Home – Accueil – الرئيسية
TUNISNEWS
7 ème année, N° 2230 du 08.09.2006
كلمة: دهاليز الصباح : السّاحة النقابية أمام امتحان جديد وسط انتقادات شديدة
الشروق: من سيترشح في مؤتمر اتحاد الشغل؟
علي الخميلي : النداء.. أزمة الرابطة التونسية لحقوق الإنسـان.. والسلطـة؟؟؟
كـونا: السياحة التونسية تحقق نموا ينعش اقتصاد البلاد
رويترز: بينتون للنسيج توسع استثماراتها في تونس بنحو 22 مليون يورو
الصباح: منطقة سياحية مشتركة جنوبي تونـــس ومنطقة تجارية كبرى غرب ليبيا
رشيد خشانة: مساع أوروبية لإقناع ليبيا بالمشاركة في دوريات مكافحة الهجرة غير المشروعة
نشرة الإصلاح العربي: تونس: توترات في آخر معاقل الغضب
ياسين بن علي: أيّها السادة علماء الزيتونة:{ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور}
محمد الطاهر القنطاسي: عـــــــــودة بن عــــمــــر
الشروق: السيدة ليلى بن علي لمجلة «آرابي» : تونس حققت أكثر الاصلاحات جرأة للنهوض بالمرأة
القدس العربي: قلوبنا بما نبضت
سويس إنفو : الإضراب يدفع الشبان الفلسطينيين إلى المدارس الإسلامية
د. عبدالوهاب الافندي: ليلة ذبح السودان
عبد المنعم أبو الفتوح: الإسلام الإصلاحي: إيضاح المناطق الرمادية
Pour afficher les caractères arabes suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe ( Windows ) To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic (Windows).
لمشاهدة الشريط الإستثنائي الذي أعدته “الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين”
حول المأساة الفظيعة للمساجين السياسيين وعائلاتهم في تونس، إضغط على الوصلة التالية:
دهاليز
إعداد لطفي حيدوري استقالة قضاة قدّم خمسة قضاة استقالتهم في نهاية السنة القضائية المنقضية. ويتعلّق الأمر بكل من الطاهر فضيل (قبلّي) وسامي بن حمّودة (المنستير) ومصطفى اليحياوي (نابل) وحاتم بن رحومة (المحكمة العقارية) والحبيب بن رجب (تحقيق قفصة). وشاية تونسية قال يوسف ندا مفوّض العلاقات الدولية السابق لحركة الإخوان المسلمين الذي تتّهمه الإدارة الأمريكية بتمويل الإرهاب في حوار بثته قناة الجزيرة الفضائية إنّ السلطات التونسية تعاونت مع مخابرات دولية بتقديم معلومات استخبارية تدينه. وقال إنّ الأردن ومصر سعتا أيضا في إدانته. و كان الإدّعاء العام السويسري قد أنهى التحقيق مع الملياردير المصري يوسف ندا الذي جمّدت جميع أرصدته المالية بتبرئته من هذه التهمة. وكان تقرير الخارجية الأمريكية عن “الحرب على الإرهاب” لسنة 2004 قد تحدث عن تقديم تونس “لمعلومات عن أصول مالية يتم تحويلها لجهات مشبوهة”. (المصدر: مجلة “كلمة”، العدد 45، سبتمبر 2006)
بعد قرار القيادة النقابية تقديم المؤتمر إلى منتصف ديسمبر:
السّاحة النقابية أمام امتحان جديد وسط انتقادات شديدة
تونس: الصباح تعيش الساحة النقابية حالة من المخاض في الفترة الراهنة، على خلفية قرار المكتب التنفيذي للاتحاد العام التونسي للشغل، عقد المؤتمر في منتصف ديسمبر المقبل، بعد أن كان مقررا تنظيمه في موعده القانوني، ربيع العام 2007، وفقا لنص النظام الداخلي للاتحاد.. وكانت الهيئة الإدارية للاتحاد التي التأمت يومي الرابع والخامس من الشهر الجاري، زكت قرار المكتب التنفيذي بعد مناقشات طويلة، وفق ما تردد من كواليس الهيئة الإدارية، التي حدّدت عقد المؤتمر أيام 14 و 15و 16 ديسمبر بالمنستير.. وأفادت معلومات مؤكدة من داخل الهيئة الإدارية لاتحاد الشغل، وجود شقين اختلفا كثيرا حول مسألة المؤتمر، دافع الأول عن خيار تقديم موعد المؤتمر، فيما حرص الثاني على التأكيد على ضرورة الالتزام ببنود النظام الداخلي، التي تشير إلى ضرورة توفر نحو 6 أشهر بين إعلان تاريخ المؤتمر وتوقيت انعقاده، الأمر الذي لم تحترمه القيادة النقابية، عبر مؤسستي المكتب التنفيذي والهيئة الإدارية، حيث لا تتجاوز المدة الفاصلة بين سبتمبر ومنتصف ديسمبر، ثلاثة أشهر ونيف.. انتقادات واسعة.. وفي الحقيقة، فإن قرار تقديم المؤتمر، فاجأ بعض أعضاء المكتب التنفيذي ذاتهم، قبل عموم النقابيين.. فالجميع كان منشغلا بملفات نقابية مطلبية عديدة وهامة، على غرار التأمين على المرض، ومسألة نقابة التعليم العالي والبحث العلمي، واستحقاقات القطاع الصحي، إلى جانب بوادر ما سمي بـ «التعددية النقابية»، على خلفية إنشاء نقابة مستقلة (من خارج اتحاد الشغل) للتكنولوجيين، بالإضافة إلى ملف المفاوضات حول الوضع الاجتماعي والنقابي في عدة قطاعات، سواء في المؤسسات العمومية أو الخاصة.. ولعل مصدر تفاجؤ النقابيين، أن قيادة المنظمة كانت كذبت في وقت سابق، الأنباء والإشاعات التي ترددت حول إمكانية تقديم موعد المؤتمر، واعتبرت أن ذلك من باب المزايدات ومحاولة إرباك القيادة النقابية بمسائل هامشية غير ذات معنى».. لذلك لم يتردد عديد النقابيين في التساؤل حول دوافع تقديم موعد المؤتمر، الذي كانت قيادة المنظمة تصر على احترام موعده الأصلي.. وفتحت ـ تبعا لذلك ـ أبواب التأويلات على مصراعيها، فيما تحركت آلة « المعارضة النقابية» التي لم تتردد في القول بأن هذا التقديم، يؤكد مواصلة القيادة النقابية اعتماد سياسة الهروب إلى الأمام، والقفز على الإشكاليات النقابية الحقيقية المطروحة، ومحاولة الالتفاف على بعض التحركات النقابية التي تستهدف، الترشح أو على الأقل التمهيد لكي تكون رقما ضمن المعادلة الانتخابية القادمة.. ووصف نقابيون « مستقلون»، قرار تقديم موعد المؤتمر، بـ «المناورة « الجديدة للقيادة النقابية، لصرف أنظار النقابيين عن القضايا المطروحة في الساحة العمالية، ومحاولة الاستجابة لأجندا غير نقابية تماما، فيما اعتبرها آخرون جزءا من سياسة قديمة جربت مع قيادات نقابية سابقة، تعتمد تلهية النقابيين بصراعات انتخابية كثيرا ما تسببت في تساقط قسم من حبات العنقود النقابي في كل استحقاق انتخابي، بشكل يؤدي إلى مزيد من الانقسامات داخل الصف النقابي، وترهل دور النقابيين وضعف موقفهم، وهو ما سوف يضعف الوحدة النقابية في المحصّلة الأخيرة.. ليس هذا فحسب، بل إن جناحا من النقابيين يتداول خلال الأيام الأخيرة، فكرة تشكيل نقابات مستقلة، بل ثمة أوساط من ساحة محمد علي، تتولى التسويق لموقف قديم جديد، يتعلق بتأسيس منظمة عمالية جديدة، يقولون أن الساحة التونسية بحاجة إليها، بل يعتبرونها ضرورية ومشروعة وفي مصلحة جميع الأطراف، على حد تعبير البعض من القيادات النقابية السابقة التي تقود عملية التسويق هذه.. رسائل أساسية.. من جهة أخرى، يرى بعض المحللين والمتتبعين للشأن النقابي، أن قرار تقديم المؤتمر، تضمن رسائل عديدة لأطراف مختلفة.. أول هذه الأطراف، المنتقدون للقيادة الحالية الذين ما فتئوا يشيرون إلى افتقادها لبرنامج واضح، وعدم استعدادها لدخول المعترك الانتخابي بعد أن فشلت وعودها بالتصحيح والإصلاح التي صعدت بسببها إلى سدة القيادة في مؤتمر جربة المنقضي.. لذلك تأتي عملية التقديم لتؤكد جهوزية القيادة الحالية التي سيكون عليها، الإعداد للمؤتمر في ظرف قياسي ووجيز للغاية لا يتعدى الثلاثة أشهر.. أما الطرف الثاني المعني بقرار تقديم موعد المؤتمر، فهم النقابيون وجزء من الطبقة السياسية الذين شككوا في إمكانية ترشح الأمين العام الحالي، السيد عبد السلام جراد، إلى الأمانة العامة، بحكم ما تردد عن «ظروفه الصحية « و«فشله» في إدارة دفة تسيير المنظمة بشكل ديمقراطي يحافظ على الوحدة النقابية على الرغم من النسيج المتعدد صلبها.. والحقيقة، أن جراد برهن خلال الفترة الماضية عن شجاعة افتقدتها بعض القيادات الحزبية ، خصوصا عندما عرف كيف « يضبط» الرأي العام النقابي خلال أحداث العدوان الإسرائيلي على لبنان، واستجاب لتعاطف النقابيين مع المقاومة اللبنانية من دون أن يتسبب في انفلاته، كما لم يتردد في طرح جملة من القضايا «السياسية» الصرفة، رغم الخطوط الحمراء التي تحيط بها، و اتخذ الرجل قرارات نقابية، ربما أغضبت بعض الأطراف، لكنها أعادت لبعض القطاعات النقابية دورها وكلمتها ضمن الوضع الاجتماعي العام.. هناك عديد الانتقادات للسيد جراد، خصوصا من حيث تعاطيه مع بعض الملفات النقابية، على غرار نقابة التعليم العالي، وانسياقه وراء ما يقال عن «تجاوز قوانين المنظمة»، لكن ذلك لن يقلل شيئا من الحظوظ الكبيرة التي ينطلق بها الرجل للفوز بالأمانة العامة، مهما كان عدد المنافسين وقيمتهم النقابية والمعنوية، وهو ما يفسر قراره تقديم المؤتمر القادم، في إشارة إلى عدم حاجته لخوض تحالفات انتخابية في ظل ساحة نقابية مهيأة لاستمراره على رأس القيادة النقابية.. قراءات مختلفة.. ويبدو من خلال بعض المعلومات التي حصلت لدينا، أن إمكانية تراجع القيادة النقابية عن قرار وقّعت عليه الهيئة الإدارية، أمر مستحيل في ضوء موازين القوى التي تميل في الوقت الراهن لصالح القيادة النقابية.. ولهذا السبب، انصرفت اهتمامات النقابيين إلى التحالفات وقراءة حظوظ أعضاء المكتب التنفيذي الراهن، في الحفاظ على نفس الأسماء والمقاعد والمسؤوليات، وسط توقعات بأن يعرف المكتب التنفيذي، نسبة تجديد تناهز الثلاثين بالمائة من عدد أعضائه الحاليين.. على أن معارك شرسة سيتم خوضها، وتحالفات كبيرة سيقع نسجها في الاستحقاق الانتخابي القادم.. ويتحدث البعض في هذا السياق، عن تحالف مرتقب بين بعض «الأصدقاء التاريخيين» (في إشارة إلى السيدين علي رمضان وعبد النور المداحي)، تحالف ربما استفاد من اتساع رقعة القواعد النقابية التي تقف وراء الرجلين، وهو أمر تشكك فيه بعض الأطراف بالنظر إلى ضبابية موقف أحدهما إزاء الآخر، فيما سيخوض آخرون معارك شرسة من أجل الحفاظ على مواقعهم صلب المكتب التنفيذي، على غرار السادة المنصف اليعقوبي وناجي مسعود ورضا بوزريبة، المرشحين لمغادرة القيادة النقابية، وفق قراءات يشكك البعض في خلفيتها وصحتها، بل لا يتردد البعض الآخر في وصفها بـ «المتهافتة».. وعلى أية حال، فإن الاتحاد العام التونسي للشغل، مقبل على أشهر صعبة ربما كان هذا المؤتمر سبيلا لتقوية عوده، فيما لا تستبعد بعض الأطراف إمكانية أن يخرج منه أضعف مما هو عليه الآن.. والسؤال المطروح في الأوساط النقابية والسياسية عموما هو: بأي اتجاه سيسير قطار النقابيين، وأي أجندا نقابية للمرحلة القادمة؟ صالح عطية (المصدر: جريدة “الصباح” التونسية الصادرة يوم 8 سبتمبر 2006)
من سيترشح في مؤتمر اتحاد الشغل؟
* تونس ـ الشروق كان الاعلان رسميا عن موعد المؤتمر الوطني للاتحاد العام التونسي للشغل والذي سينعقد أيام 14 و15 و16 ديسمبر القادم بجهة المنستير ـ وهي المرة الأولى ـ التي تحتضن فيها هذه الجهة مؤتمر المنظمة الشغيلة ـ بمثابة الاعلان رسميا عن انطلاق الحملات الانتخابية في ساحة محمد علي بالنسبة الى الكثير من النقابيين الراغبين في الترشح لعضوية المركزية النقابية. واذا كان من المؤكد الآن أن كل أعضاء المركزية النقابية الحاليين سيحددون ترشحهم بما في ذلك الأمين العام السيد عبد السلام جراد فان العديد من الوجوه النقابية والتي سبق لها تحمل مسؤوليات نقابية قطاعية من المنتظر أن تعلن عن ترشحها للمؤتمر القادم. ومن بين هذه الوجوه أعضاء سابقون في المركزية النقابية اضافة الى نقابيين تحملوا مسؤوليات في الهياكل الوسطى. ورغم أنه يصعب التكهن بعدد المترشحين في مؤتمر المنستير القادم الا أنه يتوقع أن يفوق العدد عدد المترشحين في مؤتمر جربة الاستثنائي الذي انعقد في و و فيفري من سنة 2002 . وكان عدد المترشحين في مؤتمر جربة الاستثنائي بلغ 40 مترشحا ينتمون الى مختلف القطاعات والحساسيات النقابية ولا تستبعد مصادرنا أن يتولى عدد منهم تجديد ترشحه في مؤتمر المنستير. وكان الأمين العام عبد السلام جراد تحصل في مؤتمر جربة على 307 أصوات يليه على رمضان بـ279 صوتا ومنصف اليعقوبي بـ244 صوتا وسليمان الماجدي بـ232 صوتا في حين تحصل رضا بوزريبة على 228 صوتا الهادي الغضباني على 221 صوتا وعبيد البريكي على 227 صوتا ومحمد سعد على 218 صوتا ومحمد السحيمي على 212 صوتا ومحمد شندول على 202 صوتا وناجي مسعود وعبد النور المداحي على 199 ومحمد الطرابلسي على 175 صوتا. وبصرف النظر عن الترشحات وعدد المترشحين فان مؤتمر المنسير سيكون مختلفا عن مؤتمر جربة الاسثتنائي من حيث قاعدة التحالفات والحسابات الانتخابية. كما ستكون قائمة الأمين العام ورقة انتخابية هامة كما جرت العادة في كل المؤتمرات السابقة. وتخضع العملية الانتخابية الى التوازنات الجهوية اضافة الى الثقل القطاعي وثقل التيارات النقابية ومختلف الحسابات التي يضمها اتحاد الشغل. سفيان الأسود (المصدر: صحيفة “الشروق” التونسية الصادرة يوم 8 سبتمبر 2006)
النداء.. أزمة الرابطة التونسية لحقوق الإنسـان.. والسلطـة؟؟؟
بقلم: علي الخميلي منذ فترة غير قصيرة برزت قضية الرابطة التونسية لحقوق الانسان قبل أن تتضخم وتصبح بحق ازمة معقدة تفرض على كل المثقفين والمتابعين للحركة الجمعياتية وللأنشطة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية – وخاصة منهم الرابطيون الذين سبق لهم التوغل في ثنايا هذا المسار الديموقراطي – المتابعة والتروي ثم مزيد المتابعة والتروي من كل تفاصيل وجزئيات الازمة وذلك بدقة وشفافية وتجرد من كل الخلفيات والاملاءات خاصة ان النقد الصادر عن بعض الشخصيات والوجوه المثقفة والمناضلة على مختلف مشاربها وحساسياتها وأيضا مراحلها – ظل مستمرا في شكل قراءات واحتجاجات وما شابه ذلك.. ولأن الأمر يهمني كرابطي قديم وكنقابي مستقل ولا مستقيل فإن اهتمامي بالقضية تعزز من يوم الى آخر قبل الحرص على الاتصال بهذا وذاك من المناضلين الرابطيين عساني ادرك الحقائق اكثر بكل تجلياتها – بعيدا عن الغموض الذي قد تبقى غشاوته رغم العزم على رفعها وقريبا من الشفافية والاستقلالية الناصعتين – قبل ان تتضح الرؤى مؤكدة أن الصراع الذي عرفه المشهد الرابطي نتج عن ادعاء بعض (ونقول بعض) اطراف الهيئة المديرة بامتلاك الحقيقة الكاملة التي لا يستطيع اي كان ان يمتلكها وذلك دون اعتماد القانون الاساسي والنظام الداخلي للهيكل ودون العودة الى القواعد التي يستمد منها اي هيكل شرعيته وقوته.. ونشير الى هذا عندما نعلم علم اليقين ان بعض اعضاء الهيئة المديرة للرابطة لم يجدوا اي رد لمقترحات المناضلين الرابطيين ولنداءاتهم ولبوادرهم المستقلة غير الاتهام بالتعامل مع السلطة وما شابه ذلك.. وكلنا يعلم أيضا أن هذه «التيكة» التي يحرص بعض اعضاء الهيئة المديرة على الصاقها لكل غيور عن الحق الرابطي ولكل مدافع عن التمشي المنهجي والمستقيل والمؤسساتي ولكل منادي بتفعيل الحوار الديموقراطي وذلك اعتمادا على النصوص القانونية – هي في الحقيقة «تيكة» عهدناها سلاحا للمراهقين الذين مازالوا يتحسسون المشي على الاقدام في المجال السياسي ولا نعتقد أنها مازالت مقنعة ومجدية خاصة أن واقع ما آلت اليه الاوضاع من التعقيد ومن انسداد الافق وايضا اللجوء الى القضاء – أصبحت تهدد كيان الرابطة التونسية لحقوق الإنسان وتعيقها عن الاضطلاع بدورها الطبيعي والحال انها هيكل ناضل الكثيرون من اجله ومن اجل ان يبقى مكسبا ديموقراطيا مستقلا يدافع عن حقوق الانسان الشرعية والانتخابية وعن حرية الرأي والتعبير والنشر والصحافة وتأسيس الجمعيات والاصداع بكلمة الحق كما ان هذا الهيكل له تراثه وتاريخه النضالي في الحوار الديموقراطي بعيدا عن التهميش والاقصاء او الوصاية والتدخل من أي كان داخليا او خارجيا وذلك من اجل ان تبقى الكلمة فيه للقواعد وللمنخرطين دون غيرهم من اجل الحفاظ على الاستقلالية في هذا الهيكل الذي يبقى منارة مشعة ونبراسا ساطعا يفتخر به كل انســـان. حوار ديموقراطي ومستقل قد يتساءل البعض عن بروز اهتمامي بأوضاع الرابطة في هذه الفترة بالذات واصراري على ابداء رأيي وموقفي مما يحدث فيها… والجواب هنا واضح وجلي وهو ان الرابطة اصبحت في عنق الزجاجة وفي مأزق خطير يصعب الخروج منه اذا تمسك بعض اعضاءالهيئة المديرة بتعنتهم وتهميشهم للمنخرطين واقصائهم للرابطيين الذين وجهوا أكثر من نداء وايضا اذا تواصل صمت بعض رموز الرابطيين القدامى واستمرت استقالتهم واستقالة غيرهم دون الدعوة للحوار الرابطي – الرابطي – المعمق حول المسائل الجوهرية للمنظمة والمتعلقة بتسييرها ديموقراطيا وايضا بتمويلها وبهيكليتها وبمفهوم الوفاق الرابطي وبمختلف علاقات الهيكل في الداخل والخارج ضمان لبقائها في الصفوف الأمامية للنضال التقدمي الديموقراطي والوطني المستقل – كما على الرابطيين المنخرطين والقدامى الدعوة لتثبيت الخيار الرابطي والمستقل لحل الازمة وذلك اعتمادا على المبادئ الاساسية والثوابت الناجعة والتزاما بالنصوص القانونية التي جاء بها القانون الاساسي والنظام الداخلي واحتراما صادقا ونقيا لميثاق الرابطة ولتراثها الزاخر في الحوار الديموقراطي المستقل بعيدا عنالاملاءات والوصاية الداخلية والخارجية او التشبث بالنرجسية والغرور والادعاء بامتلاك الحقيقة. تساؤلات… ولكن؟!! ومن هذا المنطلق نشير الى ان التساؤلات تضخمت خلال الفترات الاخيرة في الاوساط الرابطية حول الاسباب التي جعلت بعض اعضاء مكتب الرابطة لا يكترثون للنداءات التي تتضمن بعضها الارتقاء بالعمل الرابطي وتساهم في مزيد تعزيز التأسيس للحوار الرابطي – الرابطي الوطني المستقل. ثم اذا كان بعض اعضاء الرابطة التونسية لحقوق الانسان على حق… لماذا يرفضون الحوار.؟.. ام ان الاملاءات والاقصاءات والتهميش وايضا التمسك بالمواقع اصبحت كلها رهاناتهم..؟؟!! واذا كانت هذه المجموعة من المكتب سليمة وتعمل في كنف الشفافية الملتزمة بميثاق المنظمة وبنصوصها القانونية وغير مصابة بأي داء بما في ذلك داء النرجسية والغرور.. لماذا لا تبرر بالحجج والبراهين الساطعة رفضها لمن وضعوا في عناصرها ثقتهم..؟ ام ان هذا البعض من الاعضاء مورط «للعنكوش» كما يقول مثلنا الشعبي بالضعف وباشياء اخرى ولذلك فانها تسعى الى ربح الوقت والبحث عن حلول قد تاتي وقد لا تاتي.. وتبقى الرابطة متوهة بالتصدعات والانشقاقات والاتهامات.؟؟!! ومن جهة اخرى.. لماذا يتم الدمج بين فرعين اثنين على غرارما يريده هذا البعض في فرعي باب البحر وتونس المدينة – وهو ما افاض الكأس..؟؟!! وهل في ذلك نصا قانونيا يمكن اعتماده؟ وماذا لو لا يتم هذا الدمج.. هل في ذلك تجاوزا وخطورة على مسار التمشي الرابطي؟.. كلها أسئلة مطروحة في الاوساط الرابطية خاصة ان المنطق يفرض البحث عن مزيد الاشعاع للهيكل وتوسيع قاعدة منخرطيه واستقطاب الطاقات الجديدة والقادرة على الدفاع عن مكاسب الرابطة وعن مزيد تكوين مناضليها بما يضمن الدراية والادراك الحقيقيين للدور الفاعل للرابطة. امااذا اراد البعض من اعضاء الرابطة التمزق وبالتالي اضمحلال النشاط الشرعي والناجع لضمان حقوق الانسان في رابطة حقوق الانسان – فانها مسألة اخرى تبقى مرفوضة ومسترابة ايضا ولا تدعو الا الى الاسراع بالتدخل من قبل الرابطيين المنخرطين والقدامى الذين لا نعتقد ان الرابطة لا تعنيهم وان الازمة التي تعيشها لا تهمهم.. في ظل الاستمرار في عدم احترام ارادة المنخرطين الذين لا يدعون الا الى تطبيق النظام الداخلي والقانون الاساسي والمنادين بايجاد مخرج حقيقي للازمة والحفاظ على الاستقلالية الرابطة التنظيمية وايضا المالية والبحث عن شفافية العلاقات الداخلية والخارجية.. لا للتشويــه.. لا للاستقالـــــة ان النداءات الصادرة عن المنخرطين والمناضلين من مختلف الجهات والفروع تؤكد انها لا تهدف الى بعث رابطة جديدة ولا تشير الى عدم الاعتراف بالهيئة المديرة التي انتخبتها… ولا ايضا الى الاعتماد على الدعم الداخلي ولا الخاراجي الرسميين – اصبحت فعلا بمثابة صيحة الفزع المستقلة في ظاهرها وباطنها عن السلطة وعن التنظيمات على مختلف مشاربها وحساسيتها – صيحة فزع اطلقها اعضاء في فروع ومنخرطون غيورون عن الرابطة في اكثر من عشرين فرعا تقريبا ومن قدماء المسؤولين في هيئات الفروع وغيرهم من المبادرين المناضلين الذين لا نعتقد ان فردا واحدا في المجتمع الرابطي وغيره ينتابه شك في صدق وشفافية نضالايتهم في مختلف المؤسسات والجمعيات الديموقراطية – وهم ايضا نعتقد انهم من الرافضين لأي شكل من اشكال التشويه والاتهام بالتعامل مع هذا التنظيم او غيره.. بما في ذلك التنظيمات السلطوية – باعتبار ان التشويه شكل من اشكال الارهاب الفكري والمعنوي الذي قد يجعل كل «ضعيف» او «غير متمرس» يميل الى الاستقالة والابتعاد عن الدفاع عن الرابطة ومكاسبها والعدول عن خوض مسائلها تجنبا لهذا التشويه وهذه الممارسة القذرة التي تصدر عن الذين لا يؤمنون بحقوق الانسان بما في ذلك حقه في التعبير والرأي المدافع عن حق المواطنة والالتزام المدني والعقلانية والعلمانية والديموقراطية والتقدمية. قد نعود لهذا الموضوع الذي يتطلب كثيرا من الحوار الديموقراطي – الرابطي – الرابطي – بعيدا عن الاتهامات والتشويهات خاصة ان الحديث عما وصلت اليه الرابطة التونسية لحقوق الانسان لا يستقيم ظله الا اذا التزام كل طرف بميثاق وثوابت المنظمة في كنف الاستقلالية ثم الاستقلالية النقية عن السلطة وعن الدول الاجنبية والمنظمات الرسمية الأخرى -.. قد نعود ونقول كلمتنا الحرة والمستقلة ونصدع برأينا غيرة عن شموخ المنظمة واشعاعها وتراثنا وتاريخها الزاخر بالحوار الوطني المستقل.. وسنعود حتى وان تعرضنا الى الارهاب الفكري – .. وهذا وارد ايضا – ولكننا لن نتراجع عن موقفنا مما يحدث في منظمتنا العتيدة التي ولدت كذلك ونريدها ان تبقى عتيدة ومسقتلة ولا كما يريدها البعض الذي يحرص على تقزيمها وعلى تقليص حجمها ودورها في النضال الوطني المستقل.. فقط لان الرابطة التونسية لحقوق الانسان هي الملاذ الوحيد للفرادى والمجموعات على مختلف حساسياتهم ومشاربهم.. وهي ايضا المكسب الهام لكل المناضلين الديموقراطيين التقدميين الرافضين للاحتكار والتهميش والاقصاء والانكسار. (المصدر: جريدة “الصباح” التونسية الصادرة يوم 8 سبتمبر 2006)
السياحة التونسية تحقق نموا ينعش اقتصاد البلاد
تونس – كونا – قالت بيانات احصائية تونسية رسمية ان عدد السياح الوافدين على تونس سجل خلال هذا العام حتى نهاية يوليو الماضي نموا بواقع 0.6 في المائة وبلغ 3.26 مليون سائح مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي. واضافت البيانات التي اصدرتها وزارة السياحة التونسية ان الجزائريين والليبيين أتوا في مقدمة القائمة الترتيبية لهؤلاء السياح. واوضحت ان عدد الليالي السياحية التي قضاها الوافدون على تونس خلال الاشهر السبعة الاولى من العام الجاري سجل ارتفاعا بنسبة 1.2 في المائة ليبلغ 17.6 مليون ليلة متوقعة ان يأتي الجزائريون في مقدمة السياح العرب الوافدين على تونس خلال عام 2006 بمليون سائح يليهم الليبيون بمليون سائح. وعزت اسباب النمو المتواصل للحركة السياحية بين الجزائر وتونس من جهة وليبيا وتونس من جهة اخرى الى القرب الجغرافي ودخول رعايا البلدين دون تأشيرة الى تونس والاسعار المعقولة والخدمات الجيدة التي يلقاها السياح الجزائريون والليبيون هنا. ويتوافد العديد من الجزائريين المقيمين في اوروبا على تونس باعداد كبيرة لقضاء العطلة الصيفية مع اهاليهم وذويهم الذين يأتون الى هنا بالسيارات للالتقاء باقاربهم العائدين من اوروبا. واصبحت تونس موقعا مميزا للسياحة “الاستشفائية” حيث يأتي العديد من الليبيين لتلقي العلاج في المؤسسات الصحية الخاصة بتكاليف تجعلها ذات قدرة تنافسية كبيرة للمؤسسات المماثلة في العديد من العواصم الاوروبية. وكان البنك المركزي التونسي اعلن اخيرا ان عائدات القطاع السياحي التونسي بلغت خلال العام الجاري حتى الـ20 من اغسطس الماضي 1596 مليون دينار تونسي (ما يعادل 1227 مليون دولار اميركي) أي بزيادة 3 في المائة مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي. يذكر ان القطاع السياحي يعد الى جانب عائدات التونسيين العاملين في الخارج المصدر الرئيسي للعائدات التونسية من العملة الصعبة التي بلغت 1.8 مليار دولار عام 2004 لتغطى 56 في المائة من العجز التجاري الاجمالي. كما يوفر هذا القطاع اكثر من 350 الف فرصة عمل ليكون بذلك من اهم القطاعات المستثمرة لليد العاملة التونسية. (كونا) (المصدر: وكالة الأنباء الكويتية (كـونا) بتاريخ 7 سبتمبر 2006)
بينتون للنسيج توسع استثماراتها في تونس بنحو 22 مليون يورو
تونس (رويترز) – قالت مصادر رسمية يوم الجمعة إن مؤسسة بينتون العالمية للمنسوجات والملابس تعتزم توسيع استثماراتها في تونس بقيمة 36 مليون دينار (22 مليون يورو). ويأتي الاستثمار الجديد لبينتون في تونس ليدعم فرص التشغيل في قطاع النسيج الحيوي الذي شهد تراجعا نسبيا منذ إنهاء العمل باتفاقية حصص تجارة المنسوجات في بداية العام الماضي. وأشارت المصادر أن مشروع التكملة الذي تعتزم بينتون انجازه سيتم تركيزه في منطقة الساحلين من محافظة المنستير. وتوفر مؤسسة بينتون التي بدأت نشاطها في تونس منذ عام 1995 أكثر من سبعة آلاف فرصة عمل بصفة مباشرة وغير مباشرة وتنتج حوالي 21 مليون قطعة ملابس سنويا. ويواجه قطاع النسيج في تونس الذي يشكل نحو 35 بالمائة من صادرات البلاد تحديات تتمثل خصوصا في تقليص الاتحاد الأوروبي سياسته الحمائية تجاه الصين وانتهاء العمل بنظام الحصص. (المصدر: وكالة رويترز للأنباء بتاريخ 8 سبتمبر 2006)
تونــــــس ـ ليبــــيا فرص جديدة للشراكة الاقتصادية:
منطقة سياحية مشتركة جنوبي تونـــس ومنطقة تجارية كبرى غرب ليبيا
تونس الصباح اتفقت تونس وليبيا على احداث قطب اقتصادي ضخم على حدود البلدين يضم منطقة سياحية مشتركة عملاقة على الجانب التونسي من الحدود.. وهي خطوة تتزامن مع الاعلان في ليبيا عن احداث منطقة اقتصادية حرة ضخمة في الجانب الليبي.. وقد تم الاتفاق على احداث المنطقة السياحية المشتركة التونسية الليبية بعد زيارة أداها مؤخرا إلى تونس أمين اللجنة الشعبية (وزيرالسياحة) الليبي السيد عمار لطيف حيث اجرى مع نظيره السيد التيجاني حداد جلسات عمل عديدة وزيارات ميدانية في المناطق الحدودية مع عدد من خبراء السياحة في البلدين تمهيدا لقطع خطوة جديدة نحو إنشاء هذا المشروع الاقتصادي المشترك الجديد.. الذي سيدعم استراتيجيا التعاون السياحي الكبير الحالي.. إذ يتنقل سنويا في الاتجاهين نحو مليوني سائح.. جلهم من القادمين من المناطق الجنوبية أو المتجهين إليها.. لا سيما المنطقة السياحية جربة جرجيس.. التي يتوافد عليهايوميا طوال العام أفواج من العائلات من ليبيا الشقيقة للسياحة والعلاج.. وجاءت الخطوات الجديدة للتقارب بعد تبادل الزيارات بين مبعوثي الرئيس زين العابدين علي والقائد معمر القذافي.. في أعلى مستوى.. وانعقاد اللجنة العليا المشتركة في جويلية الماضي.. ولئن تأخر اجتماع تلك اللجنة العليا عدة اشهر بسبب روزنامة مسؤولي البلدين وبعض الخلافات الجزئية حول بعض القضايا العالقة ، فقد مكنت من تسوية تلك الخلافات.. ومن فتح آفاق عريضة لمزيد تطوير التعاون الثنائي إقتصاديا وبشريا وسياسيا.. وفي هذا السياق جاء اتفاق وزيرالتجارة السيد منذر الزنايدي مع نظيره الليبي السيد الطيب الصافي على توحيد المواصفات والمقاييس في تحديد البضاعة الوطنية المنشأ.. التي تقرر أن تمتع في الاتجاهين باعفاءات قمرقية وجبائية شبه كاملة.. في نفس الوقت أعلن في طرابلس يوم الاحد الماضي عن احداث منطقة حرة سيشرف عليها السيد الساعدي القذافي.. من المقرر أن تركز في منقطة مدينة زوارة الساحلية ومينائها وستمتد غرباحتى أبو كماش على الجانب الشرقي من الحدود.. على أن تمتد شمالا حتى جزيرة فروة الصغيرة.. ويمكن لكل هذه الخطوات أن تساهم في تفعيل دور المنطقة الاقتصادية الحرة بجرجيس.. المتخمة للحدود.. والتي تتميز بقربها في نفس الوقت من مطار جربة جرجيس الدولي ومن بوابة رأس جدير.. يذكرأن دراسات تاريخية واجتماعية كثيرة كشفت عمق الروابط البشرية بين العائلات في جل مناطق شرق ليبيا والجنوب التونسي.. وهو معطى يمكن توظيفه لخدمة مصالح الشعبين والبلدين.. كمال بن يونس (المصدر: جريدة “الصباح” التونسية الصادرة يوم 8 سبتمبر 2006)
مساع أوروبية لإقناع ليبيا بالمشاركة في دوريات مكافحة الهجرة غير المشروعة
تونس – رشيد خشانة يعقد مسؤولون أمنيون رفيعون، من ليبيا وإيطاليا ومالطا، اجتماعاً اليوم في فاليتا لدرس إمكانات توحيد الجهود لمكافحة الهجرة غير المشروعة في الحوض الغربي للمتوسط. ويعكس الاجتماع تزايد القلق الأوروبي من تدفق موجات المهاجرين غير المشروعين الذين يغادرون السواحل الليبية والتونسية الى الجزر الإيطالية والمالطية. وتوقع مصدر ليبي أن يطلب الأوروبيون مشاركة حراس سواحل ليبيين في دوريات خفر السواحل التي ستقوم بها قوات إيطالية ومالطية في إطار الجهاز الجديد الذي اسسه الاتحاد الأوروبي أخيراً وأطلق عليه اسم «الوكالة الأوروبية للحدود». وسبق أن ساعدت الوكالة اسبانيا على تسيير دوريات بين جزر الكاناري وسواحل كل من السنغال وموريتانيا اعتباراً من أيار (مايو) الماضي. وكان الليبيون تعهدوا رسمياً، في اجتماع ضم أخيراً وزير الداخلية الإيطالي جوليانو أماتو ونائب وزير الخارجية الليبي المسؤول عن العلاقات مع أوروبا سعيد حفيانة في روما، تعزيز الرقابة على قوارب المهاجرين التي تنطلق من سواحلهم الى إيطاليا وملاحقة «العصابات التي تدير شبكات الاتجار بالمهاجرين». ويبدي الأوروبيون مخاوفهم من عدم تجاوب ليبيا في اجتماع اليوم مع عرض تنظيم دوريات مشتركة في مضيق صقلية، وهم يعتبرون أن السواحل الليبية باتت مركز انطلاق المهاجرين الآتين من القرن الأفريقي وجنوب الصحراء بالإضافة الى المغرب العربي. وأظهرت إحصاءات أوروبية أن محاولات الهجرة غير المشروعة عبر مضيق صقلية تكثّفت اعتبارا من أواسط الشهر الماضي ما أدى إلى جنوح مراكب عدة وهلاك عشرات من راكبيها في البحر. وطبقا لإحصاءات وزارة الداخلية الإيطالية تم ضبط 178 سفينة وزورقاً على متنها 10400 مهاجر غير مشروع في سواحل مالطا وجزيرة لامبيدوزا القريبة من السواحل التونسية خلال الشهور السبعة الأولى من السنة في مقابل 6900 مهاجر في الفترة نفسها من العام الماضي. يُشار الى أن وزراء الداخلية الأوروبيين سيناقشون، «الهجرة غير المشروعة»، في اجتماعات يعقدونها في 21 و22 الجاري في فنلندا. (المصدر: صحيفة الحياة الصادرة يوم 6 سبتمبر 2006)
تونس:
توترات في آخر معاقل الغضب
بسام بونني (*) بعد أقل من عام من استضافة تونس للقمة العالمية لمجتمع المعلومات، لا تزال مكونات المجتمع المدني والنقابات رازحة تحت وطأة القمع. الضغوط الدولية والتقارير والتوصيات التي صدرت عن منظمات دولية لم تضع حدا للتجاوزات الخطيرة التي تمس الحريات العامة وحقوق الإنسان في البلاد. آخر الأزمات التي هزت المشهد السياسي في تونس ضربت عمادة المحامين، على خلفية قانون مثير للجدل، بمقتضاه يتم إحداث معهد لتكوين المحامين. القانون الذي أثار حفيظة المحامين، في تونس، يعطي صلاحيات واسعة لوزارة العدل وحقوق الإنسان لاختيار من هو “أهل” لدخول هذا المعهد. وهو ما اعتبره أصحاب المهنة محاولة “لتركيع” المحامين وانتقائهم حسب مواصفات تتماشى وحاجة النظام، لا سيما وأن عمادة المحامين لا تزال أحد عروش الرفض والاستقلالية في بلد لا يعلو فيه إلا صوت السلطة. ويتهم المحامون التونسيون النظام بمحاولة تقويض استقلالية المهنة. الرابطة التونسية لحقوق الإنسان تعيش هي الأخرى إحدى أصعب المحن التي عرفتها طوال تاريخها. الرابطة التي تعتبر أعرق منظمة للدفاع عن حقوق الإنسان في إفريقيا والعالم العربي، تعرضت إلى سلسلة من الدعاوي القضائية من طرف منشقين موالين للحكومة لحرمانها من عقد مؤتمرها. وقد حاولت السلطات التونسية زعزعة منظمة أخرى في وقت سابق وهي الجمعية التونسية للقضاة من خلال سيناريو مشابه لذلك الذي وظفته في التعامل مع ملف الرابطة، إذ طعن منشقون موالون للحكومة في شرعية المكتب التنفيذي للجمعية وقاموا باقتراع خاص لانتخاب مكتب مواز. يذكر أن السلطات التونسية لم تعترف بأي منظمة حقوقية مستقلة منذ أكثر من 10 سنوات وهو ما يتعارض مع الاتفاقات الثنائية التي أبرمتها تونس مع الاتحاد الأوروبي إلى جانب الأعراف الدولية المعمول بها. وتتخذ الحكومة التونسية من مسألة الاستقواء بقوى أجنبية ذريعة لقطع الطرق أمام كل نشاط حقوقي مستقل. وهو نفس الداء الذي تعاني منه أحزاب المعارضة والصحفيين المستقلين، خاصة منهم ممثلي وسائل الإعلام الأجنبية الحرفية في تونس والذي لم يعد عددهم يزيد عن الخمسة. ومن المثير للانتباه رفض السلطات التونسية السماح لجمعية تهتم بتراث الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة بمزاولة نشاطها، رغم أن مؤسسي الجمعية مناضلون قدامى من الحزب الحاكم. تشدد النظام التونسي مع مكونات المجتمع المدني والمنظمات العمالية والنقابية يطرح نقاط استفهام عديدة. فتونس التي احتفلت هذا العام بمرور 50 عاما على استقلالها من الاستعمار الفرنسي تمكنت من تحقيق خطوات عملاقة في مجالات حيوية كالتعليم والثقافة، وهو ما جعلها تحظى بطبقة مثقفة واسعة. في المقابل، لم تتبع كل هذه التطورات الهامة التي تحسدها عليها دول عدة في المنطقة إصلاحات سياسية. بل بالعكس، يشعر الرأي العام والفئة النخبوية بمزيد من الانغلاق والتضييق على الأنشطة الفكرية والحقوقية والسياسية، انغلاق وتضييق حدّا من النجاحات الاقتصادية التي حققتها البلاد منذ استقلالها، حتى أن منظمات عديدة كالشفافية الدولية أشارت في تقاريرها السنوية إلى استفحال ظاهرة الفساد في أجهزة الدولة التونسية. والمؤشرات التي أطلقتها الحكومة التونسية مؤخرا لا تنبئ بأي تغيير في مسارها السياسي. إذ رفع الخطاب السياسي الرسمي شعار “لا ولاء إلا للوطن”. كما أضحت الصحف التونسية الموالية للحكومة مساحة لتخوين المناضلين والناشطين المستقلين في المجالات السياسية والحقوقية. ومما زاد في الطين بلة أن تشريعات أخيرة ضيقت على حرية تأسيس المنظمات والأحزاب كقانون مكافحة الإرهاب وغسل الأموال الذي بات آلة لتخويف قوى الرفض وترهيبهم. زد على ذلك أن المنظمات والهياكل والأحزاب المستقلة المعترف بها لا تحظى بتمويل عمومي كاف كما تقره القوانين التونسية. ولمجابهة هذه السياسة التجويعية، تلجأ قوى الرفض إلى هبات دولية في إطار الاتفاقيات المبرمة بين الجمهورية التونسية وأطراف دولية عديدة. لكن، هذا الخيار لا يستقيم في نظر الحكومة إلى شرط الوطنية والولاء للوطن. وهو ما يعقد من دور المنظمات والأحزاب ويجعلها تفتقر في بعض الأحيان إلى مقر أو حتى إلى أبسط تجهيزات الاتصال. رغم هذا الواقع المر لمكونات المجتمع المدني وقوى الرفض في تونس، لا تزال سياسات الحكومة تحظى بموافقة ضمنية من رجاءات المجتمع الدولي، لا سيما منها الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية. وإن تصدر بين الفينة والأخرى بعض البيانات الرسمية من هذه الأطراف تندد فيها بتجاوزات السلطات التونسية، فإن ذلك لا يعدو أن يكون مجرد نقد ينتهي مفعوله بمجرد تلقيه من المصدر. وتبقى تونس رقما محيرا في المنطقة العربية في مجالات الحريات الفردية وحقوق الإنسان. فبينما تشهد دول عديدة في المنطقة سلسلة من الإصلاحات السياسية وفي وقت تنعم فيه نخب عربية هنا وهناك بحقوق وإن كانت متواضعة تتذيل تونس دول المنطقة في السعى إلى مزيد من الانفتاح السياسي وتجميل السجل الحقوقي. وما التعرض إلى آخر معاقل الرفض التي أشرنا إليها في موقع سابق من هذا المقال إلا دليل قاطع على مضي السلطات التونسية قدما في قمع كل مبادرة سياسية أو حقوقية مستقلة. لكن، يقابل تواصل القمع الرسمي تشبث قوى الرفض التونسية بحقها في النشاط وإن خارج الإطار القانوني وما يطرحه هذا الوضع من تهديدات حتى على حياة البعض وحريتهم. وخلال السنوات الأخيرة، دفع العديد من المناضلين ثمنا غاليا لرفضهم للواقع المعيشي في تونس. آخر ضحايا الرفض كان المحامي التونسي محمد عبو الذي حكم عليه بالسجن لمدة ثلاث سنوات بعد سلسلة من المقالات التي انتقد فيها الأداء الحكومي في مجال حقوق الإنسان. مثال الأستاذ عبو قد تتبعه أمثلة أخرى، خاصة وأن الآفاق زادت ضيقا. (*) صحفي وباحث تونسي مقيم بالدوحة. (المصدر: “نشرة الإصلاح العربي” لشهر جويلية 2006، المجلد 4، العدد 6، تنشرها مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي بواشنطن، تترجمها “دار الوطن” للصحافة والطباعة والنشر- الكويت) الرابط: http://www.alwatan.com.kw/arb
بسم الله الرحمن الرحيم
أيّها السادة علماء الزيتونة:
{ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور}
الكاتب: ياسين بن علي الحمد لله القائل في كتابه العزيز: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنْ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُوْلَئِكَ يَلْعَنُهُمْ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمْ اللاَّعِنُونَ (159) إِلاَّ الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُوْلَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (160)} (البقرة)، والصلاة والسلام على رسول الله القائل: “من كتم علما ألجمه الله يوم القيامة بلجام من نار” (أخرجه ابن حبان في صحيحه والحاكم في المستدرك عن عبد الله بن عمرو). أمّا بعد، فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشرّ الأمور محدثاتها، وكلّ محدثة بدعة، وكلّ بدعة ضلالة، وكلّ ضلالة في النّار. أيّها السادة علماء الزيتونة: قد قرأت ردّكم على بيان أصدره جمع من علماء الأمة راعهم ما آل إليه حال الديّن في بلد الزيتونة، وأفزعهم ما يعانيه أهل تونس من ذلّ ومهانة وحرب على دينهم. وقد كنت أرجو أن يكون ردّكم من جنس علمكم، يظهر مكنون الخير المخبوء في صدوركم، ويكشف ستر الطاغوت الجاثم على صدورنا. نعم، فقد كنت أرجو أن يكون نطقكم بالخير من أجل إرضاء الخالق لا المخلوق، إلا أنّ ردّكم خيّب الآمال، وأظهر من عجزكم وتخبّطكم ما لا نرضاه لكم خصوصا وأنتم علماء الزيتونة وشيوخها. أيهّا السادة علماء الزيتونة: قال ابن عبد البر في (جامع بيان العلم وفضله): ذكر ابن وهب في كتاب العلم من جامعه قال: سمعت مالكا يقول: “إن العلم ليس بكثرة الرواية ولكنّه نور جعله الله في القلوب”. ومن جعل الله له نورا أنطقه بالحقّ وألهمه الصواب، {ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور}. وهاأنتم قد كتبتم ردّا على كلمة حقّ نطق بها جمع من العلماء، فماذا كانت نتيجة ردّكم للحقّ؟ أطفأ الله نوركم لدفاعكم عن ظلمات الطاغوت، وانتزع الله علمكم لمعارضتكم الحقّ. وإليكم البيان: 1. قلتم: “ولكن أين هؤلاء الذين نصّبوا أنفسهم “عُلَمَاءَ للمسلمين” من هذا الأدب الإسلامي الرفيع، وهم الذين تنكّبوا الحقّ، وجحوده، واحتكروا حقّ تمثيل الإسلام، وظهرَ جهلهم حتّى باللغة العربية وأساليبها في التركيب حين قالوا: “واعتداءات متعدّدة ومتكرّرة…” فالعطف بين الصفات لا يكون بالواو ! !.”. أقول: قال الشيخ الطاهر بن عاشور في (التحرير والتنوير، المجلد 11، الجزء 22، ص24): “واعلم أن عطف الصفات بالواو المفيد مجرد التشريك في الحكم دون حرفي الترتيب : الفاء وثم، شأنه أن يكون الحكم المذكور معه ثابتا لكل واحد اتصف بوصف من الأوصاف المشتق منها موصوفه لأن أصل العطف بالواو أن يدل على مغايرة المعطوفات في الذات، فإذا قلت: وجدت فيهم الكريم الشجاع والشاعر كان المعنى: أنك وجدت فيهم ثلاثة أناس كل واحد منهم موصوف بصفة من المذكورات. وفي الحديث “فإن منهم المريض والضعيف وذا الحاجة” أي أصحاب المرض والضعف والحاجة، بخلاف العطف بالفاء كقوله تعالى (والصافات صفا فالزاجرات زجرا فالتاليات ذكرا) فإن الأوصاف المذكورة في تلك الآية ثابتة لموصوف واحد…”. وقال صلاح الدين بن كيلكلدي الدمشقي الشافعي في (الفصول المفيدة في الواو المزيدة ص120 فصل عطف الصفات بعضها على بعض): “وجاء في القرآن العظيم ( هو الأول والآخر والظاهر والباطن ) وقوله تعالى ( غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب ذي الطول ) بعطف ( قابل التوب ) دون غيرها، وقوله تعالى ( التائبون العابدون الحامدون السائحون الراكعون الساجدون الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر والحافظون لحدود الله ) وقوله تعالى ( أزواجا خيرا منكن مسلمات مؤمنات قانتات تائبات عابدات سائحات ثيبات وأبكارا ) وقول الشاعر (إلى الملك القرم وابن الهمام … وليث الكتيبة في المزدحم )، ولهذا كله جوز جماعة عطف الصفات بالواو مطلقا وحمل عليه من يقول إن الصلاة الوسطى صلاة العصر ما جاء في الحديث عن عائشة وحفصة رضي الله عنهما أن النبي قرأ عليهما (حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وصلاة العصر ) فقالوا هو من باب عطف الصفات…”. وعليه، فإن قولكم: “وظهرَ جهلهم حتّى باللغة العربية وأساليبها في التركيب حين قالوا: “واعتداءات متعدّدة ومتكرّرة…” فالعطف بين الصفات لا يكون بالواو!”، مردود عليكم؛ لأنّ من أهل اللغة من يجوّز عطف الصفات بالواو. إلا أنّ رغبتكم في ردّ الحقّ بالطعن في أهله أعمت بصيرتكم فجهلتم أو تجاهلتم ما قرره أهل اللغة في هذا السياق. 2. قلتم: ” ففيما يتعلّق بالعنصر الأوّل، لا يوجد في تونس أيّ تضييق أو حظر على لباس المرأة الساتر، المحتشم، إذ أنّ تغطية الرأس حسب تقاليد البلد وعاداته وموروثاته أمرٌ مُرَغَّبٌ فيه لأنّه عنوان للأدب والعفّة والاحتشام، وهو أيضا أمرٌ تعارفت العائلات التونسيّة على احترامه في ظلّ وفائها لهويتها المتأصّلة، أمّا الزيّ الطائفيّ الذي قالت بعض التيارات الإسلامويّة المتورّطة في العنف والتكفير والأعمال السريّة أنّه رمزٌ لها فهو دخيلٌ وهو احتواء لا مبرّر له لأنّ مقصده لا علاقة له بالشّرع والرسول (ص) يقول: “إنّما الأعمال بالنيّات وإنـّما لكلّ امرئٍ ما نوى.” وقد ثبت، تاريخيًّا، أنّ ممارسات هؤلاء المتطرّفين المتستّرين بالدين قد أدّت، في ظرفٍ وَلّى وانتهى ولله المنّة والفضل، إلى أن تكفِّرَ فئة أخرى وتَحكم عليها بالضلال. وما المانع في احترام خصوصيّات البلدان الثقافيّة والحضاريّة خصوصًا وأنّ الإسلام الحنيف جاء لتحقيق مصالح العباد، وأقرّ مبدأ “العادة محكّمة” التي يقول فيها أحد علماء أصول الفقه المعاصرين: “…أن يكون العرفُ ضِمنَ حدود المباحات والحرّيات الشرعيّة، ولا كلامَ في هذا القسم، إذ ما من شكّ أنّ للنّاس أن يمارسوا عاداتهم وتقاليدهم، ما دامت لا تعارضُ أمرًا من أمور الشريعَة الثابتة.” وإنّ تونس ماضية في تجسيد شرع الله وحدوده بلباس أهله المتوارث جيلاً بعد جيل، ولا إشكاليّة لدينا من اللباس الساتر، والغريب أنّ “عُلماء الإسلام” لا يستنكرون مظاهر العراء والميوعة في القنوات التلفزيّة التي يقدّمون فيها ما يدّعون أنّه علم ويفترون، في مقابل ذلك، تحرّكهم أهواءٌ سياسويّة، على بلادنا التي لم تفتأ تؤكّد عمقَ التزامها بمبادئ الإسلام الحنيف وحرصها على إشاعة قيَمِهِ الزكيّة. والمنشور عدد 108 الذي أُشِيرَ إليه مثلما يستنكر اللباس الطائفي الغريب عن مجتمعنا فإنّه ينصّ كذلك على نبذ اللباس الخليع الفاضح الذي لا علاقة له بتقاليدنا وثقافتنا…”. أقول: إن كلامكم حوى مغالطات كثيرة، وفيما يلي بيان بعضها: أولا: لم يدع الشرع للمجتمع أو للعادة والعرف أمر تحديد لباس المرأة فنصّ على ذلك في الكتاب والسنة، وشرّع من الأحكام ما ينظمه. قال الله تعالى: {وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ}، وقال: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً}. وأخرج أبو داود في سننه عن عائشة رضي الله عنها أن أسماء بنت أبي بكر دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليها ثياب رقاق فأعرض عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال “يا أسماء إن المرأة إذا بلغت المحيض لم تصلح أن يرى منها إلا هذا وهذا” وأشار إلى وجهه وكفيه. وأخرج البخاري عن حفصة قالت: “…كنا نداوي الكلمى ونقوم على المرضى فسألت أختي النبي صلى الله عليه وسلم أعلى إحدانا بأس إذا لم يكن لها جلباب أن لا تخرج ؟ قال: لتلبسها صاحبتها من جلبابها ولتشهد الخير ودعوة المسلمين”. وأخرج الترمذي في سننه عن أم عطية: “أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يخرج الأبكار والعواتق وذوات الخدور والحيض في العيدين فأما الحيض فيعتزلن المصلى ويشهدن دعوة المسلمين. قالت إحداهن: يا رسول الله إن لم يكن لها جلباب ؟ قال: فلتعرها أختها من جلابيبها”. وعليه، فإن ما ورد في المنشور 108 من وصف للباس المرأة لا ينطبق على هذا الوصف الشرعي للباس المرأة المسلمة الوارد في الكتاب والسنّة؛ لذلك فهو ردّ عملا بقول الرسول صلى الله عليه وسلم: “كل أمر لم يكن عليه أمرنا فهو ردّ” (أخرجه الدارقطني في سننه عن عائشة). ثانيا: قلتم: ” والمنشور عدد 108 الذي أُشِيرَ إليه مثلما يستنكر اللباس الطائفي الغريب عن مجتمعنا..”. أقول: اللباس من وجهة نظر شرعية لا يوصف بالطائفي أو الغريب عن مجتمعنا، إنما يوصف بالحلّ والحرمة. فإن كان مما أقرّه الشرع أي كان ساترا للعورة التي حددها الشرع بالنسبة للرجل أو المرأة ولا يختصّ بكفار، فهو مباح اللبس، وأما إن كان غير ساتر للعورة كما حدّدها الشرع ويختصّ بكفار، فهو حرام اللبس. ومثال ذلك، فإنّ “الشاشية” التي تغطي رأس الرجل، مما يباح لبسها، وأما “الكيبا” اليهودية، فيحرم لبسها، مع أنّه لا فرق بينهما في تغطية الرأس، وإنما اختلف الحكم لأنّ “الكيبا” علامة دالة على التهوّد، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: “من تشبّه بقوم فهو منهم”. (أخرجه أبو داود في السنن وأحمد في المسند عن ابن عمر). وأخرج مسلم عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال : رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم علي ثوبين معصفرين، فقال : “إن هذه من ثياب الكفار فلا تلبسها”. هذا أمر، والأمر الآخر هو أنّ الشرع قد طلب من المرأة المسلمة أن تلبس الجلباب، ولم يحدّد نوع هذا الجلباب. فلم يفرض الشرع على المرأة المسلمة في تونس أن تلبس الجلباب التونسي، ولم يفرض على المرأة المسلمة في السعودية أن تلبس الجلباب السعودي، لذلك فإن للمرأة المسلمة أن تلبس “السفساري” ولها أن تلبس غير “السفساري” مما يصدق عليه وصف الجلباب. فمن أين لكم فرية اللباس الطائفي الغريب عن مجتمعنا؟ وهل إذا لبست المرأة فستانا من باريس، جاز لها ذلك عندكم، وإذا لبست جلبابا من الأردن، حرم عليها ذلك عندكم؟ {مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ}؟ ثالثا: قلتم: “أمّا الزيّ الطائفيّ الذي قالت بعض التيارات الإسلامويّة المتورّطة في العنف والتكفير والأعمال السريّة أنّه رمزٌ لها فهو دخيلٌ…”. أقول: من العار حقّا أن يصدر مثل هذا الكلام عن علماء الزيتونة. فهل قالت “التيارات الإسلاموية” إنّ الزي الشرعي رمز لها؟ إنني أتحداكم أن تأتوا ولو بنص واحد من أي كتاب أو بيان لأي تيار من التيارات الإسلامية يفيد هذا المعنى. 3. قلتم: ” فالقرآن المجيد هو أساس حضارتنا، والرّكن الركين في ثوابتنا…”. نعم، فهذه كلمة صدق جاد بها قلمكم، ولكن دعوني أذكركم بمعناها. إن جعل القرآن أساس الحضارة يعني العلم بآياته والعمل بأحكامه، ويعني تحكيمه في كلّ كبيرة وصغيرة تتعلّق بشؤون الدنيا والآخرة، فهل عنيتم بقولكم هذا أم عنيتم غيره؟ هل أنزل الله سبحانه وتعالى القرآن المجيد ليتلى أناء الليل والنهار ويعلّم في الكتاتيب فقط أم أنزله ليحكّم في العلاقات، ويكون أساس الحياة والدولة والمجتمع؟ قال الله سبحانه وتعالى: {فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً} وقال: {أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلاَّ خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ}. أيّها السادة علماء الزيتونة: لا تمنوا علينا بمنة تحفيظ القرآن، وفتح الكتاتيب، وبناء المساجد ليتلى فيها ويعلّم، فما تكفلتم بحفظ الكتاب ولا عهد إليكم ذلك، إنما تكفّل الله سبحانه بذلك فقال: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ}. والله عزّ وجلّ لن يسألكم يوم القيامة عمّا تكفّل به، وإنما سيسألكم عما تكفلتم به، وعن الميثاق الذي بينكم وبينه. قال تعالى: {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ (187) لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا فَلا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِنْ الْعَذَابِ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (188)}. أيّها السادة علماء الزيتونة: لم يكن قصدي أن أردّ على قولكم وأبيّن كلّ ما حواه من مغالطات، إنما أردت أن ألفت انتباهكم إلى النور الذي انطفأ في قلوبكم. وإنّها لنصيحة لكم: إن نطقتم، فانطقوا بالخير، وإلاّ فاصمتوا. عن أبي الدرداء رضي الله عنه أنه قال: “إنما أخاف أن يقال لي يوم القيامة: أعلمت أم جهلت؟ فأقول: علمت. فلا تبقى آية من كتاب الله آمرة أو زاجرة إلا جاءتني تسألني فريضتها، فتسألني الآمرة هل ائتمرت، والزاجرة هل ازدجرت، فأعوذ بالله من علم لا ينفع، ومن قلب لا يخشع، ومن نفس لا تشبع، ومن دعاء لا يسمع”. والحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين. (المصدر: مجلة الزيتونة، سبتمبر 2006) الرابط: http://www.azeytouna.net/Miscellaneous/index.htm
عـــــــــودة بن عــــمــــر
محمد الطاهر القنطاسي – باريس يا تونس الخضراء بعد غياب طال سنين بعد شوق وحنين ظن أهله لن يعود سئلت أمه سئل أباه هل يعود فبكت أمه قالت العمر قصير وأظنه لن يعود يا خــــــــال من فرط ما حكت لي أمي عنك اشتقت إليك هل ستعود يا عـــــــــــــــم ّ ولدت بعدك والآن عمري ثلاثون وأنت بعد لم تعد فهل ستعــــود هكذا إخوتي يولد من جديد الأمل عاد صديق لي اسمه أحمد بن عمر لأرض الوطن إلى أن يعـــــمّ الأمل سنلتقي بالوطن فدوام الحال من المحال هكذا السنن سنة الله في خلقه والعسر يلاحقه اليسر حيث ما ارتحل
السيدة ليلى بن علي لمجلة «آرابي» : تونس حققت أكثر الاصلاحات جرأة للنهوض بالمرأة
أوردت المجلة الشهرية «آرابي» في عددها لشهر سبتمبر حديثا خاصا للسيدة ليلى بن علي حرم رئيس الجمهورية، أبرزت فيه أن تونس حققت الإصلاحات الأكثر جرأة في مجال النهوض بأوضاع المرأة وان هذه الإصلاحات التي تم الحرص فيها على الجمع بين الحداثة والأصالة أتاحت إقامة مجتمع متفتح قوامه المساواة بين المواطنين. وبعد أن أشارت إلى أن مجلة الأحوال الشخصية هي إحدى اكبر انجازات تونس الحديثة، أكدت حرم رئيس الدولة في هذا الحديث أن تونس دخلت منذ تحول السابع من نوفمبر عهدا من الإصلاحات التي وضعت المرأة والأسرة في صميم هذه الحركة.
وأضافت حرم رئيس الجمهورية أن المرأة اليوم هي شريك كامل للرجل في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية للبلاد وتضطلع بدور متزايد الأهمية في المجتمع. وأبرزت سيدة تونس الأولى من جهة أخرى العمل الذي تقوم به في المجال الاجتماعي والإنساني من خلال جمعية بسمة للنهوض بتشغيل المعوقين. وأضافت قائلة طبقا لخيارات تونس الاجتماعية القائمة على احترام حقوق الإنسان وعلى أساس عدم التمييز انخرطت في العمل ضد كافة أشكال الإقصاء والتهميش. وفي ما يلي نص حديث حرم رئيس الجمهورية التي تصدرت صورتها غلاف مجلة «آرابي».
وقد مهدت هذه الشهرية للحديث بما يلي بمناسبة خمسينية مجلة الأحوال الشخصية السيدة ليلى بن علي تحلل الخطوات التي حققها بلد يعد نموذجا في هذا المجال في العالم العربي.
وقد أجرى الحديث مع حرم رئيس الدولة كل من كريستيان مالار وجوليان هوارى.
* تعتبر تونس بلدا رائدا في ما يتعلق بمكاسب المرأة في العالم العربي وحتى في بعض البلدان الغربية. كيف تنظرون إلى دور المرأة في التنمية الوطنية.؟
ـ بالفعل إن تونس معروفة بكونها البلد الذي حقق الإصلاحات الأكثر جرأة في مجال النهوض بأوضاع المرأة. وإن هذه الإصلاحات التي تم الحرص فيها دوما على الجمع بين الحداثة والأصالة أتاحت إقامة مجتمع متفتح قوامه المساواة بين المواطنين. وان المرأة التونسية تواصل اليوم السعي بنجاعة من أجل المحافظة على مكانة مرموقة في المجتمع. وقد ارتفعت نسبة مساهمتها في الحياة النشيطة . من 6 بالمائة سنة 1960 إلى أكثر من 26 بالمائة حاليا. وان عدد النساء العضوات بمجلس النواب ومجلس المستشارين وبالمجالس البلدية في تزايد مطرد. وهي أرقام تترجم وحدها هذا التطور الملموس طبقا للبرنامج الذي وضعه الرئيس زين العابدين بن علي لتونس الغد ضمن محوره الخاص بالمرأة.
* إن مكاسب المرأة التونسية عديدة فماذا عن التحديات؟.
ـ يتعين على كل مواطن سواء كان رجلا أو إمرأة المحافظة على هذه المكاسب وحمايتها حتى تكون سدا منيعا أمام الحركات الماضوية والرجعية. ولا يجب أن يغيب عن أذهاننا أبدا أن التقدم يمر أيضا عبر المرأة.
* ما هي أهم التطورات التي شهدتها مجلة الأحوال الشخصية منذ سنة 1987.؟
أصدرت تونس غداة الاستقلال مجلة الأحوال الشخصية التي تعد دون أدنى شك من أكبر انجازات تونس الحديثة. وتقوم هذه المجلة على المساواة بين الرجل والمرأة. وقد تم القضاء بموجب القانون على العديد من الممارسات البالية . وبذلك تم إلغاء تعدد الزوجات وتعويض الطلاق العرفي بالطلاق أمام المحاكم مع إمكانية الطلاق بالتراضي وتم إقرار الزواج المدني الذي حدد السن الدنيا للزواج ومنح المرأة حق اختيار شريك حياتها. ومع تحول السابع من نوفمبر 1987 دخلت تونس عهدا من الإصلاحات وضع المرأة والأسرة في صميم هذه الحركة.
وتجلت الإرادة السياسية للنهوض بحقوق المرأة بالخصوص من خلال الإصلاحات التي تم إدخالها على المنظومة التشريعية. وبالفعل أعلن رئيس الجمهورية بعد أشهر قليلة من التحول أن مجلة الأحوال الشخصية مكسب حضاري وانه لا مجال للتشكيك ولا التخلي عما توصلت تونس إلى تحقيقه من مكاسب لفائدة المرأة والأسرة. وأكد الدور الملموس للمرأة في المسيرة نحو التقدم والحداثة. وقد تم القيام بإصلاح عميق قائم على تحديد ادوار الأولياء فتمت الاستعاضة عن السلطة المطلقة للأب بالسلطة الأبوية وانتقلنا بذلك من منطق الأبوية إلى المسؤولية المتوازنة للوالدين. ومن بين الإجراءات الهامة التي تمت المصادقة عليها سنة 1993 أود الإشارة إلى الإجراء المتعلق بتعويض مفهوم واجب طاعة المرأة لزوجها بمطالبة الشريكين بأن يقيما بينهما علاقات مبنية على الاحترام المتبادل وبأن يتقاسما مسؤولية التصرف في شؤون المنزل وتربية الأطفال. وفي هذا الإطار تندرج إعادة النظر في طريقة الطلاق وفي إعادة تحديد صيغ حضانة وولاية الأطفال التي تطرح مشكلة مسؤولية الأبوين في التصرف في شؤون الأسرة وتأمين تربية سليمة.
ويعد إحداث صندوق ضمان النفقة وجراية الطلاق إجراء تجديديا أساسيا آخر . لقد برزت بقوة إرادة رئيس الجمهورية في القضاء نهائيا على التمييز بين الرجل والمرأة في التنقيحات التي تم إدخالها على مجلة الجنسية ومجلة الشغل والتي عززت حقوق المرأة. لقد أصبح من حق المرأة التونسية المتزوجة بأجنبي إسناد الجنسية التونسية لأبنائها المولودين خارج حدود الوطن . وصدر سنة 1998 قانون آخر يدعم حقوق ومكانة المرأة التونسية كمواطنة كاملة الحقوق . وأصبح بالتالي يحق للطفل مجهول النسب أن يحمل لقب والدته.
* تحتفل بلادكم هذه السنة بخمسينية مجلة الأحوال الشخصية كمكسب الأساسي مارأيكم فيه؟.
ـ تبقى المجلة مكسبا أساسيا يعتز به كل التونسيين. وقد تجلت في أعلى هرم السلطة إرادة واضحة للمضي قدما في النهوض بأوضاع المرأة وفي تحقيق شراكة كاملة وحقيقية في الحياة السياسية وفي المجال التنموي. فالمرأة اليوم هي شريك كامل للرجل في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية للبلاد وتضطلع بدور متزايد الأهمية صلب المجتمع. ولم يدخر الرئيس زين العابدين بن علي الذي راهن على قدرات وكفاءة المرأة أي جهد من أجل دعم حضور المرأة التونسية في مواقع القرار وفي الحياة العامة انطلاقا من إيمان راسخ بان تقدم المجتمع وازدهاره رهين مشاركة نشيطة وفاعلة للمرأة في كل الميادين.
* ماذا تمثل المجلة بالنسبة للمرأة التونسية اليوم؟:
ـ إن النساء التونسيات فخورات بما حققته لهن مجلة الأحوال الشخصية وهن على يقين بان هذا التشريع الرائد الذي أرسى علاقات المساواة والشراكة الفاعلة صلب الأسرة يشكل حجر الزاوية في الخيارات التحديثية للبلاد. إن مجلة الأحوال الشخصية التي تحتفل تونس اليوم بمرور خمسين سنة على صدورها وبفضل مختلف التنقيحات التي شهدتها والتي من أبرزها تنقيحات سنة 1992 تظل معاصرة إلى أبعد مدى. فالديناميكية التي تحيط بمسألة المرأة في العالم ولاسيما في العالم العربي خلال العشرية الأخيرة تؤكد أكثر من أي وقت مضى الطابع الاستشرافي للمجلة والتونسيون واعون بهذا الأمر وفخورون به.
* كيف تفسرون نجاح التمشي التونسي في مجال حقوق المرأة وموقعه الريادى في هذا المجال؟
ـ في البداية يجب التأكيد على أن التمشي الذي اتبعته تونس في مجال النهوض بأوضاع المرأة هو تمش تونسي صميم نابع من قراءة مستنيرة لإرث بلادنا العربي الإسلامي. وهو كذلك تتويج لتيار واسع من الحركات الإصلاحية التي شهدتها تونس منذ وقت طويل وخاصة في القرن التاسع عشر. إن تطور المجلة ظل مرتبطا بهذا المسار الاجتماعي في ما يتعلق بضرورة المساواة بين كل المواطنين بما أسهم إلى حد بعيد في تطبيقها بنجاح على الميدان. لقد ترجمت الارادة السياسية الثابتة في الابان هذا الطموح الوطني في ارساء مجتمع متفتح ومتوازن يرفض التمييز وتهميش اى فئة اجتماعية. وتتجلى المكانة الرائدة لتونس في هذا المجال كذلك في ان صدور مجلة الاحوال الشخصية في تونس سبق بسنوات عديدة مصادقة الجمعية العامة للامم المتحدة على اتفاقية مكافحة التمييز ضد المرأة سنة 1966 فتونس كانت سباقة الى تطبيق نفس المبادىء التي جاءت بها الاتفاقية وذلك منذ صدور المجلة قبل عشرة سنوات. ان العديد من المكاسب التي تحققت لفائدة المرأة التونسية ما زالت محل جدل في عديد البلدان الاخرى بما في ذلك بلدان الضفة الشمالية للمتوسط ففي الوقت الذى كانت المرأة التونسية تمارس واجبها الانتخابي بحرية لم تحصل نساء في بلدان اخرى على الحق في الانتخاب هذا فضلا عن اقرار صندوق ضمان جراية الطلاق الذى دخل حيز العمل منذ زمن بعيد في تونس في الوقت الذى تفتقر فيه عديد البلدان الاوروبية الى الية مماثلة.
* ان اغلب النساء التونسيات ناشطات فكيف يتسنى لهن التوفيق بين مقتضيات مسارهن المهني والتزاماتهن الوظيفية في الحياة العامة وبين واجباتهن الاسرية .؟
تعد مسالة التوفيق بين الالتزامات العائلية والحياة المهنية اليوم محورا للنقاشات على الصعيدين الوطني والدولى فرغم بروزهن الكثيف في سوق الشغل تظل النساء اليوم المسؤولات الاوائل عن التصرف في شؤون الاسرة وفي التكفل باعبائها. ولمساعدة المرأة فى الاضطلاع على افضل الوجوه بواجباتها الاسرية والمهنية وفي الحياة العامة اتخذت الدولة جملة من الاجراءات الرامية الى تحسين محيطهن المهني والاجتماعي من خلال اقرار النصوص التشريعية وتوفير ظروف العمل الطيبة واليات الاحاطة بالطفولة والتى من شانها ان تسهم في تحقيق هذا الهدف التنموى. لقد تم اتخاذ اجراءات في المجال الاجتماعي والاقتصادى وفي قطاع الصحة قصد تامين ملاءمة افضل بين النشاط المهني والحياة الاسرية حيث اتاح القانون للمراة الحق في التمتع برخصة التفرغ لتربية ابنائها.
ِِ* يعرف عنكم نشاطكم في المجال الاجتماعي والانساني سيما من خلال جمعية بسمة للنهوض بتشغيل المعاقين هل بامكانكم اطلاعنا على انخراطكم في مجال تكريس مبدا تكافؤ الفرص .؟
توافقا مع الخيارات الاجتماعية لتونس القائمة على احترام حقوق الانسان دون تمييز بادرت بالانخراط في نشاط يرمي الى التصدى الى كل اشكال الاقصاء والتهميش. واعتقد ان للحركة الجمعياتية دورا كبيرا في ارساء مجتمع تتكافؤ فيه الفرص. وتقدم جمعية بسمة للنهوض بتشغيل المعاقين مساهمة متواضعة لما يمكن ان ينجز على مستوى وطني ودولي بهدف رفع تحدى الادماج الاجتماعي والمهني للاشخاص الحاملين لاعاقة. واغتنم هذه الفرصة لأشكر كل التونسيين الذى برهنوا على حسهم الانساني من خلال مساندتهم المعنوية والمادية لهذه المعركة. ويتعين علينا ان نعمل بكل ما اوتينا من قوة من أجل مضاعفة نشاطنا التضامني في هذا المجال بما يكفل تغيير نظرة الآخرين للاشخاص الحاملين لاعاقة واقرارهم بأهمية دور هذه الفئة وبهذا فقط يتحقق اندماجهم في المجتمع المدني.
ِ* ازاء تحديات التقاليد والحداثة كيف يتراءى لكم دور المرأة العربية في بداية القرن الحادى والعشرين.؟
ـ ان هذا الدور هو عنصر اساسي في كل مسارات التغيير والاصلاح. وتعد المرأة طرفا هاما في تعزيز الديمقراطية اذا ما تمكنت من التصرف كشريك كامل الحقوق. وقد برزت مقاربة تونس الحداثية على مستوى العالم العربي وهذا مدعاة فخر لنا. ومن شأن هذا التطور ان يدعم الاعتراف بقدرة المرأة العربية على المشاركة الفاعلة في الحياة العامة وتعزيز موقعها واسهامها في مسار التنمية. ويبرز هذا التوجه الذى اعتمدته الدورة السادسة عشرة للقمة العربية بتونس واكدته قمة الجزائر الارادة في توسيع مشاركة المرأة في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتربوية لمزيد دعم مكانتها في المجتمع. وتسهم مبادرات أخرى لا تقل جرأة في النهوض بدور المرأة. واذكر في هذا المجال ان أحد أبرز أهداف ندوة قمة المرأة العربية لسنة 2000 بالقاهرة هو الارتقاء بأوضاع المرأة في المجتمعات العربية. وقد اتيحت لي الفرصة خلال هذه القمة لتقديم مقترحات ومقاربات استراتيجية لاقت صدى ايجابيا ووقعا كبيرا وهو ما افضى لاحقا إلى انشاء منظمة المرأة العربية. وتضع تونس التي ترأس المجلس التنفيذى والهيئة المديرة لمنظمة المرأة العربية خبرتها على ذمة البلدان العربية الاخرى ولن تدخر جهدا في الاسهام بكل امكانياتها في دفع عمل هذه المنظمة.
فهذه الجهود تتكامل مع تلك التي يقوم بها مركز المرأة العربية للتكوين والبحوث كوثر الذى تتشرف تونس باحتضانه منذ سنة 1993 . وتكتسي تجربة المرأة التونسية أهمية كبيرة لانها مارست منذ خمسين سنة حقها كمواطنة كاملة الحقوق ويمكنها ان تساعد شقيقاتها العربيات في رفع تحدى الحداثة والتنمية. ولئن تحققت هذه النتائج في تونس فلا شىء يحول دون نجاح تجربة النهوض باوضاع المرأة بالبلدان العربية الاخرى. ويتعين على البلدان العربية مواصلة العمل التحديثي بهدف دعم مكانة المرأة بوصفها دعامة اساسية للحداثة والتقدم. ومن جهتها فإن المرأة العربية مدعوة الى بذل مزيد من الجهود لتعزيز دورها في المجتمع وحتى تسهم في ارساء عالم اكثر عدلا وتسامحا في اطار انشطة جمعياتية وثقافية واعلامية مكثفة. (المصدر: جريدة الشروق التونسية الصادرة يوم 8 سبتمبر 2006 )
قلوبنا بما نبضت
الطاهر بن منصور- تونس علي فساحتك ايها الوطن العربي يضيق بك المكان وتضج بأهلك نعيش الغربة والضياع ويتملكنا الخوف من مستقبل لا نملك مفاتيح ابوابه تتعمق الجراح ونلهث بحثا عن مأوي، عن وطن آمن عن نصف وطني امن، عن رحابة فضاء يشاركنا الوجع، بل عن مرآة صدق نري فيها انفسنا بلا مساحيق ولا اقنعة، بلغة تبتعد عن الكلمات المستكرشة الجوفاء، عن العبارات الرقيقة المنمقة، بلغة صدق تكشف عن ذواتنا بلا وسائط وبلا اسماء مستعارة، من رحم هذا الالم ومن عمق هذا الضما وجدنا في منبر القدس ما نبحث عنه، هو ذواتنا تكشف عن نفسها، ونبضنا الصادق يعبر عن الحياة الحقة، هو مساحة لقائنا في زمن الغربة وبصولتنا في عالم من الضياع، هو عمق هذه الجماهير يثبت بان هذه الازمة وجدت لتبقي. دام منبرنا فضاء صدق تثيره قلوبنا الصغيرة بما نبضت. (المصدر: صحيفة القدس العربي الصادرة يوم 8 سبتمبر 2006)
الإضراب يدفع الشبان الفلسطينيين إلى المدارس الإسلامية
الخليل (الضفة الغربية) (رويترز) – مع اغلاق ثانوية الحسين نتيجة اضراب المدرسين أصبح الطالب الفلسطيني راضي الجنيدي (17 عاما) يمضي وقته متسكعا مع أقرانه الاخرين الذين استبد بهم الاحباط على الرصيف أمام المدرسة. وعلى مسافة غير بعيدة وفي مدرسة جمعية الشبان المسلمين تعج غرف الدراسة بالطلاب. وأضافت هذه المدرسة الاسلامية الخاصة التي يهيمن على مجلس ادارتها مؤيدو حركة المقاومة الاسلامية (حماس) سبعين طالبا جديدا الى صفوفها هذا العام اضافة الى 12 معلما جديدا. ويقول الجنيدي “كنت أفضل التوجه الى مدرسة اسلامية لانه لا يوجد اضراب هناك. لكني لم أتمكن من الالتحاق بالمدرسة لعدم وجود أماكن. أشعر باحباط كامل.” ويأتي اضراب معلمي المدارس العامة في اطار اضراب أوسع نطاقا يقوم به الالاف من العاملين في السلطة الفلسطينية للضغط على الحكومة الفلسطينية التي تتزعمها حماس لدفع رواتبهم المستحقة منذ عدة أشهر. وعندما قطعت الولايات المتحدة ودول غربية أخرى المساعدات المباشرة عن الحكومة الفلسطينية في مارس اذار الماضي كان هدف واشنطن من وراء ذلك قطع الدعم عن حماس الحركة الاسلامية لا زيادة الطلب على شبكة المدارس الخاصة والعيادات الطبية والمستشفيات التي تديرها حماس. وحذر مبعوث الشرق الاوسط جيمس وولفنسون وقتها من أن قطع المساعدات ربما يكون له ردة فعل سلبية ووصف احتمال اغلاق المدارس نتيجة قطع المساعدات بانه “أسوأ سيناريو” من الممكن أن يشعل دائرة جديدة من العنف. ومنذ بدء الاضراب المفتوح في الثاني من سبتمبر أيلول الجاري أغلقت مئات المدارس في انحاء الضفة الغربية وبعض مناطق قطاع غزة. وفي الخليل يتسكع الطلاب حاملين حقائبهم المدرسية في شوارع البلدة رغم أنهم لا يذهبون الى المدارس. وفي وقت سابق من الاسبوع الحالي أغلق مئات من الشبان الشوارع وأحرقوا اطارات السيارات وألقوا الحجارة على سيارة للشرطة احتجاجا على تأخر دفع الرواتب لمدرسيهم وعلى اغلاق المدارس. وحذر ناظر مدرسة ابن رشد الاعدادية في الخليل من أن اغلاق المدارس سيزيد من دائرة العنف وسيدفع الطلاب من جديد الى العودة الى القاء الحجارة على القوات الاسرائيلية. وبعكس المدارس الحكومية التي تضررت بشكل كبير نتيجة قطع المساعدات الاجنبية فان المدارس الاسلامية تدفع رواتب مدرسيها دون تأخير وتتوسع في بعض الحالات رغم ان القائمين على هذه المدارس يتحدثون عن تزايد عدم قدرة اولياء الامور على دفع مصاريف الدراسة. وتقول مصادر أمنية فلسطينية ودبلوماسيون ان حماس تمكنت من توفير تكاليف شبكتها من المستشفيات والمدارس عن طريق فرض رسوم على الخدمات وجمع التبرعات من المساجد وتهريب الاموال من الخارج متغلبة بذلك على الاغلاق الذي فرضته اسرائيل والولايات المتحدة على تمويلاتها. والان زاد الطلب على المدارس الاسلامية لدرجة أن بعض المدراء اضطروا الى رفض قبول بعض الطلاب. وفي المدرسة الاسلامية في نابلس التي يبلغ مصاريف الطالب فيها نحو 860 دولارا في السنة رفع مديرها ابراهيم طاهر عدد الطلاب الى 610 طلاب هذا العام بدلا من 596 في العام الماضي الا انه رغم ذلك يقول ان لديه قائمة انتظار طويلة تضم مئة طالب يرغبون في الالتحاق بالمدرسة. ويقول الطالب عابد القواسمة (18 عاما) من الخليل انه وأقرانه يريدون الالتحاق بالمدرسة الاسلامية حيث تنتظم الدراسة. ويتفق زملاء عابد معه في الرأي. وقال موسى (17 عاما) ابن عم الجنيدي انه ايضا يرغب في الالتحاق بمدرسة اسلامية الا أنه يأسف لعدم تمكنه من ذلك بسب عدم توفر المال لديه. ويعتبر كثيرون الاضراب تحديا كبيرا لسلطة حماس من جانب حركة فتح التي يتزعمها الرئيس الفلسطيني محمود عباس والتي لها روابط قوية باتحادات العمال. من ادم انتوس وهيثم التميمي (المصدر: موقع سويس إنفو بتاريخ 8 سبتمبر 2006 نقلا عن وكالة رويترز للأنباء)
ليلة ذبح السودان
د. عبدالوهاب الافندي (*) (1) ربما يستغرب كثير من غير السودانيين حجم الشعور بالصدمة الذي عبرت عنه كثير من الأوساط السودانية إزاء حادث خطف واغتيال الصحافي السوداني محمد طه محمد أحمد ليلة الثلاثاء المنصرمة. فالسودان عند الكثيرين مسرح لكثير من ألوان العنف والحروب الأهلية، وحتي التطهير العرقي والإبادة الجماعية. والسودان كذلك عند كثير من منظمات حقوق الإنسان والجهات الأممية مسرح لانتهاكات واسعة لحقوق الإنسان، بما فيها حقوق الصحافيين، حتي كان من بين حفنة من الدول عينت لها الأمم المتحدة في منتصف التسعينات مقرراً خاصاً لحقوق الإنسان. فماذا يزيد اغتيال صحافي فرد إلي كل هذا؟ (2) المصيبة السودانية قد تعتبر أيضاً حدثاً عرضياً مقارنة بما يشهده العراق حالياً من ذبح بالجملة لا يوفر صحافياً ولاغيره، أو ما شهده لبنان (الذي شهد بالمناسبة أول حادث اغتيال لصحافي سوداني دبره نظام النميري في عام 1970) من استهداف منهجي للصحافيين، وما شهدته قبل ذلك الجزائر ودول عربية أخري. (3) ولكن لكي نفهم حجم الزلزال الذي يمثله حادث الاغتيال فلا بد أن نقدر ليس فقط غربة حوادث الاغتيال والإرهاب عن المشهد الاجتماعي والسياسي السوداني (رغم اتهامات أمريكا وغيرها للبلد بدعم الإرهاب) وفشلها في أن تجد لها تربة خصبة علي الأرض السودانية، بل فوق ذلك علينا أن نقدر خصائص أخري للواقع السوداني. ولعل أحد أهم هذه الخصائص هو اعتماد النهج الحضاري في إدارة الصراعات والتعايش مع الخلاف. (4) بعض تجليات هذا النهج (مثل التعامل الحضاري بل والودي أحياناً بين ممثلي الأطراف المتحاربة في جلسات المفاوضات) أدهش كثيراً من المراقبين وجعلهم يتساءلون عن دواعي الصراع أصلاً. وقد صمد هذا النهج الحضاري في التعامل لهجمات شرسة من ثوار كثيرين من اليسار واليمين، وكان الإسلاميون للأسف أكثر من أثخن في هذا النسيج تمزيقاً. (5) بعض المعارضين سارع إلي اتهام الحكومة خصوصاً والإسلاميين عموماً بالمسؤولية غير المباشرة عن مقتل محمد طه ناشر ورئيس تحرير صحيفة الوفاق اليومية. حركة حق (المنشقة علي الحزب الشيوعي السوداني) قالت إن مقتل محمد طه يمثل وطأة المشروع الحضاري لسلطة الإنقاذ ومهاويسها الأصوليين، في واحدة من أكثر لحظاته صفاءً ووضوحاً وكثافة . وأضافت لقد شحذت نصال السكاكين والخناجر الذي ذبحت محمد طه، فكرياً، علي أحجار السلفية والأصولية والتطرف والغلو واحتكار الحقيقة والدين وإلغاء الآخر جملة وتفصيلاً ونفي حقه في الحياة التي روجتها الحركة الإسلامية، وحركياً وفعلياً، علي سياسات الإنقاذ التي استجلبت الإرهابيين وغلاة المتشددين من كل أصقاع الأرض ووفرت لهم الملاذ ومنحتهم الحماية والجنسية . (6) هذا الاتهام يفترض ما يرجحه الكثيرون من أن قتلة محمد طه هم من السلفيين المتشددين الذي شنوا حملة عنيفة عليه في العام الماضي حين نشرت صحيفته مقالة تقدح في شخص الرسول صلي الله عليه وسلم ونسبه. وقد حوكم محمد طه علي خلفية تلك المقالة وصدر ضده حكم بالغرامة وإيقاف الصحيفة وقد اعتذر عن نشر المقالة علناً وقام شخصياً بالرد علي ما جاء فيها من دعاوي. ولكن منتقديه من السلفيين لم يرضوا بهذا ودأبوا علي إهدار دمه. وينتسب محمد طه إلي الإسلاميين وهو من أنصار الحكومة. وقد تعرضت مكاتب صحيفته أيضاً لهجوم عنيف من قبل جهات قبلية تناولتها الصحيفة بنقد. (7) الحكومة مسؤولة جزئياً علي الأقل عن المناخ الذي أصبح فيه ممكناً لزوار الليل من الجهات الأمنية أن يطرقوا بيوت المواطنين ويقتادوهم إلي أماكن مجهولة، وعلي أقل تقدير عن عدم توفير الأمن لمواطنيها. ولكن الوقع المزلزل للحادث يأتي من كونه عدواناً علي المنهج الحضاري في التعايش والإحساس بالأمن الذي ظل يسود المجتمع السوداني، علي الأقل في المركز والعاصمة رغم ما أصاب أطراف البلاد من نوازل. (8) الذي نرجوه أن يكون الحادث ظاهرة معزولة وهامشية مثل الهجمات الإرهابية التي طالت المصلين في أعوام سابقة، وتم القبض علي المنظمات التي كانت وراءها وتصفيتها. والذي نرجوه كذلك أن تبدأ العملية الطويلة الضرورية لإعادة بناء النسيج الحضاري السوداني عبر نشر الديمقراطية وتصفية التنظيمات المسلحة من معارضة وموالية والبعد عن التشنج والتطرف إسلامياً كان أو علمانياً، وتوافق كل السودانيين علي احترام القانون والقيم السودانية الأصيلة في التعايش مع الاختلاف. وإلا فإننا مقبلون علي ليل مظلم طويل. (*) كاتب وأكاديمي سوداني مقيم في بريطانيا (المصدر: صحيفة القدس العربي الصادرة يوم 8 سبتمبر 2006)
الإسلام الإصلاحي: إيضاح المناطق الرمادية
عبد المنعم أبو الفتوح هذه مقاطع من تعليق د. عبد المنعم أبو الفتوح على ورقة الحركات الإسلامية و العملية الديموقراطية: اكتشاف المناطق الرمادية (ورقة مؤسسة كارنغي رقم 67، مارس 2006). قرأت بإمعان دراستكم المكثفة حول النقاط الست التي لم يتمكن الدارسين و الباحثون في الغرب من معرفة الرؤية الكاملة لخطاب الإسلام الإصلاحي حولها. مصطلح (الإسلام الإصلاحي) هو التوصيف الدقيق لنشاط الحركة الإسلامية الذي يضيق عن توصيفه مصطلح (الإسلام السياسي) فهو يحصر هذا النشاط في الممارسة السياسية فقط.. فنشاط الحركة الإسلامية اجتماعي وتربوي وثقافي وتعليمي و تنموي. ومن المهم ابتداء أن نوضح أن الإخوان المسلمين هيئة إسلامية وليست مجرد جمعية دينية وأيضا ليست حزبا سياسيا بالمعنى الاصطلاحي للحزب السياسي..وهناك حديث عميق يدور داخل الجماعة عن تحولها كلية إلى حزب وتقوم بدورها الإصلاحي من خلاله أو أن يتفرع عنها حزب سياسي لا صلة له بالعمل الدعوى والاجتماعي الذي تقوم به الجماعة دون اقتراب من العمل السياسي فذاك يقوم به الحزب مع تحديد واضح لدور كل منهما . وقد أكسبتنا التجارب رؤية واضحة ودقيقة للتمييز بين ما هو ودعوي وبين ما هو سياسي وما بدا خلطا وتداخلا سببه التضييق و الحصار والملاحقة والقمع الذي تمارسه الدولة . سأتناول في هذه الورقة النقاط الست الواردة في التقرير بالتوضيح .. 1)الشريعة الإسلامية : يمثل قانون العقوبات في الشريعة الإسلامية ما نسبته 10 بالمائة تقريبا من أحكام الشريعة .. و مع ذلك فقد استحوذت على كل اهتمام المحللين والمتابعين لموضوع ( الشريعة) مما يعطى انطباعا بأن هذا القانون هو كل الشريعة… والدارس المتعمق لهذه القوانين يجد أنها عقوبات رادعة أكثر بكثير من كونها عقوبات تنفيذية.. وكلما ازدادت قوة الردع في القانون ازدادت قيمته في حفظ تماسك المجتمع و صونه وإصلاح المجرم المحتمل..و الأصل في الإسلام أن كل شيء مباح إلا ما حرم بنص قطعي الدلالة والمحرمات معلومة و محددة . 2)العنف : العنف فضلا عن أنه يتناقض مع مبادئنا و مناهجنا فهو أيضا ضد مصلحتنا ومصلحة أوطاننا .. وفهمنا الصحيح للإسلام يجعلنا نثق كل الثقة بالطبيعة الإنسانية وبقدرة الإسلام على التفاعل الخلاق مع هذه الطبيعة في أجواء الحرية والتنافس الديموقراطي الذي يحترم التنوع و التعدد و الاختلاف في السعي نحو بناء مجتمعات جديدة وأعتقد أن الحديث الآن حول صلة مشروع الإسلام الإصلاحي بالعنف أصبح غير ذى موضوع .. والفارق بين المقاومة للباغي والغاصب والمحتل وبين الترويع و التفزيع و سفك الدماء البريئة واضح للجميع .. والمطلوب حقيقة من الغرب تاريخيا وفعليا أن يتطهر هو من العنف وإعلاء قيمة ( التسامح). 3)التعددية السياسية : التسليم بالتعددية بين البشر تسليم بحق الاختلاف… وبالتالي فالتعددية في فهم الأفكار ووسائل تحقيقها في حياة الناس أمر طبيعي و منطقي.. فاليسار يقدم رؤى في العدل الاجتماعي جديرة بالتواجد في ساحة العمل السياسي .. والليبرالية تقدم رؤى عن الحريات جديرة بالتواجد السياسي وكل هذه الأفكار يسعها المجتمع طالما لا تتعارض مع القيم العليا في دستور التوافق و الإجماع الذي يمثل مرجعا للجميع . وقد أصبحت التعددية وحق أصحاب الرأي الواحد في الاجتماع والتنظيم من أكبر الضرورات في عصرنا هذا الذي توغلت فيه الدولة الحديثة و تضخمت أجهزتها وأدواتها القمعية نتيجة للتقدم التكنولوجي الهائل وأصبح معه الفرد المعارض في غاية الضعف إذا ما عارض الدولة واختلف معها .. أما في حالة الحزب أو الجمعية أو أي تكتل فإن مجابهة الدولة تصبح ممكنة ويتحقق التوازن الذي يضبط حركة الحياة السياسية والاجتماعية.. 4) الحقوق السياسية والمدنية : حتى الآن تظل الديموقراطية هي أنجح وسيلة لتحقيق حقوق الإنسان ومشروع الإسلام الإصلاحي يعتبر الديموقراطية تعايش سلميا بين كل فئات المجتمع وتبادل السلطة فيه سلميا ودستوريا و المساواة بين الناس في تطبيق القانون أو في ممارسة الحقوق والحريات .. والحرية في حد ذاتها قيمة إسلامية ملزمة ….. 5) حقوق المرأة : يؤكد الإسلام على الحق الكامل للمرأة في إدارة شؤون الأسرة مع زوجها (عن تراض وتشاور) كما يذكر القرآن الكريم .. وفى الحياة العامة.. للمرأة كل الحق في المشاركة في توجيه حركة المجتمع وسياسة الدولة .. ولها كل الحق في تولى كل المناصب ..في تولي الرئاسة مثلها مثل الرجل .. ولعلنا نتذكر أن المرأة لم تنل حق التصويت في الانتخابات العامة في فرنسا إلا في عام 1945 بعد ما أظهرته من شجاعة وقوة في مواجهة الاحتلال الألماني .. !!! ومشروع الإسلام الإصلاحي يحمل للمرأة دورا كبيرا في النهضة .. (المرأة الإنسان) التي هي نصف المجتمع و تربي النصف الأخر .. المرأة الطبيبة والمعلمة والمهندسة .. و حجاب المرأة في الإسلام يدور وفق مفهوم الاحتشام فهو لا يغطى عقلها ولا شخصيتها ولا إنسانيتها … 6) الأقليات الدينية : تعد حرية الاعتقاد أول حق من حقوق الإنسان و المبدأ الإسلامي الذي يحكم ذلك هو(لا إكراه في الدين ). وتعد المواطنة في مشروع الإسلام الإصلاحي أساس للوجود في المجتمع بغض النظر عن الدين أو اللون أو المذهب … والجزية والذمية و ما إلى ذلك من مصطلحات تاريخية حل محلها مفهوم ( ديموقراطية المواطنة في دولة العدل والقانون).. . (*) عضو مكتب الإرشاد في جماعة الإخوان المسلمين. (المصدر: “نشرة الإصلاح العربي” لشهر جويلية 2006، المجلد 4، العدد 6، تنشرها مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي بواشنطن، تترجمها “دار الوطن” للصحافة والطباعة والنشر- الكويت) الرابط: http://www.alwatan.com.kw/arb
Home – Accueil – الرئيسية