الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين:بلاغ هيئة 18 أكتوبر للحقوق و الحريات : بلاغ صحفي بيان إعلان تأسيس منظمة نقابية تونسية جديدة من أجل إعادة تأسيس الحركة النقابية التونسية بعث منظمة نقابية جديدة النقابة الأساسية لكليّة الآداب والفنون والإنسانيات بمنوبة:رسالة
أخبار الجامعة 19
الموقف: اعتقال تونسي بعد ترحيله من الإماراتالجزيرة.نت: مدرسو تونس يتهمون الحكومة بالسعي لخصخصة القطاع
وات: مجلس المستشارين يندد بشدة بالاعتداء الصارخ على المقدسات الإسلامية بالقدس الشريف
يو بي أي: مباحثات عسكرية تونسية-تركية لتعزيز التعاون الثنائييو بي أي
رويترز: تونس تحصل على منحة فرنسية بقيمة 23 مليون يورومحمد القوماني: مؤشرات سياسية ايجابية .. لكن؟
الأستاذ عبد الرؤوف العيادي: أخذ الحق باليد.. ثمّ.. المحاكمة الباطلة
علي البعزاوي: ردّا على مخلص التونسي
الموقف : المحامون يريدون ان يكون العميد الجديد مستقلا مناضـلا ومهـنيا
سمير ساسي : ازمة النقل تعطل المصالح وتعكر مزاج التونسي
محمد الحمروني : نهج مارسيليا …أم درب السكاكين
الموقف : رياض الأطفال في تونس: مازالت المعاناة قائمة
تفاعلات الحوار مع عمر المستيري على المنتدى الكتابي للحوار نت (1)
عامر عياد: بين ثقافة السلطة وسلطة الثقافة
زهير الشرفي :في الدفاع عن العلمانية
د. خالد الطراولي: قراءة في شرعية الاستثمار في البورصة
مراقب صحفي: صحيفة مواطنون والولادة المشوهة
رويترز: منتقدون يشككون في فعالية جهود الجزائر في مكافحة الارهاب
الإسلام اليوم: القاعدة في المغرب الإسلامي ..في انتظار المارينز!
“الحياة: مسؤولون مغاربة يربطون في واشنطن بين أزمة الصحراء ومكافحة الإرهاب
نسيج : منع الكتاب الديني في معرض الدار البيضاء للكتاب
الشرق: إحصائيات ووثائق خطيرة يكشف عنها لـ«الشرق» النائب العراقي محمد الدايني
كرم الحلو : أحوال المرأة العربية في عالم عنيف مضطرب
(Pour afficher les caractères arabes suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe Windows (
(To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows (
1- محمد بن الغربي بن سليمان السوسي 2- مجدي بن محمد الذكواني 3- ياسين بن صالح الجبري 4- سليم بن محمد المنصف بن الحاج صالح 5- علي بن الطاهر العوني الحرزي 6- ابراهيم بن الطاهر بن العوني الحرزي 7- صابر الكيلاني الحسني 8- أنيس بن مبارك البوزيدي 9- صابر بن مختار حسني 10- سهل بن الفاضل البلدي 11- محمد أمين بن الهادي عون 12- محفوظ بن البشير العياري 13-غيث بن أحمد الغزواني 14-ماهر بن سالم بزيوش 15-نبيل بن حمادي النفزي
نناشد المنظمات الحقوقية و الإنسانية مساندتنا و التضامن معنا لشد أزرنا و أزر أبنائنا المحالين على أنظار الدائرة الجنائية بالمحكمة الابتدائية بتونس بمقتضى قانون مكافحة الإرهاب يوم السبت 17 فيفري 2007 و نحن و إن آمنا ببراءة فلذات أكبادنا من التهم المنسوبة إليهم إلا أننا نخشى عليهم من العقوبات الجائرة التي اتسمت بها مثل هاته المحاكمات و نأمل أن تدعمونا معنويا بالوقوف لجانبنا و نصرة الحق و الدفاع عن أبسط الحقوق التي يطالب بها السجين السياسي و هي الحق في محاكمة عادلة “. الإمضاء السيد أحمد الغزواني نيابة عن بقية العائلات عن الهيئة المديرة للجمعية الرئيس الأستاذ محمد النوري
بسم الله الرحمان الرحيم
” لتكونوا شهــــداء على النــــاس”
نداء تقديم معلومات
استشهد أخونا الفاضل اسماعيل خميرة يوم 25 فيفري 1994 بالسجن المدني بالعاصمة بتونس فالرجاء من كل من عرف أخانا من قريب أو من بعيد أن يقدم لنا مباشرة ما يعرفه عنه أو أن يساهم في إحياء هذه الذكرى على المنابر الإلكترونية المختلفة أو غيرها…
و لا يحقرن أحدنا من المعروف شيئا..
و الســــــلام
15 فيفري 2007
بيان إعلان تأسيس منظمة نقابية تونسية جديدة
من أجل إعادة تأسيس الحركة النقابية التونسية بعث منظمة نقابية جديدة
ولن يخفى على أخوتكم أن القصد من مثل هذا الصنيع هو الإساءة إلى المنظمة وزرع الفتنة وإثارة جوّ من ا لغموض والفوضى لدى الزملاء. ولكلّ هذا, فإنّي أترجاكم اتخاذ الإجراء اللازم في هذه الحالات ضذّ من يدعون إلى الآن تمثيل الجامعيين وذلك بالتنبيه عليهم بصورة قانونية بواسطة عدل منفذ بالكفّ عن إصدار بلاغات مزوّرة حاملة لشعار الإتحاد وختمه وهو ملك له بموجب التراتيب الجاري بها العمل, وذلك أيضا بإبلاغهم بشكل عاجل بعزم المنظمة تحميلهم كل المسؤوليّة القانونيّة المترتبة عن تماديهم في مسك طابع الإتحاد واستعماله في غير ذي وجه حقّ ولا قانون. رجائي في الأخير أن تكون قيادتنا التي اخترناها ديمقراطيّا في المؤتمر الأخير في مستوى الوعود التي قطعت في هذا المؤتمر وهي وعود عزّزت الأمل لدى النقابيين الجامعيين وغير الجامعيين بأنّ يكون المنتصرون في هذه المعركة الصعبة المؤلمة هم المناضلون ا لصادقون لا أولئك الذين اختاروا أن يحاربوا المنظمة وأن ينالوا من شرفها وصمودها. ولكم منّا أسمى تعابير الوفاء والإخلاص لمنظمتّنا وشهدائنا. والســــــلام عبد السـلام الــككلي الكاتب العام للنقابة الأساسية لكليّة الآداب والفنون والإنسانيات بمنوبة
أخبار الجامعة 19
غليان في الجامعة التونسية بسبب الإعتداءات على المسجد الأقصى المبارك……
شهدت العديد من الأجزاء الجامعية تحركات سياسية و تظاهرات ثقافية للتنديد بالإعتداءات الصهيونية على المسجد الأقصى التي تهدف الى إزالة أساساته ومن ثم هدمه لبناء الهيكل المزعوم مكانه و قد غطت المعلقات جدران العديد من الكليات كما انتظمت اجتماعات عامة طالب خلالها المتدخلون تعبئة الأمة لمواجهة الخطر الجديد الذي تتعرض له مقدسات المسلمين على أيدي المغتصبين الصهاينة و الدفع نحو توعية الشعوب الإسلامية بضرورة التحرك العاجل لإيقاف الهجمة الشرسة التي تقودها الإمبريالية الأمريكية و حليفتها الصهيونية العالمية و تستهدف الأمة في وجودها
و كانت هذه التحركات مناسبة للتعريف بحقيقة المشروع الصهيوني الإستيطاني في فلسطين الحبيبة و دور ” وعد بلفور” في تمكين هذا الكيان اللقيط من الإنغراس في قلب الوطن العربي الإسلامي و القيام بدور الحارس لمصالح الإستعمار الجديد و على رأسه الإمبريالية الأمريكية و من يدور في فلكها من القوى الإستعمارية الأخرى كما تم التذكير ب ” بروتوكولات حكماء صهيون ” و بالحروب التي ما انفكت تشعلها القوى الغربية في المنطقة لإضعاف الأمة و تفتيتها و إلهائها عن مشروع النهضة التي تسعى إليه
تواصل حملة الإعتقالات في صفوف الطلبة …….
يروي العديد من الطلبة قصصا و مشاهد عن الإختطافات و الإعتقالات لزملاء لهم لا زالت متواصلة الى يومنا هذا رغم مرور أكثرمن شهر و نصف على المواجهات المسلحة و تتم هذه الإعتقالات في الشوارع بعد تتبع المعني بالأمر أو عند الخروج من المساجد أو خلال المداهمات لمقرات السكنى و قد لاحظ العديد من الطلبة تغيب العديد من زملائهم عن الحضور في مدارج الكليات و في أقسام الدراسة و هناك تخوف في أوساط الطلبة السلفيين من الظهور العلني في المؤسسات الجامعية خشية التعرض للإعتقال خاصة أن لجان اليقظة ” عادت لتنشط من جديد في كل المواقع بل ذهب الأمر بالعديد منهم الى حد هجر المساجد “
بسبب قيام البوليس باقتفاء أثر المصلين عند الخروج من المساجد و استجوابهم في الطريق العام و في بعض الأحيان اعتقالهم
حصاد الأرقام
تشغيل أصحاب الشهادات العليا
قامت مكاتب التشغيل و العمل المستقل خلال شهر جانفي 2007 بتسجيل 1762 عملية تشغيل لفائدة أصحاب الشهادات العليا مقابل 1382 عملية تشغيل خلال شهر جانفي من سنة 2006 أي بزيادة تقدر ب في المائة إلا ان هذه الأرقام لا تستطيع أن تحجب حقيقة أن هناك أكثر من 200 ألف خريج 27,5
عاطل عن العمل تتقاذفهم المقاهي و يجوبون الشوارع منذ سنوات عديدة بلغت عند البعض منهم العشرة بعد أن نال منهم التعب و الإرهاق من مراسلة مختلف الشركات و المؤسسات و المصانع و المشاركة في العديد من المناظرات و لكن دون جدوى و ستزداد ازمة البطالة هذه استفحالا في جوان و جويلية القادمين بالتحاق ما لا يقل عن 60 ألف خريج جديد بطابور البطالة المأساوي
الطلبة التونسيون الدارسون بفرنسا : قرابة العشرة آلاف
تستقطب فرنسا عددا كبيرا من الطلبة التونسيين الذين تجاوز عددهم خلال السنة الجامعية الحالية 2006-2007 العشرة آلاف طالب نصفهم تقريبا مسجلين في المرحلة الثالثة في حين يدرس حوالي 26 في المائة في المرحلة الأولى و 24 بالمائة في المرحلة الثانية و يتوزع هؤلاء على مختلف الاختصاصات العلمية و الأدبية و الاقتصادية و الطبية حيث يزاول 34 بالمائة منهم دراستهم في الشعب العلمية و 21 بالمائة في الآداب و العلوم الانسانية أما البقية فيدرسون اختصاصات الحقوق و العلوم الطبية و الاقتصادية
و يتركز تواجد هؤلاء خاصة في جامعات باريس و ليون و تولوز و ليل و مونبيليي
أما عن دوافع الدراسة في فرنسا فهي تختلف من طالب الى آخر فمنهم من لم يحصل على الشعبة التي
يرغب فيها اثر عملية التوجيه الجامعي و منهم من يرى أن حظوظ نجاحه في الدراسة ما بعد الجامعية etudes post-universitaires
هي أوفر في فرنسا منها في تونس نظرا لضعف التأطير و تقلص نسبة النجاح في المرحلة الثالثة فضلا عن الآفاق التي تفتحها الدراسة هناك من امكانيات القيام بتربصات في كبريات المؤسسات و الشركات و المختبرات ذات الاشعاع الدولي و يحدث هذا بالرغم من أن أكثر من 90 في المائة من الاختصاصات أصبحت تدرس في مختلف الجامعات التونسية
و تحتل تونس المرتبة الأولى من بين الجنسيات الأجنبية التي يزاول طلبتها دراستهم في المرحلة الثالثة بفرنسا بنسبة تفوق 50 بالمائة و بعدد يتجاوز ال خمسة آلاف
و رغم هذا العدد الكبير من الطلبة التونسيين الدارسين بفرنسا الا أنه لوحظ خلال السنوات العشر الأخيرة اقبال كبير على التسجيل بالجامعات الكندية و خاصة في منطقة الكيباك الناطقة بالفرنسية و ذلك بسبب وجود تعقيدات أقل في الترسيم مما هي عليه الحال في فرنسا و للظروف الميسرة نسبيا للاقامة و قد تجاوز عدد الطلبة التونسيين الدارسين بكندا الألفين
المعاهد العليا للدراسات التكنولوجية : ارتفاع عددها الى 25 …..
بافتتاح المعهد الأعلى للدراسات التكنولوجية بقليبية خلال السنة الجامعية 2008-2009 سيصل عدد هاته المعاهد الى 25 معهدا و يضم معهد قليبية ثلاثة اختصاصات هي التجارة الدولية و الصناعات الغذائية و صيانة المعدات البحرية أما المعهد الأعلى للدراسات التكنولوجية بمدنين الذي تم افتتاحه في سبتمبر2005 فسيضاف اليه اختصاصا المعلوماتية و هندسة المعدات الفلاحية علاوة على اختصاص التجارة الدولية الذي يدرس حاليا بالمعهد
و ستبلغ طاقة استيعاب هذين المعهدين 1500 طالب لكل منهما كما أنهما سيشتملان على محضنة للمشاريع الى جانب قاعات التدريس و المخابر و ورشات التدريب
بطاقة الطالب الالكترونية ….. جاهزة خلال السنة الجامعية القادمة …
سيتحصل كل طالب مرسم بإحدى الجامعات التونسية على بطاقة الكترونية تختزل عدة وثائق إدارية و تمكنه عند تقديمها من الدخول الى المكتبة و المبيت و المطعم الجامعي و صرف المنحة الجامعية
و ستكون هذه البطاقة في حجم بطاقة التعريف الوطنية و يختلف لونها حسب كل جامعة و يتم تجديدها في افتتاح كل سنة جامعية مع العلم أن السنة الجامعية القادمة ستنطلق خلال الأسبوع الأول من شهر سبتمبر 2007
جريمة قتل طالبة المعهد العالي للتصرف بتونس : صدور الحكم ضد الجاني …..
بعد مرور أكثر من عام و أربعة أشهر على حصول جريمة القتل التي تعرضت لها طالبة كانت تدرس بالمعهد العالي للتصرف بتونس صدر الحكم ضد الجاني بالسجن مدى الحياة و كانت الحادثة قد وقعت يوم 8 أكتوبر 2005 أمام المعهد المذكور حيث اعتدى المتهم على الطالبة بسكين فأصابها بأكثر من 28 طعنة كانت كافية لازهاق روحها
و كان منطلق هذه الجريمة قطع الطالبة لعلاقتها بالجاني فجأة رغم مرور أكثر من ثلاث سنوات على خطوبتهما متهما والدة الضحية بإهانته و شتمه
(المصدر: أخبار الجامعة: السنة الأولى: العدد رقم 19 الأربعاء 7 فيفري 2007
أخبار قصيرة من “الموقف”
خلاف بين النقابة والوزارة على مجالس المؤسسات
اعتبرت النقابة العامة للتعليم الثانوي في بيان صادر بتاريخ 2 فيفري الجاري باسم المدرسين وكافة الاطارات النقابية بالقطاع أن ما يسمى بمجالس المؤسسة ليست سوى هياكل صورية منصبة تحاول وزارة التربية و التكوين فرضها كامر واقع. وجددت النقابة دعوتها جميع المدرسين لمقاطعتها وعدم التعامل معها باي شكل كان. كما اوصت المدرسين والنقابات بالامتناع عن حضور اي نشاط من انشطة هذه الهياكل ” الصورية والمنصبة و التصدي لكل محاولات فرضها على المدرسين بجميع الوسائل النضالية المشروعة”. وحمل البيان وزارة التربية و التكوين وحدها مسؤولية هذا التصرف. خوصصة يحيط الغموض بكثير من عمليات الخوصصة ومنها التفويت في المغازة العامة، إذ أشارت مصادر نقابية إلى ان السعر المقدم لبيع الشركة زهيد جدا فهو أقل بكثير من قيمة الاصل التجاري لفرع واحد من فروعها كفرع باب البحر مثلا.
الشباب التلمذي وظاهر العزوف عن الدراسة
إن المتأمل في مسيرة اطفالنا التلاميذ بالمؤسسات التربوية اليوم يقف مندهشا امام ظاهر بدات تاخذ ابعادا خطيرة ان لم نقل تراجيدية وهي العزوف عن الدراسة
وعد في انتظار التنفيذ
جاءتنا رسالة من المواطن محمد القماطي من معتمدية الكبارية قال فيها “انه وفي يوم تدشين قصر بلدية قصر السعادة بالمرسى تمكن من أن يسلم رسالة إلى رئيس الجمهورية طلب فيها منحه مسكنا لأنه عاطل عن العمل وله اثنين من الأبناء المعوقين الأولى اسمها منار 23 سنة وتحل إعاقة متعددة والثاني أنيس 10 سنوات ويحمل إعاقة ذهنيةـ إضافة إلى أربعة أبناء آخرين. وبعد أسبوع من تقديمه المطلب اتصلت به إحدى المرشدات للاطلاع على أحواله المادية وقامت ببحث اجتماعي. ولكن والى حد الآن لم يستلق هذا المواطن أي رد من أي جهة كانت رغم أن ولاية تونس قامت بتوزيع المساكن على المواطنين لكنه لم يحصل على شيء. إضافة إلى ذلك فان ابنته منال 23 سنة التي من حقها أن تتمتع بمنحة شهرية لكنها لم تحصل عليها. (المصدر: صحيفة “الموقف” (أسبوعية – تونس) العدد 392 بتاريخ 9 فيفري 2007)
دهاليز
إعداد لطفي حيدوري
الداعية التونسي الخطيب الإدريسي في السجن
شملت الإيقافات الأخيرة في تونس أحد مشائخ التيار السلفي “الخطيب الإدريسي” وابنه. وقد أحيل على القضاء فتم إيداعه بالسجن وذلك بعد أن ورد اسمه عند استنطاق المجموعة المتّهمة بالتدبير للمواجهات المسلحة التي شهدتها البلاد في أواخر السنة المنقضية. وقد جاء في أقوال أحد المتهمين أنّه تمت استشارة الشيخ الإدريسي في ما عزمت عليه المجموعة فنصح بالعدول عن ذلك. ولا يعرف عن هذا الشيخ انتماء أو تبنّ للتيّار الجهادي. فهو من دعاة التيار السلفي العلمي وله مؤلّفات منشورة تبيّن منهجه في الدعوة وهي: – أحكام الترتيل لآيات التنزيل- بيروت، لبنان : دار ابن حزم، 2005. – 54 ص. – صفة صلاة الرسول، بيروت لبنان. – الأذكار (مخطوط لم ينشر بعد) – وله مشروع لتفسير معاصر للقرآن. وكان الخطيب الإدريسي وهو رجل ضرير قد عمل ممرضا بالسعودية وتتلمذ على الشيخ عبد العزيز بن باز ثم عاد إلى تونس واستقرّ بموطنه “سيدي علي بن عون” بولاية سيدي بوزيد. وله ابن وبنتان. وقد نشط في الدعوة خارج المساجد باستقبال الناس في منزله والتنقّل إلى بعض المدن لإلقاء الدروس في أماكن خاصّة. وكان محلّ مراقبة أمنيّة لصيقة وقد تمّت مداهمة حفل ختان في ضاحية المروج بالعاصمة دعي له الشيخ منذ سنتين واعتقل عدد كبير من المدعوّين. ويعتقد أنّ الخطيب الإدريسي قد أوقف بموجب قانون مكافحة الإرهاب بتهمة عدم الإرشاد إلى وقوع جريمة.
تحقيق أمريكي مع سجين تونسي في مكتب عميد قضاة التحقيق
أفاد محامو السجين خالد العيوني الموقوف في إحدى القضايا المتعلقة بقانون مكافحة الإرهاب أنّ منوّبهم قد تم جلبه من سجنه بالمرناقية إلى مكتب التحقيق بمحكمة تونس الابتدائية يوم 29 جانفي 2007 حيث وقع استجوابه من قبل شخصين أمريكيّين أحدهما من أصل لبناني. وقد رفض خالد العيوني الإجابة على أسئلة المحققين الأمريكيّين والتي كانت متعلّقة بدردشة إلكترونية أجراها منذ سنتين ويعتبرها الأمريكيّون ذات صلة “بعملية الأنفاق” التي فشلت منذ أكثر من سنتين في نيويورك. ويأتي هذا النشاط المخابراتي الأمريكي في تونس أياما بعد اعتراف وزير الداخلية التونسي بتاريخ 12 جانفي 2007 بأنّ التحقيق مع عناصر المجموعة المسلّحة يجري ” بالتنسيق مع بعض الدول التي لها معلومات حول هذه المجموعة واٍمتداداتها الإقليمية وأهدافها.”
إحالة فتاة على المحكمة بتهمة “إرهابية
“ أحيلت الشابة “سندس الرياحي” التي اعتقلت عقب انطلاق المواجهة المسلّحة في شهر ديسمبر الماضي على التحقيق بموجب قانون مكافحة الإرهاب. وقد أفردت بالتتبّع بحالة سراح. اكتظاظ سجني يشهد سجن المرناقية الجديد اكتظاظا لافتا خاصة إثر موجة الاعتقالات الأخيرة والتي شملت مئات الشبّان بتهم متعلقة بقانون مكافحة الإرهاب. وقد ذكرت بعض العائلات أنّ أبناءها يشتكون من مشاركة أشخاص آخرين في الأسرّة (شخصين أو ثلاثة) كما يخشون من تجدد انتشار الأمراض المعدية خاصة الجلدية التي كانت مستشرية في سجن 9 أفريل المعروفة بكثافة الإقامة فيه.
سوء معاملة منظّم للموقوفين في الأحداث الأخيرة
شمل ملف القضية 7717/1 المتعلقة بالمواجهات الأخيرة 31 شخصا تم استهدافهم بالتعذيب النفسي والجسدي المتواصل حتى بعد إيداعهم بالسجن: – تخصيص بدلة زرقاء خاصة بهم ثم تم التخلي عنها بعد شروعهم في استقبال محاميهم. – وضع كل واحد في عزلة انفرادية مضيّقة وفي بداية هذا الأسبوع تم جمعهم ثلاثة ثلاثة. – تركهم في الأيام الأولى دون أغطية. – إرهاق العائلات بتحديد الزيارة في يوم وقفّة المؤونة ليوم آخر. – وضع كيس أسود على رؤوسهم كلّما تم إخراجهم لزيارة العائلة أو المحامي ولا يتم نزعه إلاّ عند باب الزيارات. – يقول أحد الموقوفين لمحاميه إنّه استغرق أكثر من ساعة مسيرة جلبه داخل سجن المرناقية للزيارة وهو مقيّد مغطى الرأس ! وفيات مسترابة يقول بعض المحامين النائبين في ما عرف بقضيّة سليمان إنّ شكوكا مبرّرة قائمة بشأن ظروف مقتل بعض الأشخاص المثبتين بقائمة المتوفّين من عناصر المجموعة المسلحة المفترضين. فبالاطلاع على محاضر الاستنطاق والتحقيق تظلّ بعض الحالات غير محددة مكان الوفاة وزمانها. وكانت فرقة أمن الدولة قد حددت 12 حالة وفاة للمتورطين في تلك الأحداث وهم “الأسعد بن محمد ساسي” و”زهير بن عبد الله الريابي” و”مجدي بن لزهاري العمري” و”محمد الهادي بن خليفة” وحسنين بن حسين العيفي” و”مكرم بن بشير جريد” و”الصحبي بن خميس المسروفي” و”رياض بن مولدي ميري” و”ربيع بن محمد باشا” و”مهدي بن يوسف الماجري” و”شكري بن محمد مفتاحي” وجثة مجهولة يعتقد أنّها للشخص الموريتاني.´ حقائق مؤجّلة من المنتظر خلال محاكمة عناصر المجموعة المورّطة في المواجهات المسلحة بعد عدّة أشهر أن تظهر حقائق جديدة لم يطلع عليها الرأي العام عن وقائع العمليات وخاصة فيما يتعلق بحجم الخسائر التي تكبّدتها القوات الحكومية.
إقالة القاضي الجديدي الغنيّ تمّت إقالة القاضي بالدائرة الجنائية الجديدي الغنيّ وكلّف بمهمّة إدارة ديوان مساكن القضاة. وقد عرف هذا القاضي بالشدّة في الأحكام التي ينطق بها في القضايا السياسية. صدفة ! في يوم واحد برزت عناوين لافتة في الصحف التونسية وفي الصحف المصرية الرسمية وفي عناوين إخبارية تلفزية في البلدين يوم الأحد 4 فيفري 2007: – في بلادنا الرئيس التونسي يمنح العائلة المنكوبة من قصر هلال والتي دمّر منزلها انفجار قارورة غاز منزلا جديدا. – وفي مصر الرئيس حسني مبارك يأمر بعلاج طفل مصري صعقه الكهرباء على نفقة الدولة !
المصدر: مجلة “كلمة” (اليكترونية مستقلة – تونس)، العدد 50 لشهر فيفري( 2007)
السيد الجديدي غني،
القاضي من الرتبة الثالثة، مديرا عاما لديوان مساكن القضاة وأعوان وزارة العدل وحقوق الإنسان.
تأهيل مسالك منتوجات الفلاحة والصيد البحري من المنتظر أن تشهد السنة الحالية التنفيذ الفعلي للبرنامج الوطني لتأهيل مسالك منتوجات الفلاحة والصيد البحري الذي يحتوي على ثلاثة عناصر وهي تأهيل منظومة اللحوم من خلال اعداد النصوص التطبيقية (من حيث التنظيم والتسيير) وضمان جودة هذه المنتوجات (اللف والتصنيف) وتأهيل منظومة الخضر والغلال وتأهيل منظومة منتوجات الصيد البحري. منح جامعية ومساعدات اجتماعية للطلبة أفادت مصادر ديوان الخدمات الجامعية للشمال أنه سيشرع بداية من هذا اليوم في صرف دفعة جديدة من المنح الجامعية. كما تقرر صلب الديوان توزيع المساعدات الاجتماعية قبل موفى الشهر الجاري وستشمل 600 طالب وهي في حدود 150 دينارا لكل طالب. تطور عدد خريجي التكوين المهني تشير توقعات وزارة التربية والتكوين الى ان عدد المتخرجين من منظومة التكوين المهني سيصل الى مستوى 24 الف متخرج هذه السنة. وينتظر ان يتم استغلال نتائج الاستشارة الوطنية حول قطاع التكوين المهني التي ترمي الى بلورة مكونات الخطة الوطنية لتأهيل منظومة التكوين المهني خاصة فيما يتعلق بتنويع انماط واختصاصات التكوين ومواكبة الحاجيات الآنية والمستقبلية لمؤسسة الانتاج وتطوير وظيفة الاستشراف واعداد البرامج. التخفيض في المعاليم الديوانية تم التخفيض في نسب المعاليم الديوانية الموظفة على بعض التجهيزات والمواد الأولية وبعض المنتجات الأخرى، مما سيمكن من تقليص عدد نسب المعاليم الديوانية المعمول بها إلى 11 نسبة عوضا عن 14 نسبة من ناحية والتخفيض كذلك في النسبة الفعلية للحماية من 26,9% إلى 24,7% تماشيا مع مؤشر التفتح الاقتصادي المعتمد من قبل الهيئات المالية الدولية والذي هو في حدود 25%. فرضيات تطوّر المؤشرات قامت ميزانية الدولة للسنة الجارية على فرضيات تطوّر المؤشــرات الأساسية التالية: – نسبة الضغط الجبائي بـ20%. – نسبة عجز الميزانية بـ3,1% دون اعتبار التخصيص و1,9% باعتبار التخصيص. – معدل سعر النفط في حدود 70 دولارا. – معدل سعر صرف الدولار في حدود 1,380 دينار. التخفيض في نسبة الضريبة على الشركات إلى 30%. – مراجعة نسب الآداء على القيمة المضافة (6%، 12% و18%). المحافظة على المؤسسة وتعزيز مواطن الشغل اعتبارا للدور الأساسي للمؤسسة كوحدة لإنتاج الخبرات والخدمات وخلق مواطن الشغل اتخذت خلال هذه السنة جملة من الاجراءات الجديدة كان من أبرزها اخضاع إحالة العقارات والأموال التجارية في إطار إحالة المؤسسات التي تمر بصعوبات اقتصادية أو في إطار الإحالة بمقابل للمؤسسة أو لجزء منها يكوّن وحدة اقتصادية قائمة بذاتها لمعلوم تسجيل قار عوضا على معلوم التسجيل النسبي. الخطة الوطنية لتأهيل مسالك التوزيع بعد المجلس الوزاري الذي تم في الفترة القريبة الماضية بخصوص تطوير آداء مسالك التوزيع وما صاحبه من قرارات في هذا المجال، ينتظر أن تتخذ جملة من التدابير بداية من مستهل الشهر القادم في هذا المجال وذلك على مستوى أسواق الجملة الموزعة على كافة الولايات والتي يبلغ عددها 23 سوقا وذلك باعتماد تصنيف جديد للخضر والغلال في مرحلة أولى ثم بتطوير عرض بقية المواد الأخرى تباعا. (المصدر: جريدة “الصباح” (يومية – تونس) الصادرة يوم 15 فيفري 2007)
اعتقال تونسي بعد ترحيله من الإمارات
مدرسو تونس يتهمون الحكومة بالسعي لخصخصة القطاع
فرنسا ترصد 23 مليون يورو لدعم قطاع النقل في تونس
تونس / 15 فبراير-شباط / يو بي أي: أعلن مسؤول فرنسي اليوم الخميس أن بلاده قرّرت رصد نحو 23 مليون يورو لمساعدة الجهود التي تبذلها تونس من أجل تطوير قطاع النقل الحديدي. وقال دومينيك باربان وزير النقل والتجهيز والسياحة والبحر الفرنسي خلال مؤتمر صحافي عقده مساء اليوم في أعقاب زيارة رسمية إلى تونس، إن هذا التمويل المالي سيمنح لشركة نقل تونس لمساعدتها على شراء عربات مترو جديدة. من جهة أخرى، أشار إلى أنه بحث مع المسؤوليين التونسيين آفاق تجديد الأسطول الجوي التونسي، وتطوير المطارات التونسية، إلى جانب تعزيز التعاون الصناعي بين مؤسسة “أيرباص” وتونس. وكان الوزير الفرنسي أجتمع قبل ذلك مع وزير النقل التونسي عبد الرحيم الزوارى، واستعرض معه المشاريع الكبرى في مجالات النقل البري والجوي والبحري والحديدي في تونس، إلى جانب بحث إمكانية توسيع الاتفاق الخاص بنقل البضائع الموقع بين البلدين عام 1983، ليشمل الأفراد. ويساوي اليورو 1.3 دولار أميركي.
تونس تحصل على منحة فرنسية بقيمة 23 مليون يورو
تونس (رويترز) – قالت وكالة أنباء تونس افريقيا للانباء يوم الخميس إن فرنسا وافقت على تقديم منحة بقيمة 23 مليون يورو الى تونس لتطوير قطاع النقل.
ونسبت الوكالة الى وزير النقل الفرنسي دومينيك بيربان قوله ان المنحة ستمول شراء عربات ترام في اطار برنامج لتعزيز قطاع النقل بالبلاد.
وأضاف بيربان أن فرنسا تجري مفاوضات مع ايطاليا وليبيا وتونس بشأن التعاون في مجال النقل البحري.
(المصدر: وكالة رويترز للأنباء بتاريخ 15 فيفري 2007)
مجلس المستشارين يندد بشدة بالاعتداء الصارخ على المقدسات الإسلامية بالقدس الشريف
باردو 15 فيفري 2007 (وات) اصدر مجلس المستشارين البيان التالي “ان مجلس المستشارين المجتمع في جلسة عامة يوم الخميس 15 فيفرى 2007 يعبر عن انشغاله البالغ لتواصل الانتهاكات الاسرائيلية بالاراضي الفلسطينية المحتلة والاصرار على تغيير ملامح المعالم الاسلامية المقدسة واستفراز شعور المسلمين قاطبة والتصعيد في حدة التوتر وعرقلة جهود السلام بمنطقة الشرق الاوسط من خلال القيام بحفريات وأعمال هدم بمحيط المسجد الاقصى الشريف على الرغم من النداءات المتواترة لايقاف هذه الاعمال المشينة.
ومجلس المستشارين اذ يندد بشدة بما قامت وتقوم به اسرائيل من حفريات واعتداء صارخ على المقدسات الاسلامية وخاصة بمدينة القدس الشريف فانه يعلن معارضته للاعمال التخريبية العدوانية الاسرائيلية حول المسجد الاقصى الشريف والمنافية للاعراف والمعاهدات والمواثيق الدولية التي تهم حماية التراث الانساني.
ويثمن مجلس المستشارين بالمناسبة المواقف الثابتة للرئيس زين العابدين بن علي تجاه القضية الفلسطينية التي يعتبرها قضيته الشخصية ويشيد بمساندة سيادته الدائمة للاشقاء الفلسطينيين والدعم المتواصل لحقوقهم المشروعة واحترام المقدسات والخصوصيات الدينية والثقافية للشعوب والحفاظ عليها وصيانتها من أى تشويه.
ويهيب مجلس المستشارين بكافة مجالس الشيوخ والموءسسات المماثلة في العالم للتحرك لوضع حد للاعتداءات الاسرائيلية المتكررة وايقاف عمليات الحفر في محيط الحرم الشريف وتوظيف الجهود لمعاضدة وانجاح عملية السلام وتسوية القضية الفلسطينية استنادا الى الشرعية والمواثيق الدولية.”
(المصدر: وكالة تونس إفريقيا للأنباء (وات – رسمية) بتاريخ 15 فيفري 2007)
تونس / 15 فبراير-شباط / يو بي أي: بحث وزير الدفاع التونسي كمال مرجان اليوم الخميس سبل تعزيز التعاون العسكري بين بلاده وتركيا مع الأميرال ينار كاراهان أوغلو قائد القوات البحرية التركية الموجود حاليا بتونس في زيارة رسمية. وقال مصدر رسمي اٍن المحادثات بين الجانبين التونسي والتركي تناولت”أوجه التعاون العسكري بين تونس و تركيا وخاصة بين البحريتين الوطنيتين التونسية والتركية في مجالي التكوين وتبادل الخبرات في التكنولوجيا المتقدمة وفي ميدان التاريخ العسكري”. وأضاف أن هذه المحادثات”أبرزت الرغبة المشتركة في الإرتقاء بهذا التعاون إلى مستوى العلاقات الثنائية العريقة والمتميزة بين البلدين”. وتأتي زيارة المسؤول العسكري التركي لتونس بعد أسبوعين من زيارة مماثلة قام بها الأميرال جامبولو دى باولا رئيس أركان الدفاع الإيطالي إلى البلاد. وقد اٍجتمع المسؤول العسكري الاٍيطالي آنذاك مع وزير الدفاع التونسي كمال مرجان،و بحث معه السبل الكفيلة بتعزيز التعاون بين القوات المسلّحة التونسية والإيطالية”لاسيما في مجالي التكوين وتبادل التجارب خاصة في ما يتصل بمراقبة الحدود الجوية والبحرية المشتركة”.
دعم مختلف أوجه التعاون العسكري بين تونس و تركيا
تونس 15 فيفري 2007 (وات) تم استعراض مختلف أوجه التعاون العسكرى بين تونس و تركيا وخاصة بين البحريتين الوطنيتين التونسية والتركية في مجالي التكوين وتبادل الخبرات في التكنولوجيا المتقدمة وفي ميدان التاريخ العسكرى.
كان ذلك خلال اللقاء الذي جمع السيد كمال مرجان وزير الدفاع الوطني يوم الخميس بمقر الوزارة بالاميرال ينار كاراهان أوغلو قائد القوات البحرية التركية الذى يودى حاليا زيارة رسمية لتونس. وجرت بحضور سفير تركيا بتونس.
كما أبرزت المحادثة الرغبة المشتركة في الارتقاء بهذا التعاون الى مستوى العلاقات الثنائية العريقة والمتميزة تجسيما للارادة السياسية التي تحدو كلا من الرئيس زين العابدين بن علي والرئيس احمد نجدت سيزار والرامية الى مزيد تعزيز روابط الصداقة المتينة بين تونس وتركيا.
(المصدر: وكالة تونس إفريقيا للأنباء (وات – رسمية) بتاريخ 15 فيفري 2007)
مؤشرات سياسية ايجابية .. لكن؟
محمد القوماني
وجهت الحكومة مطلع هذا الشهر دعوة رسمية للحزب الديمقراطي التقدمي وللتكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات للمشاركة في الاستشارة الوطنية حول التكوين المهني، التي افتتحها الوزير الأول يوم الثلاثاء 6 فيفري واختتمها وزير التربية والتكوين وحضرها وفدان عن الحزبين،الأمر الذي عدّه بعض المراقبين رسائل ايجابية متبادلة من الطرفين، باعتبار حالة القطيعة السائدة بين السلطة وهذين الحزبين القانونيين وخاصّة الديمقراطي التقدمي، نظرا لأسبقيته في التأسيس وعدم إشراكه في أيّة اجتماعات أو مناسبات وطنية منذ نحو ست سنوات.وكان رئيس الدولة قد استقبل تباعا خلال الأسابيع الأخيرة ثلاثة من الأمناء العامين لأحزاب المعارضة الموالية للحكم،أكّد جميعهم إثر تلك اللقاءات تمسك رئيس الدولة بخيار التعدّدية السياسية وحرصه على أن تكون للأحزاب آثارها الإيجابية في الواقع وأن تضطلع بدورها في تأطير الشباب. كما تمّ خلال المدة الأخيرة الإفراج عن مسرحية “خمسون”للفنانين فاضل الجعايبي وجليلة بكار وهو عمل إبداعي يدرك كل من شاهده درجة جرأته في تناول قضايا لا يخفى طابعها السياسي وصلتها بالواقع الراهن، من زوايا نظر تختلف عن تلك التي تعتمدها السلطةّّّ،بل إن المسرحية لا تخفي نقدها الصريح لمعالجة السلطة لتلك القضايا وفي مقدمتها موضوع الإسلام السياسي.هذا إضافة إلى تعيين السيد منصر الرويسي على رأس الهيئة العليا لحقوق الإنسان،وهو إجراء تتبين دلالته من الأدوار السابقة لهذه الشخصية في محطات وملفات سياسية بارزة.
هذه المؤشرات السياسية الإيجابية تبدو وثيقة الصلة بتداعيات المواجهات المسلحة التي شهدتها بلادنا مطلع هذا العام، لكن احسب أن تلك الأحداث جاءت لتعجّل بمثل هذه الخطوات وغيرها ممّا هو منتظر في سياق مسار انفراجي بات متأكدا، وأشّر عليه خطاب رئيس الدولة في الذكرى 19 لتغيير السابع من نوفمبر الذي ذكّر بمقاصد الميثاق الوطني في نهاية الثمانينات ودعا مختلف الأحزاب السياسية والحساسيات الفكرية ـ وهي صيغة لم تستعمل منذ سنوات طويلة في الخطاب الرسمي ـ إلى تقديم مقترحاتها لتطوير الحياة السياسية، الأمر الذي يستشف منه أن الملف السياسي مطروح برمّته للمعالجة على غرار ما حصل في فترة الميثاق الوطني، لكن بأسلوب مختلف بالطبع، باعتبار تغيّر الظروف وحصاد العشرين سنة الماضية.ولعل فتح الحوار في الملف السياسي هو ما أكده الوزير الأول في الندوة المشار إليها خلال تعقيبه غير المباشر على إشارة الأمينة العامة للحزب الديمقراطي التقدمي إلى عدم اقتصار الاستشارة ومشاركة الحزب على ملف التكوين المهني،بل أن يشمل ذلك مختلف الملفات بما فيها الملف السياسي. وقد يكون من المفيد في التفاعل مع هذه المؤشرات الايجابية وحتى يتأكد المسار الانفراجي التنبيه إلى ما يلي:
-أن المؤشرات الايجابية سالفة الذكر تبدو في تناقض مع مؤشرات أخرى سلبية متزامنة معها،لعل من بينها تعمد التغطية التلفزية حجب صور الأمناء العامين لأحزاب المعارضة في تغطية فعاليات الندوة الوطنية حول التكوين المهني الأخيرة،وختم الندوة ببرقية ولاء وتأييد ومناشدة خارجة عن سياق المناسبة وفي تعارض واضح مع الروح الايجابية التي سادت الندوة في جلستها الإفتتاحية وفي الورشات. هذا إضافة إلى استمرار التضييق على الأنشطة والقيادات السياسية المعارضة وانتهاك حقوق الإنسان وعدم التقيد بالقانون في حملات الاعتقال التي تشهدها البلاد في الأسابيع الأخيرة، بما لا يساعد على التفاؤل بمستقبل أفضل.
-أنّ أيّ انفتاح للسلطة على المعارضة لايجب أن يستهدف إلغاء الوظائف الأصلية للمعارضة،وأن يقطع مع أساليب الاستتباع والموالاة والمشاركة الديكورية وأن يستفيد من تجربة الماضي بما يصححها ولا يكرّسها.
-أنّ الصعوبات والتعقيدات على طريق الانتقال الديمقراطي والتدرج المفروض على هذا الصعيد،معطيات تستوجب التفهم والروح الايجابية من السلطة والمعارضة في آن. فلا تتخذ السلطة تلك المعطيات ذريعة لتأجيل الاستحقاقات المستوجبة على طريق الإصلاح السياسي ولا تتغافل المعارضة عن تلك المعطيات في تقدير ما تقوم به السلطة.ولعل مما قد يدفع بالتقدم الفعلي على هذا الصعيد المبادرة بتقديم مقترحات عملية مُجدولة في المضمون والزمن تعطي الإصلاح السياسي محتوى يمكن التحاور حوله والتوافق عليه بين جميع الفاعلين السياسيين دون إقصاء أو تهميش، وبما يفضي حتما إلى مشاركة سياسية حرة وإلى تداول على السلطة عبر انتخابات نزيهة وشفافة.
-أنّ دعم الثقة بين السلطة والمعارضة، وبين الدولة والمجتمع، بحاجة إلى اجراءات عاجلة وجريئة كإطلاق سراح الاستاذ محمد عبو والمتبقين من سجناء حركة النهضة وحل مشكلة الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان والسماح بعقد مؤتمرها الوطني السادس ورفع المضايقات عن النشطاء السياسيين والحقوقيين والمساجين السياسيين المسرحين واحترام القانون وحقوق الإنسان في تتبع المتهمين في القضايا الموصوفة بالإرهابية…فمثل هذه الخطوات وحدها الكفيلة بخلق أجواء من التفاؤل بمرحلة جديدة.
– أنّ علاقة حوار بين السلطة والمعارضة بكل أطيافها، بعيدا عن خطاب التشنج ومنطق التنافي، مكسب حيوي للبلاد في هذه المرحلة وكسب ثمين لمختلف الفاعلين السياسيين. وأن ما يبذله أيّ طرف في هذا الإتجاه بدافع المصلحة الوطنية،لا بدافع مغانم شخصية أو حزبية أو غيرها،هو عمل مسؤول ووطني يتطلب إصرارا ومثابرة واستبعادا لليأس، لأنه يقربنا من اهدافنا في الديمقراطية والعدالة والتنمية، بالتعويل على تفعيل العوامل الداخلية دون غيرها ودون تكلفة باهظة.
أخذ الحق باليد.. ثمّ.. المحاكمة الباطلة
بقلم الأستاذ عبد الرؤوف العيادي لم يشذّ سيناريو قمع خصوم السلطة في بلادنا منذ خمسين سنة عن هذا الوصف: أخذ الحق بالقوة باليد.. ثمّ.. المحاكمة الباطلة. بداية لا بدّ من الإشارة إلى أنّ بنية السلطة بتونس كانت وما زالت تعتمد الثنائية أو الازدواجية القائمة على الرئيس الذي يستند إلى جهاز البوليس السياسي من جهة والذي يشكّل الأداة والنواة والمركز لسلطته والذي يجد له امتدادات داخل بقية أجهزة الكيان السلطوي الذي يسمّى تجاوزا “الدولة” يحلّى ذلك الجهاز بديكور مؤسساتي من مثل القضاء و”البرلمان” وغيرهما من جهة أخرى وذلك قصد تسويق صورة النظام “الحداثي” إلى الخارج بالأساس.
كذلك لابدّ من التذكير بأنّ هذه الازدواجية أو ثنائية “الهيكلة” إنّما تستند إلى رؤى ومفاهيم وآليات مختلفة بل ومتناقضة. فعمل الأجهزة يتمّ بواسطة التعليمات الصادرة عن الرئيس في حين أنّ المؤسسات تقتضي خضوع العاملين بها إلى منظومة القوانين والقواعد التي تتداخل عدة أطراف في تشغيلها.
وفي ظل هذه الثنائية تصبح وظيفة القضاء بعد أن فقد وصفه كمؤسسة، جهازا ملحقا بالسلطة التنفيذية يخضع لتعليماتها في إصدار أحكام الإدانة التي تتسم بالشدة والقساوة بما يحقق تشفّي صاحب السلطة في خصومه كما تقوم بدورها في خرق حقوق “المتهم” والعمل على جعل ممارسات التعذيب المادي والمعنوي وانتهاك الحرمة الجسدية من طرف أعوان صاحب السلطة من البوليس السياسي فوق كل تتبع أو محاسبة قضائية. والنتيجة الحاصلة من تشغيل ثنائية الأجهزة والديكور المؤسساتي هو أنّ خصم صاحب السلطة يعاقب مرتين اثنتين:
– مرّة أولى عبر سومه ألوان العذاب تحقيقا لرغبة السلطان في التشفي والتنكيل. – ثمّ مرة ثانية بتشغيل جهاز ليس له من وظيفة القضاء إلاّ ما دوّن بالمجلات، وإنّما هو أداة لإنزال عقاب جديد “باسم الشعب” طبق الصيغة المضمّنة بنسخ الأحكام. ما جرى وما يجري هذه الأيّام في حق المئات من الشباب ممّن ينسبون إلى التيار السلفي من ألوان التنكيل والتعذيب على أيدي البوليس السياسي عاينتُ آثاره لدى العديد من المنوّبين، إنّما هو من قبيل أخذ الحق باليد ولا علاقة له لا بالقانون ولا بالمؤسسات وإنّما هو العمل بقانون الغاب الذي لا يمكن أن تبنى عليه شرعية لأيّ محاكمة لاحقة ولا أن يقوم عليه عدل ولا قضاء وفق المفهوم الاصطلاحي الذي يقتضي الحياد والاستقلال والاختصاص.
وبعد ما حصل من استبعاد للمحامين عند استنطاق منوّبيهم لدى قاضي التحقيق ورفض تضمين شكاويهم في التعذيب الذي سلط على منوّبيهم، سيحضرون بالجلسة لدى الدائرة الجنائية للترافع وستسعى المحكمة كالعادة لتوجيه دور الدفاع بما يتناسب مع طبيعة المحاكمة الشكلية ثم تصدر أحكامها بالإدانة والسجن والمراقبة الإدارية.
بقي أن نشير إلى أنّ سبق ممارسة أخذ الحق باليد (la justice privée) يترتّب عليه بطلان المحاكمة إذ لا يسوّغ عقاب المرء مرتين من أجل ذات الوقائع بأسلوب أخذ الحق باليد في طور أوّل ثم بإجراء المحاكمة في طور ثان. ومتى اختارت السلطة البوليسية فوضى أخذ الحق باليد فلن يجديها نفعا تشغيل النظام القضائي الذي له أصوله ومقتضياته- وإن استجاب لإرادتها وتعليماتها خوفا وطمعا- فما بني على باطل يبقى باطلا.
المصدر: مجلة “كلمة” (اليكترونية مستقلة – تونس)، العدد 50 لشهر فيفري 2007)
ردّا على مخلص التونسي
علي البعزاوي
أوردت مجلّة كلمة في عددها 48 لشهر ديسمبر 2006 ملفّا تقييميا حول مؤتمر الاتحاد العام التونسي للشغل المنعقد أخيرا بمدينة المنستير. والملف هو عبارة عن جملة من الانطباعات والخواطر التي تتّسم بالسطحية وانعدام الدقة إضافة إلى التجنّي على بعض الرموز النقابية والرفع من شأن البعض الآخر دون موجب منطقي إلاّ إذا كان المنطق هو شعار “من ليس معي فهو ضدّي” أو بصورة أدق “من ليس مع السيد علي رمضان فهو موال للسلطة” وهذه الجملة هي التي تختزل في الحقيقة جوهر هذا الملفّ إن صحّت تسميته هكذا.
لقد أطنبت المجلة في الإثناء على السيد علي رمضان ورسمت له صورة البطل النقابي المتميّز، فهو وراء الأرضية النقابية التي تدعو إلى الاستقلالية والنضالية والانتصار لقضايا العمّال… والتي صدرت في الحقيقة عن السادة حسين العبّاسي والمولدي الجندوبي وعبد الستار منصور دون سواهم. وقد أبرزت أيضا علي رمضان كمنافس ومناهض للأمين العام “الموالي للسلطة” والحال أنّ الرجلين ينتميان إلى قائمة واحدة لكنّهما اختلفا حول بعض الأسماء ليس من منطلق مبدئيّ يتعلّق بمصلحة الاتحاد في هذه المرحلة لكن لاعتبارات تتعلق أساسا بالخلافة وإرادة السيد علي رمضان الهيمنة على المنظمة بعد رحيل الأمين العام المتوقع قريبا. وللتذكير فإنّ السيد علي رمضان لم يعارض تزكية الاتحاد من خلال هيئته الإدارية الوطنية لترشح رئيس الدولة خلال الانتخابات الرئاسية الفارطة ولم يعارض تقديم موعد المؤتمر 21 رغم ما سبّبه من شلّ للنضالات العمالية وإجهاض لبعض المكاسب التي كان بالإمكان تحقيقها في بعض القطاعات (الأساسي، الثانوي، الصحة…) والتي من شأنها أن تعطي في صورة تحقيقها دفعا قويّا للنضال النقابي.
إنّ ما يجمع السيد علي رمضان والأمين العام إضافة إلى الانتماء الجهوي والانحدار من نفس المدرسة النقابية (المدرسة العاشورية) هو معاداة الرجلين لليسار النقابي الرافض لانخراط الاتحاد في مشاريع السلطة باعتبار هذا الانخراط يتعارض جوهريا مع مصالح الأجراء. لهذا عملا جاهدين على التصدّي لأيّ محاولة اختراق من طرف هذا الأخير (أي اليسار النقابي) بل تجاوزا ذلك إلى محاولة إسقاط أصدقائهم في المكتب التنفيذي الذين كانوا منفتحين على اليسار ولم يرفضوا التعامل معه.
أمّا سلوك اليسار النقابي فقد اتسم بالواقعية بحيث كان الاتجاه نحو تشكيل قائمة واسعة تضمّ أفضل العناصر من بين المترشحين والتي بإمكانها إعطاء دفع للعمل النقابي في مرحلة تتميّز بالهجوم على قوت الشغالين وتسريح العمّال والتراجع في المكاسب وخنق الحريات النقابية والسياسية… وكانت معارضة علي رمضان رفضا لخيار نقابي مهادن لا يفيد الاتحاد في هذه المرحلة وردّ فعل على عدائه المزمن لكلّ ماهو تقدمي ونيّر. أمّا الالتقاء مع بعض رموز المكتب التنفيذي السابق مثل اليعقوبي وبوزريبة وغيرهما فالغاية منه فرض تنوّع داخل المكتب التنفيذي وإضعاف التحالف رمضان/ جراد حتى لا ينفردا بالساحة النقابية.
وحول نعت هذه المجموعة بالموالية للسلطة ففيه نظرة ضيّقة وأحادية. فالارستقراطية العمّالية (أو ما يصطلح عليه بالبيروقراطية النقابية) هي فئة تتخذ موقعا وسطا بين رأس المال والعمل فتتبنى مطالب العمال وتعمل على تحقيق ما يمكن تحقيقه من جهة وتحمي النظام الرأسمالي وتحافظ عليه من جهة أخرى. وهذا ينطبق على كل المجموعات التي شكلت المكتب التنفيذي السابق مع التفاوت من شخص إلى آخر في درجة الولاء والاستقلالية. إنّ هذه المجموعات ليست في قطيعة مع السلطة ولا هي معادية لها لكنّ ميزة المجموعة التي نعتتها “كلمة” بالموالية (وكأنّ الباقين مستقلون تماما عن السلطة) والتي تحالف معها مناضلو الحزب الديمقراطي التقدمي وحزب العمال الشيوعي والقوميون هي انفتاحها على اليسار وسائر النقابيين الديمقراطيين واستعدادها للتعامل معهم. وتاريخ الجبهات النقابية لا ينفي في الحقيقة التحالف مع الارستقراطية العمالية إذا كان هذا التحالف يخدم في مرحلة معينة وفي ظل ميزان قوى معيّن مصالح العمال المادية والمعنوية ويعطي دفعا ما لاستقلالية المنظمة ويفتح آفاقا للنضال الاجتماعي.
أمّا في ما يتعلق بالموقف من 18 أكتوبر والتي اعتمدت من خلال هذا الملف كمرجعية وجب احترامها فهو موقف يستدعي النقاش والجدل ذلك أنّ 18 أكتوبر ليست في تقديري جبهة سياسية. فالنضال المشترك من أجل إطلاق سراح المساجين السياسيين وسن قانون العفو التشريعي العام والمطالبة بحرية الإعلام والصحافة وحق التنظم الحزبي والجمعياتي ليست برنامجا سياسيا متكاملا، والتوافق حول هذه المطالب لا ينفي الاختلاف حول قضايا أخرى نقابية وسياسية وحقوقية… ولا يفترض بصورة آلية تزكية كل مرشح ينتمي لـ18 أكتوبر مهما كان برنامجه النقابي.
إنّ اعتماد 18 أكتوبر كأرضية ومرجعية للتحالف النقابي والسياسي رهين الاتفاق حول القضايا الخلافية والانتقال من المستوى الحالي المتسم بتقاطع المصالح إلى مستوى أرقى ونعني الجبهة السياسية ذات البرنامج الموحد والقيادة الموحدة وهذا ما زال في تقديري بعيد المنال وغير مؤكد. علي البعزاوي نقابي سابق من قطاع التربية البدنية
(المصدر: مجلة “كلمة” (اليكترونية مستقلة – تونس)، العدد 50 لشهر فيفري 2007)
تعقيبا على مقال السيّد علي البعزاوي
المحرر بداية نشكر السيّد علي البعزاوي على تنبيهنا إلى أنّ الأرضية النقابية التي قدمناها في العدد 48 من “كلمة” لم تكن فعلا صادرة عن السيد علي بن رمضان بل اشترك في صياغتها مجموعة من أعضاء الهيئة الإدارية الوطنية من ضمنهم السيد بن رمضان. لذا وجب الاعتذار لدى كلّ قرّاء “كلمة” وخاصّة لدى أصحاب المشروع الذين نود أن نؤكد لهم بأنّنا لم ننسب الأرضية لعلي بن رمضان رغبة في “تضخيم حجمه وتقديمه في صورة البطل النقابي المتميّز” مثلما بدا لصديقنا البعزاوي ولا سعيا لتقزيم دور النقابيين الآخرين، إنّما تبقى المسألة مجرد خطا نأسف لحصوله.
أمّا بخصوص “تجنينا على بعض الرموز النقابية من موقع من ليس معي أو مع بن رمضان فهو ضدّي” فكم كنّا نتمنى لو توسع صاحب المقال حول هذه الفكرة وقدم لنا شواهد على هذا “التجنّي”. فإذا كان يقصد بذلك وصفنا لبعض أعضاء المركزية بأنّهم موالون للسلطة، فإنّنا لم نورد إلاّ ما كان يتردد داخل الأوساط النقابية بخصوص هؤلاء، بل نأينا بأنفسنا عن ذكر ما قيل- حتّى داخل قاعة المؤتمر- حول الأموال المسروقة من نزل أميلكار ولم نتعرض للتدليس وللتزييف الذي مارسه المسؤول السابق عن قسم النظام الداخلي وعرضت نماذج منه على المؤتمرين. ولم نذكر أيضا ما قيل حول الدوافع التي أدت إلى تغيير المسؤول عن قسم الإدارة والمالية ثمانية أشهر فقط بعد توليه إدارة هذا القسم. فعن أيّ تجن تتحدث يا صديقي؟
أمّا في ما يتعلق بموقفك من علي بن رمضان “الذي ينحدر مع جراد من نفس المدرسة العاشورية” والذي يشترك معه في معاداة اليسار النقابي” و”الذي حاول أن يسقط أصدقائه المنفتحين عن اليسار” والذي “لم يعارض تزكية ترشح رئيس الدولة ولم يعارض تقديم موعد المؤتمر 21″ !!! فهو نفس الموقف الذي دفع “اليسار الواقعي لرفض علي بن رمضان تجسيما لرفض الخيار المهادن وعقابا له على عدائه لكلّ ما هو تقدمي ونيّر”. إنّنا نحترم رأيك ونعتبر أنفسنا غير معنيين بالرد عن رؤيتك وتقييمك هذا، لكنّنا نعتب عليك ونلومك على إنكار حقنا (الذي استبحته لنفسك) في الانحياز “للعناصر الأفضل من ضمن المترشحين”.إنّنا لا نعتبر بن رمضان “بطلا نقابيا متميزا” ولا نعتقد أنّه لم يخطئ في بعض المواقف لكنّنا نصنّفه “الأفضل” من حيث التزامه بقضايا الشغالين في مقابل منطق السمسرة الذي تمارسه بعض الأطراف الأخرى ونعتبره الأكثر التزاما بقوانين المنظمة وباحترام إرادة قواعدها في مقابل جهات أخرى برعت في ممارسة التزييف والانقلابية، ونعتقد أنّه من أكثر الهياكل حرصا على أموال الاتحاد فلا يبذرها كغيره ولا يستغلها لشراء ذمم بعض النفوس الضعيفة ولا ينفقها في “اللقاءات الترفيهية”. إنّنا نفرق بين النقابين على هذا الأساس ولا نصنفهم على أساس سياسي أو إديولوجي من قبيل “يسار ويمين أو منفتح على اليسار ومعاد لما هو نيّر”. وثق يا صديقي بأنّنا لا نعادي “اليسار” (ونحن جزء منه) لكننا لم نعد نثق كثير في هذه التحديدات الفضفاضة لأنّنا خدعنا أكثر من مرّة ولم يبق لدينا استعداد لنكرر نفس التجربة. ألم يكن المسئول السابق عن قسم النظام الداخلي “يساريا” واشترك مع من “بادروا” بعد أزمة 78 في تنشيط الهياكل الشرعية وأشرف على إصدار جريدة الشعب السريّة وسجن وأوقف عن العمل ثمّ تنكر لكامل هذا المسار بمجرد صعوده للمكتب التنفيذي وتحول لمجرد جندي مطيع في كتيبة إسماعيل السحباني لا هم له سوى حصاد المنافع الخاصّة والتنكيل بكلّ من يعارض تمرير خيارات السلطة؟ ثم ألم يكن المسؤول السابق والحالي عن قسم المرأة والشباب العامل “نقابيا ثوريا” في بداية التسعينات أبهر الجميع بنضاليته في قطاع البريد ثم التحق -بشهادتك بصفوف البيروقراطية النقابية؟ وأخيرا وليس آخرا ألا ينحدر المسؤول عن قسم التكوين والدراسات من أوساط “اليسار” والتحق هو الآخر بصفوف المدافعين عن مشاريع السلطة فمرر الفصل 6-4 وخطط مع السحباني لإقصاء “ممثلي التيار الديني”…؟ فهل بقي بعد هذه التجارب مجال للحديث عن” اليسارالنقابي” وعن مدى قدرته على تأمين الدفاع عن مصالح الشغالين؟
لقد عرّف السيّد البعزاوي “الأرستقراطية النقابية” أو “البيروقراطية النقابية” بأنّها “فئة تتخذ موقعا وسطيا بين رأس المال والعمل فتتبنى مطالب رأس المال وتعمل على تحقيق ما يمكن تحقيقه من جهة وتحمي النظام الرأسمالي من جهة أخر، ثمّ فسّر أو برّر “التقاء اليسار مع بعض رموز المكتب التنفيذي السابق مثل اليعقوبي وبوزريبة وغيرهما”بأنّه يهدف لإضعاف رمضان / جراد ليمنعهما من الانفراد بالساحة النقابية“!!
إنّ “الأرستقراطية العمالية” أو “البيرقراطية النقابية” تعتبر من وجهة نظرنا فئة اجتماعية متجانسة ترتبط مصالحها بالأساس بمصلحة رأس المال و لا يمكنها تبعا لذلك أن تنحاز لمصالح العمّال و”تنفتح” على قياداتهم إلاّ في واقع المد النضالي. ولا نظن أنّ السيد البعزاوي يريد أن يقنعنا بأنّ المنظمة النقابية تمر بحالة مد فجّرت الخلافات بين عناصر القيادة السابقة فأفرزت اليعقوبي وبوزريبة وغيرهما من الرموز التي اصطفت مع العمّال وطلائعهم “اليسارية” من جهة وبن رمضان وجراد وربما آخرين ممّن انحازوا لرأس المال وناصبوا العداء «لليسار”. وعلى هذا الأساس تصبح مبررة تحالفات اليسار في مؤتمر المنستير ويستقيم “منطق” التحامل على بن رمضان ومحاولة إضعافه. إنّ ما نسيه السيد البعزاوي هو أنّ حلف بن رمضان/ جراد هو الطرف الأكثر تمثيلية على مستوى قيادة الاتحاد وأنّ “إضعافه” يعني إضعاف الاتحاد وتسهيل مهمّة السلطة السياسية وسلطة رأس المال في تمرير مخططاتهما. فإذا كان هذا “التكتيك” وهذه التوجهات من وضع القوى النقابية اليسارية فهل لا تؤشر على عدم نضج لدى هذه القوى؟ وإذا كانت من وحي “الرموز النقابية” المنفتحة علي “اليسار” ألا يدل ذلك على أنّ قوى اليسار لم تمثل أكثر من ضحية لمناورة تلك الرموز التي وظفت هؤلاء النقابيين لتجسيم إرادة السلطة في إضعاف منظمتهم؟ ألا يعني إضعاف قيادة الاتحاد إضعافا لكامل المنظمة ؟ ألا يقتضي الحرص على تحقيق مطالب الشغالين توحيد الممارسة مع القيادة وتقوية موقفها تجاه السلطة وتجاه الأعراف؟ ألم تكن أفضل محطات المد النضالي النقابي هي تلك الفترات التي التفت فيها القواعد النقابية حول القيادة ودعمتها ودفعتها لتحقيق أهدافها وتجسيم تطلعاتها(أثناء أزمة 78 و أزمة 85 ) أم ترى هل توفرت تلك الظروف من خلال الشعارات الغوغائية التي رفعها البعض من قبيل”يا عاشور يا دجال يا خائن العمّال”؟
أمّا بخصوص ما حدث في المؤتمر و هيئة 18 أكتوبر فإنّ كلمة لم تطلب من كلّ المساهمين في 18 أكتوبر أن يكونوا جبهة واحدة على المستوى النقابي بل ندرك يقينيا بأنّ ذلك من المستحيلات (لأننا نعلم الدوافع المختلفة لسائر مكونات حركة 18 أكتوبر ونعلم أيضا مدى الالتزام بها على مستوى كلّ طرف) إنّما عبرنا عن استيائنا من ازدواجية المواقف التي جسمتها بعض التصرفات وحاولنا أن ننبه لمنطق المزايدة الذي اعتمدته بعض الجهات واستغربنا مثلا من تعمد البعض رفع شعار “حركتنا مستمرة والسيستاني على برّة” بما يوحي بأنّه يرفض من حيث المبدأ الالتقاء -ولو على مهمة- مع ممثلي التيارات الدينية في ذات الوقت الذي نجد فيه نفس هذه الأطراف تتعامل و تلتقي و تتقاطع مع الإسلاميين. إنّنا لا نعترض على مبدأ التقاء “اليسار” مع التيارات الدينية ولا نناقش حول حجم مساحة التقاطع بينهما، إنّما نستنكر الممارسة المشتركة معهم (إضراب الجوع) و التمسك بحضورهم في الجلسة التقويمية التي احتضنها مقر التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات بعد الانتخابات البلدية، ثمّ التبرؤ منهم والتظاهر بالرفض المبدئي للتعامل معهم على مستوى اتحاد الشغل (بقطع النظر عمّا إذا كان من ادعوا أنّه إسلامي هو فعلا كذلك أم لا). هذه بعض الملاحظات على رد الصديق علي البعزاوي الذي نرجو أن يتسع لها صدره وتشجعه على أن يواصل التفاعل مع كلمة ويشاركنا تطويرها نقدا وإثراء بأسلوبه اللائق وطريقة نقده الهادئة.
(المصدر: مجلة “كلمة” (اليكترونية مستقلة – تونس)، العدد 50 لشهر فيفري 2007)
المحامون يريدون ان يكون العميد الجديد مســتقلا مناضــلا ومهـــنيا
ازمة النقل تعطل المصالح وتعكر مزاج التونسي
نهج مارسيليا …أم درب السكاكين
رياض الأطفال في تونس: مازالت المعاناة قائمة
تفاعلات الحوار مع عمر المستيري على المنتدى الكتابي للحوار نت (1)
بين ثقافة السلطة وسلطة الثقافة
عامر عياد
اذا كانت العلاقة بين الثقافة و السياسةغير واضحة المعالم في أذهان رواد ومفكري ما سمي بعصر النهضة نظرا لانصرافهم للفعل الثقافي ،فان هذه العلاقة قد توضحت و تحددت معالمها في الوقت الراهن لدى المثقف العربي -لو سلمنا بوجود مفهوم موحد للمثقف بعيدا عن التصنيفات الطبقية والفكرية – حيث حصل اندماج يكاد يكون كليا بين الهم الثقافى والسياسي لدى هؤلاء المبدعين أدى الى تلازم بين وعيهم الثقافي و السياسي.
واذا كان الهم الاول للمفكرين العرب في أواخر القرن التاسع عشر قد تمحور حول نقطة مركزية هي البحث في سبيل تحقيق النهضة الفكرية والسياسية والحضارية للوطن العربي بعد سبات طويل في ظل الحكم العثماني ،فان الهم الاول للمفكرين العرب بعد الحرب العالمية الثانية قد تركز على ضرورة دفع حركة التحرر الوطني في اتجاهها الصحيح من أجل استكمال شروط الاستقلال السياسي وعلى وجوب احداث تغييرات جذرية على بنية المجتمع على أساس ان ياخذ الفكر العربي دوره الفاعل في الحياة العامة.
“فالمثقف العربي او المسلم ملزم بالتواجد الكامل في القطاعات الساخنة التى يحسم فيها المصير التاريخي للمجتمع الذي ولد فيه ولا يمكنه أن يهرب من المسؤولية أو يدير ظهره لما جرى ويجري“(محمد اركون من مداخلة القاها بجامعة نيس 22-03-86)
تلك كانت الطموحات و الاحلام التي راودت أذهان المثقفين العرب في تلك المرحلة و كانت الدافع لان يلعب المثقف دورا هاما في صياغة و بلورة شعارات و اهداف حركة التحرر العربية. فأين هو دور المثقف العربي اليوم؟
ان الانظمة العربية التي اعتمدت على عمل المثقف قبل استلامها السلطة في صياغة برامجها و توجهاتها و ايديولوجياتها قد تخلت عن دوره بعد وصولها للسلطة و أصبحت تعتمد فقط على المثقف الاداري والفني والتقني و ليس على المثقف المفكر ،لان ما تحتاجه هو الخبرة العلمية وليس الفكر والموقف لانها في مجال الايديولوجيا قد حولت الفكر الى نشاط دعائي واعلامي ،فاعتمدت على عدد من المثقفين التقنيين الذين لا يطلب منهم سوى تنفيذ أوامرها في مجال الايديولوجيا الاعلامية وبذلك تمكنت السلطة من اختراق ثقافة المثقف الذي خضع لها.فأصبح شلل فعاليته ناتجا عن وظيفته في السلطة ولا نعني بالوظيفةهنا معناها الحرفي كعمل معين بقدر ما نعني به دور هذه الوظيفة التي قبل بها المثقف فقضت على فعالية انتاجه الفكري و المعرفي والنقدي.
فما يميز المثقف الذي ينتج في مجال الفن والفكر المبدع عن غيره من المتخصصين في مجالات العلوم المختلفة هو موقفه من قضايا مجتمعه المصيرية-الاختيارات الكبرى-الحريات-الاستقلالية-البناء المجتمعي…-لان المتخصص المهني يبقى مرتبطا باختصاصه الجزئي دون أن يهتم بمن يخدم و لا كيف يوظف خبرته وعلومه كالعالم والطبيب أو المهندس الذين ينظرون الى اختصاصاتهم و يتعاملون معها كأجزاء منفصلة عن وظيفتها الاجتماعية.
في حين أن المثقف يتميز اضافة الى شمولية رؤيته بالموقف الايديولوجي و المعرفي المعين تجاه القضايا المصيرية العامة التي تهم المجتمع ككل.
ان ما تهدف اليه السلطة السياسية في حال عدم تمكنها من الهيمنة على المثقف هو فصل معرفته السياسية كي ينتج ثقافة مجردة،غير محددة بزمان او مكان معين ..ثقافة لا تتعامل مع الملموس أو البعد التاريخي بقدر ما تحلق في عالم الميتافيزيقيا أوتتأطر في قفص الرومانسية الذاتية وكأن ما يجري على أرض الواقع لا علاقة لها به.
كما تسعى السلطة الحاكمة الى خلق و تشجيع تقني المعرفة الذي لا يتعاطى السياسة أو الأفكار ذات الابعاد الاجتماعية بل يتعامل مع الواقع بطريقة براغماتية فيهمل الثقافة والسياسة حسب دوافعه العملية و مصالحه الخاصة التي تجد مكانها الطبيعي الى جانب السلطة وفي خدمتها.
“ان وظيفة الثقافة التقنية هي تأبيد تحالف المعرفة والسلطة من ناحية وتأبيد جهل وتظليل القوى الشعبية من ناحية أخرى”(فيصل الدراج-مجلة المستقبل العربي) لان الثقافة التقنية المفرغة من المضامين الايديولوجية والسياسية تمد السلطة بالوسائل الاجرائية من أجل استمرار هيمنتها على مقاليد السلطة و مكونات المجتمع ومنظماته ، وعندما تقوم السلطة بتهميش المثقف فانها تهمش المجتمع عن طريق سد وقطع تيار المعرفةالذي ينتجه المبدع ومنعها من الوصول الى هذا المجتمع الذى تعتبره حكرا لها.و بذلك تمنع سلطة المعرفة لتنشر معرفة السلطة التي تريدها في خدمة أهدافها و برامجها ولا تتعارض معها.
واذا ما رفض المثقف طريق التبعية للسلطة ،فانها تعتبره منافسا لها في اقتسام السيطرة على المجتمع فتلجأالى محاربته بشتى الوسائل قد تصل الى النفي و السجن والمصادرة والتجويع وفي بعض الأحيان الى التصفية الجسدية في الانظمة الكليانية و الشمولية.
ومما يلفت النظر انه في عصر طغيان وسائل الاعلام و انتشار وسائل الاتصال السريعة عبر العالم لجأت انظمة السلطة الى جر الثقافة الى حقل الاعلام عن طريق تبسيطها و ابتذالها و تحويلها الى احدى الوسائل المكرسة لخدمة الاعلام الرسمي.
ومن شأن هذه الطريقة ان تقضي على الثقافة كحامل لايديولوجيا المعارضة والجماهير،عن طريق تفكيك عناصرها وشرذمتها و توزيعها الاعلامي وبذات الوقت يجري سحبها كسلاح ايديولوجي ومعرفي من منتجها وتحويلها الى ثقافة استهلاكية هابطة تنحصر وظيفتها في الامتاع و التسلية و تسطيح وعي الراي العام وفي تسويغ تسلط الانظمة عن طريق ابتزاز الجماهير و تخويفها و تهميشها كتعميم المعايير السلطوية كقيم وحيدة في المجتمع وبذلك يقضي على الثقافة كنشاط ابداعي واع وهادف….
و كل حديث عن المثقف العربي او الثقافة العربية سيقود بالضرورة الى الحديث عن السلطة و بالتالي عن العلاقة بين الطرفين وعن وجود او انعدام المناخ الديمقراطي .
فمنذ القديم ارتبط وضع المثقف و موقعه بوضع السلطة و موقعها وكانت العلاقة بين هذين القطبين تحكمها اما حالة صراع او هدنة وذلك حسب الهوية الطبقية لكل من المثقف والسلطة السياسية،وقداعطانا التاريخ مجموعة من الحقائق و البديهيات عن الخط البيانى في صعوده و هبوطه.فالمثقف عموما لديه طموحات معينة نحو السلطة السياسية و الثقافية من اجل بلورة معرفته و ترجمتها على ارض الواقع و تحقيق غاياته الايديولوجية و العلمية التي تعكس توجهه المعرفي.
لكن طريقه لم تكن ممهدة في يوم من الايام الا فيما ندر ،فهو غالبا ما كان يصطدم برفض و عناد السلطة السياسية التي تتحكم بالمفاصل الأساسية للبناء الفوقي في المجتمع . فكانت ترى في المثقف منافسا لها على اقتسام السلطة سياسية كانت أو ثقافية ،فتلجأ الى وضع العراقيل في طريقه و تمنعه من الوصول الى اهدافه بوسائل لا تعدمها.
وعلى الرغم من حاجتها المادية اليه فلم تتعامل معه الا على أساس الاحتواء أو الالحاق ،فاذا لم تنجح هذه الطريقة فانها كانت تقصيه داخل او خارج الوطن بعيدا عن مجال الفعل الثقافي و تبحث عن بديل يحل محله وكانت تجد من يتعاون معها من اوساط “المثقفين ” انفسهم ويرضى ان يكون تابعا لها حينا ومنظرا لها حينا آخر، فهي تحتاج الى المثقف الذي يصوغ لها ايديولوجيتها الطبقية من أجل تغطية النظام الذي تقوده.
ويرجع خوف السلطة من المثقف الى ادراكها بان كل نتاج ابداعي في حقل الثقافة له بعد سياسي و ايديولوجي بالضرورة و هذا البعد الذي أعطى ابداع المثقف الذي يرفض الوصاية و التبعية و التدجين الاهمية الكبيرة والمكانة الرفيعة على عكس كل النتاج الثقافي الهش و المزيف لمثقفي السلطة .
لقد اصبح المثقف يعيش حالة غربة و استيلاب بسبب تعطيل فعاليته و تحجيم دوره في الحياة السياسية و ابعاده عن مراكز المسؤولية الثقافية و الفعل الثقافي الحر.
كما اصبح وضعه كوضع السجين الذي ليس امامه سوى مجال واسع من التأملات لانه لا يستطيع أن يتعامل مع الأشياء بملموسيتها ،فالمثقف يرى ويسمع وينفعل لكنه لا يستطيع ان يتعامل مع صور الأشياء و انعكاساتها ففي حالة الاستلاب لا يجري التعامل مع الملموس بل مع صورته الامر الذي يجعل التنظير و الذهنية هي من السمات المسيطرة على مواقفه تجاه ذاته وتجاه المجتمع الذي يعيش فيه.وغالبا ما تؤدي الذهنية المفرطة لدى المثقف الى الانكفاء على الذات و الابتعاد عن هموم الآخرين و الغرق في التأملات الميتافيزقية و الأوهام الرومانسية وفي غمرة صراعه بين المسموح و المحظور تبقى للمثقف خيارات ثلاث:
*التخلي عن موقعه الثقافي و الاندماج الى هذا الحد او ذاك بالتيار السائد .
*اتخاذ موقف الحياد مع ما يتضمنه من انتهازية نتيجة اضطراره للسكوت عن الأخطاء و الانحرافات التي تحصل في المجتمع أى أن يهمش نفسه والتهميش قد يكون موقفا في حد ذاته.
*الاستمرار في موقفه الرافض و المعارض على الرغم من تعرضه لمختلف انواع الضغط او النفي او السجن.
وهذا الخيار هو الخيار المفتوح أمام المثقف العربي ” الملتزم” الذي يعاني من اشكالية وضعه و الذي وضع ابدعه الفكري في خدمة المجتمع فواجه الاحباط نتيجة قيام السلطة المهيمنة بالفصل التعسقي ما بين خبرته التي تحتاجها وبين فكره الذي ترفضه لذلك توجب عليه اتخاذ الموقف النقدي و المبدئي المنسجم مع تطلعاته “:نتيجة لضعف الثقافة واضطهاد و تهميش المفكرين او استبعادهم من المشاركة في القرار السياسي. يتوجب على الفكر الوحدوي ان يتسلح بالنظرة النقدية ضد الحكام وأعداء الأمة “(كامل الزهري مجلة الوحدة عدد41)
ولقد أفرزت الظروف التي نمر بها نوعين من المثقفين:
1*المثقفين الديمقراطيين ،وموقعهم خارج السلطة فكريا وسياسيا .
2*مثقفي السلطة:وهؤلاء ينقسمون بدورهم الى فئتين:
1 فئة تعمل و تنتج للسلطة فتنظر لها فكريا وسياسيا وتضع نفسها حارسة و قيمة على ايديولوجيتها فتنشر ثقافة التجهيل ،وثقافة الاعلام و المنابر وبما انها تفتقر الى المفكر المبدع فهي تتخبط بتناقضاتها و ديماغوجيتها ،متحولة الى فئة محنطة ثقافيا وعدد هذه الفئة من المتكسبين ومن المتطفلين على موائد السلطة قليل نسبيا بالمقارنة مع الفئة التالية.
2 فئة تعمل وتنتج داخل السلطة دون أن تكون مرتبطة بالضرورة (او هكذا تتوهم)بايديولوجيا السلطة او بأهدافها السياسية و الثقافية لكن عملها داخل ماكينة الدولة يفرض عليها نوعا من الصمت الكلي او الجزئي لأنها عمليا مسلوبة القدرة في التعبير عن أراءها، ومحرومة من الوصول الى الجماهيرلأن المعبر الذي يوصلها بالجماهير هو معبر سلطوي و بالتالي فان انتاجها الفكري والثقافي خاضع للتكييف والانسجام مع هذا المعبر.
لكن هذه الفئة تلجأ أحيانا الى الاختباء خلف الرمز حتى تتمكن من تسريب البعض من أفكارها عبر القنوات الثقافية الرسمية . ويقتصر نشاط هذه الفئة على الأعمال الادارية او المعرفية ضمن المجال التقني الذي لا يمس ايديولوجيا السلطة او يشكل خطرا عليها.
لقد استطاعت السلطة ولو الى حين محاصرة الفكر الديمقراطي و تحجيمه و الضغط عليه في اتجاه خنقه لأن ما هو مرغوب لديها يتمثل في الفكر المستكين،و الخامل و السلبي و العاجز عن اتخاذ موقف.
فالأنظمة الغير ديمقراطية قد حرمت المثقفين والمبدعين في العالم العربي من الابداع الفني الاصيل ،ومن الاجتهاد الفكري الذي هو أحوج ما يكون الى المناخ الديمقراطي حيث ينشأ الفكر فيه وينمو، لأن المثقفين هم ضمير الأمة وأى تضييق عليهم هو خنق لهذا الضمير “ان تفريغ أمة من ثقافتها ، أي من ذاكرتها و أصالتها هو الحكم عليها بالموت”(ميشيل كندوار في حديث لصحيفة لومند 29-01-79).
لقد آن الأوان للتخلص من عملية الفصل بين واقع المثقف العربي و فعله ،بين انتمائه و بين خطابه الثقافي، فلكي يتحرر المثقف العربي من الحصار المفروض عليه عليه أن يتخلى عن طوباوية مشاريعه التي تعتمد على الخطاب الثقافي المجرد، و أن يوظف هذه المشاريع الثقافية في خدمة قضايا القطر والأمة،لأن مبرر وجود المثقف هو في اتجاه خطابه الثقافي وفعله الابداعي نحو كشف الزيف وتعريته، ورفض الثقافة السلطوية الهجينة، وفضح كل المثبطات التي تمنع الثقافة الأصيلة من شق طريقها وسط الظلام العربي المخيم علينا اليوم.
كما آن الأوان لانبثاق صحوة المثقف ووعيه بدوره كطرف أساسي في عملية الصراع المعرفي والايديولوجي داخل المجتمعات العربية.كذلك ينبغي أن ينتهي زمن المراوحة الثقافية من أجل الاعداد للانطلاق الخلاق لابداع الثقافة المقاومة التى تدخل المستقبل المنشود للجماهير في بؤرة رؤيتها وتطلعاتها.
لقد أصبحت المهمات المعاصرة للمثقف العربي مهمات نضالية تتعامل بروح نقدية مع الواقع ومع السلطة ومع التراث ومع المعاصرة.
لقد ولى زمن الثقافة الترفيهية و ثقافة الصالونات الأدبية و جاء الآن دور الثقافة الجادة ، المناضلة و المقاتلة من أجل نعيم الديمقراطية، وتخليص الانسان العربي من حالةالاستلاب، فالمثقف الذي يرفض واقع الاستبداد يؤسس في الوقت ذاته لواقع الديمقراطية. فالرفض هو فعل نقيض لما هو قائم.
الهاتف 98401065
في الدفاع عن العلمانية.
زهير الشرفي
سأبدأ في ردي على المقال الذي اختارته هيئة ” تونس نيوز” (10-2-2007) حول العلمانية ناسخة إياه من موقع الجزيرة نت- 8-فيفري- 2007 وهو للسيد عبد الوهاب المسيري، من حيث أعلن عداءه لها. فقد جاء في مقاله: ” وانطلاقا من هذا التصور الاختزالي تصبح مهمة من يود التصدي للعلمانية هي البحث عن هذه الأفكار العلمانية والممارسات العلمانية الواضحة، وعن القنوات التي يتم من خلالها نقلها. ومهمة من يبغى الإصلاح هي ببساطة استئصال شأفة هذه الأفكار والممارسات، عن طريق إصدار تشريعات سياسية معينة، وفرض رقابة صارمة على الصور والأفكار الواردة من الخارج. “
يبدو إذا أن الكاتب بصدد القيام بحرب ضد العلمانية. كما يدّعي أن الإصلاح يكون ب”استئصال شأفة هذه الأفكار والممارسات ” المنسوبة لها بواسطة “إصدار تشريعات سياسية معينة، وفرض رقابة صارمة على الصور والأفكار الواردة من الخارج.”
|
بعد إعلان حربه يمضي في عرض عدد من الممارسات أو الظواهر التي ينسبها إلى العلمانية فيقول: ” خذ علي سبيل المثال سلعة من أكثر السلع شيوعا وأبسطها، التِّيشيرت( )الذي يرتديه أي طفل أو رجل، وقد كتب عليه مثلاً “اشرب كوكا كولا”. إن الرداء الذي كان يُوظَّف في الماضي لستر عورة الإنسان ولوقايته من الحر والبرد، وربما للتعبير عن الهوية، قد وُظِّف في حالة التِّيشيرت بحيث أصبح الإنسان مساحة لا خصوصية لها غير متجاوزة لعالم الحواس والطبيعة المادة… وما قولكم في هذه النجمة السينمائية المغمورة (أو الساطعة) التي تحدثنا عن ذكريات طفولتها وفلسفتها في الحياة وعدد المرات التي تزوجت فيها وخبراتها المتنوعة مع أزواجها، ثم تتناقل الصحف هذه الأخبار وكأنها الحكمة كل الحكمة! وقد تحدثت إحداهن مؤخرا عما سمته “الإغراء الراقي” مما يدل على عمقها الفكري الذي لا يمكن أن تسبر أغواره. أليس هذا أيضاً علمنة للوجدان والأحلام إذ تحوَّلت النجمة إلى مصدر للقيمة وأصبح أسلوب حياتها هو القدوة التي تُحتذى، وأصبحت أقوالها المرجعية النهائية؟… فالعلمانية ثمرة عمليات كثيرة متداخلة بعضها ظاهر واضح والآخر بنيوي كامن، وتشمل كل جوانب الحياة العامة والخاصة، الظاهرة والباطنة، وقد تتم هذه العمليات من خلال الدولة المركزية، بمؤسساتها الرسمية، أو من خلال قطاع اللذة من خلال مؤسساته الخاصة، أو من خلال عشرات المؤسسات الأخرى (ومنها المؤسسات الدينية) أو من خلال أهم المنتجات الحضارية أو أتفهها.”
لست أرى كيف تتسرب العلمانية “من خلال قطاع اللذة ” خاصة عندما نتأكد من أن ” قطاع اللذة ” في تراثنا الفقهي الإسلامي، الذي يحوي الحديث في طرق نتف شعرات الفرج وطرق العزل وأساليب الطواف بالجواري إلخ… وأسواق العبيد حيث تعرض الجواري مفاتنهن وأجسادهن للبيع لا للإيجار فقط، لم تحمل إلينا شيئا من العلمانية.
يبدو أن الكاتب لم يكن مقتنعا بنجاعة كل ما قدمه من حجج لمنع “غول” العلمانية ومقاومته فاضطر في آخر مقاله إلى العودة إلى “حجة” كل الأصوليين: إما الإسلام أو العلمانية! الإسلام والعلمانية نقيضان لا يلتقيان! هذا ما يبدو بوضوح من قوله:
” إذ إن أولئك الذين يرتدون التِّيشيرت، ويشاهدون الأفلام الأميركية (إباحية كانت أم غير إباحية) ويسمعون أخبار وفضائح النجوم ويتلقفونها، ويشاهدون كماً هائلاً من الإعلانات التي تغويهم بمزيد من الاستهلاك، ويهرعون بسياراتهم من عملهم إلى محلات الطعام الجاهز، وأماكن الشراء الشاسعة يجدون أنفسهم يسلكون سلوكاً ذا توجُّه علماني شامل… وربما كان بعضهم لا يزال يقيم الصلاة في مواقيتها ويؤدي الزكاة. ونظراً لعدم إدراك البعض لأشكال العلمنة البنيوية الكامنة هذه، فإنه لا يرصدها.”
لست أدري إن كانت هذه الأساليب لتشويه العلمانية والتي يراد بها مواجهة طموحنا من أجل تعقل تراثنا واختيار قناعاتنا وكسب حرياتنا الفكرية والسياسية وحماية مجتمعنا من السقوط في الطائفية وحروب الكراهيات الدينية المتبادلة، لست أدري إن كانت هذه الأساليب التي يقدمها أصحابها على أنها من الإسلام أومن أجله، لست أدري إن هي ستحمل الاحترام له أم أنها ستنفر منه وتزيد في صعوبة عمليات الإصلاح لفقهه.
حين تمتنع الدولة ويمتنع الجميع عن توظيف الإسلام حين تضمن الدولة وجود المواطن الحر المعتمد على ذاته في اختيار قناعاته وأشكال تقواه والقادر على فهم تراثه واختيار مصيره، في هذا الإطار وحده يتحقق احترام الإسلام وخلاص المسلمين وكل شعوبنا. أما حين يقع “ استئصال شأفة هذه الأفكار والممارسات ( العلمانية)، عن طريق إصدار تشريعات سياسية معينة، وفرض رقابة صارمة على الصور والأفكار الواردة من الخارج.”، فإنه لن يحصل جديد سوى عودة ولادة نفس أوضاعنا التي لا نحسد عليها كنتيجة لإعادة سلوك نفس تلك الأساليب والمناهج في القمع والمنع.
لم يسيطر رجال الدين على الدولة في كامل تاريخنا فحسب بل سيطرت الدولة من جهتها أيضا على الدين. فلا ينبغي أن ننسى النكسات الثلاث في الفكر الإسلامي التي أحدثتها الدولة بقراراتها الواضحة والصارمة، والتي أرجعت الفكر الإسلامي إلى اللفظية والأصولية كلما نهض نحو العقلانية والحكمة.
كانت النكسة الأولى حين تدخلت الدولة في عهد الخليفة القادر فأمرت بقتل كل من يقول بنظرية خلق القرآن وأمرت بحرق كتبهم وتكفير أتباعهم. ثم حدثت نكسة ثانية حين تدخلت الدولة في الأندلس فعزلت القاضي ابن رشد وحرقت كتبه. ثم حدثت نكسة ثالثة حين أعدم النميري رئيس دولة السودان الشيخَ محمود طه ومنع كتابه واجتهاداته في الدين. هكذا إذا كان تاريخنا مليئا بتسلط الدين على الدولة وبتسلط الدولة على الدين أيضا.
إذا كان الكاتب يعتبر الحرب خدعة تجوز فيها كل التكتيكات كأن ينسب للعلمانية ما ليس لها، فهل سينجح في استحداث تعريف جديد لها؟
هل نحن في حاجة أصلا إلى تعريف جديد؟
بدأ الكاتب مقاله بالشكل التالي:
” ما هي العلمانية؟ هذا السؤال قد يبدو بسيطا، والإجابة عنه أكثر بساطة، فالعلمانية هي فصل الدين عن الدولة، أليس كذلك؟ قد يندهش القارئ إن أخبرته أن إجابتي عن هذا السؤال بالنفي وليس بالإيجاب. ولتوضيح وجهة نظري أري أنه من الضروري أن أطرح قضية منهجية خاصة بالتعريف، إذ أرى أن هناك نوعين من التعريفات تداخلا واختلطا وأديا إلى نوع من الفوضى الفكرية، إذ أن هناك التعريفات “الوردية” التي تعبر عن الأمل والتوقعات من ناحية، ومن ناحية أخرى هناك ما تحقق بالفعل في الواقع، وكثيراً ما يكون البون بينهما شاسعا.”
هناك إذا تعريفان لعبارة العلمانية حسب نظر الكاتب. ولكنه لا يقدم لنا التعريفين المزعومين. هو يرفض التعريف المتعارف عليه والقائل بأن العلمانية تقتضي فصل الدين عن الدولة ويعتبره تعريفا ” ورديا” يعبر عن الأمل والتوقعات ولا يعبر على الواقع. ويقدم في مقام التعريف الثاني الحالةَ الموجودة في الواقع والتي يقصدها من قوله: ” ما تحقق بالفعل في الواقع”.
يخلط الكاتب إذا بين المفهوم الذي يصف الواقع وبين الواقع ذاته. وبالإضافة إلى هذا الخلط لا بد لي من توضيح أن مفهوم العلمانية كما يصوغه القاموس والموسوعة العلمية وبما يعنيه من فصل الدين عن الدولة هو الذي تحقق بالفعل.
إن ما تحقق بالفعل في أوروبا عبر فترة الصراع الديني المنتهية بالاستقرار والسلام العلمانيين هو الذي سبق ظهور التعريف الموسوعي العلمي لتلك الظاهرة. أما ما يتحدث عنه الكاتب ويرى له بونا شاسعا يفصله عن التعريف المفهومي فهو لا يعدو أن يكون ذلك الخليط السياسي الاجتماعي الذي تشوهت فيه العلمانية بالمفاهيم الاستعمارية والمصالح الامبريالية للقوى العظمى في عصرنا الحاضر. هذا الخليط هو الذي يفصل بين الدين والدولة في بلدان المركز المتقدمة في نفس الوقت الذي يساند فيه ويدعم استمرار الدولة الدينية في البلاد المتخلفة.
|
أعود الآن إلى بعض الحديث حول العلمانية.
إذا كانت عبارة ” العلمانية” هي الترجمة حسب قاموس “المنهل” لعبارة فإنها تمثل ذلك المفهوم الذي يعبر عن نمط للحكم أو وجه من أوجه الحكم الذي ظهر في ارتباط بعدد من القيم الأخلاقية والاجتماعية الجديدة وبرز كواحد من المكونات الأساسية والثابتة في نهضة شعوب أوروبا ثم في كل البلاد المتقدمة لاحقا.
تعني العلمانية، كشكل للحكم، فصل الدين عن الدولة. هي تعني أن تكون الدولة محايدة في المسألة الدينية والعقائدية، فلا تلقن بواسطة مؤسسات التعليم ووسائل إعلامها مذهبا دينيا دون غيره بل تحترم وتحمي كل المذاهب والأديان والقناعات في نفس الوقت الذي تحمي فيه كل أفراد المجموعة وكل الجماعات من أي اعتداء مهما كانت تبريراته. وبالنتيجة تجد الدولة العلمانية نفسها مجبرة على الحد من نفوذ رجال الدين الذين يسعون إلى التحكم في ضمائر الناس ومصائرهم. اليوم في الدولة العلمانية والعصرية وفي كل أنحاء العالم كل الناس يشكرون رجل الدين الذي ينشر المحبة بين كل البشر، وينادي المؤمنين إلى مفارقة المصلحة الخاصة تنازلا منهم وعطاء لمن يحتاج للمساعدة أما رجل الدين الذي يخفي خلف نشاطه الطقوسي أحاسيس الحقد نحو الآخر المخالف له فيدعو للاعتداء عليه، ويدّعي أنه خير منه أو أحق بالاحترام والتبجيل فيحتقره ويدعو لافتكاك حقوقه، ويدّعي أنه المرجع للحقيقة والمتخصص في فهم التراث والمخوَّل لتوجيه المؤمنين في أشكال إيمانهم وتقواهم، وينتصب وصيا على ضمائرهم ووسيطا بين المؤمن وإيمانه، رجل الدين هذا الذي يستبدل النصيحة والحوار الحر بالتلقين والخطابة وفرض رأيه ومنع آراء غيره فهو يمثل الاستبداد والتخلف ويعيد إنتاجهما.
-وتعني العلمانية، كقيم سلوكية، أن يمتنع الفرد من تلقاء ذاته عن فرض دينه أو قناعاته على الغير بأي شكل كان.
-أن يعتبر الفرد أن قناعاته إنما هي خاصة به ولا تنتقل إلى غيره إلا بواسطة النصيحة والحوار الحر.
-أن يعتبر الفرد أنه لا يجوز له اكتساب أية حقوق زائدة على غيره من المواطنين مهما كان مقامه في أي ترتيب ديني أو عقائدي.
العلمانية هي ذلك المفهوم المتداول في القاموس وفي كل الأبحاث الاجتماعية والسياسية. ليست العلمانية ما يراه الكاتب في الواقع الموجود هنا أو هناك في وقتنا الحاضر ويتحدث عنه أو يصفه في مقاله، حتى يقول عنه: ” إن ما يتشكل على أرض الواقع أبعد ما يكون عن فصل الدين عن الدولة، وإنما هو أمر أكثر شمولا من ذلك.” إن ما يراه الكاتب اليوم في أمريكا أو فرنسا ليس العلمانية في صفائها كمفهوم نظري يستعمل للبحث وتبادل الأفكار بين الناس أو للإعلان في الدستور أو في البرنامج السياسي. إن ما يوجد اليوم أمام نظر الكاتب هو نمط أمريكا ونمط فرنسا في بداية القرن الواحد والعشرين للتنظيم السياسي- الاجتماعي. ذلك التنظيم الذي توجد فيه العلمانية ممزوجة بشتى الإيديولوجيات والسلوكات والمصالح الخاصة بالسلطة الحاكمة حاليا في أمريكا وفرنسا. لذلك نرى أن الإدارة الأمريكية التي تطبق قانونا وضعيا علمانيا داخل أمريكا تساند وتدعم، في نفس الوقت، الدول الدينية والقوانين الشرعية في السعودية وغيرها من الدول العربية والإسلامية أو ترسل عددا من مساجينها لكي يحاكموا في بلاد إسلامية تستمد قوانينها من الشرائع الدينية.
يلزمنا، من أجل توضيح وجه من وجوه الإشكال الفكري حول العلمانية أن نفصل بين مستويين للنظر:
أولا المستوى الشخصي الفردي أو الخاص وهو يعني مجال قناعات الفرد الخاصة به والتي لا تمس من حقوق أو حرية غيره. في هذا المجال يتفاعل الفرد مع محيطه: بيته وهيأته، قناعاته وإيمانه كيفما يشاء ولا حق لأحد فردا كان أو رجل دين أو دولة أن يفرض عليه أي شيء في ذلك المجال. الدولة العلمانية هي التي تلتزم الحياد ولا تتدخل في الشؤون الخاصة للفرد.
ثانيا المستوى الجماعي أو التبادلي وهو يعني المجال العام حيث يلتقي أكثر من فرد ليتبادلوا مادة أو فكرا أو إحساسا. في هذا المجال ينبغي أن توجد المساواة التامة بين أطراف التبادل أي بين المواطنين. فلا هذا المواطن يفرض نمط عيشه أو إيمانه ولا ذاك يفرض نمط تفكيره أو أساليب صلاته وتقواه. والدولة العلمانية هنا أيضا هي الوحيدة القادرة على تحقيق المساواة وهي الوحيدة التي تلتزم بمنع اعتداء أي طرف على الآخر.
أقول في الختام أن العلمانية حقيقة موجودة في عدد من البلدان حيث نرى تعايش الأديان والقناعات المختلفة وحيث نرى أن المواطن لا يسأل عن دينه أو أصله حتى لو ترشح لرئاسة البلدية أو الدولة. والعلمانية حقيقة موجودة أيضا حيث نرى أناسا يخرجون في المظاهرات ويضحون بالمال والوقت والنفس دفاعا عن المظلومين حيثما كانوا وكيفما اعتقدوا. والعلمانية حقيقة موجودة حيث يوجد المؤمن الحر لا حيث يوجد المؤمن بالوراثة أو المؤمن بالتلقين أو المؤمن بالخوف أو المؤمن بالتقليد.
قراءة في شرعية الاستثمار في البورصة (3/7)
الجزء الثالث
د. خـالد الطــراولي*
3 ـ البيوع في الفقه الإسلامي
البيع مشروع بالكتاب والسنة، لقوله تعالى “وأحل الله البيع وحرّم الربا”{البقرة 275}، ولحديث الرسول (ص) “أفضل الكسب بيع مبرور وعمل الرجل بيده”{رواه أحمد}. وقد عرفه الفقهاء المعاصرون بأنه “مبادلة مال بمال على سبيل التراضي، أو ملك بعوض على الوجه المأذون فيه”[[1]]. وأركان عقد البيع خمسة، وهي: البائع والمشتري والمبيع وصيغة العقد والتراضي، فأما البائع فيشترط رشده وملكه لما يبيع، أو مأذونا له فيه. وأما المشتري فلا بد أن يكون جائز التصرف من رشد وعدم صبا. ولا بد للمبيع أن يكون مباحا، فلا بيع لمحرم، وطاهرا، فلا بيع لنجس أو متنجس، مقدورا على تسليمه، معلوما لدى المشتري ولو بوصفه. أما صيغة العقد فالإيجاب والقبول، وأما التراضي، فلا يصح بيع بإرغام[[2]].
ونظرا لأهمية الغرر في المعاملات والدلالة على شرعية العقود أو حرمتها، وهو ما يساعدنا لاحقا في فهم عديد الصور المعاصرة للتعامل والتداول، وإلحاقها إن أمكن بالقديم المتعارف، فإننا سعينا إلى إبراز بعض هذه الأصناف من البيوع الممنوعة كما يلي[[3]] :
يرتكز الحديث عن الغرر في العقود إلى حديث جامع اعتبره النووي أصلا عظيما من أصول كتاب البيوع، وهو نهي الرسول الكريم (ص) عن بيع الغرر. {رواه مسلم} والغرر لغة هو الخطر، واصطلاحا هو ما لا يدري حصوله والمجهول.
*بيع النجش، حيث يوهم الشخص المشتري بالشراء وهو لا يريده ولكن استغفالا له للإيقاع به وتسهيلا للبيع، تواطأ مع البائع أم لا، لقول بن عمر (رض)”نهى رسول الله عن النجش”.
*بيعتان في بيعة وهو على الأغلب تضمين بيعتين في عقد واحد، لحديث أبي هريرة أن رسول الله نهى عن بيعتين في بيعة.{رواه الترمذي والنسائي}، كأن يقول بعتك داري بكذا على أن تبيعني دارك بكذا.
*بيع العربون، وهو شراء أو كراء الشيء مع تقديم مبلغ من المال، على إن تمت العملية يحسب المبلغ من الثمن وإن تعطلت بقي في ذمة البائع. وقد اختلف الفقهاء في عدم جوازه، ورأي الجمهور المنع.
*الغرر في المبيع، من جهل بجنسه، وأحله المالكية والحنفية مع خيار الرؤية، ومن جهل بنوعه أو صفته كبيع ما يكمن في الأرض أو ما يختفي في قشره، وأحله الحنفية مع خيار الرؤية. ومن جهل بمقداره كبيع المزابنة وهي بيع الثمر على النخل بالتمر كيلا والكرم بالزبيب والزرع بالطعام كيلا.
*الغرر في الثمن كالجهل بصفته أو بمقداره.
*البيع بالأجل، كبيع حبل الحبلة، ومنها البيع بثمن مؤجل إلى أن تلد الناقة.
*عدم القدرة على التسليم، مثل بيع الدين بالدين، وبيع ما ليس عنده، لقول الرسول (ص) “لا تبع ما ليس عندك”{الترمذي}. وبيع السلعة قبل قبضها، لقوله صلى الله عليه وسلم”إذا اشتريت شيئا فلا تبعه حتى تقبضه”{رواه أحمد والطبراني}. وخالف المالكية والحنابلة الجمهور، فأجازها الأولون على العين المنقولة والثابتة كالأرض، ومنعوها عن الطعام. وأجازها الحنابلة على غير المكيل والموزون.
*بيع المعدوم، وهو الشيء المباع والغير موجود وقت العقد، وكان وجوده مجهول المستقبل، كبيع ما تلده الناقة أو الثمر قبل أن يُخلق. والمعدوم ممنوع ليس لكونه معدوما ولكن لكونه غررا، وهذا ما وصل إليه بن تيمية وتلميذه بن القيم في هذا الباب في تجويزهم لبيع المعدوم “فليس في كتاب الله ولا سنة رسوله، و لا عن أحد من الصحابة أن بيع المعدوم لا يجوز، لا لفظ عام ولا معنى عام، إنما فيه النهي عن بيع بعض الأشياء التي هي موجودة، وليست العلة بعض الأشياء التي هي معدومة، كما فيه النهي في المنع لا الوجود ولا العدم…وهكذا المعدوم الذي هو الغرر، نهى عن بيعه لكونه غررا لا لكونه معدوما”[[4]]. وقد أخذ بهذا الرأي من المعاصرين محمد يوسف موسى مادام لا غرر في العقد ولا جهالة تؤديان إلى النزاع أو المخاطرة والقمار[[5]]. واعتبر عبد الكريم الخطيب التحريم بأنه ليس نهيا على سبيل الإلزام وإنما على سبيل النصح والإرشاد، كما أن السوق في حياة الرسول (ص) صغيرة والبورصة الحالية هي سوق كبيرة مستمرة، والبائع على ثقة تامة بحصوله على السلعة[[6]]. ولهذا أفتى الدكتور الضرير “أن كل معدوم مجهول الوجود في المستقبل لا يجوز بيعه، وأن كل معدوم محقّق الوجود في المستقبل بحسب العادة يجوز بيعه”[[7]]. ولقد خلصت الموسوعة العلمية والعملية للبنوك الإسلامية في هذا الباب إلى القول “بأن بيع الإنسان ما لا يملك لا يجوز، إما لأنه معدوم أثناء العقد عند من يرفضون بيع المعدوم، وإما لأنه غرر عند من يمنع بيع ما فيه غرر وهم جميع الفقهاء”[[8]]
* عدم الرؤية، فقد اختلف الفقهاء في العين الغائبة، وجوّزها الجمهور على الصفة المتعارف عليها، وعلى الرؤية المتقدمة ولكن بالخيار للمشتري إن وجدها تغيرت.
وقد ضبط الدكتور “الضرير” الغرر المؤثر في صحة العقد، الذي يُفقد شرعية المعاملة بأربعة شروط[[9]]: أن يكون كثيرا، وفي عقد من عقود المعاوضات المالية، وأن يكون في المعقود عليه أصالة، وألاّ تدعو للعقد حاجة.
فأما عن الكثرة، فاليسير من الغرر مغتفر، كبيع الدار وإن لم ير أسسها. ومن الكثير المحرم، بيع الحمل دون أمه، بيع الثمر قبل ظهوره، وتأجيل الثمن إلى أجل مجهول. غير أن هناك مجالا حسب الدكتور الضرير، مما يسمى بالغرر المتوسط والذي يكثر تعامله، وهذا الصنف غاب وضع ضابط محدد له. فحتى وضع الضابط للحد الأعلى والحد الأدنى لا يكف لإعطاء تحديد واضح للمستوى الوسط الذي يبقى غامضا. لذا يطرح الضرير تحديد الحد الأعلى للغرر المؤثر فقط وكل ما عداه لا تأثير له، وهو حد مرن يتأثر بالمكان والزمان[[10]].
أما عن الحاجة، فيصبح الغرر مؤثرا إذا لم يكن للناس حاجة، وإلا انتفى الغرر. والحاجة في العقد هي دون الضرورة وهي”تكون في حالة ما إذا لم يباشر المرء ذلك العقد، كان في مشقة وحرج لفوات مصلحة من المصالح المعتبرة شرعا”، وهي إما حاجة خاصة أو عامة وتقدر بقدرها وتكون متعينة، أي لا سبيل إلى طريق شرعي غير العقد الذي يحمل الغرر[[11]].
ـ يتبـــع ـ
المصدر: ركن “اللقاء الاقتصادي” موقع اللقاء الإصلاحي الديمقراطي www.liqaa.net
[1] السيد سابق “فقه السنة” الجزء الثالث، دار الكتاب العربي، بيروت، بدون تاريخ، ص:125.
[2] انظر منهاج المسلم، مرجع سابق، ص:341.
[3] اعتمدنا في هذا الباب على الكتاب المتميز للدكتور الصديق محمد الأمين الضرير “الغرر في العقود وآثاره في التطبيقات المعاصرة” البنك الإسلامي للتنمية والمعهد الإسلامي للبحوث والتدريب، سلسلة محاضرات العلماء البارزين رقم 4. الطبعة الأولى، جدة، 1993.
[4] انظر الموسوعة العلمية والعملية للبنوك الإسلامية، الجزء الخامس، الجزء الشرعي “الأصول الشرعية والأعمال المصرفية في الإسلام” الطبعة الأولى 1982، ص:404.
[5] مرجع سابق ص:406.
[6] عبد الكريم الخطيب “السياسة المالية في الإسلام وصلتها بالمعاملات المعاصرة” دار الفكر العربي. في الموسوعة العلمية، مرجع سابق، ص:408.
[7] الصديق محمد الضرير ص: 29.
[8] الموسوعة العلمية مرجع سابق ص:409.
[9] الصديق محمد الضريرمرجع سابق ص : 39ـ40.
[10] مرجع سابق ص: 41.
[11] مرجع سابق ص: 45ـ46.
صحيفة مواطنون والولادة المشوهة
منتقدون يشككون في فعالية جهود الجزائر في مكافحة الارهاب
القاعدة في المغرب الإسلامي ..في انتظار المارينز!
عبد الحق بوقلقول – الجزائر
كما كان متوقعاً، لم يكن إعلان الجماعة السلفية للدعوة و القتال في الجزائر، قبل أربعة أشهر من الآن خبر التحاقها رسمياً بتنظيم القاعدة، آخر ما في جعبة هذه الجماعة؛ إذ إن ما وقع فجر الثلاثاء الأخير في عدد من قرى شرق العاصمة الجزائرية-هو بحق- إعلان عملي عن الدخول في اللعبة الدولية، و تحويل القضية التي تأسس ‘الجسدق’ –تسمية الجماعة اختصاراً- لأجلها في العام 1998 منشقاً في ذلك عن ‘الجماعة الإسلامية المسلحة’ بسبب تلطّخ سمعتها بدماء الأبرياء؛ وفقاً لبيان التأسيس وقتذاك، من مجرد صراع مع السلطة الجزائرية إلى صراع ذي بعد عالمي يندرج تحت خانة الواقع العالمي الجديد، ابتداء من هذه الانفجارات السبعة التي حطمت هدوء ليل النائمين البسطاء، و التي قالت حصيلة رسمية عنها إنها قتلت ستة جزائريين، و جرحت عشرات الآخرين،على الرغم من أن البيان الذي نُشر على الإنترنت بعيد ذلك بقصد تبني العملية، تحدث عن عشرات القتلى و الجرحى.
الواقع أن هذا غير مهم إلى الحد الذي يغير معاني الخبر؛ فمقتل شخص أو ألف حينما يكون بهذا الشكل العبثي سيان في ميزان الشرع بلا خلاف، و لكن المهم في كل هذا أن السياسيين الجزائريين بمختلف ميولهم و نوازعهم هم حالياً بصدد تجرّع ثمار التلكؤ في تطوير المصالحة الوطنية و طي صفحة التناقضات و المواجهات التي خلّفت -و بحسب حصيلة رسمية أيضاً منذ اندلاع الأزمة الجزائرية قبل خمسة عشر عاماً- (100) ألف قتيل، فضلاً عن آلاف المفقودين، و مئات آلاف المهاجرين بشكل اضطراري.
لن نتحدث هنا عن حيثيات هذا العمل الخطير بكل المقاييس؛ إذ إن محطات التلفاز و غيرها من وسائل الإعلام تكفلت بالموضوع، و أعطته ساعات طويلة من التغطية، و لكننا سوف نركز في هذا المقال على المدلولات السياسية و الأمنية للقضية؛ إذ لن نضيف جديداً حينما نقول هنا إن الذين خططوا لهذه التفجيرات، ثم هلّلوا و كبّروا –على حسب شهود عيان- حينما رأوا أشلاء ضحايا فِعلتهم، ليسوا بالضرورة سُذّجاً حتى يعتقدوا أنهم بهذا العمل يريدون توجيه رسالة قصيرة نحو السلطة الجزائرية؛ لأن هذا العمل الذي سارع منفذوه إلى تبنيه و الوعيد بتنفيذ غيره هو رسالة موجهة إلى الخارج قبل الداخل، و إلى الأمريكيين و حلفائهم في ‘الحرب على الإرهاب’ قبل كبار الضباط في وزارة الدفاع الجزائرية، ولأن العملية كانت ستبقى ضمن إطارها الطبيعي ‘الاعتيادي’ لو أنها حملت بصمات الجسدق كغيرها من تفجيرات لا يمكن عدها وقعت قبل اليوم على مر السنوات الماضية، إذ حينما يتصل شخص بمكتب قناة فضائية ذات تغطية عالمية، و يعلن صراحة عن تبني العمل، فالرجل بكل تأكيد، كان يرغب في أن يسمع البنتاغون و غير البنتاغون كلماته، و إلاّ لكان اكتفى بالاتصال بأي جريدة جزائرية أو حتى لندنية مثلما جرت العادة منذ العام 1992.
الأمر إذاً مقصود و العملية و إن كانت في الحقيقة لم تكلف (اليهود و الصليبيين) قطرة دم واحدة، إلاّ أنها مع ذلك، تعني الكثير بالنسبة لمنظري هذه الحرب العالمية المجنونة التي صارت مطية لقمع كل مخالف لوجهة نظر العصبة البوشية، و من يقف وراءها من المسيحيين المتصهينين، و الصهاينة النافذين في دواليب الاقتصاد و المال، و من ثمة السياسة و القرار في الولايات المتحدة.
قبل أقل من أسبوع من الآن -و يا لها من مصادفة غريبة هنا- أعلنت القيادات العسكرية في وزارة الحرب –بما أن كلمة الدفاع لم تعد تفيد المعنى الدقيق- الأمريكية أن واشنطن تعتزم إقامة قيادة عسكرية دائمة لكامل منطقة الساحل و الصحراء في إفريقية، من الصومال شرقاً وصولاً إلى سواحل موريتانيا غرباً، مروراً بدارفور، و بالمناسبة منابع النفط الخصبة في مجرى نهر النيجر.
و لكي نفهم الحكاية بشكل أفضل، لا بد هنا من الرجوع قليلاً إلى الوراء، و لن نضطر إلى أن تكون المسافة الفاصلة طويلة بالقدر الذي يشتت التركيز؛ إذ إن الأمر لا يعدو أن يكون أسابيع قليلة حتى نحط عند الأيام الأولى من هذا العام الميلادي الجديد، ثم نستحضر تلك القصة الغريبة المتن و المبهمة التفاصيل التي تحدثت عن مقتل نحو (12) فرداً و اعتقال (15) آخرين بالقرب من العاصمة التونسية، و أن هذه “العناصر الخطرة” كانت قد عبرت الحدود الفاصلة بين الجزائر و هذا البلد قبل ذلك بأيام قليلة، حتى وصلت إلى منطقة ‘نابل’ التي تقع على بعد نحو (50) كيلومتراً إلى الجنوب من العاصمة تونس، حيث جرى الاشتباك معهم من قبل رجال الشرطة، معزّزين بمجموعات من الجيش، ثم أُعلن بعد ذلك عن بقية القصة التي تحوي بين سطورها أيضاً، أن مصالح الأمن التونسية عثرت مع هؤلاء القتلى و الموقوفين، على وثائق و خرائط، و كل ما من شأنه أن يجعل الرواية أكثر هوليودية بطبيعة الحال.
بديهي لكل شخص أن يتساءل هنا عن مصدر كل هذه المعلومات التي حازتها أجهزة أمنية يُفترض أنها تعيش رغداً و بطالة بالمعنى العملياتي، بسبب خلوّ تونس من أي عمل أمني مقلق –باستثناء حادث وحيد في منتجع جزيرة جربة السياحية خلال عام 2002- لأن الرواية الرسمية التي نُشرت مع غموض جوانب كثيرة منها، حملت أيضاً تفاصيل دقيقة، على الرغم من أنها لم تفسر أيضاً السبب الذي لأجله أصرت السلطات الأمنية في تونس على أن تستدرج هؤلاء و تشتبك معهم بالقرب من العاصمة، بما أنها كانت على علم، على ما يبدو، بما يدور في سرائرهم، اللهم إلاّ إذا كان الهدف هو الإعلان عن الرغبة في الانضمام إلى كرة الثلج الأمريكية التي بدأت بالتدحرج منذ 11 سبتمبر، فهؤلاء القتلى قيل إنهم ينتمون إلى الجسدق أيضاً بطريقة توحي أن هذا التنظيم، يملك آلافاً مؤلفة من العناصر، و ما لا يُحصى من الخطط و الإمكانات اللوجيستية، و الكل يعلم أنه عكس ذلك تماماً، تنظيم لا يتعدى تعداد أفراده بضع عشرات أو حتى مئات، زيادة على أن قسماً كبيراً منهم –الجناح الذي يقوده الأمير السابق للتنظيم: حسان حطاب- هم حالياً في مرحلة تفاوض و هدنة مع السلطات العسكرية في الجزائر، بطريقة تكرر الأشهر التي سبقت إعلان حل الجيش الإسلامي للإنقاذ و عودة مسلحيه إلى الحياة المدنية الطبيعية.
هذه الحادثة البالغة الغرابة لا شك، كانت مفيدة جداً على ضوء استمرار حالة الاحتقان السياسي و الأمني في الجزائر؛ إذ إن الشهر الماضي مثلاً شهد مقتل (20) عنصراً من ذات التنظيم يوم 18 منه في عمليتين عسكريتين للجيش الجزائري في كل من منطقتي باتنة و سكيكدة شرقي العاصمة، و لقد حدث ذلك بعد أن أعلن عبد المالك دروكدال الملقب بأبي مصعب عبد الودود – و هو الأمير الوطني الحالي للجماعة- أنه يطالب الجزائريين بالثورة على الأمريكان و الفرنسيين و ‘أذيالهم’ بالداخل، قبل أن يختتم بيانه الذي أعلن فيه عن تغيير التسمية من الجسدق إلى تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، أنه ينتظر من أسامة بن لادن: “أوامركم لأجل المرور نحو الخطوة التالية“.
لا يعني هذا –بالضرورة- أن ابن لادن يتحمل ما جرى قبل يومين؛ إذ لا أحد زعم أنه يعرف الطريقة التي يتواصل بها هذا الأخير مع حلفائه عبر العالم، و لكن الأمر -كما قلنا- أخذ الآن بعداً عابراً للقارات؛ فعملية استهداف حافلة موظفي شركة (هاليبرتون) الأمريكية المتعاقدة مع شركة (سوناطراك) النفطية الجزائرية في العاشر من آخر شهور العام المنصرم، عُدّ وقتها -بكل المعايير- اندلاعاً حقيقياً للمواجهة بين التنظيم العالمي و أمريكا على الصعيد الإقليمي؛ إذ إن وقوعها على بعد أقل من (15) كيلومتراً من العاصمة الجزائرية، في منطقة يُفترض أنها هادئة أمنياً، ثم تمخضها عن مقتل شخصين و إصابة ثمانية آخرين(أمريكي و كندي و أربعة بريطانيين) كانت بحق إيذاناً ببدء عهد جديد من الصراع بين القاعدة و الأمريكيين، أو بالأحرى فتح جبهة جديدة للحرب؛ لأن العملية كانت دقيقة، وعلى مستوى عالٍ من الاحترافية، نُفّذت بطريقة جعلت عدداً كبيراً من الملاحظين يسارع بعدها إلى الجزم أنها دليل على أن منفذيها أناس محترفون، و أنهم على غالب الظن، من قدامى الأفغان العرب الذين أرسل بهم ابن لادن لمساندة ذراعه الجديدة!!
هذا حال تونس و الجزائر، أما في المغرب الأقصى فإن ساحة المواجهة -و إن كانت لا تزال باردة لحد الساعة- إلاّ أن ما يجري هناك دليل على أن الأجهزة الأمنية تستعد لما هو أسوأ ربما مما وقع في الدار البيضاء ربيع العام 2003، حين أُعلن في هذا الصدد بتاريخ الرابع من الشهر المنصرم عن تفكيك و اعتقال (26) شخصاً من أفراد شبكة تقوم بتجنيد و إرسال ‘الجهاديين’ إلى العراق، و لقد شُفع -لذات البيان- أن هذه الشبكة “على علاقة” بالفصيل المسلح في الجزائر، و قبل ذلك اعتقل (11) آخرون في مدينة سبتة المغربية التي تحتلها إسبانيا على مشارف مضيق جبل طارق الذي يربط (المغرب الإسلامي) بأوروبا.
تنبغي هنا ملاحظة أن هذه السلسلة الطويلة من الأحداث و الإعلانات الأمنية، يجري تقديمها بشكل دعائي غاية في التنسيق، بطريقة توحي أن بلدان المغرب التي أخفقت منذ أكثر من عشر سنوات في أن تعقد قمة لاتحادها الذي لم يتحقق منه لحد الساعة غير الإعلان الورقي، تتحرك بذات الكيفية، و تعتمد نفس السياسة، مما قد يعني أن المخطِّط في كل هذا جهة واحدة تتحكم في الأحداث و التطورات بشكل جيد، و هذه الجهة الأخيرة- بلا تهويل- قد تكون خارج هذه البلدان أصلاً و بشكل أكثر وضوحاً، قد تكون صادرة من مقر القيادة العامة للاستخبارات القومية في أمريكا؛ لأن ‘القوة العظمى’ صارت تعلن صراحة رغبتها في إقامة قواعد دائمة لها في المنطقة، حتى تحارب الفوضى المستشرية، و التي تُعدّ- على حسب بيانات كتابة الدولة الأمريكية- البيئة الخصبة التي ينشأ فيها الإرهاب و يترعرع.
و لكي نكون موضوعيين يتعين علينا هنا أن نقر أنه من السابق لأوانه حالياً أن الإعلان عن القاعدة في المغرب الإسلامي، حقيقة واقعة أم أنها لا تعدو أن تكون تضخيماً إعلامياً مفرطاً يعطي الصراع أبعاداً إقليمية و عالمية؛ خدمةً لأجندات و مصالح كثيرة، على الرغم من أن محللين كثيرين كتبوا بإسهاب في هذا الصدد، و تخيلوا أيضاً وجود هيكل تنظيمي عن طريقة التنسيق و التواصل بين القيادة الفكرية للقاعدة و أذرعها.
من الواضح، بل القطعي أن تنظيم أسامة بن لادن -على رأي الخبراء- هو توجّه استقطابي فكري أكثر منه تنظيم بالمعنى العملي للكلمة، بمعنى أن القاعدة هي فكرة أكثر منها حركة، و مما يعزز هذا الطرح التباين الملحوظ في الخطاب بين رموزها، و لعل في خطاب الدكتور أيمن الظواهري الأخير خير مثال على ذلك؛ فالرجل ظهر على شكل مخالف كثير لما يُفترض أن يكون عليه ‘القاعديون’ من الأزمة في لبنان، فضلاً على أنه لم يشأ الحديث عن حزب الله و حلفائه بطريقة لن نجانب الصواب كثيراً حينما نقول إنه أقرب إليها بشكل أكثر وضوحاً من ذلك الذي كان عليه أيام الحرب الإسرائيلية على لبنان، و التي فسر المراقبون خطاب الظواهري وقتها على أساس أنه تعاطف أكثر من دعم و مساندة.
في هذا الكلام إذاً دليل على أن الظواهري -على الأقل- يختلف عن رموز ذات التنظيم في العراق، خصوصا أبا مصعب الزرقاوي الذي لم يخف يوماً أنه يخوض حرباً عقدية ضد كل من يخالفه، و ليس مجرد مقاوم للغزو و الاحتلال الأمريكي.
من هنا يتوضح لنا جلياً أن ما وقع في الجزائر، و ما تبع ذلك من إعلانات و تصريحات تبنٍ و وعيد، هي خبطة إعلامية لا تفيد المسلمين، بل إنها تخدم مخططات أعدائهم، فإذا كانت العملية تستهدف الصليبيين في ‘المغرب الإسلامي’ –الذي لا أعرف شخصياً حدوده الجغرافية- فإنها واقعاً، لم تقتل غير البسطاء، و لم يتضرر منها غير عموم المواطنين الذين ليسوا بحاجة إلى مزيد قتل و تشريد، بعد أن أنهكتهم سنوات الاقتتال الطوال، و كادت تأتي على الأخضر و اليابس في بلادهم.
ختاماً -و لكي لا نلصق الأمر كله بجهة وحيدة- فإنه يتعين علينا أن نضيف هنا أن الطبقة السياسية الجزائرية التي ظلت تتعامل مع المصالحة على أساس أنها شعار انتخابي أكثر من كونها مطلباً حضارياً و مخرجاً حكيماً من الأزمة الدموية العاصفة، متهمة حتى تثبت براءتها، و أن هذه البراءة لن تتحقق إلاّ بمزيد من العمل بقصد تفويت فرصة تحويل المأزق الأمني و الخلاف الداخلي المعقول الحل و الممكن المعالجة، إلى حلقة جديدة من رقعة الشطرنج العملاقة؛ إذ يبدو أنه من غير المستبعد أن تطالعنا الأخبار ذات صباح أن المقاتلات الأمريكية قامت بغارة وقائية ‘استباقية’ قرب العاصمة الجزائرية على أحد معسكرات الجسدق، عفواً: القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي.
(المصدر: موقع “الإسلام اليوم” (السعودية) بتاريخ 15 فيفري 2007)
الرابط: http://www.islamtoday.net/albasheer/show_articles_content.cfm?id=72&catid=76&artid=8676
تفكيك خلية كانت تُخطط لهجمات.. ومخاوف من استهداف «مراكز حساسة» …
مسؤولون مغاربة يربطون في واشنطن بين أزمة الصحراء ومكافحة الإرهاب
منع الكتاب الديني في معرض الدار البيضاء للكتاب
الرباط / ما يزال الجدل متواصلا بعد منع وزارة الثقافة المغربية دور النشر من عرض الكتب الدينية في الدورة الثالثة عشرة للمعرض الدولي للكتاب والنشر المقام حاليا بالدار البيضاء. حيث قال وزير الثقافة المغربي محمد الأشعري إنه لن يسمح للكتاب الديني بالوجود في أروقة المعرض واصفا أصحاب دور نشر الكتاب الديني المعترضين على قراره بأنهم “سماسرة الكتاب الديني” مما أثار غضب دور العرض المشاركة في الدورة الثالثة عشرة للمعرض الدولي للكتاب بالمغرب.
ورفض الوزير الاستجابة لنداءات بعض المثقفين ودور النشر بالعودة عن قراره قائلا “نحن حاسمون في قرارنا تجاه الكتاب الديني”.
واعتبر بعض المثقفين أن منع الوزير عددا من دور النشر التي كانت تعرض الكتاب الديني من المشاركة في دورات المعرض “تصنيفا جديدا للناشرين العرب يتوزع بين علماني محض وإسلامي مبعد”، حيث وصف نائب رئيس اتحاد الناشرين العرب محمد سالم عدنان قرار إبعاد ناشري الكتب الدينية من المشاركة في الدورة الثالثة عشرة للمعرض بأنها “خطوة إلى الوراء تروم طمس هوية الثقافة العربية الإسلامية وتمارس هواية الرقابة على الكتاب بمزاجية وعشوائية”.
وشدد عدنان على أن “هذا التصنيف الأيديولوجي للوزارة يشكل تهديدا صارخا لصناعة النشر داعيا الاتحاد إلى التدخل السريع للدفاع عن حرية التعبير وحق القارئ في الاطلاع، ولإتاحة فرص متكافئة للناشرين تستند إلى معايير مهنية صرفة”.
وتعرف الدورة الثالثة عشرة التي ستختتم في 18 من فبراير الجاري مشاركة قوية لدور نشر إفريقية من خلال المشاركة المباشرة لخمس عشرة دولة إفريقية وتسع دول بشكل غير مباشر.
وتحل بلجيكا ضيف شرف المعرض الذي يعرض مشاركة 615 عارضا مباشرا وغير مباشر يمثلون 59 بلدا وحوالي 100 مهني من مختلف العالم.
(المصدر: موقع نسيج الإخباري (السعودية) بتاريخ 15 فيفري 2007)
إحصائيات ووثائق خطيرة يكشف عنها لـ«الشرق» النائب العراقي محمد الدايني:
** مليون عراقي تم قتلهم بولاية علاوي والجعفري والمالكي على يد 32 ميليشيا
** نصف مليون عراقي بالمقاومة و40 ألف جندي أمريكي لقوا حتفهم بالعراق
** 24 ألف سجين اختفوا من السجون و9 ملايين عراقي عدد المهجرين
**17 فضائية إيرانية تعمل بالعراق و11 نائباً بالبرلمان موالون لطهران
** 6 من الحرس الثوري متورطون في تفجير الضريحين العسكريين بسامراء