الثلاثاء، 9 يناير 2007

Home – Accueil الرئيسية

TUNISNEWS
 ème année, N° 2423 du09.01.2007

 archives : www.tunisnews.net


الحزب الديمقراطي التقدمي : بيان حول الأحداث الأخيرة في الضاحية الجنوبية الحزب الديمقراطي التقدمي: بـلاغ صـحـفـي

ميدل ايست اونلاين: صحيفة الشروق التونسية تشير الى مقتل سعد ساسي، والسلطات تدرس الخيط السلفي في الحادث

يو بي أي: حزب تونسي معارض يرفض استخدام العنف لخدمة أهداف سياسية

آكي: تونس – التحقيقات تؤكد ارتباط المسلحين بمجموعات سلفية

د ب أ: شبح جربة يخيم على تونس من جديد

رويترز: جماعة إسلامية تحث على شن هجمات على الفرنسيين بالجزائر

الراية القطرية: الرباط- السلطات توقف تنظيماً متخصصاً في تصدير المغاربة إلى العراق

الشرق القطرية: لوجود الغنوشي بين أعضائه ..إيران تتحفظ على استقبال وفد من الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين

الطاهر الأسود: تعليق حول مجمل المعطيات الإعلامية والسياسية المرافقة لظهور المجموعة الإرهابية في تونس

صلاح الدين الجورشي: قراءة في الأحداث الأخيرة – كيف تسرب العنف الديني إلى تونس؟

الأستـاذ فتحي نصري: تونـس: “خطة تجـفيف المنابع” والـحصـاد الـمـر

عبدالحميد العدّاسي: بين الأمس واليوم

الصباح: «براكاجات» ضد سائقي سيارات التاكسي في كرش الغابة

صالح الزغيدي: متابعات

رضا المشرقي: مجزرة عائلة المهاجر التونسي عزوز في إيطاليا:هل تكشف الجناة قطرة دم ؟

رجاء بن سلامة: يحبّون طغاتهم أكثر ممّا يحبّون أنفسهم!

أم صابر: “يا حسرة على العباد…”

الهاشمي بن علي: دعوة للتعقّل – عندما تتهافت النخبة..

فهمي هويدي: رسائل الإعدام المهين

بحرى العرفاوي: “إنما شنقوا النعاج الخائفة “

توفيق المديني: أميركا الوسطى و الجنوبية لم تعد الحديقة الخلفية لواشنطن

ريتشارد جوت: أمريكا اللاتينية تستعد لتسوية الحسابات مع “المستوطنين البيض”


Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe ( Windows )

To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic (Windows).


الحزب الديمقراطي التقدمي 10، نهج أيف نوهال – تونس الهاتف / الفاكس : 71332194

بيان حول الأحداث الأخيرة في الضاحية الجنوبية

تناول المكتب السياسي للحزب الديمقراطي التقدمي في اجتماعه الدوري يوم الأحد 7 جانفي 2007 بالدرس الأحداث الخطرة التي عاشتها تونس خلال الأيام الأخيرة والمتمثلة في اشتباكات بين قوات من الأمن الوطني وعناصر مسلحة وُصفت ب”المجرمين الخطرين” حسب المصادر الرسمية والتي أشارت إلى وجود قتلى وجرحى جراء تلك الإشتباكات. ورغم شحَ المعلومات بعد أسبوعين من اندلاع تلك الأحداث واستمرار التعتيم الإعلامي على حقيقة ما جرى، فإن الحزب الديمقراطي التقدمي يؤكد على ما يلي: 1- رفضه استخدام العنف لخدمة أهداف سياسية واعتبار اللجوء إلى مثل هذه الأساليب خيارا يائسا ينبذه عموم التونسيين ودلت التجارب في بلدان عديدة على نتائجه المدمرة وتداعياته الخطرة على السلم الأهلية والإستقرار السياسي. 2- استنكاره للتعتيم الإعلامي الرسمي واعتباره تعديا صارخا على حق المواطنين في معرفة الحقيقة وإساءة بالغة للإعلاميين التونسيين وهضما لمكانة رجال الأمن وحقوقهم وخاصة من أصيب منهم في هذه الأحداث أثناء القيام بالواجب. وينبه في هذا الإطار إلى النتائج العكسية التي أدى لها التكتم على الحقائق من ازدهار الشائعات والمبالغات في الداخل والخارج مما خلق حالة من القلق والخوف وأساء لسمعة البلاد وأضر بالسياحة. ويطالب الحزب وزيري الداخلية والعدل بعقد ندوة صحفية عاجلة لتسليط لإنارة الرأي العام وتبديد المخاوف وكشف كل الحقيقة حول تلك الأحداث. 3- تشديده على أن تحصين مجتمعنا ضد مظاهر العنف والإرهاب التي صارت تتغذى من مناخ دولي وظروف إقليمية إضافة للعوامل المحلية، لا يتأتى فقط بالأساليب الأمنية التي أثبتت محدوديتها، بل يشترط تحقيق انفراج سياسي طالما طالبت به المعارضة بما يزيل الإحتقان ويُشرك المجتمع المدني وقواه الحية في ضبط التحديات ورسم السياسات ويمكَن الأحزاب والجمعيات من التأطير السلمي للمواطنين، و خاصة منهم الشباب، ويخلق رأيا عاما مضادا للأعمال الإرهابية مهما كانت دوافعها وبغض النظر عن الداعين لها. 4- خشيته من تعلل السلطات بالظروف الأمنية والإجراءات الإحتياطية للتضييق على الحريات الفردية والعامة وانتهاج مزيد من الإنغلاق السياسي أو اتخاذ عقوبات جماعية ضد العائلات أو المناطق التي ينتمي لها المورطون في تلك الأحداث، أو انتهاك حقوق من تم إيقافهم في علاقة بالإشتباكات المسلحة أو التحقيق معهم على سبيل التحري. 5- تجديد الدعوة لحوار وطني يتيح معالجات سياسية للتحديات الراهنة ولا يكون استمرارا لنهج الإنفراد والإنغلاق. تونس في 7 جانفي ‏2007 الأمينة العامة مية الجريبي  

الحزب الديمقراطي التقدمي 10، نهج أيف نوهال – تونس الهاتف / الفاكس : 71332194 بـلاغ صـحـفـي
عقد المكتب السياسي المُنبثق من المؤتمر الرابع للحزب الديمقراطي التقدمي اجتماعه الأول اليوم الأحد 7 جانفي 2007 برئاسة الأمينة العامة للحزب الأخت مية الجريبي وتدارس عددا من المسائل الوطنية والحزبية وانتهى إلى ما يلي: 1 – على المستوى السياسي: – يعبر عن استيائه لتجدد الإعتداء على أعضاء المجلس الوطني لرابطة حقوق الإنسان ومنعهم من عقد اجتماع عادي في المقر المركزي للرابطة تحضيرا للمؤتمر الوطني السادس، ويذكر بأن استمرار هذا الحصار وتوسيعه إلى الفروع الجهوية يتمان في الوقت الذي يواصل فيه مسؤولون في الحكومة الإدعاء بأن الرابطة تعاني من “أزمة داخلية”. ويطالب في هذا السياق برفع جميع العراقيل من طريق هذه المنظمة الوطنية العريقة كي تتمكن هياكلها من استتئناف نشاطها العادي وتستعيد دورها في الساحة الوطنية. كما يستنكر المكتب السياسي الإعتداء الذي تعرض له الأخ المحامي رابح الخرايفي عضو المكتب صبيحة اليوم على أيدي رجال شرطة بالزي المدني في أحد المقاهي القريبة من مقر الرابطة، ويستهجن أسلوب العنف المستخدم ل”الحوار” مع إطاراتها. – ينبه إلى خطورة الأحداث التي جدت بين 23 ديسمبر الماضي و5 جانفي الجاري في مدينتي حمام الأنف وسليمان ولذلك أفرد لها بيانا مستقلا. 2 – على المستوى التنظيمي: أ – تم انتخاب أعضاء الهيئة التنفيذية التي ستسهر على التسيير اليومي للحزب بين اجتماعي المكتب السياسي وهي مؤلفة على النحو التالي: الأمينة العامة : مية الجريبي الأمين العام المساعد المكلف بالمالية : عصام الشابي الأمين العام المساعد المكلف بالعلاقات الخارجية : رشيد خشانة الأمين العام المساعد المكلف بالإعلام والإتصال : محمد القوماني الأمين العام المساعد المكلف بالعلاقات الوطنية : المنجي اللوز أعضاء : مولدي الفاهم وأحمد بوعزي والجيلاني العبدلي وفتحي التوزري. ب – تم تشكيل المكاتب الحزبية الآتية بالإضافة للسابقة: التنظيم والتوثيق: جيلاني العبدلي الدراسات : عبد المجيد مسلمي العمل الإجتماعي : مولدي الفاهم الشباب والمرأة : أحمد بوعزي الحريات وحقوق الإنسان : رابح الخرايفي التكوين : فتحي التوزري والجدير بالذكر أن المكتب السياسي يضم 25 عضوا وهم بالإضافة للإخوة المذكورين آنفا: أحمد نجيب الشابي وعبد اللطيف الهرماسي ومهدي مبروك وعبد الجبار الرقيقي ورياض البرهومي وهشام بوعتور وماهر حنين وعمار حمدي والشاذلي فارح ومصباح شنيب ومحمد الحامدي والحبيب بوعجيلة وصالح بلهويشات وناجي الغرسلي وعطية عثموني. تونس في 7 جانفي ‏2007 الأمينة العامة مية الجريبي (المصدر: موقع الحزب الديمقراطي التقدمي بتاريخ 8 جانفي 2007)

 

 

حزب تونسي معارض يرفض استخدام العنف لخدمة أهداف سياسية

تونس / 8 يناير-كانون الثاني يو بي أي: أعرب حزب تونسي معارض عن رفضه القاطع لاستخدام العنف لخدمة أهداف سياسية، وذلك في أول ردّ فعل من نوعه على الاشتباكات المسلّحة بين وحدات أمنية وعناصر وصفت بأنها تنتمي اٍلى “عصابة مجرمين خطرين” وقعت أخيراً في الضّاحية الجنوبية لتونس العاصمة. وقال الحزب الدّيمقراطي التّقدمي، وهو حزب معارض معترف به، في بيان حمل توقيع أمينته العامة ميّة الجريبي وُزع اليوم الاٍثنين اٍنّه يعتبر اللّجوء اٍلى العنف وغيره من الأساليب المشابهة “خيارا يائسا ينبذه عموم التونسيين”. ولاحظ في بيانه، الذي صدر عقب الاٍجتماع الدوري لمكتبه السياسي، أن التّجارب في بلدان عديدة، دلّت على النّتائج المدمّرة للعنف وتداعياته الخطيرة على السلم الأهلية والاستقرار السياسي. وكانت السلطات التونسية أعلنت في وقت سابق عن غلق ملف هذه المسألة بالقضاء نهائيا على عناصر المجموعة المسلّحة خلال اشتباكات خلّفت 12 قتيلا وعدد من الجرحى في الفترة ما بين الرابع من ديسمبر/كانون الأول الماضي، والثالث من شهر يناير/كانون الثاني الجاري. ومن جهة أخرى، استنكر الحزب التونسي المعارض ما وصف ب”التّعتيم الاٍعلامي الرسمي” على هذه الأحداث، واعتبره “تعدّيا صارخا على حق المواطنين في معرفة الحقيقة، وإساءة بالغة للإعلاميين التونسيين، وهضما لمكانة رجال الأمن وحقوقهم وخاصة من أصيب منهم في هذه الأحداث أثناء القيام بالواجب”. وحذّر من النّتائج العكسية التي أدّى لها التّكتم على الحقائق من اٍزدهار الشائعات والمبالغات في الداخل والخارج مما خلق حالة من القلق والخوف وأساء لسمعة البلاد وأضر بالسياحة. وطالب وزيري الداخلية والعدل بعقد ندوة صحافية عاجلة لتسليط الضوء على هذه الأحداث، لإنارة الرأي العام وتبديد المخاوف، معتبرا أن تحصين المجتمع ضد مظاهر العنف والإرهاب التي صارت تتغذى من مناخ دولي وظروف إقليمية “لا يتأتى فقط بالأساليب الأمنية التي أثبتت محدوديتها، بل يشترط تحقيق اٍنفراج سياسي طالما طالبت به المعارضة”. كما جدّد الحزب الدّيمقراطي التّقدّمي التونسي دعوته لحوار وطني “يتيح معالجات سياسية للتّحديات الراهنة،ولا يكون اٍستمرارا لنهج الإنفراد والإنغلاق”. يشار اٍلى أن أحزاب المعارضة التّونسية ما تزال تتعامل بحذر شديد مع هذه التّطورات الأمنية، فيما بدأت وسائل الاٍعلام المحلية تتحرّر نسبيا من الرواية الرسمية لتطوّر الأحداث، لجهة الاٍشارة الخجولة اٍلى اٍمكانية اٍرتباط المجموعة المسلّحة بتنظيم اٍرهابي له اٍمتداد اٍقليمي. (المصدر: موقع الحزب الديمقراطي التقدمي بتاريخ 8 جانفي 2007)  


 
صحيفة الشروق التونسية تشير الى مقتل سعد ساسي، والسلطات تدرس الخيط السلفي في الحادث.

مصادر: مقتل زعيم مجموعة سلفية في الاشتباك مع الأمن التونسي

تونس – قالت صحيفة “الشروق” التونسية الثلاثاء ان زعيم المجموعة “السلفية” المتورطة في اشتباكات دامية مع اجهزة الامن التونسية نهاية كانون الاول/ديسمبر وبداية كانون الثاني/يناير، قضى متأثرا بجروح اصيب بها في الاشتباك الذي وقع في سليمان على بعد 40 كلم جنوبي العاصمة. واكدت الصحيفة الخاصة ان المواجهات جرت بين قوات الامن و”مجموعة سلفية ناشطة في المغرب العربي” اصيب زعيمها الذي يدعى لسعد ساسي واعتقل في الثالث من كانون الثاني/يناير قبل ان يتوفى متأثرا بجروحه. وكانت السلطات التونسية اعلنت ان المواجهات التي وقعت في 23 كانون الاول/ديسمبر و3 كانون الثاني/يناير الحالي انتهت بمقتل 12 من افراد المجموعة واعتقال 15 اخرين. ولم تتسرب عقب ذلك اي معلومات بشأن هوية المتورطين في الاشتباك او الدوافع الاجرامية او السياسية لهم وتقول السلطات ان مبرر ذلك هو “سير التحقيق” في القضية. وكانت صحيفة “ليبراسيون” الفرنسية كشفت في الخامس من كانون الثاني/يناير اسم زعيم المجموعة لسعد ساسي وقالت انه “معاون امن تونسي سابق وهو من منطقة بئر الباي (قرب مدينة قرنبالية جنوبي العاصمة تونس) وكان مر قبل ذلك بافغانستان والجزائر”. واكدت مصدر حسن الاطلاع ان عنصر الامن السابق قضى متأثرا بجروحه في مستشفى بعد ان تم استجوابه مطولا من قبل الشرطة. وقالت “الشروق” ان قوة النيران والاسلحة المستخدمة بما فيها بنادق آلية وقاذفات صواريخ من نوع “ار بي جي” تظهر وجود عناصر مدربة جيدا ومعتادة على استخدام السلاح بين المجموعة. واضافت الصحيفة نقلا عن “مصادر حسنة الاطلاع” ان الرجل الثاني في المجموعة وهو طالب في العشرينات من العمر من منطقة سليمان قتل ايضا. وبحسب شهادة فان مجموعة من خمسة اشخاص على الاقل تحصنت في مبنى قيد الانشاء عند مدخل مدينة سليمان. وفي حين سلم احدهم نفسه قتل اربعة اخرون في اشتباك عنيف مع قوات الامن التي استخدمت “دبابة”، بحسب شاهد عيان طلب عدم كشف هويته. وسمح لمصورين مساء الاثنين بالتقاط صور من موقع الاشتباك وخاصة للمنزل الذي تحصنت فيه المجموعة والذي شهد اشتباك الثالث من كانون الثاني/يناير. وبالتوازي مع ذلك قالت آمنة صولة عضو مجلس المستشارين في تونس في لقاء مساء الاثنين مع قناة “فرانس 24” الاخبارية الفرنسية انه “تجري دراسة خيط سلفي بجدية” في هذه القضية. (المصدر: موقع ميدل ايست اونلاين بتاريخ 9 جانفي 2007 نقلا عن وكالة الصحافة الفرنسية) الرابط: http://www.meo.tv/?id=44160


تونس:

التحقيقات تؤكد ارتباط المسلحين بمجموعات سلفية

تونس (9 كانون الثاني/يناير) وكالة (آكي) الإيطالية للأنباء – قالت مصادر إعلامية في تونس اليوم (الثلاثاء) إن “التحقيقات مع العناصر المسلّحين الذين تم أسرهم من قبل الأمن التونسي، أكدت أن الأمر يتعلق بإحدى المجموعات السلفية المعروفة بنشاطها في منطقة المغرب العربي”. وقالت صحيفة (الشروق) اليومية وفقا لمصادر وثيقة الاطلاع، إن “المسلحين استخدموا قاذفات من نوع (آر بي جي) خلال اشتباكهم مع قوات الأمن بالقرب من الضّاحية الجنوبية لتونس العاصمة”، مضيفة أن “المواجهات كشفت عن امتلاك العصابة المسلّحة لبنادق ومسدّسات آلية”. وأضافت الصحيفة أن “القوات الأمنية التونسية تمكّنت من إصابة قائد هذه المجموعة المسلّحة، الذي يدعى الأسعد ساسي وأسره قبل أن يلفظ أنفاسه الأخيرة، نتيجة الإصابات التي تلقاها خلال المواجهات” مضيفة أن “القوات الأمنية تمكّنت أيضا من قتل مساعد قائد المجموعة، ويدعى ربيع وينحدر من مدينة “سليمان” (30 كم جنوب العاصمة التونسية). من ناحية ثانية رجّحت صحيفة “TUNIS HEBDO” الأسبوعية الناطقة بالفرنسية أن يكون “هؤلاء الإرهابيين ذوي الميول السلفية مدعومين من الخارج، وأنهم كانوا يعتزمون على ما يبدو، استهداف المنشآت السياحية والاقتصادية للبلاد، وخصوصا في مدينتي الحمّامات وسوسة السياحيتين”. أما صحيفة (الحرية) الناطقة باسم حزب التجمع الدستوري الديمقراطي الحاكم في تونس، فقد دعت اليوم (الثلاثاء) إلى “وحدة الصف ووحدة الموقف ووحدة الرد، بعيدا عن كل خلافات، إلا التي تتعلق بالاتفاق والوفاق حول المجتمع الوسطي، ونبذ العنف والتطرف”. هذا وكانت وزارة الداخلية التونسية قد أعلنت الخميس الماضي أن “قواتها قتلت 12 مسلحا واعتقلت 15 آخرين، في اشتباكات مسلحة بدأت ليلة 23 كانون الأول/ديسمبر الماضي، دون توضيح هوية المجموعة أو الجرائم التي ارتكبتها، لكنها وصفتها في بيان سابق بأنها “عناصر مجموعة إجرامية خطيرة”. (المصدر: وكالة آكـي الإيطالية للأنباء بتاريخ 9 جانفي 2007) الرابط:  http://www.adnki.com/index_2Level_Arab.php?cat=Terrorism&loid=8.0.374465860&par=0


شبح جربة يخيم على تونس من جديد

من: هانز-يوخين كافساك تونس/باريس 9 كانون ثان/يناير ( وكالة الأنباء الألمانية – د ب أ)- عاد شبح الاعتداء على المعبد اليهودي في جزيرة جربة بتونس للظهور من جديد بعد أن اندلعت مواجهات دامية بين الاسلاميين والاجهزة الامنية لم تتضح تفاصيلها وأبعادها حتى الان بسبب رغبة النظام في عدم إتباع سياسة إعلامية منفتحة خوفا من مغادرة السائحين البلاد وتجنبا لظهور انطباع بأن تونس لم تعد واحة آمنة وجنة للسائحين. ومع مرور الايام تتكشف حقائق جديدة عن المواجهات المسلحة التي وقعت أواخر الشهر الماضي وأوائل الشهر الحالي في الضاحية الجنوبية للعاصمة تونس حيث تقول الرواية الرسمية إن قوات الامن الوطني وعناصر من الجنود هاجمت “مجموعة خطيرة من المجرمين” وقتلت 12 منهم واعتقلت 15 آخرين فيما وردت أنباء عن مقتل 25 شخصا في تلك المواجهات التي تعد الاعنف من نوعها. ويطلق لفظ “المجرمين الخطرين” عادة على مهربي الاسلحة والمخدرات فيما ذكرت “دوائر عليمة” لصحيفة “لوتون” أن الهجوم الكبير جاء ضد خلايا إسلامية شديدة التسليح. وذكرت الصحيفة نقلا عن مسئولين أن “هذه الجماعات تعمل في إطار خطة إرهابية لهز الاستقرار في المغرب العربي ونقل العنف إلى المؤسسات الاقتصادية والسياحية في البلاد”. في الوقت نفسه أكدت صحيفة “الشروق” أن “هؤلاء الارهابيين” على درجة عالية من التدريب على حرب العصابات وأن من بينهم العديد من الاجانب أيضا. ويبدو أن البلد الهادئ بين ليبيا والجزائر عاد ليصبح مسرحا لارهاب تنظيم القاعدة وأصابه عدوى الارهاب حسب تحليل “الفيجارو” الفرنسية الذي أشار أيضا إلى التعاون المتزايد بين “الجماعة السلفية للدعوة والقتال” في الجزائر والخلايا الاسلامية في تونس بعد أن ناشد قادة تنظيم القاعدة الجماعة السلفية بأن تصبح “عظمة في حلق المستعمرين الامريكيين والفرنسيين”. ويسعى الجيل الجديد لهذه الجماعة السلفية التي لا تحظى بتأييد شعبي في الجزائر إلى الاقتراب أكثر من تنظيم القاعدة والظهور على المسرح الدولي بسبب العزلة التي يشعر بها ومساندة الشعب لمسار المصالحة الذي ينتهجه الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة. ويسود الغموض طريقة التعاون بين الحركة السلفية الجزائرية و”رفاق الكفاح” في المغرب وتونس غير أن صحفا تونسية تحدثت بشكل صريح وغير معتاد عن وجود نحو 30 من الاسلاميين من ذوي التوجه السلفي المتطرف بين الافراد الذين هاجمتهم أجهزة الامن في حمام الانف ومدينة سليمان وأضافت أن هذه العناصر المتطرفة دأبت يوميا على شراء 40 رغيفا مما لفت نظر الخباز وهو خطأ لا يغتفر في بلد مثل تونس. (المصدر: برقية صادرة عن وكالة الأنباء الألمانية – د ب أ DPA بتاريخ 9 جانفي 2007)  


عام / تونس / مجموعة اجرامية

 

تونس 19 ذو الحجة 1427 هـ الموافق 9 يناير 2007م واس تواصل السلطات التونسية التحقيق مع 17 عنصرا تم القبض عليهم فى مواجهة تمت على مرحلتين قبل ايام جنوب العاصمة مع افراد مجموعة مسلحة وصفت بانها خطيرة كانت تخطط لعمليات تستهدف مواقع واهدافا حيوية داخل تونس. وكانت قوات الامن التونسية قد تمكنت من القضاء على هذه المجموعة فى مواجهتين مسلحتين بالضاحية الجنوبية للعاصمة حيث قتلت 14 عنصرا من افرادها والقت القبض على 17 يخضعون للاستجواب. وتفيد مصادر مطلعة بانه من السابق لاوانه التعريف الدقيق بانتماءات وخلفيات هذه المجموعة قبل الانتهاء من التحقيقات الا ان الامر يتعلق بمجموعة خطيرة لعناصرها دراية وخبرة وتدريب على استعمال السلاح وتنقنياته من واقع الاسلحة المتطورة التى كانت بحوزة افرادها. وكشفت ان المجموعة تضم فى صفوفها اجنبيا واحدا من الجنسية الموريتانية وهى تنتمى فى الغالب الى احدى الجماعات المتشددة. (المصدر: برقية صادرة عن وكالة الأنباء السعودية (واس) بتاريخ 9 جانفي 2007)  


جماعة إسلامية تحث على شن هجمات على الفرنسيين بالجزائر

دبي (رويترز) – دعا زعيم جماعة جزائرية متشددة مرتبطة بتنظيم القاعدة في فيديو بثه موقع على شبكة الانترنت يوم الاثنين (8 جانفي 2007، التحرير) الى شن هجمات على الفرنسيين وحلفائهم في الجزائر. وقال ابو مصعب عبد الودود أمير الجماعة السلفية للدعوة والقتال ان جماعته في انتظار اوامر من اسامة بن لادن زعيم تنظيم القاعدة بعد الحصول على اسلحة وعتاد. وقال “الى الشعب الجزائري المسلم شيوخه وشبابه وأمازيغه دونكم أبناء فرنسا وأولياء الصليبيين المحتلين لأرضنا دونكم رقاب من باع مليون ونصف مليون من الشهداء. اننا نمد اليوم ايدينا الى كل مسلم صادق تهمه قضية الاسلام في الجزائر.” (المصدر: موقع سويس إنفو بتاريخ 9 جانفي 2007 نقلا عن وكالة رويترز للأنباء)  


السلطات توقف تنظيماً متخصصاً في تصدير المغاربة إلى العراق

 الرباط- المصطفي العسري منذ تفجيرات الدار البيضاء مايو ،2003 والأجهزة الأمنية المغربية تخوض سباقا ضد التنظيمات المتطرفة، ما نتج عنه اعتقال والتحقيق مع أزيد من 3000 عنصر مشتبه في انخراطهم بتنظيم السلفية الجهادية. إلا أن العام المنقضي عام 2006 كان أكثر السنوات نتاجا، حيث تمكنت الأجهزة الأمنية المغربية من تفكيك 10 تنظيمات إرهابية، كان آخرها تفكيك تنظيم ”إرهابي” ذي علاقات دولية كان يعمل علي ترحيل مغاربة إلي العراق للمشاركة في القتال ضد القوات الأمريكية هناك. تمكنت قوات الأمن المغربية من تفكيك تنظيم إرهابي كان ينشط في عدد من المدن المغربية، وكان يعمل علي تجنيد وترحيل متطوعين مغاربة إلي العراق للمشاركة في القتال ضد القوات الأمريكية هناك. وحسب وزير الاتصال المغربي محمد بن عيسي فقد أحيل أعضاء التنظيم ذو الامتدادات الدولية والبالغ عددهم ستة وعشرين مغربيا علي العدالة حيث ستتم متابعتهم في جلسات علنية طبقا لقانون مكافحة الإرهاب. المسؤول المغربي كذب ما حملته تقارير صحفية تحدثت عن تعرض المتهمين لعمليات خطف من منازلهم دون أن يكون هناك أمر صادر عن النيابة العامة بتوقيفهم. بن عبد الله ذكر أن العناصر الأولية للتحقيق تفيد بوجود ”علاقات للمعتقلين علي المستوي الأيديولوجي والمالي واللوجيستيكي مع تنظيم القاعدة، والجماعة السلفية للدعوة والقتال الجزائرية، وتنظيم الجماعة الإسلامية المقاتلة المغربية. وكانت العديد من وسائل الإعلام الإسبانية والبريطانية قد أشارت في وقت سابق أن مدينة تطوان المغربية أصبحت مركزا لتجنيد الشباب المغربي التواق لمحاربة قوات الاحتلال الأمريكي في العراق، وهو ما قللت من أهميته الرباط، بحكم أن من سرب الخبر في بداية الأمر صحف إسبانية باعتبار أن مدينة تطوان، لا تبعد عن سبتة المدينة المغربية المحتلة من قبل إسبانيا إلا بكيلومترات قليلة ويشكك المحللون أيضا في التهديد الذي يمثله المقاتلون الإسلاميون الأجانب في العراق قائلين أن اللوم الأكبر في انزلاق العراق نحو الفوضي يلقي الآن علي عاتق أنشطة الميليشيات الطائفية المحلية. وحسب محمد الطوزي أستاذ العلوم السياسية بجامعة الحسن الثاني في الدار البيضاء، فإن فكرة القتال ضد الاحتلال الذي تقوده واشنطن في العراق تبدو جذابة للمزيد من الشبان المغاربة حتي غير المتدينين. وقال ”يبدو ان فكرة الذهاب للقتال في العراق لم تعد مرتبطة بشكل وثيق بالجهاد والتشدد الإسلامي، فيكفي أن يكون المرء شابا حتي يسهل استمالته للسير في الطريق إلي بغداد”. وفقا لما ذكرته مصادر في وزارة الداخلية المغربية، فخلال العام ،2006 تم استدعاء 483 شخصا يشتبه في علاقتهم بتنظيمات متطرفة، 143منهم تم وضعهم تحت الحراسة النظرية، في حين تم إصدار أحكام في حق 16 منهم. أما علي مستوي التنظيمات الإرهابية، فقد تم تفكيك 10 تنظيمات، ويتعلق الأمر بالتنظيم الذي يتزعمه محمد سعيد الداغري، وهو تنظيم تأسس بمدينة طنجة، وله علاقات بعناصر إرهابية بإسبانيا، ومنطقة جنوب الصحراء، وتوبع في هذه القضية 12 شخصا، وتم تفكيك هذا التنظيم في شهر يناير ،2006 كما تم تفكيك عناصر لها علاقة بتنظيم ”الجماعة السلفية للدعوة والقتال الجزائري في نفس الشهر. وفي مارس 2006 تم سقوط تنظيم إرهابي ذي أبعاد عالمية يرتبط بالتنظيم الجزائري المذكور، ويقوده التونسي محمد مساهل بن هدي، وسعي التنظيم إلي القيام بعمليات إرهابية في المغرب وأوربا، وقدم دعما لوجيستيكيا لتنظيم ”قاعدة الجهاد في بلاد الرافدين”، وفي العراق توبع تسعة أشخاص في هذا الملف، منهم من حكم عليه بالإعدام. في نفس الشهر أيضا (مارس 2006) تمكنت عناصر الأمن من إلقاء القبض علي أفراد من تنظيم السلفية الجهادية، بزعامة محمد ريكي ومراد بلفقير. وفي شهر مايو تم تفكيك خلية لاستقطاب المقاتلين لتنظيم السلفية للدعوة والقتال الجزائرية. في شهر يوليو ألقت أجهزة الأمن المغربي القبض علي خلية تكفيرية بشاطئ فم الواد بضواحي تطوان بشمال المغرب، والتي كان يتزعمها السلفي الجهادي محمد شاشو، وكانت هذه الخلية تسعي إلي القيام بعمليات إرهابية داخل المغرب. كما تم خلال نفس الشهر، تفكيك خلية للسلفية الجهادية والتي سقطت بمدينة الناظور (شمال-شرق) يتزعمها محمد أولشكي، والتي كانت تنوي الجهاد في العراق. أما في شهر أغسطس من العام ،2006 فتم تفكيك تنظيم أنصار المهدي الذي يتزعمه حسن الخطاب وبلغ عدد المتابعين في هذا الملف 58 شخصا، ليكون بذلك أضخم ملف إرهاب لسنة ،2006 والذي نجح في استقطاب عناصر عسكرية، وكان يسعي للقيام بمجموعة من العمليات العسكرية واغتيال العديد من الشخصيات السياسية والعسكرية السامية، وحسب الوثائق التي تم تحصيلها أثناء توقيف التنظيم المذكور فإن ”أنصار المهدي” كان يسعي إلي تغيير نظام الحكم في المغرب. وفي شهر نوفمبر تم تفكيك تنظيم مغربي يتبع لحزب التحرير الإسلامي الدولي، ليعلن بعد ذلك وفي نفس الشهر تفكيك تنظيم ”الجماعة الإسلامية للتوحيد والجهاد في المغرب”. وحسب أرقام غير مؤكدة، فإن المغرب الذي استطاع توقيف 10 تنظيمات العام الماضي، تمكنت أجهزته الأمنية ومنذ تفجيرات الدار البيضاء الكشف عن اكثر من50 خلية إسلامية راديكالية بعضها مرتبط بالقاعدة . (المصدر: صحيفة الراية القطرية الصادرة يوم 8 جانفي 2007) الرابط: http://www.raya.com/site/topics/article.asp?cu_no=2&item_no=212523&version=1&template_id=47&parent_id=42


لوجود الغنوشي بين أعضائه ..

إيران تتحفظ على استقبال وفد من الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين

طه حسين تحفظت ايران على استقبال وفد من الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين لوجود الشيخ راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة التونسية بين أعضائه. وقال الغنوشي لـ «الشرق»: إن الاتحاد العالمي قرر ابراز الأحداث في العراق التي اتخذت بعداً طائفياً تتعامل معه ايران بسلبية أن يشكل وفدا ليضعها أمام هذه الحقيقة ويتعرف على موقفها ويحذرها من التمادي في هذه السياسة التي ستفقدها مناصرة الأمة يوم أن يعتدى عليها خاصة ان آلة التدمير الأمريكية – الاسرائيلية تخطط اليوم لضرب ايران كجزء من العالم الإسلامي يسعى لامتلاك تقنية ظلت حكراً على الغرب.
وأضاف الغنوشي ان الوفد الذي يرأسه د.محمد سليم العوا ويضم في عضويته الكاتبين فهمي هويدي ومنير شفيق المنسق العام للمؤتمر القومي الاسلامي، والغنوشي فوجئ باعتراض ايران على شخصه بين اعضاء الوفد. وأبدى رئيس حركة النهضة التونسية دهشته من التصرف الايراني ازاءه رغم ان الحركة كانت أول حركة سنية تعلن تأييدها للثورة الاسلامية في ايران وروجت لها في الوسط السني الى الدرجة التي حملت السلطات على مصادرة وسائل اعلامها مثل مجلات المعرفة والمجتمع والحبيب التي حملت صور الخميني، كما حوكمت قيادة الحركة مرتين في 81 و1987 بتهمة الموالاة لإيران. وأعرب عن أسفه لتطور العلاقة بين النظام التونسي وايران حتى تصبح ذات أولوية عن علاقتها بحركة النهضة وإلى الدرجة التي تتصور معها ايران ان استقباله في طهران سيغضب النظام التونسي الذي قال انه يرى استمرار علاقته مع ايران رهينة برفض زيارة الغنوشي للجمهورية الاسلامية قائلاً: انها تمنح قروضا وهبات الى تونس لتحقيق ما اعتبره أهدافا ثقافية لدعم مجموعات معزولة من الشيعة في تونس، بينما تدير ظهرها لأكبر حركة اسلامية في البلاد وهو الأمر الذي يرى فيه الغنوشي براجماتية سياسية من جانب ايران. (المصدر: صحيفة الشرق القطرية الصادرة يوم 9 جانفي 2007)

تعليق حول مجمل المعطيات الاعلامية و السياسية المرافقة لظهور المجموعة الإرهابية في تونس

 

الطاهر الأسود

باحث تونسي يقيم في أمريكا الشمالية

laswadtaher@yahoo.com

 

يهتم هذا المقال بمحاولة التعليق على التغطية الإعلامية و مختلف ردود الأفعال و المستجدات في علاقة بالأعمال الإرهابية (أو محاولة إنطلاقها) في تونس. و من الضروري أن أؤكد هنا على الوضعية العامة التي تعرضت اليها في مقال سابق (“حول الانطلاقة المحتملة لأعمال إرهابية في تونس: استمرار التعامل الساذج في أوساط الطبقة السياسية التونسية مع تيار الفتنة الأهلية ” 29 ديسمبر 2006) و هو ما أعيد تعريفه هنا بأنه استمرار لـ”حالة إنكار” (state of denial) و عدم قدرة على تصديق مستجدات الساحة و هي حالة تشمل أطراف السلطة و المعارضة على السواء.  

 

التغطية الإعلامية: حول القصور الإخباري

 

من الواضح بداية أنه كان هناك تعتيما رسميا بالغا عما جرى. و قد تم تبرير ذلك بشكل غير رسمي (أنظر أسفله حول “الناطقين غير الرسميين”) بأن التعتيم يهدف للحفاظ على سرية التحقيق و من ثمة ضمان سلامة الفاعلين الأمنيين و نجاح عملية الملاحقة. غير أن هذه الدواعي المفهومة لا يمكن أن تبرر التعتيم الحاصل. حيث كان من الممكن بداية عدم ممارسة التضليل من خلال نسب ما يجري لـ”عصابة مخدرات” و هو ما كشف عن نوايا جدية مبكرة للتعتيم من قبل بعض (على الأقل) الدوائر الرسمية في استمرار لسياسة عامة إعلامية تتجنب الحد الأدنى من الإفصاح و هو ما يفسر حدة ردود الأفعال اللاحقة على تعاملها الاعلامي مع ما جرى. كما أن هذا الأسلوب ساهم كما هو متوقع و كما هي العادة في تغذية الكثيرمن الاشاعات في الشارع التونسي و من ثمة الإضرار بالظروف المحيطة بالحل الأمني. من جهة أخرى كان من الممكن الافصاح عن معطيات لا تضر بسير الملاحقة الأمنية مثل الصبغة السياسية للمجموعة الارهابية و التي لم يعد ممكنا التغافل عنها. و بالاضافة الى ذلك فإنه و كما يجري في أي بلد آخر يتعرض لمثل هذه الأحداث فإن الكشف عن بعض العناصر “المحروقة أمنيا” و دعوة المواطنين للمساهمة في القبض عليها يساعد على سير الملاحقة الامنية و لا يضر بها. غير أن غياب كل ذلك يعكس في الحقيقة حجم الشكوك بين الجهات الأمنية و بقية المواطنين و هو إطار غير مناسب لمواجهة هكذا تحديات تمس السلامة الأهلية للجميع. و هذا مشكل لا يمكن معالجته إلا بتحويرات على مستوى السياسة العامة.

 

غير أن التعتيم الرسمي الإخباري ترافق مع قصور إخباري عام تجسم في أسلوب التغطية الصحفية لما جرى. و من الضروري الاشارة هنا أن هناك تقريرين صحفيين فقط (حتى الآن أي 9 جانفي) قدما الإضافة الإخبارية. التقرير الأول نُشر في صحيفة ليبراسيون (5 جانفي 2007) أشار لأول مرة لتفاصيل عن أعضاء المجموعة بما في ذلك “قائدها” المفترض (“لسعد ساسي”) و “عضده الأيمن” (“الباشا”). تقرير الليبراسيون مبني على الأرجح على مصادر أمنية أو رسمية مطلعة عبر مصادر أخرى لم يسمها (ديبلوماسية فرنسية؟). بقي أنه ليس مبني على بحث صحفي ميداني في مواقع الاشتباكات. التقرير الضحفي الوحيد الذي قام بذلك هو تقرير السيد رشيد خشانة (نشر بالكامل في موقع “الحزب الديمقراطي التقدمي” و جزئيا في عدد صحيفة “الحياة” 6 جانفي 2007). و قدم فيه رواية متجانسة و من شهود عيان مباشرة ليس فقط لما جرى في سليمان بل أيضا لما جرى منذ 23 ديسمبر 2006. التقارير التي قام بها بعض صحفيي الصباح أو الشروق أو غيرها من الصحف المحلية بما في ذلك الذين ذهبوا لموقع الحدث لم تقدم أية إضافة إخبارية باستثناء بعض الصور (لم تكن هذه التقارير إخبارية بقدر ما كانت تطمينية و تحمل رسائل سياسوية بل كانت تضليلية في البداية مثلما حدث مع الشروق عندما أشارت و قبل “استكمال التحقيقات” الى أن الموضوع على علاقة بـ”عصابة مخدرات”). تبقى الاشارة أيضا الى مقال للسيد لطفي الحيدوري لا أعتقد أنه تنطبق عليه صفة التقرير الإخباري (أتعرض اليه بتفصيل أكبر أسفله) و فقرة في التعليقات السياسية (“أضواء على الأنباء”) للسيدة “أم زياد” في نشرية “كلمة” و قد أشارا كلاهما الى معطيات غير معروفة المصدر رغم أهميتها المحتملة و هو ما لا يدخل في الواقع ضمن نوع التقرير الإخباري. غير أنه عدى ذلك فإن بقية الصحفيين المستقلين المحليين (مراسلي “الجزيرة” و “سويس انفو” و “اسلام أون لاين”… الخ)  لم يقدموا في الواقع الإضافة الإخبارية المرتقبة حيث كانت تقاريرهم مبنية على تقارير إخبارية سابقة و على استجوابات لبعض الأطراف المعارضة التي عبرت عن رؤيتها السياسية و لم تقدم أية معطيات جديدة. و هكذا عموما كان هناك قصورا إخباريا عاما لم يكن ناتجا فقط على رغبة رسمية في التعتيم (شارك فيها صحفيو الجرائد المقربة من السلطة) بل أيضا عن قصور في “النفس الاخباري” حتى للصحفيين المستقلين و الذين انجذبو أكثر نحو التعليق السياسي غير المباشر على حساب صيد المعلومة و حتى على حساب ردود فعل المواطنين العاديين و هي حسب رأيي أهم من حيث القيمة الإخبارية بكثير من تعليقات بعض الوجوه السياسية و التي نعرف موقفها مما يجري من مصادر أخرى.      

 

التغطية الإعلامية (يتبع): في معنى “التقرير الإخباري”

 

أفرد هنا فقرة خاصة بالمقال الذي نُشر في مجلة “كلمة” الالكترونية (بتاريخ 8 جانفي) بقلم السيد لطفي الحيدوري. و يرجع التخصيص على هذا المقال لأنه يجسد حسب رأيي جانبا من أزمة العمل الصحفي المستقل في تونس. حيث أن الظروف الخاصة التي يعمل ضمنها الصحفيون المستقلون تؤثر ليس فقط على طبيعة المواضيع بل أيضا في منهج التقرير الصحفي و معناه. و في حالة المقال المعني فإن غياب المصادر يجعل من الصعب التمييز بين المعلومة و الإشاعة بالرغم من المعطيات المثيرة للإنتباه التي تعرض لها. و لكن ما يعمق هذا الغموض هو الخلط بين التقرير الإخباري و مقال الرأي فما يمكن أن يبدو تأويلا و موقفا سياسيا يؤثر بالتحديد في طريقة عرض المعلومة. و قد أثارتني بشكل خاص جمل من النوع التالي: “لا يجب استباق الأحداث والتسرّع في إطلاق الأحكام على هذه المجموعة قد تضرّ بها حقوقيّا وإنسانيا كموقف إدانة “لجوء بعض التونسيين إلى العنف كوسيلة للتغيير السياسي”. أو الحديث عن “مؤشر خطير يستوجب من الجميع التصدي له بحزم”، مثلما ورد في أحد البيانات الحقوقية الأخيرة. وهو ما قد يوظّف رسميا لانتهاك حقوقهم.” و هنا لا يمكن لي عدم ملاحظة الأسلوب المشترك في “العمل الإخباري” بين “تقرير” يكتبه للشروق السيد سفيان الأسود و تقرير السيد الحيدوري حيث هناك حرص على خدمة أجندة سياسية تظهر للسطح لتقدم الوعظ و التوجيه، و هو أسلوب مقال الرأي، عوض الاقتصار على نقل المعلومة باحتراز كافي و بالتأكيد على المصادر.   

 

تصريحات الرئيس لبوشيحة

 

حتى الآن لم يعبر رئيس الدولة (او حتى بقية الوجوه الأساسية في الحكومة) على أي ملاحظات مباشرة و علنية حول الحدث. و تم اختيار صيغة غريبة نوعا ما لتبليغ الرسالة الرسمية على المستوى السياسي و هي تصريحات الرئيس للسيد محمد بوشيحة أو في الحقيقة تصريحات السيد بوشيحة لما صرح به اليه الرئيس إثر لقاء جمع بينهما قبل نهاية الأسبوع. و تم اللجوء الى صيغة أخرى لإبراز اللقاء إعلاميا من خلال حوار صحيفة “الشروق” مع بوشيحة (عدد 7 جانفي 2007) و الذي كان المقصود منه إعطاء صبغة خاصة للقاء الرئيس به. اللافت أن هذه الصيغة ستكون مفهومة لو تمت مع رئيس تحرير إحدى الصحف و ليس مع رئيس أحد الأحزاب المقربة من السلطة. و إذا تجاوزنا أسئلة أخرى من نوع لما تم إختيار السيد بوشيحة تحديدا (“أكبر حزب معارض” برلمانيا؟) فإن تصريحات رئيس الدولة (غير المباشرة) تشير الى أسباب سياسية و أهمية المعالجات السياسية للحدث و فيه تحميل واضح للأحزاب المساندة لها في الفشل في جذب الشباب و التعبير عن همومه (و هو ما ينسجم مع خطاب السلطة المتذمر من هذه “المعارضة” المقربة منها و الذي تزايد خلال الأشهر الأخيرة). يبقى أن هذه التصريحات (و التي لا يمكن أن لا نشعر فيها بحجم التهميش لشخوص هذه المعارضة المجبرة ليس فقط على الاستماع الى مثل هذه التصريحات بل أيضا على نقلها بنفسها للمنابر الاعلامية) لا تعني بالضرورة وعيا رسميا بفشل الصيغة الراهنة للساحة السياسية كما تحددها السلطة و القائمة على وجود “معارضة” رسمية لا تملك المعارضة و هو في واقع الأمر أحد أهم أسباب “عزوف” الشباب التونسي عنها. يبقى من المؤمل أن هناك إجماعا في هذه الحالة على الدور الرئيسي للظروف السياسية الداخلية فيما جرى و يجري.     

 

الناطقين غير الرسميين

 

مقابل التراجع اللافت (و لكن المعتاد الآن) للمنابر الإخبارية الرسمية على المستوى السياسي استمر بروز (مفارقة) الناطقين غير الرسميين و لكن المكلفين في الوقت نفسه بالتعبير عن الموقف الرسمي. و تأتي تصريحات شخوص مثل السيدان برهان بسيس و بوبكر الصغير ضمن هذا الإطار. و قد علق الكثيرون على هذا الأسلوب غير المسبوق في المعالجة الإعلامية. يبقى من الممكن القيام ببعض الملاحظات خاصة في علاقة بما يكتبه السيد بسيس. يتذمر الأخير بشكل متقطع من “جمود” بعض وسائل الاعلام الرسمية (يلمح للتلفزة و الاذاعة الرسميتين عادة) غير أن المشكل الأهم، كما يجب أن يعرف، هو تراجع المؤسساتية عن الاعلام الرسمي خاصة على مستوى الإخبار السياسي. و الحقيقة فإن وجود “مؤسسة” الناطق غير الرسمي (كما يشغلها هو نفسه) من الدوال الأساسية على المشكل القائم. و من اللافت أن يهاجم السيد بسيس “وكالة أنباء قالوا” بوصفها مؤسسة لا تنضبط لقواعد الشفافية الاعلامية و العمل الإخباري في حين أن الأخيرة تتغذى موضوعيا و تحديدا من وجود الوكالات غير الرسمية المشابهة مثل “وكالة أنباء بسيس” أو غيرها. في النهاية سيكون من الحكمة النصح بأنه “لا بأس من الصمت قليلا” و لكن فقط عندما تؤدي المؤسسة الإعلامية الرسمية “قليلا من الإفصاح” و ذلك الذي يؤدي فعلا واجب تحصين الجبهة الداخلية من الاشاعات غير الضرورية. إن الطلب من التونسيين القيام بـ”قليل من الصمت” يقبل و يجير في الواقع بصمت الموقف الرسمي غير المبرر و لا يرى أن دعوته (للصمت في الواقع) لا تتناسب حتى مع الفوائد الأمنية في “قليل من الإفصاح”. و يبقى من المثير أن تتركز مهام “الناطق” غير الرسمي تحديدا في الدعوة للتوقف عن أو حتى “التقليل” من النطق.

 

بيانات المعارضة: استمرار رفض تقييم “الصحوة الدينية”

 

قامت بعض أحزاب المعارضة و المنظمات الخارجة عن ضوابط السلطة (معترف بها و غير معترف بها) بإصدار بيانات في علاقة بالحدث. و كما هو متوقع جاءت متشابهة و تركزت حول “نبذ العنف مهما كانت أسبابه” و تحذير السلطة من “مغبة استغلال العنف لتبرير القمع و مزيد التضييق على الحريات”. و قد كنت تعرضت في مقال سابق للـ”تعامل الساذج للطبقة السياسية التونسية مع تيار الفتنة الأهلية”. و أريد هنا التخصيص على أن الأطراف التي أصدرت البيانات أكدت هذه الخاصيةالأساسية الجامعة في التعامل مع التيار المعني. حيث و بداعي انتظار معطيات مؤكدة تم التمسك بتجاهل إمكانية وجود هذا التيار الجدي في الساحة بالرغم أن الشارع السياسي التونسي كان يعرف و بعد يومين على الأكثر من حادثة 23 ديسمبر بأن هناك معطيات جدية تشير لتورط مجموعة سلفية جهادية. إن القضية الأهم التي تم مرة أخرى التغاضي عنها هي: أولا، أنه ضمن مسار “الصحوة الدينية” المتعاظمة في السنوات الأخيرة كانت هناك مؤشرات لا يمكن أن تغيب عن أي طرف سياسي مطلع في الحد الأدنى على الوضع في البلاد حول وجود تيار سلفي قوي ضمن هذا المسار العام (الى جانب تيارات أخرى بما في ذلك المجموعة الشيعية على صغرها و التي يتكلم باسم أهمها السيد عماد الحمروني و الذي جمعني معه جوار مؤخرا). إن الملاحظ الجدي كان يسمع عن و يرى ليس وجود هذا التيار فحسب بشكل مرئي في أحياء شعبية أساسية حول العاصمة (“حي التضامن” مثلا) بل و في غيرها و خاصة في بعض الأوساط الشبابية و التي لم تكن تتميز بأي اهتمامات سياسية. كما كان هناك تداول لمعطيات مؤكدة عن اشتباكات كلامية (فقهية) بين عناصر هذا التيار و عناصر قريبة من حركة النهضة ليس في السجون فحسب بل أيضا في بعض المساجد و هو ما انعكس بشكل خافت في بعض الرسائل و الردود المتباينة على شبكة الانترنت و خاصة على موقع “تونسنيوز”. و كانت هناك معطيات مؤكدة خلال السنوات الأخيرة من المفروض أنها متاحة لأي مطلع على الساحة عن اشتباكات كلامية (فقهية) جرت كذلك بين هذا التيار و تيارات أخرى في مسار “الصحوة الدينية” و تحديدا من جماعات “الدعوة و التبليغ” و “الصوفية” و حتى “الشيعة”.  و لم يكن ذلك مجرد حلقات جدال فقهي معزولة بل اخترقت جماعات شبابية كثيرة بما في ذلك في بعض الأحياء الشعبية و الأوساط الطلابية. و باختصار فقد أصبح السجال السياسي فيها إذا حصل يتم بالأساس على أساس ديني راديكالي في معظمه. و هكذا و بالرغم أن غياب رموز للسلفية الجهادية (كما حدث في المغرب في السنوات القليلة السابقة في تجربة مشابهة جزئيا لما يحدث في تونس) لا يعني عدم وجود بنية تنظيمية ما و لو في الحدود الدنيا و هو ما ينعكس في الخطاب الموحد و السجالي للمتبنين لهذا الخطاب. إن مجمل هذه الصورة من المتوقع ألا تغيب عن أي طرف سياسي يهتم بجدية بمتابعة دقيقة للساحة التي يعمل فيها إلا إذا اختار عدم التعبير عن ذلك أو اختار ببساطة عدم الاهتمام بذلك كمعطى له تأثيرات سياسية. و أعتقد أن هناك أطراف من المعارضة تعاملت بأحد الأسلوبين و خاصة الأسلوب الثاني.

 

ثانيا، و هنا نأتي لمسألة التطوع للقتال في العراق و انعكاسه على تشكل تيار سلفي جهادي يثير الفتنة الأهلية. حيث لا يمكن لأي متتبع سياسي أن يفصل الخطاب الشمولي و في كل تفاصيل الحياة لمنتسبي السلفية الجهادية و قرار التطوع للقتال في العراق. و هنا يجب التذكير بمجموعة من النقاط المتوقع أنها معروفة لكل الأطراف. بداية الغالبية العظمى من التونسين المتطوعين (و الذين يمثلون خمس في المائة من “المقاتلين الأجانب” في العراق) و حسب بيانات الذين قتلوا أثناء عمليات حربية هم ينتمون تحديدا لتنظيم “قاعدة الجهاد في بلاد الرافدين” أو كما كان يسمى قبل بيعة الزرقاوي لابن لادن أي “جماعة التوحيد و الجهاد”. إن ذلك ليس مجرد صدفة حيث أن قرار الذهاب للعراق يأتي في معظمه في إطار شبكات التنظيمات القاعدية و خاصة في الأوساط التي تتبنى الفكر السلفي. و هنا ليس كل من يتبنى الرؤى السلفية يتبنى ضرورة السلفية الجهادية (أو مسك السلاح كجزء أساسي لممارسة “الدعوة”) و لكن كل السلفيين الجهاديين هم قبل كل شيئ سلفيون. و هذا يعني تحديدا أن الذهاب للعراق لا يتم في هذا الإطار من أجل المساعدة على تحرير العراق و استعادة دولته الوطنية الشاملة لكل طوائفه بل لأجل إقامة “دولة العراق الاسلامية” و التي تعني تحديدا دولة “أهل السنة و الجماعة” بمعانيها الطائفية (هذا المشروع القديم في أدبيات القاعدة و لكن المعلن عنه مؤخرا فقط). و كما كتبت قبلا أكثر من مرة فإن هناك مشروعا حقيقيا للتحرير و المقاومة في العراق و هو بصدد التقدم و ضرب الاحتلال و لكنه يفرق بين محاربة الشيعي بحسب دوره في مشروع الاحتلال و محاربته لأنه “رافضي” كما فعل و يفعل القاعديون. و هنا نأتي للنقطة الأساسية: إن الذهاب للعراق بالنسبة للسلفي الجهادي لا ينفصل تحديدا عن مشروع إثارة الفتنة الأهلية في أي مجتمع “جاهلي” يحكمه “الطاغوت”. و هو ما ينطبق بالنسبة لهذه الرؤية ليس على السلطة السياسية في تونس فحسب بل و خاصة على النظام الدستوري المنظم للدولة ذاتها. إنه من الغريب حقا عدم قدرة الكثير من الأطراف السياسية الربط بين معني ذهاب منتسبي هذا التيار للعراق و الانعكاس المباشر لذلك على رؤية هؤلاء لطبيعة الوضع في تونس. و بمعنى آخر الحالة السابقة في السنوات الأخيرة للذهاب الى العراق لم تكن إلا المقدمة الضرورية لمشروع الفتنة الأهلية و “الجهاد المحلي”. و هكذا لم يكن هناك فرق بالنسبة لمنتسبي السلفية الجهادية بين الذهاب الى “الفلوجة” و الذهاب الى “جبال تزي وزو” حيث معاقل “الجماعة السلفية للدعوة و القتال” و الذهاب لـ”جبل الرصاص”. هنا من الضروري أن أؤكد مجددا على الفرق بين موجات التونسيين الذي شاركوا عبر سنين في المعارك القومية و الاسلامية الكبرى في فلسطين و لبنان و حتى العراق (خاصة مع بداية الحرب) و بين ذهاب السلفيين الجهاديين الى العراق. و لكن للأسف لم تستطع عديد الأطراف للدواعي التي أشرت اليها أعلاه التمييز بين الموجتين.       

 

انغماس متزايد في السذاجة (أو المناورة؟)

 

أحيانا يصبح الرصيد النضالي الحقوقي لبعض الوجوه عائقا أمام تقييم جدي لما يقولونه و يقومون به. و لا يمكن التشكيك في صدق أشخاص مثل السيد المنصف المرزوقي على سبيل المثال و لكن ذلك لا يعني أن ما يقولونه لا يلامس السذاجة بل و يستغرق فيها. لفتت إنتباهي ثلاثة أمثلة في هذا السياق و الذي لا يتصف بالسذاجة المتوقعة فحسب بل يتجاوزها للانغماس في سذاجة مفاجئة و صادمة أحيانا تشيرالى التشبث المعاند بتصور قديم لما يجري و من ثمة المضي أكثر في “حالة الإنكار”. أول النماذج بدون منازع هي “حكومة” السيد المرزوقي “المؤقتة”. و لا أعتقد أنه من الضروري هنا التذكير بأبسط الدواعي التي يمكن أن تدفع أيا كان للقيام بدعوة مماثلة عدى الترف البلاغي و عدم القدرة على التفكير. حيث ليست البلاد في وضع فوضى سياسية شامل تنقسم فيه بين فرقاء يملكون نصيبا مؤثرا في الشارع. و لا أعتقد أن السيد المرزوقي يعتقد حتى (أرجو على الأقل ذلك) أنه يملك قسطا جماهيريا في حالة عصيان و من ثمة يفكر في إنقاذ البلاد و حل الأزمة القائمة (من مظاهرات و اضرابات يومية) من خلال الدعوة لحكومة مؤقتة تنتقل بنا نحو انتخابات نزيهة (؟!). حقا لا أستطيع التفكير في أي تعليق مناسب هنا إلا أن الساحة السياسية المعارضة في حالة جدب حقيقية خاصة عندما يكون السيد المرزوقي أحد “وجوهها السياسية الرئيسية”. النموذج الثاني هي تصريحات للسيد عبد الرؤوف العيادي (في تقرير للسيد محمد الحمروني لصالح “إسلام أون لاين”) و التي أسوقها كما هي: “ ويرى العيادي أن مصطلح “السلفية الجهادية” هو “مفهوم غربي غير محايد معرفيا والقصد منه تشويه الجهاد وفي نفس الوقت النيل من فكرة الانتماء إلى السلف بربط الكلمتين إلى بعضهما وجعلهما تعنيان الإرهاب، فمن يقول اليوم السلفية الجهادية يقول إرهابا في حين أن الانتماء إلى السلف ليس جريمة بل إن أغلب علماء الأمة من أحمد بن حنبل إلى ابن تيمية وصولا إلى زعماء الإصلاح مثل محمد عبده وعبد العزيز الثعالبي هم أبناء هذا التيار“. ” و هنا المشكل لا يكمن فقط في أن ما يقوله السيد العيادي خاطئ بكل بساطة  حيث أن “السلفية الجهادية” ليست مصطلحا غربيا مسقطا كما يشير و يكفي التذكير بالجماعة المغربية المشاركة في أحداث 2002 في الدار البيضاء و التي تسمي نفسها بـ”السلفية الجهادية” (و لا يسميها أحد بذلك بشهادة شيوخها) كما هو معروف لكل الدارسين للظاهرة (هناك الكثير من المقالات و الدراسات في هذا الشأن و لكن يمكن الاكتفاء بالمقالات التفصيلية للسيد منتصر حمادة في هذا الموضوع خاصة في صحيفة القدس العربي). المشكل، إذا، لا يقتصر على خطأ مماثل و لكن يهم تحديدا الرغبة في و الاصرار على تصور تيار الفتنة الأهلية كطرف ليس إرهابي و الخلط بين مدارس مختلفة يعمل القاعديون عمدا الخلط بينها مثل مدارس “السلف الصالح” (بمعناها بالغ العمومية) و “السلفية العلمية” و “الحنبلية” و “الوهابية” و السلفية القاعدية أو الجهادية. و يمكن الرجوع في هذا الإطار الى كتابات و أحاديث أحد أهم المنظرين القاعديين و تيار الفتنة الأهلية و هو مؤسس تنظيم “بيعة الإمام” الأردني أبو محمد المقدسي و الذي يتعرض بشكل متواتر و محدد لمصطلح “خط السلفية الجهادية” بما يحمله بالتحديد من معاني “تكفير الحكام” و إسقاط الشرعية عن “جكام الطواغيت” و “الجهاد” ضدهم.

 

نفس الأسلوب الساذج في علاقة بفهم نوايا تيار الفتنة الأهلية القاعدي نجده في مقال السيد الحيدوري الأخير و المشار اليه أعلاه و الذي يصل الى مدى يثير القلق من حيث الاصرار على “حالة الانكار” و عدم الرغبة في تصديق خطورته الجدية على السلم الأهلي. و قد احتوى التقرير على معطيات (غير محددة المصدر) ضافية تؤكد الطابع السلفي لأعضاء المجموعة المعنية في الأحداث الأخيرة مثل تتلمذ أحدهم في مدينة سيدي بوزيد (أشار تقرير السيد خشانة الى مدينة قفصة) على أيدي أحد الشيوخ (“الخطيب الإدريسي”) و الذي كان بدوره تلميذا للشيخ بن باز و ارتباط ذلك بدون أي شك بتدريبات مسلحة في الجبال التونسية. إلا أن السيد الحيدوري مازال يتساءل بشكل غير متوقع” احتمال النشاط السلفي الجهادي أقوى، فالمتبنّون للتيار السلفي الجهادي أصبحوا ظاهرة لافتة في تونس منذ سنوات. ولكن هل كان في أجندتهم القيام بنشاط مسلّح في تونس ؟ وهل يصحّ تسميتهم معارضة مسلّحة تسعى للتغيير السياسي؟…. نعرف ما هي إستراتيجية التدريب في تونس هل كانت تجهيزا لتصدير المقاتلين إلى بلدان أخرى أم خلايا بانتظار أمر مجهول ؟“. و هكذا فإن بالنسبة للسيد الحيدوري هناك احتمال أسباب أخرى لقيام هذه المجموعات بالتدرب على السلاح و هو تحديدا تصدير مقاتليها لأماكن أخرى ربما العراق أو الجزائر. و بالرغم أن الجميع يعرف (كما أشار هو نفسه في مقاله) الى أن مصادر و مواقع التدرب هي نفسها المواقع التي يعنيها بالتصدير حيث ليس لدينا في تونس حتى الآن خبرات قاعدية مماثلة لما هو موجود في العراق أو الجزائر حتى يتم تدريبها في تونس لنقل خبراتها الى العراق أو غيره (العراق أفضل مواقع التدريب القاعدية حاليا). كما يشير السيد الحيدوري في نفس إطار التشكيك لبرامج الإرهاب المحلي الى “مجموعة الجزائر” بأنها قامت بالاعتراف تحت التعذيب و لكن من المتوقع أنه يعرف أن هناك أكثر من مجموعة ضبطتها الأطراف الأمنية الجزائرية بصدد الالتحاق بمواقع تنظيم “الجماعة السلفية للدعوة و القتال” و ليس ذلك الطريق المعتاد للذهاب الى العراق. كما أن التنظيم المعني أعلن بشكل واضح خاصة في بيان “قاعدة الجهاد في بلاد المغرب” على الاستراتيجيا المغاربية للتنظيم. إن التهرب المثير للانتباه من النظر الى الحقيقة الباردة أي برنامج الارهاب المحلي للسلفية الجهادية يعبر إما عن تجاهل أو ببساطة جهل ببرامجها و رؤاها المعلنة و التي شرحتها فيما قبل و أعلاه و الخاصة بأهمية “محاربة كفار الداخل أو الطواغيت” المماثلة لمحاربة “كفار الخارج”. إن المثير حقا أن هذه السذاجة بل و التعاطف الظاهر مع موجات المتطوعين و الذاهبين الى العراق من السلفية الجهادية تترافق مع غيرة ظاهرة حول مسألة “الجهاد المسلح في العراق” من قبل كتاب (مثل السيدين المرزوقي و الحيدوري) كثيرا ما تعاملوا بكثير من الغلظة مع التيارات التونسية التي تركز على القضايا القومية و خاصة مسألة دعم العراق في حربه بوصفها قضايا تلهي عن “قضايا الداخل”. و الحقيقة أن هذا التبرير و محاولات التغطية على تيار الفتنة الأهلية القاعدي تبدو كمحاولة مؤسفة لتوظيف الصراع الراهن لمزيد التشهير بالنظام لا غير و من ثمة العمل على تبييض القاعديين و تناسي حقيقة أن المعركة في هذه الحالة لا تمس السلطة بقدر ما تمس مبدأ الدولة المدنية و النظام الدستوري القائم و السلم الأهلي. فهل يستحق كل ذلك المناورة السياسية؟ لا أعتقد ذلك.      

 

الشخوص المتفاقمة الذات

 

في خضم كل ذلك توجد ظاهرة أخرى لا تستحق إهتماما كبيرا لتأثيرها الغائب تقريبا على مجرى المسرح السياسي. غير أنها تثير بعض الغبار حولها و هو ما يستدعي الإشارة اليها. يتعلق ذلك بظاهرة ما أسميه بالشخوص المتفاقمة الذات أو التي ذواتها متفاقمة الاعجاب النفس الى الحد الذي لا يمكن ترى فيه شيئا خارج عظمة مرتقبة تختص بها. و هنا مقابل الأطراف السياسية التي تمارس النرجسية السياسية و التنظيمية (أو الفرقية) هناك أشخاص يتمركزون حول ذواتهم و يعتقدون أن العالم هو ما يشاهدونه من ثقبهم و أنهم، بكل بساطة، مركز الأحداث. و هنا نأتي لظواهر بالغة الكاريكاتورية. نبدأ بالسيد الطاهر بن حسين مالك “قناة الحوار” التونسية و الذي عرض “خواطره” في آخر حصص القناة و التي اتجهت الى نقطتين كان بينهما رغبة في الجمع و التأليف. أولا زيارة وزير الصحة مبعوثا من رئيس الدولة لعيادة السيد محمد الشرفي (و أتمنى له بالمناسبة الشفاء) و هو ما يعني، حسب السيد بن حسين طبعا، علامة على “الانفتاح السياسي”. ثانيا قدم “دعمه الكامل” للقوات الأمنية. و هنا يجب أن نتذكر أن السيدين الشرفي و بن حسين من رموز التيار الاستئصالي الذي التحم بالسلطة (و الذي ساهم و لايزال بأساليبهم في “الاصلاح” الفوقي و السلطوي في ظهور تيار السلفية الجهادية) و لكن كانوا من الذين تم التخلي عنهم في منتصف الطريق لأسباب لازالت غير معروفة مقابل بقاء البقية (مثل السيد منتصر الرويسي). و يبدو أن الاشتباكات الأخيرة جعلتهم يفكرون في أن السلطة استنتجت مما يجري حاجتها لخبرات السيدين الشرفي و بن حسين. طبعا العالم أوسع و أرحب من ذلك بما في ذلك عالم السلطة في تونس و من المؤسف أن يفكر البعض أن العالم سيتوقف لو لم يكونوا فيه خاصة إذا كانوا جزءا من المشكل و ليس الحل. تبقى الإشارة الى أن مالكي وسائل الاعلام في أي مكان من العالم يفضلون عادة البقاء في الكواليس و ذلك لحكم عديدة منها تفادي الظهور في موقع التوظيف السياسي الشخصي للمنبر الاعلامي الذي يملكونه. أتمنى على السيد بن حسين ترك العمل الإعلامي للقائمين على القناة حاليا و التواري في الكواليس و لو أن ذلك سيكون غاية في الصعوبة.

 

الظاهرة الكاريكاتورية الأخرى من الشخوص المتفاقمة هي “الدكتور” خالد شوكات. و أريد أن أبدأ هنا بملاحظة حول حرص السيد شوكات على سبق اسمه بلفظ “الدكتور” في حين أن ذلك الامضاء لا يميز مقالات أكاديمية بل مقالات رأي لا أرى فيها أهمية أن يكون الشخص دكتورا أم لا خاصة و أن الكثير من المحللين الجيدين (عبر العالم و المنطقة العربية) لا يمتلكون دكتوراة أو درجات أكاديمية رفيعة. و الحقيقة لا تنتشر بين الجامعيين التونسيين (المتكونين في الجامعة النونسية  و حتى غيرها) عادة وصف أنفسهم بالدكاترة عند التعرض للشأن العام بل حتى في المعاملات داخل الأوساط الأكاديمية. بينما تنتشر هذه الظاهرة في كثير من الأوساط المشرقية حيث لم تعد “الدكتوراة” تساوي شيئا جديا. أشير هنا أيضا الى أنه في المجال الأنقلوسكسوني الذي أنشط أكاديميا ضمنه أيضا يحرص المتحصلون على الدكتوراة و الأساتذة الجامعيين على تفادي سبق أسمائهم بلفظ “الدكتور” خاصة عندما يتعلق الأمر بمقالات أو مساهمات في الشأن العام. بل أن ذلك ينسحب أيضا على تذييل المقالات الأكاديمية. و في الواقع يشترك مع السيد شوكات في هذا السلوك المثير للاستغراب “دكاترة” آخرون من نفس النوع مثل السيدة (“الدكتورة”) رجاء بن سلامة و غيرها من الفرع التونسي للـ”الليبراليين الجدد” غير الليبراليين، في الحقيقة (و هو موضوع تعرضت اليه في مقالات أكثر عمومية لا تركز بالتحديد على النماذج التونسية) و الذين لا يختلفون حسب رأيي من حيث التركيز على المظهر و الإثارة و اللغة الشعبوية عن ظاهرة ما يسمى بالـ”الشيوخ المودرن”.

 المثير حقا أنه من الصعب بل من غير الممكن أن أجد ما يشير من حيث المنهج و أسلوب التحليل ما يعكس صفة علمية من مستوى “الدكتوراة” في كتابات السيد شوكات و الذي لا أعرف حقيقة أين تحصل على “دكتوراه” و ماهية محتواها و لكن تلك مسألة غير ذات أهمية في حالة غياب حد أدنى من منهج و رؤية من يفترض أن يكون دكتورا.  و الغالب على مقالات السيد شوكات أسلوب عاطفي و متشنج و قليل التمحيص و سريع الاستنتاج و الخلاصة كما أشارت الى ذلك و بهدوء البحث الرصين (و بدون الاستعانة بلقب “الدكتور”) بعض النصوص الأخيرة (يكفي أن أشير الى ردود أخيرة قرأتها على النت على مقالات السيد شوكات للسادة أحمد نجيب الشابي و ناجي الجمل و فتحي النصري). سأقتصر في هذا الاطار على مقال أخير كتبه السيد شوكات يشكك فيه في بيان “شباب التوحيد و الجهاد” على أسس غاية في التسرع و الخفة (مثل “اختصاص” صحيفة الوسط بالبيان و هو أمر غير صحيح و كان يمكن معرفة ذلك لو قام السيد شوكات بما يمكن أن يقوم به أي كاتب متعود على التمحيص البديهي و الذي لا يختص به ضرورة حتى من هو أكاديمي أي ببساطة مبدأ التثبت) بالرغم من أن البيان المعني يستحق الشك و لكن لأسباب أخرى (سأتعرض اليها أسفله). غير أنه إضافة لغياب معاني المنهج الأكاديمي المتوقع من قبل “الدكتور” شوكات يمكن ملاحظة حالة بارزة من الشخصية المتفاقمة الذات و التي قامت حقا بابداعات في هذا المجال. و يأتي في هذا الإطار بيان أصدره (بنون الجمع) و بأسلوب يوحي بأننا بصدد بيان مؤسسة سياسية معنون كالتالي: “بيان بشأن المواجهات الأخيرة في تونس. د. خالد شوكات” و هي ظاهرة لا أعتقد أنه سبقه اليه أحد في مكان آخر في تاريخ السياسة المعاصرة. حيث هناك تقاليد في البيانات الفردية و لكنها تتعرض في العادة لموقع ذلك الفرد من وضع تنظيمي أو مؤسسي محدد (استقالة، تبرؤ). أما التعبير الفردي عن الموقف السياسي فهناك طبعا مقال الرأي. مقابل كل ذلك هناك نوع “البيان الحزبي” و الذي يختص بأسلوب و معاني تخص موقف طرف أو مؤسسة سياسية لافردية بالضرورة من ظاهرة محددة غير أن السيد شوكات ارتأى التعبير عن موقفه الفردي من خلال هذا النوع اللافردي المؤسسي من أشكال التعبير السياسي. و لكن لا أعتقد أنه يمكن لوم السيد شوكات كثيرا في هذا السياق خاصة في ظل ساحة توجد فيها ظاهرة أخرى مماثلة من حيث الطابع الكاريكاتوري و هي ظاهرة “الحزب-الشخص” و التي سنحترم مشاعر أصحابها فهي تفادت حتى الآن إصدار بيانات.   

 

مسألة “بيان جماعة شباب التوحيد و الجهاد”

 

اتجهت الكثير من الآراء في الأوساط التونسية للتشكيك في حقيقة البيان و نسبته. و أعتقد أن هناك أسباب للتشكيك في البيان المعني و لكن لا تتعلق في أغلبها بما تم التعرض له. و الأهم من ذلك فإن النقاش حول البيان بدى كأنه يتم ضمن الأسلوب العام من “حالة الإنكار” المتواصلة و المتمثلة في تأويل معين لظروف خارج البيان تتعلق أساسا بسيناريو تآمري بالغ الخيال و يتجسد في رغبة في الاعتقاد في أن كل ما يحصل ليس إلا تسييرا من وراء ستار السلطة في إطار صراع نفوذ و ليس البيان إلا إختلاقا من قبل أحد الأطراف المتصارعة بل إن طبيعته المختلقة تأكيد لهذا السيناريو.

نبدأ أولا بما تم التأكد منه و الذي لم يعد التهرب منه مفيدا بأي شكل و هو أننا بصدد مجموعة سلفية جهادية (بمعزل عن حجمها) تستعد لأعمال الارهاب المحلي. إن صدور بيان تبني أو عدم صدوره مسألة ثانوية بالنسبة لموضوع التحقق من طبيعة المجموعة. و لم يعد من الممكن تحويل التشكيك في البيان المعني في اتجاه التشكيك في وقوف مجموعة قاعدية وراء الأعمال الأخيرة. أكثر من ذلك يجب في هذا السياق أن نتوقع صدور بيان للتبني من قبل السلفيين الجهاديين و لا يجب أن يكون ذلك مفاجئا إلا لمن رغب في الاستغراق في “حالة الإنكار”.

نأتي الآن لمسألة البيان المعني و تحديدا للاعتراضات التي تم الاشارة اليها و التي تستحق الاهتمام. يشير على سبيل المثال السيد “صابر التونسي” أن الأرقام المستعملة الهندية ( في ضبط التاريخ) و التي لا تستعمل عادة في المغرب العربي (حيث تستعمل الأرقام العربية) يدل على أن كاتبي البيان ليست لهم علاقة بالساحة التونسية. و هي ملاحظة على بساطتها تستحق الاهتمام خاصة إذا اطلعنا على بيانات تنظيمات مماثلة من نوع “الجماعة السلفية للدعوة و القتال” حيث يقع استعمال الأرقام العربية. و  في حالة صحة البيان فإن التفسير الوحيد الممكن لذلك هو أن الذي كتب البيان أصدره من بلد مشرقي حيث لوحات المفاتيح مهيئة على استعمال الأرقام الهندية و ليس ذلك احتمالا مستحيلا على كل حال.

 

غير أن بعض الاعتراضات الأخرى غير موفقة. مثلا الاستغراب من استعمال لفظتي “الضحوك القتال” لوصف الرسول (صلعم) بوصفها غير معتادة ليس اعتراضا دقيقا فهي على العكس من ذلك تشير الى أحد الصيغ المعتادة من قبل القاعديين. و من أشهر البيانات التي تم استعمال هذه الصيغة فيها بيان تبني عمليات لندن الارهابية في صيف 2005 و هي الصيغة التي تم التركيز عليها بشكل خاص من قبل بعض الأكاديميين الأمريكيين الدارسين للظاهرة القاعدية. كما أن التشكيك على أساس أن القضية المعنية و التي تم التركيز عليها في البيان (أي مسألة “الحرب على الحجاب”) لا تمثل عادة داعي الخروج عن الحاكم فإن ذلك أيضا ملاحظة غير موفقة حيث أنها مجرد تبيرير من قبل القاعديين للخروج عن “الطاغوت” و ليست إلا المسألة الأكثر إثارة إعلاميا في الحكم بـ”كفره” المحسومة أصلا كما هو واضح في البيان. و نفس الشيئ ينطبق على الادعاء بعدم التعرض لـ”عوام الناس” بوصف ذلك يتعارض مع المنهج الارهابي لهذه التنظيمات و لكن ذلك أيضا غير دقيق. فالقاعدوين لا يفتون بشكل علني باستهداف مباشر للمدنيين و لكنهم يمررون ذلك تحت ستار فقه التترس. كما أن تنظيم “الجماعة السلفية للدعوة و القتال” (من خلال بيانات و أحاديث  أمرائه المتواترين من حسان الحطاب الى عبد المالك دروكدال) و الذي من المفترض أنه المؤطر المباشر للمجموعة التونسية المعنية يستخدم تحديدا مصطلح “عوام الناس” في نقاش مسألة استهداف المدنيين و هي مسألة محورية في منهج هذا التنظيم و كانت من القضايا التي أدت لانشقاقه عن “الجماعة الاسلامية المسلحة” حيث يعترض عليها بالتحديد تماما مثلما نقرأ في البيان.

 

من جهة أخرى يبدو الإمضاء متناسبا مع موجة التسميات التي تسمى بها التنظيمات القاعدية في السنين الأخيرة خاصة مع بروز “جماعة التوحيد الجهاد” في العراق ثم في أماكن أخرى مشابهة من حيث غموضها للمجموعة التونسية مثلما هو حال المجموعة المصرية التي قامت بتفجيرات سيناء (قام أحد المشاركين في منتدى “نواة” باسم “lassad” بعرض بحث في الانترنت حول المجموعات التي تسمت بهذه التسمية). و لكن خصوصية التسمية الموقعة للبيان أنها تستعمل صيغة “شباب التوحيد و الجهاد”. و هنا يجب ملاحظة أمرين. أولا ليست تسمية “التوحيد و الجهاد” تسمية تنظيمية بالضرورة بل هي تسمية تصف بالأساس منهج و فكر هذه المجموعات و التي تركز بالأساس على ركني “التوحيد” و “الجهاد” و هي الثنائية التي ركز عليها خاصة أبو محمد المقدسي و تلاميذه مثل المنظر الشرعي لتنظيم “التوحيد و الجهاد” في العراق أبو أنس الشامي. و بالتالي هي تعبر عن “خط” و “رؤية فقهية” قبل أن تكون تسمية تنظيمية بالأساس. و في الحقيقة تؤكد تسمية “شباب” هذه الصبغة المفتوحة و غير المنضبطة و التي تشير الى تيار و ليس الى بنية تنظيمية محددة بالضرورة. إن كل الاعتبارات أعلاه (بما في ذلك مسألة الأرقام) تشير على الأغلب الى أننا لسنا بصدد بيان من قبل البنية التنظيمية المشرفة على المجموعة بقدر ما أننا بصدد طرف متعاطف معها و ربما حتى مقرب منها أراد الرد بصيغته و من موقعه الجغرافي على ما يراه تشويها إعلاميا للمجموعة المعنية و لهذا لم يتضمن تفاصيلا محددة حول مسار العمليات (بفعل أنه بعيد عنها) بقدر ما تضمن تأطيرا شرعيا لها. في المقابل فإن بيان التبني إذا تم إصداره أصلا سيكون على الأرجح في علاقة بمشروع “قاعدة الجهاد في بلاد المغرب” أو الأطر التي لها علاقة مباشرة بهذا المشروع. و هكذا فإن المشكل في البيان المعني لا يكمن في أنه مختلق بل في أنه لا يمثل تحديدا البنية التنظيمية المسؤولة عن العملية.

نلاحظ في هذا الإطار أن البيان الأخير أو “كلمة” أمير “الجماعة السلفية للدعوة و القتال” (مؤرخة في 3 جانفي 2007 و منشورة في صحيفة الخبر الجزائرية بتاريخ 6 جانفي 2007) و الذي أصدره تحديدا في خضم هذه الأحداث أشار فيه لاتساع الأصول الجغرافية  لمقاتليه (“لقد بدأ الشباب يصحو من غفوته وينهض من كبوته ويتشوق لحمل السلاح ويتوافد على الجبال من داخل البلاد وخارجها“) و ورود أسلحة جديدة (“فتوح من الأسلحة والذخائر في المدة الأخيرة“) و هو الأمر الذي يتقاطع مع تقارير عن علاقة تسلح المجموعة التونسية بمصادر سلاح جزائرية (أي قيام التنظيم الجزائري ليس بتجميع السلاح بكثرة فحسب بل أيضا بإعادة توزيعه على الوافدين الجدد).  كما لمح فيه أنه ينتظر “توجيهات” جديدة من قبل بن لادن في خصوص “المرحلة القادمة” و هو ما يؤكد الطابع الاقليمي و الدولي للتنظيم.

 

ملاحظات أخيرة:

 

أريد أن أختم ببعض الملاحظات العامة التي تحاول أن تناقش ما تم تقديمه على أنه سبب الوضعية الراهنة و تحديدا بروز هذا النوع من التنظيمات الارهابية. و سأتعرض بالتحديد للسبب المتداول في أوساط المعارضة و المتمثل في مسؤولية السلطة “أولا و أخيرا” بسبب الوضع الدكتاتوري.

 

-لا أعتقد أن هناك إمكانية للشك في دور ما لغياب الحريات بشكل بالغ و الممارسات التسلطية بما في ذلك منع النشاط عن تيارات إسلامية معتدلة في تشكل ظاهرة الارهاب المحلي و الموجه لإثارة الفتنة الأهلية. غير أن المشكل ليس في وجود هذه الدور بقدر ما هو في تحديد أبعاده و حدوده. و بمعنى آخر لا يمكن اختزال المسألة في هذا السبب لأنه توجد أوضاع سياسية أخرى لا تتسم بهذا القدر من الانغلاق السياسي بل تعرف انفتاحا سياسيا متزايدا و لكنها عرفت رغم ذلك و بالتزامن تحديدا مع مسار الانفتاح (المغرب و الأردن مثلا) بروزا لهذه الظاهرة. إن تشكل الارهاب المحلي و تيار الفتنة القاعدي يحتاج تفسيرا أكثر تعقيدا لا تشكل فيه المسألة الديمقراطية سوى أحد جوانب المشكل. هنا من الضروري الإشارة الى أنه حتى و لو أن هناك دورا لغلق مواقع التعبير و باقي مؤسسات الحراك الاجتماعي المدني في بروز هذه الظاهرة فإنه لا يجب أن ننسى (للمفارقة) أن أحد أسباب رد فعل هذه الأطراف التكفيرية هي رؤية فقهية ترفض أساسا النظام التعددي و الإطار الدستوري الذي يضمن التداول على السلطة و المراقبة الشعبية للسلطة التشريعية حيث ذلك يتعارض مع مبدأ “حاكمية الله” كما تراها. إن الديمقراطية “بدعة و كفر” وفقا لهذه الرؤية و لو أن ذلك يصعب تصديقه بالنسبة للبعض و هي بالتالي ليست حلا بالنسبة لهؤلاء بقدر ما هي جوهر المشكل. إن تعريف “الطاغوت” في هذا المعنى ليس نفس تعريف “الطغيان” بقدر ما هو تعريف متناسب مع معنى “حكم البشر بما لم ينزل الله” و ما يعني ذلك حسب الرؤية الفقهية السلفية الجهادية من “أحكام كفرية” بالضرورة.

 

-إن المشكل الأعمق هو في الحقيقة مشكل الهوية بما في ذلك مسألة التجديد الديني. و لا يمكن التعامل مع هذه المسألة فقط من زاوية “منع النقاش العام” حول المسألة الدينية و من ثمة ربط كل شيئ مجددا بموضوع الحريات و الديمقراطية. حيث المشكل هو في ثقافة كاملة تسبق تراجع الحريات في العشريتين الأخيرتين و ترجع لما قبل ذلك تقاسمت فيها الكثير من الأطراف السياسية سلطة و معارضة تعاملا غير صحي مع مسألة الهوية. فالسلطة (و كما أوضح السيد لطفي الحجي في كتابه عن بورقيبة و الاسلام) احتكرت “حق التجديد الديني” و حاربت المؤسسة الدينية القائمة (جامع الزيتونة) و من ثمة حرمتها من تحمل هذه المعركة الفقهية بالدرجة الأولى و التي لم يكن من الممكن أن يتحملها شخص متقلب و قليل الثقافة الفقهية مثل الرئيس السابق. و قد كان هناك خطا تجديديا سابقا لبورقيبة ضمن مؤسسة جامع الزيتونة و كان يمكن تشجيعه عوض إلغاء المؤسسة برمتها. من جهة أخرى كانت غالبية القوى السياسية المعارضة و لمدى فترة طويلة في قطيعة مع هوية البلاد بل أنها ساوت تقريبا بين “الرجعية” و “الفكر الديني” مما جعل موضوعة التجديد الديني غير مطروحة أصلا. و حتى بظهور التيار الاسلامي المعتدل منذ السبعينات كانت الرهانات السياسية أكبر من مسار التجديد الديني الذي لا يمكن في أي حال من الأحوال أن يتم ضمن مسار البنى الحركية كما أنه مسار لا يتحقق في ظرف قصير و يحتاج مجالات ثقافية غير محدودة حركيا. إن هناك فراغا واضحا لقادة دينيين مستقلين معتدلين يحضون بالمصداقية و ليس فقط لتيار (أو حتى تيارات) سياسي إسلامي معتدل.  

 

-غير أن مسألة التجديد الديني ليست معزولة عن موضوع استهداف المنطقة و هويتها منذ الفترة الاستعمارية ثم مشاريع إعادة الاستعمار و التهديد الحربي طوال الخمسين سنة الماضية وصولا الى إستعمار العراق مؤخرا  مرورا بالاستهداف المستمر و على الهواء من قبل إسرائيل للفلسطينيين و للبنانيين في السنوات الأخيرة. و في الحقيقة بقيت الكثير من القوى السياسية التونسية خاصة على اليسار في تجاهل للمغزى الواقعي و المؤثر تونسيا لهذه القضايا و من ثمة تأثيرها على تركيبة السياسة الداخلية و تفاعلاتها و بقيت تتعامل معها كقضايا “خارجية”. و يمكن تتبع هذه المسافة في تفاصيل مهمة حيث بقيت الكثير منها مترددة حتى في استعمال اللغة العربية في بياناتها في فترة ما ثم  تجنبت و تتجنب تسميات مثل “الامة العربية  و الاسلامية” حتى الآن. من جهة أخرى فإن مجمل الأطراف الرسمية أو المعارضة لم تنجح في إقامة أطر ناجعة تؤدي الحاجة الشعبية المتفاقمة لدعم القضايا القومية و الاسلامية بشكل جدي يتجاوز البيانات. و هكذا فقد ملأ القاعديون فراغا مهما في هذا الإطار ساهمت فيه استراتيجيتهم العابرة للحدود و وجود تنظيم موالي قوي في مجال عربي يهم عددا أكبر بكثير مما كان الحال في جبهات تعبوية سابقة (بشكل أهم بكثير من الحالة الإفغانية). و الحقيقة فإن التجارب اللبنانية و الفلسطينية و العراقية تؤكد أن حاجة هذه الجبهات المفتوحة ليس في متطوعين جدد بقدر ما هو في الدعم السياسي و المادي. و قد ساهم سابقا التونسيون بنشاط في دعم المقاومة الجزائرية (بمشاركة مباشرة من قبل بورقيبة عبر أحمد التليلي) و لكن من دون الحاجة لإرسال متطوعين. إن أهم المسؤوليات الراهنة لمختلف القوى السياسية بما في ذلك السلطة هي إيجاد أطر وسطى تتوافق مع الحاجة الشعبية لدعم هذه الجبهات و بشكل يتناسب مع الحاجات الحقيقية للأطراف المقاومة فعلا في هذه الجبهات بالشكل الذي يتم فيه تجنب الاستراتيجيا القاعدية التي تمارس عسكرة الجبهات الداخلية تحت غطاء الصراع مع الخارج.

 

-أخيرا حتى في حالة مواجهة كل هذه العوامل فإن المعركة مع تيار الفتنة الأهلية القاعدي لن تكون قصيرة و ستحتاج وقتا طويلا. و ربما يغتر البعض ببطئ عمليات هذا التيار و تفرقها الزمني و الجغرافي. و لكن مسار الاستراتيجيا القاعدية بشكل عام خاصة في الأقطار المشابهة لتونس سيكون مختلفا عن المسار الاستعراضي و المتسرع (كرا و فرا) لتجارب سابقة مشابهة و فاشلة (مثل “الجماعة الإسلامية” في مصر و “الجماعة الإسلامية المسلحة” في الجزائر). كما أنه سيناور في الأقاليم المشرقية لإطالة حياته و خاصة عبر التحريض على الملف الطائفي و هي الورقة التي توجد مؤشرات على نجاحها للأسف الشديد. و هو ما سيشكل رصيدا يستعين به في بقية الأقاليم. إن الظاهرة ليست تونسية حصرا و لذلك فإن حلها يستحيل أن يكون تونسيا حصرا. و هناك نقطة أخرى تتعلق بأعداد أعضاء هذه المجموعات حيث يتم أحيانا محاولة التقليل من أهميتهم على أساس أعدادهم الصغيرة نسبيا غير أن الطبيعة العملياتية المعتمدة من قبلها تركز تحديدا على أعداد قليلة  لكن مدججة بذخيرة كبيرة توفر أضرارا مثيرة. و لهذا تشير بعض التقارير الى الاندهاش من حجم السلاح المتوفر مقارنة بحجم المجموعة.      


قراءة في الأحداث الأخيرة

كيف تسرب العنف الديني إلى تونس؟

صلاح الدين الجورشي (*) اللجوء إلى العمل المسلح ظاهرة محدودة جدا في تاريخ تونس المعاصر. ولا يعود ذلك فقط إلى خوف التونسيين من الفوضى وانعدام الأمن إلى جانب قدم الدولة وترسخ تقاليد الخضوع لها، وإنما أيضا لجنوح يكاد يكون متأصلا لدى النخب التونسية والأوساط السياسية نحو النضال السلمي واعتباره الأسلوب الأفضل للاحتجاج وتغيير الأوضاع. اختارت الحركة الوطنية منذ نواتاها الأولى النهج الإصلاحي، من خلال تشكيل الأحزاب، والمطالبة بالانخراط في المؤسسات وتأسيس شبكة من الجمعيات الأهلية ومنظمات المجتمع المدني. وأضاف إلى ذلك الزعيم بورقيبة أسلوب التظاهر السلمي، وتجسير العلاقة مع الأوساط المناهضة للاستعمار داخل فرنسا وفي العالم الغربي. وحتى عندما لجأت قيادة الحزب الدستوري إلى تشكيل مجموعات مسلحة، تم ذلك لغرض محدود في الزمن والوظيفة بهدف الضغط على الحكومات الفرنسية وجرها إلى فتح باب المفاوضات. أما بعد الاستقلال، فإنه خلال الخمسين سنة الماضية لم ترفع أطراف معارضة السلاح في وجه الدولة إلا في مناسبتين. نتجت الأولى عن الخلاف الحاد الذي حصل بين الحبيب بورقيبة ومنافسه داخل الحزب الدستوري صالح بن يوسف. أما الحالة الثانية فقد حدثت في 1980 عندما لجأت مجموعة من القوميين الناصريين، بدعم من نظام الرئيس بومدين إلى السيطرة بالسلاح على مدينة قفصة بالجنوب التونسي، معلنين الثورة المسلحة ضد الرئيس بورقيبة. تونسيون في خدمة ” القاعدة “ هذه الخلفية التاريخية تؤكد أن العنف السياسي ليس فقط أمرا بقي محدودا واستثنائيا في تونس المعاصرة، ولكنه اعتبر أيضا أسلوبا مستهجنا ومرفوضا من قبل عموم المواطنين والتيارات السياسية والأيديولوجية. شكلت عملية جربة، التي استهدفت المعبد اليهودي وأدت إلى قتل عدد من السواح الألمان، مفاجأة قاسية و” غير مفهومة ” للرأي العام التونسي. وإذ بقيت هذه العملية معزولة، إلا أن ذلك لم يقلل من خطورة ظاهرة العدد الكبير نسبيا من الشبان التونسيين الذين نجح تنظيم القاعدة في استقطابهم. ولم يبق هؤلاء مجرد عناصر قاعدية، وإنما تحولوا بسرعة إلى كوادر رئيسية. فالصحفيان المزوران اللذان انتقلا إلى أعالي الجبال القريبة من مدينة ” مزار شريف ” الأفغانية، وأقدما على اغتيال القائد شاه مسعود، كانا يحملان الجنسية التونسية. وعندما كان الطائرات الحربية الأمريكية تقصف كهوف منطقة ” طورا بورا “، كان من بين المحاصرين ورفقاء أسامة بن لادن عدد من المقاتلين التونسيين. ولما تناثرت جثث ركاب قطارات مدريد اكتشف الشرطة الأسبانية أن أحد المدبرين لتلك الجريمة طالب تونسي. وقد شهدت السنوات الثلاثة الأخيرة اندفاعا لافتا للنظر لعدد متزايد من الشبان التونسيين نحو الالتحاق بالجبهة العراقية، مرورا بالجزائر ثم سوريا أو الأردن. وقد سلمت دمشق عددا من هؤلاء إلى السلطات التونسية، التي زجت بهم في السجون وأخضعتهم لمقتضيات قانون مكافحة الإرهاب، رغم خلو ملفات الكثير منهم من أدلة قانونية. موجة تدين في مناخ متوتر في هذا السياق الإقليمي والدولي، شهدت تونس في فترة قياسية موجة تدين غير مسبوقة، شملت كل الأجيال، واخترقت جميع الأوساط. وتجلى ذلك في إقبال كبير على أداء الصلاة في المساجد. وتحول مئات الآلاف – حسب بعض التقديرات – من الفتيات والنساء إلى لبس أنواع مختلفة من أنماط الحجاب، بما في ذلك وضع النقاب. وقد شكل ذلك صدمة قوية للنخب العلمانية من جهة والسلطة السياسية من جهة أخرى، التي ظنت بأن سياسة ” تجفيف المنابع ” التي نفذتها منذ مطلع التسعينات قد أبعدت شبح التطرف الأصولي عن تونس نهائيا. وبدل أن تدرس الظاهرة في عمقها ويفتح المجال للخبراء حتى يحددوا الأسباب والأبعاد المختلفة، تم اللجوء بسرعة ومن جديد إلى المعالجة الأمنية. نحو تأسيس ” سلفية جهادية محلية “ في ظل تلك الأجواء المشحونة إقليميا، والمتكلسة محليا نتيجة رفض السلطة حتى مجرد الانفتاح على النخب السياسية العلمانية، وعدم التفاعل مع الأيدي الممدودة لها والمطالبة بالإصلاح والحوار، انطلقت بعض العناصر المتأثرة بأفكار “السلفية الجهادية” التي تعتبر ” القاعدة ” عنوانا رئيسيا لها، تفكر في كيفية اختراق الجدار الأمني الذي يسيج المجتمع التونسي. الغريبة في جربة بعد الإعتداء في أبريل/نيسان 2002 وكان أقرب محضن لذلك جهتان: “الجماعة السلفية للدعوة والقتال ” الجزائرية، و” الجماعة الليبية للقتال “. لكن هذه الرغبة التي تولدت لدى عدد من التونسيين جاءت متأخرة كثيرا. فالجماعة الجزائرية تعيش منذ فترة أزمة هيكلية بعد أن تخلت بقية التنظيمات المسلحة عن العنف، وقبلت بصيغة المصالحة التي اقترحها الرئيس بوتفليقة. كذلك الشأن بالنسبة للجماعة الليبية، التي وجدت نفسها أيضا في مأزق، مما جعلها تقبل العرض الذي تقدم به نجل العقيد القذافي ” سيف الإسلام “، حيث يدور الحوار بينهما منذ اشهر. وأمام هذه المتغيرات، واصلت النواة التونسية استعداداتها التنظيمية والأيديولوجية والعسكرية للشروع في القيام بعمليات ” نوعية ” تفاجأ بها النظام والمجتمع. لكن يقظة الأجهزة الأمنية التونسية، إضافة إلى التنسيق الأمني بين دول المنطقة وكذلك أمريكا والأجهزة الأوروبية قد أسهما في الإجهاز على المجموعة قبل أن يصلب عودها. انتصار أمني يفتقر للشروط السياسية والثقافية الانتصار الأمني الذي حققته السلطة على أول محاولة جماعية لتأسيس ” تنظيم موال للقاعدة “، لا يعني زوال الخطر، أو نفي احتمال وجود “خلايا نائمة”. فما حققته هذه المجموعة في أشهر، أمر لا يستهان به في بلد يضرب به المثل في التأطير الأمني، ويكاد يستحيل فيه النشاط السري بمختلف أشكاله. فالمناخ الثقافي والسياسي والاجتماعي في تونس أصبح في السنوات الأخيرة يحتوي على بعض الشروط المساعدة على ولادة جماعات العنف الديني. لقد توفرت القابلية الفكرية والنفسية لتبني الخطاب المزدوج القائم من جهة على رفض الغرب والنظام الدولي باعتباره صنيعة ” اليهود والنصارى ” والمرتكز من جهة أخرى على البعد التكفيري الذي يسحب الشرعية الدينية من السلطة بدرجة أولى ومن المجتمع إذا لم يتب ويتخلى عن ولائه للدولة الكافرة والظالمة. حصل في تونس ما لم يكن في حسبان البعض ودخلت البلاد مرحلة مواجهة ” الإرهاب الحقيقي “. وبذلك تجد السلطة والنخبة نفسهما في وضع أكثر تعقيدا. أما السلطة فقد بقيت سنوات طويلة وهي تؤمن بمثل شعبي تونسي ” اقطع الرأس تنشف العروق “، وقد فعلت ذلك لكن الرؤوس تعددت والجذور تجددت. أما النخبة، فهي تجد نفسها غير مسلحة بالمعرفة والخبرة المطلوبة، إضافة إلى كونها محرومة من أدوات المشاركة الفعلية في القرار والمعالجة. (*) كاتب وصحفي من تونس. (المصدر: موقع “قنطرة” الألماني بتاريخ 9 جانفي 2007) الرابط: http://www.qantara.de/webcom/show_article.php/_c-492/_nr-492/i.html

 


تــونــس :” خـطـة تـجـفيـف الـمـنـابـع” و الـحصـاد الـمـر.

الأستــــاذ فتحــــي نصــــري       ” يبدو أن القانون الإجتماعي قد أخذ مجراه حينما لم يقع تدارك مقدماته ، ولم يستمع فيه الى النداءات والنصائح ”                                                                             الدكتور عبد المجيد النجار         كــتــب بــرهــان بــسيـس في جـريـدة الـصبـاح لـيـوم الأحـد 7 يـنــايـر2007 تـحـت عـنـوان ” الـمـمـكـن و الـمـؤجـل في أسـرار مـا حـدث ” لـيقـنعـنـا أن الـتعـتيـم الإعـلامي الـذي رافـق الـمـواجهـات الـمسلحـة الـتي شـهـدتـهـا بـعـض الـمنـاطـق الـتـونـسيـة كـان مـقصـودا و ضـروريـا و مهمـا لـعمليـة الـتحقـيـق و الاستـقـصـاء الأمـني الـلاحـق لـلامـتـدادات الـمـمكنـة لـهـذه الـعصـابـة الإجـرامـيـة كـمـا جـاء في مـقـال بـرهـان بـسيـس، و طـبعـا و كـعـادة إعـلامـيـي الـسلطـة عـزف الـجميـع على نـفـس الأوتـار بـضـرورة الالـتـفـاف حـول” صـانع الـتغـييـر” و عـدم إبـداء الـشمـاتـة و الـحفـاظ على الـمكـاسـب الـتي تـحـقـقـت ، و ذهـب الـدكتـور خـالـد شـوكـات أبـعـد من ذلـك فـيمـا أسـمـاه ” بيان بـشـأن الـمـواجهـات الأخـيـرة في تـونـس ” لـيعـيـدنـا إلـى خـطـاب الـزمـرة الـفاسـدة الـتي حـكمـت تـونـس في الأمـتـار الأخـيـرة لـلـعهـد الـبـورقـيبـي و عـرائـس الـصحـافـة الـتي كـانـت تـطبـل و تـزمـر و تـهتـف بـإنـجـازات ” الـمجـاهـد الأكـبـر ” و الـعـزف على لـحـن ” الـوطـن يـعـلـو و لا يـعـلـى عـليـه ” و كـان الـحـال وقـتـهـا كمـا يـقـول الـمثـل الـشعبـي “ الـعجـوز هـازهـا الـواد و هـي تـقـول الـعـام صـابـة “.      نـعـم مـا حـدث في الأيـام الأخــيـرة قـد يــبـدو صـغـيـرا و بـسـيـطـا لـكـنـه حـدث ، مــا وقــع قــد يـبـدو منـعـزلا و محـدودا لـكنـه وقـع، و الـسـؤال الـجـوهـري الـذي يـجـب أن يـطـرح :  هـل نـحـاول الـتكـتـم و الـتعـتيـم على مـا حـدث أم نـحـاول الـبحـث عن الأسـبـاب الـحـقيـقيـة الـتي أدت إلـى ذلـك و اسـتـشـراف مـا يـمـكـن أن تـؤول إلـيـه الأمـور إذا لـم يـتـم مـعـالجـة الأسـبـاب؟  و الـغـريـب أن من يـحـاول إقـنـاعـنـا بـضـرورة و واجـب الالـتـفـاف حـول ” صـانـع الـتغـييـر ” يـكـذب الـروايـة الـرسميـة لـرجـال ” صـانـع الـتغـييـر ” حـول مـا حـدث، فـالـبـيـانـات الـرسميـة تـتـحـدث عن مـجمـوعـة من الـمجـرميـن و تـجـار الـمخـدرات، فيمـا ذهـب بـسيـس و شـوكـات إلـى كـون الأمـر يـتعـلـق بـمجمـوعـة إرهـابيـة مـتطـرفـة فـأيـهـم نـصـدق ” صـانـع الـتغييـر ” أم صـحـافـة ” صـانـع الـتغييـر ” ؟ .      و حـتى لا تـتـحـول هـذه الأحـداث الـبسيطـة و الـمحـدودة إلـى أحداث يـصعـب الـتحكـم فيهـا و مـعـالجتهـا و الـسيطـرة عليهـا، و حـتى لا يـتحـول هـذا الـجنيـن الـمشـوه إلـى وحـش مخيـف، و حـتى لا تـتـحـول هــذه الـقـطـرة إلـى كـرة ثــلـج تـكبـر كلمـا تـدحـرجـت، يـجـب الـبحـث عن أسـبـاب و مـبـررات و ظـروف ولادة و نـشـأة هـذا الـجنيـن، فـالـعنـف ثـقـافـة قـبـل أن يـكـون جـريـمـة، و هـو يـولـد فكـرة لـيتـحـول إلـى واقـع إذا تـوفـرت مبـرراتـه على أرض الـواقـع، و من الـمعلـوم بـالـضـرورة أن الـعـنـف نـتـاج و لـيـس سـبـبـا، و لـكــل نـتـيجـة بـدايـة، و لـكـل بـدايـة سـبـب، و إن كـانـت لـلعنـف أسـبـاب عـديـدة و مـتـنـوعـة بـتـنـوع أشـكـاله و تـنـوع الـتـربـة الـتي يـنشـأ فيهـا و يـتـغـذى منهـا ، و طبيـعـة الـجسـم الـذي يـمـارسـه، فـإن أخـطـره الـعنـف الـعـابـر لـلـقـارات الـذي تـمـارسـه الإمـبـراطورية الـجـديـدة بـغـلاف خـارجـي ” نـشـر الـديــمــقــراطـيـة ” و لــب داخـلـي الـتـمكيـن لـلـمشـروع الـديـنـي   ” الـصهـيـومسيـحي ” و الـسيطـرة على مــقــدرات الـعـالـم.      ان مـا حـدث في تـونـس نـواقيـس خطـر داهـم، و عـلامـات على أن ثـمـار الـسـيـاسـة الـمنتهجـة لـنظـام الـسـابـع من نـوفمبـر بـدأت تـنضـج، و أن مـوسـم الـحصـاد قـد بـدأ، فـقـد ذكـر الأسـتـاذ صـلاح الـديـن الـجـورشي أن هـؤلاء الـشـبـاب الـذيـن اشـتبـكـوا مـع قـوات الأمـن و الـجيـش هـم بيـن 20 و 25 سـنـة، و هـذه لـيسـت مـفـارقـة أو محض صـدفـة أن يـكـون هـؤلاء الـشبـاب قـد نـشـأوا و كـبـروا في ظـل سـيـاسـة و ثـقـافـة نـظـام 7 نـوفمبـر، فـالـعـامـل ” الـسـوسيـوثـقـافـي ” أهـم الـعـوامـل الـمكـونـة لـلشخصيـة.، وسواء كانت العمليات الأخيرة تنسب لجماعات السلفية الجهادية أو لعصابات الإجرام وأباطرة المخدرات فإن الحصاد واحد وهو العنف الأعمى      عـنـدمـا أطـلـق الـحـزب الـحـاكـم في تـونـس خـطتـه الـتي عـرفـت ” بـخطـة تـجفيـف الـمنـابـع ” في مـستهـل الـعـشـريـة الأخيـرة من الـقـرن الـمـاضي كـان سـن هـؤلاء الـشبـاب لا يـتـجـاوز سـبـع سـنـوات و هـو الـسـن الـمفـتـرض لـبـدايـة تـأثـيـر الـعـالـم الـخـارجي في شخصيـة الـطفـل ، أي أن هـؤلاء الـمسلحيـن كـبـروا و نـشـأوا ضمـن منـاخ تـطبيـق خـطـة تـجـفـيـف الـمنـابـع فـكـانــوا نـتـاجـا طبـيعـيـا لـهـذه الـخطـة و حـصـادا مـرا خطـط لـه الـحـزب الـحـاكـم و الـيسـار الـمتطـرف الـمتحـالـف مـعـه.      قـد تـكـون أسـبـاب ظـاهـرة الـعمـل الـمسلـح الـتي انـطلقـت شـرارتـه منـذ مـدة سـابـقـة لـهـذه الـمـواجهـات الـمسلحـة- تـفجيـرات حـربـة- عـديـدة و تـتـجـاوز في بعضهـا الـحـالـة الـتـونسيـة بـاعتبـار أن الـظـاهـرة بـدأت تـغـزو عـديـد الـبلـدان الـعـربيـة كـردة فـعـل على مـا تـتـعـرض لـه الـمنطقـة الـعـربيـة و الإسـلاميـة من استـبـاحـة و غـزو و نـهـب دولي، فـإن الاستـجـابـة لـهـذه الـظـاهـرة من طـرف بـعـض الـشـبـاب الـتــونـسي يـجـد أسـبـابـه في الـوضـع الـداخلي الـسيـاسي/ الاجتمـاعي الـمحتقـن و في الـثقـافـة الـتي حـاول الـحـزب الـحـاكـم عـبـر خـطـة تـجفيـف الـمنـابـع نـشـرهـا.      ان الـمـتـأمـل في ” خـطـة تـجـفيـف الـمنـابـع ” (الـتي كشفـت عنهـا جـريـدة الـفجـر التونسية في إبانها) يـجدهـا تـحـدد الـمشكـلـة الــرئـيـسـيــة فـي ” احـتـلال الـتـيـار الإسـلامي لـمـوقـع الـقـوة الـسيـاسيـة الـثـانـيـة في الـبـلاد و تـنـامي حـجمـه خـاصـة داخـل قـطـاعـات الـشـبـاب ” فـكـانـت الأهـداف سـواء الـرئـيسيـة أو الـفـرعيـة لـلخطـة و الـواردة في الـفـقــرة الـثـالـثـة منها تـنـصـب حـول اجـتثـات الـحـركـة الإسـلاميـة عبـر الـنشـاطـات و الـحـلـول الـمقـتـرحـة الـواردة في الـفقـرة الـخـامسـة من الـخطـة، و قـد اعتبـرت الـخطـة أن الـحـركـة الإسـلاميـة تـمثـل خـطـرا على الـحـزب الـحـاكـم و لـيـس على الـمجتمـع الـتـونسي ، لـذلـك قـرر الـتجمـع الــدسـتـوري مـحـاربـة الـحـركـة أمـنـيـا و مـلاحـقـة أعـضـائـهـا و الـمـتـعــاطفـيـن مـعـهـا قــضـائــيــا و الـتـضـيـيـق عـليـهـم في رزقـهـم، و لـم يـكـتـف الـحـزب الـحـاكـم بـخـنـق الـحـركـة الإسـلامـيـة و تـهجـيـرهـا بــل تـخـطـى ذلــك إلـى مـحــاربـة الــديــن الإسـلامـي عــبــر إجــبــار الـشـبــاب على هـجـر الـمسـاجـد و الاعـتـقـال لـمـجـرد الـشـبـهـة و غــربـلـة الأمـن و الـجـيـش مـن الـعـنـاصـر الـمـتـديـنــة، و محـاربـة الـخمـار و إجـبـار الـفـتـيـات على خـلعـه و مـنعهـن من الـتعـلـيـم، بـاخـتصـار محـاربـة مظـاهـر الـتـديـن في الـبـلاد و محـاولـة طـمـس الـهـويـة الإسـلاميـة ، بل  وصـلـت الـحمـاقـة برجال السلطة إلـى حـد تـدنـيـس الـمصحـف الـكـريـم و دوسـه بـالأقـدام في تحد سافر لمقدسات الشعب التونسي ، و في الـمقـابـل تـشجيـع ثـقـافـة الـتفسـخ و الـعـري مـمـا شـجـع على انـتشـار الـجـريـمـة و تـفشي الـمخـدرات في الـمعـاهـد و الـكليـات، و على الـمستـوى الـسيـاسي بـلـغ الاحـتـقـان و الـتـصحـر ذروتـه رغـم الـدعـوات الـعــديـدة لــقــوى الـمـعـارضـة الـحـقـيـقـيـة لـلـحـوار و الـمصـالحـة الـوطنيـة، ذلـك أن مـؤسـسـة أخـذ الـقـرار بـدأت تـتـوزع على عـدة رؤوس خـاصـة بـعـد تـأكـد مـرض الـرئـيس.      فـي هـذا الـمنـاخ نـشـأ هـؤلاء الـشبـاب ، لـم يـجـدوا من يـؤطـرهـم الـتـأطيـر الـصحيـح و يـجنـبهـم ويـلات الـوقـوع في بـراثـن الـعنـف الـمضـاد و الـمـدمـر، فكانت ردة فـعلهـم على هذه السياسة  اخـتيـار الـطـريـق الأسـهـل و هـو مـجـابـهـة عـنـف الـحـزب الـحـاكـم بـالـعـنـف و الـسـلاح، فهؤلاء  لـم يــتــربــوا عـلى فــقــه الــمـوازنـات و تـغليـب مـصلحـة الـوطـن و تـجنيبـه حـمـامـات الـدم،لـم يـجـدوا من يـخـبـرهـم أن الـصبـر على الـظلـم أسـمى من إشـعـال نـار الـفـتنـة،هـؤلاء الـشـبـاب هـم الـحصـاد الـمـر لـخطـة ” تـجـفيـف الـمـنـابـع ”       يـمكـن لـلدكـاتـرة أبو خـولـة و خـالـد شـوكـات و لـكـل الـحـاقـديـن على الـحـركـة الإسـلامـيـة أن يـقـارنـوا بـيـن ردة فـعـل الـحـركة الاسلامية  عـنـد كـشـف ” خـطـة  تـجـفيـف الـمـنـابـع “و الـهجمـة الـشـرسـة الـتي تـعـرضـت لـهـا ، وبين ما حصل في الدول المجاورة ،  فقد كـانـت الحركة في أوجـهـا و أبـنـاؤهـا يـعـدون بـالآلاف  لكنها لـم تـجنـح لـلعـنـف و لـم تـحمـل سـلاحـا واحـدا و خـيـرت خـوض معـركـة الـحـريـات بـالـشكـل الـسلمي،لأن أبـنـاءهـا تـربـوا على رفـض الـعنـف كخيـار مـبـدئي مـهـمـا كـانـت الـمسـوغـات ، فمن كـان يــظـن أن الـمعـالجـة الأمـنيـة في تـونس هـي الـتي أدت إلـى الأمـن و الاسـتقـرار فـهـو مـخطـىء لأن الـحـركـة الإسـلاميـة اخـتـارت أن تـكـون الـضحيـة حقنـا لـلـدمـاء و الـفـتنـة،و اختـارت الـسجـون على الـجبـال،و اخـتـارت الـصبـر على الـسـلاح، و اخـتـارت الـشهـادة تحت الـتعـذيـب على سـفـك دم قـد يـسقـط بـغيـر حـق، لـذلـك فـإن الـعقـليـة الأمـنـيـة الـمـركبـة لـلـدولـة غيـر قـادرة على إخـمـاد الـفـتنـة، كما أن  الـتغنـي بـنجـاعـة الأمـن الـتونسي في كشـف الـخليـة الـنـائـمـة و قـتـل أفـرادهـا لـن يـقضي على دوامـة الـعـنـف،لأن قـتـل الـشخـص حـامـل الـسـلاح لا يـؤدي إلـى وأد ثـقـافـة الـعنـف مـادامـت الأسـبـاب قـائـمـة.      ان الـمـعـالجـة الـحقـيـقيـة يـجـب أن تـمـتـد إلـى أسـبـاب الـمشكلـة، فـقـافـلـة الـعنـف قـد تـضـم فـاقـدا لـلحـريـة ، و فـاقـدا لـحقـه في الـشغـل و الـتمـتـع بـخيـرات بـلاده و هـو يـرى الـبـلاد تـتـحـول إلـى إقـطـاعـيـات خـاصـة لـسـكـان الـقصـر، و فـاقـدا لـحقـه في الـتعليـم، و فـاقـدا لـحقـه في الـعبـادة بـكـل أمـن و طـمـأنـينـة، و فـاقـدة  لـحقهـا في ارتـداء مـا تـراه لـبـاسـا شـرعيـا،و فـاقـدا لـتـوجيهـات أبـيـه الـمعتقـل مـنـذ 15 سـنـة بـسبـب آرائـه الـسيـاسيـة الـسلميـة،و فـاقـدا لـلمـواطنـة الـحـقـة…       مـوسـم الـحصـاد الـمـر مـازال في بـدايـتـه و دائـرة الـعنـف الأعمـى مـازالـت مـحـدودة، و الـمعـالجـة الـحكيمـة و الشاملة هي  الـعـلاج الـوحيـد لـلـقـضـاء على الـفـتـنـة في الـمـهـد، و لا خـيـار أمـام الـجميـع سـوى الاسـتمـاع لـصـوت الـعقـل و تـغليـب الـمصلحـة الـوطنيـة ، لـيـس بـالالـتفـاف حـول ” صـانـع الـتغيـيـر ” كمـا يـزعـم الـدكتـور خـالـد شـوكـات، بـل بـالالـتفـاف حـول المطالب الـحقـيقيـة لـلشعـب الـتـونسي و إطـلاق الـحـريـات ، و إرسـاء الـديـمقـراطيـة ، و سن عـفـو تـشـريـعـي عـام، و إعـادة الاعـتـبـار لـدور الأحـزاب و الـجمعيـات الـحقـوقـيـة و الـمنظمـات الـمـدنيـة، و تـخليـق الـحيـاة الـسيـاسيـة، و خـلـق فـرص تـشغيـل لأصحـاب الـشهـادات الـجـامعيـة،و اعتـبـار الـهـويـة الـعـربيـة الإسـلامـيـة فـوق أي اعتـبـار.       وأخيرا أود تذكير ” الصحفي ” السلامي الحسني كاتب مقال ” وجهة نظر ” والمنشور بالوسط التونسية أن ما يدعو اليه هو فعلا ” الدولة الدينية ” فالحقل الديني أوسع من اختزاله في ” مؤسسسة الفتوى ” ومن غير الممكن سيطرة الدولة على هذا الحقل تحت أي مسوغ ، وما يدعو اليه من ” اخضاع جميع القوانين قبل دخولها حيز التنفيذ لضرورة توافقها مع أصول الشريعة الاسلامية  عبر مؤسسات دستورية قائمة ” هو دعوة صريحة لصنع كهنوت يراقب ويراجع ارادة الشعب المجسدة في السلطة التشريعية ، فحتى الحركة الاسلامية التي يرفض وجودها عبرت وبشكل علني أنها ستحترم ارادة الشعب اذا اختار حزبا شيوعيا عبر صناديق الاقتراع  ، ومن هذا المنطلق فان الحركة الاسلامية التونسية ليست حزبا دينيا ولا تطرح نفسها كذلك ، وهي ليست وصية على الدين  ، فهي حركة سياسية تستند في برامجها للمرجعية الاسلامية ، واذا اختارها الشعب لبرامجها مارست حقها التشريعي وفق تصورها للقانون الأصلح  ، واذا رفض الشعب مشروعها مارست حقها في المعارضة السلمية وفق القانون ، لذلك فان الدعوات المتتالية من الأوصياء على الديمقراطية وأدعياء حقوق الانسان بمنع الحركة الاسلامية من العمل السياسي القانوني هي نوع من العنف ودعوة صريحة للفتنة ومحاولة دفع بعض الشباب الى دهاليز العمل السري ، والدهلزة أقرب الطرق المؤدية الى تبني العنف والعمل المسلح ، فكفانا ما زرعه الحزب الحاكم واليسار المتطرف عبر ” خطة تجفيف المنابع ” لأن الحصاد سيكون مرا ، والسنن الاجتماعية كعقارب الساعة تدور وفق ضبطها .

بين الأمس واليوم

كتبه عبدالحميد العدّاسي لعلّ الكثير يذكر كما أذكر الأحداث الهامّة التي سالت فيها الدّماء التونسية، ولعلّ الكثير يدرك أنّ الذي أسالها (سببا أو تنفيذا) كان على الدّوام ( أو على الأكثر ) السلطة التي لم تر إلى حدّ الآن الحقّ لغيرها في تناول ما يهمّ البلاد بالبحث أو النقد أو النقض. ففي سنة 1978 كانت الواجهة الدامية مع الاتحاد العام التونسي للشغل الذي كان يرأسه المرحوم الحبيب عاشور، صاحب المواقف التي لم يقفها أيّ ممّن جاء من بعده، وقد سمعنا يومئذ عن الجثث التونسية تلقى في الأخاديد بدون حصر أو ضبط أو إعلام أهل. وفي أواخر سنة 1983 وخاصّة في جانفي ( يناير ) 1984 حصلت أحداث الخبز إثر رفع ثمن الخبز بسبب معلومات ” خاطئة ” سرّبها شيخ مدينة تونس حينئذ إلى الرّئيس المفدّى، وقد علمنا وعرفنا أشخاصا بأسمائهم تدرّبوا على الرّماية على الأهداف المتحرّكة المتمثّلة في التونسيين العزّل. وقبل ذلك كانت أحداث قفصة سنة 1980، وهي الأحداث التي جعلت السلطة التونسية في موقع ردّ الفعل هذه المرّة. فقد استيقظ القادة ” الكبار ” والساسة ” الكبار ” أيضا على أنباء تحدّث عن بطولات المرغني وصحبة وعن مواقف مخزية للغاية تمنعني غيرةٌ متبقيةٌ من الكشف عن تفاصيلها رغم قناعتي بأنّ البولوعات في ثكنة قفصة قد حدّثت عن الكثير منها.
لم يتردّد النظام الحاكم يومها في الاستنجاد بأولياء نعمته، ولم يتردّدوا هم في الاستجابة السريعة له ليظهروا من ناحية قدرتهم على الفعل وعلى التدخّل السريع وليُؤكّدوا من ناحية أخرى ” عدم قدرة ” الجيش الوطني التونسي على الإحاطة بمجموعة معزولة لوجستيا وتكتيكيا ( فقفصة توجد في منخفض تحيط به المرتفعات من كلّ جانب، وقد هفوة تكتيكية قاتلة للمرغني وصحبة باتخاذها مركز فعله. ولو اعتمد بعض اللاّمركزية لحصل ما حصل )، حازت بعض الأسلحة التي قد تصنع بعض الموت في صفوف بعض أفراده.
حركة القائد الأعلى للقوات المسلّحة الرعناء والضاربة للمعنويات لم تمنع بعض الكفاءات من إظهار بطولات نادرة في الدّفاع عن الحياض وعن قفصة وأهلها، غير أنّ ذلك جاء بعد استبعاد كلّ أصحاب الأيادي المرتعشة التي لم تثبت أصابعها في توزيع الذخائر على الأهداف الملائمة… اليوم نسمع عن تبادل إطلاق نار في منطقة ( حمام الشط – السدرية – بوقرنين – الرّصاص )، وهي منطقة تخصّصت غابات جبالها في ستر أغلب جرائم الإغتصابات الموقعة بإمضاءات أصحاب السيارات الفخمة المتردّدين على أبواب الجامعات والمبيتات والمعاهد. ونسمع عن عدد كبير من القتلى في صفوف المهاجمين ” التابعين للعصابات الدولية العاملة في ترويج المخدّرات ممّن يدافعون عن الحجاب والمتحجّبات التابعين للقاعدة صاحبة الفكر السلفي الجهادي التكفيري “، وعدد قليل من أعوان الأمن الساهرين على أمن المواطن لينام هذا المواطن قرير العين هادئ النفس… ما أخشاه هو ألاّ يكون الأمر كذلك: فلعلّ من قُتِل كان أغلبهم من الأبرياء من المارّة أو لعلّه كان بتصويب داخلي من تلك الأيادي المرتعشة سابقة الذكر… الاحتمالات كثيرة، ولكنّ القتلى يظلّون كلّهم ضحايا هذا النّظام الذي لم يفلح في الأخذ بالأنفع والأصلح. فمن كان من المجموعة المهاجمة كان على خطإ كبير لأنّه وجّه فوّهة بندقيته إلى أخيه المسلم ( بقطع النظر عن استقامته )، وهو يرى ما يحدث من فجائع الاقتتال الداخلي في أقطار مسلمة كثيرة قريبة منه أو بعيدة. ومن كان في السلطة، كان صاحب الوزر الأكبر وهو أوّل من يحاسب على كلّ قطرة دم أهريقت أو دمعة سالت أو هامة مالت أو نفس ضاقت أو تديّن امتزج بالشبهة ( وقد رأيناه يبني العلاقات المريبة مع إيران ويسهّل لها في نشر وترويج أفكار باطلة ويتستّّر على من يهدم الدين بما تفيضه عليه – ربّما – من دولارات رخيصة لا تزيد إلاّ من عمق الهوّة في جهنّم )… على أنّ الخشية الكبيرة تنبع من تجاهل هذا النّظام، الجاهل، للأسباب الحقيقية، وذلك بمحاولة إعطاء القضية أبعاد تطمّع فينا الأعداء أكثر من طمعهم الحالي: فإذا كانت قفصة قد جاءت بالمدد السريع رغم محدودية العملية فيها، فإنّ هذه الأحداث – وهي تندرج ضمن مخطّطات القاعدة ” الغول ” التي قرّرت أن تأتي على الأخضر واليابس دون ضابط ودون خوف من أحد – قد تجعل من تونس قاعدة لمحاربة القاعدة، خاصّة والمخطّطات لإقامة هذه القاعدة قد سبقت هذا التاريخ بزمن طويل، فلعلّ القارئ الكريم يتذكّر محاولة التفويت ( ولعلّها فاتت ) في قاعدة ببنزرت لفائدة الفاتحين داعمي الصهيونية العالمية… ليس خيرا أن يستهدف تونسي تونسيا مهما كان توجّهه… ليست بطولة أن يقتل النّظام التونسي تونسيا، مهما كانت هفوة هذا التونسي، إذ أنّه هو ( النّظام ) المتسبّب في كلّ الهفوات… ليس نصرة أن يندفع بائعو الكلمة يُلبِسونها كلّ زخارف النّفاق … ليس معقولا أن نرمي بكلّ شيء على كاهل القاعدة الطريدة… ليس مستغربا أن نُدْعَى إلى المقاومة ذات يوم وليس عيبا أن نستجيب لذلك… ويبقى أن نتّفق من الآن: أتكون مقاومتنا مدنية سلمية أم عسكرية نوعية… الجميع يتمنّى اجتناب الثانية ولكنّها لو حصلت لا قدّر الله، فلن تحصل إلاّ بسبب عدم وطنيّةِ معلّمِ الوطنية!….       


زيارة وفد إعلامي أمريكي لتونس يؤدي وفد امريكي يتكون من عشرة ناشري صحف امريكية زيارة الى تونس من 8 الى 13 جانفي الجاري، يقومون خلالها بزيارات الى مختلف جهات البلاد ويلتقون بعدد من مسؤولين وممثلين عن المجتمع المدني بغرض اعداد انتاجاتهم الصحفية. وقد نظمت وزارة البحث العلمي والتكنولوجيا وتنمية الكفاءات لفائدة هذا الوفد لقاء مع مجموعة من الباحثين ظهر أمس بمدينة العلوم بالعاصمة. ويؤدي اعضاء هذا الوفد اليوم زيارة الى القطب التكنولوجي ببرج السدرية للاطلاع على البرامج والأنشطة التي تقوم بها مراكز البحث الثلاثة بهذا القطب. في شركة «صوتيتال» أعلنت الشركة التونسية للمقاولات السلكية واللاسلكية «صوتيتال» أنه تم تكليف السيد أحمد محجوب رئيس مدير عام «اتصالات تونس» بمهام رئيس مجلس ادارة «صوتيتال» والسيد محمد الهادي الدريدي بمهام مدير عام الشركة. المقاهي.. والقانون في القيروان لوحظ في الآونة الأخيرة في القيروان أن فتح مقاه جديدة مازال يتم بصورة غير قانونية باعتبار عدم التقيد بالفصل 18 من كراس الشروط المنظم للقطاع.. فمازالت هناك مقاه تفتح دون احترام المسافة التي ينبغي توفرها بين مقهى وآخر أي مسافة لا تقل عن 100 متر.. والمطلوب تنفيذ القانون. صيغ وإجراءات يجري حاليا تدارس جملة من الصيغ والاجراءات الرامية الى الحفاظ على التوازنات المالية صلب الصندوق الوطني للتقاعد والحيطة الاجتماعية. وتهدف هذه الاجراءات التي يتوقع الاعلان عنها في وقت قريب، الى جعل الصندوق لا يتأخر عن التزاماته تجاه منخرطيه في المدى المتوسط والطويل أيضا. (المصدر: جريدة “الصباح” الصادرة يوم 9 جانفي 2007)  

«براكاجات» ضد سائقي سيارات التاكسي في كرش الغابة

نظرت مؤخرا الدائرة الجنائية الرابعة بالمحكمة الابتدائية بالعاصمة في أربع قضايا «براكاجات» تضرر فيها عدد من سائقي سيارات أجرة «تاكسي» وتورط في ثلاث منها شابان وفي الرابعة اضيف إليهما شاب آخر وعلقت بأحدهما قضية خامسة تعلقت بافتكاك هاتف جوال باستعمال شفرة حلاقة ومثل جميعهم من أجل السرقة الموصوفة باستعمال العنف الشديد. في الوقائع جاء في القضية الاولى أنه بمناسبة التحري مع أحد الشبان في سلسلة من السرقات اعترف هذا الاخير بارتكابه جرائم اعتداء بالعنف وسلب لعدد من سائقي سيارات الاجرة بمعية المتهم الماثل معه وجاء على لسان المتضرر أنه مساء الواقعة لما كان يباشر عمله في سياقة سيارته استوقفه شابان وذكر له أحدهما أن والدته مريضة وطلب منه التحول إلى المنزل لنقلها وركب أحدهما من حذوه والآخر من الخلف وبالوصول إلى جهة كرش الغابة أشار إليه الراكب الذي يجلس حذوه بالتوقف وسارع باسكات محرك السيارة واعتديا عليه ثم استوليا على مبلغ 17 دينارا وجهاز هاتفه الجوال وراديو كاسات وقبل الفرار اعتديا عليه ثانية. وقائع القضية الثانية كانت بتاريخ 25 جانفي 2006 حيث ذكر سائق سيارة أجرة ثان أن شابان استوقفاه وطلبا منه ايصالهما إلى جهة كرش الغابة وبوصوله إلى المكان المطلوب هدده المتهم الراكب من الخلف بسكين ثم استولى مرافقه الجالس من الأمام على مبلغ 60 دينارا وهاتف جوال ولم يفلح في أخذ جهاز الراديو كاسات ثم أن هذا الاخير قد اعتدى عليه بلكمة.بتاريخ 27 أفريل 2006 حصلت الحادثة الثالثة وذكر الشاكي بأن أحد الشبان تظاهر بآلام بساقيه وكان يصحبه شاب آخر ولما استوقفاه نقلهما وفجأة أصيب بلكمة ففر بعد أن شعر بالخطر وترك سيارته التي استولى عليها الجانيان وقد فقد محصول يوم عمله وهاتفه الجوال. القضية الرابعة حصلت بتاريخ 4 فيفري 2006 حسب ذكر الشاكي الذي أكد بأنه كان بجهة الحدائق في التاريخ المذكور وعند انزال حريفة ركب أحد الشبان دون استئذان وطلب منه التوجه إلى الحي لنقل والدته المريضة وبوصوله أمام المنزل نادى بأعلى صوته فخرج شابان يجريان وأضاف بأنه لما أحس بالخطر سار إلى الوراء فاصطدمت سيارته بالرصيف وسقط ذلك الشاب الذي حاول افتكاك المفتاح واسكات المحرك ثم فر من المكان. وتعلقت القضية الخامسة بأحدهم فقط بعد أن اشتكاه نديمه من أجل افتكاك هاتفه الجوال ولاحظ بأنه بتاريخ 23 مارس 2006 قد تعمد المتهم سلبه هاتفه باستعمال شفرة حلاقة. الاستنطاق وباستنطاق المتهمين ذكر المتهم الرئيسي بأنه كان نزيل السجن وله عدة أغراض وذهب ضحية سوابقه ثم أنكر ارتكابه جملة الجرائم ونفى معرفته بالشاكين وركوب سياراتهم والاعتداء عليهم وسلبهم أموالهم واعترف بمعرفته بزاعم المضرة في القضية التي اتهم فيها بافتكاك هاتف جوال وذكر بأن جلسة خمرية جمعته به ثم أنه غادر المكان دون حصول أي مناوشة معه ونفى تهديده بشفرة حلاقة. المتهم الثاني نفى عنه الافعال المنسوبة إليه ونفى الاختلاط بالمتهم الماثل معه وأكد أنه يعرفه معرفة سطحية بموجب الجوار. المتهم الثالث نفى ارتكابه مختلف العمليات وتمسك ببراءته. المحاكمة وبإعطاء الكلمة للدفاع لاحظ دفاع المتهم الاول بأن منطلق الابحاث كان بمناسبة التحري في سلسلة من السرقات ولم يحجز عنه منوبه أي شيء ولانكاره طلب الحكم بعدم سماع الدعوي واحتياطيا ضم العقوبات والتخفيف عنه دفاع المتهم الثاني أشار إلى الشك الذي يحوم حول الوقائع ولغياب التلبس وواقعة مادية تثبت الادانة ولتمسك منوبه بالانكار وعدم وجود شهادة شهود تعزز الاتهام طلب الحكم بعدم سماع الدعوى.دفاع المتهم الثالث رأى بأن الافعال المنسوبة إلى منوبه لا يمكن أن تنطبق على نص الاحالة وطلب اعتبارها من قبيل المشاركة في السرقة ثم أضاف بأن منوبه قد تمسك بالانكار وأن الشاكي قد تضارب في تصريحاته المضمنة بالابحاث وأشار إلى أن منوبه قد سجل عليه اعترافا في السابق في قضية تحقيقية وثبت فيما بعد أنه كان موقوفا في غيرها فتم التحقيق فيها ولاحظ بأنه تعذر عليه تقديم قرار ختم البحث وقدم نسخة من البحث.  وبإعذار المتهمين طلب الاول التخفيف والثاني والثالث البراءة ورأت المحكمة حجز القضايا للمفاوضة والتصريح بالحكم إثر الجلسة. خليل (المصدر: جريدة “الصباح” الصادرة يوم 9 جانفي 2007)

تونس في 09 جانفي 2007                                                                           كنا قد أعلنا عن طريق البريد الإلكتروني على إصدار أعمال المؤتمر السادس حول الدراسات البورقيبية حول موضوع :

رهانات الثقافة والمعرفة بتونس والمغرب العربي (1956-2005)

وهو المؤتمر الذي شارك فيه عدد من المؤرخين التونسيين والجزائريين والمغربيين ومن لبنان, وتناولوا فيه الأبعاد الثقافية وسبل انتشار المعرفة في المغرب العربي خلال النصف الثاني من القرن العشرين.وكم يسعدنا أن نعلن عن حصولنا بتاريخ الأمس 07/01/2007 الإذن بتوزيعه وتلك هي المعلومة الأساسية التي نبلغها للجميع. إن توفيقنا في نشر أعمال المؤتمرات الست التي نظمت في هذا الغرض مكنتنا من نشر 300 دراسة جديدة عن العهد البورقيبي وبناء الدولة الوطنية التونسية, وهو ما شكل إنجازا علميا وبحثيا لم تقم به ولا مؤسسة لا تونسية ولا أوربية ولا غيرهما, وعدّ مكسبا ثمينا جدا ومشرفا للمدرسة التاريخية ليس فقط التونسية ولكن أيضا المغاربية. فشكرا لمن ساهم في التعجيل بحصولنا على الإذن بتوزيع الكتاب.
وإليكم من جديد مقدمة الكتاب وقائمة المحتوى العربي والفرنسي. مع أطيب التحية والسلام. د. عبد الجليل التميمي

السلسلة الثالثة : الحركة الوطنية التونسية والمغاربية :  رقم 6

أعمال المؤتمر العالمي السادس للدراسات البورقيبية حول : رهانات الثقافة والمعرفة بتونس والمغرب العربي (1956-2005) إشراف وتقديم الأستاذ المتميز د. عبد الجليل التميمي

منشورات مؤسسة التميمي للبحث العلمي والمعلومات ومؤسسة كونراد أديناور تونس، سبتمبر/ أيلول 2006 ر.د.م.ك. 4-054-32-9973-978
 

كشاف الموضوعات

1 – القسم العربي

الصفحة

– أ. د. عبد الجليل التميمي. – الأبعاد الاستراتيجية للدراسات البورقيبية ………….

9

– خطاب أ. د. عبد الجليل التميمي في افتتاح المؤتمر …………………………..

11

– كلمة السيد فرانسيس دوبوا، ممثل منظمة الأمم المتحدة بتونس ………………..

13

– كلمة د. هاردي أوستري، الممثل الدائم لمؤسسة كونراد أديناور بتونس ..…...

17

– كلمة أ. د. مسعود ضاهر باسم المشاركين في المؤتمر …………………….

19

البحوث :

 

– بن سلامة، البشير.- اقتصاد الثّقافة في الحقبة الأخيرة من رئاسة بورقيبة ………

23

– د. بن يوسف، عادل. – بورقيبة والإسلام الشعبي في تونس (1957-1987) : الزوايا والطرق الصوفية نموذجا

 

33

– د. العربي، بشير. – من ثقافة القبيلة إلى ثقافة المؤسسة في ظل المشروع التحديثي البورقيبي

55

– د. العلاني، علية. – مجتمع المعرفة ومستقبل البحث العلمي من منظور حركة الديمقراطيين الاشتراكيين بتونس

 

73

– د. التميمي، عبد الجليل. – رسالة مفتوحة إلى السيد برتراند دولا نواي رئيس بلدية باريس

79

– حوار مع المؤرخ د. عبد الجليل التميمي بمناسبة خمسينية الاستقلال …………..

83

دراسات حول البلاد العربية :

 

– بن عتو، بن عون.- الإيديولوجية الاشتراكية في الجزائر والوسائل الثقافية لتأطير الحركة الدينية

91

– د. الذهبي، نفيسة.- مساهمة مؤسسة كونراد أديناور في نشر المعرفة التاريخية، تجربة كلية الآداب والعلوم الإنسانية – جامعة محمد الخامس – الرباط ……………

 

101

– د. صحراوي، عبد القادر.- رهانات الثقافة في الجزائر من خلال مجلة الثقافة (1971-1995) …………..

107

– د. الكندوز، لطيفة. – الطباعة ما بين 1864 و1956 ودورها في نشر المعرفة بالمغرب ……………

117

– أ. د. مالكي، امحمد.- الأمازيغية في المغرب رهان ثقافي أم ضرورة سياسية ؟ .

129

– أ. د. مبارك، زكي.- الأيديولوجية والسياسة الثقافية في مغرب الحسن الثاني (1961-1999) (مقاربة تاريخية)

133

– د. مجاود، محمد.- مجتمع المعرفة وإشكاليات الديمقراطية في الوطن العربي ……

139

– د. مكحلي، محمد.- النخبة الجزائرية بين الصراع الثقافي وجدل الهوية …………

147

– د. هلايلي، حنيفي.- الخطاب السياسي الثقافي في الجزائر على ضوء مجلة الأصالة (1971 – 1981) ……….

151

– مداولات المؤتمر ………………………………………………………….

161

– البيان الختامي للمؤتمر ……………………………………………………

233

– كشاف الأعلام والمجموعات ………………………………………………..

235

– كشاف الأماكن الجغرافية …………………………………………………..

241

– منشورات المؤسسة ……………………………………………………….

245

2 – القسم الفرنسي

 

– أ. د. عبد الجليل التميمي. – الأبعاد الاستراتيجية للدراسات البورقيبية ………….

9

– خطاب أ. د. عبد الجليل التميمي في افتتاح المؤتمر …………………………..

11

– كلمة السيد فرانسيس دوبوا، ممثل منظمة الأمم المتحدة بتونس ………………..

13

– كلمة د. هاردي أوستري، الممثل الدائم لمؤسسة كونراد أديناور بتونس ..…...

17

– كلمة أ. د. مسعود ضاهر باسم المشاركين في المؤتمر …………………….

19

البحوث :

 

– د. العلاني، علية. – مجتمع المعرفة ومستقبل البحث العلمي من منظور حركة الديمقراطيين الاشتراكيين بتونس………………………………………………

 

23

– بن سلامة، البشير.- اقتصاد الثّقافة في الحقبة الأخيرة من رئاسة بورقيبة ………

27

– د. الذهبي، نفيسة.- مساهمة مؤسسة كونراد أديناور في نشر المعرفة التاريخية، تجربة كلية الآداب والعلوم الإنسانية – جامعة محمد الخامس – الرباط ……………

 

31

– أ. د. مالكي، امحمد.- الأمازيغية في المغرب رهان ثقافي أم ضرورة سياسية ؟ .

39

– د. التميمي، عبد الجليل. – رسالة مفتوحة إلى السيد برتراند دولا نواي رئيس بلدية باريس …………………………………………………………………….

 

43

– حوار مع المؤرخ د. عبد الجليل التميمي بمناسبة خمسينية الاستقلال …………

47

موجز بعض البحوث المنشورة بالعربية :

57

– مداولات المؤتمر ………………………………………………………….

65

– البيان الختامي للمؤتمر ……………………………………………………

147

– كشاف الأعلام والمجموعات ………………………………………………..

149

– كشاف الأماكن الجغرافية …………………………………………………..

153

– منشورات المؤسسة ……………………………………………………….

155


الأبعاد الاستراتيجية للدراسات البورقيبية

أ. د. عبد الجليل التميمي
لقد عقدنا المؤتمر الأول عن الرئيس السابق الحبيب بورقيبة سنة 1999, وهو مازال على قيد الحياة, وتواصل عقد هاته السلسلة من المؤتمرات العلمية كل سنة وشارك فيها عديد المؤرخين والباحثين التونسيين والمغاربيين والمشارقيين, وقد أثارت مجموعة من الإشكاليات البحثية لدراسة أسس بناء الدولة الوطنية التونسية وكذا المغاربية. وقد نظمنا حتى الآن سبعة مؤتمرات. ومن خلال الأبحاث المقدمة, أبرزنا الجوانب المضيئة والبائسة في نفس الوقت لتجربة الرئيس الحبيب بورقيبة, لبناء الدولة الوطنية التونسية, كما عالجنا نفس هاته الإشكاليات بالنسبة لبقية القيادات السياسية المغاربية, وتم ذلك بفضل نشر مئات الدراسات الأكاديمية التي توخينا فيها منهجية صارمة, لا مجاملة فيها لأحد وتميزت بتحاليلها العلمية, معتمدة على الوثائق الجديدة وشهادات الذاكرة الوطنية لعديد الشخصيات السياسية والنقابية، والنخب من المجتمع المدني الحي. وقد تولت مؤسستنا تنظيم ذلك وهو ما كان وراء إنشاء أول قاعدة بيانات سمعية-بصرية لهذا الغرض, وأصبحت مجمل هاته الدراسات اليوم مرجعيات ثابتة على المستويين العربي والدولي.
نذهب إلى الاعتقاد أن الرئيس بورقيبة قد حظي ولأول مرة منذ إزاحته عن الحكم, باهتمام المؤرخين, باعتباره باني الدولة ومهندسها وفيلسوف نهضتها وحداثتها. كما أننا ألقينا أضواء كاشفة جديدة على عدد من القيادات السياسية أمثال الملك الحسن الثاني والرؤساء هواري بومدين والشاذلي بن جديد والأمين زروال والعقيد معمر القذافي. ذلك أن التبادل العلمي بين المؤرخين المشاركين على اختلاف توجهاتهم الفكرية كان مهما جدّا. فلا غرو أن فرعنا البحث في المؤتمر السادس لجوانب جديدة حول الرهانات الثقافية والمعرفية في عهد الرئيس الحبيب بورقيبة وكذا في المغرب العربي. وقد أثيرت عديد الإشكاليات المغيبة مثل اقتصاد الثقافة وإدارة البحث العلمي ومشروع الحداثة والتقليد عند بورقيبة والإسلام الشعبي وحالة الطرق الدينية. أما الإشكاليات المثارة لكل ما يتعلق بالمغرب الأقصى والجزائر, فكانت متنوعة مثل مساهمة مؤسسة أديناور في نشر المعرفة بالمغرب الأقصى والخطاب الثقافي والهوية بالجزائر والإيديولوجيات الثقافية في عهد الملك الحسن الثاني والرهانات الثقافية للأمازيغية, وقد تولد عن ذلك حوار هام, رفيع المستوى وجاد حول آفاق الكتابة الموضوعية عن الرئيس الحبيب بورقيبة وغيره من القيادات دون تأليه أو تقليل لدور أي أحد منهم. لقد أرست مؤسستنا منذ عشرين سنة اليوم، فضائل الحوار النزيه, غير المؤدلج أو المتحزب, وتلك هي رسالتنا دون أية خلفيات, وسندافع عن هاته القناعات والثوابت بحزم وإيمان, ولا نقبل أن يجادلنا فيها أحد بإثارة الشكوك أو الثلب المتعمد أو الاتهامات الاعتباطية, ذلك أن إنجازات مؤسستنا العلمية في هذا المجال, قد شرفت بالفعل تونس والبلاد العربية ومنحتهما موقعا إشعاعيا متقدما جدا على الصعيد الدولي… *** الشكر عاليا إلى كل المؤرخين والباحثين الذين تفضلوا بقبول دعوتنا وشاركوا في المؤتمر. والشكر موصول إلى الممثل الدائم لمؤسسة كونراد أديناور د. هاردي أستري, المتخصص في الحوار الإسلامي-المسيحي, والذي أدرك منذ اللحظة الأولى, أهمية هاته المؤتمرات وتفضل بمنحنا تفهمه ودعمه بعقد المؤتمر ونشر أعماله اليوم. وليتفضل الباحثون والمؤرخون على اختلاف توجهاتهم, بالتوقف حول أعمال المؤتمر السادس عن الرهانات الثقافية ونشر المعرفة بتونس البورقيبية وبالمغرب العربي أيضا. كما ندعوهم للتوقف مليا حول الحوار البناء الذي قمنا بتسجيله وتفريغه ونشره بالعربية والفرنسية, وهو ما يترجم عن أهمية التبادل العلمي الذي تحقق أثناء المؤتمر, وهذا ملف مازلنا نفتقده في مغربنا العربي بعد خمسين سنة من الاستقلال السياسي.
تونس في 09/09/2006                                                                       أ. د. عبد الجليل التميمي


الــصّـريــح، أو النيــو- صـحـّافيزم (*)

بقلم: Big Trap Boy ما قلتلكمشي من المرّة الأخرى راهم ما يحشموش؟ أهوكة هي هي وعملوها، ما صبروش. الشيء أقوى منهم وظاهرلي راضعينو في الحليب… توّة زعمة قلنا صدّام مات والحكاية متاعو باش تتنحّى أخيرا من الجرايد متاعنا اللّي ولاّت بعـثـيـّة أكثر من جماعة حزب البعث… آش ولاّت الهدرة توّا؟؟ أسمع يالّي ما تسمعش، صدّام مازال في الصفحة الأولى، وعلاش حسب رأيكم؟ على أخبار من نوع جديد: واحد ضرب مرتو بسكّينة في المغرب على خاطرها قالت صدّام يستاهل، والأخرى إنتحرت في الجزائر على خاطر سي صدّام، والأحلى من الكلّ: فتاة سعودية ترفض خطيـبـها على خاطرو يشبه لقاضي صدّام … آش مازال آخر بجاه ربّي؟ هاذا هكّا والحكاية مازالت سخونة، أما نتصوّر من بعد ما يولّي الخبر قديم وبايت كيفاش باش يلقاو طريقة باش يزيدو يجبدو عليه؟ يولّيشي ثقب الأوزون يزيد يوساع مرّتين بسبب إعدام صدّام؟ وإلاّ روجي لومار يحقّـق الإنتصار بفضل تكتيك صدّام؟ ولاّ في باب بريد القرّاء باش يولّي مواضيع من نوع “حبيبي ظننته صدّام لكنّه طلعلي سعيد الصحّاف”؟ وين ماشين؟ فهّموني؟ وزيد على هذا، في الوقت اللّي البلاد الكلّ عايشة في المهموتة- يعني ما فاهمة شيء- بعد أحداث “العصابة الخطيرة” اللّي قامت عليها القيامة، ما لقاتـش الصريح أحسن من التلاعب بالحدث هذا، بعد ما إستقالت من دورها كوسيلة إعلام، و ولاّت حانوت عطّار أو بالأحرى فحّام، وزادت نشرت صور لضحايا حادث مرور صار في ليبيا عندو قرابة الشهر في الصفحة الأولى متصفّـفين بجنب بعضهم ، فمّاش ما القارئ الجاهل اللّي يمثــل راس مال الجرايد هاذي يغلط ويمشي في بالو الجريدة نشرت صور لجماعة العصابة، وبالأمارة أهوكا واحد منهم حاطط على الجبين عصابة. ما نتصوّرش ناس منافقين وخبثاء كيما جماعة الجرايد هاذي إختارو الموضوع هذا في الوقت هذا وعلى الصفحة الأولى بالصدفة. حاسيلو إن لم تستح فأفعل ما شئت، أما زادة ما لازمناش نستغربو إذا كان الشباب اللّي عندو مستوى تعليمي متواضع يمشي يرمي روحو في يدين التيّارات المتطرّفة والجهاديّة اللّي تحبّ تبعث الناس للموت في العراق وغيرو، مادام حتّى من الصحافةالشّـبه رسميّة من نوع الصريح والشروق، نهار وطولو تبندر لصدّام والمقاومة والجهاد والشهداء، وتمجّـد في قتل الأمريكان ودكّ المارينز وغيرو من الحكايات اللّي تتباع بيها الجرائد في الأوساط شبه الجاهلة. هذا يعني بالعربي أنّو الواحد يبدى يعور في عينو بيديه ومن بعد يقول كيفاش ومنين جانا ومن وقتاش عندنا.وأنا نقول بصراحة أنّها الصحافة اللّي تشجّع في الشيء هذا بصفة غير مباشرة لازمها تتحمّل المسؤولية وتتحاسب كيف ما الناس الكلّ تتحاسب، والبلّوط هاذا لازمهم يشوفو غيرو على خاطر نتائجو بدات تظهر، وحسب ما فهمت ماهيش باهية بالكلّ
(*) Le néo-sahhafisme: Mot inventé par moi-même en référence à l’ex-ministre de l’information Irakien Said Essahhaff, célèbre pour sa franchise inégalée et la transparence de ses informations, et surtout pour sa fameuse “al 3oulouj”!
# posted by Big Trap Boy @ 1:54 AM 9 comments     
(المصدر: مدونة Extravaganza التونسية بتاريخ 7 جانفي 2007 على الساعة 1 و54 دقيقة فجرا) الرابط: http://trapboy.blogspot.com/  


 

متابعات

ركن يعده صالح الزغيدي

 

العدد الثالث من» متابعات» يشتمل على عدد من الأخبار التي شدت انتباهنا لخطورتها أو لطرافتها أو لأن الصحافة عندنا سكتت أو» أسكتت «عنها لأنها تتحدث عن الإرهاب الحقيقي الذي يهدد منطقتنا وتتحدث عن الفساد الذي ينخر اقتصادياتنا..وقد ارتأينا في هذا العدد من» متابعات» تخصيص مساحة هامة من هذا الفضاء لوثيقة العدد لأننا نعتقد أنها وان تناولت موضوعا محددا وهو الانتخابات الأخيرة في البحرين- فإنها تساهم في فهم إشكالات هي في الحقيقة مطروحة على طول و عرض المنطقة العربية وان كان ذلك بصفة متفاوتة بين هذا البلد وذاك. هذه الوثيقة تتناول، عبر تصريح للدكتور البحريني عبد الله المدني القيادي في التيار المسمى «لنا حق «، خطورة اتساع ظاهرة المد الديني وتراجع حضور الفكر العقلاني والحداثة في أكثر من بلد أو موقع..

 

و بالرغم من خصوصية الواقع البحريني ،فان الأفكار الواردة في تصريح الدكتور المدني والذي أدلى به للموقع الإلكتروني “آفاق”  يمكن ان تساهم في بلورة الظروف والأسباب التي تقف وراء هذا المد  الظلامي وفي إنارة السبيل أمام شعوبنا ونخبنا للتصدي لهذا المارد ،مارد التعصب والتخلف والظلامية.

 

قضية تحويل أموال البنك القومي الجزائري

 

اتخذت هذه القضية في الأسابيع الأخيرة منعرجا هاما حيث أن العدالة المغربية سمحت للحكومة الملكية  بأن  تسلم إلى الحكومة الجزائرية المجرمين الثلاثة  الهاربين إلي المغرب من العدالة الجزائرية. وكانت محكمة جزائرية وجهت منذ 2004 تهمة الاستيلاء على أموال عمومية، والنحيل وإصدار شيكات بدون رصيد  إلى عدد كبير من أعوان البنك وحر فائه.ويبلغ مجموع الأموال التي يطالب بها البنك 20 مليار دينارا جزائريا..و قد سجل الملاحظون كثافة وجدية التعامل بين الجهازين القضائيين في البلدين الشقيقين في عدد من القضايا سواء تعلقت بالفساد والتحايل أو تعلقت بالأعمال الإرهابية.

 

برلمانيون أمريكيون يدعون إلى فتح حوار مع كوبا

 

زار في أواسط شهر ديسمبر جزيرة كوبا وفد هام يتركب من10 برلمانيين أمريكيين (أربعة منهم جمهوريون وستة ديمقراطيون) وقد دعت المجموعة المسؤولين في الولايات المتحدة إلى فتح حوار مع كوبا.

والمعلوم أن لاهافانا  لم تستقبل وفدا بهذه الأهمية منذ ثورة شعبها ضد دكتاتورية باتيستا في  شهر جانفي 1959 وأن الولايات المتحدة تفرض على كوبا حصارا تجاريا منذ 1962..

 

قروض للمجتمع المدني بتونس من مبادرة الشراكة الأمريكية

 

«المبادرة الأمريكية من أجل الشراكة مع الشرق الأوسط « مؤسسة تعمل تحت إشراف وزارة الخارجية بعثت من اجل تقديم الدعم والمساعدات المالية لمؤسسات المجتمع المدني في المنطقة العربية.ويقول كيرك ويلكوط المدير المساعد لهذه المؤسسة أنها تسعى إلى مساعدة منظمات المجتمع المدني والأفراد على تحقيق أهداف وقيم  هي نفسها أهداف وقيم المبادرة الأمريكية ،في ميادين التربية ،والديمقراطية وتنمية قدرات المرأة الخ…و قد بلغت قيمة الاعتمادات الممنوحة منذ 2002 قرابة300 مليون دولارا.. و في الفترة الممتدة من نوفمبر 2005 إلى سبتمبر 2006 ،بلغت المنح المسددة لمشاريع أنجزت في لبنان ومصر وتونس والجزائر والمغرب 617936 دولارا. و من بين المؤسسات التي نالت نصيبا من هذه الأموال في تونس معهد الصحافة وعلوم الأخبار وذلك لتمويل نشرية جامعية تحصلت على هذا التمويل للسنة الثانية على التوالي .

 

اكتشاف خلية إرهابية في المغرب

 

تم إيقاف 13 شخصا في الأسابيع الأخيرة بالدار البيضاء ومناطق أخرى بتهمة الانتماء إلى تنظيم إسلامي إرهابي يطلق على نفسه اسم «جماعة التوحيد والجهاد في المغرب» وكل الموقوفين من جنسية مغربية .وقد كانت هذه المجموعة قد أصدرت في خريف 2005 بيانا تعلن فيه أنها بدأت الحرب ضد السلطات المغربية وذكرت أنها ستعمل على اغتيال عدد من المسئولين الحكوميين ذكرتهم بأسمائهم ومن بينهم السيد نبيل بن عبد الله وزير الاتصال والناطق الرسمي للحكومة.

 

الوثيقة…..

 

فيما يلي مقتطفات من تصريح الدكتور عبد الله المدني لموقع “آفاق” في بداية شهر ديسمبر 2006:

 

** أبدى عدد من المثقفين البحرينيين مخاوفهم من أن تؤدي سيطرة جماعة الإسلام السياسي (الشيعة والسنة) على البرلمان إلى تراجع الحريات الاجتماعية والتضييق على المخالفين في الرأي.هل تشاطرهم هذه المخاوف؟

 

ـ نعم، والمخاوف لها ما يبررها،ليس لأن نواب التيار الإسلامي السني بشقيه الاخواني والسلفي في مجلس النواب السابق تباروا في طرح مشاريع قوانين برغبة لأسلمة مظاهر الحياة العصرية في البحرين وتقييد حرية المواطن في الاختيار على مدى السنوات الأربع الماضية قوانين الفصل بين الجنسين في الجامعة، إنشاء هيئة للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، إغلاق المحلات التجارية في أوقات الصلاة،قطع يد السارق، حظر تواجد الآباء في حفلات التخرج السنوية في مدارس البنات،تخصيص أيام للنساء وأخرى للرجال للتسوق في المجمعات التجارية الكبرى،حظر زواج المواطن أو المواطنة من الأجانب، حظر عمل النساء في السلك الدبلوماسي البحريني وغيرها، وإنما لأن مثل هذه التوجهات ـ أو بعضها على الأقل ـ يشاطرهم فيها تيار الإسلام الشيعي الذي صار اليوم ممثلا ب 17 مقعدا من أصل 40 مقعدا….وإذا كان التيار الأخير قد مارس ضغوطات شتى على حريات المواطنين وخياراتهم وهو خارج البرلمان على نحو ما حدث حينما تصدى للحفلات الغنائية والأنشطة السياحية الفندقية وبعض الرسوم الكاريكاتورية في الصحافة مبررا عمله بالمحافظة على الأخلاق والآداب الإسلامية، فمن باب أولى عمل الشيء ذاته الآن وقد صار داخل البرلمان …مختصر القول أن هذين التيارين رغم كل ما بينهما من تمايز واختلاف،فإنهما متفقان على أسلمة مظاهر الحياة في المجتمع البحريني مع اختلاف في التوقيت فقط..

 

** كيف تفسر هذا الصعود الكبير للإسلاميين في بلد مثل البحرين عرف بانفتاحه وليبراليته،و ما هي أهم أسباب ذلك،برأيك؟

 

 – الأسباب كثيرة ويطول شرحها،لكنها تتشابه وتتقاطع مع أسباب بروز المد الديني وتراجع المد الليبرالي والحداثي في كل المجتمعات العربية تقريبا، وهي أسباب بعضها من صنع السلطة والبعض الآخر

اما يعود فيه الفضل لجهود الإسلاميين الدؤوبة أو تراخي وكسل الليبراليين أنفسهم.و يمكن بصفة عامة ذكر العوامل التالية:

 

1 ـ قانون أمن الدولة الذي أعاق نشاط وعمل كل التيارات السياسية،بما فيها التيار الليبرالي،على مدى 3 عقود، فحرمها من أي منبر تطل به على الجماهير، في الوقت الذي كانت فيه التيارات الإسلامية وحدها قادرة على التواصل مع الناس من خلال منابر الجوامع والحسينيات والصناديق الخيرية.ومما لا شك فيه أن هذا أبعد القوى الليبرالية عن الناس ،بل شتتها وأحبطها..

 

2 ـ توحد التيار الديني ودقة تنظيمه وعمله كفريق واحد،مع استغلاله الى أقصى حد مظاهر الثورة المعرفية والتكنولوجية في الترويج لنفسه وإيصال خطابه إلى العامة وغسل أدمغتهم.

 

3 ـ قوة الأذرعة المالية للتيار الديني ممثلة في الجمعيات والصناديق الخيرية والمصارف الإسلامية وتبرعات المؤسسات شبه الرسمية من تلك التي تقدم الدعم المالي شراءا لسكوت الإسلاميين عن انتقادها، أحد أقدم المصارف في البحرين مثلا يقدم بصفة منتظمة تبرعات بآلاف الدنانير سنويا الى جمعية الإصلاح ذات النهج الاخواني التي تعتبر جمعية المنبر الإسلامي ذراعها السياسي، أضف الى ذلك أنه لم يعد خافيا حصول الجمعيات السياسية الدينية على الدعم من شخصيات طبيعية واعتبارية في دول الجوار وبصور ملتوية لا يمكن إثباتها..

 

4 ـ دعم شخصيات وأجهزة داخل الدولة للتيار الديني السني والاستماع الى مطالب رموزه وتلبيتها على الفور، انطلاقا من المخاوف المتنامية من أجندات التيار الإسلامي الشيعي، ومن فقدان الثقة ما بين النظام والأخير.

 

5 ـ انقسام التيار الليبرالي بجمعياته وتنظيماته المهنية وشخوصه، وصعوبة التقائها وتوحدها بسبب انتماءها الى مدارس إيديولوجية مختلفة..بل وتحالف بعض الجمعيات الليبرالية مع الإسلاميين من أجل أهداف ومكاسب قصيرة.أضف الى ذلك فقدان الود ما بين النظام وبعض شخصيات التيار الليبرالي لأسباب تاريخية ،بل تشدد الأخيرة في بعض المواقف وعدم ممارستها اللعبة السياسية بذكاء ،الأمر الذي قطع خطوط اتصالها بالنظام والأجهزة الرسمية، وبالتالي سمح لرموز التيار الديني السني الاستفراد وحدها بدعم النظام والحكومة.

 

6 ـ استمرار الشخصيات والجمعيات الليبرالية في لعب أدوار نخبوية ،بمعنى عدم نزولها الى الشارع والتغلغل في أوساط العامة على النحو الذي أجادته الجمعيات الإسلامية ونجحت فيه …وينطبق الشيء نفسه على منظمات المجتمع المدني التي يفترض فيها أن تنشط وتتوحد وتتكاتف من أجل الدفاع عن قيم العدالة والمساواة وكشف الفساد والخروقات والتمييز ومن أجل بناء المجتمع العصري.

فهذه المنظمات بحكم هيمنة هذا الفيصل السياسي أو ذاك عليها، تنجر الى الخلافات والانقسامات وتمارس الإقصاء والنبذ بدلا من الترفع عن تلك الممارسات  وتوحيد صفوفها وكسب المزيد من الأنصار.

 

** هل ترى أن التأييد المتزايد الذي تحظى به الجماعات الإسلامية في المجتمع تعبير عن حالة مؤقتة أم أنه توجه عام قد يستمر لفترة طويلة قادمة ؟

 

ـ ان مآل التيارات الإسلامية أن تنحسر يوما لصالح قوى وأفكار جديدة مغايرة، خاصة مع مد جنيني في المنطقة للفكر الليبرالي بالمفهوم السياسي.أما متى ينحسر المد الاسلامى لصالح قوى مغايرة أخرى فمن الصعب التنبؤ بذلك، ويعتمد على عوامل عديدة أهمها قدرة الليبراليين على توعية الجماهير ببؤس الأجندات الاسلاموية …..الأمر المؤسف حقا أن الخوف بلغ أحيانا حدا جعل اليساريين-اللذين هم أحد أطياف التيار الليبرالي ممن ترشحوا في الانتخابات الأخيرة يتبرؤون من يساريتهم وليبراليتهم وعلمانيتهم وأفكارهم الحداثية أثناء حملاتهم الانتخابية واصفين أنفسهم بالمستقلين.والأسوأ من هذا أنهم، وهم المعروفون بدفاعهم عن حقوق المرأة ورفضهم الشرس للفصل بين الجنسين،نافسوا الإسلاميين في تخصيص أماكن منفصلة للنساء في خيامهم الانتخابية …وفي رأيي المتواضع أن من لا يستطيع أن يعلن معتقده السياسي دون مواربة وعلى رؤوس الأشهاد ويدافع عنه دون خوف أو وجل ،فالأفضل له أن يجلس في بيته وإلا عدً انتهازيا و وصوليا

 

(المصدر: جريدة الشعب الأسبوعية الصادرة يوم 6 جانفي 2007)


مجزرة عائلة المهاجر التونسي عزوز في إيطاليا: قطرة دم قد تكشف الجناة ؟؟؟

 
قررت النيابة العامة في محافظة “كومو” ( 50 كم شمال شرق مدينة ميلانو) توقيف زوجين، “أولندو رومانو” و “أنجلا روزا باسي” على ذمة التحقيق و وجهت إليهما تهمة القتل المتعمد لأربع أشخاص مع سبق الارصاد و الترصد و قد تم نقل المتهمين من مركز شرطة مدينة “آرب” إلى السجن المدني ” باسوني” بمدينة “كومو” في ساعة متأخرة من يوم الاثنين 8 يناير 2006، بعد تحقيق تواصل لأكثر من ثلاث ساعات و نصف الساعة ليستمر في السجن إلى ساعة متأخرة من الليل.
و للتذكير فانه يوم 11 ديسمبر أفاقت مدينة “آرب” من محافظة “كومو” على وقع  مجزرة راحت ضحيتها عائلة المهاجر التونسي “عزوز مرزوق”: زوجته “رافيالا كستانيا” و ابنه “يوسف” و حماته “باولا قالي” إضافة إلى جارته “فالاريا شروبيني” في حين نجى زوج هذه الأخيرة من الموت المحقق، كما أضرم الجناة النار في المنزل تاركين وراءهم نقمة السكان و حيرة المحققون.
و كانت وسائل الإعلام الإيطالية وجهت التهمة في البداية إلى الشاب التونسي “عزوز” خاصة و أنه من ذوي السوابق العدلية،  لكن وجوده في تونس ذلك اليوم جعل الشكوك تتحول إلى غيره، فتوجهت الأبحاث حول الفاعلين الحقيقيين و بعد أقل من شهر توصل المحقوقون إلى وجود قطرة دم لغير العائلة إضافة إلي شعرة وجدت في البناية و بالتحاليل الكيماوية تبين أن الدم لامرأة و قد تكون جارتهم الموقوفة على ذمة التحقيق، خاصة و أنها كانت تعيش في مشاكل مع زوجة التونسي الهالكة منذ ديسمبر 2005 و لهم قضية أمام قاضي السلام بالمدينة كانت مبرمجة بعد يومين من هلاك “رافيالا”.
كما اكتشف المحققون بقايا دم على ثياب الجارة بعد غسلها قد تكون لطمس آثار الجريمة، و بالرغم من إنكارهما أمام الصحافة و قاضي التحقيق و إصرارهما على البراءة بقولهما ” نحن بريئان، لسنا مجرمين”  و ادعا وجودهما في مطعم ساعة الجريمة و تجوالهما في أسواق المدينة مستظهرين ببعض القسيمات الجبائية، إلا أنه ما يزيد شكوك المحققون هو عدم قدرتهما على تغطية ثلاث ساعات من الفراغ  يوم الجريمة. و في تعليقه الأولي للصحافة، على اتهام الجارة و زوجها، قال الشاب التونسي عزوز ( 25 سنة ): أن هناك بعض المشاكل المادية بين زوجته و الجارة و لكنه يستبعد إلى أن يتطور ذلك إلى القتل قائلا ” إن فعلاها هما فعلا، فانهما حيوانان”.
و ستكون الساعات المقبلة حاسمة في توجيه التهمة رسميا إلى الزوجين ما لم يطرأ على التحقيق أي جديد خاصة و أن الصحافة الإيطالية كيومية “كورياري دي لاسيرا” الواسعة الانتشار ذكرت أنه يمكن أن تكون المطالبة بتعويضات قدرها 3500 أورو لصالح زوجة التونسي عزوز وراء جريمة القتل إضافة إلى فراغ ثلاث ساعات من حياة الزوجين يوم الجريمة.  و للتذكير فان الشرطة العلمية الإيطالية تملك من القدرة الفائقة على اكتشاف مثل هذه الجرائم حين أن أغلب الجرائم في الفترة الأخير في إيطاليا تم اكتشافها عبر الشرطة العلمية و التحاليل الكيماوية.
رضا المشرقي – إيطاليا

مهرجانا تأبينيا للرئيس صدام حسين بمدنين

 

 
نظم الاتحاد الجهوي للشغل بمدنين مهرجانا تأبينيا للرئيس صدام حسين على مدى ثلاثة أيام ( 05 و06 و07 جانفي ) حضره ثلة من النقابيين والمناضلين واستدعى المكتب التنفيذي الجهوي بمدنين في إطار سياسته المنفتحة على كافة حساسيات المجتمع المدني الأحزاب المعارضة وكافة الجمعيات والمنضمات الناشطة بالجهة إلا أنها تميزت بالغياب باستثناء ” الحزب الديمقراطي التقدمي ” ممثلا في أعضاء جامعته بمدنين الذين قاموا بتلاوة بيان الحزب المتعلق بموقفه من إعدام الرئيس صدام حسين مراسلة خاصة (المصدر: موقع الحزب الديمقراطي التقدمي بتاريخ 8 جانفي 2007)


دعوة للتعقّل

عندما تتهافت النخبة..

بقلم: الهاشمي بن علي عاش العالم العربي طيلة الأيام الأخيرة على وقع حادث إعدام الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين، فعدا عن ردود الفعل الشعبية ظهرت بيانات ومقالات لعدد من الشخصيات والمنظمات والأحزاب أدلت بدلوها في ذلك الحدث المثير للجدل. انبرت أغلب الأقلام فيما يبدو إلى تأبين صدام مشيدة بما وجدت أنه رباطة جأش تحلى بها حتى آخر لحظاته وما قالت إنه بقاء على المبدأ وهو مقاومة المحتل الأمريكي ومناهضة من انخرط في مشروعه من قريب أو بعيد. في سياق رثائي مناقبي، أغرقت كثير من هذه الكتابات في تمجيد صدام وأطنبت في مديحه حتى وصفه بعضها بضمير الأمة وشهيدها وقائد مسيرها. بل إن من تلك النصوص من أسبغ صفة الأسطورية على اللحظات الأخيرة التي أظهرها التسجيل المصور لتنفيذ حكم الإعدام فيه. وفي المقابل من هذا الخطاب التمجيدي انبرت تلك النصوص تطلق على مكونات كبيرة ن الشعب العراقي أقذع الأوصاف و أحط النعوت. في أكثر هذه الرثائيات اعتدالا وجدنا أصحابها يتحدثون عن الصفويين الحاقدين وعن العملاء أبناء العلقمي وعن عملاء الاستعمار، حتى أن واحدا من النصوص وصفهم بالكتيبة الخرساء. هكذا وبشكل إطلاقي أسبغت الألقاب التشريفية التي رفعت صدام إلى مقام القديسين، بينما تكفلت ألقاب أخرى وضيعة بتصوير الشيعة خاصة على نحو يجعلهم في ما دون الدرك الأسفل من المراتب البشرية. ربما لم يكن من الغريب أن ينتشر هذا الضرب من الخطاب في الفضاء العربي، فالجماهير عامة لم تصل بعد إلى ما يمكن وصفه بالوعي اللازم الذي ينقذ مواقفها من ردود الأفعال المتشنجة والعنيفة أحيانا. ليس خافيا أننا معاشر العرب نعيش في ضغوط وجو من الإحباط النفسي يفسر دون أن يبرر ردود أفعالنا المتناقضة أحيانا. فعدد لايستهان به من قوانا الاجتماعية نجحت الحكومات الاستبدادية العربية في تدجينها. يشهد بذلك استمرار هذه الأنظمة العربية على كراسيها في عالم يشهد التغييرات المتسارعة، إلى حد بدت فيه المنطقة العربية خارج حركة التاريخ أو على الأقل تنفعل بها دون أن تفعل فيها. تلك أزمة تحس بها النخب التغييرية قبل غيرها، وهي تراقب مغلوبة على أمرها أغلب الجمهور العربي يوليها الظهر منصرفا إلى همومه اليومية. لهذه العوامل وغيرها من التي لا يتسع المقام لشرحها  يبدو تعاطف جزء من الشارع العربي مع نهاية صدام مفهوما دون أن يكون مبررا، لكن الغريب هو ذلك التهافت المريع الذي وقعت فيه بعض مكونات النخبة السياسية والفكرية في العالم العربي بنحو غير مسبوق يكاد يقضي على كل المكاسب الديمقراطية التي وقع تحصيلها ولو تحت خانة المأمول. تلك النخب التي كان يفترض بها أن تضع الحدث المذكور في سياقه الكبير وتفكك ما حفّ به من حيثيات قريبة وبعيدة، نجدها قد سارعت إلى اجتزاء الحدث ضاربة صفحا عجيبا عن حقائق من المستحيل تجاهلها أو القفز عليها. هكذا ولأن صدام أعدم بإخراج مثير للجدل، ولأن من أعدموه فعلوا ذلك والعراق تحت سيطرة قوى خارجية، محي كل تاريخ العراق  واندثر في وعي تلك النخبة المسار الشخصي والسياسي لرجل طبع التاريخ السياسي الحديث للعراق بميسم ليست معالمه بسر يذاع. بمعنى آخر سقط الكثيرون في أنواع من الخلط العجيب الذي لا يدل على أدنى درجات الواقعية أو الموضوعية. فبداية وقع الخلط في محاكمة صدام بين الأصل والشكل. ففي الأصل تعدّ جرائم صدام أوضح من أن تعقد لها المحاكم، لو كان هذا الشخص قد أعدم عشرات من خصومه، لو أنه اقتصر على أعداءه أو على فريق سياسي بعينه لهان الأمر ولسهل تصنيفه تحت لافتة طائفية أو حزبية. لكن صدام يا نخبتنا العربية لم يسلم من بطشه الشيعي ولا السني، وذاق على يديه المر البعثي والكردي والشيوعي والقومي والإخواني وكذلك العراقي الذي لم ينتم في حياته لتيار سياسي. لم يشهد التاريخ السياسي العربي الحديث، فيما أعرف، أنكى وأشرس مما أنتجته المدرسة البعثية من أشكال للحكم. ولم أرى صنمية في تسويق صورة الحاكم كتلك التي سهرت دولة العسكر والبوليس البعثية على ترسيخها طيلة عهود. كل مظاهر عبادة الزعيم الفرد الضرورة الفلتة كانت متوفرة في المشهد العراقي. نسيت نخبنا فيما يبدو غياب أدنى مظاهر التعددية الحزبية والإعلامية في عراق البعث. نسيت غياب أدنى درجات التسامح مع الآخر المختلف. نسيت سوء العذاب الذي سام به صدام شعبه وجيرانه. نسوا كل قراراته الخرقاء التي هي بالذات من جاء بالمحتل إلى جزيرة العرب وإلى بلاد الرافدين. نسوا أو تناسوا أن صدام لم يستشر أحدا عندما غزا الكويت، وأنه لم يستمع لنصيحة أحد عندما رجاه العدو والصديق أن يغادر بلادا دخلها في مغامرة حمقاء. توارى كل ذلك التاريخ الأرعن الذي رسمه الزعيم الضرورة ليختزل تاريخ العراق ومصيره في محاكمة مهزوزة شكلت هدية مجانية لدكتاتور لمعت له صورته القبيحة، وتوارت كل الجرائم تحت وقع صور التقطتها زمرة غبية سيطرت عليها روح التشفي فحولت صدام إلى “شهيد” وهو القاتل بلا رحمة لضحاياه. لست أستكثر على نخبنا حريّتها في أن تتعاطف مع من تشاء، فالتاريخ بحقائقه سيتجاوز المناحات المزيفة ولن يفسح مجالا لمن يريد أن يجحد ما لا سبيل لجحده. ولى زمن يسهل فيه كتابة التاريخ زورا وعنونته بالعناوين المختلقة الممنوحة لمن لا يستحق حتى زيفها. وفات الكثيرين أن عصر الصورة والصوت، عصر المعلومة العابرة لكل الجدران العازلة احتفظ لصدام بألبوم زاخر بالصور اللاإنسانية البشعة، احتفظ له بأفلام طويلة عريضة ارتسمت على صورها البائسة عذابات الناس. أولئك الناس الذين لم يتح لضحاياهم دقيقة واحدة ليترافعوا عن أنفسهم  ويتهموا المحكمة “الثورية” التي عقدت لهم تصطاد أرواحهم داخل القانون وخارجه بأنها صورية، وبأنها تعقد تحت طائلة تحالف البعث مع الرجعية الخليجية ومع المصالح الإمبريالية زمن كان النفط الخليجي يغدق بحارا على المجهود الحربي العراقي..زمن كان رامسفيلد يحل ضيفا مبجلا على بغداد..زمن كان صدام حليفا في جبهة واحدة مع مبارك والملك حسين وغيرهما من الخونة التاريخيين لهذه الأمة المنكوبة. كان هؤلاء يساقون إلى الموت البعثي الأسود زرافات زرافات، بعيدا عن كاميرا تسجل ولو ثانية من ملامحهم المروعة قبل الإعدام، بعيدا عن بيانات النخب العربية التي لم تعبأ إلا لماما بما كان يحل بهم. بعد هذا وذاك، ينصب صدام حسين عنوانا لكل أمآلنا وأفقا لمشروعنا في التحرر والانعتاق، بعد كل هذا وغيره تتداعي أسماء فكرية وسياسية لكيل المديح لمن تجمعت فيه كل أعراض الظلم والجبروت. في الوقت الذي تقول فيه تلك الشخصيات والمنظمات والأحزاب إنها تقود معركة حاسمة من أجل حقوق الإنسان العربي، تقف اليوم لترقص فوق دمائه ولتمجد ذباحه وتعمل على تخليد مسار فرعونه  جملة وتفصيلا. هذا نصف الكأس الآسن، أما نصفه الآخر فهو التكفل ضمنيا بأجندة الزرقاوي التي نشرها على الملأ، تلك التي لم يخف فيها سعيه لإشعال فتنة طائفية والعمل ع. كثيرة هي الأسماء التي رغم تباين مرجعياتها اندفعت تصف مئات ملايين المسلمين بنعوت تنم عن حقد دفين وعن إقصائية بشعة سقطت معها أوراق التوت كلها، تلك الشعارات الحقوقية الوحدوية التي بان بالكاشف أنها وقود لمعارك هي معارك حق يذهب بها مذاهب الباطل. حق للعقل الوهابي أن يفخر بثمار زواجه بالبعث “العظيم”. يقال إن إعدام صدام حسين كان عملا طائفيا..وهل كان صدام سنيا يوما حتى تفهم مجريات الأمور على هذا النحو؟ يقال إنه وقع ضحية أذناب إيران في العراق..وهل أكراد العراق هم شيعة من أذناب إيران؟ يقال إن محاكمته افتقدت للعدل والنزاهة..وهل منح هو دقيقة من الشهور الطويلة التي خطب فيها وصدح بما أراد على رؤوس الملأ في شرق الأرض ومغربها وعلى كل الشاشات تقريبا؟ يقال إن المحاكمة باطلة لأنها بنيت على الاحتلال..وهل جاء بالاحتلال أرعن آخر غير صدام الذي لم يستشر أحدا يوم غزا الكويت ولم ينتصح لأحد يوم رفض إعادتها لأهلها؟ يقال إن إعدام صدام يوم العيد صدم المسلمين..وهل لهؤلاء المسلمين ذاكرة واعية قوية تذكرهم أن البعث الصدامي قطع رأس الزعيم الوطني عبد الكريم قاسم وسحله يوم الرابع عشر من رمضان؟ يقال إن الإسلام وأهل البيت براء ممن فعل ذلك مفسدا”فرحة” العيد على أهلها..وهل كلف هؤلاء أنفسهم عناء استحضار تاريخ طويل تليد من توظيف البعث للرموز والقداسات الدينية في تذبيح الأبرياء العزل؟ ألم يكن اسم حملته سيئة الصيت الأنفال؟ ألم ينفذ أحكام الإعدام في خصومه في كل المناسبات وفي غير المناسبات؟ يقال إن صدام سار إلى مشنقته مرفوع الرأس ودخل في ملاسنة مع خصومه الذين صلوا على محمد وآل محمد وهم يرون ذباحهم يتدلى أخيرا بنفس الحبل الذي شنق به ألوفا وألوف؟ إذا كان علينا أن نقايض الكرامة وحقوق بني البشر بانجازات الصناعات العسكرية ( التي تبين أنها الوهم ذاته) أو بالشعارات الرنانة، فلنحرر سوية رسالة اعتذار لكل الجبابرة. بمعنى ما،  كان هتلر و موسيليني  وستالين وتشاوسسكو و جاروزلسكي، كلهم بنحو ما كانوا وطنيين قدموا لشعوبهم  و قاوموا الامبريالية (الحسنة التي لا تضر معها سيئة). فأي مهوى تردينا فيه؟ وماذا كانت تكتب نخبنا طيلة عقود؟ وأي مشروع يعدون به أجيال المستقبل؟ وأية عدة أعدوها لمجابهة تحديات المجهول؟ أسئلة رأيتها تجول حائرة عاجزة وهي تتردد بين عقول ملؤها الكراهية والحقد ونفي الآخر وتشريع تقتيله والتأسيس لاحتقاره وإهانته حضارة وعقيدة وممارسات. نفسها الانتهاكات التي نشتكي ليل نهار من أننا نقع ضحاياها على يد الصهاينة، في حين يبين الواقع أننا مصابون بذات الفيروس..نتصرف بعقلية شعب الله المختار ونود لو أننا نمكن من رقاب الشيعة والأكراد فنتخلص منهم ذات عشية لعل الأيام تصفو للفرقة الناجية التي تغير كالحية جلدها: مرة تطلع علينا بمظهر قومي، ومرة بدثار إسلامي، ومرة يا للعجب بإخراج حقوقي !!!!! لما يرفض الإخوانيون الترحّم على روح عبد الناصر؟ ألم يكن الرجل وطنيا حارب المستعمر وساند حركات التحرر ومات شهيدا وفق بعض الروايات؟ ماذا ضره وفق منطق نخبنا أن يكون دكتاتوريا خنق كل صوت حر وعذب وأعدم سيد قطب عبد القادر وغيرهما من المعارضة سلميها وعنيفها؟ إذا لا عزاء والحال كذلك لضحايا العقيد معمر الذين تذهب أرواحهم إزهاقا في وجبات سنوية، يصلح هؤلاء المعذبون ثمنا لصورة الزعيم المناهض للغرب القابض على جمرة المقاومة والذي أعلن الحداد على رفيق الدرب في انتظار أن يمنحه القدر ميتة كميتته. لا عزاء لإخوان سوريا الذين قضوا في حمام دم سالت أنهاره يوم كانت سوريا تقارع المشروع الصهيوني وتشارك في حروب العرب ضد إسرائيل. إلى هذه التخوم المرعبة يقودنا تفكير نخبنا التي ارتفع صوتها وبح وهو ينوح على من كان يقتل ويقتل و يقتل بكل دم بارد. إلى هذه التخوم يحملنا خطاب استسلم بالكلية إلى منطق المزايدات والتبريرية المفضوحة التي يجب وفقها لي عنق الواقع والحقيقة كي يتناسب مع مجد الزعيم الفرد ذي التسعة والتعسين إسما..ذي التسعة والتسعين بالمائة في كل الانتخابات والاستفتاءات. لم نجد أحدا من هذه النخبة المتنورة تشع بأضوائها المعرفية أو السياسية على الساحة الفلسطينية لتنقل لنا فصولا من عمالة سنة فلسطين الحاصلين بالملايين على الجنسية الإسرائيلية. لم يحدثنا احد عن أحفاد العلقمي في نسخته السنية ممثلة في الحركة الإسلامية في الخط الأخضر: صاحبة النواب في الكنيسيت والبانية برنامجها هي وغيرها من أحزاب ثمان وأربعين على أساس “المواطنة الإسرائيلية”. لم نسمع أحدا ينبس ببنت شفة عن حركة فتح التي باعت بقية ما تبقى من أرض الأجداد: أولى القبلتين وثالث الحرمين. لم نسمع بأحد يندد ويتبرأ منهم باعتبارهم السنّة العملاء، لا هم  ولزعاماتهم التي وقعت على كامب دايفيد وعلى أوسلو وعلى على غيرهما من محطات المذلة في تاريخنا المعاصر. لم تر العين النخبوية العربية سوى السيستاني والتيار الصدري وحزب الدعوة والمجلس. صحيح أن هؤلاء تقع وقعت منهم الأخطاء والأخطاء الفظيعة لكن إفرادهم بالتهم الخطيرة وتحويلهم إلى الخطر الوحيد الأوحد والشر الأكبر يعبر حقا عن تهافت ما بعده تهافت. عين لا تريد أن تتحدث عن وجود جبهة التوافق داخل العملية السياسية. تكابر فلا تلاحظ زيارة طارق الهاشمي ولقاءه الودي مع بوش. لا تبحث في الرابط بين ظهور بعبع الهلال الشيعي بإخراج أمريكي عربي رجعي وبين الحملة المركزة على الشيعة في تناغم أمريكي مصري أردني سعودي. عين تتجاهل تفجير قبة سامراء وتفجيرات مدينة الصدر ومذابح الحلة والنجف وكربلاء، تتعمد أن لا تعترف بأن القتل والموت في العراق أعمى لا يفرق بين سني وشيعي. تريدنا تلك العين أن نتجاهل معها بيانات القاعدة وممارسات الخط التكفيري الضارب بعروقه النتنة منذ أيام الجهاد الأفغاني. يريدوننا أن لا نتوقف عند التشابه بين ما يحدث في الجزائر وبين ما قامت تلك الجماعات في الجزائر وفي مصر وفي جزيرة العرب. نترك من يصرخ ليل نهار متقربا إلى الله برقاب المسلمين ويصف النبي بالضحوك القتال (حاشا رسول الله عليه أفضل الصلاة والسلام) ويفاخر بنحر أبرياء المسلمين بفتاوى خرقاء هي الجهل في أتعس صوره. علينا أن ننسى كل ذلك وننضم إلى  جوقة التشويه. تشويه الضحية وتمجيد الجلاد. تماما كما فعلوا في التاريخ. هم أنفسهم الذين قالوا إن الفئة الباغية التي قتلت عمار بن ياسر هم الذين أخرجوه. هم الذين قالوا إن شيعة الحسن هم من قتلوه. هم أنفسهم الذين لم يروا من ضير في تمجيد الظالمين في التاريخ فقط لأنهم قادوا الفتوحات وأخضعوا الأمصار. ما يفعله قطاع من نخبنا هو تزوير للتاريخ ولعب بأدواره..عمل يقلب الحق باطلا والباطل حقا مما نتج عنه مسخ يتزاوج فيه المنظور الحقوقي المتطلع للتوسل بالأدوات المعرفية بالافتتان بطاغية قل نظيره وتسليم مقاليد أهدافنا في التنمية والتحرير إلى  عتاة الاستبداد. هي أيام زاهية للاستبداد العربي إذا، ومثلها أخر للاحتلال الذي يجد في القهر تربة مواتية للتمرير مشاريعه، في انتظار أن يثوب القوم لرشدهم ويفيقوا على حقيقة مرة تقول إنهم ينفقون مصداقيتهم على من لا يستحق ويراهنون على جواد زائف…ذلك الحاكم العربي الدكتاتوري الذي  مهما زين له في أذهان الناس جبارا شقيا، لن تترك يد العدالة الإلهية مثقال ذرة شرّ فعلها دون عقاب عادل في الدنيا والآخرة. 9 جانفي 2007  


 

“يا حسرة على العباد…”

أريد ايصال رأيي باختصار شديد (بسبب ضيق الوقت وعدم امتلاكي ل انترنت وسبب كل هذا ظلم شبيه بظلم صدام و بذالك الذي ذهب ببصر سيدنا يعقوب النبي -ع –والى الله المشتكى) حول اعدام صدّام  العرب  “البطل ، الشهيد؟؟؟ الأسد, الفارس، رمز العروبة والرجولة والكرامة…” وسوف لن اجد الوقت للرد على من سأشعل نار غضبه الا بعد مدة لا يعلمها الا الله.

خلال “سرقتي” لبعض الوقت لمشاهدة بعض الفضائيات وموضوع “اعدام صدام في العيد” بل اعدام الظلم والتعذيب وتشريد الملايين في يوم العيد.

في احد هذه البرامج بتاريخ 30 ديسبمر 2006 وللاسف لم استطع تسجيل كل نقاط البرنامج للحاقي متأخرة  واكتفي بما سجلته : قال احد المشاركين في البرنامج “الامة بلغت ذروة انكساراتها بموت صدام”؟

اتصل احدهم من دوله خليجيه وقال : الدائرة سوف تدور على المجوس الخونة ؟؟ انظروا الى هدا الوعيد بالانتقام من العراقيين الشيعة، والذي هو حاصل الان على ارض الواقع علي يد التكفيريين، ولم يكتفوا بهذا فجهنّمهم لا تشبع وتقول هل من مزيد.

ا تصلت امرأة وقالت : السيستاني الأجرب، -فبدون تعليق؟

ـ اتصل اخر وهو ابو فهد وقال : صدام عربي اصيل وبطل وأسد, والامريكان ينحرون بطلا من أبطال العروبة؟؟…

ـ أما ما آلمني اكثر هو اتصال أحد التونسيين وهو يصيح : حرمتمونا من أعز رمز، حرمتمونا من فرحة العيد، الله يرحمو (مرتين) سنفديه بدمنا وسنقتل الخونة ؟؟؟ ثم انطلقت زغاريد النسوة و”يحي صدام ؟؟؟

وشبعنا بهذا الكلام المنفوخ الحالم والذي ليس له ما يصدقه على ارض الواقع الاّ بعكس ما يقول.

في الصحافة العربية وفي “تونس نيوز” نفس الشيئ : بطل ، فارس، شهيد، شامخ، شجاع، بنى، أنجز، أعطى، شيد، وكأنه من ماله الخاص وعرق جبينه وليس مال الشعب العراقي الذي نكل به على جميع المستويات.

فكأني بهذا الشخص وأمثاله كانوا في وضعية طفل صغير تهدهده امّه حتي ينام وتقول له 🙁 ننّي ننّي جاك النوم ، امّك قمره وبوك نجوم؟؟)، فلما غادرته لتذهب مسرعة  لتحضير فطور ابوه” العربي الأصيل” قبل ان يعود من العمل ليجده  حاضرا ـ لذة للناظرين ـ وبدون تأخير والا سوف يقلب علي رأسها الطاولة أوالكسرونه بمرقها – لقد حصل هذا لاحدي النساء العربيات-)، عندها قام الطفل العربي مذعورا ولم يجد لا “قمرة ولا نجوم” الا ام مستضعفة من قبل اب “عربي اصيل” ولكم ان تتصوّروا البقية،،،

أما الأخطر من هذا هو الوعيد في قوله “وسنقتل الخونة” ؟؟

سابقا نقلت احدي الفضائيات اثناء محاكمة صدام عن أحد العرب وهو طاعن في السن وبلهجة عراقية : والله لو ينقتل صدام ليصير الدم للرّكب” ؟

وفي كل مرة اسمع هذه التصريحات الخطيرة والتي يمثل أصحابها ارضية خصبة لدمغجة الارهابيين أقول لنفسي متحسرة : هذه حال العوام، ولا بد لأهل الفكرالحر وأصحاب النوايا الصادقه وحاملي هم وحدة المسلمين أن يفعلوا شيـئا لهولاء العوام.

ولكن ولكن ما راعني الا واكتشف في كل مرة القي نظرة خاطفة على بعض الفضائيات ان سبب البلاء هم اكثر هولاء الذين انتظر منهم التوعية وان نتعاون معا لأجل ذلك.

من بين هولاء احدي التونسيات وبعد استشهادها ببعض الأحاديث والايات وبفتوى احد شيوخ الأزهر أن صدام مات شهيدا وأن “الشيعة خونه”؟؟

فهل نسوا ملخص الاية الذي يقول ومن قتل نفسا (واحدة، فما بالكم بالألوف) فكأنما قتل الناس جميعا.

ـ تذكروا برنامج الاتجاه المعاكس وحملة احدهم( وهو مدير لفضائية ويعتبر من المفكرين) ضد العراقي الشيعي فقد قال له وقد قام من كرسيه صائحا مزمجرا :  سأشتمه الى اخر البرنامج ؟؟؟؟ أنت عجمي عجمي صفوي ايراني ،،،صدام امام المقاومين، لن أسمح، سيدك صدام… أحفاد أبولؤلؤة؟؟

– في مقابل هذا كان رد “الشيعي” مفحما وعاقلا وبدون شتم (وراجعوا البرنامج في القناة)

ـ في فضاءية اخرى قال أحدهم وهو دكتور في التاريخ وكعادته في تكريس الطائفية والحقد علي الشيعة بالتدقيق : الطائفية هي السم القاتل للشعوب، وبعد قليل قال: … رأيي سنّي ولا رأي الصفوي الفارسي.. (وهوـ على فكرة ـ بعثي لا سني وقد قالها بعظمة لسانه في احدى الفضائيات)

وفي محاكمته التي دامت بضع دقائق كان حكمه كالتالي:  تلخيص عام للتاريخ كله مبديا فيه أن الشيعة شر مطلق وتاريخهم أسود والسنة خير مطلق وتاريخهم أبيض ناصع؟؟، فقد قال أنه لا يستغرب أن يكون هولاكو شيعي؟؟ وحفيده شيعي، المراجع فواجع، المالكي هالكي،اية الله اتاري (يقصد الصدر)، نعت الشيعة بالعهر والزنا ؟؟؟ ادعى ان اهل البيت اجداده واجداد صدام؟ (وفي برنامج سابق قال:”… معاوية ويزيد رضي الله عنهما” وهو “العالم” بأن يزيد السكير الزاني هو قاتل الحسين وقد تسلّى بضرب اسنان رأسه المقدم له في طبق أمامه؟؟  

ولما قال الضيف الثاني وهو شيعي” بأن من يوافق صدام فهو مجرم وسافل مثله أجابه وبكل وقاحة : أنت السافل؟؟ المجرم من يقف مع الصفويين؟؟ ولم يرد عليه الشيعي، بل قال لقد تعودنا على هذا، سلاما سلاما,, وأنا أحييه على هذا الصبر وهذا الموقف، ” وكل واحد من صندوقو يلبس” ومن حين لاخر أشاهد وخاصة في فضائية معينة يهان الضيف الشيعي امام ملايين المتفرجين ولا يرد بمثل كلام المعتدي. و ختم الدكتور البرنامج بقصيدة ترثي صدام، فبدون تعليق؟

أقول له “يحشر المرء مع من أحب” فسوف تحشر مع صدام، فابشر.

فقد حزن النازيون على هتلر والفاشيون على فرانكو وموسوليني ورثوهم وكتبوا فيهم القصائد والكتب وما زالوا موجودين الى اليوم ويريدون احياء فكر هولاء ويعتبرونهم ابطال وشهداء أممهم؟؟ وهذه حال الدنيا، والحمد لله على نعمة وجود الاخرة ويوم الحساب  حيث ترجع الحقوق المغصوبة لأصحابها….

لقد بقيت وكما يقال فمي مفتوح أمام هذا الدكتور( فدكتوراه التحلي بالأخلاق الفاضله لا تعطيها الجامعات بل تعطيها التمسك بأخلاق محمد ـص ) وقد خرج عن الموضوع متعمدا (كان الموضوع اختلاف الأمريكان مع المالكي في وقت الاعدام) زرع الفتنة بين الشيعة والسنه ويجلى هدا بوضوح في قوله : اذا خرج الاحتلال سوف يهرب العملاء الى ايران وهدا ما نتمناه؟؟

يا لطيف ، يريد دكتورنا بكل وقاحة أن يرجع عهد صدام وتعود المصائب للعراقيين وخاصةالشيعة من تسفير الى ايران وغيرها وسحب كل ممتلكاتهم منهم وتعديب وتشريد واغتصاب وكل ما يخطر على عقل الانسان المجرم قد صبه صدام صبا على الشيعة والأكراد خاصة،

لقد أعطى هذا الدكتورلكل الحاقدين على الشيعة وصفة في استعمال كلمات الشتم من قبيل : المجوس، الصفويين،… وطرقا سفسطائية في تشويه تاريخهم ومعتقدهم وتقديمهم لمن يجهلهم على أنهم شر مطلق وخطر داهم على العرب، لاني لاحظت فيما أنهم حفظوا درسهم وصاروا يستعملون هذه الكلمات وهذا الخطاب الشاتم والمحقر في أغلب  كتاباتهم وتدخلاتهم.

لقد عشت مع الشيعة العراقيين ورأيت عذاباتهم بأم عيني، فكل عائلة وراءها قصة رهيبة ، وقد هانت علي غربتي وتشردي الان لأنها جعلتني شاهدة على مظلمة شعب وخاصة الشيعة منه ولولاها لكان ممكنا أن أكون من المضلّلين وممّن ينعقون وراء الناعقين الباكين علي صدام بل اعطوه صك غفران وضمنوا له الجنة في الاخرة والبطولة في الدنيا، فيا حسرتي على هذه المقاييس وهذا الفهم للدين من “علماء” هم اشبه ما يكون  برجال الكنيسة في القرون الوسطى. وهذا ما تركنا نحن العرب “في دار الخوالي” كما تقول امّي ، شفاها الله.

– اني متأكدة انه سوف لن تقوم لنا قائمة ما دامنا بهذه العقلية.

ـ لقد استغاث الأكراد و الشيعة طيلة العقود الماضيه من محنتهم ولم ينجدهم العرب وقالوا لهم “هدا شأن داخلي” وكانوا يتفرجون” بعين الشامت” كما نقول في تونس، لأن  ذنبهم في تشيعهم، والأكراد ذنبهم في كرديتهم، وخذلهم الأمريكان في انتفاضة 1992.

لماذا لم تقم هذه الضجة الاعلامية الهائلة (وقت طويل ونقود وفضائيات كلها من أجل صدام لا من أجل الشعب العربي، ويا ليت أحد المختصين يحصي لنا ولو اجمالا ما كلفنا من اجل الدفاع عن صدام، سنجد المليارات الى جانب خسارها بلغت 920 مليارسببها صدام للعراقيين حتى الان ) وهذه الاستنكارات والحديث عن الاخلاق “الفاضلة” ايام اضطهاد صدام لشعبه وهم ملايين وقامت الان من اجل فرد قاتل لا يعرف قلبه الرحمة،(سوف اروي  ان شاء الله قصه رهيبة حصلت لطبيبتي العراقية، فانتظروها).

لقد قتل صدام العراقيين والان انتم تقتلوهم مرة ثانية بضجتكم الاعلامية هذه،

اني ـ وأنا أسمع واقرأ لهولاء” المفكرين” و”المحللين والطائفيين” أشعر بالفزع والتشاؤم من المستقبل لهذه الأمة،

فاذا كان الأب للدف ضاربا    لا تلومن الاطفال على الرقص

وأتذكر الحديث الشريف القائل :

 

أخوف ما أخاف على أمّتي منافق عليم اللسان يجادل بالقرآن

فما بالكم بالذي يجادل بالتاريخ وتزييفه وبالحديث وتأويله وبالجريمة (بل الجرائم التي لا تحصى ولا تعد مثل التي فعلها صدام) وتبريرها ويختمون لها بالمغفرة ودخول الجنة كما فعلت بنت بلدي التونسية ومفتي الأزهر؟؟؟

فبعض هؤلاء المفكرين والسياسيين تفوح من أفواههم روائح استبداد وسيكونون صّدامين المستقبل، “فان يقولوا تسمع لهم” “وتعجبك أجسامهم” ولهم خطاب مؤثر مدمغج يستجيب له العوام، فما أسهل الهدم وما أصعب البناء،( والله يستر منهم).

بصراحة ، من خلال عيشي مع العراقيين المهجرين لعدة سنين، عرفتهم طيبين (لا شر مطلق كما يصورهم الدكتور)، أتقياء ومتدينين(لا عهروزناة يا دكتور- ويا ويلك من ربي)، ومستقيمين، مثقفين وأصحاب شهادات علمية عالية. وصدقوني انهم نخبة العرب وخاصة من الناحية العلمية والثقافية. واكتشفت حقيقة مرة وهي انّ مرض الطائفية مستفحل أكثر عند العرب السنة، والشيعة بصفة عامة مدوا أياديهم اليهم في أكثر من مرة من أجل بناء مشروع الوحدة ـ وخاصة في السنين الأخيرة ـ ولكن الرموز السنية المتعصبة رفضت ذلك وللأسف هم الأكثر تأثيرا في الناس والأكثر تحرّكا من أجل زرع الفتنة وعزل الشيعة والاعتزاز والغرور بكونهم أكثرية “عليكم بالسواد الأعظم”؟؟ ومالكي الحقيقة وغيرهم رافضية ودمهم حلال، وما السيارات المفخخة وتفجيرالحسينيات عنا ببعيدة  وسأعود في مناسبات قادمة ان شاء الله لتوضيح هذا الموضوع.

ـ اعدام صدام هو نتيجة لمحاكمة شعبه المظلوم له  وليس الأمريكان كما يريد ايهامنا “المفكرين” والمحاكمة كانت علنية وشاهدها كل العالم.

لقد استنكرت اعدام صدام في العيد من حيث التوقيت فقط حتي لا يجرح شعور المواطن العربي البسيط والذي أريده أن يتجاوز بساطته و أن يرتقي بفكره وفهمه وتحليله ولا يبقى بسيطا ينعق وراء كل ناعق. أريده أن يصل الى مستوى أن اذا رأى ظالما وقاتلا (خاصة اذا قتل الألوف) ان يقول بكل تلقائية لا بد ان يقتل هذا القاتل بقطع النظر عن لونه ودينه ومذهبه ومرتبته الاجتماعية ليعيش بقية الناس في أمان وسلام

ـ أريد مم بعض الرموز التونسية السياسية(والبعض منهم خيب ظني بعد أن كنت أنظرالى كتاباته نظرة تقدير كبير) والتي وصفت ما حصل بالسقوط للاخلاقي والطائفي أن تراجع مواقفها بموضوعية وتتجرد من طائفيتهاـ هي الأخرى ـ وتنظر الى الموضوع من وجهة نظر انسانية، يعني وبكل بساطة: القاتل يجب أن يقتل ليعيش بقية البشر (وهم ملايين) في أمان من قتله ، وأذكر بأن حتى علماء   

النفس يطلقون صيحات فزع من ظاهرة “اللاعقاب”

Phénomène de l’impunité

التي تولّد رجوع المجرم الى جرمه في أكثر من مرة لأنه ليس هناك ردع  ولانه سيقيم في سجن هو عبارة عن فندق لا سجن… وابحثوا بأنفسكم واذا اتيحت لي الفرصة مستقبلا سوف اوافي القراء الكرام ببعض الأبحاث.

أذكر أنه اعدم يوم العيد لأن العراقيون اكتشفوا خطة لتهريب صدام, وتصوروا المصيبة لو رجع صدام حاكما مرة اخرى,

سؤال الى النساء المستنكرات للاعدام

ـ مارأيكن لو ـ لا سمح الله – اغتصبكن عدي ابن صدام كما كان يفعل في المنصور والجامعات؟؟ تأملن جيدا : انه مجرد تصور هذا الافتراض ، سيثيرفيكن حالة “استلطاف” ورعب وبالتالي الشعور بالحاجة الى الأمان واقامة العدل والاقتصاص من الطالم، اذا ، تذكّرن اخواتكن العراقيات الشيعيات والكرديات،

ـ الى الأمهات : ما رأيك لو اعتقل صدام ابنك امام عينيك، ورجع اليك مقطعا في كيس ـ لا سمح الله ـ ووضعه البوليس امام الدار ورحل،

أذكرك يا أختي ان هناك أم عراقية أخذ صدام اربعة شباب من أمام عينيها لا واحد او اثنين وهو شيء عادي……..

ـ سِؤال الى الرجال:

ـ ما رأيك يا أخي لو ـ لا سمح الله ـ اغتصب جلاوزة صدام زوجتك أو اختك أو أمك أمامك وأنت مقيد اليدين والساقين؟

ما رأيك لو اخذ كل أملاكك وقال لك اخرج لست عراقي؟ ما رأيك في الاعدامات بدون محاكمة؟ ما رأيك لو قطع أوصالك وأنت حي أو أوصال أولادك ، ما رأيك في رضيع يشوى على شكل روتي أمام والديه؟ ما رأيك في أحواض الأسيد؟ والكلاب الجائعة التي تنهش لحمك؟ وبرك الفضلات التي يرمى فيها المساجين؟ ما رأيك لو قطع لسانك أو ذكرك ثم يقال لك اذهب أنت الان حر؟ (هذا الشخص انتحر في الأخير)، في المقابر الجماعية…. والقائمة تطول وهناك كتب تحكي عن المروعات التي عاشها الأكراد والشيعة ومواقع في الانترنت فراجع,

لقد قال أحدهم :

“هناك خلل في المنظومة القيمية لكثير من العرب” وأنا أقول له هناك أيضا تعمّد للاخلال بهذه المنظومة واعطابها بدافع قومي وطائفي وهذه هي الجريمة،  والاّ ما هي حجتهم فلا ينقصهم ذكاء ولا اطلاع ولا شهائد ، الا التقوى والخوف من يوم تذهل فيه كل مرضعة عما ارضعت….

أعرف أنه “وما أكثر الناس ولو حرصت بمصدّقين لي” ولكن هذه شهادتي حجة عليهم في الدنيا والاخرة ، وأتمني أن تتغيرعقلية المفكرين والصحافيين الى أكثر عدلا وشجاعة وحزما وانصافا لمن خالفوهم في المعتقد واشتركوا معهم في الانسانية (كما قال علي بن ابي طالب لواليه مالك الاشتر : … فأن لم يكن أخوك في الدين فهو أخوك في الانسانية…) ويعيدوا نظرهم في معنى التسامح (الّي مش في بلاصتو) ومعنى الأخلاق(ما فعله صدام هو الأخلاق أليس كذلك؟) وفي الاولويات وأن يطّلعوا على معتقد الشيعة وفكرهم من الشيعة أنفسهم ومن كتبهم لا من من يعاديهم جهارا نهارا بدافع قومي خاصة متسلحا بوقاحة وجرأة  قل نظيرها، ومسخرة لديه الفضائيات والفلوس والدعاية  “عجبت لأهل الحق وتخاذلهم ولأهل الباطل وحرصهم”.

لا أتصور أني سأجد الوقت للرد فورا على المخالفين أو الشاتمين.

أم صابر


يحبّون طغاتهم أكثر ممّا يحبّون أنفسهم!
بقلم: رجاء بن سلامة إذا كانت الأحزاب السّياسيّة التي تصف نفسها بـ”الدّيمقراطيّة” تنعى البطل الشّهيد صدّام حسين، والأحزاب الإسلاميّة التي تدّعي أنّها تريد الدّيمقراطيّة تنعى هذا البطل الذي كان نموذجا لغياب الدّيمقراطيّة ولسيادة قانون الغاب، فأيّ ذهنيّة سياسيّة لهذه النّخب؟ تعليق رجاء بن سلامة للدّين عندما يمتزج بالسّياسة والقانون قدرة عالية على تغذية الأوهام وتشويه كلّ شيء، وما الطّائفيّة سوى وجه من وجوه هذا الامتزاج. وقد ساهم الجميع في عمليّة التّلبيس هذه: محاكمة صدّام تصبح أخذا شيعيّا بالثّأر لدى أعداء صدّام، وإعدام المجرم في حقّ الإنسانيّة يتحوّل إلى شهادة في سبيل اللّه لدى محبّيه، أو ذبيحة في عيد النّحر. كلّ شيء اتّخذ بعدا دينيّا عاطفيّا لدى كلّ الأطراف، وغابت المعاني الأخرى. لماذا تمّ اختيار يوم العيد حتّى يلتبس الجزاء القانونيّ بالأضحى الدّينيّة؟ أين الدّولة وحيادها؟ أين الدّولة التي كان ينبغي أن تتكفّل بعمليّة تنفيذ الحكم، لكي تعطي لهذا الإعدام مدلول الجزاء على الجريمة؟ للمواطنين العراقيّين من ضحايا صدّام أن يعبّروا عن التّشفّي وأن يقيموا الاحتفالات، فذلك من حقّهم وقد عانوا الأمرّين منه، أمّا الدّولة، فلا. الطّريقة التي تمّ بها الإعدام، والاستخدام الإعلاميّ لمشاهده لبّسا الدّرس الذي كان ينبغي أن يقدّمه تنفيذ الحكم، رغم المآخذ على حكم الإعدام في حدّ ذاته، وهو أنّ القانون يعلو ولا يعلى عليه، وأنّ القاتل لا بدّ أن يحاسب، والدّكتاتور الطّاغية لا بدّ أن يحاسب، وعهد قانون الغاب ولّى وانتهى. التبس الدّرس إذن، ولكن إلى أيّ حدّ؟ ولكن لو فرضنا أنّ المحاكمة لم تكن منقوصة، والملفّات التي تدلّ على تورّط الدّول الغربيّة في جرائم صدّام لم تطو، وتنفيذ الحكم تمّ على أحسن وجه، فهل النّخب العربيّة والشّعوب مستعدّة لتقبّل هذا الدّرس؟ منذ تنفيذ حكم الإعدام في صدّام حسين وصلتني عبر البريد الألكترونيّ الكثير من البيانات السّياسيّة التي تؤبّنه ومن القصائد التي تبكيه وترثيه. فالعرب يحبّون طغاتهم، أكثر ممّا يحبّون أنفسهم. (يحضرني قول فرويد عن المرضى النّفسانيّين إنّهم “يحبّون هذيانهم أكثر ممّا يحبّون أنفسهم”). إذا كانت الأحزاب السّياسيّة التي تصف نفسها بـ”الدّيمقراطيّة” تنعى البطل الشّهيد صدّام حسين، والأحزاب الإسلاميّة التي تدّعي أنّها تريد الدّيمقراطيّة تنعى هذا البطل الذي كان نموذجا لغياب الدّيمقراطيّة ولسيادة قانون الغاب، فأيّ ذهنيّة سياسيّة لهذه النّخب؟ وأيّ مستقبل سياسيّ ينتظرنا؟ (المصدر: موقع “قنطرة” الألماني بتاريخ 3 جانفي 2007) الرابط: http://qantara.de/webcom/show_article.php?wc_c=492&wc_id=489


رسائل الإعدام المهين

فهمي هويدي (*)    لا أفقنا من الصدمة. ولا فارقنا الشعور بالمهانة والخزي. ولا نجحت الأيام العشرة التي مرت في إزالة آثار البصقة التي القيت في وجوهنا صبيحة يوم العيد. لكن ذلك ينبغي ألا يمنعنا من فض حزمة الرسائل التي تلقيناها من العواصم المعنية منذ وقعت الواقعة. (1) ثمة حقيقة يتعين الاعتراف بها قبل فض تلك الرسائل، وهي أن الذين أهانوا الرئيس السابق صدام حسين وأرادوا اذلاله والانتقام منه، قدموا له من حيث لا يحتسبون خدمة جليلة لم يحلم بها وهو في محبسه، إذ حولوه من رمز للجبروت والطغيان إلى رمز للكبرياء والشجاعة، حيث رآه الناس في مشهد اعدامه صامدا وثابت الجنان، بينما ظهر جلادوه أقزاما تخفوا وراء الاقنعة وجرذانا مذعورة تحاول أن تتخفى من أعين التاريخ. إن الذين تخيروا ساعة النحر يوم عيد الأضحى موعدا لشنقه، وحرصوا على تصوير ما جرى لحظة بلحظة، كأنما أعمى الله بصيرتهم فأوقعهم في شر أعمالهم. إذ بدا واضحا أن الغباء وشهوة الانتقام والحقد، هذه العوامل حين اجتمعت فيهم، فإنها غيبت عنهم ادراك جلال مناسبة العيد التي تمس شغاف قلوب مئات الملايين من المسلمين، وعن المعاني السامية والنبيلة التي يستحضرها المسلمون في تلك اللحظات. كما أعمتهم عن تمثل ابسط القيم التي تقرر للناس حق الكرامة في لحظات الموت، ناهيك عن أنهم تخلوا في تلك اللحظات عن مقتضيات المروءة والشهامة التي يجلها العرب والشرفاء في كل مكان. حين عموا عن ذلك كله وصموا، فإنهم لم يهينوا صدام حسين وحده، وإنما اهانوا عيد المسلمين، وملايين المسلمين، ومشاعر العرب أجمعين. ولأن غباءهم بدا مفرطا وبلا حدود، فإنهم حولوا مراسم الإعدام إلى طقس شيعي، فصوبوا سهما مسموما إلى العلاقة التي أصابها الوهن في العراق بين الشيعة والسنة. الأمر الذي حول مشهد الاعدام إلى قنبلة ملوثة شديدة الانفجار، انتشرت شظاياها في انحاء العالمين العربي والاسلامي. بشاعة تصرفهم جعلت كثيرين ينسون سجل صدام حسين وفظائعه، ويتذكرون فقط لحظات الثبات التي وقفها وهو مقبل على حبل المشنقة. ناهيك عن أن منهم من أصبح يترحم على ايامه حين يقارنها بالخراب الذي عم البلاد وأهلك العباد بعد “التحرير”. كما أن التشفي فيه ومحاولة اهانته دفعا الأغلبية الساحقة إلى الانحياز للضحية، ومن ثم الاعجاب بشجاعته والتعاطف معه. وهناك آخرون انضموا إلى صفوف الغاضبين والناقمين، ليس احتجاجا على ما اصاب الرجل، وأنما غضبا لحرمة عيدهم الذي تم ابتذاله وانتهكت كرامته، ولحرمة انتمائهم العقيدي الذي تعرض للتجريح والاهانة، وغيرة على قيم المروءة والنخوة التي اهدرت في المشهد. (2) في العدد الأخير من مجلة “نيوزويك” (9/1) وصف رئيس تحريرها فريد زكريا مشهد الاعدام بأنه “انتقام المنتصرين” ووصف اداء فريق الرئيس بوش في العراق بأنه كان مزيجا غريبا من “الجهل السذاجة”. لكني لا أرى في هذه الاوصاف تشخيصا دقيقا ولا تفسيرا كافيا لاختيار اعدام الرئيس العراقي السابق بهذه الطريقة في ذلك التوقيت الحساس. أعنى في ساعة النحر صبيحة اليوم الأول من عيد الأضحى. علما أنه تم تجاوز اللغط حول صلة الأمريكيين بتحديد موعد الاعدام، بعدما ثبت أنهم العنصر الاساسي في حسم كافة تفاصيل العملية. وأن كل ما فعلته الحكومة العراقية أنها قامت بالتنفيذ واعتبرته فرصة للانتقام والتشفي. صحيح أن الانتقام وارد وأن الجهل والسذاجة باتا من السمات الأصيلة لقرارات الإدارة الأمريكية في العراق، لكن إجراء الإعدام وتوقيته صبيحة يوم العيد سلطا الضوء على ما هو أبعد وأعمق من مضمون تلك المصطلحات. الأمر الذي يضعنا بازاء حالة تجلى فيها الازدراء والاحتقار في اسطع صورة. ذلك أن القاء تلك البصقة الجارحة في وجوه مليار و300 مليون مسلم دفعة واحدة في يوم عيدهم لا يمكن الاكتفاء في تفسيره بحسبانه نابعا من مجرد الجهل والسذاجة. فخطوة بهذه الجسامة لا يمكن لراشد أن يغفل عن تداعياتها في الظروف العادية. ولا يمكن لصاحب القرار ان يقدم عليها في مناسبة عيد ديني هو الأكبر عند المسلمين، إلا اذا كان قد تعامل مع الطرف الآخر فيها (العرب والمسلمون) بحسبانهم كائنات لا قيمة لها ولا كرامة. وليس لديهم ما يستحق الاعتبار، لا العقيدة ولا التقاليد أو الأعراف، وأن ثقافتهم مما يمكن دوسه واستباحته دون قلق من ردود الفعل. لو أن الرئيس بوش وفريقه خطر ببالهم للحظة أنهم يتعاملون مع أمة فيها نبض حياة وتخيلوا أن ثقافتها تستحق الاحترام، وأن شعوبها لها شىء من الكرامة وتعرف معنى الغضب لترددوا الف مرة قبل أن يقدموا على فعلتهم، ولما آوى الرئيس بوش إلى فراشه متهللا في تلك الليلة، ومحظرا على الجميع ايقاظه تحت أي ظرف. (كما نشرت الصحف)- ولم لا يستريح ضميره ويهنأ باله، وهو يعلم أن غاية ما سوف يحدث في الصباح التالي أن تسقط جثة فرد فوق سطح جثة أمة لم يرها إلا فاقدة الحراك ومعدومة الاعتبار؟!. تلك هى الرسالة الأهم التي يتعين استلامها مما جرى. ومن يريد منها استزادة أو توثيقا لخلفيات موقف الازدراء الامريكي التقليدي بالآخر، فعليه أن يقرأ كتاب الباحث منير العكش: حق التضحية بالآخر_ امريكا والإبادات الجماعية. وهو من سجل بتفصيل مثير قصة الوحشية الامريكية في ابادة الهنود الحمر، – أول “آخر” صادفهم_ الذين كان الامريكيون يمعنون في إذلالهم وتحقيرهم ويصفونهم بأنهم “عرب”! (3) اذا كان الاحتقار هو مفتاح قراءة الموقف الامريكي ، فإن الانتقام الطائفي هو مفتاح موقف السلطة العراقية. ولا يخلو من مبالغة وصفها بأنها “سلطة”، لأنها لا تملك من الأمر شيئا في حين أن السلطة الفعلية هى للأمريكيين على مستوى، وللإيرانيين على مستوى آخر، وكل الذين يتحركون على مسرح “السلطة” خيوطهم مشدودة إلى هذا الطرف او ذاك. كما أن كل الذي يشاع عن اقامة الاحتلال لدولة ديمقراطية يسودها القانون ومجتمع مدني تتعدد فيه المؤسسات، هو هراء ومحض اكاذيب. فنحن بازاء انقاض واشلاء دولة تمكنت منها جماعات لها دوافعها الطائفية، التي تريد اعادة صياغة العراق وكتابة تاريخه من هذه الزاوية. وهم في ذلك لم يختلفوا كثيراً عن صدام حسين في تبنيهم للعنف، بل ربما كانوا اسوأ منه. أقله لان الرجل كان جلادا لحساب الوطن، بينما هم جلادون لحساب بالطائفة. وهذه هى الرسالة الثانية التي تلقيناها في ثنايا مشهد الاعدام المهين. دعك من اهدار القانون في تشكيل المحكمة بواسطة حكومة الاحتلال، وفي اجراءات التحقيق والمرافعة، وفي تنفيذ الاعدام في يوم العيد الكبير (الممنوع بحسب القانون وطبقا للاعراف السائدة في العالم المتحضر)، وفي شنق الرجل في حين أنه كان ينبغي أن يعدم رميا بالرصاص باعتباره أسير حرب، إلى غير ذلك من الممارسات التي ندد بها المنصفون والراشدون، وفضحت أكذوبة “دولة القانون”. اذا غضضت الطرف عن ذلك كله وسألت: لماذا اعدم الرجل بتهمة قتل 138 مواطنا عراقيا (هم حصيلة يوم واحد في المقتلة الدائرة حاليا)، ولم يحاسب على قتل خمسة آلاف كردي عراقي بالغاز السام في حلبجة، ولا على غزوه للكويت، أو حربه ضد ايران، أو الجرائم الأخرى التي ارتكبت بحق معارضيه السياسيين؟ ستلوح فكرة الانتقام في الافق حين تتحرى الاجابة. اذ ستلاحظ أن الذين حاولوا اغتيال الرئيس السابق قبل ربع قرن، اثناء حربه ضد “إيران”، هم من شيعة قرية الدجيل، الذين بطش بهم الرجل اثر فشل المحاولة. ولأن الجماعات الشيعية هى صاحبة السهم المعلى في الوضع الراهن، فإن اشباع رغبتها في الانتقام اقتضى أن يعدم صدام حسين بسبب ما اقترفه بحقهم. واذا كان الابالسة الذين اخرجوا المشهد قد وفروا للمتعصبين فرصتهم في التشفي، إلا انهم حققوا من وراء الاعدام غرضا آخر كسبوا به نقطة اراحت خواطرهم. فإلى جانب مجاملتهم للشيعة، فأنهم تخلصوا من الرجل واسكتوه الى الابد. حتى لا يفضى بمالديه من اسرار ويكشف مخزون فضائح الممارسات السياسية التي تمت في عهده، التي كانت الدول الغربية وبعض العربية ضالعة فيها. ذلك أن الغاز السام الذي قتل به الاكراد في حملة “الانفال” لم يكن منتجا عراقيا ولكنة قدم اليه من الدول الغربية “الصديقة”. وحربه ضد ايران كانت مؤيدة بالدعم الامريكي والعربي، حتى غزوه للكويت لم يسلم من اللغط الذي جرى الزج في ثناياه بدور للدبلوماسية الأمريكية. وخلال سنوات حكمه التي استمرت ربع قرن فانه لم يكن يتصرف لوحده دائما. وانما تداخلت معه وتقاطعت اطراف أخرى خارجية بصورة أو أخرى. وذلك كله يمكن أن يفجر ويفضح اذا ما حوكم الرجل عن تلك الجرائم. ولان اسكاته غدا مطلبا ملحا لاغلاق الملفات الاخرى، فإن الاعدام كان هو الحل. (4) بقيت عندي رسالتان، إحداهما جاءتنا من طهران، والثانية بعثت بها عواصم العرب. الاولى عبرت عنها تصريحات المسؤولين في العاصمة الايرانية، الذين رحبوا بشنق صدام حسين. واعتبروه “نصرا للعراقيين” (حميد رضا آصفي نائب وزير الخارجية)- وهنئوا شعب العراق لأن الرجل ذهب الى الجحيم (علاء الدين يروجردي رئيس لجنة الأمن في مجلس الشورى).. وهو ما سوغ لوكالات الانباء أن تصنف الجمهورية الاسلامية مع اسرائيل والولايات المتحدة، في موقفها من الحفاوة بعملية الاعدام. لقد شعرت بمرارة في حلقي حين وقعت على ذلك التصنيف. لكن المرارة اقترنت بحزن لم استطع اخفاءه لأن طهران انضمت الى الشامتين، ولم يستوقفها انتهاك حرمة العيد ولا ما اصاب مشاعر ملايين المسلمين من أذى ومهانة جراء تنفيذ الاعدام صبيحة يومه الأول، ورأيت في تلك التصريحات ايرانا أخرى غير التي عرفتها أو تمنيتها. غلبت فيها فرحة الانتقام للطائفة على الغضب لما اصاب كرامة عامة المسلمين من انتهاك وازدراء.وهو ما جعلني اتساءل قائلا: لو أنها كانت ايران الشاهنشاهية، هل كان الامر يختلف عما عبرت به ايران الاسلامية؟ اما رسالة عواصم العرب فقد عبرت عنها الاصداء القوية لحدث الاعدام في مشرق العالم العربي ومغربه، التي اختلط فيها الغضب لما اصاب الذات من جرح بمشاعر الاعجاب والافتتان بالصورة التي ظهر بها الرئيس السابق في مشهد الاعدام. حتى الذين آذاهم صدام حسين واجرم بحقهم نسوا ما اصابهم واكبروا موقفه، الامر الذي يشي بحقيقة يتعين الانتباه اليها، وهى أن العالم العربي ضاق ذرعا بالانكسار والاستخذاء. ومنذ سنوات وهو يبحث جاهدا عن رمز يجسد له الصمود والكبرياء والعزة. ذلك أنه مع كل صفعة نتلقاها، أو مهانة تحل بنا، فان الناس ما برحوا يهرعون الى الواجهات باحثين عن قشة كبرياء يتعلقون بها أو رمز للعزة يصطفون وراءه، الا انهم في كل مرة يردون الى اعقابهم محبطين. ولولا بعض ومضات الأمل في محيطهم لاستسلموا لليأس والكمد. بسبب من ذلك، فما أن رأوا صدام حسين منتصب الهامة ومرفوع الرأس ومتحديا لكل ما احاط به من قهر وذل، حتى غفروا له جرائمه وغسلوا يديه من دمائهم، ورفعوه فوق رؤوسهم عاليا، شاكرين له أنه استدعى إلى وعيهم في ومضة نادرة ما يفتقدونه في واقعهم الذى يخيم عليه العجر والمهانة. (*) كاتب ومفكر من مصر (المصدر: صحيفة الشرق القطرية الصادرة يوم 9 جانفي 2007)

“إنما شنقوا النعاج الخائفة “

  إلى وهج روحه تحرق حبل ألمشنقه   روح الشهيد  طليقة ويد الغزاة ر اجفه لم يشنقوه … إنما شنقوا النعاج الخائفه … هو مبدأ وشجاعة هو روح ريح عاصفه هو قامة وقيامة وعلامة وظلال روح وارفه … جسد ” هوى ” جسد لديدان  الثرى ! حبل/ رصاص / مقصله موت إذن ! موت المواهي الزائفه … ماء ينز نز من حبال ألمشنقه ماء الكرامة .. إذ يسيح تستعيد الأرض ريعا واقفه قد كان يدرك ” حتفه ” ويرى العروبة نازفه لم يرتجف والحبل حوله راجف حبل العناكب واجفه “عيد ” إذن رؤياك أنك تذبح ما قلت : لا رؤياك أنك أضحيه صدقت رؤيا كاشفه ” عيد ” إذن أنت المضحي ” أمة ” أنت الشهيد والشهادة راعفه أزكى الأضاحي روحك لم يشنقوك … إنما شنقوا النعاج الخائفه

بحرى العرفاوي تونس : 30.12.2006

 

أميركا الوسطى و الجنوبية لم تعد الحديقة الخلفية لواشنطن

توفيق المديني
 يجمع المحللون في العالم أنه  بعد أحداث 11 أيلول 2001، وانتقال مركز ثقل الاستراتيجية الأميركية لخوض الحرب على الإرهاب  المستمرة فصولا في منطقة الشرق الأوسط و آسيا الصغرى ، انعطفت  القارة الأمريكية الجنوبية  و الوسطى نحو اليسار،  مستفيدة من إخفاقات السياسة الخارجية الأميركية ، لا سيما في أفغانستان و العراق.فقد عاشت القارة الجنوبية و الوسطى سنة كاملة حافلة بالانتخابات :17 استحقاقا انتخابيا منذ كانون الأول /ديسمبر 2005، إضا فة إلى الاستفتاء حول توسيع قناة بنما.وحدها المكسيك ، هي التي فاز فيها اليمين و بشق الأنفس.
وباستثناء حالات قليلة جدا، هرع المواطنون “اللاتينيون ” إلى صناديق الاقتراع للتصويت بكثافة.  ففي كل مكان اعتبرت هذه الانتخابات كرهانات حقيقية  لترسيخ الديمقراطية التمثيلية. . فبعد سقوط الديكتاتوريات العسكرية في عقد الثمانينيات من القرن الماضي ، وموجة الديمقراطية التي اجتاحت أمريكا اللاتينية في عقد التسعينيات ، ها هي الخريطة السياسية تؤكد التوجه الاجمالي للناخبين نحو   اليسارأو وسط اليسار. وبذلك أصبح  الاشتراكي المناهض للسياسة الأمريكية معطا جديدا في القارة الجنوبية و الوسطى.
هل هذا يعني أن المواطنين الأميركيين اللاتينيين أصبحوا من اليسار؟ إذا كان الناخبون يصوتون لمصلحة اليسار، فإن هذا لا يعني أن العقليات  التقليدية قد اختفت، كما أنه لا يعني أيضا أن أميركا اللاتينية تحلم بالثورة أو بالعودة إلى مرحلة الحرب الباردة.  لقد عتقد الجميع أن ساعة النيوليبرالية المظفرة قد دقت . ففي ظل الضغوطات التي مارستها المؤسسات الدولية المانحة مثل صندوق النقد الدولي و البنك الدولي،  و النظرة المتحرسة للولايات المتحدة الأمريكية ، بحثت حكومات أمريكا اللاتينية في أمر معالجة أمراضها الهيكلية – الفقر، الفساد، عدم المساواة، و المديونية الخارجية- من خلال التكيف مع القواعد الجديدة للعولمة الرأسمالية المتوحشة.باستثناء كوبا، حيث أنه بعد خمس عشرة سنة من انهيار الشيوعية السوفياتية،حاولت هذه الثورة الخمسينية أن تحافظ على أسطورة” الاشتراكية في بلد واحد”.
و تعيش أمريكا اللاتينية تحولا عميقا رصينا. إنها تتحرر من النماذج الاقتصادية المستوردة التي طبعت كل تاريخها منذ عقود. فمن البنيوية إلى النقدية ، و من الماركسية إلى الليبرالية، رقصت القارة كلها رقصة دائرية من البراديغمات ،متأقلمة  في المدارات الإستوائية، الدروس القادمة من الجار الكبير الشمالي . الرّياح تغيّراتّجاهها .فقد حملت الانتخابات الديمقراطية  إلى السلطة في بلدان أمريكا اللاتينية ، الواحدة بعد الأخرى، قيادات تتبنى بشكل أو بآخر، اليسار.   فلم يكد يمر أقل من شهر حتى فاز كل من دانيال أورتيغا في نيكاراغوا ، و رافائيل كورييا في الإكوادور ، و هوغو شافيز في فنزويلا ، عبر انتخابات ديمقراطيو وشفافة ، أوصلتهم إلى سدة  السلطة، إذ تزايد المخاوف الأمريكية من اتساع نطاق هذه الظاهرة.
إن التطورات التي أسفرت عنها العملية الانتخابية في أمريكا اللاتينية و الوسطى  ، مسألة جديرة بالاهتمام،إذ إن اليسار هو الذي يحقق انتصارات في الانتخابات، و هذا بدون شك يعزز المحور المناهض للولايات المتحدة الأمريكية في القارةالجنوبية و الوسطى . وعلى الرغم من أن بلدان  أمريكا اللاتينية اعتنقت نهج الليبرالية الاقتصادية في سياق العولمة الرأسمالية المتوحشة التي تقودها واشنطن، فإن شعوبها زادتها العولمة فقرا على فقر،وفاقمت عندها التفاوتات الاجتماعية الحادة، عوض ان تنتشلها من واقعها المتردي الذي أوقعته فيها الديكتاتوريات العسكرية بعد مرحلة الاستقلال.
اليسارالفائز في أميركا الوسطة و الجنوبية ن يسار تعددي : فهناك اليسار الشعبوي الذي يمثله الرئيس الفنزويلي هوغو شافيزالمأخوذ بالزعيم  الكوبي الشيوعي فيديل كاسترو، الذي ما انفك يناهض السياسة الأمريكية، و الذي التحق بالسوق الأمريكية اللاتينية المشتركة “الماركوسور” لإضفاء عليها “مزيدا من الاشتراكية”. و هناك اليسار الاشتراكي الليبرالي الذي يمثله الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا ، و الرئيسة التشيلية ميشال باشليه، و الذي لن تتراجع عن اقتصاد السوق ،لأنه لايريد أن يرعب رجال الأعمال المحليين .وهو يريد طمأنة المستثمرين الأجانب الذين يلعبون دوراً حاسماً في النمو الاقتصادي الذي جعل من البرازيل و تشيلي الأكثر تقدما في أمريكا اللاتينية. 1 – عودة أورتيغا إلى الحكم في نيكاراغوا
بعد ستة عشر سنة قضاها في صحراء التيه مقصيًا من السلطة، هاهو القائد الثوري وزعيم الجبهة الساندينية دانيال أورتيغا الذي قاد ثورة شعبية للإطاحة بنظام الديكتاتور أناستا زيو سوموزاعام 1979 الموالي للولايات المتحد الأميركية ،  في طريقه إلى استعادة الرئاسة في نيكاراغوا ، بوساطة  صناديق الاقتراع ، مستفيداً من الانقسامات في صفوف اليمين في الدورة الأولى من الانتخابات. ومن شأن هذا الفوز، إذا تحقق، أن يوفر للرئيس الفنزويلي هوغو تشافيز حليفاً قوياً في المنطقة ويهدد المساعدات الاميركية لثانية أفقر الدول في النصف الجنوبي للكرة الأرضية.
فبعد فرز الأصوات في نحو 40 في المئة من مراكز الاقتراع ، أعلن المجلس الانتخابي الأعلى حصول أورتيغا على 40,1 في المئة من الأصوات، متقدماً المرشحين اليمينيين ادواردو مونتيليغري من التحالف الليبرالي النيكاراغوياني الذي تدعمه واشنطن وأصحاب العمل 32,72 في المئة، وخوسيه ريزو من الحزب الليبرالي الدستوري الحاكم 24,15 في المئة، والمنشق السانديني ادموندو خاركين 7,50 في المئة، وزعيم ثوار “الكـونترا” سابقاً ايدن باستورا 0,29 في المئة. وبناء على تعديل لقانون الانتخاب، يفترض أن ينال اورتيغا 35 في المئة على الأقل من الأصوات ويتقدم بنسبة خمسة في المئة المرشح الذي يحل ثانياً، ليتجنب دورة ثانية في كانون الأول.وقبل التعديل، كان يحتاج إلى 45 في المئة من الأصوات ليفوز من الدورة الأولى.
ومنذ أكثر من سنة ، ما انفك اليسار الساندينيتي يتهم  سفير الولايات المتحدة الأميركية  بول تريفيللي بمحاولة توحيد اليمين النيكاراغوي لقطع الطريق على وصول دانيال أورتيغا ،لأن فوزه سيدشن دخول “نموذج تشافيز” إلى نيكاراغوا. وكانت نيكاراغوا في عقد الثمانينيات من القرن الماضي  مختبراً مركزياً لعقيدة رونالد ريغان القائمة على خوض الحرب الباردة ضد  “امبراطورية الشرّ” ممثلة بالاتحاد السوفياتي،و القضاء على حركة التحرر الوطني في بلدان العالم الثالث . ففرضت واشنطن الحرب على الرئيس السابق لنيكاراغوا طيلة المرحلة الممتدة  من 1985  و لغاية 1990، و هي مرحلة الحرب بين الساندينيين و عصابات “الكونترا” الممولة و المسلحة من قبل واشنطن و التي راح ضحيتها 30000قتيلا.
ويجمع المحللون الغربيون أن إدارة الرئيس بوش تخشى من أن يقود فوزأورتيغا في الانتخابات إلى تعزيز  المحور المعادي للولايات المتحدة الأميركية المتشكل من فيديل كاسترو(كوبا) و هوغو شافيز(فنزويلا)و إيفو موراليس(بوليفيا). وعلى غرار الانتخابات الأخيرة في أميركا اللاتينية (بوليفيا والإكوادور والبيرو والمكسيك)، كان الصراع على النفوذ بين الولايات المتحدة والنظامين في فنزويلا وكوبا حاضرا في الانتخابات في نيكاراغوا. وأخذ هذا الصراع من جهة شكل ابتزاز من حيث المساعدة الأميركية، ومن جهة أخرى شكل وعد بالحصول على نفط فنزويلي بأسعار مخفضة. الفوز المنتظرلأورتيغا لا قى ترحابًا كبيرًا في أمريكا اللاتينية، إذ قال تشافيز “يمكنني القول إن القائد دانيال اورتيغا هو الرئيس الجديد لنيكاراغوا”، مؤكداً أنّ فوزه دليل إضافي على أن “أميركا اللاتينية لم تعد الحديقة الخلفية للامبريالية”. وأضاف “ساندينو يعود من أجل نيكاراغوا”، وذلك في إشارة الى الثوري اوغوستو ساندينو الذي قاد ثورة ضد الولايات المتحدة في العشرينيات.
وفي هافانا أعلن نائب الرئيس الكوبي كارلوس لاجي أنّ فوز اورتيغا يعد “هزيمة للولايات المتحدة”، لافتا الى أنّ واشنطن “تدخلت في الشؤون الداخلية لنيكاراغوا وفي انتخاباتها الرئاسية بهدف معلن وهو الا يصبح دانيال اورتيغا رئيسا”. وأشار الى أنّ هذا الانتصار دليل جديد على التغيرات التي تحدث في المنطقة “لصالح قوى اليسار الأكثر تقدمية، والتي ترفض الليبرالية الجديدة”. ولم يعد النشيد الثوري للجبهة الساندينية للتحرر الوطني(اليسار)  هو الذي يعزف في المهرجانات الشعبية التي يقيمها دانيال أورتيغا،بل النشيد السلمي لجون لينون.فمع بلوغه ستين سنة،هاهو أورتيغا 2 يقدم لنا صورة جديدة . لقد اعتدل وانفتح. خلع الكاكي، لبس الأبيض. ورفع شعارات “السلم والحب والوحدة”. ومدَ يده إلى خصوم الأمس داعياً إلى “المصالحة”. وتخلّى عن قدركبير  من المرجعية الماركسية،و التشدد الاقتصادي والاجتماعي كان يميّزه، ويستشهد بمقولات المسيح و تصريحات البابا جان بول الثاني  ضد الرأسمالية المتوحشة.
ولتأكيد حرصه على المصالحة الوطنية، اختار أورتيغا  المرشح معه لمنصب نائب الرئيس كان يوماً أحد ألد أعدائه، وهو خايمي موراليس الذي كان ناطقاً باسم “الكونترا”.كما تصالح أورتيغا مع الكاردينال  القوي ميغال أوباندو ، أحد أعدائه الرئيسيين في عقد الثمانينيات.
2-الإكوادور تتجه نحو اليسار
حقق الرئيس المنتخب اليساري رافائيل كورييا زعيم حزب التحالف من أجل السلام (إليانزا بايس)فوزا كبيرا  بنحو 59% من أصوات الناخبين في الإنتخابات الإكوادورية التي جرت دورتها الثانية في 26 تشرين الثاني/نوفمبر 2006، بينما حصل منافسه الملياردير  اليميني ألفارو نوبوا “ملك الموز” ألفارو نوبوا على 41% . ورغم أن هذا الأخير يمتلك 120 شركة، ووزع فيها على الفقراء كميات من الأدوية والموز والسكاكر وأجهزة الكمبيوتر والمقاعد الخاصة بالمعاقين، إضافة إلى وعود ببناء  300000مسكنا،وتأمين مئات الألوف من فرص العمل،فإنه أخفق في نيل ثقة الشعب.
و يعتبر الرئيس المنتخب رافائيل كورييا البالغ من العمر 43 سنة  صديقا للرئيس الفنزويلي هوغو شافيز،وهو لم يخف في يوم من الأيام تعاطفه مع الثورة البوليفارية .وبهذا الفوز للرئيس الجديد الملقب “بشافيز الإكوادور” ، تكون الإكوادور قد انضمت إلى الجناح اليساري الأكثر تشدداً في أميركا اللاتينية، المتمثل بفنزويلا وبوليفيا وكوبا، قياسا إلى التوجهات اليسارية المعتدلة التي باتت تسيطر على بلدان كالأرجنتين والبرازيل والتشيلي وغيرها.‏ نشأ الرئيس المنتخب رافائيل كورييا في عائلة ميسورة و كاثوليكية ، وحصل على  شهادة دكتوراه في الاقتصاد من الولايات المتحدة الأميركية (جامعة إللنوا)، واختا ر أن يدخل إلى عالم السياسة “من أجل إنقاذ بلده من الازمة الاقتصادية ومواطنيه من البؤس الاجتماعي”.قبل أن ينتخب رئيسا لبلاد ،شغل  رافائيل منصب  وزير للاقتصاد، بيد أن خلافه حول تسديد الديون الخارجية ، وافتخاره بالنزعة السيادية لبلاده، جعلا ه يترك الحكومة.وقد ثمن الشعب الإكوادوري موقفه هذا” وزير للاقتصاد كاريزمي و شعبي ، هذا لم يحدث ابدا” حسب قول صديقه ألبرتو أندرادي الذي شارك معه  في اللقاءات الأسبوعية لمنتدى الإكوادور البديل . و هو مركز أبحاث يضم اقتصاديين ، و جامعيين ، ورؤساء شركات ، تشكل منذ العام 2000
،عندما قبلت الاكوادوربالدولرة لاقتصادها، فتخلت عن السكر لمصلحة الورقة الخضراء  (الدولار ) في كانون الثاني 2000 ، من أجل الخروج من أزمتها السحيقة . عرفت الإكوادرفي سيرورتها التاريخية  المعاصرة مراحل عديدة من عدم الاستقرار السياسي،تخللتها سيطرة الديكتاتوريات العسكرية : إذ تناوب على رئاسة الدولة 55 رئيسا منذ العام 1900. كما شهدت الإكوادورعدة حروب مع البيرو لأكثر من قرن، وهي تعاني  أزمة حكم تمثلت بتعاقب ثمانية رؤساء جمهورية على الحكم خلال السنوات العشر الأخيرة. وفي 24 تشرين الثاني /نوفمبر عندما فاز الرئيس لوسيو غوتيريز في الانتخابات ، و استلم مهامه في 15 كانون الثاني 2003، طرح برنامجا سياسيا راديكاليا لمحاربة الفسادفي الإدارة العليا، بناء اقتصاد نظيف. بيد أن تجربة الحكم ، تثبت أنه انتهج سياسة اقتصادية أورثودكسية، أي الإلتزام بوصفات وشروط صندوق النقد الدولي، الأمر الذي قاد إلى إحداث قطيعة مع وزرائه  القادمين من الأوساط اليسارية، الذين تمت إزاحتهم من الحكومة في آب 2004. كما أنه لم يطالب برحيل القوات العسكرية الأميركية من قاعدة “مانتا” التي تقع على الحدود مع كولومبيا، الأمر الذي ألب عليه الشعب الإكوادوري الرافض للهيمنة الأميركية.
وعلى نقيض الرئيس السابق ، أعلن الرئيس المنتخب كورييا أنه سيمنع القوات العسكرية الأميركية من العمل في الإكوادور، من خلال عدم تجديده للعقد الذي سينتهي في عام 2009، وسيحول القاعدة العسكرية الأميركية في “مانتا” في جنوب غرب البلاد إلى مطار دولي مدني.‏ ويقترن ذلك بعزم كورييا على عدم التوقيع على اتفاقية التبادل الحر مع واشنطن، الأمر الذي سيعني بالضرورة انضمام الإكوادور إلى معاهدة “آلبا” التي أطلقها هوغو شافيز كنقيض للمعاهدة المطروحة أميركياً على مستوى الأميركتين، والتي تواجَه حالياً بمعارضة الأكثرية الساحقة من بلدان أميركا اللاتينية.‏
ويواجه الرئيس المنتخب وضعا اقتصاديا صعبا. فالاقتصاد الإكوادوري يرتكز على ثلاثة عناصر أساسية:إنتاج الموز(سادس منتج في العالم)، و البترول(543 ألف برميل هي مجمل الإنتاج اليومي في الإكوادور التي تحتل المرتبة الخامسة في أميركا اللاتينية في مجال الإنتاج النفطي) و السياحة. وعلى الرغم من وجود هذه الثروات، فإن البلاد تعيش في أزمة اقتصادية خانقة، إذ بلغت ديونها الخارجية 14 مليار دولارفي سنوات ال2000، وهي بحاجة إلى مساعدة صندوق النقد الدولي لاستقرار اقتصادها. وفي هذا الإطار رحب كورييا بفكرة الحصول على مساعدة من فنزويلا لتغطية المديونية، من دون أن يتردد عن إحراج واشنطن بإبداء استعداده لقبول مساعدتها بهذا الخصوص!‏ وقد وعد كورييا  بمحاربة الفقر الذي يمس 60% من السكان ، و الفساد المتغلغل في الأوساط العليا للدولة، وانتهاجه سياسات خارجية مناوئة لواشنطن وداخلية ذات طابع متعارض مع الليبرالية الاقتصادية.‏ ويعتزم كورييا مراجعة العقود المبرمة مع الاحتكارات النفطية العالمية  ، أسوة بالمراجعة التي أجرتها مؤخراً كل من فنزويلا وبوليفيا.
إن انتصار كورييا في الإكوادور يعتبر مكسبا ديمقراطيا جديدا لليسار التعددي في أميركا الوسطى و اللاتينية: التيار الاشتراكي الديمقراطي المعتدل ، و التيار الشعبوي الذي يقوده شافيز، و يشكل هزيمة جديدة للسياسات الليبرالية المتوحشة التي تقودها واشنطن في حديقتها الخلفية، ويعطي دفعا معنويا للقوى الديمقراطية في العالم  لمواجهة الهيمنة الأميركية.
2-ظاهرة شافيز في فنزويلا
حقق الرئيس الفنزويلي هوغو شافيز (52 عاما ) انتصاراً كاسحاعلى منافسه الاشتراكي الديمقراطي مانويل روزاليس (53 عاماً) ،  في الانتخابات الرئاسية التي جرت الأحد3كانون الأول /ديسمبر الماضي ،إذ حصل الأول على61,35 في المئة من الأصوات ، بينما حصل الثاني على 38،39 في المئة من الأصوات. وفي إعلانه فوزه أمام الآلاف من أنصاره ، قال تشافيز إن على الفنزويليين أن يتوقعوا “توسعاً للثورة” الرامية إلى إعادة توزيع الثروة النفطية للبلاد على الفقراء. وهتف من شرفة القصر الرئاسي: “تعيش الثورة… فنزويلا تثبت أن عالماً جديداً وأفضل أمر ممكن ونحن في طور بنائه”. و هتف شافيز  أمام القصر الرئاسي “أنا الشعب الفنزويلي”. وبهذا الفوزالكاسح  يعزز الرئيس المنتهية ولايته والذي يرأس فنزويلا منذ ثمانية أعوام، نفوذه في البلاد ويحسن أيضاً ما سبق وحققه من نتائج عند انتخابه في العام 1998 وإعادة انتخابه في العام 2000 حيث حصل على 56% و59،7% من الأصوات على التوالي،و يجدد ولايته حتى نهاية عام 2012، وهو ما يمنحه تفويضاً واسعاً لمواصلة ثورته التي وعد بها، متحدياً نفوذ واشنطن في أميركا اللاتينية.
ويجمع معظم المحللين في الغرب أن شافيز ، بات يمثل الوريث الآخر للزعيم الكوبي فيديل كاسترو، الذي سلم السلطة في الداخل إلى شقيقه راوول ، أما في الخارج فإن الأمور تسير كما لوأن كاسترو اختار شافيز وهو في سن ابنه – وريثه الروحي. وعلى أكثر من صعيد ، عوض مهندس “الثورة البوليفارية” منذ سنتين ، زعيم الثورة الكوبية على الساحة الدولية. وقدأسهم ارتفاع أسعار النفط ، في جعل هوغو شافيز رئيسا قويا لفنزويلا، خامس منتج للنفط في العالم. وليس خافيا على أحد ، أن شافيزالذي تحول بدوره إلى رجل دولة قوي يجوب العالم ، بات يوظف العائدات الكبيرة من  النفط للتأثير في الوضع الإقليمي و الدولي، عبر تزعمه جبهة عالمية مناهضة للولايات المتحدة آخذة في الاتساع ، متكونة من اليساريين في أميركا اللاتينية، وتأثيره على العمليات الانتخابية في المنطقة، وتحالفاته مع خصوم الولايات المتحدة مثل إيران وسوريا.
ولما كان شافيز الرئيس المرشح و المفضل لدى الناخبين واثقا من إعادة انتخابه ، ،فقد سمح لنفسه أن يسافر إلى كل أصقاع المعمورة. فقادته الجولة الأخيرة إلى كل من الصين وماليزيا، و سوريا، و أنغولا، مع توقف في هافانا عند الذهاب و العودة، لكي يزور صديقه كاسترو المريض.و لم تشهد فنزويلا أبدا  رئيسا قام بترحال حول العالم كالرئيس شافيز. و علق صحافي فنزويلي ساخرا عند عودة شافيز يوم 1سبتمبر ، قائلا:”هوغو شافيز في زيارة لكاراكاس”.و التزمت كاراكاس  بتسليم 500000برميل  نفط يوميا إلى العملاق الصيني  بدءأ من الآن و لغاية العام 2010(بدلا من 150000برميل في الوقت الحاضر). و من جهتها وعدت الصين باستثمار  حوالي 5مليارات دولار  في القطاع النفطي الفنزويلي.وفي سوريا، أعلن الرئيس  شافيز  عن بناء مصفاة بترول  بقدرة 200000برميل يوميا . وتم توقيع آخر بخصوص الطاقة مع  لواندا “الذي يسمح لأنغولا التحرر من هيمنة الشركات النفطية الغربية”حسب ماجاء في إعلان الحكومة  الفنزويلية.وخلال الخمسة عشر شهرا ، أقامت كاراكاس علاقات دبلوماسية مع أحد عشر بلدا إفريقيا.
شافيز الطامح إلى تشكيل جبهة اليسار الأكثر تشدداً في أميركا اللاتينية، المتمثل بفنزويلا وبوليفيا وكوبا،و الإكوادور، و نيكاراغوا، قياسا إلى التوجهات اليسارية المعتدلة التي باتت تسيطر على بلدان كالأرجنتين والبرازيل والتشيلي وغيرها،‏ المناهضة الامبريالية الأمريكية ، مستلهما في ذلك من الإرث البوليفاري العظيم  للتعبير بشجاعة عن ضمير أمريكا اللاتينية  التائقة إلى التحرر والوحدة، قد تجاوز  أيضا فيديل كاسترو كقائد لليسار الثوري في أمريكا اللاتينية.و تدريجيا ، وبصرف النظر عن كل وزنه التاريخي ، فإنه ليس الأب العجوز للثورة الكوبية، الذي صمد منذ عام 1959 ، أمام عشرة رؤساء أمريكيين متتابعين ، و حصار اقتصادي فرضته الولايات المتحدة الأمريكية، و إنما  الكولونيل الفنزويلي الثائرصاحب الخطاب الناري غير المستنفد ، هو الذي اعتلى قيادة المعر كة ضد الامبريالية الأمريكية، جامعا في طريقه إيفو موراليس من بوليفيا و كل المناهضين للعولمة الأمريكية.
إنه شافيز أيضا، أكثر منه فيديل كاسترو، الذي أصبح الرئيس الذي لا يطاق، مجبرا في ذلك  قيادات اليسار المعتدل  مثل البرازيلي لولا دي سيلفا، و التشيلية ميشال باشليت، على القيام   بعدة التواءات ،لإخفاء خلافاتهم عقب القمم الإقليمية، أو مرتكبا  أحداثا دبلوماسية  مع المكسيك. و إنه شافيز أيضا ، هو الذي يسعى إلى تحويل منظمة التجارة الأمريكية الجنولبية -الماركوسور- إلى أداة مواجهة مع الولايات المتحدة الأمريكية ، التي حضرها كاسترو كضيف في شهر تموز الماضي ، قبل أيام من إصابته المرضية.
لقد عرفت فنزويلا كيف ترسمل لمصلحتها التخلي الديبلوماسي  للولايات المتحدة الأمريكية عن أمريكا اللاتينية ، التي أبعدت إلى النسق الثاني  بعد أحداث 11 أيلول  . و كانت قمة حركة بلدان عدم الانحياز(حضرها 116 بلدا) التي عقدت مؤخرا في كوبا مناسبة سمحت لفنزويلا بزيادة تعبئتهاضد الولايات المتحدة الأميركية .و أسهمت مواقف شافيز المؤيدة للقضايا العربية على الساحة الشرق أوسطية ، لاسيما عندما  شبه العدوان الصهيوني الوحشي بالهولوكوست النازي، الأمر الذي دعاه إلى  سحب  السفيرالفنزويلي من الكيان الصهيوني احتجاجا على ذلك العدوان الصهيوني  ، و هو موقف لم يجرأ على اتخاذه بعض الحكام العرب، قد عزز من رصيد شافيز الانتخابي على صعيد العالم العربي و الإسلامي.و لا ننسى أن فنزويلا عضو في الأوبك التي تضم سبع دول عربية.
و كان هوغو شافيز الكولونيل في سلاح المظليين قام بمحاولة انقلاب فاشلة في شباط/فبراير عام 1992 , ليضع حداً لثلاثين سنة من هيمنة حزبي الحركة الديموقراطية (اشتراكي ديموقراطي) وكوبايي (الديموقراطي المسيحي)، اللذين كانا، في هذه البلاد المنتجة للنفط، قد أوصلا الفنزويليين الى ما تحت عتبة الفقر. وبعدما أطلق سراحه  من السجن، وصل هذا المتمرد بالطرق الديموقراطية الى السلطة في كانون الأول/ديسمبر عام 1998. وقد سبقت إعادة انتخابه في 30 تموز/يوليو عام 2000 تعديلات جذرية في الدستور، تمت المصادقة عليها عبر عملية استفتاء شعبي. وفي الاجمال، فقد انتصر السيد شافيز وتغيّرت القيادة الفنزويلية بصورة سلمية. ومنذأن تولى رئاسة الدولة الفنزويلية , تقود حكومة تشافيز ثورة لا مثيل لها: “فهي ليست اشتراكية ولا شيوعية، كونها متشكلة في إطار الرأسمالية، لكنها جذرية في حضها على تغييرات أساسية في البنية الاقتصادية”، بحسب ما يوضح الوزير في رئاسة الجمهورية رافييل فارغاس. فقد عملت كراكاس ايضاً، عبر إعادة إحياء دور منظمة الدول المصدرة للبترول (اوبيك)، التوصل الى سياسة بترولية تسمح بالحفاظ على سعر النفط الخام على مستوى أعلى من 60 دولاراً للبرميل الواحد، مثيرة بذلك الكثير من الامتعاض في واشنطن، كما انها ضاعفت من تصريحاتها ضد العولمة الليبيرالية الجديدة داعيةً الى عالم متعدد القطب، معارضةً بذلك سعي الولايات المتحدة الى الهيمنة.
ونظرا ً لحرصه على الدفاع عن “السيا دة الاقتصادية” لفنزويلا ، فقد تشدد الرئيس شافيز مع الشركات النفطية المتعددة الجنسية ، في إطار معاودة التفاوض حول عقود الإستثمار الحالية  في سبيل تأمين مشاركة بالأكثرية للشركة الفنزويلية  الوطنية للنفط.و تتموقع فنزويلا في فئة البلدان ذات الدخول المتوسطة ،إذ بلغ الدخل الوسطي للفرد فيهانحو 4000دولار. بيد أن الثروة ليست موزعة بشكل متساوٍ، فهناك 70% من أصل 25،7 مليون فنزويلي  يعيشون تحت خط الفقر، بينما لم يكونوا إلا 30% في هذه الوضعية عام 1975.والحال هذه، تشير المفوضية الاقتصادية لأمريكا اللاتينية في آخر تقرير لها حول البانوراما الاجتماعية، أن معدل النفقات الاجتماعية  للفرد انتقل من 72  إلى 132دولار في عام 2004، حسب الأرقام الرسمية بتقدم قوي جدا ، لا سيما في قطاع التعليم .  وفضلا عن ذلك ، فإن البرامج الاجتماعية  المخصصة للتعليم و الصحة ودعم المواد الغذائية ، و الممولة من قبل فائض الريع النفطي ، مسّت 16 مليون فنزويلي.وقد أبدت منظمة اليونسكو ارتياحها بسبب القضاء على الأمية . كما أن البنك الدولي أصبح يشيد من الآن فصاعدا ببرنامج الطب عن قرب الذي مكن سكان الأحياء الفقيرة من المعالجة المجانية ، بفضل تواجد ألاف الأطباء الكوبيين.وتشير الأرقام  إلى تراجع طفيف في نسبة الفقر، الذي يضرب ثلثي  السكان .
إن الإستقطاب المتمحور حول شخصية الرئيس شافيز يخفي المواجهة العميقة بين مشروعين للمجتمع. و الإختيار لا يطرح بين “ديكتاتورية كاسترو-شيوعية”و “إنقلابيين فاشيين”, و لا أيضا بين شعبوية و ديمقراطية. النقاش الحقيقي يتعلق بدور الدولة- المسألة الجوهرية  في بلد مثل فنزويلا يعيش من النفط- و طبيعة الديمقراطية.ويدافع شافيز عن  “زيادة دور الدولة” ،والديمقراطية التشاركية , التي يعتقد أنها تفتح باب المشاركة السياسية للطبقات الشعبية المحرومة, في حين أنهما تنفران أنصار النموذج الليبرالي على الطريقة الأمريكية  المعتبر أكثر حداثوية.
 
مجلة الوحدة الإسلامية العدد 61 كانون ثاني/جانفي 2007التي تصدر عن تجمع العلماء المسلمين في لبنان

أمريكا اللاتينية تستعد لتسوية الحسابات مع “المستوطنين البيض”

ريتشارد جوت
أبرز تفجر احتجاج الشعوب الأصلية الذي شاع مؤخراً في أمريكا اللاتينية، والذي تُوج بانتخاب ايفو موراليس هذا العام رئيساً لبوليفيا، وهو من هنود الأيمارا، الوضع المزعزع لنخبة المستوطنين البيض، التي ظلت تهيمن على القارة على مدى قرون عديدة. وعلى الرغم من أن تعبير “المستوطن الأبيض” مألوف في تاريخ معظم المستعمرات الأوروبية، وأنه يحمل مسحة ازدرائية، إلاّ أن البيض في أمريكا اللاتينية (كما في الولايات المتحدة) لا يوصفون عادةً بهذه الطريقة، كما انهم – أنفسهم – لا يستعملون هذا التعبير. ولا توجد كلمة اسبانية أو برتغالية يمكن أن تكون ترجمة دقيقة لهذا التعبير الانجليزي. تُعتَبَر أمريكا اللاتينية تقليدياً كقارة معزولة عن المشاريع الاستيطانية في البقاع الأخرى من العالم، حصيلةَ تجربتها الاستيطانية الطويلة منذ القرن السادس عشر. ومع ذلك فهي تنتمي حقاً الى تاريخ التوسع العالمي للمستوطنين البيض من سكان أوروبا في الفترة الأحدث من ذلك التاريخ. والنخَب الموجودة اليوم هي الى حد بعيد، نتاج الثقافة الأوروبية المهاجرة، التي تطورت خلال القرنين اللّذيْن مرّا منذ الاستقلال.
ومواصفات دول المستوطنين البيض من رعايا الامبراطوريات الاوروبية في القرن التاسع عشر والقرن العشرين معروفة جيداً. فقد كان المستوطنون يستولون على الأراضي، ويشردون سكانها أو يبيدونهم؛ وكانوا يستغلون طاقة العمال الذين يظلون على قيد الحياة في العمل في الأرض؛ وكانوا يحفظون لأنفسهم مستوى المعيشة الأوروبية؛ ويعاملون من يظل على قيد الحياة من سكان البلاد الاصليين بتحامل مفرط، حيث يسنّون القوانين التي تضمن ان يظل هؤلاء من غير حقوق، حيث يكونون مواطنين من الدرجة الثانية أو الثالثة.
وتتقاسم أمريكا اللاتينية فيما بينها، هذه الخصائص لل “الاستعمار الاستيطاني”، وهو التعبير المثير للعواطف الذي يُستخدم في المناقشات حول الامبراطورية البريطانية. ولكن أمريكا اللاتينية، مع منطقة الكاريبي والولايات المتحدة، تملك خاصية أخرى لا تشاركها فيها المستعمرات الأوروبية في البقاع الأخرى : وهي الإرث المتمثل في وجود طبقة عبيد من غير سكان البلاد الأصليين. فعلى الرغم من ان الرّق قد ألغي في معظم بقاع العالم بحلول ثلاثينات القرن التاسع عشر، إلاّ ان هذه الممارسة استمرت في أمريكا اللاتينية (والولايات المتحدة)، لعقود عديدة. وكان المستوطنون البيض متفردين في قمعهم لمجموعتين مختلفتين، والاستيلاء على أراضي الشعوب الأصلية، وتسخير طاقة عمل عبيدهم المستورَدين.
وثمة سمة تتصف بها جميع مجتمعات “المستعمرات الاستيطانية”، وهي الخوف، والكراهية العنصرية الراسخة، التي يكنها المستوطنون، الذين يظلون يشعرون بالتوجس الدائم جرّاء وجود طبقة دنيا مستباحة. ومع ذلك فإن الحقد العنصري لمستوطني أمريكا اللاتينية، لم يَحظَ إلاّ بجزء ضئيل من فهمنا لتاريخ القارة ومجتمعاتها. وحتى الساسة والمؤرخون اليساريون، ظلوا يفضلون مناقشة الطبقة بدلاً من العِرْق.
في فنزويلا، أسفرت الانتخابات عن فوز آخر لهوجو شافيز، وهو من أصول سوداء وهندية. وكان معظم البُغض الذي أبدته نحوه المعارضة، نابعاً بوضوح من الحقد العنصري، كما ان حقداً مماثلاً كان قد أثير في سبعينات القرن الماضي نحو سلفادور الليندي في تشيلي، وخوان بيرون في الأرجنتين. وكانت جريمة الليندي التي لا تُغتَفر، في عيون نخبة المستوطنين البيض، تعبئة “المُحَطمين”، وهو الاسم الذي ينطوي على الغطرسة والتهكم الذي يطلق على الطبقة التشيلية الدنيا الغفيرة العدد. وكانت الأصول المحلية للمحطمين واضحة في المظاهرات السياسية للجنرال الليندي. فقد كانت القرابة ظاهرة بين المتظاهرين وبين جيرانهم المحليين بادية من الملابس الهندية التي يرتدونها. ويمكن قول الشيء ذاته عن “الرؤوس السوداء”، الذين هبّوا لمساندة بيرون.
وقد غدا هذا التطابق غير المستَكشَف، أشدّ وضوحاً عندما برزت المنظمات المحلية في المقدمة، مثيرة مخاوف البيض القديمة. فقد اتهم ناطق باسم المستوطنين، هو ماريو فارجاس لوسا، الروائي البيروفي الذي أصبح اسبانياً الآن، الحركات المحلية بتوليد “فوضى اجتماعية وسياسية”، مثيراً أصداء نداء المثقفين العنصريين في القرن التاسع عشر، مثل الكولونيل دومنْغو سارميينتو في الأرجنتين، الذي نبّه الى ضرورة الاختيار بين “الحضارة والبربرية”. وكانت نُخَب المستوطنين في أمريكا اللاتينية بعد الاستقلال مسكونة بهاجس كل ما هو أوروبي. وكانوا يسافرون الى أوروبا بحثاً عن النماذج السياسية، متجاهلين دولهم وراء المدن الرأسمالية ، ومستبعدين الغالبية من مشروع بناء الدولة. ومع أيديولوجيتهم الليبرالية المستوردة، جاءت الأفكار العنصرية الشائعة بين المستوطنين في أماكن أخرى في العالم الاستعماري الأوروبي. وأدت هذه النظرة العنصرية الى الحطّ من قدر السكان السود وعدم الاعتراف بهم، وفي العديد من البلدان، الى الاستئصال الجسدي للشعوب الأصلية. وفي مكانهم جاء ملايين المستوطنين الجدد من أوروبا.
ومع ذلك، ولفترة وجيزة خلال الثورات المناوئة للاستعمار في القرن التاسع عشر، تبنّت الأصوات الراديكالية القضية الهندية. فأعلن مجلس قيادة ثورة في بيونس أيريس سنة 1810 أن الهنود والسكان من أصل اسباني متساوون. وجرى الاحتفال بالماضي الهندي باعتباره الإرث المشترك لجميع الأمريكيين، وارتدى الأطفال زيّاً هندياً وأنشدوا الأغاني الشعبية. وتم تعميد البنادق في المدينة على شرف زعماء المقاومة الهندية. وفي كوبا، استحضرت حركات الاستقلال الأولى اسم هاتوي، الزعيم القبلي في القرن السادس عشر، واخترعت عَلَماً عليه امرأة هندية متلفعة بورقة تبغ. واستحضر أنصار الاستقلال في تشيلي ذكرى المتمردين الهنود قبل قرون، واستعملوا الرموز الهندية على راياتهم. وأبدى الاستقلال في البرازيل سنة 1822 عروضاً مماثلة، حيث ابتهجت النخبة البيضاء بأجدادها الهنود، واقترحت أن تحل لغة التوبي التي يتحدثها العديد من الهنود محل اللغة البرتغالية الرسمية.
وسعت أجندة الراديكاليين الشاملة الى إدماج الغالبية الهندية في مجتمع المستوطنين. ومع ذلك، وعلى الفور تقريباً، اختفت ومضة الفكر التقدمي هذه من السجلّ. والزعماء السياسيون الذين حاولوا أن يكونوا ودودين مع السكان الأصليين تم استبدالهم بأولئك التواقين الى المشاركة في الحملة العالمية لإبادة الشعوب الأصلية. وكان البريطانيون منخرطين فعلياً في تلك المهمة في استراليا وجنوب افريقيا، كما شارك الفرنسيون فيها بعد سنة 1830 عندما غزوا الجزائر.
وسرعان ما انضمت أمريكا اللاتينية الى الركب. ولعل الإبادة المتعمدة للشعوب الأصلية في القرن التاسع عشر، كانت جارية على نطاق أوسع من اي شيء آخر مارسه الاسبان والبرتغاليون في الحقبة الاستعمارية المبكرة. وقضى ملايين الهنود نحبهم بسبب عدم مناعتهم ضدّ الأمراض الأوروبية، ومع ذلك احتاج المستعمرون الأوائل الى الهنود لكي ينتجوا الغذاء ويوفروا العمال. ولم يكن هؤلاء المستعمرون يملكون الحاجة الاقتصادية ذاتها لكي يحرروا الأرض من الهنود، مما كان سيثير حملات الإبادة في قارات أخرى في العصر ذاته. وقد حدثت محرقة أمريكا اللاتينية الحقيقية في القرن التاسع عشر.
وقد وفّر ذبح الهنود المزيد من الأرض للاستيطان، وبين سنة 1870 وسنة 1914 هاجر خمسة ملايين أوروبي الى البرازيل والأرجنتين. وفي العديد من الدول استمرت حملات الهجرة حتى القرن العشرين، مؤكدةً ثقافة المستوطنين البيض المهيمنة التي استمرت حتى الوقت الحاضر. ومع ذلك، فالتغيير موجود في نهاية الأمر على الأجندة. وقد وُصِفت نتائج الانتخابات الأخيرة، بشيء من الصحة، بأنها تحرك نحو اليسار، لأن العديد من الحكومات الجديدة قد بعثت الحياة في موضوعات تقدمية من ستينات القرن الماضي. ومع ذلك، ومن منظور اوسع، تبدو هذه التطورات أشبه ما تكون برفض أمريكا اللاتينية لثقافة المستوطنين البيض، وإحياءً لذلك التقليد الراديكالي للاحتواء الذي وُجد قبل قرنين. ويمكن الآن استشفاف الخطوط العامة لصراع جديد، لتسوية نهائية للحسابات.
ترجمة : عمر عدس
مجلة الوحدة الإسلامية العدد 61 كانون ثاني/جانفي 2007التي تصدر عن تجمع العلماء المسلمين في لبنان


Home – Accueil الرئيسية

Lire aussi ces articles

7 mars 2006

Home – Accueil – الرئيسية TUNISNEWS 6 ème année, N° 2115 du 07.03.2006  archives : www.tunisnews.net OLPEC: Harcèlement de la famille

En savoir plus +

23 janvier 2007

Home – Accueil – الرئيسية   TUNISNEWS 7 ème année, N° 2437 du23.01.2007  archives : www.tunisnews.net FEX -TMG:Les membres de l’IFEX-TMG

En savoir plus +

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.