الجمعة، 21 نوفمبر 2008

Home – Accueil

 

TUNISNEWS

8 ème année, N° 3104 du 21 .11.2008

 archives : www.tunisnews.net


حــرية و إنـصاف: أخبار الحريات في تونس

الجمعية الدولية: لمساندة المساجين السياسيين:ضحية جديدة لسياسة القتل البطيء.. :أبو بكر كريشان في ذمة الله..!

الجمعية الدولية: لمساندة المساجين السياسيين:احتجاز الصادق شورو  7 ساعات : متى يتوقف الاضطهاد ..؟ !

حــرية و إنـصاف: اعتقال الرئيس السابق لحركة النهضة

السبيل أونلاين: عاجل:منطقة بن عروس تحتجز الدكتور الصادق شرور يوما كاملا

الجمعية الدولية: لمساندة المساجين السياسيين:من جديد : سياسة التجويع على نطاق واسع..!

حــرية و إنـصاف:حملة لنزع الحجاب.. يوم الجمعة .. في محيط جامع الزيتونة المعمور

ايلاف:تونس: أحكام متفاوتة بحق متهمين في الإرهاب

موقع البشائر: البشاير  » تتبنى قضية « المهمشون « فى تونس وتدعو الامم المتحدة التدخل لاعادتهم لوظائفهم

قدس برس: سجن تونسي سلتمه إيطاليا لتونس 11 عاما ومحاميه يؤكد عدم تقديم الادعاء لأدلة ضده

لجنة الدفاع عن المحجبات بتونس :كاتب عام كلية الطب بالمنستير يظهر عدوانية تجاه الطالبات المحجبات

قدس برس :موقع « ايلاف » الاليكتروني يعتذر للزعيم الإسلامي راشد الغنوشي ويعرض التعويض

الشيخ محمد الهادي الزمزمي: المغترب التونسي بين حقّ العودة المسلوب والعفو الرئاسي المكذوب!

المسلم الصغير: رؤية متواضعة حول مستقبل العلاقة مع النظام. (الجزء الثاني)

رياض الباجي، :الحركة الإسلامية في تونس: البعد الوطني

عبدالحميد العدّاسي:مجرّد حلم بقصر الرّئيس – المشهد الأوّل

نزار بن حسن: « خواطر الحريّة بعد أن زفّوا إليّ ما حصل لفريد »

آفاق: أيمن الرزقي: الممارسات « الهمجية » ضد قناة الحوار التونسي لن تزيدنا إلا إيمانا بنبل رسالتنا الإعلامية

بدر السلام الطرابلسي: عمار 404 وذراعه العنكبوتية الجديدة

كلمة:التكّاري يشنّ حملة على الحقوقيين

كلمة:من تحف صحافتنا: انتفاضة الحوض المنجمي

كلمة:تهديم البيوت، سياسة مؤسسات أم طغيان أفراد؟

البديـل عاجل: أخبــــــــــــــــــــــــــار

البديـل عاجل:في ذكرى اليوم العالمي للطلاب: كيف نحتفل اليوم بهذه الذكرى؟

الصباح: بمناسبة الذكرى الـ60 للإعلان العالمي لحقوق الإنسان: وزير العدل وحقوق الانسان يتحدث عن مخاطر توظيف حقوق الانسان

العرب الدولية : وزير تونسي: التوظيف السياسى خطر على حقوق الإنسان

د ب أ: العاهل الأسباني يستقبل رئيس الوزراء التونسي في مدريد

قنا: بحث التعاون التونسي الجزائري في مجال الطاقة

أ ش أ:مباحثات تونسية – جزائرية لدعم قدرة نقل الغاز إلى إيطاليا بنسبة 5ر6%

رويترز: نكهة فرنسية في افتتاح أيام السينما الاوروبية بتونس

ا ف ب: فيلم حول محرقة اليهود في افتتاح مهرجان « ايام السينما الاوروبية » في تونس

محمود البلطي: صور حزينة ومؤلمة

مصطفى عبدالله الونيسي: زيّـن أيّـامـك وجـدِّدهـا/ ج3

مصطفى الخلفي : حول التقارب اليساري الإسلامي بالمغرب

وليد نويهض: الإسلاميون ومأزق السياسة في مجال الممارسة

توفيق المديني: أزمة الكونغوو وتداعياتها الإقليمية والدولية


(Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe Windows (

(To readarabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows)


قائمة الموقعين على مبادرة حق العودة http://www.manfiyoun.net/list.html الرجاء من المقتنعين بهذه المبادرة إرسال الاسم وبلد الإقامة وسنة الخروج من تونس على البريد الالكتروني للمبادرة:

 manfiyoun@gmail.com


العنوان الوقتي لموقع مجلة ‘كلمة

http://kal.mediaturtle.com


أنقذوا حياة عبد اللطيف بوحجيلة أطلقوا سراح جميع المساجين السياسيين حــرية و إنـصاف 33 نهج المختار عطية 1001 تونس الهاتف / الفاكس : 71.340.860 البريد الإلكتروني :liberte.equite@gmail.com تونس في 22 ذو القعدة 1429 الموافق ل 20 نوفمبر 2008  

أخبار الحريات في تونس

 

 
1)    قيس بن سعيد يتعرض للمضايقة: تعرض السجين السياسي السابق السيد قيس بن سعيد اليوم الخميس 20/11/2008 إلى مضايقة من قبل رئيس مركز شرطة الجبل الأحمر أين يجبر على الإمضاء أسبوعيا في إطار التأويل التعسفي لقرار المراقبة الإدارية ، و قد تمثلت المضايقة في تدخل سافر من قبل رئيس مركز الشرطة المذكور في الشؤون العائلية الخاصة للسجين السياسي السابق حيث سأله عن علاقته بالقضية المنشورة بالمحكمة فأجابه السيد قيس بن سعيد بأنه طرف في قضية طلاق منشورة أمام المحكمة فما كان من رئيس المركز إلا أن تهجم عليه و طالبه بوجوب إخباره عن كل معلومة تخصه خصوصا الزواج و الطلاق ، فاعتبر السيد قيس بن سعيد ذلك تدخلا سافرا في حياته الشخصية و هدد بعدم الخضوع مستقبلا لهذه الطريقة المهينة من المراقبة الإدارية مفضلا العودة إلى السجن على الرضوخ لهذا التعسف. و حرية و إنصاف تندد بهذا التدخل السافر في الحياة الشخصية للسيد قيس بن سعيد و تدعو إلى رفع هذه المظلمة المسلطة على المساجين السياسيين السابقين. 2)    سارة الجميعي تمنع من الدراسة بسبب الحجاب: حرمت الطالبة سارة الجميعي ابنة السجين السياسي السابق السيد مصطفى الجميعي من حقها في مواصلة الدراسة و ذلك بسبب ارتدائها للحجاب ، فقد منعها مدير المعهد المذكور المدعو محمد جمال يوم 12/09/2008 أي يوم العودة المدرسية من الدخول إلى المعهد العالي لمهن التراث بعد أن رسمت بالسنة أولى زخرفة تراثية و تواصل هذا المنع إلى يومنا هذا ، و قد أعلمها كاتب عام المعهد أن المدير الذي اعتدى عليها في السابق بالسب و الشتم و الإهانة قرر تسليمها وثيقة تثبت لها حق تأجيل الترسيم حتى تتمكن في السنة المقبلة من الترسيم و لا تضيع عنها السنة الدراسية. و حرية و إنصاف تستغرب تواصل هذه الانتهاكات و التجاوزات الخطيرة التي تستهدف حرية اللباس و تطالب بوضع حد لها و تعويض الطالبة سارة الجميعي عن الخسارة الجسيمة التي تسبب لها فيها مدير المعهد المذكور. 3)    مروى هاشم تتعرض للمضايقة و المنع من دخول الكلية بسبب الحجاب: تعرضت عديد الطالبات المرسمات بكلية الطب بالمنستير و من بينهن الطالبة مروة هاشم ابنة الناشط الحقوقي السيد صالح هاشم إلى المضايقة بسبب ارتدائهن للحجاب ، فقد عمد كاتب عام الكلية إلى منعهن من الدخول إلى المؤسسة التعليمية ، و في حين دخلت بعض الطالبات اللواتي خضعن للقرارات التعسفية للكاتب العام مُنعت الأخريات من الدخول و حُرمن من حقهن في التعليم بسبب محاولة موظف لا مسؤول مصادرة حريتهن في اختيار اللباس. و حرية و إنصاف تدعو السلطة إلى وقف العمل بكل المناشير التي تتعارض مع دستور و قوانين البلاد و خصوصا منشور 108 الذي يتعارض مع حق دستوري و قانوني ألا و هو حق اختيار اللباس. عن المكتب التنفيذي للمنظمة الرئيس الأستاذ محمد النوري

  “ أطلقوا  سراح جميع المساجين السياسيين “   “الحرية للصحفي المنفي في وطنه عبدالله الزواري“ الجمعية الدولية  لمساندة المساجين السياسيين 43 نهج الجزيرة تونس e-mail: aispptunisie@yahoo.fr   تونس في 21 نوفمبر 2008

ضحية جديدة لسياسة القتل البطيء.. : أبو بكر كريشان في ذمة الله..!

   

..لا تزال قائمة ضحايا سياسة القتل البطيء مفتوحة.. فبعد ..عبد المجيد بن الطاهر و الهاشمي المكي و أحمد البوعزيزي والمنجي العياري .. انتقل إلى رحمة الله ، اليوم الجمعة 21 نوفمبر، السجين السياسي السابق  أبوبكر كريشان بعد صراع  مع سرطان الكتف في ظل مضايقات لا تنتهي و حرمان من أبسط الظروف المناسبة للعلاج ، و كان المرحوم قد  حوكم غيابيا  سنة 1991 و بقي بحالة فرار الى ان تم ايقافه سنة 2003  ثم أطلق سراحه بعد الحكم عليه بعدم سماع الدعوى  وسقوط الاحكام بالتقادم  ، و هو متزوج وله بنتان وولد  . و إذ تجدد الجمعية مطالبتها بفتح تحقيق فوري مستقل يحدد المسؤوليات في إصابة المساجين السياسيين بالأمراض الخطيرة و يحاسب المسؤولين عن منعهم من العلاج ..! ، فإنها تطالب بتمكين كل ضحايا السجن السياسي ممن عانوا التعذيب و سوء المعاملة و الإهمال الصحي ..من العلاج المجاني بما يوقف هذه المجزرة الحقيقية بحق خيرة شباب البلاد ..!   عن الجمعية الهيئـــــــة المديـــــــــــــرة  

“ أطلقوا  سراح جميع المساجين السياسيين “   “الحرية للصحفي المنفي في وطنه عبدالله الزواري“ الجمعية الدولية  لمساندة المساجين السياسيين نهج الجزيرة تونس 43 e-mail: aispptunisie@yahoo.fr تونس في 21 نوفمبر 2008

احتجاز الصادق شورو  7 ساعات : متى يتوقف الاضطهاد ..؟ !

 

لم يكد يمر أسبوعان على الإفراجعن السيد الصادق شورو ( الرئيس الأسبق لحركة النهضة ) حتى بدأ مسلسل المضايقات مؤكدا ما كان يخشاه كل الملاحظين  من تواصل سياسة القتل البطيء التي سلطت على مساجين العشريتين  عبر الحرمان من العمل و العلاج و استئناف الحياة الطبيعية .. فقد عمد أشخاص بالزي المدني ، يعتقد أنهم من البوليس السياسي إلى احتجاز السجين السياسي السابق الصادق شورو  ..منذ مغادرته السجن ، تعرض القيادي بحركة النهضة الإسلامية علي العريض للإحتجاز التعسفي بعد ظهر اليوم 01 نوفمبر 2008 ( من الثالثة و 20 د إلى السادسة و 30 د ) و لئن كان سبب الإحتجاز في أغلب المرات السابقة هو التنبيه عليه بالإمتناع عن النشاط السياسي و حضور التظاهرات الثقافية و الحقوقية ، فإن مبرر الإعتقال الأخير يؤكد الرغبة في الإضطهاد و اختلاق التعلات الواهية .. حيث زعم أعوان حرس المرور أن السيد علي العريض محل منشور تفتيش يعود إلى .. بداية التسعينات .. !، و الحال أنه من المتعارف عليه أن  » مناشير كف تفتيش  » تصدر مباشرة بمجرد إيقاف الشخص المفتش عنه .. و إذ تطالب الجمعية بوقف اضطهاد السجين السياسي السابق و القيادي بحركة النهضة السيد علي العريض و تعتبر ذلك إمعانا في انتهاك حقوق السجناء السياسيين المسرحين المكفولة بالدستور و المواثيق الدولية و قوانين البلاد فإنها تجدد الدعوة للتخلي عن تغليب التعامل الأمني مع المعارضة السياسية و للجم البوليس السياسي و كف يده عن حقوق الناس و حرياتهم .. !  عن لجنة السجناء المسرحين رئيس الجمعية الأستاذة سعيدة العكرمي


أنقذوا حياة عبد اللطيف بوحجيلة أطلقوا سراح جميع المساجين السياسيين حــرية و إنـصاف 33 نهج المختار عطية 1001 تونس الهاتف / الفاكس : 71.340.860 البريد الإلكتروني :liberte.equite@gmail.com تونس في 23 ذو القعدة 1429 الموافق ل 21 نوفمبر 2008

 اعتقال الرئيس السابق لحركة النهضة

 

أقدم عدد من أعوان البوليس السياسي التابعين لمنطقة الشرطة ببن عروس حوالي الساعة التاسعة من صباح اليوم الجمعة 21/11/2008 على اعتقال السجين السياسي السابق الدكتور الصادق شورو الرئيس السابق لحركة النهضة دون الاستظهار باستدعاء كتابي و اقتادوه إلى المنطقة المذكورة أين استجوب من قبل فريق من أعوان إدارة أمن الدولة حول التصريحات التي أدلى بها لموقع  » اسلام أون لاين  » إثر الإفراج عنه يوم 05/11/2008 و كذلك حول مأدبة العشاء التي سيقيمها يوم السبت 22/11/2008 بمناسبة إطلاق سراحه من السجن بمنزله الكائن بضاحية مرناق و طلبوا منه الالتزام بعدم النشاط السياسي و عدم تنظيم العشاء فرفض الإمضاء ، و تمسك الدكتور الصادق شورو بحقه في حرية التعبير و الإدلاء بالتصريحات الصحفية و حقه في التنظم و ذكّر بأن حركة النهضة قدمت طلبا للحصول على التأشيرة للعمل العلني في إطار القانون و أن من حقه استضافة من يريد إلى منزله و أنه لا يستطيع منع من جاء لتهنئته، و قد استغرق الاستجواب حوالي النصف ساعة. ثم تُرك موقوفا إلى حدود الساعة السادسة مساء دون استجواب قبل أن يوجه إليه نائب رئيس منطقة الشرطة ببن عروس تنبيها بعدم استدعاء أعضاء هيئة 18 أكتوبر للحقوق و الحريات و أنه يعتبر مأدبة العشاء اجتماعا غير مرخص فيه فتمسك الدكتور الصادق شورو بحقه في تنظيم هذه المأدبة، و أطلق سراحه على الساعة السابعة من مساء اليوم الجمعة 21/11/2008.

و حرية و إنصاف

1) تندد باعتقال الدكتور الصادق شورو و بالضغوطات التي مورست عليه لحرمانه من حقه في التعبير و الاندماج في المجتمع باستقبال المهنئين بكل حرية في منزله و تعتبرها محاولة لعزله بعد سجنه. 2) تعتبر هذا السلوك استمرارا في سياسة التضييق على المسرحين من المساجين السياسيين و اعتداء على حرية التعبير و على الحرية الشخصية في استقبال الضيوف من الأقارب و الأصدقاء. 3) تدعو إلى رفع المضايقات بشتى أنواعها المسلطة على المسرحين و تمكينهم من حقوقهم المدنية و السياسية بما ييسر اندماجهم في المجتمع للمساهمة في خدمة بلادهم. عن المكتب التنفيذي للمنظمة الرئيس الأستاذ محمد النوري


عاجل:منطقة بن عروس تحتجز الدكتور الصادق شرور يوما كاملا

 

السبيل أونلاين – عاجل – من زهير مخلوف – تونس قدمت اليوم الجمعة 21 نوفمبر 2008 ، مجموعة من البوليس السياسي ، التابعة لمنطقة بن عروس ، إلى بيت الدكتور الصادق شورو ، رئيس »حركة النهضة » التونسية والسجين السياسي السابق ، الكائن بمنطقة مرناق ، والذى وقع إطلاق سراحه في 05 نوفمبر الجاري ، وحملوه إلى المنطقة المذكورة أين أستجوب من طرف إطار أستقدم من وزارة الداخلية ، حول التصريح الذى أدلى به لموقع « اسلام اون لاين  » وحول مؤدبة العشاء المقرر عقدها غدا السبت إحتفاءا بخروجه .   وقد حذره من مغبة الإدلاء بالتصاريح ، وعقد مؤدبة العشاء ، وحين تمسّك الدكتور الصادق شورو بحقه في حرية التعبير والإدلاء بالتصريحات الصحفية ، و إستدعاء من يريد بمنزله للغداء أو العشاء ، حدث تلاسن بينه وبين هذا الإطار الأمنى الذى ردد قائمة الممنوعات التى يلوحون بها دائما في وجه المساجين السياسيين السابقين ، وقد أصرّ الدكتور الصادق شورو على ممارسة حقوقه التى يكفلها له الدستور والقانون .   وبقي بعد ذلك مدة طويلة بدون إستجواب ، إلى أن قدم إليه أحد الأعوان التابع لمنطقة بن عروس ، الذى أعلمه بأنه مكلف بتبليغه رسالة مفادها أنه يمكنه إستدعاء إخوانه وأحبابه ولكن يحظر عليه إستدعاء أفراد يمثلون « هيئة 18 أكتوبر للحقوق والحريات » .وأطلق سراحه على الساعة السابعة ليلا .   وقد إتصل به السبيل أونلاين ، وأعلمه بأنه أطلق سراحه على التو ، وقد أخبرنا مباشرة بتفاصيل ما حدث معه . فإلى متى يستمر البوليس السياسي في مضايقة المساجين المسرحين ومنعهم من التعبير والإجتماع وممارسة حياتهم بحرية دون الإعتداء على حقوقهم الطبيعية التى يكفلها لهم القانون والدستور ؟؟؟ .. وإلى متى تستمر سياسة التعليمات دون التقيد بالقوانين ؟؟؟   ( المصدر:السبيل أونلاين،بتاريخ 21 نوفمبر 2008 )
 

“ أطلقوا  سراح جميع المساجين السياسيين “   “الحرية للصحفي المنفي في وطنه عبدالله الزواري“ الجمعية الدولية  لمساندة المساجين السياسيين نهج الجزيرة تونس 43 e-mail: aispptunisie@yahoo.fr تونس في 21 نوفمبر 2008

من جديد : سياسة التجويع على نطاق واسع..!

   

تسارعت في الأسابيع الأخيرة وتيرة المضايقات التي يسلطها البوليس السياسي على المساجين السياسيين المسرحين و تركزت بصورة خاصة على حرمانهم من أي مورد للرزق عبر الضغط على مشغليهم و تهديدهم ليقوموا بتسريحهم من العمل ، و عبر إخضاعهم لنسق من  الاستدعاءات و الإحتجاز المؤقت يمنعانهم من ممارسة أي عمل في ظروف ملائمة ، فقد عمد المسؤول عن ملف المساجين المسرحين بمنطقة الشرطة  بباردو  المدعو غالب الجلاصي إلى استدعاء صاحبة شركة أدوية و إجبارها على طرد  خمسة من العملة ( من قدماء المساجين السياسيين ) هم  السادة سامي السيفي  ومحمد الجلاصي  وماهر الخلصي  وخالد حسني  وحمادي  الرباعي ،    و قد انطلقت المضايقات مع  بداية شهر  اكتوبر 2008 حين  زار المسؤول الأمني المذكور    مكتب صاحبة شركة  الادوية  صحبة عونين من البوليس السياسي  وطلبوا قائمة في  أسماء العملة وعناوينهم   ثم تكررت الزيارات من اعوان البوليس السياسي   يومي  6 و 7 نوفمبر2008       وكانت الاسئلة حول انتماءات المساجين القدامى  وهل كانت تعلم قبل تشغيلهم  بماضيهم   ولماذا لم تتم مطالتهم بالإستظهار بـ » بطاقة السوابق العدلية  » . كما يعمد أعوان البوليس السياسي بمنطقة الشرطة برأس الجبل ( ولاية بنزرت ) ، و خاصة المدعو محمد علي قرط ، إلى مضايقة المساجين المسرحين ممن سبقت محاكمتهم في قضايا ما يعرف بـ  » مكافحة الإرهاب  » و منعهم من مزاولة أي عمل ، و قد عمد يوم الإثنين  17 نوفمبر 2008 إلى التنبيه على مشغّل الشاب محمد باشا بضرورة طرده باعتباره من أصحاب  » الشبهات  » ..! ، ووصل الأمر حد منعه من التحول إلى مدينة تونس العاصمة رفقة عائلته لخطبة إحدى الفتيات باعتبار ذلك خرقا لتراتيب المراقبة الإدارية ..! و إذ تطالب الجمعية بوضع حد للمضايقات المسلطة على المساجين السياسيين المسرحين فإنها تعبر عن خشيتها من أن يكون تكاثر حالات حرمانهم من العمل مؤشرا على استئناف حملة ظالمة  طبعت عشرية التسعينات السوداء  و عرفت بـ :  » سياسة التجويع  » ..!   عن لجنة متابعة أوضاع المسرحين رئيس الجمعية الأستاذة سعيدة العكرمي


أنقذوا حياة عبد اللطيف بوحجيلة أطلقوا سراح جميع المساجين السياسيين حــرية و إنـصاف 33 نهج المختار عطية 1001 تونس الهاتف / الفاكس : 71.340.860 البريد الإلكتروني :liberte.equite@gmail.com تونس في 23 ذو القعدة 1429 الموافق ل 21 نوفمبر 2008

حملة لنزع الحجاب.. يوم الجمعة ..  في محيط جامع الزيتونة المعمور

قامت مجموعة من الشرطة بالزي المدني و الرسمي بعد منتصف نهار اليوم الجمعة 21/11/2008 قبيل صلاة الجمعة و إلى حد صلاة العصر باعتراض النساء المحجبات في الأنهج  المؤدية إلى جامع الزيتونة المعمور و إيقافهن و اقتيادهن إلى مركز الشرطة القريب و إكراههن على إمضاء التزام يقضي بنزع الحجاب. و حرية و إنصاف  تستنكر بشدة هذه الحملة التي تستهدف حرية اللباس في يوم الجمعة المبارك و أمام جامع الزيتونة المعمور و تدعو إلى وضع حد لكل هذه الانتهاكات التي تمس من الحرية الشخصية و من حرية اختيار اللباس.      عن المكتب التنفيذي للمنظمة الرئيس الأستاذ محمد النوري

تونس: أحكام متفاوتة بحق متهمين في الإرهاب

 

إسماعيل دبارة من تونس:
 قضت محكمة تونسية بالسجن لفترات تتراوح بين 3 و 8 أعوام بحقّ 13 شابا أصيلي مناطق الجنوب التونسي في قضايا تتعلّق بالإرهاب. واستنادا إلى لائحة الاتهامات ، وُجهت للشباب الثلاثة عشر تهم « الانضمام  إلى تنظيم اتخذ من الإرهاب وسيلة لتحقيق أغراضه والدعوة إلى ارتكاب جرائم إرهابية داخل و خارج تراب الجمهورية و انتداب و تدريب أشخاص بقصد ارتكاب جرائم إرهابية و استعمال اسم و رمز للتعريف بتنظيم له علاقة بالجرائم الإرهابية وبنشاطه و إعداد محل لاجتماع أعضاء تنظيم و محاولة توفير أسلحة و متفجرات و غيرها من المواد المماثلة لفائدة تنظيم إرهابي و التبرع وجمع أموال مع العلم بأن الغرض منها تمويل أشخاص و تنظيمات و أنشطة لها علاقة بالجرائم الإرهابية و إرشاد و  تدبير وتسهيل ومساعدة وتنظيم مغادرة أشخاص للتراب التونسي خلسة، و المساعدة على إيواء أعضاء تنظيم إرهابي و العمل على ضمان فرارهم « . وطالب دفاع المتهمين بنقض الحكم الابتدائي و التصريح ببطلان الإجراءات نظرا لخطورة التجاوزات المرتكبة من طرف محكمة البداية التي أصدرت حكمها « دون توفير أبسط شروط المحاكمة العادلة » ، وقال المحامون إن المحكمة عمدت إلى إصدار أحكامها دون تلاوة قرار دائرة الاتهام و لا استنطاق المتهمين و لا حتى أعذارهم وهو ما اعتبروه « سابقة في تاريخ القضاء التونسيّ » . وفي الدائرة الجنائية بالمحكمة العسكرية الدائمة بتونس العاصمة مثل المتهم سامي بن خميس الصيد في خمس قضايا تتعلّق بـالانضمام زمن السلم إلى منظمة إرهابية تعمل بالخارج و التحريض على ذلك. وطالب سمير بن عمر محامي المتهم بضرورة عدم سماع الدعوى  لتجرد التهم و غياب قرائن مادية أو محجوز ، قبل أن تصدر المحكمة حكمها القاضي بسجن سامي الصيد مدة 11 عاما. وكانت السلطات الايطالية قد سلمت الصيد إلى تونس رغم صدور حكم من المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان يمنع ترحيله إلى بلاده ، و قد وقع إيقافه بعد أن صدرت ضده أحكام غيابية قاضية بسجنه مدة 115 سنة. وفي الدائرة الجناحية الثامنة بالمحكمة الابتدائية بتونس العاصمة مثل في  القضية عدد  2008/32222  كل من أسامة بن محمد الناصر بن محمد الشابي و سهيل بن نور الدين بن محمد الشابي بتهمة « عقد اجتماعات بدون رخصة « . من جهة أخرى أجلت المحكمة الابتدائية النظر في قضية ثمانية أشخاص اتهموا بـ » الامتناع عن إشعار السلط بما بلغهم من معلومات حول جرائم إرهابية و عقد اجتماعات غير مرخص فيها  » إلى جلسة يوم 29 تشرين الثاني / نوفمبر الجاري. و تشير بعض التقارير الجنائية إلى أنّ المتهمين الثماني لهم علاقة بمجموعة سليمان التي اشتبكت مع عناصر الأمن أواخر العام 2006 في الضاحية الجنوبيّة لتونس. (المصدر: موقع « إيلاف » (بريطانيا) بتاريخ  21 نوفمبر   2008)


البشاير  » تتبنى قضية « المهمشون « فى تونس

وتدعو الامم المتحدة التدخل لاعادتهم لوظائفهم

   

البشاير ـ خاص: ناشدت جموع العاطلين والمهمشين فى تونس نتيجة عدم انتمائهم للحزب الحاكم ، كافة منظمات المجتمع المدني فى ارجاء العالم الوقوف الى جوارهم حتى يتم اعادتهم الى اعمالهم .   واكد العاطلون ان الاستخدام الفاسد للسلطة من قبل الوزير السابق للتربة و التكوين فى تونس الصادق القربي هو الذى حدا بهم الى هذه الاوضاع .   وطالبوا الجهات المختصة بالتحقيق في التجاوزات المرتكبة في حق أبناء الشعب منذ اعتلاء القربي وزارة التربية.   ودعوا فى بيان حصلت عليه « البشاير  » كل من تعرض لمظلمة جراء الفساد و استغلال النفوذ أن ينشر ما لديه لمساعدة العدالة عبر هذا الايميل contrecorruption3@gmail.com .   وطالبوا بتعويضهم عن الضرر المادي و النفسي بسبب اقصائهم من النجاح في مناظرة الكاباس لدورات متعددة بالإضافة إلى اعتماد طرق ملتوية في الانتداب اذ عمد إلى الانتدابات العشوائية و التي لا تراعي مقياس الجدارة بل الانتماء الجهوي هو الفيصل عنده. واوضح البيان ان هناك الكثير من المراكز الحقوقية فى العالم العربي وكذا المهتمين وقعوا على عريضة تضامن معهم وبيانهم كالتالي   الصفة البلد جورج اسحاق حركة كفاية مصر ابراهيم عبيد صحيفة المحرر الدكتور عبدالإله الراوي أستاذ جامعي صحافي وكاتب عراقي سمير الشفي نقابي تونس صالح الفرجاوي / مدرس تونس نور الدين ورتتاني جامعي نقابي تونس منجي بن صالح استاذ تربية تقنية نقابي و مناضل حقوقي/ تونس رجاء شامخ مناضلة يسارية باريس النفطي حولة مناضل نقابي تونس الاسم و اللقب :السيد المبروك عضو حرية و انصاف وجامعة نابل للحزب الديمقراطي التقدمي ايمن الجمني مهندس اسبانيا بوراوي زغيدي اطار ببنك عبد الفتاح صبرى كاتب من مصر نجلاء عثمان استاذة معطلة عن العمل تونس معز الجماعي ناشط حقوقي تونس الهاشمي عبد القادر موظف تونس عبد السلام طرابلسي صحفي معطل عن العمل محمد البالي صحفي المغرب زهيري ربيعة رئيسة جمعية أفريكا للتنمية وحقوق ألإنسان(فرع مكناس المغرب محمد محجوبي المنظمة الديمقراطية للسكك الحديدية القنيطرة المغرب محمد رحو/شاعر/المغرب أستاذ دكتورفايز صالح أستاذ جامعي لبنان ابراهيم عبيد نائب رئيس تحريرجريدة المحرر الالكترونية خالد العزاوي كاتب وصحفي من العراق ـ بغداد رضا لحوار الحزب الديمقراطي التقدمي سوسة/ تونس خالد عواينية محام تونس ابراهيم الخصخوصي معلم تونس سيف عبدالله حمدى محاسب مصر العربية الحسينى ابوضيف صحفى مصر العربية نزهة بن محمد صحفية تونس الشريف الخرايفي أستاذ تاريخ معطّل عن العمل فرج الحوار جامعي وكاتب/ تونس الحبيب لعماري الفجرنيوز الناصر بن رمضان ناشط وحقوقي بسوسة تونس عدنان بوزية تاجر تونس أحمد عبد الرزاق الخفاجي/العراق/رئيس اللجنة الساندة للنزاهة وليد خليفة ، كاتب سوري مقيم في فرنسا عماد الدائمي ـ مهندس ـ فرنسا النفطي المحضي ناشط نقابي وحقوقي إسلامي بنقردان- تونس محمد مومني استاذ مطرود من العمل بتهمة العمل النقابي معز الزغلامي استاذ مطرود من العمل لأسباب نقابية على الجلولي استاذ مطرود من العمل لأسباب نقابية أنور الحاج عمر عضو مؤسس في منظمة حرية وإنصاف بدر السلام الطرابلسي صحفي تونس رابح الخرايفي محام رعد المشهداني بغداد زهير شمس الدين مهندس/المنظمة العربية لحقوق الانسان في سوريا سوريا راسم سيد الاتاسي مهندس/ رئبس المنظمة العربية لحقوق الانسان في سوريا سوريا محمود مرعي محامي / المنظمة العربية لحقوق الانسان في سوريا سوريا علي فقير – النهج الديمقراطي – المغرب جمال الدين أحمد الفرحاوي شاعر تونسي لوتن /لندن مركز الميماس للثقافه والاعلام سوريا محمد براهمي ناشط نقابي وسياسي /تونس نايت ليمام عبد الناصر رئيس جمعية ضحايا التعذيب بتونس و مقرّها جنيف KHEMAIS SAIDANI SECRETAIRE G. DU ScDEN-CGT A MAYOTTE PROFESSION ENSEIGNANT (MEN FRANCE). احمد الدسوقي صحفي رئيس تحرير جريدة الوحدة الوطنية مصر أحمد الورغـمي لاجي بفرنسا محروم من العمل وكل الحقوق من 22 سنة عادل الجوجري رئيس تحرير مجلة الغد العربي -مصر شيماء موسى سكرتير تحرير الغد العربي محسن حسين احمد رئيس قسم الشؤون العربية-الغد العربي عادل السويدي ـ قومي عربي ومدير موقع عربستان ـ مقيم في هولندا طالب المذخور ـ كاتب وسياسي أحوازي مقيم في سويسرا ناصر الكنعاني ـ شاعر وسياسي أحوازي مقيم في السويد حميد عاشور ـ كاتب وسياسي أحوازي مقيم في الماني محمد عبد المجيد منجونه ـ محام ـ الأمين العام المساعد لحزب الاتحاد الاشتراكي العربي الديمقراطي /سوريا ضرار منجونه ـ محام ـ مهتم بالشأن العام ـ حلب عبد اللطيف منجونه ـ محام ـ ناشط حقوقي ـ حلب د عاطف صابوني كاتب وباحث سوريا – حلب فائزة عبدالله بلحاج الصفة : مناضلة قومية ناصرية – عاملة بقطاع النسيج –البلد : تونس عمر احمد ابو زايدة مستشار قانوني فلسطين محمد الزواري أستاذ تعليم ثانوي تونس ذياب زغدود تقني مخابر تونس حسين موسى معلم تونس عبدالكريم هاني صحفي العراق جمال بقجة جي سوريا أرجو اضافة أسمي بالقائمة ليس للفساد فحسب بل للخيانة شريف هلالي محامي وباحث حقوقي مصري حسين راشد نائب رئيس حزب مصر الفتاه وأمين لجنة الاعلام عضو اتحاد كتاب الانترنت العرب رئيس الاتحاد العربي للإعلام الالكتروني علي نافذ المرعبي – كاتب و ناشر – باريس فتحي بالحاج الملتقى الثقافي العربي الأوروبي فرنسا فؤاد زيدان – صحافي من دمشق إدريس الفضي طالب حقوق – تونس محمد الفاهم نصر. النقابة العامة للتعليم الأساسي / تونس عزيز العرباوي كاتب وشاعر مغربي جهاد علي محمود علوان الأردن فصل من جامعة اليرموك الأردن عام 1997م عقيل الازرق الصفة :مهندس واعلامي :البلد: العراق عزالدّين بن عثمان الغويليّ الصّفة: مدرّس سابق بتونس مطرود من العمل ومقيم بالمهجر حيث يتابع دراسته نضال نعيسة- كاتب وإعلامي سوري الشاعر والأديب السوري المقيم في ألمانيا اسحق قومي نتضامن معكم سليم بن حميدان – لاجئ سياسي – فرنسا غفران بن سالم – مدرسة ولاجئة سياسية – فرتسا محمد بن سالم – رجل أعمال ولاجئ سياسي – فرنسا منجية بن عمر – لاجئة سياسية – فرنسا جاسم الرصيف . روائي عراقي Alicherif djalila étudiante en théologie musulmane et enseignante en droit(IESH) -france- طارق السوسيالصفة: أستاذ معطل عن العمل منذ سنة 1991 و ناشط حقوقي تونس محود جديد سياسي سوري محمد عمامي ناشط حقوقي باريس عزيز الخيكاني الصفة : كاتب واعلامي البلد: العراق /بغداد المهندس أسامه طلفاح – كاتب ومحرر مجلة مسارات الثقافية – الأردن يونس عشي الحزب الديمقراطي التقدمي باريس عبدالحميد العدّاسي الدّانمارك الاسم و اللقب: حركة القوميين العرب الصفة:تنظيم سياسي قومي عربي البلد:الوطن العربي الاخضر الوسلاتي استاذ عربية وشاعر تونس رضا حجلاوي دكتور في الفيزياء و مهندس اعلامية فرنسا عادل الزواوي,أستاذ نقابي.عضو جمعية النهوض بالطالب الشابي Larbi Guesmi Président Association Ez-Zeitouna / La Suisse   (المصدر: موقع البشاير الإلكتروني ( مصر) بتاريخ 5 نوفمبر 2008) http://www.elbashayer.com/index.php?page=viewn&nid=24365  


سجن تونسي سلتمه إيطاليا لتونس 11 عاما
ومحاميه يؤكد عدم تقديم الادعاء لأدلة ضده

   

 
تونس – خدمة قدس برس قضت محكمة عسكرية تونسية بسجن الشاب سامي الصيد مدة 11 عاما بتهمة الانضمام زمن السلم إلى منظمة إرهابية تعمل بالخارج والتحريض على ذلك. ونظرت المحكمة أمس الأوّل (19/11) في خمسة أحكام صادرة ضدّه غيابيا بنفس لائحة التهم في الفترة مابين 2002 و2007 وتتعلق بأنشطة يفترض أنّه شارك فيها بين إيطاليا وأفغانستان. و كانت السلطات الايطالية قد سلمت سامي الصيد إلى تونس منذ أسبوعين رغم صدور حكم من المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان يمنع ترحيله إلى تونس خشية تعرضه للتعذيب وسوء المعاملة. وكان قد قضى سبع سنوات بالسجون الإيطالية بتهم تتعلق بأنشطة إرهابية كما عبّرت منظمة هيون رايتس ووتش في وقت سابق عن مخاوفها على حياة سامي الصيد في صورة تسليمه. وصدرت ضد الصيد أحكام غيابية قاضية بسجنه في الجملة مدة 115 عاما. وأفاد محاميه الأستاذ سمير بن عمر أنّ المحكمة العسكرية أصدرت ضد المتهم حكمين منفصلين أحدها يقضي بسجنه خمس سنوات والثاني ست سنوات فيما تم ضمّ بقية الأحكام في بقية القضايا إلى القضيتين الأوليين باعتبار اتصال القضاء. وقال بن عمر في تصريحات خاصة لـ »قدس برس » إنّ منوّبه تمسك بإنكار التهم الموجهة إليه وأكّد أنّ توجّه إلى أفغانستان بهدف طلب العلوم الشرعية لكنّه لم يقم هناك سوى بضعة أشهر وعاد إلى إيطاليا بسبب عدم تكيّفه مع العيش هناك. ولم تقدم المحكمة أية قرائن على التهم الموجهة إلى الصيد « فالتنظيمات المتهم بالانتماء إليها لا توجد إلاّ في نصوص محاضر أمن الدولة مثل أهل السنة والجماعة وسرايا الجهاد، وهذه التسميات لا وجود لها في اللوائح الأوروبية أو الأمريكية أو الأممية عن الجماعات الإرهابية، ولم تستظهر المحكمة بأية أدبيات صادرة عن التنظيمات المذكورة أو محجوزات ولذلك طالبنا بالحكم بعدم سماع الدعوى وإطلاق سراحه »، يضيف بن عمر منتقدا الحكم الصادر في حق منوّبه. ويواجه عشرات التونسيين الموجودين بالخارج تهما تتعلق بالانتماء إلى تنظيمات إرهابية تعمل خارج البلاد منهم من هو معتقل في السجون الأوروبية والعراقية وغوانتنامو.   
(المصدر: وكالة قدس برس إنترناشيونال (بريطانيا) بتاريخ 21 نوفمبر 2008)


بسم الله الرحمان الرحيم لجنة الدفاع عن المحجبات بتونس تونس في21.11.2008

كاتب عام كلية الطب بالمنستير يظهر عدوانية تجاه الطالبات المحجبات

 

 
تلقت « لجنة الدفاع عن المحجبات بتونس » ، ليلة الجمعة 20 نوفمبر 2008 ، إتصالا من السيد صالح هاشم الناشط الحقوقي بمنظمة العفو الدولية – فرع سوسة ، ليبلغنا بأن ابنته مروة الطالبة بالسنة الثانية بكلية الطب بالمنستير تتعرض صحبة زميلاتها المحجبات مند بداية السنة الدراسية الى مضايقات متكررة من قبل الكاتب العام المدعو عبد الستار بن ضياء الذي يسعى جاهدا لمنع المحجبات من دخول الكلية مستعينا بعناصر ما يسمى بـ »الأمن الجامعي » ، الذين لا يملكون اي صفة قانونية لمنع الطلبة من دخول الكلية . وعرف عن الكاتب العام لكلية الطب بالمنستير مواقفه « المتطرفة » ضد الحجاب ، فحتى في حالة تغاضي حراس الكلية عن بعض المحجبات المرتديات للـ »فولارة التونسية » ، فهو يعترض سبيلهن داخل حرم الكلية ليفرض عليهن تعرية رؤوسهن بالكامل . ولجنة الدفاع عن المحجبات بتونس ، تدين بشدّة تصرفات كاتب عام كلية الطب بالمنستير عبد الستار بن ضياء ، الذى إنصرف عن الشاغل الإداري والبيداغوجي إلى التصيد للطالبات المحجبات لترهيبهن ودفعهن بالإكراه إلى التخلي عن إختيار شكل لباسهن ، وهو تصرف عدواني يتجاوز بأشواط تطبيق المنشور 108 الغير الدستوري ، الهدف منه ارباك الطالبات المحجبات و ترهيبهن كي ينقطعن عن دراستهن ، ونحذره من التمادي في هذا السلوك ونحمّله كل ما يترتب عنه من تداعيات . تعتبر صمت السلطات الرسمية تجاه هذه الانتهاكات الخطيرة شراكة في جريمة إستهداف الطالبات المحجبات بكلية الطب بالمنستير ، ان لم تكن أوامر رسمية تنفذ بأيدي الكاتب العام المذكور ، ونحمّلها إلى أعلى هرمها في الدولة مسؤولية الإنتهاكات الخطيرة التى ترتكب في حق المواطنات التونسيات المحجبات . تطالب الهيئات والمنظمات والشخصيات الحقوقية والإعلامية ، وكل الضمائر الحية بالوقوف إلى جانب المرأة التونسية المحجبة والعمل على رفع الإضطهاد الذى تتعرض له ، كما تطالب العلماء والدعاة في العالم العربي والإسلامي إلى التجند لنصرة المحجبات في تونس وهذا الواجب لن نعفى منه أحدا مهما قل تأثيره أو كبر شأنه . عن لجنة الدفاع عن المحجبات بتونس البريد : protecthijeb@yahoo.fr

موقع « ايلاف » الاليكتروني يعتذر للزعيم

الإسلامي راشد الغنوشي ويعرض التعويض

   

 
القاهرة ـ خدمة قدس برس اعتذرت صحيفة « ايلاف » الإليكرونية للزعيم الإسلامي التونسي البارز الشيخ راشد الغنوشي عما ورد في إحدى المقالات التي نشرتها، يتهجم عليه ويتهمه بالإرهاب والتطرف. واعترفت « ايلاف » في نص نشرته بتاريخ 14 تشرين ثاني (نوفمبر) الجاري بأن ما وصف به الشيخ راشد الغنوشي في إحدى المقالات المنشورة لديها، ادعاءات لا أساس لها من الصحة، وقالت « نحن نعترف صراحة بأن هذه الإدعاءات جميعها غير صحيحة ولم يكن من الصواب نشرها ». وذكرت « ايلاف » التي يملكها الإعلامي السعودي عثمان العمير أنها في يوم 22 كانون أول (ديسمبر) من العام 2007، قام موقع « إيلاف » « Elaph » بنشر مقالٍ في قسم آراء يتعلق بالشيخ راشد الغنوشي، زعيم حركة المعارضة التونسية « النهضة ». وقد جاءت تلك المقالة تحت عنوان « الخفاش التونسي مطرودًا من المملكة العربية السعودية »، وتشتمل على عدد من الإدعاءات بالغة الخطورة وغير الصائبة بخصوص الشيخ راشد الغنوشي. وأوضحت « ايلاف » أن ذلك المقال « وصفه « كذبًا بالإرهابي وكواحد من المدافعين عن الإرهاب باسم الإسلام وكشيخٍ كاذبٍ يُصدر العديد من الفتاوى الكاذبة. كما ادعت كذلك أن الشيخ راشد الغنوشي هو محرر قسم رسائل القراء في جريدة « القدس العربي » ويرفض نشر أي رسالة لا تساند الإرهاب »، وفق ما ورد في النص الذي نشرته. وبيّنت الصحيفة الاليكترونية أن المقال المذكور تم إرساله حسب قولها « من قبل مساهم لا يعمل في إيلاف، وتم نشره على هذا الموقع جراء خطأ في عملية التحرير »، مشيرة إلى أنها قامت  « باتخاذ خطوات فعلية لتصحيح هذا الخطأ المؤسف وضمان عدم تكراره مستقبلاً »، حسب وصفها. وأقرت الصحيفة بصحة تأكيد الشيخ راشد بعدم وجود اي دليل موثوق يفيد أنه قد شارك في أي شكل من أشكال الإرهاب، و »أنه وحركة النهضة مصرون على إدانة الإرهاب بكافة صوره، وملتزمون بالعملية الديموقراطية على أنها الأساس الشرعي الوحيد للتغيير في تونس وباقي دول العالم ». وأكد موقع « ايلاف » « أن يعيد الأمور إلى نصابها الصحيح ويتقدم ببالغ العذر للشيخ راشد الغنوشي عما سببه له المقال من متاعب ومضايقات. ونأخذ على عاتقنا الالتزام بعدم نشر مثل هذه الإدعاءات التي تتعلق بشخصه مستقبلاً، وكدليل على صدق الاعتذار الذي تقدمنا به، نوافق على دفع التعويض المناسب عن الأضرار التي لحقت به وعن تكاليف الإجراءات القانونية التي قام بها »، حسب ما ورد في النص الذي نشرته. هذا وكان الزعيم الإسلامي راشد الغنوشي قد ربح العديد من القضايا ضد بعض الصحف العربية والبريطانية، اتهمته بالإرهاب ممارسة العنف، في الوقت الذي يصر فيه الشيخ الغنوشي على أنه لا أساس لهذه الاتهمات، وأنها مجرد مزاعم عارية عن كل صحة. ويحسب الغنوشي لدى الكثير من الباحثين العرب والغربيين على أنه من تيار الإعتدال والوسطية، بل وأحد أبرز المنظرين له.  
 
(المصدر: وكالة قدس برس إنترناشيونال (بريطانيا) بتاريخ 21 نوفمبر 2008)


بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على محمد النبي الصادق الأمين  المغترب التونسي بين حقّ العودة المسلوب والعفو الرئاسي المكذوب!

 

 
الشيخ محمد الهادي الزمزمي نُشر بموقع « تونس نيوز. نت » خبرٌ بثَته لجنةُ متابعة المحاكمات السياسية التابعة للجمعيـة الدوليـة لمسانـدة المساجيـن السياسييـن بتونس[1]، هذا نصّه :  » أصدرت الدائرة الجنائية الرابعة بالمحكمة الابتدائية بتونس برئاسة القاضي  محرز الهمامي  أمس الأربعاء  29 أكتوبر 2008 حكمها في القضايا عدد 16182 و 16183 و16184 و 16185 و 16186 التي يحال فيها « عمر بن علي بن مبروك النمري « ، وذلك من أجل المشاركة في عصابة مفسدين قصد الاعتداء على الأشخاص والأملاك ودعمها بالمال. وقد قضت المحكمة في القضية عدد 16182 بثبوت الإدانة وسجن المتّهم مدّة عامين اثنين مع إسعافه بتأجيل التنفيذ،  كما قضت في القضايا 16183 و 16184 و 16185 و 16186 بعدم سماع الدعوى لاتصال القضاء[2]. الحكم الظالم يحوّل المصلح مفسدا قرأت الخبر، فلم أصدّق ما قرأت لأوّل وهلة، فأعدت قراءته كرّة أخرى، ثمّ أخذت أدقّق في اسم المحكوم عليه وأعيد التدقيق، وتساءلت فيما بيني وبين نفسي – وأنا أتأمّل في نصّ الخبر – ترى من يكون « عمر بن علي بن مبروك النمري » هذا؟! أيكون أخي « عمر النمري » اللاجئ السياسي بلندن والداعية الإسلامي التونسي، هو  « المتهم بالمشاركة في عصابة مفسدين قصد الاعتداء على الأشخاص والأملاك ودعمها بالمال »؟! أم هو عمر نمري، آخر قد اشترك معه في الإسم الشّخصي وأشبهه – عرضا – في الاسم العائلي؟! كان الخبر مفاجأة غريبة! ما كانت لتخطر لي على بال، وبدا لي أن أتحقّق من هوية الدكتور « النمري » ونسبه بالسؤال عن اسم أبيه وجدّه، وذلك لأتأكد من معرفة المعني بهذا الاتهام والمستهدَف بهذا الحكم؟! ورغم ما ورد بذيل الخبر من ملحوطة مفادها –  » أن السيد عمر النمري كان من المغتربين المنتمين إلى حركة النهضة وقد اختار العودة إلى تونس خلال هذه الصائفة واعترض على الأحكام الغيابية الصادرة ضده والقاضية بسجنه لعشرات السنين » – فقد ظل الشكّ يساورني في هوية المقصود بهذا الحكم، حتى تأكّد لديّ أخيرا أن المتّهم بهذه الجناية! والمحكوم عليه بهذا الحكم! ما هو إلاّ أخي « عمر النمري »!! الدّاعية إلى الله! لقد استغربت ما رمى به قلمُ الادّعاء العام الدكتورَ « النّمري » المصلحَ من اتهام بالفساد، كما استغربت كذلك قضاء المحكمة بثبوت إدانته بالمشاركة في عصابة مفسدين والحكم عليه – على براءته – بالسّجن لمدّة عامين مع إسعافه بتأجيل التنفيذ!! عهد السابع من نوفمبر أو السنون الخدّاعة وأيّا كان الحكم المحكوم به مشدّدا أو مخفّفا، فإنّ مجردّ الحكم بثبوت إدانة « النمري » بارتكاب هذه الجناية أو المشاركة فيها، هو بحدّ ذاته، وبقطع النظر عن مقدار العقاب المحكوم به – حتى ولو كان بالمليم أو الدينار الرمزي – ظلم عظيم للدكتور « النّمري » بحكم كونه بريئا من هذه التّهمة براءة الذئب من دم ابن يعقوب، فليس « النّمري » وأمثاله من رجال تونس وأبنائها البررة، ممّن يرضون أصلا بوجود الفساد في الأفراد أو في البلاد، فضلا أن يكون للفساد عصابة، بَلْهَ أن يشتركوا هم في عصابةِ مفسدين! كيف، وهم يعتقدون أن الإصلاح في أعناقهم أمانة إلهية، والنّهي عن الفساد في الأرض فريضة دينية. والله لا يحبّ الفساد. ولكنّه عهد السابع من نوفمبر، الذي أظلّ تونس في هذه السّنوات النّحسات، فقلب فيها الموازين، ولعلها هي السّنون التي نبأ بها الصّادق المصدوق – صلوات الله وسلامه عليه – حيث قال: « تأتي على النّاس سنواتٌ خَدَّعاتٌ يُصَدَّقُ فيها الكاذبُ ويُكذَّب فيها الصَّادقُ، ويُؤتَمَنُ فيها الخَائِنُ، ويُخَوَّنُ فيها الأمينُ، وينطقُ فيهم الرُّوَيْبِضَةُ » قيل: يا رسول الله وما الرويبضة؟ قال: « الرّجل التّافه[3] يتكلّم في أمر العامّة – وفي مسند أحمد قال – الفويسق يتكلّم في أمر العامّة »[4]. هكذا وبانقلاب 7 – 11 انقلبت في تونس حقائق الأمور، رأسا على عقب! فإذ المفسدون في تونس مصلحون والمصلحون فيها مفسدون! ولا عجب! فإنه عهد السابع من نوفمبر، عهد التحوّل المشؤوم وسنواته الخدّاعات التي حوّل فيها رهط 7 – 11 كلّ شيء إلى ضدّه، فبدّلوا المُثل والمفاهيم وقلبوا القِيم والموازين! إنّه حقّا وضع مرير يذكّرنا بقول أبي العلاء المعرّي: إذا وَصَفَ الطَّائِيَّ  بالبخل مَادِرٌ   وَعَيَّرَ  قَسّاً  بِالفَهَـاهَــةِ  بَاقِـلُ وَقَالَ السُّهَا لِلشَّمْسِ أَنْتِ  ضَيئِلَةٌ    وقَالَ الدُّجَى لِلصُّبْحِ لَوْنُكَ حَائِــلُ وَطَاوَلَتِ الأَرْضُ السَّمَاءَ سَفَاهَةً    وَفَاخَرِتِ الشُّهْبَ الحَصَى وَالجَنَادِلُ فَيَا مَوْتُ زُرْ إِنَّ الحَيَاةَ مَرِيـرَةٌ    وَيَا نَفْسُ جِدِّي إِنَّ  دَهْرَكِ  هَـازِلُ العفو الرئاسي المكذوب ومع ما في هذا الحكم القضائي من الظلم والجَوْر، فإنّه كذلك سُبّة في وجه  » بن علي »، وعار في جبينه، لما انطوى عليه من غدر ونكث للعهد ونقض للوعد! فقد صرّح « النّمري » في معرض حكاية إجراءات عودته إلى تونس قائلا  » دعيت للسفارة حيث التقيت مستشارا للسفير ليبلغني برسالة مفادها أنه صدر في حقي عفو رئاسي من طرف رئيس الدولة؛ ليتمّ بموجبه تسليمي جواز سفري.. »[5]. لقد استوقفني فيما حكاه السيد « النمري » قوله –  » صدر في حقّي عفو رئاسي!! من طرف رئيس الدولة؛ ليتمّ بموجبه تسليمي جواز سفري » – ودعاني ذلك للتسّاؤل: عن هذا العفو الرئاسي! ما معناه وما مغزاه؟! من وجهة النّظر القانونية؟! لا شأن للرئيس بجوازات السّفر! فإن كان هذا العفو الرئاسي معناه الإذن للسيد « النّمري » باستلام جواز سفر والعودة إلى تونس، فهذا أمر لا شأن لرئيس الدّولة به، إن كانت دولته – كما يدّعي –  » دولة القانون والمؤسّسات ». فليس في القانون التّونسي فصل واحد، يعلّق حقّ التونسي – أيّا كان وضعُه – في استخراج جواز للسفر إلى الخارج، أو لزيارة بلده على إذن أو عفو رئاسي! كما أنّه ليس من اختصاصات الرّئيس الإدارية ولا من صلاحياته القانونية، الإذن بإصدار جوازات للمواطنين، ولا الأمر بمصادرتها منهم، ولا حجر السّفر عليهم، وإنّما ذلك من اختصاص القضاء وفي حالات معينّة، وهذا ما اعترف به الرئيس « بن علي » نفسه في كلمته التي ألقاها في افتتاح أشغال مجلس الوزراء يوم 12. ماي.2000 حيث قال حرفيا: الرئيس « بن علي » يقرّ بحق المواطن في جواز سفر  » فجواز السّفر هو بمثابة بطاقة تعريف وطنية وكلّ مواطن له الحق في جواز السفروله كذلك الحق في حريّة التنقّل فهذا من حقوقه المكفولة. أمّا إذا كانت هناك قضيّةعدليّة أو غير ذلك منشورة بشأنه أمام العدالة فإنّه لا يمكن للقاضي – والسيد وزيرالعدل يمكن أن يؤكّد ذلك- أن يسحب الجواز وإنّما يقرّر تحجير السّفر على المواطنالمعني. المهمّ وما يجب تأكيده هو أنّ كلّ مواطن له حق في الجواز يتحصّل عليه وإذاكانت لديه مشاكل مع القضاء والعدالة فإنّ القاضي هو وحده الذي يمكن له أن يحجّرعليه السّفر. بحيث أن هناك لغطا كثيرا وكلاما يتردّد هنا وهناك حول هذه المسألةوالكثيرون يتحدّثون عن حرمانهم من جوازات سفرهم وتصلنا يوميا مطالب وشكايات عديدةحول موضوع جواز السّفر..مجمل القول هو أنّ الرأي العام يولي أهميّة كبرى لمسالة جوازاتالسّفر إذ تصلني يوميّا رسائل وشكايات عديدة تفيد أنّ هذا الشخص عاطل عن العملورفضوا تسليمه جواز سفره وهذا الآخر ارتكب جريمة في السّابق ومنع عنه جوازه وغيرذلك من الحالات..ما أقوله هو أنّ هذا الشخص قد عوقب وقضى مدّة العقاب وهو ما يعنيأنّ ملفّه من هذه الناحية قد تمّ إغلاقه فما الدّاعي إذا لحجز جواز سفره..وأكرّرأنّ الجواز هو بمثابة بطاقة التعريف أو وثيقة الهويّة ناهيك أنّ المواطن الذي لايحمل بطاقة التعريف يمكن أن يقدّم جواز السفر بدلا عنها. وعليه يجب أن نمكّن المواطن من حقّه في جواز السفر..ويطرح البعض عديدالتساؤلات ويقولون أنّ هذا الشخص عاطل عن العمل فأين يقصد السفر..هذا الأمر لا يعنينا فهذا المواطن حرّ في أن يذهب حيث أراد لتحصيل الرزق..وكذلك حالة من حُكم عليهم قضائيا وقضوا مدّة عقوبتهم فإنّه ليس لنا بهم شأن..أيضاهناك حتّى من هم مقيمون بالخارج وليست لهم وثيقة سفر قد راسلونا في الأمر..وعلىالرّغم من وضعية هؤلاء كهاربين (من العدالة) فإنّي أتساءل أليس من الأفضل أننمكّنهم من جواز سفر تونسي حتى لا يؤدّي بهم الأمر إلى الإلحاح على بعض السفاراتالأجنبية الأخرى للحصول على جواز سفر..بحيث نطرح السؤال أين هو المشكل..وهذا يفرضعلينا مراجعة الأوضاع. ذلك أنّ المشكلة قد تكون ناتجة عن بعض العقليات التي تجاوزهاالزمن..وهكذا فإنّ الضرورة تقتضي أن نتطور لأن المواطن التونسي تطوّر هو أيضاوأضحى مدركا لحقوقه وواجباته وبالتالي فإنّه علينا مواكبة هذا التطوّر.  » فإذا كانالمواطن صاحب حقّ فيجب أن نمكّنه منه وإذا كان غير ذي حق فإنّ الواجب يفرض عليناألاّ نتهرّب من المسؤولية ونلقيها على عاتق ما يسمّيه البعض بالتعليمات من فوق أومن هذا المصدر أو ذاك إلى درجة استفحل معها الوضع ليصل إلى حدّ التذرّع لأصحابالمطالب بأنّ ملفّاتهم على مكتب الرئيس.. وللأسف فإنّ حتى بعض السّادة الوزراءيقولون نفس الشيء..وأذكر أنّه في إحدى المناسبات قيل لمواطن كان يعرفني شخصيّا أنّملفّه موجود لديّ في حين أنّ الأمر غير ذلك تماما..وهنا أتساءل مجدّدا لماذاالتهرّب من المسؤولية إذ على المسؤول وعلى الموظّف أن يتحلى بالشجاعة الكافية حتىيقول لهذا المواطن أو ذاك أنّه مخالف للقانون..المهمّ هو أنّالمسؤول أو الموظف لا يجب أن يقول للمواطن إنّ هذا الموضوع يتجاوزني..وهو يعنيبذلك أنّ شخصا آخر يمكن أن يتّخذ القرار بشأن هذه المسألة..وأؤكّد هنا أنّه لايمكنني حتى أنا شخصيّا أن أتّخذ قرارا في أمر ما إذا كان ذلك مخالفا للقانون..وعندما تطرح مثل هذه القضايا وتنشر على العموم فإنّ من أبسط واجبات الملحق الصحفيللوزارة المعنية أن يقول إنّ ما ذكره هذا المواطن غير صحيح..أقول ذلك لأنّ نسبةهامّة من المواطنين سيذهب ظنّهم أنّه لما يقول الوزير أنّ الأمر يتجاوزه فإنّ الحلموجود بأيدي سلطة أعلى.. فما هو الضّرر في أن يقوم الملحق الصحفي بالردّ ويقول إنّهذا المواطن لم يقل الحقيقة أو أنّ آخر لمّا يقدّم أيّ مطلب أو أنّه مخالف للقانونوعندها يغلق الملف..لكن لمّا يلتزم الجميع الصّمت فإنّ الضرر يحصل..وعليه فإنّيأطرح السؤال أين المشكل..فالتونسي أصبح يعرف حقوقه وواجباته وإذا كان له حقّ ما يأخذه وإذا كان ليس له حقفي شيء ما، نقول له ليس لك حقّ ولا نتردّد في ذلك. هذا هو القانون ونبيّن لهالأسباب، يجب أن نحترم القانون..فهذه الطريقة أفضل من أن يبقى المواطن يتردّد على الإدارة. ذلك أنّ بعض الموظفينولكي يتخلّصوا من المواطن يقولون له إنّ موضوعك ليس بيدي وإنّما هو بيد من هو فوق..تعليمات أو ملفّك على مكتب الرئيس وذلك حتى ينصرف المواطن.. » [6]. وبهذا يتّضح لك – أخي القارئ – أنّ ما زعمه هذا (المستشار)![7] من صدور عفو رئاسي في حقّ « النمري » تمّ بموجبه تسليمه جواز سفر، هو ادّعاء باطل ومن الحقّ عاطل. وما يردّده أمثاله كذلك من عناصر الاستخبارات المبثوثين كالحشرات في السفارات التونسية والقنصليات، من اشتراطات على المغتربين، المتعجّلين بالعودة، بوجوب تحرير طلبات عفو باسم الرئيس، مع إعلان براءتهم من حركة النّهضة، لقاء التّحصيل على جواز سفر وزيارة البلاد! ما هذه الاشتراطات إلاّ خدع وأكاذيب يردّدها أعوان الرّهط هنا وهناك، تنفيذا لخطتهم الشيطانية لتفكيك حركة النهضة  وتبديدها! لتصبح أثرا بعد عين! كما لا يخفى عليك – أخي القارئ – ما في مثل هذه الإشتراطات من سعي أعوان 7 – 11  لإذلال التونسيين وإخضاعم لسلطان  » بن علي » ونفوذه، وذلك بتعليق طلباتهم ومصالحهم ورغباتهم بإرادته! ومشيئته! وإيهامهم – بحكم جهلهم بالقانون – بأنّ تحقيق أمانيهم في تحصيل جواز سفر، وزيارة الوطن ولقاء الأهل والأحبة، أمر بيد الرئيس وحده! لا يشركه فيه أحد غيره!! وذلك لتظلّ الأعناق مشرئبة إليه والآمال معقودة عليه، تنتظر رحمته! ومنّته! فمتى خضع المغترب لتلك الاشتراطات المُهينة، وأذعن صاغرا لهذه الأوامر المشينة، وَعَدُوهُ بأنّ الرئيس سيستجيب، وأنّ الفّرّجّ قريب! فإذا طال بالمسكين الانتظار، علّلوه بوجوب الصّبر ومزيد الانتظار إلى حين صدور القرار! وإذا أكثر من مراجعتهم والتردّد عليهم بالقنصلية أو السفارة، أمروه بتحرير رسالة تذكير ثانية وثالثة ورابعة..!! وأحيانا يطالبونه بكتب طلب جديد  » إلى عناية سيادة الرئيس »! وبهذه الصّيغة على وجه التحديد! وأعرف بعض الأفراد ممّن مضى على طلباتهم سنوات دون أن تشملهم تلك (العناية الرئاسية)! وهو ما يعني أن تلك الطّلبات كان مصيرها إلى سلّة المهملات! أما من استُجيب لطلبه من الذين يُراد بهم تنفيذ خطّة التفكيك والتبديد، فسُلّم – سواء بعد لأْيٍ أو على الفور- جواز سفر، منّوا عليه بتمكينه من حقّه، وعَزَوْا ذلك إلى كَرَمِ الرئيس وعفوه، وأظهروا الرئيس بمظهر المنعم المتفضّل صاحبِ اللَّفتَةِ الكَريمةِ والمِنّة العظيمة على التونسيين المغتربين (التائبين)!! جواز السفر حق من الحقوق الدستورية لا منّة رئاسية! ترى متى كان المواطن التونسي – سواء كان داخل وطنه أو خارجه – بحاجة إلى عفو رئاسي ليحصل على جواز للسّفر أو لزيارة بلده؟! إلاّ في عهد السابع من نوفمبر الذي جرّد التونسيين من كلّ حقّ، بما في ذلك حقّ السّفر بل حتى من حقّ التنقّل داخل البلد[8]!! وهو وضع مخالف للقانون، مناقض أصلا لنصوص الدّستور التونسي نفسه، حيث نصّ الفصل 10 منه على أنه  » لكل مواطن حرية التنقل داخل البلاد وإلى خارجها واختيار مقرّ إقامته في حدود القانون »[9]. كما نصّ الفصل 11من الدستور على أنه  » يُحجَّر تغريب المواطن عن تراب الوطن أو منعه من العودة إليه « [10]. علمًا بأنّ طلب العفو، هو كذلك إجراءٌ يتعارض مع تعهدّات الحكومة التونسية بموجب توقيعها على العهد الدّولي الخاصّ باللحقوق المدنية والسياسية؛ حيث تقول المادّة  12 منه : 1 –  » لكلّ فرد يوجد على نحو قانوني داخل إقليم دولة ما حق حرية التنقل فيه وحرية اختيار مكان إقامته. 2 –  لكل فرد حرية مغادرة أي بلد، بما في ذلك بلده. 3 – لا يجوز تقييد الحقوق المذكورة أعلاه بأية قيود غير تلك التي ينصّ عليها القانون، وتكون ضرورية لحماية الأمن القومي أو النّظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة أو حقوق الآخرين وحرياتهم، وتكون متمشية مع الحقوق الأخرى المعترف بها في هذا العهد. 4 – لا يجوز حرمان أحد، تعسفا، من حقّ الدّخول إلى بلده « [11]. فهل تجد أخي القارئ في تلك النّصوص الدّستورية وهذه المعاهدة الدولية أيَّ سَنَدٍ لما يدّعونه من تعليق حقّ المواطن التونسي في حيازة جواز للسّفر إلى تونس أو خارجها على عفو أو إذن رئاسي؟! إنّ المواطن المغترب، أيّاً كان وضعُه القانوني، وبقطع النّظر عن نقاوة سجلّه العدلي من عدمها، من حقّه – بموجب الدّستور – استخراج جواز سفر، للعودة إلى بلده متى ما أراد، وباستثناء القضاء، وفي أحوال معيّنة، فليس لأحدٍ كائنا من كان حرمانُ المواطن التونسي من هذا الحقّ! وإذا كان المواطن المغتربُ محكوما عليه حكما غيابيّا، فإنّ الفصل 175 من مجلة الإجراءات الجزائية التونسية، يضمن له حقّ المثول لدى المحكمة ذات النّظر للاعتراض على الحكم أو الأحكام الغيابية الصّادرة ضدّه، وقد نصّ الفصل 180 من مجلّة الإجراءات الجزائية على أنّ  » الاعتراض يوقف التنفيذ « [12]. وهكذا تبيّن لك أخي القارئ أنّ إلزام المواطن، سواء كان داخل البلاد أو خارجها، بتحرير رسالةِ اعترافٍ واستخذاءٍ واعتذارٍ واستجداءٍ للعفو من الرئيس، من أجل التحصيل على حقّه الشرعي في جواز سفر، أو زيارة بلده أو أيّ حقٍ آخر من حقوقه الدستورية، هو إجراء تعسّفي، مناقض للدّستور مخالف للقانون! متعارض مع كلمة بن علي نفسه، كما بيناه آنفا. ولا يخفى ما يمثّله هذا الإجراء التعسّفي كذلك من إهانة للمواطن التونسي، واعتداء على كرامته، وتحقيرٍ لشأنه، وإزارء بقدره، وتسفيهٍ لمداركه! حيث يُملى عليه نصّ الرسالة حرفيّا[13]، دون أن يملك حقّ تغيير حرف منها، كأنه سفيه محجور عليه!! هكذا سلب أعوانُ « السابع من نوفمبر » المغتربَ التونسيَّ حقَّه الطبيعيَّ في زيارة بلده وملاقاة أحبّته، إلاّ أن يأتي ليمثل بين يدي أولئك الأعوان مذعنا كالعبد الآبق!! الذي أُلقي القبضُ عليه، وجيء به إلى سيّده ليفعل به ما يريد! وقد فوّض أمره إليه!! أو كمذنبٍ أو صاحب خطيئة! يتوجّب عليه الشُّخوص أمام كرسيّ الاعتراف في رهبة وخشوع وذلة! وخضوع! ليقرّ بخطيئته بين يدي (قسّيسي) السابع من نوفمبر، معلنا ندمَه الشّديدَ على ما قدّمت يداه! وعزمَه الأكيد على عدم العَوْدِ لما قد يتسّبب في إثارة غضب سيّده ومولاه! صانع التغيير ليتفضّل عليه هذا الأخير – متى ما أراد – بصكّ العفو والغفران والعودة إلى تونس في أمن وأمان واطمئنان! ولكنّ السؤال الذي يظل قائما بلا جواب: ترى من نصدّق كلام الرئيس « بن علي » واعترافه بحقّ المواطن – أيّا كان – في جواز سفر، أو تصرّفات أعوانه واشتراطاتهم؟! وكيف السّبيل إلى التوفيق بين هذه التناقضات؟! (وللموضوع صلة إن شاء الله) كتبه فقير ربّه محمد الهادي بن مصطفى الزمزمي    [1]- تونس في 30 أكتوبر 2008 كشف الحساب..لقضاء .. » يكافح الإرهاب « ! تونس نيوز 30. 10. 2008 .  [2]- كشف الحساب..لقضاء .. » يكافح الإرهاب  » متى تنتهي محنة شباب تونس .. !عن الجمعيـة الدوليـة لمسانـدة المساجيـن السياسييـن لجنة متابعة المحاكمات السياسية . تونس نيوز 30. 10. 2008  [3]- فانظر تر من يتحكم اليوم في بلادنا وشعبنا ويقرّر مصيرنا غير رجل تافه حقير جاهل  فاسق يسمّى – كذبا وزورا – صانع التغيير  [4]-  المستدرك على الصحيحين للحاكم، وقال: هذا حديث صحيح الإسناد. من رواية أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم. [5]- موقع الحوار.نت (ألمانيا) بتاريخ 14 أكتوبر 2008. [6]- كلمة الرئيس بنعلي في افتتاح أشغال مجلس الوزراء بقرطاج بتاريخ 12. ماي 2000. موقع رئاسة الجمهورية التونسية. [7]- ما علمنا أن للسفراء مستشارين ولكنه كبير الجواسيس الذي يطلقون عليه صفة « الملحق الأمني » بالسفارة  وذلك للتستر على مهمته القذرة المتمثلة في التجسس على التونسيين المغتربين في ذلك البلد، وإرسال التقارير عنهم إلى الداخلية! [8]-  وذلك بموجب قرار المراقبة الإدارية وقد شهد بذلك تقرير منظمة العفو الدولية إذ جاء فيه « إن الحالة البائسة التي يعانيها عبد اللطيف بوحجيلة تشكل تجسيداً للصعوبات التي يواجهها السجناء السابقون في تونس. فالعديد منهم ما زالوا يقضون فترات حكم إضافية تحت « المراقبة الإدارية »، ما يتطلب منهم مراجعة مراكز شرطة محددة عدة مرات في الأسبوع، كي يظلوا قيد المراقبة الشرطية الوثيقة، وليواجهوا بالنتيجة صعوبات في الحصول على العمل وعلى الرعاية الصحية، ولتقييد حريتهم في التنقل والسفر. وترفض السلطات أن تصدر لهم، وفي بعض الحالات لأقربائهم الأقربين، جوازات سفر، في انتهاك صريح للدستور التونسي ولواجبات تونس الدولية تجاه حقوق الإنسان بمقتضى العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، الذي انضمت إليه تونس كدولة طرف.  وتصدر الأوامر إلى بعض السجناء السياسيين إثر الإفراج عنهم بالإقامة في مناطق معزولة بعيداً عن عائلاتهم. فعلى سبيل المثال، قيَّدت السلطات حرية الحركة بالنسبة للسجين السياسي السابق وعضو منظمة « النهضة » الإسلامية المحظورة، عبد الله زواري، داخل تونس منذ الإفراج عنه في يونيو/حزيران 2002. فلا يسمح له بأن يتنقل خارج دائرة لا يزيد نصف قطرها على 30 كيلومتراً… » أنظر تقرير منظمة العفو الدولية بعنوان » تونس: سجناء سياسيون سابقون يواجهون المضايقات بتاريخ 14/11/2008 . [9]- دستور الجمهورية التونسية نسخة 2002. [10]- دستور الجمهورية التونسية نسخة 2002. [11]- العهد الدولي لحقوق المدنية والسياسية [12]- دستور الجمهورية التونسية نسخة 2002. [13]- راجع نصوص الاستقالات المتعددة المنشورة بموقع تونس نيوز تجد مصداق ما نقول. (المصدر: موقع « الحوار.نت » (ألمانيا) بتاريخ 21 نوفمبر 2008)


بسم الله الرحمان الرحيم

رؤية متواضعة حول مستقبل العلاقة مع النظام. (الجزء الثاني)

 
المسلم الصغير  حتى لا يفهم أحد أني أريد أن أتجاوز حجمي، وعدلا مع نفسي أنبه إخواني أني أريد فقط أن أضع بين أيديهم جملة من المعطيات وكذلك المقترحات التي استنتجتها من الواقع بعيدا عن الإفراط في الآمال، فكم ذهبنا بالتحليل مذاهب شتى وكم أبوابا فتحنا ثم وجدنا الواقع غير ذلك. قد تكون هذه الأفكار غير مرتبة ومفتقرة لبعض الشواهد، أو لبعض الترابط المنطقي بين المقدمات والاستنتاجات، وذلك لضيق الوقت وتعذر الرجوع إلى الأشخاص أو المراجع ولكني أضعها بين أيديكم عساها تساهم بتواضعها في الجهد العام لأجل الخلاص العام.   أبدأ أولا بسؤال، لأصل به إلى نتيجة محددة: ما الذي حصل بعد انقلاب 7 نوفمبر 87؟   استبشرنا جميعا، وأرسلنا التهاني، وزكينا النظام الذي كان بالأمس يجلدنا ويعد لإعدام قيادتنا. وفي الأثناء لم تتغير بنيته الأمنية بل تغولت بشكل جنوني، فلم يتم الاستغناء عن جلاوزة الداخلية الذين باشروا جرائم التعذيب في العهد السابق وأمروا بها أو سهلوها أو سكتوا عنها، بل فـُتح لهم الباب لنقل خبراتهم لأجيال الجلادين الجدد، وظلوا طوال فترة الفسحة يعملون في الخفاء كخلايا نائمة ويطورون قدراتهم، ويجمعون المعلومات، ويملئون بطاقات الإرشادات، ويكدسون الاستفيدات (جمع استفيد وهي تقارير أمنية سرية تتعلق بالمراقبين السياسيين) في انتظار الأمر العلوي بتنفيذ التعليمات التي كانت تأتي من أعلى مستوى في الوقت الذي تحدده الهيئات العليا في الدولة. وأؤكد ذلك بمعلومتين، وربما يزيد عليهما غيري، فالهدف الأساسي هو إثارة الإشكال: أولاهما أن الضابط السامي أو بالأحرى الجلاد السافل أحمد العباسي الذي رأس فرقة الإرشاد بمنطقة السيجومي في فترة ما (سنتين تقريبا) كان أقيل من منصبه في فيفري/مارس 91 ونـُزّل في الوظيفة إلى رئيس مركز شرطة صغير بمنطقة المرسى، وذلك بعد أن أعرب عن تذمره في اجتماع أمني لرؤساء فرق الإرشاد والمناطق من عدم وضوح سياسة الدولة حول أطر تعامل فرق الأمن مع الإسلاميين. المعلومة الثانية هي وصول خمسة خبراء تعذيب من إحدى بلدان شرق أوروبا الشيوعية إلى تونس في صيف 89 لتمرير الخبرات. وقد فوجئ الإخوة الذين عذبوا سنة 87 ثم سنة 91 بتغير أنماط التعذيب عما كانت عليه، وأشهر هذه الأساليب الجديدة المتطورة هو البانو، الذي يسميه إخواننا علوش مذبوح، ويسمى اليوم الإيهام بالغرق، وهو أسلوب بشع جدا يجعل الضحية ترى الموت دون أن تموت، ويكون ذلك بتقييد يديك إلى قدميك خلف ظهرك (بعد نزع ملابسك كلها) ثم تعلق وترفع عبر رافع المحركات (بلانكو) إلى أعلى بعصا تمرر بين الفخذ وربلة الساق (خلفية الركبة) ليظل رأسك متدليا إلى الأسفل، مثل الخروف المذبوح حين يرفعه الجزار ليسلخه، وبعد ذلك يسحب كرماء الشرطة تحتك إناءا (بانو) ملئ ماءا، ثم ترخى الرافعة فتتدلى أنت إلى الأسفل بحيث يكون فمك مغموسا في الماء. فرصة رفع الرأس وأخذ النفس يقطعها عليك الزبانية فيمسكون برأسك لمدة قد تصل إلى ثلاث دقائق دون أن تزيد على ذلك، « وحرصا على حياتك » يكون أحد المجرمين ممسكا بعداد التوقيت. ثم لا يبقى غير الانتظار أن ترغمك الرغبة في  التنفس على استنشاق الماء بشهقة شديدة فتمتلئ به رئتاك فترى صدرك منتفخا مثل البالون وتصبح كالغريق تماما أو بالأحرى غريق حي، وعند ذلك يسحبونك خارج الإناء فتقذف رئتاك ما فيهما من الماء قذفا تظن روحك تنقذف معه، فترى الموت ولا موت. ويساهم وضعك المقلوب في اندفاع الماء إلى خارج الرئتين فترى دمك ينساب مع الماء، ثم تستنشق الهواء من جديد بشكل ميكانيكي قسري فتأخذك نوبة سعال أشد من نوبات السعال الديكي وتتحول عملية التنفس عندك إلى عذاب فوق العذاب (فاللهم انتقم منهم إلا أن يتوبوا). إذا لم يكونوا مقتنعين بما تقول أو ظنوا بأنك شديد المقاومة فسيكررون معك العملية، دون أن يتجاوزوا  8  مرات في اليوم الواحد لأن ذلك قد يؤدي إلى تلف الرئتين بشكل غير رجعي ومن ثم الوفاة. هذا الأسلوب هو واحد من أشد ما عندهم وهو أبشع من التعليق والفلقة الذيْن يعتبران أمامه نعيما وراحة. ومن خلال الدقة المتناهية التي يطبقون بها هذا النمط من التعذيب يتأكد لنا أن الأمر يتعلق بخبرة نقلت إليهم، وليست من إنتاج محلي تونسي. ولعلكم رأيتم مؤخرا على الفضائيات بعض فضائح التعذيب بأساليب تماثل هذا الذي ذكرنا، والفرق فقط هو أن بوليسنا يطبقها بأكثر وحشية (لمسة بوليسية تونسية فالتونسي للتونسي رحمة). ولشدة خطورة هذه الطريقة فهي كثيرا ما تتم بحضور الطبيب الذي يسألك قبل البدء ليتأكد أنك سليم من الأمراض القلبية أو الصدرية، وهي تطبق حسب علمي في الاستعلامات وأمن الدولة فقط، ولا تطبق في مناطق الإرشاد أو في الإقليم (بوشوشة) ربما لأنهم أجلاف لا يحسنون تطبيق هذه الأساليب المتطورة، وقد يزيد غيري على هذا. ولقد أصاب أخونا الفرزدق الصغير معارضة النشيد الوطني الرسمي حين قال:     ورثنا السواعد بين الأمم # عِصِيا شدادا كمثل البنا فكم قد أسالت دموعا ودم # نباهي بها وتباهي بنا وفيها عذاب لأهل العلم # لنرفسهم تحت أقدامنا وفيها لأبناء تونس نقم # ليبقى طوال الحياة الرئيس   عود على بدء، لم تتوفر للحركة بعد  انقلاب سنة 87 الإمكانية والقدرة على أن تطلب بحزم ملاحقة الجلادين الذين أجرموا في حق الضحايا في عهد المقبور بورقيبة، ولم يبادر النظام من نفسه باستبعادهم أو تسريحهم من الخدمة، ويتأكد بذلك أن بقاءهم هو دليل قطعي على أن النظام لم يتغير بتاتا، فعدم استغناء نظام بن علي عن خدمات هؤلاء المجرمين يدل بوضوح أنه كان يعد للغدر.   النتيجة يا إخوتي، حسب رأيي المتواضع، هي أن أي مصالحة، قد تقدم عليها الحركة بعد محنة دامت عقدين مع نظام غادر، وأي التزام تقدمه له، حتى وإن كان ينطلق من نقطة ضعف، لا بد أن يقابله النظام من جهته، أولا وقبل كل شيء، بما يلي: – الاستغناء عن خدمات كل من تورط في أعمال تعذيب شهدت بها عليه الضحايا أو أمر بها أو وقعت بعلمه أو تحت مسئوليته الوظيفية. ولا شك أن لدينا قوائم طويلة بأسماء هؤلاء المجرمين. – المحاسبة المهنية للقضاة ووكلاء الجمهورية وحكام التحقيق الذين رفعت أمامهم شكاوى تعذيب ولم يأذنوا فيها بما ينص عليه القانون. وذلك بالرجوع إلى نصوص الأحكام الموقعة بأسمائهم. ربما يكون هناك مجال للمسامحة والتخلي عن تتبعهم أمام المحاكم، إلا فيما يتعلق بمن تورط في أعمال تعذيب أدت إلى الموت، ولكن لا تنازل أبدا عن تسريحهم وإعفائهم من مهامهم كعلامة ضامنة على وجود تغيير حقيقي في بنية النظام.   قد يقول القائل أيها المسلم الصغير أنت فعلا صغير يحلم إذا اعتقدت أن بن علي سيتخلص من هؤلاء بعد تفانيهم في خدمته. وجوابه، بكل تواضع، وأنت أيضا يا أخي تحلم إذا أعطيت الأمان لبن علي وهو لا يزال يعتمد على خدمات هؤلاء المجرمين أو القضاة المتآمرين. إن تسريحهم ومحاسبتهم هو أقل إشارة تدل على تخلي نظام تونس بن علي عن يد إرهابه المتغلغلة في الأمن والقضاء، ومن تصور أن الحل مع النظام يمكن أن يقوم في وجود هؤلاء، فليتجهز لعقدين آخرين من السجون بعد سنتين أو ثلاث من إعداد سيناريو محاكمته كما وقع بعد انقلاب 87.   بكل تواضع أرى يا إخوتي أن نبقى هنا على جبل الرماة  وأن لا ننزل منه حتى نرى أن الواقع قد تغير بقدر آمن، فإنا إذا لم نستفد من أخطائنا فقد سفهنا بأنفسنا. وأذكر هنا أستاذي الذي أحسبه عند الله شهيدا عبد الرءوف العريبي، كان آمنا فوق الجبل، ثم ظن الفرج فنزل، فتلقته يد الزبانية وقتل تحت التعذيب الوحشي في أفريل أو ماي 91، وقد علمت أنه مات بعدما ثقبوا رأسه بمثقاب كهربائي بينما كانوا يحاولون قلع شعر رأسه فرحمه الله وتقبله.   أيُّ مصالحة هذه التي تتم تحت نظام بوليسي أمني لا رقابة عليه ولا حدود لسلطاته، ناهيك عن الدوائر السرية غير المقننة كالاستعلامات؛ وأيُّ أمان سيكون تحت بنية قضائية ضعيفة وفاسدة بل متواطئة ومتآمرة، ولا داعي لذكر الشواهد فكلكم يعرفها. وعليه أشير أيضا لإخواني أصحاب مبادرة حق العودة: ما هذا لنا بعنوان، لنبحث عن عنوان آخر لمعركتنا وسيكون لنا إن شاء الله ما دونه من العناوين. ليست معركتنا أن نعود بل إلى أي وضع نعود. ماذا لو رمى بن علي الكرة في ملعبكم وقال لكم مرحبا بكم عودوا جميعا: فهل ستعودون إلى حضن الجلاد وتسلموا أنفسكم إليه دون ضمانة أنه لن يعود لجرائمه من جديد؟ وهل نعود لنفر مرة أخرى أو لنسجن؟ وهل سنختزل مشكلة البلاد في السماح لنا بالعودة؟ وأي مشكلة ستحلها عودتنا؟ مشكلة البلاد أم مشكلتنا؟ وأي شيء يمنع بن علي أن يزج بنا في السجون بعد ذلك؟ أليس هو نفسه الذي قال من قبل « لا ظلم بعد اليوم »؟ لو عدنا يا إخوتي والحال على ما هي عليه فسنكون كالذي لـُدِغ من نفس الحية مرتين وليس من نفس الجحر؛ وواضح أن الذي يُلدغ من نفس الحية مرتين أسوأ حالا من الذي يلدغ من نفس الجحر مرتين، وأستغفر الله إن كان هذا القول تقديما بين يدي قول نبيه صلى الله عليه وسلم.     ثم لعل قائلا آخر يقول هذا اقتراح غير واقعي، لا تسمح به موازين القوى، ولن يقبل النظام به أبدا.   والجواب: فلم النزول إذا؟ لنبق هنا معا على جبل الرماة، ولنحفظ عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولنحم ظهور إخواننا ولا ننزل لمجرد ما رأينا من نصر جزئي. نحن هنا يا أهل المهجر في جبل الرماة فيا ليتنا ننتبه، ما كان لهذا الفرج الجزئي أن يتحقق لولا صبر إخوانكم في ساحة « أحُد » ولولا وقوفكم خلف ظهورهم هنا على جبل الرماة؛ وإن استمرار هذا النصر وزيادته يتوقفان على بقائنا وأدائنا فوق الجبل. فلا نترك الجبل، ولسنا أول معارضة أو آخر معارضة تشرد وتموت في المنافي والشتات، ولكن المفارقة هي أن لدينا رجالا ردوا العصا بلحمهم العاري على وجه الجلاد؛ فإذا أحسنا مؤازرتهم وترويج قضيتهم، وإذا وفقنا في حسن اختيار عنوان معركتنا الجديدة فسيقبر الجلاد حيا إن شاء الله، وسيكون النظام هو الذي يسألنا بالله وبالرحم والوطن أن نعود إلى أرضنا مثلما فعلت قريش بعد الحديبية مع أبو بصير عتبه بن أسيد وأبو جندل، أو كما حصل بعد الاعتصامات أمام السفارات لإعطاء جوازات السفر إلى نساء وأطفال المهجرين، وقد علمنا حينها أن الشرطة بادرت من نفسها بإعطاء الجوازات إلى العائلات قبل زيارة الرئيس إلى فرنسا في أواخر سنة 97، وقد علمنا أيضا أنهم ساعدوا حتى في الحصول على تذاكر السفر. وقدر الله وما شاء فعل، ولكن لو لم يقم النظام بهذه الخطوة المقترة الخبيثة الماكرة، ولو بقي إخواننا بلا نساء وأطفال كما هو حال السجناء لتواصلت الاعتصامات والمظاهرات الماراطونية ولتبت مشاريع النظام كلها ولحُـلـَّت مشكلتنا قبل هذا الأجل ربما بكثير، فالصبر والتؤدة وعدم التنازل والمثابرة تؤدي جميعا إلى تنازلات قد لا نتوقعها أبدا من الجلاد.  مثلما حصل أخيرا. (يتبع…)   السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.  

الحركة الإسلامية في تونس: البعد الوطني

 

رياض الباجي، كاتب تونسي. بإطلاق سراح الدفعة الأخيرة من المساجين السياسيين تخلو السجون التونسية لأوّل مرة منذ 1981 من حركة النهضة التي أثّرت بحضورها مثلما أثّرت بغيابها في تاريخ تونس المعاصر. وحركة النهضة، الحزب السياسي الإسلامي التونسي، تأسست يوم 6 جوان 1981، فكان بيانها التأسيسي معبئا ومطالبا بجملة من القيم السياسية كالحرية والديمقراطية والتعددية، ومعبرا عن الالتزام الكامل بها. ورغم الإقصاء الأمني والسياسي الذي مارسته السلطات التونسية آنذاك إلا أن سنوات السجن والنفي والمطاردة لم تزد هذا التيار إلاّ اقتناعا بشرعية رؤيته السياسية المتوخية نهج النضال المدني السلمي. ولقد تأكد ذلك من خلال التصريحات الصحفية التي صدرت آنذاك عن الشيخين راشد الغنوشي وعبد الفتاح مورو والتي أكدت على الاعتراف بالآخر واحترام حقوقه المقدسة في التفكير والتعبير والتنظم وممارسة السلطة في إطار الشرعية الانتخابية. إن المتتبع لهذا الخطاب يلاحظ هذا التوجه المنفتح وغير المشروط وهذا الاستعداد للتعايش السلمي مع كافة الأطراف بغض النظر عن معتقداتها أو آرائها. وهو توجه جديد لم تعهده الساحة التونسية السياسية إلا نادرا وفي فترات متأخرة. إذ أنّ السائد من خطابات تلك المرحلة هو الحرية الانتقائية والاعتراف المشروط. ولقد عبرت الحركة من خلال مواقفها المبدئية من هذه المسائل ليس فقط عن انفتاح فكري وإيديولوجي بل أيضا عن قراءة استشرافية ناجحة للواقع السياسي والحقوقي المحلي والدولي. فكلما تقدم بنا التاريخ كلما تأكدت أصالة وشرعية هذه المطالب. لكن للأسف ما فهمه الإسلاميون منذ بداية الثمانينات كان يتوجب انتظار عشرين سنة أخرى لتبدأ بعض العائلات السياسية والفكرية المعارضة بالاقتناع به. بل ما يؤشّر إلى عمق أزمة بعض وجوه الطبقة السياسية التونسية ونخبها أنها إلى الآن مازالت تعيش على صدى شعارات جامدة تؤمن بالحرية المنقوصة وتبرر سياسة الإقصاء. إنّ الحركة الإسلامية كرست مطلب الحرية حين حسمت الخلاف النظري حوله وأضافت إلى ذلك النضال الميداني لتحقيقه. ولقد تراكم الفعل السياسي الإسلامي في هذا المجال أثناء المواجهة التي عاشتها هذه الحركة سنة 1987 مع السلطات والتي برهنت من خلالها أنها كانت قادرة على الصمود والتمسك بخياراتها السياسية والنضالية دون الحاجة لمراجعة رؤيتها في المسألة. فخرجت من هذه المواجهة منتصرة ليس بإسقاط النظام وإنما بثباتها على مشروعها السياسي ومزيد التفاف أبنائها حوله ودفع الأطراف السياسية الأخرى لمراوحة أماكنهم التقليدية والجلوس معها في أكثر من مناسبة لترسيخ هذا الخيار السياسي. نجحت حركة النهضة في تجميع عديد الأطراف حول أولوية مطلب الحرية والديمقراطية وهذا مكسب وطني ارتقى بوعي النخب التونسية عن الصراع الإيديولوجي العبثي وعبّر عن طموحات فئات واسعة من المجتمع التونسي في الكرامة والحرية والعدالة والمساواة. فجاء تتويج ذلك في وثيقة الميثاق الوطني التي ساهمت الحركة بفاعلية في إعدادها من خلال الدفع لتضمينها المطالب السياسية المشروعة ومن خلال ما عبّرت عنه من لين في التفاوض واستعداد للتنازل لصالح مشروع وحدة وطنيّة. وكانت التجربة الميدانية مرة أخرى خير دليل على صدقية أيّ طرف فنجحت حركة النهضة في تجميع فئات واسعة من الجماهير واستطاعت أن تخاطب مستويات اجتماعية وثقافية وجهوية متفاوتة وان تعبر عن طموحاتهم الحقيقية وتخرجهم من واقع اللامبالاة واليأس من الإصلاح إلى وضع أكثر ايجابية وتفاعلا من دون أن تعمد إلى أساليب الإدانة الإيديولوجية أو التضليل السياسي. ولمّا واجهت الحركة حلقة جديدة من عنف الدولة وسياسة الاستئصال المنظم سنة 1991 صبرت واحتسبت واستمسكت بمشروعها وخياراتها السياسية ورفضت أن تنجر إلى سياسة التنافي التي حرصت السلطة على جر الحركة إليها من أجل تبرير بطشها. وعلى الرغم من شدة رواج نموذج النضال المسلح الجزائري آنذاك إلا أن الحركة عبّرت من جديد عن اتزان وبعد رؤية وعن تغليب للمصلحة الوطنية على ما أصابها من أذى فجددت التمسك بنهجها السياسي النضالي المدني. ولقد شهدت عديد المنظمات ومراكز الدراسات الإستراتيجية الدولية على أن حركة النهضة حركة سياسية تنبذ العنف وتلتزم بالعمل السياسي السلمي، بل وأكثر من ذلك اعتبرت بعض هذه الجهات أن الحركة عامل استقرار اجتماعي وسياسي نظرا لقدرتها الفائقة على تأطير الصوت المعارض وتنضيجه والابتعاد به عن أساليب التعبير العنيفة أو غير المنظمة. ففي حين شهدنا في منتصف الثمانينات كيف أن التعبير عن عدم الرضى عن السياسات المعتمدة اتخذ منحى خطيرا في ثورة الخبز عندما أعيق عمل الحركة التأطيري وأحيط بأهم قياداتها ومؤسساتها بين سنوات 1981 و1985. فانه وعلى الرغم من أن هذا الغضب الشعبي من سياسات السلطة لم ينقص شيئا سنة 1989 ولكن نظرا للحضور القوي للحركة آنذاك تحول هذا الغضب إلى تعبير مسؤول وايجابي من خلال القنوات التي من خلالها أمكن له التعبير عن نفسه أي هامش الحراك السياسي الذي توفر خلال العملية الانتخابية. ولقد تكررت الصورة مرت أخرى، على الرغم من الضغط الأمني القوي المسلط على كل نفس حر، خلال التسعينات وحتى الآن. فالغضب العمالي متصاعد أمام عجز اتحاد العمال عن تصريفه والتعبيرات العنيفة التي صدرت عن الشباب السلفي لم تجد الأطر التوجيهية القادرة على إقناعها وتحويلها إلى نضال سياسي سلمي وانتشار العنف والجريمة كلها مظاهر لضعف القوة التأطيرية والسياسية لدى المعارضة والسلطة على السواء أمام مواصلة إقصاء حركة النهضة رغم ما ظهر تاريخيا من قدرتها على المحافظة على التوازنات السياسية وضمان السلم الأهلي في البلاد. ومع كل ذلك تبقى مساهمة الحركة الإسلامية في الشأن الوطني قابلة للمراجعة والنقد. إذ من الأكيد أن أخطاء عديدة وقعت أثناء المسيرة ولا يفيد إنكارها أو تنزيه الحركة عنها. فإذا أرادت حركة النهضة أن تستعيد دورها الريادي في تونس المستقبل فان أحد المداخل الهامة التي عليها أن تلجها هو قيامها بنقد ذاتي يعتقد الكثيرون أن ما أنجز ونشر في بعض المناسبات غير كاف ليمثّل استجابة لهذا المطلب. إن ما يؤكد أهمية هذا المطلب أن حركة النهضة لم تكن مجرد حزب سياسي يزيد أعضاؤه وينقصون كما تتوسع وتضيق قواعد كل الأحزاب السياسية. لقد مثلت حركة النهضة جيلا تونسيا بأكمله بآماله وطموحاته، وفشلها في أن تحافظ على مستوى معين من هذه الآمال يستدعي هذا المطلب الوطني للنقد والمراجعة. إن عشرين بالمائة من التونسيين هؤلاء الذين منحوا أصواتهم لمرشحي هذه الحركة في انتخابات 1989 وأعداد واسعة من الشباب الذي لم يتمكن من التصويت لصغر سنه أو حرمانه من بطاقة ناخب والذي امتلأت به ساحات الشوارع والاجتماعات الانتخابية المؤيدة لها، وآلاف من الذين سرقت أصواتهم التي وهبوها لها وشهد على ذلك كل مراقب نزيه للانتخابات وإنّ الجيل الذي لم يع بعد آنذاك أو ولد في التسعينات وبلغت مسامعه أخبار تلك المرحلة كل أولئك وربما أكثر هم الذين يطالبون بالنقد الذاتي وكأنّ لسان حالهم يقول هل مازال بإمكان هذا التيار الإسلامي أن يعبر عنا من جديد، وكيف؟ (المصدر: موقع « الحوار.نت » (ألمانيا) بتاريخ 20 نوفمبر 2008)  


مجرّد حلم بقصر الرّئيس – المشهد الأوّل

   

كتبه عبدالحميد العدّاسي   عمّنا أمين الذيب أو الديب – كما هو باللهجة المصريّة – شاعر شعبي فحل، مغمور، يكثر من الحديث عن الفلاّحين والدّفاع عنهم ولا يتردّد في الإصداع بكلمة الحقّ، مؤمنا بأنّ الله هو الرزّاق ذو القوّة المتين… تابعت بعض أشعاره مرّة في أمسية عبر الجزيرة مباشر ومرّة ثانية عبر فضائيّة الحوار اللندنية الساعية إلى التميّز… وعمّنا أمين يُكثر في شعره من الهروب من دنيا النّاس النائمة إلى دنيا الأحلام المتحرّكة الصاخبة حيث تمكّنه حرّية الحلم من محاورة الشخصيات المهمّة وتوجيه النصيحة إليهم وحتّى تقريعهم في جرأة لا تحدّ منها إلاّ نداءات زوجته المنبّهة له بضرورة الرّجوع إلى حيث اليقظين الموتى!… وقد أصابني بعضُ ما أصابه، عدوى منه أو تأسيا به، فقد أحببته وأحسب أنّ مَن رآه مِن الأسوياء لا شكّ أنّه قد أحبّه، فحدّثت نفسي بأشياء كثيرة رأيتها لا تتحقّق إلاّ إذا كنت أحلم، فرأيتني – وأنا أقرأ الأسطر الأولى من خطاب رئيس البلاد التونسية بمناسبة الذكرى الحاديّة والعشرين للتحوّل – أجلس بباحة قد تكون في قصره، بحضرته وحيدا دون عسسه، أسأله مستوضا الكثير من المفردات التي ضاقت بها الأسطر الأولى من خطابه الذي ألقاه بمناسبة الذكرى الحادية والعشرين للتحوّل، مستأنسا بالرخصة الاستثنائية التي منحتها لي سنة الحوار مع الشباب، وقد كنت بالحلم شابّا يافعا… كنت أسمعه يجيب غير أنّي لم أحفظ منه شيئا ربّما لنقص في سلاسة لسانه، أو لقلّة إخلاص في أعضاء بيانه (القلب والعقل)، أو لارتعاش وتهدّج في صوته نظرا لكبر سنّه وتصدّع بنيانه، فالرّجل لم يبد لي كما يراه الرّائي عبر الشاشة، بل كان منهكا مغتمّا ذاهلا بحاجة أكيدة إلى انتعاشة… أو لأنّي كنت أحلم وترتيب أحداث الحلم صعب كما الحلم صعب تحقيقه ومناله!… قلت وقد كنت صريحا حريصا على اغتنام فرصة اللقاء متفكّرا في أهلي في عالم اليقظة والابتلاء:   1 –   أراك تكثر – سيادة الرّئيس – في خطبك من الحديث عن النخوة والاعتزاز والمجد والفخر، فهلّك أوّلا أن تشرح لنا مدلول هذه الكلمات حتّى نوحّد وإيّاك المصطلحات، فإنّ النّاس في إقليمك أو أكثريتهم – على الأقلّ – لا يرون نخوة مع انكسار ولا اعتزازا مع ذلّة وإذلال ولا مجدا مع تنكّر للهويّة ولا فخرا مع تدنٍّ وانحلال، وإذن فكيف يكون للمنكسر المقهور الذليل المكبّل المراقَب المنبتّ التابع أن يعمل للمستقبل بثقة؟!… ألا ترى أنّك تحمّل مواطنيك – وأنت تخاطبهم بالألقاب « أيّها المواطنون، أيّتها المواطنات » ما لا يطيقون حين تدعوهم إلى مزيد عمل لا يزيد إلاّ من إغراق البلاد حسب رؤيتهم!…   2 –  أراك تصرّ على أنّ ما وقع خلال الإحدى وعشرين سنة كان إصلاحا محضا، وتفتخر بذلك كثيرا حتّى تنسى ربّك أو تستحي منه – لا أدري – فلا تشكره ولا ترجع إليه الفضل في تحقيق أيّ نجاح من نجاحاتك، بل ترجع ذلك كلّه إلى وفاء شعبك والتفافه حول خياراتك وانخراطه في برنامجك وتوجّهاتك… وقد تمنّيت عليك أن تطلعني كيف حصل عندك هذا اليقين؟! أحادثتهم وحادثوك أم ناقشتهم وناقشوك أم هي نبوّة بعد محمّد صلّى الله عليه وسلّم أطلعتك على ما في صدورهم أم هو ما يجب أن يكون عليه الحال فلا مجال لإثارة الشكوك والإكثار من قيل وقال؟!… أحسب – سيادة الرّئيس – أنّه لا بدّ من معرفة مواطنيك والاقتراب منهم وتلمّس مواطن وأسباب فرحهم وحزنهم، فإنّك إن فعلت علمت بأنّ الأغلبيّة فيهم لا يوافقون انحرافاتك في تطبيق رسالة التغيير أو التحوّل ويتّهمونك بأنّك قد غيّرت حياتهم إلى الأسوأ وحوّلت وجهتهم نحو الأرذل… ثمّ إنّي لم أفهم حديثك عن الشعب وعن التونسيين والتونسيات!..: أيكون شعبك هو عصبتك وبطانتك وزبانيتك، فتصدق في هذه الفقرة بنسبة مائة بالمائة، فإنّ التونسيين والتونسيات – وأنا منهم – لم يروا التافا من أناس حول شخص التفاف « شعبك » بك، حتّى أنّه منعك من معرفة التونسيين والتونسيات، حتّى أنّه حال دونك ودون العمل بدستور البلاد التونسية، حتّى أنّه حرمك من التواجد في سجلّ الأعلام التونسيين ممّن خدموا بلادهم وتفانوا في إكرام أهلهم بالعلم والتحرّر والانعتاق والسمو والرفعة… نعم قد جعلك « شعبك » دليلا على الشرور والمظالم والانحلال والانبتات والرّداءة، ولو انحزت إلى التونسيين والتونسيات لنفعوك بعد الله بإرادتهم وعزيمتهم وإصرارهم على الخير والمعروف!… فانطق إذن باسم « شعبك » ولا تستعمل أسماءنا – نحن التونسيين والتونسيات – فإنّك لست منّا ولسنا منك!…   3 –  « ويطيب لي في هذه المناسبة أن أهنئ الفنان زبير التركي بجائزة 7 نوفمبر للإبداع تقديرا لأعماله الرائدة في ميدان الفنون التشكيلية »، مَن زبير هذا (رأيت الرّجل بالتلفاز عند التكريم، وأحسب أنّه مسكين فتنته الحاجة رغم سنّه، فكان منه ما كان حتّى أفقد الصانع حسن التدبير)؟!…أعرفتَه بالجائزة أم عرّفتَ الجائزة به، أم هي خدمة للسابع الذي لا يمكنك الاستمرار بدونه؟!… ألا يرى كاتب خطبك خفّة عقل في هذا الأمر، فإنّ هذه التهاني تكون ملحقة في آخر الخطاب وليس في أوّله؟!… هل عاتبت كاتبك الساعي لا محالة إلى مرضاتك ومرضاة السابع؟!… هل بيّنت له أنّ هذه الجائزة مهما ندرت فإنّها لا تعني شيئا في مجتمع يسكن الكثير من أهله السجونَ والبيوتاتِ المحروسة من الشرطة والقوّادة ليلا نهارا، وأنّ « تميّز وتكريم » زبير في مسابقة « السابع » لا تنسي النّاس أبدا حرمانهم طيلة بقيّة أيّام السنة رغم تميّزهم في ميادين عملهم وإخلاصهم في أعمالهم!…      4 –  تدفعك سلامة الخيارات والسياسات التي اعتمدتها إلى الإصرار على كسب الرّهانات ورفع التحدّيات وإدراك الأهداف المرسومة، هكذا جاء في خطابك! فما هي هذه الرّهانات ومن راهنت عليها وما هو شرعيّها من عدم شرعيّها وفي وجه من ترفع التحدّي، أهو دائما في وجه التونسيين والتونسيات لمصلحة « شعبك »؟!… وما مدى صحّة الأهداف المرسومة وما ضمان عدم الحياد والانحراف عنها، وقد رأيناك تخلف الوعد وتكذب الحديث وتخون الأمانة، أم أنّك نسيت أوّل سابع – وقد كان منذ واحد وعشرين عاما- فقد قلت فيه ما قلت حتّى لقد صدّقك التونسيون والتونسيات ولمّا يلتفّ حولك إبّانئذ « شعبك »؟!…   هذا وقد كنت أنوي الاسترسال لولا أنّي أجبرت على العودة إلى عالم الأحياء فأقلعت عن بعض صراحتي مراعاة للمتربّصين بي، ممنّيا النّفس بركوب الأحلام ثانيّة لمواصلة تحليل هذا الخطاب الذي لا يقبل أغلبه إلاّ بالاحتماء بعالم الأحلام فإنّ مواجع الواقع تصرف الآذان عن سماعه…   يتبع بإذن الله…    

 « خواطر الحريّة بعد أن زفّوا إليّ ما حصل لفريد »

 

لإن كانت الدّيمقراطيّة لوحة زيتيّة جميلة لا ترسم أبدا بلون واحد و لإن كانت الحريّة معزوفة سمفونيّة لا تعزف إطلاقا بصوت واحد فإنّ واقع المناخ الدّيمقراطي في وطني رسمته و عزفته السّلطة بألوان و أصوات عديدة اجتمعت كلّها في منهج واحد : تكميم الأفواه و حدّ من الحريّـات و حقوق الانسان …فكانت تراجيديا سلطويّة..تراجيديا بلاط أحاديّة التوجّه .. لا يطوق إليها عصفور باحث عن الحريّة. لكي لا نجازف بقول مواطن باحث عن رقعة جغرافيّة, يمارس فيها حقّه في المواطنة. ذاك ما كان مع صديق عرفته قليلا و لكنّني أيقنته شاعرا .. أديبا .. مناضلا .. محتفلا بقيم الجمال و الأخلاق و الحريّة, الصّديق فريد خدّومة الذّي شلّت حركته و كمّم فمه لكي لا تطلق حنجرته صرخة الحريّة خوفا على الأمن العام و الحكم الرّشيد ؟؟؟؟ عرفهم ..ولكنّهم من المؤكّد محسوبون على المجهول من المحاضر. اقتادوه من أمام منزله ببرج الوزير بالعاصمة و توجّهوا به إلى الضّواحي قصد التّرويح عنه و اعطائه لمحة عن محاسن البلاد في ضلّ التّغيير و حكم صديقنا وحيد القرن ذاك .. حفظ اللّه كلّ قريب و بعيد من خلود كرسيّه. كمّموه و ربطوا يديه إلى الوراق أولائك من ادّعوا التقدّم .. ضربوه لكي يستحي عن قول العيب في زمن أصبحت فيه مقـولة الحريّة من العيوب … و من فرط حبّـه المسكيـن و ولائه لذاك المبدأ العظيم أغمي عليه, فتركوه ملقى بإحدى شوارع العاصمة لكي يعيش الحريّة الحقّة, الّتي لم تخلق في وطني لغير القطط و بعض قطّـاع الطّرق ؟؟؟.. سمعت الأخبار مؤخّرا عن صديقي, فارتبكت بعد أن تراءى في ذاكرتي حديث سمعته عن الحريّة؟..على ما أذكر يوم 07 نوفمبر 87 أو 89 أو 93 أو 2007 أو 2008 ..لا أدري متى تحديدا؟؟؟؟ و لكنّني سمعته مرارا … و أسفي على نفسي أنّي كنت وقتها أصدّق الأكاذيب. نزار بن حسن شاب ديمقراطي تقدّمي  

أيمن الرزقي: الممارسات « الهمجية » ضد قناة الحوار
التونسي لن تزيدنا إلا إيمانا بنبل رسالتنا الإعلامية

 

أيمن الرزقي  تونس- أجرى الحوار سفيان الشورابي  قال سكريتير تحرير قناة الحوار التونسي إن الممارسات « الهمجية » التي تقوم بها السلطات ضد القناة والعاملين بها لن تزيدهم إلا إيمانا بنبل الرسالة الإعلامية التي يؤدونها. وأعرب أيمن الرزقي في حوار خاص مع « آفاق » عن أسفه على عدم توفر المناخ الذي يسمح للصحفيين في تونس بأداء رسالتهم الإعلامية. ونفى الرزقي أن تكون القناة تمارس التهويل في الإخبار والتقارير التي تنشرها واتهم السلطة بتزييف الحقائق. وقال « نحن في قناة الحوار التونسي لسنا من هواة التهويل والمبالغة وإنما نتعامل مع الأحداث بكل واقعية مهما كانت طبيعتها ولكن التزييف المتواصل للحقائق من طرف السلطة يجعل المتفرج في حيرة من أمره بين خطاب يمجد ويناشد ويسبح بحمد النظام وبين خطاب واقعي ينقل الأحداث كما هي ويرفض التعامل مع الفاعلين السياسيين بمنطق الإقصاء والتمييز ». وأرجع الرزقي المضايقات التي يتعرض لها الصحفيون العاملون في القناة إلى عملهم « بدون خطوط حمراء وسعيهم المتواصل لنقل الحقائق للمتفرجين في الداخل والخارج الوطن. أما عن مصادر دعم القناة فقال الرزقي « يتكفل مدير القناة بتأمين الحد الأدنى الذي يمكننا من مواصلة مشوارنا الإعلامي كما أننا لا نطالب بأجور خيالية لعلمنا بالوضعية المادية الصعبة ولإيماننا بأن نضالنا من أجل الكلمة الحرة يأتي قبل كل شيء لذلك رفض أغلبنا ترك القناة رغم توفر العديد من العروض المغرية داخل و خارج الوطن ». وفيما يلي نص الحوار: آفـاق: كيف انطلق مشروع قناة الحوار التونسي؟ الرزقي: المشروع انطلق في شكل مغامرة من مدير القناة الطاهر بن حسين ليس في بعث قناة مستقلة في خط تحريرها عن السلطة فحسب وإنما في تعويله علي مجموعة من طلبة وخريجي معهد الصحافة لتكوين النواة الأولى للقناة. ورغم عدم امتلاكنا للخبرة اللازمة فقد تمكنت مجموعة الشبان تلك من ترجمة احلامها في تأسيس قناة لا تخضع لإملاءات أي كان. وأثبتنا لمدير القناة وللمتابعين أننا في حجم هذه المسؤولية…وما استمرارية القناة في البث منذ تركيزها بتونس إلا دليل على ذلك. آفاق: حدثنا عن تجربة القناة طيلة الفترة الماضية. الرزقي: الفترة الماضية يمكن تقسيمها إلى مرحلتين رئيسيتين. المرحلة الأولى: عندما كان المقر الرئيسى للقناة بباريس حيث اقتصرت البرمجة على اجراء حوارات مع الفاعلين في الحقل السياسي والجمعياتي وتقديم مادة اخبارية متواضعة لعدم توفر مقاطع فيديو ترافق الاخبار ولم نتمكن في تلك الفترة من اجراء تحقيقات ميدانية تفضح  الكذب المتواصل للاعلام الرسمي حول مستوى المعيشة ووضع الحريات. المرحلة الثانية: بدأت منذ تحويل المقر الرئيسي للقناة إلى تونس العاصمة وتجديد شبكة المراسلين في مختلف ولايات البلاد وهو ما مكن القناة من تأمين مادة اعلامية محترمة واجراء العديد من الريبورتاجات والتحقيقات التي تبرز البون الشاسع بين خطاب السلطة واعلامها الرسمي وبين ما يجري على أرض الواقع وما نجاحنا في تغطية ستة أشهر من انتفاضة المناجم إلا دليل على ذلك. والآن تحاول القناة احداث تغييرات وتطويرات نحو الأفضل سيكتشفها جمهور النظارة في الأسابيع القليلة القادمة. آفـاق: ماذا غيرت القناة في المشهد الاعلامي التونسي؟ الرزقي: رغم وجود بعض العناوين الجريئة التي تحاول الصمود في وجه هجمة السلطة المتواصلة على قطاع الإعلام بغاية تدجينه فإن المشهد الإعلامي اليوم لا يشرف ولايليق ببلد مثل تونس تتوفر فيه كفاءات إعلامية يفضل أغلبها الهجرة لعدم توفر مناخ من الحرية يسمح للصحفي بآداء رسالته الإعلامية دون التعدي على أخلاقية المهنة. وما الطابع الزجري لمجلة الصحافة إلا دليل على ذلك. أضف إلى ذلك التوزيع الغير عادل للدعم والإشهار العمومي الشيء الذي جعل العديد من العناوين الصحفية تتسابق في التملق والتمسح على أعتاب الحزب الحاكم عوض التنافس من أجل تقديم مادة إعلامية تليق بالجمهور التونسي وحتى الخارجي. دون أن ننسى تعمد السلطة تجميد العديد من العناوين مثل صحف البديل/ الرأي/ المغرب/ لوفار/ وغيرها ورفضها منح رخص عمل لمؤسسات إعلامية لاتسبح في فلكها. وفي مواجهة كل القتامة الإعلامية تحاول المنابر مثل صحف الطريق الجديد / الموقف /مواطنون/ راديو6/ راديو كلمة/ قناة الحوار التونسي/ كسر القيود التي تفرضها السلطة متحدية الحصار الامني والمالي الذي تعاني منه هذه المؤسسات الإعلامية . ولا يمكن الحديث عن تغيير فعلي في المشهد الاعلامي التونسي دون العمل المشترك من اجل تغيير هذا الواقع المزري للاعلام التونسي وهو الخطاب الذي تسير فيه قناتنا منذ انبعاثها غير عابئة بالمضايقات الامنية المتواصلة. آفـاق: تتهمون دوما بتهويل الأمور، هل هذا صحيح؟ الرزقي: هذا الكلام مردود على اصحابه فنحن في قناة الحوار التونسي لسنا من هواة التهويل والمبالغة وإنما نتعامل مع الأحداث بكل واقعية مهما كانت طبيعتها ولكن التزييف المتواصل للحقائق من طرف السلطة يجعل المتفرج في حيرة من أمره بين خطاب يمجد ويناشد ويسبح بحمد النظام وبين خطاب واقعي ينقل الأحداث كما هي ويرفض التعامل مع الفاعلين السياسيين بمنطق الإقصاء والتمييز. كما أن الصور التي نقلناها مثلا في تغطية انتفاضة المناجم لم نأت بها من بوتسوانا ولا من المريخ ولا لكنها تعكس حقائق ملموسة نقلت بالصوت والصورة وذكاء المشاهد يمكنه من التعرف على الجهة التي تعتمد المغلطة واخفاء الحقائق أو التهويل والنفخ في أحداث فارغة المحتوى. كما أن أرشيف القناة موجود على شبكة الانترنت على ذمة الجميع وبالإمكان التثبت من كل التغطيات التي أنجزناها. آفـاق: لا تتحصل القناة على دعم عمومي، فما هي مصادر تمويلكم؟ الرزقي: السلطة في تونس ترفض الإعتراف بقناة الحوار التونسي وبالتالي لم نتخيل ولم نطمع يوما في دعمها رغم أن المنابر الإعلامية الحرة مثل قناتنا أحق بامئات الملايين التي تبعثرها السلطة من أجل تجميل صورة النظام ومغالطة الرأي العام. ويتكفل مدير القناة بتأمين الحد الأدنى الذي يمكننا من مواصلة مشوارنا الإعلامي كما أننا لا نطالب بأجور خيالية لعلمنا بالوضعية المادية الصعبة ولإيماننا بأن نضالنا من أجل الكلمة الحرة يأتي قبل كل شيء لذلك رفض أغلبنا ترك القناة رغم توفر العديد من العروض المغرية داخل و خارج الوطن. آفـاق: يتعرض الفريق العامل للقناة للكثير من التضييقات أثناء عملهم، ما مرد ذلك؟ الرزقي: مرد ذلك أن الحوار التونسي قناة بلا خطوط حمراء وفي سعينا المتواصل إلى نقل الحقائق للمتفرجين داخل وخارج الوطن تصارب صريح مع الصورة الخيالية التي تضنى السلطة في رسمها عن تونس وهو ما يكلفنا العديد من الإعتداءات بالعنف الجسدي واحتجاز معدات التصوير والإيقافات المتكررة والمراقبة المستمرة لمقر عملنا ولخطوط الهاتف. وما حشر مراسلنا بقفصة الفاهم بوكدوس في قضية وفاق قفصة عقابا له على آداء واجبه الإعلامي إلا دليل على أن الحوار التونسي تزعج أيما ازعاج النظام الذي يصر كل يوم على اثبات عداءه الصارخ لحرية التعبيروالصحافة. وفي الحقيقة فإن هذه الممارسات الهمجية والمتخلفة والتي تعكس ضيق صدر السلطة وتعنتها لا تزيدنا إلا إيمانا بنبل رسالتنا الإعلامية وتمسكا بمواصلة المشوار كلفنا ذلك ماكل (المصدر: موقع آفاق الإلكتروني بتاريخ21 نوفمبر 2008)  

عمار 404 وذراعه العنكبوتية الجديدة

    

بدر السلام الطرابلسي   دخلت مساء يوم 18 نوفمبر مركز عمومي للانترنات بوسط العاصمة لأتفحص بريدي الالكتروني على محرك البحث « ياهوو » yahoo بسبب استحالة الولوج إليه من مقر عملي بقناة الحوار التونسي، وهنا أفتح قوسا إذ أنه بالإضافة إلى المواقع والمدونات المغلقة والتي نشترك فيها مع جميع متصفحي الأنترنات بتونس فإن شرطي الرقابة وخلاف لقرار الرئيس قرر مواصلة غلقه للموقع الاجتماعي فايسبوك facebook على قناة الحوار لغاية في نفس  « عمار 404 » هذا إضافة للقرصنة المتواصلة للشبكة الداخلية للقناة، إذا أعود لحكاية البداية اذ بعد دخولي للمركز  العمومي للانترنات وجلوسي أمام أحد الحواسيب وجدت أحد البرامج التي تتطلب رقم المستعمل وكلمة السر حتى يتمكن المبحر من الولوج لشبكة الانترنات. لم أستغرب الأمر في البداية لعلمي بهذا البرنامج مسبقا منذ قرابة الستة الأشهر إلا أنني لم أوليه الأهمية اللازمة حينها لظني بأنه سيكون أحد فئران التجارب الافتراضية لتطوير جهاز الرقابة ولن يطول  مكوثه.. غير أنه استوطن بيننا وتكاثر في غالبية المراكز العمومية للانترانت، ويتطلب استعمال هذا البرنامج البيانات الشخصية الموجودة على بطاقة التعريف الوطنية. وحتى وان كنت تحفظ البيانات الموجودة على بطاقة التعريف عن ظهر قلب ونسيت أو أضعت بطاقة تعريفك فلن تتمكن من فتح هذا البرنامج والولوج من بوابته وهذا ما حصل معي عندما أردت الإبحار على الشبكة العنكبوتية  وهكذا أجابني عامل المركز والذي من الأكيد أنه تلقى تعليماته من زبانية « عمار 404″.                                                      من الجلي في هذا المقام أن الهدف من زرع هذا البرنامج في المراكز العمومية للانترنات هو التجسس على مستعملي الشبكة على اختلاف مشاربهم و اختراق خصوصياتهم  ومعلوماتهم سواء أكانت الشخصية أو الموضوعية والتطرق عن كثب إلى معاملاتهم وعلاقاتهم ورسائلهم، والويل لمن تسول له نفسه للإبحار في الممنوع والخوض في  » بورنغرافيا  » السياسة، أما إذا تجاوز الخطوط الحمراء واستعمل جرعة من فائض كسر الرقابة فإن معلوماته الشخصية التي زودهم بها في البداية عندما استعمل هذا البرنامج ستختزل لهم الكثير من مجهوداتهم المخابرتية وتمكنهم من  » عدوهم  » في لمح البرق…!!! المشكل في تونس هو أن التكنولوجيا المعلوماتية والانترنات متأخرة عن الدول المتقدمة وحتى على الكثير من الدول النامية على مستوى سرعة الولوج للشبكة والتجهيزات القمينة بتحقيق ذلك إضافة للتكلفة المرتفعة  لاستعملها في حين أن بلدا مثل المغرب يتجاوزنا كثيرا في هذا المجال وخاصة في الجانب المتعلق بالتكاليف..ولن نتحدث عن حرية الوصول للمعلومة اذ لا تصح المقارنة أصلا..!! هذا فيما يتعلق بالتكنولوجيا المعلوماتية أما بالنسبة لتكنولوجيا الرقابة على المعلومة فإن الوكالة التونسية للانترنات توظف كل الإمكانيات العمومية لتوريد أحدث الأجهزة والبرمجيات الكفيلة بغلق المواقع  » المناوئة  » و » المغضوب عنها  » في عرف الخطاب الرسمي التونسي. ولعل القضية المرفوعة من قبل الزميل زياد الهاني على الوكالة التونسية للانترنات لحجبها  الموقع الاجتماعي فايس بوك facebook أكبر دليل على مدى تغلغل الرقابة داخل الشبكة واغلاقها ليس فقط المواقع الحزبية والحقوقية بل وحتى المواقع الاجتماعية مثل الديلي موشين dailymotion  واليوتوب youtube  وغيرها كثير.. انه لمن المخجل حقا أن يبقى بلدنا تونس في آخر القائمة  فيما يتعلق بدرجة احترامه للمعلومة والرأي الحر في حين أن العالم من حولنا يفتح أكثر حدوده السياسية و الحقوقية و المعلوماتية  الافتراضية  بفعل زخم الثورة المعلوماتية العابرة للحدود والقارات.. هل كتب علينا أن نتنفس دي أكسيد القرون الوسطى وما تحمله ذراته من عسف وجور …واختناق!!!! أما آن لنا أن نحي مثل باقي الأمم والشعوب ولو حتى بالسميق الحرياتي كما يعيش الشعب المغربي بفضل الإصلاحات السياسية.. ولكن ما عساي أن أقول إلا  » لمن تقرأ زابورك***  يا داوود  »  *لقب يطلق على شرطة الانترنات في تونس ·**صحافي بقناة الحوار التونسي ·*** كتاب مقدس من العهد القديم  
(المصدر: موقع آرام الإلكتروني ( لندن ) بتاريخ 19نوفمبر 2008)

التكّاري يشنّ حملة على الحقوقيين

 

شنّ وزير العدل التونسي البشير التكاري في محاضرة ألقاها يوم أمس تحت عنوان « حقوق الإنسان ومخاطر التوظيف » حملة على النشطاء الحقوقيين والمنظمات والجمعيات المستقلّة في تونس معتبرا إياها خاضعة للتوظيف ومتطرّفة وفي تبعية لحكومات ودوائر أجنبية. وانتقد التكاري نشطاء حقوق الإنسان معتبرا أنّهم يوظّفون حقوق الإنسان في أغراض شخصية وانتهازية ومؤكّدا على أنّ تونس التزمت منذ 1987 باحترام حقوق الإنسان وأنّ منجزات تونس في هذا المجال كانت محلّ تنويه من اللجنة الدولية لحقوق الإنسان في المنتظم الأممي. وأشار التكّاري إلى أنّ بعض المتطرّفين والمتأذلجين من أقصى اليسار والإسلاميين يستعملون غطاء حقوق الإنسان لتحقيق أغراضهم السياسية. <!–[endif]–> وكان التكّاري قد ألقى محاضرته أمام طلبة المدرسة الوطنية للإدارة في نشاط سابق لأوانه بمناسبة الذكرى الستين للإعلان العالمي لحقوق الإنسان. ولم يذكر التكّاري الخروقات اليومية والمنهجية التي يستعملها النظام التونسي في تعامله مع شتّى القضايا سواء في مجال الحقوق العامة أو الحقوق السياسية أو الحقوق الشخصية ولم يذكر أيّا من الانتهاكات التي تضاعفت نسبتها وحدّتها في السنوات الأخيرة عقب قانون 10 ديسمبر 2003 لمكافحة الإرهاب كما لم يتطرّق إلى عمليات التعذيب في السجون التي أصبحت أحد خصائص النظام التونسي ولم يطرح قضيّة انتهاك حرية المراسلة والمسكن والتنقّل التي تمارس بشكل يومي على نشطاء حقوق الإنسان وعلى أغلب المواطنين. مناظرة للاختراع تبدأ غدا السبت 22 نوفمبر مناظرة لـ »الاختراع والتجديد » تنظّمها الجمعية التونسية للمخترعين بـ »قطب الغزالة لتكنولوجيات الاتصال ». وتستمرّ المناظرة إلى يوم الاثنين 24 نوفمبر الجاري. ومن المنتظر أن يشارك في هذه المناظرة أكثر من 70 مخترعا من مختلف جهات البلاد ينشطون في مجالات الاقتصاد والطاقة والمياه والمحافظة على البئة والتجديد الصناعي والفلاحي والطبّ والخدمات. هذا وسينعقد على هامش التظاهرة لقاء حول موضوع الملكية الفكرية والتجديد سيتمّ خلاله توقيع اتفاقية بين الجمعية وغرفة التجارة والصناعة. وتمثّل مسألة تأطير المخترعين والمبتكرين في تونس هاجسا كبيرا نظرا إلى ضعف العناية الحكومية بهؤلاء كما أن نسبة ما ترصده الدولة من تمويل للبحث العلمي لا تزال ضئيلة للغاية بما جعل البعض يلجأ إلى الخواص فيما تلجأ الأغلبية إلى الهجرة لإتمام بحوثها. إيقاف صحيفة إماراتية عن الصدور قضت محكمة أبو ظبي الاتحادية بالإمارات يوم الأربعاء الماضي بإيقاف صحيفة « الإمارات اليوم » عن الصدور لمدّة 20 يوما في دعوى قذف وتشهير. هذا وحكمت المحكمة بغرامة مالية على مدير المؤسسة ورئيس تحريرها وذلك على خلفية مقال صدر بالصحيفة في شهر أكتوبر 2006 يتّهم ملاّك الاسطبلات في منطقة ورسان بالإمارات باستعمال المنشّطات للخيول في إطار السباقات. وطالبت منظّمات تعنى بحرية التعبير وبالدفاع عن حرّية الصحافة بإلغاء العقوبة وإيقاف تنفيذها نظرا إلى أنّها تتناقض مع المواثيق الدولية التي تنصّ على حرية الإعلام. وتتميز صحيفة الإمارات اليوم بدرجة من الاستقلالية عن المؤسسة الرسمية وبنقلها لمشاكل وقضايا المواطنين وهي تمثّل ظاهرة منفردة في مجال الصحافة داخل الإمارات العربية المتّحدة. مراسلون بلا حدود تطالب بالإفراج عن صحفي معتقل في العراق طالبت أمس منظّمة مراسلون بلا حدود في بيان لها قوات الاحتلال الأمريكي في العراق بالإفراج عن المصوّر الذي يعمل مع وكالة الأنباء البريطانية إبراهيم حسام المعتقل من قبل جنود الاحتلال منذ بداية سبتمبر الماضي. وكانت مراسلون بلا حدود قد أشارت في وقت سابق إلى اعتقال 12 معاوناً لوكالة رويترز البريطانية للأنباء في العراق تمّ الإفراج عنهم. وأقدمت القوات الأمريكية والعراقية على اعتقال إبراهيم جسام في غرّة سبتمبر 2008 في منزله بمنطقة المحمودية جنوب العاصمة بغداد وقامت بمصادرة معدّات عمله. تداعيات الأزمة المالية العالمية في تقرير لمنظّمة العمل الدولية قال بيان صدر أمس الخميس عن منظّمة العمل الدوليّة إنّ عدد العاطلين عن العمل جرّاء الأزمة المالية العالمية سيبلغ العام القادم 210 مليون عاطل. وأوضح البيان أنّ عدد العمال الذين يصنّفون تحت خطّ الفقر سيزداد عددهم بـ 40 مليون عاملا يتقاضون أجرا يوميا أقلّ من دولار واحد فيما سيزداد معدّل العمال الذين يحصّلون دولارين في اليوم بمائة مليون عامل، وتصنّف المنظّمة النوع الأوّل بمرتبة تحت خطّ الفقر المدقع فيما تصنّف النوع الثاني بمرتبة تحت خطّ الفقر. وأضاف المدير العام للمنظّمة أنّ قطاعات كبيرة خصوصا منها الصناعية ستتضرّر بشكل مباشر من هذه الأزمة وعدّد منها صناعة السيارات والمنشآت والسياحة والخدمات المالية. وكان التأثير المباشر للأزمة قد أدّى إلى تحوّل أكثر من 50 ألف عامل في القطاعات المالية الفرنسية إلى وضع البطالة بعد يومين من اندلاع الأزمة فيما توقّع خبراء مصريون أن يزيد عدد العاطلين في مصر بأكثر من 300 ألف مواطن. انتقادات للخصخصة في مصر صدر بيان يوم أمس الخميس عن المكتب السياسي لحزب التجمّع المصري المعارض انتقد عمليات الخصخصة الكبيرة التي وقعت في القطاعات العامة. ووصف البيان النظام المصري بأنّه باع نصف القطاع العام خلال 17 عاما في ردّه على مشاريع طرحتها الحكومة المصرية للخصخصة في الآونة الأخيرة. وكانت الحكومة المصرية قد قدّمت ملكية 86 شركة مصرية إلى الشباب المصري البالغ من العمر 21 عاما في إجراء للتخلّص من مسؤولية هذه الشركات وفي امتصاص لحالة الفقر المدقع والبطالة المنتشرة في أوساط الشباب. غير أنّ انتقادات وجّهت للحكومة حول هذا البرنامج اعتبرت أنّ هذه العملية هي تخلّ للدولة عن مسؤوليتها وأنّ الأغلبية الغالبة من أصحاب « صكوك الملكية » سيفوّتون في أسهمهم من المشاريع إلى رجال الأعمال والمستثمرين نظرا لعدم توفّر مناخ اقتصادي متوازن لعمل المؤسسات التي تمّ التفويت فيها. (المصدر: موقع كلمة الوقتي ( الموقع الرسمي مضروب – تونس ) بتاريخ 21 نوفمبر2008)  
 

من تحف صحافتنا: انتفاضة الحوض المنجمي
نشرة فاتن الحمدي   نشرت مجلتنا التونسية « حقائق » في العدد الأخير 76 تحقيق صحفي كتبه احد  » الزملاء » حول مدن الحوض المنجمي و الاحتفالات بالجهة بالذكرى 21 لوصول بن علي للحكم الذي أضحى عند البعض من الأعياد المقدسة على قلوبهم . و ما تغافل عن الزميل أن الصحافة تظل دوما السلطة الرابعة و صاحبة الكلمة الحرة و قرر نفي انتفاضة الحوض المنجمي و إرجاعها إلى مقالات الصحافة الحرة « …قد يكون التعاطي الإعلامي مع تلك الأحداث هو الذي أشعل فتيل المزايدة … » يعنى أن السبب في اشتعال التحركات يعود إلى الأقلام الحرة؟ وقد تطرق « الصحفي  » إلى « الحشود الهائلة  » التي هبت إلى استقبال الأمين العام للحزب الحاكم و رفعت الشعارات  » بن علي يا رجال ..قفصه معاك نساء و رجال » و من المعروف في هذه المناسبة كيف تتم الاحتفالات باستدعاء المواطنين سواء بالترهيب أو بالارشاء للحضور و الاصطفاف في الطوابير و رفع الشعارات التي لا تعني لهم شئ و هذا ما راه « الزميل  » في زيارته الميدانية إلى قفصة. و لكن التاريخ وحده كفيل بمعرفة من يزايد على من ، فمن سيغيب عليه بوادر الانتفاضة التي انطلقت منذ يوم 5 جانفي 2008 اثر إعلان نتائج مناظرة انتداب أعوان و كوادر شركة فسفاط قفصة و التي أدت إلى مسيرات حاشدة و انطلاق إضرابات عن العمل بأم العرائس و المظيلة و الرديف ورفعت خلالها شعارات واجب حق التشغيل. و منذ ذلك التاريخ إلى اليوم لا تزال مدن الحوض المنجمي تعيش تحت طوق الحصار الأمني لحماية باقي الجهات من عدوى الانتفاضة …من سيغيب عن ذهنه عدد المساجين و التهم الموجهة لهم أهمها محاكمة الوفاق التي ألغت الحق في التشغيل و العيش الكريم إلى الانتساب إلى عصابة……. من سيغيب عن ذهنه الشهداء الذين قدمتهم الانتفاضة من سينسى الشهيد هشام بن خدو الذي استشهد صعقا بالكهرباء و الشهيد نبيل شقرة الذي مات دهسا بسيارة البوليس و الشهيد حفناوي المغزاوي الذي استشهد بالرصاص الحي و الشهيد عبد الخالق بن مبارك الذي استشهد بعد أكثر من ثلاثة أشهر من المعاناة بعيار ناري أصابه يوم 6 جوان الماضي بالرديف. و كم من أحرار هذا الوطن الذين ساندوا أهالي الانتفاضة من حقوقيين و صحافيين و الذين تمت هرسلتهم و سجنهم :مراسل أسبوعية صباح الخير ، صحيفة الطريق الجديد ، الفاهم بوكدوس و أيمن الرزقي من قناة الحوار التونسي و زكية الضيفاوي من صحيفة مواطنون و التي سجنت لمدة أربعة أشهر…….. فهل إن كل أحرار هذا الوطن يزايدون على الانتفاضة؟ فقط أبواق السلطة و الصحف الصفراء هي التي تطربنا بين اللحظة و الأخرى برواية جديدة لهذه الانتفاضة و محاولتها طمس الحقيقة. لتخر كلماتي لمن يأبى لنفسه الصمت أمام ما يحدث و بالأخص إلى هذا « الزميل » كلمات من قصيدة  » المدن الجريحة »لشاعرنا الطاهر الهمامي : يلهث المنجمي على حافة الشارع الرئيسي ينادى لا تخلعوا قوتنا و تفتشوا بيتنا الخاوية…….  
 
(المصدر: موقع كلمة الوقتي ( الموقع الرسمي مضروب – تونس ) بتاريخ 21 نوفمبر2008)  

تهديم البيوت، سياسة مؤسسات أم طغيان أفراد؟

 

 
نشرة الصحبي صمارة  المواطن الجيلاني بن بلقاسم بن محمد دريدي، العمر 51 عاما، أب لأربعة أبناء ومسؤول عن عائلة تتكوّن من ستّة أفراد، يعمل بالحظيرة، بأجر شهري في حدود 130 دينارا. عنوانه « سجّة » بمنطقة « مزرق الشمس » التابعة لعمادة « جامة » من معتمدية سليانة الجنوبية التي تبعد عن مركز ولاية سليانة لمسافة كيلومتر واحد. يكفي التعريف أعلاه لهذا المواطن حتّى لا نحسبه من زمرة الذين أثروا في جنح الظلام ولا من الذين لووا عصا الطاعة في أيدي كبار المسؤولين، إنّه من « العيّاشة » أو « الخبزيست » كما يصطلح عليهم في لهجتنا اليومية المتداولة. وهو من الذين يمشون على الأرض هونا ولا صوت لهم على عتبة الرافضين ولا أمام صولجان العتاة. يقطن الجيلاني منذ أكثر من ثلاثين عاما فوق قطعة أرض على ملك الدولة التونسية التي تشرف عليها وزارة أملاك الدولة والشؤون العقارية. وبعد سنوات من الرّعي خلف قطعان الماشية مقابل أجر زهيد تزوّج وظلّ يسكن نفس المكان في بيت من القماش ثمّ طوّره ليصبح بيتا من القصدير. حياة عشوائية وقرارات أكثر عشوائية حظي الجيلاني بمواقفة شفوية من السلطات الجهوية لامتلاك قطعة الأرض التي يقيم عليها بشكل عشوائي، وهي قطعة لا تتجاوز 400 متر هي نفسها التي يقيم عليها بيت القصدير. وأشرف على السماح له بالشروع في بناء منزل متواضع على هذا التقسيم موظّف بمعتمدية سليانة الشمالية يدعى نورالدين المنّاعي بتكليف من المعتمد رؤوف الحربي سنة 2006. وانطلق عامل الحظيرة في بناء غرف من الآجر ساعده في ذلك أهل البرّ والإحسان وأقاربه على حدّ تعبيره، وبلغت تكلفة البناء قبل إتمام السقف أكثر من 8 آلاف دينار. وكانت عملية البناء التي انطلقت مع بداية العام 2006 قد شارفت على الانتهاء إلى حدود يوم 11 جوان 2006 عندما وفد عليه عناصر الحرس الوطني وأعوان من وزارة التجهيز لتنفيذ قرار الهدم الذي لم يكن على بال أحد. ويبيّن الجيلاني أنّ قرار الهدم الذي تمّ استصداره جاء عقب لقاءه بالموظّف المذكور الذي طلب منه مبلغ ألف دينار حتّى يسمح له بإتمام سقف المنزل دون أن يكون للمبلغ من داع أو سبب سوى أنّه عبارة عن رشوة مقابل تركه يهنأ بقطعة الأرض التي هي على ملك الدولة. وعندما سألنا الجيلاني عن كيفية السماح للخواص باستغلال أرض على ملك الدولة كان ردّه صريحا وواضحا، إذ أجاب بأنّ السلطات المحلية سمحت له بذلك في إطار مساعدة المعوزين على إيجاد سكن. وأضاف أنّه ليس الوحيد الذي بنا على هذه الأرض بل إنّ 38 عائلة مثله يقطنون بنفس الطريقة وبعد الحصول على أذون من المعتمدية قاموا بالشروع في البناء. غير أنّه لم تهدّم منازل أجواره الذين يتقاسمون معه نفس قطعة الأرض والتي تمّ توزيعها وفق نفس الحظوظ لكن عبر قرار شفوي ودون تسليمهم أيّ عقود تمليك. بين فوضى المؤسسات وطغيان الأفراد siliana ويفسّر هذا السلوك العشوائي الذي انتهجته السلطات الجهوية والمحلية بسليانة بكونه جزء من الفوضى التي أصبحت ظاهرة في عديد جهات البلاد حيث يتمّ التباهي بتقديم هبات للمعوزين دون توضيح الصيغة القانونية لهذه الهبات هل هي على سبيل التأجير أو التمليك وفي تداول المسؤولين على المناصب يَرْضَى هذا فَيَمنَحُ ويَهِبُ ويَغضَبُ الذي يليه فَيَسْلب ويَهدِمُ. وهو ما وقع مع الجيلاني الذي انتظر مساعدته على إتمام منزله فوجد نفسه إزاء مقايضة بين دفع الرشوة أو هدم منزله، وفي الأخير استصدر قرار الهدم ليفرد هذا المواطن من بين جميع أجواره بقرار من وزارة أملاك الدولة. مطالب الجيلاني التي عقبت عملية الهدم والتي توجّه بها إلى المحكمة الإدارية وإلى الموفّقة الإدارية وإلى والي سليانة وإلى وزير الداخلية ووزير العدل والتي كانت مرفوقة بشهادة احتياج تعبّر عن وضعه الاجتماعي وبشهادة شهود على قرار المعتمد منحه قطعة الأرض، كلّ هذه المطالب لم تتلقّ ردّا. وهو ما يدفع على التساؤل: لماذا منحت لهذا المواطن قطعة الأرض ليتمّ فيما بعد انتزاعها منه؟ ولماذا تكون الهبات والعطايا شفاهية ومن موظّفين صغار وتكون عملية الاسترجاع رسمية وموثّقة وصادرة عن السلطات القضائية والمسؤولين الكبار؟ أمّا الجانب الثاني للفوضى فهو فيما يتعلّق بطغيان أفراد تولّوا مسؤوليات سرعان ما حوّلوها إلى أداة ابتزاز للفقراء والمساكين وإذا لم يتسنّ لهم ذلك تحوّلوا إلى طغاة يهدمون منازل الناس. فالوضع الاجتماعي للجيلاني الذي عاد ليسكن في غرفة القصدير مع أبناءه الأربعة دون إضاءة أو ماء وفي حرارة القيظ وبرد الشتاء لم يكن عبارة عن تطبيق للقانون، لأنّه لم ينفّذ على أمثاله، بل هو ترجمة لسلوك مسؤولين أيقنوا أنّهم فوق القانون وفوق العقاب وأصبحت بالنسبة إليهم مصائر الناس مرتبطة بأهوائهم. أعيد في الآونة الأخيرة السماح للجيلاني بإعادة البناء ولكن بنفس الأسلوب وبدون عقد رسمي ولكنّه وجد نفسه عاجزا عن القيام بذلك جرّاء ما تخلّد في رقبته من دين البناية المهدّمة وتعهّد معتمد الجهة الجديد بتوفير مساعدة له من الدولة قدرها 5 آلاف دينار ولكن المساعدة المالية مثلها مثل رخصة التمليك ظلّت شفاهية ولم تصله. وبين مستلزمات تعليم أبناءه وطعامهم يعيش الجيلاني على صوت مياه الأمطار التي تحرمه النوم ليلا في الشتاء وهي تتساقط على قطعة الزّنك التي تغطّي كوخه القصديري. (المصدر: موقع كلمة الوقتي ( الموقع الرسمي مضروب – تونس ) بتاريخ 21 نوفمبر2008)

البديـل عاجل: أخبار

 

–  حياة عبد اللطيف بوحجيلة في خطر: يواصل السجين السياسي السابق عبد اللطيف بوحجيلة الإضراب عن الطعام منذ 2 أكتوبر الفارط للمطالبة بحقه في العلاج من الأمراض المزمنة التي أصابته من جراء الظروف السجنية السيئة التي عاشها، وفي الحصول على جواز سفر للتداوي بالخارج. ولا تزال سلطة بن علي تصرّ على حرمانه من تلك الحقوق البسيطة. وقد بلغنا أنّ حالته الصحية تدهورت إلى حدّ يبعث على القلق ويجعل حياته في خطر محقق. –  مساجين الحوض المنجمي يواصلون الإضراب عن الطعام: يواصل العديد من مساجين حركة الحوض المنجمي إضراب الجوع الذي دخلوا فيه منذ 8 نوفمبر احتجاجا على « التسويف والمماطلة والوعود الزائفة » التي تعاملت بها السلطات مع مطالبهم المشروعة وللمطالبة بإطلاق سراحهم دون قيد أو شرط. وقد شهدت الأوضاع الصحية للبعض من المضربين تدهورا ملحوظا. –  ظروف سجنية سيئة: عبّر محامو وعائلة سجين الحوض المنجمي بشير العبيدي عن قلقهم الشديد بسبب تردّي حالته الصحية إثر الزيارات التي أدّوها إليه خلال الأيام الماضية بسجن القصرين، حيث كان يعاني من هزال شديد (فقد أكثر من 20 كلغ من وزنه) نتيجة الإهمال الصحي الذي يلقاه من قبل إدارة السجن وعدم تلقيه العلاج اللازم لمرض الْتِهَاب أَغْشِيَة مَجَارِي التنفّس فِي الرّئتيْن المزمن (bronchite chronique) الذي يعاني منه. أمّا رفيق سجنه عدنان الحاجي فهو يخضع إلى التفتيش الجسدي (نزع الملابس) كلّما تلقى زيارة عائلية، رغم أنّ تلك الزيارة تتمّ عبر حواجز وبحضور الأعوان. ومن ناحية أخرى تجري زيارة المحامين في ظروف صعبة حيث أفادتنا الأستاذة راضية النصراوي أنّ عدّة أعوان يلتصقون بباب القاعة التي تتمّ فيها الزيارة لاستراق السمع والتصنت على المحادثات مثلما حصل أثناء الزيارة التي أدّتها لعدنان الحاجي وبشير العبيدي يوم الخميس الفارط بسجن القصرين. –  أصدرت أوّل أمس محكمة الناحية بباردو حكما بالسجن لمدّة أربع أشهر نافذة في حق المناضلين الطلابيين أنيس بن فرج وزهير الزويدي بتهم حق عام ملفقة انتقاما منهما بسبب نشاطهما النقابي في الفضاء الجامعي. وقد زار الأستاذان منذر الشارني وفريد العلاقي السجينين الذين اشتكيا من التعرّض للتعذيب باستعمال الصعقات الكهربائية أثناء الإيقاف. (المصدر: « البديـل عاجل » (قائمة مراسلة  موقع حزب العمال الشيوعي التونسي) بتاريخ 21 نوفمبر2008)  

في ذكرى اليوم العالمي للطلاب: كيف نحتفل اليوم بهذه الذكرى؟

 

لمحة تاريخية بحلول يوم 17 نوفمبر من كل سنة، نحتفل نحن طلبة تونس كسائر طلاب العالم بـ » اليوم العالمي للطلاب » لنخلد تلك الحادثة التي شكلت منطلقا لاعتبار هذا اليوم عيدا للطلبة في كل العالم هذه الحادثة التي تجسم واحدة من نضالات الحركة الطلابية ضد الاحتلال النازي الألماني واستشهاد الطالب المناضل « جان أو بلاتيل » على إثر مسيرة طلاب مدينة براغ (عاصمة تشيكوسلوفاكيا سابقا) في 13 نوفمبر 1939. وأمام تصاعد النضالات الطلابية واتساعها عمدت السلطات النازية إلى إغلاق كافة المعاهد ومؤسسات التعليم العالي واقترفت أشنع المجازر فأعدمت تسعة معتقلين ورحّلت ما يزيد عن 1200 طالبا إلى معسكرات الاعتقال النازية صفت مجموعة منهم يوم 17 نوفمبر 1939. وبعد سنوات من دحر النازية أصبح هذا التاريخ عيدا عالميا للطلاب عيد يرمز لنضال الطلبة ومساهمتهم في مقاومة النازية والديكتاتورية والحروب الامبريالية من أجل السلم والعدالة والحرية والتضامن والتحرر من الاستعمار. الشباب الطلابي التونسي سليل الحركة الطلابية التقدمية لقد اقترن تاريخ الحركة الطلابية التونسية بالنضال ضد المستعمر قبل وبعد تأسيس الاتحاد العام لطلبة تونس سنة 1953 وبالنضال ضد النظام التونسي في عهديه البورقيبي وبن علي دفاعا على حقهم في التعليم المجاني والديمقراطي وفي الثقافة الوطنية ومن أجل جامعة شعبية يتمتعون فيها بكل الحقوق المادية والدراسية وبحق النضال النقابي والسياسي. وتركت لنا مسيرة النضال الطلابي إرثا عظيما شكلت حركة فبفري أحد منعرجاته الحاسمة من حيث ما جسدته من عمل جماهيري واعي ضد هيمنة حزب الدستور ( التجمع اليوم ) ودولة البرجوازية العميلة ومن حيث ما بلورته من مبادئ ومواقف وشعارات لا تزال إلى اليوم على راهنيتها وقوتها. لكن وبالقدر الذي برهنت فيه الحركة الطلابية التونسية على قدراتها في التمسك بمطالبها والنضال من أجلها برهنت السلطة على موقفها العدائي تجاه هذه الفئة من الشباب، عداء كرسته في برامج التعليم التي فرضتها وفي مناهج تسيير الجامعة وفي إلقاء أزمة نظامها الاقتصادية والاجتماعية على جماهير الطلبة كسائر جماهير الشعب بدرجة أن بلغت ظروف حياتهم أقسى درجات الحرمان والفقر والخصاصة والتهميش كما كرستها في تعطيل جميع منابر التعبير والحوار والإبداع الفني والأدبي والعلمي وفي منع حرية العمل النقابي والسياسي وفي تأزيم وضع الاتحاد العام لطلبة تونس. لقد حولت السلطة الجامعة التونسية التي أرادها الطلبة على الدوام منارة للعلم ومنبرا للحرية إلى محتشد تحت رقابة البوليس السياسي وفرق  » الأمن  » الجامعي. كيف نحتفل اليوم باليوم العالمي للطلاب؟ ففي مثل هذا الواقع نحتفل اليوم بعيدنا العالمي ونحن ضحية للفقر وظروف الدراسة والسكن والنقل السيئة وضحية لمناهج التجريب وسلعنة التعليم وضحية للقمع والتعسف ولقمة سائغة لأنماط الثقافة الاستهلاكية التخديرية والتزمت والظلامية المنغلقة. لقد ظلت الحركة الطلابية التونسية، التي زودت المجتمع والبلاد بخيرة الكفاءات والخبرات، تحت القهر والقمع ولكنها لم تذعن ولم تستسلم حتى في أحلك فترات أزمتها بل وعرفت دوما كيف تتخطى العراقيل المضروبة عليها وتتجاوز عوائقها الداخلية. وتمر حركتنا اليوم بواحدة من هذه الفترات الصعبة، حيث تمر منظمتها النقابية الاتحاد العام لطلبة تونس بأزمة خانقة الأمر الذي سهل على السلطة تمرير مشاريعها وبرامجها الدراسية ومحاصرة النشاط النقابي والسياسي والتنكيل بالطلاب الذين تم طرد العديد منهم فيما يقبع عدد آخر منهم في السجن. فليكن احتفالنا باليوم العالمي للطلاب حافزا على مزيد النضال من أجل: –  حركة طلابية فاعلة وفصيل نشيط في الحركة الشعبية من أجل الديمقراطية والعدالة والتقدم والمساواة والكرامة الوطنية –  حل أزمة الاتحاد العام لطلبة تونس وإنجاز المؤتمر التوحيدي على درب بناء منظمة قوية ممثلة مناضلة ومستقلة –  فرض حق النشاط النقابي والسياسي والثقافي وإطلاق سراح جميع المسجونين وإرجاع كل المطرودين للدراسة ونحن على يقين من أن الحركة الطلابية التي عرفت كيف تتجاوز أزماتها في السابق ستجد السبيل للخروج من أزمتها الحالية إذا وحدت كل الفعاليات النقابية والسياسية، تيارت وحساسيات ومناضلين، جهودها وتعاطت مع الواقع من موقع نضالي ومسؤول. عاش اليوم العالمي للطلاب عاش نضال الحركة الطلابية في العالم وفي الوطن العربي وفي تونس من أجل التعجيل بعقد المؤتمر الموحد وحل أزمة الاتحاد العام لطلبة تونس من أجل إطلاق سراح الطلبة الموقوفين وإرجاع المطرودين جميعا من أجل جامعة شعبيية، تعليم ديمقراطي وثقافة وطنية إتحاد الشباب الشيوعي التونسي تونس في 17 نوفمبر 2008 (المصدر: « البديـل عاجل » (قائمة مراسلة  موقع حزب العمال الشيوعي التونسي) بتاريخ 21 نوفمبر2008)


في محاضرة بمناسبة الذكرى الـ60 للإعلان العالمي لحقوق الإنسان: وزير العدل وحقوق الانسان يتحدث عن مخاطر توظيف حقوق الانسان

   

ألقى الاستاذ البشير التكاري وزير العدل وحقوق الانسان أمام طلبة المرحلة العليا والوسطى بالمدرسة الوطنية للادارة محاضرة بعنوان « حقوق الانسان ومخاطر التوظيف » وذلك يوم الاربعاء 19 نوفمبر الجاري بمقرّ المدرسة بحضور السيد عفيف الهنداوي مدير المدرسة وبعض الشخصيات الوطنية والاساتذة الجامعيين وإطارات هيئة التدريس بالمدرسة وموظفين سامين من مختلف الوزارات والهياكل والمؤسسات. وبيّن الوزير في المحاضرة أنّ تحوّل السابع من نوفمبر 1987 اقترن بتطوير حقوق الانسان وحمايتها من ذلك أنّ من أوّل القوانين الصادرة بعد التحول هو قانون 26 نوفمبر 1987 الذي نظّم لاوّل مرّة في تونس آجال الاحتفاظ والايقاف التحفظي وكان ذلك منطلقا لعديد الاصلاحات التي بلغت إلى مستوى الاقرار الدستوري لمكانة حقوق الانسان من خلال التعديل الدستوري في غرّة جوان 2002 الذي بادر به سيادة الرئيس زين العابدين بن علي رئيس الجمهورية التونسية حيث تمّ التنصيص ضمن الفصل الخامس من الدستور على أنّ « الجمهورية التونسية تضمن حقوق الانسان في كونيتها وشموليتها وتكاملها وترابطها ».   اعتراف دولي بمنجزات تونس وكانت الاصلاحات التشريعية والانجازات التي أقدمت عليها تونس في مجال حقوق الانسان محلّ إقرار دولي من خلال تنويه لجنة حقوق الانسان والخبراء المختصين بالانجازات والجهود التي تقوم بها تونس في مجال حقوق الانسان رغم وجود عراقيل لا ترجع أسبابها للدولة ولكن إلى توظيف حقوق الانسان من قبل بعض المتطرّفين وأشارت إلى أنّ الخروقات وإن وجدت فهي تظلّ استثنائية. كما كان وضع حقوق الانسان في تونس محلّ إشادة من قبل مجلس حقوق الانسان بجنيــــف. ونبّه الوزير إلى أنّ العالم يواجه اليوم مخاطر التوظيف لحقوق الانسان الذي يمارسه من أطلقوا على أنفسهم صفة المدافع عن هذه الحقوق سواء كان هذا المدافع منظمة غير حكومية أو أفرادا نصّبوا أنفسهم مدافعين عن حقوق الانسان،  ولم يكلّفهم أحد بذلك. لكن هذه الاستثناءات لا يجب أن تحول دون الاقرار بالدور الذي تقوم به المنظمات غير الحكومية في مجال الدفاع عن حقوق الانسان وحمايتها يظلّ هاما غير أنّ النجاح في القيام بهذا الدور يقتضي التنبيه دائما إلى مخاطر التوظيف المسكوت عنها والتي يمكن أن تتّخذ أشكالا ثلاثــــــــة.   مخاطر التوظيف ويتجلّى الشكل الاول لهذه المخاطر في اختراق المنظمات غير الحكومية من قبل عناصر ومجموعات لا تؤمن بحقوق الانسان، وقد نبّهت الجمعية العامة للامم المتحدة في هذا السياق المجموعة الدولية إلى خطر التوظيف حيث أكّدت صراحة في قرارها المؤرخ في 15 مارس 2006 الذي تمّ بموجبه إحداث مجلس حقوق الانسان على وجوب أن يعمل المجلس على « تأمين العالميّة والموضوعية وعدم الانتقائية » و »وضع حدّ لممارسة التعامل بالمكيالين ولكلّ تسييس » وهو تأكيد جاء تبعا لممارسات تمثّلت بالخصوص في اختراق المنظمات غير الحكومية من قبل عناصر أو مجموعات متطرّفة ومجموعات انتهازيّة. ويكون هذا الاختراق من قبل عناصر ومجموعات متطرّفة اقترنت بإيديولوجيات سواء كان مصدرها عرقيّ مثل النازية أو دينيّ مثل بعض الحركات الكنسية في القرون الوسطى أو بعض التنظيمات الاسلاموية أو بعض حركات أقصى اليسار التي غاب عنها أنّ حائط برلين سقط منذ سنوات. وأشار المحاضر إلى أنّ هذه العناصر والمجموعات عمدت في العديد من البلدان إلى الالتحاف بغطاء حقوق الانسان من خلال المنظمات غير الحكومية بعد أن اقتنعت بمحدودية إشعاعها ورفض إيديولوجيتها من طرف المحيط الذي تعيش فيه.   حقوق الانسان في خدمة الايديولوجيـــا وقد أرادت هذه العناصر والمجموعات من خلال اختراقها للمنظمات غير الحكومية تحقيق غايتين أوّلها تقديم نفسها على أنّها تدافع عن حقوق الانسان والحال أنّ منطلقاتها الايديولوجية تقوم على نكران حقوق الانسان كيفما عبّرت المواثيق الدولية وثانيها الزجّ بمسألة حقوق الانسان في صراعها مع السلطة السياسية في بلد ما فيغيب الصراع الحضاري ويظهر كأنّه صراع حقوقي في مجال حقوق الانسان. وبيّن الوزير أنّ الانتماء السياسي لا يمثّل في حدّ ذاته حاجزا دون العمل في المنظمات المدافعة عن حقوق الانسان لكنّه لا يجب أن يكون هو الهدف من التواجد في هذه المنظمات. ومن هذا المنطلق حرص المشرع التونسي على الفصل بصفة واضحة بين العمل الجمعياتي الذي يخدم الغاية التي أنشئت من أجلها الجمعية والعمل السياسي الذي يتمّ في إطار الاحزاب السياسية وفي إطار قواعد المنافسة السياسية، وقد كرّس قانون الجمعيات هذه التفرقة التي لم ترق للبعض لانّها تفضح إستراتيجياتهم وتكشف القناع عن توظيفهم للجمعيات في خدمة انتماءاتهم السياسية. وأشار الوزير إلى أنّ هناك أمثلة عديدة في العالم تبيّن أنّ بعض العناصر والمجموعات الانتهازية تعمد إلى اختراق المنظمات الانسانية لخدمة أغراض انتهازية مثؼ الاستغلال الاقتصادي أو الجنسي للاطفال مثل ما قامت به إحدى المنظمات غير الحكومية العاملة في مجال إغاثة اللاجئين التي تعنى بالطفولة خلال سنة 2002 في بعض دول غرب إفريقيا من توظيف المساعدات الغذائية والادوية من أجل الابتزاز الجنسي لفتيات إفريقيات وكذلك ما أقدمت عليه إحدى المنظمات الانسانية الغربية في التشاد خلال سنة 2007 من خطف لعدد من الاطفال تحت ستار العمل الجمعياتي الانساني لينتهي الامر إلى إلقاء القبض على عدد من أفراد هذه المنظمة ومحاكمتهم من أجل ضلوعهم في أعمال الخطـــف.   استبدال الحياد بالانقياد ويتّضح الشكل الثاني لمخاطر التوظيف لحقوق الانسان في استبدال الحياد بالانقياد لدى بعض المنظمات غير الحكومية من خلال حصولها على تمويلات مشبوهة تسقطها في فخ التبعية لبعض الدول والجهات وتعصف بقاعدة الشفافية لديها  ولعلّ أبرز مثال لذلك رفض المجلس الاقتصادي والاجتماعي للامم المتحدة طلب منح الصفة الاستشارية بالمجلس لاحدى المنظمات الآسيوية غير الحكومية العاملة في مجال حقوق الانسان بسبب رفضها موافاة المجلس بكشف لحساباتها المالية وفي الاموال التي تلقتها من إحدى الدول. وأشار المحاضر إلى لجوء بعض الاشخاص ومنهم من كان صاحب سوابق عدلية في قضايا حقّ عام إلى تقديم أنفسهم كمدافعين عن حقوق الانسان معتبرين أنّ هذه الصفة تمنحهم حقوقا أكثر من الاخرين وتبيح لهم خرق القوانين وعدم التقيّد والالتزام لا فقط بالقوانين المنظمة للحريات العامّة مثل الاجتماعات والتظاهرات بل كذلك بالقوانين التي تحمي كرامة المواطنين فيستبيحون ثلب الاشخاص تحت شعار الدفاع عن حقوق الانسان. وبيّن أنّ من حقّ المدافع الموضوعي والمحايد عن حقوق الانسان أن ينقد القوانين ويسعى إلى تنقيحها لكن عليه أيضا احترامها مادامت لم تنقّح مؤكّدا أنّ المدافع عن حقوق الانسان يكون أوّل منتهك للاعلان العالمي لحقوق الانسان عندما يعتبر أنّ له حقوقا أكثر من غيره مذكّرا بما جاءت به المادتين الاولى والثانية من هذا الاعلان من قيم أساسية تكرس مبدأ المساواة وعدم التمييز في التمتع بحقوق الانسان والحريات الاساسية.   استغلال آليات الحماية وتطرّق إلى ثالث الاشكال المتعلقة بمخاطر توظيف حقوق الانسان والمتمثل في استغلال آليات الحماية من قبل الممتهنين لحقوق الانسان الذين يتعمّدون بطريقة حرفيّة توظيف مفاهيم وآليات الحماية الفعلية لحقوق الانسان التي جاء بها القانون الدولي اعتبارا لما تدرّ عليهم هذه الحقوق من منافع عينيّة ومالية لا تخفى على أحد. وتوقّف الوزير عند توظيف مفهومي الانتهاكات المنهجية والمحاكمة العادلة مؤكّدا أنّ المجموعة الدولية أقرّت، سواء مــــن خلال الهيئات الاممية والاقليمية أو حتى من خلال بعـــض المنظمات الدولية غير الحكومية، بأنّه لا تخلو دولة من انتهاكات حقوق الانسان مثل انتهاك حقّ التعبير وحقّ الاجتماع وحرمة المسكن وفرّقت بين الانتهاكات المنعزلة التــــي تكون عادة نتيجة تصرفات ومبـــادرات فردية لبعــــــض الموظفين المكلفين بتنفيذ القوانين والانتهاكات الممنهجة التي تعكس إرادة السلطة خرق حقوق الانســـــــــــان. وبيّن في هذا السياق أنّ المجموعة الدولية أقّرت غياب الانتهاكات الممنهجة في تونس وأنّ الانتهاكات الفردية إن وجدت فإنّها تؤول إلى عقاب تأديبي أو جزائي، إلا أنّ بعض التنظيمات والاشخاص يسعون، سواء في تونس أو في غيرها من الدول، وعبر توخّي أسلوب التحريف الواضح للوقائع إلى السّعي لتقديم الانتهاك المنعزل على أنّه انتهاك متكرّر لاضفاء صفة المنهجية عليه مستشهدا ببعض الامثلة التي فضحت تنظيمات وأشخاص نصّبوا أنفسهم مدافعين عن حقوق الانسان وكشفت افتراءاتهم واختلاقهم لوقائع وأسماء لا وجود لها في الواقع ممّا دفع ببعض المنظمات الدولية غير الحكومية إلى الاعتذار للسلطات التونسية عن تورّطها في نقل أخبار لم تكن إلا محض اختلاق.   مدونة دولية وأكّد الوزير أنّ هذا الموقف من هؤلاء لا يجعلنا نتراجع عن خياراتنا إيمانا منّا بأنّ مثل هذه التوظيفات إنّما هي معطى ظرفي سيؤول إلى الزوال أمّا الخيار الهيكلي فيظلّ باق، واختتم محاضرته مؤكّدا أنّ تطوّر حقوق الانسان وحمايتها تقتضي حياد المدافعين عنها سواء كانوا منظمات أو أشخاص ورفض التمويلات المشبوهة وبالتالي أصبح ضروريا وجود مدوّنة دولية تفرض الاعلان والاطلاع على ميزانيات المنظمات غير الحكومية قبل التعامل معها من قبل الهيئات الاممية والاقليمية معتبرا أنّ الحكم على الجمعيات بالانقياد لا يجب أن يكون مطلقا فالكثير من الجمعيات تتطوّر وتقاليد الحياد تتأصّل فيها بصفة تدريجيّة.   (المصدر: جريدة الصباح (يومية – تونس) بتاريخ 21 نوفمبر  2008)

وزير تونسي: التوظيف السياسى خطر على حقوق الإنسان

 

تونس – حذّر وزير العدل وحقوق الإنسان التونسى البشير التكارى من مخاطر التوظيف السياسى لمسألة حقوق الإنسان، واعتبر فى محاضرة ألقاها بمناسبة الذكرى الـ60 للإعلان العالمى لحقوق الإنسان، أنّ العالم يواجه اليوم مخاطر التوظيف لحقوق الإنسان الذى يمارسه من أطلقوا على أنفسهم صفة المدافع عن هذه الحقوق سواء كان هذا المدافع منظمة غير حكومية أو أفرادا نصّبوا أنفسهم مدافعين عن حقوق الانسان دون أن يكلفهم أحد بذلك. ولكنه استدرك قائلا » إن هذه الإستثناءات لا يجب أن تحول دون الإقرار بالدور الذى تقوم به المنظمات غير الحكومية فى مجال الدفاع عن حقوق الإنسان وحمايتها يظلّ هاما غير أنّ النجاح فى القيام بهذا الدور يقتضى التنبيه دائما إلى مخاطر التوظيف المسكوت عنها والتى يمكن أن تتّخذ أشكالا ثلاثة. وأشار إلى أن الشكل الأول لهذه المخاطر يتمثل فى « اختراق المنظمات غير الحكومية من قبل عناصر ومجموعات متطرّفة و إنتهازيّة لا تؤمن بحقوق الإنسان، وثانيا إستبدال الحياد بالإنقياد لدى بعض المنظمات غير الحكومية من خلال حصولها على تمويلات مشبوهة تسقطها فى فخ التبعية لبعض الدول والجهات وتعصف بقاعدة الشفافية لديها. أما الشكل الثالث لمخاطر التوظيف، فهو يتجلى وفق ما أشار إليه الوزير التونسى فى إستغلال آليات الحماية من قبل الممتهنين لحقوق الإنسان الذين « يتعمّدون بطريقة حرفيّة توظيف مفاهيم وآليات الحماية الفعلية لحقوق الإنسان التى جاء بها القانون الدولى إعتبارا لما تدرّ عليهم هذه الحقوق من منافع عينيّة ومالية لا تخفى على أحد ». وبحسب وزير العدل التونسي، فإن الجمعية العامة للأمم المتحدة سبق لها أن نبّهت المجموعة الدولية إلى خطر التوظيف،حيث أكّدت صراحة فى قرارها الصادر فى 15 مارس/آذار 2006 على »تأمين العالميّة والموضوعية وعدم الانتقائية » و »وضع حدّ لممارسة التعامل بالمكيالين ولكلّ تسييس ». وقال إن الإختراقات، عادة ما تقوم بها عناصر ومجموعات « متطرّفة إقترنت بأيديولوجيات سواء كان مصدرها عرقيّ مثل النازية أو دينى مثل بعض الحركات الكنسية فى القرون الوسطى أو بعض التنظيمات الإسلاموية أو بعض حركات أقصى اليسار التى غاب عنها أنّ حائط برلين سقط منذ سنوات ». واعتبر أن هذه العناصر والمجموعات ترمى من خلال إختراقها للمنظمات غير الحكومية إلى تحقيق غايتين أوّلهما « تقديم نفسها على أنّها تدافع عن حقوق الإنسان والحال أنّ منطلقاتها الأيديولوجية تقوم على نكران حقوق الإنسان ، وثانيهما الزجّ بمسألة حقوق الإنسان فى صراعها مع السلطة السياسية فى بلد ما فيغيب الصراع الحضارى ويظهر كأنّه صراع حقوقى فى مجال حقوق الإنسان ». غير أنه أكد فى المقابل على أنّ الإنتماء السياسى « لا يمثّل فى حدّ ذاته حاجزا دون العمل فى المنظمات المدافعة عن حقوق الإنسان لكنّه لا يجب أن يكون هو الهدف من التواجد فى هذه المنظمات ». وختم الوزير التونسى محاضرته بالتشديد على أن تطوّر حقوق الإنسان وحمايتها « تقتضى حياد المدافعين عنها سواء كانوا منظمات أو أشخاص، ورفض التمويلات المشبوهة، حيث بات ضروريا وجود مدوّنة دولية تفرض الإعلان والإطلاع على ميزانيات المنظمات غير الحكومية قبل التعامل معها ». (المصدر: موقع صحيفة « العرب الدولية » (لندن) بتاريخ 21 نوفمبر 2008)


العاهل الأسباني يستقبل رئيس الوزراء التونسي في مدريد

   

 
 مدريد، 20 تشرين ثان/نوفمبر (د ب أ- إفي)- استقبل العاهل الأسباني الملك خوان كارلوس مساء اليوم الخميس رئيس الوزراء التونسي محمد الغنوشي الذي يزور مدريد حاليا للمشاركة في اجتماعات الدورة السابعة للجنة الثنائية رفيعة المستوى. وشدد ثاباتيرو على ضرورة التعاون بين دول المتوسط خاصة في مجال الطاقة والبيئة والبنية التحتية. من جانبه حذر رئيس الوزراء التونسي محمد الغنوشي أن الاتحاد من أجل المتوسط سيصبح مخيبا للآمال مثلما حدث في عملية برشلونة إذا لم يتوفر له التمويل اللازم لإتمام المشروعات التي تسهم في تحقيق قدر أكبر من المساواة بين دول ضفتي البحر المتوسط.   (المصدر: وكالة الأنباء الألمانية (د ب أ) بتاريخ 20 نوفمبر  2008)  
 

بحث التعاون التونسي الجزائري في مجال الطاقة

   

تونس في 21 نوفمبر / قنا / بحث السيد محمد الغنوشى رئيس الوزراء التونسي خلال اجتماع عقده اليوم مع السيد شكيب خليل وزير الطاقة والمناجم الجزائرى الزائر اوجه التعاون الثنائي والسبل الكفيلة بمزيد دعمه لاسيما فى مجال الطاقة وسير المشاريع المنجزة بين البلدين في هذا الميدان. واكد خليل في تصريح له عقب الاجتماع على اهمية دعم قدرة نقل انبوب الغاز الرابط بين الجزائر وايطاليا مرورا بتونس بنسبة 5ر6 بالمائة بما يمكن من نقل نحو33 مليار متر مكعب من الغاز سنويا منذ شهر اكتوبر الماضي. وقال ان البحث تناول ايضا مدى تقدم نشاط الموءسسة المشتركة التونسية ـ الجزائرية « نومهيد » التي تقوم بالبحث والتنقيب عن المحروقات في كل من تونس والجزائر وكذلك سبل تقوية خط النقل الكهربائي بين البلدين وتزويد السوق التونسية بالغازالسائل الجزائرى.   (المصدر: وكالة الأنباء القطرية (قنا) بتاريخ 21 نوفمبر  2008)  

مباحثات تونسية – جزائرية لدعم قدرة نقل الغاز إلى إيطاليا بنسبة 5ر6%

   

تونس فى 21 نوفمبر/أ.ش.أ/بحث محمد الغنوشى رئيس الوزارء التونسى اليوم مع شكيب خليل وزير الطاقة والمناجم الجزائرى، الذى يزور تونس حاليا، سبل تدعيم العلاقات الثنائية بين البلدين، فى مجالات الطاقة. ونقلت وكالة الانباء التونسية « وات » عن وزير الطاقة والمناجم الجزائرى قوله أن اللقاء تناول سبل دعم قدرة نقل أنبوب الغاز الرابط بين الجزائر وايطاليا، والمار بتونس بنسبة 5ر6 بالمائة. وأوضح أنه ناقش أيضا طرق تقوية خط النقل الكهربائي بين البلدين وتزويد السوق التونسية بالغاز السائل الجزائري.   (المصدر: وكالة أنباء الشرق الأوسط (أ ش أ) بتاريخ 21 نوفمبر  2008)
 

نكهة فرنسية في افتتاح أيام السينما الاوروبية بتونس

   

 
تونس 21 نوفمبر تشرين الثاني /رويترز/  افتتحت الليلة الماضية الدورة 15 من مهرجان ايام السينما الاوروبية بتونس بعرض فيلم //سر// للمخرج الفرنسي كلود ميلر والذي يقوم بطولته المغني الشهير باتريك برول. وأعطيت اشارة الافتتاح للحفل بقاعة الكوليزي الملقبة بأميرة القاعات في جو احتفالي طغى على المكان الذي غص بجمهور الفن السابع. وقال ادريانوس كوتزنجتز رئيس وفد المفوضية الاوروبية عند اعلان اشارة انطلاق الدورة الحالية //هذه الدوررة تمثل امتزاج الثقافة الاوروبية والثقافة التونسية//. واضاف ان المهرجان يهدف للتعريف بتنوع الثقافات في اوروبا. ويشارك في المهرجان الذي يستمر اسبوعين 40 فيلما من 15 بلدا اوروبيا هي فرنسا وجمهورية التشيك والبرتغال والمانيا ورومانيا وبلجيكا وفنلندا وبريطانيا واسبانيا وبولندا واليونان وايطاليا وهولندا والسويد والمجر. وبعد كلمة الترحيب عرض فيلم //سر// للمخرج كلود ميلر والذي يتقاسم ادوار بطولته سيسيل دي فرانس و لو ديفين سانجي والمغني باتريك برول وناتالي بوتيفي. ويصور الفيلم الذي شاهده نحو 7ر1 مليون متفرج بفرنسا مسألة التمزق الاسري والبحث عن الهوية. ويحكي ميلر الحائز على عديد الجوائز العالمية في فيلمه قصة طفل يشعر بالوحدة فيخلق لنفسه اخا يعيش في مخيلته يستعين به على تجاوز وحدته واحساسه بالقلق والتوتر الداخلي. وخلال عيد ميلاده الخامس عشر تطلعه احدى قريباته على سر دفين ومأساة تعرض لها بعض افراد عائلته خلال الحرب العالمية الثانية فيقلب هذا السر حياته رأسا على عقب. وتشارك تونس في المهرجان بعدد 18 فيلما طويلا وقصيرا ابرزها فيلم //7 شارع الحبيب بورقيبة// للمخرج ابراهيم اللطيف والذي ينتقد الرقابة في مجال الفن والصعوبات التي تعترض المبدعين للحصول على دعم مادي من وزارة الثقافة. ويقيم المنظمون ندوة دولية حول //توزيع الافلام الاوروبية بين اوروبا والمغرب العربي// يديرها السيناريست طارق بن شعبان ويشارك فيها سينمائيون من اوروبا والعالم العربي. وتعرض الافلام المشاركة في المهرجان في ست محافظات بتونس لاول مرة هي تونس وسوسة وصفاقس وجندوبة وقابس والقيروان.   (المصدر: وكالة رويترزللأنباء بتاريخ 21 نوفمبر  2008)

فيلم حول محرقة اليهود في افتتاح مهرجان « ايام السينما الاوروبية » في تونس

 

 
تونس (ا ف ب) – افتتح فيلم « سر » للمخرج الفرنسي كلود ميلار حول محرقة اليهود في المانيا مساء الخميس الدورة الخامسة عشرة لمهرجان « ايام السينما الاوروبية » في قاعة الكوليزي وسط العاصمة التونسية. ويتناول الفيلم على مدى ساعة واربعين دقيقة الاوضاع الماساوية لليهود خلال الحرب العالمية الثانية من خلال عائلة يهودية مقيمة في فرنسا ويقف عند ضحايا محرقة اليهود (الهولوكست) على ايدي النازيين في المانيا في تلك الفترة. والفيلم مستوحى من كتاب يحمل العنوان نفسه للكاتب فيليب غرمبار وتم عرضه اول مرة العام 2007. واوضح اندريانيس كوتسنرويجتار ممثل البعثة الاوروبية في تونس خلال حفل الافتتاح بان « التظاهرة تشكل مناسبة لابراز التنوع الثقافي بين ضفتي المتوسط » مؤكدا على « التمازج بين الثقافة التونسية والاروروبية ». ويستمر المهرجان حتى السادس من كانون الاول/ديسمبر ويعرض خلاله اربعون فيلما من 15 دولة اوروبية وتونس التي تشارك بثمانية عشر فيلما طويلا وقصيرا للفوز ب »جائزة الجمهور » التي تم استحداثها خلال هذه الدورة. ومن بين الافلام المشاركة « الحادثة » لرشيد فرشيو الذي يلامس بجراة الواقع الاجتماعي ويفضح بعض ممارسات رجال الامن في علاقتهم بالناس و »اولاد لينين » لنادية الفاني الذي يقدم صورا لواقع الشيوعيين في تونس و »سيني تشيتا » لابراهيم لطيف حول الصعوبات التي يتعرض اليها السينمائيون من اجل الحصول على دعم مادي. وتحت عنوان « عشرة افلام قصيرة عشر رؤى مختلفة » يقدم عشرة مخرجين شبانا خلال التظاهرة تجربتهم السينمائية الاولى. وتقام على هامش التظاهرة التي تشمل ايضا مدنا تونسية متاخمة للعاصمة طاولة مستديرة حول « توزيع الافلام الاوروبية بين اوروبا والمغرب العربي » يديرها السيناريست التونسي طارق بن شعبان ويشارك فيها منتجون ومخرجون سينمائيون وممثلون من اوروبا والعالم العربي (المصدر: وكالة الصحافة الفرنسية (أ ف ب) بتاريخ 21 نوفمبر 2008)  

بسم الله الرحمان الرحيم  صور حزينة ومؤلمة  
 
 
محمود البلطي  
الصورة الاولى :هي وصول قوارب فك الحصار على غزةتقل اشخاص وشيوخ من دول غربية مازالت ضمائرهم حية حركتهم انسانيتهم فشقوا البحار لنجدة شعب مسلم يجوع ويقتل في اليوم الف مرة .هؤلاء الفلسطنين مشكلتهم انهم شعب جبار لا يساومون على مبادئهم ودينهم اصطفاهم الله سبحانه وتعالى للدفاع عن مقدساته اطفالهم نسائهم شيوخهم شبابهم مشاريع شهادة تتحرك على الارض .اليس من العار ان لاتتحرك هذه الشعوب العربية للضغط من اجل فك الحصار على الاخوة في غزة .لماذا لاتتكون لجان فك الحصارفي كل انحاء العالم ويبدا التحسيس والضغط من الاشكال البسيطة كتشجيع اطفال المدارس على تركيز حصالات في كل فصل لجمع التبرعات لاهالي غزة .كتنضيم ندوات وتحرير عرائض والقيام باعتصمات ومسيرات وووالمهم الاشكال تختلف من بلد الى اخر تتكيف حسب شراسة كل النظام ومدى عدائه للنضال المدني وعدائه للقضية الفلسطينة وحماس بالخصوص الصورة الثانية :المؤلمة والمحزنة هو وضعية السجين محمود العزام في السجون الاسرائلية هذا السجين معتقل لانه ابن اخت الشهيد عبد الله عزام قائد الجهاد الافغاني .المحكمة الاسرائلية اصدرت حكما بابعاده ولا دولة عربية قبلت باستقباله والان مضى على اعتقاله 11سنة وهو ينتظر ان يحن قلب رئيس عربي ويقبل باوائه .اسرائيل تبادل جثث موتاها باحياء وقياديين ونحن نتنصل من اخواننا الفلسطنين وكلنا يتذكر ماساة الفلسطنيين الفارين من العراق والذين بقوا عالقين على حدود الاردن ورفضت كل الدول العربية استقبالهم واستقبلتهم البرازيل هكذا انقلبت الموازين واصبح الفلسطيني يجد السند في غير العربي وفي غير المسلم . الصورة الثالثة :هي صورة سلطان العجلوني هذا البطل الذي تسلل من الاردن الى اسرائيل وقام بعملية داخل معسكر اسرائيلي قتل فيها جندي وحكم عليه بالمؤبد وكان عمره وقت قيامه بالعملية 16سنة  .هذا الشاب قضى 18 سنة في السجون الصهيونية خرج وهو يحمل شهادة عليا من الجامعات الاسرائلية هناك مدرسون ياتونهم خصيصا لتدريسهم في السجون .خرج وهو في صحة جيدة .يتحدث عن تحاليل في صحف اسرائلية تعلم عدة لغات منها العبرية .قارنت خريجي السجون الاسرائلية وخريجي السجون العربية .قارنت حال مساجين حركة النهضة وانا واحد منهم  كيف خرجنا وكل واحد منا يحمل قائمة طويلة من الامراض المزمنة وغيرها في حا لة موت بطيئ كلما سمع بموت سجين سابق يتسا ئل على من الدور الان .العجلوني خرج وهو يحمل قضايا المعتقلين مثله في السجون الا سرائلية ( اتذكر اننا قضينا سنوات عديدة في عزلة تامة عن المحيط الخارجي محرومين من ادوات الكتابة والقراءة والمطالعة ووسائل الاعلام بكل انواعها واتذكر ان مع الساعة الثامنة يطلب الاعوان من مساجين الحق العام التخفيض في صوت التلفاز حتى لانسمع اي خبر). .نحن خرجنا لنجد انفسنا محاصرين بالمراقبة الادارية وبسحب كل حقوق المواطنة علينا هذا التضييق الذي يدفع امثال عبد اللطيف بوحجيلة الى الحلول اليائسة والخطيرة ان يدق ابواب الموت باختياره وارادته من اجل الحصول على جواز سفر لعلاج بدنه المنهوك .والتومي يختار السجن من اجل تمكينه من لم شمل عائلته المشتتة . فهل تركت لنا الانظمة العربية من وسيلة سلمية حضارية نطالب من خلالها بحقوقنا المسلوبة والمغتصبة . والسلام محمود البلطي  

زيّـن أيّـامـك وجـدِّدهـا/ ج3

                                                                      

 
مصطفى عبدالله الونيسي  
 مصادر التجديد والإلهام:    أريدك  أن تعلم علم اليقين أيها الحبيب النابه أنّ َ أصل النجاح والجمال  و مصدر النور والتجديد والإلهام هو الإيمان الخالص . وأنّ الإيمان الحق هو ما بُنِي على عقيدة التوحيد الصافي  التي جاءت بها كل الأديان السماوية، قبل التحريف و التبديل،ثم جاء الإسلام الدين الخاتم ليثبتها  في صورتها الخاتمة و الشاملة ،ليحفظها من كل تلاعب وزيغ وانحراف عن الصراط المستقيم (… اليوم أكملت لكم دينكم وأنعمت عليكم نعمتي و رضيت لكم الإسلام دينا …).(1) المؤمن عندما يقف خاشعا  و مندهشا أمام هذا الخطاب القرآني المُعجز لا يملك إلاّ أن يستعرض ذهنيا و روحيا  موكب الرسالات والرسل عبر التاريخ البشري الطويل ، منذ فجر البشرية إلى هذه الرسالة الأخيرة، رسالة النبي الأمي إلى البشر جميعا، فلا يرى إلاّ هذا الموكب الضخم المتواصل من النبيين والمرسلين . ويعيد النظر في هذا الموكب الفريد مرّات و مرّات فلا يرى إلا هُدى و نورا. وعلى ضوء هذه  الإضاءات الربانية والهدايات الإلهية والإلهامات النّورانية  يقرأ الإنسان المؤمن التاريخ البشري للصراع بين الحق والباطل  فيجد أنّ كل رسول ـ قبل خاتم النبيين صلى الله عليه و سلّم ـ إنّما    أ ُُرسل  لقومه خاصة، ويجد أن كل رسالة ـ قبل الرسالة الخاتمة و الأخيرة ـ إنما جاءت لمرحلة من الزمان ،ولمجموعة خاصة،وفي بيئة محددة . ولكن كل هذه الرسالات على اختلاف  أزمنتها وظروفها وبيئاتها كانت تدعو إلى إله واحد وإلى عبودية واحدة . وكانت تدعو إلى التلقي عن هذا الإله الواحد وطاعته دون سواه، إلا أنّه كان لكل رسالة من هذه الرسالات شريعة خاصة للحياة الواقعية تناسب وضع الجماعة المعنية بهذه الرسالة  و حالة البيئة وحالة الزمان و الظّروف ألتي أرسلت فيها تلك الرسالة . واستمر الوضع على هذا الحال إلى  حين أراد الله سبحانه أن يختم رسالاته إلى البشر بإرساله رسولا خاتما للنبيين ،أرسله برسالة جامعة كاملة تخاطب (الإنسان ) الخليفة الراشد الناضج المكلف و المسئول. تُخاطبه هذه المرة غير متأثرة بالظروف و البيئات و الأزمنة ، تخاطبه من خلال فطرته التي لا تتبدل و لا ينالها التغيير .  خاطبه بهذه الرسالة التي هي الإسلام ( إنّ الدّين عند الله الإسلام)(2)، و فصل له فيها شريعة تتناول حياته هذه من جميع أطرافها ، وتضع له في نفس الوقت المباديء الكلية والقواعد الأساسية فيما يتطور من حياته ويتغير بتغير الزمان و المكان، والأحكام التفصيلية و القوانين الجزئية فيما لا يتطور ولا يتغير بتطور الزّمان و المكان. فإلى هذا الإيمان الصادق الحي والمؤثر المنبثق من صميم  هذه العقيدة  الربانية السليمة ندعوك أخا العقيدة إذاما أردت أن يكون إيمانك مفيدا وعنصرا محركا للتجديد و الإبداع و الفاعلية والحضارية. يستطيع الإنسان ولا شك أن يبدع بعض الإبداع في غير هذا الإطار العقدي الرّباني  وخارجه، ولكن هذا الإبداع غالبا ما ينقلب على أصحابه و على البشرية كلها في الدنيا قبل الآخرة شرّّا ووبالا كما هو حاصل في الحضارة المادية المعاصرة  وفي كل حضارة انسانية  تبعتد عن دين الله وسننه الرّبانية. و سبب ذلك هو أنّ ما بُني على باطل لا يعمر ولا يثمر ولا يمكن أن يكون إلا باطلا وهباء منثورا ولو كانت صورته الظّاهرية تبدو لنا  جذابة لمّاعة.  والإيمان قول باللسان وتصديق بالجنان وعمل بالجوارح. فهو ينتظم العقائد و العبادات والأخلاق و الآداب وسائر المعاملات. هذا ما اتفق عليه علماء السلف و الخلف. يقول الإمام البخاري ( لقيت أكثر من ألف رجل من العلماء بالأمصار، فما رأيت أحدا منهم يختلف في أنّ الإيمان : قول و عمل و يزيد و ينقص) (3). جاء في الحديث ما يوضح حقيقة الإيمان، فعن علي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم ( الإيمان معرفة بالقلب، وإقرار باللسان،وعمل بالأركان)(4). و في حديث آخر( ليس الإيمان بالتمنّي ، ولا بالتحلّي، ولكن ما وقر في القلب و صدّقه العمل )(5).   وهو رؤية شاملة وكاملة  ومُفصلة لعلاقة الإنسان الخليفة بالخالق و المخلوقين تسع مختلف المناشط  الإنسانية و أوجه الحياة على تعددها و تنوعها. عن أبي هريرة رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه و سلّم قال: (الإيمان بضعة وستون شعبة، أفضلها شهادة أن لا إله إلاّ اللّه وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان)(6). و روى هذا الحديث أيضا الإمام مسلم في صحيحه ، فورد في رواية (…….. بضع و ستون شعبة ،أعلاها ….) ، وفي  أخرى (…… أرفعها….). و الشُّعبة ــ بضمِّ الشِّين ــ : هي غصن الشجرة وفرعها،والمراد هنا هي الخصال الحميدة،والأعمال الكريمة والمواقف الشجاعة الجليلة المنتصرة للحق و القضايا العادلة. قال العلماء : شبّه النّبيّ ُ صلى الله عليه و سلّم الإيمان بشجرة ذات أغصان وشُعبِ كثيرة. فلا إله  إلاّ الله شعبةٌ ، والصلاة شعبة ، و الرضا بالقضاء و القدر خيره و شرّه شعبة، والعمل بكتابه شعبة، وإماطة الأذى عن الطريق شعبة……. يقول الله تعالى :  (ألم تر كيف ضرب الله مثلا كلمة طيّبة كشجرة طيّبة أصلها ثابت و فرعها في السّماء تؤتي أكلها كل حين بإذن ربّها ويضرب الله الأمثال للنّاس لعلهم يتذكرون)(7 ). وأصل الإيمان وقِمته ذروة سنامه هو: 1)   الإيمان بالله عزّ و جلّ : قال الله تعالى  : ( يا أيّها الذّين آمنوا أمِنُوا بالله )(8) ،فقمة الإيمان هو الإيمان بالله وحده لا شريك له في ملكه و حكمه وخلقه و قدرته وأسماءه الحسنى وصفاته العُلى. فقد ورد في الحديث الجامع الذي رواه عمر ابن الخطاب رضي الله عنه  من حديث جبريل عليه السلام  عندما سأل هذا الأخير النبيُّ صلى الله عليه و سلم أن يخبره عن الإيمان ،فقال (ص) : ( أن تؤمن بالله، و ملائكته، و كتبه ، و رسله، واليوم الآخر، و بالقدر خيره و شرّه ) قال: صدقت ……(9) فقوله صلى الله عليه و سلّم :  ( أن تؤمن بالله ) ، أي تُصدق قلبا و لسانا بوجوده سبحانه، وأنّه قديم أزليّ أبدي، سميع بصير متكلم،لا شَبه له و لا نظير،ولا يحتاج لأحد من خلقه(وهو اللطيف الخبير)(10). وعليك أن تؤمن بجميع صفاته، مع تنزيهه عما يوهِمُهُ ظاهرها من التشبيه، فكُلّ ُ ما تصوّرتَهُ في ذهنك،أو توهّمته في وهمك…فالله تعالى بخلافه، لأنّك مخلوق، و كُلّ ُ ما تصورته أو توهّمته …. فهو مثلك مخلوق. (11) فمن مات على هذا الإيمان  الصافي دخل الجنّة بإذن الله تعالى و رحمته .  قال عليه الصلاة والسلام :   ( من مات وهو يعلم أن لا إله إلاّ اللّه …دخل  الجنّة ) وفي رواية ( من شهد أن لا إله إلاّ الله وأنّ محمدّا رسول الله … حرّم الله عليه النّار)(12) . ومن ذلك ما رواه الطبرانيّ ُ  عن رسول الله صلى الله عليه وسلم( من قال :لا إله إلاّ الله مخلصا… دخل الجنّة ،.. قيل وما إخلاصها؟ قال : أن يحجزه عن محارم الله  ) .  فزيّن أيّامك و جدّدها بحب الله و طاعته وتقواه في السر و العلن وفي اليسر و العسر وفي المنشط و المكره. قال أبوبكر الصدّيق رضي الله عنه : ( أطِعِ اللهَ بتقواه، واتّقِ الله بطاعته…. )(13 ) فالإيمان، ولئن كان قضية ذهنية وقلبية، إلاّ أنّه هو العامل الأول و الأساسي الذي يدفع الإنسان للفعل والفاعلية والقدرة على التغيير  و أرادة الحياة الكريمة. فما هي طبيعة هذا الإيمان ، وما هي شروطه الأساسية التي تعين على تجديد الأيّام وجعلها أيّاما سعيدة مباركة مفيدة؟  على حلقة قادمة إن شاء الله  يوم الخميس20/11/08                مصطفى عبدالله الونيسي 1)   سورة المائدة/آية 3 2)   سورة آل عمران /آية3 3)   فتح الباري ج1ص40 4)   شعب الإيمان/ للبيهقيج1/16 5)   الجامع الصغير:ج2/134 6)   حديث أخرجه شيخ المحدثين البخاري في كتابه الصحيح في فصل (باب أمور الإيمان) 7)   سورة ابراهيم /آية 24/25     8)   النساء/آية   1361 9)   من حديث جبريل عن عمر بن الخطاب الذي يجيب فيه النبي صلى الله عليه وسلم عن أسئلة جبريل حول الإسلام والإيمان والإحسان ثم أمارات الساعة برواية الإمام مسلم . 10)  سورة الملك/آية14 11)  غالية المواعظ للألوسي ص ص179 12)     رواه مسلم . 13)   رسالة المسترشجين /للحارث المحاسبي ص 46  
(المصدر: موقع « الحوار.نت (ألمانيا) بتاريخ  21 نوفمبر  2008)  


 

حول التقارب اليساري الإسلامي بالمغرب

   

مصطفى الخلفي  على خلاف سنوات ماضية تجددت في المغرب عناصر تقارب يساري إسلامي، تمثل بالأساس في تصاعد وتيرة التلاقي بين كل من حزب العدالة والتنمية ذي الخلفية الإسلامية وحزب الاتحاد الاشتراكي، وهي وتيرة لقيت معارضة أكبر داخل الصف اليساري منها داخل صفوف التيار السياسي الإسلامي، واعتبرت مسألة ظرفية وعابرة لن تتجاوز حدود الالتقاء الخطابي في بعض المواقف وتراجع الهجمات المتبادلة، دون أن يتطور ذلك إلى مستويات من التنسيق البرنامجي أو الانتخابي. ما هي العناصر التي تفسر هذا التطور؟ وما آفاقه وآثاره على التطور السياسي للمغرب والمنطقة؟ إلى الفترة التي سبقت انتخابات سبتمبر 2007، كانت حظوظ التقارب شبه منعدمة، إلا أن نتائج الانتخابات وما تلاها من تطورات داخلية عند كلا الطرفين، أنتج شروط تقارب لافتة ليس في المغرب فقط بل في المنطقة العربية ككل. يمكن القول إن العامل الأول الذي أسهم في ذلك هو نسبة المشاركة الضعيفة في تلك الانتخابات، وبشكل أكبر الوضعية التي وجد كلا الطرفين فيها بعدها، والتي كانت نتاج عمليات تحجيم سياسي وانتخابي مفضوح، بعد أن تم الوقوف في وجه حصول حزب العدالة والتنمية على الموقع الأول في الانتخابات وانكماش جزء من قاعدته الانتخابية أثناء ذلك من جهة أولى، وتراجع الاتحاد الاشتراكي إلى الموقع الخامس في الخريطة الانتخابية، والتحجيم الذي تعرض له في التركيبة الحكومية التي تشكلت بعد الانتخابات من جهة ثانية، وهو ما شكل عنصر تحفيز جعل من كلا الطرفين يعيدان النظر في أولويات الفعل السياسي الحزبي والتحالفات المرتبطة به، وهو ما برز في تبلور خطاب نقذي أكثر حدة ضد السياسات الحكومية، تطور نحو اختيار الاتحاد الاشتراكي لموقف المشاركة النقدية للحكومة رغم وجوده ضمنها. إلا أن العامل الثاني والمرتبط بظهور مشروع فاعل سياسي حزبي جديد يقوده الوزير السابق المنتدب في الداخلية والمقرب من المؤسسة الملكية، أدى إلى تسريع تفاعلات العامل الأول على مستوى كلا الحزبين الرئيسين في البلد، ذلك أن هذا الفاعل والذي ارتبط بشخص راعيه فؤاد عالي الهمة والذي بعد فوز كاسح في انتخابات محلية أقدم على تأسيس ما سماه «حركة كل الديمقراطيين» في يناير 2008 وتلاها بتأسيس حزب الأصالة والمعاصرة في أغسطس 2008 ثم التحالف مع حزب التجمع الوطني للأحرار في أكتوبر الماضي مشكلا بذلك أكبر كتلة برلمانية، وطيلة هذا المسار ارتكز خطاب هذا الفاعل على مهاجمة حزب العدالة والتنمية، وتقديم نفسه بشكل غير مباشر كبديل عن الاتحاد الاشتراكي. أدى تفاعل العاملين معا، إلى تبلور وعي بضرورة طرح قضية الإصلاح السياسي والدستوري كأولوية، واعتبار العمل السياسي مهددا في معناه ووجوده، وهو ما تجلى في أطروحة المؤتمر السادس لحزب العدالة والتنمية في يوليو الماضي والتي طرحت المدخل الديمقراطي كمدخل لباقي الإصلاحات في البلاد، وبناء تصور للتحالفات والعلاقات على ضوء هذا التحديد، وفي المقابل تطور مواقف المؤتمر الثامن للاتحاد الاشتراكي لتستقر مع الجولة الثانية من هذا المؤتمر على مفردة الملكية البرلمانية رغم ما رافق ذلك من جدل حول الاستراتيجية المؤطرة لها على مستوى الحزب، إلا أن المؤكد هو أن الحزب خرج بوعي واضح بضرورة طرح موضوع الإصلاح الدستوري والسياسي بالقوة المطلوبة، وأن يتجه الحزب نحو بناء تحالفات برامجية واسعة على ضوء ذلك. ما سبق يفسر من جهة لماذا اتسعت قاعدة المنادين داخل الحزب اليساري بموقف إيجابي من العدالة والتنمية والتعبير عن استعداد للالتقاء معه، كما يكشف من جهة عن نجاح استراتيجية حزب العدالة والتنمية في مد اليد للاتحاد الاشتراكي رغم سنوات من التوتر الحاد بلغت في مرحلة من المراحل حد مطالبة أحد قيادي هذا الأخير بحل حزب العدالة والتنمية مستغلا في ذلك المناخ المتولد عن تفجيرات 16 مايو 2003 بالدار البيضاء. لكن هل تمكن المراهنة على ذلك في توقع تحولات جذرية في الحياة السياسية والحزبية؟ الواقع أن مثل هذه المراهنة محكومة بمبالغة كبيرة، حيث إن ما شهده المغرب هو استعداد للتقارب أكثر منه التقارب المحكوم بقواعد وآليات محددة، ذلك أن هذه المبالغة تتغافل عن الاختلاف في موقعي الحزبين حيث يوجد أحدهما في المعارضة والثاني ضمن الحكومة، كما أن القيادة المنتخبة خاصة على مستوى الاتحاد الاشتراكي لم تعرف في السابق لا بسعيها للتقارب ولا بتورطها في حملات التوتر، أي تفضيلها لخيار التعايش الإيجابي، أكثر منه التقارب البرنامجي، فضلا عن التوجس الذي نما داخل دوائر مقربة من الحكم من كون الفعل السياسي الجديد كان له دور عكسي في التقريب بين طرفين أساسيين في الحياة السياسية مما قد يربك التوازن داخلها، خاصة بعد تبلور خطاب سياسي أكثر قوة في انتقاد أزمة الديمقراطية بالمغرب، وهو ما ربطه البعض بتركيز الخطب الملكية الأخيرة على قضية عدم ارتباط الملك بأي طرف سياسي. الواقع أن استعدادات التقارب تجاوزت أن تكون مجرد مواقف ظرفية وانفعالية مما كان له أثر على دفع الحوار السياسي بالمغرب، وطرح قضية الإصلاح السياسي والديمقراطي بقوة أكثر من السابق، كما أسهم في تحجيم معتبر للتحديات التي طرحها الفاعل السياسي الجديد على الحراك السياسي المغرب، إلا أن توقع مستويات متقدمة من التقارب تبدو ضعيفة الحظوظ في المرحلة الحالية.   • elkhalfi2000@yahoo.fr   (المصدر: جريدة العرب (يومية – قطر) بتاريخ 21 نوفمبر  2008)  


الإسلاميون ومأزق السياسة في مجال الممارسة

 

وليد نويهض   الكاتب اللبناني :وليد نويهض مدير صحيفة الوسط البحرينية   الإسلاميون ومأزق السياسة في مجال الممارسة(1)  فقه» الترابي وصدمة السودان في 1989    أدى الانسداد السياسي في المنطقة العربية إلى ردود فعل متباينة في أوساط المعارضة. وترافق الاحتقان مع سلسلة أزمات وانهيارات اقتصادية واجتماعية وإخفاق متتابع على المستويين الوطني والتنموي؛ مما عكس نفسه أكثر ما يكون على التنظيمات والهيئات الإسلامية بصفتها أكثر دوائر المعارضة التصاقاً بالأحاسيس الشعبية وقرباً لها. مع تراكم الأزمات كان لابد لها من الانفجار في نهاية الثمانينات ومطلع التسعينات سالكةً قنواتٍ آيديولوجيةً وسياسيةً متباينةً تلوّنت بالمناخات الإقليمية وظروف كل دولة عربية. وفي النهاية شكلت تلك الانفجارات صدمات عميقة أحدثت موجات زادت من تباعدها. لم تتفق القوى الإسلامية على موقف موحد وكان لابد لخلافاتها الفكرية والتنظيمية السابقة أن تتصاعد وتأخذ سلسلة أشكال آيديولوجية تفترق على أكثر من فكرة وسياسة. لعبت ثورة الإنقاذ العسكرية التي هبت في السودان في العام 1989 دوراً خاصاً في إعادة إنتاج الخلافات السابقة ووضعت الإسلاميين للمرة الأولى في تاريخهم أمام خيار صعب: إما تأييد الانقلاب العسكري وهو أمر يتنافى مع تربيتهم العقائدية التي ترفض الأسلوب المذكور لأنه في النهاية يولّد كتلة عسكرية – آيديولوجية حاكمة من طريق القوة والاستيلاء، وإما معارضة الانقلاب وبالتالي محاولة تفسير جديد لعلاقات القوى وموازينها ومسألة السلطة ودور الدولة والأسلوب السلمي في كسب الغالبية العددية. حتى الآن تنفي «الجبهة الإسلامية القومية» التي يتزعمها الشيخ حسن الترابي مسئوليتها عن التخطيط للانقلاب وتصر على أن الجيش هو الذي نفذه بسبب الفوضى السياسية التي دبت بين أجنحة الحكم الديمقراطي ونتيجة عجز حكومة الصادق المهدي عن الدفاع عن السودان وحدوده؛ مما جعل حركة التمرد في الجنوب تسيطر على خُمْس مساحة البلاد وأخذت بالتخطيط لدخول العاصمة والاستيلاء على السلطة وفرض حكم الأقلية على الغالبية المسلمة. وترى الجبهة الإسلامية أنها كانت مضطرة لتأييد الانقلاب لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من ضعف عام وفوضى سياسية أنهكت الدولة وجعلت أبوابها مشرعة لك الطامعين من الخارج والطامحين من الداخل. وبعيداً عن تقنية الجهة التي خططت، وصحة تحليل الجبهة الإسلامية ظروف الانقلاب وعوامله ودوافعه، يمكن القول إنها الجهة المنظمة الكبيرة والوحيدة التي وافقت على شروط ضباط ثورة الإنقاذ للتعاون مع الدولة وهي: حل تنظيمات الحزب والاندماج بمؤسسات الحكومة وإداراتها بصفة أفراد وليس مجموعات ومنظمات. أدى موقف الجبهة الإسلامية إلى إثارة زوبعة من الخلافات الحزبية في داخل السودان وخارجه ووضع الإسلاميين عموماً في موقف حرج لا يتناسب مع تقاليدهم السياسية. الإسلاميون عموماً – بحسب الأعراف المتبعة – هم دائماً يمثلون خط الناس والأكثرية الساحقة من الشارع؛ مما جلب لهم المصاعب والمصائب والويلات من النخب العسكرية العلمانية الانقلابية الحاكمة في معظم الدول العربية. وجاء انقلاب السودان ليقلب المعادلة. فهذه هي المرة الأولى التي يتحول فيها الإسلاميون – بعد تأييدهم ثورة الإنقاذ – إلى نخبة حاكمة أو مشاركة في الحكم وهو أمر جلب لهم الكثير من المتاعب من حيث تحميلهم مسئوليات أخطاء السلطة. في السنوات السبع الأولى التي مرت على الحركة السودانية أيدت الجبهة الإسلامية الانقلاب بل تحولت إلى شريك رئيسي في صنع القرار بعد أن حلت تنظيماتها واندمجت بالدولة على مختلف المستويات. وعلى رغم مرور هذه الفترة الطويلة نسبياً في عمر الحكم لاتزال الخلافات قائمة بين التنظيمات السودانية والحكم واستتباعاً الجبهة الإسلامية التي تحمّلها قوى المعارضة المسئولية الكاملة عن كل ما حصل، حتى بعد أن قرر الشيخ الترابي الانسحاب من الحكم. لم تقتصر الأضرار، وربما الفوائد، على السودان بل امتدت إلى خارجه لتزيد الخلافات وترفع نسبة التباين بين الجبهة الإسلامية المنحلة والقوى الإسلامية العربية التي انقسمت بدورها إلى تيارين: فريق أيد بتحفظ وضم في مجمله القوى الخارجة على حركة الإخوان المسلمين، وفريق عارض بتحفظ وضم في مجمله حركة الإخوان في معظم تفرعاتها وتنظيماتها. يذكر أن أصل الخلاف بين الجبهة الإسلامية وحركة الإخوان يعود إلى عهد سابق بكثير لفترة حركة الانقلاب في السودان، وجاءت الحركة لتعززه وتزيده تعقيداً. فالخلاف يعود إلى منتصف السبعينات وانتهى بالانقسام في 1978 وتجدد بعد حصول الانقلاب. أدرك الترابي باكراً – وهو دكتور دولة في القانون الدستوري وشارك في وضع دستور الإمارات العربية وباكستان – أن معركته الأساسية في السودان ليست ضد العلمانيين فقط بل ضد الإسلاميين التقليديين أيضاً. وبحكم معرفته بواقع السودان وتركيبه الاجتماعي المتفرع إلى مناطق متنوعة سكانياً وموزعة على مساحات جغرافية واسعة أدرك أيضاً أهمية الدولة ودورها المميز في لعب دور التوحيد السياسي في بلد شاسع وقليل السكان. شكلت النقطتان المذكورتان خط تماس متوتراً بين فكر الترابي الحديث والتقاليد الإخوانية المتوارثة. فحاول قدر الإمكان دفع فرع الإخوان في السودان إلى تطوير لغته السياسية وتطويعها حتى تستوعب المشكلات المعقدة والتركيب الخاص لبلد استقل حديثاً عن بريطانيا (سنة 1956) وضخم الحجم إذ تزيد مساحته على ضعف مساحة ألمانيا الاتحادية وفرنسا وبريطانيا مجتمعة وقليل السكان (أكثر من 35 مليون نسمة) ومتعدد الأعراق والجهات (عشر مناطق قبلية كبرى إلى عشرات المجموعات العرقية والقبلية الصغيرة) ومتنوع في مصادر ثروته ودخله واختلاف بيئاته الجغرافية والمناخية وتحيط به ثماني دول عربية وإفريقية. بدأ التوتر حين تزعم الترابي حزب التجمع الإسلامي على أساس دستور «جبهة الميثاق الإسلامي» الذي مثل وجهات نظر مختلف القوى والتيارات الإسلامية الحديثة بين عامي 1964 و1969، وشكلت تلك الفترة أول خطوة لتأسيس الافتراق بين الترابي وفرع الإخوان في السودان. وبدأ الخلاف ينصب على مسألتين: الأولى فقهية عندما دعا الترابي إلى إحداث ثورة اجتهادية تقوم على تجديد الأصول فصاغ منهجه الفقهي الذي يجمع بين أهل الرأي وأهل الحديث وبين التفسير الظاهري والتفسير الباطني وأشار إلى ضرورة الدمج بين الأدلة النقلية والأدلة العقلية وبين منهج الاستنباط ومنهج الاستقراء في محاولة منه للتوفيق بين الشرع والعلوم الاجتماعية والطبيعية المعاصرة لدراسة خصائص المجتمع السوداني. والثانية سياسة تقوم على معادلة كسب القوى الحديثة المتضررة من هيمنة القوى التقليدية وتأسيس تيار معاصر يشق طريقه المختلف بين القوتين الإسلاميتين المركزيتين: طائفة الأنصار المهدية (حزب الأمة) والطائفة الختمية – المرغنية (الاتحاد الديمقراطي). اعتبر الترابي في محاضرة ألقاها في السبعينات تحت عنوان «تجديد أصول الفقه» أن من حسن حظ السودان أنه «بلد ضعيف التاريخ والثقافة الإسلامية الموروثة». فالضعف التاريخي يعني بالنسبة إليه أن المجتمع غير موحد والدولة ضعيفة، وضعف الثقافة الإسلامية الموروثة يعني أن التيارات التقليدية تقوم على العصبية والمذهبية وليست إسلامية وفق المنهج العقائدي المعاصر (حسن الترابي، قضايا التجديد – نحو منهج أصولي، معهد البحوث والدراسات الاجتماعية، الطبعة الأولى، الخرطوم 1990، ص 223). واعتبر الترابي ضعف تكوين السودان التاريخي والثقافي فرصةً لتجديد الفقه وإحداث ثورة في الاجتهاد، كذلك فرصةً سياسيةً لإعادة تشكيله وفق صيغة دستورية معاصرة تجمع المطلق المنزل والواقع النسبي المتغير. لذلك دعا في المحاضرة نفسها إلى «بسط الشورى والالتزام بها بدقة وانضباط. فالجماعة المسلمة تبقى منظمة جداً حيث تكون الشورى فيها سارية سائدة». وأكد أن الدين محاولة دائمة للتوحيد بين الاستنتاج (من أدلة الشرع وأحكامه وهو الأصل) والاستنباط (من بيئة الواقع وهو الأصل الأدنى) (ص 224 و238). لا يستخدم الترابي كثيراً كلمة الديمقراطية وربما لا يستخدمها إطلاقاً إلا في مجال الإشارة إلى حسناتها أو سيئاتها، ولكنه يكثر استخدام تعبئة الرأي العام «بالتناصح والشورى» ويؤكد ضرورة ربطها بمنهج أصولي فقهي جديد يحقق الثورة الاجتهادية. ويرى أن النظام الامثل اليوم هو أن «نرد إلى المصطلحات الإسلامية – العلم، الفقه، الاجتهاد، الشورى، والإجماع – شعبيتها وأن نعترف بالتفاوت والتناصح والتذاكر مع اعترافنا بضرورة الاتحاد بين المسلمين في صياغة الأحكام التي يقتضيها الشرع في واقعهم». (ص 242 و251). ويشدد في محاضرة أخرى ألقاها في الخرطوم بتاريخ 20 يناير/ كانون الثاني 1987 بعنوان «منهجية التشريع الإسلامي» على مسائل القصور الفقهي واختلاف ظروف البيئات الإسلامية واختلاف التطور بين الزمنين الماضي والمعاصر. ويرى أن أصول الفقه والتشريع خلافية أصلاً وليست قطعية، لذلك يطالب بتأسيس منهجية جديدة تقوم على التوحيد والعدل والاستقامة والقصد والتوازن، ويفسر كل نقطة بأفكار تحليلية تاريخية ليؤكد تأخر الفقه التقليدي لأنه انقطع عن العالم الموصول وتقابل أنماطه الاجتماعية. ويبدأ شرح منهجه الفكري الذي يطلق عليه بعض أنصاره «فقه الترابي». ينطلق فكر الترابي من مسألة مركزية وهي أن التدين محاولة دائمة للتوحيد بين المثال المطلق (الشرع) والواقع النسبي (حركة المجتمع وتعاقبه الزمني)، ثم ينتقل إلى فكرة ربط العلم الشرعي بالواقع المعاصر والعلوم الحديثة، ويتساءل: لماذا استخدم علماء الأصول في القدم المنطق الصوري (الأرسطي) لتفسير بعض الأحكام ولا يحق لعلماء الأصول في عصرنا استخدام مناهج أكثر حداثة لتفسير الأحكام القرآنية من جديد؟ ويبدأ الترابي عرض عناصر منهجه الذي يوحد بين الظاهر والباطن وبين الإجمال والتفصيل (العام والخاص) والتوازن بين الأحكام والقطع وتوازن النظام والحرية والعقل والنقل والاتباع والإبداع والتقليد والاجتهاد لينتهي أخيراً إلى تأكيد فكرة أن الاجتهاد لا تنقطع دواعيه فهو من الثوابت الفقهية. وأخيراً يركز على مسألة جديدة وخطيرة في تاريخ الفقه الإسلامي وهي أن مرحلة الاجتهاد الفردي قد تراجعت بسبب تطور الحياة المعاصرة وتعقد متطلباتها وهو ما يفيض عن قدرة فرد واحد الإجابة عن خصائصها وأسئلتها. لذلك يطالب بإعادة النظر في المنهج الأصولي للفقه (يقصد الإخوان) وتجاوز العصبية الطائفية (يقصد المهدية والختمية)، لينتهي إلى المطالبة بالتأسيس على نصوص الشرعية والاستئناس بالعلوم المنهجية. (من محاضرة «منهجية التشريع الإسلامي»، ص 227-274). لم تغب فكرة الشورى والمسئولية الجماعية عن منهجية الترابي بل كان يركز دائماً عليها ويؤكد أهميتها. فأفكار الترابي التجديدية لم تبدأ في الثمانينات بل تأسست في الستينات وتبلورت في السبعينات. ففي محاضرة له ألقاها في جامعة الخرطوم في يناير 1977 أكد مقولة «تجديد الفكر الإسلامي» وشدد على ضرورة الشورى وتطور أنماطها منذ عهد الصحابة، وأكد فيها أن الشعب المسلم «أو الجماعة المسلمة لها حق إلزام الفرد المسلم لسلطان الشورى والإجماع»، وبسبب اتساع رقعة المسلمين وانتشارهم الجغرافي تعطل الإجماع وتأثر بالظروف التي طرأت على المسلمين. لذلك حتى يأخذ أهل الحل والعقد دورهم لابد من «شورى نيابية تمثيلية». (ص 10 و11). ولأن الحياة تشعبت ولا يمكن لمجتهد واحد أن يحيط بكل الشعاب فلابد من دولة إسلامية حديثة تعتمد عن طريق الشورى والأمر التنفيذي بآراء الفقهاء المتوافرة والمتكاثرة، على أن يدون القانون الإسلامي وتشريعاته المعتمدة «من قبل هيئات شورية تهتدي بالطبع بكل الاجتهاد الفقهي وتستند بالطبع إلى الدعم الاجتماعي». (الترابي، تجديد الفكر الإسلامي، شركة مطبعة إيمان، الخرطوم 1980، ص 22-23).     الإسلاميون ومأزق السياسة في مجال الممارسة (2) الترابي… الاختلاف مع الإخوان والانقلاب على الدولة وليد نويهض   بدأت منذ العام 1977 فكرة الدولة ودورها في صوغ شخصية الجماعة وأهمية القانون في تكوين المجتمع المعاصر المتصالح مع شريعته وبيئته تتكون في استراتيجية حسن الترابي السياسية. وعندما أعلن الرئيس السابق جعفر النميري في العام 1983 نيته تحويل السودان إلى دولة إسلامية أيده الترابي وساهم بصفته من رجال القانون وشارك بصفته صاحب وجهة نظر في عضوية «لجنة مراجعة القوانين» لتتماشى مع الشريعة الإسلامية، وأخذ من موقعه ذاك في لعب دور مميز إذ توافرت للمرة الأولى فرصة تحويل قناعاته الفكرية إلى مواد دستورية تعتمدها الدولة. ففي محاضرة ألقاها في الفترة المذكورة شدد الترابي على فكرة الربط بين وجدان المسلم وفطرته الدينية والسلطان ودور الدولة، فأشار بوضوح إلى ضرورة «أن تقوم في مجتمع المسلمين دولة». ولكنه أكد قصور القانون لأنه «لا يحيط إلا بعموميات» وضعف الدولة لأنها لا تستطيع «أن تفرض على المجتمع قانوناً مفصلاً كاملاً بنظم حياتهم بكل حذافيرها». ويرد الترابي الأمر إلى مسألة أن «قانون الأرض» محدود في أثره وإحاطته وبرقابته بينما «قانون الإسلام يستند على سلطان الدولة ثم هو موصول بالوجدان المسلم وبحياة المجتمع»؛ لأن من وظائف القانون «أن يعبر عن قيم المجتمع والتعبير عن القيم نوع من التذكير». (الترابي، المسلم بين الوجدان والسلطة، دار الصحوة للنشر، لندن، من دون تاريخ، ص 5 و7 و10 و13). يضع الترابي في المحاضرة نفسها (المسلم بين الوجدان والسلطان) ملاحظاته على الديمقراطية فيرى أنها «قاصرة على العلاقات السياسية» ولا تجدي شيئاً في علاقات الناس من جيرة وتكافل وتضامن، ويرى أن الانتخابات «قليلاً ما تمثل الناس تمثيلاً صادقاً» ويشير إلى قلة مشاركة الناس في الاقتراع ودور المال في تزييف إرادتهم، وهو يؤدي إلى تعارض أهداف الديمقراطية مع وسائلها السياسية؛ مما يقضي بضرورة وجود نظام النصح والشورى لتستقيم الأهداف وتتساوى مع الوسائل.(ص 16 و17 و18 و19). عندما شارك الترابي في اللجنة الدستورية واشترك في صوغ قوانينها كان الخلاف قد وقع بينه وبين الإخوان المسلمين وأنهى ما عرف باسم «حزب التجمع الإسلامي» و «جبهة الميثاق الإسلامي»، وبدأ منذ منتصف السبعينات تأسيس تنظيمه المستقل ونجح في كسب معظم قواعد الإخوان وعزلهم إلى فرع صغير وضعيف لا تأثير عقائدياً له في الحياة السياسية السودانية. استفاد حسن الترابي من تجربته الإخوانية مضيفاً إليها خبرته كعميد لكلية القانون ثم عضو مراجعة القوانين في نهاية عهد النميري ليؤسس فكرته من جديد على قواعد تنظيمية ودستورية ويحدد مشروعه وأهدافه ووسائل تحقيق الغايات، فأقدم على تأسيس «الجبهة الإسلامية القومية» وعقد مؤتمرها التأسيسي في الخرطوم في العام 1985 بعد اندلاع ثورة «15 رجب» وسقوط نظام جعفر النميري. توضح وثائق المؤتمر التأسيسي (خطاب الأمين العام، دستور الجبهة، والبيان الختامي) كل ما هو غامض في استراتيجية الجبهة الإسلامية وفكر الترابي ومنهجه السياسي وتبلور موضوعة الدولة وأهمية القانون في مجتمع واسع الأرجاء وضعيف في تكامل بنيته التاريخية والثقافية. كان الترابي قبل سقوط النميري قد تحول إلى لاعب كبير في تقرير الصياغة القانونية للدولة وبدأ رئيس النظام يتخوف منه، لذلك قرر اعتقاله لتأمين جانبه قبل أن يقوم النميري بزيارته الأخيرة إلى واشنطن بذريعة العلاج وإجراء الاتصالات مع المسئولين، وخلال وجوده في العاصمة الأميركية اندلعت الثورة الشعبية وقام الجيش بإشراف المشير عبدالرحمن سوار الذهب بانقلاب لضبط الوضع الأمني ومنع الانهيار، وهكذا بقي النميري في المنفى وخرج الترابي من السجن بطلاً. بين ثورة 1985 وانتخابات 1986 وضع الترابي استراتيجية الوصول إلى السلطة وبرزت الحساسيات بينه وبين القوى الإسلامية التقليدية (المهدية والختمية) والقوى الإسلامية السياسية الأخرى (فرع الإخوان والتيار السلفي والحلقات الصوفية) وأخذ النزاع يتبلور على بند «قوانين سبتمبر» الإسلامية إذ كانت الأحزاب الإسلامية التقليدية تطالب بإلغائها بينما تمسك الترابي بها محاولاً الفصل بينها وبين الحاكم. أدى نمو الخلاف إلى اجتماع كل القوى السياسية من إسلامية وعلمانية وإلحادية إلى الاتفاق على ترشيح خصم واحد مشترك ودعمه بغية إسقاط الترابي في المعركة الانتخابية، وسقط الترابي بفارق بسيط لكنه نجح في تسجيل أكبر مفاجأة في تاريخ السودان الحديث عندما اكتسح تنظيمه معظم المقاعد المخصصة للقوى الحديثة من اتحادات نقابية ومهنية وطلابية ومراكز المدن الرئيسية والعاصمة المركزية (الخرطوم) والعواصم الإقليمية، بينما فشل في تحقيق اختراق في الريف. واحتلت الجبهة الإسلامية المركز الثالث في البرلمان المنتخب وجاءت بعد حزب الأمة (أكبر كمية من المقاعد) وحزب الاتحاد الديمقراطي (ثاني أكبر كتلة برلمانية) وثم حزب الترابي. باتت القوة الثالثة هي التي تقرر ميزان التحالف في ظل الخصومات التقليدية (المذهبية والطائفية والمناطقية) بين الأنصار والختمية. وتحول البرلمان السوداني في العام 1986 إلى ما يشبه توازن البرلمان التركي في العام 1996 مع فارق يتكثف في نقطتين: الأولى، أن حزب الرفاه الإسلامي التركي هو الكتلة البرلمانية الكبرى آنذاك لكنه بحاجة إلى تحالف لتشكيل الغالبية. والثانية، أن خصوم الرفاه من العلمانيين ورجال الدولة والانتهازيين والوصوليين، بينما خصوم الجبهة الإسلامية في السودان هم من الإسلاميين التقليديين ورجال المناطق الريفية والقبائل وبعض أصحاب الطرق الصوفية ومراكز القوى النافذة في المجتمع. يذكر أن «الجبهة الإسلامية» فازت بمعظم المقاعد المخصصة للخريجين في انتخابات أبريل/ نيسان 1986 وتوزعت مقاعد البرلمان كالآتي: حزب الأمة (105 مقاعد)، حزب الاتحاد الديمقراطي (63 مقعداً) الجبهة الإسلامية (51 مقعداً) والأحزاب الجنوبية (26 مقعداً). وبسبب هذا التوازن القلق عاش السودان أسوأ تجربة ديمقراطية عرفت الكثير من التقلبات والكثير من التحالفات اللزجة وغير الثابتة: مرة يتحالف الصادق المهدي مع الميرغني ويشكل حكومة ثنائية يعارضها الترابي في الشارع وحزبه في البرلمان، ومرة يتحالف المهدي مع الترابي وحزبه ويخرج حزب الاتحاد الديمقراطي فيقوم الأخير بتوقيع اتفاق مع جون قرنق لتوسيع رقعة التمرد في الجنوب ونقله إلى الشمال للضغط على الحكومة، ومرة يتحالف المهدي مع الطرفين؛ الجبهة الإسلامية وحزب الاتحاد الديمقراطي وتبدأ المواجهة في الجنوب لعزل تمرد قرنق واستعادة الأراضي الجديدة التي سيطر عليها في مرحلة الخلاف السابق. وأخيراً اضطر المهدي إلى تشكيل حكومة ثنائية مع المرغني مستعيناً ببعض الوجوه العلمانية في البرلمان لكسر احتكار الترابي للقوى الحديثة في الشارع، وهو أمر أدى إلى خلخلة المعادلة الداخلية وتفكك الوضع السياسي وأخيراً تقديم كل الذرائع والمبررات للجيش السوداني بالتدخل والانقلاب على التجربة الديمقراطية وحل البرلمان والأحزاب. تعتبر فترة 1985 – 1989 مرحلة ذهبية في حياة الترابي السياسية إذ نجح خلالها في كسر الثنائية التقليدية السودانية (الأنصار والختمية) وإنتاج فريق سياسي ثالث أطلق عليه (الترابيون) وبات النظام لا يستقر إلا بتوازن تقوم قواعده على ثلاث قوى. غير أن قوة الترابي كانت في الآن نفسه نقطة ضعف، فالتيار الإسلامي الحديث الذي قام بتأسيسه خلال العقدين الأخيرين اقتصر نفوذه على المنظمات الطالبية والاتحادات المهنية والنقابات والعاصمة المركزية والعواصم الإقليمية، بينما السودان كدولة جديدة لم تكتمل شخصيتها التاريخية يقوم تراتبها السياسي على توازن القوى التقليدية في الأرياف، والمناطق والولايات المترامية الأطراف. ولأن بنية السودان بنية قديمة فإن العلاقات التقليدية هي السائدة فيه وهي في النهاية تلعب الدور الأساس في إنتاج السلطة وسياستها. إلى ذلك يتألف السودان من عشر مجموعات عرقية وقبلية كبيرة تنتشر بين جنوبه وشماله وشرقه وغربه وتتركز الأكثرية الساحقة في وسطه وهي أكثرية ريفية غير مدنية في غالبيتها، وهو أمر يساعد كثيراً على محاصرة أي تحول سياسي حديث سواء جاء بواسطة الانتخابات الديمقراطية أو من طريق الانقلاب العسكري. يصف الأستاذ في معهد الدراسات الإسلامية في جامعة الخرطوم التيجاني عبدالقادر حامد في مقال «السودان وتجربة الانتقال للحكم الإسلامي» أزمة الطليعة المسلمة الحديثة في السودان بأن أساسها يعود إلى «أنها تنتمي بحكم وضعها الاجتماعي وتكوينها الثقافي إلى النخبة الفوقية العلمانية المتحكمة ذاتها التي أفرزتها المؤسسة الاستعمارية والمؤسسات الحديثة التابعة لها، ولكنها تختلف عنها بالتزامها المشروع الإسلامي» (مجلة قراءات سياسية، السنة الثانية، العدد الثالث، صيف 1992). لاشك في أن الترابي يعلم ذلك ويدركه لكنه تصرف على عكس علومه ومعارفه لظروف وأسباب لعبت فيها الصراعات السياسية الحزبية الدور الأساسي في وقوفه مع الانقلاب العسكري (ثورة الإنقاذ)، ودعوته إلى حل تنظيم «الجبهة الإسلامية القومية»، وتشجيع عناصرها على الاندماج بالدولة والالتحاق بالجيش الشعبي كرديف عسكري للجيش السوداني. وأدى موقف الترابي المذكور إلى ردود فعل متباينة بين أنصاره إذ انقسمت الجبهة إلى تيار يوافق على الاندماج والالتحاق وتيار يرفض الأمر ويطالب بالتمايز عن الدولة والاحتفاظ بشبكة التنظيم الشعبي بداعي التحوط من المستقبل.   الإسلاميون ومأزق السياسة في مجال الممارسة (3) الصراع بين الإسلام الحديث والإسلام التقليدي وليد نويهض   ينتقد الباحث السوداني عبدالوهاب الأفندي الحركة الإسلامية الجديدة ويعتبرها مثلها مثل «الأحزاب والمنظمات التي نشأت في القطاع الحديث، مصابة بمرض التعالي الثقافي على المجتمع السوداني الذي ظلت تحتقر أفراده لأن غالبيتهم من الأميين لا يفهمون في الحداثة وأمورها». وطالب الأفندي بإعادة تأسيس «حركة إسلامية جديدة، تبنى على إنجازات ما سبقها، وتجمع الصف الإسلامي السوداني، وتتحرك في إطار يتيح أيضاً الحرية للآخرين للعمل». (الثورة والإصلاح السياسي في السودان، إصدار منتدى ابن رشد، لندن 1995. صفحة 234). إذا كان هذا التحليل صحيحاً لماذا إذاً فعل حسن الترابي ما فعله على رغم عمله بخصوصيات السودان وتركيبته القبلية والطائفية والريفية والمناطقية وأخيراً تحكم العلاقات التقليدية بالسياسة العامة للدولة وقيادتها للقوى الحديثة والمعاصرة؟ مراجعة وثائق المؤتمر التأسيسي للجبهة الإسلامية في 1985 توضح الصورة لأن الوثائق، تتضمن ما يكفي لفهم النظرية السياسية في فكر الترابي وتركز انتباهه على موضوعة الدولة وقيادتها للتحولات في السودان وموقع الجيش المميز والخاص كقوة وطنية حديثة تمثل مختلف المناطق والطوائف والقبائل وهو كما يبدو قوة مشتركة لا خلاف سياسياً عليه بين السودانيين. فحجم السودان الجغرافي وقلة سكانه جعلا من جيش الدولة قوة التوحيد السياسية الأولى وفي الآن فرض عليها علاقات فيدرالية لا مركزية (نظام الولايات) لضبط التنوع السكاني والسيطرة عليه مركزياً. (دستور الجبهة الإسلامية القومية وبيان مؤتمرها الختامي (19 – 21 شعبان 1405 هجرية)، الدار وتاريخ النشر غير محددين). ماذا تقول وثائق الجبهة وخطابات أمينها العام؟ يحدد الترابي في كلمة الافتتاح أسباب قيام «الجبهة الإسلامية القومية» فيعلن أنه جاء «ليوافي تهيؤ البلاد، لتحول جديد في حياتها العامة، وقد نشأت دواعي ذلك التغيير، عن تطورات في الوعي الديني والسياسي، أوهت أصول العصبيات التاريخية القديمة، وحلت عرى الولاءات التقليدية المطلقة، وغادرت الشعب نهباً لشتات مبعثر من النعرات المحلية، والصراعات الذاتية والفئوية، وعرضه لفتنة ركام مربك، من الدعوات الزائفة، والشعارات الدخيلة…». ويشرح في الخطاب الظروف السياسية والأحوال الاقتصادية الانتقالية ويتعرض للوحدة الوطنية وقضية الجنوب والسياسة الخارجية وقضية الشريعة الإسلامية، ويعطي أهمية خاصة للعاصمة القومية (الخرطوم) التي تنشأ فيها المبادرات في «النهضة الحضرية، من العلم والرأي، أو الصناعة والعمران، أو سائر أنماط الحياة». وأخيراً وهذا هو الأهم يشدد على الأسلوب السلمي ويدعو إلى أن «تتوافق كل الأحزاب، على مبادئ دنيا، تضبط العلاقات، وتبسط الخلاف، وذلك بالتزام الديمقراطية والشورى والعلن في البناء والأداء الحزبي والسياسي وفي التنظيم الدستوري والحكومي». (خطاب الأمين العام، ص3 و4 و14). من الواضح أن الترابي كان يراهن على الانتخابات الديمقراطية التي تم الاتفاق على عقد دورها بعد سنة، كذلك يلاحظ أن الأسلوب الانقلابي ليس وارداً إلا أن جذوره الايديولوجية أخذت بالظهور في تحليل بنية المجتمع السياسية حين كرر كلامه عن تفكك العصبيات وضعف الولاءات التقليدية والنعرات المحلية الذاتية والفئوية وتركيزه على تميز المدينة ودور العاصمة كقوة تغيير جديدة. ولاشك تطغى على الكلام المذكور قراءة ايديولوجية إرادية وغير واقعية لأن السودان كان ولايزال يعيش مرحلة تاريخية تنتمي إلى ما قبل اكتمال شروط قيام الدولة الحديثة، بل إن العلاقات التقليدية على أنواعها تشكل قوة فعل في الحياة العامة كموروث اجتماعي متداخل مع حالات التدين المختلفة السائدة في البلاد. وربما تكون نزعة التحليل الإرادية الايديولوجية هي التي قادت لاحقاً إلى تعديل استراتيجية التغيير السلمي التدرجي واستبدالها بسياسة دعم الانقلاب والاضمحلال في الدولة بصفتها الطرف الوحيد القادر على صوغ الشخصية التاريخية والسياسية للسودان الحديث. يمكن قراءة الرهان على الدولة وتأسيس ايديولوجيتها الدينية المعاصرة من خلال نصوص الدستور المقترح التي اعتمدها المؤتمر التأسيسي للجبهة وأصدرها في النهاية كبرنامج عمل في سياسته المقبلة، وهو دستور يشير إلى عقلية نخبوية وبداية نشوء بذور منهج انقلابي في تفكيره. يركز دستور الجبهة في المادة الثالثة على سعيها لإقامة «الحكم الإسلامي الهادف لرعاية مقاصد الدين وكفاية مصالح الناس والمؤسس على الشورى والمساواة وحق الجمهور في تقرير الشئون العامة وفي اختيار ممثليهم من أهل الحل والعقد والقيادة والتنفيذ…»، وتؤكد المادة الرابعة أنه «لا إكراه في الدين، وإن تضمن طلاقة التعبير عن الرأي، وحرية الحركة والاجتماع وحصانه الدم والمال والعرض، وحرمة المنزل والحياة الخاصة». وتطالب الجبهة في المادة التاسعة بترسيخ «النظام اللامركزي في حكم البلاد حتى تدار أطرافها المترامية بفعالية وحرية وشورى مبسوطة». وتعد المادة العاشرة بصيانة «حقوق الكيانات الدينية غير المسلمة بما لها البر والقسط والسماحة في المعاملات الخاصة، والمساواة في الحقوق السياسية والمدنية، وحرية الاعتقاد والعبادة، واستقلال نظم الأحوال الشخصية والتعليم الديني». وبعد أن يحدد الدستور في بابه الأول الأهداف الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ينتقل في الباب الثاني إلى تحديد وسائط تحقيق الأهداف فتنص المادة 32 على الاشتراك في مؤسسات الحكم التشريعية والتنفيذية ترشيحاً وانتخاباً لتوجيه المجتمع وتنظيم حياته. بعدها ينتقل إلى الباب الثالث فيتحدث عن التنظيم في المادة 37 ويشير إلى أربع هيئات: المؤتمر العام، وهيئة الشورى العامة، والقيادة التنفيذية، وأخيراً الأمين العام. وتوضّح المواد الباقية من 39 إلى 56 أسلوب تنفيذ إدارة التنظيم وكلها تركز على التمثيل النسبي والانتخاب والشورى والأساليب الدستورية الأمر الذي ينفي عن الجبهة تهمة التخطيط المسبق للانقضاض على الدولة، ويبدو أن الفكرة الأخيرة تبلورت بعد انتخابات 1986 وإخفاق التجربة الديمقراطية وسياسة التنسيق والتحالفات. حتى البيان الختامي لمؤتمر الجبهة التأسيسي كرر مواد الدستور وحذر أولئك الذين «لا يؤمنون بقيم الحرية ولا يراعون مبادئ الديمقراطية ويعوزهم السند الشعبي» من التفكير بالتغيير العسكري، وطلب منهم أخذ العبرة من مصائر «تجربتي الديمقراطية منذ الاستقلال، حتى لا تتبدد طاقات الشعب الواحد في شعاب الحزبية الضيقة». وشدد على أن وسائط الجبهة هي «طريق الانتخابات وتحقيق علاقات الموالاة السياسية» و «قاعدة الشورى الواسعة». (البيان الختامي، ص 25، 27). يبدو من كلام الترابي أنه كان على قناعة بأن الجبهة الإسلامية ستفوز بغالبية المقاعد البرلمانية انطلاقاً من تحليله الذي يقول بتفكك الولاءات التقليدية والعصبيات الطائفية والمذهبية وبدء لجوء الناس إلى الإسلام المعاصر المنفتح على العالم وترك إسلامهم التقليدي الموروث والمندمج ببيئات محلية ضيقة وهامشية. وبسبب هذه العقلية الاستبدالية تشكلت ضده مواجهات شخصية قبل الانتخابات أدت، كما ذكرنا، إلى إسقاطه بتحالف كل القوى التقليدية والعلمانية في دائرته، كذلك اقتصر فوز حزبه على القطاعات الحديثة والفعاليات الاقتصادية المدينية بينما عجز عن اختراق معاقل الأنصار والختمية التي حافظت على ولاءاتها التقليدية القديمة واقترعت لحزب الأمة (الصادق المهدي) والاتحاد الديمقراطي (الميرغني). نجحت المناطق والأرياف في تأمين غالبية برلمانية للقوى التقليدية، بينما استقرت مواقع الجبهة على تشكيل قوة ثالثة من رجال القانون والطب والدكاترة والمهندسين ورجال الأعمال وأصحاب المهن الحديثة. لم تنجح فرضية الترابي انتخابياً على رغم أنه افترض صحتها على أرض الواقع وربما يكون السبب المذكور هو الدافع الحقيقي لتأييد الانقلاب العسكري بعد أن شعر أن القوى التقليدية اتجهت برلمانياً وإقليمياً إلى التحالف لعزل حزبه وإبعاده عن صنع القرار السياسي، فتبدل المقال بعد أن تبدلت الأحوال. بعيداً عن تقييم تجربة «ثورة الإنقاذ» يمكن ملاحظة الاصطفاف ضدها من الأحزاب التقليدية والقوى العلمانية إلى الحلقات الصوفية والحركة السلفية مضافاً إليها فرع الإخوان المسلمين في السودان، كذلك الفرع الإخواني في مصر الذي بادر إلى توجيه انتقادات ووضع ملاحظات على التجربة. في كتابه «الثورة والإصلاح» يشرح الأفندي أسباب وعوامل كراهية الترابي من قبل اليساريين والإسلاميين (التقليديين والإصلاحيين) ويشير إلى محاولة مجموعة ضمت معظم العناصر القيادية في التنظيم (الإخوان) إزاحته من القيادة في مؤتمر عقد في نيسان/ أبريل 1969 و «لكنهم لم ينجحوا في إزاحته، وكان محور الاتهامات التي وجهها منتقدو الترابي له أنه التفت إلى السياسة وركز عليها على حساب التربية والانتقائية في العضوية (…) وحين تصاعد الجدل حول هذه الناحية، قدم الترابي تنازلاً لمنتقديه بأن تخلى عن زعامة تنظيم الإخوان المسلمين لواحد من هؤلاء المنتقدين (…) بينما تفرغ الترابي للعمل السياسي وإدارته عبر التنظيم الموسع (جبهة الميثاق الإسلامي) التي كانت تضم مدارس متعددة ويجمعها اتفاق على حد أدنى من الموجهات (…). في منتصف السبعينيات تجدد الصراع مرة أخرى حول توجهات التنظيم…» (صحفات 226 و227 و228). يمكن تفسير تلك المواقف بالحساسيات والمنافسات الحزبية والطموحات السياسية (خصوصاً حركة الإخوان في مصر والسودان) إلا أن الأساسي فيها يعود إلى اختلاف منهج الترابي نفسه وتطوره التصادمي، وتأكيده الدائم على تجديد الأصول الفقهية بتوسيع القياس لإحداث ثورة اجتهادية دائمة، وهذا لا يتوافق مع كثير من الاتجاهات الإسلامية التقليدية والمعاصرة وهو أمر يفسر لماذا كانت معركة الترابي مع الإسلاميين لا تقل أهمية عن معاركه مع العلمانيين. فالسودان مجتمع إسلامي وتدينه الشعبي فطري ومتوارث تقليدياً ولم تنهض فيه دولة استبدادية علمانية على غرار دولة أتاتورك في تركيا، لذلك كانت مشكلة الترابي مع هذا النوع من الإسلام فطرح أفكار التجديد والتنوير ليتمايز عن القوى السياسية الإسلامية الأخرى، بينما كانت في تركيا معركة أربكان الأساسية قبل إسقاطه مع العلمانيين واستبداد الدولة الأتاتوركية، وربما تشبه معركة الجزائر بين الإسلاميين والعلمانيين تلك المعارك التي حصلت في تركيا منذ أكثر من 70 سنة. فالتجربة الجزائرية الدموية هي أقرب إلى النموذج التركي منها إلى النموذج السوداني السلمي المسالم، فالدولة في الجزائر قوية ومسيطرة على المجتمع وتهيمن على البلد وثرواته، وتعتبر البلد الثاني من حيث المساحة في إفريقيا بعد السودان، ولكنها أقرب في طبيعتها السلطوية إلى النموذج الأتاتوركي.

أزمة الكونغوو وتداعياتها الإقليمية والدولية

  

توفيق المديني المواجهات الدموية التي اندلعت منذ عدة أسابيع في إقليم كيفو، شمال شرقي جمهورية الكونغو الديمقراطية، المحاذي لأوغندا ورواندا، لها أسبابها المحلية، لكنها تغذيها التدخلات الإقليمية، وصراعات القوى العظمى على مناطق النفوذ الغنية بالثروات الباطنية في القارة الإفريقية. يتواجه في هذا الصراع المتجدد شرق جمهورية الكونغوو الديمقراطية (زائيرسابقا) زعيم المتمردين الجنرال الكونغوولي المنشق من أصل توتسي لوران نكوندا، الذي يتزعم المؤتمر من أجل الدفاع عن الشعب، والجيش «النظامي»في جمهورية الكونغوو الديمقراطية الموالي للرئيس جوزيف كابيلا، المدعوم من قبل 22 مجموعة مسلحة مناهضة للمتمردين في شمال كيفو، لاسيما من جانب ميليشيات الهوتو الرواندية التي فرت إلى جمهورية الكونغوو الديمقراطية بعد مأساة الصراع العرقي الذي تفجر منذ العام 1994م في رواندا وبوروندي ونجم عنه مجازر إنسانية عدة في هذين البلدين الإفريقيين في حق التوتسي والهوت المعتدلين. بعد انتصار التوتسي في رواندا بقيادة الجنرال بول كاغامه، فر أكثر من مليون هوتو إلى الكونغوو، وكونوا مليشيات في شمالها نكلت بالتوتسي المحليين. فقد حدد زعيم المتمردين التوتسي في جمهورية الكونغو الديمقراطية الجنرال لوران نكودا شروطه لإنهاء الأزمة الحالية التي تثير قلقا دوليا، إذ طالب بمفاوضات مباشرة مع الحكومة، وحضها على رفض صفقة بخمسة مليارات دولار تمنح الصين حق استغلال الثروات المعدنية الواسعة للبلاد مقابل إقامة طريق سريعة خط السكك الحديد يصل وسط البلاد الغني بالمعادن بالدول المجاورة في الجنوب، كما اشترط طرد قوة حفظ السلام الدولية «مونوك» البالغ عديدها 17 ألف رجل، التي لن تمنعه من الاستيلاء على مدينة غوما عاصمة إقليم كيفو، وبنزع سلاح ميليشيات الهوت الرواندية، رفض الاقتراح الفرنسي نشر قوة أوروبية. يلقب شرق الكونغو المحاذي لبحيرتين كبيرتين هما كيف وتانجانيقا، بأرض بانيا مولنجة الأثنية المحلية ذات الأصول التوتسية القديمة التي تعد 350 ألف نسمة، وعناصر «ألبانيا مولينغوي» هذه تنحدر من قبائل التوتسي التي هاجرت إلى شرق زائير منذ 200 عام، لكنها ظلت تواجه بعداء عرقي شديد من قبل الأعراق الأخرى التي تستوطن الكونغو ويقدر عددها بنحو 250 قبيلة. ومنذ قديم الزمان شكل إقليم كيفو الشمالي، وإقليم كيفو الجنوبي، اللذان يبعدان بنحو 2000 كلم عن العاصمة كينشاسا، مجتمعاً مدنياً مكتفياً بذاته. وكان اقتصاد هذه المنطقة الغنية متجهاً للتعامل مع إفريقيا الشرقية، أي مع بوروندي ورواندا. وشكلت المنظمات غير الحكومية والطوائف المسيحية الكاثوليكية، وتعاونيات التنمية مجتمعاً مدنياً نشيطاً وذا فعالية سياسية، تحدى تاريخياً السلطة المركزية الزائيرية الوحيدة التي أفلتت من النهب الذي يفرض «خوات على السكان». العاملان العرقي والاقليمي وهكذا، فإن القتال العرقي في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية بين الأقلية التوتسية والحكومة الزائيرية تتداخل فيه عناصر الصراع العرقي مع الصراع الإقليمي. منذ زمن استقبلت زائير اللاجئين، البورانديين في منطقة بوكاف «100000» ثم جاء نزوح الروانديين عقب بداية المواجهات المسلحة بين الجبهة الوطنية الرواندية والحكومة المركزية بداية من العام 1991، الذي أعقبه نزوح أكثر من مليون لاجئ، معظمهم من قبيلة الهوت إلى شرق زائير، وذلك أثر إطاحة نظام الرئيس السابق الجنرال «جوفينال هابير يعان» في عام 1994، الذي كانت تهيمن عليه عناصر الهوت «نحو 85 في المئة من سكان البلاد مقابل 15 في المئة من التوتسي». تلك السنة التي شهدت أفظع تقتيل عرقي ومجازر بشعة في رواندا. ومنذ ذلك الحين قامت على ضفاف بحيرة كيفو وبحيرة تانجانيقا، وعلى حدود مدينتي بوكاف في الشمال وافيرا في الجنوب مخيمات اللاجئين الروانديين والبورونديين، لاسيما روانديين من أثنية الهوتو. فانتقل الصراع العرقي من رواندا إلى جمهورية الكونغو الديمقراطية نفسها، علماً بأن هذه الأخيرة شهدت بدورها تطهيراً عرقياً غير معلن في منطقة الماسيسي في شمال غربي غوما وبوكافو، الغنية بالثروات الطبيعية مثل الذهب والمعادن النفيسة الأخرى. النزاعات العرقية في الكونغو الديمقراطية ليست سوى واجهة لحسابات المصالح التي تقوم بها السلطات الحاكمة والشركات المتعددة الجنسية. فهذه الأخيرة وظفت النزاعات الإقليمية المحلية من أجل الحصول على بعض الأسواق لنهب الموارد الطبيعية .فالقتال المتجدد في إقليم كيفو الشمالي، واستمرار الحرب التي دارت في زائير بين عامي 1997 1998، والتي تواجه فيها، مباشرة عبر حركات متمردين تحالف القوى الديموقراطية لتحرير كونغو زائير، بزعامة لوران ديزيريه كابيلا، الذي جمع تحت لوائه أهالي البانايا مولنجة، الذين هم من أصل توتسي، ولهم حساب معلق مع موبوتو، الذي حرمهم من جنسيتهم الزائيرية عام 1996، مع أنهم كانوا يحتلون المراكز الأساسية في المجالات الاقتصادية في العاصمة كينشاسا، ويعتبرون أثرياء، وذوي نفوذ في منطقة إقامتهم كيفو، إذ كان كابيلا مدعوما من البلدان التي تحكمها أقليات توتسية رواندا، بوروندي، أوغندا، ومن الولايات المتحدة الأميركية أيضا، التي كانت تريد تصفية الوجود الفرنسي في إفريقيا منطقة البحيرات العظمى، الداعمة آنذاك لنظام موبوتو الديكتاتوري الذي انهار بعد أن حكم بيد من حديد زائير لمدة 31 سنة. في التسعينيات من القرن الماضي ، كان هناك قطبان رئيسيان زائير وأوغندا يمارسان حالياً تأثيراً كبيراً على إفريقيا البحيرات العظمى. الصراع الذي كان محتدما بين الرئيس الأوغندي الأنغولوفوني السيد موسيفيني، والرئيس الفرنكوفوني موبوتو، ليس صرعاً لغوياً، بل هو صراع إقليمي سياسي دولي، فموبوتو لم يكن رئيساً لأكبر دولة إفريقية فرانكوفونية فقط،، بل كان يعتبر بعد رحيل رئيس ساحل العاج هوفوات بوانييه «عميداً» للدول الأفريقية الفرانكوفرنية المرتبطة بفرنسا، في حين أن الرئيس الأوغندي جاء إلى السلطة بوساطة حرب العصابات بعد أن هزم خصمه ميلوتون أوبوت، الذي كان شريكاً معه في الإطاحة بالديكتاتور السابق عيدي أمين عام 1979. تشابكات معقدة وهذا التدخل من جانب الشركات المتعددة الجنسية، على أساس قواعد نظام العولمة الاقتصادية، في شؤون الدوائر الرسمية الافريقية قد ولد خلطاً بين القانون العام والقانون الخاص.. فمعظم رؤساء الدول الافريقية لا يفكرون كرؤساء جمهوريات ضامنين للمصلحة العامة وإنما يتصرفون كرؤساء مجالس إدارة. فإدارة قطاعات النفط والذهب والماس وبيع المحاصيل الزراعية والموارد الطبيعية (المعادن والخشب) تفضي الى تصرفات عشائرية وحتى الى الولاءات الاقطاعية، من خلال توقيع عقود استثمار المواد الأولية (عمولات) الى توزيع القيمة المضافة المرتفعة جداً المحصلة لدى البيع في السوق العالمية، حسب قول العالم السياسي، بيار فرانكلين تافاريس، في مقاله -حول زوال السيادات في الدول الافريقية ،لماذا كل هذه الانقلابات في افريقيا- المنشور في صحيفة لوموند ديبلوماتيك أبريل 2003. وفي الواقع، يشكل غياب الدولة الديمقراطية القوية في الكونغو عاملا أساسيا للحروب الأهلية المترافقة مع حروب خارجية شاذة باتت تشكل حالياً تشابكاً معقداً يصعب تفكيكه. وهكذا نجد أن الكونغو كينشاسا قد اجتيحت من جانب جيرانها وانقسمت على نفسها بين مختلف الفصائل السياسية المدعومة هي بدورها من قوى إقليمية دولية تبحث عن تأمين مصالحها على حساب مصالح الشعب الكونغولي المتعدد الأعراق والإثنيات. ويجري كل شيء وكأنه لم يعد هناك «حياة أخلاقية» في افريقيا. وخير دليل على ذلك أن مفهوم «المصلحة العامة» نفسه قد اختفى من الكلام السياسي والفكري. فالزعامة في الكونغو لم تعد لرئيس الدولة جوزيف كابيلا ، بل إن الكونغو يعيش في ظل مواجهات بين تشكيلات اجتماعية شاذة كلها مركزة على الانتماءات القبلية الإثنية، هذه الرافعات الطائفية الإثنية يسهل التلاعب بها كما يتبين خلال السنوات الماضية من قبل الأطراف الإقليمية والدولية. ففي الكونغو لم يعد هناك دولة مستقلة بالمعنى السياسي للكلمة .فالاستقلال الرسمي الذي تحقق في ستينيات القرن الماضي أصبح فكرة مجردة.. الدولة الكونغولية اصبحت ألعوبة في أيدي القوى الإقليمية والدولية. أما قوات الأمم المتحدة لحفظ السلام في الكونغو «مونوك» البالغ عديدها 17000 رجل، فتكاد تستنفد أقصى طاقاتها، وهي في حاجة إلى دعم سياسي معنوي من جانب الدول الإفريقية المتورطة في الصراع الكونغولي الداخلي، حتى لا يتحول هذا الصراع إلى حرب إقليمية في منطقة البحيرات العظمى. كاتب من تونس (المصدر: صحيفة أوان (يومية – الكويت) بتاريخ 21 نوفمبر 2008)

 

\Home – Accueil الرئيسي

Lire aussi ces articles

15 février 2010

Home – Accueil TUNISNEWS 9 ème année, N° 3555 du 15.02.2010  archives : www.tunisnews.net  Liberté  et Equité: En solidarité  avec

En savoir plus +

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.