفات، ولكن الفلسطينيين كانوا يريدون لقيادتهم ان تهبط من مستوي الكاريزما الملهمة إلي مستوي القيادة العادية، أن يصبح من الممكن معارضتها وحتي إطاحتها بدون إحساس جمعي بالندم والخطيئة. وقد أظهر عباس، بالرغم من دوره المثير للتساؤلات في اتفاق أوسلو، توجهاً لتجنب مخاطر التفاوض بانضمامه إلي الرئيس عرفات في رفض التسوية المطروحة في كامب ديفيد. ولكن أداء عباس في موقع الرئاسة كان مخيباً للآمال؛ فكلما تعقد المسير بدا الرئيس الفلسطيني أضعف من تحمل عبء الدفاع عن حقوق شعبه وحمايته من بطش الاحتلال. وقد عمل عباس بحماس بالغ، بل واستخدم احياناً لغة غير لائقة، للتوصل إلي هدنة من الجانب الفلسطيني والحفاظ علي استمرار الهدنة. ولكنه لم يبذل جهداً مكافئاً لإيقاف العدوان الإسرائيلي المستمر علي الشعب افلسطيني وحياته، كما جاءت إداناته المتفرقة لهذه الإعتداءات أقرب إلي رفع العتب منها إلي السياسة المسؤولة. وكان مدهشاً بعد الانسحاب الإسرائيلي الانفرادي من قطاع غزة ان تصر السلطة التي يقودها عباس علي توقيع اتفاق مع الإسرائيليين، أدي إلي إشراف إسرائيلي مهين علي حركة البشر والبضائع عبر الحدود الفلسطينية ـ المصرية، ووضع القطاع المحرر من جديد في القبضة الإسرائيلية. وسرعان ما انعكس ضعف الرئيس في مواجهة العدو والتعامل مع الضغوط الدولية علي نظرة الشعب والقوي السياسية الفلسطينية المختلفة له. الفوضي السياسية والأمنية التي يعيشها الوضع الفلسطيني تعود في جلها إلي عجز الرئيس عن تحمل أعباء القضية الوطنية منها إلي ظاهرة انتشار السلاح، التي هي ليست ظاهرة جديدة علي أية حال. وينعكس ضعف الرئيس وعجزه في شكل بارز علي أسلوب قيادته؛ إذ يبدو الرجل أحياناً وكأنه يفتقد الشجاعة الضرورية للقيادة المباشرة والواضحة، مما يدفعه إلي انتهاج أساليب تآمرية لتحقيق أهدافه. الرجل الذي عرف في السابق بصراحته وابتعاده عن أساليب الكذب والخداع أصبح اليوم أسيراً لضعفه وعجزه عن تحمل أعباء قضية شعبه. وما يفاقم من نهج عباس السياسي وأسلوب قيادته أنه بات محاطاً بعدد من أسوأ ما أفرزته الطبقة الفلسطينية السياسية في مرحلة ما بعد أوسلو. في بعض الحالات، قد لا يترك هذا الاسلوب التآمري أثراً سلبياً كبيراً علي مجمل الوضع الفلسطيني. ولكن نهج عباس السياسي والإداري، الذي يقف خلف صدور رسالة الأسري ومشروع الاستفتاء عليها، يوشك الآن ان يجر الوضع الفلسطيني كله إلي هاوية جديدة. أعد رسالة الأسري هذه بعض من قيادات فتح الأسيرة، ووقع عليها بعض من أسري حماس، الذين سارعوا بالتراجع عن تأييدهم للرسالة عندما أدركوا حجم المخاطر التي قد تجرها علي الوضع الفلسطيني كله. لا تعبر الرسالة عن موقف كل الأسري، ولا حتي أكثريتهم، لا صوت عليها الأسري ولا هي تعكس موقف قيادات الأسري من كافة التنظيمات. وفوق ذلك كله، فإن مبدأ نقل قيادة الشعب وقضيته إلي الأسري والسجون هي بدعة خطرة لم تعرفها حركة تحرر وطني، ولا يقرها عقل ولا منطق. يحتل الأسري موقعاً بارزاً في الحياة السياسية الفلسطينية، كما يمثلون إلحاحاً يومياً علي الضمير الفلسطيني الجمعي. ولكن الأسير بطبيعة ظروفه عرضة لعدد لا يحصي من الضغوط النفسية والروحية، يسكنه الأمل بالحرية من القيد والسجن. ولم يكن غريباً بالتالي ان تتعارف الشرائع المختلفة علي نزع حق القيادة من القادة الذين يقعون في الأسر. علي الشعب الفلسطيني أن ينصت لصوت أسراه، أن يحتضن ذكراهم، وأن يبذل كل جهد ممكن من أجل تحريرهم. ولكن قيادة القضية الوطنية ومصيرها شأن آخر مختلف. الرئيس محمود عباس يدرك هذه المحاذير ومعناها، ولكنه ومجموعة من الملتفين حوله وجد في الرسالة إياها وسيلة للانحراف بمسار القضية الوطنية ومحاصرة الحكومة التي تقودها حماس. ومن ثم أطلقت حملة ابتزاز واسعة حول موقع الأسري ودورهم في الحياة الفلسطينية، حملة لم يكن لها من مبرر سوي الأهداف المستبطنة لدي عباس ومعسكره. الأجواء المحيطة بمشروع الاستفتاء لا تتعلق بحق الفلسطينيين في إقامة دولتهم علي كامل الضفة والقطاع، لا تتعلق بحق السيادة الفلسطينية علي منطقة القدس، ولا تتعلق بحق اللاجئين في العودة إلي البلدات والقري والأرض التي هجروا منها. ما سيحدث، إن قدر لهذا الاستفتاء الانقسامي الخطر ان يجري، هو إطلاق خطاب عمومي حول سلام يقوم علي دولتين، وهو ما يتفق عليه أغلب الفلسطينيين. ولكن حدود هذه الدولة، نطاق سيادتها علي أرضها وشعبها، وحقها في مدينة القدس، فسيترك لمحمود عباس ومفاوضي السلطة، الذين يعلمون علم اليقين ان الحصول علي حل كريم يستجيب للمطالب الفلسطينية في ظل توازن القوي الحالي هو ضرب من الخيال. إضافة إلي ذلك كله، فإن كان عباس يرغب في استفتاء الفلسطينيين حول مصير قضيتهم، فلماذا لا يستفتي كل الفلسطينيين، في الداخل والخارج؟ ألم يوقع اوسلو وتقام سلطة الحكم الذاتي باسم منظمة التحرير، والمنظمة التي يرأس لجنتها التنفيذية عباس، هي ممثـــــل الفلسطينيــــين ومظلتهم جميعاً؟ فكيف ستقوم المنظمـــــة بتوفير غطاء لمفاوضات جديدة علي أساس من استفتــــاء لأقل من نصف الفلسطينيين؟ ما يريده الرئيس ومعسكره من الاستفتاء هو شرعية وتفويض جديدان للذهاب إلي مفاوضات لا يجرؤون علي كشف شروطها للشعب. وإلا فإن ثوابت الحد الأدني مما يقبله الفلسطينيون معروف ومقر، ولا يستدعي استفتاء من أي نوع. المطلوب من محمود عباس في هذه المرحلة ليس استفتاء حول رسالة الأسري ولا غيرها؛ المطلوب ان يقف أمام شعبه ويشرح له بتفصيل وصراحة وصدق لماذا لم يستطع طوال المدة السابقة من رئاسته تحقيق شيء من المطالب الفلسطينية أو حتي إطلاق المفاوضات من جديد. أليس عباس داعية السلام الفلسطيني الأكبر، ألم يكن عراب أوسلو ومهندسه، ألم يعلن منذ زمن طويل إدانته للمقاومة المسلحة، ألم يكن الرجل الذي وقفت خلفه الإدارة الأمريكية، رئيساً للحكومة ورئيساً لسلطة الحكم الذاتي، ألم يكن دائماً موضع إشادة واشنطن، أليس هو من أعلنه بيريز مراراً محل ثقة وتقدير، ألم يأت للإسرائيليين بهدنة من طرف واحد، بدون ان يفرض عليهم أية شروط مقابلة؟ فلماذا إذن لم يعترف به شريكاً في عملية التفاوض والسلام؟ إن كانت حكومة حماس باتت مشكلة للإسرائيليين والأمريكيين والأوروبيين، فحماس لم تأت إلي الحكم إلا قبل أسابيع، بينما يحتل محمود عباس موقعه الرئاسي منذ أشهر طوال. الرئيس الفلسطيني يدرك ان ما هو معروض عليه لا يرقي إلي الحد الأدني من المطالب الفلسطينية، وأن التفاوض علي أساس من مخطط أولمرت ليس أقل من مقامرة بالحقوق الفلسطينية الأساسية. المدهش في هذا الجدل الدائر علي الساحة الفلسطينية، ان تطالب القيادة الفلسطينية السياسية شعبها بتقديم كل التنازلات الممكنة، قبل ان تنطلق المفاوضات أو تعقد حتي جلسة واحدة منها. قد يكون مفهوماً أن يذهب عباس ومعسكره للمفاوضات، ثم يعود إلي استفتاء شعبه حول ما تم الاتفاق عليه وما يراه أقصي ما يمكن الحصول عليه. أما ان تطالب الضحية بالتنازل والمساومة قبل التفاوض فمذهب سياسي لم تعرف له حركات التحرر الوطني مثيلاً. وهو ما يذكر بكارثة اتفاق المعابر، الذي لم يكن له من داع سوي نزوع عقل السلطة السياسي إلي تقديم التنازلات المجانية للدولة العبرية. الأفدح من ذلك ان تطالب القوي السياسية الفلسطينية جميعاً بالانضمام إلي معسكر الاعتراف والتنازلات، في الوقت الذي تعج فيه الساحة الإسرائيلية السياسية بالقوي التي تدعو إلي ترحيل كل الفلسطينيين من وطنهم، أو التي تعتبر حتي أوسلو كارثة ما كان يجب إقرارها. ما يجب ان يأخذه الرئيس الفلسطيني في الاعتبار ان الخارطة السياسية الفلسطينية قد تغيرت، وتغيرت إلي حد كبير. بعض من الشخصيات التي تحيط بعباس وتشير عليه ليس لها وجود ملموس في الساحة الوطنية، وتقود تنظيمات صورية لا تعطيها شرعية تقرير مستقبل روضة اطفال، ناهيك عن مستقبل القضية الوطنية. وعندما تتغير موازين القوي السياسية بالطريقة والدرجة التي تغيرت فيها الموازين السياسية الفلسطينية، يجب علي أصحاب القرار أخذ ذلك في الاعتبار. ومهما كان تاريخ الرئيس السياسي ودوره، فلا الشعب الفلسطيني ولا قضيته حكراً علي أحد بعينه أو جهة بعينها. حجم القوي السياسية المعارضة لما يحاوله الرئيس ووزنها لا يمكن ان يوصف أو يقرأ إلا بأنه انعكاس لحالة انقسام سياسي رأسي؛ ومسؤولية هذا الانقسام هي مسؤولية عباس ومعسكره. بإمكان الرئيس المضي في نهج الانقسام والتشظي أو الارتفاع لمستوي موقعه والعمل علي بناء الوحدة والتماسك الوطنيين. في التعامل مع القضايا الكبري للشعوب لا يمكن التحرك بدون إجماع وطني. وعندما تكون القضية محل التداول واحدة من أعقد قضايا التاريخ الحديث، وأكثرها حساسية وتأثيراً علي الأوضاع الإقليمية والدولية، يصبح شرط الإجماع أكثر ضرورة وحيوية. الطريقة التي أنتجت فيها رسالة الأسري، والطريقة التي يحاولها عباس لعقد الاستفتاء وتأسيس سياسة علي أساسه، تبدو أقرب إلي الخداع واختلاس المواقف منها إلي بناء الإجماع. بالنظر إلي الهزيمة التي عانتها حركة فتح في الانتخابات التشريعية الأخيرة، وإحساس عباس بالذنب تجاه عقد الانتخابات أصلاً، ليس من المستغرب ان لا تكون العلاقة بين الرئيس وحكومته في أفضل أحوالها. ولكن المسألة الآن لم تعد محصورة بالحكومة والسلطة، بل بأسس القضية الوطنية. بدون إجماع وطني، ستأخذ سياسات عباس الفلسطينيين ومستقبل وجودهم إلي مصير مجهول، مصير محفوف بمخاطر الانقسام الداخلي وتمزيق وحدة الشعب والتفريط بحقوقه. (*) باحث عربي في التاريخ الحديث (المصدر: صحيفة القدس العربي الصادرة يوم 15 جوان 2006)