أنقذوا حياة السجين السياسي المهندس رضا البوكادي أطلقوا سراح القلم الحر سليم بوخذير حــرية و إنـصاف منظمة حقوقية مستقلة 33 نهج المختار عطية 1001 تونس الهاتف / الفاكس : 71.340.860 البريد الإلكتروني :liberte_equite@yahoo.fr تونس في 18/04/2008
إحياء يوم السجين السياسي
احتفل اليوم الجمعة 18 أفريل 2008 المناضلون و النشطاء الحقوقيون و عائلات المساجين السياسيين و مساجين الرأي مع أعضاء هيئة 18 أكتوبر للحقوق و الحريات و بمساندة الحزب الديمقراطي التقدمي و التكتل الديمقراطي للعمل و الحريات بيوم السجين السياسي في تونس و ذلك بمقر الحزب الديمقراطي التقدمي و قد منع البوليس السياسي حضور عدد من المدعوين هذه التظاهرة. و قد تناول الكلمة ممثلون عن هيئة 18 أكتوبر للحقوق و الحريات و منظمة حرية و إنصاف و الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان و الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين و بعض عائلات مساجين الرأي الذين بينوا عمق المأساة التي يعيشها المساجين السياسيون و طالبوا بإطلاق سراحهم و سن عفو تشريعي عام كما عبروا عن تضامنهم و مساندتهم لكل المساجين السياسيين و مساجين الرأي و عائلاتهم. عن المكتب التنفيذي للمنظمة الأستاذ محمد النوري
أنقذوا حياة السجين السياسي المهندس رضا البوكادي أطلقوا سراح القلم الحر سليم بوخذير حــرية و إنـصاف منظمة حقوقية مستقلة 33 نهج المختار عطية 1001 تونس الهاتف / الفاكس : 71.340.860 البريد الإلكتروني :liberte_equite@yahoo.fr تونس في 17/04/2008
معاناة سليم بوخذير تتواصل
ما يزال الصحفي سليم بوخذير يعاني من إقامته بالسجن الانفرادي بمدينة صفاقس في غرفة مظلمة محروما من الماء و من الهواء النقي صحبة اثنين من مساجين الحق العام يقع تغييرهما و استبدالهما بغيرهما من حين لآخـر و إن كانت إدارة السجن قد مكنته من تلفاز فإنه بقي محروما من حقه في الاغتسال بصورة منتظمة و قد نتج عن ذلك إصابته بمرض الجرب الذي لم يتمكن من القضاء عليه بالدواء الموصوف له من مستوصف السجن نظرا لقلة النظافة. و حرية و إنصاف: 1/ تطالب بإطلاق سراح سجين الرأي سليم بوخذير و بتمكينه من جميع الحقوق التي يضمنها له قانون السجون بما فيها العلاج و النظافة و الهواء النقي. عن المكتب التنفيذي للمنظمة الأستاذ محمد النوري
أنقذوا حياة السجين السياسي المهندس رضا البوكادي أطلقوا سراح القلم الحر سليم بوخذير حــرية و إنـصاف منظمة حقوقية مستقلة 33 نهج المختار عطية 1001 تونس الهاتف / الفاكس : 71.340.860 البريد الإلكتروني :liberte_equite@yahoo.fr تونس في 17/04/2008
كمال الحوكي يتعرض للمضايقة الأمنية
تم استدعاء السجين السياسي السابق السيد كمال الحوكي للحضور لدى منطقة الأمن بالعمران على الساعة منتصف النهار و النصف من بعد ظهر اليوم الخميس 17 أفريل 2008 و قد توجه أعوان الأمن إلى مقر عمل السجين السياسي السابق لتبليغ الاستدعاء إليه و قد اعتبر السجين السياسي السابق أن هذا الاستدعاء الشفاهي يدخل في إطار الضغوطات المسلطة عليه لغرض التضييق عليه في عمله و قطع مورد رزقه إذ سبق للبوليس السياسي أن وجه له عدة استدعاءات شفوية بدون موجب و من أجل ذلك لم يستجب هذه المرة السيد كمال الحوكي لهذه الدعوة مؤكدا بأن على مركز الأمن توجيه استدعاءات كتابية يتم فيها السبب الداعي للاستدعاء و التاريخ. و حرية و إنصاف تطالب بالكف عن مثل هذه الممارسات ضد المساجين السياسيين السابقين الذين قضوا بمختلف السجون التونسية عدة سنوات من القهر و الحرمان علما بأن السيد كمال الحوكي قضى أربعة عشر عاما بالسجن نتيجة لانتمائه السياسي. عن المكتب التنفيذي للمنظمة الأستاذ محمد النوري
أنقذوا حياة السجين السياسي المهندس رضا البوكادي أطلقوا سراح القلم الحر سليم بوخذير حــرية و إنـصاف منظمة حقوقية مستقلة 33 نهج المختار عطية 1001 تونس الهاتف / الفاكس : 71.340.860 البريد الإلكتروني :liberte_equite@yahoo.fr تونس في 17/04/2008
نعيمة حسني تتعرض للاعتداء بالعنف الشديد:
تعرضت اليوم الخميس 17 أفريل 2008 نعيمة حسني طالبة و عضو بالحزب الديمقراطي التقدمي إلى الاعتداء بالعنف الشديد من قبل البوليس السياسي عندما كانت بصدد توزيع جريدة الموقف أمام مقهى L’univers بتونس العاصمة و قد حصل الاعتداء المذكور لغرض إلزامها بالتخلي عن أعداد الجريدة التي كانت بحوزتها و التي تم افتكاكها منها. و حرية و إنصاف 1/ تدين هذا الاعتداء الصارخ الذي تعرضت له المناضلة نعيمة حسني التي تنتمي إلى حزب سياسي معترف به كانت تمارس عملا نضاليا حزبيا خاصة و أن إدارة الحزب اضطرت لتوزيع جرائدها بوسائلها الخاصة بعد التضييقات المسلطة مؤخرا على بائعي الجرائد. 2/ تطالب بتمكين أحزاب المعارضة من توزيع صحفها بصورة عادية. عن المكتب التنفيذي للمنظمة الأستاذ محمد النوري
” أطلقوا سراح جميع المساجين السياسيين ” “الحرية للصحفي المنفي في وطنه عبدالله الزواري” الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين 43 نهج الجزيرة تونس e-mail: aispptunisie@yahoo.fr تونس في 18 أفريل 2008
كشف الحساب..لقضاء ..” يكافح الإرهاب “: أحكام بالسجن من عامين إلى 4 سنوات .. و 19 شابـّا يمثلون أمام القضاء بتهمة ..الإرهالب ..!
* أصدرت الدائرة الجنائية الثانية بالمحكمة الإبتدائية بتونس برئاسة القاضي عبد الرزاق بن منا مساء أمس الخميس 17 أفريل 2008 حكمها في : – القضية عدد 14935 وقضت بسجن : وليد الرجيلي ( موقوف ) ، مدة 3 سنوات و كل من إبراهيم قايد و نبيل الأطرش و عبد الناصر الرحماني ( بحالة سراح ) عامين مع تأجيل التنفيذ و الإخضاع للمراقبة الإدارية مدة 5 سنوات . * كما أصدرت الدائرة الجنائية 12 بمحكمة الإستئناف بتونس برئاسة القاضي رضا الدرويش مساء أمس الخميس 17 أفريل 2008 أحكاما بالسجن في : * القضية عدد 10786 و ذلك على النحو التالي : محمد بن أحمد : 4 أعوام سجنا ، عبد الوهاب العياري : 3 ألأعوام سجنا ، و يوسف المحمودي : إقرار الحكم الإبتدائي ( عامان سجنا ) مع حذف العقوبة التكميلية ( المراقبة الإدارية ) . * و نظرت الدائرة الجنائية 27 بمحكمة الإستئناف بتونس برئاسة القاضي المنوبي حميدان اليوم الجمعة 18 أفريل 2008 في : – القضية عدد 11042 التي يحال فيها كل من : خالد العيوني و خالد الغنودي و محمد علي الطالبي و المنجي المنصوري و شاكر الجندوبي ومكرم الدخلاوي و منير العشي و محمد رباح و صابر قسيلة بموجب قانون 10 ديسمبر 2003 ” لمكافحة الإرهاب ” ، و تضمنت لائحة الإتهام تهم الإنضمام داخل تراب الجمهورية إلى تنظيم إرهابي اتخذ من الإرهاب وسيلة لتحقيق أغراضه و تلقي تدريبات عسكرية بالبلاد التونسية و خارجها بقصد ارتكاب جرائم إرهابية داخل تراب الجمهورية و استعمال تراب الجمهورية لانتداب و تدريب مجموعة من الأشخاص بقصد ارتكاب عمل إرهابي داخل تراب الجمهورية و توفير أسلحة و متفجرات و ذخيرة و غيرها من المواد و المعدات و التجهيزات المماثلة لفائدة تنظيم له علاقة بالجرائم الإرهابية ووضع خبرات على ذمة تنظيم له علاقة بالجرائم الإرهابية ، و قد حضر للدفاع عنهم الأساتذة عبد الفتاح مورو و أنور أولاد علي و أنور القوصري و راضية النصراوي و سمير بن عمر و سمير ديلو. و قد قرر القاضي تأجيل النظر في القضية لجلسة يوم 22 أفريل 2008 ، علما بأن الأحكام الإبتدائية تراوحت بين عامين و 10 سنوات سجنا . – و القضية عدد 10959 التي يحال فيها كل من : محمد العذاري و محمد رحيم و محمد هيكل الصحراوي و أيمن المزالي و رشدي تركمان و زهير المرزوقي و عاطف الطرابلسي و طارق الورفلي ( بحالة إيقاف ) و مراد الغماري و أحمد بالطيب ( بحالة فرار ) بموجب قانون 10 ديسمبر 2003 ” لمكافحة الإرهاب ” ، ، و حضر للدفاع عنهم الأستاذان عبد الفتاح مورو بن عمر، و قد قرر القاضي النظر إثر الجلسة في مطالب الإفراج و تحديد موعد الجلسة المقبلة .، علما بأن المتهمين قد حوكموا ابتدائيا بـ 5 سنوات سجنا . عن لجنة متابعة المحاكمات الكاتب العام للجمعية الأستاذ سمير ديلو
“ أطلقوا سراح جميع المساجين السياسيين “ “الحرية للصحفي المنفي في وطنه عبدالله الزواري“ الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين 43 نهج الجزيرة تونس e-mail: aispptunisie@yahoo.fr تونس في 18 أفريل 2008
استنفار لعشرات أعوان .. البوليس السياسي .. لمنع إحياء يوم .. السجين السياسي ..!
شهدت العاصمة طيلة اليوم الجمعة 18 أفريل 2008 استنفارا أمنيا كبيرا لمنع فعاليات يوم السجين السياسي حيث قام العشرات من الأعوان بالزي المدني بمنع عدد من المحامين من الوصول إلى مبنى الإدارة العامة للسجون و الإصلاح لتقديم مطالب مقابلة مجموعة من المساجين السياسيين ( من بينهم الصادق شورو و نجيب اللواتي و عبد الباسط الصليعي و فتحي العلج و بواراوي مخلوف و الهادي الغالي و لطفي الداسي و رضا البوكادي و منير غيث و سليم بوخذير ) و قد عمد أعوان البوليس السياسي ، من بينه عدد من الضباط بمحاصرة سيارة الأستاذ محمد عبو و منعه و مرافقيه ( الأساتذة عبد الرؤوف العيادي و العياشي الهمامي و سمير ديلو و خالد الكريشي ) من مغادرتها ، و كانوا قبل ذلك قد اعتدوا بالسب و الشتم على الأستاذة راضية النصراوي و منعوها من الإقتراب من مبنى الإدارة العامة للسجون .. و الإصلاح . و قد احتضن مقر الحزب الديمقراطي التقدمي تظاهرة للمطالبة بإطلاق سراح المساجين السياسيين، الذين يرزح بعضهم تحت القيود في الزنزانات المظلمة منذ قرابة العقدين ، و منعت جحافل البوليس السياسي عديد النشطاء من المشاركة في التظاهرة ( لطفي الحجي ، حمة الهمامي ، علي العريض ، العياشي الهمامي ، سمير ديلو ، زياد الدولاتلي ..) ، و بعد الكلمة الإفتتاحية للسيد المنجي اللوز تتالت المداخلات من ممثلي الجمعيات و المنظمات فقدم السيد زهير مخلوف باسم جمعية حرية و إنصاف عرضا حول من قضوا نحبهم من ضحايا التعذيب و ضحايا الإهمال داخل السجن و خارجه كما عرض ممثل الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين و عضو هيئتها المديرة السيد لطفي العمدوني عرضا حول محاكمات ما يسمى بـ ” مكافحة الإرهاب ” و حول أوضاع المسرّحين و تفاقم الإنتهاكات المرتبطة بالتطبيق التعسفي للمراقبة الإدارية بما .. يرسخ ” العقوبة الأبدية ” و يجعل السراح مجرد انتقال إلى سجن أرحب .. ، ثم تدخلت السيدة أم خالد باسم لجنة عائلات المساجين مؤكدة على دور التضامن و توحيد الجهود لمواجهة المحاكمات الظالمة و الإنتهاكات المستمرة و سياسة العقوبات الجماعية التي تطال العائلات و الأقارب ، و أكد الأستاذ أنور القوصري نائب رئيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان على أهمية مطلب العفو التشريعي العام و اعتبره مدخلا ضروريا لتطبيع الوضع الحقوقي و السياسي في البلاد و رفع مظالم طالت أجيالا من المناضلين و النشطاء من مختلف الحساسيات الفكرية و التيارات السياسية . عن الجمعيـــــة الرئيس الأستاذة سعيدة العكرمي
سلسلة “الحل بين يديك” للشيخ عبد الرحمان خليف رحمه الله أصبحت متاحة على الإنترنت
تم على بركة الله تنزيل ثلاث حلقات من سلسلة “الحل بين يديك” التلفزيونية التي بثت في قناة “اقرأ” الفضائية وفي التلفزيون التونسي خلال الثمانينات والتسعينات حول “شمائل الرسول صلى الله وسلم للشيخ عبد الرحمن خليف – رحمه الله تعالى وبرّد ثراه – في الموقع المخصص له على شبكة الإنترنت: لمشاهدة الحلقات الثلاث اضغط على الروابط التالية: http://www.cheikhelif.net/site/emissions/E01.mpg http://www.cheikhelif.net/site/emissions/E02.mpg http://www.cheikhelif.net/site/emissions/E03.mpg (المصدر: الموقع الرسمي للشيخ عبد الرحمان خليف رحمه الله، تصفح بتاريخ 18 أفريل 2008) الرابط: http://www.cheikhelif.net/site/site.php?rub=22&th=1#ls1
قناة المستقلة تعرض تاريخ الدولة الأغلبية في تونس يومي السبت والأحد
تبث قناة المستقلة في الثامنة بتوقيت غرينيتش، العاشرة بتوقيت تونس، مساء السبت، الحلقة الأولى من تاريخ الدولة الأغلبية في تونس. وفي الثامنة بتوقيت غرينيتش، العاشرة بتوقيت تونس، مساء الأحد، تبث الحلقة الثانية من تاريخ الدولة الأغلبية في تونس. يعرض تاريخ هذه الدولة الكاتب والمؤرخ السوري الدكتور محمود السيد الدغيم.
الحوار مع الدكتور الصادق شعبان يعاد بثه ظهر الأحد
من جهة أخرى تعيد قناة المستقلة بث حوار صريح وشامل أجراه الدكتور محمد الهاشمي الحامدي مع الدكتور الصادق شعبان رئيس المجلس الإقتصادي والإجتماعي في تونس ومنسق حملة الحوار مع الشباب، وذلك في الخامسة بتوقيت غرينيتش، السابعة بتوقيت تونس، مساء الأحد.. وقد تطرق الحوار إلى أهداف حملة الحوار مع الشباب، وإلى التعديلات الدستورية المقترحة على شروط الترشح للإنتخابات الرئاسية والإنتقادات الموجهة لها، خاصة من الحزب الديمقراطي التقدمي، وإلى حرية الإعلام في تونس، وأوضاع المساجين الإسلاميين وقدامى المساجين واللاجئين السياسيين، والمساجد، والحجاب، وحزب العمال الشيوعي، والوضع الإقتصادي في تونس.
اعتداء على حرّيّة الصحافة
بعد سلسلة الحجوزات التي تعرّضت لها جريدة الموقف بأشكال مقنّعة من قبل السلطة، وبعد أن قرّرت إدارة الجريدة وقيادة الحزب الديمقراطي التقدّمي النزول إلى الشارع لبيع الجريدة بيعا نضاليّا احتجاجيّا على هذه الممارسات، وأثناء قيام مناضلي الحزب وقياداته بعمليّة البيع الاحتجاجي في شوارع تونس، تعرّضت مناضلة الحزب وعضو اللجنة المركزيّة نعيمة حسني للاعتداء بالعنف من قبل البوليس. مرّة أخرى تثبت السلطة ضيق أفقها في التعامل مع الصحافة الحرّة والمستقلّة، ولا تجد بين يديها إلا استعمال العضلات المفتولة والعنف الذي يؤدّي بالضرورة إلى إنتاج عنف متسلسل. فهل سيقف كلّ ذي ضمير مكتوفا إزاء مثل هذه الممارسات التي تجاوزت المساس بحرّيّة الصحافة إلى العنف المباشر في الشارع ومنع توزيع الصحف التي تخرج عن القطيع؟ (المصدر: موقع pdpinfo.org بتاريخ 17 أفريل 2008)
وصول إسرائيليين لتونس للاحتفال بعيد الفصح اليهودي
تونس – خدمة قدس برس وصلت مجموعة من الإسرائيليين إلى تونس ظهر أول أمس الأربعاء (16/4) عبر مطار قرطاج الدولي على متن طائرة الخطوط التركية في رحلة قادمة من تركيا. وتكوّنت المجموعة من أكثر من 10 إسرائيليين، بينهم يهودي متديّن. وقال مصدر في مطار قرطاج الدولي إنّ وفدا رسميا تونسيا يعتقد أنّ ضمنه موظفين أمنيين كانوا في انتظار الإسرائيليين على باب الطائرة، وأنّ مسؤولا رفيعا كان ضمن هذا الوفد. كما أفاد المصدر أنّ احتياطات أمنية قد اتخذت في هذا الصدد في المطار وأنّ الوفد لم يشاهد وهو يخرج عبر البوابة الرئيسية للمسافرين وأنّه ربما غادر عبر بوابة أخرى. ومن المرجح أنّ الوفد الإسرائيلي قدم إلى تونس لقضاء عطلة عيد الفصح ومن المتوقع حضور أعداد أخرى من اليهود بهذه المناسبة عبر مطار تونس قرطاج أو مطار جربة (500 كم جنوب العاصمة). وقد ذكرت تقارير صحفية إسرائيلية أنّ حوالي 64 ألف يهودي سيسافرون إلى أنحاء العالم خلال هذه العطلة منهم 50 ألفا سيزرون سيناء. ومن المرجح أن يزور الوفد اليهودي المعبد الموجود وسط العاصمة ثم يتحوّل إلى جزيرة جربة حيث يوجد معظم أعضاء الطائفة اليهودية التونسية الذين لا يتجاوز عددهم ألفين. ويعدّ كنيس “الغريبة” بجزيرة جربة أقدم معبد يهودي خارج القدس، ويشهد سنويا في شهر أيار (مايو) طقوسا دينية تضمّ آلاف اليهود الذين يحجّون إلى الجزيرة من كلّ دول العالم. وقد رفع إجراء تأشيرة الدخول على اليهود الإسرائيليين منذ سنة 2005 بعد لقاء جمع الرئيس التونسي بكبير الحاخامات الفرنسي جوزيف سيتروك. وكانت تونس قد قطعت علاقاتها الدبلوماسية مع إسرائيل عام 2000 وأغلقت مكتبها في تل أبيب، تنفيذا لقرارات القمة العربية في القاهرة. وكان انفجار مدبّر بواسطة شاحنة محمّلة بالغاز قد هز الكنيس اليهودي في 11 نيسان (أبريل) 2002 نفّذه تونسي يقيم بفرنسا قضى في الحادث، وأسفر عن مقتل مجموعة من السيّاح الألمان، وتبنّى تنظيم القاعدة في تسجيل مصوّر لأيمن الظواهري عملية التفجير. وسيكون الحج السنوي إلى معبد الغريبة هذا العام يومي 22 و23 أيار (مايو). وتتم هذه المناسبة في ظل تشديدات أمنية صارمة، من المنتظر أن تتضاعف، خاصة بعد حادثة اختطاف سائحين نمساويين في الصحراء التونسية في نهاية فبراير (شباط) الماضي. (المصدر: وكالة قدس برس إنترناشيونال (بريطانيا) بتاريخ 18 أفريل 2008)
تونس تصف رعاياها الفارين الي الجزائر بالمهربين والخارجين عن القانون
الجزائر ـ يو بي أي: وصفت سفارة تونس في الجزائر التونسيين، الذين فروا الي الأراضي الجزائرية عبر الحدود بحجة الجوع والفقر والقهر، بالمهربين والخارجين عن القانون. وقالت السفارة في بيان نشر امس الخميس أن العائلات التونسية التي اخترقت قبل ايام الحدود الجزائرية واستقرت بها في خيم لا تعدو كون أفرادها من المهربين والخارجين عن القانون . وأبدت السفارة استياءها لما نشرته صحيفة الخبر الجزائرية الأربعاء من معلومات حول القضية، معتبرة إياها بالمغلوطة حول الأوضاع الاجتماعية لسكان احدي المناطق التونسية علي الشريط الحدودي . وقالت ان الأشخاص الذين اخترقوا الحدود ليسوا سوي عدد من المهربين والخارجين عن القانون وممن تم تضييق الخناق عليهم من قبل قوات الحدود التونسية والجزائرية، ومنعهم من المتاجرة بالسلع المهربة وإلحاق المزيد من الأضرار باقتصاد البلدين . واعتبرت السفارة بأن تونس حرصت علي القضاء علي كل مظاهر الفقر والعوز منذ فجر الاستقلال ، مشيرة الي نسبة النمو المحققة في تونس قاربت %5.5 سنويا. وقال بيان السفارة ان تونس تعتمد علي تنفيذ مختلف البرامج والمشاريع التنموية ، نافية أن يكون الأمن التونسي قد منع بعض الأشخاص من مغادرة التراب التونسي . كما نفت وجود أمراض وتدن للأوضاع المعيشية، وشددت علي أن النهضة الشاملة في تونس انتفعت بها كل الجهات والشرائح . من ناحية أخري، لا تزال العائلات التونسية متمركز بمنطقة عائشة أم شويشة بقرية عقلة أحمد، علي الحدود مع تونس، حيث يقدر عدد أفرادها نحو 130 شخصا يقيمون بصفة غير شرعية بالتراب الجزائري منذ ثلاثة أيام. وقالت صحيفة الخبر أن الأجهزة الأمنية الجزائرية تراقب الأوضاع عن كثب، وحرصت علي عدم تعرض المواطنين التونسيين لأي مكروه، كما أخضعت النازحين لفحوصات طبية، وطلبت من العائلات عدم تقدمهم في التراب الجزائري أكثر من الوضعية الحالية. وقالت أن شاحنات وحافلات نقلت أكثر من 200 عنصر لقوات الأمن التونسية اصطفت عند الحدود الجزائرية من دون أن تتخذ أي إجراء تجاه النازحين رغبة منها بأن تقوم السلطات الجزائرية بطردهم، فيما قام السكان المحليون بتزويد تلك العائلات بالمواد الغذائية والأدوية وحليب الأطفال. (المصدر: صحيفة “القدس العربي” (يومية – لندن) الصادرة يوم 18 أفريل 2008)
في ذكرى تأسيس
الإتحاد العام التونسي للطلبة
الإهداء :
إلى الإخوة الأفاضل عبد الكريم الهاروني , عبد اللطيف المكي و نجم الدين الحمروني الأمناء العامون للإتحاد العام التونسي للطلبة .
إلى كل الإخوة الذين ساهموا في تأسيس هذه المنظمة النقابية عبر تاريخ الإتجاه الإسلامي بالجامعة التونسية .
إلى كل من ساهم في تثبيت هذا الصرح النقابي من طلبة إسلاميين و مستقلين و بعض اليساريين .
إلى الأخ عبد اللطيف الفخفاخ و الأخت نجوى الحرشاني إسماعيل عضوي المكتب التنفيذي الأخير للإتحاد :
أهدي هذا المحاولة في توثيق مرحلة مهمة من تاريخ الحركة الطلابية التونسية و هي ليست محاولة توثيقية بالمعنى العلمي و لكن حسب صاحبها إلقاء بعض الضوء على هذه المرحلة نبراسا و تواصلا مع جيل جديد من الطلبة قطعت عنه عوامل التواصل مع الجذور .
شهدت الجامعة التونسية خلال عقد الثمانينات تأسيس المنظمة الطلابية الإتحاد العام التونسي للطلبة ( إ ع ت ط ) , و الذي كان نتيجة طبيعية لحالة الفراغ النقابي الذي كانت تعيشه الجامعة خاصة في ظل غياب حقيقي للهيكل النقابي الإتحاد العام لطلبة تونس ( إع ط ت) بسبب الصراعات التي كانت تشقه , مما أفقد الطلبة مؤسسة نقابية حقيقية تعمل على الدفاع عن حقوقهم و تلبي لهم حاجياتهم المعرفية و العلمية و الثقافية . فما هي العوامل و الظروف التي ساهمت في تأسيس هذه المنظمة الطلابية ؟
للإجابة عن هذا السؤال لابد من إلقاء نظرة تاريخية على نشأة و تطور الحركة الطلابية التونسية خلال القرن الماضي , و التي تعتبر كل مرحلة مقدمة للمرحلة التي تليها و سبب مباشر في ميلاد المنظمات النقابية التي برزت في تاريخ الجامعة .
مع دخول المستعمر الفرنسي إلى تونس بمقتضى معاهدة باردو 12 / 05 / 1881 المبرمة بين الباي و حكومة فرنسا و المؤسسة لنظام الحماية , إستنهض علماء جامع الزيتونة طلبة الجامع للدفاع عن الأراضي التونسية و مقاومة المستعمر, فنشطت منذ تلك الفترة محاولات الطلبة التونسيين للإصلاح و النضال , وكانت بداية التنظم الطلابي تأسيس جمعية تلامذة جامع الزيتونة لتكون حلقة الوصل بين سلطة الحماية و الطلبة الزيتونيين و لكن هذه المحاولة فشلت بسبب معارضة الحكومة لها , فنظم طلبة الجامع إجتماعا عاما يوم 11 مارس 1910 مطالبين بعقد لجنة الإصلاح التي تنظر في تنقيح مناهج التعليم و التي بادرت الحكومة بتشكيلها , إلا أن عدم إستجابة الحكومة لهذا الطلب لما يتضمنه من خشية هذه الأخيرة لكل محاولات الإصلاح التي يكون للإسلام فيها أي دور , بادر الطلبة إلى تدشين أول إضراب عن الدروس بداية من يوم السبت 18 / 04 / 1910 و الذي إمتد حتى 28 / 04 / 1910 إنتهى بإستجابة الحكومة لمطالب الطلبة الزيتونيين , كما كان للطلبة دورا هام في الكفاح الوطني خلال كل المراحل التي مر بها . كما شهدت سنة 1950 أبرزمحاولات التنظم الطلابي , فلقد تداعى الطلبة الزيتونيين إلى تأسيس البرلمان الزيتوني و الذي كانت مهمته تتمثل في إفراز لجنة مركزية تعمل على الدفاع عن مصالحهم فظهرت للوجود لجنة صوت الطالب الزيتوني و التي صاغت في أول إجتماع لها يوم 10 أفريل 1950 مطالبها الـ 16 التي تتمحور أساسا حول إيجاد * جامعة زيتونية * ( التعريب , معادلة شهائد جامع الزيتونة مع نظيرتها من الكليات الأخرى , فتح الأبواب لإستكمال الدراسات في الشرق و الغرب لطلبة الجامع , توفير المختبرات العلمية … ) ومع ولادة “صوت الطالب الزيتوني” انتقلت الجامعة الزيتونية إلى مرحلة جديدة من الحركية والنضال فتوحدت الصفوف واستنهضت الهمم وكان من أبرز التحركات التي نظمها الطلبة الزيتونيون الإعلان عن إضراب الجوع – هو الأول من نوعه في إفريقيا و أروبا – الذي قاموا به بالجامع الأعظم بتونس وفي كل المعاهد التابعة بكل أنحاء البلاد مما دعى الحكومة إلى القيام بمناورة تمثلت في إشتراط الرجوع للمفاوضات المباشرة بتعليق الإضراب عن الطعام فكان لها ذلك , يأتي ذلك في الوقت الذي شهدت فيه العلاقة بين لجنة صوت الطالب الزيتوني و قيادة الحزب الحرالدستوري الجديد توترا كبيرا بإتهام قيادةُ الحزبِ اللجنةَ بإفشال المفاوضات بينه و بين فرنسا بسبب هذه التحركات , مما دعى اللجنة إلى تنظيم مؤتمرا صحفيا يوم 19 جانفي 1951 بينت فيها كيف أن الدستور الجديد لا يأبه بالبعد الثقافي للقضية الوطنية و لطالما حاول تدمير الحركة الطلابية بسبب ذلك , كما وصلت الإتهامات حد إتهام وزير العدل أنذاك صالح بن يوسف الأمين العام للحزب الدستوري الجديد اللجنة بالعنف و التخريب .
كان للتناقض الواضح بين الطرحين : الزيتوني و الحزبي و لخشية التيارات اليسارية الناشئة حديثا في تونس من عودة الإسلام للحياة العامة من خلال لجنة صوت الطالب الزيتوني الدور الأهم في تأسيس الإتحاد العام لطلبة تونس , فلقد تنادى الطلبة التونسيين الذين يزاولون دراساتهم الجامعية في المشرق و المغرب إلى تأسيس نقابة طلابية تقطع مع الزيتونيين و عودة الإسلام للحياة العامة نتيجة إرتباط هذه الجهات إما بالغرب و تأثره بها ( قيادة الحزب الدستوري الجديد و مثقفيه ) إو إرتباطها بالمعسكر الشرقي ( اليسار) إو إرتباطها بالأنظمة القومية الناشئة في العالم العربي ( قومي و بعثي ) , لقد إلتقى هؤلاء جميع رغم التناقض الواضح في المنطلقات و الأهداف ضد التيار الإسلامي الذي كان أحد المكونات الأساسية للحركة الوطنية فكان تأسيس الإتحاد في فرنسا سنة 1952 . شهد الإتحاد العام لطلبة تونس بخلفيته الفكرية و مرجعيته السياسية نشاطا سياسيا في دعم قضية التحرر الوطني إلى أن نالت تونس إستقلالها الداخلي 1955 ثم الإستقلال النهائي سنة 1956 لتتفجر بعدها الصراعات السياسية و الفكرية بين زعماء الحركة الوطنية قيادة الحزب و الدولة من جهة و بين الفصائل الأخرى فكان الصراع الذي عرف في التاريخ الوطني بصراع الديوان السياسي مع الأمانة العامة ( الحبيب بورقيبة العلماني الغربي و بين صالح بن يوسف ذو المرجعية القومية ) إنتهت بعزل تيار كامل كان ممن قاد الحركة الوطنية و بأول عملية إغتيال سياسي نفذهاأعوان بورقيبة قتل على إثرها صالح بن يوسف في ألمانيا .
كما سعى بورقيبة إلى تدجين نقابة الطلبة و المنظمات الجماهيرية الأخرى – كإتحاد الشغل – و وضعها تحت وصايته و وصاية الحزب الحاكم خاصة بعد قرارات مؤتمر * المصير*للحزب الإشتراكي الدستوري ببنزرت سنة 1964 الذي كانت من أهم قراراته الاشراف على المنظمات الوطنية و جعلها خلايا حزبية ، و لكن و مع إشتداد عود اليسار , و بعد أن تم حل الحزب الشيوعي التونسي سنة 1962 بعد محاولة إنقلاب لزهر الشرايطي كان التباعد بين الطلبة الدساترة و اليساريين في توتر متصاعد بلغ ذروته يومي 14 و 15 ديسمبر 1966 حين تحولت شوارع تونس العاصمة لساحة حرب حقيقية بين هؤلاء إنتهت بإعتقال العديد من طلبة اليسار و إجبارهم على قضاء الخدمة الوطنية , كما عملت السلطة على إحالة بعض مناضلي إتحاد طلبة تونس على محكمة أمن الدولة و ذلك سنة 1968, ومن هذا المنطلق بدأت ومنذ أواخر الستينات عمليات التعبئة الطلابية ضد السلطة و طلبتها في الجامعة بسبب إستقوائهم بجهاز الدولة الحديثة في قمع أي صوت معارض لبورقيبة و توجهاته الفكرية حتى كان مؤتمر قربة أوت 1971 للإتحاد العام لطلبة تونس الذي يعتبر المفصل الأساسي في تاريخ الحركة الطلابية خلال عقد السبعينات من القرن الماضي و الذي كان كذلك أحد الأسباب الرئيسية لتأسيس الإتحاد العام التونسي للطلبة لاحقا . إنعقد المؤتمر الثامن عشر للإتحاد و الذي كان يضم في قيادته الدساترة و اليسار في مدينة قربة و في عملية * ديمقراطية * إستطاع اليسار و القوميون و الدساترة الغاضبين ( جناح أحمد المستيري ) تبني لوائح تدعو إلى إستقلال الإتحاد عن الحزب الحاكم وإستطاعوا بذلك السيطرة على قيادة الإتحاد و عزل الدساترة منه , لم يكن هذا الإجراء ليعجب الرئيس بورقيبة الذي تدخل بالإنقلاب على نتائج المؤتمر فعزل القيادة المنتخبة و عين قيادة طلابية موالية له, منذ اللحظات الأولى لهذا الحدث تكونت لجنة إعلام تولت التفسير و التعبئة و تحولت إلى لجنة تحضيرية للمؤتمر الثامن عشر الخارق للعادة و الذي شرع في أشغاله يوم 02 / فيفيري 1972 بكلية الحقوق بالمركب الجامعي بتونس تنادى على إثرها طلبة الإتحاد إلى إجتماع عام عقد يوم 05 فيفري 1972 إعتبروا فيه أن المؤتمرالثامن عشر لم ينهي أشغاله و هو في طور الإنعقاد فما كان من السلطة إلا أن ردت بالعنف المبالغ فيه على هذا التحرك و أضافت حلقة جديدة من حلقات الإستبداد و القهر للأطراف السياسية التي كانت في يوم من الأيام أحد مكوناتها و مسانديها* حركة فيفري 1972* . و أمام عجز التيارات المكونة للإتحاد عن عقد المؤتمر الخارق العادة تكونت في جانفي 1973ما عرف في تاريخ الحركة الطلابية بالهياكل النقابية المؤقتة و التي تبنت مجموعة من الشعارات كان أعنفها من أجل القطيعة السياسية و التنظيمية مع السلطة الذي حرم الطلبة الدساترة من أي نشاط لهم و خلال سنوات عديدة .
في خضم هذه الأحداث بدأت الجامعة تشهد ميلاد تيار جديد ظن الجميع أنه قد ولى أمره و إنتهى إلى الأبد , فعلى غرار ما تشهده البلاد من ظهور و عودة التيار الإسلامي كانت الجامعة مسرحا من مسارح التدافع بين التيار الوليد و قوى اليسار الذي إنتبهت قبل غيرها – السلطة – إلى خطورة الوافد الجديد فكان منع الإسلاميين من النشاط و الحرمان من التواصل مع الطلبة سواء من خلال الإجتماعات العامة أو من خلال ندوات النقاش و كانت المناكفات و الإعتداءات بالعنف على رموزه التي كانت أبرز بداياتها سنة 1974 . إصرار الإسلاميين على التواجد و التواصل مع الطلبة قابلته الهياكل النقابية المؤقتة بتصعيد العنف ضدهم و بمحاولة إقصائهم عن أي من المنابر الإعلامية المتاحة داخل الجامعة , حتى كانت بداية نهاية فترة الإستضعاف و بداية حضور التيار الإسلامي على الساحة الجامعية .
يوم الخميس 22 ديسمبر 1977 و أثتاء حملة إنتخابات ممثلي الطلبة لمجلس الكلية الحقوق و على مسرح المدرج * أ * بكلية الحقوق , حاول الطلبة الإسلاميون تقديم برنامجهم الإنتخابي و لكن اليسار سعى إلى منعهم و مع إصرارهم قام بتعنيفهم و إنهال عليهم بالحجارة و الكراسي و القضبان الحديدية , وأمام معركة غير متكافئة إنسحب الإسلاميون من المدرج بعدما إصيبوا إصابات بالغة , و أمام ما حدث إتخذ الإسلاميون قرار تاريخيا بفرض الحرية في الجامعة و خلال أيام قليلة تنادى الطلبة الإسلاميون إلى إجتماع عام بكلية العلوم بتونس هو الأول الذي ينظمونه في الحياة الطلابية وكان ذلك يوم الإثنين 26 ديسمبر 1977 حضره حوالي 500 طالب وقع تجميعهم من مختلف الأجزاء الجامعية و شهد نهاية مؤسفة حيث لاحقتهم الهياكل النقابية المؤقتة و دارت معركة حقيقية بينهم إنسحب على إثرها الإسلاميون نتيجة عدم تكافئ الجهتين عددا و عدة . كان لهذا الحدث ما بعده حيث رفع الأسلاميون و من يومها شعارهم الذي لايزال يتردد إلى حد الأن : نطالب بالحرية في الجامعية كما نطالب بها في البلاد . تزايدت على إثر هذا التحرك نشاطات الإسلاميين و نظموا أول تجمع عام لهم في الجامعة التونسية فيفري 1979 بمناسبة إنتصار الثورة الإيرانية كما شهدت الحياة الجامعية عودة قوية و متميزة للنشاط الطلابي تمكنت من خلالها بعض التيارات اليسارية من تقديم نفسها للجمهور الطلابي (ماوية ، تروتسكية …) و قومية عربية ( ناصرية، بعثية …) وإسلامية كما عمل طلبة الإتجاه على تنظيم أول مسيرة في شوارع العاصمة يوم 26 مارس 1979 للتنديد بإتفاقية كامب دافيد و زيارة السادات للقدس . ولئن إعتبرت أحداث 26 / 12 / 1977 بمثابة بداية نهاية فترة الإستضعاف , فإن أحداث منوبة 1982 كانت النهاية الحقيقية للإستضعاف الذي تعرض له أبناء الإتجاه الإسلامي في الجامعة . فلقد إزدادت حدة التوتر بين الهياكل المؤقتة و التيار الإسلامي في كافة التي الأجزاء الجامعية حتى كانت قاصمة الظهر مجزرة منوبة يوم الثلاثاء 30 مارس 1982 حيث قام اليسار بحملة تصفية ضد قادة طلبة الإتجاه الإسلامي و جدّ هذا الحادث أشهر قليلة بعد صدور الأحكام في محاكمة الإتجاه الإسلامي الأولى سبتمبر 1981 و الذي قضت على قيادة لحركة الوليدة حركة الإتجاه الإسلامي( 06 جوان 1881 ) بالسجن و لمدد طويلة . فكان رد الإتجاه الإسلامي على عنف اليسار بمذكرة كانت على غاية من المدنية والتحضر دعت الى إعادة تنظيم الحياة الطلابية على أسس الشراكة والاعتراف المتبادل بحق الآخر في الوجود والنشاط على قاعدة التساوي بصرف النظر عن جماهيرية التنظيم وخلفيته الفكرية وتوجهه السياسي، كما دعت الى استبدال العنف كوسيلة دارجة لحسم الخلافات الفكرية والسياسية بالحوار وتحكيم القاعدة الطلابية. وقد تقدم الاتجاه الاسلامي بالمذكرة في 11 / 11 / 1982 تحت اسم «الميثاق الطلابي» , تلا هذه المذكرة سلسلة من التحركات و النشاطات مكنت الطلبة من التعرف على برامج الإسلاميين و بقية الأطراف التي كانت ممنوعة من النشاط نتيجة تعسف قوى اليسار في الهياكل المؤقتة . على إثر هذه المذكرة تأكدت دعوة طلبة الإتجاه الإسلامي في الجامعة – التي أطلقتها منذ السنة الجامعية 1980 – 1981 بعد قراءة متانية لواقع الحركة الطلابية و خاصة تاريخ و واقع الأتحاد العام لطلبة تونس – إلى تأسيس هيكل نقابي جديد يقطع مع المنظمة الطلابية السابقة بسبب عدم قدرتها على تجاوز خلافات أطرافها الفكرية و السياسية و بالتالي سلبيتها في الدفاع عن حقوق الطلبة . إستفز هذا الطرح الذي يعمل على إستبدال المنظمة السابقة بأخرى بعض قوى اليسار فتقدموا بمبادرة تدعوا إلى عقد مؤتمر للحسم بين الطرحين : إما إنجاز المؤتمر الثامن عشر الخارق للعادة أو تأسيس منظمة طلابية جديدة , و لحرص طلبة الإتجاه الإسلامي على وحدة الحركة الطلابية تبنوا هذا الطرح لما ينطوي عليه من خيار تحكيم القاعدة الطلابية في هذا الأمر الكبير . و خلال ثلاثة أيام تنادى الطلبة إلى ما عرف في تاريخ الحركة الطلابية بالمؤتمر العام للحسم الذي إنعقدت أشغاله أيام 18 19 و 20 أفريل من سنة 1985 بكلية العلوم بتونس , أقر المؤتمرون على إثرها تأسيس منظمة نقابية طلابية جديدة تقطع مع الماضي و تؤسس لحياة جامعية جديدة فكان الإتحاد العام التونسي للطلبة .
كان ميلاد الإتحاد العام التونسي للطلبة بداية عهد جديد لم تألفه الجامعة فنشطت الحياة السياسية بكل ألوان الطيف الفكري و العقائدي , كما نشطت الحياة الثقافية بكل أبعادها و إزدهرت أيما إزدهار من خلال أسبوع الجامعة الذي نظم من طرف الإسلاميين و لأول مرة خلال سنة 1984 , كما تصدى الإتحاد العام إلى كل محاولات سلطة الإشراف لتدجين الحياة الجامعية من خلال طرحه لمشروع إخراج الأمن من الحرم الجامعي كما قاد الكثير من النضالات لمصلحة الجماهير الطلابية . بعد 4 سنوات من العمل – اللاقانوني – و مع محاولة سلطة السابع من نوفمبر الوليدة تخفيف حدة التوتر الإجتماعي و السياسي في البلاد, قامت بالإعتراف القانوني بالمنظمة الطلابية الجديدة كما شهدت هذا السنة -1988 – و بعد ما يزيد عن 16 سنة من التأخير عقد المؤتمر الثامن عشر الخارق للعادة لإتحاد طلبة تونس الذي تمتع أيظا بالإعتراف القانوني . نشطت الحياة الجامعية بشكل لم يسبق له مثيلا في الجامعة التونسية , و لكن بموازة ذلك كان تحدث بعض المناوشات بين سلطة اللإشراف ممثلة في بعض مجالس التأديب في الجامعات و الطلبة الإسلاميين فكان طرد طلبة صفاقس سنة 1989و بعد محاولات عديدة لإرجاع الطلبة لدراستهم و أمام تعنت الإدراة في جامعة صفاقس لم يكن للإتحاد من وسيلة يتبعها إلا تحريك قاعدته الطلابية للضغط على الإدراة فكانت حركة فيفري 1990 التي سادت كافة الأجزاء الجامعية إنتهت بحملة إعتقالات و تجنيد في صفوف الطلبة أعضاء و مناصري الإتحاد العام التونسي للطلبة . و مع تتطور الأحداث تقدم الإتحاد بمشروعه لإصلاح التعليم و إنعقد المؤتمر الوطني الرابع أواخر 1990 تحت شعار من أجل توفير الشروط الوطنية و الجامعية لإصلاح التعليم . لم تسعف الإقدار مناضلي الإتحاد بفرصة من الزمن ليواصلوا برامجهم ونشاطاتهم حتى عاجلهم وزير التربية محمد الشرفي الماركسي و عبد العزيز بن ضياء في 29 مارس 1991 بحل المنظمة النقابية و ملاحقة عناصرها و الزج بهم في السجون على خلفية صراع السلطة مع حركة النهضة بداية 1991 , حيث إنفتح فصل جديد من فصول التدافع بين اليسار و الإسلاميين ليس في أحضان الجامعة و لكن في أقبية وزارة الداخلية و أجهزتها الأمنية المختلفة بعد إختراق اليسار لها و توظيفها للإنتقام ممن كانوا أسودا في الجامعة و على رأسهم المجاهد العجمي الوريمي أو الهيثم كما يحلو لطلبة الإتجاه الإسلامي مناداته به , و الأخ عبد الكريم الهاروني و ثلة من أنجح و أميز الطلبة علما و أخلاقا و مبدئية . و بغياب الإتحاد عن أجواء الجامعة في ظل سعي محموم من السلطة للإستحواذ عليها خسر الطلبة جهازا نقابيا أصيلا و وطنيا يدافع عن حقوقهم و يعمل على توفير مناخات التحصيل العلمي الجيدة و زاد الأمر تعقيدا عودة الإختلافات للتيارات اليسارية و التي لم تستطع لغاية هذه اللحظة من إنجاز مؤتمرها الثالث و العشرين .
مؤتمرات الإتحاد :
المؤتمر التأسيسي – المؤتمر العام للحسم – 18 , 19 و 20 أفريل1985.
المؤتمر الوطني الثاني 16 و 17 ديسمبر 1986.
المؤتمر الوطني الثالث 20 , 21 و 22 جانفي 1989 .
المؤتمر الوطني الرابع 30 / 11 و 1 . 2 / 12 / 1990 .
الأمناء العامون للإتحاد :
المهندس : عبد الكريم الهاروني دورتين متتاليتين 85 – 86 و 86 – 88 .
الدكتور : عبد اللطيف المكي 1988 – 1990 .
الدكتور : نجم الدين الحمروني : 1990 –
زهير تريمش – سويسرا –
في حوار مقتضب مع المهندس
عبد الكريم الهاروني في ذكرى التأسيس*
بطاقة تعريفك لمن لا يعرفك من الجيل الطلابي الجديد :
أنا عبد الكريم الهاروني، مولود في 17 ديسمبر 1960 بالمرسى – تونس متحصّل على شهادة الباكالوريا في العلوم و الرّياضيّات في دورة جوان 1979 بمعهد قرطاج الرّئاسة بملاحظة حسن و متخرّج من المدرسة الوطنيّة للمهندسين بتونس بشهادة مهندس أوّل في الهندسة المدنيّة في جوان 1985 انتخبت كاتبا عامّا لهيئة التّلامذة المهندسين في ربيع 1984 و كنت مشرفا على أوّل دورة للتظاهرة الثّقافيّة :” أسبوع الجامعة ” سنة 1984. في نفس السّنة الجامعيّة الّتي تخرّجت فيها انعقد المؤتمر العام للحسم في 18-19-20 أفريل الّذي قرّر فيه المؤتمرون تأسيس الاتّحاد العام التّونسي للطّلبة، كنت أوّل أمين عامّ لهذه المنظّمة لدورتين متتاليتين : أفريل 1985- ديسمبر 1986 – جانفي 1989. واصلت دراستي العليا بالمرحلة الثّالثة في كلّيّة العلوم بتونس للحصول على شهادة الدّكتوراه.
أعتقلت مرّة أولى في جويلية 1981 في اطار حملة ضدّ حركة الاتّجاه الإسلامي دون أن أحاكم ثمّ في 18 أكتوبر 1986 لمدّة 4 أيّام إثر الأحداث الكبرى الّتي شهدتها الجامعة و خاصّة المركّب الجامعي احتجاجا على اغتيال الطّالب عثمان بن محمود يوم 18 أفريل 1986 ثمّ اعتقلت ثانية يوم 6 نوفمبر 1987 إثر التّحرّكات الّتي قادها الاتّحاد العام التّونسي للطّلبة من أجل إلغاء أمر أوت 1982 المحدّد للتّرسيم في المرحلة الأولى من التّعليم العالي و حوكمت غيابيّا أمام محكمة أمن الدّولة في إطار قضيّة حركة الاتّجاه الإسلامي ب 10 سنوات سجنا مع الأشغال الشّاقّة في سبتمبر 1987 تحوّلت إلى 5 سنوات حظوريّا في نوفمبر 1987 قبل إلغاء محكمة أمن الدّولة في مطلع سنة 1988. قضّيت سنة في السّجن تمّ خلالها إعلان السّلطة عن الإعتراف القانوني بالاتّحاد العام التّونسي للطّلبة و كذلك الاتّحاد العام لطلبة تونس.أيّام 20-21-22 جانفي 1989، ترأست المؤتمر الوطني الثّالث للاتّحاد لأترك المجال لقيادة جديدة للمنظّمة فانتخب الأخ عبد اللّطيف المكّي أمينا عامّا و أصبحت عضوا قاعديّا في الاتّحاد إلى حدود نهاية السّنة الجامعيّة في جوان 1989 لأغادر الجامعة بعد 10 سنوات دون أن أتمكّن من اتمام الدّراسة للحصول على شهادة الدّكتوراه .
شاركت في هيئة تحرير جريدة الفجر ابتداء من 21 أفريل 1990 ثمّ اعتقلت في 19 أكتوبر من نفس السّنة و حوكمت ب 6 أشهر سجنا بتهمة توزيع مناشير تدعو إلى مقاطعة الانتخابات البلديّة في جوان 1990و أخيرا اعتقلت يوم 30 أكتوبر 1991 في إطار الحملة على حركة النّهضة و حوكمت بالسّجن مدى الحياة في صائفة 1992 أمام المحكمة العسكريّة قضّيت 16 سنة سجنا و أطلق سراحي في 7 نوفمبر 2007 لأجد نفسي في سجن كبير محروما من حقوقي المدنيّة و السّياسيّة. رفضت الإمضاء اليومي لدى الشّرطة تحت غطاء المراقبة الإداريّة لأنّه إجراء غير قانوني و غير إنساني و يعني إعداما اجتماعيّا و أنا اليوم
كالأمس أناضل من أجل أن أعيش حرّا في شعب حرّ في بلد حرّ في أمّة حرّة في عالم حرّ.
هل يمكنك أن تحدثنا بإقتضاب عن سمات الحياة الجامعية قبل المؤتمر العام للحسم و تأسيس الإتحاد :
في الوقت الّذي بلغ الوضع في الجامعة حدّا من التّأزّم وانسداد الأفق إلى درجة اليأس عند البعض أمام تدهور الظّروف المادّيّة و الدّراسيّة للطّلبة، واستفحال الصّراع السّياسي داخل الحركة الطّلابيّة ، و استمرار الخلاف حول التّمثيل الطّلابي ، و إهمال النّشاط الثّقافي و تنامي القطيعة بين الحركة الطّلابيّة و السّلطة و تواصل عزلة الجامعة عن المجتمع ، حصل تطوّر هام في الحياة الجامعيّة مع تنظيم الدّورة الأولى من ” أسبوع الجامعة ” في ربيع 1984 كتظاهرة ثقافيّة لتنشيط الحياة الطّلابيّة و إطار لتدارس قضايا الجامعة و في مقدّمتها إصلاح التّعليم و تجربة رائدة في التّنسيق بين ممثّلي الطّلبة المنتخبين في المجالس العلميّة بمختلف الأجزاء الجامعيّة الأمر الّذي أوجد حركيّة واسعة في السّاحة الطّلابيّة وزاد من اقتناع قطاع واسع من الطّلبة بضرورة و إمكانيّة وجود منظّمة طلابيّة توحّد جهودهم و تدافع عن مصالحهم و تنهض بجامعتهم فلا غرابة أن تنشأ فكرة عقد مؤتمر عامّ للحسم يوم اختتام أسبوع الجامعة في حلقة نقاش بكلّيّة الحقوق بتونس على لسان طلبة من اليسار، أي الاحتكام إلى الطّلبة لاختيار المنظّمة الّتي تمثّلهم بين التّمسّك بالاتّحاد العام لطلبة تونس و تأسيس منظّمة جديدة و نتج عن تبنّي الاتّجاه الإسلامي لمقترح المؤتمر العام للحسم و دعوته لبقيّة الأطراف السّياسيّة للانخراط في هذا المشروع أن كانت السّنة الجامعيّة 1984-1985 سنة الإنجاز و شهدت حركيّة كبيرة أخرجت الأغلبيّة الصّامتة من صمتها انطلاقا من التّجمّع العام بكلّيّة الحقوق في 15 نوفمبر 1984 الّذي أعلن فيه الاتّجاه الإسلامي تبنّيه لمقترح المؤتمر العام للحسم والدّعوة لإنجازه في نفس السّنة . و أمام معارضة المجموعات اليساريّة و تمسّكها بإنجاز المؤتمر الثّامن عشر الخارق للعادة للاتّحاد العام لطلبة تونس و اعتبار ذلك أمرا غير قابل للنّقاش أو التّحكيم، توجّه الإسلاميّون إلى القاعدة الطّلابيّة العريضة بصفتها صاحبة المصلحة و صاحبة القرار لمعرفة موقفها من إنجاز المؤتمر العام للحسم عبر عريضة جمعت في ظرف وجيز أكثر من 16000 إمضاء و هو رقم فاق التّوقّعات و أثبت بقوّة رغبة الطّلبة في حسم الخلاف حول التّمثيل الطّلابي عبر الاحتكام إلى الطّلبة دون وصاية. و رغم معارضة المجموعات اليساريّة، تقدّم الاتّجاه الإسلامي في الإنجاز بتنظيم تجمّع عام بكلّيّة الحقوق في 15 مارس 1985 في إطار” تحالف الوحدة النّقابيّة ” بمشاركة مجموعات من الطّلبة المستقلّين و عدد من الطّلبة اليساريّين ليتمّ الإعلان عن الدّخول في تنظيم انتخابات في كافّة الأجزاء الجامعيّة لانتخاب ممثّليها في المؤتمر العام للحسم حيث بلغ عدد الطّلبة المشاركين في الانتخابات أكثر من 21000 طالبا لينعقد المؤتمر في كلّيّة العلوم بالمركّب الجامعي بتونس أيّام 18-19-20 أفريل 1985 الّذي تبنّى تأسيس منظّمة طلابيّة جديدة سمّاها : “الاتّحاد العام التّونسي للطّلبة ” (U.G.T.E) و من الطّريف أن يكون تاريخ انطلاق المؤتمر موافقا لتاريخ انطلاق أوّل إضراب في تاريخ الحركة الطّلابيّة في تونس يوم 18 افريل 1910 على يد طلبة جامع الزّيتونة للمطالبة بإصلاح التّعليم. وهكذا مثّل انعقاد المؤتمر العام للحسم منعرجا تاريخيّا في مسيرة الحركة الطّلابيّة باتّجاه التّنظّم و إعادة الاعتبار للقاعدة الطّلابيّة العريضة في تقرير مصيرها.
مشاعرك في ذكرى التأسيس :
أقدّر مبادرتك بإحياء ذكرى التّأسيس حقّ قدرها وفاء لأجيال من الطّلبة ناضلت من أجل حرّيّة العمل السّياسي و النّقابي و الثّقافي في الجامعة و قدّمت تضحيات جسيمة بين مطرودين و مجنّدين و معتقلين و مغتربين و شهداء و كان تأسيس الاتّحاد العام التّونسي للطّلبة ثمرة من أهمّ ثمار هذا النّضال الطّلابي و انجازا تاريخيّا من أبرز انجازات الحركة الطّلابيّة على امتداد القرن الماضي و مدرسة لتخريج أفواج عديدة من المناضلين و المناضلات رغم السّنوات القليلة في عمر هذه التّجربة فأنا اليوم أشعر بالاعتزاز لأنّي كنت في نفس الوقت من المؤسّسين و من الخرّيجين من هذه المنظّمة الطّلابيّة الرّائدة. كما أشعر بالمرارة للفراغ الّذي عرفته الحركة الطّلابيّة نتيجة لغياب الاتّحاد العام التّونسي للطّلبة و محاصرة العمل السّياسي و النّقابي و الثّقافي في الجامعة الّتي عزلها البوليس و أعاقها الحزب الحاكم وفشلت السّلطة في حلّ مشاكلها و في مقدّمتها إصلاح التّعليم. و في المقابل، فإنّي مستبشر بما لاحظته من مؤشّرات مشجّعة لخروج الحركة الطّلابيّة من السّنوات العجاف الّتي مرّت بها و من ذلك عودة ظاهرة التّديّن بقوّة في صفوف الطّلبة و الطّالبات بعد جفاف التّسعينات و تنامي التّحرّكات الطّلابيّة لتحسين الظّروف المتردّية المادّيّة و المعنويّة الّتي انتهى إليها الوضع في الجامعة و بداية نهاية هيمنة الحزب الحاكم على الحياة الطّلابيّة من خلال الحركيّة الّتي تشهدها انتخابات المجالس العلميّة. لا شكّ أنّ هذه خطوات في الاتّجاه الصّحيح على طريق تحرير الجامعة و نهضة الحركة الطّلابيّة كشرط ضروريّ و ملحّ لتحرير المجتمع ونهضة البلاد. و الله أسأل أن يوفّق كلّ الطّاقات الخيّرة و الإرادات الصّادقة من داخل الجامعة و خارجها لبناء مستقبل للحركة الطّلابيّة أفضل من حاضرها و لم لا من ماضيها لنرى جيلا أفضل من جيلنا في زمان أفضل من زماننا.
رؤيتك لواقع الحياة الطلابية في الجامعة في ظل تواصل تشتت اليسار :
لا شكّ أنّ تشتّت اليسار إلى حدّ ممارسة العنف بين بعض مجموعاته يزيد في إضعافه و عزله عن القاعدة الطّلابيّة العريضة و يؤكّد عجزه على قيادة الحركة الطّلابيّة حاضرا و مستقبلا أو حتّى المساهمة الفعليّة في النّضال من أجل الدّفاع عن مصالح الطّلبة و مصلحة الجامعة و مصلحة البلاد و لقد أصبح هذا التّشتّت و التّناحر طبيعة ثابتة و مميّزة لليسار منذ السّبعينات و حتّى في غياب الاتّجاه الإسلامي في التّسعينات نتيجة حملة الاستئصال الّتي تعرّضت لها الحركة الإسلاميّة في تونس بمشاركة أطراف من اليسار. و يعود ذلك إلى طبيعة المرجعيّة الإيديولوجيّة لليسار من ناحية و صعوبة اندماجه في مجتمع متمسّك بهويّته العربيّة الإسلاميّة من ناحية أخرى إلى جانب قمع السّلطة لمناضليه في مناسبات مختلفة و ما نتج عن ذلك كلّه من تناقضات تشقّ صفوفه حول العلاقة بالسّلطة و العلاقة بالحركة الإسلاميّة و بالمجتمع. و في هذا السّياق يشهد اليسار فرزا داخل صفوفه بين من أعطى الأولويّة للبعد الإيديولوجي فوجد نفسه قريبا من السّلطة متحالفا مع الاستبداد بعيدا عن المعارضة، معزولا عن المجتمع و بين من أعطى الأولويّة في هذه المرحلة للبعد السّياسي فأصبح بعيدا عن السّلطة مقاوما للاستبداد قريبا من الشّعب. إذن فأزمة اليسار جزء من أزمة الحركة الطّلابيّة و عائق من العوائق أمام تقدّمها إلا أنّ الأزمة الّتي تمرّ بها الجامعة منذ سنوات طويلة تتحمّل فيها السّلطة المسؤوليّة الأولى و هي جزء من أزمة عامّة تعاني منها البلاد منذ انتخابات 2 أفريل 1989 حيث دخلت تونس نفقا مظلما من قمع للحرّيّات و انتهاك لحقوق الإنسان و إقصاء لكلّ صوت معارض و محاصرة لمختلف قطاعات المجتمع النّقابيّة و الطّلابيّة و السّياسيّة و الحقوقيّة و الثّقافيّة بأسلوب أمنيّ ثبت فشله في حلّ مشاكل الجامعة و البلاد.فلا غرابة أن نجد الحياة الطّلابيّة تعاني إلى اليوم من الحصار الأمني و هيمنة الحزب الحاكم و عجز اليسار و إقصاء الإسلاميّين و غياب منظّمة طلابيّة مستقلّة ديمقراطيّة و مناضلة قادرة على تأطير الطّلبة و الدّفاع عن مطالبهم المادّيّة و المعنويّة المشروعة و تأكيد حضورهم في السّاحة الوطنيّة للمشاركة في معالجة القضايا الحقيقيّة للبلاد. أمام هذا الواقع المرير، يتأكّد أنّ مفتاح الإصلاح هو الحرّيّة داخل الجامعة كجزء لا يتجزّأ من الحرّيّة داخل البلاد. و هذا الأمر يذكّرني بالشّعار الّذي رفعه الطّلبة الإسلاميّون منذ 30 سنة : نريد الحرّيّة في الجامعة كما نريدها في البلاد و بهذه المناسبة أدعو إلى إطلاق سراح كلّ الطّلبة المعتقلين بدون استثناء و تمكينهم من حقّهم في مواصلة دراستهم وعودة المطرودين و رفع الحضر على حقّ الطّلبة من المساجين السّياسيّين في التّعليم كما نصّ عليه قانون السّجون و رفع الحصار عن الجامعة بسحب جهاز “الأمن الجامعي” واحترام إرادة الطّلبة وحقّهم في حرّيّة اختيار ممثّليهم في المجالس العلميّة وبناء المنظّمة الّتي تمثّلهم و تعبّر عن طموحاتهم في مناخ من احترام كلّ الأطراف و في مقدّمتها السّلطة لاستقلاليّة الجامعة و حرّيّة النّشاط العلمي و الثّقافي و السّياسي و النّقابي داخلها . و إلغاء قانون المساجد و المنشور 108 اللادستوريّين و فتح مسجد بكلّ مؤسّسة جامعيّة بما في ذلك فتح جامع المركّب الجامعي الّذي أغلق منذ 5 سنوات بدعوى الأشغال و بقي ضحيّة للإهمال و الإثم و العدوان في تناقض صارخ مع ما ترفعه السّلطة من شعار المصالحة بين الدّولة و الإسلام.
كلمة للجيل الجديد من الطلبة الذي لم يعاصر تجربة الإتحاد العام التونسي للطلبة و ربما لم يسمع به أصلا نتيجة سياسة السلطة خلال عقد التسعينات من القرن الماضي .
الجيل الجديد من الطّلبة في حاجة إلى معرفة تاريخ الحركة الطّلابيّة في تونس و هو تاريخ ثريّ و متميّز على امتداد قرن من الزّمن منذ ربيع 1910 وفاء للأجيال السّابقة و تقديرا لتضحياتها واعتبارا من تجربتها بحلوها و مرّها لبناء مستقبل أفضل للأجيال القادمة . و لقد حاولت السّلطة إحداث قطيعة بين ماضي الحركة الطّلابيّة و مستقبلها عبر قرارها بحلّ الاتّحاد العام التّونسي للطّلبة و محاصرة النّشاط السّياسي و النّقابي و الثّقافي في الجامعة دون أن تقدّم بديلا لأنّ فاقد الشّيء لا يعطيه فأصبح المجال واسعا لانتشار ظواهر خطيرة في صفوف الطّلبة مثل اللامبالاة و الاستقالة و الأنانيّة و الميوعة و حتّى الجريمة و بلغ الأمر بكثير من الطّلبة حدّ اليأس من الإصلاح و القلق على المستقبل و خاصّة الخوف من شبح البطالة . و كلّ ذلك من مظاهر فشل سياسات الحزب الحاكم و ضعف المعارضين له داخل الجامعة و في البلاد و قد أثبتت تجربة الاتّحاد العام التّونسي للطّلبة أنّه بإمكان الحركة الطّلابيّة و في أسوء الظّروف الّتي تمرّ بها البلاد أن تخرج من واقعها المتردّي و تجعل من الضّعف قوّة إذا توفّرت الإرادة الصّادقة الّتي تقدّم مصلحة الطّلبة و الجامعة و البلاد و تتسلّح بالصّبر و الحكمة و الثّقة في الله ثمّ في النّفس. وقد كان تأسيس الاتّحاد العام التّونسي للطّلبة تتويجا لنضال ورفعا لتحدّي و تحقيقا لحلم و انجازا لتحوّل في مسار الحركة الطّلابيّة و مكسبا لعموم الطّلبة وحّد جهودهم في النّضال و حقّق عددا من مطالبهم في ظرف صعب على كلّ المستويات السّياسيّة و الاقتصاديّة و الاجتماعيّة مرّت به البلاد في السّنوات الأخيرة من حكم بورقيبة. و إنّي على ثقة أنّ الأجيال الجديدة من الطّلبة قادرة على الخروج بالجامعة من هذا الوضع الّذي لا نرضاه لها و كتابة صفحة جديدة مشرقة في تاريخ الحركة الطّلابيّة التّونسيّة. و هناك من المؤشّرات ما يدلّ على أنّ القافلة تسير، فالغيث أوّله قطر ثمّ ينهمر. وفق الله طلبة تونس و طالباتها لما فيه خير بلادنا و شعبنا و أمّتنا و الإنسانيّة.
* أجرى الحوار : زهير تريمش – سويسرا – .
قابس : رئة أخرى تتلف فمن المنقذ ؟
تعتبر مدينة قابس من أكثر مدن البلاد التونسية تلوثا وكان من المفروض أن تتكاتف مجهودات كل الأجهزة الإدارية من ولاية وبلدية وإدارات جهوية ودواوين وشركات عمومية لزيادة المساحات الخضراء والحدائق حتى تمتص فائض التلوث بهذه المدينة, لكن للأسف حدث العكس تماما ذلك أن غابة صغيرة مكونة من بعض أشجار الكالتوس واقعة على الطريق الرئيسية الرابطة بين مدينة قابس وطبلبو تتعرض هذه الأيام للإتلاف بهدف استغلال فضائها في بناء مقر لشركة المركب الكيميائي التونسي بقابس . إن هذه الواقعة تعطي مثال عن منطق ألامعقول السائد ببلادنا ذلك أن شركة المركب الكيميائي هي احد المسؤولين عن هذا التلوث وعوض معالجة هذا المشكل بزيادة المساحات الخضراء فإنها تتصرف بمنطق معكوس وتعتدي على إحدى الغابات الصغيرة التي تعتبر في نهاية الأمر متنفسا لأهالي هذه المدينة . ان هذه الواقعة تعتبر جريمة ضد البيئة وضد سكان قابس ولهذا فإننا من هذا المنبر الحر نوجه نداءا إلى كل أحرار قابس ومحبيها وأصدقائها للوقوف في وجه هذه الجريمة ومناشدة السلط الجهوية والعليا لإيقاف هذه المهزلة والانطلاق في حملة تشجير فعلية ومزيد الاعتناء بالمساحات الخضراء الموجودة لان هذه الفضاءات هي الكفيلة وحدها بالتخفيض في نسبة التلوث وبالتالي الحفاظ على حد أدنى من الحياة السليمة وليعلم الجميع أن نهاية أخر شجرة تعني نهاية أخر إنسان .
– نقابي من التعليم الثانوي – قابس
تونس: تمرّد أهالي الحوض المنجمي يطرح الملف الإجتماعي بقوة
تونس – صلاح الدين الجورشي بعد مُـلازمة الحذر والهدوء لفترة استمرّت حوالي ثلاثة أشهر، نفَـد صبر السلطات التونسية وقررت وضع حدٍّ للحركة الاحتجاجية التي اندلعت بمناطق الحوض المنجمي، باللّجوء إلى القوة، وذلك عبر اجتياح عدد واسع من قوات الأمن لمدينة الرديف، الواقعة بالجنوب الغربي والتابعة إداريا لولاية (محافظة) قفصة، المعروفة تاريخيا باستعداد سكّـانها للتمرد والاحتجاج. وتقول إحدى رِوايات شاهِـد عِـيان، إنه في فجر يوم الاثنين 14 أبريل الجاري، وبينما كان أهالي معتمدية الرديف غارقين في نومِـهم، إذا بعددٍ واسعٍ من رجال فِـرق التدخّـل السريع يقتحمون البيوت وينهالون على السكَّـان المحتجِّـين على ذلك بالعصي.. ولم تمضِ سوى فترة وجيزة، حتى تحولت البلدة إلى ساحة مواجهة مفتوحة على جميع الاحتمالات. من جهة، قوات الأمن بتجهيزاتها المعروفة بما في ذلك الغازات المُـسيلة للدّموع، ومن جهة أخرى، الأهالي وفي مقدِّمتهم الأطفال في سّن اليافعين، يردّون على الشرطة بالحِـجارة وحرق العجلات المطاطية. لقد تحوّل المشهد بسرعة إلى حالة أشبه ما تكون بالعِـصيان المدني. وبالرغم من الإيقافات التي شملت بعض العناصر، التي اعتبرت محرّضة، إلا أن الاشتباكات تجدّدت يوم الثلاثاء 15 أبريل، بعد أن وضِـعت المدينة تحت حِـصار أمني شِـبه كامل. فما الذي حدث؟ قبل الشروع في اقتحام المدينة، قام عدد من الشبان الملثّـمين بتنظيم هجوم على مركز الأمن الواقع بوسط البلدة وحطّـموا ما فيه من تجهيزات، ممّـا دفع بالعدد القليل من أفراد الشرطة، الذين كانوا بالحراسة إلى الفرار. والسؤال الذي ليس له جواب، قطعي إلى حدّ كتابة هذا المقال: من هم الذين نفَّـذوا هذا الاعتداء؟ ومن يقف وراءهم؟ عرفت تونس بأن من بين ثرواتها الطبيعية القليلة، منجم الفسفاط الذي يقع بجنوب البلاد، وقد كان هذا المنجَـم بالنسبة لسكان الجِـهة، مصدر قوّتهم الوحيد ومحور حياتهم الاقتصادية والاجتماعية، لكن أصيب المنجم بالشيخوخة وتراجع عطاؤه، وهو ما دفع بالشركة القائمة على استغلاله إلى تقليص عدد العاملين به. اتهامات واعتصامات أما بالنسبة لانتداب كوادر جديدة للشركة، فقد وضعت قواعد عامة لذلك، إضافة إلى نوع من المحاصصة بين السلطات المحلية والفرع التابع لاتحاد العمال، لكن في هذه المرة، شكَّـك عموم الأهالي في نزاهة نتائج المناظرة التي تمّـت، ووجّـهوا للمسؤولين النقابيين المحليِّـين تُـهمة المحسوبية. ونتيجة ذلك، قرّر الكثير منهم القيام باعتصامٍ مفتوح أمام كل الطرق المؤدِّية إلى مدخّـل الشركة، بما في ذلك سكّـة الحديد الخاصة بنقل الفسفاط. وشيئا فشيئا، تطوّرت أساليب الاحتجاج وتنوّعت بشكل غير مسبوق، حيث نُـصِـبت الخِـيام في الشوارع وعلى خط السكة الحديدية، وشاركت النساء في الاعتصام وتعدّدت المسيرات وحرق إطارات السيارات. أبدت السلطات قدرا عاليا من الذّكاء وضبط النفس، وهي المعروفة بردودها الحادّة على مثل هذه التحرّكات الاحتجاجية، سواء كانت طلابية أو حقوقية أو سياسية أو حتى نقابية. وكانت قوات الأمن حاضِـرة بكثافة منذ الأسبوع الأول لانطلاق عمليات الاحتجاج، لكنها كانت تكتفي بالمراقبة وتتجنب كلّ مظاهر الاحتكاك بالمواطنين. كان هناك وعي بدقّـة الحالة وصعوبتها واختلافها عن بقية الحالات التي عرفتها البلاد، لكن، وبشكل فُـجْـئي، قرّرت السلطة تغيير الأسلوب، ربّـما بعد أن يئِـست من أن يدبّ الإرهاق واليأس إلى صفوف هذه الجُـموع وتقبل بالتكيّـف مع الأمر الواقع، خاصة بعد أن تمّ فكّ الاعتصام على إثر وعود قدمت للمحتجين. غير أن الأسلوب الذي اعتُـمد جاء قاسيا وفي شكل عقابٍ جماعي، وبدل أن يحقِّـق الهدف منه، وهو الشعور بالخوف وتفكيك حالة التضامن بين السكان وإعادة الأمور إلى نِـصابها، غذّى لدى الأهالي الشعور بالتحدّي وخلق لديهم إحساسا قويا باللّـحمة والترابط بينهم، وهي معانٍ لمستها قوات الأمن في تلك المواجهات الاستثنائية، ممّـا دفع بالسلطات إلى التّـراجع، وذلك عبر إطلاق سراح الموقوفين والتخلّي عن محاكمتهم، وهو ما حوّل المشهد إلى إطلاق الزغاريد وتعدّد مظاهر الفرح بتحقيق هدف “الانتصار”، وللجميع قِـصص وروايات عمّـا حدث ما بين يومي الاثنين 14 والأربعاء 16 أبريل. الأهمية والخطورة ما حدث في المناطق المُـحيطة بالحوض المنجمي، ليس أمرا هينا، لأنه، حسب اعتقاد الكثيرين، قد جمع بين الأهمية والخطورة، ويمكن فهم ذلك من خلال التوقّـف عند الجوانب التالية: – تاريخ هذه المنطقة يشهد بأن أهلها يشعرون باستمرار بأنها لم تحظ بنفس الرِّعاية والأولوية التي تلقتها مناطق أخرى، مثل المدن الساحلية. وليس هذا الشعور وليد الفترة الأخيرة، وإنما كان مُـلازما لأبناء الجهة منذ عهد بعيد. ولهذا، فإن إحساسا بالإهمال والغضب كان ويزال يلازمهم تُـجاه السلطتين، الجهوية والمركزية. فبالرغم من بعض التحسينات التي تمّـت، إلا أن الحالة الاجتماعية الصّعبة لقطاع واسع من سكان معتمديات “الرديف” و “أم العرايس”، عمقت هذا الإحساس وحوّلته إلى نزوع قوي نحو التمرّد. – ما حدث طيلة الأشهر الثلاثة الماضية، كان عبارة عن ولادة حركة اجتماعية تميّـزت بالعفوية وافتقرت للقيادة الموحّـدة، واختلط فيها البُـعد القبَـلي بالمطلبية المشروعة. وبقدر ما كانت بداية التحرّك واضحة في تعبيراتها وآليتها ومطالبها، إلا أنها كلَّـما تقدّمت في الزمن، إلا وفقدت القُـدرة على التخطيط وحسن إدارة التفاوض ووضع أولويات تحقِّـق الإجماع وتفعل الضغوط بشكل مرحلي وتصاعدي، ويعود ذلك بالأساس إلى عوامل عديدة، من أهمِّـها عدم الخِـبرة والافتقار إلى تقاليد في مجال النِّـضال السِّـلمي. ويعتقِـد أحد رؤساء فروع الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، الذي واكب الأحداث عن قرب، بأن الارتجال الذي اتّـصف به هذا التحرّك الاحتجاجي، يعود إلى غياب مجتمع مدني مُـهيكل وفاعل في تلك المناطق، لكن مع ذلك، حاول المحتجّـون أن يمارسوا أشكالا متعدّدة للمقاومة السِّـلمية، ولعل ذلك يعود، حسب اعتقاد بعض المراقبين، إلى محاولة إحياء تقاليد سابقة عُـرف بها أجدادهم من عمال المناجم خلال الحِـقبة الاستعمارية، إلى جانب التأثير بما شاهدوه من إضرابات شبيهة، خاضها العمال المصريون مؤخرا. فالفضائيات أصبحت تولِّـد العدوى وتقدِّم نماذج صالحة للترويج على نطاق واسع. – لم تكن السلطة وحدها هي التي فوجِـئت باندلاع هذه الحركة الاحتجاجية واستمرارها طيلة الأشهر الثلاثة الماضية. القوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني لم تتوقّـع بدورها حدوث تمرّد من هذا القبيل، رغم تِـكرار القول بأن هناك “أزمة خانقة”. النظام السياسي كان ولا يزال مطمئِـنا لإنجازاته الاقتصادية وقدرته على امتصاص حالة الاحتقان الاجتماعي، كما أن انشِـغال المعارضة بلُـعبة الانتخابات الرئاسية والتشريعية القادمة، قد شغلها عن الاهتمام بالجَـبهة الاجتماعية. ولعل ذلك هو الذي يفسِّـر تأخُّـر هذه الأطراف السياسية عن العناية بما حصل في الحوض المنجمي وتقدير أهميته لفترة تجاوزت شهرا كاملا. الطرف السياسي الوحيد الذي رصد التحرك منذ بدايته هو “حزب العمال الشيوعي التونسي” (محظور) من خلال موقعه “البديل”، لكن مجموعات أقصى اليسار لم تكُـن بالقوة والحضور لتستوعب حدثا بهذا الحجم. فالمعتصِـمون لا يملكون رصيدا قويا من الثقة في عموم الأحزاب السياسية، أما الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، فإن أزمتها المستمِـرة مع السلطة جعلتها غير قادِرة على أن تلعب دورا حاسما، رغم رصيد الثقة الذي لا تزال تتمتّـع به بين أهالي تلك المناطق. ولعل ذلك يعود للدّور الذي حاولت أن تقوم به فروع الرابطة القريبة من بؤرة التوتر، وهو ما جعلها تُـحاول فيما بعد تدارُك الأمر وملاحقة الحدث، بانتقال رموز المعارضة إلى مكان الاعتصام للتّـعبير عن التّـضامن مع المضربين، أما الخاسر الأكبر فيما حصل، فهو بالتأكيد الاتحاد العام التونسي للشغل، الذي كاد أن يخسر تأثيره بالكامل داخل هذه الجهة، بسبب سوء إدارة الأزمة، إضافة إلى تلوّث بعض الوُجوه النقابية المحلية، التي فقدت مِـصداقيتها في صفوف العمال والأهالي. – أما السلطة، التي كانت منتبِـهة طيلة العشرين سنة الماضية للشرائح الاجتماعية الأكثر فقرا، خوفا من ردود فعلها القوية والعشوائية، فقد بدت عاجِـزة طيلة الأشهر الثلاثة الماضية عن تقديم حلول مُـقنِـعة للمحتجِّـين، وهو ما زاد في إضعاف قيمتها الرزية لدى عموم السكان في تلك الجهات. وقد أدركت خطورة ذلك مؤخرا، فحاولت أن تتدارك الأمر بأسلوبين متعاكسين. الأول، من خلال توجيه ضربة قاسية في محاولة لإصابة الحركة الاحتجاجية بالشّـلل العضوي، وعندما لم يحقق ذلك النتائج المرجُـوة، تدخّـل الرئيس بن علي بإجبار شركة فوسفاط قفصة على الإسراع بإنجاز المغاسل التي من شأنها أن تخفِّـف من حجم التلوّث الذي يُـعاني منه كثيرا سكان تلك المنطقة. وحتى يقع تهميش الحركة الاحتجاجية، قام الحزب الحاكم بتنظيم مسيرة كُـبرى في مدينة قفصة، عاصمة المحافظة، لمحاولة لإثبات التِـفاف السكان حول نظام الحكم. ومع أهمية استكمال هذا المشروع الإقتصادي مع نهاية العام الجاري، إلا أن ذلك لن يكون له تأثير مباشر على ملفّـي البطالة وارتفاع مستوى المعيشة، اللذين فجّـرا الموقف في منطقة المناجم. بداية قلب الأولويات؟ هل تكون أحداث “الحوض المنجمي” هي بداية قلب الأولويات ودخول تونس منطقة الزوابع الخطرة بسبب تداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية، والإرتفاع المتواصل لأسعار المواد الغذائية الأساسية والمحروقات وانعكاس الإصلاحات الهيكلية على الأمن الاجتماعي لشرائح واسعة من التونسيين؟ يبدو أن هذا هو أكثر الاحتمالات التي يخشى الكثيرون وقوعها، والدليل على ذلك، العنوان الذي تصدّر الصفحة الأولى للصحيفة الأسبوعية الناطقة باسم حزب الوحدة الشعبية، وهي تشكيلة سياسية غير راديكالية ممثلة في البرلمان، وجاء فيه: “انتفاضة الجياع في مصر واليمن، لا نريدها أن تقع في تونس”. (المصدر: موقع سويس إنفو (سويسرا) بتاريخ 18 أفريل 2008)
وصفة سحرية ورسمية لتحقيق التنمية: إهانة الوطن والمواطن !!!
مرسل الكسيبي (*) حتى لاأتهم بالتطاول على أصحاب الجلالة والفخامة وحشر الأنف في شؤون أقطار أخرى لم أتقاسم مع أهلها رغيف الخبز ومياه باطن الأرض , دعوني أحدثكم عن هذه الوصفة التونسية العجيبة لتحقيق التنمية مع تأكيدي مجددا على أن الوطن بوجهه الرسمي والنظامي لايخلو من عناصر وطنية صادقة تحرص على البناء والتشييد أكثر من حرص بعض العناصر المتجلببة بالجسم المعارض – مع تقديري طبعا واكباري واحترامي للأغلبية الوطنية المناضلة داخل الجسم المعارض . قبل أسابيع قليلة حدثني عالم الرياضيات والفيزياء البروفسور منصف بن سالم عن وضع زميل وعالم تونسي يحمل شهادة الدكتوراة في تخصص علوم الحسابيات , حيث روى لي قصة اصابة هذا الزميل بداء فقدان الذاكرة لفترة خمس سنوات بعد الزج به وراء القضبان مطلع التسعينات , وبرغم قرار التبرئة الصادر في شأنه عن المحكمة الا أن عناصر أمنية أصرت على اعادة ترتيب محاكمته بعد أن رفض التعاون مع مخبرين طلبوا منه خدمات لاتمت الى العمل الأكاديمي والعلمي بصلة … العنت والعذاب الذي لقيه هذا العالم التونسي بين أيدي سجانيه ومستقبليه من رواد التنمية التونسية الأصيلة أدى الى ارغامه بعد مغادرة السجن على الامضاء يوميا ولفترة طويلة لدى المصالح الأمنية برغم اصابته بأعراض حقيقية لفقدان الذاكرة – عدم تذكر أسماء الأقارب وأفراد العائلة وعدم القدرة على استرجاع مفاصل حديث مباشر سابق مع اضطراب ولخبطة في استعادة وتنسيق الجمل … العالم التونسي المذكور أحيط برعاية طبية عائلية خاصة جعلته يستعيد الذاكرة ليروي قصة مأساة وطنية صامتة خيرت السكوت عن كثير من فصولها من باب الرغبة في طي صفحة مظلمة من تاريخ تونس المعاصر والتأسيس لصفحة جديدة تحمل معها الكثير من الأمل بدل الألم … هذه الرغبة في تجاوز الام الماضي والتي عبرت عنها مرارا وتكرارا من منطلق عدم الحرص على عدم اجترار محنة التسعينات , لم تقابلها السلطة بارادة للاعتذار والتجاوز والتعويض لهؤلاء الضحايا الذين لن يكلفوا خزينة الدولة معشار واحد من مشاريعها المتوسطة أو الكبرى … التنمية التي يرفع شعارها الاقتصادي والعلمي والمعرفي نظام يدعي مرارا وتكرارا انتمائه لعالم الحداثة والتحديث , لم تعرف طريقها بالكاد الى حريات الناس وحقوقهم الأساسية ورفاهم الاجتماعي العادل , ومن ثمة فان حالة هذا العالم التونسي وحالة الالاف من الطاقات العلمية المهمشة التي أقصيت بدافع الحقد والكراهية السياسية أو الحسابات الايديولوجية الرخيصة تؤشر مرة أخرى على حقيقة التنمية الشعاراتية المرفوعة في ربوع تونس المحروسة , اذ أن تنمية لاتأخذ بعين الاعتبار حق الناس في الاختلاف الفكري والسياسي وحريتهم في التنظم والاجتماع والترشح والانتخاب والمشاركة في الحياة العامة مع ضمان حقهم العادل في اقتسام الثروة والتمتع بخيرات البلاد على أساس لامركزي يسلم بأن الوطن للجميع …, ان تنمية تحتكرها جهات معينة أو أقلية سياسية تنتمي الى حزب الأغلبية أو الى مؤسسات قرارية نافذة مع تنكر هذه الجهات أو الأقليات لحقنا فوق ترابنا الوطني في العيش الكريم والحر بعيدا عن اساليب الاهانة والتعذيب والاعتقال العشوائي والمحاكمات الجائرة …, ان تنمية من هذا القبيل ستظل تنمية مبتورة وهشة وفاقدة لضمانات العدالة والاستدامة … ان التنمية الاقتصادية غير العادلة كما أثبتت ذلك اضطرابات مدينة قفصة الجماهيرية الواسعة , مؤشر خطير على أوضاعنا السياسية التي دفعت قبل ايام مائة تونسي من الفقراء والمحرومين الى نصب خيامهم فوق نقطة حدودية جزائرية ورفع العلم الجزائري وطلب التخلي عن الجنسية التونسية ومطالبة سلطات الجيران بالتكفل برعايتهم ماديا وصحيا وتعليميا … استمرار أزمة الحريات في تونس وخنق المعارضة واهانة العلماء – وضعية البروفسور منصف بن سالم وزميله كمثالين على ذلك – واحتجاز المئات من الرهائن السياسيين وراء القضبان مع عدم الالتفات الى مأساة المنفيين من اللاجئين السياسيين عبر استثمار تغييبهم القسري عن المشاركة العامة , وترهيب المجتمع بقانون استثنائي صدر سنة 2003 والتلويح بالمحاكمات شبه اليومية واستهداف رجال الصحافة كما هو حاصل مع زميلنا المعتقل سليم بوخذير أو هذه الأيام مع جريدة الموقف المعارضة , والاعتداء على المحامين بين الفينة والأخرى داخل باحة قصر العدالة وخارجها ومحاكمة الطلاب وطرد زملائهم والرفع المستمر في الأسعار دون مراعاة وضع الفقراء والطبقة الوسطى وتزييف نتائج مناظرات التشغيل كالكاباس وغيرها واخضاعها لشروط الحزب الحاكم … كل ذلك لن يزرع الا الشوك ولن يكون حصاده الا مجهضا لمطامح التنمية الحقيقية … وأخيرا أقول اذا كان هذا هو النموذج التنموي المراد لتونس والتونسيين فلنا أن نمر في الأرض ونذكر عاقبة الذين ظلموا في الاتحاد السوفياتي السابق , الذين لم تشفع لمكانة دولتهم على الساحة العالمية صواريخ عابرة للقارات ولا برامج لغزو الفضاء ولا أسلحة تدمير أرضي شامل … لقد سقطت هيبة ستالين وتروتسكي وبريجنيف وبقيت هيبة ساخاروف وذكرى جورباتشوف الذي أدخل الهواء الى رئتي الحزب الشيوعي فتنفست روسيا الحرة الصعداء وبدأت تبحث من جديد عن نفسها بين الرفاه الاقتصادي وطعم الحريات السياسي ومكانة أصدق وأرفق وأمتن على الصعيد الدولي … أين نحن كتونسيين من كل هذا التصحيح الروسي؟ : سؤال دون جواب نطرحه على من يغار على مستقبل تونس … (*) رئيس تحرير صحيفة “الوسط التونسية” (اليكترونية – ألمانيا) (المصدر: مدونة مرسل الكسيبي بتاريخ 18 أبريل 2008) الرابط: http://morsel-reporteur.maktoobblog.com
المعينة المنزلية في تونس بين سندان الحاجة و مطرقة السماسرة
لم يعد وجود الخادمة في البيت عنوان رفاه لأصحابه بل أضحى ضرورة فرضها الواقع بتسارع نسق الحياة و خروج المرأة للعمل إلى جانب الرجل مما حتم الاستعانة بمن تهتم بالبيت والأطفال،الأمر الذي ارتفع بموجبه الطلب على المعينة المنزلية هذا الطلب تقابله حاجة متزايدة لعديد من النساء والفتيات لعمل شريف لتوفير لقمة العيش في ظل غلاء المعيشة والارتفاع الجنوني للأسعار، و بتزايد الاقبال على المعينة المنزلية للأسباب التي ذكرناها أو لغيرها، ظهرت عدة أطراف ممن تريد الاستفادة قدرالامكان من هذا القطاع حتى أصبح واقع الخادمة اليوم في تونس بفعل السماسرة و شركات المناولة يذكرنا بالزمن الغابر حين كان العبيد والجواري يباعون و يشترون في الأسواق كغيرهم من السلع و البضائع. و بالنظر إلى اتساع حجم معاناة فئة المعينات بالمنازل، هذه المعاناة التي كثيرا ما تحدث في الظل و من وراء الأستار والحجب، كان من الضروري أن نسلط عليها الأضواء الكاشفة تاركين المجال مفتوحا كي تعبر نماذج من هذه الشرائح المهمشة عن نفسها بتلقائية دون أن يعبرعنها و في مكانها أحد. العمل في المصانع أهون من حياة الاستعباد التي عشتها كخادمة.. ألفة شابة نشأت وسط عائلة فقيرة في إحدى المناطق الريفية بولاية جندوبة ضاقت من الحرمان و الخصاصة ما جعلها تخرج للعمل في الضيعات الفلاحية تحت الشمس الحارقة و السماء الممطرة، إلى أن توسطت لها قريبتها في عمل كخادمة لدى عائلة ثرية تقطن بتونس العاصمة، ألفة تقوم بكل شؤون المنزل بما في ذلك الطبخ بعد أن تعلمت أبجدياته على يد سيدة المنزل، إلى جانب اهتمامها بالطفلين، وكان هذا العمل مناسبة لتجدد علاقتها الغرامية بشاب من مسقط رأسها و قد قدم للعاصمة للعمل في حظائر البناء، أصبحت ألفة تخرج باستمرار لملاقاته خلسة بعد أن أغرتها العاصمة و أجوائها كما أضحت لا تتوانى عن الاتصال به عبر الهاتف القار للمنزل كلما سنحت لها الفرصة أو بالأحرى كلما خلى البيت من أصحابه، الشيء الذي أزعج صاحبة المنزل التي لم تتردد في طردها مخافة أن يقع ما لا يحمد عقباه، خاصة لما يسمع من حين لآخر عن عمليات سرقة تقوم بها بعض الخادمات سواء للزوج.. أو للمتاع بالاتفاق مع القريب أو الصديق أو ما شابه. ألفة الآن تعمل في مصنع للخياطة بعد أن أصبحت خبيرة بالعاصمة و دروبها و تقول أنه رغم وضعية العمل الصعبة في المصانع والمتسمة بالاستغلال إلا أن ذلك أفضل من حياة الاستعباد والرقابة والمذلة التي كانت تعيشها كخادمة. بسبب الحضانة استغنوا عني رغم وضعي الصعب ابنة العشرين سنة و أكبر إخوتي الستة منحدرة من إحدى القرى بعين دراهم، توفي والدي وهو في الأربعين من عمره أو بالأحرى في قمة عطاءه نتيجة أزمة قلبية تاركا بذلك عائلة كبيرة العدد قليلة الحيلة لا سند مادي لها مما اضطرني للتوجه لأحد السماسرة كي يتوسط لي في عمل كخادمة لأساهم إلى جانب أمي في توفير لقمة العيش، حصلت على عمل لدى إحدى العائلات و قد اتفق السمسار مع الزوجين في البداية على رعايتي للأبناء مقابل 160 دينارا يتسلمها الوسيط بيننا شهريا على أن يسلم عائلتي 120 دينارا و يأخذ هو الباقي، رضيت بهذا الوضع المزري من أجل ألا ينقطع اخوتي عن الدراسة كما حصل معي، هكذا تحدثت إلينا إيمان بكل ما في جرحها من عمق و هي تصف لنا جشع السمسار و استغلال صاحبة المنزل لها التي أصبحت شيئا فشيئا تكلفها ببعض الأعمال المنزلية حتى أضحى ذلك واجبا تعاقب إن تخلفت عن القيام به مقابل ذلك فإن المرتب بقي كما هو، الأمر الذي استدعى مطالبتها بالزيادة في الأجر على ضوء ما تقوم به من أعمال فما كان من مؤجرتها إلا أن تخلت عنها خاصة بعدما فتحت بالقرب من منزلها دار حضانة للأطفال. و هنا لا بد من الإشارة إلى غياب الرقابة على هؤلاء السماسرة الذين يتاجرون بعرق فتيات لا حول لهن ولا قوة، مع غياب الحس الإنساني لدى بعض العائلات التي لا زالت تتعامل مع بعض الناس على أنهم مجرد أرقام. ابنة السادسة عشرة تعيل اخوتها التسعة.. بقدر ما تتحمله المعينة المنزلية من متاعب في عملها بقدر ما تحظى بالازدراء من قبل المجتمع الذي لازال ينظر إليها بكل دونية واحتقار هذا ما صرحت لنا به منيرة و هي ابنة السادسة عشر من العمر و كبيرة إخوتها التسعة يعيلهم أب يشتغل عاملا يوميا لا يكفي ما يجنيه أحيانا في أسبوع لسد رمق العائلة ليوم واحد، طلب هذا الأب من ابنته مساعدته على “هم الدنيا” بعدما عجزت الأم عن ذلك نتيجة مرضها، تحولت منيرة إذن من القيروان إلى إحدى المدن الساحلية للعمل كخادمة عن طريق أحد السماسرة الذي يملك مكتبا خاصا لهذا الغرض، و من تلك اللحظة بدأت معاناتها مع أصحاب المنزل إذ أن طلباتهم لا تنتهي ليلا نهارا، إلى جانب ذلك تعمد صاحبة المنزل كل نهاية أسبوع لاصطحابها إلى بيت والديها لتقوم بشؤون المنزل من ألفها إلى يائها دون مراعاة لحالة التعب والإعياء التي تكون عليها، مقابل بعض الدنانير التي لا تسمن من جوع، مع تذكيرها دائما بأنها مجرد خادمة يجب أن تطيع أسيادها، الطفلة منيرة قررت في النهاية الهرب من هذا الجحيم لتعمل الآن لدى عائلة أخرى تصفها بأنها هدية من السماء نظرا لما تتمتع به من معاملة جيدة و مرتب شهري محترم. في الحقيقة لا يسعنا إلا أن نقف موقف الداهش أمام مثل هذه الحالات التي تنتهك فيها حقوق الأطفال، حيث تنص مجلة حقوق الطفل والاتفاقيات الدولية التي صادقت عليها بلادنا على عدم تشغيل الأطفال مع ذلك و للأسف تحصل مثل هذه التجاوزات في مجتمعنا بعيدا عن الرقابة… لا فرق بين السمسار و شركة الخدمات مادام هدفهما واحد… شركات المناولة أو السمسرة المقننة هي عبارة من مؤسسات مختصة في تزويد المؤسسات و المنازل بما يحتاجونه من معينات كل حسب نوعية البضاعة عفوا المعينة المطلوبة، عن تجربتها مع مثل شركات الخدمات هذه تقول نورة وهي من متساكنات منطقة الزهروني بالعاصمة، بأنها تعمل الآن كخادمة لدى عائلة ميسورة وقد سمعت من هذه الشركة في البداية ما يغري من ضمانات و متابعة لها إضافة إلى التأكد من سلامة الظروف التي ستعمل فيها إلى جانب المرتب الشهري المحترم، لكن الحقيقة غير ذلك إذ لم يحصل شيء من هذا القبيل وهي الآن تعاني الأمرين في عملها، تقول نورة أنه لا فرق بين السمسار و هذه الشركات إذ الهدف واحد هو المتاجرة بالعباد مقابل عمولة مجزية، لكنها في المقابل مضطرة للعمل لتوفير ما يلزم لرعاية ابنتها و تسديد معلوم الكراء بعدما رفض زوجها العمل وإعالة الأسرة و اقتصاره فقط على التردد يوميا على المقاهي للعب الورق مع مسامرة أصحاب السوء ليلا لاحتساء الخمرة بعد أن يفتك منها بالقوة بعض ما جنته من عرق جبينها من مال، تقول نورة أن وضعيتها ليست شاذة بل توجد العشرات مثلها و حتى أسوأ منها بفعل التجربة التي اكتسبتها في الحياة نتيجة البحث عن عمل شريف توفر به لقمة العيش، مع ذلك يحظى هذا العمل كمعينة طبعا بالاحتقار حيث تنعت ابنتها بابنة الخادمة من قبل أترابها في المدرسة وكأن هذا العمل شيء خارج عن نواميس المجتمع. هذه الشهادات حول نماذج بعض المعينات بالمنازل ليست سوى غيض من فيض، فهي تلقي بأضوائها على واحدة من الزوايا المظلمة من واقع المرأة التونسية بالرغم ما حظيت به من حقوق تؤكد عليها المنظومة القانونية المتعلقة بالحياة الشخصية و العلاقات الشغلية، فقد آن الأوان أن تتحرك الجهات المعنية والأطراف النقابية كما المجتمع المدني و وسائل الإعلام باتجاه هذه الفئة التي تهتم بأطفالنا و منازلنا ولا يهتم بها أحد. شادية السلطاني