الجمعة، 18 أبريل 2008

Home – Accueil

TUNISNEWS
8 ème année, N° 2887  du 18.04.2008
 archives : www.tunisnews.net


 

حــرية و إنـصاف: معاناة سليم بوخذير تتواصل حــرية و إنـصاف: إحياء يوم السجين السياسي حــرية و إنـصاف: كمال الحوكي يتعرض للمضايقة الأمنية حــرية و إنـصاف: نعيمة حسني تتعرض للاعتداء بالعنف الشديد الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين: أحكام بالسجن من عامين إلى 4 سنوات ..و 19 شابـّا يمثلون أمام القضاء بتهمة ..الإرهالب ..! الجمعية الدولية  لمساندة المساجين السياسيين: استنفار لعشرات أعوان .. البوليس السياسي  .. لمنع إحياء يوم .. السجين السياسي ..! موقع pdpinfo.org :اعتداء على حرّيّة الصحافة قدس برس: وصول إسرائيليين لتونس للاحتفال بعيد الفصح اليهودي القدس العربي: تونس تصف رعاياها الفارين الي الجزائر بالمهربين والخارجين عن القانون محمد العيادي: قابس : رئة أخرى تتلف فمن المنقذ ؟ زهير تريمش: في ذكرى تأسيس الإتحاد العام التونسي للطلبة زهير تريمش: في حوار مقتضب مع المهندس  عبد الكريم الهاروني في ذكرى التأسيس صلاح الدين الجورشي :تونس: تمرّد أهالي الحوض المنجمي يطرح الملف الإجتماعي بقوة مرسل الكسيبي: وصفة سحرية ورسمية لتحقيق التنمية: إهانة الوطن والمواطن !!! شادية السلطاني: المعينة المنزلية في تونس بين سندان الحاجة و مطرقة السماسرة صابر التونسي: سواك حار 77:أمثال تونسية وتعاليق الهاشمي نويرة:من يريد إطلاق النار على نظام الأمم المتحدة؟!! عبدالباقي خليفة: الشخصنة: استراتيجة الاستبداد وكود الديكتاتوريات:الشيفرة السرية وكيمياء الاستبداد التي لن تتغير خالد شوكات: تبادل الخبرات القمعية توفيق المديني: انهيار الدولة الشمولية العراقية شاهد على هزيمة الحركات القومية العربية رضا المشرقي: ايطاليا: برلوسكوني يعود للحكومة جريدة “الصباح”:معرض تونس الدّولي للكتاب في دورته السّادسة والعشرين وات: الخطوط العريضة للدورة 26 لمعرض تونس الدولى للكتاب 2008 المصطفي صوليح :تعاقد علي مضض بين الحكام من أجل تقنين معصرن لإدامة التسلط:مكائد الميثاق العربي لحقوق الانسان الجزيرة.نت :نواب فلسطينيون أسرى يُـحـولـُـون سجونهم لمراكز أبحاث

 


(Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe Windows (

(To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows)


أسماء السادة المساجين السياسيين من حركة النهضة الذين تتواصل معاناتهم ومآسي عائلاتهم وأقاربهم منذ ما يقارب العشرين عاما بدون انقطاع. نسأل الله لهم وللصحفي سليم بوخذير وللمئات من الشبان الذين تتواصل حملات إيقافهم منذ أكثر العامين الماضيين فرجا قريبا عاجلا- آمين

 

 

21- الصادق العكاري

22- هشام بنور

23- منير غيث

24- بشير رمضان

25 – فتحي العلج  

16- وحيد السرايري

17-  بوراوي مخلوف

18- وصفي الزغلامي

19- عبدالباسط الصليعي

20- لطفي الداسي

11-  كمال الغضبان

12- منير الحناشي

13- بشير اللواتي

14-  محمد نجيب اللواتي

15- الشاذلي النقاش/.

6- منذر البجاوي

7- الياس بن رمضان

8- عبد النبي بن رابح

9- الهادي الغالي

10- حسين الغضبان

1- الصادق شورو

2- ابراهيم الدريدي

3- رضا البوكادي

4-نورالدين العرباوي

5- الكريم بعلوش

 


أنقذوا حياة السجين السياسي المهندس رضا البوكادي أطلقوا سراح القلم الحر سليم بوخذير حــرية و إنـصاف منظمة حقوقية مستقلة 33 نهج المختار عطية 1001 تونس الهاتف / الفاكس : 71.340.860 البريد الإلكتروني :liberte_equite@yahoo.fr تونس في 18/04/2008

إحياء يوم السجين السياسي

 
احتفل اليوم الجمعة 18 أفريل 2008 المناضلون و النشطاء الحقوقيون و عائلات المساجين السياسيين و مساجين الرأي مع أعضاء هيئة 18 أكتوبر للحقوق و الحريات و بمساندة الحزب الديمقراطي التقدمي و التكتل الديمقراطي للعمل و الحريات بيوم السجين السياسي في تونس و ذلك بمقر الحزب الديمقراطي التقدمي و قد منع البوليس السياسي حضور عدد من المدعوين هذه التظاهرة. و قد تناول الكلمة ممثلون عن هيئة 18 أكتوبر للحقوق و الحريات و منظمة حرية و إنصاف و الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان و الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين و بعض عائلات مساجين الرأي الذين بينوا عمق المأساة التي يعيشها المساجين السياسيون و طالبوا بإطلاق سراحهم و سن عفو تشريعي عام كما عبروا عن تضامنهم و مساندتهم لكل المساجين السياسيين و مساجين الرأي و عائلاتهم. عن المكتب التنفيذي للمنظمة الأستاذ محمد النوري  


أنقذوا حياة السجين السياسي المهندس رضا البوكادي أطلقوا سراح القلم الحر سليم بوخذير حــرية و إنـصاف منظمة حقوقية مستقلة 33 نهج المختار عطية 1001 تونس الهاتف / الفاكس : 71.340.860 البريد الإلكتروني :liberte_equite@yahoo.fr تونس في 17/04/2008

معاناة سليم بوخذير تتواصل

 
ما يزال الصحفي سليم بوخذير يعاني من إقامته بالسجن الانفرادي بمدينة صفاقس في غرفة مظلمة محروما من الماء و من الهواء النقي صحبة اثنين من مساجين الحق العام يقع تغييرهما و استبدالهما بغيرهما من حين لآخـر و إن كانت إدارة السجن قد مكنته من تلفاز فإنه بقي محروما من حقه في الاغتسال بصورة منتظمة و قد نتج عن ذلك إصابته بمرض الجرب الذي لم يتمكن من القضاء عليه بالدواء الموصوف له من مستوصف السجن نظرا لقلة النظافة. و حرية و إنصاف: 1/ تطالب بإطلاق سراح سجين الرأي سليم بوخذير و بتمكينه من جميع الحقوق التي يضمنها له قانون السجون بما فيها العلاج و النظافة و الهواء النقي.   عن المكتب التنفيذي للمنظمة الأستاذ محمد النوري  


أنقذوا حياة السجين السياسي المهندس رضا البوكادي أطلقوا سراح القلم الحر سليم بوخذير حــرية و إنـصاف منظمة حقوقية مستقلة 33 نهج المختار عطية 1001 تونس الهاتف / الفاكس : 71.340.860 البريد الإلكتروني :liberte_equite@yahoo.fr تونس في 17/04/2008

كمال الحوكي يتعرض للمضايقة الأمنية

 
تم استدعاء السجين السياسي السابق السيد كمال الحوكي للحضور لدى منطقة الأمن بالعمران على الساعة منتصف النهار و النصف من بعد ظهر اليوم الخميس 17 أفريل 2008 و قد توجه أعوان الأمن إلى مقر عمل السجين السياسي السابق لتبليغ الاستدعاء إليه و قد اعتبر السجين السياسي السابق أن هذا الاستدعاء الشفاهي يدخل في إطار الضغوطات المسلطة عليه لغرض التضييق عليه في عمله و قطع مورد رزقه إذ سبق للبوليس السياسي أن وجه له عدة استدعاءات شفوية بدون موجب و من أجل ذلك لم يستجب هذه المرة السيد كمال الحوكي لهذه الدعوة مؤكدا بأن على مركز الأمن توجيه استدعاءات كتابية يتم فيها السبب الداعي للاستدعاء و التاريخ.  و حرية و إنصاف تطالب بالكف عن مثل هذه الممارسات ضد المساجين السياسيين السابقين الذين قضوا بمختلف السجون التونسية عدة سنوات من القهر و الحرمان علما بأن السيد كمال الحوكي قضى أربعة عشر عاما بالسجن نتيجة لانتمائه السياسي.    عن المكتب التنفيذي للمنظمة الأستاذ محمد النوري  


أنقذوا حياة السجين السياسي المهندس رضا البوكادي أطلقوا سراح القلم الحر سليم بوخذير حــرية و إنـصاف منظمة حقوقية مستقلة 33 نهج المختار عطية 1001 تونس الهاتف / الفاكس : 71.340.860 البريد الإلكتروني :liberte_equite@yahoo.fr تونس في 17/04/2008

 نعيمة حسني تتعرض للاعتداء بالعنف الشديد:

 
تعرضت اليوم الخميس 17 أفريل 2008 نعيمة حسني طالبة و عضو بالحزب الديمقراطي التقدمي إلى الاعتداء بالعنف الشديد من قبل البوليس السياسي عندما كانت بصدد توزيع جريدة الموقف أمام مقهى L’univers   بتونس العاصمة و قد حصل الاعتداء المذكور لغرض إلزامها بالتخلي عن أعداد الجريدة التي كانت بحوزتها و التي تم افتكاكها منها. و حرية و إنصاف 1/ تدين هذا الاعتداء الصارخ الذي تعرضت له المناضلة نعيمة حسني التي تنتمي إلى حزب سياسي معترف به كانت تمارس عملا نضاليا حزبيا خاصة و أن إدارة الحزب اضطرت لتوزيع جرائدها بوسائلها الخاصة بعد التضييقات المسلطة مؤخرا على بائعي الجرائد. 2/ تطالب بتمكين أحزاب المعارضة من توزيع صحفها بصورة عادية.   عن المكتب التنفيذي للمنظمة الأستاذ محمد النوري


” أطلقوا سراح جميع المساجين السياسيين ” “الحرية للصحفي المنفي في وطنه عبدالله الزواري” الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين 43 نهج الجزيرة تونس e-mail: aispptunisie@yahoo.fr تونس في 18 أفريل 2008

كشف الحساب..لقضاء ..” يكافح الإرهاب “: أحكام بالسجن من عامين إلى 4 سنوات .. و 19 شابـّا يمثلون أمام القضاء بتهمة ..الإرهالب ..!

 
* أصدرت الدائرة الجنائية الثانية بالمحكمة الإبتدائية بتونس برئاسة القاضي عبد الرزاق بن منا مساء أمس الخميس 17 أفريل 2008 حكمها في : – القضية عدد 14935 وقضت بسجن : وليد الرجيلي ( موقوف ) ، مدة 3 سنوات و كل من إبراهيم قايد و نبيل الأطرش و عبد الناصر الرحماني ( بحالة سراح ) عامين مع تأجيل التنفيذ و الإخضاع للمراقبة الإدارية مدة 5 سنوات . * كما أصدرت الدائرة الجنائية 12 بمحكمة الإستئناف بتونس برئاسة القاضي رضا الدرويش مساء أمس الخميس 17 أفريل 2008 أحكاما بالسجن في : * القضية عدد 10786 و ذلك على النحو التالي : محمد بن أحمد : 4 أعوام سجنا ، عبد الوهاب العياري : 3 ألأعوام سجنا ، و يوسف المحمودي : إقرار الحكم الإبتدائي ( عامان سجنا ) مع حذف العقوبة التكميلية ( المراقبة الإدارية ) . * و نظرت الدائرة الجنائية 27 بمحكمة الإستئناف بتونس برئاسة القاضي المنوبي حميدان اليوم الجمعة 18 أفريل 2008 في : – القضية عدد 11042 التي يحال فيها كل من : خالد العيوني و خالد الغنودي و محمد علي الطالبي و المنجي المنصوري و شاكر الجندوبي ومكرم الدخلاوي و منير العشي و محمد رباح و صابر قسيلة بموجب قانون 10 ديسمبر 2003 ” لمكافحة الإرهاب ” ، و تضمنت لائحة الإتهام تهم الإنضمام داخل تراب الجمهورية إلى تنظيم إرهابي اتخذ من الإرهاب وسيلة لتحقيق أغراضه و تلقي تدريبات عسكرية بالبلاد التونسية و خارجها بقصد ارتكاب جرائم إرهابية داخل تراب الجمهورية و استعمال تراب الجمهورية لانتداب و تدريب مجموعة من الأشخاص بقصد ارتكاب عمل إرهابي داخل تراب الجمهورية و توفير أسلحة و متفجرات و ذخيرة و غيرها من المواد و المعدات و التجهيزات المماثلة لفائدة تنظيم له علاقة بالجرائم الإرهابية ووضع خبرات على ذمة تنظيم له علاقة بالجرائم الإرهابية ، و قد حضر للدفاع عنهم الأساتذة عبد الفتاح مورو و أنور أولاد علي و أنور القوصري و راضية النصراوي و سمير بن عمر و سمير ديلو. و قد قرر القاضي تأجيل النظر في القضية لجلسة يوم 22 أفريل 2008 ، علما بأن الأحكام الإبتدائية تراوحت بين عامين و 10 سنوات سجنا . – و القضية عدد 10959 التي يحال فيها كل من : محمد العذاري و محمد رحيم و محمد هيكل الصحراوي و أيمن المزالي و رشدي تركمان و زهير المرزوقي و عاطف الطرابلسي و طارق الورفلي ( بحالة إيقاف ) و مراد الغماري و أحمد بالطيب ( بحالة فرار ) بموجب قانون 10 ديسمبر 2003 ” لمكافحة الإرهاب ” ، ، و حضر للدفاع عنهم الأستاذان عبد الفتاح مورو بن عمر، و قد قرر القاضي النظر إثر الجلسة في مطالب الإفراج و تحديد موعد الجلسة المقبلة .، علما بأن المتهمين قد حوكموا ابتدائيا بـ 5 سنوات سجنا . عن لجنة متابعة المحاكمات الكاتب العام للجمعية الأستاذ سمير ديلو


“ أطلقوا  سراح جميع المساجين السياسيين “   “الحرية للصحفي المنفي في وطنه عبدالله الزواري“ الجمعية الدولية  لمساندة المساجين السياسيين 43 نهج الجزيرة تونس e-mail: aispptunisie@yahoo.fr   تونس في 18 أفريل 2008

استنفار لعشرات أعوان .. البوليس السياسي  .. لمنع إحياء يوم .. السجين السياسي ..!

شهدت العاصمة طيلة اليوم الجمعة 18 أفريل 2008 استنفارا أمنيا كبيرا لمنع فعاليات يوم السجين السياسي حيث قام العشرات من الأعوان بالزي المدني بمنع عدد من المحامين من الوصول إلى مبنى الإدارة العامة للسجون و الإصلاح لتقديم مطالب مقابلة مجموعة من المساجين السياسيين ( من بينهم الصادق شورو و نجيب اللواتي و عبد الباسط الصليعي و فتحي العلج و بواراوي مخلوف و الهادي الغالي و لطفي الداسي و رضا البوكادي و منير غيث و سليم بوخذير ) و قد عمد أعوان البوليس السياسي ، من بينه عدد من الضباط بمحاصرة سيارة الأستاذ محمد عبو و منعه و مرافقيه ( الأساتذة عبد الرؤوف العيادي و العياشي الهمامي و سمير ديلو و خالد الكريشي ) من مغادرتها ، و كانوا قبل ذلك قد اعتدوا بالسب و الشتم على الأستاذة راضية النصراوي و منعوها من الإقتراب من مبنى الإدارة العامة للسجون .. و الإصلاح . و قد احتضن مقر الحزب الديمقراطي التقدمي  تظاهرة للمطالبة بإطلاق سراح المساجين السياسيين،  الذين يرزح بعضهم تحت القيود في الزنزانات المظلمة منذ قرابة العقدين ، و  منعت جحافل البوليس السياسي عديد النشطاء من المشاركة في التظاهرة ( لطفي الحجي ، حمة الهمامي ، علي العريض ، العياشي الهمامي ، سمير ديلو ، زياد الدولاتلي ..) ، و بعد الكلمة الإفتتاحية للسيد المنجي اللوز تتالت المداخلات من ممثلي الجمعيات و المنظمات فقدم السيد زهير مخلوف باسم جمعية حرية و إنصاف عرضا حول من قضوا نحبهم من  ضحايا التعذيب و ضحايا الإهمال داخل السجن و خارجه كما عرض ممثل الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين و عضو هيئتها المديرة السيد  لطفي العمدوني  عرضا حول محاكمات ما يسمى بـ ” مكافحة الإرهاب ” و حول أوضاع المسرّحين و تفاقم الإنتهاكات المرتبطة بالتطبيق التعسفي للمراقبة الإدارية بما  .. يرسخ ” العقوبة الأبدية ” و يجعل السراح مجرد انتقال إلى سجن أرحب .. ، ثم تدخلت  السيدة أم خالد باسم لجنة عائلات المساجين مؤكدة على دور التضامن و توحيد الجهود لمواجهة المحاكمات الظالمة و الإنتهاكات المستمرة و سياسة العقوبات الجماعية التي تطال العائلات و الأقارب  ، و أكد الأستاذ أنور القوصري نائب رئيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان على أهمية مطلب العفو التشريعي العام و اعتبره مدخلا ضروريا لتطبيع الوضع الحقوقي و السياسي في البلاد و رفع مظالم طالت أجيالا من المناضلين و النشطاء من مختلف الحساسيات الفكرية و التيارات السياسية . عن الجمعيـــــة الرئيس الأستاذة سعيدة العكرمي

 


 

سلسلة “الحل بين يديك” للشيخ عبد الرحمان خليف رحمه الله أصبحت متاحة على الإنترنت

 
تم على بركة الله تنزيل ثلاث حلقات من سلسلة “الحل بين يديك” التلفزيونية التي بثت في قناة “اقرأ” الفضائية وفي التلفزيون التونسي خلال الثمانينات والتسعينات حول “شمائل الرسول صلى الله وسلم للشيخ عبد الرحمن خليف – رحمه الله تعالى وبرّد ثراه – في الموقع المخصص له على شبكة الإنترنت: لمشاهدة الحلقات الثلاث اضغط على الروابط التالية: http://www.cheikhelif.net/site/emissions/E01.mpg http://www.cheikhelif.net/site/emissions/E02.mpg http://www.cheikhelif.net/site/emissions/E03.mpg (المصدر: الموقع الرسمي للشيخ عبد الرحمان خليف رحمه الله، تصفح بتاريخ 18 أفريل 2008) الرابط: http://www.cheikhelif.net/site/site.php?rub=22&th=1#ls1


قناة المستقلة تعرض تاريخ الدولة الأغلبية في تونس يومي السبت والأحد

 

 
تبث قناة المستقلة في الثامنة بتوقيت غرينيتش، العاشرة بتوقيت تونس، مساء السبت، الحلقة الأولى من تاريخ الدولة الأغلبية في تونس. وفي الثامنة بتوقيت غرينيتش، العاشرة بتوقيت تونس، مساء الأحد، تبث الحلقة الثانية من تاريخ الدولة الأغلبية في تونس. يعرض تاريخ هذه الدولة الكاتب والمؤرخ السوري الدكتور محمود السيد الدغيم.  
 

الحوار مع الدكتور الصادق شعبان يعاد بثه ظهر الأحد

 

من جهة أخرى تعيد قناة المستقلة بث حوار صريح وشامل أجراه الدكتور محمد الهاشمي الحامدي مع الدكتور الصادق شعبان رئيس المجلس الإقتصادي والإجتماعي في تونس ومنسق حملة الحوار مع الشباب، وذلك في الخامسة بتوقيت غرينيتش، السابعة بتوقيت تونس، مساء الأحد.. وقد تطرق الحوار إلى أهداف حملة الحوار مع الشباب، وإلى التعديلات الدستورية المقترحة على شروط الترشح للإنتخابات الرئاسية والإنتقادات الموجهة لها، خاصة من الحزب الديمقراطي التقدمي، وإلى حرية الإعلام في تونس، وأوضاع المساجين الإسلاميين وقدامى المساجين واللاجئين السياسيين، والمساجد، والحجاب، وحزب العمال الشيوعي، والوضع الإقتصادي في تونس.

 


اعتداء على حرّيّة الصحافة

 
بعد سلسلة الحجوزات التي تعرّضت لها جريدة الموقف بأشكال مقنّعة من قبل السلطة، وبعد أن قرّرت إدارة الجريدة وقيادة الحزب الديمقراطي التقدّمي النزول إلى الشارع لبيع الجريدة بيعا نضاليّا احتجاجيّا على هذه الممارسات، وأثناء قيام مناضلي الحزب وقياداته بعمليّة البيع الاحتجاجي في شوارع تونس، تعرّضت مناضلة الحزب وعضو اللجنة المركزيّة نعيمة حسني للاعتداء بالعنف من قبل البوليس. مرّة أخرى تثبت السلطة ضيق أفقها في التعامل مع الصحافة الحرّة والمستقلّة، ولا تجد بين يديها إلا استعمال العضلات المفتولة والعنف الذي يؤدّي بالضرورة إلى إنتاج عنف متسلسل. فهل سيقف كلّ ذي ضمير مكتوفا إزاء مثل هذه الممارسات التي تجاوزت المساس بحرّيّة الصحافة إلى العنف المباشر في الشارع ومنع توزيع الصحف التي تخرج عن القطيع؟ (المصدر: موقع pdpinfo.org بتاريخ 17 أفريل 2008)
 


وصول إسرائيليين لتونس للاحتفال بعيد الفصح اليهودي

 
تونس – خدمة قدس برس وصلت مجموعة من الإسرائيليين إلى تونس ظهر أول أمس الأربعاء (16/4) عبر مطار قرطاج الدولي على متن طائرة الخطوط التركية في رحلة قادمة من تركيا. وتكوّنت المجموعة من أكثر من 10 إسرائيليين، بينهم يهودي متديّن. وقال مصدر في مطار قرطاج الدولي إنّ وفدا رسميا تونسيا يعتقد أنّ ضمنه موظفين أمنيين كانوا في انتظار الإسرائيليين على باب الطائرة، وأنّ مسؤولا رفيعا كان ضمن هذا الوفد. كما أفاد المصدر أنّ احتياطات أمنية قد اتخذت في هذا الصدد في المطار وأنّ الوفد لم يشاهد وهو يخرج عبر البوابة الرئيسية للمسافرين وأنّه ربما غادر عبر بوابة أخرى. ومن المرجح أنّ الوفد الإسرائيلي قدم إلى تونس لقضاء عطلة عيد الفصح ومن المتوقع حضور أعداد أخرى من اليهود بهذه المناسبة عبر مطار تونس قرطاج أو مطار جربة (500 كم جنوب العاصمة). وقد ذكرت تقارير صحفية إسرائيلية أنّ حوالي 64 ألف يهودي سيسافرون إلى أنحاء العالم خلال هذه العطلة منهم 50 ألفا سيزرون سيناء. ومن المرجح أن يزور الوفد اليهودي المعبد الموجود وسط العاصمة ثم يتحوّل إلى جزيرة جربة حيث يوجد معظم أعضاء الطائفة اليهودية التونسية الذين لا يتجاوز عددهم ألفين. ويعدّ كنيس “الغريبة” بجزيرة جربة أقدم معبد يهودي خارج القدس، ويشهد سنويا في شهر أيار (مايو) طقوسا دينية تضمّ آلاف اليهود الذين يحجّون إلى الجزيرة من كلّ دول العالم. وقد رفع إجراء تأشيرة الدخول على اليهود الإسرائيليين منذ سنة 2005 بعد لقاء جمع الرئيس التونسي بكبير الحاخامات الفرنسي جوزيف سيتروك. وكانت تونس قد قطعت علاقاتها الدبلوماسية مع إسرائيل عام 2000 وأغلقت مكتبها في تل أبيب، تنفيذا لقرارات القمة العربية في القاهرة. وكان انفجار مدبّر بواسطة شاحنة محمّلة بالغاز قد هز الكنيس اليهودي في 11 نيسان (أبريل) 2002 نفّذه تونسي يقيم بفرنسا قضى في الحادث، وأسفر عن مقتل مجموعة من السيّاح الألمان، وتبنّى تنظيم القاعدة في تسجيل مصوّر لأيمن الظواهري عملية التفجير. وسيكون الحج السنوي إلى معبد الغريبة هذا العام يومي 22 و23 أيار (مايو). وتتم هذه المناسبة في ظل تشديدات أمنية صارمة، من المنتظر أن تتضاعف، خاصة بعد حادثة اختطاف سائحين نمساويين في الصحراء التونسية في نهاية فبراير (شباط) الماضي. (المصدر: وكالة قدس برس إنترناشيونال (بريطانيا) بتاريخ 18 أفريل 2008)


تونس تصف رعاياها الفارين الي الجزائر بالمهربين والخارجين عن القانون

 
الجزائر ـ يو بي أي: وصفت سفارة تونس في الجزائر التونسيين، الذين فروا الي الأراضي الجزائرية عبر الحدود بحجة الجوع والفقر والقهر، بالمهربين والخارجين عن القانون. وقالت السفارة في بيان نشر امس الخميس أن العائلات التونسية التي اخترقت قبل ايام الحدود الجزائرية واستقرت بها في خيم لا تعدو كون أفرادها من المهربين والخارجين عن القانون . وأبدت السفارة استياءها لما نشرته صحيفة الخبر الجزائرية الأربعاء من معلومات حول القضية، معتبرة إياها بالمغلوطة حول الأوضاع الاجتماعية لسكان احدي المناطق التونسية علي الشريط الحدودي . وقالت ان الأشخاص الذين اخترقوا الحدود ليسوا سوي عدد من المهربين والخارجين عن القانون وممن تم تضييق الخناق عليهم من قبل قوات الحدود التونسية والجزائرية، ومنعهم من المتاجرة بالسلع المهربة وإلحاق المزيد من الأضرار باقتصاد البلدين . واعتبرت السفارة بأن تونس حرصت علي القضاء علي كل مظاهر الفقر والعوز منذ فجر الاستقلال ، مشيرة الي نسبة النمو المحققة في تونس قاربت %5.5 سنويا. وقال بيان السفارة ان تونس تعتمد علي تنفيذ مختلف البرامج والمشاريع التنموية ، نافية أن يكون الأمن التونسي قد منع بعض الأشخاص من مغادرة التراب التونسي . كما نفت وجود أمراض وتدن للأوضاع المعيشية، وشددت علي أن النهضة الشاملة في تونس انتفعت بها كل الجهات والشرائح . من ناحية أخري، لا تزال العائلات التونسية متمركز بمنطقة عائشة أم شويشة بقرية عقلة أحمد، علي الحدود مع تونس، حيث يقدر عدد أفرادها نحو 130 شخصا يقيمون بصفة غير شرعية بالتراب الجزائري منذ ثلاثة أيام. وقالت صحيفة الخبر أن الأجهزة الأمنية الجزائرية تراقب الأوضاع عن كثب، وحرصت علي عدم تعرض المواطنين التونسيين لأي مكروه، كما أخضعت النازحين لفحوصات طبية، وطلبت من العائلات عدم تقدمهم في التراب الجزائري أكثر من الوضعية الحالية. وقالت أن شاحنات وحافلات نقلت أكثر من 200 عنصر لقوات الأمن التونسية اصطفت عند الحدود الجزائرية من دون أن تتخذ أي إجراء تجاه النازحين رغبة منها بأن تقوم السلطات الجزائرية بطردهم، فيما قام السكان المحليون بتزويد تلك العائلات بالمواد الغذائية والأدوية وحليب الأطفال. (المصدر: صحيفة “القدس العربي” (يومية – لندن) الصادرة يوم 18 أفريل 2008)


 في ذكرى تأسيس

الإتحاد العام التونسي للطلبة

 

الإهداء :

إلى الإخوة الأفاضل  عبد الكريم الهاروني , عبد اللطيف المكي و نجم الدين الحمروني الأمناء العامون للإتحاد العام التونسي للطلبة .

 

إلى كل الإخوة الذين ساهموا في تأسيس هذه المنظمة النقابية عبر تاريخ الإتجاه الإسلامي بالجامعة التونسية .

 إلى كل من ساهم في تثبيت هذا الصرح النقابي من طلبة إسلاميين و مستقلين و بعض اليساريين .

 

إلى الأخ عبد اللطيف الفخفاخ و الأخت نجوى الحرشاني إسماعيل عضوي المكتب التنفيذي الأخير للإتحاد :

        أهدي هذا المحاولة في توثيق مرحلة مهمة من تاريخ الحركة الطلابية التونسية و هي ليست محاولة توثيقية بالمعنى العلمي و لكن حسب صاحبها إلقاء بعض الضوء على هذه المرحلة          نبراسا و تواصلا مع جيل جديد من الطلبة قطعت عنه عوامل التواصل مع الجذور .

 

شهدت الجامعة التونسية خلال عقد الثمانينات تأسيس المنظمة الطلابية الإتحاد العام التونسي للطلبة ( إ ع ت ط ) , و الذي كان نتيجة طبيعية لحالة الفراغ النقابي الذي كانت تعيشه الجامعة خاصة  في ظل غياب حقيقي للهيكل النقابي الإتحاد العام لطلبة تونس ( إع ط ت) بسبب الصراعات التي كانت تشقه , مما أفقد الطلبة مؤسسة نقابية حقيقية تعمل على الدفاع عن حقوقهم و تلبي لهم حاجياتهم المعرفية و العلمية       و الثقافية . فما هي العوامل و الظروف التي ساهمت في تأسيس هذه المنظمة الطلابية ؟

 

للإجابة عن هذا السؤال لابد من إلقاء نظرة تاريخية على نشأة و تطور الحركة الطلابية التونسية خلال القرن الماضي , و التي تعتبر كل مرحلة مقدمة للمرحلة التي تليها و سبب مباشر في ميلاد المنظمات النقابية التي برزت في تاريخ الجامعة  .

 مع دخول المستعمر الفرنسي إلى تونس بمقتضى معاهدة باردو 12 / 05 / 1881 المبرمة بين الباي      و حكومة فرنسا و المؤسسة لنظام الحماية , إستنهض علماء جامع الزيتونة طلبة الجامع للدفاع عن الأراضي التونسية و مقاومة المستعمر, فنشطت منذ تلك الفترة محاولات الطلبة التونسيين  للإصلاح و النضال , وكانت بداية التنظم الطلابي تأسيس  جمعية تلامذة جامع الزيتونة لتكون حلقة الوصل بين سلطة الحماية     و الطلبة الزيتونيين و لكن هذه المحاولة فشلت بسبب معارضة الحكومة لها , فنظم طلبة الجامع إجتماعا عاما يوم 11 مارس 1910 مطالبين بعقد لجنة الإصلاح التي تنظر في تنقيح مناهج التعليم و التي بادرت الحكومة بتشكيلها , إلا أن عدم إستجابة الحكومة لهذا الطلب لما يتضمنه من خشية هذه الأخيرة لكل محاولات الإصلاح التي يكون للإسلام فيها أي دور , بادر الطلبة إلى تدشين أول إضراب عن الدروس بداية من يوم السبت 18 / 04 / 1910 و الذي إمتد حتى 28 / 04 / 1910 إنتهى بإستجابة الحكومة لمطالب الطلبة الزيتونيين , كما كان للطلبة دورا هام في الكفاح الوطني خلال كل المراحل التي مر بها . كما شهدت سنة 1950 أبرزمحاولات التنظم الطلابي , فلقد تداعى الطلبة الزيتونيين إلى تأسيس البرلمان الزيتوني  و الذي كانت مهمته تتمثل في إفراز لجنة مركزية تعمل على الدفاع عن مصالحهم   فظهرت للوجود لجنة صوت الطالب الزيتوني و التي صاغت في أول إجتماع لها يوم 10 أفريل 1950 مطالبها الـ 16 التي تتمحور أساسا حول إيجاد * جامعة زيتونية * ( التعريب , معادلة شهائد جامع الزيتونة مع نظيرتها من الكليات الأخرى , فتح الأبواب لإستكمال الدراسات في الشرق و الغرب لطلبة الجامع , توفير المختبرات العلمية … ) ومع ولادة “صوت الطالب الزيتوني” انتقلت الجامعة الزيتونية إلى مرحلة جديدة من الحركية والنضال فتوحدت الصفوف واستنهضت الهمم وكان من أبرز التحركات التي نظمها الطلبة الزيتونيون الإعلان عن إضراب الجوع – هو الأول من نوعه في إفريقيا و أروبا – الذي قاموا به بالجامع الأعظم بتونس وفي كل المعاهد التابعة بكل أنحاء البلاد مما دعى الحكومة إلى القيام بمناورة تمثلت في إشتراط الرجوع للمفاوضات المباشرة بتعليق الإضراب عن الطعام فكان لها ذلك , يأتي ذلك في الوقت الذي شهدت فيه العلاقة بين لجنة صوت الطالب الزيتوني و قيادة الحزب الحرالدستوري الجديد توترا كبيرا بإتهام قيادةُ الحزبِ اللجنةَ بإفشال المفاوضات بينه و بين فرنسا بسبب هذه التحركات , مما دعى اللجنة إلى تنظيم مؤتمرا صحفيا يوم 19 جانفي 1951 بينت فيها كيف أن الدستور الجديد لا يأبه بالبعد الثقافي للقضية الوطنية و لطالما حاول تدمير الحركة الطلابية بسبب ذلك , كما وصلت الإتهامات حد إتهام وزير العدل أنذاك صالح بن يوسف الأمين العام للحزب الدستوري الجديد اللجنة بالعنف و التخريب .

كان للتناقض الواضح بين الطرحين : الزيتوني و الحزبي و لخشية التيارات اليسارية الناشئة حديثا في تونس من عودة الإسلام للحياة العامة من خلال لجنة صوت الطالب الزيتوني الدور الأهم في تأسيس الإتحاد العام لطلبة تونس ,  فلقد تنادى الطلبة التونسيين الذين يزاولون دراساتهم الجامعية في المشرق و المغرب إلى تأسيس نقابة طلابية تقطع مع الزيتونيين  و عودة الإسلام للحياة العامة نتيجة إرتباط هذه الجهات إما بالغرب و تأثره بها ( قيادة الحزب الدستوري الجديد و مثقفيه ) إو إرتباطها بالمعسكر الشرقي ( اليسار) إو إرتباطها بالأنظمة القومية الناشئة في العالم العربي ( قومي و بعثي ) , لقد إلتقى هؤلاء جميع رغم التناقض الواضح في المنطلقات و الأهداف ضد التيار الإسلامي الذي كان أحد المكونات الأساسية للحركة الوطنية فكان تأسيس الإتحاد في فرنسا سنة 1952 . شهد الإتحاد العام لطلبة تونس بخلفيته الفكرية و مرجعيته السياسية نشاطا سياسيا في دعم قضية التحرر الوطني إلى أن نالت تونس إستقلالها الداخلي 1955 ثم الإستقلال النهائي سنة 1956 لتتفجر بعدها الصراعات السياسية و الفكرية بين زعماء الحركة الوطنية قيادة الحزب و الدولة من جهة و بين الفصائل الأخرى  فكان الصراع الذي عرف في التاريخ الوطني بصراع الديوان السياسي مع الأمانة العامة ( الحبيب بورقيبة العلماني الغربي و بين  صالح بن يوسف ذو المرجعية القومية ) إنتهت بعزل تيار كامل كان ممن قاد الحركة الوطنية  و بأول عملية إغتيال سياسي نفذهاأعوان بورقيبة قتل على إثرها صالح بن يوسف في ألمانيا .

كما سعى بورقيبة إلى تدجين نقابة الطلبة و المنظمات الجماهيرية الأخرى – كإتحاد الشغل – و وضعها تحت وصايته و وصاية الحزب الحاكم خاصة بعد قرارات مؤتمر  * المصير*للحزب الإشتراكي الدستوري ببنزرت سنة 1964 الذي كانت من أهم قراراته الاشراف على المنظمات الوطنية و جعلها خلايا حزبية ،   و لكن و مع  إشتداد عود اليسار , و بعد أن تم حل الحزب الشيوعي التونسي سنة 1962 بعد محاولة إنقلاب لزهر الشرايطي  كان التباعد بين الطلبة الدساترة و اليساريين في توتر متصاعد بلغ ذروته يومي 14 و 15 ديسمبر 1966 حين تحولت شوارع تونس العاصمة لساحة حرب حقيقية بين هؤلاء إنتهت بإعتقال العديد من طلبة اليسار و إجبارهم على قضاء الخدمة الوطنية , كما عملت السلطة على إحالة بعض مناضلي إتحاد طلبة تونس على محكمة أمن الدولة و ذلك سنة 1968, ومن هذا المنطلق بدأت ومنذ أواخر الستينات عمليات التعبئة الطلابية ضد السلطة و طلبتها في الجامعة بسبب إستقوائهم بجهاز الدولة الحديثة في قمع أي صوت معارض لبورقيبة و توجهاته الفكرية حتى كان مؤتمر قربة أوت 1971 للإتحاد العام لطلبة تونس الذي يعتبر المفصل الأساسي في تاريخ الحركة الطلابية خلال عقد السبعينات من القرن الماضي و الذي كان كذلك أحد الأسباب الرئيسية لتأسيس الإتحاد العام التونسي للطلبة لاحقا . إنعقد المؤتمر الثامن عشر للإتحاد و الذي كان يضم في قيادته الدساترة و اليسار في مدينة قربة و في عملية * ديمقراطية * إستطاع اليسار و القوميون    و الدساترة الغاضبين ( جناح أحمد المستيري ) تبني لوائح تدعو إلى إستقلال الإتحاد عن الحزب الحاكم وإستطاعوا بذلك السيطرة على قيادة الإتحاد و عزل الدساترة منه , لم يكن هذا الإجراء  ليعجب الرئيس بورقيبة الذي تدخل بالإنقلاب على نتائج المؤتمر فعزل القيادة المنتخبة و عين قيادة طلابية موالية له, منذ اللحظات الأولى لهذا الحدث تكونت لجنة إعلام تولت التفسير و التعبئة و تحولت إلى لجنة تحضيرية للمؤتمر الثامن عشر الخارق للعادة  و الذي شرع في أشغاله يوم 02 / فيفيري 1972 بكلية الحقوق بالمركب الجامعي بتونس تنادى على إثرها طلبة الإتحاد إلى إجتماع عام عقد يوم 05 فيفري 1972 إعتبروا فيه أن المؤتمرالثامن عشر لم ينهي أشغاله و هو في طور الإنعقاد  فما كان من السلطة إلا أن ردت بالعنف المبالغ فيه على هذا التحرك و أضافت حلقة جديدة من حلقات الإستبداد و القهر للأطراف السياسية التي كانت في يوم من الأيام أحد مكوناتها و مسانديها* حركة فيفري 1972* . و أمام عجز التيارات المكونة للإتحاد عن عقد المؤتمر الخارق العادة تكونت في جانفي 1973ما عرف في تاريخ الحركة الطلابية بالهياكل النقابية المؤقتة و التي تبنت مجموعة من الشعارات كان أعنفها من أجل القطيعة السياسية و التنظيمية مع السلطة الذي حرم الطلبة الدساترة من أي نشاط لهم و خلال سنوات عديدة .

 

في خضم هذه الأحداث بدأت الجامعة تشهد ميلاد تيار جديد ظن الجميع أنه قد ولى أمره و إنتهى إلى الأبد , فعلى غرار ما تشهده البلاد من ظهور و عودة التيار الإسلامي كانت الجامعة مسرحا من مسارح التدافع بين التيار الوليد و قوى اليسار الذي إنتبهت قبل غيرها   – السلطة – إلى خطورة الوافد الجديد فكان منع الإسلاميين من النشاط و الحرمان من التواصل مع الطلبة سواء من خلال الإجتماعات العامة أو من خلال ندوات النقاش و كانت المناكفات و الإعتداءات بالعنف على رموزه التي كانت أبرز بداياتها سنة 1974 . إصرار الإسلاميين على التواجد  و التواصل مع الطلبة قابلته الهياكل النقابية المؤقتة بتصعيد العنف ضدهم و بمحاولة إقصائهم عن أي من المنابر الإعلامية المتاحة داخل الجامعة , حتى كانت بداية نهاية فترة الإستضعاف و بداية حضور التيار الإسلامي على الساحة الجامعية .

يوم الخميس 22 ديسمبر 1977 و أثتاء حملة إنتخابات ممثلي الطلبة لمجلس الكلية الحقوق و على مسرح المدرج * أ * بكلية الحقوق , حاول الطلبة الإسلاميون تقديم برنامجهم الإنتخابي و لكن اليسار سعى إلى منعهم و مع إصرارهم قام بتعنيفهم و إنهال عليهم بالحجارة و الكراسي و القضبان الحديدية , وأمام معركة غير متكافئة إنسحب الإسلاميون من المدرج بعدما إصيبوا إصابات بالغة , و أمام ما حدث إتخذ الإسلاميون قرار تاريخيا بفرض الحرية في الجامعة و خلال أيام قليلة تنادى الطلبة الإسلاميون إلى إجتماع عام بكلية العلوم بتونس هو الأول الذي ينظمونه في الحياة الطلابية وكان ذلك يوم الإثنين 26 ديسمبر 1977 حضره حوالي 500 طالب وقع تجميعهم من مختلف الأجزاء الجامعية  و شهد نهاية مؤسفة حيث لاحقتهم الهياكل النقابية المؤقتة و دارت معركة حقيقية بينهم إنسحب على إثرها الإسلاميون نتيجة عدم تكافئ الجهتين عددا   و عدة . كان لهذا الحدث ما بعده حيث رفع الأسلاميون و من يومها شعارهم الذي لايزال يتردد إلى حد الأن : نطالب بالحرية في الجامعية كما نطالب بها في البلاد . تزايدت على إثر هذا التحرك نشاطات الإسلاميين و نظموا أول تجمع عام لهم في الجامعة التونسية فيفري 1979 بمناسبة إنتصار الثورة الإيرانية  كما شهدت الحياة الجامعية عودة قوية و متميزة للنشاط الطلابي تمكنت من خلالها بعض التيارات اليسارية من تقديم نفسها للجمهور الطلابي (ماوية ، تروتسكية …) و قومية عربية ( ناصرية، بعثية …) وإسلامية كما عمل طلبة الإتجاه على تنظيم أول مسيرة في شوارع العاصمة يوم 26 مارس 1979 للتنديد بإتفاقية كامب دافيد   و زيارة السادات للقدس . ولئن إعتبرت أحداث 26 / 12 / 1977 بمثابة بداية نهاية فترة الإستضعاف , فإن أحداث منوبة 1982 كانت النهاية الحقيقية للإستضعاف الذي تعرض له أبناء الإتجاه الإسلامي في الجامعة . فلقد إزدادت حدة التوتر بين الهياكل المؤقتة و التيار الإسلامي في كافة التي الأجزاء الجامعية حتى كانت قاصمة الظهر مجزرة منوبة يوم الثلاثاء 30 مارس 1982 حيث قام اليسار بحملة تصفية ضد قادة طلبة الإتجاه الإسلامي  و جدّ هذا الحادث أشهر قليلة بعد صدور الأحكام في محاكمة الإتجاه الإسلامي الأولى سبتمبر 1981 و الذي قضت على قيادة لحركة الوليدة حركة الإتجاه الإسلامي( 06 جوان 1881 ) بالسجن و لمدد طويلة . فكان رد الإتجاه الإسلامي على عنف اليسار بمذكرة كانت على غاية من المدنية والتحضر دعت الى إعادة تنظيم الحياة الطلابية على أسس الشراكة والاعتراف المتبادل بحق الآخر في الوجود والنشاط على قاعدة التساوي بصرف النظر عن جماهيرية التنظيم وخلفيته الفكرية وتوجهه السياسي، كما دعت الى استبدال العنف كوسيلة دارجة لحسم الخلافات الفكرية والسياسية بالحوار وتحكيم القاعدة الطلابية. وقد تقدم الاتجاه الاسلامي بالمذكرة في 11 / 11 / 1982  تحت اسم «الميثاق الطلابي» , تلا هذه المذكرة سلسلة من التحركات و النشاطات مكنت الطلبة من التعرف على برامج الإسلاميين و بقية الأطراف التي كانت ممنوعة من النشاط نتيجة تعسف قوى اليسار في الهياكل المؤقتة . على إثر هذه المذكرة تأكدت دعوة طلبة الإتجاه الإسلامي في الجامعة – التي أطلقتها منذ السنة الجامعية 1980 – 1981 بعد قراءة متانية لواقع الحركة الطلابية و خاصة تاريخ و واقع الأتحاد العام لطلبة تونس – إلى تأسيس هيكل نقابي جديد يقطع مع المنظمة الطلابية السابقة بسبب عدم قدرتها على تجاوز خلافات أطرافها الفكرية و السياسية و بالتالي سلبيتها في الدفاع عن حقوق الطلبة . إستفز هذا الطرح الذي يعمل على إستبدال المنظمة السابقة بأخرى بعض قوى اليسار فتقدموا بمبادرة تدعوا إلى عقد مؤتمر للحسم بين الطرحين : إما إنجاز المؤتمر الثامن عشر الخارق للعادة أو تأسيس منظمة طلابية جديدة , و لحرص طلبة الإتجاه الإسلامي على وحدة الحركة الطلابية تبنوا هذا الطرح لما ينطوي عليه من خيار تحكيم القاعدة الطلابية في هذا الأمر الكبير . و خلال ثلاثة أيام تنادى الطلبة إلى ما عرف في تاريخ الحركة الطلابية بالمؤتمر العام للحسم الذي إنعقدت أشغاله أيام 18  19 و 20 أفريل من سنة 1985 بكلية العلوم بتونس , أقر المؤتمرون على إثرها تأسيس منظمة نقابية طلابية جديدة تقطع مع الماضي   و تؤسس لحياة جامعية جديدة فكان الإتحاد العام التونسي للطلبة .

كان ميلاد الإتحاد العام التونسي للطلبة بداية عهد جديد لم تألفه الجامعة فنشطت الحياة السياسية بكل ألوان الطيف الفكري و العقائدي , كما نشطت الحياة الثقافية بكل أبعادها  و إزدهرت أيما إزدهار من خلال أسبوع الجامعة الذي نظم من طرف الإسلاميين و لأول مرة خلال سنة 1984 , كما تصدى الإتحاد العام إلى كل محاولات سلطة الإشراف لتدجين الحياة الجامعية من خلال طرحه لمشروع إخراج الأمن من الحرم الجامعي كما قاد الكثير من النضالات لمصلحة الجماهير الطلابية . بعد 4 سنوات من العمل – اللاقانوني – و مع محاولة سلطة السابع من نوفمبر الوليدة تخفيف حدة التوتر الإجتماعي و السياسي في البلاد, قامت بالإعتراف القانوني بالمنظمة الطلابية الجديدة كما شهدت هذا السنة -1988 – و بعد ما يزيد عن 16 سنة من التأخير عقد المؤتمر الثامن عشر الخارق للعادة لإتحاد طلبة تونس الذي تمتع أيظا بالإعتراف القانوني . نشطت الحياة الجامعية بشكل لم يسبق له مثيلا في الجامعة التونسية , و لكن بموازة ذلك كان تحدث بعض المناوشات بين سلطة اللإشراف ممثلة في بعض مجالس التأديب في الجامعات و الطلبة الإسلاميين فكان طرد طلبة صفاقس سنة 1989و بعد محاولات عديدة لإرجاع الطلبة لدراستهم و أمام تعنت الإدراة في جامعة صفاقس لم يكن للإتحاد من وسيلة يتبعها إلا تحريك قاعدته الطلابية للضغط على الإدراة فكانت حركة فيفري 1990 التي سادت كافة الأجزاء الجامعية إنتهت بحملة إعتقالات  و تجنيد في صفوف الطلبة أعضاء و مناصري الإتحاد العام التونسي للطلبة . و مع تتطور الأحداث تقدم الإتحاد بمشروعه لإصلاح التعليم و إنعقد المؤتمر الوطني الرابع أواخر 1990 تحت شعار من أجل توفير الشروط الوطنية و الجامعية لإصلاح التعليم  . لم تسعف الإقدار مناضلي الإتحاد بفرصة من الزمن ليواصلوا برامجهم ونشاطاتهم حتى عاجلهم وزير التربية محمد الشرفي الماركسي و عبد العزيز بن ضياء في 29 مارس 1991 بحل المنظمة النقابية و ملاحقة عناصرها و الزج بهم في السجون على خلفية صراع السلطة مع حركة النهضة بداية 1991 , حيث إنفتح فصل جديد من فصول التدافع بين اليسار و الإسلاميين ليس في أحضان الجامعة و لكن في أقبية وزارة الداخلية و أجهزتها الأمنية المختلفة بعد إختراق اليسار لها و توظيفها للإنتقام ممن كانوا أسودا في الجامعة   و على رأسهم المجاهد العجمي الوريمي أو الهيثم كما يحلو لطلبة الإتجاه الإسلامي مناداته به , و الأخ عبد الكريم الهاروني و ثلة من أنجح و أميز الطلبة علما و أخلاقا و مبدئية . و بغياب الإتحاد عن أجواء الجامعة في ظل سعي محموم من السلطة للإستحواذ عليها خسر الطلبة جهازا نقابيا أصيلا و وطنيا يدافع عن حقوقهم و يعمل على توفير مناخات التحصيل العلمي الجيدة و زاد الأمر تعقيدا عودة الإختلافات للتيارات اليسارية   و التي لم تستطع لغاية هذه اللحظة من إنجاز مؤتمرها الثالث و العشرين .

 

 

مؤتمرات الإتحاد :

المؤتمر التأسيسي – المؤتمر العام للحسم  – 18 , 19 و 20 أفريل1985.

المؤتمر الوطني الثاني  16 و 17 ديسمبر 1986.

المؤتمر الوطني الثالث 20 , 21 و 22 جانفي 1989 .

المؤتمر الوطني الرابع   30  / 11 و 1 . 2 / 12 / 1990 .

 

 

الأمناء العامون للإتحاد :

المهندس : عبد الكريم الهاروني دورتين متتاليتين 85 – 86   و 86 – 88 .

الدكتور : عبد اللطيف المكي 1988 – 1990 .

الدكتور : نجم الدين الحمروني : 1990 –

 

زهير تريمش – سويسرا –


في حوار مقتضب مع المهندس

عبد الكريم الهاروني في ذكرى التأسيس*

 

بطاقة تعريفك لمن لا يعرفك من الجيل الطلابي الجديد :

 

أنا عبد الكريم الهاروني، مولود في 17 ديسمبر 1960 بالمرسى – تونس متحصّل على شهادة الباكالوريا في العلوم و الرّياضيّات في دورة جوان 1979 بمعهد قرطاج الرّئاسة بملاحظة حسن و متخرّج من المدرسة الوطنيّة للمهندسين بتونس بشهادة مهندس أوّل في الهندسة المدنيّة في جوان 1985 انتخبت كاتبا عامّا لهيئة التّلامذة المهندسين في ربيع  1984 و كنت مشرفا على أوّل دورة للتظاهرة  الثّقافيّة :” أسبوع الجامعة ” سنة 1984. في نفس السّنة الجامعيّة الّتي تخرّجت فيها انعقد المؤتمر العام للحسم في 18-19-20 أفريل الّذي قرّر فيه المؤتمرون تأسيس الاتّحاد العام التّونسي للطّلبة، كنت أوّل أمين عامّ لهذه المنظّمة لدورتين متتاليتين : أفريل 1985- ديسمبر 1986 – جانفي 1989. واصلت دراستي العليا بالمرحلة الثّالثة في كلّيّة العلوم بتونس للحصول على شهادة  الدّكتوراه.

 أعتقلت مرّة أولى في جويلية 1981 في اطار حملة ضدّ حركة الاتّجاه الإسلامي دون أن أحاكم  ثمّ  في  18 أكتوبر 1986 لمدّة 4 أيّام إثر الأحداث الكبرى الّتي شهدتها الجامعة و خاصّة المركّب الجامعي احتجاجا على اغتيال الطّالب عثمان بن محمود يوم 18 أفريل 1986 ثمّ اعتقلت ثانية يوم 6 نوفمبر 1987 إثر التّحرّكات الّتي قادها الاتّحاد العام التّونسي للطّلبة من أجل إلغاء أمر أوت 1982 المحدّد للتّرسيم في المرحلة الأولى من التّعليم العالي و حوكمت غيابيّا أمام محكمة أمن الدّولة في إطار قضيّة حركة الاتّجاه الإسلامي ب 10 سنوات سجنا مع الأشغال الشّاقّة في سبتمبر 1987 تحوّلت إلى 5 سنوات حظوريّا في نوفمبر 1987 قبل إلغاء محكمة أمن الدّولة في مطلع سنة 1988. قضّيت سنة في السّجن تمّ خلالها إعلان السّلطة عن الإعتراف القانوني بالاتّحاد العام التّونسي للطّلبة و كذلك الاتّحاد العام لطلبة تونس.أيّام 20-21-22 جانفي 1989، ترأست المؤتمر الوطني الثّالث للاتّحاد لأترك المجال لقيادة جديدة للمنظّمة فانتخب الأخ عبد اللّطيف المكّي أمينا عامّا و أصبحت عضوا قاعديّا في الاتّحاد إلى حدود نهاية السّنة الجامعيّة في جوان 1989 لأغادر الجامعة بعد 10 سنوات  دون  أن أتمكّن من اتمام الدّراسة للحصول على شهادة الدّكتوراه .

شاركت في هيئة تحرير جريدة الفجر ابتداء من 21 أفريل 1990 ثمّ اعتقلت في 19 أكتوبر من نفس السّنة و حوكمت ب 6  أشهر سجنا بتهمة توزيع مناشير تدعو إلى مقاطعة الانتخابات البلديّة في جوان 1990و أخيرا اعتقلت يوم 30 أكتوبر 1991 في إطار الحملة على حركة النّهضة و حوكمت بالسّجن مدى الحياة في صائفة 1992 أمام المحكمة العسكريّة قضّيت 16 سنة سجنا و أطلق سراحي في 7 نوفمبر 2007 لأجد نفسي في سجن كبير محروما من حقوقي المدنيّة و السّياسيّة. رفضت الإمضاء اليومي لدى الشّرطة تحت غطاء المراقبة الإداريّة لأنّه إجراء غير قانوني و غير إنساني و يعني إعداما اجتماعيّا و أنا اليوم 

كالأمس أناضل من أجل أن أعيش حرّا في شعب حرّ في بلد حرّ في أمّة حرّة في عالم حرّ.

 

هل يمكنك أن تحدثنا بإقتضاب عن سمات الحياة الجامعية قبل المؤتمر العام للحسم و تأسيس الإتحاد :

 

في الوقت الّذي بلغ الوضع في الجامعة حدّا من التّأزّم  وانسداد الأفق إلى درجة اليأس عند البعض أمام تدهور الظّروف المادّيّة و الدّراسيّة للطّلبة، واستفحال الصّراع السّياسي داخل الحركة الطّلابيّة ، و استمرار الخلاف حول التّمثيل الطّلابي ، و إهمال النّشاط الثّقافي و تنامي القطيعة بين الحركة الطّلابيّة و السّلطة و تواصل عزلة الجامعة عن المجتمع ، حصل تطوّر هام في الحياة الجامعيّة مع تنظيم الدّورة الأولى من ” أسبوع الجامعة ” في ربيع 1984 كتظاهرة ثقافيّة  لتنشيط  الحياة الطّلابيّة و إطار لتدارس قضايا الجامعة و في مقدّمتها إصلاح التّعليم  و تجربة رائدة في التّنسيق بين ممثّلي الطّلبة المنتخبين في المجالس العلميّة بمختلف الأجزاء الجامعيّة الأمر الّذي أوجد حركيّة واسعة في السّاحة الطّلابيّة وزاد من اقتناع قطاع واسع من الطّلبة بضرورة  و إمكانيّة وجود منظّمة طلابيّة توحّد جهودهم و تدافع عن مصالحهم  و تنهض بجامعتهم فلا غرابة أن تنشأ فكرة عقد مؤتمر عامّ للحسم يوم اختتام أسبوع الجامعة في حلقة نقاش بكلّيّة الحقوق بتونس على لسان طلبة من اليسار، أي الاحتكام إلى الطّلبة لاختيار المنظّمة الّتي تمثّلهم بين التّمسّك بالاتّحاد العام لطلبة تونس و تأسيس منظّمة جديدة و نتج عن تبنّي الاتّجاه الإسلامي لمقترح المؤتمر العام للحسم و دعوته لبقيّة الأطراف السّياسيّة للانخراط في هذا المشروع أن كانت السّنة الجامعيّة 1984-1985 سنة الإنجاز و شهدت حركيّة كبيرة أخرجت الأغلبيّة الصّامتة من صمتها انطلاقا من التّجمّع العام بكلّيّة الحقوق في 15 نوفمبر 1984 الّذي أعلن فيه الاتّجاه الإسلامي تبنّيه لمقترح المؤتمر العام للحسم والدّعوة لإنجازه في نفس السّنة . و أمام معارضة المجموعات اليساريّة و تمسّكها بإنجاز المؤتمر الثّامن عشر الخارق للعادة للاتّحاد العام لطلبة تونس و اعتبار ذلك أمرا غير قابل للنّقاش أو التّحكيم، توجّه الإسلاميّون إلى القاعدة الطّلابيّة العريضة بصفتها صاحبة المصلحة و صاحبة القرار لمعرفة موقفها من إنجاز المؤتمر العام للحسم عبر عريضة جمعت في ظرف وجيز أكثر من 16000 إمضاء و هو رقم فاق التّوقّعات و أثبت بقوّة رغبة الطّلبة في حسم الخلاف حول التّمثيل الطّلابي عبر الاحتكام إلى الطّلبة  دون وصاية. و رغم معارضة المجموعات اليساريّة، تقدّم الاتّجاه الإسلامي في الإنجاز بتنظيم تجمّع عام بكلّيّة الحقوق في 15 مارس 1985 في إطار” تحالف الوحدة النّقابيّة ” بمشاركة مجموعات من الطّلبة المستقلّين و عدد من الطّلبة اليساريّين ليتمّ الإعلان عن الدّخول في تنظيم انتخابات في كافّة الأجزاء الجامعيّة لانتخاب ممثّليها في المؤتمر العام للحسم حيث بلغ عدد الطّلبة المشاركين في الانتخابات أكثر من 21000 طالبا لينعقد المؤتمر في كلّيّة العلوم بالمركّب الجامعي بتونس أيّام 18-19-20 أفريل 1985 الّذي تبنّى تأسيس منظّمة طلابيّة جديدة سمّاها : “الاتّحاد العام التّونسي للطّلبة ” (U.G.T.E) و من الطّريف أن يكون تاريخ انطلاق المؤتمر موافقا لتاريخ انطلاق أوّل إضراب في تاريخ الحركة الطّلابيّة في تونس يوم 18 افريل 1910 على يد طلبة جامع الزّيتونة للمطالبة بإصلاح التّعليم. وهكذا مثّل انعقاد المؤتمر العام للحسم منعرجا تاريخيّا في مسيرة الحركة الطّلابيّة باتّجاه التّنظّم و إعادة الاعتبار للقاعدة الطّلابيّة العريضة في تقرير مصيرها. 

 

مشاعرك في ذكرى التأسيس :

 

أقدّر مبادرتك بإحياء ذكرى التّأسيس حقّ قدرها وفاء لأجيال من الطّلبة ناضلت من أجل حرّيّة العمل السّياسي و النّقابي و الثّقافي في الجامعة و قدّمت تضحيات جسيمة بين مطرودين و مجنّدين و معتقلين و مغتربين و شهداء و كان تأسيس الاتّحاد العام التّونسي للطّلبة ثمرة من أهمّ ثمار هذا النّضال الطّلابي و انجازا تاريخيّا من أبرز انجازات الحركة الطّلابيّة على امتداد القرن الماضي و مدرسة لتخريج أفواج عديدة من المناضلين و المناضلات رغم السّنوات القليلة في عمر هذه التّجربة فأنا اليوم أشعر بالاعتزاز لأنّي كنت في نفس الوقت من المؤسّسين و من الخرّيجين من هذه المنظّمة الطّلابيّة الرّائدة. كما أشعر بالمرارة للفراغ الّذي عرفته الحركة الطّلابيّة نتيجة لغياب الاتّحاد العام التّونسي للطّلبة و محاصرة العمل السّياسي و النّقابي و الثّقافي في الجامعة الّتي عزلها البوليس و أعاقها الحزب الحاكم وفشلت السّلطة في حلّ مشاكلها و في مقدّمتها إصلاح التّعليم. و في المقابل، فإنّي مستبشر بما لاحظته من مؤشّرات مشجّعة لخروج الحركة الطّلابيّة من السّنوات العجاف الّتي مرّت بها و من ذلك عودة ظاهرة التّديّن بقوّة في صفوف الطّلبة و الطّالبات بعد جفاف التّسعينات و تنامي التّحرّكات الطّلابيّة لتحسين الظّروف المتردّية المادّيّة و المعنويّة الّتي انتهى إليها الوضع في الجامعة و بداية نهاية هيمنة الحزب الحاكم على الحياة الطّلابيّة من خلال الحركيّة الّتي تشهدها انتخابات المجالس العلميّة. لا شكّ أنّ هذه خطوات في الاتّجاه الصّحيح على طريق تحرير الجامعة و نهضة الحركة الطّلابيّة كشرط ضروريّ و ملحّ لتحرير المجتمع ونهضة البلاد. و الله أسأل أن يوفّق كلّ الطّاقات الخيّرة و الإرادات الصّادقة من داخل الجامعة و خارجها لبناء مستقبل للحركة الطّلابيّة أفضل من حاضرها و لم لا من ماضيها لنرى جيلا أفضل من جيلنا في زمان أفضل من زماننا.

 

رؤيتك لواقع الحياة الطلابية في الجامعة في ظل تواصل تشتت اليسار :

 

لا شكّ أنّ تشتّت اليسار إلى حدّ ممارسة العنف بين بعض مجموعاته يزيد في إضعافه و عزله عن القاعدة الطّلابيّة العريضة و يؤكّد عجزه على قيادة الحركة الطّلابيّة حاضرا و مستقبلا أو حتّى المساهمة الفعليّة في النّضال من أجل الدّفاع عن مصالح الطّلبة و مصلحة الجامعة و مصلحة البلاد و لقد أصبح هذا التّشتّت و التّناحر طبيعة ثابتة و مميّزة لليسار منذ السّبعينات و حتّى في غياب الاتّجاه الإسلامي في التّسعينات نتيجة حملة الاستئصال الّتي تعرّضت لها الحركة الإسلاميّة في تونس بمشاركة أطراف من اليسار. و يعود ذلك إلى طبيعة المرجعيّة الإيديولوجيّة لليسار من ناحية و صعوبة اندماجه في مجتمع متمسّك بهويّته العربيّة الإسلاميّة  من ناحية أخرى  إلى جانب قمع السّلطة لمناضليه في مناسبات مختلفة و ما نتج عن ذلك كلّه من تناقضات تشقّ صفوفه حول العلاقة بالسّلطة و العلاقة بالحركة الإسلاميّة و بالمجتمع. و في هذا السّياق يشهد اليسار فرزا داخل صفوفه بين من أعطى الأولويّة للبعد الإيديولوجي فوجد نفسه قريبا من السّلطة متحالفا مع الاستبداد بعيدا عن المعارضة، معزولا عن  المجتمع و بين من أعطى الأولويّة في هذه المرحلة للبعد السّياسي فأصبح بعيدا عن السّلطة مقاوما للاستبداد قريبا من الشّعب. إذن فأزمة اليسار جزء من أزمة الحركة الطّلابيّة و عائق من العوائق أمام تقدّمها إلا أنّ الأزمة الّتي تمرّ بها الجامعة منذ سنوات طويلة تتحمّل فيها السّلطة المسؤوليّة الأولى و هي جزء من أزمة عامّة تعاني منها البلاد منذ انتخابات 2 أفريل 1989 حيث دخلت تونس نفقا مظلما من قمع للحرّيّات و انتهاك لحقوق الإنسان و إقصاء لكلّ صوت معارض و محاصرة لمختلف قطاعات المجتمع النّقابيّة و الطّلابيّة و السّياسيّة و الحقوقيّة و الثّقافيّة  بأسلوب أمنيّ ثبت فشله في حلّ مشاكل الجامعة و البلاد.فلا غرابة أن نجد الحياة الطّلابيّة تعاني إلى اليوم من الحصار الأمني و هيمنة الحزب الحاكم و عجز اليسار و إقصاء الإسلاميّين و غياب منظّمة طلابيّة مستقلّة ديمقراطيّة و مناضلة قادرة على تأطير الطّلبة و الدّفاع عن مطالبهم المادّيّة و المعنويّة المشروعة و تأكيد حضورهم في السّاحة الوطنيّة للمشاركة في معالجة القضايا الحقيقيّة للبلاد. أمام هذا الواقع المرير، يتأكّد أنّ مفتاح الإصلاح هو الحرّيّة  داخل الجامعة  كجزء لا يتجزّأ من الحرّيّة داخل البلاد. و هذا الأمر يذكّرني  بالشّعار الّذي رفعه الطّلبة الإسلاميّون منذ 30 سنة : نريد الحرّيّة في الجامعة كما نريدها في البلاد و بهذه المناسبة أدعو إلى إطلاق سراح كلّ الطّلبة المعتقلين بدون استثناء و تمكينهم من حقّهم في مواصلة دراستهم وعودة المطرودين و رفع الحضر على حقّ الطّلبة من المساجين السّياسيّين في التّعليم كما نصّ عليه قانون السّجون و رفع الحصار عن الجامعة بسحب  جهاز “الأمن الجامعي” واحترام إرادة الطّلبة وحقّهم في حرّيّة اختيار ممثّليهم في المجالس العلميّة وبناء المنظّمة الّتي تمثّلهم و تعبّر عن طموحاتهم في مناخ من احترام كلّ الأطراف و في مقدّمتها السّلطة لاستقلاليّة الجامعة و حرّيّة النّشاط العلمي و الثّقافي و السّياسي و النّقابي داخلها . و إلغاء قانون المساجد و المنشور 108 اللادستوريّين و فتح مسجد بكلّ مؤسّسة جامعيّة بما في ذلك فتح جامع المركّب الجامعي الّذي أغلق منذ 5 سنوات بدعوى الأشغال و بقي ضحيّة للإهمال و الإثم و العدوان في تناقض صارخ مع ما ترفعه السّلطة من شعار المصالحة بين الدّولة و الإسلام.

 

 كلمة للجيل الجديد من الطلبة  الذي لم يعاصر تجربة الإتحاد العام التونسي للطلبة و ربما لم يسمع به أصلا نتيجة سياسة السلطة خلال عقد التسعينات من القرن الماضي .

 

 الجيل الجديد من الطّلبة في حاجة إلى معرفة تاريخ الحركة الطّلابيّة في تونس و هو تاريخ ثريّ و متميّز على امتداد قرن من الزّمن منذ ربيع 1910 وفاء للأجيال السّابقة  و تقديرا لتضحياتها واعتبارا من تجربتها بحلوها و مرّها لبناء مستقبل أفضل للأجيال القادمة . و لقد حاولت السّلطة إحداث قطيعة بين ماضي الحركة الطّلابيّة و مستقبلها عبر قرارها بحلّ الاتّحاد العام التّونسي للطّلبة و محاصرة النّشاط السّياسي و النّقابي و الثّقافي في الجامعة دون أن تقدّم بديلا لأنّ فاقد الشّيء لا يعطيه فأصبح المجال واسعا لانتشار ظواهر خطيرة في صفوف الطّلبة مثل اللامبالاة و الاستقالة  و الأنانيّة و الميوعة و حتّى الجريمة و بلغ الأمر بكثير من الطّلبة حدّ اليأس من الإصلاح و القلق على المستقبل و خاصّة الخوف من شبح البطالة . و كلّ ذلك من مظاهر فشل سياسات الحزب الحاكم و ضعف المعارضين له داخل الجامعة و في البلاد و قد أثبتت تجربة الاتّحاد العام التّونسي للطّلبة أنّه بإمكان الحركة الطّلابيّة و في أسوء الظّروف الّتي تمرّ بها البلاد أن تخرج من واقعها المتردّي  و تجعل من الضّعف قوّة إذا توفّرت الإرادة  الصّادقة الّتي تقدّم مصلحة الطّلبة و الجامعة و البلاد و تتسلّح بالصّبر و الحكمة و الثّقة في الله ثمّ في النّفس.  وقد كان تأسيس الاتّحاد العام التّونسي للطّلبة تتويجا لنضال ورفعا لتحدّي و تحقيقا لحلم و انجازا لتحوّل في مسار الحركة الطّلابيّة و مكسبا لعموم الطّلبة وحّد جهودهم في النّضال و حقّق عددا من مطالبهم في ظرف صعب على كلّ المستويات السّياسيّة و الاقتصاديّة و الاجتماعيّة مرّت به البلاد  في السّنوات الأخيرة من حكم بورقيبة. و إنّي على ثقة أنّ الأجيال الجديدة من الطّلبة قادرة على الخروج بالجامعة من هذا الوضع الّذي لا نرضاه لها و كتابة صفحة جديدة مشرقة في تاريخ الحركة الطّلابيّة التّونسيّة. و هناك من المؤشّرات ما يدلّ على أنّ القافلة تسير، فالغيث أوّله قطر ثمّ ينهمر. وفق الله طلبة تونس و طالباتها لما فيه خير بلادنا و شعبنا و أمّتنا و الإنسانيّة.

 

 * أجرى الحوار : زهير تريمش  –  سويسرا – .

 

قابس : رئة أخرى تتلف فمن المنقذ ؟

 

 تعتبر مدينة قابس من أكثر مدن البلاد التونسية تلوثا وكان من المفروض أن تتكاتف مجهودات كل الأجهزة الإدارية من ولاية وبلدية وإدارات جهوية ودواوين وشركات عمومية لزيادة المساحات الخضراء والحدائق حتى تمتص فائض التلوث بهذه المدينة, لكن للأسف حدث العكس تماما ذلك أن غابة صغيرة مكونة من بعض أشجار الكالتوس واقعة على الطريق الرئيسية الرابطة بين مدينة قابس وطبلبو تتعرض هذه الأيام للإتلاف بهدف استغلال فضائها في بناء مقر لشركة المركب الكيميائي التونسي بقابس . إن هذه الواقعة تعطي مثال عن منطق ألامعقول السائد ببلادنا ذلك أن شركة المركب الكيميائي هي احد المسؤولين عن هذا التلوث وعوض معالجة هذا المشكل بزيادة المساحات الخضراء فإنها تتصرف بمنطق معكوس وتعتدي على إحدى الغابات الصغيرة التي تعتبر في نهاية الأمر متنفسا لأهالي هذه المدينة . ان هذه الواقعة تعتبر جريمة ضد البيئة وضد سكان قابس ولهذا فإننا من هذا المنبر الحر نوجه نداءا إلى كل أحرار قابس ومحبيها وأصدقائها للوقوف في وجه هذه الجريمة ومناشدة السلط الجهوية والعليا لإيقاف هذه المهزلة والانطلاق في حملة تشجير فعلية ومزيد الاعتناء بالمساحات الخضراء الموجودة لان هذه الفضاءات هي الكفيلة وحدها بالتخفيض في نسبة التلوث وبالتالي الحفاظ على حد أدنى من الحياة السليمة وليعلم الجميع أن نهاية أخر شجرة تعني نهاية أخر إنسان .

محمد العيادي

  – نقابي من التعليم الثانوي – قابس     


تونس: تمرّد أهالي الحوض المنجمي يطرح الملف الإجتماعي بقوة

 

 
تونس – صلاح الدين الجورشي بعد مُـلازمة الحذر والهدوء لفترة استمرّت حوالي ثلاثة أشهر، نفَـد صبر السلطات التونسية وقررت وضع حدٍّ للحركة الاحتجاجية التي اندلعت بمناطق الحوض المنجمي، باللّجوء إلى القوة، وذلك عبر اجتياح عدد واسع من قوات الأمن لمدينة الرديف، الواقعة بالجنوب الغربي والتابعة إداريا لولاية (محافظة) قفصة، المعروفة تاريخيا باستعداد سكّـانها للتمرد والاحتجاج. وتقول إحدى رِوايات شاهِـد عِـيان، إنه في فجر يوم الاثنين 14 أبريل الجاري، وبينما كان أهالي معتمدية الرديف غارقين في نومِـهم، إذا بعددٍ واسعٍ من رجال فِـرق التدخّـل السريع يقتحمون البيوت وينهالون على السكَّـان المحتجِّـين على ذلك بالعصي.. ولم تمضِ سوى فترة وجيزة، حتى تحولت البلدة إلى ساحة مواجهة مفتوحة على جميع الاحتمالات. من جهة، قوات الأمن بتجهيزاتها المعروفة بما في ذلك الغازات المُـسيلة للدّموع، ومن جهة أخرى، الأهالي وفي مقدِّمتهم الأطفال في سّن اليافعين، يردّون على الشرطة بالحِـجارة وحرق العجلات المطاطية. لقد تحوّل المشهد بسرعة إلى حالة أشبه ما تكون بالعِـصيان المدني. وبالرغم من الإيقافات التي شملت بعض العناصر، التي اعتبرت محرّضة، إلا أن الاشتباكات تجدّدت يوم الثلاثاء 15 أبريل، بعد أن وضِـعت المدينة تحت حِـصار أمني شِـبه كامل. فما الذي حدث؟ قبل الشروع في اقتحام المدينة، قام عدد من الشبان الملثّـمين بتنظيم هجوم على مركز الأمن الواقع بوسط البلدة وحطّـموا ما فيه من تجهيزات، ممّـا دفع بالعدد القليل من أفراد الشرطة، الذين كانوا بالحراسة إلى الفرار. والسؤال الذي ليس له جواب، قطعي إلى حدّ كتابة هذا المقال: من هم الذين نفَّـذوا هذا الاعتداء؟ ومن يقف وراءهم؟ عرفت تونس بأن من بين ثرواتها الطبيعية القليلة، منجم الفسفاط الذي يقع بجنوب البلاد، وقد كان هذا المنجَـم بالنسبة لسكان الجِـهة، مصدر قوّتهم الوحيد ومحور حياتهم الاقتصادية والاجتماعية، لكن أصيب المنجم بالشيخوخة وتراجع عطاؤه، وهو ما دفع بالشركة القائمة على استغلاله إلى تقليص عدد العاملين به. اتهامات واعتصامات أما بالنسبة لانتداب كوادر جديدة للشركة، فقد وضعت قواعد عامة لذلك، إضافة إلى نوع من المحاصصة بين السلطات المحلية والفرع التابع لاتحاد العمال، لكن في هذه المرة، شكَّـك عموم الأهالي في نزاهة نتائج المناظرة التي تمّـت، ووجّـهوا للمسؤولين النقابيين المحليِّـين تُـهمة المحسوبية. ونتيجة ذلك، قرّر الكثير منهم القيام باعتصامٍ مفتوح أمام كل الطرق المؤدِّية إلى مدخّـل الشركة، بما في ذلك سكّـة الحديد الخاصة بنقل الفسفاط. وشيئا فشيئا، تطوّرت أساليب الاحتجاج وتنوّعت بشكل غير مسبوق، حيث نُـصِـبت الخِـيام في الشوارع وعلى خط السكة الحديدية، وشاركت النساء في الاعتصام وتعدّدت المسيرات وحرق إطارات السيارات. أبدت السلطات قدرا عاليا من الذّكاء وضبط النفس، وهي المعروفة بردودها الحادّة على مثل هذه التحرّكات الاحتجاجية، سواء كانت طلابية أو حقوقية أو سياسية أو حتى نقابية. وكانت قوات الأمن حاضِـرة بكثافة منذ الأسبوع الأول لانطلاق عمليات الاحتجاج، لكنها كانت تكتفي بالمراقبة وتتجنب كلّ مظاهر الاحتكاك بالمواطنين. كان هناك وعي بدقّـة الحالة وصعوبتها واختلافها عن بقية الحالات التي عرفتها البلاد، لكن، وبشكل فُـجْـئي، قرّرت السلطة تغيير الأسلوب، ربّـما بعد أن يئِـست من أن يدبّ الإرهاق واليأس إلى صفوف هذه الجُـموع وتقبل بالتكيّـف مع الأمر الواقع، خاصة بعد أن تمّ فكّ الاعتصام على إثر وعود قدمت للمحتجين. غير أن الأسلوب الذي اعتُـمد جاء قاسيا وفي شكل عقابٍ جماعي، وبدل أن يحقِّـق الهدف منه، وهو الشعور بالخوف وتفكيك حالة التضامن بين السكان وإعادة الأمور إلى نِـصابها، غذّى لدى الأهالي الشعور بالتحدّي وخلق لديهم إحساسا قويا باللّـحمة والترابط بينهم، وهي معانٍ لمستها قوات الأمن في تلك المواجهات الاستثنائية، ممّـا دفع بالسلطات إلى التّـراجع، وذلك عبر إطلاق سراح الموقوفين والتخلّي عن محاكمتهم، وهو ما حوّل المشهد إلى إطلاق الزغاريد وتعدّد مظاهر الفرح بتحقيق هدف “الانتصار”، وللجميع قِـصص وروايات عمّـا حدث ما بين يومي الاثنين 14 والأربعاء 16 أبريل. الأهمية والخطورة ما حدث في المناطق المُـحيطة بالحوض المنجمي، ليس أمرا هينا، لأنه، حسب اعتقاد الكثيرين، قد جمع بين الأهمية والخطورة، ويمكن فهم ذلك من خلال التوقّـف عند الجوانب التالية: – تاريخ هذه المنطقة يشهد بأن أهلها يشعرون باستمرار بأنها لم تحظ بنفس الرِّعاية والأولوية التي تلقتها مناطق أخرى، مثل المدن الساحلية. وليس هذا الشعور وليد الفترة الأخيرة، وإنما كان مُـلازما لأبناء الجهة منذ عهد بعيد. ولهذا، فإن إحساسا بالإهمال والغضب كان ويزال يلازمهم تُـجاه السلطتين، الجهوية والمركزية. فبالرغم من بعض التحسينات التي تمّـت، إلا أن الحالة الاجتماعية الصّعبة لقطاع واسع من سكان معتمديات “الرديف” و “أم العرايس”، عمقت هذا الإحساس وحوّلته إلى نزوع قوي نحو التمرّد. – ما حدث طيلة الأشهر الثلاثة الماضية، كان عبارة عن ولادة حركة اجتماعية تميّـزت بالعفوية وافتقرت للقيادة الموحّـدة، واختلط فيها البُـعد القبَـلي بالمطلبية المشروعة. وبقدر ما كانت بداية التحرّك واضحة في تعبيراتها وآليتها ومطالبها، إلا أنها كلَّـما تقدّمت في الزمن، إلا وفقدت القُـدرة على التخطيط وحسن إدارة التفاوض ووضع أولويات تحقِّـق الإجماع وتفعل الضغوط بشكل مرحلي وتصاعدي، ويعود ذلك بالأساس إلى عوامل عديدة، من أهمِّـها عدم الخِـبرة والافتقار إلى تقاليد في مجال النِّـضال السِّـلمي. ويعتقِـد أحد رؤساء فروع الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، الذي واكب الأحداث عن قرب، بأن الارتجال الذي اتّـصف به هذا التحرّك الاحتجاجي، يعود إلى غياب مجتمع مدني مُـهيكل وفاعل في تلك المناطق، لكن مع ذلك، حاول المحتجّـون أن يمارسوا أشكالا متعدّدة للمقاومة السِّـلمية، ولعل ذلك يعود، حسب اعتقاد بعض المراقبين، إلى محاولة إحياء تقاليد سابقة عُـرف بها أجدادهم من عمال المناجم خلال الحِـقبة الاستعمارية، إلى جانب التأثير بما شاهدوه من إضرابات شبيهة، خاضها العمال المصريون مؤخرا. فالفضائيات أصبحت تولِّـد العدوى وتقدِّم نماذج صالحة للترويج على نطاق واسع. – لم تكن السلطة وحدها هي التي فوجِـئت باندلاع هذه الحركة الاحتجاجية واستمرارها طيلة الأشهر الثلاثة الماضية. القوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني لم تتوقّـع بدورها حدوث تمرّد من هذا القبيل، رغم تِـكرار القول بأن هناك “أزمة خانقة”. النظام السياسي كان ولا يزال مطمئِـنا لإنجازاته الاقتصادية وقدرته على امتصاص حالة الاحتقان الاجتماعي، كما أن انشِـغال المعارضة بلُـعبة الانتخابات الرئاسية والتشريعية القادمة، قد شغلها عن الاهتمام بالجَـبهة الاجتماعية. ولعل ذلك هو الذي يفسِّـر تأخُّـر هذه الأطراف السياسية عن العناية بما حصل في الحوض المنجمي وتقدير أهميته لفترة تجاوزت شهرا كاملا. الطرف السياسي الوحيد الذي رصد التحرك منذ بدايته هو “حزب العمال الشيوعي التونسي” (محظور) من خلال موقعه “البديل”، لكن مجموعات أقصى اليسار لم تكُـن بالقوة والحضور لتستوعب حدثا بهذا الحجم. فالمعتصِـمون لا يملكون رصيدا قويا من الثقة في عموم الأحزاب السياسية، أما الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، فإن أزمتها المستمِـرة مع السلطة جعلتها غير قادِرة على أن تلعب دورا حاسما، رغم رصيد الثقة الذي لا تزال تتمتّـع به بين أهالي تلك المناطق. ولعل ذلك يعود للدّور الذي حاولت أن تقوم به فروع الرابطة القريبة من بؤرة التوتر، وهو ما جعلها تُـحاول فيما بعد تدارُك الأمر وملاحقة الحدث، بانتقال رموز المعارضة إلى مكان الاعتصام للتّـعبير عن التّـضامن مع المضربين، أما الخاسر الأكبر فيما حصل، فهو بالتأكيد الاتحاد العام التونسي للشغل، الذي كاد أن يخسر تأثيره بالكامل داخل هذه الجهة، بسبب سوء إدارة الأزمة، إضافة إلى تلوّث بعض الوُجوه النقابية المحلية، التي فقدت مِـصداقيتها في صفوف العمال والأهالي. – أما السلطة، التي كانت منتبِـهة طيلة العشرين سنة الماضية للشرائح الاجتماعية الأكثر فقرا، خوفا من ردود فعلها القوية والعشوائية، فقد بدت عاجِـزة طيلة الأشهر الثلاثة الماضية عن تقديم حلول مُـقنِـعة للمحتجِّـين، وهو ما زاد في إضعاف قيمتها الرزية لدى عموم السكان في تلك الجهات. وقد أدركت خطورة ذلك مؤخرا، فحاولت أن تتدارك الأمر بأسلوبين متعاكسين. الأول، من خلال توجيه ضربة قاسية في محاولة لإصابة الحركة الاحتجاجية بالشّـلل العضوي، وعندما لم يحقق ذلك النتائج المرجُـوة، تدخّـل الرئيس بن علي بإجبار شركة فوسفاط قفصة على الإسراع بإنجاز المغاسل التي من شأنها أن تخفِّـف من حجم التلوّث الذي يُـعاني منه كثيرا سكان تلك المنطقة. وحتى يقع تهميش الحركة الاحتجاجية، قام الحزب الحاكم بتنظيم مسيرة كُـبرى في مدينة قفصة، عاصمة المحافظة، لمحاولة لإثبات التِـفاف السكان حول نظام الحكم. ومع أهمية استكمال هذا المشروع الإقتصادي مع نهاية العام الجاري، إلا أن ذلك لن يكون له تأثير مباشر على ملفّـي البطالة وارتفاع مستوى المعيشة، اللذين فجّـرا الموقف في منطقة المناجم. بداية قلب الأولويات؟ هل تكون أحداث “الحوض المنجمي” هي بداية قلب الأولويات ودخول تونس منطقة الزوابع الخطرة بسبب تداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية، والإرتفاع المتواصل لأسعار المواد الغذائية الأساسية والمحروقات وانعكاس الإصلاحات الهيكلية على الأمن الاجتماعي لشرائح واسعة من التونسيين؟ يبدو أن هذا هو أكثر الاحتمالات التي يخشى الكثيرون وقوعها، والدليل على ذلك، العنوان الذي تصدّر الصفحة الأولى للصحيفة الأسبوعية الناطقة باسم حزب الوحدة الشعبية، وهي تشكيلة سياسية غير راديكالية ممثلة في البرلمان، وجاء فيه: “انتفاضة الجياع في مصر واليمن، لا نريدها أن تقع في تونس”. (المصدر: موقع سويس إنفو (سويسرا) بتاريخ 18 أفريل 2008)


وصفة سحرية ورسمية لتحقيق التنمية: إهانة الوطن والمواطن !!!

 
مرسل الكسيبي (*) حتى لاأتهم بالتطاول على أصحاب الجلالة والفخامة وحشر الأنف في شؤون أقطار أخرى لم أتقاسم مع أهلها رغيف الخبز ومياه باطن الأرض , دعوني أحدثكم عن هذه الوصفة التونسية العجيبة لتحقيق التنمية مع تأكيدي مجددا على أن الوطن بوجهه الرسمي والنظامي لايخلو من عناصر وطنية صادقة تحرص على البناء والتشييد أكثر من حرص بعض العناصر المتجلببة بالجسم المعارض – مع تقديري طبعا واكباري واحترامي للأغلبية الوطنية المناضلة داخل الجسم المعارض . قبل أسابيع قليلة حدثني عالم الرياضيات والفيزياء البروفسور منصف بن سالم عن وضع زميل وعالم تونسي يحمل شهادة الدكتوراة في تخصص علوم الحسابيات , حيث روى لي قصة اصابة هذا الزميل بداء فقدان الذاكرة لفترة خمس سنوات بعد الزج به وراء القضبان مطلع التسعينات , وبرغم قرار التبرئة الصادر في شأنه عن المحكمة الا أن عناصر أمنية أصرت على اعادة ترتيب محاكمته بعد أن رفض التعاون مع مخبرين طلبوا منه خدمات لاتمت الى العمل الأكاديمي والعلمي بصلة … العنت والعذاب الذي لقيه هذا العالم التونسي بين أيدي سجانيه ومستقبليه من رواد التنمية التونسية الأصيلة أدى الى ارغامه بعد مغادرة السجن على الامضاء يوميا ولفترة طويلة لدى المصالح الأمنية برغم اصابته بأعراض حقيقية لفقدان الذاكرة – عدم تذكر أسماء الأقارب وأفراد العائلة وعدم القدرة على استرجاع مفاصل حديث مباشر سابق مع اضطراب ولخبطة في استعادة وتنسيق الجمل … العالم التونسي المذكور أحيط برعاية طبية عائلية خاصة جعلته يستعيد الذاكرة ليروي قصة مأساة وطنية صامتة خيرت السكوت عن كثير من فصولها من باب الرغبة في طي صفحة مظلمة من تاريخ تونس المعاصر والتأسيس لصفحة جديدة تحمل معها الكثير من الأمل بدل الألم … هذه الرغبة في تجاوز الام الماضي والتي عبرت عنها مرارا وتكرارا من منطلق عدم الحرص على عدم اجترار محنة التسعينات , لم تقابلها السلطة بارادة للاعتذار والتجاوز والتعويض لهؤلاء الضحايا الذين لن يكلفوا خزينة الدولة معشار واحد من مشاريعها المتوسطة أو الكبرى … التنمية التي يرفع شعارها الاقتصادي والعلمي والمعرفي نظام يدعي مرارا وتكرارا انتمائه لعالم الحداثة والتحديث , لم تعرف طريقها بالكاد الى حريات الناس وحقوقهم الأساسية ورفاهم الاجتماعي العادل , ومن ثمة فان حالة هذا العالم التونسي وحالة الالاف من الطاقات العلمية المهمشة التي أقصيت بدافع الحقد والكراهية السياسية أو الحسابات الايديولوجية الرخيصة تؤشر مرة أخرى على حقيقة التنمية الشعاراتية المرفوعة في ربوع تونس المحروسة , اذ أن تنمية لاتأخذ بعين الاعتبار حق الناس في الاختلاف الفكري والسياسي وحريتهم في التنظم والاجتماع والترشح والانتخاب والمشاركة في الحياة العامة مع ضمان حقهم العادل في اقتسام الثروة والتمتع بخيرات البلاد على أساس لامركزي يسلم بأن الوطن للجميع …, ان تنمية تحتكرها جهات معينة أو أقلية سياسية تنتمي الى حزب الأغلبية أو الى مؤسسات قرارية نافذة مع تنكر هذه الجهات أو الأقليات لحقنا فوق ترابنا الوطني في العيش الكريم والحر بعيدا عن اساليب الاهانة والتعذيب والاعتقال العشوائي والمحاكمات الجائرة …, ان تنمية من هذا القبيل ستظل تنمية مبتورة وهشة وفاقدة لضمانات العدالة والاستدامة … ان التنمية الاقتصادية غير العادلة كما أثبتت ذلك اضطرابات مدينة قفصة الجماهيرية الواسعة , مؤشر خطير على أوضاعنا السياسية التي دفعت قبل ايام مائة تونسي من الفقراء والمحرومين الى نصب خيامهم فوق نقطة حدودية جزائرية ورفع العلم الجزائري وطلب التخلي عن الجنسية التونسية ومطالبة سلطات الجيران بالتكفل برعايتهم ماديا وصحيا وتعليميا … استمرار أزمة الحريات في تونس وخنق المعارضة واهانة العلماء – وضعية البروفسور منصف بن سالم وزميله كمثالين على ذلك – واحتجاز المئات من الرهائن السياسيين وراء القضبان مع عدم الالتفات الى مأساة المنفيين من اللاجئين السياسيين عبر استثمار تغييبهم القسري عن المشاركة العامة , وترهيب المجتمع بقانون استثنائي صدر سنة 2003 والتلويح بالمحاكمات شبه اليومية واستهداف رجال الصحافة كما هو حاصل مع زميلنا المعتقل سليم بوخذير أو هذه الأيام مع جريدة الموقف المعارضة , والاعتداء على المحامين بين الفينة والأخرى داخل باحة قصر العدالة وخارجها ومحاكمة الطلاب وطرد زملائهم والرفع المستمر في الأسعار دون مراعاة وضع الفقراء والطبقة الوسطى وتزييف نتائج مناظرات التشغيل كالكاباس وغيرها واخضاعها لشروط الحزب الحاكم … كل ذلك لن يزرع الا الشوك ولن يكون حصاده الا مجهضا لمطامح التنمية الحقيقية … وأخيرا أقول اذا كان هذا هو النموذج التنموي المراد لتونس والتونسيين فلنا أن نمر في الأرض ونذكر عاقبة الذين ظلموا في الاتحاد السوفياتي السابق , الذين لم تشفع لمكانة دولتهم على الساحة العالمية صواريخ عابرة للقارات ولا برامج لغزو الفضاء ولا أسلحة تدمير أرضي شامل … لقد سقطت هيبة ستالين وتروتسكي وبريجنيف وبقيت هيبة ساخاروف وذكرى جورباتشوف الذي أدخل الهواء الى رئتي الحزب الشيوعي فتنفست روسيا الحرة الصعداء وبدأت تبحث من جديد عن نفسها بين الرفاه الاقتصادي وطعم الحريات السياسي ومكانة أصدق وأرفق وأمتن على الصعيد الدولي … أين نحن كتونسيين من كل هذا التصحيح الروسي؟ : سؤال دون جواب نطرحه على من يغار على مستقبل تونس … (*) رئيس تحرير صحيفة “الوسط التونسية” (اليكترونية – ألمانيا) (المصدر: مدونة مرسل الكسيبي بتاريخ 18 أبريل 2008) الرابط: http://morsel-reporteur.maktoobblog.com


المعينة المنزلية في تونس بين سندان الحاجة و مطرقة السماسرة

 
لم يعد وجود الخادمة في البيت عنوان رفاه لأصحابه بل أضحى ضرورة فرضها الواقع بتسارع نسق الحياة و خروج المرأة للعمل إلى جانب الرجل مما حتم الاستعانة بمن تهتم بالبيت والأطفال،الأمر الذي ارتفع بموجبه الطلب على المعينة المنزلية هذا الطلب تقابله حاجة متزايدة لعديد من النساء والفتيات لعمل شريف لتوفير لقمة العيش في ظل غلاء المعيشة والارتفاع الجنوني للأسعار، و بتزايد الاقبال على المعينة المنزلية للأسباب التي ذكرناها أو لغيرها، ظهرت عدة أطراف ممن تريد الاستفادة قدرالامكان من هذا القطاع حتى أصبح واقع الخادمة اليوم في تونس بفعل السماسرة و شركات المناولة يذكرنا بالزمن الغابر حين كان العبيد والجواري يباعون و يشترون في الأسواق كغيرهم من السلع و البضائع. و بالنظر إلى اتساع حجم معاناة فئة المعينات بالمنازل، هذه المعاناة التي كثيرا ما تحدث في الظل و من وراء الأستار والحجب، كان من الضروري أن نسلط عليها الأضواء الكاشفة تاركين المجال مفتوحا كي تعبر نماذج من هذه الشرائح المهمشة عن نفسها بتلقائية دون أن يعبرعنها و في مكانها أحد. العمل في المصانع أهون من حياة الاستعباد التي عشتها كخادمة.. ألفة شابة نشأت وسط عائلة فقيرة في إحدى المناطق الريفية بولاية جندوبة ضاقت من الحرمان و الخصاصة ما جعلها تخرج للعمل في الضيعات الفلاحية تحت الشمس الحارقة و السماء الممطرة، إلى أن توسطت لها قريبتها في عمل كخادمة لدى عائلة ثرية تقطن بتونس العاصمة، ألفة تقوم بكل شؤون المنزل بما في ذلك الطبخ بعد أن تعلمت أبجدياته على يد سيدة المنزل، إلى جانب اهتمامها بالطفلين، وكان هذا العمل مناسبة لتجدد علاقتها الغرامية بشاب من مسقط رأسها و قد قدم للعاصمة للعمل في حظائر البناء، أصبحت ألفة تخرج باستمرار لملاقاته خلسة بعد أن أغرتها العاصمة و أجوائها كما أضحت لا تتوانى عن الاتصال به عبر الهاتف القار للمنزل كلما سنحت لها الفرصة أو بالأحرى كلما خلى البيت من أصحابه، الشيء الذي أزعج صاحبة المنزل التي لم تتردد في طردها مخافة أن يقع ما لا يحمد عقباه، خاصة لما يسمع من حين لآخر عن عمليات سرقة تقوم بها بعض الخادمات سواء للزوج.. أو للمتاع بالاتفاق مع القريب أو الصديق أو ما شابه. ألفة الآن تعمل في مصنع للخياطة بعد أن أصبحت خبيرة بالعاصمة و دروبها و تقول أنه رغم وضعية العمل الصعبة في المصانع والمتسمة بالاستغلال إلا أن ذلك أفضل من حياة الاستعباد والرقابة والمذلة التي كانت تعيشها كخادمة. بسبب الحضانة استغنوا عني رغم وضعي الصعب ابنة العشرين سنة و أكبر إخوتي الستة منحدرة من إحدى القرى بعين دراهم، توفي والدي وهو في الأربعين من عمره أو بالأحرى في قمة عطاءه نتيجة أزمة قلبية تاركا بذلك عائلة كبيرة العدد قليلة الحيلة لا سند مادي لها مما اضطرني للتوجه لأحد السماسرة كي يتوسط لي في عمل كخادمة لأساهم إلى جانب أمي في توفير لقمة العيش، حصلت على عمل لدى إحدى العائلات و قد اتفق السمسار مع الزوجين في البداية على رعايتي للأبناء مقابل 160 دينارا يتسلمها الوسيط بيننا شهريا على أن يسلم عائلتي 120 دينارا و يأخذ هو الباقي، رضيت بهذا الوضع المزري من أجل ألا ينقطع اخوتي عن الدراسة كما حصل معي، هكذا تحدثت إلينا إيمان بكل ما في جرحها من عمق و هي تصف لنا جشع السمسار و استغلال صاحبة المنزل لها التي أصبحت شيئا فشيئا تكلفها ببعض الأعمال المنزلية حتى أضحى ذلك واجبا تعاقب إن تخلفت عن القيام به مقابل ذلك فإن المرتب بقي كما هو، الأمر الذي استدعى مطالبتها بالزيادة في الأجر على ضوء ما تقوم به من أعمال فما كان من مؤجرتها إلا أن تخلت عنها خاصة بعدما فتحت بالقرب من منزلها دار حضانة للأطفال. و هنا لا بد من الإشارة إلى غياب الرقابة على هؤلاء السماسرة الذين يتاجرون بعرق فتيات لا حول لهن ولا قوة، مع غياب الحس الإنساني لدى بعض العائلات التي لا زالت تتعامل مع بعض الناس على أنهم مجرد أرقام. ابنة السادسة عشرة تعيل اخوتها التسعة.. بقدر ما تتحمله المعينة المنزلية من متاعب في عملها بقدر ما تحظى بالازدراء من قبل المجتمع الذي لازال ينظر إليها بكل دونية واحتقار هذا ما صرحت لنا به منيرة و هي ابنة السادسة عشر من العمر و كبيرة إخوتها التسعة يعيلهم أب يشتغل عاملا يوميا لا يكفي ما يجنيه أحيانا في أسبوع لسد رمق العائلة ليوم واحد، طلب هذا الأب من ابنته مساعدته على “هم الدنيا” بعدما عجزت الأم عن ذلك نتيجة مرضها، تحولت منيرة إذن من القيروان إلى إحدى المدن الساحلية للعمل كخادمة عن طريق أحد السماسرة الذي يملك مكتبا خاصا لهذا الغرض، و من تلك اللحظة بدأت معاناتها مع أصحاب المنزل إذ أن طلباتهم لا تنتهي ليلا نهارا، إلى جانب ذلك تعمد صاحبة المنزل كل نهاية أسبوع لاصطحابها إلى بيت والديها لتقوم بشؤون المنزل من ألفها إلى يائها دون مراعاة لحالة التعب والإعياء التي تكون عليها، مقابل بعض الدنانير التي لا تسمن من جوع، مع تذكيرها دائما بأنها مجرد خادمة يجب أن تطيع أسيادها، الطفلة منيرة قررت في النهاية الهرب من هذا الجحيم لتعمل الآن لدى عائلة أخرى تصفها بأنها هدية من السماء نظرا لما تتمتع به من معاملة جيدة و مرتب شهري محترم. في الحقيقة لا يسعنا إلا أن نقف موقف الداهش أمام مثل هذه الحالات التي تنتهك فيها حقوق الأطفال، حيث تنص مجلة حقوق الطفل والاتفاقيات الدولية التي صادقت عليها بلادنا على عدم تشغيل الأطفال مع ذلك و للأسف تحصل مثل هذه التجاوزات في مجتمعنا بعيدا عن الرقابة… لا فرق بين السمسار و شركة الخدمات مادام هدفهما واحد… شركات المناولة أو السمسرة المقننة هي عبارة من مؤسسات مختصة في تزويد المؤسسات و المنازل بما يحتاجونه من معينات كل حسب نوعية البضاعة عفوا المعينة المطلوبة، عن تجربتها مع مثل شركات الخدمات هذه تقول نورة وهي من متساكنات منطقة الزهروني بالعاصمة، بأنها تعمل الآن كخادمة لدى عائلة ميسورة وقد سمعت من هذه الشركة في البداية ما يغري من ضمانات و متابعة لها إضافة إلى التأكد من سلامة الظروف التي ستعمل فيها إلى جانب المرتب الشهري المحترم، لكن الحقيقة غير ذلك إذ لم يحصل شيء من هذا القبيل وهي الآن تعاني الأمرين في عملها، تقول نورة أنه لا فرق بين السمسار و هذه الشركات إذ الهدف واحد هو المتاجرة بالعباد مقابل عمولة مجزية، لكنها في المقابل مضطرة للعمل لتوفير ما يلزم لرعاية ابنتها و تسديد معلوم الكراء بعدما رفض زوجها العمل وإعالة الأسرة و اقتصاره فقط على التردد يوميا على المقاهي للعب الورق مع مسامرة أصحاب السوء ليلا لاحتساء الخمرة بعد أن يفتك منها بالقوة بعض ما جنته من عرق جبينها من مال، تقول نورة أن وضعيتها ليست شاذة بل توجد العشرات مثلها و حتى أسوأ منها بفعل التجربة التي اكتسبتها في الحياة نتيجة البحث عن عمل شريف توفر به لقمة العيش، مع ذلك يحظى هذا العمل كمعينة طبعا بالاحتقار حيث تنعت ابنتها بابنة الخادمة من قبل أترابها في المدرسة وكأن هذا العمل شيء خارج عن نواميس المجتمع. هذه الشهادات حول نماذج بعض المعينات بالمنازل ليست سوى غيض من فيض، فهي تلقي بأضوائها على واحدة من الزوايا المظلمة من واقع المرأة التونسية بالرغم ما حظيت به من حقوق تؤكد عليها المنظومة القانونية المتعلقة بالحياة الشخصية و العلاقات الشغلية، فقد آن الأوان أن تتحرك الجهات المعنية والأطراف النقابية كما المجتمع المدني و وسائل الإعلام باتجاه هذه الفئة التي تهتم بأطفالنا و منازلنا ولا يهتم بها أحد. شادية السلطاني

(المصدر: صحيفة “الوحدة ” (أسبوعية معارضة – لسان حالحزب الوحدة الشعبية) أفريل 2008)

 


سواك حار 77 إعداد صابر التونسي

أمثال تونسية وتعاليق

 
-“المتغطي بالدنيا عريان”! هذا المثل الشعبي ما عاد يواكب العصر فالعري عند كثير مفخرة! – ” انس الطّمع، ينساك فقر الدنيا”! قد “يصعد” الطمع بصاحبه! … وقد يكون الصعود لحبل المشنقة فـ “الطّمع وقطع الرقبة متحاذين”! – ” اللّي يتخبّى تفضحه الدنيا”! إذا كان هذا المثل واعظا لمن يخشى الفضيحة فما القول مع المجاهر الذي ليس في “قاموسه” شيء اسمه فضيحة! – ” الدنيا مع الواقف ولو كانت بقرة”! و”البقرة إلّي اطّيح تُكْثِرْ اسْكَاكينها”! –      “الدنيا أعطيها تعطيك”! والآخرة انساها “تنساك”!!! – ” الدنيا بالوجوه و الآخرة بالفعايل”! الغريب أن الدنيا قد “أعطت” أناسا ليس لهم “وجوه”!! – ” الزمان المعكوس، الأذناب تولّي رؤوس”! أغرب من ذلك أن بعض “الروس” تقبل ـ رغبا أو رهبا ـ أن تتحول إلى أذنابٍ “لأذنابٍ”!! – “ما يقعد في الواد كان حجرو”! كل شيء قد أصبح قابلا للجرف! … حتى الحجارة!! ـ “منين تمس الفرطاس يسيل دمو”! و”منين تنبش الإستبداد يطير شرو” – “سبق الخير تلقى الخير”! أحيانا تسبق الخير ولا تجد غير “التغيير”! – “لسانو يغزل لحرير”! وعصاه تسلخ الجلد! … وتحفر القبور! – “كل بلاد وأرطالها”! وأما “أرطال” الإستبداد فواحدة، حيثما وليت وجهك!! (المصدر: موقع “الحوار.نت” (ألمانيا) بتاريخ 17 أفريل 2008)


على هامش انطلاق الدورة الأولى لآلية الاستعراض الدولي الشامل التابعة لمجلس حقوق الانسان في جينيف.. من يريد إطلاق النار على نظام الأمم المتحدة؟!!

 
بقلم: الهاشمي نويرة أطلق فجأة «مناضلو» البعض من المنظمات الحقوقية الدولية النار على مجلس حقوق الإنسان وعلى آلية الاستعراض الدولي الشامل وأذكر أنه ومنذ وقت ليس بالبعيد كانت هذه المنظمات الدولية وبالتبعية بعض «مناضلي» بعض المنظمات التونسية تعلق آمالا كبيرة على هذه الآلية الجديدة وذلك من حيث قدرتها على تحسين أوضاع حقوق الإنسان في العالم والارتقاء بالتزامات الدول في هذا المجال وتعزيز قدرة هذه الدول على تدعيم حقوق الإنسان وتقاسم أفضل ما لديها من ممارسات وتعزيز التعاون فيما بينها من أجل مزيد احترام حقوق الإنسان وحمايتها وتشجيع التعاون التام مع آليات المنتظم الأممي والهيئات ذات الصلة التابعة له. وأذكر ايضا أنّ هذه الآلية الجديدة جاءت وباعترافات متطابقة نتيجة لضغوطات مارستها منظمات المجتمع المدني بطرق عدّة ومختلفة والتي ساهمت من خلال عديد القنوات في وضع الأساس المعياري لآلية المراجعة الدولية الشاملة والتي من بينها ميثاق الأمم المتحدة والإعلان العالمي لحقوق الإنسان والمعاهدات الدولية الأخرى التي صادقت عليها الدولة المعنية والتعهدات والالتزامات الطوعية من جانب الدولة بما في ذلك الالتزامات التي تقطعها في سياق خطابها السياسي وفي سياق انتخابات مجلس حقوق الإنسان والقانون الدولي الانساني النافذ. السؤال: لماذا غيّر هؤلاء موقفهم من هذه الآلية الجديدة ولماذا انقلبوا على الأمل الذي كانوا يعقدونه عليها؟. قبل الاجابة على هذا السؤال لا بدّ من التذكير بأنّ مجلس حقوق الإنسان هو هيئة حديثة العهد ويرجع قرار إنشائها الى سنة 2006 أمّا عن آلية الاستعراض الشامل فقد انطلق العمل بها يوم 7 أفريل 2007.. ومعلوم أيضا أنّ عملية اطلاق النار على هذه الآلية الفتيّة بدأت عشية هذا اليوم بالذات، ولا نستطيع بالتالي تفادي الربط بين ما حدث في ذلك اليوم وموقف بعض «المناضلين» الحقوقيين الدوليين وايضا المحليين بالتبعيّة الساخط على هذه الآلية التي يبدو أنّها خيبت آمالهم بخصوص استصدار إدانة دولية ضد سجل الحكومة التونسية في مادة حقوق الإنسان والحريات العامة. وقد كنت شاهد عيان على كيل تهم عجيبة وغريبة للمجلس ولكل الدول تقريبا المكونة له وللمنتظم الأممي عموما، فضلا عن التهم المعهود توجيهها الى الطرف الرسمي التونسي زائد هذه المرّة أنّه «ركّب» مناقشة ملف تونس حول حقوق الإنسان ووجّه التقييم عن بعد وتحكم في طرح الأسئلة والنقاش الى حدّ جعلني استخلص القول ان تونس يمكن ان تعتبر نفسها دولة عظمى بحكم هذا الذي نسب وينسب اليها من قدرة على التأثير في مواقف الدول الأخرى.وأجزم القول أنّ الصدمة كانت كبيرة على البعض ممّا أفقدهم الوعي بحقائق أساسية تهمّ عمل المنتظم الأممي والهيئات التابعة له. الحقيقة الأولى التي غالبا ما يتناساها العديد أنّ الدولة ما تزال حجر الزاوية في القانون الدولي بمختلف فروعه رغم تنامي دور فاعلين آخرين في العلاقات الدولية ومنهم المنظمات غير الحكومية ومراكز القوى الاقتصادية الكبرى.وبالتالي فإنّ سيادة الدول تكيّف نظام العمل في الأمم المتحدة والهيئات التابعة لها وحتى التطور التدريجي في تشريك منظمات المجتمع المدني خضع ويخضع لموافقة مسبقة من الدول ويعتبر تبعا لذلك تجسيدا لسيادة هذه الدول وليس نفيا لها كما يذهب الاعتقاد الخاطئ بالبعض.وعملية ممارسة هذه السيادة عملية معقدة ومركبة وتخضع لأسس معلومة منها الاقتصادي والثقافي الحضاري ومنها السياسي والديبلوماسي ولذلك نعتبر ان سوء الفهم والتقدير هو الذي دفع ممثلي الفيدرالية الدولية لحقوق الانسان على سبيل المثال الى كيل تهم تمس سيادة الدول. واذ نبين الامر لذوي النوايا النضالية الطيبة فان الاصرار على الخطإ يدفعنا الىالاعتقاد بأن سوء النية وارد.ويجدر القول ان مائة دولة طلبت التدخل لمناقشة الملف التونسي وتمكنت من ذلك 65 دولة الى جانب التقدم ببعض الاستفسارات وقد اجمعت كلها على التطور الحاصل في كل المجالات والتفصيل في هذه النقطة مهم جدا..فبنية الدولة في تونس حديثة ونسيجها القانوني ما انفك يتطور باتجاه الملاءمة الكاملة مع العهود والمواثيق الدولية وبنيتها الاجتماعية متحررة ونظامها التربوي ايضا ونسيجها الجمعياتي يتنامى باضطراد وما قامت به الدولة لتحسين المناخ السياسي العام كبير والتزاماتها المستقبلية أكبر… لماذا كل هذا التفصيل؟! نسوق هذا لانه ورد اولا في مداخلات عديد الدول وثانيا لان مواقف الدول من بعضها ليست وليدة اللحظة او هي مجرد ردة فعل عفوية على تقرير تقدم به هذا المسؤول او ذاك انما هي عملية معقدة تلعب فيها العلاقات دورا مهما وهذه هي الحقيقة الثانية التي غابت عن المنتقدين المتسرعين.وقد يكون ماجري يوم 7 افريل 2008 اغضب النزر القليل الذين ضاقت بهم سبل البحث عن ادانة مهما كانت طبيعتها ضد النظام التونسي الا انه يبرز بما لا يدع مجالا للشك نضج الدبلوماسية التونسية وحرفيتها التي اسسها الرئيس زين العابدين بن علي على مبادئ عدم التدخل في شؤون الغير والانفتاح على الاخر لتجسيد مبدإ التعاون بين الدول والشعوب والعمل والالتزام وفق مصلحة الوطن اولا واخيرا وان الثبات على هذه المبادئ التي اسيئ فهمها احيانا اعطى ويعطي أكله موقعا دوليا متميزا لتونس ما انفك يتدعم. ولعل تسريع نسق الانفتاح على الاخر وتطوير المقاربة التونسية وفق ذات الثوابت قبيل وخلال وبعد قمة مجتمع المعلومات أكسب دبلوماسية الرئيس بن علي مهارة أكبر في تعاطي بعض الدول مع الملفات التونسية.. ولذلك فان الاجماع الذي سجل يوم 7 أفريل انما هو نتيجة منطقية للثبات على مبادئ اساسية وكذلك هو تتويج للقدرة على فهم المتغيرات واستيعابها على مستوى العلاقات الدولية وعمل الامم المتحدة. وهي قدرة تجسدت ايضا في تطوير المقاربة التونسية وهي الحقيقة الثالثة التي غابت عن بعض من يختزل الحقيقة فيما يريد ان يراه هو فقط. لقد كنت شاهد عيان ايضا على حالة الدهشة عند البعض جراء محتوى التقرير التونسي الرسمي. ولعل مجموعة الالتزامات التي قطعتها على نفسها الحكومة التونسية عصفت بآخر الامال المعقودة على استصدار ادانة من المجلس..ومن المهم هنا القول انه وبقدر ما سعت الدولة التونسية الى تطوير مقاربتها وتنويع شركائها وتوسيع جانب المشاركة لمن اراد من منظمات المجتمع المدني بقيت بعض الاطراف الداخلية وحتى الدولية محصورة في بوتقة المقاربة ذاتها والشركاء ذاتهم واجترار نفس الاحداث بدون حتى تحيينها بما افقد خطابها المصداقية الضرورية لاقناع المجتمع الدولي بوجاهة الطرح وانحسر تحركها بالتالي في بوتقة مرشحة لان تضيق اكثر فأكثر داخليا وخارجيا.واعتبر انه من شهادات الزور اختزال النسيج الجمعياتي في تونس في جمعية او بعض الجمعيات واختزال هذه الجمعية او الجمعيات في أفراد وان منطق الوصاية يذهب العقل والحقيقة وان اي مقاربة تسجن نفسها في منطق الوصاية قدرها الاندثار.كما ان اختزال المجتمع المدني الدولي في منظمة او منظمتين يجانب الحقيقة ويؤدي باصحابه الى الدخول في سن اليأس الجمعياتي. اما الحقيقة الاساسية الرابعة فهي حرفية الدول والتعامل الهاوي لبعض الافراد مع بعض المنظمات الوطنية والدولية. فالخطاب السياسي عندما ينطق به في فضاءات اممية وحتى في غيرها انما هو التزام من قبل الدول ويرسم بالتالي حدود سلوكياتها وسياساتها.والدول الحديثة ومنها تونس تمتلك وسائل تنفيذ ومراقبة تنفيذ السياسات فضلا عن كون نظام الامم المتحدة الذي يتأسس على الالتزام الطوعي للدول يمتلك ايضا ادوات المتابعة التي قبلت بها هذه الدول.. واختم القول بأن تمرين آلية الاستعراض الدوري الشامل مرشحة للعب دور أكبر احببنا ام كرهنا واذ ننظر بعين التفهم لبعض التخوفات والتحفظات التي تسعى الى تطوير هذه الالية واكسابها نجاعة اكبر فاننا نتوجس من عملية اطلاق النار العشوائية و«مخاطر النظرة العدمية لمنظومة الامم المتحدة». الجمعة 18 أفريل 2008


الشخصنة: استراتيجة الاستبداد وكود الديكتاتوريات الشيفرة السرية وكيمياء الاستبداد التي لن تتغير

 
عبدالباقي خليفة (*) مما لا شك فيه أن تمحيص المقالات وتلاقح الأفكار وتمايز الآراء من الأساليب الراقية والآليات المنهجية للرفع من مستوى الحوار ومناقشة القضايا المصيرية ، فقد يذهب المرء مذهبا في التفكير يترآى له صحته أوحتى كماله بينما هو في الحقيقة ضرب من الاجتهاد يشوبه الخطأ والصواب في أحسن الحالات . ولذلك كانت الشورى و الديمقراطية ، وأساليب النقد وتعدد الآراء ضرورة لا محيد عنها في حياة الفرد والمجموعة والدولة . وقديما قيل ” بأضدادها تتمايز الأشياء “وكذلك الافكاروالطروحات . وبالتالي لا ينبغي الانزعاج من وجود أفكار وتيارات و أحزاب متعددة حتى وإن كانت متناقضة ، حيث أن ميكانيزما التناقضات أو بتعبير آخرالأضداد أو المتقابلات هي الأسباب الكامنة وراء صيرورة المعرفة المتجددة بل الوجود ذاته .وعندما اعترف الغرب بذلك أو بتعبير أدق أدرك ذلك حقق المنجزات التي نراها اليوم على الصعيد السياسي والتقني والبحثي عموما .ولا يمكن في هذا الصدد الانطلاق من الفراغ ،إذ أن نقد الموجود والسائد سواء على المستوى السياسي أوالفلسفي وغيره هو المدخل لتطوير المعرفة في كل الميادين . وفي مجال الفلسفة والسياسة ، بما في ذلك النظريات الأشد ظلامية ، كالالحاد والمشاعية ، بمفاهيمها الداروينية والنيشية والماركسية اللينية الستالينية ، نجد أنها بنيت كنقيض للموجود أو اصلاح له أو بناءا على بعض جوانبه أو تقويض له من الأساس ، ومن ثم إعادة البناء . وينطبق هذا على قول الصحابة رضي الله عنهم في وصفهم للرسول صلى الله عليه وسلم وهو يبني الانسان الرسالي ومن ثم الاسرة والمجتمع والعالم ” كان يفرغنا ويملؤنا ” . بل أن كلمة التوحيد تتكون من كلمتين = هدم وبناء = لا إله ، إلا الله . وفي تاريخ الفلسفة ما كان ليظهر أفلاطون لولا ظهورسقراط ، وماكان لابن رشد أن يؤلف كتابه تهافت التهافت لولا ظهور كتاب الغزالي تهافت الفلاسفة ، ونحن نستفيد اليوم من كلا الكتابين وغيرهما ومن كلا العلمين وأمثالهما . وربما ما كان ليظهر كارل ماركس لولا أسبقية هيغل ، وهكذا . إذن النقيض مطلوب لتطوير الذات وتطور الحياة بشكل أساسي . وهذا ما قصده القرآن بسنة التدافع وما أكده ” ولو شاء الله لجعل الناس أمة واحدة ” فالاختلاف سر الوجود ومحركه في نفس الوقت . وما أريد قوله أن تلاقح الافكاروحتى تعارضها لا يفسد للنضال قضية ، وعندما ذكرت في مقالي السابق أنه من حسن الحظ أن ينقد اسلاميون شخصنة الصراع مع الاستبداد لم أكن متضايقا ، وإلا ما استخدمت لفظ حسن الحظ ، بل كنت مزهوا بذلك ،فالحوار ولو بهذا الشكل ليس نذير شؤم ولا شرا محضا بل ضرورة من جل التطوير و التقدم ،على شرط أن يكون هناك آليات للأخذ بالراي الصحيح أوالأرجح باستخدام أسلوب الاستفتاء لنعود أنفسنا على التفكير الجماعي والخضوع لرأي الأغلبية إذا تعذر الاجماع ،وهكذا نحقق انطلاقتنا الحضارية الثانية من جديد .وإني أدعو الحركة الاسلامية من هذا المنبر إلى اعتماد آليات الأخذ بالرأي الصحيح والأرجح حتى توقف عملية النزيف والتشظي . وحتى يعرف صاحب الهوى من ترجح لديه رأي استوجب الاعتزال ولم يعجبه جواب مالك على سؤال السفسطة . وعودة لقضية شخصنة الصراع مع الاستبداد ، أقول أن مقالي السابق حقق بعون الله ثلاثة أهداف ، هي أنه دفع الاخ الكبير د .خالد الطرولي إلى : كتابة توضيح جديد في شكل مقال يبين فيه ما كان غامضا في مقاله السابق ،حسب رأيه ، كما فهمت من ذلك .ثانيا : وهو الأهم التراجع عن كون شخصنة الصراع ” ماركة مسجلة ” للاسلاميين .ثالثا : دفعني لتوضيح مسألة توراث الاستبداد في هذا المقال . ويجدر بنا هنا أن نسجل جميعا أن الموقف الديكتاتوري من الاسلاميين واحد ،سواء كانوا معتدلين أوغير معتدلين أنت ” اسلامي ” إذن أنت تمثل خطرا على الاستبداد . وإذا كنت اسلاميا فأنت تمثل خطرا على واقع الهيمنة الثقافية والسياسية والاقتصادية للاستعمار أوالاستدمار. وعليك أن تختار بين الموت في صمت أو مناضلا طليق اللسان حر الارادة بين مراتب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ،أو بتعبير معاصر النضال من أجل حياة أفضل وموت شريف ، إذ أن الموت هو بداية حياة جديدة ،وقد لا تكون للذات فحسب، بل حية للامة والشعب في نفس الوقت بمعايير مختلفة قطعا . القضية لا تتعلق بالخطاب ، فعند مراجعة خطاب حركات التحرر والنضال في العالم بأسره ،نجد أن خطابها كان عنيفا ، خذ مثلا غاندي في السابق ، أوالدايليلاما في الوقت الحاضر . كما نجد بعض الايديولوجيات المعاصرة كالشيوعية قد نظرت ” للعنف الثوري ” ضد الأنظمة الحاكمة . وفي خطاب فولتير الكثير من الخشونة والكثير من الشخصنة أيضا . ولماذا نذهب بعيدا ولدينا القرآن الكريم في وضوحه وموقفه من قضية الصراع أوما سماها سيد قطب رحمه الله بالمفاصلة . وكما قلت آنفا فإن الاستبداد لن يغير موقفه منك مهما بذلت من جهد للتعبير عن اعتدالك ، ولن يؤمن لك حتى يراك تشرب الخمر وتأكل لحم الخنزير وتعاقر الخمرة وتهجر بيوت الله . وليس هناك من خيار أمام الاسلاميين سوى اعلان الجهاد المسلح ، وهو أمر مستبعد ، وغير مطروح في الأدبيات الاسلامية حاليا ،أو زيادة جرعة جهادها المدني وبضراوة .وإذا كان العنف المسلح ينطوي على أخطار التدخلات الأجنبية وهذا ما تحذر منه الحركة الاسلامية الوسطية ، فإن الجهاد المدني بما فيه الاعلامي لا يرتقي لمستوى التحديات التي يمثلها الاستبداد أمام نهضة شعوبنا وأمتنا وارساء الاستقرار والأمن العالميين على المستويين المتوسط والبعيد ، ولا سيما على ضفتي المتوسط ، وهذا ما تغفله فرنسا وبعض الدول الاوروبية على الضفة الشمالية . إن الحديث عن خطأ استراتيجي للحركة الاسلامية في شخصنة الصراع ( 1 ) لا يقره الواقع ،وهو حكم تعميم الخاص ،بالتالي منهج غير علمي .لا سيما إذا كان الواقع المسؤول والجمعي غير واقع اختيارات الأفراد والحالات المعدودة . إننا نشاهد جميعا بغيا سلطويا على الاخوان في مصر رغم ركونهم لاسلوب الصبر والحكمة والنضال غير العنيف وحتى الابتعاد نهائيا عن الخطوط الحمر التي يمثلها منصب رئيس الدولة الذي اتخذ بعدا صنميا وأضفيت عليه قداسة تستدعي تفنيدها بكل الطرق حماية للتوحيد من جهة ،وللديمقراطية وللنظام الجمهوري الحقيقي والمتناقض مع قداسة رمز السلطة من جهة أخرى . وهكذا نرى التوحيد عاملا رئيسيا في نقض هرمية الانسان الاله والمتجسد في شخص رئيس الدولة ، والذي أصبح إلها له جنته وله ناره ،يدخل في هذه من يشاء ويدخل في تلك من يشاء ،إنه المسيح الدجال الذي أخبرت عنه الكتب المقدسة وحاربته الديمقراطية وسلطة الشعب المعاصرة .وبالتالي فإن اعتبار نقد الرئيس ، شخصنة للصراع ،هو في الحقيقة طمس لحقيقة الصراع ، ولأهداف النضال ولأشواق الحرية والانعتاق من الاستبداد ورموزه وأزلامه وميكانيزماته . أسلوب التهدئة والبعد عن شخصنة الصراع لدى الاخوان في مصر لم يشفع لهم عند النظام ، فهم ومنذ رحيل عبدالناصر يمارسون هذا الاسلوب وابتعدوا عن ( شخصنة الصراع ) وعن ( الخطأ الاستراتيجي ) لكن مسلسل قمعهم وملاحقتهم استمر بأساليب مختلفة لا سيما على الصعيدين السياسي والاقتصادي .وفي الوقت الذي يخرج فيه النظام أفراد الجماعات المسلحة من السجن يلقي بهم مكانهم ،حتى أصبحت السجون في ظل الاستبداد العربي كنار المجوس موقدة على مدى 24 ساعة . وفي الأردن حيث لم تشهد الساحة ما حدث في سوريا أو مصر عبدالناصر أو تونس بورقيبة ، بل كان اخوان الأردن ولا يزالون من الموالين للقصر ،أوقل لم يصدر عنهم أي كلمة نقد للعائلة الحاكمة في البلاد ومع ذلك انظروا عملية تحجيمهم في الانتخابات البرلمانية الماضية ، وتهديدهم بقانون الأحزاب الجديد .وهناك دول أخرى سبقت إلى ذلك في المغرب والجزائر بل في بعض دول الخليج كالكويت هناك مخاوف من تكرار التجربة في إطار سياق عام يستهدف الحركة الاسلامية ، بل أن التجربة التركية على كف عفريت رغم كل التمجيد الذي الذي بسطته السلطة التشريعية والتنفيذية وسلطة الرئاسة للعلمانية والكمالية التركية ، أصنام قريش المعاصرة . وهناك مخاوف من تسرب تفكير موجود على الساحة الاسلامية ولكنه يدور في نطاق ضيق تمثله جماعات العنف وهو أن “الاسلاميين ليس لهم من طريق سوى استخدام العنف لتحقيق الحرية والديمقراطية وسلطة الشعب والمحافظة عليها “بل ومعاملة القوى المعادية بنفس الطريقة . والسؤال هو لصالح من ينمو هذ التوجه ويكسب أنصارا كل يوم ؟! وهل سنجد أنفسنا يوما ما أمام حالة تبادل مواقع الاستبداد ، بتعبير الشيخ راشد الغنوشي حفظه الله ، بدل التداول السلمي على السلطة أوالمشاركة فيها . حركة النهضة التونسية منذ نهاية التسعينات من القرن الماضي وبداية الألفية الثالثة لم يكتب أي من قادتها، فيما أعلم ، أي نقد لما يمكن وصفه بالشخصنة ، بل هناك مرونة كبيرة في التعامل مع الشأن الوطني ، في الداخل والخارج على حد سواء ،بل ربما هناك من المعارضة من لم يعجبه ذلك ، وبالتالي فإن الحديث عن شخصنة الصراع لدى الحركة الاسلامية يبدو أنه غير ذي جدوى بل غير ذي معنى . إن ما تعيشه الحركة الاسلامية من ظلم وتضييق وبغي من قبل الانظمة الحاكمة يطرح عدة أسئلة حول جدوى التحالف مع ” منطقة الشخصنة ” ، الأردن والكويت والمغرب وغيرها ؟.أو حتى الاحتكام لآليات الديمقراطية ، تركيا وتونس والجزائر وغيرها ؟. لقد نجح المقال السابق في تحقيق ( أمرين ) كما أسلفت أولا : الاقرار بأن تاريخ الصراع لم يخل من شخصنة وثانيا أن الحركة الاسلامية و بعض المحسوبين عليها ، وهذا أدق ، لم ينفردوا بهذا الأمر . لكن السؤال العنقودي الجديد الذي نطرحه الآن يهدف للاجابة على اشكال توريث الاستبداد ،وهو ،هل أن توريث الاستبداد للديكتاتورية دافع للاستسلام أم لاستمرار النضال ؟ وهل تناسخ الاستبداد مرده لشخصنة الصراع أم سعي أقانيمه للحفاظ على مصالح المستفيدين منه ؟ وهل شخصنة الصراع عامل مهم للتخلص من الاستبداد أم تكريس له ؟ أعتقد بأن شخصنة الصراع عامل مهم للتخلص من الاستبداد أو على الأقل ارهاقه ودفعه لتقديم تنازلات بل واجباره للدفاع عن نفسه في النقاط التي تثار حوله ولا سيما قضية الحريات والديمقراطية . لكن هل سيفعل ذلك نظام الاستبداد لو سكت الجميع و تحولو إلى صف معارضة الديكور ؟!!! وإذ كان بورقيبة قد ( ورث ) بن علي وحسني ورثها عمن سبقه والاسد الصغير عن والده ، هل يعني ذلك انعدام الشخصنة في هذه الآلية وإن اختلفت تفاصيلها ؟! لا .. إنها الشخصنة ذاتها ،أو بالتعبير الذي استخدمه الدكتور الطراولي ” عاش الملك مات الملك “ولكن بدلالة معاكسة . إن تناسخ الاستبداد الذي هو شخصنة للديكتاتورية لا يمنع من نقد الديكتاتور ، مع إدراك أنه صنيعة نظام وإلهه في نفس الوقت .ولذلك فإن أمة لا إله إلا الله ، مدعوة لتأكيد هذه الحقيقة . ليس بالابتعاد عن هذه الساحة ، وإنما بانتهاكها على طريقة ابراهيم عليه السلام وتعاطيه مع أصنام قومه . لماذا ؟ لأن الشخصنة استراتيجية الاستبداد ولوازم ديكوره وبدون ذلك لا يمكن أن يستمر . إنها الشيفرة السرية وكيمياء الاستبداد ، التي لن تتغير إلا بتغييره . انظروا إلى دول الاستبداد كيف تمجد الشخص وتنسب إليه كل الانجازات ما تحقق منها وما لم يتحقق ،ما هو واقع وما هو دعاية . الشخصنة ضرورة استبدادية ،لأن عكس ذلك يعني ذهاب الاستبداد وتلاشيه . وطبيعة الاستبداد أن يورث لمستبد آخر لان أصحاب المصالح ستضيع مصالحهم بدون ذلك .إذ أن وجود هيئة حاكمة تنطوي على مخاطر التطاحن والاختلاف ،لذا لا بد من وجود رئيس عصابة ،يكون حكما بينهم ،وإن كانو في إطار لوبيات وأجنحة متصارعة ،ففي النهاية تحمي مظلة الديكتاتور الجميع . وإذا ما سقط أحدهم سياسيا بفعل الصراع تظل مصالحه الاقتصادية وحصته غير المشروعة من أموال الشعب مضمونة ، وهذا في نظره رأس المال الذي يجب عدم التفريط فيه وما عدا ذلك فوائد إضافية . ويمكن تلخيض ذلك في قول ،لا استبداد بدون شخصنة ولا شخصنة بدون استبداد ، وذلك على طرفي النقيض سلطة الاستبداد ،وطبيعة المعارضة مهما كان لونها الايديولوجي ، فهي من لزوم ما يلزم. لذلك لا يجب أن نتوقع أن يذهب الاستبداد بذهاب رأس النظام بل سيفرز النظام مستبده الجديد ، كما تفرز الجيفة دودها . مما يعني أن دعوة الاصلاح في حاجة لمراجعة ، وما دعا إليه المنصف المرزوقي في حاجة لاعادة قراءة … وعندما تحدثت في مقالي السابق عن سقوط الدولة ( وهذه مراجعة نتيجة فضيلة تلاقح الافكار ) كنت أعني سقوط الديكتاتور أمام قوة غازية ، وضربت لذلك الامثال . لأن الاستبداد والوطنية لا يلتقيان . فهو مستعد لافناء ثلاثة أرباع الشعب من أجل البقاء في السلطة ،ولكنه يفر ” كحمر مستنفرة فرت من قصورة ” عند مواجهة الغازي الاجنبي ويترك شعبه وأرضه نهبا لذلك الغازي ، أو أن مقتله أثناء المعركة يؤدي لذلك لانه كان في أذهان الناس البوصلة ، والشخص الذي لا يمكن لاحد ملئ الفراغ الذي يحدثه غيابه أو فقده . بل أن الاستبداد على استعداد أبدا للتحالف مع الغزو الاجنبي . وقد يأخذ الاستبداد شكل الانتهازية المصلحية أو الايديولوجية أو الطائفية أو الجهوية وغير ذلك . وقد يصل ذلك لمحاربة الوطنيين جنبا إلى جنب مع العدو الذي يصبح حاميا وصديقا وحليفا وشريكا . ولا يحتاج ذلك لثقافة خاصة ، بل طالعوا نشرات الأخبار لتدركوا حقيقة ذلك . ألا يدفعنا ذلك للتخلص من هذه الطامة ومن تناسخها من خلال زيادة وتنويع أساليب النضال ورص صفوف المناضلين . بدل البحث عن حلول ترقيعية أكدت تجربة أكثر نصف قرن أنها معرضة للتلاشي في أي لحظة إن لم تكن قد تلاشت فعلا . وأقول للكثيرين ، لو تخليتم عن أفكاركم ورغبتم في الانضمام للاستبداد ومهدتم لذلك بكل الطرق سيبقى ينظر إليكم كمعارضين سابقين ،وإن بذل الوسع في الاستفادة منكم أمنيا واعلاميا . لذلك فأنتم بين فسفطاطين أو ثلاثة ، الانضمام للمعارضة دفاعا عن شرف الرجولة والوطنية الحقة والحياة العزيزة الكريمة ، أو الانضمام إلى النظام وجنته وجوازات سفره ،وموظفي دولته والتمتع بأموال عمال المناجم ،وسكان أحزمة الفقر في المدن ،وفقراء الارياف ،سحتا عليكم وعلى أهاليكم . أوالبقاء على الحياد السلبي والعيش أبد الدهر بين الحفر . أخيرا أقولها مرة أخرى ، سواء شخصن المعارضون أولم يشخصنوا سواء تحدثوا وكتبوا أو خرسوا ،فهم لدى الاستبداد سواء. ( 2 ) (*) صحافي تونسي ( 1 ) أؤكد للجميع بأنه لا يوجد أي خلاف بيني وبين الاخ خالد الطروالي سدده الله ، ولا أزعم امتلاك الحقيقة ، وقد يكون بعضها أوجلها أو كلها فيما ذهب إليه .وقد تكون مناصفة أو وفق نسب مختلفة ،وقد يكون الرأي المتواضع هو الصواب . ولذلك أتطلع لاجراء استفتاء حول الموضوع ، مثل ” هل هناك شخصنة في خطاب قيادة الحركة الاسلامية للصراع مع الأنظمة الحاكمة منذ مطلع الالفية الثالثة ” و”هل حققت بعض الحركات الاسلامية نجاحات ديمقراطية من خلال التحالف ومهادنة الأنظمة الحاكمة “و”إذا كان العمل المسلح مرفوض من قبل الحركة الاسلامية ، ومهادنة الانظمة أبقت خطرها وبغيها قائما على الحركة ،هل تؤيد نقد رئيس الدولة ورموز النظام ، كما يفعل المواطنون في الدول الديمقراطية ،وهل ذلك شخصنة للصراع أم لا ” و”ووضع نعم ولا “وأظن السؤال الاخير هو الأفضل ،ويمكن وضع جميع الاسئلة للاستفتاء ، والله أعلم . ( 2 ) غياب المعارضة أو بعض طيفها السياسي عن الفعل الاعلامي وقلة أقلامها “المتطوعة” أو عطالة بعضها ساهم في نشر وهم انتهائها أو ضعفها . ونتمنى على من يأنس في نفسه القدرة على الكتابة أن يضحي ببعض وقته لدعم مسيرة النضال السلمي في بلاده . فهذه الجهود مرصودة من قبل النظام ومن الجهات الدولية فأبلغوهم حرصكم على ما تريدون. (المصدر: موقع “الحوار.نت” (ألمانيا) بتاريخ 18 أفريل 2008)


انهيار الدولة الشمولية العراقية شاهد على هزيمة الحركات القومية العربية

 
 توفيق المديني
 مازال الكثير من أفراد النخبة المثقفة العربية ، و لدى العديد من أطراف الحركات القومية العربية يتساءلون عن الأسباب الحقيقية التي قادت إلى سقوط بغداد , و بالتالي انهيار مؤسسات الدولة الشمولية العراقية, و تحولها مابين يوم و ليلة, إلى أثر بعد عين؟ وكان الاعتقاد السائد عندما استلم حزب البعث السلطة في العراق في انقلاب 17-30 من تموز 1968 أن العراق يمر بمرحلة الانتقال إلى التبلور كدولة مركزية جديدة في العالم العربي ، حيث تمتلك القيادة السياسية الحاكمة فيه إرادة التحول هذه ، و تعمل في اتجاه التبلور هذا . هذا الاعتقاد ليس جديداً على الساحة العربية ، إذ ساد اعتقاد مماثل في عقد السبعينات حول إمكانية الجزائر، باعتبارها بلداً منتجاً للنفط ، من تجنيد إمكاناتها المالية في سبيل تسريع عملية التصنيع الثقيل ،غير أن الطبقة الحاكمة في الجزائر قامت ببناء نموذج هش من التصنيع ، وعاجزعن توفير القدرة على الامتصاص و التخليق التكنولوجيين لمواجهة تحديات التحديث . غير أن مضمون تبلور دولة مركزية عربية إقليمية ، يتطلب توافر بعض المقدمات و الشروط المميزة لكي تنخرط ، و تستمر هذه الدولة في استراتيجية صراعية مع الأطراف الإقليمية والدولية ، باعتبار أن قيامها يشكل تهديداً مباشراً لمصالح الولايات المتحدة ،وإسرائيل على حد سواء . و الحال هذه ، إن الدولة العراقية الشمولية التي قامت بالفعل ، لم تكن بالنموذج المعياري المطلوب ،لأن الشكل المهيمن فيها هو مؤسسات نخبة حزبية ضيقة, أو مؤسسات نظام عقائدي على طريق النظم الشمولية السوفياتية. فمع وصول صدام حسين إلى قمة السلطة في عام 1979, برزت هيمنة التكريتيين على الجيش والسلطة في العراق. و جاءت حرب الخليج الثانية 1991 لتعزز من مواقع التكريتيين داخل النظام السياسي العراقي الذي غلب عليه الطابع العسكري و الأمني, حيث جاء صدام بأقربائه و أصهاره و ذويه الذين يثق فيهم و يضمن ولائهم المطلق له و قلدهم أرفع المناصب العسكرية و الأمنية في البلاد. في العراق يشكل نزع السياسة عن الشعب الطريقة الضرورية بنيويا لضمان استمرار سيطرة الدولة الشمولية على المجتمع في إطار وظيفتها داخل التشكيلة الإجتماعية الرأسمالية الطرفية, حيث كانت تقوم هذه الدولة بحرب أهلية كامنة بل و بحرب أهلية صريحة على أفراد الشعب العراقي الذي لا يتكون من «مواطنين أحرارو متساوين» في نظرها. و في الوقت الذي كانت فيه مثيلات هذه الدولة الشمولية العراقية في المنظومة السوفياتية والأوروبية الشرقية تنهار,لم تدرك القيادة العراقية جديا تغير بيئة العالم باتجاه الانتقال التدريجي نحو الديمقراطية. و بهذا المعنى كانت الدولة الشمولية العراقية و مثيلاتها في العالم العربي تدخل في دورة الاكتمال الشمولي في الوقت الذي كانت فيه هذه الدورة تندثر تاريخيا وتفقد إشعاعها حتى في وعي النخب الشيوعية الشمولية السابقة. وكانت عملية تغول هذه الدولة على المجتمع و عسكرته نتيجة طبيعية لتهورات هذه الدولة الشمولية و مغامراتها العسكرية من خلال حروبها الإقليمية, التي مهدت الطريق لقدوم الإستعمار الأمريكي الجديد للمنطقة. و قد أفضت طريقة صدام حسين في التعاطي مع الجيش العراقي إلى الإجهاز على روح التماسك بين صفوف عناصره ووحداته. فتم تفتيت و حدة الجيش العراقي, و إلغاء العقيدة العسكرية للجيش التي تقوم على الدفاع عن الوطن و حماية وحدة الأمة و استبدالها بعقيدة أخرى تنصب في الدفاع عن شخص صدام حسين بوصفه «الرئيس القائد حفظه الله» و أسرته و حماية نظامه السياسي من الانهيار و الاعتداء. و هكذا سلب صدام حسين الحيش العراقي أية قدرة على التحرك الذاتي أو أية إرادة للتغيير أو التمرد و نزع من قياداته روح المبادرة بفعل تعاطيه العنيف والدموي مع أية حركات انقلابية أو تمردية , فضلا عن استبعاده للعناصر والقيادات المشكوك في ولاءئها من الشيعة والأكراد وحتى السنة و التركمان و استبدالهم بذويه و مؤيديه من التكريتيين الذين يعتبرون الجيش وحدة خاصة على غرار الحرس الجمهوري لحراسة صدام حسين و ضمان أمن واستقرار نظامه. و حين سقطت بغداد في التاسع من نيسان 2003, انهارت معها الدولة الشمولية العراقية بطريقة دراماتيكية, و انهار معها , حزبها و مؤسساتها الأمنية و العسكرية و منظماتها ومجتمعها, لأن هذه الدولة المتغولة كانت كل شي ء, و قضت على بنى المجتمع المدني الحديث التي كانت من المفترض أن تشكل خنادق الحرب المعاصرة , عندما تنهار سلطة الدولة الحديثة, على حد قول أنطونيو غرامشي. و يقول الفيلسوف الإيطالي أنه يمكن أن يتحطم جهاز الدولة في ظل هجوم قاسي, لكن ما يحطمه المهاجمون أو الغزاة ليس سوى القشرة العليا أي «القشرة الخارجية» للدولة الحديثة.ذلك أنه ما إن يحطم المهاجمن هذه القشرة الخارجية أو يهزمون سلطة الدولة الحديثة, حتى يواجه هؤلاء المهاجمون خطاً دفاعياً فعالاًو صلباً , يتمثل في مؤسسات المجتمع المدني الحديث التي أصبحت بنية معقدة و مقاومة للاقتحامات المفجعة سواء منها الكوارث الاقتصادية والأزمات , أو الكوارث الحربية. إن انهيار الدفاعات العراقية يفسر لنا كم هو المجتمع المدني العراقي بدائي و هلامي بسبب ما فتكت الدولة الشمولية العراقية بمؤسساته الأهلية التقليدية ,و مؤسساته الحديثة كالأحزاب السياسية و النقابات و المنظمات الشعبية, الأمر الذي يفسر لنا أيضا غياب هذا المجتمع المدني في زمن الكارثة العراقية الحالية بعد الهزيمة العسكرية لمؤسسات الدولة الشمولية العراقية:الجيش, و الحرس الجمهوري, و فدائيي صدام,و جيش القدس . ففي حرب المواقع الحديثة التي تشكل فيها الدولة «الخندق المتقدم» أو «الخندق الخارجي», يصبح المجتمع المدني الحديث المستقل في علاقته مع الدولة , يشكل تحصينات دائمة على جبهة حرب المواقع أي «سلسلة متماسكة من القلاع و المجنات»قادرة على الدفاع والمقاومة بشكل فعال.. و من المعلوم أن النظام العراقي التسلطي قد حكم على الديمقراطية الليبرالية السياسية بوضعها في إجازة دائمة ،وذلك منذ تشكله ،حيث سلطة القرار في مختلف المجالات السياسية و الاقتصادية و العسكرية متمركزة في يد واحدة . و هو نظام لا يرتكز على دولة الحق و القانون ، أي على دولة المؤسسات ، بقدر ماعمل على تأميم المجتمع , و تحويل الشعب العراقي إلى أمعات. و من هذا المنظور ، فالدولة التي كانت سائدة في العراق متناقضة جذريا مع المجتمع المدني . إن سقوط الدولة الشمولية العراقية يؤكدلنا هزيمة الحركات القومية العربية هزيمة تاريخية عادلة،لأنها لم تكن ديمقراطية.إذ لم تحتل مسألة الديمقراطية الحيز الكبير في الخطاب السياسي للحركات القومية العربية ، وفي رؤيتها ما ينبغي أن تكون عليه الأمة العربية ، وفصلت ما بين الاستقلال والهوية القومية من جهة ، والديمقراطية من جهة أخرى . فبدت لها الديمقراطية جملة من الآليات الشكلية كالانتخابات ، وشيء من حرية الصحافة المحدودة والمثلومة . ولم تع الحركات القومية أن المسألة القومية ، مسألة الهوية ووعي الذات أي الوعي القومي ، في وضع الأمة العربية التي تعاني من التأخر التاريخي ، ومن التجزئة بوصفها محصلة هذا التأخر التاريخي للشعوب العربية ، والأوضاع الإمبريالية الناجمة عنه ، وتعبيراً عن القانون الموضوعي لعمل الإمبريالية في العالم العربي ، مرتبطة أشد بإنجاز الثورة الديمقراطية ، التي تختلف عن الثورات الديمقراطية الأوروبية في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر ، كما أنها تختلف عن ثورات الاتحاد السوفيتي والصين وفيتنام الخ . وهي تختلف عن الثورات الأوروبية ، لأن الثورات الأوروبية قادتها البرجوازية الصاعدة ، وارتبطت بظهور الرأسمالية وتطورها في مراكز النظام العالمي وأطرافه على حد سواء . والبرجوازية في عالمنا العربي ليست طبقة منتجة وبالتالي ليست طبقة قائدة ، وجزء من عملية أو سيرورة العولمة الرأسمالية الجارية والمتسارعة ، التي كانت تعني في الماضي أوربة العالم ، وتعني اليوم في ظل نظام القطب الواحد أمركته ، أي جعله أميركياً من خلال عولمة الاقتصاد و السياسة و الثقافة والإعلام . ولذلك ، فإن البرجوازية العربية التي ارتبطت مباشرة بالاستراتيجية الشاملة للإمبريالية والنظام الرأسمالي العالمي ، وفق معادلات الجغرافية السياسية الخاصة بكل قطر ، لم تعتبر أن برنامج الثورة لديمقراطية في تعارضاته المحكومة لقانون الوحدة ولدولة السوق القومية ، هو برنامجها . فبنت الدولة القطرية المحكومة لقانون التجزئة والتبعية ، والمتجاوبة مع التقسيم الإمبريالي للعمل كما أقرته اتفاقية سايكس بيكو ، بين الإمبرياليات المنتصرة في الحرب العالمية الأولى ، حيث شكلت اتفاقية سايكس بيكو هذه ولا تزال الأساس الموضوعي الاجتماعي – الاقتصادي – السياسي للمأزق العربي الراهن ، مأزق غياب الشروط المادية لدولة السوق القومية البرجوازية المدنية المعاصرة . وقد عمق هذا المأزق العربي وواكبه تأسيس الكيان الإسرائيلي في قلب العالم العربي ، ودخوله على خط تقسيم العمل الدولي الإمبريالي في المنطقة ، ودوره كركيزة للإمبريالية المنتصرة ألا وهي الولايات المتحدة الأميركية. فالمشروع الصهيوني هو ثنائي التجزئة داخل معادلة التبعية والتأخر ، وتحويل العرب إلـى كيانية وجغرافية لا حول لها ولا قوة داخل تاريخ العولمة الرأسمالية مباشرة ، أو في البعد الإقليمي الصهيوني لهذا التاريخ . والمشروع الصهيوني فوق كل ذلك شكل ولا يزال الأساس الموضوعي الثاني للمأزق العربي الراهن. وأخطر ما تعانيه الأمة العربية الآن هو تلازم عمليتي التهميش والتفتيت وتكاملهما اللذين هما من أبرز خصائص النظام الدولي الجديد ، نظام الهيمنة الأميركية التامة ، الذي قام ، بعد أن حققت الولايات المتحدة الأميركية انتصاراً في حربها مثلثة الأبعاد على أوروبا الغربية ، وعلى حركات التحرر القومي ، وعلى المعسكر الاشتراكي السابق. وهكذا ، فإن المشروع القومي العربي الذي هو خيار الأمة التاريخي الإستراتيجي ، لم يتأسس على مفهوم الديمقراطية بكل منطوياتها المعرفية والفكرية و السياسية و الاجتماعية والاقتصادية ، الديمقراطية هي التي تتبدى في احترام حقوق الإنسان والمواطن ، وفي إنجاز تحرير الوطن كله من الاحتلال ، وكل أشكال التبعية المباشرة وغير المباشرة ، لأن العالم العربي لا يستطيع أن يقرر مصيره دون الاستقلال الكامل والتحرر الشامل. والديمقراطية تعني أيضاً تصفية حدود التجزئة القطرية ، حيث تقوم الولايات المتحدة الأميركية وربيبتها إسرائيل بمحاولات حثيثة ومستمرة عبر المشروع الشرق أوسطي الجديد ، والتطبيع ، وتفجير الصراعات الطائفية والأثنية ، إلـى تحويل التقسيم الكياني للأقطار العربية إلـى مشاريع أمم – كيانية أيضاً ، في ظل هزيمة المشروع القومي العربي . والديمقراطية التي هي شكل ممارسة الحرية في المجتمع المدني ودولة الحق والقانون ، تقوم على أساس إقرار حق الأمة في الاستقلال والوحدة ، والتقدم ، بوصف الديمقراطية قوام الأمم الحديثة وشرط تقدمها الاقتصادي و الاجتماعي والحضاري ، فمن دون ديمقراطية ليس ثمة أمة حديثة ولا وحدة قومية . لهذا السبب ، فإن الحركات القومية التي اختزلت المشروع القومي العربي النهضوي في الأحزاب التي تتبنى إيديولوجية قومية أو مذهبا قومياً ، وساوت بين المشروع القومي، والأحزاب القومية ، لا سيما تلك التي وصلت إلـى سدة الحكم ، ونظرت إلـى الاتجاهات الفكرية و الإيديولوجية و السياسية المختلفة: الإسلامية والماركسية والليبرالية التي تتجابه وتتقاطع في المجال السياسي و الثقافي للأمة على أنها ليست من الأمة ، فكرست بذلك رؤية حصرية وشمولية واحدية سائدة في الحركة السياسية العربية ، وادعت لنفسها احتكار حق تمثيل الأمة ، والتحدث باسمها ، كما يحتكر الإسلاميون مثلاً حق تمثيل الإسلام والتحدث باسمه ، هذه الحركات منيت بهزيمة تاريخية عادلة ، لأنها لم تكن ديمقراطية . لقد حَمَّل الفكر القومي التقليدي الاستعمار ثم الإمبريالية و الصهيونية مسؤولية هزيمة المشروع القومي العربي . وهذا نصف الحقيقة ، فالمتتبع لتاريخ الصراع في / وعلى المنطقة العربية يلحظ بسهولة معنى التركيز العربي الإمبريالي الصهيوني الدائم على ضرب الحلقات القومية ، كلما فكرت في تحويل المشروع القومي إلـى واقع حي ( ضرب النهضة العربية الأولى في عهد محمد علي ، والنهضة العربية الثانية في عهد عبد الناصر ، وضرب سوريا والعراق ، واستنزاف الجزائر ) . لكن النصف الثاني من الحقيقة يكمن في أن الحركات القومية لم تطرح المسألة القومية كجزء أساسي من حل المسألةالديمقراطية في العالم العربي ، ولهذا فقد أنتجت نموذج الدولة البوليسية القطرية ، العاجزة بنيوياً عن توفير الحد الأدنى من شروط الثورة الديمقراطية ( التنمية ، السوق القومي ، الديمقراطية ، استكمال السيادة القومية على الأرض القومية ) ، والتي أضحت مظهراً من مظاهر التكيف مع منطق التوسع الرأسمالي وشروط التبعية ، أي مظهر من مظاهر نقص استقلال الأمة ، واستلاب حريتها ، وقدرتها على السيطرة وعلى مواردها وثرواتها ومقدارتها ، والتي استمدت شرعيتها وحراكها الاجتماعي من الضرورات والاستحقاقات الخارجية ، سواء في بعدها السوفياتي أو الأميركي . وبعد الاخفاقات التي عرفتها التجارب الوحدوية العربية ، وما نتج عنها من سلبيات متكررة، فإن الخطاب السياسي للحركات القومية العربية ، بدا وكأنه أصبح يبتعد عن العروبة والقومية في صيغتها الناصرية والبعثية وغيرها ، ولم تتهيأالفئات السياسية الحاكمة العربية لتبني الأطروحة القائلة بضرورة بلورة مفهوم الأمة العربية على أساس مقولتي المجتمع المدني ودولة الحق والقانون . فمفهوم الأمة لا ينفصل في الأساس والمبدأ عن مفهوم المجتمع المدني ، باعتباره شكل التوسط بين الأمة التي تتجسد واقعياً وعيانياً على قاعدة التعدد والاختلاف والتعارض وبين الأفراد والجماعات والفئات والطبقات الاجتماعية ، وبين الدولة القومية الديمقراطية التي تفسح في المجال لنمو سيرورة المجتمع المدني الحديث ، الذي تتحقق فيه الهوية القومية مع حرية الفرد وحقوق الإنسان والمواطن ، والتي تعبر سياسياً وحقوقياً عن الكل الاجتماعي ، أي عن الشأن العام المشترك بين جميع المواطنين ، وعن سيادة الشعب ، وتتطابق هويتها مع هوية المجتمع . الوعي القومي لدى الحركات القومية العربية ما زال متخلفاً ، ولم يرتق بعد إلـى مستوى نقد الفكر القومي التقليدي ، الذي يمتلك تصوراً ميتافيزيقياً للأمة ، بوصفها جوهراً خالداً يتجلى في « دولة قومية » مصممة قبلياً ( مسبقة الصنع ) ، وهوتصور مع تأويل محافظ ورجعي للفكرة الهيغلية،فكانت الدولة«القطرية »الحاضرة هي الشكل السياسي لوجود الأمة الغائبة. ولم تتمكن هذه الدولة القطرية التابعة والكمبرادورية ، منذ قيامها حتى الآن من « خلق » الأمة ، بل على العكس من ذلك نجحت في منع الأمة من إقامة وحدتها وبناء دولتها الديمقراطية ، لأن الدولة القطرية قامت ، ولا تزال قائمة على أساس تغييب الشعب وتهميشه ، وتحويلها إلـى سلطة غاشمة استبدادية منفصلة عن المجتمع ومسيطرة عليه . وفضلاً عن ذلك ، فقد كانت الحركات القومية العربية متخلفة عن الوعي بأهمية المسألة الاجتماعية وعمق ارتباطها بالمسألة الديمقراطية ، وهونت من شأن هذه المسألة ، وفصلت المسألة الديمقراطية عن المسألة الاجتماعية ، والمسألة القومية ، والوحدة العربية . ولم تع هذه الحركات القومية أن المسألة الديمقراطية تؤسس لحل تاريخي للمسألة الاجتماعية ، وللوحدة العربية في آن معاً . ولم تدرك هذه الحركات القومية أيضاً أن التضحية بالمسالة الديمقراطية ، والمسألة الاجتماعية في سبيل الوحدة العربية ، هي تضحية بها جميعاً . * كاتب تونسي
 
(المصدر: جريدة “الحياة” (يومية – لندن) الصادرة يوم 18 أفريل 2008)


تبادل الخبرات القمعية

 
بقلم: خالد شوكات (*)
قبل أسابيع أصدر القضاء المغربي حكما قاسيا ضد صحيفة “المساء” اليومية المستقلة، يقضي بإجبارها على دفع تعويض مالي كبير لصالح بعض موظفي الدولة، كانوا قد تظلموا لدى المحكمة متهمين الصحيفة بالإساءة إلى سمعتهم ناصعة البياض، فلم يخذلهم القضاة العظام، الذين وجدوا في نظرائهم “الإنجليز” – ما شاء الله- مثالا يحتذى، بل لعلهم يزايدون عليهم قريبا، حيث سيضطرون كافة الصحف المغربية المستقلة إلى الإفلاس فالإغلاق. من يقول أن الأنظمة العربية غير متضامنة، يفتئت على الحقيقة ما في ذلك شك، فالحكام العرب أسرع الناس إلى التقاط الحكمة من بعضهم، عملا بالحديث الشريف “الحكمة ضالة المؤمن”، ولهذا فلا غرابة من أن تنتقل خبرة هذا الحاكم إلى زميله بأقصى سرعة ممكنة، ولأن القضاء في المغرب نزيه ومستقل، فهو حتما كذلك في بلدان عربية مجاورة، ولأن القضاة البريطانيين قدوة مقدرة في المغرب، فسيكونون كذلك في تونس على سبيل المثال، ولن يترددوا حتما في الثأر لشركات الزيوت الخمس المسكينة، المتضررة من افتتاحية صحيفة “الموقف” المعارضة، التي لا يتجاوز عدد نسخها الثمانية آلاف، ويكافح طاقمها من أجل توفير تكاليف الطباعة وثمن الورق، في ظل حرمان كلي من دعم إعلاني أو حكومي. ثمة صحف مستقلة كثيرة في تونس، أكثر من صحف الحكومة، لا عمل لها غير النهش في سير الخلق، وخصوصا هؤلاء المأفونين المصنفين في خانة المعارضة، غير أن القضاء التونسي الذي لم يبال يوما بأي واحدة من عشرات القضايا المرفوعة ضد هذه الصحف، سيبالي حتما بالقضايا الخمسة المرفوعة دفعة واحدة ضد الموقف، وسيجبر فقراء الصحافة بلا ريب على الدفع لأغنياء الزيت، لا لشيء بطبيعة الحال، إلا من أجل حماية السمعة الوطنية، إذ ليس مقبولا أن تكون تونس في مستوى المغرب، خصوصا وأن تاريخ استقلال البلدين لا يتجاوز أسابيع ثلاثة. الحكم التي تناقلها الجيل الراهن من الحكام العرب عن بعضهم البعض، كثيرة، زيادة طبعا عن الحكمة الأخيرة القاضية بإخراس الصحف بالقانون والتعويض البريطاني، من بينها على سبيل المثال، حكمة التنازل عن الحصول على 99,99% والاكتفاء بنسب أقل بقليل لا تخدش حقيقة الإجماع حول عظمة واستثنائية وعدم أسبقية الإنجازات الرئاسية، وكذلك حكمة التوريث على المصالح العائلية، وحكمة تعددية المرشحين للانتخابات الرئيسية، وحكمة التعددية الحزبية والسياسية، بتقسيم الأحزاب إلى موالاة يرخص لها ومعارضة ترفع عنها أغطية الشرعية لتبيت في عراء الخروج عليها ولعنات الداخل والخارج المنصبة عليها. ومن أطرف الحكم الرئاسية وأخفها دما، حكمة إقدام الرئيس على إعلان رغبته في الاعتزال وترك الحياة السياسية لدماء الشباب الزكية، أو على الأقل عدم إعلانه عن نيته الترشح أو إبطائه في ذلك، لكي تنهال مناشدات الشعب الوفي بالبقاء، و تغرق شوارع المدن والقرى في دموع المبايعيين المتلهفين، وتبح الحناجر وتجف الأقلام من كثرة ما كتبت على اليافطات، حتى يرق قلب الزعيم لأحبائه وأبناء شعبه، بعد أن ثبت له أنهم لا يستطيعون تخيل حياتهم من دونه، ولا رئيسا غيره. إن أكثر ما يشق على بعض العرب من ذوي الحساسية السياسية العالية، أن حكامهم لم يعودوا يكتفون بإجبارهم على الولاء لحكمهم المديد السعيد كما في السابق، بل أصبح من الضروري عليهم الشهادة لأنظمتهم بالديمقراطية القحة التي لا يشق لها غبار، ولما الاعتراض أو الامتعاض أو الاحتجاج، فتعددية الأحزاب حقيقة ساطعة، وما من دولة عربية إلا وفيها اليوم –ولله الحمد- أحزاب، باستثناء الجماهيرية التي تجاوزت بطبيعة الحال مرحلة الديمقراطية الغربية إلى مرحلة أخرى متقدمة عليها، وبما في ذلك سوريا التي صدرت للعالم العربي مشكورة، فضل أحزاب الجبهة الوطنية، أي نظرية “الحزب الشيوعي لصاحبه حزب البعث العربي الإشتراكي”. وما من دولة عربية اليوم، إلا وفيها انتخابات محلية وبرلمانية ورئاسية تعددية، غير أن الحرص على ضمان الاستقرار، والخوف من الإصابة بمرض تعاقب الحكومات وكثرتها، جعل الناخب العربي أكثر وعيا من أي ناخب آخر في العالم، فهو لا يحب المغامرة ويحرص على التصويت في الاتجاه الصحيح، اتجاه يقيه القر والغضب وحرمان بقراته المصابة بالهزال أصلا من التمتع بمنح الأعلاف. في السابق كان الحكام العرب ديكتاتوريون صراحة، ويقولون ذلك لشعوبهم دون مواربة، مستعينين في ذلك بمبررات ايديولوجية وسياسية عديدة، أما اليوم فإن المسمى الرسمي العربي ل”الديكتاتورية” هي “الديمقراطية”، وبدل الرئاسة مدى الحياة المعتمدة في الماضي، أصبح مدى الحياة هذا مقسما إلى عدة دورات انتخابية متعاقبة من أربع أو خمس أو سبع سنوات، مثلما تحول الحزب الواحد إلى حزب حاكم يملك أحيانا مجموعة من الأحزاب، يوكل لها بحسب الظروف مهمات في السلطة أو المعارضة، لا فرق في ذلك. (*) كاتب تونسي (المصدر: موقع “إيلاف” (بريطانيا) بتاريخ 18 أبريل 2008)


ايطاليا: برلوسكوني يعود للحكومة

أنزل الستار يوم الاثنين 15 أبريل نهائيا على الانتخابات البرلمانية الايطالية السابقة لأوانها، و ذلك بعودة الميلياردار “سلفيو برلوسكوني” أو ( الكافلياري   IL CAVALIERE)، كما يحب أنصاره أن ينادوه في ايطاليا، الى سدة الحكم بعد أقل من سنتين منذ أن تركها. فقد أعلن وزير الداخلية الايطالي “أماتو” في ساعة متأخرة من ليلة الثلاثاء عن النتائج النهائية لهذه الانتخابات التي خرج من خلالها اليسار الحاكم ليعود “برلوسكوني” الى قصر الحكومة و بأريحية كبيرة حيث تقدم على الحزب الديموقراطي أو وسط اليسار برئاسة عمدة روما السابق “ولتر فالتروني”. و حسب النتائج النهائية فقد أحدثت هذه النتخابات زلزال قوي على الساحة السياسية الايطالية خرج بموجبها بعض الرموز التاريخية للسياسة الايطالية لعل أهمها رمز الشيوعية و المتمثلة في حزب “اعادة البناء” بقيادة رئيس البرلمان السابق ” برتينونتي” و حزب الخضر برئاسة وزير البيئة السابق “سكانيا”. و قد أدى هذا التسونامي حسب الصحافة الايطالية الى ايجاد واقع جديد في البرلمان الايطالية ذو الغرفتين حيث أقصي منه كل الكيانات الصغيرة لتصبح 5 مجموعات ممثلة في البرلمان و 4 في مجلس الشيوخ. و لعل الرابح الأكبر في هذه الانتخابات التي جائت عقب استقالة حكومة “برودي” هو حزب “رابطة الشمال” ذو التوجه الانفصالي و الذي عادة ما يعرف عنه معاداته للاجانب فقد قفز من 4.1 % في الانتخابات السابقة الى 8.5 % ليحصد بذلك 47 مقعدا في البرلمان و 23 في مجلس الشيوخ. في حين فاز حزب “شعب الحريات” برئاسة “برلوسكوني” 37.1 % من المقاعد في البرلمان أي بـ  284 من جملة 609 مقعد مقابل 38 % بمجلس الشيوخ أي بـ 141 سناتور من جملة 310. و بذلك يكون تحالف اليمين حصد 46.64 % من المقاعد في البرلمان أي ما يعادل 340 مقعدا و 47.26 % في مجلس الشيوخ أي ما يعادل 167 مقعدا. كما حصد تحالف الحزب الديموقراطي برئاسة  عمدة روما السابق “فولتروني” و حزب “ايطاليا القيم” برئاسة المدعي العام السابق المعروف بـ “الأيدي النظيفة”  “ديبياترو”  الـ 37.72 %  من الأصوات في البرلمان أي ما يعادل 241 مقعدا في حين حصلا على 38.08 % في مجلس الشيوخ أي ما يعادل الـ 122 مقعدا. و في أول تصريح لرئيس الحزب الديموقراطي “فولتروني” اعترف بهزيمته أمام “برلوسكوني” قائلا: “لقد اتصلت به لأعترف له بفوزه و هذا أمر طبيعي في الديموقراطية الغربية” حسب قوله مضيفا أنه سيقود معارضة بناءة و جاهزة للتعديلات الدستورية في اشارة الى الجدل الذي حدث بسبب طريقة الانتخابات التي تعطي للكيانات الصغرى اللعب بمصير أي حكومة كما حصل مع حكومة “برودي” المستقيلة. أما “برلوسكوني” فقد قال اليوم لراديو”أيضا أنا” أنه خلال الأسبوع ستكون الحكومة جاهزة على أن تشمل 60 مسؤولا ما بين الوزراء و نواب الوزراء و وكلاء الوزارات و هو ما يمثل نصف عدد الحكومة المستقيلة على حد قوله، و أضاف أنه سيجتمع في أول مجلس حكومي في مدينة “نابولي” في اشارة الى مشكلة النفايات المنزلية التي أعاقت هذه المدينة. و قد أشار الى أن فريقه سيكون به ثلاث وزيرات، اضافة الى عودة بعض الوجوه السابقة الى الحكومة الجديدة كمنسق السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي “فرتيني” ليكلف بوزارة الخارجية و القيادي في رابطة الشمال “ماروني” لوزارة الداخلية في حين يكون رئيسها نائبا لـ”برلوسكوني” و سيكلف الاقتصادي الكبير “تريمونتي” بالمالية. و تمنى “برلوسكوني” أن يستطيع رئيس حزب “التحالف الوطني” و وزير الخارجية في عهده ” فيني” أن يقود مجلس البرلمان في حين لم يحسم بعد رئاسة مجلس الشيوخ بسبب كثرة المترشحين الى هذا المنصب كرئيس مقاطعة “لومباردية” “فورميقوني” و وزير الداخلية الأسبق”بيزانو” و غيرهما. و بالرغم من الفارق الكبير الذي فاز به “برلوسكوني” حوالي 9 % الا أن الطريق للحكم لن يكون مفروشا بالورود بل سيكون صعبا ليس بسبب قوة المعارضة فحسب بل أيضا بسبب التحالف الذي كونه “برلوسكوني” اذ يشمل خاصة “رابطة الشمال” و التي أحدثت له المتاعب في عهدته السابقة. رضا المشرقي / ايطاليا


 

معرض تونس الدّولي للكتاب في دورته السّادسة والعشرين

أكثر من 100 ألف عنوان… 1027 ناشرا من 32 دولة و318 عارضا…

 
** تكريم مصطفى الفارسي… يوم للشعر الشعبي… وندوة دولية حول «من ترجمة الكلمات إلى حوار الحضارات» تونس/الصباح: قدم صباح امس خلال لقاء صحفي السيد بوبكر بن فرج برنامج الدورة السادسة والعشرين لمعرض تونس الدولي للكتاب الذي تنطلق فعالياته يوم 25 افريل لتتواصل حتى يوم 4 ماي. وأبرز مدير المعرض ان هذا الموعد السنوي على قصره اصبح واجهة من الواجهات الرئيسية للثقافة التونسية ومن هذا المنطلق فان خيارات هذه الدورة السادسة والعشرين تعتبر امتدادا وتثبيتا لنفس الخيارات التي تم اعتمادها في ما سبق من دورات المعرض الفارط وهي: * اتاحة فرصة متميزة للتعريف بالكتاب التونسي وترويجه. * تأكيد البعد الدولي عبر توسيع نطاق المشاركات العربية والاجنبية للمعرض. * التدقيق في قيمة المشاركات واستجلاب دور النشر المعروفة بجدية اصداراتها دون غيرها. ارتفاع عدد دور النشر وبين مدير العرض ان هذه الدورة ستشهد ارتفاعا في عدد دور النشر الممثلة بكتبها الى 1025 مؤسسة اي بزيادة 208 دار مقارنة مع الدورة السابقة، وتمثل هذه المؤسسات 31 دولة وخمسة منظمات دولية مختصة. أما عدد العارضين، فقد بلغ 319 عارضا من ضمنهم عدد متزايد من كبار المشاركين التونسيين والأجانب. ونتيجة للاقبال المتزايد على المشاركة تمت الزيادة في مساحة العرض بنسبة 10% بالمقارمة مع الدورة السابقة. وسوف يلاحظ رواد المعرض مشاركة عديد الدول لأول مرة وخاصة دول الاتحاد الاوروبي التي ستكون مجمعة في جناح مشترك كما سيلاحظ الزائر اجنحة كبرى ومتميزة مختصة في المضامين الرقمية وهو ما يؤكد ان مقاربة معرض تونس للكتاب لا تنحصر في الكتاب التقليدي الورقي بقدرما باتت تشمل مختلف وسائط توثيق المعرفة ونقلها ونشرها في المقابل تم ابعاد الكتب ذات العناوين التي لا تستجيب لطموحات القارئ الباحث على المتعة المعرفية. ندوات ولقاءات وبالتوازي مع ابعاده الاقتصادية والمهنية سيعيش المعرض على وقع عدد من الندوات واللقاءات والمواعيد الثقافية المتنوعة منها. ندوة دولية تحت عنوان «من ترجمة الكلمات الى حوار الثقافات» سيتم تنظيمها بالتعاون مع المركز الوطني للترجمة وعدد من المؤسسات الثقافية الاجنبية. وقد تم اختيار هذا الموضوع في سياق احتفاء بلادنا بالسنة الوطنية للترجمة للتعريف بتجربتنا الوطنية في هذا المجال بالمقارنة مع تجارب عديد البلدان الاخرى. وللتركيز على الدور الحيوي الذي تلعبه الترجمة في الحوار بين الشعوب والحضارات. تخصيص يوم الشعر الشعبي وذلك بعد ان تم في الدورة الفارطة تخصيص يوم للشعر باللغة الفصحى وسيشارك في هذه العكاظية ثلة من ابرز شعرائنا وضيوف من دول عربية شقيقة من بينهم الشاعر المصري المعروف سيد حجاب. وسيكون للشعر الفصيح حظه عبر امسية تشارك فيها نخبة من شعراء تونس وبلدان عربية اخرى. لقاءات مع كتاب سيتم افراد عدد من كبار الكتاب العرب والاجانب بلقاءات خصوصية يتم خلالها الحوار معهم حول كتاباتهم والقضايا التي يطرحونها فيها ومن ابرز الادباء المدعوين الكاتب المصري بهاء طاهر والكاتبان الفرنسيان اريك امانويل سميث وجلبرت سينويه والكاتب التونسي السويدي الشاب يوناس حسن الخميري الذي يستضيفه المعرض بمناسبة صدور روايته «منتكور ـ النمر الوحيد» باللغة الفرنسية ويندرج هذا الاختيار في اطار التعريف بالمبدعين التونسيين الناجحين بالمهجر. تكريم مصطفى الفارسي وسيتم تخصيص يوم لتكرم روح فقيد الأدب التونسي مصطفى الفارسي من خلال امسية ادبية تضم عددا من المداخلات والشهادات الهامة حول التراث الادبي للفقيد ومسيرته. مهنة الكتاب ولن يغفل المعرض الكتاب كمهنة حيث تشهد هذه الدورة 3 محطات حول موضوع نشر الكتاب وهي: ـ يوم دراسي تحت عنوان «مهن الكتاب» بالتعاون مع المعهد الفرنسي للتعاون والمؤسسات الجامعية والهياكل المهنية المعنية بهذا الموضوع. ـ ندوة حول موضوع «تصدير الكتاب التونسي ـ الواقع والآفاق». ـ لقاء حول موضوع «الجوائز الادبية» ودورها في التشجيع على الكتابة وذلك بمشاركة عديد المؤسسات الاقتصادية الخاصة. ويخصص المعرض الفضاءات اليومية للتعريف بالاصدارات الجديدة وبمؤلفيها وحصص الامضاءات التي صارت اليوم أحد تقاليد معرض تونس على غرار سائر معارض الكتاب في العالم المتطور. المعرض في أرقام الناشرون عدد الناشرين: 1027 (من ضمنهم 83 ناشرا تونسيا) عدد الناشرين المشاركين لاول مرة: 427 عدد الدول الممثلة: 32 عدد المنظمات الاقليمية: 5 العارضون عدد العارضين: 318 (من ضمنهم 101 عارضا تونسيا) عدد العارضين المشاركين لاول مرة: 57 عدد الدول المشاركة: 29 عدد المنظمات الاقليمية: 5 مساحة العرض 9218 مترا مربعا (دون اعتبار الفضاءات المخصصة للنشاط الثقافي). حضور هام لفلسطين ولاحظ مدير المعرض ان هذه الدورة ستشهد حضورا هاما لفلسطين من خلال مؤلفات مبدعيها في مختلف المجالات الثقافية. اكثر من 100 ألف عنوان ستقدم الدورة السادسة والعشرون للمعرض اكثر من 100 الف عنوان في مختلف المجالات الفكرية والعلمية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية. وسيكون للطفل نصيبه الكبير في هذه التظاهرة. قاسم حداد لن يأتي كان في الحسبان ان يكون الشاعر البحريني الكبير قاسم حداد من ابرز ضيوف هذه الدورة الا انه لاعتبارات عائلية لن يأتي وقد بعث معتذرا عن هذا الغياب لهيئة المعرض. السبت 26: للعموم بعد الافتتاح الرسمي الذي سيكون يوم الجمعة 25 أفريل يفتح المعرض ابوابه للعموم بداية من السبت 26 أفريل وقد تم تخصيص حافلة تقل الصحفيين يوميا الى قصر المعارض بالكرم. سيد حجاب يغني قال السيد بوبكر بن فرج ان مشاركة سيد حجاب في اليوم الخاص بالشعر الشعبي لن تقتصر على القاء شعره بل سيعمل على تقديم وصلات غنائية شأنه في ذلك شأن بقية الشعراء الشعبيين من تونس. محسن بن أحمد (المصدر: جريدة “الصباح” (يومية – تونس) الصادرة يوم 18 أفريل 2008)


الخطوط العريضة للدورة 26 لمعرض تونس الدولى للكتاب 2008

 
تونس 17 افريل 2008 (وات) يحتضن قصر المعارض بالكرم من 26 افريل الى 4 ماى 2008 الدورة 26 لمعرض تونس الدولى للكتاب الذى تنظمه سنويا وزارة الثقافة والمحافظة على التراث وتتميز الدورة الجديدة عن غيرها من الدورات السابقة بارتفاع مشاركة دور النشر الوطنية والاجنبية التى تتجاوز هذا العام 1027 دور نشر من ضمنها 83 دور نشر تونسية الى جانب 101 عارضا تونسيا من مجموع 319عارضا جاء ذلك على لسان السيد بوبكر بن فرج مدير المعرض في لقاء صحفي عقده صباح اليوم الخميس بمقر الوكالة التونسية للاتصال الخارجى بالعاصمة واضاف انه وقعت الزيادة في مساحة العرض بنسبة 10 بالمائة بالمقارنة مع الدورة السابقة ليكون معرض تونس الدولي للكتاب ثانى اكبر معرض عربي من حيث الحجم بعد معرض القاهرة وافاد ان 31 دولة و5 منظمات دولية مختصة ستسجل حضورها في هذه الدورة وستكون دولة فلسطين ممثلة في جناح خاص بها كما ستشارك دول جديدة من الاتحاد الاوروبي لاول مرة في جناح مشترك واكد ان الزائرين سيكتشفون اجنحة كبرى مختصة في المضامين الرقمية مما يدل على ان مقاربة معرض تونس الدولي للكتاب لا تنحصر في الكتاب التقليدى الورقى بل تشمل ايضا مختلف وسائط توثيق المعرفة ونقلها ونشرها اما بالنسبة للعناوين فقد لاحظ السيد بوبكر بن فرج انه بقدر ما فتح المعرض فضاءاته الى عشرات الالاف من العناوين والمضامين المتاتية من مختلف انحاء العالم فانه حرص على استبعاد العناوين الرديئة والمتعارضة مع القيم الجوهرية التى انبنت عليها السياسة الثقافية الوطنية وبين في نفس السياق ان معرض تونس الدولى للكتاب يسعى الى المحافظة على مصداقيته من خلال التدقيق في قيمة المشاركات وجلب دور النشر المعروفة بجدية اصداراتها وكعادته لا يكتفي معرض تونس الدولي للكتاب بالجوانب ذات الابعاد الاقتصادية والمهنية وانما يساهم بقسط وافر في تنشيط الساحة الثقافية عن طريق برمجة العديد من الانشطة الثقافية الموازية وذات المضامين المتنوعة بمشاركة وجوه وشخصيات من ابرز ما جادت به الساحة الابداعية الوطنية والعربية والدولية ومن اهم الانشطة ندوة دولية بعنوان /من ترجمة الكلمات الى حوار الثقافات / بالتعاون مع المركز الوطنى للترجمة وعدد من الموءسسات الثقافية والاجنبية وذلك في اطار احتفاء تونس بالسنة الوطنية للترجمة يوم 2 ماى 2008 كما سيتم تخصيص يوم كامل للشعر الشعبى /27 افريل / وامسية للشعر الفصيح / 3 ماى /بمشاركة ثلة من ابرز الشعراء التونسيين والعرب من بينهم الشاعر المصرى المعروف سيد حجاب وتستضيف هذه الدورة العديد من كبار الكتاب في العالم وبرمجت لقاءات مع الجمهور والصحافيين يتم خلالها الحوار حول كتاباتهم والقضايا التى يطرحونها فيها ومن ابرزهم الكاتب المصرى بهاء طاهر والكاتبان الفرنسيان اريك امانويل سميت وجلبرت سينويه والكاتب التونسي السويدى يونس حسن الخميرى الذى اصدر موءخرا روايته/منتكور النمر الوحيد/ التى يدور جزء كبير من احداثها في تونس وتكريما لروح الاديب التونسي الراحل مصطفى الفارسي سينظم المعرض امسية ادبية تضم عددا من المداخلات والشهادات حول التراث الادبى للفقيد ومسيرته وذلك يوم 29 افريل الجارى وذكر السيد بوبكر بن فرج من جهة اخرى ان الدورة الجديدة لمعرض تونس الدولى للكتاب ستكون محطة مهنية رئيسية تعرف بمشاغل اهل المهنة وتفتح لهم ابواب الشراكة وافاق النمو والازدهار وذلك من خلال تنظيم انشطة تتمحور حول نشر الكتاب في تونس تتمثل في يوم دراسي حول /مهن الكتاب/30 افريل / وندوة حول /تصدير الكتاب التونسي الواقع والافاق / 28 افريل/ ولقاء حول /الجوائز الادبية ودورها في التشجيع على الكتابة/ 3 ماى المقبل وتضاف الى هذه الانشطة فعاليات اخرى لاتقل اهمية وهى الفضاءات اليومية التى يخصصها المعرض للتعريف بالاصدارات الجديدة وموءلفيها وحصص الامضاءات التى اصبحت من تقاليد المعارض الدولية المتطورة تجدر الاشارة الى ان المعرض يفتح ابوابه للعموم بداية من السبت 26 افريل (المصدر: وكالة تونس افريقيا للأنباء (وات – رسمية) بتاريخ 17 أفريل 2008)


تعاقد علي مضض بين الحكام من أجل تقنين معصرن لإدامة التسلط

مكائد الميثاق العربي لحقوق الانسان

 
المصطفي صوليح (*) أولا ـ خبر بحدث مر وكأنه لم يكن 1.1 ـ علي خلاف شتي الأقاليم الجغرافية الثقافية العالمية الأخري حيث تم اعتماد، منذ عقود، آلية تعاهدية أو ميثاقية مصحوبة بلجنة ومحكمة لحماية حقوق الإنسان مما قد يمسها من انتهاكات من قبل الدول المنتمية للإقليم المعني، ولتأكيد أن دول هذا الإقليم قد لاءمت بشكل سلس بين الخصوصية والعالمية في هذا الصدد وتبنت بلا رجعة معايير حقوق الإنسان وحرياته المنصوص عليها في القانون الدولي لهذه الحقوق والحريات وذلك في تدبير الحياة العامة وفي تنظيم العلاقة بين مختلف أجهزة الدولة والأفراد والمجموعات، لم يحظ إقليم شمال إفريقيا والشرق الأوسط (العالم العربي) بوثيقة، من هذا القبيل إلا قبل قرابة شهر من الآن. 1.2 ـ تسمي هذه الوثيقة بـ الميثاق العربي لحقوق الإنسان وهي تتألف في صيغتها النهائية الحالية من حوالي 4379 مفردة موزعة إلي 165 فقرة تقتسمها ديباجة و53 مادة. ورغم أنها صادرة كقرار عن أقدم منظمة دولية إقليمية في العالم تتمثل في جامعة الدول العربية، فإنه لم تتم الموافقة عليها من قبل مجلس هذه الجامعة علي مستوي القمة إلا بعد 14 سنة من اعتمادها و4 سنوات من آخر تعديل طالها لتدخل أخيرا حيز التنفيذ ابتداء من تاريخ 16 أيار (مايو) 2008، أي بعد شهرين من المصادقة عليها من قبل الدولة السابعة من بين 22 دولة عربية عضو: الجزائر، البحرين، الإمارات العربية المتحدة، الأردن، ليبيا، فلسطين، وسورية. 1.3 ـ علي عكس ما قد ينتظره المواطن العربي أو الأمازيغي من أن يكون هذا الميثاق ، بالنظر إلي كونه ظهر متأخرا بعدة عقود عن المعاهدتين الأوروبية والأمريكية لحقوق الإنسان والميثاق الإفريقي لحقوق الإنسان والشعوب، قد جاء جامعا مانعا في كل الشؤون المتعلقة بالإقرار بحقوق الإنسان وحرياته المستحقة للأفراد والمجموعات وحامياً لها ومسائلا ومحاسبا لكل من يتطاول عليها أو يهدرها، فإن أية قراءة في متنه وأي تحليل لمحتواه أو أية دراسة مقارنة له لن تسعف سوي في اكتشاف أن الأمر يتعلق بتعاقد يتم علي مضض بين الحكام العرب من أجل تقنين إقليمي معصرن لانتقاص مستمر لحقوق الإنسان. فكيف ذلك؟ ثانيا ـ وجهان للميثاق: معايير عامة إيجابية وأخري تفصيلية مجحفة 2.1 ـ الوجه الأول، معايير متلائمة مع القانون الدولي لحقوق الإنسان: أ ـ في ديباجته، يؤكد الميثاق علي معايير حق الإنسان في حياة كريمة علي أساس الحرية والعدل والمساواة و حق الأمم في تقرير مصيرها والمحافظة علي ثرواتها وتنميتها، وسيادة القانون ودوره في حماية حقوق الإنسان والرفض لكافة أشكال العنصرية والصهيونية التي تشكل انتهاكا لحقوق الإنسان وتهديدا للسلم والأمن العالميين . كما يؤكد علي مبادئ ميثاق الأمم المتحدة والإعلان العالمي لحقوق الإنسان وأحكام العهدين الدوليين للأمم المتحدة (.. )، غير أنه سرعان ما يرتد حين ينبه إلي أنه يأخذ في عين الاعتبار إعلان القاهرة حول حقوق الإنسان في الإسلام ، وذلك رغم أن هذا الإعلان يسيج حقوق الإنسان بالمغالاة في الارتكان إلي الهوية الثقافية العربية الإسلامية ويتغاضي عن الواقع الجد مترد لحقوق الإنسان وحريات الأفراد والمجموعات والجماعات في البلاد العربية والإسلامية ويتوجه إلي مكونات المجتمع الدولي المغايرة من أجل إبراز الاستقلال عن أنماطها ونماذجها المجتمعية والثقافية. ب ـ وفي مادته الأولي التي يفردها لتعداد الغايات التي يستهدفها، يمثل هذه الغايات في: ـ وضع حقوق الإنسان في الدول العربية ضمن الاهتمامات الوطنية الأساسية؛ ـ تنشئة الإنسان في هذه الدول علي ما تقتضيه المبادئ والقيم الإنسانية وتلك المعلنة في الوثائق الدولية لحقوق الإنسان؛ ـ إعداد الأجيال في هذه الدول لحياة حرة مسؤولة تسودها المساواة والتسامح والاعتدال؛ ـ ترسيخ المبدأ القاضي بأن جميع حقوق الإنسان عالمية وغير قابلة للتجزئة ومترابطة ومتشابكة . ج ـ وفي مادته 10 يحظر الرق و الاتجار بالأفراد في جميع صورهما والمعاقبة علي ذلك، كما يحظر السخرة والاتجار بالأفراد من أجل الدعارة أو الاستغلال الجنسي أو استغلال دعارة الغير أو أي شكل آخر، وكذا يحظر استغلال الأطفال في النزاعات المسلحة؛ د ـ وفي المادة 40، يلزم الدول الأطراف بتوفير الحياة الكريمة لذوي الإعاقات النفسية والجسدية.. و الخدمات الاجتماعية مجانا لجميع ذوي الإعاقات… (و) الدعم المادي للمحتاج من هؤلاء الأشخاص وأسرهم أو للأسر التي ترعاهم.. ؛ ه ـ وفي الفقرة 5 من المادة 41 يدعو إلي عمل الدول الأطراف علي دمج مبادئ حقوق الإنسان والحريات الأساسية في المناهج والأنشطة التعليمية وبرامج التربية والتكوين والتدريب الرسمية وغير الرسمية . 2.2 ـ الوجه الثاني، معايير غير متناسقة بل متناقضة مع أحكام القانون الدولي لحقوق الإنسان. تطول هذه القائمة لتشمل أحكام عدد كبير من المواد، منها: أ ـ المادة 4 المتعلقة بالظروف الاستثنائية والمادة 26 الخاصة بحرية التنقل، والفقرتان 1 و2 من المادة 30 المرتبطة بحرية الفكر والوجدان والدين تجيز للدول العربية الأطراف في الميثاق الانتقاص من الحقوق والحريات الواردة فيها ووضع قيود عليها طبقا لقوانينها الوطنية، وذلك بشكل متناقض، وعلي التوالي، مع الفقرة 13 من التعليق العام رقم 29 للجنة حقوق الإنسان الأممية والمادة 4 والفقرة 3 من المادة 12 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. ب ـ المادة 6 والفقرة 2 من المادة 7 تجيزان فرض العقوبة بالإعدام، والفقرة 1 من المادة 7 تجيز فرض هذه العقوبة علي الأطفال دون سن 18 عاما، وهو ما يتناقض مع الفقرة 5 من المادة 6 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والفقرة (أ) من المادة 37 من اتفاقية حقوق الطفل اللتين تحظران بصفة مطلقة فرض هذه العقوبة علي الأطفال، كما لا تراعي التوجه الذي تبديه دول العالم نحو إلغاء هذه العقوبة نهائيا من قوانينها الوطنية. ج ـ المادة 24 تتضمن أحكاما تمييزية، إذ فيما تضمن للمواطنين في الدول العربية الحق في تكوين الجمعيات والانضمام إليها والحق في التجمع السلمي، فإنها تتيح لهذه الدول إمكانية تقييد ذلك بالنسبة للعمال المهاجرين، الأمر الذي لا يتلاءم مع الفقرة 1 من المادة 2 والمادتين 21 و22 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية التي لا تقصر التمتع بهذه الحقوق علي المواطنين فقط بل تشمل بها جميع الأفراد المقيمين في البلد، كما أنها لا تتلاءم كذلك مع الفقرة 3 من المادة 2 من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمادة 25 من الاتفاقية الدولية لحماية حقوق جميع العمال المهاجرين وأفراد أسرهم التي لا تجيز حرمان هؤلاء العمال من الحقوق المنصوص عليها مهما كان سبب ذلك. د ـ المادة 8 المتعلقة بحظر التعذيب لا تقدم تعريفا للتعذيب يتماشي مع المادة 1 من اتفاقية مناهضة التعذيب ولا تحدد الإجراءات التي تتضمنها في شأنه المادة 7 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، وبالتالي فهي لا تحظر العقوبة القاسية واللاإنسانية ولا تتضمن عنصر الألم الذي يتسبب فيه التعذيب ولا عنصر إدراج طرف ثالث، ولا تبين أن التعذيب ينطبق علي الأفعال التي يرتكبها الموظفون المنفذون للقوانين والأفراد والجهات غير التابعة للدولة، ولا تحظر تسليم أو إعادة شخص إلي بلد مهدد فيه بالتعرض للتعذيب وغيرها من الانتهاكات الجسيمة، ولا تحدد نوعية التدابير الفعالة، من تشريعية وإدارية وقضائية، التي ينبغي علي الدول العربية اتخاذها لحماية الأفراد. وفيما تحصر إنصاف الضحايا فقط في تمتيعهم برد الاعتبار والتعويض لا تتيح أمامهم إمكانية التمتع بالتأهيل وضمانات عدم تكرار التعذيب؛ ه ـ الفقرة 2 من المادة 33 لا توسع من مجال حظر العنف ضد المرأة ليشمل، بالإضافة إلي العنف ضدها داخل الأسرة، جميع أشكاله المجتمعية الأخري بما فيها تلك التي يرتكبها الموظفون الرسميون، كما أنها لا تحث الدول العربية علي وضع تشريعات وسياسات تحد من إفلات موظفيها وغيرهم من العقاب إزاء ممارسة العنف ضد المرأة مع تمتيعها بمجموعة التدابير الأخري اللازمة لحمايتها. أما الفقرة 2 من المادة 29 فتنتقص من حق المرأة في إكساب جنسيتها لأطفالها وذلك بربطها بالتشريعات الوطنية، الأمر الذي لا يتناسب مع الفقرة 2 من المادة 9 من اتفاقية القضاء علي جميع أشكال التمييز ضد المرأة التي تنص علي أن تمنح الدول الأطراف المرأة حقا مساويا لحق الرجل في ما يتعلق بجنسية أطفالها ؛ وـ بالإضافة إلي أن الفقرة 1 من المادة 7 تجيز فرض عقوبة الإعدام علي الأطفال دون سن 18 سنة، فإن الفقرة 2 من المادة 41 المتعلقة بالحق في التعليم لا تشمل بهذا الحق سوي مواطني الدول العربية دون باقي الأفراد المقيمين فوق ترابها، فلا تحترم بذلك أحكام الفقرة 1 من المادة 2 من اتفاقية حقوق الطفل وأحكام الفقرة (ه) من المادة 3 من اتفاقية اليونسكو لمناهضة التمييز في التعليم. كما أن البند (أ) من الفقرة 3 من المادة 34 يترك أمر تحديد سن أدني للالتحاق بالعمل بين أيدي الدول العربية الأطراف في الميثاق، وذلك دون أن يربطه بنظر لجنة حقوق الطفل في التقارير الدورية الذي يؤكد أنه لا ينبغي بأي حال من الأحوال أن يقل هذا السن الأدني عن سن إكمال التعليم الإلزامي. وعلي نفس الغرار لا تحترم هذه الفقرة أحكام الاتفاقية رقم 182 لمنظمة العمل الدولية التي تحظر عمل الأطفال. وإذا كانت المادة 10 من الميثاق تحظر استغلال الأطفال في النزاعات المسلحة فإنها في المقابل تهمل حظر جميع أشكال تجنيد الأطفال دون سن 18 سنة في القوات المسلحة، وإن المادة 17 تنتقص من حقوق الطفل، أثناء الاعتقال والاحتجاز والمحاكمة وغيرها من مسار الدعوي ضد الطفل الجانح، في عدم التعرض للتعذيب وعدم فرض عقوبة الإعدام أو السجن مدي الحياة عليه (المادة 7 من اتفاقية حقوق الطفل) وضمان احترام خصوصيات حياته الخاصة فلا تنشر أية معلومات حول هويته (المبدأ 8 من قواعد الأمم المتحدة النموذجية لإدارة شؤون قضاء الأحداث ـ قواعد بكين) وألا تكون جلسات محاكمته علنية (المادة 40 من اتفاقية حقوق الطفل)؛ ز ـ المادة 12 ذات الصلة باستقلال القضاء تتضمن أحكاما عامة دون أن تنص علي التزام الدول العربية بالمبادئ 2، 4، 5، 11 و12 من المبادئ الأساسية بشأن استقلال السلطة القضائية التي تكفل مما تكفله الفصل بين السلطات. أما المواد من 13 إلي 18 المفردة للمحاكمات فإنها تنتقص من الحقوق الكفيلة بضمان أن تكون المحاكمات عادلة، وفي ذلك أن الفقرة 2 من المادة 13 تجيز للدول العربية ألا تكون المحاكمات علنية في حالات استثنائية تقتضيها مصلحة العدالة في مجتمع يحترم الحريات وحقوق الإنسان وذلك ضدا علي الفقرة 1 من المادة 14 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية التي تنص علي أنه: … يجوز منع الصحافة والجمهور من حضور المحاكمة كلها أو بعضها لدواعي الآداب العامة أو النظام العام أو الأمن القومي في مجتمع ديمقراطي . والفقرة 7 من المادة 16 لا تكفل الحق في الطعن في الإدانة والحكم علي حد سواء. كما أن هذه المواد تغفل عن التنصيص علي الحق في الاحتجاز في مكان معترف به رسميا (المادة 10 من الإعلان المتعلق بحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري). وحق الرعايا الأجانب في الحصول علي تسهيلات معقولة للاتصال بممثلي حكومات بلدانهم وتلقي زيارات منهم (المادة 10 من الإعلان المتعلق بحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري). ثالثا ـ ميثاق بآلية عرجاء للتتبع وبدون آلية للاحتكام 3.1 ـ يكتفي الميثاق في مادته 45 بإنشاء لجنة حقوق الإنسان العربية تتكون من 7 أعضاء تنتخبهم الدول الأطراف بالاقتراع السري، فتحال عليها عبر الأمين العام لجامعة الدول العربية تقارير الدول الأطراف ( تقرير أولي خلال سنة من دخول الميثاق حيز التنفيذ وتقارير دورية كل 3 أعوام ) بشأن التدابير التي اتخذتها لإعمال الحقوق والحريات المنصوص عليها في هذا الميثاق، وبيان التقدم المحرز للتمتع بها ، وذلك بغرض دراستها بحضور من يمثل الدولة المعنية ومناقشتها وإبداء ملاحظاتها وتقديم التوصيات الواجب اتخاذها، وتتويج ذلك بتقرير سنوي علني يتضمن ملاحظاتها وتوصياتها المرفوعة إلي مجلس الجامعة (المادة 48). 3.2 ـ وفيما يهمل الميثاق بالتمام والكمال أدوار المجتمع المدني الحقوقي غير الحكومي فلا يشير لا من قريب أو بعيد لمكانة التقارير المضادة (تقارير الظل ـ التقارير الموازية) التي تصدرها هياكل حقوق الإنسان، الوطنية أو غيرها المستقلة، بالنسبة لأشغال اللجنة إياها، فإنه يسكت بالمرة عن إحداث إحدي الآليات الأخري المطلوبة دائما للاحتكام إليها إقليميا، كما هو الشأن في أوروبا وأمريكا وإفريقيا، في النزاعات ذات الصلة بحقوق الإنسان. أخيرا، إذا كان المتفائلون سيعتبرون وجود هذا الميثاق ولو بهكذا خاصيات هو أنفع من عدمه، فهل تتبع مساره عن طريق الضغط علي الدول العربية الأقل عداء لمنظومات حقوق الإنسان من أجل استغلال المواد 50، 51 و52 التي تمكنها من تقديم اقتراحات مكتوبة لتعديله ولتقيم لوبي مع دول عربية أخري لترجيح التعديلات المطلوبة وكذا لاقتراح بروتوكولات إضافية والحشد لقبولها، سيكون كافيا وفعالا وحده للعمل في سبيل تحسين أوضاع حقوق الإنسان في كل قطر من أقطار شمال إفريقيا والشرق الأوسط؟ (*) كاتب وباحث من المغرب (المصدر: صحيفة “القدس العربي” (يومية – لندن) الصادرة يوم 18 أفريل 2008)


نواب فلسطينيون أسرى يُـحـولـُـون سجونهم لمراكز أبحاث

 
عوض الرجوب – الضفة الغربية لا يعرف الفراغ طريقه إلى النواب الفلسطينيين الأسرى في السجون الإسرائيلية، فقد استطاعوا التغلب على عتمة السجن وظلمته بتحويل سجونهم إلى أكاديميات ومراكز للدراسات والأبحاث. فمن الأسرى من عكف منذ بداية اعتقاله على القراءة والكتابة والتأليف، ومنهم من عكف على حفظ القرآن الكريم، ومنهم من اشتغل بالشعر والأدب وكتابة المقالات الصحفية، ليشكلوا مدرسة ثقافية من نوع خاص. ويواجه هؤلاء النواب الأسرى صعوبات في إخراج إنتاجهم إلى المطابع، لكن عددا منهم تمكن من إيصالها إلى ذويه تمهيدا لإعادة طباعتها ونشرها على شكل كتب أو كتيبات تصلح لأن تكون مراجع في مختلف القضايا. كتابة وتأليف انتهى النائب عن حركة المقاومة الإسلامية (حماس) نزار رمضان من مدينة الخليل، والمعتقل منذ نحو ثلاث سنوات، مؤخرا من تأليف ثلاثة كتب تتناول قضايا فكرية وسياسية هامة، وتمكن من تسريب بعضها إلى ذويه تمهيدا لطباعتها ونشرها في الأراضي الفلسطينية. ويحمل الكتاب الأول عنوان “الشرق الأوسط الإسلامي الجديد” يناقش فيه رمضان (47 عاما) مشاريع الشرق الأوسط الجيوسياسية والتطورات السياسية التي طرأت عليه، وبروز شرق أوسط إسلامي جديد مفعم بتنامي الصحوة الإسلامية وتيار الممانعة والمقاومة مما يعني نتيجة عكسية لمشاريع الشرق الأوسط الجديد والكبير الذي روجت له الولايات المتحدة وإسرائيل. ويحمل الكتاب الثاني عنوان “الهدنة في الفقه السياسي الإسلامي” وهو عبارة عن دراسة علمية مقارنة تتناول مفهوم الهدنة وشروطها ومن يبرمها ومدتها، إضافة إلى مشروع الهدنة في الفكر السياسي لحماس. أما الكتاب الثالث فهو عبارة عن دراسة علمية فكرية موثقة بعنوان “التعددية السياسية والفكرية في الإسلام” يستعرض فيه المؤلف شواهد إسلامية وتاريخية على ممارسة التعددية في العصور الإسلامية وأهميتها في التعامل مع الآخر مرورا بمواقف الحركات الإسلامية المعاصرة. رسالة ماجستير وتقول أم منتصر زوجة النائب رمضان إن الكتب الثلاثة هي امتداد لدراسات أخرى أعدها في اعتقالات سابقة وأثناء الإبعاد، حيث تمكن خلال اعتقاله بين عامي 2002 و2003 من إنجاز رسالة الماجستير بعنوان “الخطاب الإسلامي المعاصر في فلسطين.. دراسة في ضوء حركة حماس”. وأضافت للجزيرة نت أنه تمكن أثناء إبعاده إلى مرج الزهور عام 1993 من تأليف كتاب “على مشارف الوطن” حيث نشر آنذاك في بيروت والقدس، وكتاب “النظام العالمي الجديد.. بداية أم نهاية؟” وطبع في بيروت أيضا. ولا يشكل النائب رمضان حالة منعزلة، فهو ليس الوحيد الذي حول السجن إلى خلوة للكتابة والتأليف، فهناك الدكتور عزيز الدويك رئيس المجلس التشريعي المعتقل منذ نحو عامين الذي أتم قبل أسابيع حفظ القرآن الكريم، بينما تمكن النائب والوزير السابق نايف الرجوب من كتابة عدة دواوين في الشعر. محطات للعلم من جهته يؤكد النائب حامد البيتاوي الذي أطلق سراحه قبل أيام بعد اعتقال دام نحو عام أن الأسرى تمكنوا من تحويل سجونهم من قبور كما أرادها الاحتلال الإسرائيلي إلى محطات للعلم والتثقيف. وأضاف للجزيرة نت أن السجون أصبحت محطات للتثقيف من خلال دورات حفظ القرآن الكريم والتجويد والفقه والتفسير وغيرها، إضافة إلى المحاضرات العامة التي يلقيها الأسرى كل في مجال تخصصه، حيث كان الدويك مثلا يلقي محاضرات في جغرافية فلسطين وتاريخها. وكشف البيتاوي عن تمكنه من إنجاز عدة مؤلفات أبرزها “ذكريات سجين” و”مواصفات اليهود في القرآن الكريم” و”حتمية زوال دولة إسرائيل” وكتاب آخر عن المنافقين ومواضيع أخرى، أعرب عن أمله في أن تجد طريقها قريبا إلى النشر. (المصدر: موقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 18 أفريل 2008)

 

Home – Accueil الرئيسية

Lire aussi ces articles

10 juin 2006

Home – Accueil – الرئيسية TUNISNEWS   7 ème année, N° 2210 du 10.06.2006  archives : www.tunisnews.net Moncef Marzouki: Hommes de

En savoir plus +

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.