الخميس، 1 أبريل 2010

TUNISNEWS

 9ème année, N°3600 du 01.04.2010

 archives : www.tunisnews.net

الحرية لسجين

 العشريتين الدكتور الصادقشورو

وللصحافي توفيق بن بريك

ولضحايا قانون الإرهاب


وثيقة مرئية (فيديو) للجنة الدفاع عن المحجبات حول الاعتداء الشنيع الذى تعرضت له الفتاة المحجبة تقوى حسني بمنطقة العقبة بتونس

حــرية و إنـصاف:أخبار الحريات في تونس

السبيل أونلاين:الباحث الازهر السمعلي يتعرض للاعتداء بعد انتقاده السياسات المنجية

اللجنة الوطنية لمساندة أهالي الحوض ألمنجمي:إعــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــلام

حــرية و إنـصاف:البوليس السياسي يعتقل مرة أخرى سجين الرأي السابق رضا قصة

السبيل أونلاين:الشاب حاتم فاضل يدخل في اضراب عن الطعام في الطريق العام

كلمة:حملة انتخابية سابقة لأوانها في قابس بإشراف الوالي

حزب الإتحاد الديمقراطي الوحدوي:بلاغ صحفي

النقابة الأساسية للتعليم الثانوي بمكثر:اعتداء مدير معهد حشاد بمكثر بالعنف اللفظي الشديد على الأساتذة و هياكلهم النقابية المحلية و الجهوية

المرصد التونسي:اعتصام بطولي متواصل منذ 10 ايام في مؤسسة يونايتد فاشيان للنسيج بقصر السعيد

علي سيف الدين عزابي:الرد على السيد الفرجاني في حواره

عطية عثموني:توضيح

الطاهر العبيدي:المهجّرون صداع في رأس السلطة

البديـل عاجل:أخبـار

طلبة تونس:أخبار الجامعة

البديـل عاجل:عودة إلى الانتخابات البلدية : لماذا رفضُ العمل الموحد والإصرار على التشتت؟!

كلمة:هذا التراث الآسر.. سؤال الإبداع (1/2)

ياسر الزعاترة:لماذا تجرأ أوباما قليلاً على نتنياهو؟

منير شفيق:الصهيونية أمام مفترق طرق

د. فهمي هويدي:المعتدلون درجات

د. بشير نافع:نتائج الانتخابات العراقية: امتحان للعراق وإيران


(Pourafficher lescaractèresarabes suivre ladémarchesuivan : Affichage /Codage /ArabeWindows)To read arabictext click on the View then Encoding then Arabic Windows)  


 

 منظمة حرية و إنصاف التقرير الشهري حول الحريات وحقوق الإنسان في تونس

فيفري 2010


 بسم الله الرحمان الرحيم لجنة الدفاع عن المحجبات بتونس تونس في 01.04.2010

وثيقة مرئية (فيديو) للجنة الدفاع عن المحجبات حول الاعتداء الشنيع

الذى تعرضت له الفتاة المحجبة تقوى حسني بمنطقة العقبة بتونس


انتجت لجنة الدفاع عن المحجبات بتونس وثيقة مرئية (فيديو) حول الاعتداء الشنيع الذي تعرضت له يوم 03 مارس 2010 ، الفتاة المحجبة تقوى حسني وهي تلميذة  بالكالوريا شعبة رياضيات بمعهد الحرايريّة بمنطقة العقبة بتونس العاصمة ، وذلك من قبل أحد أعوان الحرس الوطني ومدير المعهد المذكور المدعو مراد موسي ، ونعرض تسجيل الفيديو من خلال روابط على شبكة الانترنت . ومما جاء في حديث الفتاة المحجبة تقوى حسني في روايتها حول ما تعرضت له من قبل عون الحرس ومدير معهد الحرايريّة قولها :”يوم 03 مارس 2010 ، وحوالي الساعة الثامنة صباحا ، و بينما كنت في طريقي إلى المعهد اعترض طريقي عون أمن من الحرس الوطني وصرخ في وجهي قائلا بالحرف الواحد :”انزعي خرقة القماش التي فوق رأسك” ، وعندما رفضت أمرني بالعودة إلى المنزل وعدم التوجه إلى المعهد ، ثم تراجع بسرعة وقال اذهبي معي الى المعهد ، وفي الطريق ضربني على ارجلي بقوة ، ولما استنكرت فعله جرني من ثيابي جرّا حتى وصلنا الى المعهد  اين وجدنا المدير ، وبعد حوار قصير مع عون الامن انهال علي (المدير) بالضرب الشديد والمبرح دون سابق انذار ، حيث صفعني على وجهي وركلني بقوّة على كافة انحاء جسدي ، وعندما صرخت في وجهه قائلة : بأي حق تضربني ،  ثارت ثائرته وجرني الى مكتبه بقوة حيث أن بعض من ثيابي تمزقت وتعرّى رأسي ، ووجه  لي كلام منافي للأخلاق لا استطيع قوله ، بل وتمادى اكثر من ذلك بسبه وشتمه للجلالة الالاهية ، ثم هددني بالفصل النهائي من المعهد ، وتوجه الى عون الامن بالقول : “هذه ليست تلميذتي ولا اعرفها ، خذها وافعل بها ما شئت ” ، عندها اصابني انهيار عصبي واغمي علي ، وعندما افقت توجه نحوى ناظر المعهد  وسألني من فعل بي كل هذا ، فأجبته ان المدير وعون الامن الذي تبرأ من فعلته ، وهذا العون متمادي في مضايقة التلميذات المحجبات في منطقة العقبة منذ سنتين . أما والد تقوى السيد فتحي حسني فقال معلقا على ما حدث لابنته :استنكر بشدة الحادثة التي وقعت لابنتي يوم 03 مارس من طرف عون الأمن ومدير معهد الحرايريّة بالعقبة مراد موسي ، فقد تعرضت للضرب والشتم والاهانة وسب الجلالة ، وقد تجاوز (العون والمدير) الخطوط الحمراء ، ونسيا أن هناك رب ، وان هناك قانون ، والمُفترض في المدير ان يكون مربيا “ولكنه ليس مربيا” ، فقد نسي أن الله سبحانه وتعالى سيحاسبه على الأفعال التي يقترفها ، وهو كم من مرّة ينزع حجاب ابنتي أمام المعهد وداخله ، وهو يفرض عليها أن تكون حاسرة الرأس وحتى حين التجأت الى ارتداء “القبعة” نزعها من على رأسها . وقال السيد حسني أيضا : القانون التونسي يحمي ابنتي المحجبة  ، وكل الفتيات المحجبات ، ويتيح لهن حرية ممارسة شعائرهن الدينية ، وفي هذا الاطار فقد رفعت قضية وأتمنى ان يمنحني القضاء حق ابنتي وينصفها. وقد شهد حادث الاعتداء الشنيع الذي تعرضت له الفتاة تقوى حسني من طرف تلك الوحوش الادمية ، بعض زملاءها في المعهد ، وقد سجلت اللجنة شهادة زميلين لها ، ومما جاء في شهادتهما  : شهادة  التلميذ الأوّل وقد ورد فيها : أنا التلميذ بنفس المعهد اين تدرس التلميذة المحجبة تقوى حسني ، يوم الاربعاء 03 مارس 2010 ، حين كنت في طريقي الى المعهد لإجراء الفروض التأليفية على الساعة الثامنة صباحا ، شاهدت مدير المعهد السيد مراد موسى يضرب تقوى على وجهها ويقوم بركلها ، ووجه لها كلام بذيء وسب للجلالة ، وقد استنكر التلاميذ كل هذه الافعال ووقع عدد منهم على عريضة ، ونحن كتلاميذ بمعهد الحرايريّة بالعقبة بالعاصمة تونس نتمنى ان ينصف القانون زميلتنا تقوى . شهادة التلميذ الثاني وقد ورد فيها : انا تلميذ ادرس بمعهد الحرايريّة  بالعقبة ، زميل التلميذة تقوى حسني ، عندما دخلت المعهد الساعة الثامنة صباحا رأيت مدير المعهد ماسكا زميلتي تقوى حسني من عنقها وهو يركلها ويسبّ الجلالة ، وهذا المدير عودنا بضرب الفتيات المحجبات أمام المعهد وداخله ، وقد تعاطفنا مع زميلتنا تقوى ووقعنا على عريضة . ولجنة الدفاع عن المحجبات بتونس تعبّر عن اشمئزازها وصدمتها من جريمة الاعتداء التي اقترفها عون البوليس التابع للحرس ومدير معهد الحرايريّة بالعقبة بالعاصمة التونسية ، بحق الفتاة تقوى حسني بسبب ارتدائها للحجاب ، وتؤكد أنهما تجاوزا كل الخطوط الحمراء ، وتطالب كل الجهات المسؤولة في جهاز الامن وفي مندوبية التعليم أخذ كامل الإجراءات الادارية لمحاسبة الجناة على جريمتهم النكراء ، وتحمّل السلطة التونسية الى اعلى هرمها مسؤولية هذه الجريمة وغيرها من الاعتداءات والتجاوزات ضد الفتيات والنساء المحجبات في تونس وتحذّرها من كل ما يترتّب عن هذه التجاوزات البالغة الخطورة . تعبّر عن تضامنها وتعاطفها الكامل مع الفتاة المحجبة تقوى حسني ضحية العنف الرسمي ، ومع والدها وكل أسرتها وتدعوهم الى المضي قدما في ملاحقة الجناة أمام العدالة . تطالب كل الهيئات والشخصيات الحقوقية المحلية والاقليمية والدولية النهوض بواجبها تجاه التجاوزات الخطيرة التى تقترفها السلطات الرسمية ضد النساء التونسيات المحجبات ، وتدعو علماء الامة والدعاة والاعلاميين واصحاب الفكر في ارجاء العالم ، التحرك العاجل من أجل نصرتهن والوقوف الى جانبهن والعمل على وقف الاذى  والمعاناة التي يتعرضن لها . الوثيقة المرئية ( الفيديو) يمكن مشاهدتها من خلال الروابط  التالية : http://www.youtube.com/watch?v=dY9-di19Eb8 http://www.facebook.com/video/video.php?v=1155696951804&ref=mf عن لجنة الدفاع عن المحجبات بتونس البريد : protecthijeb@yahoo.fr


الحرية لسجين العشريتين الدكتور الصادق شورو الحرية لكل المساجين السياسيين حــرية و إنـصاف 33 نهج المختار عطية 1001 تونس الهاتف / الفاكس : 71.340.860 البريد الإلكتروني :liberte.equite@gmail.com تونس في 16 ربيع الثاني 1431 الموافق ل 01 أفريل 2010

أخبار الحريات في تونس


1)عدنان الحاجي يضرب عن الطعام
 
أعلن السيد عدنان الحاجي أنه سيدخل في إضراب مفتوح عن الطعام بداية من يوم الجمعة 02 أفريل 2010 للاحتجاج على المراقبة اللصيقة المفروضة عليه والمضايقات التي يتعرض لها. علما بأن عددا من الشخصيات الوطنية تتعرض منذ مدة إلى سياسة المحاصرة والمراقبة والمتابعة الأمنية.

2)البوليس السياسي يعتدي على الصحفي مولدي الزوابي:
اعتدى عون من أعوان البوليس السياسي بمدينة بوسالم ولاية جندوبة مساء اليوم الخميس غرة أفريل 2010 على الصحفي مولدي الزوابي بالعنف الشديد بمساعدة مجموعة من منتسبي الحزب الحاكم وافتكوا منه حقيبته التي تحتوي على أجهزة تسجيل يستعملها في عمله الإعلامي ووثائق خاصة من بينها بطاقة صحفي دولي ومبلغا ماليا هاما.   

3)حتى لا يبقى سجين العشريتين الدكتور الصادق شورو عيدا آخر وراء القضبان:  

لا يزال سجين العشريتين الدكتور الصادق شورو وراء قضبان سجن الناظور يتعرض لأطول مظلمة في تاريخ تونس، في ظل صمت رهيب من كل الجمعيات والمنظمات الحقوقية، ولا تزال كل الأصوات الحرة التي أطلقت صيحة فزع مطالبة بالإفراج عنه تنتظر صدى صوتها، لكن واقع السجن ينبئ بغير ما يتمنى كل الأحرار، إذ تتواصل معاناة سجين العشريتين في ظل التردي الكبير لوضعه الصحي والمعاملة السيئة التي يلقاها من قبل إدارة السجن المذكور.
عن المكتب التنفيذي للمنظمة الرئيس الأستاذ محمد النوري  


الباحث الازهر السمعلي يتعرض للاعتداء بعد انتقاده السياسات المنجية


السبيل أونلاين – تونس – خاص   تعرض اليوم الخميس 01 أفريل 2010 الباحث في قطاع المناجم الأزهر السمعلى الى اعتداء بالعنف الشديد من طرف أربعة أعوان من البوليس السياسي بمقهى كائن بنهج الحديبية وسط العاصمة التونسية ، والذين وجهوا له السباب وفاحش الكلام ايضا ، وذلك على الساعة الثانية والنصف بعد الزوال .  ووقع الاعتداء على خلفية مقال للسمعلي حول خصخصة الأنشطة المنجمية وصون الثروات الوطنية ، نشر في “جريدة الموقف” لسان الحزب الديمقراطي التقدمي المعارض في عددها 540 والتى صدرت اليوم الخميس . وكان الباحث في مجال الثروة المنجمية،  انتقد في مقاله السلطة على تقصيرها في الاهتمام بهذا القطاع الحيوي وعدم امتلاكها لسياسة منجمية ذات فعالية على مستوى التشريعات وعلى مستوى الاستكشاف والتنقيب ، كما انتقد المخطط الذى طرحه وزير الصناعة والتكنولوجيا عفيف شلبي في مداخلته يوم 19 جانفى الماضي في البرلمان والذي تحدث عن مشروع  وزارة الصناعة والتكنولوجيا في قطاع المناجم   . وتساءل الباحث في المقال عن ظروف التفويت في أهم منجم للحديد الكائن بجبل “العنق” في ولاية قفصة والذي يحتوى على مخزون يقدر بـ 20 مليون طن من الحديد ، وكما تساءل عن أسباب فشل أول تجربة في خصخصة  استغلال المناجم من خلال منجم “بوقرين” بمعتمدية السرس بولاية الكاف ، والذى اغلق فجأة سنة 1996 وهو في اوج الانتاج ، وايضا عن اسباب تكتم الوزير عن ملابسات الغاء طلب العروض العالمي الذى تقدمت به الحكومة لاستغلال مناجم “سرا ورتان” وانسحاب المجمع الهندي والشركة الوطنية الهندية للتنمية قبل 30 ديسمبر 2009 من هذه المساهمة ، واثار موضوع  التكتم حول تكوين شركة “نوميديا فوسفاط” الغير مقيمة والتى تهتم بالاستكشاف والتنقيب على الثروات المنجمية والتى مُكنت من حق التنقيب لمدة 99 عاما . ويعتقد أن أكثر ما ازعج السلطات في المقال هو استنكار الباحث الأزهر السمعلي للتعتيم حول استغلال الثروة المنجمية في تونس ، وانعدام الشفافية والمساواة في معاملة المستثمرين التي لا تتم الا على اساس مدى قربها من مراكز النفوذ واصحاب القرار الذين لا يخضعون كما يقول السمعلي لأى مساءلة او محاسبة . وحادث الاعتداء على الباحث الأزهر السمعلي  يؤشر الى ضيق صدر السلطة بأي نقد لسياساتها ّ ، وهي تعاقب كل معارضيها تارة بالتشويه وطورا بالاعتداء وآخر بالسجن ولا تتيح أي هامش للإعلام الحرّ .
من مراسلنا في تونس – زهير مخلوف  
(المصدر : السبيل أونلاين (محجوب في تونس) ، بتاريخ 01 أفريل 2010 )


اللجنة الوطنية لمساندة أهالي الحوض ألمنجمي 1 أفريل 2010 إعــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــلام

يتعرض المناضل النقابي عدنان ألحاجي ،احد قادة التحركات الاحتجاجية بمنطقة الحوض ألمنجمي ،إلى مراقبة أمنية لصيقة تأخذ أحيانا شكلا استفزازيا  خطيرا مثلما وقع عشية اليوم ، حيث تسببت السيارة التي كانت تلاصقه  في سقوطه من الدراجة النارية التي كان يمتطيها . ومن المرجح ان يكون تكثيف المراقبة اليوم يرمي الى منعه من حضور الندوة التي تنوي حركة التجديد تنظيمها بمقرها المركزي  غدا حول واقع وآفاق الحركة الاحتجاجية بمنطقة الحوض ألمنجمي. اللجنة الوطنية لمساندة أهالي الحوض ألمنجمي التي تعبر عن تضامنها مع عدنان ألحاجي وعائلته ، تدعو السلطات الأمنية لرفع هذا الحصار الخانق  واحترام حياته الخاصة وحقه في التنقل. كما تجدد دعوتها للسلطة لحل كل قضايا المنطقة  سلميا وإيقاف التتبعات والملاحقات الأمنية والقضائية ضد كل نشطاء تحركات الحوض ألمنجمي.   اللجنة الوطنية لمساندة أهالي الحوض ألمنجمي  


الحرية لسجين العشريتين الدكتور الصادق شورو الحرية لكل المساجين السياسيين حــرية و إنـصاف 33 نهج المختار عطية 1001 تونس الهاتف / الفاكس : 71.340.860 البريد الإلكتروني :liberte.equite@gmail.com تونس في 16 ربيع الثاني 1431 الموافق ل 01 أفريل 2010

البوليس السياسي يعتقل مرة أخرى سجين الرأي السابق رضا قصة


اعتقل أعوان البوليس السياسي منتصف نهار اليوم الخميس غرة أفريل 2010 الشاب رضا قصة (30 عاما) واقتادوه إلى منطقة الشرطة، بعد أن فتشوا منزل عائلته الكائن بحي 9 أفريل بمدينة سوسة  وحجزوا حاسوبه المحمول ومجموعة من الكتب. علما بأن أعوان البوليس السياسي اعتقلوا الشاب رضا قصة بتاريخ 22 فيفري 2010 يوم زفافه وتسببوا في إلحاق ضرر بعائلته التي حرموها من الفرحة والابتهاج بمناسبة زواج ابنها. وتجدر الإشارة إلى أن الشاب رضا قصة تعرض للمحاكمة على أساس ”قانون الإرهاب” اللا- دستوري وقضى بالسجن مدة عامين ونصف العام، ومنذ خروجه من السجن سنة 2008 وهو يتعرض لعديد المضايقات من قبل أعوان البوليس السياسي. وحرية وإنصاف: 1) تدين بشدة اعتقال الشاب رضا قصة وتدعو السلطات الأمنية إلى الإفراج الفوري عنه دون قيد أو شرط حتى تستكمل عائلته فرحتها التي نغصها اعتقاله. 2) تطالب السلطة بوضع حد لسياسة التنكيل والتشفي كما تطالب بوقف الاعتقالات العشوائية التي لا طائل من ورائها إلا بث الحقد والكراهية في صفوف الشباب وغرس الشعور بالظلم والدفع نحو اليأس. 3) تدعو كافة المنظمات الحقوقية داخل تونس وخارجها للضغط من أجل إطلاق سراح الشاب رضا قصة ودفع السلطات الأمنية إلى ضرورة التقيد بالقانون.     عن المكتب التنفيذي للمنظمة الرئيس الأستاذ محمد النوري


الشاب حاتم فاضل يدخل في اضراب عن الطعام في الطريق العام

 


السبيل أونلاين – تونس – عاجل قال مصدر للسبيل أونلاين أن الشاب حاتم فاضل دخل اليوم الخميس 31 مارس 2010 ، في إضراب مفتوح عن الطعام بداية من الساعة الواحدة بعد الزوال احتجاجا على مماطلة السلطات المعنية لمطلبه المتمثل في الاستجابة لطلب قرض من البنك التونسي للتضامن معتبرا أن على البنك أن يستجيب لمطالب شباب تونس على حد سواء دون تمييز أو محسوبية . وحسب المصدر فقد تخير الشاب حاتم فاضل الطريق الرئيسية الرابطة بين صفاقس وقفصة ( P14 ) ، مكانا لإعلان ضرابه مصرّا على ضرورة تحقيق مطالبه ، رافضا استدعاءات معتمد الجهة المتواصلة للتفاوض حول الطريقة المثلى لحلّ الإشكال . (المصدر : السبيل أونلاين (محجوب في تونس) ، بتاريخ 01 أفريل 2010)  


حملة انتخابية سابقة لأوانها في قابس بإشراف الوالي


حرر من قبل معزّ الجماعي في الإربعاء, 31. مارس 2010 ذكرت مصادر سياسية أن الحزب الحاكم في قابس كثف خلال الأسبوع الجاري أنشطته الاجتماعية مع التركيز على تنظيم قافلات إعانات لفائدة الأحياء الشعبية والمناطق الريفية. وأضافت ذات المصادر أن هذه الأنشطة تمت تحت إشراف والي الجهة بالتنسيق مع البلدية وهو ما خلّف جملة من ردود الفعل في صفوف فروع أحزاب المعارضة في قابس التي اعتبرت أنّ إشراف والي الجهة على نشطات “التجمع” تجاوزا للقانون كما اتهمت الحزب الحاكم بخوض حملة انتخابية قبل موعدها.  في سياق متّصل علمت كلمة أن أغلب فروع الأحزاب السياسية المعارضة في الجهة لن تشارك في الانتخابات البلدية المقرر تنظيمها خلال شهر ماي المقبل بسبب عجزها عن توفير 40 مواطنا لإعداد قائمة في الغرض حسب ما تنصّ عليه مقتضيات المجلة الإنجابية. (المصدر: مجلة “كلمة” الإلكترونية ( يومية – محجوبة في تونس)، بتاريخ 31 مارس 2010)


حزب الإتحاد الديمقراطي الوحدوي
بلاغ صحفي


يؤدي الأمين العام للحزب الأستاذ احمد الاينوبلي مصحوبا بأعضاء من المكتب السياسي يومي السبت والأحد 03 و04 أفريل زيارات إلى جامعات قبلي (03 أفريل) وقفصة والقصرين (04 أفريل) يلتقي خلالها مناضلي وإطارات الحزب.   وتأتي هذه الزيارات في إطار الاستعدادات للانتخابات البلدية ماي 2010 وحرص حزب الاتحاد الديمقراطي الوحدوي على حسن الإعداد لها والمشاركة فيها.   وكان الأمين العام للحزب عقد اجتماعات باطارات ومناضلي  جامعات نابل والمهدية وسوسة والمنستير والقيروان وقابس ومدنين ومنوبة وتونس.   عبد الكريم عمر عضو المكتب السياسي المكلف بالإعلام


 

مكثر في 31 / 03 / 2010 اعتداء مدير معهد حشاد بمكثر بالعنف اللفظي الشديد على الأساتذة و هياكلهم النقابية المحلية و الجهوية

 


لليوم الثالث على التوالي تواصل الإدارة في حشاد تعنتها بخصوص مجالس الأقسام و يواصل الأساتذة مقاطعة حضور المرشد التربوي الذي اعتدى عليهم فيها. و أمام صمت سلطة الإشراف على ما يجري قرر الأساذة الدخول في اعتصام مساء اليوم الإربعاء 31 / 03 / 2010 بقاعة الأساتذة لإبلاغ صوتهم و تحسيس سلطة الإشراف بخطورة ما تعرضوا إليه من اعتداء. و قد حضرت النقابة الجهوية للتعليم الثانوي بالجهة و كذلك النقابة الأساسية لتأطير الاعتصام و مساندة الأساتذة. و قد تدخلت الإدارة الجهوية للتربية في شخص المدير الجهوي المساعد الذي هاتف النقابة الجهوية و تعهد بالعمل العاجل على إيجاد الحل يوم غد الخميس 01 / 04 / 2010 و طلب فك الاعتصام. و قد استجاب الأساتذة لتعهده من أجل تهدئة الأوضاع و منح الإدارة الوقت للتصرف. و غادر الأساتذة المعهد على الساعة الثامنة و النصف ليلا. لكن ما راع الأساتذة و هم يغادرون غير اعتداء مدير المؤسسة عليهم بالعنف اللفظي الشديد، من قبيل: – دخوله في موجة من سب الجلالة و الدين و التفوه بكلام جارح و مناف للأخلاق و القيم. – شتم الأساتذة و سبهم و نعتهم بأسوأ النعوت. – تهديد الأساتذة الحاضرين بتصفيتهم جسديا و الاعتداء عليهم بالعنف و توعّدهم بإحضار من ” يكسر لهم وجوههم”. – قيامه بإحضار ثلاثة غرباء عن المؤسسة و منهم قريب له، و تخويف الأساتذة بالاعتداء بالعنف و التصفية الجسدية. – سب الهياكل النقابية المحلية و الجهوية و سب أعضاء المكتب التنفيذي الجهوي للاتحاد. و قد حدثت هذه الاعتداءات الصارخة أمام الأساتذة و نقابتيهم الجهوية و الأساسية. و أمام هذه السابقة الخطيرة و الغريبة قرر الأساتذة بمواصلة اعتصامهم أمام باب المؤسسة إلى حين حضور الإدارة الجهوية للاطلاع على الوضع و وضع حد لهذه الفوضى التي تجتاح المعهد. و فعلا حضر السيد المدير الجهوية بصحبة بعض مساعديه، و استمعوا إلى الأساتذة الذين رفعوا إليهم تقريرا مفصلا عما جرى، و وعدوا بإنصافهم و العمل الفوري على تصحيح الأوضاع في المؤسسة. و على إثر ذلك فك الاعتصام بناء على تعهدات الإدارة الجهوية و المدير الجهوي شخصيا، و يبدوا الوضع في معهد حشاد مرشحا للمزيد من التشنج و التصعيد إذا لم يتم اتخاذ التدابير الوقائية و العاجلة لوقف تيار الفوضى و العنف المسلط على الأساتذة. النقابة الأساسية للتعليم الثانوي بمكثر الكاتب العام: عبدالله بنيونس


اعتصام بطولي متواصل منذ 10 ايام في مؤسسة يونايتد فاشيان للنسيج بقصر السعيد


يواصل عمال وعاملات شركة يونايتد فاشيان للنسيج بقصر السعيد – منوبة البالغ عددهم قرابة 200 عامل وعاملة اعتصامهم المفتوح ليلا ونهارا بمقر العمل منذ يوم 23 /03 /2010 وذلك بسبب طرد الكاتب العام للنقابة الاساسية و39 عاملة اخرى طردا تعسفيا بعد يوم واحد من تاسيس النقابة الاساسية وهو ما يعتبر اعتداء خطيرا على الحق النقابي وانتهاكا لكل المواثيق والقوانين الدولية الضامنة لهذا الحق . علما ان هذه المؤسسة تصديرية بالكامل وهي تابعة لمجموعة ايطالية وقد دخلت في الانتاج منذ سنة 2003 وقد وجد العمال المعتصمون احتضانا متواصلا من المكتب التنفيذي الجهوي للشغل بمنوبة حيث يدوام اعضاء المكتب في حضور الاعتصام بالتناوب. . انها ملحمة بطولية بامتياز ولهذا على كل الهياكل النقابية الوطنية والجهوية والمحلية وكل منظمات المجتمع المدني اسناد العمال والعاملات المعتصمين وبشكل عاجل ولو عبر ارسال بيانات مساندة وتضامن اليهم على رقم فاكس الشركة ليعرف مالك المؤسسة الايطالي الجنسية ان العمال المعتصمين ليسوا وحدهم وان الاف النقابيين والعمال قد يهبون في أي لحظة لمساندتهم رقم الفاكس 21671546901 محمد العيادي  
— المرصد التونسي للحقوق و الحريات النقابية Observatoire tunisien des droits et des libertés syndicaux


الرد على السيد الفرجاني في حواره

بتاريخ 30 مارس

“والملاحظ أن هناك من يري أن الحديث عن مشاكل المنظمة في الإعلام تشهيرا ونشرا للغسيل يستفيد منه خصوم المنظمة وخصوصا السلطة ، تلك المقدمة وهذا السياق يفترضان السكوت والتكتم على كل الأمراض التى حدثت أو تحدث في أي جسم وطني وهو ما يؤدي بالنتيجة إلى تأبيد عاهاته وأمراضه . لكن هناك من يري أنه لا بد من ثبيت ثقافة جديدة تقول بأنه إذا تخمّرت المشاكل وتحولت إلى دائرة الأزمة واستعصى الحل ، فمن حق الجسم الوطني أن يعلم بما حدث بدقة معقولة بعيدة عن الشخصنة بقدر الإمكان من أجل استخلاص الدروس والاستفادة منها في المستقبل وهو بالنتيجة بما يتيح للحركة الوطنية المناضلة أن تستفيد من أخطاءها وتتعلم من تجاربها وتراكمها في الاتجاه الصحيح ولا تبقى في كهوف السرية وثقافة التبرير بما يعيد إنتاج سلطة الاستبداد ذاتها داخل هياكلنا.” (من الحوار مع السيد الفرجاني) اتفاقا مع هذه المعاني “الثورية”، كيف نفهم أن ينفذ صبرك على المنظمة في أشهر، و يتواصل صمتك سنين على حركة سياسية أنت فيها قيادي و مسؤوال بدرجة أولى. هل لك الشجاعة لتطبيق نفس هذه الفقرة على واقع حركة النهضة التي تنتمي إليها؟ في هجومك على منفيون، أنت تخلط عمدا و في مزايدة مفضوحة، بين أهداف حزب سياسي و أهداف جمعية و تتحدث بزهو أنك و بعضهم، صاحب أفكار إستراتيجية..و نحن لا نرى لا استراتيجيا و لا غير ذلك، نحن نرى توظيف و خلط لم ينقطع.. إن القاري يعرف أنك غائب حين يكون الحديث على تحقيق مصالح حقيقية لأي محروم، و ان حرصك على التوظيف السياسي لماسي الناس لتغيير موازين القوى، حقيقة و مبحث في حياتك لم ينصرف بعد عن عقلك، و هذا من حقك، و لكنك كنت فاشلا، دوما فاشل، لم تستطع تحقيق ذلك في 87 فلا تحاول ذلك عبر “منفيون” فالفشل أقرب.. كفاك سخرية من القارئ و أفق من نومك. فحتى و إن لم تكن ردود على مقالك تردك إلى الرشد فانت أولى بنفسك لردها إلى الصواب.. يبقى سؤال أخير هل ثقافتك تسمح لك بمعرفة الصواب؟ علي سيف الدين عزابي باريس 31 مارس  


توضيح


يقود صاحب ورقات تونسية حملة تشويه مركزة لعضوين من النقابة الجهوية للتعليم الثانوي بسيدي بوزيد بتحريض من جهات معروفة بعدائها للعمل النقابي المناضل و خدمة لدوائر يرتبط بها، محاولا تضليل الرأي العام النقابي و السياسي بالبلاد، ولأننا لا نريد الدخول معه في مهاترات نود أن نوضح له الأمور التالية : إن العضوين المشار إليهما في مقالاته التشويهية هذه هما: * علي الزارعي : الكاتب العام للنقابة الجهوية للتعليم الثانوي، و عضو المكتب التنفيذي الجهوي و منسق مجموعة منظمة العفو الدولية بسيدي بوزيد. * عطية عثموني : عضو المكتب السياسي للحزب الديمقراطي التقدمي، عضو نقابة التعليم الثانوي، منسق مساعد لمجموعة منظمة العفو الدولية بسيدي بوزيد. أعده بأنني سوف لا اعلق على ما جاء في مقالهم للأسباب التالية: – الأول : عدم تكافئ في المستوى العلمي بين من يحمل الأستاذية  و بين من لم يتحصل بعد على شهادة الباكالوريا – الثاني : عدم التكافئ في التاريخ النضالي النقابي و السياسي إذ أن صاحبنا غير معروف في أوساط الحركة الديمقراطية ولا يعرف للنضال سبيلا خارج إطار الشعبة الترابية بالكرمة من معتمدية المكناسي و المؤسسات الحزبية و السياسية للسلطة. – ثالثا : هذا القلم الذي يدعي الحرية هو لا يملك من الحرية إلا الاسم فنحن نعرف مع من يعمل و لصالح من يشوه المناضلين. – رابعا : انه عمد إلى تشويهنا لما قدمنا للرأي العام حقيقته و ارتباطاته السياسية و علاقاته المشبوهة على اثر المقال الصادر عن الأخت سها التركية/التونسية و الذي شرحت فيه المضايقات التي تعرضت لها من قبل صاحب ورقات تونسية.    عطية عثموني مناضل سياسي و نقابي و حقوقي سيدي بوزيد — المرصد التونسي للحقوق و الحريات النقابية Observatoire tunisien des droits et des libertés syndicaux  


المهجّرون صداع في رأس السلطة

 


الطاهر العبيدي/ صحفي وكاتب تونسي مقيم بباريس taharlabidi@free.fr لعلني وأنا أتابع المشهد المهجري التونسي الذي تمضغه أسئلة العبور المشروخ، وتلوكه الأحاديث المعطوبة حول جواز سفر مفقود بات الحصول عليه يتطلب صبر أيوب، ويتقاذفه النقاش ” المفروم ” حول صيغ العودة، بين عائد بعد عشرات السنوات بأبسط الممكنات، وبين منتظر للعودة بأبسط التنازلات، وبين ساع لعودة مهما كانت المقايضات، وبين  قابض على عودة كريمة متى تغيرت المعادلات، وبين طامح لعودة وفيّة لسنوات النضال… وبين هذا وذاك تشابكت التحليلات وتباينت المبررات، لتصبح العودة للوطن تثير الكثير من التساؤلات، لتتزاحم الرؤى بين مؤيد لعودة كعودة السوّاح والهاجرين، وبين حالم بعودة كعودة الفاتحين، وبين مناصر لعودة كعودة المتنكرين، وبين متشبث بعودة كعودة المتسللين، وبين مترقب لعودة تحفظ الكرامة وتستجيب لمبدأ الوفاء لتاريخ الزمن السياسي، وبين مصرّ على عودة كعودة  المناضلين… ولئن كانت كل هذه المقاربات المتنافرة، والمتقاطعة والمتجانسة، والمتقاربة والمتعاطفة والمتلاكمة، تبحث في مجملها عن الخلاص من سنوات التهجر والمنفى الاضطراري، والحرمان من العودة للبلاد، وحالة الاغتراب، وتمطط أعوام التهجر والغياب، إلا أنها تشترك في ضباب الأفق المهجري، الذي ظل راسبا في نفس الزمان ونفس الجغرافيا ومرتهنا لواقع التردّد والضباب، ممّا خلق حالة من الربو الوطني،  والتمرّد العلني والخفيّ على وضعية التأرجح، ضدّ المنطقة الوسطى المحالة على المياه الإقليمية المحاذية لحالة الترقب والانتظار.. وحين نحاول استبيان هذه المقاربات التي تتقابل في محنة التهجّر والغياب، والحرمان من دفء الأهل والبلاد، نكتشف حجم الفاجعة، وحالة الاضطراب في طي هذا الملف الذي تآكلته السنين، وغدا وجعا مستيقظا في صدور المهجّرين، وصداعا في رأس السلطة، وبات التغاضي عنه أو تجاهله تواطئا ضد الذاكرة الوطنية، واستمرارا في توطين الصمت الآثم… عندما تنتفي مبرّرات التهجير لو نحن أردنا فيما أردنا رفع الغطاء عن الزوايا الخلفية لهذا الموضوع، لأمكن لنا استكشاف المظلمة الصارخة تجاه المئات من التونسيين، الذين توزّعوا على العديد من بلدان العالم كلاجئين سياسيين، منذ أكثر من عشرات الأعوام، وبقوا يحملون هوية بلا عنوان، وأنجبوا جيلا ثانيا وحتى جيلا ثالثا ترعرع خارج دفئ الأرض وحرارة الديار، بعيدا عن حضن تربة الآباء والأجداد، ما يجعل الأسئلة تتراصف متناطحة، أليس من الحيف أن يظل هذا الملف معلقا ويصبح بعمر أجيال، رغم أن مبرّرات التهجير قد أصبحت لاغيه، بحكم مرور الزمن، وانتفاء التهم، التي غالبيتها تتمايل بين – عقد اجتماعات – وكتابة وتوزيع مناشير- والانتماء لجمعية غير مرخص فيها…فإذا بهؤلاء  المذنبين ، أو المصنفين بالانقلابيين والمتنكرين ” لنعمة السابع من التغيير ” في بلدان غير بلدانهم، حيث تلك التهم التي صنّفت عندنا جرائم في حق الدولة والمجتمع، هنا تعتبر حقوقا مدنية، يقرّها القانون ويحميها الدستور.  كما أن السنين المتتالية في الغرب لم تسجل أي مخالفة أو جريمة حق عام ضدّ أي من هؤلاء المهجّرين تجاه بلدان الإقامة. ممّا يكنس القول، بأن المهجّرين هم فصيلة من المجرمين الفارين من العدالة، والهاربين من قضايا حق عام. إلى جانب أن الأغلبية حققوا نجاحات معتبرة، سواء علمية أو ثقافية أو اقتصادية  أو حقوقية كانت لها آثارا إيجابية على الوجود الإسلامي في الغرب.. حين يصبح جواز السفر بضاعة في المزاد من المفارقات التي ستظل عنوانا رديئا تضرب به الأمثال جيلا بعد جيل، وجرحا عميقا في الذاكرة الجماعية، وطرفة ثقيلة ستتناقلها الأمم والمجتمعات، لنسجل أن الحقوق الإدارية بالنسبة للمهجرين التونسيين باتت عنوانا من عناوين التسوّل، حيث أصبح الحصول على جواز سفر يستدعي الانتظار سنوات على رصيف الصبر، يتجاوز الحصول على شهادة دكتوراه، ويعادل فناء الأعمار في ديار الغربة، ويتطلب عند البعض تركيب قصائد عذرية، وتنظيم عكاظيات في جواز سفر محجوز في دوائر القنصليات بالخارج بأمر من وزارة الداخلة، التي جعلت من وثائق إدارية وحقوق مدنية ينصّص عليها القانون، ويشرّعها الدستور غنائم حرب، ووقفا يدخل قي باب المنّ والمقايضة، التي تعتدي على الوطن والمواطنة، وتؤسس لتعميم عسكرة الإدارة، وتفشي ظواهر المقايضات السياسية في جميع مناحي الحياة الاجتماعية، مما يخلف نوعا من التذمّر الصامت، تجاه هذا الأسلوب الرضيع في التعامل مع ملف المهجّرين،  الذي عوض أن يعالج أخلاقيا بالاحتكام للعقل والضمير، يعالج عبر اختلاق رباعية شروط للحصول على جواز سفر منها: الإمضاء على أحد البيانات الموالية للسلطة – التنصل من التاريخ النضالي أو السياسي أو الحقوقي أو الفكري السابق – كتابة نصوص تمجيدية وأخرى ضد رؤى حزبية معارضة – المراودة على الانضمام إلى العيون الراصدة… وكأن هذه الشروط أصبحت وثائق شرطية بدون الانصياع لها لا يمكن الحصول على جواز سفر، الذي لا يتطلب استخراجه سوى مضمون ولادة، ونسخة من بطاقة تعريف قومية، وأربع صور شمسية. ودون ذلك فهو اعتداء صريح على حقوق المواطنة، وتثبيتا لمقولة: ” جون لوك “- عندما ينتهي القانون يبدأ الطغيان -، غير أن مصالح القنصليات سواء إيعازا أو ابتكارا، تمارس اجتهادا خاطئا يخالف ضوابط القانون، ويطعن بنود الدستور. ممّا يؤشر على اختلال في ترتيب منطق الأشياء، ويحيل على واقع التأزّم بين النص والتنفيذ، وبين القول والتنزيل، ليتحوّل امتلاك جواز سفر من حق محفوظ، إلى حسنة وعطاء مشروط. التململ في اتجاه رصد الطريق قد تكون سنوات العطش للأهل والديار وتمطط أعوام الغربة والفراق، وخضخضة الحنين والاشتياق، وحالة التفرّج وانسداد الآفاق، دفع البعض لمحاولات فتح كوّة في جدار الصمت، تفلتا من وخزات القدرية، وواقع الانتظارية، عبر مفردات المربعات السوداء والبيضاء، والكؤوس ذات الأنصاف الملآى والفارغة، أملا في تعبيد طريق ثالث يطوي ملفا أكلته رطوبة المنافي، وقضمته ضبابية الرؤى، ونهشته سلطة فولاذية راسبة في الفعل العتيق. بيد أن هذه المفردات بقيت صيحات متلاشية في وادي غير زرع، وأوراق متناثرة بلا تفعيل ودون جمهور، ومقاربات لم تراكم المأمول.. وبين هذا وذاك برز تكتلا في شكل إطار واعد، أراد أن يؤسّس لفعل جماعي لتلافي الانحناء والسقوط، ما زال هو الآخر يتلمس الطريق، ويبحث عن صبح شريد.. دون نسيان إحدى الورقات التي ابتدأت واعدة، مثلها مثل البعض من المشاريع السياسية المعارضة، والمبادرات الحقوقية، التي تلوح لحظة التأسيس معبأة بالأمل والوعود اليانعة، ثم سرعان ما تذبل وتتصاغر وتصفرّ وتتلاشى، لتترك آثارا سيئة وخيبة أمل، تصفع وجوه من تفاعلوا أو تضامنوا أو تعاطفوا أو انخرطوا.. مكاسب السلطة وراء عملية انتقاء العائدين؟ إن من أبجديات المعارك السياسية هو التعالي عن استثمار الجراح، حتى لا تتحوّل إلى مربّع للأحقاد، وميدانا للركل والركل المضاد، وما يشدّنا هنا هو أن السلطة عبر اقتناصها لبعض المهجّرين وممارسة الضغوط، لتحقيق بعض الشروط، مقابل جواز مرور، وتسهيل عملية العبور، يجعلها تحسّ أنها حققت انتصارا في ملف مؤرّق لها باتت من خلاله منعوتة بالأصابع، غير أنها لا تدرك أنها تواصل الاستثمار في الفراغ، من خلال تجميع تواقيع وإمضاءات، لا تأخذ بالاعتبار خبايا النفوس للبعض ممن آمنوا أن زمن العودة قد تأخر جدا، وأن الترقب أكثر ما عاد مفيدا، فخيّروا الانصياع لما تمليه القنصليات من شروط، من أجل استخراج جواز سفر والعودة للبلاد بأقل التكاليف، طالما المقابل توقيعا أو كتابة بعض السطور، وطالما كل هذه الأمور تتمّ عبر اللسان والأصابع دون الإمضاء عليها بالقلوب والسرائر. هذا ولا يغرّن بعض العائدين الابتسامات الأمنية الصفراء، في المطارات أو الموانئ أو أثناء الاستقبال في مكاتب وزارة الداخلية، ويتسلحوا بالحذر والانتباه، وعدم الانبهار بما سمّي عند البعض بالمعاملة الحضارية، فهي في نهاية الأمر أدوات مهنية، وأن يحتاطوا بعد تكرّر الزيارات من القضايا الكيدية، وإن كان هناك من تحمّل قسوة السجون والاعتقالات في بداية الطريق، حين كان في عنفوان الشباب، فالعائد الآن ما عاد جسده كما كان،  وحتى وإن كان السجن مستبعدا، فيكفي العائد لرؤية الأهل والبلاد، أن تسحب منه في مرّة من المرّات تذكرة العودة لمدة شهر عن موعد السفر والإقلاع، تحت ذريعة ما، لترتج شؤونه العائلية، وتصاب مصالحه بالتبعثر والاضطراب.     ” من شروط صحّة الزواج امتلاك جواز سفر “ بات الحصول على جواز سفر من حين لآخر يستدعي الرقص بالحرف والسطور، ويتطلب فتح نوافذ لتهاطل التهاني الالكترونية، ويثير الإعجاب بهذا الانجاز الذي لا ينقصه سوى إقامة الليالي الملاح وذبح الكباش، في حين أن وزنه لا يتعدى الحق المشروع. ويذكرني هذا الوضع بآخر السبعينات، حيث كان السفر إلى فرنسا لا يتطلب تأشيرة. غير أن الحصول على جواز السفر يستدعي سنوات من الانتظار، نظرا للبيروقراطية الإدارية وتعثر مفهوم المواطنة، وممّا يروى من الطرائف الواقعية، أن أحد المناطق الريفية في الشمال الغربي، تشترط على من يتقدم لخطبة فتاة أن يستظهر بجواز سفره، لأن من يملك هذه الوثيقة يستطيع السفر إلى فرنسا للشغل، وجلب سيارة التي تعتبر رمز الرفاهية، ومن يتقدم لخطبة عروس دون جواز فمصيره الرفض وبئس المآب.   هذا وتبقى تونس موصدة منذ عشرات السنوات في وجه شريحة من أبنائها ذوي الكفاءات،  الذين في غالبيتهم حققوا تألقا في اختصاصات متعددة تشرّف البلاد، وسجلوا حضورا متميزا في المهاجر. وظلت مفتوحة على سياحة أصحاب السراويل المتدلية والمنخفضة تحت الخصر، وعبدة الشيطان، وقراصنة الآثار، ومختلسي الذاكرة الوطنية، والعديد من الظواهر التي تسوّق للرداءة والانحدار، لتقويض قيم المجتمع ونشر ثقافة الخراب..  
العرب نيوز / 1  – 4 – 2010


أخبـار

يحدث في جمهورية الرعب والاستبداد جريمة بشعة وغامضة جدّت وقائعها يوم 23 مارس 2010 بمعتمدية جلمة ولاية سيدي بوزيد، حيث عمد عون أمن يدعى جمال الرابحي إلى إطلاق الرصاص على المسمى “لطفي كريم”، وهو شاب أصيل نفس المنطقة من مواليد 05 أوت 1980، فأرداه قتيلا بعد تعنيفه وإهانته، كما لفقت له تهمة افتكاك المسدس فالانتحار. فهل يعقل أن تنعدم الوسائل وتقل السبل أمام هذا الشاب حتى يلجأ للانتحار بهذه الطريقة؟ حالة غليان تعيشها المنطقة عموما وعائلة الضحية خصوصا. ومن المضحكات المبكيات أن المدان في هذه القضية هو نفسه المحقق فيها ممّا دفع بالعائلة إلى اللجوء إلى الرابطة التونسية لحقوق الإنسان والجمعية التونسية لمناهضة التعذيب أملا في الكشف عن الأسباب الحقيقية للوفاة. حيدر إضراب جوع (1) دخل الشاب حاتم فاضل من معتمدية بوزيان من ولاية سيدي بوزيد منذ منتصف يوم الخميس 31 مارس 2010 في إضراب عن الطعام بالشارع الرئيسي للمدينة للمطالبة بمنحه قرضا لإنجاز مشروع صغير لضمان لقمة عيشه. وقد أراد الشاب المعطّل عن العمل بهذه الحركة الاحتجاج على البنك التونسي للتضامن الذي رفض له عديد المرات مطالب قرض دون حجج مقنعة سوى تواصل سياسات المحسوبية والتمييز التي يعتمدها هذا البنك. إضراب جوع (2) صرّح المناضل عدنان الحاجي، الناطق باسم حركة الإحتجاج المنجمي، أنّه سيدخل منذ صباح الجمعة 02 أفريل الجاري في إضراب مفتوح عن الطعام إحتجاجا على تواصل هرسلته الأمنيّة التي وصلت إلى درجة لا تطاق وتطال السجين المسرّح في كلّ الأماكن التي يقصدها، وللتذكير فقد تمّ منعه يوم الجمعة 18 مارس 2010 من التحوّل إلى مدينة الشابة لحضور ندوة تنظمها جمعيّة النهوض بالطالب الشابي. إعتداء قام أحد أفراد ميليشيا تابعة للتجمع الدستوري الديمقراطي عشية الخميس 01 أفريل الجاري بأحد شوارع معتمدية بوسالم بالإعتداء بالعنف الشديد على صحافي راديو كلمة السيد المولدي الزوابي وسلبه أوراقه الشخصيّة وبطاقة صحفي ومبلغا ماليّا هاما.وكان المعتدي قد بادر بسبّ الصحفي والسخرية من مواقفه السياسية والفكرية واتهمه بالعمالة وتشويه صورة تونس في الخارج. وقد تسبّب الإعتداء للصحفي في أضرار بدنية ملحوظة. قدّم المتضرّر شكاية في الصدد ويعتقد أن لا تؤول إلى نتائج باعتبار تورّط البوليس السياسي فيها. منظمة”هيومن رايتس ووتش” في الحوض المنجمي بعد تقريرها الذي أحدث ضجّة هذه الأيام حول معاناة المساجين السياسيين في تونس، يستعدّ مرصد حقوق الإنسان في المدّة القادمة إلى تقديم تقرير حول الانتهاكات النقابية في تونس. ولهذا الغرض أرسلت المنظمة إلى تونس هذه الأيام باحثة قسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا رشا مومنه لتقصي أوضاع الناشطين في الإتحاد العام التونسي للشغل والإتحاد العام لطلبة تونس ونقابة الصحافيين. وقد تحولت يومي 30 و31 مارس إلى مدن الحوض المنجمي والتقت بجملة من قادة الحركة الاحتجاجية وعائلاتهم وسط مراقبة بوليسية مكثفة ودائمة. وتجدر الإشارة أنّه أثناء مرافقة الباحثة إلى محطة سيارات الأجرة للرجوع إلى تونس مساء الأربعاء 31 مارس تعرضت منسقة اللجنة الجهوية للدفاع عن أصحاب الشهائد المعطلين عن العمل بقفصة السيدة عفاف بالناصر، والنقابية الطلابية فاتن خليفة إلى اعتداء من قبل رئيس منطقة الأمن بقفصة الجلاد فاكر فيالة الذي أسمعهما بذيء الكلام أمام كلّ مرتادي المحطّة في مواصلة لسلوك التعدي على النشطاء والناشطات في الجهة في ظلّ تفشّي سياسة الإفلات من العقاب. جبنيانة: تلميذ بالسنة التاسعة أساسي أمام محكمة الأسرة والطفولة بصفاقس مثل اليوم الثلاثاء 30 مارس 2010 أمام محكمة الأسرة والطفولة بصفاقس التلميذ طارق بن نصر وذلك على خلفية التحركات المساندة للطلبة المساجين التي شهدتها مدينة جبنيانة والتي برز فيها بالخصوص مناضلو الحركة التلمذية بمختلف المعاهد بالمدينة، وقد تمسّكت هيئة الدفاع ببراءة موكلهم مؤكدين على الطابع الملفق للقضية (الإضرار بأملاك الغير) وأكدوا أن المتسبّب الحقيقي في الأحداث التي جدّت بمعهد 18 جانفي بجبنيانة كان فرق التدخل التي اقتحمت المعهد وقامت بالاعتداء بالعنف الشديد على التلاميذ والأساتذة مخلّفة أضرارا مادية كبيرة بالمعهد. وبحضور عدد من مناضلي الاتحاد بجهة صفاقس، أعلن عن أدانته بالتهمة المنسوبة إليه، ونظرا لصغر سنه (يدرس بالسنة 9 أساسي) تم الإفراج عنه بضمان أبوي بالإضافة إلى وضعه 6 أشهر تحت المراقبة. اللجنة الوطنية لمساندة أهالي الحوض المنجمي : (المصدر: “البديـل عاجل” (قائمة مراسلة  موقع حزب العمال الشيوعي التونسي) بتاريخ 1 أفريل 2010)


طلبة تونس WWW.TUNISIE-TALABA.NET أخبار الجامعة
الإربعاء 31 مارس 2010 العدد الثاني و العشرون – السنة الرابعة –

السنة الجامعية 2009 – 2010 : بلوغ المرحلة النهائية ….
أسابيع قليلة أصبحت تفصلنا عن موعد الإمتحانات النهائية للسنة الجامعية الحالية 2009 – 2010 حيث تشرع أولى المؤسسات الجامعية في إجراء الإمتحانات في الأسبوع الثاني من شهر ماي في حين بدأت إمتحانات الماجستير مباشرة إثر عطلة الربيع و نظرا لوجود دورتين متعاقبتين فإن ماراطون الإمتحانات سيمتد على فترة زمنية طويلة نسبيا تقارب الشهر و نصف و تبعا لذلك ينتظر أن يتقلص النشاط داخل المؤسسات الجامعية ليتفرّغ الطلبة للمراجعة اللهم إلا إذا جدّت أحداث طارئة محلية أو دولية …. المعاهد العليا للدراسات التكنولوجية : إمكانية إلتحاق الطلبة بالمعهد الوطني للعلوم التطبيقية ….  
  بعد إقرار منظومة ” إمد ” في مختلف المعاهد العليا للدراسات التكنولوجية تقرر تمكين 10 في المائة من الطلبة الأوائل المتحصلين على الإجازة في اختصاص الإعلامية من الإلتحاق بالمعهد الوطني للعلوم التطبيقية و التكنولوجيا بتونس لمواصلة الدراسة في شعبة الهندسة مما يفتح آفاقا واعدة لهم مع الملاحظة بأنه – خلال السنوات الأخيرة – حصل إقبال مكثف من الناجحين الجدد في الباكالوريا على المعاهد العليا للدراسات التكنولوجية و ذلك لتلاؤم برامج الدراسة مع مستوياتهم العلمية و حصولهم على تكوين يسمح لهم باقتحام سوق الشغل  …. السنــــــة الدوليــــة للشبــــاب 2010 : صفاقــــس : محاكمة تلميذ على خلفية التحركات التلمذية بجبنيانة …
أحيل يوم الثلاثاء 30 مارس 2010 التلميذ

طــــارق بن نصـــر

على أنظار المحكمة الإبتدائية بصفاقس بتهمة ” الإضرار بملك الغير ” و ذلك بعد انقضاء قرابة الشهرين على التحركات التلمذية التي شهدتها مدينة جبنيانة و معاهدها مساندة لناشطي و أنصار الإتحاد العام لطلبة تونس الذين تم تسليط أحكام قاسية ضدهم فيما عرف بقضية مبيت ” البساتين ” للطالبات بمنوبة و اعتبر التلميذ طارق التهمة الموجهة إليه كيدية و ملفقة بسبب مشاركته في الإحتجاجات التي حصلت كما أكد تعرضه للتعذيب و الإهانات اللفظية و قد أصدرت قاضية الطفولة في شأنه قرارا بإخضاعه للمراقبة لمدة غير محدودة …. القطب التكنولوجي ببرج السدرية : عز الدين التريكي يهدّد طالبتين ….

قام المدعوّ عــز الديـــن التريكــي رئيس قسم ” وحدة الموادّ ” بالقطب التكنولوجي ببرج السدرية جنوب العاصمة تونس يوم الإربعاء 24 مارس 2010 بتحذير الطالبتين

نجـــلاء بن عثمـــان

التي تزاول تعليمها بالمرحلة الثالثة بكلية العلوم ببنزرت و زميلتها أمــــل صالـــح التي تدرس بالسنة الثالثة من أن ارتداءهما للحجاب سيجلب لهما المتاعب في صورة إصرارهما على الإلتزام بذلك و قد استعمل مصطلح ” الزي الطائفي ” الذي لم ينفك بعض الإستئصاليين و أعداء الحرية من ترديده باستمرار …. و كان الأولى بهذا الباحث أن يهتم بما في عقول الطالبتين من كفاءة علمية تفيد الوطن و ليس الإهتمام بشكل لباسهن الذي ليس من مشمولاته الخوض فيه ….  حصـــــاد الهشيــــم : تونـــس : طالبــــة تطـــارد والدتـــها بسكيـــن بعد جلســـة خمريـــة …..

مثلت في أواخر شهر مارس 2010 طالبة جامعية أمام أنظار إحدى الدوائر الجنائية بالمحكمة الإبتدائية بتونس بتهمة محاولة قتل والدتها البالغة من العمر 42 سنة بعد أن احتست معها الجعة … و تقيم الطالبة – وهي أصيلة جرجيس و تدرس بإحدى المؤسسات الجامعية بتونس العاصمة – بمنزل استأجرته صحبة والدتها في ضاحية باردو ….  و بعد أن فعلت الخمرة مفعولها في رأس الطالبة أشهرت سكينا من الحجم الكبير في وجه والدتها و لاحقتها في الطريق العام مطلقة مختلف النعوت المشينة تجاهها إلى درجة الطعن في شرفها مهددة إياها بالذبح للتخلص منها نهائيا و قد تم القبض على الطالبة الصعلوكة رفقة والدتها و تم عرضهما على المحكمة التي قضت بسجنها مدة سنة واحدة في حين نالت والدتها 4 أشهر سجنا القيــــروان : طالـــــب يســـرق جــــاره …
قام طالب – أصيل إحدى ولايات الشمال- و يدرس بمؤسسة جامعية بالقيروان بمعية ثلاثة من أصدقاء السوء بالسطو في الأسبوع الثاني من شهر مارس 2010 على دراجتين ناريتين من الحجم الكبير و تجهيزات كهربائية و أحذية رياضية و ملابس  و مبلغ مالي قدّر بـــ  2700 دينار من مخزن على ملك جار الطالب و قد تم القبض على الطالب الذي صرح أثناء التحقيق معه بأن الحاجة هي التي دفعته إلى ارتكاب السرقة إضافة إلى الظروف الصعبة التي تعيشها عائلته حيث أن أمه مريضة بالقلب و أبوه يعاني من مرض السرطان و ينتظر أن يمثل هو و رفاقه الثلاثة أمام المحكمة في المدة القريبة القادمة …. تونـــس : طالـــب ضمن عصابة خطيرة لترويج المخدرات ….
نظرت دائرة الإتهام بالمحكمة الإبتدائية بتونس خلال الأسبوع الأول من شهر مارس 2010 في قضية شبكة مخدرات تضم 18 نفرا من بينهم طالــب يدرس بمعهد بورقيبة للغات الحيّة و قد وجهت لهم تهم ” استهلاك و مسك مادة مخدرة مدرجة بالجدول ” ب ” لغاية الإستهلاك الشخصي و المسك و الحيازة و الملكية و التوسط و الشراء لمادة مخدرة مدرجة بالجدول ” ب ” بنية الإتجار و المشاركة في ذلك ” و تضم العصابة إضافة إلى الطالب المذكور فنان شعبي أصيل ولاية القصرين و ابن أخته و سائق سيارة أجرة أصيل طبرقة و نادل بمقهى و قد تم إيقاف أفراد العصابة في أماكن مختلفة توزعت بين نعسان و بومهل و الزهراء و القصرين و طبرقة و حجز لديهم عدة كيلوغرامات من المخدرات …. تونــــس : تلميذة تعتدي بسكين على زميلتها و شقيقها ….  
كادت تلميذة تدرس بإحدى المدارس الإعدادية بسيدي بوسعيد يوم الإربعاء 24 مارس 2010 تتسبب في جريمة قتل مزدوجة من خلال اعتدائها على زميلة لها و شقيقها مستعملة سكينا و قد تم إلقاء القبض عليها و إيداعها بمركز إصلاح الأطفال الجانحين بالمغيرة و كانت التلميذة ذات الستة عشر ربيعا قد رافقت زميلتها إلى مدينة الألعاب ” دحدح ” أين قضتا يومهما في اللهو و عند الرجوع إلى منزل زميلتها الكائن بالمرسى اقترحت عليها مشاهدة الصور التي التقطتاها بالفضاء المذكور من خلال الحاسوب المحمول الذي كان آنذاك بحوزة شقيقها ، و قد رفض هذا الأخير تمكينهما من الحاسوب فحصلت مشاجرة بين الشقيقين و تمكنت الفتاة من افتكاك الحاسوب من شقيقها فاغتاظ بسبب ذلك فذهب إلى المطبخ و رجع حاملا معه سكينا مهددا به شقيقته و زميلتها فما كان من التلميذة المتهمة إلا أن بادرت إلى افتكاكه منه بعد تصارع و وجهت له – وهي في حالة غضب – عدة طعنات و لما همّت شقيقته بنجدته نالت هي الأخرى عدة طعنات في أماكن مختلفة من جسدها مما استوجب نقلها على جناح السرعة إلى أحد المستشفيات … و قد أحيلت التلميذة المتهمة يوم السبت 27 مارس على أحد مكاتب التحقيق بالمحكمة الإبتدائية بتونس بتهمة ” محاولة قتل نفس بشرية عمدا و حمل و مسك سلاح أبيض دون رخصة ” …. نابـــــل : اختطاف طالبـــة …
تعرضت طالبة أصيلة ولاية باجة و تدرس بإحدى المؤسسات الجامعية بمدينة نابل في منتصف شهر مارس 2010 إلى الإختطاف من قبل 6 شبان و قاموا بتحويل وجهتها إلى منزل مهجور أين قاموا باغتصابها و قد تم القبض على خمسة منهم و تم عرضهم على قاضي التحقيق بالمحكمة الإبتدائية بقرنبالية ….. لقطــــــة :
يتندّر العديد من الطلبة بقصة الزواج المرتقب لوزير الهجرة الفرنسي إيريك بيسون بالطالبة التونسية المقيمة بفرنسا ياسمين خلال شهر جوان القادم قائلين بأن أبواب الهجرة ستفتح أمامهم واسعة ” ما دمنا ولّينا انساب ” و سيتمكنون من التسجيل في مختلف الجامعات الفرنسية …. و اقترح بعضهم إقامة مراسم الزواج في المركب الجامعي بتونس و بالتحديد في ساحة كلية الحقوق المخصصة – عادة – لتنظيم أضخم التجمعات الطلابية و ذلك حتى يتمكن آلاف الطلبة من حضور ” الزواج السعيد ” …. و في الختـــــام :
” إذا كانت الرقابة البرلمانية و التدقيق المحاسبي يكفلان قدرا كبيرا من الشفافية و وفرة المعلومات و البيانات ، فإنها تظلّ سيفا بلا نصل في المعركة ضد الفساد ما لم تأخذ طريقها إلى النشر ، لذا تبرز أهمية الإعلام الحرّ في هذه الحرب ، إذ أن نشر الأخبار المتعلّقة بالفساد و تعليقات الأعمدة الصحافية صانعة الرأي عليها ، و مناقشتها في الحوارات الإذاعية و التلفزيونية ، و متابعة أصدائها داخل المجتمع ، من شأنه خلق رأي ضاغط يربك القوى النافذة حامية الفساد ، بالإضافة إلى ولع رجال الإعلام الدائم بالسبق في الكشف عن الخبر بما يجعل من الإعلام رقابة غير تابعة أو خاضعة إلى أجهزة الرقابة الرسمية التي تمدّ بالمعلومات ، بل إنه يكاد يكون رقابة على الجميع بما فيهم أجهزة الرقابة الرسمية ، و يمكنه تفجير فضائح الفساد قبل اكتشاف المؤسسات الرسمية لها “                                          ” الديمقراطية كآلية لمكافحة الفساد و التمكين للحكم الصالح ”                                                          – إسماعيـــــل الشطّــــي –  


عودة إلى الانتخابات البلدية : لماذا رفضُ العمل الموحد والإصرار على التشتت؟!


I – مقدمة كنا تطرّقنا في العدد الفارط من “صوت الشعب” (العدد277، فيفري 2010) إلى موضوع الانتخابات البلدية المزمع تنظيمها في 9 ماي المقبل. وقد بيّنا أن هذه الانتخابات ستجري في نفس ظروف “الانغلاق” السياسي التي جرت فيها، قبل أشهر (أكتوبر 2009) الانتخابات الرئاسية والتشريعية وهو ما من شأنه أن يجعلها نسخة من هذه الانتخابات المهزلة، سيرا ونتائج وبالتالي سطوا على الإرادة الشعبية. وبناء على ذلك دعونا قوى المعارضة السياسية والمدنية إلى التشاور من أجل تحديد موقف مشترك، وعبّرنا عن استعدادنا للتفاعل مع أيّ مقترح يخرج بالمعارضة من حالة التشتت والتشرذم التي عمقتها الانتخابات الرئاسية والتشريعية السابقة، دون مبررات جدية، ويضعها على سكة النضال الموحد، لا لمواجهة الانتخابات البلدية فحسب، بل كذلك لمواجهة مقتضيات المرحلة السياسية ككل، وعلى وجه الخصوص، مواجهة ما تخطط له القوى المتنفذة في الحكم، الظاهرة والخفية، من إمكانية تلاعب جديد بالدستور لـ”التمديد” لبن علي لولاية سادسة بعد أن يكون استنفذ في عام 2014 ولايته الخامسة والأخيرة، حسب الدستور المحوّر في عام 2002 الذي فتح الباب مجددا أمام الرئاسة مدى الحياة، أو لإيجاد صيغة من صيغ “التوريث” تمكنها من الحفاظ على السلطة، وهو ما يفرض بإلحاح على المعارضة الجادة بلورة مشروع مشترك للتغيير الديمقراطي، لتواجه به الانقلابات المستمرة لنظام الحكم الحالي على الإرادة الشعبية، وترسم به طريق الخلاص أمام مختلف القوى الاجتماعية الضجرة من الوضع الحالي والقلقة من مخاطره المستقبلية. II – مبادرة جديدة لتوحيد الصفوف وقد برزت في الأثناء مبادرة توجه بها جمع من المناضلات والمناضلين المستقلين، من بينهم السادة العياشي الهمامي وخميّس الشماري وعميد المحامين السابق عبد الستار بن موسى، إلى مختلف مكونات “المعارضة الوطنية وقوى المجتمع المدني” بهدف توحيد الصفوف لإحداث شرخ في جدار “الانغلاق” وخلق دينامية نضالية تتجاوز حدود الانتخابات البلدية إلى بعث “حركة مدنية واسعة من أجل التغيير الديمقراطي” حركة تجمع بين العمل في إطار القانونية لاستيعاب أكثر ما يمكن من الناس وعدم إعطاء ذريعة مباشرة للسلطة لتكسيرها بدعوى أنها “غير قانونية”، وبين النضالية في سلوكها وتحركاتها حتى تكون قادرة على فرض نفسها ميدانيا وعلى افتكاك المساحات التي تمكنها من الوصول إلى الشعب. وقد أوضح أصحاب المبادرة أن دعوتهم إلى إعداد قائمات للانتخابات البلدية كخطوة أولى ومباشرة لخلق الدينامية النضالية المنشودة “لا تعني بصفة آلية قرار المشاركة أو المقاطعة منذ الآن بل تعني الدعوة إلى خوض مسار نضالي في إطار القانون بحيث لا تستطيع السلطة منعه إلا بخرقها للقانون وبالتالي لحقوق المواطنين والأحزاب السياسية في الإعداد لانتخابات قانونية”، ممّا يجعلها مرة أخرى محجوجة وبالتالي يضعف موقفها. ولم يُخف أصحاب “المبادرة” من الآن أن المشاركة في الانتخابات البلدية “مرتبطة بتوفر الشروط الدنيا لانتخابات حرة وديمقراطية ونزيهة وأهمها إرساء هيئة وطنية مستقلة تشرف على المسار الانتخابي منذ انطلاق الحملة إلى إعلان النتائج وحياد الإدارة وتمكين المواطنين من بطاقات الانتخاب دون إقصاء”. وهي المحاور التي ستناضل من أجلها المبادرة ميدانيا في ما تبقى من وقت. وكما هو واضح من هذا الكلام فإن أيّة مشاركة في الانتخابات البلدية ستكون مشروطة. وهو ما يعني ضمنيا أن المقاطعة واردة في صورة عدم توفر الشروط الدنيا لانتخابات حرة ونزيهة، وهو في رأينا موقف، منطقي، وسليم حتى لا تتحوّل المشاركة إلى مشاركة صورية تخدم مصالح السلطة وديكورها الديمقراطي، بأن توفر لها فرصة الادعاء بأن انتخاباتها كانت “تعددية” و”نزيهة” و”شفافة” وأنها “برهنت” مرة أخرى على “قوة” التجمع الدستوري الحاكم و”ضعف” أحزاب المعارضة. ورغم ما لحزب العمال الشيوعي التونسي من تحفظات على هذه “المبادرة” وهي تحفظات لا تمس روحها وخطوطها العريضة، بل جوانب جزئية تتعلق ببعض التقويمات والتقديرات، فإنه تفاعل معها إيجابيا وعبّر عن استعداده للانخراط فيها والعمل على إنجاحها بكل حماس وتفان، لما تتسم به من مرونة ومبدئية في نفس الوقت، ولما تحدوها من رغبة في توحيد صفوف المعارضة أمام التحديات السياسية التي تواجهها على المدى القريب والمتوسط، وهو ما يندرج ضمن الاهتمامات الرئيسية لحزب العمال في الظرف الحالي. III – خيبة أمل أخرى… وقد توقعنا أن تحظى “المبادرة” بالقبول لدى معظم إن لم نقل كافة الأطراف السياسية المعارضة وأن تجد فيهـا هذه الأطراف فرصة لتجاوز المخلفات السلبية لانتخابات أكتوبر الماضي والالتفاف نحو المستقبل وما تفرضه من تحديات على الجميع. ولكن “ما كل ما يتمنى المرء…”، فقد جاءت ردود الأفعال على “المبادرة” مخيّبة للآمال، عاكسة رفضا مبطنا أحيانا وصريحا أحيانا أخرى، لا لتوحيد الموقف من الانتخابات البلدية فحسب، بل للعمل المشترك عامة. ففي ما عدا حزب العمال والحزب الديمقراطي التقدمي اللذين رحّبا بالمبادرة، فإن الأطراف الأخرى تحفظت عليها. فقد ذكر العياشي الهمامي، في حوار نشر بجريدة الموقف عدد 535 لتاريخ 28 فيفري 2010 أن “حركة التجديد” و”التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات” و”تيار الإصلاح والتنمية” (محمد القوماني، فتحي التوزري…) عبّروا عن عدم استعدادهم حاليا للدخول في عمل موحّد يخص الانتخابات البلدية إلا مع الأطراف التي عملت مع بعضها في الانتخابات الماضية” (انتخابات أكتوبر 2009). أما “حزب العمل الوطني الديمقراطي” فقد رفض حتى ملاقاة أصحاب “المبادرة” والنقاش معهم دون أيّ تعليل. ثم ما هي إلا فترة قصيرة، حتى علمنا عن طريق بعض وسائل الإعلام، منها “الطريق الجديد” لسان حال “حركة التجديد” أن اجتماعا ضم هذه الأطراف الأربعة مع عدد من المستقلين، وأفضى إلى اتفاق حول المشاركة في الانتخابات البلدية القادمة “رغم محدودية الظروف الراهنة” في إشارة إلى حالة الانغلاق السياسي السائدة في الظرف الراهن. IV – إصرار غير مبرر على رفض العمل المشترك 1 – الواقع الموضوعي يفرض العمل المشترك إن ما يمكن أن نستنتجه من هذه الخطوة هو أن الرباعي المذكور رفض في نهاية الأمر “مبادرة” العياشي الهمامي ورفاقه وسدّ الباب عمليا أمام أيّ عمل مشترك، لأنه لو كانت ثمة رغبة حقيقية في العمل المشترك لقـُدِّمَ بديل لهذه المبادرة إذا اعتبرت “غير مناسبة”. وقد أثار هذا السلوك عديد التساؤلات حول ما إذا كانت توجد له مبررات جدية. وفي الواقع فإنه لا أحد يمكنه أن يتصوّر أن يكون لرفض “حركة التجديد” وشركائها، العمل المشترك، مبرر موضوعي، مبرر في الوضع العام بالبلاد، لأن هذا الوضع ليس على درجة من “الانفتاح” والحرية، بما يدفع كل طرف سياسي إلى التعويل على “قواه الذاتية” أو التحالف مع “أقرب المقربين إليه” للمشاركة في انتخابات معلومة النتائج مسبقا. فالوضع على درجة من الانغلاق تحتم العمل المشترك وتكتيل الصفوف والإقلاع عن كل نزعة فئوية أو حزبية ضيقة، وتحكم على كل عمل منفرد بالفشل مسبقا لأنه حتى العمل الجماعي، قد لا يكون كافيا لـ”حلحلة” الوضع ولو بدرجة قليلة بالنظر إلى تباين موازين القوى الراهنة. وما من شك في أن قيادات “حركة التجديد” وبقية الأطراف لها تجربة في الموضوع، من المفروض أن ترشدها. ففي عام 2005، تكتلت كل القوى السياسية، (عدا حزب العمال والمؤتمر من أجل الجمهورية) في حلف مشترك في الانتخابات البلدية، ومع ذلك لم تجد السلطة حرجا في إسقاط كل قائمات هذا الحلف بدعوى أنها “غير قانونية”، دون أن يقدر على القيام بأيّ ردّ فعل. والعبرة من تذكيرنا بهذا الحدث هو تأكيد إلحاحية العمل المشترك من وجهة نظر الواقع الموضوعي. 2 – لا يمكن التذرّع بـ”الإسلاميين” هذه المرة..! لا يمكن أن يكون “الإسلاميون” مبررا، هذه المرة، لرفض “التجديد” وبعض شركائه (حزب العمل الوطني الديمقراطي) العمل المشترك باعتبارهم غير موجودين أصلا في “مبادرة” العياشي ورفاقه. لقد عودتنا بعض الأطراف على تبرير رفضها العمل المشترك بعدم استعدادها للعمل، على أية أرضية كانت مع “الإسلاميين” لخلاف معهم حول المشروع المجتمعي (قضية الديمقراطية، العلمانية، المساواة بين الجنسين…) متهمة المتعاملين معهم في إطار “هيئة 18 أكتوبر للحقوق والحريات”، ومن بينهم حزب العمال، بأنهم يقدمون لهم تنازلات على حساب “الخيار الديمقراطي” وعلى حساب “حقوق المرأة وحقوق الإنسان”، إلخ. وقد قرأ أصحاب المبادرة الجديدة حسابا لهذا الأمر فلم يشرّكوا “إسلاميين” (حركة النهضة) في هذه المبادرة، أو لنقل إنهم “استثنوهم” عن وعي ربما، حتى لا يتركوا أيّ فرصة لأيّ طرف كان ليتذرّع بوجود “الإسلاميين” لرفض العمل الموحد للمعارضة. ومع ذلك، ورغم علم الأطراف المعنية بأن “الإسلاميين” ليسوا طرفا في المبادرة، فإنهم تمسّكوا برفضهم وخيّروا العمل على انفراد. وقد كان العياشي الهمامي محقا حين استنتج في الحوار الصحفي المذكور سابقا أن هذا الرفض “يكشف أن وجود الإسلاميين… ليس السبب الحقيقي وراء رفض العمل الموحد مع المعارضة كما تعودنا على سماعه وأن الخلاف ليس أيديولوجيا، بل الخلاف في التحليل والمواقف السياسية واختيار أشكال النضال الفعالة في مواجهة تحجر النظام البوليسي وحالة الانغلاق التي تسود الحياة السياسية”. إن ما قاله العياشي، هو في الحقيقة ما كنا قلناه من جهتنا أكثر من مرة. إن رفض العمل المشترك للمعارضة بدعوى رفض العمل المشترك مع “الإسلاميين” لـ”أسباب مبدئية” ما هو إلا ذريعة، في معظم الأحيان لإخفاء السبب الحقيقي الكامن وراء ذلك الرفض، وهو سبب سياسي مرتبط بالموقف أو بكيفية التعاطي مع سلطة الاستبداد والدكتاتورية في بلادنا، أكثر منه شيئا آخر. وليس أدلّ على ذلك من أن رفض بعض الأطراف العمل الموحد للمعارضة على أسس واضحة وسليمة، أسس معادية للاستبداد والدكتاتورية، سابق تاريخيا لعام 2005 أي لإضراب الجوع الذي انطلقت على إثره وعلى أساس شعاراته وأرضيته السياسية تجربة “هيئة 18 أكتوبر للحقوق والحريات”. فعندما ظهرت هذه “الهيئة” للوجود كانت الساحة السياسية تتسم بتشتت صفوف المعارضة وتشرذمها أمام الهجوم السافر للسلطة عليها وعلى الحريات، ولم يكن يوجد لا تحالف بين “الأطراف العلمانية” ولا بين “الأطراف الديمقراطية والتقدمية” ولا “اليسارية”، حتى يقال إن “هيئة 18 أكتوبر” التي يشارك فيها “الإسلاميون” قوّضت أو أفسدت مشاريع تحالفات أو أعمالا مشتركة قائمة من قبل، ناهيك أن أحد أهم أسباب خوض ثمانية من رموز الحركة السياسية والحقوقية لإضراب الجوع المذكور كان محاولة خلق دينامية لتجاوز تشتت المعارضة وتشرذمها وما يحدثه من إحباط في صفوف عامة المهتمين بالشأن العام والتائقين إلى تغيير الأوضاع بما يمكن المواطنات والمواطنين من فسحة من الحرية للتعبير عن آرائهم من القضايا التي تشغلهم. 3 – الأسباب الحقيقية لرفض العمل المشترك ولكن، إذا كانت أسباب رفض العمل المشترك سياسية كما قلنا وقال العياشي، فما هي هذه الأسباب في علاقة بهذه المبادرة الجديدة بالضبط، “مبادرة البلديات” المقدمة في وثيقة بعنوان “من أجل مقاربة موحدة للانتخابات البلدية القادمة”؟ (الموقف العدد 535 صفحة 6 بتاريخ 28 فيفري 2010) والتي قال عنها العياشي في الحوار المذكور آنفا إنها لا تطرح إشكاليات الزعامة ولا التحدي للسلطة مثلما تطرحه الانتخابات التشريعية والرئاسية” وإنها تنطلق من تجميع كافة الأطراف على “الأرضية الدنيا المشتركة” التي يتحدث كل طرف عنها على حدة، في مقررات هياكله المركزية وفي أدبياته وصحافته وبعبارة أخرى فإن “المبادرة” الجديدة تطرح المشاركة في الانتخابات البلدية منطلقا، كما أنها تدرج نفسها في إطار العمل القانوني، لا خارجه، وهي تؤكد أنها تهدف إلى جلب اهتمام المواطن وإخراجه من سلبيته ودفعه إلى الانخراط في الشأن العام؟ فإذا كان الأمر كذلك فما هو مشكل “التجديد” و”التكتل” و”حزب العمل” و”تيار الإصلاح والتنمية” إذن؟ أليسوا يعلنون أن هذه أهدافهم؟ فما الذي يجعلهم يرفضون العمل المشترك؟ نحن لا نعتقد أن المماحكات التي حصلت بمناسبة الانتخابات الرئاسية والتشريعية الماضية هي السبب، فأيّ حركة سياسية جدّية لا يمكنها أن تجعل من مثل تلك المماحكات المحدودة والطبيعية عائقا لرفض العمل المشترك في وضع يتعرّض فيه الجميع لقمع السلطة وضغوطها وحصارها، مما يقتضي الترفع عن كل ما هو فئوي ضيق، للاهتمام بما هو عام، بما يرتبط به المصير المشترك لكل الأطراف وللشعب عامة!! إن الأسباب السياسية لرفض العمل المشترك، بعد أن انتفت ذريعة “مشاركة إسلاميين” أو ذريعة “التطرف” و”القصووية” سواء كان ذلك في الأرضية أو في أسلوب النضال (القانونية). هي في رأينا تكمن في نقطتين اثنتين تضمنتهما “مبادرة” العياشي والشماري وبن موسى ورفقتهم، ولا بدّ نقاشهما بكل وضوح وعقلانية وروح مسؤولية. أ – المشاركة بدون شروط ومهما كانت الظروف! لقد تركت المبادرة الباب مفتوحا لإمكانية مقاطعة الانتخابات البلدية في صورة عدم توفر ما اعتبرته “الشروط الدنيا لانتخابات حرة ونزيهة”. إن أصحاب “المبادرة” يرفضون مبدأ المشاركة “مهما كانت الظروف”، يرفضون تحويل المشاركة من أسلوب نضال لتحقيق هدف أو أهداف معينة في وضع معيّن وضمن شروط معيّنة، إلى “عقيدة” سياسية جامدة، صالحة لكل زمان ومكان بقطع النظر عن الظروف الملموسة التي تجري فيها الانتخابات، وهو ما يفقدها أيّ معنى، لأن ما هو صالح في وضع ما قد لا يكون صالحا في وضع آخر. وبصورة ملموسة إذا لم تحترم السلطة حرية الترشح وأسقطت ما تريد من القائمات، وإذا لم يعهد الإشراف على الانتخابات إلى هيئة مستقلة، ذات مصداقية، وأبقي عليه لوزير الداخلية “الخصم والحكم”، وإذا كانت الإدارة ترفض الالتزام بالحياد وتضع نفسها في خدمة الحزب الحاكم ولا تسلّم بطاقات الناخب إلا لمن تريد، وبالكمّ الذي يضمن “الفوز الساحق” لمرشحي ذلك الحزب، وإذا كانت حرية الدعاية غير متوفرة، وكل شيء يجري تحت المراقبة المباشرة و”الرادعة” لأعوان البوليس السياسي في مختلف الجهات و… و… و… فماذا يا ترى سيبقى للمشاركة من معنى غير أنها ستكون شهادة زور على انتخابات معلومة النتائج مسبقا؟ إن الأمر يمكن أن يكون غير ذلك لو كان لأيّ حزب أو أحزاب راغبة في المشاركة بقطع النظر عن ظروف القمع والاستبداد، من القوة ما يجعلها قادرة على أن تفكك ميدانيا الفخاخ المنصوبة لها وتفرض ميزان القوى الذي تريد ولو بشكل نسبي، أي إلى الحد الذي يضفي على تلك المشاركة صبغة نضالية فعلية ويجعلها تخطو بالحركة الديمقراطية خطوة إلى الأمام. ولكن هذا الشرط، غير متوفر اليوم مع كامل الأسف. فنحن نعرف تمام المعرفة أن ما من حزب من الأحزاب المتواجدة في الساحة، المعترف وغير المعترف بها، له مثل تلك القوة التي تمكنه من فرض إرادته ميدانيا على نظام الاستبداد. ومن المؤكد أن “التجديديين” مثلا يتذكرون أنهم لم يقدروا، خلال “رئاسية” أكتوبر 2009 حتى على فرض تعليق صورة مرشحهم في واجهة مقرهم المركزي ولا على فرض توزيع بيانهم الانتخابي حتى اليوم التاسع من “حملة انتخابية” لا تدوم أكثر من 13 يوم. ونحن إذ نذكّر بهذه العوائق فلكي نؤكد صحة ما جاء في “المبادرة” الجديدة من ضرورة فرض الشروط الدنيا لانتخابات بلدية حرة قبل المشاركة فيها وإلا فإن المعارضة ستكون مضطرة إلى المقاطعة. إن هذا الأمر ليس بدعة في العمل السياسي الجاد بشكل عام، العمل الذي يدرك القائمون به أيّ أهداف ينشدون. فلينظر “التجديديون” و”التكتليون” و”الوطنيون الديمقراطيون” و”الإصلاحيون التنمويون” ومن معهم من المستقلين، إلى ما يجري في العالم، فلن يجدوا، حيث تشحّ الحريات وتستبد أنظمة الحكم بهذه الدرجة أو تلك، بشعوبها، إلا من يضع شروطا لمشاركته في أيّ انتخابات وطنية أو محلية. فمِنْ مُطالب بتغيير الدستور وببنود مفصلية منه، إلى مطالب بتغيير القانون الانتخابي المعمول به، أو بتحسين المناخ السياسي لضمان حرية التعبير والاجتماع والترشح والانتخاب، أو بتعيين هيئة مستقلة ومحايدة للإشراف على الانتخابات، أو بمراقبة هيئات دولية مشهود بمصداقيتها، أو بتأجيل للانتخابات حتى تتوفر نفس الحظوظ للجميع حكما ومعارضة، للإعداد لها وهلمّ جرا… ولا تقلّ الشروط أو الاشتراطات إلا في البلدان التي يتوفر فيها قدر كاف من الحرية السياسية والتي لا توجد فيها بالتالي عوائق أساسية أمام إجراء انتخابات حرة. ولا نخال بلادنا من هذا الصنف الثاني من البلدان، بل هي بشهادة الجميع من أكثر البلدان تخلفا من الناحية السياسية، من البلدان التي يضرب بها المثل في القمع وفي التزوير الممنهج للانتخابات. لذلك ربط أصحاب “المبادرة” أيَّ مشاركة بتوفر عدد من الشروط وهو موقف سليم من الناحية السياسة. بيد أن من يطّلع على البيان المشترك لـ”التجديد” و”التكتل” و”حزب العمل” و”الإصلاح والتنمية” فإنه لا يجد فيه أثرا لأيّ إمكانية لمقاطعة الانتخابات البلدية القادمة. فهذه الأطراف لا ترى من موقف إلا المشاركة ولا شيء غيرها حتى لو استمرّت الظروف الحالية على ما هي عليه من انغلاق سياسي من شأنه أن يجعل من تلك الانتخابات تكرارا سخيفا لمهزلة أكتوبر الماضي الرئاسية والتشريعية. وهنا يكمن الاختلاف بين موقف هذه الأطراف وبين ما جاء في “المبادرة”. الاختلاف بين من يطرح التصدي للانتخابات البلدية مفترضا المشاركة إذا توفر حد أدنى من الشروط التي سيناضل من أجلها الجميع والمقاطعة إن لم يتوفر هذا الحد الأدنى رغم ما سيبذل من جهد لتحقيقه، وبين من يقصر موقفه، بشكل أحادي الجانب، جامد، على المشاركة دون مراعاة للظرف السياسي، ويكرس جهده لإعداد قائمات من الأرجح أن يكون مصيرها الإلغاء كليّا أو جزئيا، وللحصول في نهاية المطاف على صفر من المقاعد في المجالس البلدية يستخدم “شهادة” على”ضعف المعارضة” و”افتقادها لأيّ وزن داخل المجتمع”. ولتبرير المشاركة “مهما كانت الظروف”، سيُقال إن القصد منها هو “رفض البقاء على الرّبوة” و”ملازمة الفرجة”. لكن الخلاف الحقيقي في قضية الحال ليس بين طرف يريد “ملازمة الفرجة” و”إدارة الظهر للنضال الميداني” واختيار “المقاطعة عند الاقتضاء”، وبين طرف يريد “النضال الجدي، المسؤول، الفعال…”، بل هو بين من يريد التمسّك بشروط النضال السياسي التي تكسبه مصداقية وأرضية صلبة وبين من لا يعير هذه الشروط الأهمية التي تستحق وينساق لاهثا وراء أوهام ودون بوصلة ترشده، حيث تصبح كل الأشياء سواسية، لا فرق بين غثها وسمينها، لا فرق بين وَضْعٍ تتوفر فيه الحريات ووضع لا تتوفر فيه، ولا بين انتخابات حرة وأخرى صورية، ولا بين المبدئية في السلوك السياسي والانتهازية، إلخ. إن المقاطعة حين تستوجبها الأوضاع الملموسة لا تمثل لا فرجة ولا موقفا سلبيا إلا لمن لا يرى من شكل للنضال السياسي إلا المشاركة، حتى ولو كان على حساب المبادئ الدنيا. أما بالنسبة إلى من ينظر إلى المقاطعة كشكل نضالي، في وضع محدد، فإنه لا يتوقف عن النضال بل يستمر فيه بتحويل الأرضية التي على أساسها أعلن المقاطعة (أي الشروط الدنيا لانتخابات حرة) إلى أرضية لتعبئة الناس من أجل تحقيقها. وما من شك في أن مثل هذا الموقف يتطلب تضحيات لا بد من تقديمها حتى يتقدم النضال العام بالبلاد وإلا فإن المعارضة ستبقى مجرد مجموعات صغيرة وقليلة، إن لم نقل عديمة، التأثير. وبعبارة أخرى فإن الموقف الذي يحصر المعارضة في موقف واحد وهو المشاركة في الانتخابات البلدية “مهما كانت الظروف” إنما يريد في حقيقة الأمر، ومهما حسنت النوايا، أن يجعلها حبيسة الشروط المهينة للدكتاتورية ويبقيها عاجزة عن تصور أفق لها غير التحرك ضمن الحدود التي تفرضها عليها هذه الدكتاتورية وهو يفقدها استقلاليتها وفعاليتها. وفوق ذلك كله ألم يخطر ببال “دعاة” المشاركة “مهما كانت الظروف” أن يتساءلوا: إذا كانت السلطة تعرف مسبقا أنهم سيشاركون في الانتخابات البلدية مهما كانت القيود التي ستكبلهم بها ومهما أسقطت لهم من قائمات، ومهما كانت الحدود التي سترسمها لهم في تحركاتهم وفي دعايتهم وفي اتصالاتهم بالمواطنين، فما الذي سيجعلها تفكر حتى مجرد التفكير في التخفيف من هذه القيود والحدود؟ أفلن يزيدها ذلك إلا صلفا وغطرسة؟ أليس هذا هو الذي جعل أصحاب “المبادرة” يربطون المشاركة بتوفر عدد من الشروط، التي ينبغي النضال من أجل تحقيقها؟ فأيّ المواقف أسلم إذن؟ وأي المواقف يريد حقا إكساب سلوك المعارضة السّياسي مصداقيّة لدى الرّأي العام؟ ب – الانتخابات البلدية والمرحلة الانتقالية للسلطة كما أثار أصحاب “المبادرة” قضية سياسية هامة، لا يمكن التغاضي عنها، وقد ربط بها هؤلاء التحرك حول الانتخابات البلدية. وتتمثل هذه القضية في ما أسموه “المرحلة الانتقالية على مستوى السلطة”. وممّا جاء في هذا الصدد أن ما يميّز الوضع الحالي هو “دخول تونس منذ 25 أكتوبر 2009 تاريخ الانتخابات الأخيرة مرحلة انتقالية على مستوى السلطة وبالذات رئاسة الدولة” فالرئيس الحالي كما سبق أن أشرنا إلى ذلك ستكون ولايته الحالية، الخامسة على التوالي، آخر ولاية له، حسب شرط السن القصوى (75 سنة) للترشح والتي سيكون تجاوزها عام 2014. ويضيف أصحاب “المبادرة” أنه “بات واضحا للمتابعين للحياة السياسية في البلاد أن صراعا صامتا تدور رحاه بين أجنحة متنفذة من أجل التموقع الأمثل للوقت المناسب”. وبشكل أوضح فإن هذه “الأجنحة” تخطط من الآن للحفاظ على الحكم بأيّ طريقة كانت والحيلولة دون تداول ديمقراطي على السلطة. ويربط محرّرو “المبادرة” اشتداد القبضة الأمنية على المجتمع في الوقت الحالي برغبة تلك الأطراف في حسم “مسألة انتقال السلطة”، هذه، لصالحها دون أن “تشوّش” عليها أيّة جهة كانت، حزبية أو نقابية أو شعبية. لكن هذه “الإرادة الفوقية”، تقابلها، حسب أصحاب “المبادرة” رغبة فئات واسعة من الشعب في “تغيير واقع الاستبداد وتحقيق الانتقال الديمقراطي”. وهم يعتبرون “أن المعارضة ومحيطها الطبيعي من مكونات المجتمع المدني” مدعوة إلى التفاعل مع هذه الرغبة وتحمّل مسؤوليتها في “تغيير الواقع السياسي بصفة نوعية، بما يعدّل ميزان القوى لصالحها ويفتح لها أفقا سياسيا نحو التأثير الفعلي في هذه المرحلة الانتقالية” ويجعلها المخاطب الكفء تجاه السلطة، باسم الشعب. ولن تقدر المعارضة على تحمل هذه المسؤولية إلا بتوفير شرطين أولهما خلق “حالة جديدة من التعبئة والزخم الكمي والحركة النضالية حول شعار التغيير الديمقراطي”، ويتم هذا بمناسبة الانتخابات البلدية. وثانيهما “تحديد استراتيجية واضحة لاستثمار هذه التعبئة في حركة مدنية واسعة من أجل التغيير الديمقراطي”. ويوضح أصحاب “المبادرة” أن “الحركة المدنية من أجل التغيير الديمقراطي لن تكون حزبا سياسيا جديدا بل هيكلة مرنة ووعاء شاملا للنضال المشترك على أرضية مدنية/سياسية واسعة وعريضة مشتركة دورها هو تشريك المواطنين في الدعوة إلى الديمقراطية والنضال السلمي الميداني من أجل تحقيقها دون إقصاء بحيث تجد كل الأطراف كامل الحرية للنشاط والتعبير عن الذات مع المشاركة الفاعلة في فرض ميزان قوى جديد بعلاقة بالسلطة الحاكمة”. من الواضح إذن أن العيّاشي، الشماري، بن موسى ورفاقهم يريدون خلق أفق سياسي لأيّ تحرّك، آني، ظرفي، جزئي مثلما هو الشأن بالنسبة إلى الانتخابات البلدية، سواء شاركت فيها المعارضة أو قاطعتها. وهذا الأفق هو التغيير الديمقراطي، الانتقال بتونس من حالة الاستبداد والدكتاتورية إلى حالة ديمقراطية، تتوفر فيها الحريات وتكون فيها السيادة للشعب. ولا يمكن تحقيق هذا الهدف إلا بتوحيد صفوف المعارضة وتعبئة المواطنين صلب حركة مدنية سياسية واسعة ومناضلة وذات أطر مرنة. ولسائل أن يسأل: هل أن هذا الطرح، في خطوطه العامة، العريضة، الجوهرية، خاطئ؟ هل أنه يجانب ما تقتضيه المرحلة التي تمر بها بلادنا؟ نحن نعتبر أن هذا الطرح يمس بالفعل القضايا السياسية الجوهرية التي يفرضها واقعنا اليوم وفي مقدمتها قضية التغيير الديمقراطي. فهذه القضية، يفرضها أمران اثنان، من جهة تردّي أوضاع الشعب التونسي السياسية والاقتصادية والاجتماعية، كما تم وضعها في الوثيقة، بما يجعل التغيير أمرا ملحا لإنقاذه وإنقاذ البلاد من الانهيار، ومن جهة ثانية النوايا الواضحة للقوى المتنفذة في السلطة لتدبير “انقلاب جديد” خلال المدة التي تفصلنا عن موعد الانتخابات الرئاسية القادمة (2014) يمكـّنها من ضمان مواصلة السيطرة على الحكم وإجهاض كل رغبة شعبية في التغيير الديمقراطي. وعلى هذا الأساس فإن كل عمل تقوم به الحركة الديمقراطية اليوم، لا بد له من أن ينصهر ضمن أفق واضح، ضمن “استراتيجية” واضحة، وهي مراكمة عناصر القوة التي تسمح بالتصدي لهذا “الانقلاب المعلن” وتحقيق التغيير الديمقراطي. وفي الحقيقة فإن من يطلع على مواقف “حركة التجديد” و”حزب العمل الوطني الديمقراطي” خاصة يلاحظ أنهما يتجنبان إثارة هذه المسالة، مسألة “الانتقال الديمقراطي” في علاقة أو في مجابهة مباشرة مع مسألة الرئاسة مدى الحياة المنتصبة في بلادنا، من جهة ومع مخططات القوى المتنفذة اليوم الرامية إمّا لتأبيد هذه الرئاسة مدى الحياة عبر التمديد للرئيس الحالي، أو لإيجاد صيغة من صيغ التوريث تمكنها من الحفاظ على السلطة من جهة أخرى. ومن ثمة إخضاع كافة الخطوات الملموسة المباشرة لهذه المسألة الملحة، أي مسالة “الانتقال” أو “التغيير” الديمقراطي. لقد اعتبر الحزبان، عند تقييمهما للانتخابات الفارطة (أكتوبر 2009)، أن هذه الانتخابات تمت بصورة “عادية” رغم ما شابها من “خروقات هامة” ولم يقدحا في ما أسفرت عنه من نتائج ولم يطعنا في شرعية المؤسسات المنبثقة عنها. ومنذ ذلك الوقت وهما كلما تعرّضا لتلك الانتخابات، في بيانات فردية، أو مشتركة، بما في ذلك في البيان الأخير حول الانتخابات البلدية الموقع مع “التكتل الديمقراطي” ومع “تيار الإصلاح والتنمية”، إلا واكتفيا بالتعبير عن “خيبة الأمل” بـ”سبب تضييع السلطة على البلاد” فرصة “إنجاز انتخابات تعددية حقيقية”، وكأن السلطة معنية أصلا بمثل هذه الانتخابات أو لها مصلحة فيها والحال أنه من المفروض أن أكثر من نصف قرن من الاستبداد والدكتاتورية، كاف وزيادة لإقناع الجميع بأن مصلحة السلطة في بلادنا تكمن بالضبط في تضييع كل الفرص على الشعب التونسي كي لا يتمتع بحياة ديمقراطية، وهي لا تفعل ذلك عن “قلة وعي” بل على العكس من ذلك فهي تفعله بوعي طبقي حاد. فالأقلية المسيطرة على المجتمع وعلى البلاد تمثل أكبر خطر على مصالحها وأن الدكتاتورية، أي إلغاء الحريات الفردية والعامة ومنع الشعب من ممارسة سيادته، عبر انتخابات حرة ونزيهة، وتوظيف مؤسسات الدولة وأجهزتها، هي الإطار السياسي الذي يضمن لها تحقيق مصالحها. وهذا الوعي هو الذي يجعل اليوم هذه الأقلية تشدد القبضة الأمنية على المجتمع وتخنق كل الأصوات الحرة وتحاصر الأحزاب والجمعيات المستقلة وتقمع كل التحركات الشعبية (طلاب، معطلون عن العمل، تلاميذ…) حتى تحول دون تطور أية حركة سياسية أو اجتماعية تهدد مصالحها على المستووين القريب والبعيد. V – الخلاف الحقيقي هو خلاف سياسي إن الخلاف كما هو واضح إذن خلاف سياسي. فـ”التجديد” وحلفاؤه لا يدرجون الانتخابات البلدية ضمن أفق أعم وأشمل، أفق التعبئة السياسية والمدنية والشعبية من أجل مواجهة الاستبداد على أرضية مواجهة الرئاسة مدى الحياة وما يرتبط بها من مخططات “تمديد” أو “توريث” لتحقيق التغيير الديمقراطي، بل إنهم يدرجونها ضمن أفق إصلاحي، مباشر، لا يتجاوز الحدود التي يرسمها نظام الاستبداد. ولا يطرح القضايا المركزية التي يفرضها الواقع السياسي بل لا يطرح القضية المفصلية التي بحلها يفتح الباب لحل بقية القضايا. وما من شك في أننا هنا أمام تمشيّين سياسيين مختلفين كما عبّر عن ذلك العياشي، وهذا الاختلاف هو الذي يدفع بعض الأطراف إلى رفض العمل الموحد للمعارضة، وما “الأسباب” الأخرى التي تقدم، مثل “وجود الإسلاميين” في هذا الإطار أو ذاك إلا ذرائع. VI – حزب العمال دائما مع العمل المشترك إن حزب العمال لا يرفض أيّ عمل مشترك على أرضية دنيا، وفي أيّ إطار توحيدي كان، المهمّ أن يكون هذا الإطار مستقلا ومناضلا. ولا نعتقد أنه يوجد اليوم ما هو أدنى من إخضاع المشاركة في الانتخابات البلدية لحد أدنى من الشروط التي تجعلها مشاركة محترمة لأحزاب معارضة جديرة بالاحترام، ترفض أن تكون شاهد زور على انتخابات صورية، معلومة النتائج مسبقا. كما أنه لا يوجد ما هو أدنى من ربط هذه المشاركة بحد أدنى من الشروط أو المقاطعة إنْ لم تتوفر هذه الشروط بالنضال من أجل الانتقال/التغيير الديمقراطي على قاعدة المطالب الدنيا التي يتداولها كل طرف سياسي في مواقفه وأدبياته الخاصة. وأخيرا وليس آخرا فإنه لا يوجد أدنى من الطموح إلى أن تحتضن هذا النضال “حركة سياسية مدنية” سلمية، واسعة، مرنة، تجمع بين “النضالية والقانونية والاستمرارية” حسب نص ورقة العمل التي قدمها أصحاب “المبادرة”. فماذا بقي في الحقيقة غير الخضوع لأمر واقع الاستبداد والدكتاتورية؟ وهو ما يهدد بتحويل المعارضة إلى جزء من النظام القائم إن لم نقل إلى ديكور جديد لا يختلف عن الديكور الموجود إلا بـ”الجملة” (Phraséologie) أو بالمطالبة بـ”شروط أفضل”. VII – خاتمة: الفرصة مازالت قائمة إن حزب العمال يعتبر أن الوقت لم يفت بعد لمواجهة الانتخابات البلدية بصورة مشتركة شريطة أن تعي كل الأطراف مسؤوليتها وأن تتخلى عن العقلية الحزبية الضيقة وعن روح الإقصاء وأن لا تفوّت الفرصة على الشعب التونسي لكي يتقدم في هذه الظروف الصعبة ولو خطوة صغيرة في نضاله من أجل حريته وحقوقه الأساسية. وحتى إذا لم يكـْفِ الوقت إلى اتخاذ موقف مشترك من الانتخابات البلدية، فإن “المبادرة” التي قدمها العياشي، الشماري، بن موسى ورفاقهم تتجاوز ظرفية الانتخابات لتشمل المرحلة المقبلة ككل. وبالتالي فإنها تبقى صالحة في الأساس لتكون أرضية لنقاش مسألة التغيير الديمقراطي في بلادنا: شروطه، برنامجه، إطاره ووسائل تحقيقه، إلخ. فهذه هي المسألة الملحة في واقعنا اليوم. وقد بينت الحياة، لكل من يريد أن يعتبر، أن المعارضة التي لا تصيب الهدف الرئيسي في اللحظة أو المرحلة المعيّنة، تبقى مهمشة، واهنة، تلهث وراء الأحداث هذا إذا لم تندثر تماما. وعلى الجميع أن يدرك أن ما يزيد الدكتاتورية في بلادنا صلفا وغطرسة وتغوّلا، هو أنها تجد نفسها في مواجهة معارضة مشتتة، لا تبذل أيّ جهد جدي لتجاوز ضعفها هذا، كما تجد نفسها في مواجهة طبقات وفئات شعبية غير منظمة وغير موحدة حول مصالحها، وحتى ما كان منها يقوم بدور لا يستهان به في وقت من الأوقات (ما بين الستينات والثمانينات من القرن الماضي) “قوة مضادة” ولو نسبية ومحدودة، ونعني بذلك الحركتين الطلابية/التلمذية والنقابية، فإنه اليوم في حالة تراجع وقد تأخر نهوضه رغم ما يبديه من وقت إلى آخر من مؤشرات واعدة. وفي الحقيقة ماذا يمكن أن ننتظر من نظام مستبد، غير مزيد إذلال معارضيه بشكل خاص ومواطنيه بشكل عام إذا لم يبدوا من الوعي والتنظيم والوحدة والنشاط ما يكرهه على التراجع والاعتراف لهم بحقهم في الحرية والكرامة وما يؤذن ساعتها بنهايته!
(المصدر: “البديـل عاجل” (قائمة مراسلة  موقع حزب العمال الشيوعي التونسي) بتاريخ 1 أفريل 2010)  


هذا التراث الآسر.. سؤال الإبداع (1/2)


2010-04-01 تعدّ قضية «التراث» إحدى خمس قضايا كبرى طُرحت على النخب المثقفة والحاكمة في العصر الحديث، فلم يكن هناك بدّ من تناولها مع القضايا الأخرى: الدولة، الآخر، الوحي، اللغة عند معالجة السؤال الأكبر المتعلق بسبب تقهقر المسلمين، ومن ثَم -وانطلاقاً من إشكالية تأخر العالم الإسلامي- أصبح حتمياً بحث مسألة التراث. نلاحظ من جهة أخرى أنّ سؤال التراث هو مثل إشكالية التأخر التي انبثق عنها مصطبغٌ بطابعها الإيديولوجي، أي أن أنهما ينشدان تغييراً ما، ذلك أن القائل: «لماذا تأخر المسلمون؟» لا يبغي مجرد تحليل واقع العالم الإسلامي للوصول إلى قانون يجسد ثوابته، إنه لم يطرح السؤال إلا في إطار رفض للاختراق الغربي الأوروبي من جهة ورفض للتدني المتواصل مقارنة بما حققه الأسلاف أيام الازدهار، من هذا الرفض المثنى يتبين أن ما بحثه المفكرون العرب المسلمون من أسباب التقهقر لم يكن بدافع علمي محض، بل كان أساسا مسعى هادفا للتغيير والخروج من دائرة الهيمنة الأروبية. سؤال التراث -هو الآخر- كان سؤالا إيديولوجيا، أي أنه ما كان ليطرح إلا نتيجة رفض مثنّى: رفض التأخر بالنسبة إلى أمجاد الماضي ومعارف الأسلاف، وعبارة «التراث» لا تدل دلالة محايدة عن الآثار المكتوبة التي خلفها السابقون والمتصلة بالعلوم العقلية والنقلية وعن الأنماط الخاصة من الحياة والوجدان والتفكير، وهو يدل أيضا على موقف مُسبق منه وغاية مضمرة في التعامل معه. سؤال التراث مثل سؤال التقهقر ليس «بريئا»، ولم يكن كذلك بالنسبة إلى أوروبا حين طرحت منذ قرون على نفسها السؤال الخاص بعلاقتها بمعارف القرون الوسطى ومؤسساتها وتصوراتها، عندئذ كان على مفكري النهضة والتنوير الأوروبيين أن يكتشفوا ما يسمح لهم بمزاحمة الكنيسة والإقطاع في كفاءتهما بقصد إبطال هيمنتهما على الفكر والوجدان والمجتمع. جليّ أنه إذا كان موقف أوروبا من تراثها «القروسطي» تقويضيا وقاطعا من أجل تأسيس تصور جديد للكون ولمنزلة الإنسان فيه، فإن هذا يرجع للخصوصيات الحضارية المميزة للتجربة التاريخية الأوروبية، إنه ليس قانونا عاما شاملا كل المجتمعات الإنسانية في علاقتها بموروثها الحضاري، واللافت للنظر في الفضاء العربي الإسلامي أنه إزاء سؤال لا مفر من أن يكون إيديولوجيا وقع التقدم بجواب «غير علمي»، وبذلك تمّ تكريس فكر تقليدي تمجيدي يهرع إلى التراث باستمرار على أنه خزّان حلول جاهزة لا ينضب. من جرّاء هذا التعامل، اكتسب التراث في الوعي العام صفتين متناقضتين شكّلتا أهم مفارقات الفكر العربي الحديث والمعاصر: من جهة أصبح التراث هو عين الهوية وهو الذات الوطنية، أي أنه المكوّن الأوحد لاجتماع الأمة والضامن لاستمرارها وحصانتها، ومن جهة أخرى بدا التراث عند الشروع في معالجته أنه تراكم إبداعات حققتها الأمة لمواجهة معضلاتها المستحدَثة في أزمنة مختلفة وبمؤثرات ثقافية متباينة، وهكذا تحوّل التراث إلى مرجع ومصدر للشرعية والتعرف على الذات لكنه كان بمثابة الجلمود المتخشب، وكالأبكم الذي لا يقدر علي أيّ شيء. مفارقة الوعي العربي الإسلامي هي أن تراثه اليوم غدا عِـبئاً عليه. هو لا يملك أن ينطلق من الصفر لكنه في الوقت نفسه لا يستطيع صياغة البدائل انطلاقا من تراث تحوّل إلى قارة مترامية لا موقع لها في الزمن تسبح في سديم واحد. هكذا أصبح التراث إلى ما يشبه تماثيل آلهة الرومان المرمرية والمشروخة، هي صلبة المظهر ولكنها هشة في الواقع، خالدة لكنها تفعل في الماضي فقط، قريبة منا ومع ذلك فهي تنأى عنا وننأى عنها، ذاك هو التراث: الكَلّ والكُل، الممجَّد والمجمِّد، الحاضر والغائب، وأغرب ما في الأمر أنّ كل الدعوات إلى القطع مع التراث لم تُفْضِ إلا إلى استلاب ثقافي وانتكاسة في الوعي وتفسخ للذات. الأدهى من كل هذا أن الاهتمام المتناهي بالتراث تغلغل في جميع المستويات مُربِكا المجتمعات العربية وخطابها السياسي وبحوثها الأكاديمية، ولو أخذنا المجال الأخير لرأينا وفرة مذهلة للبحوث الجامعية المتصلة بالتراث المعرفي العربي الإسلامي ولرأينا في الوقت نفسه أنها جهود استعراضية لا تتجاوز في غالبيتها المطلقة مجال الشروح المكرورة التي تغفل إشكالية كل مبحث والعناصر المختلفة المكونة له والآلية التي ينبغي أن نفهمه على ضوئها. بذلك طرحت مفارقة الوعي العربي الحديث سؤالا أساسيا آخر في المسألة التراثية، وهو: «هل يمكن وضع معالم «تمشٍّ آخر» في العلاقة مع التراث تختلف نوعيا مع الطبيعة المأزومة التي تعوق التراث عن كل إبداع؟». تلك هي إشكالية التراث الكبرى: كيف يمكن انطلاقا منه تحقيق الإبداع؟ قديما، واجه الوعي العربي أزمة استقطاب الماضي له استقطابا كاملا قبل ظهور الإسلام، وكانت أهم خصوصيات تلك اللحظة التاريخية هو تمحور النفس العربية حول زمن واحد هو الزمن الماضي، هو المرجع والملاذ، فلا معرفة تستقر ولا مشاعر أو روابط تحيا إلاّ إذا كان لها سند منه، وأكثر من ذلك: لقد انقلبت مرجعية الماضي إلى نمطية تقولب الفكر والمشاعر والعلاقات محولة الطموحات العربية إلى حروب أهلية طاحنة لا يُعرَف لها مبتدأ ولا منتهى، وقد عبّر عن هذه الدائرة المفرغة والقاتلة شاعران جاهليّان كبيران، إذ قال عنترة العبسي مؤكدا دوران الشعراء في نفس المعاني وحول نفس النماذج: هل غادر الشعراء من متردم؟- أم هل عرفت الدار بعد توهم؟ وقال زهير بن أبي سلمى في نفس هذا التوّجه: ما أرانا نقول إلا مُعاراً- أو مُعادًا من لفظنا مَكرورا أصبح الشاعر مدفوعا إلى صور وأخيلة مقَوْلَبَة، لا يزيد إبداعه فيها عن تخيّر ألفاظ «جديدة» تجسّدها، وحوّلت الروح الاتباعيّة الزمن الماضي إلى أفق الفعل والخيال والتصوّر، وفقد الحاضر كل معنى أو وجهة أو تساؤل، أما المستقبل فقد أضحى فضاء راكدا لا تضاريس فيه، لذلك كانت أهم التحديات التي واجهها الخطاب القرآني هو عقليّة التمحور على الزمن الواحد أو لا تاريخيّة الفكر العربي، كان يجيب المعاندين الرافضين لكل تمايز بين الأزمنة والقائلين «إنّا وجدنا آباءنا على أمة وإنّا على آثارهم مقتدون»، فيقول: «أو َلوْ كان آباؤهم لا يعقلون شيئا ولا يهتدون». كانت النمطيّة الجاهليّة تعتبر الزمن الماضي عينَ الهويّة، فهي لا تقبل التفريط فيه وفيها، لذلك كانت تستعمل لها عبارة «أمّة» لتأكيد التطابق بين الزمن المنصرم والذات «القوميّة»، يجيب الخطاب القرآني فاصلا بين تجربة الماضي وبين ذات الأمّة عن طريق معطى الوعي المتجاوِز للزمن والمستوعِب لتجاربه. وبذلك أمكن تجديد الذهنيّة العربيّة في جانب جوهري من خصوصيّاتها التقليديّةّ: «تلك أمّة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تسألون عمّا كانوا يعملون»، وقد اتاحت تعدّديّة الأزمنة وتمايزها للعربيّ المسلم مجالا جديدا للإنشاء، فيها يتنزّل فعله الحضاريّ، ومنها ينبثق وعيه بالتطوّر وقدرته على الإبداع. عندئذ أعيد الاعتبار للإنسان في الجزيرة العربيّة وما حولها من العالم المفتوح وأصبح المستقبل مجالا بِكرا يستطيع الإنسان من خلاله تجاوز مأساة إعادة إنتاج نفس العلاقات ونفس الفعل ونفس الحكمة، ومن ثمَّ أضحى المستقبل كاشفا يبدع حاضرا جديدا متوهّجا ينهي العلاقة مع طابع الرتابة وموت الوجهة، وقد برز الحاضر بعد أن كان زمنا مفقودا، وانتفت عن الماضي صفة المرجعيّة المطلقة فأمسى طورا من الأطوار يمكن تفسيره وتمثّله، أي تجاوزه. (المصدر: “العرب” (يومية – قطر) بتاريخ 01 أفريل 2010)  


لماذا تجرأ أوباما قليلاً على نتنياهو؟


ياسر الزعاترة قيل الكثير بخصوص الإهانة التي تعرض لها نتنياهو من قبل الرئيس الأمريكي أوباما خلال لقائهما في البيت الأبيض، وهو ما يستحق بعض التفسير في ضوء الحقائق الموضوعية في الأروقة الأمريكية. من المؤكد أننا لا نتحدث عن إهانة من العيار الثقيل، لا سيما حين نتذكر كيف تسابق رموز السياسة الأمريكية على خطب ود الرجل والتأكيد على العلاقة الإستراتيجية بين الدولتين، ومنهم نائب الرئيس ووزيرة الخارجية، فضلاً عن رئيسة مجلس النواب. لم يرشح الكثير من حيثيات اللقاء الذي استمر لتسعين دقيقة بين الرجلين، لكن ما لا ينبغي إنكاره هو أن ثمة قدراً من التوتر بين الطرفين، وهو أمر يستحق التفسير في ظل حقائق موضوعية تقول إن حصة نتنياهو في الكونغرس الأمريكي هي أكبر من حصة أوباما، وأن هذا الأخير لا يمكنه تغيير نمط العلاقة الإستراتيجية بين البلدين بأي حال، حتى لو أراد ذلك أو آمن به، مع أن الأمر لا يبدو كذلك تبعاً لطموحه الطبيعي في الحصول على ولاية ثانية. ما يفسر هذا الأمر ابتداء هو حاجة الإدارة الأمريكية إلى مجاملة الوضع العربي على مشارف القمة التي عقدت في سرت، وحيث كان من الضروري دعم أصوات “الاعتدال” ودفعها إلى التأكيد على نظريتها في إحراج العدو أمام القوى الدولية، وذلك بدلا من الانسياق خلف أصوات التصعيد، وهو ما حصل بالفعل كما يعرف الجميع. على أن الجانب الأكثر أهمية في هذا السياق إنما يتعلق بتوجهات واضحة وربما حازمة لدى البنتاغون خلاصتها أن أي تصعيد في الملف الفلسطيني ستكون له تداعياته على الجنود الأمريكان في العراق وأفغانستان، وسيكون له تأثيره الكبير على عموم المصالح الأمريكية في المنطقة، ما يعني ضرورة العمل على منعه بكل الوسائل الممكنة. هذه الحقيقة هي التي رددها غير واحد من كبار المسؤولين الأمريكيين، حيث قال نائب الرئيس جو بايدين للإسرائيليين أثناء زيارته الأخيرة بالنص: “ما تفعلونه هنا يمس بأمن جنودنا الذين يقاتلون في العراق، في أفغانستان وباكستان. هذا يعرضنا للخطر ويعرض سلام المنطقة للخطر”، بينما أقرّ قائد القيادة المركزية الأمريكية الجنرال ديفيد بتريوس أمام أعضاء في مجلس الشيوخ بأن التوترات الحالية بين “إسرائيل” والفلسطينيين لها تأثير بالغ على القوات الأميركية العاملة في العالم الإسلامي، مؤكداً أن جيش بلاده يراقب تلك التطورات عن كثب. في مواجهة شيوع هذا الخطاب، لم يكن أمام نتنياهو سوى الرد عليه في كلمته أمام “الإيباك”، حيث قال بحسب صحيفة هآرتس “كراهية الإسلام المتطرف للغرب لا تنبع من أعمال إسرائيل، بل هو يكره إسرائيل بسبب الغرب. الإسلام المتطرف يرى إسرائيل كموقع متقدم للحرية. أن تقاتل إسرائيل أعداءها فإنها تقاتل أعداء أميركا”. من هنا تحفل الصحافة الإسرائيلية كل يوم بمقالات وتحليلات تطالب نتنياهو بتسوية الأمر مع الإدارة الأمريكية، مع تذكيره بأولوية المواجهة مع المشروع النووي الإيراني، ولعل ذلك هو ما دفع هذا الأخير إلى تكرار القول بأن ما يفعله في القدس هو ما فعله الأسلاف، وأنه لا يبتدع خطاً جديداً، وأن القدس هي عاصمة الدولة وليست مستوطنة، وكل ذلك في سياق استنفار يهود الولايات المتحدة من أجل مساندته. هنا يكمن مأزق أوباما في التعاطي مع هذا الملف، فلا هو قادر على تحدي اللوبي الصهيوني، ولا هو قادر على تجاهل مواقف البنتاغون والجنرالات الذين وعد بالاستماع عليهم في سائر الملفات، ولعل ذلك هو ما يفسر مواقف رموز إدارته المجاملة لنتنياهو مقابل بعض التشدد من طرفه. لو كان الوضع العربي بعافية، لكان بوسعه التقدم خطوات إلى الأمام بدل استمرار المراهنة على غضب أوباما، وهو غضب يعلم المعنيون تمام العلم أن نتاجه لن يتجاوز السعي من أجل إنشاء عملية تفاوض بشروط معينة تنفس الوضع الفلسطيني والعربي، بينما لا تنتج شيئا على الأرض، اللهم سوى تكريس مسار الدولة المؤقتة أو السلطة تحت الاحتلال، فيما يتواصل الاستيطان والتهويد، حتى لو جمّد لبعض الوقت من أجل المجاملة، معطوفاً على “حوافز” من اللون المعروف (تخفيف حواجز، إفراج عن معتقلين، نقل صلاحيات أمنية في بعض المدن)، وهي حوافز لا تكلف الصهاينة سوى بعض الجدل الداخلي العابر.
 (المصدر: صحيفة “الدستور(يومية -الأردن) الصادرة يوم 1 أفريل 2010)  

الصهيونية أمام مفترق طرق

منير شفيق ما جرى ويجري من أزمة أميركية – صهيونية، وهي أزمة جدّية ولها أبعاد ولا شك، أنسى البعض ما بين الطرفين من علاقات عضوية واستراتيجية وتداخل، بل حرف البعض أن يرى أن الأزمة في أساسها أميركية – أميركية، لأن الصهيونية في هذه الأزمة تتشكل من طرفين اللوبي اليهودي الصهيوني الأميركي ومعه اللوبيات اليهودية الصهيونية في أوروبا والعالم عموماً من جهة، والقيادات اليهودية الصهيونية الإسرائيلية في الكيان الصهيوني المسمّى «دولة إسرائيل» من جهة ثانية. الطرف الصهيوني المتمثل في هذه اللوبيات هو اللاعب الأقوى في الأزمة بين الإدارة الأميركية وحكومة نتنياهو، فنقاط الضغط الممارسة، أو التي مورست دائماً، على الإدارة الأميركية والإدارات السابقة آتية من اللوبي اليهودي الصهيوني الأميركي في الكونغرس، وعالَمَي الإعلام والمال، ومن تغلغلوا مراكز القرار في عدد من مؤسسات الدولة والجامعات والجمعيات والأحزاب السياسية. هذا الطرف يملك قوّة تأثير في الانتخابات الرئاسية وانتخابات الكونغرس، وامتلك عصا إرهاب ضدّ كل من يتعرّض له تحت دعوى اتهامّه بمعاداة الساميّة، وفي المقابل ثمة مستوى من الهزال والنفاق والانتهازية لدى الأغلبية الساحقة من السياسيين الطامعين في الفوز بأي من الانتخابات الرئاسية، أو التمثيلية في الكونغرس، وهذه الظاهرة آخذة في التفشّي، بعد انتهاء الحرب الباردة، في عالم الديمقراطيات الأميركية والأوروبية مع غياب ظاهرة القادة التاريخيين وتنامي ظاهرة القادة ذوي الوزن الخفيف في أكثر المجالات السياسية والثقافية والاقتصادية والاجتماعية، وفي الأحزاب الرئيسة بخاصة. لا مقارنة في مستوى الوزن والأهلية وحتى «الوطنية» (بمعناها الغربي الرأسمالي) بين تاتشر وبلير، أو بين جورج بوش الأب وجورج بوش الابن، أو بين كيندي وكلينتون، ناهيك عن العودة للخلف: إلى تشرشل وروزفلت، أو آتلي وبيفن. أو إذا شئت، مقارنة بين ديغول وساركوزي، أو أديناور وميركل وعليه قس في إيطاليا واليونان، أما إذا جئت إلى أوروبا الشرقية خصوصا بولندا فستجد أمامك كوارث من القادة الجدد حتى الفضيحة. من هنا يمكن القول إن نفوذ اللوبيات اليهودية الصهيونية أخذ ينتقل من دور ممارسة الضغوط إلى التغلغل في عدد من مراكز القرار. أي أصبح في الداخل، وليس من الخارج إلى الداخل فقط، بالنسبة إلى اتخاذ القرار المباشر، وقد يصل إلى طرق باب الرئاسة نفسها في الولايات المتحدة أو فرنسا مستقبلاً. وبالمناسبة فهذه المرحلة الأخيرة لم يلحظها المرحوم عبدالوهاب المسيري من حيث ملاحظة إمكان الانتقال من الدور الوظيفي للأقلية اليهودية إلى دور قيادي على أعلى مستوى يوظف غيره، فقد بقي متمسّكاً في تحليله الذي كان صحيحاً في المراحل السابقة فيما دخل بعد انتهاء الحرب الباردة في مرحلة جديدة. المكان الوحيد الذي بقي بعيداً من التغلغل المباشر، في داخله أو مراكز قراره، من قِبَل اللوبيات اليهودية الصهيونية هو الجيش في الولايات المتحدة وأوروبا الغربية عموماً، وبالطبع فإن الجيش -ويشمل، في أغلب الأحيان، أجهزة الأمن والمخابرات- يمثل العمود الفقري للدولة الديمقراطية، بل أهم مراكز القرار فيها في قضايا الاستراتيجية والأمن القومي الأساسية. ولهذا فإن الجيش هو المرشّح للتدخل حين تذهب الظاهرة الجديدة المتمثلة في تغلغل الصهيونية في مراكز القرار الاستراتيجي والسياسي، ومن ثم تسخيره في مصلحة دولة الكيان الصهيوني بما يتعارض مع أولويات في استراتيجية الدولة ومصالحها العليا، وعلى مستوى الأمن القومي، وهو ما أخذ يبرز في الولايات المتحدة الأميركية تحت السطح في عهد المحافظين الجدد في إدارة جورج دبليو بوش، وفوق السطح منذ السنة الأولى من عهد أوباما. لقد أصبح تدخل جنرالات الجيش الأميركي على المكشوف في الأزمة الناشبة الآن بين إدارة أوباما وحكومة نتنياهو، وهنا يقف، في الواجهة، اللوبي اليهودي الصهيوني الأميركي الذي يدعم سياسات نتنياهو، أو يحاول تهدئة الأزمة في مصلحة نتنياهو وعدم الذهاب بها إلى مستوى ليّ ذراعه. هذه الأزمة، في الحقيقة، هي الثانية في عهد أوباما، إذ انتهت الأزمة الأولى، رغم تدخل الجيش، في مصلحة نتنياهو من خلال تراجع أوباما أمام ضغوط مراكز القوى الصهيونية، وذلك سواء أجاءت الضغوط من داخل الإدارة أم من الكونغرس أم خارجه، ومن ثم كان التخلي عن مشروع ميتشيل الأول، والقبول بمشروع نتنياهو فيما يتعلق بمستوى وقف النمو الاستيطاني في الضفة الغربية مع استثناء القدس والدخول في مفاوضات غير مشروطة. وقد أضرّ هذا التراجع بهيبة أوباما، وأدخل مشروع التسوية الذي أعطى له الجيش الأميركي أهمية خاصة في مأزق، إن لم يكن في الطريق المسدود، ولهذا فعندما بدأت عملية التسوية بالتحرك من خلال تراجع المفاوض الفلسطيني «محمود عباس» ودعم لجنة المبادرة العربية «عدا سوريا» له في العودة إلى المفاوضات غير المباشرة، دخلت التسوية في مأزق أشدّ، بسبب إعلان قرار إنشاء 1600 وحدة سكنية إستيطانية جديدة في شرقي القدس. والأنكى أن إعلان القرار المذكور من قِبَل حكومة نتنياهو جاء في أثناء زيارة نائب الرئيس الأميركي جو بايدن له من أجل دعم ميتشيل والمفاوضات غير المباشرة، الأمر الذي فجّر الأزمة الثانية وأخرج على لسان كل من بايدن نفسه ووزيرة الخارجية هيلاري كلينتون والناطق الرسمي باسم البيت الأبيض تصريحات شديدة الغضب على القرار المذكور الذي صفع وجه بايدن، مما اعتبر إهانة لأميركا، وبهذا ارتفع مستوى الأزمة الثانية إلى درجة حرجة قد تهدّد بما هو أسوأ. وهنا أخذ تدخل الجيش من خلال جنرالاته، ودعم وزير الدفاع روبرت غيتس لهم، يُرسل بإشارات يجب أن يفهمها اللوبي اليهودي الصهيوني الأميركي قبل نتنياهو وحكومته، فقد ذهب قائد «المنطقة الوسطى» الجنرال بترايوس إلى حد اعتبار عدم إيجاد حل للصراع في فلسطين مهدِّداً للأمن القومي الأميركي بل للدم الأميركي في جبهات الحرب في العراق وأفغانستان وباكستان. هنا لا بدّ لأوباما من أن يضع في صدره «قلب السبع» في مواجهة اللوبي الصهيوني الأميركي، فقد تحرّكت أميركا الأخرى عبر البنتاغون ولا بدّ من أن يتحرك معها كل السياسيين والمثقفين الذين انحنوا غير راضين، وربما ناقمين، أمام عاصفة اللوبي اليهودي الصهيوني وإرهابه، وقد انعكس ذلك، وبسرعة، على الرأي العام الأميركي، مما يهدّد، إذا ما استمرّ التمادي الصهيوني وتصاعدت الأزمة، بخروج ما هو مدفون من أحقاد قديمة وجديدة، قد تمسح دموع المحرقة بما هو أسوأ منها. والسؤال: كيف سيتصرّف قادة اللوبي اليهودي الصهيوني في أميركا أولاً وفي العالم ثانياً، وأخيراً وليس آخراً نتنياهو وحكومته؟ هل سيخافون، كشأن كل الطغاة، إذا تراجعوا من أن يجرّ ذلك إلى تراجعات أخرى، فيركبهم الغرور الممزوج بالقوّة والنفوذ إلى العناد والمكابرة، وعدم لحاظ ما أخذ يتحرّك من عوامل غضب مضاد؟ أم سيتراجعون جزئياً وشكلياً لتهدأ الأزمة دون أن يلبّوا المطلوب منهم، فيدخلون مع ميتشيل في لعبة الباب الدوّار لتدخل عملية التسوية في أزمة أشدّ من سابقتها، ثم لا ينقذهم إلاّ تحقيق الجيش لانتصار ملموس في واحدة من جبهات القتال، في الأقل، وهو ما لا مؤشر إليه. وخلاصة: إن عوامل تحقيق تسوية ما أصبحت أقوى من أية مرحلة سابقة، وفي المقابل، وللأسباب نفسها، تقف الصهيونية العالمية والإسرائيلية على أبواب أزمة لم تعرفها منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية.
  (المصدر: موقع صحيفة “العرب” (يومية – لندن) بتاريخ 31 مارس 2010)  

المعتدلون درجات

د. فهمي هويدي ما قاله طيب أردوغان للمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل عن السلاح النووي الإسرائيلي وموقفه من العقوبات على إيران لم يقله زعيم عربي، تماما كما أن ما قاله في قمة سرت عن ارتباط مصير استانبول بمصير القدس لم يقله أيضا أي زعيم عربي، كما أن أحدا لا يستطيع أن ينسى موقفه في مؤتمر دافوس، حينما ترك المنصة احتجاجا على ما قاله الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز بخصوص فلسطين، في حين بقى عمرو موسى في مقعده ولم يغادره. في المؤتمر الصحفي الذي عقد بأنقرة يوم الاثنين الماضي (29/3) عبر أردوغان عن موقفه الشجاع والحازم إزاء ما قالته المستشارة الألمانية، التى جاءت إلى العاصمة التركية لتطلب منها التصويت، إلى جانب الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في قرار فرض عقوبات على إيران بسبب مشروعها النووي، حين يعرض المشروع على مجلس الأمن خلال شهر أبريل الحالي. في رده قال أردوغان إن تركيا ترفض سياسة فرض عقوبات على إيران، وتفضل الاستمرار في الاتصالات الدبلوماسية معها، وأضاف أن بلاده تشترك مع إيران في حدود بطول 380 كيلومترا، وتعتبرها شريكا في مجال الطاقة، وهو اعتبار لا يمكن تجاهله في تقييم علاقاتهما الثنائية وأهميتها، كما أنه شكك في فاعلية فكرة العقوبات، التي سبق أن صدرت بها ثلاثة قرارات لم تثن إيران عن المضي في مشروعها، ولم يكتف رئيس الوزراء التركي بذلك، ولكنه ذكَّر المستشاره الألمانية بأن ثمة دولة في الشرق الأوسط لا تخضع للعقوبات بسبب امتلاكها الأسلحة النووية. وكانت تلك إشارة واضحة إلى إسرائيل التي اعتبرها دولة مستثناة من القوانين والأعراف السائدة. هذه اللغة لم يستخدمها أحد من قادة الدول العربية “المعتدلة”، التي لم تمانع في توقيع العقوبات على إيران بحجة أن القرار إذا صدر عن مجلس الأمن فقد أصبح جزءا من “الشرعية” الدولية، وفي الأسبوع الماضي صرح أحد وزراء الخارجية الخليجيين بأنه في هذه الحالة ستلتزم بلاده بقرار المجتمع الدولي، أما إشارة أردوغان إلى إسرائيل والغمز في أنها مستثناة من العقوبات رغم امتلاكها للسلاح النووي، فهي أكثر وضوحا وشجاعة من الموقف الذي يردده المسئولون في مصر وغيرها من دول “الاعتدال”. الذين دأبوا على القول إنهم يؤيدون إخلاء المنطقة كلها من السلاح النووي، دون أي تلميح إلى شذوذ الوضع الإسرائيلي. ما يثير الانتباه أن أردوغان وهو يعبر عن هذه المواقف الشجاعة يظل محسوبا على دول الاعتدال، سواء في عضوية بلاده لحلف الناتو أو ارتباطها بالولايات المتحدة، أو حتى علاقة بلاده مع إسرائيل، وهو ما يثير سؤالا جوهريا هو: لماذا اختلفت مواقفه عن مواقف الدول التي توصف بأنها معتدلة في عالمنا العربي؟ ردي على السؤال في نقطتين، الأولى: أن الرجل يملك قراره المستقل، الذي يتحرى فيه المصالح العليا لبلاده، ولا يتردد في الانحياز إلى تلك المصالح، حتى إذا تعارضت مع مصالح الدول الكبرى، وفي مقدمتها “حلفاؤه” في الولايات المتحدة. النقطة الثانية: أن الرجل تقلد منصبه استنادا إلى فوز حزبه في الانتخابات بأغلبية معتبرة، ولأنه جاء مؤيدا من الأغلبية، فإنه لا يستطيع أن يتجاهل موقعها أو يتحدى إرادتها، وإلا فقد ثقة الجماهير وخسر موقعه في أول انتخابات مقبلة. الوضع مختلف تماما في بلادنا، فأنظمتنا لا تملك قرارها واستجابتها للضغوط الأجنبية مضمونة دائما، حتى في المسائل الصغيرة كتلك المتعلقة بمناهج التعليم ومشاركة النساء في السلطة، ثم إنها أنظمة غير ديمقراطية، ومن ثم فهي ليست معنية برأي الشارع ولا بمشاعره (خذ الاشتراك في حصار غزة مثلا)، كما أنه ليس لديها أي قلق من اهتزاز مكانتها في أي انتخابات قادمة، ناهيك عن أنها ضامنة لتأييد المجالس النيابية التي عادة ما تشكل بالتزوير الذي نعرفه. هناك فرق آخر أستحي من ذكره وأسجله من باب الأمانة فقط، هو أن القادة فى تركيا لديهم اعتزازهم الشديد بكرامة بلدهم وكبريائها، فقد اعتبروا أن زيارة أحد الوزراء الإسرائيليين لأنقرة قبل أسبوع من العدوان على غزة دون إخبارهم بها إهانة لهم، كما أنهم أصروا على أن تعتذر لهم إسرائيل حين أسيئت معاملة السفير التركي لدى تل أبيب. أما نحن فنتذكر الكرامة والكبرياء في بعض المناسبات دون غيرها.. ومع الأشقاء دون غيرهم!
 (المصدر: صحيفة “السبيل” (يومية –  الأردن) الصادرة يوم 1 أفريل  2010)  

نتائج الانتخابات العراقية: امتحان للعراق وإيران

د. بشير نافع شهدت الانتخابات العراقية تدخلات في كل مراحل العملية الانتخابية بلا شك، ولكن هذه التدخلات صبت لصالح المالكي في شكل أساسي؛ وليس ذلك بغريب، فهو قاد الحكومة التي أجرت الانتخابات وسيطر على أجهزتها العسكرية والأمنية. الذين ذهبوا إلى مراكز الاقتراع ولم يجدوا أسماءهم على القوائم، والذين منعوا من التصويت لأن مسؤولي المراكز قرروا أن جواز السفر لا يكفي لإثبات الهوية، والصناديق التي ألغيت من حسابات العد، لهذا السبب أو ذاك، تعود في الأغلبية العظمى منها إلى مناطق معينة، كان من المتوقع أن تعطي أصواتها للقائمة العراقية. ولكن الفارق في النهاية بين حجم الأصوات التي ذهبت للعراقية، التي يقف على رأسها إياد علاوي، وتلك التي ذهبت لقائمة دولة القانون، التي يقودها رئيس الحكومة المنتهية ولايتها، المالكي، كان كبيراً، بحيث أصبح من الصعب في المراحل الأخيرة من العملية تجاوزها. وهكذا فازت العراقية بفارق صغير، فارق مقعدين وحسب، ولكنه فارق كبير عندما توضع في الاعتبار الظروف ثقيلة الوطأة التي أحاطت بالانتخابات. لهذا الفوز دلالات بالغة، وهو فوز يضع القوى العراقية السياسية الرئيسة وإيران أمام امتحان، ستترك نتائجه أثراً بالغاً على مستقبل العراق وجواره العربي والإسلامي. الدلالة الأبرز لهذه الانتخابات أن كفة المزاج العراقي تميل نحو إقامة دولة وطنية، دولة لا تحمل صبغة دينية أو طائفية. كان خيار العراقيين العرب السنة قاطعاً في انحيازه لدولة وطنية، موحدة، وذات توجه علماني معتدل؛ ليس فقط لأنهم صوتوا لقائمة يقودها سياسي شيعي علماني، ولكن أيضاً لأنهم صوتوا بكثافة غير مسبوقة، وصوتوا ككتلة واحدة تقريباً. عدد المقاعد التي ذهبت لعرب سنة من خارج القائمة العراقية لا يتجاوز العشرة. ما توحي به هذه النتائج، أن السنة العرب الذين تصدوا لسيطرة القاعدة الدموية، هم وليس قوات أمن الدولة الجديدة، اتخذوا في هذه الانتخابات موقفاً لا يحتمل التأويل في مناهضة الطائفية ونظامها، وانحازوا لعراق موحد، مدني، يقوم على المواطنة المتساوية والفصل بين الدولة والدين. ولكن الصورة لم تكن كذلك تماماً في نمط تصويت المحافظات ذات الأغلبية الشيعية. صحيح أن العراقية فازت بعدد من مقاعد هذه المحافظات، وهي القائمة الوحيدة التي حصلت على مقاعد في أغلب المحافظات العراقية، من الموصل إلى البصرة. ولكن الحقيقة أيضاً أن الأغلبية الساحقة من أصوات الناخبين الشيعة العرب ذهبت للقائمتين الشيعيتين الرئيسيتين، دولة القانون والإئتلاف. ثمة عدد من الأسباب التي جعلت تحرر الناخب الشيعي من التوجه السياسي الطائفي أقل نسبياً من تحرر نظيره السني. أولها، أن وتيرة التعبئة الطائفية السياسية في مناطق الأغلبية الشيعية العربية ما تزال عالية، تتعهدها أحزاب وقوى ودوائر دينية وشخصيات. يستند الخطاب الطائفي الشيعي، كما كل خطاب طائفي، إلى أساطير تاريخية من الحقوق والمظالم، ويروج لوهم المخاطر التي تهدد الطائفة وسيطرتها. وقد تعرض الناخب الشيعي في الجنوب العراقي لحملة هائلة من إثارة المخاوف من القائمة العراقية، ومن فكرة تحييد الدولة في المجال الديني في أصلها. ثانيها، أن الأحزاب الطائفية الشيعية سيطرت بالفعل على أجهزة الدولة الجديدة، وفي بغداد والمحافظات الجنوبية على وجه الخصوص، وكرست أجهزة الدولة ومقدراتها لخدمة مصالحها، سيما أن الدولة لم تزل المصدر الأهم على الإطلاق للمال والثروة والموقع والوظيفة الآمنة. الثالث، أن كلاً من دولة القانون والإئتلاف الشيعي عمل على إعادة انتاج نفسه في صورة وطنية خلال العام الأخير، بعد أن لاحظ الطرفان رياح التغيير في المزاج العراقي، وهو ما خدع جزءاً من الناخبين بالفعل. السؤال الآن هو إلى أين تتجه الأمور؟ هل من الممكن أن تؤدي هذه الانتخابات إلى تغيير سياسي، ولو جزئي في العراق؟ الذين راقبوا تعليق المالكي المباشر على إعلان فوز القائمة العراقية لم يغب عنهم الطابع الهستيري لرد فعل رئيس الحكومة المنتهية ولايتها. كان المالكي، الذي سبق وأشاد بالعملية الانتخابية عندما كانت النتائج الجزئية توحي بتصدره، بدأ في التنديد بعملية الفرز والعد وبكل جهاز المفوضية العليا للانتخابات قبل أيام من إعلان النتائج النهائية. وعندما أعلنت النتائج لم يبق له إلا تهديد خصومه بالاجتثاث والطرد وانفجار العنف، والوعيد بتغيير النتائج بكل وسيلة متاحة له. وما إن اتضح أن موقفه لا يجد تأييداً كافياً، ولا حتى في الدوائر الشيعية السياسية الأخرى، التي لم يبق فيها من لا يرغب بذهابه، حتى بدأ نشاطاً من نوع آخر، محاولاً إقامة سلسلة من التحالفات التي توفر لعودته إلى رئاسة الحكومة بأغلبية برلمانية كافية. ولكن الأمور ليست ممهدة أمام طموح المالكي الجامح؛ فالكتلة الصدرية التي حصلت على العدد الأكبر من مقاعد الإئتلاف السبعين، أعلنت منذ البداية معارضتها لعودة المالكي. وليس من الصعب التكهن بأن أغلب الشخصيات الشيعية في الإئتلاف، إضافة إلى قطاع واسع من الكتلة الكردية، تعارض ولاية جديدة للمالكي. لا قائمة واحدة ولا حتى تحالف اثنتين، يمكنها تشكيل حكومة مستقرة. ومن الواضح أن العراق الآن يقف أمام خيارين رئيسيين: إعادة انتاج الحكومة الطائفية السابقة بالتحالفات التي أسست لها، أو الخروج من المناخ الطائفي، وإقامة حكومة على أسس جديدة، بغض النظر عن الشخصية التي سيعهد لها رئاسة الحكومة في الحالتين. في مواجهة هذين الخيارين، تقف القوى العراقية السياسية أمام امتحان كبير. على الكتلة الكردية، أولاً، أن تسأل نفسها ما إن كانت تريد حكماً قوياً ومستقراً في بغداد، يتمتع بدعم شعبي واسع، يؤهله للدخول في تفاوض جاد لحل المسائل العالقة مع منطقة الحكم الذاتي الكردي، أو أنها تفضل حكومة ضعيفة، ترتكز إلى تشققات إثنية وطائفية. وعلى القوى السياسية الشيعية، الإئتلاف في شكل عام والمجموعة الصدرية على وجه الخصوص، أن تسأل نفسها ما إن كان العراق الذي تسعى إليه هو عراق المغالبة، عراق العزل والاجتثاثات، وعراق التسلط الطائفي، الذي انعكس خلال الأعوام القليلة الماضية في كافة المجالات التي تخضع لسلطة الدولة، وانتهى إلى سيطرة رجل واحد على مقدرات البلاد باسم الطائفة. سيوفر اصطفاف الإئتلاف ودولة القانون بلا شك كتلة كبيرة، يمكن أن تأتي بالكتلة الكردية، تهديداً أو إغراءً، إلى جانبها. ولكن هل هذا هو الحكم الذي يمكن أن يحقق استقرار العراق، ويخرجه من هوة الاحتلال والتشظي الداخلي؟ والانتخابات هي امتحان لإيران ايضاً. فمهما كانت زاوية النظر، فمن السذاجة تجاهل النفوذ الإيراني واسع النطاق في العراق. وهناك تقارير متزايدة تشير إلى أن طهران تصب جهودها الآن في اتجاه إعادة بناء الحكم الطائفي. يوم الأثنين الماضي، نبهت وزارة الخارجية الإيرانية من أن تدخل الآخرين في مسيرة الديمقراطية في العراق ستضر بهذه المسيرة، معلنة استعدادها لمساعدة بغداد على إرساء السلام والاستقرار في العراق. واعتبر المتحدث باسم وزارة الخارجية الايرانية رامين مهمانبرست، في تصريح له ‘أن الانتخابات العراقية التي جرت في السابع من آذار/ مارس الحالي، شأناً داخلياً’. وأكد على وجوب السماح بمأسسة غرس الديمقراطية الناشئ في العراق، وعلى أن تدخلات الأطراف المتواجدة في العراق لصالح تيار أو فئة معينة من شأنها أن تؤدي الى إضعاف مسيرة الديمقراطية في العراق. ووصف حضور الشعب العراقي في مشهد ديمقراطي لتقرير المصير بأنه فأل حسن، مشيراً إلى أن بلاده أعلنت دوماً استعدادها للتعاون البناء مع حكومات المنطقة والدول الجارة. وأشار مهمانبرست إلى أن إيران، بصفتها جارة للعراق، تتمنى النجاح للحكومة المقبلة، مضيفاً ‘إننا مستعدون دوما لمساعدة دول المنطقة ومن ضمنها العراق لإرساء السلام والاستقرار والبناء’. الحقيقة أن الوقائع لا تتفق وروح هذه التصريحات. الهرولة المخجلة لرئيس الجمهورية الطالباني إلى طهران، قبل ساعتين من إعلان النتائج النهائية، وفي تجاهل صارخ لمهماته في تمثيل العراق في القمة العربية؛ ثم استدعاء وفود من قادة الإئتلاف، ودولة القانون، والكتلة الكردية، إلى العاصمة الإيرانية، لا يعبر عن النفوذ الإيراني في العراق وحسب، ولكن أيضاً عن تصميم إيران على ممارسة كل ضغط ممكن للمحافظة على النظام ذي الطابع والجوهر الإثني والطائفي في العراق. سياسة التدخل في الشأن العراقي، كما قال الناطق باسم الخارجية الإيرانية، هي سياسة خاطئة وخطرة وقصيرة النظر. مثل هذه السياسة لن تفهم في أوساط الرأي العام العربي والإسلامي إلا باعتبارها تجلياً لسعي إيراني للسيطرة على الشأن العراقي، لإبقاء العراق ضعيفاً ومنقسماً على ذاته، ولتأبيد الحكم الطائفي في بغداد. الرأي العام العربي، وبغض النظر عن موقف الأنظمة العربية، يرى إيران شريكاً في الجغرافيا والتاريخ وفي قضايا المشرق المعاصرة الكبرى، يقف إلى جانب حق إيران في امتلاك التقنية النووية، ويجد السياسة الإيرانية في لبنان وفلسطين تعبيراً عن قوى الجامعة الإسلامية؛ ولكنه يواجه صعوبة بالغة في فهم السياسة الإيرانية في العراق. منذ ما قبل الاحتلال والعراق ينتقل من أزمة إلى أخرى. بمجيء الاحتلال وتقويض بنى الدولة العراقية، تفاقمت أزمة العراق، وأدخلت البلاد إلى نفق محكم. ما تمثله الانتخابات الأخيرة هو صرخة الروح العراقية الجمعية للخروج من هذا النفق. فليترك أهل العراق وشأنهم ليحاولوا إعادة الروح إلى وطنهم وجماعتهم الوطنية.
 (المصدر: صحيفة “القدس العربي” (يومية – لندن) الصادرة يوم 1 أفريل  2010)

Home – Accueil الرئيسية

 

Lire aussi ces articles

22 mai 2008

Home – Accueil TUNISNEWS 9 ème année, N° 2921 du 22.05.2008  archives : www.tunisnews.net C.R.L.D.H. Tunisie: Flash-Infos mai 2008 · Le

En savoir plus +

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.