الجمعة، 29 سبتمبر 2006

Home – Accueil الرئيسية

TUNISNEWS
7 ème année, N° 2321 du 29.09.2006

 archives : www.tunisnews.net


 نهضة.نت: السجين السياسي السابق الطاهر الحراثي يحاكم من جديد قدس برس إنترناشيونال :السلطات التونسية تمنع قاضية من حضور مؤتمر للقضاة بالمجر قدس برس إنترناشيونال :أحزاب سياسية تونسية تعقد ندوات فكرية وسياسية رمضانية صحيفة الحياة:أداء جيد للاقتصادات الخليجية ولتونس … تقرير التنافسية العالمية يضع أميركا في المرتبة السادسة للمرة الأولى
افتتاحية الموقف: الإستثمار والشفافية د,خالد الطراولي: :المشهد السياسي التونسي: أزمة معارضة أم أزمة حكم!
د. سليم بن حميدان: تونس- محاولة في استشراف المستقبل مرسل الكسيبي تونس: نحو مقاربة نقدية تعتمد منهج الإنصاف أحمد نجيب الشابي: بعد أربع سنوات عن “تحريره”: وجود العراق في خطر القدومي لـ”الموقف”: عناد “حماس” و”فتح” سيقود إلى صراع دموي بين الفصائل احمد جعفر: مع المسحراتي حسن نصر الله


Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe ( Windows )

To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic (Windows).


 لمشاهدة الشريط الإستثنائي الذي أعدته “الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين”  

حول المأساة الفظيعة للمساجين السياسيين وعائلاتهم في تونس، إضغط على الوصلة التالية:

 


السجين السياسي السابق الطاهر الحراثي يحاكم من جديد

9/28/2006 12:26:22 AM
أصدرت محكمة الناحية بسيدي عمر ولاية القيروان (200كم جنوب تونس العاصمة) حكما اليوم الإربعاء على السجين السياسي السابق السيد الطاهر الحراثي بشهرين نافذتبن، بعد رفض القاضي محسن بالخيرية طلب التأجيل وطلب السراح،  بسبب عدم امتثاله للعقوبة الظالمة، “المراقبة الإدارية” والتي تسلط بشكل غير قانوني على كافة المساجين السياسيين الذين يطلق سراحهم منذ بداية التسعينات إلى يوم الناس هذا.
أما عن سبب غياب السيد الحراثي للقيام بالإمضاء في مركز الشرطة كعادته وامتثالا للعقوبة الظالمة كان سفره المفاجئ إلى تونس العاصمة للإطمئنان على حالة أخته الصحية بعد تعرضها لحادث مرور خطير، وكان قدأعلم المسؤولين في مركز الشرطة الذي يعود إليه بالنظر.
هذا ويعاني الأغلبية الساحقة من المساجين السياسيين الذين سرحوا بعد إنقضاء المدة أو الذين وقع إطلاق سراحهم بموجب السراح الشرطي، إلى العديد من المضايقات من أهمها هذه العقوبة الضالمة والتي يطلق عليها “المراقبة الإدارية” التي تفرض على السجين المسرح الإمضاء لدي دوائر الشرطة والحرس في أغلب الأحيان مرة أو مرتين في اليوم.
كما يعاني هؤلاء المواطنون من حصار إجتماعي تفرضه السلطات المحلية بتعليمات من الدوائر العليا في السلطة تمنعهم بموجبه من الحصول على أدنى شغل يمكنهم من الإندماج من جديد في الحياة الإجتماعية كمواطنين عاديين. مما إضطر أحد هؤلاء المساجين السابقين، السيد صلاح الدين العامري أصيل منطقة بوسالم (ولاية جندوبة بالشمال الغربي) مهندس مساعد قبل السجن، أن يعرض أبنائه للبيع في الصائفة الماضية كتعبير منه على حالة اليأس التي أصبح عليها من جراء سياسة المحاصرة هذه. (المصدر: النهضة.نت يوم 28 سبتمبر 2006)

السلطات التونسية تمنع قاضية من حضور مؤتمر للقضاة بالمجر

تونس – خدمة قدس برس
 
منعت السلطات التونسية مساء أمس الأربعاء (28/9) القاضية “وسيلة الكعبي” من السفر لحضور مؤتمر الاتحاد العالمي للقضاة الذي ينعقد بالمجر. وكانت القاضية تنوي المشاركة في المؤتمر نيابة عن جمعية القضاة التونسيين باعتبارها عضوا في مكتبها التنفيذي.
 
وأعلمت مصالح مطار تونس قرطاج الدولي، وسيلة الكعبي، أنها ممنوعة من السفر لعدم وجود ترخيص من وزارة العدل، وقالت الكعبي لـ “قدس برس”، إن الترخيص لا يهمها لأنها في عطلة سنوية.
 
وكانت وزارة العدل التونسية، رفضت منح تراخيص السفر للمؤتمر العالمي للقضاة بالمجر لرئيس الجمعية أحمد الرحموني، وأعضاء مكتبها التنفيذي المدعوين لحضور هذا المؤتمر. كما رفضت وزارة الداخلية تجديد جوازات سفر كل من الكاتبة العامة للجمعية كلثوم كنو، وعضو المكتب التنفيذي روضة القرافي.
 
وقال مركز استقلال القضاء والمحاماة في بيان وقعه رئيسه مختار اليحياوي، إن هذه المرة الثانية في تاريخ القضاء التونسي، التي يمنع فيها قضاة مباشرين من حرية السفر للخارج، وتستعمل فيها وزارة العدل إجراء إداري وارد بمنشور لتعطيل حق دستوري لممثلي سلطة دستورية، دون أي مسوغ قانوني، إذ سبق لوزير العدل الحالي أن منع القاضي المختار اليحياوي من السفر، لحضور مؤتمر نقابة القضاة الفرنسيين.
 
ولا تعترف الحكومة التونسية، بالمكتب الشرعي للجمعية، على الرغم من اعتراف الاتحاد العالمي للقضاة به، ولكنها دعّمت مكتبا جديدا، قال الشرعيون إنه “منصّب”. وقد سافر أعضاؤه إلى المجر على متن نفس الطائرة التي كان من المفروض أن تقل القاضية وسيلة الكعبي.
 
يذكر أن الهيئة الوطنية للمحاميين التي تساند المكتب الشرعي لجمعية القضاة، أوفدت المحامي محمد جمور، إلى مؤتمر الاتحاد العالمي للقضاة، لشرح وضعية القضاة وجمعية القضاة التونسيين، وحالة الحصار المفروضة عليهم حسب قرار الهيئة في اجتماعها الأخير.
 
(المصدر: وكالة قدس برس إنترناشيونال بتاريخ 28 سبتمبر 2006)


 

أحزاب سياسية تونسية تعقد ندوات فكرية وسياسية رمضانية

تونس ـ خدمة قدس برس
 
على غير عادة الحياة السياسية في تونس الهادئة على الدوام، ذكرت مصادر إعلامية مطلعة في تونس أن عددا من الأحزاب السياسية التونسية المعترف بها تعد لعقد عدد من الندوات الفكرية والسياسية في شهر رمضان عوضا عن المهرجانات التي انتهت مع نهاية العطلة الصيفية وافتتاح السنة السياسية الجديدة مطلع أيلول (سبتمبر) الجاري.
 
وتحدثت المصادر عن ندوات فكرية وحلقات نقاش تهم عددا من المواضيع الوطنية والتي لها علاقة بتطورات الأوضاع في المنطقة العربية.
 
وذكرت صحيفة “الشروق” التونسية أن الحزب الاجتماعي التحرري قرر عقد حلقة نقاش بمقره المركزي الجديد بالعاصمة تناقش قضية الإرهاب والمقاومة إضافة إلى إمكانية عقد حلقة نقاش حول فلسطين تحضرها شخصية فلسطينية، وهو نفس التوجه الذي أعلنه حزب الخضر للتقدم وهو أحدث الأحزاب السياسية في تونس والاتحاد الديمقراطي الوحدوي وحزب الوحدة الشعبية وحزب حركة التجديد وريث الحزب الشيوعي الذي يعد لعقد مؤتمره العام.
 
ووصف مراقبون لتطورات الساحة السياسية التونسية الندوات الفكرية الرمضانية التي دأبت الأحزاب السياسية التونسية على عقدها في شهر رمضان بأنها ظاهرة إيجابية تحاول النخب التونسية أن تواكب من خلالها مستجدات الساحة السياسية الدولية بعدما ضاق مناخ التعبير في وسائل الإعلام التونسية عن الشأن الداخلي.
 
ويتحدث مراقبون للشأن السياسي التونسي عن أن الحرب الإسرائيلية الأخيرة على لبنان قد حركت الساحة السياسية والإعلامية في تونس وأوجدت مناخا مغايرا يمكن الحديث فيه عن الرأي والرأي الآخر وأعادت الحيوية إلى السجال بين النخب التونسية بعد سنوات طوال من الغفوة. وضمن المسامرات الرمضانية لا تزال مبادرات رأب الصدع بين قادة الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان وأنصار الحكومة من أعضاء الرابطة جارية من أجل إيجاد صيغة توافقية تمكن من عقد مؤتمر الرابطة المؤجل منذ سنوات
 
(المصدر: وكالة قدس برس إنترناشيونال بتاريخ 28 سبتمبر 2006)


أداء جيد للاقتصادات الخليجية ولتونس …

تقرير التنافسية العالمية يضع أميركا في المرتبة السادسة للمرة الأولى

نيويورك – محمد خالد    
 
 تبقى الولايات المتحدة مركزاً عالمياً للتقدم التكنولوجي، وتتمتع بمناخ ممتاز لممارسة الأعمال وإدارة الأسواق على درجة عالية من الكفاءة. لكنها لم تعد كالسابق على قمة لائحة الاقتصادات الأكثر تنافسية، وهوت إلى المرتبة السادسة دفعة واحدة بسبب أخطار الاختلالات الضخمة التي يعانيها اقتصادها الكلي وتهدد تنافسيتها، خصوصاً المستويات المرتفعة من المديونية الداخلية والخارجية الناجمة عن تكرار عجوزات الموازنة المالية والعجز التجاري.
 
ولم يكن تراجع موقع أميركا المفاجأة الوحيدة في «تقرير التنافسية الاقتصادية العالمية لسنة 2006»، الذي نشره المنتدى الاقتصادي العالمي، لكنها بالتأكيد الأكثر خطورة ولأسباب عدة، أهمها أن الإنفاق الاستهلاكي يساهم بحوالى 70 في المئة من الناتج المحلي الأميركي، جاعلاً من أميركا ليس أكبر سوق استهلاكية وحسب، بل قاطرة للاقتصاد العالمي. وبلغت القيمة الاسمية للناتج الأميركي زهاء 13.4 تريليون دولار في عام 2005، أي ما يزيد على 28 في المئة من الناتج العالمي.
 
بيد أن أياً من الحجم والنفوذ لم يجد مكاناً في المقاييس التي اعتمدها «تقرير 2006» في تصنيف الاقتصادات، والتي مكنت سويسرا من اعتلاء قمة الهرم العالمي للمرة الأولى، وإن كانت انضمت إلى بلدان اعتادت في الغالب احتلال مواقع متقدمة هي على التوالي فنلندا في المرتبة الثانية، ثم السويد والدنمارك، وأخيراً سنغافورة في المرتبة الخامسة. وقفزت سويسرا إلى مرتبتها الجديدة من المرتبة الرابعة في «تقرير 2005» وكذلك الحال بالنسبة للسويد التي انتقلت إلى المرتبة الثالثة مخلفة وراءها المرتبة السابعة.
وقال كبير الاقتصاديين مدير «شبكة التنافسية العالمية» التي أعدت التقرير أوغوسطو كلاروس، إن «المراكز المتقدمة التي تبوأتها سويسرا وبلدان الشمال تبين أن الاستراتيجية الناجحة القادرة على تعزيز تنافسية البلدان في اقتصاد عالمي متزايد التعقيد، تقوم على المؤسسات الجيدة والاقتصاد الكلي المدار بكفاءة والتحصيل العلمي ذي المستوى العالمي والتركيز على التكنولوجيا والابتكار». العشرة الأوائل
 
وطبقاً للتقرير تأهلت سويسرا لمكان الصدارة بفضل «مناخ مؤسساتي قويم وبنى تحتية ممتازة وأسواق كفوءة، وقدرات عالية للابتكار التكنولوجي، ومقومات متطورة للبحث العلمي وشركات تنفق بسخاء على نشاط البحث والتطوير، وقوانين قوية لحماية الملكية الفكرية ومؤسسات عامة تتمتع بالشفافية والاستقرار»، بينما استفادت بلدان الشمال من مؤسساتها التي تعتبر الأفضل على المستوى العالمي، إضافة إلى فوائض مالية مستقرة ومستويات من المديونية منخفضة مقارنة بالدول الأوروبية الأخرى.
 
وقفزت اليابان ثلاث مراتب لتستقر في المرتبة السابعة في «تقرير 2006»، هولندا مرتبتين إلى التاسعة. إلا أن ألمانيا تراجعت مترتبتين إلى الثامنة وكذلك بريطانيا التي تراجعت مرتبة واحدة إلى العاشرة. وتأثرت تنافسية بريطانيا وألمانيا بمتاعب الاقتصاد الكلي لا سيما العجوزات المالية والديون المترتبة في شكل رئيس على ارتفاع أسعار صرف العملة الأوروبية الموحدة (اليورو) والجنيه الإسترليني في العام الماضي. الدول العربية
 
واستمرت الدول الخليجية بتقديم أداء جيد في لائحة التنافسية العالمية إذ احتفظت الإمارات، على سبيل المثال، بالمرتبة 32 وارتقت قطر 8 مراتب إلى المرتبة 38 وكذلك قفزت الكويت 5 مراتب إلى المرتبة 44 وطرأ تحسن طفيف على تنافسية البحرين التي تقدمت إلى المرتبة 49.
 
ولاحظ التقرير أن مكاسب أسعار النفط رفعت معدلات النمو وعززت ثقة مناخ الأعمال الناجمة أصلاً عن تحديث المؤسسات وزيادة كفاءة إدارة الاقتصاد الكلي، لكنه لفت في المقابل إلى أن «توافر التمويل الحكومي لم يترجم، أقله حتى الآن، إلى تحسن في رأس المال البشري الذي من شأنه أن يلعب دوراً مهماً في مساعدة هذه الاقتصادات، التي هي شديدة الاعتماد على النفط وبالتالي، عرضة للصدمات الخارجية، على تنويع قواعد اقتصاداتها».
 
وعززت تونس موقعها باعتبارها الاقتصاد الأكثر تنافسية في المنطقة العربية وقفزت 7 مراتب لتصل إلى المرتبة 30. وساعد إصلاح المؤسسات على تحسين موقعي المغرب (70) والجزائر (76). لكن مصر تراجعت 9 مراتب وجاء موقعها الجديد في المرتبة الـ63 بسبب تفاقم الوضع المالي للحكومة والديون وتعثر فـي مجالات التعليم العالي والتدريب والابتكار.
 
وكان تقرير خاص أصدره المنتدى الاقتصادي العام الماضي منح قطر المرتبة الأولى في لائحة التنافسية العربية ثم على التوالي الإمارات والبحرين وعمان والأردن وتونس والسعودية والمغرب ومصر والجزائر ولبنان واليمن.
 
(المصدر: صحيفة الحياة الصادرة يوم 29 سبتمبر 2006)

اعتذار وتصحيح:

أوردنا في عدد الأمس عددا من المقالات المنشورة في موقع pdpinfo.org نقلا عن صحيفة “الموقف”، وهي مقالات وردت في العدد 374  (وليس العدد 382 مثلما كتبنا خطأ) بتاريخ 22 سبتمبر 2006. لذا وجب الإعتذار للزملاء في الموقع وفي الصحيفة والتذكير.


افتتاحية “الموقف”

الإستثمار والشفافية

 

كل استثمار مُنتج تستقطبه بلادنا يشكل خطوة جيدة في طريق التنمية، خصوصا في ظل شح الموارد النفطية والصعوبات التي يواجهها التصدير وانعكاسات الأزمات العالمية على التوازنات الإقتصادية المحلية. وتزداد أهمية الإستثمارات الجديدة، سواء الأوروبية أو العربية مثل المجموعات الإماراتية التي تتجه لإنجاز مشاريع ضخمة في البلاد، في ضوء ضمور استثمارات أخرى أصبح أصحابها مُعرضين عن تونس، بل خططوا لمغادرتها مثل بعض المستثمرين الكويتيين والسعوديين.

 

والمُتابع لبعض المشاريع الكبرى المُعلن عنها في الفترة الأخيرة تستوقفه قيمة المواقع الإستثنائية التي اختيرت لإقامتها ومنها مشروع مارينا قمرت ومشروع خليج الملائكة في حمام سوسة والمجمع الرياضي والتربوي بالبحيرة والمحطة السياحية الجديدة بهرقلة وغيرها… وهي مناطق ذات قيمة عقارية وتجارية كبيرة مما يستدعي كثيرا من التأني والتحري قبل إسنادها إلى أي طرف. واللافت للنظر أن الرأي العام الوطني لا يعرف كثيرا عن مكونات تلك المشاريع ولا عن هوية المستثمرين ولا عن ظروف اختيارهم ومقاييس إسناد المشاريع إليهم دون غيرهم، خصوصا في غياب المناقصات العمومية. وفي بعض الأحيان تكون الدولة طرفا في المشروع لكن لا تُعرف تشكيلة رأس المال بطريقة تُظهر بجلاء حجم المساهمة الخارجية.

 

ويستدعي هذا إحاطة المبادرات الإستثمارية بأقصى ظروف الشفافية لأن ذلك من أركان التعامل مع شعب ناضج وراشد، وعليه فالحكومة مُطالبة بأن تجيب على كل التساؤلات وأن تجعل أعضاءها يقدمون المعطيات الشافية والمُقنعة حول المشاريع التي يحيطها الغموض والتي كانت ومازالت مثارا للأسئلة الحائرة والتعليقات في الداخل والخارج.

 

رشيد خشانة

 

(المصدر: موقع pdpinfo.org نقلا عن صحيفة “الموقف”، العدد  374بتاريخ 22 سبتمبر 2006)


 

استئناف قضية “الغريبة” الشهر المقبل

 

ستعيد محكمة الإستئناف في العاصمة النظر في قضية بلقاسم نوار المشتبه في أنه ضالع في تفجير المعبد اليهودي «الغريبة» في جزيرة جربة (جنوب تونس) يوم 16 من الشهر المقبل. وكان نزار نوار (34 سنة) ابن شقيق بلقاسم العائد من كندا، قاد شاحنة صهريج وصدم بها المعبد في أفريل 2002، مما أدى إلى احتراقه في الهجوم الذي قُتل فيه أيضا 21 شخصاً، من بينهم 14 سائحاً ألمانياً وفرنسيان.

 

وكانت المحكمة الإبتدائية قضت في جوان الماضي بسجن بلقاسم نوار عشرين عاماً، بعدما أدانته بـ «المشاركة في القتل العمد» و «الإنضمام إلى عصابة أشرار»، في إشارة إلى تنظيم «القاعدة» الذي تبنى العملية و«المساهمة في صنع مواد متفجرة من دون الحصول على ترخيص قانوني».

 

 

وقبل القضاء طلب الإستئناف الذي تقدمت به هيئة الدفاع عن نوار، مع العلم أن السلطات التونسية لقضاة ألمان وفرنسيين بالمشاركة في التحقيق معه، وفي مقدمهم القاضي الفرنسي المكلف بملف الإرهاب جان لوي بريغيير.

 

(المصدر: موقع pdpinfo.org نقلا عن صحيفة “الموقف”، العدد  374بتاريخ 22 سبتمبر 2006)


منع اجتماعين ل”التقدمي” في سوسة وصفاقس

 

منعت قوات الشرطة اجتماعا عموميا دعت له جامعة الحزب الديمقراطي التقدمي بسوسة تضامنا مع رابطة حقوق الإنسان يوم السبت 24 سبتمبر الجاري. وطوق رجال أمن بالزي المدني مقر الجامعة في منطقة “تروكاديرو” بوسط سوسة وحالوا دون صعود عدد كبير من أعضاء الرابطة والنشطاء إلى العمارة بدون موجب قانوني علما أن الجامعة قامت بجميع الإجراءات القانونية التي ينص عليها القانون وفي الآجال المحددة. وفي صفاقس حاصرت قوات غفيرة من رجال الأمن بالزي المدني صباح الأحد 24 سبتمبر 2006 مقر جامعة الحزب الديمقراطي التقدمي ولم تسمح بدخوله إلا إلى عدد قليل جدا من مناضلي الحزب في حين منعت أنصار الحزب وأصدقاءه من الحضور. كما مُنع الأستاذ أنور القوصري نائب رئيس الرابطة المسؤول على الحريات من الإقتراب من مقر الجامعة حيث كان من المبرمج أن يلقي محاضرة حول “تداعيات الحصار المفروض على رابطة حقوق الإنسان” بدعوة من الحزب الديمقراطي التقدمي بالجهة.

 

وأصدر فرع صفاقس الشمالية بيانا بتوقيع رئيسه الأستاذ عبدالعزيز عبد الناظر أدان فيه المنع المتكرر لنشاط الحزب المذكور بالجهة و”الذي يهدف إلى ضرب حقه في اختيار محاور ومضامين أنشطته والمساهمين فيها من محاضرين ومدعوين” كما قال. ودعا الفرع السلطات في مختلف المستويات للكف عن هذا المنحى الذي يضرب حق الأفراد والمجموعات في ممارسة حقوقهم بكل حرية ومن بينها حق الإجتماع الذي لا يمكن تقييده إلا بضرورة الحفاظ على النظام العام.

 

(المصدر: موقع pdpinfo.org نقلا عن صحيفة “الموقف”، العدد  374بتاريخ 22 سبتمبر 2006)

 


المشهد السياسي التونسي: أزمة معارضة أم أزمة حكم![3/4] (الجزء الثالث)

د,خالد الطراولي ktraouli@yahoo.fr
علاقة المعارضة مع أطرافها:
 
قصة المعارضات إجمالا لا تخرج من طبيعة العمل السياسي الحامل للمنافسة والتسابق، غير أن تاريخ المعارضة العربية يبرز غالبا ذلك الطابع المائل إلى التنازع و” قلب الطاولة ” وأحلاف سريعة الانعقاد وسريعة الحل… وليست المعارضة التونسية إلا تعبيرا لهذه الأزمة المستفحلة بين اطرافها والتي ساهمت بوعي أو بغير وعي في امتداد سنين الاستبداد…، حيث كثيرا ما غلبت السياسوية  والفردية والمصلحية الضيقة في تعتيم أفعال المنافس والمساهمة في تعطيل أو تشويه بعض مساهماته، والسعي إلى إحباط مبادراته، وتغليب العزلة والعمل المنفرد على الجماعية والتحالف، وتجاهل أن السياسة تجاذب وتقاسم وتنازل، من أجل الصالح العام، وتوفير سبل النجاح للمشروع البديل لحكم البلاد. وسوف أتجاوز تجاذب أطراف الحديث حول الأمثلة في ذلك لكثرتها وعدم الدخول في حوارات جانبية، تفقد جوهر المقال وأفكاره الأساسية.
 
لن يعدم عدم توفر الإطار السليم من ديمقراطية وتعددية وحرية، من نصيب المعارضة في غياب هذا التكتل الواعي والراشد، الذي يتجاوز اختلاف الرؤى والتصورات ويتجنب التعرض لتمايز الأيديولوجيات والمنطلقات، حتى يكون النضال سلوكا وعقلية تجمع ولا تشتت، تبني مع الآخر ولا تهدم، يتواصل ولو غاب جزء أو تعب، ولا يغيب بغياب الهزة أو الخضة.
 
نعم مثلت مبادرة 18 أكتوير مثالا حيا ونموذجا مقبولا لهذا العمل الجماعي الواعي الذي يتجاوز اختلاف التصورات والمرجعيات من أجل مواجهة جماعية ومتناسقة ضد الاستبداد، لكنها عجزت أن تتبلور إلى تيار ووحدة معارضة ومؤسسة تحمل ميثاقا وأعضاء وبرنامجا، وبقيت محبوسة في ظل بيانات عامة قليلة التأثير، ولعل ضخامة الحصار والترويع التي ووجهت بها المبادرة وأعضاءها يفسر هذا الانحباس، ولكن لا يبرر استقالة الفعل أو ضمور العمل المعارض الذي تأسست على أساسه!فإطار الاستبداد المحيط لم يكن مفاجئا ولا تصعيده وترويعه كانا شيئا جديدا لم يكن في الحسبان.
 
ليست المبادرة نهاية مطاف، انتهى بنهاية الإضراب، ولكنها دعوة لتشكل عقلية جديدة للمقاومة السلمية، و عمل على ترسيخ ثقافة بديلة للصمود والتحدي سوف تترك بصماتها في وعي النخبة والعموم، فمبادرة 18 أكتوبر ليست تاريخا وكفى ولكنها أسطر من ذهب قد تخط تضاريسها في الذاكرة الوطنية التونسية إذا تواصل المدد وتنوع الفعل وصمد.
 
علاقة المعارضة بالجماهير
 
رغم الحالة غير السليمة التي تعمل فيها المعارضة من تعتيم وتجاوزات وتهميش وتحجيم ومجال حرياتي شبه معدوم، مما يقيّد علاقتها بالجماهير ويقلّص دورها، فإن كثيرا من تحركاتها ونضالاتها يغلب عليها الطابع النخبوي تنظيرا وتنزيلا، فمن الزعيم والقياديين وأصحاب المعرفة والإلمام يأتي الأمر والرأي والتصور، وعليهم يتنزل الحمل والتطبيق والممارسة وحمل مشعل النضال.
 
فكثيرا ما تنطلق نضالاتنا من صالونات الشاي لتبقى حبيسة دردشاتنا بين أربعة جدران أو على شاشات الحواسيب، ونحن نخال أننا أدينا المهمة وانتهت مسؤوليتنا أمام الشعب وأمام التاريخ! لا يخفى الدور الجديد للإنترنت في إيصال المعلومة وكسر حواجز التعتيم والتكميم، ولكن لا يجب أن نخلط بين الوسيلة، الحاملة الرمزية للكلمة والفكرة والحدث، وبين مستقرها وهدفها والحامل النهائي والحقيقي لها.
 
والجماهير على درجات وعيها ورشدها هي الأصل والمنتهى، ولا يجب بتاتا التعامل معها من موقع الأستاذية والفوقية، ولو في ظل واقع صعب وجائر، و لا من موقع التوظيف و”الاستغلال” لكمّها وحجمها حتى نصل إلى مبتغانا، فيصبح النضال انتهازية، والهدف إشباع لطموحات شخصية وأنانية مفرطة! و لا نخال أبدا أن هذه الجماهير في سكونها وانسحابها الظاهر هو عدم رشد وجهل بالأحداث وتطوراتها، وعدم كنه بين من يخدم مصالحها ومصالح الوطن، و بين من يعمل لذاته وعائلته، ولكنه الجور والخوف أحيانا، وقلة الصبر وتجنب المواجهة حينا آخر، أو التواكل على الغير والعمل على الانتظار، أو ادخار قواها لما يحدث، أو عدم ثقتها في المعارضة واستصغارها للبديل، أو حتى تمسكها بالواقع الحالي على هناته خوفا من الجديد، و ريبة من القادم الذي لم تفقه أطرافه ولم تعرف دقائقه.  ولعل في كل هذا نصيب للمعارضة في إمكانية تجاوزه والعمل على رتق بعض فجواته.
 
إن الغياب عن واقع  الجماهير جسدا وروحا وعدم معايشة يومها وليلها يعتبر نقيصة قاصمة لتركيز منهجية صائبة وسليمة للتغيير. فهيمنة مطلب الحريات على مطالب أخرى دفعت إلى بروز خندق بين مطالب الجماهير الحينية وهي تعيش ضنك الحياة ومتطلبات الواقع المر. فغاب التركيز أو غلب التهميش على المعضلة الاقتصادية التي أصبحت تطرق باب المواطن التونسي بكل قوة وتلج بيته بكل قسوة.
 
نعم لا يشك أحد في ضخامة المسألة الحقوقية واستعجاليتها، لكن ما كان يجب أن ترتهن أبعاد أخرى للأزمة المواطن التونسي بمدى حل الأولى. فالمواطن وإن كان يعيش هاجس الحريات المكبوتة ويعي حالة الديمقراطية المغشوشة، غير أنه لا ينسى رغيفه اليومي وحاجيات أسرته، وهو بعد قلما وجد صدى هائلا في كتابات المعارضة ومطالبها.
 
إن الجماهير التونسية رغم حالة السكون التي تبديها، لم تمت ولم تغادر الساحة، وهي تنظر وتنتظر… تنظر إلى المعارضة ولعلها تتحسس منها أملا في التواصل والفعل الدائم الذي لا يركن إلى الراحة أو يعيش متقطعا على ردات الأفعال… وهي تنتظر أن ترى مشروعا واضحا وتكتلا سليما ورجالا يعيشون همومها وأطراحها وأفراحها ويتفهمون وضعها وإمكانياتها…
 
ما العمـــل؟
 
هل هذه الهنات، وهذه النضالات المناسباتية دليل على نهاية مرحلة وبداية أخرى بما تعنيه من استبدال الأفراد والمنهجيات والبرامج والمشاريع وحتى الأهداف، فيكون جيل المعارضة السابقة قد انتهت أيامه، وأن جيلا آخر سماه البعض المعارضة الثالثة أو الرابعة أو الجديدة قد حان زمانها رغم ضبابية المصطلح وغياب التواصل والبناء؟ أم هي تعبير عن الإعياء والتعب الذي اصطحب بياض الشعر والذقون، وهو نوع من الإحباط الذي لا يعبر عن نفسه، و من الهزيمة التي لا نريد رؤية حقيقتها المرة، وهو رمي للمنديل ولو على مراحل وباستحياء؟ أم أنه اعتراف بقلة الزاد وضعف الإرادة ومحدودية العزائم “والله غالب”؟ هل هي أزمة نظام أم أزمة معارضة؟؟؟
 
الرداء الأخلاقي أولا
 
إن الخلاص الحقيقي من هذا التحدي القائم آناء الليل وأطراف النهار وتجاوز لحظات السكون والتخلي، ليس في استبعاد فرد أو جماعة أو جيل، ولا في تعجل المراحل واستباق الحدث والسقوط في الإحباط ومن ورائه الضمور والانسحاب، ولكن في التكاتف والمؤازرة في مستويات ثلاثة تحت مظلة أخلاقية حازمة وسلوك حضاري متميز، فلعل همومنا كثيرة، لعل أعمالنا كبيرة، لعل طموحاتنا عظيمة..، فنحن نريد أن نبني مشاريع إصلاح لأوطاننا، لكن هل هُزمنا في بناء مشاريع إصلاح لذواتنا؟ هل عيوب الغير تراها عيوننا حتى في الظلمات وتعجز عن إدراك اعوجاج حالنا؟ هذه في الحقيقة آهات تعبر عما نقاسيه من ظلم بوّاح في سلوكياتنا، من ذبول للعهد والوعد، وانتكاسة للكلمة وطعن في الظهور وفي العلن، ماذا لو أخلفنا موعدا مع الآخر، مع التاريخ، مع الحاضر، ماذا لو تراجعنا عن كلمة والكلمة أمانة والأمانة فعل، ماذا لو كذبنا لو افترينا في حقوق الغير، في حقوق فرد أو مجموعة، في حقوق صديق أو منافس، من أجل تخليص رقبة أو كسب موقع أو اعتلاء درجة أو زيادة درهم أو فلس..؟ ماذا لو تعاهدنا وجمعتنا الأحلاف والنذر، جمعنا المسار والمصير..، ثم في أول منعرج، وفي أول استدراج.. في أول هدية أو صدقة، تخرج الخناجر من أغمادها، وتكشر الأنياب، وينسى الصديق صديقه والحليف حليفه والرضيع مرضعته، وتتغير الأرض غير الأرض، وتتلبد السماء..؟
 
لعل قائلا يقول لقد بسطنا الأمور كثيرا، وهوّلنا حيث لا يجب التهويل، فليس إخلاف وعد أو طعن في الظهر أو تراجع عن عهد أو افتراء بغير حق، هو سبب انهيارنا وتعثر إقلاعنا، أو زهادة فعلنا وخيبة مسعانا، وفشل مشاريعنا وبرامجنا وتصوراتنا، لكنني أجزم أن الخدوش الكبيرة تحدث وتستفحل من محقرات الأمور، وتمتلئ البحار والمحيطات من سيول الأنهار الصغيرة! فقبل أن نسامر عن حكم وسلطة ومعارضة وتغيير وعن كلام كبير، سواء حمله إنسان “عيّاش” أو سياسي محنك، فإن انتكاسة الموعد والكلمة والعهد والموقف، تمثل رمز خلل في علاقتنا مع ذواتنا ومع الآخر، وتؤكد على أن مسار التغيير قبل أن يدخل بنا في أطر كبيرة لعلها تتجاوز عقولنا في بعض الأحيان، يجب أن يحل بدارنا ويدخل بيتنا ويلامس أحوالنا ويغير ما بنفوسنا.(انظر كتابي ” إشراقات تونسية، الديمقراطية ورحلة الشتاء والصيف. دار الحضارة العربية 2006 ص: 166)
 
إن هذه المظلة الأخلاقية تبدو أساسية دون السقوط في جلد الذات للعمل الجاد والسليم في مستويات ثلاث حتى يتم تيسير المسار وإنجاح المصير، فالإصلاح يبدأ من هنا، ونجاح التغيير يتم بعد حين:
·              المعارضة أجيال وتواصل ·              من تعاون الأقطاب إلى تعاون المقاربات ·              تنوع المعارضة وتعدد تشكلها
 
لقد قال الرئيس الفرنسي الأسبق جيسكار دي ستان ذات مرة وهو يحادث أحدهم ” إنك تكذب كما يُكذَب في السياسة ” وهو تعبير عن تميز الإطار السياسي بهذه الخاصية اللاأخلاقية  التي تجعل للسياسة شأنا يختلف عن غيره، حيث لا منظومة قيم ولا أخلاق تحميه ولكنه الغاية التي تبرر الوسيلة، والغابة التي تمنع أشعة الشمس من التسلل لحماية الضياء!
 
ـ يتبـــع ـ
 
المصدر : موقع اللقاء الإصلاحي الديمقراطي www.liqaa.net
 


 
 

تونس : محاولة في استشراف المستقبل

د. سليم بن حميدان
 
بين الداخل والخارج يظل الوضع السياسي التونسي مستقرا إلى حد كبير ويبقى مستقبله ملتبسا إلى حد أكبر.
 
فالبلد على ما يبدو عبارة عن جزيرة من الأمن والاستقرار في بحر من القلاقل والاضطرابات والزلازل الجيوستراتيجية الحبلى بتطورات عميقة في السياسة الدولية.
 
أمن مستتب ونظام يمسك بكل خيوط اللعبة، يراقب كل شيء ويتحكم في الصغيرة والكبيرة، يحصي أنفاس خصومه ويتحرك شرقا وغربا للتضييق عليهم وتوسيع دائرة أصدقائه، كما هو قانون الحرب دائما.
 
ذلك هو على الأقل المشهد المرئي والصورة التي تسوق إعلاميا، داخل البلاد وخارجها، فهل هي الحقيقة فعلا وما هي آفاق تطوره مستقبلا ؟
 
الأوضاع التونسية: حقائق وأوهام
 
لا نختلف طبعا إذا انطلقنا من بديهية علمية، تؤكدها العلوم السياسية، مفادها أن الحقيقة في الأنظمة الدكتاتورية هي أول الضحايا. معنى ذلك أن المعطيات والتقارير والأرقام التي تروجها مجانبة للواقع في أغلب الأحيان وأنه عادة ما يتم تضخيمها أو تحجيمها أو ابتكارها أو نسيانها حسب استحقاقات حفظ النظام والاستقرار داخليا ومتطلبات تدفق الدعم والحماية خارجيا.
في مقابل ذلك، يتجه سلوك الخصوم، ربما غريزيا، إلى تسفيه تلك المعطيات والأرقام وإدراجها في خانة الدعاية السياسية الهادفة للإيهام بنجاعة عمليّة للنظام القائم تحجب وتعوض شرعيته السياسية المفقودة.
 
وبين تقارير الدكتاتورية وبيانات المعارضة وتحاليلها عادة ما تضيع الحقيقة ويزداد الواقع إبهاما وفهمه تعقيدا تاركا الجميع في حيرة وانتظار ليوم كشف الحساب.
 
وفيما يتعلق بالأوضاع التونسية فإن قانون التدافع هذا يجد فاعلية وحضورا نموذجيين.
 
يتجلى ذلك في المسألتين الاقتصادية والاجتماعية حيث يسعى نظام الحكم جاهدا، منذ انقلابه في 7/11/1987، إلى إبراز إنجازاته التاريخية في حين تفندها المعارضة وتعتبرها أكاذيب وتضليلات للرأي العام بهدف تأجيل الديمقراطية.

تركيز النظام التونسي على هاتين المسألتين مردّه قيام شرعية حكمه على عنصري الأمن والرفاه.
ولئن كان الأول يسير المنال ولا يحتاج لغير مضاعفة أعداد أعوان القمع، فإن الثاني، أي الرفاه المادي، يتطلب جهدا مضاعفا وآلة إعلامية ضخمة للإقناع بتحققه في واقع الناس خصوصا مع الغلاء الفاحش في الأسعار وانهيار القدرة الشرائية لدى غالبيتهم.
 
لقد تحول “رغد العيش وفرحة الحياة” إلى إيديولوجيا رسمية تحجب حقيقة انتشار البؤس والبطالة وانهيار الأخلاق وتفشي الجريمة وظواهر الانتحار والهجرة الدموية.

المحصلة هي خيلاء ووهم بالاستقرار من جانب النظام بسبب احتكاره للـ”قول الرسمي” والحقيقة “العلمية” المختومة من المؤسسات الرسمية والمنظمات العالمية (

انظر التقرير السنوي الأخير للمنتدى الاقتصادي العالمي وانتشاء المطبلين بالمرتبة الثلاثين لتونس زين العابدين

)، وخيبة ومرارة من جانب المعارضة نتيجة عجزها عن إثبات العكس وفقدانها لوسائل الاتصال الجماهيري المباشر من أجل التعرية والفضح.

وبالرغم من توفر فضاءات إعلامية موازية فإنها تظل افتراضية ولا تساهم إلا بقدر ضئيل في تشكيل وعي خارج النسق الرسمي.
مقاربتنا للأمور ينبغي أن تكون إذن أعمق من مجرد سجال إعلامي، الطرف الرابح فيه قطعا هو الأقوى الذي يسيطر على فضائي السمع والبصر. وبين هذا وذاك تبقى الحقائق ضائعة والنظام مستقرا والمعارضة حائرة والشعب منتظرا لقيام ساعة الحقيقة مكتفيا بمتابعة السجالات التلفزية والإشاعات التي أضحت المنتوج الوطني الأكثر رواجا.
 
هذه هي الحقيقة الساطعة التي لن تمنعنا من محاولة استشراف معالم المستقبل القريب للوضع السياسي التونسي:
 
معالم وآفاق الوضع السياسي التونسي :
 
الرؤية المستقبلية هي تلك التي تنطلق من قراءة الواقع، بجميع أبعاده السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية والتاريخية والإقليمية والدولية، لتحدد معالم حركته وآفاق تطوره مستقبلا. ليس هناك قطعا أفق واحد بسبب إمكان وقوع أحداث مفاجئة تغير مجريات الأمور وربما تحددها وذلك هو سر استئثار الله بعلم الغيب عنده وركن ركين من أركان الإيمان.
 
لن تكون قراءتنا علمية قطعا باعتبار غياب كثير من المعطيات والتفاصيل اللازمة لتكوين فهم دقيق لجميع أبعاد المسألة وتشعباتها. كما أنها لا تدعي الموضوعية الكاملة بسبب وقوعنا تحت أثقال الهوية والتاريخ والأحلام.
إنها وفقط محاولة متواضعة تريد فتح باب الحوار في أخطر قضية وجودية بالنسبة لنا ألا وهي مصيرنا الوطني خلال السنوات المقبلة.
 
السيناريو الأول : دار لقمان على حالها أو تأبيد الدكتاتورية
 
يعني ذلك بوضوح استمرار حالة الانسداد السياسي مع بقاء الاحتقان الاجتماعي وراء حدود الانفجار الشامل. إمكانية تحقق مثل هذا السيناريو المشؤوم متوفرة في الوضع الحالي وهي في رأيي نتاج تفاعل عناصر ثلاثة :
 
1 – العنصر الأول : براغماتية النظام الحاكم
 
أثبتت أحداث كثيرة، على رأسها حرب الخليج الأولى والحرب الأخيرة على لبنان، قدرة النظام التونسي على تغيير قشرته مع الحفاظ على فصيلته الدموية. فقد تمكن من التكيف مع الواقع الجديد فتحول إلى بطل قومي يساند العراق ويتبرع بالدم لأطفال فلسطين ولبنان وينظم مظاهرات التنديد بالصهيونية والامبريالية الأمريكية.
براغماتية في أعلى درجات الانحطاط الأخلاقي، المصطلح عليه دينيا بالنفاق، مكنت النظام التونسي من امتصاص الغضب الشعبي العارم على “الأنظمة العميلة” وساهمت إلى حد كبير في تعزيز شعبيته وعزل المعارضة التي تصفه “تجنيا وتحاملا” بالعمالة.
 
يستعمل النظام التونسي إذن سياسة “حكيمة” من أجل تحقيق هدف حقير.
فهو يوسع دائرة الأصدقاء لتشمل الملائكة والشياطين. فمن بوتفليقة إلى شارون مرورا بالقذافي ومبارك وحزب الله وإيران ومنظمة التحرير الفلسطينية وصولا إلى أردوغان والحلف الأطلسي وجميع الدول الغربية، تبقى فرص الدعم والحماية له وفيرة تفوق بكثير المخاطر والتهديدات التي يمكن أن يواجهها يوما. أما هدفه من ذلك فهو استتباب أمنه واستقرار الأمور لنظامه من بعده وتجنيب بطانته وأعوانه تكاليف انفتاح سياسي أو ديمقراطية تفضي حتما لعدالة حقيقية هي العدو المتربص والأوحد.
 
 2- العنصر الثاني: ضعف المعارضة
 
لا يجادل منصف ولا خبير بأن المعارضة التونسية هي معارضة ضعيفة بسبب تشتتها.

فأن تكون أقلية و”نخبوية”، كما يحلو للبعض تسميتها، فذلك أمر طبيعي لا تناقض فيه القانون الطبيعي للتدافع السياسي ضد الاستبداد حيث كل المعارضات أقليات وشراذم من المشاغبين والخونة والعملاء، أما أن تكون مشتتة فذلك هو سر ضعفها الحقيقي.
لقد باءت كل محاولات التجميع والتقارب، إلى حد الآن، بالفشل الذريع. ولم تكف حسن النوايا والإرادات الصادقة والسواعد الكادحة نحو التوحيد في تجاوز ظواهر الإقصاء والانقسام والغياب شبه الكامل للإجماع حول مطلب رحيل الدكتاتورية أو إستراتيجية مقاومتها.
ولا تشكل مبادرة 18 أكتوبر إلى حد الآن سوى محاولة تجميع وحوار واحتجاج باهت ومتقطع لم ترتق بعد إلى مستوى الجبهة السياسية التي تعد البديل وتسعى نحو إنجازه عبر النضال الميداني المتصاعد والمدروس.
 
3- العنصر الثالث : تداعيات الحرب الأخيرة
 
تنطلق رؤيتنا لهذا العنصر من مقدمة اعتبار الحرب الأخيرة على لبنان نصرا لقوى المقاومة والتحرر وهزيمة لقوى الهيمنة في المنطقة والعالم.

وعليه سوف يكون من نتائج هذه الحرب مستقبلا الانسحاب التدريجي لهذه الأخيرة من المنطقة وإعادة تمركزها في مناطق أخرى سوف تتحول بدورها إلى مجالات حيوية ذات أهمية قصوى وربما من الدرجة الأولى.
تقع منطقة شمال إفريقيا ضمن هذا المجال باعتبار توافر كميات هائلة من النفط والغاز الطبيعي فيها وبسبب موقعها الاستراتيجي على الضفة المقابلة لأوروبا، على مرمى حجر من صواريخ يمكن للـ”أصوليين” توجيهها إلى بعض المدن والعواصم وقواعد حلف الناتو إذا ما اعتلوا سدة الحكم يوما.
الحضور الأمريكي الجديد في المنطقة، تركيعا للجماهيرية ومغازلة للجزائر وابتلاعا لمصر وتونس والمغرب، كلها وغيرها مؤشرات على مرحلة قادمة تكون فيها هذه المنطقة أشبه بشرق “كوندي” أوسطي جديد تخترقه اللوبيات الصهيونية والماسونية وتدمره عناقيد الغضب والقنابل الذكية والانفجارات الانتحارية.
 
لن يكون هناك ربما احتلال مباشر على الشاكلة الأفغانية أو العراقية ولا اجتياح على الصورة اللبنانية ولكن سيكون هناك دعم قوي للأنظمة الحاكمة ورفض لأي انفتاح أو مغامرة سياسية قد تشهر على أوطانهم سيوف طارق بن زياد وتفتح في وجوههم أبواب جهنم.
 
السيناريو الثاني : الانفتاح المشروط
 
تحقق هذا الاحتمال مرتهن لوصول عقلاء جدد بدل المحافظين القدم إلى البيت الأبيض، كما إلى تبني سياسة أوروبية جديدة تعيد الانتظام في تراثها التنويري وإعادة إنتاج قيم الحداثة وممارستها في العالم كله لا احتكارها في كياناتها القومية حقا للرجل الأبيض دون غيره.
وقتها يمكن مفاوضة الشعوب وربما حتى مقايضة ثرواتها بثمن معقول يوفر الأمن والرفاه كما  الحقوق والكرامة لكل الناس.
 
إنه احتمال يستوجب رفع الدعم اللامشروط عن الأنظمة الدكتاتورية ودفعها للانفتاح السياسي وبناء الحكم على الرضا والقبول لا على القمع والإرهاب. 

لن تكون هناك قطعا ديمقراطية كاملة على الطريقة التي عاشتها الجزائر أواخر ثمانينات القرن الماضي، لاعتبارات ذكرناها سابقا، وإنما انفتاح مشروط يتم فيه تقاسم السلطة والثروة ويقبل فيه كل طرف بالتنازل عن بعض مصالحه وأهدافه من أجل سلم يجنب كل الأطراف كوارث الحرب والنزاعات.
عقلية الغنيمة وعقدة الاستعلاء والتفوق، المتغلغلة في البنية الذهنية للرجل الأبيض، مضافا إليها وجع الهزيمة وشبح الموت الامبراطوري، من جهة، وتعنت الدكتاتوريات الحاكمة وصممها عن نداء العقل بفعل سكرة الحكم سوف تؤدي إلى مواصلة سياسة العصا الغليظة وتركيع الشعوب وقطع الأمل أمام أي أمل في حل سلمي يخرجنا من الجحيم.
إنه حل مثالي للحالة التونسية على اعتبار غياب أطراف أصولية متطرفة عن الفضاء السياسي رغم بدء حضورها في زوايا المجتمع.
المعارضة التونسية هي عموما معارضة معتدلة بجميع أطيافها. ولعله من المضحكات أن يكون الحزب الأكثر تطرفا وأصولية سياسية هو حزب المؤتمر من أجل الجمهورية الذي يتزعمه واحد من أشرس المدافعين عن الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان في العالم. 
حزب ينادي برحيل الدكتاتورية، لكن بالوسائل السلمية والمدنية دون غيرها.
أما حركة النهضة الإسلامية فهي أكثر الحركات اعتدالا وانفتاحا على مخالفيها السياسيين والعقائديين والأكثر رغبة في التسوية السياسية لأنها من أكبر المتضررين حاليا.
 
باقي الأحزاب والعائلات السياسية لا تختلف كثيرا في أطروحاتها السياسية (مطلب الديمقراطية) والاجتماعية (مطلب العدالة) والقومية (الوحدة وتحرير فلسطين) والدولية (الاستقلال وفك التبعية والسلام العالمي ومساندة القضايا العادلة)، إنها إذن أرضية مثالية لحل مثالي يمكن أن يحول تونس فعلا إلى نموذج سياسي عالمي في منطقة ملغومة.     السيناريو الثالث: الفوضى الشاملة والانتحار الجماعي
 
إنه احتمال ممكن جدا وليس محض فرضية نظرية. عناصر هذا الاحتمال موجودة وبقوة حاليا، بل لست أبالغ إذا قلت بأنها تتدعم خلال الأشهر الأخيرة بشكل ينذر ربما بتحوله، للأسف ودون مبالغة، الاحتمال الأكثر رجحانا.
 
العنصر القوي في رجحان هذا الاحتمال هو وقوعنا على أبواب انتقال فجائي للسلطة مع مرض الرئيس بن علي وإمكان رحيله في أجل قريب.

ليس المرض أو الموت في حد ذاته عاملا محددا في رسم المستقبل. تلك حقيقة في الأنظمة الديمقراطية حيث يتربع القانون سيدا فوق الجميع ولا يترك في باب انتقال السلطة أي ثغرة، أما في النظام الدكتاتوري فإن الزعيم لا يموت وهو قائد إلى الأبد.
أما إن مات حقا فليكن الطوفان ولتحترق كل الأرض. ذلك هو ما يجعل من مسألة انتقال السلطة والمؤهلين لها المسألة الأكثر غموضا واستعصاء على الفهم.
إنها قضية مفتوحة على المضاربات والتوقعات لا على القانون واليقينيات.
من يستطيع اليوم أن يدلنا على خليفة بن علي على رأس النظام الدكتاتوري. نتحدى في ذلك كبار فقهاء القانون والمحللين السياسيين من التونسيين والغربيين.
 إنه المسكوت عنه وإن صرح به القانون، إذ ليس لهذا الأخير في النظام الدكتاتوري إلا وظيفة التسلط والإخضاع وإحضار هيبة الدولة.
 
في تونس ينفتح انتقال رأس السلطة على أسوء التوقعات والبدائل، فمن كمال مرجان وصالح جغام إلى بن ضياء والقنزوعي مرورا بالحرم المصون والولد الحنون والصهر المفتون، يبقى الوزير الأول (محمد الغنوشي) كما رئيس مجلس النواب (فؤاد المبزع) آخر المرشحين رغم أنف القانون (الفصلان 56 و57 من الدستور التونسي).
 
مضحكات مبكيات، تقف بنا على أعتاب حرب أهلية حقيقية ربما تفتح أبواب البلاد على مذابح وتصفيات بين عصابات الحكم المتنفذة قد تستدعي قوة حماية دولية لشعب أعزل ومسالم.
 
دقة اللحظة الدولية إثر الحرب الأخيرة واحتمالات توليدها للنزعة الانطوائية لدى أمريكا، بسبب فشل سياساتها الشرق أوسطية ومراجعتها حساباتها الإستراتيجية الخاطئة وربما استعدادها لحرب جديدة فاصلة ومباشرة مع أعدائها في المنطقة قد تجعل من هذا السيناريو العبثي المدمر أكثر السيناريوهات حظوظا.
 
ذلك ما لا نتمناه لتونس لكن هيهات أن تكون السياسة أماني والمصير أحلاما جميلة.  

تونس: نحو مقاربة نقدية تعتمد منهج الإنصاف

مرسل الكسيبي (*)
 
كنت في بداية العشرينات من عمري وتحديدا في أواخر حقبة الثمانينات وبداية حقبة التسعينات من القرن الماضي,شديد التطلع الى رؤية هيام ثورة الطلاب الحالمة تاخذ طريقها الى رؤية عوالم البزوغ والانبلاج,ومع تتالي السنوات وتراكم السفر والتجارب وتعمق المدارك وتوسيع دوائر المعايشة والاطلاع أدركت أننا في مرحلة ما لم نتجاوز ببعض نخبنا المعارضة التي حرضتنا يومها على التظاهر في الشوارع وملئ الساحات ورفع الشعارات وتثوير الجماهير وترصد الفرص لذلك بالبحث عن المسببات ,لم نتجاوز حينها مراحل المراهقة السياسية التي تكسرت أحلامها على رماح دول راسخة ومؤسسات قائمة وأنظمة عتيدة هي أكبر من أن تهزها أشرطة الكاسيت التي كان يومها البعض من قادة تلك المرحلة يرسلونها من وراء الحدود ظانين بأن اشرطتهم تلك قادرة على لعب الدور السحري الذي لعبته أشرطة الامام الخميني قبيل الثورة بسنوات.
 
ولازلت أتقلب بهذا المشهد التاريخي لأرى هؤلاء القادة يتوزعون اليوم مابين المنفى الاضطراري ومابين سجون سئمت طول مقامهم بعد أن مرت على هذه الحقبة فترة كافية لازالة الغشاوة عن بصائر الجميع.
 
غاب هؤلاء القادة الذين مازالوا يترأسون أحزابهم وحركاتهم عن حراك المشهد السياسي المباشر ,ليعوضوا عن حضورهم الفاعل داخل الأوطان بمشاركات حية تارة واخرى مسجلة على شاشة الفضائيات…ومع غياب هؤلاء عن ركح المسرح السياسي الفاعل بالحضور المباشر في الحياة الوطنية والسياسية كما هو حاصل بالنسبة لتيارات عربية واسلامية وليبرالية ويسارية كثيرة داخل أغلب أقطار العرب وبلاد الاسلام,فان عقارب الساعة توقفت لدى بعض هؤلاء عند النواح على وضع السجون والمعتقلات ووضع الحقوق السياسية والأساسية المهدورة في بلادهم في بعد تام عن محاولة التفكير في روح المسؤولية الجماعية التي نعالج بها جماعيا مالات هذه الأوضاع السياسية العصيبة التي تمر بها هذه الأوطان.
 
وفي الطرف المقابل حيث غيبت الحريات واستصدرت الأحكام القاسية من أجل معاقبة الثوار الجدد على أحلام الثورة الوردية,فانه بالقدر الذي عنيت الدولة بممارسة وظائف الاخصاء السياسي لبعض الأطراف التي ارتكبت اخطاء سياسية فادحة حين نسيت مسالك الهدوء والتدرج في معالجة أوضاعها القطرية,فان ورشات العمل والانجاز كانت تتجه الى اثبات منجزات الدولة الحداثية في ظل القضاء على الثوار وتغييبهم لسنوات طويلة وراء القضبان…
 
لم يعد الثوار ثوارا ولم تعد الدولة فقط سجانا يقمع الحريات وانما انشغل البعض من الثوار المنفيين بالبكاء على الأطلال والحديث عن الخروقات والتجاوزات والنواح على الزمن الضائع وسط كبرى التحولات,واتجهت الدولة لاثبات جدارتها في أكثر من صعيد فكان تألقها على الصعيد الرياضي والعمراني والاقتصادي والخدمي والعلمي والاتصالي ,وسجلت نسب النمو الاقتصادي أرقاما قاربت الستة بالمائة منذ عدة سنوات وتم تصنيف تونس من قبل المنتدى الاقتصادي العالمي كأحسن البلدان قدرة تنافسية على مستوى العالم العربي والقارة الافريقية…
 
كانت تلك قصة بلد حان لنا أن نعترف فيه كمعارضين بأن سنوات المنفى قد غيبت فيه الكثير عن فهم الحقائق الميدانية ومواكبة مايحدث فيه من تطورات توجب علينا أن نسر لها جميعا كتونسيين بقطع النظر عن المشارب والاختلافات.
 
اسمحوا لي سادتي بالقول صراحة بأن تونس اليوم ليست خرابا وليست ارم ذات ذات العماد التي لم يخلق مثلها في البلاد ,وانما هي بلد ناهض بحكومته وشعبه المبدع والخلاق,ومن الصدق والصراحة أن نثمن فيها كل هذه المنجزات بعيدا عن المنطق السياسوي العدمي,ولكن في غير غفلة عن أن ماينتظره أبناؤها هو مرحلة سياسية جديدة تدخل التونسيين مراحل اخرى من الانجاز ,وبلاشك فان ماينتظره التونسيون اليوم هو دخول البلد حقبة الاصلاح السياسي الشامل الذي يدخل اعلامها مرحلة عالم المنافسة الحرة والخاصة في كنف الشفافية المسؤولة بعيدا عن منطق الغش والتزييف والمساحيق ,هذا مع تأكيد واضح وجلي على مصطلح الاصلاح السياسي الذي يقصد من ورائه غلق ملف الاعتقال السياسي نهائيا واطلاق سراح من تبقى من سجناء الرأي مع الحاح على ضرورة تسوية وضع كل من اطلق سراحه في السنوات الخوالي وذلك عبر تعويض معقول يشجع هؤلاء على اعادة الاندماج في المجتمع واستعادة كثير من حقوقهم الضائعة ويندرج تحت هذا الاطار اعادة تأهيل هؤلاء السجناء السابقين والتعويض لهم في اطار مادي مقبول يراعي امكانيات الدولة التونسية ,مع حرص على استكمال هذه الخطوة باطار قانوني أشمل يخول اللاجئين السياسيين التونسيين العودة الى أوطانهم للمساهمة في مسيرة البناء والنهوض والاعمار.
 
هذه بعض المقدمات التي ينبغي أن تشفع بروح المسؤولية من الطرف المعارض وخاصة الاسلامي منه وذلك عبر القبول بالعودة الهادئة والمتدرجة للفضاء العام بعيدا عن الطموحات السياسية الجامحة أو التحالفات أو التكتلات التي من شانها أن تشعر القائمين على الأمر أو النخب بتجدد مناخات المنافسة القديمة التي كانت سببا وراء تقويض التوازنات السياسية الكبرى للبلاد.
 
أما عن النهج السياسي الذي أطمح أن اراه مستقبلا ساري العمل في مستوى تعامل الاسلاميين المعتدلين مع الدولة والحكم فهو صراحة المساندة النقدية بدل المعارضة الباحثة فقط عن العورات, ولعلني أكون واضحا في هذا الشأن حتى لايحدث في تفكير البعض أي التباس بأنني قررت منذ فترة أن اختار هذا النهج من منطلق أن مخلفات الحرب السادسة زادت من قناعاتي بأن الكل موضوع في سلة واحدة وأن التحدي الذي تمر به تونس كجزء من الأمة يحتم على التيار الوطني الاسلامي الوسطي أن يضع يده مع كل الوطنيين والرسميين من أجل دعم عرى الجبهة الداخلية في مواجهة التحديات العالمية التي لاتفرق بين حاكم ومحكوم وبين رسمي أو معارض,في مقابل أن تسارع الدولة التونسية الى معالجة الملفات المذكورة بعيدا عن حزازيات الماضي وعقده البائسة.
 
لابد أن ينصرف التفكير اليوم الى الكف عن صراعات الماضي واتخاذ قرارات شجاعة في ذلك ولازلت للمرة الألف أراهن على قدرة الرئيس بن علي ,على  الانجاز في هذا الاطار ,وهو الذي استطاع أن يحقق نجاحات في اصعدة شتى لابد أن نفخر بها كتونسيين ,ولابد أن نساعده ونساعد الحكومة والحزب الحاكم على الحفاظ عليها وتنميتها بعيدا عن منطق الانتصار للذات والطموحات السياسية الجامحة على حساب عنصر الوحدة الوطنية وعامل الاستقرار الذي تنعم به تونس في ظل مناخ دولي حساس يتسم في كثير من مراحله بالهزات والأزمات .
 
وعلى طريق أن أقفل هذا القوس الذي اضطررت اليه في مقام مالاحظته من تلذذ البعض ببيان كل ماهو سلبي وسيء في حياتنا العامة,دون الاقرار بمنجزات وطننا جميعا نحن معشر التونسين,فانني أود أن أجدد النداء للمسؤول الأول للدولة التونسية والى كل من يساعده في تسيير شؤون البلاد من رجالات حكم بأن تصالح السلطة مع هوية البلاد بعيدا عن التشنج في التعاطي مع قضية الحجاب أو غيرها من مظاهر التدين الفردي أو المجتمعي من شأنه أن يعزز مكانة القائمين عليها وصورتهم في الداخل والخارج ومن شأنه أن يدفع بشرائح واسعة من المعبئين بقيم الايديولوجيا الرافضة الى الشعور بطمأنينة رعاية الدولة لمقدسات البلاد وقيم الشعب الذي يرفع بلا شك من مقام ومكانة كل من رفعها.
 
(*) لمراسلة كاتب المقال يرجى الاتصال به على   reporteur2005@yahoo.de
 
(المصدر: صحيفة “الوسط التونسية” الالكترونية بتاريخ 28 سبتمبر 2006)

 

 


 

بعد أربع سنوات عن “تحريره”: وجود العراق في خطر

 

أحمد نجيب الشابي

 

التقرير المرسل من البنتاغون إلى الكنغرس الأمريكي، موفى أوت المنقضي، يرسم صورة قاتمة عن العراق في السنة الرابعة من “تحريره”. فالبطالة تعصف بأعداد غير معروفة من العراقيين، تقدرها الدوائر الحكومية بـ 18 بالمائة مضاف إليها 34 بالمائة من شبه العاطلين (sous emploi) بينما تقدر دوائر أخرى نسبة البطالة بما بين 50 إلى 60 بالمائة من قوة العمل العراقية. أما التضخم (غلاء المعيشة) فقد بلغت نسبته 52،5 بالمائة في الفترة مابين جوان 2005 وجوان 2006.

 

وفي ميدان الخدمات العامة، لا يزيد المعدل الوطني لاشتغال الطاقة الكهربائية عن الأربعة عشر ساعة في اليوم وينزل المعدل في العاصمة بغداد إلى ثمان ساعات فقط. أما أسعار البترول فقد وقع الترفيع فيها، الشهر الماضي، إلى مستواياتها في المملكة العربية السعودية … والكويت، وذلك نزولا عند رغبة صندوق النقد الدولي. وعجزت الحكومة حتى اليوم عن تلبية حاجيات العراق من هذه المادة الحيوية التي يزخر بها ترابه الوطني متسببة بذلك في انتشار السوق السوداء والتهاب أسعارها واستشراء الجريمة المنظمة والفساد الإداري. ويذكر أن البترول يشكل ثلثي الناتج الداخلي الخام في العراق اليوم. أما الدخل الفردي فلا يتجاوز في ثاني بلد نفطي في العالم 635 1 دولارا أمريكيا بينما يصل مستواه إلى 800 2 دولار في تونس . أما الفقر، فيقدر برنامج الأمم المتحدة للغذاء أن 15،4 بالمائة من العراقيين تنقصهم التغذية المواتية وأن أكثر من ربع الأطفال (25،9 بالمائة) مصابين في بنيتهم الجسدية بسبب سوء التغذية. ويكتفي تقرير البنتاغون بمجرد الإشارة إلى الفساد في الإدارة والحال أن الولاءات الطائفية والحزبية قضت تماما على أجهزة الإدارة العراقية وعلى تقاليدها لتحل محلها عصابات مسلحة ذات ولاءات مذهبية وعشائرية تقتسم فيما بينها عائدات النفط وتنظم ترويجه في السوق السوداء داخليا وخارجيا وتقدر السرقات في أجهزة الحكومة العراقية بمليارات الدولارات، حسب التهم المتبادلة بين الوزراء أنفسهم.

 

وبالمقابل تمكنت سلطات الاحتلال، بالرغم من تدهور الأوضاع الأمنية، من تأمين إنتاج 2،2 مليون برميل من النفط يوميا يصدر منها مليون وستمائة ألف برميل. ولا غرو في ذلك فالديون التي أثقل بها العراق بلغت 125 مليار دولا أو ما يضاهي خمس مرات حجم الناتج الداخلي الخام للعراق بأسعار سنة 2004 دون احتساب التعويضات المترتبة عن الحرب والتي تبلغ وحدها 32 مليار دولار و تستغرق 5 بالمائة من عائدات العراق النفطية سنويا. ويذكر أن نادي باريس، عدا روسيا، خفض 34،2 مليار دولار من الدين العراقي الإجمالي فيما لم تسعف دول الخليج العربية شقيقتها العراق بأي نوع من التخفيض ويصل حجم الدين العراقي إزاءها 45 مليار دولار.

 

أما الوضع الأمني فيزيد المشهد قتامة. وكانت سلطات الاحتلال ادعت أن عملية استعادة الأمن في بغداد خفضت من عدد العمليات والإصابات في شهر أوت المنقضي إلى النصف بعد أن بلغت، في شهر جويلية 2006، ذروتها منذ بداية الحرب. لكن الصحف الأمريكية (صحيفة فيلادلفيا انكواير) كشفت بتاريخ 12 سبتمبر الجاري أن إحصائيات الجيش الأمريكي استثنت من عدد القتلى أولائك الذين قتلوا بالقنابل والقذائف المدفعية والسيارات المفخخة مكتفية باحتساب المقتولين رميا بالرصاص أو تحت التعذيب أو المغتالين من قبل “فرق الموت” وقد تضاربت هذه الإحصائيات مع العدد الذي أعلن عنه وزير الصحة العراقي والذي بلغ 536 1 قتيلا في شهر أوت وهو عدد يضاهي عدد القتلى في شهر جويلية. ويذكر في هذا المجال أن مدير مشرحة بغداد، فائق بكر، اختار اللجوء قبل عام إلى الأردن هروبا من الضغوطات المسلطة عليه قصد حمله على إخفاء العدد الحقيقي للقتلى. ويعترف تقرير البنتاغون إلى الكنغرس بأن عملية استعادة الأمن في بغداد (عملية “معا إلى الأمام”) لم تعكس تيار العمليات الحربية وإنما أوقفتها في معدلها السابق (23،7 عملية يوميا في بغداد وحدها وكان معدلها في شهر جويلية 23،8 عملية). كما يعترف التقرير بأن انهيار الأمن أدى إلى احتماء السكان بالمليشيات المختلفة التي تؤمن لهم الأمن والخدمات الاجتماعية وبأن معاني سيادة القانون قد انهارت وأن عددا كبيرا من القضاة باتوا يخافون على أنفسهم من تهديدات المسلحين بالرغم من تأمين الحماية لهم من قبل قوات الاحتلال وإسكان البعض منهم داخل “المنطقة الخضراء”.

 

أما مجال الحريات، ودون التعريج على ما يلاقيه المعتقلون من ألوان التعذيب على أيدي قوات الاحتلال وقوات الجيش والشرطة المتعاونة معها ودون التعرض أيضا إلى عمليات الاغتصاب البشعة التي تمارس على المواطنات العراقيات فإن السجون العراقية التابعة لوزارة العدل تغص بالمساجين رغم بناء سجون جديدة، ويقدر عدد الأسرة الإضافية الضرورية لإيواء المحكوم عليهم وحدهم بـ 000 24 سرير فيما تحتفظ وزارتا الداخلية والدفاع بما بين 2000 إلى 000 10 “معتقل أمني” ويصل عدد المعتقلين لدى قوات التحالف 388 12معتقلا وجميع هؤلاء ينتظرون توجيه التهمة إليهم منذ مدة طويلة.

 

وعلى الرغم من أن عدد القتلى العراقيين جراء العنف الطائفي قد زاد بنسبة 51 بالمائة منذ الاعتداء على مسجد الإمامين بسمراء في شهر ماي الماضي، فإن الهجمات على المدنيين مثلت 15 بالمائة من جملة العمليات العسكرية فيما ضلت الهجمات على قوات الاحتلال تمثل 63 بالمائة منها أما البقية فموجهة إلى قوات الجيش والشرطة العراقية المتعاونة مع الاحتلال. وتجري أغلب العمليات في أربع محافظات (الأنبار وديالة وصلاح الدين وبغداد) وتستأثر بغداد وحدها بـ 55 بالمائة من جملة العمليات. أما في الجنوب فإن معظم العمليات تدور بين الفرق المحلية المتناحرة أو بين الجماعات الشيعية (فرقة بدر وجيش المهدي) و بعض الجماعات السنية (القاعدة، أنصار الإسلام، الخ..) ، وقليل من العمليات توجه إلى قوات الاحتلال.

 

هذه بعض الملامح من حالة العذاب الذي يعيشه المواطنون في العراق “المحرر” والتي يستعصي وصفها على أي تقرير أو كتاب لأن الكلمات، وحتى الصورة والصوت، تعجز عن نقل حقيقة الدمار وعمق الخراب الذي نال البشر قبل الحجر. فهل من حل في الأفق؟ انعقد الشهر المنقضي في الولايات المتحدة الأمريكية ملتقى ضم خبراء عسكريين و مفكرين استراتيجيين وأكاديميين مختصين في شؤون الشرق الأوسط وكتابا محافظين ليجيبوا عن سؤالين: هل نحن بصدد الانتصار في العراق؟ وفي صورة النفي، كيف يمكننا أن ننتصر؟

 

ومما أجمع عليه المشاركون في الملتقى وتجمع عليه كافة المقالات المنشورة هذه الأيام في الصحافة الأمريكية أن الولايات المتحدة لم تنتصر في حربها على العراق. ولعل آخر ما يدل على ذلك خروج محافظة الأنبار، وهي منطقة شاسعة تحدها السعودية والأردن وسوريا، عن سيطرة الجيش الأمريكي حسب آخر تقرير سري للاستخبارات العسكرية الأمريكية نشرت مضمونه صحيفة واشنطن بوسط الأسبوع المنقضي. و يتعزز هذا الجواب السلبي أيضا بارتفاع عدد العمليات العسكرية الأسبوعية بنسبة 15 بالمائة منذ انتصاب حكومة نوري المالكي. ومما يزيد الوضع خطورة وتعقدا أن الميليشيات الشيعية (بدر وجيش المهدي) التي يقوم عليها الائتلاف الحاكم (ثلاثين مقعدا في البرلمان لكل واحد منهما إضافة إلى حصتهما من الحقائب الحكومية) قد وسعت من نفوذها عبر مؤسسات الدولة التي تسللت إليها بموجب المحاصصة الطائفية ومن خارجها مستغلة في ذلك الفراغ الأمني ومستفيدة من التمويل والتسليح الإيرانيين الذين ينسابان عبر الحدود الجنوبية. وفي الآونة الأخيرة بدأت فصائل من جيش المهدي تدخل في مواجهات مع قوات الاحتلال، متظاهرة بمخالفة توجيهات زعيمها الروحي مقتدى الصدر. وتتعزز الخشية الأمريكية من هذه التطورات مع تفاقم الأزمة بين الولايات المتحدة وإيران حول الملف النووي الإيراني.

 

أما عن السؤال الثاني، كيف ننتصر إذن؟، فقد تفرقت الآراء بين مناد بالحل السياسي و بين مطالب بتعزيز الوجود العسكري الأمريكي في العراق بقوات إضافية ومحرض على توجيه ضربة إلى إيران. ولعل أبلغ من عبر عن هذا الرأي الصحافيان وليام كرستل وريش لوري اللذان كتبا في الواشنطن بوسط ليوم 12 سبتمبر الجاري قائلين “أن الزيادة في عدد القوات الأمريكية سوف يزيد من حظوظنا في كسب معركة حاسمة في وقت حاسم” واستشهدا بالخبير وليام ستونتز الأستاذ بمعهد هارفارد للقانون الذي قال ” إن الأرض التي نحارب عليها من أكثر المناطق أهمية استراتيجية في العالم. والانتصار هناك سيضع أخطر نظام على وجه المعمورة، النظام التيوقراطي الفاشيستي في إيران، في وضع هلاك مؤكد. أما هزيمتنا فسوف تمنح ذلك النظام قوة لا تتصور. فإذا وجدت أدنى إمكانية لتقوية حظوظ انتصارنا بإرسال قوات إضافية على الأرض فإن عدم إرسال هؤلاء الجنود إلى تلك الأرض يمثل جريمة “.

 

وخلافا للصقور في البيت الأبيض وفي صفوف المحافظين الجدد، يرى الحمائم بين النخب السياسية والإعلامية الأمريكية أن سياسة الهروب إلى الأمام والتفكير في قصف إيران بالقنابل لن تحل المشكل بل سوف تزيده تعقيدا لأن من شأنها أن تلهب موجة من المشاعر القومية التي يمكن للنظام في إيران أن يستفيد منها للتغلب على عزلته الداخلية، وأن ذلك القصف حتى لو أصاب هدفه فهو لن يعطل المشروع النووي الإيراني سوى لسنوات قليلة لا تزيد عن الثلاث، ويقترحون بدلا عن ذلك أن يعرض على إيران “النموذج الياباني” القائم على تطوير قدرات نووية تصل حد صنع قنبلة في غضون أسابيع دون الحق في تجربتها أو تخزينها ( نيكولا د كريستوف في النيويورك تايمز بتاريخ 12 سبتمبر).

 

لكن الحمائم يقرون أنفسهم بحدود الحل السياسي في العراق فلا يمكن للولايات المتحدة أن تتفرج على بناء قوة موالية لإيران في العراق في شكل “حزب الله” جديد من جهة و أعضاء مجلس الشيوخ من الديمقراطيين يدركون من جهة أخرى وهم يواجهون استحقاقا انتخابيا في الأفق “بأن هناك طرقا غير شعبية لإنهاء حرب غير شعبية ” وبأن الرئيس بوش ليس اليوم إزاء لحظة كتلك التي واجهها الرئيس الأسبق أيزنهاور حينما امتطى طائرته العسكرية لتفقد حالة القوات في الميدان وقرر على إثرها إنهاء الحرب الكورية بعد أن أدرك بأن الانتصار فيها مستحيل( جورج ف ويل، الواشنطن بوسط بتاريخ 3 سبتمبر).

 

العراق إذن في مأزق يواجه أخطار التفكك الطائفي في الجنوب والوسط وأخطار التفكك الإثني في الشمال بعد أن غرق شعبه في بحر من الدماء وتعطلت مسيرته الإنمائية وبات شعبا منكوبا بأتم معنى الكلمة. والولايات المتحدة الأمريكية من جهتها في مأزق: المقاومة للاحتلال تتزايد ولا أفق لهزمها حتى أن قائد قواتها في الأنبار الجنرال رتشارد زيملر أقر بذلك ضمنا في تصريح له إلى الواشنطن بوسط بتاريخ 13 سببتمبر، والميليشيات الشيعية عززت قدراتها ووسعت من دائرة نفوذها فيما انحصر نفوذ حكومة نوري المالكي داخل المنطقة الخضراء أو يكاد وعجزت على تأمين الأمن فضلا عن تأمين الخدمات الاجتماعية الأولية. ومن جهتها تهدد الطموحات الإقليمية الإيرانية النفوذ الأمريكي في منطقة حساسة تحتوي على ثلثي المخزون البترولي في العالم في وقت يتزايد عليه الطلب فيما تتعاظم المصاعب في أفغانستان حيث صرح قائد القوات البريطانية فيها بأن ” القتال هناك أشد مما هو عليه في العراق” وتؤيد الأرقام هذا التقدير إذ فاق، منذ بداية سنة 2006، عدد القتلي في صفوف قوات الحلف الأطلسي المرابطة في أفغانستان عددهم في صفوف قوات التحالف في العراق، حسب صحيفة نيويورك تايمز ليوم 11سبتمبر الجاري. ولا يبدو أن سياسة الهروب إلى الأمام مجدية في مواجهة هذه التحديات والمصاعب بالرغم من صعوبة الحل السياسي حاليا.

 

إن انتصار دولة عظمى كالولايات المتحدة على دولة نامية كالعراق أمر ميسور لكن الولايات المتحدة أساءت تقدير نتائج هذه الحرب بسبب سوء تقديرها للوضع في المنطقة من حيث التركيبة السكانية والبنية الثقافية ومطامح شعوبها. واليوم وبعد أن ثبت بالتجربة أن الديمقراطية لا يمكن أن تصدر على ظهر الدبابات وبعد أن برأ الكنغرس الأمريكي ذاته النظام العراقي من تهمتي امتلاك أسلحة الدمار الشامل وإقامة علاقة مع تنظيم القاعدة، وهي الذريعة التي تعللت بها الإدارة الحالية لشن حربها على العراق، فإن الولايات المتحدة الأمريكية تواجه أحد احتمالين: إما الجنوح إلى حل سلمي، تحت إشراف الأمم المتحدة، قائم على التفاوض مع كل الفرقاء العراقيين دون استثناء ليشكلوا حكومة إنقاذ وطني تتولى إدارة شؤون البلاد بعد سحب قوات الاحتلال منها أو توسيع رقعة المواجهة مع الطائفة الشيعية ومع إيران وهو ما من شأنه أن يعفن الوضع في العراق ويعرض هذا البلد العريق إلى أخطار التفكك والانقسام فضلا عن توسيع دائرة العنف إلى دول الجوار وتهديد الاستقرار في منطقة حساسة من العالم وتعريض القوات الأمريكية إلى هزيمة لا مفر منها .

 

وكثير من الأمريكيين يدركون هذه الأخطار التي عبر عنها مؤخرا المعلق الصحفي نيكولا د كريستوف في النيويورك تايمز قائلا أن ” ما يفترض فينا أن نكون قد تعلمناه من العراق ولبنان هو أن الحل العسكري يمكن أن يتركنا في وضعية أسوء من تلك التي كنا عليها” ولكن القرار في هذه المسألة لا زال بيد إدارة الرئيس بوش ويتوقف إلى حد كبير على نتائج الانتخابات النصفية للخريف القادم في الولايات المتحدة، بعد أن استقالت الدول العربية بالكامل وضلت شعوبها تتفرج على إزالة واحدة من أهم الدول العربية من حيث الثقل الاستراتيجي والمكانة التاريخية في الوجدان الجمعي. ومما تفرضه هذه التطورات الدرامية على النخب العربية الحاملة للواء الإصلاح في بلدانها أن تتأمل، بكل عمق وبعيدا عن كل انغلاق، في علاقة هذا الإصلاح الحيوي بمسألة الحفاظ على الاستقلال الوطني على اعتبار أن الديمقراطية تعني فعلا الحرية والأمن والاستقرار للأوطان وليست وسيلة إيديولوجية بأيدي بعض النخب لتثمين الذات والتماهي مع الآخر.

 

(المصدر: موقع pdpinfo.org نقلا عن صحيفة “الموقف”، العدد  374بتاريخ 22 سبتمبر 2006)


 

القدومي لـ”الموقف”:

عناد “حماس” و”فتح” سيقود إلى صراع دموي بين الفصائل

 

انتقد رئيس الدائرة السياسية لمنظمة التحرير أمين سر حركة “فتح” فاروق قدومي (أبو اللطف) بشدة حركتي “حماس” و”فتح” مُحذرا من أن “عنادهما سيقود إلى صراع دموي بين الفصائل”. واتهم الذين يقودون المفاوضات بين الحركتين بكونهم “لا يرغبون في الوصول إلى اتفاق بين جميع الأطراف وخاصة بين “حماس” و”فتح”.

 

وأكد في حديث ل”الموقف” أن إعادة تشكيل المجلس الوطني الفلسطيني وصلت إلى مراحلها الأخيرة وأن المجلس الجديد سيتألف من 350 عضوا يمثلون جميع الفصائل من دون استثناء مع منح 40 في المئة من المقاعد لشخصيات مستقلة ومنظمات شعبية. يُذكر أن حركتي “حماس” و”الجهاد الإسلامي” غير منتميتين للمنظمة التي أنشئت في سنة 1964.

 

–   هل هناك أسباب سياسية وراء إرجاء زيارة أبو مازن لغزة؟

 

*ليست هناك أسباب سياسية، لكن يبدو أن الذين يقودون هذه المفاوضات (بين “فتح” و”حماس”) لا يتحلون بالرغبة في الوصول إلى اتفاق بين جميع الأطراف وخاصة “حماس” و”فتح”. يجب أن تعلم “حماس” أن دخولها الإنتحابات التي انبنت على أساس اتفاقات أوسلو، هي اعتراف بأوسلو وليس بجزء منه، وفي الوقت نفسه لابد لها أن تنظر بعين المصلحة الوطنية إلى الظروف التي أحاطت بنجاحها في الإنتخابات وما نتج عن ذلك من فرض حصار مالي على الشعب الفلسطيني. كما لابد للطرف الآخر أن يتحلى بالرؤية الوطنية التي تسمح بالتوصل إلى وفاق وطني طبقا لوثيقة الأسرى من دون إيجاد أسباب أو شروط أخرى. إن هذا العناد الذي يتمسك به الطرفان سيضر بالقضية الفلسطينية ويقود في النهاية إلى صراع دموي بين الفصائل، وهذا يريح العدو الإسرائيلي من التفكير في تقديم التنازلات بعدما أصيب بهزيمة في حرب لبنان.

 

–   كيف تُوجه هذا النقد للتنظيم الذي تقوده والذي تتبوأ منصب أمين سر لجنته المركزية؟

 

* هناك في “فتح” منابر عديدة ومختلفة، فنحن خارج منبر أوسلو ولذلك بقينا في الخارج ولم نقم بأي اتصالات مع اسرائيل أو أميركا لأننا نعرف أنهما متحالفتان ولهما سياسة تقوم على استمرار الإحتلال وضم الأراضي الفلسطينية، وعليه فنحن أبرياء من تلك الخطوط التي تُميَع القضية وتعبث بالمصالح الحيوية لشعبنا الفلسطيني.

 

كل ذلك يبدو وكأنه للعودة إلى السلطة مرة أخرى. ومع الأسف يقابله الطرف الآخر الذي فاز في الإنتخابات فيتمسك بالسلطة بدوره وقد أوقف المقاومة منذ أكثر من سنة ونصف السنة، فالطرفان لاتهمهما سوى مصالحهما، وهذا أمر يجعل الشعب الفلسطيني لا يجد من يُعنى بمصالحه. ومادام الأمر كذلك فعلى الشعب أن يطالب بإسقاط السلطة الوطنية لكي تتحمل اسرائيل مسؤولية إعاشة الفلسطينيين الذين مازالوا تحت نير احتلالها. واسرائيل دولة عنصرية لا تسحب قواتها إلا بالمقاومة المسلحة وكل من يستنكف عن الممارسة اليومية لتلك المقاومة يعطي المزيد من الزمن ليبقى الإحتلال جاثما على الأرض الفلسطينية.

 

–   هل أن قرار المحكمة الإسرائيلية رفض الإفراج عن نواب “حماس” ووزرائها يرمي للضغط من أجل شل قدرتها على المقاومة المسلحة؟

 

* اسرائيل لا تريد السلام وأميركا تدعمها في هذه السياسة ولذلك لا نستغرب أن تعتقل وزراء ما يُقال له “السلطة الفلسطينية”، فهي سلطة محلية أشبه ما تكون ببلدية كبرى مجردة من الصلاحيات طبقا لاتفاقات أوسلو. ولهذا السبب ندعو الأطراف المتخاصمة لوقف الخصام والوعي بدورها والعودة إلى المقاومة المسلحة أيا كانت بسيطة وقليلة الإمكانات، فاسرائيل تعيش حالة من الفوضى والإضطراب وعلينا أن نغتنم هذه الفرصة لنجبرها على الإنسحاب من الأراضي الفلسطينية والعربية المحتلة. والمقاومة اللبنانية قدمت لنا أرباحا مهمة بهزيمتها لأربعين ألف جندي اسرائيلي وقصفها المستمر الشمال الفلسطيني المحتل والمناطق المجاورة طيلة الحرب، ولذلك أكرر السؤال: إلى متى هذا الخصام بين الأطراف الفلسطينية؟

 

–   هل تشاطر المبادرة التي أطلقها رئيس الوزراء هنية عندما عرض على اسرائيل هدنة على مدى عشر سنوات؟

 

* الهدنات التي تبشر بها “حماس” لا تؤدي سوى لهدر الوقت، إذ يستثمرها الإسرائيليون لتوطيد الإحتلال، وهنا أحيي حركة “الجهاد الإسلامي” التي استمرت في كفاحها المسلح وأكبرُ فيها رفضها اتفاقات أوسلو وانتخاباتها. كم مرة جربنا الهدنات فكانت وبالا علينا إذ اغتيل المناضل صلاح شحادة أثناء إحدى الهدنات في حي الدرج ومن بعده اسماعيل أبو شنب ثم أبو علي مصطفى، واعتُقل أيضا عبد الرحيم ملوح وأحمد سعدات ومروان برغوثي وسواهم. وقبل ذلك استُشهد خلال الهدنة الثانية التي أطلق عليها “التهدئة” 87 مناضلا خلال 51 يوما.

 

–   هل ستقود وفد “فتح” إلى اجتماع قادة الفصائل المقرر عقده قريبا في دمشق؟

 

* بلى، لكن بلغني أن هناك أطرافا تريد التأجيل من دون إبداء السبب، ويبدو أنهم يدَعون أن الأوضاع الداخلية للفصائل لا تسمح بذلك لأنها لم تتوصل إلى اتفاق على تشكيل حكومة وطنية، وهذا يدعو للتساؤل : إلى متى سنرجئ بناء منظمة التحرير؟ لذلك سنجري حوارا مع الإخوة في الفصائل لتحديد موعد جديد لكنه قريب لإكمال هذه المهمة الحيوية، ونحن في سبيلنا لدعوة المجلس الوطني للإجتماع بجميع الفصائل ومن ضمنه 40 في المائة من القوى الوطنية المستقلة.

 

–   تقصد شخصيات مستقلة؟

 

* شخصيات ومنظمات شعبية.

 

–   وهل أعطت جميع التنظيمات بما فيها “حماس” و”الجهاد” موافقتها؟

 

* جميع الفصائل بلا استثناء وقد شاركت في اللقاء الذي تم منذ ستة أشهر فنحن في الخارج ليست لدينا مشاكل كالتي توجد في الداخل، وكنا ننتظر مشاركة الإخوة في الداخل معنا ليكتمل العدد المطلوب ونعرف أعضاء المجلس الوطني.

 

–   كم سيكون العدد؟

 

* في حدود 350 عضوا.

 

–   والمكان؟

 

* أعتقد أنه متوافر فالمشكلة ليست هنا.

 

–   إلى أين وصل الإعداد للمؤتمر العام ل”فتح”؟

 

* قررت اللجنة المركزية أن يوم 30 نوفمبر المقبل هو الحد الأقصى للإنتهاء من إحصاء الأعضاء الحقيقيين في الحركة كي يتم انتخاب أعضاء المؤتمر في جميع المستويات. وخلال فترة شهرين لابد من تحديد تاريخ المؤتمر ومكانه، وإذا لم يتم ذلك سنعمل على استكمال أعضاء اللجنة المركزية قبل نهاية العام.

 

–   بالتعيين؟

 

* نعم، والأخ أبو ماهر (محمد غنيم مسؤول التعبئة والتنظيم المقيم في تونس) يقوم بهذه المسؤولية كما أن الأخ هاني الحسن يؤدي هذه المسؤولية في الداخل.

 

أجرى الحوار رشيد خشانة

 

(المصدر: موقع

pdpinfo.org نقلا عن صحيفة “الموقف”، العدد  374بتاريخ 22 سبتمبر 2006)

 

قصيدة نشرتها الاسرة العربية التي تنطق باسم الاخوان المسلمين عنوانها ـ مع المسحراتي حسن نصر الله ـ كتبها احمد جعفر من مدينة السادات بمحافظة المنوفية يقول فيها:
رمضان جهاد اصحا يا نايم ووحد الحي الدايم اصحا يا نايم انا قبل كدا جيت صحيتكم وانا النهاردة باصحيكم فاكريني ولا ناسييني اوعوا الليالي تنسيكم اصحا يا نايم انا حسن نصر الله يا ناس ان كان نسيتوا افكركم ما زلت جندي في حزب الله ومسحراتي باسحركم اصحا يا نايم عايزين تصلوا صلاة العيد في القدس وتصلوا جماعة دا مش بعيد بس اصحوا بقي واتحدوا من تلك الساعة اصحا يا نايم بالوحدة ياما هزمنا غزاة وطردنا بقي كام مستعمر واليوم باصحيكم وباقول بالوحدة ارضنا تتحرر اصحا يا نايم
القدس العربي 29-9-2006


Home – Accueil الرئيسية

Lire aussi ces articles

12 juillet 2008

Home – Accueil     TUNISNEWS  8 ème année,N° 2972 du 12.07.2008 archives : www.tunisnews.net Liberté et Equité: lettre de parents de

En savoir plus +

13 septembre 2007

Home – Accueil – الرئيسية TUNISNEWS 8 ème année, N° 2669 du13.09.2007  archives : www.tunisnews.net L’Audace: La plume déchainée: Ben Ali,

En savoir plus +

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.