الثلاثاء، 26 فبراير 2008

Home – Accueil

TUNISNEWS
8 ème année, N° 2834 du 26.02.2008
 archives : www.tunisnews.net
 

 


الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين:  صدور الأحكام .. في قضية ” المشروع الإرهابي ” ..! حرية و إنصاف: تدهور خطير  للوضع الصحي لرضا البوكادي النداء الوطني لمساندة الترشح من أجل بديل ديمقراطي للانتخابات الرئاسية 2009: بــلاغ رويترز: تونس تجلي 55 عائلة تخوفا من انهيارات أرضية الشعب”: 5 آلاف قارورة «ويسكي» في بني حسان! وات: حفاظا على الذاكرة الوطنية… تونس تحتفل يوم الثلاثاء 26 فيفري باليوم الوطني للأرشيف السبيل أونلاين: التقرير الصحفي الأسبوعي السابع – الجزء الثاني ياسين الجلاصي لـpdpأنفو”: المستهدف من اعتقالي هم الشباب الديمقراطي التقدمي والحزب من ورائهم د. حسين الباردي: ما قبل الانتخابات الرئاسية التونسية لسنة  2009  بعض سيناريوهات خميس الشماري: من اجل تفاعل عقلاني وهادئ مع المتحفظين على مساندة الترشح من الآن للبديل الديمقراطي للانتخابات 2009 خميس الشماري:إلى أصحاب الردود بالوكالة أحاديـــث «الصبــــاح» المنذر ثابت الأمين العام للحزب الاجتماعي التحرري: «هكــــذا أردّ علـى من يصفنــــا بـ”المـــوالاة”» الموقف: وزير الإتصال يُبشرنا بقرب إغلاق نوافذ حرية الإعلام افتتاحية “الموقف”: الحكومات لا تريد وحدة المغرب العربي لطفي حجي: “الجهاد الأكبر” شباب جهادي نشأ في غفلة من النخبة والسلطة د. منصف المرزوقي: حتى لا ننسى أن حقوق الإنسان ليست فقط الحقوق السياسية – حق الصحة بين النظرية والواقع المرير مرسل الكسيبي: تونس: هل يمكن للمنجز الاقتصادي أن يعوض عن مطلب الحريات؟ عبدالحميد العدّاسي: لا تلمسني نصر الدين بن حديد: رسالة شديد الاعتذار إلى كلّ من زياد الهاني وعبد العزيز الجريدي… فريد خدومة: نْحِبْ نِحلمْ محمد العروسي الهاني: في الصميم مذكراتي الممتعة ذات البعد النضالي والوطني وما حفها من إحباط ومظالم لا دخل للقيادة فيها… أبو يعرب المرزوقي: الأصولية العلمانية تنفي علاقة الدين بالدولة.. والأصولية الدينية تزعم أنهما شيء واحـد برامج ومبادرات ومشاريع إعلامية لقناة المستقلة الفضائية


(Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe Windows (

(To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows)

 


أسماء السادة المساجين السياسيين من حركة النهضة الذين لا تزال معاناتهم وماساة عائلاتهم متواصلة بدون انقطاع منذ ما يقارب العقدين. نسأل الله لهم وللمئات من الشبان الذين اعتقلوا في العامين الماضيين ف رجا قريبا عاجلا- آمين  

21- رضا عيسى

22- الصادق العكاري

23- هشام بنور

24- منير غيث

25- بشير رمضان

16- وحيد السرايري

17-  بوراوي مخلوف

18- وصفي الزغلامي

19- عبدالباسط الصليعي

20- لطفي الداسي

11-  كمال الغضبان

12- منير الحناشي

13- بشير اللواتي

14-  محمد نجيب اللواتي

15- الشاذلي النقاش/.

6- منذر البجاوي

7- الياس بن رمضان

8- عبد النبي بن رابح

9- الهادي الغالي

10- حسين الغضبان

1- الصادق شورو

2- ابراهيم الدريدي

3- رضا البوكادي

4-نورالدين العرباوي

5- الكريم بعلوش


 
 أنقذوا حياة رضا البوكادي
حرية و إنصاف

تدهور خطير للوضع الصحي لرضا البوكادي

 
بعد استقرار طفيف للحالة الصحية للسجين السياسي السيد رضا البوكادي المعتقل حاليا بسجن المرناقية تعكرت حالته من جديد على إثر إصابته بالتهاب الحنجرة و الأذنين نتيجة عدم تمكينه من الاستحمام بالماء الساخن و هو ما أثر على وضعه الصحي خصوصا و أنه يشكو من نقص حاد في جهازه المناعي بسبب إصابته بمرض نادر يسمى Syndrome Néphrotique ( التهاب حاد يصيب الحجيرات الكلوية)و هو ما يجعل جسمه عرضة لأبسط الإصابات البكتيرية و الفيروسية ،و قد أثر التهاب الحنجرة و الأذنين سلبا على نتائج تحاليل البول اليومية التي يخضع لها السيد رضا البوكادي بالاضافة إلى ما يعانيه من الالتهاب الوظيفي و الآلام الحادة في القولون و خروج كمية من الدم في البول مما جعل العائلة تخشى من إصابته لا قدر الله بمرض سرطان القولون والعجز الكلوي التام. و حرية و إنصاف  تطالب بإطلاق سراح السجين السياسي السيد رضا البوكادي فورا حتى يتمكن من العلاج الناجع خاصة و أن طبيب السجن أكد أن لا علاج إلا بتغذية متوازنة تحت إشراف طبي مباشر و وجود المريض في بيئة نظيفة تساعد على الشفاء و حتى لا يكون مصيره شبيها بمصير من سبقه من المساجين السياسيين الذين توفوا بسبب الإهمال الصحي و الحرمان من الرعاية الطبية اللازمة. عن المكتب التنفيذي للمنظمة الرئيس     الأستاذ محمد النور
 

  “ أطلقوا  سراح جميع المساجين السياسيين “   “الحرية للصحفي المنفي في وطنه عبدالله الزواري“ الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين 43 نهج الجزيرة تونس e-mail: aispptunisie@yahoo.fr   تونس في 26 فيفري 2008   كشف الحساب..لقضاء ..”يكافح الإرهاب ” ..! :

صدور الأحكام .. في قضية ” المشروع الإرهابي ” ..!

 
* أصدرت   الدائرة الجنائية الأولى  بالمحكمة الإبتدائية بتونس برئاسة القاضي الهادي العياري في ساعة متأخرة من مساء أمس الإثنين 25 فيفري 2008  أحكامها :         *  في القضية عدد 14505  و قضت  : ” غيابيا في حق المتهمين لسعد حشانة و محمد اللافي و مهدي خلايفية ، و حضوريا في حق من عداهم بثبوت الإدانة و سجن المتهم هشام السعدي 12 سنة من أجل الإنضمام داخل تراب الجمهورية إلى وفاق اتخذ من الإرهاب وسيلة لتحقيق أغراضه و اعتبار بقية الجرائم متواردة معها ، و سجن كل واحد من المتهمين : نوفل ساسي و و توفيق الحرزلي و رفيق العوني و أنيس الهذيلي و محمد بن عبد الله  8 سنوات من أجل الإنضمام داخل تراب الجمهورية إلى وفاق اتخذ من الإرهاب وسيلة لتحقيق أغراضه و اعتبار بقية الجرائم متواردة معها كسجن كل واحد من المتهمين أمير شرف الدين و عبد الناصر السعداوي و أحمد الهذلي و أسامة نوار و محمد الميساوي  4 سنوات من أجل الإنضمام داخل تراب الجمهورية إلى وفاق اتخذ من الإرهاب وسيلة لتحقيق أغراضه كسجن كل واحد من المتهمين سلمان رزيق و يحيى زاكور و معز الغزاي و عبد الرحمان طنيش عامين من أجل الإنضمام داخل تراب الجمهورية إلى وفاق اتخذ من الإرهاب وسيلة لتحقيق أغراضه كسجن كل واحد من المتهمين لسعد حشانة و محمد اللافي و مهدي خلايفية 8 سنوات من أجل الإنضمام داخل تراب الجمهورية إلى وفاق اتخذ من الإرهاب وسيلة لتحقيق أغراضه و الإذن بالنفاذ العاجل في حقهم ، مع إخضاعهم للمراقبة الإدارية مدة 5 سنوات ، و عدم سماع الدعوى في حق علي العرفاوي لاتصال القضاء ، و بعدم سماع الدعوى في حق معز الغزاي في ما زاد على ذلك و استصفاء المحجوز ” . *  كما أصدرت  الدائرة الجنائية الخامسة بالمحكمة الإبتدائية بتونس برئاسة القاضي  التهامي الحافي مساء أمس الإثنين  25 فيفري 2008  أحكامها في القضية عدد 14661 التي يحال فيها كل من : مراد عبد السلام و محمد ضيف الله و أيمن الإمام و سفيان بن رمضان  بتهم الإنضمام داخل تراب الجمهورية إلى وفاق اتخذ من الإرهاب وسيلة لتحقيق أغراضه و الدعوة للإنضمام لتنظيم إرهابي  و توفير أسلحة و متفجرات و ذخيرة و مواد و معدات و تجهيزات مماثلة لفائدة تنظيم إرهابي  ، و توفير معلومات لفائدة تنظيم إرهابي ،و قضت بسجن كل واحد منهم مدة 3 سنوات . و الجمعية إذ تعاين تهاطل سنوات السجن بشكل شبه يومي في محاكمات غير عادلة ،  تجدد دعوتها لإلغاء قانون 10 ديسمبر 2003 اللادستوري و تعتبر أن معالجة الظواهر الإجتماعية لا تتيسر إلا باحترام القانون و الإقلاع عن اعتبار الحل الأمني سبيلا وحيدا للتعامل مع الشباب . عن لجنة متابعة المحاكمات        الكاتب العام للجمعية  الأستاذ سمير ديلو
 


النداء الوطني لمساندة الترشح من أجل بديل ديمقراطي للانتخابات الرئاسية 2009 تونس في 25/02/2008   بــلاغ

 

 لقد أعلنّا عقب الندوة الصحفية التي أعلن فيها الحزب الديمقراطي التقدمي ترشيح الأستاذ أحمد نجيب الشابي للانتخابات الرئاسية المقبلة، عن تشكيل نواة هيئة لمتابعة نداء المساندة، تتكون من السيد خميس الشماري والأستاذ العياشي الهمامي والسيدة سامية عبو. وإثر اللقاء المثمر الذي تم آخر الأسبوع الماضي بأعضاء القائمة الأولى من الموقعين على النداء، وذلك للوقوف على ما سجلته الخطوة الأولى من تأثير وإشعاع، يهم الهيئة أن تسجل ما يلي: 1َـ الاهتمام اللافت الذي أثارته مبادرة مساندة الترشح والدعم الذي لاقته من قبل عدد من الشخصيات، نخص بالذكر من بينهم السادة “أحمد ونيس” الجامعي والسفير السابق و”محمد الطاهر الشايبي” الجامعي والنقابي المعروف و”ناجي مرزوق” عضو الهيئة المديرة و”جمال مسلم” رئيس فرع سوسة لرابطة حقوق الإنسان والسيدة “سعاد مرزوق” النقابية المعروفة بجهة صفاقس. 2ـ تحقيق أهداف الخطوة الأولى على نطاق واسع، وتشير إلى النجاح المسجل في إبراز الصبغة الوطنية غير الحزبية الضيقة لترشح الأستاذ الشابي. 3ـ ارتياحها لتبديد أسباب التوتر ورفع الالتباس الكامن مع أطراف المعارضة الديمقراطية عبر الحوار، ولما برز من إرادة واضحة لتجنب المشاحنات والجدال العقيم بحثا عن مجالات العمل المشترك. 4ـ الاتفاق على إطلاق عريضة على أوسع نطاق ممكن مستوحاة من نص النداء الذي يبقى الوثيقة المرجعية، تتمحور بكل وضوح حول حق الترشح لكل تونسية وتونسي يأنس في نفسه الكفاءة لذلك بعيدا عن أي استثناء أو ضغط سياسي، باعتباره شرطا لممارسة الشعب التونسي لحقه غير القابل للتصرف  في اختيار حكامه بكل حرية وبعيدا عن كافة الضغوطات. كما يهم هذه النواة الأولى: 5ـ أن تذكر بأنه لم يقع بعد تشكيل الهيئة الوطنية للمساندة وتؤكد أن ذلك سيتم في بحر الأسابيع القليلة القادمة على أساس الشراكة المتوازنة والنزيهة بين قيادة وهياكل الحزب الديمقراطي التقدمي من جهة، وبين القوى السياسية والشخصيات الوطنية المستقلة الموقعة على نداء 14 فيفري 2008 ، التي تؤيد تمشينا وترغب في الانضمام إلى هذه الهيئة من جهة أخرى. 6ـ تسجل أن نجاح وحسن سير الاجتماع التّحسيسي والإعلامي الأول الذي انعقد بمدينة صفاقس والذي شارك فيه إلى جانب مناضلي الحزب الديمقراطي التقدمي، عدد هام من الوجوه النقابية والشبابية المعروفة بنشاطها وحيويتها في الجهة. وقد مهدت الكلمات التي ألقاها كل من الأستاذ أحمد “نجيب الشابي” والسيدة “مية الجريبي” والسيد “خميس الشماري” والسيد “فريد النجار” الكاتب العام لجامعة الحزب إلى حوار مثمر وواعد مع نخب الجهة. 7ـ أن تدين الخطة الإعلامية التي توختها السلطة لمواجهة حق الأستاذ الشابي في الترشح للانتخابات الرئاسية وفرضتها على وسائل الإعلام الوطنية منذ 17 فيفري الجاري حيث أصدرت تعليمات بعدم التعرض لهذا الترشح أو ذكره، فيما أوكلت مهمة الطعن فيه وتشويهه إلى صحافة العار(الحدث، الصريح، الملاحظ، الإعلان، وبلادي أون لاين)، وإلى أحزاب الموالاة التي قبلت بهذه المهمة العدوانية مثل(حزب الوحدة الشعبية والحزب الليبرالي الاجتماعي وحزب تونس الخضراء) وهي جماعات كما لا يخفى تفتقد لأي تأثير أو مصداقية على الساحة السياسية الوطنية.   خميس الشماري عياشي الهمامي سامية عبو
 

 

تونس تجلي 55 عائلة تخوفا من انهيارات أرضية

 

 
تونس (رويترز) – قالت مصادر رسمية يوم الثلاثاء ان السلطات التونسية أجلت 55 عائلة من منطقة نائية بمحافظة جندوبة الواقعة شمال غربي العاصمة تخوفا من حدوث انهيارات ارضية تهدد المنطقة. وأضافت المصادر انه “تم ترحيل 55 عائلة من منطقة بني محمد من مدينة ببلطة بوعوان بمحافظة جندوبة وتمكينها من مساكن جديدة بمعتمدية بوسالم”. وهزت عدة زلازل مناطق في البلاد في الاشهر الاخيرة لكنها لم تخلف اي خسائر بشرية. لكن عقب وفاة تسعة اشخاص في فيضانات غمرت العاصمة نهاية العام الماضي شدد الرئيس التونسي زين العابدين بن علي على ضرورة اتخاذ خطوات استباقية لحماية ارواح المواطنين.  وقالت المصادر ان هذا الاجراء الوقائي تلاه تمكين العائلات من مساكن جديدة بقرية الروماني بمدينة بوسالم بجندوبة اضافة الى توفير فرص شغل.  وأقيمت قرية الروماني بكلفة 11 مليون دولار لحماية سكان بوسالم من الفيضانات.   (المصدر: وكالة رويترز للأنباء بتاريخ 26 فيفري 2008)  

كشفها الحرس الوطني: 5 آلاف قارورة «ويسكي» في بني حسان!

 
مرارا وتكرارا تحدثنا عن هذه الظاهرة الغريبة والمتمثلة في حانات الهواء الطلق.. ومرات عديدة لفتنا انتباه الجهات المعنية الى ضرورة «مسح» و»تمشيط» غابات الزياتين والمسالك الفلاحية التي اضحت ملعبا معشبا للعربدة والسوقية بفعل هذه الجماعات التي لا حياء لافرادها ولا اخلاق حيث يقارعون بنت العنب وحفيدة الشعير و»مسحوق» الكحول بلا رقيب ولا نظير…   واحقاقا للحق فقد وجدت ملاحظاتنا المباشرة والمكتوبة صدى لدى من يهمه الامر وبدأت الظاهرة في التقهقر  لكن الامل صار اليوم اكبر في تراجعها اذا ما تبينت بعض الخيوط اثر العملية الجريئة لرجال الحرس الوطني بل رجلان وامرأة والتي تمّ بمقتضاها اماطة اللثام عن أخطر وأكبر عمليةتهريب او توريد ـ لا نعلم بالضبط ـ لخمسة اطنان ونصف من الشراب الفاخر «جوني وولكر» على متن شاحنة كان خط سيرها الاخير بين حي الرياض بمدينة سوسة وبلدة بني حسان من ولاية المنستير…    هناك وفي هذا الخط وبالتحديد بمنطقة الطيايرة وقعت الشاحنة الكنز  في «المنداف» وعلى متنها 5.5 آلاف قارورة ويسكي بقيمةجملية تناهز ربع مليار ورجلان يبدو أنهما «حمالة في النازلة» من خلال بعض الاصداء التي سمعناها عنهما في جمّال، فقد حدثنا البعض من أهاليها عن استفحال ظاهرة الدكاكين التي كتب على احدها وعلى سبيل النكتة فقط «هنا يباع الخمر خلسة» وهي ظاهرة كما اسلفنا تحتم التصدي لها بشتى الوسائل واي كانت اطرافها لحماية جيل هو الى الفساد الشامل اقرب.   وجدير بالذكر ان جهات عليا تتابع الان وبكل جدية وحزم ما اطلق عليه قضية «الويسكي» التي قال بخصوصها احد المواطنين انها كادت تغرق بل تجرف قرية بني حسان حيث ان خمسة امتار مكعبة يمكن ان تفعل فعلها في الناس وأيّ فعل.   وقد علمنا في آخر لحظة ان اول تبعات هذه العملية تمثل في ضبط المخالفة الديوانية والتي حدّدت بمليار من المليمات… كما علمنا ان اهالي المناطق المجاورة استبشروا للخبر وكثير منهم هاتفوا رئيس وحدة حرس المرور بجمّال مهنئين إيّاه واعوانه على هذا «الصيد الثمين».   حمدة الزبادي   (المصدر: جريدة “الشعب” (أسبوعية نقابية – تونس) الصادرة يوم 23 فيفري 2008)  


حفاظا على الذاكرة الوطنية… تونس تحتفل يوم الثلاثاء 26 فيفري باليوم الوطني للأرشيف

 
تونس 25 فيفري 2008 (وات) تحيي تونس يوم الثلاثاء 26 فيفرى اليوم الوطني للارشيف الذى اقره الرئيس زين العابدين بن في 24 نوفمبر 2003 حفاظا على الارشيف الوطني وحرصا على احكام استغلاله باعتباره مقوما اساسيا من مقومات صيانة الذاكرة الوطنية ومصدرا للبحث العلمي.   ويكتسي الاحتفال الذى وضع هذه السنة تحت شعار الارشيف الوطني من تنظيم الوثائق الادارية الى الحفاظ على الذاكرة الوطنية 1874 / 2008 صبغة خاصة لكونه يهتم بتقديم صورة عن اهم المحطات التي مرت بها مؤسسة الارشيف الوطني على امتداد 134 سنة وابراز التحولات التي طرأت عليها طيلة هذه الفترة.   ويعود تاريخ نشأة الارشيف الوطني الى سنة 1874 اى قبل عهد الحماية. ففي سياق الاصلاحات الادارية والسياسية التي انجزها الوزير الاكبر خير الدين احدث هيكل ادارى سمي انذاك خزينة مكاتيب الدولة واعتنى بالوثائق الادارية بجمعها وتنظيمها بطريقة متطورة ومحكمة تثبتها الفهارس التي احصتها.   ويعتبر ذاك العمل انجازا هاما اتاح لتونس الحفاظ على جزء كبير من تراثها الارشيفي الناشىء قبل تاريخ 1881 اذ تعود اقدم وثيقة في خزينة الارشيف الى سنة 1582 وفي فترة الحماية الفرنسية بتونس 1881 / 1956 احدثت ادارات راجعة بالنظر مباشرة الى المقيم العام الفرنسي تعمل بالتوازى مع الادارة التونسية / قسم الدولة/ التي انحصرت مشمولاتها في المجالات المتعلقة بالتونسيين وتحت مراقبة الكاتب العام للحكومة.   واحدثت في تلك الفترة مكاتب لحفظ الوثائق بسائر الهياكل الادارية. والحقت خزينة مكاتيب الدولة بالكتابة العامة للحكومة وسميت خزينة عموم مكاتيب الدولة واهتمت بحفظ وثائق قسم الدولة.   وابان الاستقلال الداخلي في 1956 تغير اسم هذا الهيكل عدة مرات حسب تطور الهياكل الادارية من خزينة عموم مكاتيب الدولة الى الخزينة العامة للاوراق ثم خزينة محفظات الدولة والوثائق.   غير ان مهامه ظلت متمثلة في جمع وحفظ وثائق الدولة واعداد فهرس عام لها. وتراجع تدريجيا ترحيل الوثائق الى الخزينة بعد الاستقلال ثم انقطع تماما واحتفظت الادارات بوثائقها وتراكم جزء منها بمحلاتها واصبحت عرضة للتلف وصعبت الاستفادة منها فباتت الحاجة ملحة الى انقاذها.   وفي سنة 1988 عرف مجال الارشيف منعرجا جديدا بصدور القانون عدد 95 المؤرخ في 2 اوت 1988 المتعلق بالارشيف والقاضي باحداث مؤسسة الارشيف الوطني التي تخضع لاشراف الوزارة الاولى وتعمل على حفظ وصيانة التراث الارشيفي الوطني باعتباره اداة عمل وتصرف يحمي حقوق الاشخاص والهيئات وييسر عمل الرقابة والتقييم ورصيدا يساعد في انجاز البحوث العلمية والتاريخية.   وتم وضع استراتيجية عمل للتصرف في الارشيف تتمثل في العناية بالوثائق منذ نشاتها والاحاطة بها خلال المراحل الثلاث لدورتها العمرية وهي الارشيف الجارى والارشيف الوسيط والارشيف النهائي.   وقد تسنى بفضل القرارات الحاسمة التى اتخذها الرئيس زين العابدين بن علي فى 26 فيفرى 1993 لفائدة الارشيف الوطني تحقيق انجازات رائدة جعلت من تونس البلد العربى الوحيد الذى يعتمد نظاما عصريا للارشيف يظاهى الانظمة المعتمدة فى الدول المتقدمة ويقوم على الاعتناء بالوثائق.   ويتميز هذا النظام باعتماده على تقنيات حديثة ومواصفات عالمية مكنت من ايجاد قواعد بيانية دقيقة حول ملفات الارشيف على امتداد 300 سنة تم مسحها ووصفها وادراجها على موقع واب لتكون تونس اول بلد عربى يخصص موقعا له على الشبكة العنكبوتية خاصا بالارشيف ويضع فيه قواعد البيانات للبحث الالى عن المعلومات.   ذلك انه قد تم في اطار هذا النظام وضع عدة خطط تمثلت اهم عناصرها في دعم المنظومة القانونية والترتيبية لتنظيم العمل الارشيفي على كافة المستويات وايقاف التعامل العشوائي مع الوثائق واعداد الادوات الضرورية للتصرف في الوثائق.   كما تم احداث هياكل في كل الوزارات تعنى بالتصرف في الوثائق الى جانب انتداب المختصين من خريجي المعهد الاعلى للتوثيق وتكوين المهنيين الذين يتصرفون في الوثائق من غير المختصين وذلك لمزيد النهوض بالارشيف الوطنى الذى اصبح يعد اليوم 461 اطارا مختصا فى مختلف الهياكل العمومية مقابل 24 فقط سنة 1992 .   وفي نطاق الانخراط في مجال تكنولوجيات المعلومات والاتصال تم تجهيز مؤسسة الارشيف الوطني بشبكة معلوماتية داخلية اصبحت بفضلها جل العمليات التقنية المطبقة على الارشيف تتم اليا وبموقع الكتروني ديناميكي يعرف بالمؤسسة وبمهامها وصلاحياتها وبالارصدة التي تحفظها.   كما وضعت على ذمة العموم قواعد البيانات لتيسير عمليات البحث عن بعد. ويتم حاليا انجاز منظومة مندمجة لقطاع الارشيف تشتغل باللغة العربية.   وتسعى تونس الى استرجاع الوثائق التي تخصها والموجودة بالخارج سيما في فرنسا وتركيا بهدف الاستفادة منها في شكل نسخ اذا لم يتيسر استرجاع الاصول.   وتعتزم في هذا الشان امضاء اتفاقيتين مع الجانبين الفرنسي والتركي. وترنو مؤسسة الارشيف الوطني من خلال خطة عمل تمتد من 2008 الى 2011 الى تعميم النظام الوطني للتصرف في الوثائق والارشيف في المستويين الوطني والجهوى وتكوين المهنيين. كما تسعى الى تطوير الهياكل في مجال الارشيف بتاهيل الموارد البشرية.   وقد وضعت للغرض برنامجا تكوينيا متكاملا يمتد على سنة 2008 الى جانب ارساء نظام لحفظ الوثائق الالكترونية والسمعية البصرية واحداث مكتبة سمعية بصرية.   ولترسيخ الوعي باهمية المحافظة على الذاكرة الوطنية تحرص مؤسسة الارشيف الوطني على استقطاب وتشجيع الاشخاص على التبرع بارشيفهم.   وتسعى في هذ الشان الى اعداد خطة عمل مع الاعلاميين للتبرع بهذه الارصدة. وسيتم في اليوم الوطني للارشيف تكريم المتبرعين بارشيفهم الخاص الى مؤسسة الارشيف الوطني.     (المصدر: وكالة تونس افريقيا للأنباء (وات – رسمية) بتاريخ 25 فيفري 2008) موقع مؤسسة الأرشيف الوطني: http://www.archives.nat.tn/arb/default.asp

اقتراح من “تونس نيوز”:

بهذه المناسبة، ندعو مؤسسة الأرشيف الوطني إلى الإهتمام بالحفاظ على الذاكرة الالكترونية التونسية الحديثة ونعني بها جميع المواقع التونسية على شبكة الإنترنت بشتى توجهاتها وأصنافها وأنواعها (رغم أن العديد منها محجوبة اليوم داخل تونس ولكن مضامينها وموادها محفوظة على شبكة العنكبوت العالمية) وأن تضع على ذمة دافعي الضرائب التونسيين الذين يمولون المؤسسة من جيوبهم الأرشيف الشامل والكامل والمفصل لوزارة الداخلية والعدل فهي ملك لهم ولأبنائهم وأحفادهم وللوطن الخالد وليست حصرا على بضعة أفراد أو مسؤولين سيزولون بلا ريب في يوم من الأيام.


 

التقرير الصحفي الأسبوعي السابع – الجزء الثاني

السبيل أونلاين – التقرير الصحفي
 
تقرير الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان : خروقات عديدة لأوضاع حقوق الإنسان في تونس أشار تقرير الفدرالية الصادر يوم الإربعاء 20 فيفري 2008 بالتعاون مع المجلس الوطني للحريات بتونس والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان إلى عدم تعاون السلطات التونسية مع مبعوثي الفدرالية ويرجع آخر تعاون مع المبعوثين إلى سنة 1999.
وقد نبه وفد الفدرالية منذ الزيارة التى قام بها سنة 1994 إلى ضرورة إعطاء القضاء استقلالية إلا أن ذلك لم يحدث إلى حد الآن . وأشار التقرير كذلك إلى العراقيل التي تعترض الرابطة التونسية لحقوق الإنسان لعقد مؤتمرها منذ سنوات , علما أنه لم يقع تسجيل أي جمعية غير حكومية مستقلة منذ سنة 1989. ومن ضمن 9000 جمعية مسجلة في تونس ليس هناك سوى 10 جمعيات مستقلة فقط . وأضاف التقرير أيضا تعمّد السلطات استهداف الصحافة والصحفيين المستقلين من أمثال لطفي حجي رئيس جمعية الصحفيين التونسيين ومراسل قناة الجزيرة وسليم بوخذير ولطفي الحيدوري وغيرهم . كما أشار التقرير أيضا إلى الخروقات التي عرفتها حالة حقوق الإنسان في إطار مكافحة الإرهاب فالحكومة التونسية اعتمدت قانونا مطاطا حول ما تسميه “بالإرهاب” أطلقت عليه “قانون مساندة الجهود الدولية لمكافحة الإرهاب وتبييض الأموال” وهو قانون كما يبدو يوسع دائرة المستهدفين بالمكافحة وهو ما يفتح باب الخروقات واسعا وهو ما تعكسه أفعال السلطات بالإستناد إلى هذا القانون الذى تصفه منظمات حقوقية تونسية بأنه غير دستوري .
 
المحامي الفرنسي لعبد الرحمان التليلي يسعى لمقابلته في السجن عبر محامي عبد الرحمان التليلي مؤسس حزب الإتحاد الديمقراطي الوحدوي والمرشح لرئاسيات 1999 والبالغ من العمر 64 سنة عن رغبته في مقابلة موكله السجين , وذلك من أجل الإطمئنان على صحته بعد أن خاض في السجن إضرابا عن الطعام في جانفي الماضي احتجاجا على سوء المعاملة وضروف إحتجازه . وكان التليلى قضت المحكمة في حقه بـ 9 سنوات سجن في سبتمبر من العام 2003 بتهمة الإستيلاء على أموال عمومية . عائلة التليلي طلبت من المحامي الفرنسي ماريو ستازو – Mario Staso التدخل لدى السلطات من أجل نقل موكله إلى المستشفى وقد تقدم المحامي الفرنسي بطلب للسفارة التونسية بفرنسا . وحسب مصادر قضائية تونسية اتصلت بها وكالة الصحافة الفرنسية في 16 فيفري الجاري أكدت ان التليلي ليس في إضارب عن الطعام ويتلقى وجبات من عائلته إضافة إلى ثلاث وجبات تقدم له من إدارة السجن .
 
أطول سلسة بشرية للمطالبة برفع الحصار عن غزة شكل أكثر من 50 ألف غزاوي أطول سلسلة بشرية في العالم من رفح جنوبا إلى بيت حانون شمالا على طول 40 كيلومترا من أجل الإحتجاج على الحصار الذى يخضع له القطاع . وقد تدخلت قوات الإحتلال لتصيب وتعتقل العشرات من المتظاهرين الذين كان أغلبهم من الصبية والنساء . وكانت اللجنة الشعبية لمواجهة الحصار والتى يقودها النائب المستقل جمال الخضري قد دعت إلى هذا التحرك السلمي من أجل الدعوة إلى رفع الحصار . وقال النائب الخضري في تصريحات لوسائل الإعلام أن هذا التحرك يعبر عن رفض الحصار ودعوة للعالم إلى الوقوف إلى جانب المواطن الفلسطيني الذى يتعرض إلى حصار ظالم , كما يحمل دعوة إلى الأمتين العربية والإسلامية إلى التحرك الجاد من أجل رفع المعاناة المفروضة على قطاع غزة.
 
النزول بالعقاب من الإعدام إلى المؤبد في حق أحد المتهمين والبقية بين 3 سنوات سجنا والإعدام تحت هذا العنوان ورد مقال بصحيفة الصباح التونسية بتاريخ 22 فيفري 2008 عن الأحكام التي أصدرتها محكمة الاستئناف بتونس عن المتهمين في ما بات يعرف بقضية ” مجموعة سليمان” , فقد قررت المحكمة إقرار حكم الإعدام في حق المتهم صابر الرّقوبي فيما عدلته إلى المؤبد في حق عماد بن عامر كما عدلته في حق المتهم محمد بن لطيفة من المؤبد إلى 15 سنة سجنا. كما عدلته في حق المتهم أحمد المرابط من 30 سنة سجنا إلى 20 سنة. وكذلك في حق المتهم المهدي الحاج علي من 12 إلى 8 أعوام سجنا. وعدلت الحكم أيضا في حق كل من محمد خليل الزنداح وزهير جريد من 5 إلى 3 سنوات. وكذلك النفطي البتاني من 6 إلى 3 أعوام . ومن المنتظر أن يطعن المتهمون في الحكم لتشهد القضية فصلا ثالثا من المحاكمة . واعتبر المجلس الوطني للحريات في بيان أصدره بتاريخ 21 فيفري 2008 أن المحالين في هذه القضية يحاكمون من أجل أفعال لم يرتكبوها وأنهم يحاسبون على ما قام به غيرهم من حمل سلاح ومواجهة قوات نظامية حيث لم تثبت المحكمة تورطهم بأي دليل مادي. وأكد البيان على عدم حيادية المحكمة التي لم تنظر في الطلبات الأولية كعرض المتهمين على الفحص الطبي لتبين آثار التعذيب وتشخيصها وتحديد تاريخها. كما أشار المجلس إلى إذعان المحكمة لتعليمات بعدم تأخير القضية ليتم تلقي مرافعات الدفاع مدة ثلاثين ساعة متواصلة حتى أن مظاهر الإرهاق كانت بادية منذ الساعات الأولى من اليوم الموالي على القاضي وعلى لسان الدفاع بما أصبغ على هذا الإجراء شكلية رمزية. وفي بيان صدر عن الجمعية الدولية للمساجين السياسيين بتاريخ 21 فيفري 2008 وقعه الكاتب العام للجمعية المحامي سمير ديلو تضمن آخر تصريحات المتهمين قبل النطق بالحكم وأهمها: حسبي الله ونعم الوكيل، أطلب عدم سماع الدعوى، اتق الله فينا، أنا بريء أمام الله، الجميع يريد إلصاق تهمة الإرهاب بنا،أشكر السادة المحامين وأطلب من المحكومين بالإعدام إن ينفذ فيهما , السلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم، جميع التهم المنسوبة لي باطلة، اتقوا الظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة.
أما صابر الرقوبي الذي حوكم بالإعدام فقد كان آخر ما صرح به قوله : أذكّر هيئة المحكمة بأن الله يدافع عن الذين آمنوا .. والسلام على من اتبع الهدى، وأنا بريء مما نسب إلي . كما أشار التقرير إلى أن المتهم محمد لمين ذياب لم يكن واعيا بما يدور حوله ولم يجب المحكمة علما أن هذه الأخيرة رفضت عرضه على الفحص الطبي لتقييم مداركه العقلية. وحسب تقرير نشر بموقع السبيل أونلاين في وقت سابق نقلا عن جون أفريك فإن حكم الإعدام على صابر الراقوبي يعود إلى إلقائه قنبلة يدوية لم تنفجر على أعوان أمن كانوا بصدد إلقاء القبض عليه.
 
 
حملة أردنية لمواجهة الإساءات الدنماركية أكد زكريا محمد الشيخ رئيس تحرير موقع الحقيقة الدولية أن هناك 18 صحيفة وموقع أردنى سيصدرون بشكل موحد يوم الإربعاء القادم 27 فيفري وذلك إحتجاجا على إعادة 17 صحيفة دنماركية نشر الرسوم المسيئة للنبي محمد صلى الله عليه وسلم . وينتظر أن تنظم وسائل إعلام رسمية وغير رسمية للحملة التى أطلق عليها إسم ” رسول الله يوحدنا ” . وقال الشيخ أنهم سيطالبون بطرد السفراء وقطع العلاقات التجارية وسن تشريعات دولية تجرم الإساءة للإسلام , كما ورد على موقع الجزيرة .
 
 
تصحيح : ورد في الجزء الأول من التقرير اسم سعاد بدل سلوى الشرفي وهو ما يقتضي التصحيح : سلوى الشرفي : بعض الحكام في الدول العربية أرحم من الإسلاميين تجاه البشر !!!؟؟؟ في حوار نشر على موقع إيلاف الالكتروني بتاريخ 17 فيفري 2008 نفت سلوى الشرفي أستاذة الإعلام وعلم الإجتماع السياسي في الجامعة التونسية أن تكون قد تخلت عن “مبادىء تعمل من أجل تحقيقها منذ سنوات ” , وأرجعت سبب توقف نشر مقالاتها إلى أن الموقع الذي كانت ينشر مساهماتها توقف عن العمل لمدة شهرين تقريبا . وقالت بأنها تتعرض إلى حملة من قبل الذين يخالفونها في الرأي , وترجع سبب ذلك إلى أن مخالفيها ” لم يخرجو بعد من سجن الفكر الإطلاقي الذي يمنعهم من تنسيب الأفكار ووضعها في إطار المحتمل وإخراجها من منطق الحلال والحرام ” وتضيف الشرفي المحسوبة على العلمانيين المتطرفين ” إن بعض اللائكيين يدافعون على قول الله أكثر منهم ” الداعي إلى السلم والتسامح وإحترام الآخر والذى لم ينجر عنه تقاتل بين المسلمين … التقاتل نتج عن البدع الأيديولوجية للإسلاميين المتشددين بحسب وصفها . وحول ما يتعلق برؤيتها للمراجعات التي تقوم بها بعض الحركات الإسلامية في دول كمصر وتونس , وتوقيع حركة النهضة على وثائق علمانية تحترم بموجبها حقوق المرأة وحرية المعتقد أجابت بأنها ليست في حاجة إلى إعلاناتهم لمعرفة حقيقة أفكارهم وعبرت عن تحديها للإسلاميين أن يوردوا موقفا واحدا يعلنون فيه مثلا إيمانهم بالمساوات بين الجنسين . وعبرت الشرفي عن رفضها إصدار قانون يجرّم التكفير خوفا من إستغلاله لتكميم الأفواه. وتسائلت لماذا يواصل الإسلاميون مطالبة الحكام بإرساء الحريات وإحترامها إذا كانو يسعون إلى تعويضها بقيود شتى تصل حد إهدار دم المخالف لهم عن طريق قانون التكفير ؟ حسب تعبيرها . وختمت الأستاذة التونسية المثيرة للجدل بالقول “بصراحة لا أرى في الوقت الحالي فرقا يذكر بين ما يتبناه بعض الإسلاميين وما ينددون به بل إن بعض الحكام في الدول العربية أرحم منهم تجاه البشر” على حد تعبيرها .
 
 
مواطن فرنسي يريد الإستيلاء على طفلة جزائرية تأخذ أطوار القضية شكل المسلسلات الإجتماعية الدرامية ولكنها حقيقة تعيشها أسرة جزائرية فعلا . بداية القصة إنطلقت من ولاية وهران بالغرب الجزائري حين إلتقت الجزائرية “فرح بلحسن” بالفرنسي مدير شركة “رونو” “جاك شاربوك” لما كانت تنوي شراء سيارة من الشركة المذكورة في إطار برنامج تشغيل الشباب , وقد كانت حاملا بطفلتها ” صافية ” من زوجها الجزائري الذى فارقته . وقد أقنع “شاربوك” “فرح بلحسن” بالسفر إلى فرنسا كي تضع مولودتها هناك وساعدها في إتمام إجراءات السفر ووجدت نفسها أخيرا فى فرنسا , ولكن عند الولادة رفض المستشفى الفرنسي إستقبالها لأنها لا تملك عقد زواج فعرض عليها الفرنسي إجراء عقد زواج صوري مستعجل وتم الأمر فعلا . وعند خروجها من المستشفى فوجئت بأن “جاك شاربوك” سجل الطفلة بإسمه رسميا في الحالة المدنية مما دفعها إلى العودة إلى الجزائر على الفور وتقدمت بقضية أمام المحاكم الجزائرية لإلغاء “الزواج الأبيض” , وما لبثت الأم أن توفيت في حادث سير فتحولت حضانة الطفلة إلى جدتها ” بن نكروف ” كما ينص القانون الجزائري , فأغرى موت الأم المواطن الفرنسي الذى عاش بالجزائر 30 سنة بالإستيلاء على البنب وإدعى إعتناقه الإسلام وحكمت المحكمة الجزائرية لصالحه . وقد أخذت القضية أبعادا غير مسبوقة حيث وصلت إلى اروقة الدبلماسية الجزائرية – الفرنسية , فتناولها الرئيسان الجزائري والفرنسي عند زيارة الأخير للجزائر في ديسمبر من العام 2007 . كما أحدثت ضجة إعلامية واسعة في فرنسا حيث تناولها برنامج 66 دقيقة بقناة M6 وصحيفة لوموند كما وجه ساركوزي ووزيرة العدل رشيدة داتي رسالة إلى الرئيس الجزائري بوتفليقة تدعوه إلى إسترجاع الطفلة . وقد رفعت الأسرة الجزائرية قضية ضد القناة الفرنسية التى صورت الفرنسي على أنه يعاني أزمة نفسية جراء فقدانه إبنته وطالبت وزير الخارجية والقنصل العام للجزائر بباريس بمقاضاة القناة . كما طالبت خالة الطفلة صافية من الشيخ القرضاوي على صفحات موقع اسلام أونلاين الذى أورد القصة التدخل لدى الرئيس الجزائري لإبطال الحكم الذى صدر لصالح الفرنسي وقالت بأن الرئيس وحده من يستطيع مراجعة الحكم المتسرع الذى إتخذته المحكمة .
 
 
تسريب صور لأوباما بلبسان تقليدي كيني سرب القائمون على الحملة الإنتخابية للإنتخابات التمهيدية لزوجة الرئيس الأمريكي الأسبق هيلاري كلنتون صور لموقع ” دراج ريبورت ” لمنافسها باراك حسين أوباما تظهره في لباس تقليدي كيني لتقول بأنه يخفي إسلامه, ونفي مدير حملة أوباما ذلك وأكد أنه مسيحي يزور الكنيسة منذ 20 عاما .
 
 
تونس وفيتنام تبرمان اتفاقا لتطوير إنتاج حقول نفط  تونسية حسب موقع فيتنامي يدعى Le Courrier Du Vietnam فقد اتفق الجانبان التونسي والفيتنامي على توقيع عقدين لتطوير حقلي بترول (تانيت وقلالة) بتونس. الملاحظة التي يمكن استنتاجها من خلال هذا الاتفاق هو عجز السلطات التونسية عن تكوين شركة للتنقيب واستغلال وتطوير حقول النفط بالبلاد التونسية قادرة على تحقيق الاكتفاء الذاتي في مجال الاستكشاف في حين أن دولة مثل فيتنام الخارجة منذ سنوات قليلة من الحصار استطاعت أن تقوم بتكوين شركات في مجالات عدة منها النفط وصناعة السيارات مما يدلل على فشل السياسة التعليمية في بلادنا التي فشلت في تكوين إطارات تونسية قادرة على تحقيق الاكتفاء الذاتي في مجالات حيوية كصناعة النفط مثلا واكتفاء جامعاتنا بتخريج الآلاف من أصحاب الشهائد العاطلين عن العمل.
 
المصدر : السبيل أونلاين , بتاريخ 26 فيفري 2008

ياسن الجلاصي لـpdpأنفو”:

المستهدف من اعتقالي هم الشباب الديمقراطي التقدمي والحزب من ورائهم

 
بعد قرابة الخمسة أشهر من الاعتقال والظلم، أطلق سراح الشاب الديمقراطي التقدمي محمد ياسين الجلاصي . ياسين أو مهدي كما يناديه رفاقه و أحبائه كان قد اختطف من منزله أواخر سبتمبر 2007 قبل أن توجه له تهم الإرهاب التي ثبت زيفها وبطلانها .   ويكشف ياسين في حوار خص به” pdpأنفو ” عن تفاصيل اعتقاله وما تعرض له من عنف وتعذيب في مخافر” الأمن “.   Pdp*أنفو :لو تحدثنا بالتفصيل عن عملية الاعتقال اللا قانونية التي تعرضت لها وأنت في بيتك؟   *ياسين: الحادثة تمت يوم الأربعاء الموافق لـ 26 سبتمبر 2007 على الساعة 8.30 صباحا،إذ حضر عونا أمن الى البيت وقاما باصطحابي الى مصلحة أمن الدولة متعللين برغبتهم في طرح بعض الأسئلة في مدة وجيزة لا تتجاوز النصف ساعة أعود بعدها الى المنزل . والغريب انهما لم يبرزا لي أية وثيقة تثبت الجهة التي ينتميان إليها . وهو خرق قانوني فاضح و واضح.قالا أنهما سيصطحبانني إلى منطقة الأمن ببن عروس فإذا بهما ينقلانني مباشرة إلى مصلحة أمن الدولة وسط العاصمة وهناك بدأ طرح الأسئلة لكن بعنف شديد وترهيب. عائلتي حاولت البحث عني في مختلف مراكز الأمن وفي مقر وزارة الداخلية دون جدوى ودون الحصول على أدنى معلومة ولكم أن تتصوروا معاناة والديّ وإخوتي وهم يبحثون عني دون أدنى إشارة لى المكان الذي اعتقلت فيه ولقد تواصلت هذه الحالة 8 أيام متتالية قبل أن يعلم بعض الأعوان عائلتي بمثولي أمام قاضي التحقيق .   Pdpأنفو : محاميك تحدث عن ظروف اعتقال سيئة للغاية وانتهاكات من قبل الأعوان .هل هذا صحيح؟   *ياسين: نعم للأسف. فقد قضيت 8 أيام في زنزانة انفرادية في مصلحة أمن الدولة تعرضت فيها إلى صنوف من الاعتداءات كالضرب والصفع والعف اللفظي .و ضروب أخرى من الاعتداءات أستحي من ذكرها . باختصار استجوابهم لا يخضع إلى ضوابط قانونية أو أخلاقية، يريدون الحصول على معلومة فحسب حتى و إن كانت لا تمت إلى الواقع بصلة، حتى وان اضطروا إلى انتزاع اعترافات بالقوة تكون مجانبة للحقيقة. وتحد التهديد والعنف أجبروني على التوقيع على محضر لم أتمكن حتى من قراءته.   Pdpأنفو : الكل يعلم أن التهم التي وجهت إلى ياسين الجلاصي لها خلفية سياسية واضحة أي في علاقة بنشاطك النضالي صلب الحزب الديمقراطي التقدمي . هل أثر الاعتقال على ما تتبناه من أفكار تقدمية وما كرست له وقتك وجهدك لتناضل من أجله؟   *ياسين: أنا متأكد أن المستهدف في هذه الواقعة ليس ياسين الجلاصي لشخصه وانما عموم الشباب الديمقراطي التقدمي والحزب من ورائهم.غاية الحكم ضرب عزيمة الشباب وترهيبه ليبتعد عن ساحات النضال والاهتمام بالشأن العام . لاحظوا الدور الذي قمت به إعلاميا و سياسيا وميدانيا خلال فترة إضراب الجوع الذي خاضته كل من الامينة العامة للحزب والاخ نجيب الشابي مرشح الحزب لاستحقاق 2009 الانتخابي.فحاولوا استهدافي لثنيي عما أقوم به.   و الأكيد أن النضال له ضريبته، فالحرية التي نطمح إليها والديمقراطية التي ننشدها تتطلب جهودا وتضحيات من الجميع المهم أن تكون قضايانا العادلة ووطننا نصب أعيننا.   Pdpأنفو : من المؤكد أنك سمعت عن لجان المساندة التي تشكلت للدعوة إلى رفع المظلمة عنك بالإضافة إلى دور “التقدمي ” في التعريف بقضيتك في كل المحافل الوطنية .كيف تقبلت ما بذل من مجهودان لفائدتك؟   *ياسين: كانت تصلني باستمرار أخبار نضالات الرفاق والإخوة داخل الحزب وخارجه للدفاع عن حقي في الحرية .كل ما لقيته من مساندة ودعم يثبت أنني لست بمفردي وان عائلتي لن تعاني بمفردها . فالدور المحوري الذي قام به الحزب ولجنة المساندة الوطنية وعلى رأسها السيد المناضل خميس الشماري وبقية المناضلين كان سببا مباشرا في إطلاق سراحي .ثم إن العائلة حدثتني عن الدعم المعنوي والمادي الذي لقيته من الحزب الديمقراطي التقدمي أثناء فترة اعتقالي.لا يسعني إلا أن أشكر كل من ساند ودعم في تلك الظروف الصعبة وأحييهم على الشجاعة وروح النضال التي تميزوا بها. أرجو كذلك أن يكون إطلاق سراحي مقدمة لإطلاق سراح رفيقنا وحيد براهمي وكل المساجين السياسيين في تونس.إذ أنه من غير المعقول اليوم في تونس أن يسجن مواطن لمجرد أفكاره وانتمائه السياسي .   حاوره: إسماعيل دبارة   مراسلة خاصة بموقع الحزب الديمقراطي التقدمي   (المصدر: موقع pdpinfo بتاريخ 26 فيفري 2008)    


اخبار قصيرة من الموقف

 

 
حوار في “منتدى 18 أكتوبر”   نظم “منتدى 18 أكتوبر” يوم الجمعة 15 فيفري ندوة فكرية بمقر الحزب الديمقراطي التقدمي بالعاصمة حاضر فيها الأستاذ صلاح الدين الجورشي حول “الهوية العربية الإسلامية والديمقراطية”. وأتت الندوة استكمالا لمثيلتها التي انعقدت قبل خمسة أسابيع بمقر التكتل الديمقراطي وحاضر فيها الأستاذ عياض بن عاشور حول “الإسلام والديمقراطية”. وتندرج المحاضرتان في إطار الحوار الذي تنظمة “هيئة 18 أكتوبر للحقوق والحريات” حول محور علاقة الدين بالدولة في النظام الديمقراطي. ومن المنتظر أن يُختتم الحوار حول هذه المسألة بوثيقة مشتركة تحدد نقاط الاتفاق، على غرار الوثيقتين السابقتين المتعلقتين بالمساواة بين الجنسين (مارس 2007) وحرية الفكر والعقيدة (أكتوبر 2007). والجدير بالذكر أن الهدف من هذا الحوار هو بلورة مدونة سلوك تؤسس لميثاق ديمقراطي بين مختلف مكونات هيئة 18 أكتوبر للحقوق والحريات.   هيئة 18 أكتوبر وضعت رزنامة عمل   عقدت “هيئة 18 أكتوبر للحقوق والحريات” اجتماعها الدوري يوم الخميس 7 فيفري الجاري وتمحور النقاش في هذا الاجتماع حول موضوع “انتخابات 2009”. وأفرز الحوار الذي جرى في أجواء اتسمت بالصراحة تمسك كل مكونات الهيئة بمواصلة العمل المشترك وفقا للأرضية المشتركة وذلك بقطع النظر عن عدم التوفق إلى موقف موحد من تلك الانتخابات، وهو أمر ليس مطروحا اعتبارا لأن “هيئة 18 أكتوبر” ليست جبهة سياسية في الوقت الراهن وبالتالي فهي ليست مطالبة بمثل ذلك الموقف.   وتم الاتفاق إثر هذا الاجتماع على تكوين لجنتين تتولى الأولى بلورة رزنامة عمل حول محور الفساد واستقلالية القضاء والثانية حول محور الحريات والعفو التشريعي العام وشروط الانتخابات الحرة. كما تم الاتفاق على تنظيم اجتماع حول مسألة عقوبة الإعدام بمناسبة الأحكام الصادرة في قضية “مجموعة سليمان”، وهو الإجتماع الذي انتظم يوم الخميس 14 فيفري بمقر “التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات” (انظر ص 2.).   انتظار   على رغم المدة الطويلة التي أمضاها الصحفي والناقد السينمائي المعروف خميس الخياطي في مؤسسة الإذاعة والتلفزة التونسية، مازالت المذكرة التي تقدم بها إلى رئيس المؤسسة بلا جواب. وتضمنت المذكرة اقتراحات بشأن أعمال تلفزية كان الزميل الخياطي ينتظر أن يتلقى جوابا عليها بالسلب أو بالإيجاب، لكن انتظاره طال وبقي في وضع قائم لا يدري ماذا يفعل، علما أن الشغل مع التلفزة التونسية كان مهنته الأساسية.   عقاب … جبائي؟   يُروج محام على علاقة وطيدة بأوساط متنفذة أنه يتعرض هذه الأيام لمساءلة ومحاسبة من المصالح الجبائية. ومعلوم أن كثيرا من المحامين الناشطين في الأوساط الحقوقية والسياسية تعرضوا في الفترة الأخيرة إلى حملة مراقبة جبائية اعتبرت جزءا من الضغوط المسلطة عليهم. فهل أن ترويج ذلك المحامي لكونه ضحية لرقابة جبائية يندرج في إطار محاولة نفي الطابع السياسي للحملة التي يتعرض لها زملاؤه؟   تحجيم الدائرة السياسية   اتخذ وزير الخارجية الفلسطيني بالنيابة رياض المالكي إجراءات تؤدي عمليا إلى تحجيم الدائرة السياسية لمنظمة التحرير الفلسطينية التي يوجد مقرها في تونس منذ سنة 1982. وقالت مصادر فلسطينية إن المالكي عزز سيطرته وصلاحياته الادارية على الدائرة بطلب من الرئيس محمود عباس تمهيدا لإلحاقها بوزارته حسما لصراع طويل ومرير بين السلطة الفلسطينية ورئيس الدائرة السياسية فاروق القدومي.   رحيل أحد رواد قطاع النفط في تونس   لبى داعي ربه المهندس المعروف السيد عبد الواحد الزميتري الذي لعب دورا رائدا في تأسيس قطاع الطاقة في بلادنا يوم 11 فيفري الجاري ببنزرت. وكان الراحل المتخرج من جامعة غرونوبل اصطدم في بداية حياته بالشركات الإيطالية المسيطرة على قطاع النفط في البلاد آنذاك، ثم أصبح مديرا في الشركة التونسية للأنشطة البترولية حيث انطلق لتأسيس ذراعها التنقيبية “الشركة التونسية للتنقيب” سنة 1981 التي صار رئيسها. واستطاع من هذا الموقع التخفيض من تكلفة التنقيب بالإعتماد على كفاءات تونسية. وانتقل بعد ذلك إلى رئاسة ديوان المناجم لكنه عارض التفويت فيه للقطاع الخاص وقدم خطة بديلة لإنقاذه وتحسين أدائه تُمكن من المحافظة على 400 موقع شغل، لكن الخوصصة تمت وأعيد إلى العمل في الشركة التونسية للأنشطة البترولية. ولم يكن الراحل مشاركا في أي نشاط سياسي لكنه كان وطنيا يدافع عن رؤية شاملة للنهوض بقطاع الطاقة في بلادنا، ويُشكل فقدانه خسارة للمجموعة الوطنية.   الأستاذ الخصخوصي يكتب لـ”الموقف”   يشرع الأستاذ أحمد خصخوصي الأكاديمي والسياسي المعروف في نشر سلسلة من المقالات الإجتماعية الثقافية الطريفة على أعمدة “الموقف” بداية من العدد المقبل. والأستاذ الخصخوصي الذي يملك تجربة سياسية وجامعية طويلة كان عضوا في مجلس النواب (1994 – 1999) وهو المنسق العام لحركة الديمقراطيين الإشتراكيين ورئيس قسم العربية بكلية الآداب والعلوم الإنسانية 9 أفريل بتونس.   (المصدر: موقع pdpinfo نقلا عن صحيفة “الموقف”، العدد 440 بتاريخ 22 فيفري 2008)


ما قبل الانتخابات الرئاسية التونسية لسنة  2009  بعض سيناريوهات

 

د. حسين الباردي/ محامي لدى القضاء الفرنسي لعلّ البعض سيرى في استعمال صيغة الجمع الواردة بالعنوان (سيناريوهات) نزوعا منا إلى الاستفزاز، بدعوى أنّ الانتخابات في تونس لا تحتمل أكثر من سيناريو يتيم، يتمثل في “الفوز المبرمج” لمرشح الحزب الحاكم، خلال مسرحيّة إنتخابية هزلية/مأساوية ليس للشعب التونسي فيها من “صوت” غير التندّر في إطار حلقات الأصدقاء الضيقة (ما جرى مؤخرا لــ”كتكوت ولد باب لله” يندرج ضمن تلك “البيداغوجيا القمعية”، الرامية إلى تحريم التندّر العمومي بـ”أولي الأمر… و الزجر”). فمن غير الوارد بتاتا (بحسب هذه الذهنية)، أو بعبارة أصح من غير المُباح، تخيُّل سيناريو آخر غير الذي “ينبغي أن يكون”… البعض الآخر سيرى في الحديث عن “سيناريوهات انتخابية” في تونس بالذات ضربا من السذاجة أو حتى البلاهة السياسية، وذلك تقريبا للأسباب عينها… و لكن لمّا كنّا ننتمي إلى تلك الفئة من الناس الذين يميزون الإنسان عن غيره من الكائنات بحسب قدرته على التخيّل و التصوّر (1) فإننا نعتذر مسْبقا لدى “الفَطِنين الأشقياء” وكذلك “أصُولِيي” وحدانية الترشح وإن استطعنا إلى ذلك سبيلا– نهدئ من روعهم  ونطمئنهم بالقول أن ليس كل ما سيقرؤونه هنا قابلا للتحقق بحذافيره…وعليه “إن صحّ قولكما فلست بخاسرٍ أو صحّ قولي فالخسارة عليكما”. السيناريو الأوّل : الإقصاء ومزيدا من الإقصاء السلطة تسن قانونا جديدا يستحيل بموجبه قبول ترشحات مستقلة لا تُرضيها، هذا ليس بالمستبعد بتاتا، فالحاكم التونسي عودنا “بقدرته الخارقة” وجرأته “اللامعة” على فبركة المعايير التشريعية الاقصائية قُبيْل كل انتخابات رئاسية يتم بمقتضاها سَدّ باب الترشح “القانوني” أمام المنافسين غير المرغوب فيهم. مما يجعل الوضعية السياسية في تونس لم تتغير منذ الانتخابات الأخيرة سنة 2004. أي أن السلطة لم تستخلص الدروس من فشلها الذريع في “إقناع” المعارضات الديمقراطية (بإستثناء التجديد/المبادرة الديمقراطية) بالانخراط في العملية الانتخابية، وإخفاقها المكشوف في تسويق الاستحقاق لدى الرأي العام الوطني والعالمي، على أنه “فعلا” نظاما ديمقراطيا، تعدديا ونزيها. وبالمقابل  فقد حققت المعارضة الديمقراطية والوطنية بعض المكاسب حيث استطاعت اجتذاب أعداد لا يستهان بها من التونسيات والتونسيين الذين يطمحون إلى التغيير الحقيقي ويُبدون استعدادا جديا لخوض المعارك من أجل عدم الرسوب السياسي في نفس المكان. كذلك نجح البعض من هذه المعارضات في التواصل  تقريبا مع جل جهات البلاد محققا بذلك عمقا “معارضيّا” جغرافيا و بشريا كانت تفتقره في السابق(2). بالإضافة إلى ذلك فقد أفرزت الساحة السياسية التونسية خلال السنوات الأخيرة قيادات سياسية مؤهلة أكثر من ذي قبل لحمل لواء التغيير الديمقراطي، والتعبير عن هموم ومعاناة الشعب التونسي، الذي سئم وقائع التزوير المختلفة، ومظاهر العسكرة المبثوثة في المجتمع الذي بات يعاني من تفشي البطالة والرشوة والمحسوبية وانتشار الإجرام  والفساد بشتى أشكاله الذي انعكس سلبا على الحياة العامة، وبقيت السلطة التونسية استثناء أمام المتغيرات الدولية الكبيرة مما جعلها وكأنها بطريقة لاشعورية تسعى إلى”كسرِ ذاتها” من خلال اختيار “الحل” الأسهل حسب وجه نظرها الذي يسمح لها بإعادة إنتاج سريعة وقصيرة النظر لهيمنتها المطلقة و اللامشروعة، مُجازِفة في ذلك بدفع المجتمع الى شفير الهاوية. ذلك أن الكلفة السياسية والإقتصادية والإجتماعية والدبلوماسية لمثل خيار لاعقلاني ستكون جِدّ مرتفعة، ولا أخال المستشارين الإستراتيجيين للنظام يجهلون ذلك. هذا السيناريو الأول يؤدي إذن إلى إبقاء دار لقمان على حالها. ومع ذلك هيهات أن تستمر الوضعية على ما هي عليه من إنغلاق وإقصاء وتفرد بالسلطة وتفريط في القطاع العام و تبخيس للشغل والشغالين وغير ذلك من مظاهر التسلط والتهميش والفساد. فالشعب التونسي، كما قلنا آنفا، تقيّأ هذه الأساليب المنافية لأبسط مقومات الحداثة (لا سيما السياسية) ولا نحسبه، وهو الذي أنجب “أبو القاسم الشابي”، سيرضى بتمادي الاستهتار به. إحدى بوادر انعتاق الشعب التونسي من اسر السياسة الأحادية اختيار ترشيح “الحزب الديمقراطي التقدمي” ممثلا في الأستاذ أحمد نجيب الشابي (الأمين العام السابق و رئيس تحرير جريدة “الموقف” المعارضة) لخوض معركة الإنتخابات الرئاسية سنة 2009. و “الديمقراطي” دون أن يرقى إلى مستوى ما يُعرف بالأحزاب الجماهرية (الشىء الذي تخشاه ولا تسمح به السلطة المسئولة أساسا على احتكار وسائل الإعلام الشعبية المرئية و المسموعة و المكتوبة و قتلها للفضاءات العمومية و تنكيلها المستمر بمعارضيها،.الخ) يُحضى بتمثيلية وطنية لا يمكن إنكارها ويتمتع بمصداقية نضالية غنية عن التعريف علاوة على توافره على عدد لا بأس به من الكوادر و منظمة شبابية تمنحه إطلالة على المستقبل لا يستهان بها. الإيجابي في هذه المبادرة (علاوة على إختيارها الرجل المناسب) هو استباقها للفعل الحكومي وقطعها مع “الإنتظارية” التي تشلّ حركة المعارضة و تبقيها مرتهنة أبدا بما ستتفضل –أو لا تتفضل– به السلطة التي يُستبعد، منطقيا، أن تشجع خصومها على إفتكاك مواقعها أو مزاحمتها عليها (فما بالك مشاركتها في الحكم أو إزاحتها منه…. هذا التعاطي يفترض بطبيعة الحال الاعتراف المسبق بالاختلال لموازين القوى وعدم تكافؤ فرص الترشح وغياب أبسط قواعد التنافس النزيه، ناهيك عن إمكانية إيصال خطاب مغاير للجمهور والإحتكام الشفاف إليه خلال الحملات الانتخابية… الشيء الذي يعطي لمبادرة ” الديمقراطي” نفسا إراديٍّا (وليس “إرادويٍّا” كما يتصور بعض الأصدقاء) نحن اليوم في أمسّ الحاجة إليه بعد فشل كل المحاولات “الوفاقية” في “التنفيس” عن حالة الإختناق السياسي التي آلت إليها السياسة المتكلّسة للسلطة الإستبدادية. المرور مباشرة، هنا والآن، لممارسة الحق الطبيعي (والدستوري) في الترشح لرئاسة الدولة  –بالطريقة وبالشروط وفي ضل الظروف الآنف ذكرها– يشكل دون أدنى شك خطوة جريئة تخطوها الحركة الديمقراطية التونسية باتجاه التسريع للدخول في الزمن الديمقراطي الذي طال تأخرنا في اللحاق به. إنه ليس تحدّ للسلطة بقدر ما هو استجابة لنداء الواجب التاريخي الذي أخفق ساستنا وجزء كبير من “معارضتنا” في إدراجه ضمن حساباتهم (كي لا نقول أولوياتهم). فهل نحن نود فعلا الانخراط في الزمن المعاصر بحداثته الحقة وليست المزيفة أم أننا لا نكترث بما يجري حولنا ونمعن في المكوث خارج التاريخ صاغرين ؟ المبادرة بالترشح هي إذن حق وواجب الغاية منه ليست “بيداغوجية”، مثلما قد يبدو للبعض، فقد تكفل مرشحين سابقين (مثل السادة : الحزقي والمرزوقي و الحلواني) بأداء هذا الدور الضروري وحان الوقت اليوم للمرور إلى “ما بعد البيداغوجيا” ! أي العمل على خلق حالة نوعية كفيلة برفع سقف طلبات المعارضة و الارتقاء بها إلى مستوى التحدي الوحيد الذي لم يعد ممكنا تفاديه ألا و هو الإصداع والعمل الجاد دونما تردد أو إرتباك من أجل تحقيق شروط التداول الديمقراطي على الحكم. ردة فعل السلطة ستتراوح على الأرجح بين موقفين رئيسيين : التعاطي البوليسي المحض عبر “تجريم” من سيوصفون بأنهم خارجين على “القانون”. ولكن لا الرأي العام الوطني و لا الرأي العام العالمي ستنطلي عليه الكذبة. فالحزب الديمقراطي التقدمي، كما يعلم القاصي والداني، حزب قانوني، ينبذ العنف، متمسكا بالشرعية وتمثيليته الفعلية تتجاوز بكثير تمثيلية أحزاب “المعارضة” المتواجدة بالبرلمان حسب إرادة السلطة ! هذا وما جدوى أن تٌسند تأشيرة العمل السياسي المباح للديمقراطي إن حُرِّمت عليه بعد ذلك المشاركة الحرة في الانتخابات الرئاسية ؟ أما في خصوص الشروط المنصوص عليها بالفقرة 3 من الفصل 40 من الدستور التونسي والتي استُثنِى حصْرا العمل بها خلال الانتخابات السابقة وفق القانون الدستوري رقم 34 لسنة 2003 (13 ماى 2003) [إمكانية ترشيح أعضاء الهياكل العليا للأحزاب المتوافرة على نائب برلماني فأكثر، شريطة أن يكون للمرشح أقدمية لا تقل عن خمس سنوات في موقعه القيادي] فهى تكريس للطبيعة “الزبائنية” للحكم ولا يمكن بأي حال من الأحوال إعتبارها معيارا ديمقراطيا صادقا يصلح لِوزن التمثيلية الحقيقية للأحزاب المعنية. نحن لا ننتمي إلى “ااالحزب التقدمي الديمقراطي” ولا نعرف بالضبط نوعية الإستراتيجية التي ينوي العمل بها في صورة ما إذا استهدفته الآلة القمعية للسلطة. كل ما نعلمه هو أن الخيار الذي أقره المؤتمر الرابع لـ”ح. د. ت.” و الذي تجسد في بيان اللجنة المركزية الأخير يدل بما لا يدع مجالا للشك على إصرار “التقدمي” خوض المعركة الإنتخابية بكل قواه وتمسكه القوي بحقه في المشاركة في الانتخابات بطريقة سلمية … وإن أمكن قانونية. ستتحمل إذن السلطة أمام التاريخ والرأى العام المحلي والدولي تبعات القمع الذي قد تسلطه على حزب قانوني سلمي ينبذ العنف، سوف لن يرتكب من “جرم” سوى ممارسة حقه المشروع[3] والغير قابل للتنازل في الإحتكام ديمقراطيا للشعب التونسي بخصوص من يراه الأجدر بمنصب رئاسة الدولة. التعاطي الثاني للسلطة مع موقف التكريس الميداني لحق الترشح الذي اختاره مرغما “الديمقراطي” قد يكون التجاهل وعدم المبالاة مع رفض “تقنين” ترشح الأستاذ الشابي  من طرف المجلس الدستوري و(كالعادة) استنفار الأجهزة الإيديولوجية بغرض إحداث أقصى درجة من التشويش كي لا يُسمع خطاب هذا المرشح الأول للمعارضة. و طبعا فإن الفضاءات العمومية ستضل مغلقة في وجه مرشح الحزب المعارض والإعلام السمعي والبصري والمكتوب كذلك… إنها سياسة التعتيم والخنق المنهجي التي ما انفكت تمارسها السلطة تجاه كل خصومها (أفرادا وجماعات) والتي نجحت بواسطتها، إلى حد الآن، في تهميش الكل ! و هو واقع خبرناه (و لن نألفه البتّة ! ) وللأسف الشديد لم نهتد بعدُ –بشكل مستديم– إلى استكشاف ثغراته و لا نقاط ضعفه (ما عدا بعض الاستثناءات كإضراب الجوع الجماعي بمناسبة القمة العالمية لمجتمع المعلومات الذي تمخضت عنه حركة 18 أكتوبر للحقوق و الحريات..)  فهل سيوفق الحزب الديمقراطي التقدمي في تفادي هذه العقبة الكأداء وتجاوزها ؟ ذاك ما نأمله. السيناريو الثاني : الاّموقف… و الإقصاء دائما : السلطة تختار الرجوع إلى حالة ماقبل قانون 2003 الدستوري الذي، كما أشرنا سابقا، وقع سَنّه “بصفة إستثنائية” قصد “السماح” لأحزاب المعارضة الوهمية –التي ليس بمقدورها تلبية شروط الفقرة 3 من الفصل 40 من الدستور– بالمشاركة في الانتخابات الرئاسية لسنة 2004. الأمر الذي سيؤدى أوتوماتيكيا إلى إقصاء كل المعارضات القانونية  الفعلية كما “الكارتونية” باعتبار أن أي منها باستطاعته جمع الـ 30 إمضاء من النواب البرلمانيين أو رؤساء البلديات. و يجدر التذكير في هذا الصدد أن “المحاصصة” التي قررها النظام منذ 1998[4] –ممنوع الضحك و “التنكيت” و إلاّ وقع إلقاء القبض عليكم جميعا بتهمة تعاطي المخدرات– تقضي بـ”إسناد” %20 “على الأقل” من مجمل مقاعد االبرلمان البالغ عددها حاليا 189 مقعدا، للأحزاب “المنسجمة” التي فازت (بمرضاِته : 14 مقعدا لحركة الديمقراطيين الاشتراكيين 11 مقعدا لحزب الوحدة الشعبية ؛ 7 مقاعد للإتحاد الديمقراطي الوحدوي[5] ؛ 3 مقاعد لحزب التجديد (الحزب الشيوعي التونسي سابقا) ؛ مقعد للحزب الاجتماعي التحرّري باعتبار أن المقعد الثاني ورثه [6]”حزب الخضر من أجل التقدم” الذي أسسه النائب الوفي جدا منجي الخماسي وهو حزب وهمي (حتى اسمه غير موجود على الموقع الرسمي للبرلمان التونسي بالأنترنات ! ) حصل على التأشيرة في وقت قياسي (4 أشهر !) و لا يحضى بإعتراف الخضر الفرنسيين و لا الخضر الأوروبيين الذين يعتبرون أن الحزب البيئي الحقيقي في تونس هو حزب “تونس الخضراء” الذي ترفض السلطة منذ سنين عديدة “منحه” التأشيرة… و الحقيقة أن عملية السطو “الخاطفة” التى استهدفت الحزب البيئي في تونس –بإيعاز من السلطة طبعا– ترمي أساسا إلى إجهاض مبادرة السيد عبدالقادر زيتوني بتأسيس “تونس الخضراء” الذي تقدم بمطلب التأشيرة بتاريخ 19 أفريل 2004 ؛ باعتبار وأن المادة السادسة من قانون الأحزاب تنص على أن : “لا يتكون حزب سياسي لاا إذا كان في مبادئه واختياراته وبرامج عمله ما يختلف عن مبادئ واختيارات وبرامج عمل أي حزب من الأحزاب المعترف بها قانونيا.” و لكن بما أن التجمع الدستوري الديمقراطي حريصا كل الحرص على إكساء الانتخابات المقبلة بالصبغة “التعددية” اللازمة حتى تبدو تنافسية… وبالتالي ديمقراطية، فمن المرجح –في صورة تحقق هذا السيناريو– أن “يُعِير” نوّابه ورؤساء بلدياته للتلامذة النجباء من بين أحزاب المعارضة الوفية (الكارتونية) كي يتسنى لهم لعب الدور المناط بعهدتهم في تأثيث “الديكور التنافسي”. أما أولئك المغضوب عنهم فسيُطلب منهم احترام القانون (لن يفوتهم، بالمناسبة، التذكير بأنه صادر باسم الشعب التونسي المسكين) والتزام الصمت وإلا حُلت أحزابهم بتهمة “الإخلال بالنظام العام”[7]…  وإن اقتضى الأمر طُبِقت عليهم مواد ذاك السلاح الجهنمي الفتاك : قانون “مقاومة الإرهاب”… هذا السيناريو وارد و لكنه من الممكن أن يفضي في المدى القريب والمتوسط إلى أزمة لربما كانت خانقة للسلطة. لذلك نستبعد حصوله لا سيما وأن النظام (شأنه شأن الأنظمة المستبدة) يسعى قدر المستطاع إلى إطالة “أمل حياته” ويختار (هكذا يريد المنطق الذي لا يرحم) من بين الوسائل المتاحة تلك التي تطيلها أقصى ما يمكن. السيناريو الثالث : “الإنفتاح” والتنافس المغشوش… السلطة تسنّ قانونا يخول للمعارضة الديمقراطية الفعلية المشاركة في الانتخابات الرئاسية لسنة 2009 . ما هى تداعيات مثل هذا القرار بالنسبة لها (أى السلطة) و بالنسبة للأحزاب المعنية ؟ تجدر الملاحظة قبل الخوض في هذا الموضوع إلى أن الدولة التونسية (من بين الدول العربية قاطبة) هي الدولة الوحيدة (مع سوريا وليبيا،) التي تُقصي كليا إسلامييها المعتدلين (حركة النهضة) من حق التواجد السياسي. هكذا قرر الحاكم التونسي اعتباطا بأن لا وجود لحركة سياسية إسلامية في تونس الدولة التي يُقرّ دستورها في فصله الأول أن دينها الإسلام ! إذا بدأنا بدول الجوار سنجد أن الإسلاميين المعتدلين (أي أولئك الذين نبذوا العنف واعتنقوا الطرق السلمية في العمل السياسي وصادقوا على الالتزام بقواعد التعامل الديمقراطي والتداول السلمي على السلطة) بالجزائر يشاركون في الحكم. بالمغرب لهم تمثيل برلماني و نشاط علني مقنن. وفي باقي الدول العربية  ترى الأحزاب الإسلامية المعتدلة تشارك في الحياة السياسية وممثلة بالبرلمان في كل من موريتانا و الأردن ولبنان و اليمن و فلسطين المحتلة والعراق المحتل. أما مصر حتى و إن تمادت في رفضها المتعنت للاعتراف رسميا بالإخوان المسلمين (أساسا) فهي “تسمح” لهم إجمالا بالتواجد العلني و تقبل بتمثيلهم البرلماني دون منحهم الغطاء القانوني. تبقى إذن الحالة التونسية على استثنائها الدائم بالرغم من أن “حركة النهضة” تُعدّ من أكثر الحركات الإسلامية العربية (و حتى العالمية) اعتدالا. هذا “الظلم القانوني” يطال أيضا حزب “المؤتمر من أجل الجمهورية” وأحزابا يسارية مثل “حزب العمال الشيوعي التونسي” و “حزب العمال الوطني الديمقراطي” كما لم يفلت من شباكه حتى حزب بيئي مثل “حزب تونس الخضراء” ! لنعد بعد هذا القوس المؤسف والمؤلم في الآن إلى تداعيات القرار المُفتَرَض والقاضي بالسماح للأحزاب القانونية بالمشاركة في الاستحقاق الانتخابي المقبل. فيما يتعلق بالسلطة أولا : إن الربح الذي من الممكن أن تحصل عليه كبير جدا نظرا لاختلال موازين القوى الواضح لصالحها. فالتجمع الدستوري الديمقراطي حزب جماهيري (لأسباب يطول شرحها و إن كانت في الحقيقة بديهية) يتماهى مع إمكانيات الدولة و أجهزتها و مؤسساتها و ليس في استطاعة أحزاب المعارضة اليوم –حتى وإن جمّعت قواها– زحزحته عن الحكم. والذي نعنيه بالربح فهو ليس الفوز بالانتخابات (رئاسية كانت أو تشريعية) –هذا من باب المحصل– و إنما شيء أخطر من ذلك وأسمى منه بكثير ألا و هو “السمعة الديمقراطية”. فالتعددية حتى لو انحصرت في هذا المستوى الضيق والمحدود دون أن تتعداه إلى تبعاته ونتائجه المنطقية [المتمثلة عموما في تحييد أجهزة الدولة وضمان تكافؤ فرص المترشحين في تبليغ مضامين خطاباتهم للناخبين والمساواة بينهم خلال الحملات وضمان نزاهة وشفافية العملية الانتخابية عبر السماح للجمعيات المحلية والدولية الغير حكومية –المستقلة فعلا– بممارسة رقابتها الحرة على العملية برمتها مع الاعتراف بإلزامية قرارات المحكمة الدستورية المستقلة فيما يتعلق بالطعون الانتخابية،… الخ] ستبدو للجميع على أنها انفراج كبير في الوضع السياسي بالبلاد و تقدم هام جدا على طريق دمقرطة تونس. واعتقادي يكاد يكون جازما في أن الأثر الذي سينجم عن كهذا قرار –إن تم اتخاذه– سوف لن ينحصر في حدود “الواجهة الديمقراطية” للسلطة وسيطال مواطن القرار صلب أحزاب المعارضة وهيئات المجتمع المدني… و بعبارة أخرى فإن السلطة ليس لديها ما تخسره باتباع هذا التمشى، بل أكثر من ذلك ستكون المستفيد الأكبر منه. فيما يتعلق بالمعارضة والذي يهمنا هنا أساسا هو المعارضة الفعلية و ليست المعارضة الوهمية التي ترتشي سياسيا بالمقاعد الجانبية (“سترابنتان”) أما فيما يتعلق بحركة التجديد فهى لم تجرؤ لحد الآن على استخلاص العِبرة من تجربتها البرلمانية المحدودة و التي –والحق يقال– “هزيلة النتائج”، كما أنها للأسف الشديد خيبت آمال الكثير من المستقلّين سواء كان في علاقة بالمبادرة الديمقراطية أو بالانفتاح الحزبي اللذان بددا أحلام الكثيرين من النشطاء والمناضلين الصادقين فيما يتعلق ببناء قطب “المعارضة الديمقراطية… التقدمية”. هذا وتبقى مع ذلك الحركة صاحبة موروث حزبي عريق نرفض أن نسلم –مثلما يذهب إلى ذلك بعض الغلاة– بـ”إفلاسها” النهائي وفقدانها للدور الوطني والديمقراطي الذي احتلت مرات عديدة صدارته. وسنضل مؤمنين بأن “التجديديين” الحريصين على تغليب المصالح المشتركة بين كل الديمقراطيين سينجحون في تجذير حركتهم صلب المشروع التغييري وسينتهون من جديد إلى احتلال موقعهم الطبيعي داخل المعادلة “المعارضية” المبنية على المعاداة الصريحة للاستبداد و روح التسامح ونبذ الإقصاء. المعارضة الفعلية تتركب إذن من مكونات المجتمع المدني الحريصة على المحافظة على استقلاليتها تجاه الحزب/الدولة وكذلك الأحزاب القانونية والمحظورة المنفتح بعضها على بعض بصفة جدلية، علاوة على الشخصيات الوطنية والمناضلين الديمقراطيين غير منتظمين بتلكم الأحزاب والذين يسعون جاهدين لتذليل العوائق “الذاتية” التي تحول دون التغيير… بإمكان هذه المعارضة (أو على الأقل الشق الأكبر منها) –و من واجبها– الاستفادة أقصى ما يمكن من هذه الثغرة المأمولة في “السدّ” الاستبدادي والعمل على توسيعها قدر المستطاع باتجاه توفير شروط تحققها الفعلي. أي، بعبارة أخرى، السعي الحثيث نحو “فرض” الشروط الدنيا للتنافس التعددي إمّا بواسطة المباشرة الميدانية للحقوق المغتصبة (من مثل الإعلام و الاجتماع والنشر والدعاية بشتى أنواعها…) دون ترقّب منحها من “أصحاب القرار” (المصابين بـ”فقر الدم الإصلاحي”) مع ما سيترتب عنه من ردّة فعل تسلطية عنيفة لدى الطرف المقابل… أو عبر التشهير الناجع وواسع النطاق بعدم احترام أدنى قواعد وشروط اللعبة التنافسية (وهو من الإيمان أضعفه! ). فالمشكل المستعصي الذي ستواجهه المعارضة الديمقراطية الفعلية ، في صورة تحقق هذا السيناريو، سيتمثل دون أدنى شك، في غياب الشروط العملية الدنيا للتنافس الحقيقي. فلا الإعلام الشعبي بشتى أنواعه (المهيمَن عليه والذي يحتكره الحزب الحاكم) سيعاملها بموضوعية على قاعدة التكافؤ ؛ ولا القاعات العمومية التي تؤم الجماهير الغفيرة ستفتح أمامها ؛ ولا اليافطات والصبّورات الإعلامية الإشهارية ستكون متعادلة ؛ وبعبارة مختصرة فإن الإمكانات المالية والمادية والبشرية والإعلامية ستشكو اختلالا هلاميا لصالح مرشح التجمع الدستوري الديمقراطي … فالحزب الحاكم تملّكَ الدولة قسرا (بعبارة أخرى رائجة “خوْصصها” لصالحه) و أستحوذ على كل أجهزتها ودواليبها إلى درجة يكاد يصعب معها اليوم التمييز بين ما تعود ملكيته للتجمع الدستوري و ما يرجع للشعب التونسي. ومع ذلك لا تتورع أبواق دعاية السلطة في الترويج صباح مساء لشعارات جوفاء من مثل “دولة القانون والمؤسسات” ! وعليه فالتحدي، كل التحدي، –في صورة الحال– يتمثل في مدى قدرة المعارضة الفعلية  على اختراق “السياج” الاستبدادي أو ابتكار و سائل اتصال وقنوات تعبير بديلة كفيلة بإيصال الرأي الآخر للتونسيين وردم ما أمكن من الهوة السحيقة التي ستفصل بين الخصوم. من غير الممكن أن نختم هذه الفقرة دون أن نتعرض ولو بإيجاز للتموقع والتمشي الإسلامي(النهضة). وحتى لا يساء فهمنا نسارع بالتذكير أننا لحد الآن أخترنا عدم التطرق للدور الإسلامي في الفقرات السابقة التي خصصناها لسيناريوهات يصعب فيها حتى على الأحزاب المعترف بها قانونيا الحراك السياسي. أما إذا افترضنا أن السلطة “ستسمح” للمعارضة الفعلية بخوض المعركة الانتخابية المقبلة فإنه يتعين علينا استفسار الموقف الإسلامي و مساءلته انطلاقا من نفس المبادئ الرامية إلى حشد و تجميع كل القوى السياسية التي تجتهد سويا من أجل توفير شروط التغيير الديمقراطي (التعددي المتسامح و اللاّإقصائي) و التعايش السلمي بين كل التونسيين مهما كانت انتماءاتهم العقائدية، الفلسفية، السياسية، الخ. الكل يعلم أن “النهضة” طرف في حركة 18 أكتوبر للحقوق والحريات التي “اختارت” عدم الانخراط –بصفتها تلك– في العملية الانتخابية وفظلت، لاعتبارات براغماتية غنية عن التعريف، ترك المجال لمكوناتها كي تعبر بكل استقلالية عن مواقفها المتباينة (حدّ التناقض) من الاستحقاق الآتي. الكل عبّر تقريبا عن موقفه بشكل أو بآخر ما عدا الإسلاميين لا يزالوا يلتزمون الصمت (على الأقل “رسميا” وحتى ساعة كتابة هذه المقالة). هذا السكوت يفسر في اعتقادي بسببين على الأقل : الأول يتعلق بالأولوية التي توليها الحركة الإسلامية التونسية لما يطلق عليه بـ”مسألة البناء الداخلي”. فالنهضة عرفت محنة رهيبة أنزلتها بها السلطة الإستبدادية (تعرضنا لها في مكان آخر بالفرنسية…) وهى على ما يبدو (أو هكذا يقال) لم تُضمّد بعد كل جراحها وأغلب قياداتها لا تزال مهجّرة (الأمر الذي يجعلها شبيهة بـ”حركة برأسين”) ؛ والسلطة المتغولة لم تفرج بعدُ عن كل مساجينها السياسيين ؛ وهى محظورة والمسرحين من أعضائها لا سيما القياديين منهم قيد الإقامة الجبرية (أو ما شابه) ويعانون من جبروت السلطة و تنكيلها بهم. وعليه فإن الحركة الإسلامية ترى أن ليس من مصلحتها البتة، في الوقت الراهن، خوض المعارك السياسية التي من شأنها أن تؤدي إلى مواجهات وصدامات مع السلطة قد تستثمرها  أحد الجهات التي تترصد مثل تلك “الفرص” للإنقضاض” عليها مجددا. السبب الثاني له صلة بمستقبل حركة 18 أكتوبر التي تعلق عليها “النهضة” على ما يبدو آمالا كبيرة وتعتبرها، حاليا، ذات أهمية أكبر من الانتخابات الرئاسية بشكل خاص. فالحركة الإسلامية ليست مرصوصة الصفوف بما فيه الكفاية ولا هى متهيئة لخوض مثل هذه الاستحقاقات، فضلا عن “غياب نضج الواقع الموضوعي بالبلاد التونسية” لتقبل العودة الإسلامية على الساحة السياسية…. أما عن شركائها في مشروع 18 أكتوبر فهي لا ترغب في “إغضاب” أي منهم ! لذلك وبالرغم من القواسم المشتركة التي تجمعها مع حزب كالديمقراطي لم تتجرأ على الإصداع بتأييدها لترشح الأستاذ الشابي. وهي كذلك، حسب رأيي، سوف تلتزم الموقف ذاته في صورة ما إذا عين التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات مرشحه للإنتخابات الرئاسية. تلك هي عموما الوضعية الحرجة التي توجد بها الحركة الإسلامية بتونس. غير أن “الصمت” لا يمكن أن يساوي موقفا سياسيا. وبالتالي كان أجدر بحركة النهضة أن تنخرط بشكل إيجابي في العملية السياسية الانتخابية عبر التقدم مثلا يمقترحات عملية تعكس تشبثها المعلن بوحدة مكونات 18 أكتوبر (ولربما حتى خارجها) وتقدم تصورا وخطة توافقية تساعد المعارضة الفعلية في التأثير الموحد على أرض الواقع من خلال رفع تحدي الاستحقاق الانتخابي المقبل. أما عن المانع المتعلق بـ”إعادة بناء الذات” فهو حسب رأيي واهي نظرا لكون الذات –هكذا علمنا التاريخ– لا “تبنى” خارج المعتركات و كما يقول “برتولد بريشت” : “يا أيها الإنسان ! الطريق ليس موضوع بحث، الطريق يُسطّر بالمشى !” و من لم يتعلم صعود الجبال  يعش أبد الدهر بين الحفر السيناريو الرابع : المناورة ! السلطة تسن قانونا إنتقائيا تُقصى بمقتضاه الحزب القانوني (“الديمقراطي”) الذي راكم في السنين الأخيرة “إختراقاته للخطوط الحمر” التي رسمتها هى والتي يمكن تلخيص أهم محطاتها في : التشهير بالتلاعب بالدستور (“تعديل” 2002 ) ؛ مقاطعة انتخابات 2004 ؛ القيام بإضراب جوع جماعي شمل “النهضة” بمناسبة القمة العالمية لمجتمع المعلومات الذي انتظم بتونس والتشهير خلاله وبعده بحالة الاختناق السياسي ؛ المشاركة في تأسيس حركة 18 أكتوبر للحقوق و الحريات (دائما بتشريك لحركة النهضة) ؛ نجاح المؤتمر الأخير للحزب الديمقراطي وتخلّي الأستاذ الشابي عن الأمانة العامة لصالح إمرأة (مية الجريبي) ؛ خوض إضراب جوع “المقرّ” وفشل السلطة بفعل المساندة العريضة والتعاطف المحلي والضغط الدولي في إخراج الحزب الديمقراطي من مقره التاريخي ؛ وأخيرا الترشح للإنتخابات الرئاسية لسنة 2009 … دون إنتظار ما ستقرره الدولة في خصوص من سترضاه “خصما” لها. كل هذه الأسباب تجعل من “الديمقراطي” الحزب المعارض الذي تسخط عليه السلطة أكثر من غيره.  لربما سعت السلطة، عبر التوظيف المعهود للبرلمان الصوري، إلى سن قانون محبوك على الطريقة “التجمعية” يقضي بالسماح للتكتل الديمقراطي للعمل والحريات (و هو الحزب القانوني الثاني الغير ممثل بالبرلمان) بالمشاركة في السباق الإنتخابي و يقصي منها (نكاية فيه أكثر منها تخوفا) الحزب الديمقراطي التقدمي. غاية السلطة من وراء ذلك هى المناورة قصد تشتيت أصحاب الدرب الواحد وبث الفرقة بينهم. و إن البوليس السياسي و الإستخبارات التجمعية التي كان دوما شغلها الشاغل هو التجسس الأحمق دون انقطاع على المعارضة الديمقراطية وإزهاج النسطتؤ السياسيين والحقوقيين ، مهملة خلال ذلك كل المشاغل الأمنية الحقيقية (معارك “سليمان” المسلحة ضد السلفية الجهادية التي أخفقت إخفاقا ذريعا في التفطن إليها، دليل صارخ على ذلك…) لا أخاله إلا على علم بالمنافسة السياسية النزيهة والصحية بين رأسى الحزبين المعنيين (نحن نجهل لحد الساعة من سيكون مرشح التجديد). وبالتالي فإن السلطة ستحاول اللعب على بعض تمايزات أقطاب المعارضة قصد تشتيتها. فما هو التمشي الأنجع الذي من شأنه أن يسفه أحلام الاستبداد ويمكّن المعارضة الديمقراطية من التكلم بصوت واحد لأن –في هذا الصدد– في الكثرة ضعف و تلاشى. فالسلطة ستقدم مرشحها “التقليدي” ويتوجب على المعارضة (منطقيا و براغماتيا) أن تركز خطابها ودعايتها وحججها المنادية بالتغيير والإصلاح السياسي حول مرشح واحد يستقطب اهتمام الجمهور والرأي العام الوطني والعالمي كى لا يتشتت الاهتمام وحتى لا تظهر المعارضة في صورة “معارضات” ينتقد بعضها البعض وغير مؤهلة لمنافسة الخصم. هذا لا يعني بتاتا أن أطياف المعارضة الديمقراطية سيتنازل كل منها عن حقه اللامشروط في الترشح. ولكن المقصود هو تنظيم ما يسمى بالانتخابات الأولية فيما بينها قصد اختيار مرشحها بطريقة ديمقراطية شفافة لن يكون فيها “رابح” أو “خاسر” لأن “الرابح” سيلتزم (ديمقراطيا دائما) بالتعبير عن القواسم المشتركة وذلك على أرضية “عقد إنتخابي” يتم الاتفاق عليه مسبقا بين الأطراف المعنية. وان الديمقراطية والأحزاب السياسية المعاصرة لم تبتكر لحد الآن طريقة نزيهة و موضوعية أفضل من أسلوب الانتخابات الأولية لحسم مسألة “الكثرة” المضرة بالنجاعة. و مسؤولية أحزابنا الديمقراطية ستكون كبيرة جدا في المرحلة المقبلة بحيث سندرك قطعيا إن هي تتحلى بالنضج السياسي المعارضي الكافي لتجاوز تمايزاتها (غير مفصلية في إعتقادي) والارتقاء بممارستها إلى مستوى التحدى الخطير الذي تعرفه تونس، أم أنها ستفوت فرصة التعريف بنفسها وبطموحاتها الديمقراطية والوطنية المشتركة بصفة منسجمة ومتناغمة تكسبها المصداقية والمشروعية الضروريتين في أعين الناخبين. واستباقا للنقد الذي قد يوجه لمثل هذا التمشى والذى مفاده أن “باستطاعة” السلطة وضع نتائج الانتخابات الأولية (حتى قبل أن تقع) موضع تسلل سياسي بواسطة اختيارها الإقصاء جملة وتفصيلا، فإننا نرد بأن المعركة المقبلة لابد أن تأخذ بعين الاعتبار إمكانية/ضرورة العمل السلمي المنافي للتحريم غير مشروع. نحن لسنا من دعاة المغامرية و لكننا نرفض كذلك استمرار احتكار السلطة للشأن العام، ودون أن نذهب إلى المناداة بحركة عصيان مدني سلمية في مقاومة استبداد السلطة فإننا نُقر مبدئيا ودونما شرط مسبق بحق المعارضة القانونية في الاختيار الحر لمرشحيها بعيدا عن التدخل للحزب الحاكم أو أملاءاته التسلطية. أما إذا لم يكن بدا من تقديم أكثر من مرشح للانتخابات الرئاسية المقبلة فإنه يتجه على المعارضة الديمقراطية الاتفاق على “عهد اللاإعتداء المتبادل” بحيث توجه كل سهام النقد إلى سلطة الاستبداد و التخلف السياسي ****************************** هوامش 1 هنري لابوريت : “الإنسان المتصوِّر. مساهمة في بيولوجيا السياسة”، بالفرنسية، غير مترجم، 1970 منشورات 18/10 [1] 2 باستثناء تجربة “حركة الديمقراطيين الإشتراكيين” التي فوتت على الشعب التونسي فرصة تكريس التعددية الفعلية و أهدرت إمكانات التحول الديمقراطي…[2]  3  مثلا الفقرة 3 من الفصل الأول لقانون الأحزاب [3]  4  القانون الأساسي عدد 93 بتاريخ 6 نوفمبر 1998 [4]  5  الذي زُجَّ بأمينه العام، السيد عبد الرحمان التليلي، في السجن لمدة 9 سنوات، قضى نصفها لحد الآن، وهو يخوض حاليا إضرابا عن الطعام بمعية والدته السيدة فاطمة التليلي البالغة من العمر 89 سنة و لتي يبدو أن حالتها الصحية تشكو تدهورا متفاقما، مما يجعل حياتها في خطر… [5]   6 القانون عدد 48 لسنة 1997 المؤرّخ في 21 جويلية 1997 المتعلق بالتمويل العمومي للأحزاب السياسية ينص بفصله. الثاني ” لا يمكن لحزب سياسي الحصول على المنح المنصوص عليها بالفصل الاول [التي تُحمل على ميزانية رئاسة الجمهورية !!]  من هذا القانون الا اذا كان له نائب فاكثر ينتمون اليه بمجلس النواب. ويعتبر الانتماء للحزب عند تقديم الترشحات…”. الأمر الذي يحدو بنا –من باب الفكاهة لا غير– الى إعتبار أن هذه السابقة (المتعلقة بالـ”أخضر” المزيف) المخالفة لصريح النص أعلاه قد تكون مفيدة جدا لأحزاب المعارضة القانونية الغير ممثلة بالبرلمان لجهة أنها تشرّع إمكانية “اعارة” التجديد نوابه البرلمانيين للديمقراطي و للتكتل حتى يتمكنا من تقديم مرشحهما للرئاسة ! [6] 7 الفقرة الأخيرة من الفصل 2 و 18 و مايليه من قانون الأحزاب![7]
 
 
(المصدر الحقائق الدولية بريطانيا / 26 – 2 – 2008)

 

من اجل تفاعل عقلاني وهادئ مع المتحفظين على مساندة الترشح من الآن للبديل الديمقراطي للانتخابات 2009

 

خميس الشماري   بعد 10ايام امن انعقاد اللجنة المركزية للديمقراطي التقدمي وأسبوع بعد الندوة الصحفية التى تم خلالها الإعلان رسميا عن ترشح الأستاذ احمد نجيب الشابي للانتخابات الرئاسية 2009 بمساندة مجموعة من الوجوه والشخصيات الوطنية على أساس الأرضية الديمقراطية، بدأت تتبلور انعكاسات هذا القرار الهام على المشهد السياسي التونسي. فمن جهة السلطة وجل وسائل الإعلام التى تدور في فلكها كان رد الفعل محتشما وانتقائيا إذ لم تتحدث هذه الجهات على مبادرة المساندة التى حظي بها هذا الترشح (* ). وفي المقابل نلاحظ أن صمتا مريبا يدل على الإحراج من قبل ما تسمى بأحزاب الموالاة – أي أحزاب الديكور “الديمقراطي” – ما عدى تصريحات أمين عام حزب الوحدة الشعبية الذي سمح لنفسه – سامحه الله – بالإدلاء بتعليق تلفزي غريب يدين فيه ترشح مؤسس الديمقراطي التقدمي وبتصريح في اجتماع –أكيد انه كان مضيقا- بجهة جبنيانة رفض فيه ما نعته “بالمزايدات والاستقواء بالخارج” مؤكد على أن أحسن طريقة “لتحضير الانتخابات المقبلة تمر قبل كل شيء عن طريق الحوار” وعلى ما يبدو فالسيد الأمين العام يقصد بالطبع الحوار مع السلطة وهو في جبيانة في مهمة رجل المطافئ بعد فوات الأوان.   وبالرجوع الى أصل الموضوع المتربط بالترشح وانعكاساته نلاحظ الصدى الهام الذي بلقيه إعلان الترشح في وكالات الأنباء الدولية وعدد من الإذاعات والقنوات الأوروبية والخليجية. وفي المستوى الداخلي فالظاهرة الايجابية التى تثير الانتباه تكمن في هدوء الانتقادات الصادرة عن بعض الأوساط المعارضة الجادة وارادة واضحة –وسليمة- في ضبط النفس بغاية تجنب الدخول في مجادلات عقيمة. ويمكن حصر الحديث عن هذا الترشح في أربعة أسئلة و3 تحديات:   السؤال الأول: هل اختار الحزب الديمقراطي التقدمي وحلفائه من الديمقراطيين المشاركة في استحقاقات 2009 بدون قيد أو شرط.   صحيح أن هناك اختيار مبدئي لخوض معركة سياسية لا تقلل من أهمية الرهان الانتخابي ومن ومدى مصداقية عملية الاقتراع لكن هذا الاختيار المبدئي تواكبه ارادة راسخة في القيام بمعركة من اجل افتكاك شرط انتخابية عادلة وشفافة، وعدم جعل موضوع المشاركة والمقاطعة النشيطة محل جدل متشنج مع الفرقاء السياسيين. فعندما يطرح حزب العمال الشيوعي مثلا ميوله للمقاطعة النشطة فعلا ..يجب أن لايكون هذا الاختيار عنصر قطيعة. وبالرجوع الى السؤال المطروح نذكر بما جاء في تصريح المترشح تحت عنوان “معا نبني الأمل” عندما قال “إن ما يحظى به تمشينا من صدقية واحترام لدى الرأي العام الوطني الواسع وما نحظى به من تعاطف في أوساط النخب العربية ومن تقدير من قبل المراقبين الأجانب وأحباء الحرية والديمقراطية في العالم يجعل من الموقف من ترشحنا قبولا أو رفضا لمعيار من معايير الحكم على صدقية الانتخابات القادمة أو زيفها”. “فإما أن ترفع الحواجز القانونية الظالمة التى تعودت الحكومة على وضعها على طريق ترشحنا وإلا فإنها تقر منذ الآن وأمام العالم بان الشعب التونسي محروم من حرية الاختيار وانه معرض لمحاولة مصادرة حقه في اختيار من ينوب عنه في الحكم وبكل حرية وشفافية”. والجدير بالملاحظة أن هذا الطرح لقي في الأيام الأخيرة خارج صدى ايجابيا لمسناه في عائلاتنا وجوارنا وفي أماكن الشغل وحتى في المقاهي تعليقا على الأخبار الوافدة بخصوص الترشح عبر الفضائيات العربية.   السؤال الثاني: لماذا هذا التوقيت المبكر حسب البعض الذين نبهونا الى مخاطر التسرع ناصحين بالأخذ بالعبرة الفرنسية “chaque chose en son temps”؟   وفي الواقع لم نكن متسرعين على الإطلاق ونلاحظ: –      انه كما جاء في نداء الترشح من اجل بديل ديمقراطي “وخلافا لما قطعته السلطة على نفسها من تعهد بإلغاء الرئاسة مدى الحياة التى خبر التونسيون ويلاتها، تشهد بلادنا منذ قرابة السنتين حملات دعائية لمساندة الرئيس بن علي الترشح للانتخابات القادمة للمرة الخامسة على التوالي”. –      يضاف الى ذلك أن الحكومة دأبت منذ سنة  1999 على تنقيح القانون الانتخابي لقطع الطريق أمامنا ووضع شروط استثنائية للترشح للانتخابات الرئاسية في كل مرة بهدف منعه تنافس جدي على أهم منصب سياسي في الدولة وتأجيل قيام تعددية حقيقية تستجيب لضرورات الحياة الديمقراطية. لذا نعتقد انه من الضروري أن يتقدم كل تونسي يأنس في نفسه القدرة على المنافسة على رئاسيات 2009 بترشحه منذ الآن (لحمل السلطة على الأخذ بشروط الانتخابات الحرة والنزيهة عند صياغة التنقيح المنتظر لا أن تختار منافسين على القياس مثلما فعلت الى حد الآن. وفي الوقع فان هذا الموضوع الهام يخص أساسا حزبان سياسيان فقط هما الديمقراطي التقدمي والتكتل من اجل العمل والحريات. ومن المتوقع أن يصاغ التنقيح المنتظر خلال الشهور الاربعة المقبلة. علما وان بقية الأحزاب من الموالاة الى أصدقائنا في حركة التجديد غير معنيين باحتمال ورود شروط اقصائية تطالهم في هذا التنقيح. أما بقيت الأحزاب مثل –النهضة، حزب العمال، المؤتمر من اجل الجمهورية، تونس الخضراء الوطني الديمقراطي ، اليسار الاشتراكي، حركة الديمقراطيين الاشتراكيين الشرعية والناصريون الوحدويون- فهي للأسف غير معترف بها.   حينئذ فان اختيار التوقيت ليبس من باب التسرع ولكن بحساب سياسي واضح ومشروع.   السؤال الثالث: وبعجالة يخص محاولة المقارنة بين هذا الترشح ومبادرة 2004 وهذه المحاولة في غير محلها لان المبادرة الديمقراطية ل2004 كانت ترمي للاستغلال الثغرة القانونية التى تسمح بترشيح قيادي من التجديد لكنها كانت ترمي في الوقت نفسه الى محاولة بناء قطب سياسي حزبي تقدمي إضافة للعملية الانتخابية. ونلاحظ هنا –وليس هذا من باب الجدل- أن بعض الأصوات التى تذكّرنا اليوم بالأهمية البالغة لهذه المعركة التى ساهمنا فيها بتواضع ولكن بصدق نسيت الدور السلبي الذي لعبته المعارك الخلفية التى أدت للحصيلة المعروفة والتي تم حسمها في المؤتمر الأخير لحركة التجديد. السؤال الرابع: يخص موضوع لم الشتات وتجسيد نضالات وشعارات المعارضة ضمن تيار سياسي موحّد. ومن الواضح أنه توجد هوّة كبيرة بين الخطاب التوحيدي المعلن والممارسات الفئوية الضيقة فحذاري في هذا الميدان من المزايدات لان الحكم ضدنا او معنا في تجسيد ارادة التوحيد هو العمل الميداني اليومي الملموس وليس الشعارات فالسؤال المشروع هنا هو معرفة الى أي حد يشكل تعدد الترشحات للانتخابات الرئاسية عائقا في طريق العمل المشترك خاصة بالنسبة للانتخابات التشريعية التى تجرى في اليوم نفسه. والجواب على هذا السؤال هو أن القانون الانتخابي يمثل العائق الأساسي والوحيد للتمشي الجبهوي الانتخابي حيث يمنع بصفة قسرية الائتلافات والتكتلات الانتخابية.   وانطلاقا من هذه الأجوبة يمكن رسم ملامح تحديات أساسية ثلاث:   1 – ورد النداء من اجل الترشح “نرى من الضروري أن تتقدم المعارضة الديمقراطية بمرشحين للانتخابات الرئاسية ، يقع الإعلان عنهم منذ الآن ويتم تقديمهم للرأي العام بوصفهم حاملين لمشعل الديمقراطية والعدالة الاجتماعية وحماية السيادة الوطنية ويفتحون الآفاق على إمكانية العمل المشترك للانتخابات التشريعية التى نعتقد أنها تستدعي بدورها إطلاق ديناميكية وطنية تكرس الوحدة وتقطع مع تزييف ارادة الشعب”. 2 – أمّا التحدي الثاني فيخص قدرتنا على الحفاظ ودعم المكاسب والأطر المشتركة وخاصة منها هيئة 18 أكتوبر للحقوق والحريات ومن حسن الحظ فان التمشي خلال الأسابيع الأخيرة لهذه الهيئة يفنّد التكهنات والتهديدات بانفجار هذا الإطار. 3 – التحدي الثالث يتعلق بقدرتنا نحن ومناضلوا ومناضلات الديمقراطي التقدمي على ابتكار صيغ لمشاركة فعلية مفتوحة تكرس ما جاء في لائحة اللجنة المركزية من ارادة في التعاطي الايجابي مع “مبادرة الشخصيات الوطنية” التى أعلنت بعد مساندتها لترشح الشابي وانخراط الحزب في شراكة سياسية معها. هذه الشراكة تشمل العمل المركزي والجهوي والهجرة والاتصالات الخارجية والتحركات الميدانية ومجموعات التفكير والعمل التى تسعى الى صياغة خطاب وبرنامج يعكسان بدائل المعارضة الديمقراطية في مختلف الميادين وخيارتها القائمة على تجاوز اقصاءات الماضي وعلى الحرية والعدالة الاجتماعية والسيادة الوطنية.   (* ) بالطبع لن نتعرض للمستوى المنحط للملف الأمني الذي صدر مؤخرا في الحدث  (المصدر:  صحيفة “الموقف”، العدد 440 بتاريخ 22 فيفري 2008)

خميس الشماري:إلى أصحاب الردود بالوكالة

خميس الشماري أتحفنا السيد عبد الرحمان الدريدي -وهو على ما يبدو عضو المجلس المركزي لحزب الوحدة الشعبيّة- بردّ على المقال الذي نشرته بصحيفة “الموقف” تحت عنوان “التفاعل الهادئ والعقلاني حول ترشيح البديل الديمقراطي لـ2009”. لنلاحظ بادئ ذي بدأ أنّ هذا الرد الذي بعثه إلى تونس نيوز بتاريخ 24 فيفري حرّف عنوان مقالي فغير العنوان الأصلي “البديل الديمقراطي لـ2009” إلى عنوان من عنده هو “البديل الحضاري”. وهناك تفسيران لهذا السهو: التفسير الأوّل، هو أنّ مقولة” البديل الديمقراطي لـ2009″ لا يتجرّأ صاحب المقال على النطق بها، لما فيها من تحدّي بالنسبة لمن اختار معارضة الموالاة. أمّا التفسير الثاني، فلعلّ فيه شيء من الخبث، حيث نحن على علم بالمشاكل الأمنيّة التي تتعرّض لها للأسف في المغرب المجموعة الإسلاميّة التقدميّة والتي أطلقت على نفسها اسم البديل الحضاري و التي لم يقل القضاء كلمته فيها بعد. و بالرجوع إلى الموضوع الأصلي، فإنّني أصر على القول الذي أثار غضب هذا المناضل (ولست أدري ما هي سوابقه النضاليّة في الساحة الطلاّبية والشبابيّة والحقوقيّة والثقافيّة والحزبيّة). إنّني أصر على القول بأنّه لا يجوز أن يهاجم أمين عام حزب الوحدة الشعبيّة ترشّح الأخ أحمد نجيب الشابي، في قناة تلفزيّة وفي مدينة جبنيانة، ويفعل ذلك على ما يبدو نيابة عن “الأغلبيّة الرئاسيّة”. وقلت كذلك –وأصرّ- أن اختيار جبنيانة لم يكن وليد الصدفة، بل أنّه جاء بعد الأحداث الأليمة التي نعرفها، ويندرج ضمن مهمّة رجل المطافئ بعد فوات الأوان. ولقد تأكّد هذا الموقف العدائي من حزب الوحدة الشعبيّة “الصامد والكفاحي” في الاستجواب الذي تفضّل به السيد هشام الحاجي لجريدة Le Temps ليوم الاثنين 25 فيفري 2008. فلن أدخل في جدل عقيم مع شاب غيور على حزبه الصامد، ولا تهمّني الشتائم التي جاءت في الردّ، إلاّ أنّني ألاحظ أن الأسلوب المستعمل يهيّأ صاحبه للانتداب في إحدى الصحف السوقيّة ولاسيما أسبوعيّة “الحدث” –الأكبر أو الأصغر- المختصة في الثلب والشتائم، وهو أسلوب سياسيّ وأخلاقيّ يختلف عن أسلوب الجدل الفكري والصحفي الذي يتطلّب الإبداع والنفس “الخفيفة”.


أحاديـــث «الصبــــاح» المنذر ثابت الأمين العام للحزب الاجتماعي التحرري: «هكــــذا أردّ علـى من يصفنــــا بـ”المـــوالاة”»

 
«إشكالية غياب البرامج لدى بعض الأحزاب يمكن أن توجه كذلك للحزب الحاكم الذي لا نعرف له اليوم أيّة هوية إيديولوجية واضحة»   تونس – الصباح: شهدت الساحة السياسية في السنوات القليلة الماضية تغيرا في مشهدها بدخول المعارضة للمجلسين التشريعيين وللمجالس البلدية الى جانب مشاركتها في أغلب المجالس الوطنية التي تأسست ,كما شهدت أحزاب المعارضة زيادة في عددها وتنوعا في طروحاتها وتوجهاتها عبرت عنها سواء في صحفها الخاصة التي أخذت لها مكانا في الساحة الاعلامية أو حتى في وسائل الاعلام العمومية كالتلفزات والاذاعات حيث فسح المجال لكل الاطراف للمشاركة في كل الملفات التلفزية والاذاعية الهامة وابداء رايها وأفكارها ومناقشة المواضيع والملفات الهامة المتعلقة بالحياة اليومية للمواطن وحتى بتوجهات الدولة.   لكن ورغم ذلك ظل تأثير المعارضة في تونس ضعيفا ,وظلت أحزابها هشة سواء على مستوى القاعدة أو الافكار أو الطروحات وظل تأثيرها وفعلها ضعيفا على المشهد السياسي وعلى برامج وتوجهات ومخططات الدولة.   “الصباح” التقت السيد المنذر ثابت الأمين العام للحزب الاجتماعي التحرري الذي حدثنا عن واقع المعارضة في تونس وعلاقتها بالسلطة وعلاقتها ببعضها البعض والصعوبات التي تواجهها والاخطاء التي تمارسها… فكان هذا الحديث:   حاوره: سفيان رجب   * الحزب الاجتماعي التحرري من مرحلة منير الباجي الى مرحلة المنذر ثابت,ماذا تغير في إستراتيجية الحزب وفي توجهاته؟   – نشأة الحزب الاجتماعي التحرري كانت في البداية نشأة متعثرة اعتبارا للطبيعة اليبروقراطية التي حكمت عملية تشكل هذا الحزب والتي قادت في ظل غياب حركة فكرية واجتماعية واضحة المعالم إلى تعثرات والى تشوهات بنيوية في مستوى طبيعة التنظيم وفي مستوى الخط السياسي الذي زاد هذه المرحلة. الكل يعلم أن التحرري نشأ سنة 1988 واستمرت أزماته المتتالية والمتكررة الى حدود جويلية 2006. هناك غياب لتصور استراتيجي واضح لطبيعة الحزب ولأسسه الفكرية والاديولوجية ولعلاقته مع السلطة السياسية القائمة في البلاد منذ 1987 كذلك غموض في تحديد أطراف العملية السياسية وغموض في تحديد الموقف من القضايا المطروحة على الساحة الوطنية والقومية وبقيت المسالة القومية غامضة وتخضع لمواقف انفعالية وظرفية وهناك أشكال في محتوى تحديد الهوية الإيديولوجية للحزب ورسم خط السير السياسي داخل هذا التنظيم   في المستوى الثاني فان هذا الحزب لم يتخذ إستراتيجية تنظيمية دقيقة من حيث انه يتجه نحو النخب أو نحو الجماهير بقي في وضع اضطراب إلى حين انعقاد مؤتمر جويلة 2006. وعلى هامش هذا الوضع كانت هناك محاولات إصلاحية دشناها منذ سنة 1991.. محاولات طرحت مشروع تحديد البديل السياسي والفكري لما كان سائدا وبالطبع هناك نقاط كانت فارقة في علاقتنا بالقيادة السابقة، الموقف من التيارات الأصولية والدينية ,العلاقة بالسلطة السياسية، الموقف من المسالة القومية وغير ذلك من الملفات…   * علاقتكم بالسلطة,علاقة تواصل وعمل مشترك مثلها مثل علاقة أغلب احزاب المعارضة مع السلطة. فهل يعني هذا أن أحزاب المعارضة لا تقوم بالدور المفروض أن تقوم به أم أنها لم تجد ما تعارض وأنها تدعم كل ما تقوم به السلطة؟   – علاقتنا بالسلطة لا يمكن ان تكون علاقة ظرفية أو خاضعة لاعتبارات ظرفية ولا بد ان تكون ناتجة عن تصور لطبيعة النظام السياسي القائم ولطبيعة المرحلة السياسية القائمة. وعندما نقول أن السلطة وطنية فلدينا ما يؤكد ذلك في المواقف وفي عملية الإنقاذ التي قادها الرئيس بن علي في 7 نوفمبر 87 وفي السياسات المتبعة وفي عدم تخطي الخطوط الحمر وطنيا وقوميا. ولا بد من القول ان تونس لم تقدم تنازلات فيما يتعلق بالأمن القومي العربي ولا بد من ان نقول ان النظام في تونس رفض كذلك منطق الوصاية الأجنبية على البلاد. في المقابل هناك حركة ديموقراطية راكمت جملة من الأخطاء ومن الهنات والهزائم. وهي حركة حسب رأينا لم تكن ناضجة اثر تحول 7 نوفمبر لتخلق أجندة إصلاحية وحالة من التوازن النسبي في موازين القوى. هناك صراع زعامات وتصورات خطية ضيقة سادت الحركة الديموقراطية وجعلتها تفوت على نفسها وعلى البلاد فرصة تعميق المسار الديموقراطي. نحن ضد القراءات الكسولة والمتسرعة التي تلقي بكل المسؤولية على السلطة الحاكمة.   * وهل تنفردون بتصورات ورؤى واضحة تميزكم عن غيركم من الاحزاب بما في ذلك الحزب الحاكم فيما يتعلق بعديد القضايا والملفات الداخلية والعالمية؟   – هنالك منطق أقول عنه بأنه “منطق ماركنتيلي” يقايض موقف بمكسب وهذا لن يقدم شيئا لتطور الحركة الديموقراطية. النقطة الثانية تتعلق بالمسألة القومية ونحن لا نرى أي علاقة ضرورية بين مشروع الوحدة والمفهوم الاشتراكي. فمن الطبيعي جدا اليوم في ظل التكتلات الإقليمية الكبرى أن نطمح الى تكتل عربي من المفروض أن يتحقق, ولكن لدينا وعي بالمعوقات التي تحول دون تحقيقه لكن نعتبر انه من الضروري إيجاد السبل المناسبة لإقامة سوق عربية مشتركة وإصلاح مؤسسات الجامعة العربية. وفي علاقة بالبعد القومي نعتبر أن الحزب الاجتماعي التحرري واضح في هذه المسألة حيث انه يجيب ليبراليا عن هذا الاستحقاق. وفيما يتعلق بالمسألة الفلسطينية نحن نتحرك بين حدين الحد النظري المبدئي وهو ان تكون هناك دولة لائكية جامعة على أرضية لا دينية بين الشعب الفلسطيني والشعب الإسرائيلي. ونحن نعتبر ان المشروع الديموقراطي والمشروع اللائكي في إطار جمهورية موحدة من شأنه أن يحل هذا الإشكال وكذلك أن يلغي هذه الحالة الدائمة من الحرب ومن استنزاف القوى,إسرائيل معطى قائم لا مجال لإنكاره لكن في المقابل هنالك حق طبيعي وشرعي للشعب الفلسطيني نعتبر أنه من الضروري إلغاء الأرضية الطائفية والدينية التي تنبني عليها الدول. لكن هذا الطرح يبدو طوباويا فالوضع الراهن يلغي كل إمكانية لقيام دولة موحدة وما الى ذلك. وهذا الوضع جرنا للقبول براغماتيا بمنطق التقسيم لكن في سياق عدم بتر المسار الفلسطيني عن المجال العربي أي السوري واللبناني ولا بد من دخول العرب إلى مفاوضات حقيقية في إطار سلة موحدة من المطالب والشعارات والبرامج.   كذلك فيما يتعلق بالمسألة اللبنانية نحن نعتبر أن سوريا تبقى دائما مظلة إستراتيجية ضرورية في ظل الوضع الإقليمي والدولي الراهن لكن هذه المظلة لا تعني الوصاية والتدخل المباشر. وفيما يتعلق بالعراق فعلى العرب والجامعة العربة اقتحام المسار السياسي هناك, فالاستقالة تعني التضحية بالأمن القومي العربي وفسح المجال للقوة الإقليمية المتنفذة لاقتحام البوابة الغربية وبالتالي مصادرة وتهديد قطاع هام من الأمن القومي العربي وخاصة كل منطقة الخليج وهو أمر غير مقبول.   * من خلال التباين في الأفكار بينكم وبين سلفكم نلاحظ أن حزبكم مثله مثل بقية الأحزاب المعارضة في تونس لا يعتمد على خلفية إيديولوجية واضحة ومحددة ولا على مكتب سياسي يحمل توجهات مقتنع بها يمررها للخلف ولا على قاعدة تراقب وتضغط ,بل يعتمد فقط على آراء من يحكمه ويترأسه وتتغير سياسته وتوجهاته بتغير أمينه العام؟   – القيادة الجديدة داخل التحرري ,قيادة يحكمها انسجام فكري لان المجموعة ناضلت خارج هياكل الحزب وتواصلت وصاغت المواقف بصفة جماعية وراجعت العديد من القضايا. والأمين العام الحالي للحزب الاجتماعي التحرري هو ليس سوى خلاصة لحالات ولأوضاع ديناميكية فكرية بين مجموعة كانت في السابق داخل حركة الإصلاح. ونحن الآن في وضع انحصار جماهيري. وهذه الحالة مؤقتة ومرتهنة بوضوح الرؤية بالنسبة للقيادات وكذلك بالإستراتيجية التنظيمية التي تستهدف الشباب المثقف وشرائح الطبقة الوسطى. فالفكر والايدولوجيا تنشئها أقلية لتنتشر فيما بعد. فقضية التسويق للطرح البرنامجي والإيديولوجي لحزب أو لشخص هي عملية تقنية بالأساس,فعندما نفسح المجال للإعلام الحر وللإعلام التعددي وعندما تكون هذه الأحزاب ماسكة ومالكة لقنوات إعلام خاصة بها يمكنها أن تكون في وضع انتشار وأن تستعيد الجماهيرية التي من المفروض أن تكون في وضع انتشار وأن تستعيد الجماهيرية التي من المفروض أن تكون لها. لكن علينا أن لا نعتبر أن هذه الحالة حالة خاصة بالأحزاب التونسية، فكل الأحزاب في العالم الآن تشهد أزمة هوية وأزمة عمق إيديولوجي من ذلك ماتشهده الساحة السياسية الفرنسية من لخبطة واستقطاب الرئيس ساركوزي لرموز اليسار الاشتراكي ووجود توترات في صلب الحزب الحاكم الفرنسي. وهذا الارتباك شامل وعام ومن المغالطة أن نقدمه على أنه أزمة المعارضة في تونس وعلى أنها حالة تخص المعارضة في تونس وهذا من باب المغالطة والتجني. كذلك في مستوى الهوية الإيديولوجية ,نفس المأخذ يمكن أن نواجه به الحزب الحاكم الذي لا نعلم له اليوم أية هوية إيديولوجية واضحة. فقد تقلب من طرح الى آخر وهذا جعله في نفس الوقت متحول في الثبات وثابت في التغير. فنفس الإشكال مطروح ولا يهم حزبا دون آخر ولا يخص المعارضة دون الحكم.   * لقد تحدثت عن الإعلام الحر والتعددي في الوقت الذي مكنت فيه السلطة الأحزاب السياسية المعارضة من تمويلات ودعم مادي يخص صحفها. فماذا أضافت صحف المعارضة للمشهد الإعلامي وهل نجحت الأطراف المعارضة المشاركة في البرامج والملفات التلفزية في طرح أفكار بديلة ومهمة في الملفات التلفزية؟   – بالطبع كل من يعرف الحزب الاجتماعي التحرري يعرف أن لديه نشرية كانت تصدر بشكل دون المستوى عبارة عن ورقة مضاعفة. والقيادة الجديدة للحزب اعتبرت أن مسألة الإعلام مسألة حيوية وهامة داخل منظومة الاتصال والتسويق السياسي. وفي هذا المعنى أعدنا إصدار صحيفة الأفق في شكل مجلة شهرية وهي اليوم محاولة جديرة بالاحترام ولدينا تحدي لاصدارها بصفة اسبوعية ولكن تواجهنا صعوبات ومشاكل في التوزيع. ونسعى الى تكريس المنهج الديموقراطي من خلال المجلة وطموحنا أن تكون لنا اذاعة خاصة. وقضية البديل في مستوى المضامين الاعلامية هي مرآة لمستوى البرامج الحزبية. ومن جهتنا عبرنا عن آرائنا وطروحاتنا الفكرية والايديولوجية سواء في وسيلتنا الاعلامية أو في البرامج الحوارية والملفات التلفزية والاذاعية التي شاركنا فيها.   * احقاقا للحق لم نر أي طروحات بديلة وأي أفكار جديدة وأي مشاريع تقدم من قبل أي حزب أو طرف سياسي معارض.   – نحن حزب تحرري وحزب ليبرالي مواقفنا وتصوراتنا واضحة,علاقتنا بالمفاهيم الأساسية للايديولوجيا الليبرالية فيما يتعلق باقتصاد السوق والحد من سلطة الدولة ومرونة الجباية والاصلاح الزراعي وفيما يتعلق بملف الاستثمار واضحة ولا تحتاج الى تخريجات نظرية جديدة. لكن بصراحة هناك ازمة في الاحزاب الاشتراكية.   وعن طبيعة العلاقة بين التحرري والسلطة السياسية ,فما دامت السلطة تتخذ لنفسها نهجا تحرري فنحن سنساندها في ذلك لكن سنعارضها في السياسات التي تعارض التمشي التحرري. فالاشكال في مستوى المواقف والتصورات هو اشكال عام.. فتخوم ورسوم المشهد السياسي متداخلة فنجد أحزاب اشتراكية تساند سياسات ليبرالية وارتباك في مستوى العلاقة بين الطرح الإيديولوجي والسياسات والبرامج. هناك اوضاع تدعو الى التفكير والى كثير من البحث داخل الحقل السياسي بصفة عامة في تونس.   * هذا يجرنا بالتاكيد الى الحديث عن معنى الموالاة ومعنى المعارضة والفرق بينهما. فهذا يصنف نفسه في خانة”المعارضة الحقيقية ” ويصنف الآخر في خانة الموالاة. وللتوضيح أكثر فان المنذر ثابت وحزبه يصنفان من قبل البعض بأنهما في الصف الموالي للسلطة ولا يمثلان المعارضة؟   – يجب قبل كل شيء إعادة الأمور إلى نصابها. فنحن خارج الحكومة. ومادمنا كذلك فنحن بالتأكيد في المعارضة. لكن أي مفهوم للمعارضة؟ نحن كحزب اجتماعي تحرري نعتبر أننا اقرب الى السياسات الرسمية اعتبارا لمسألة هامة، أولا ان البرامج الراهنة للدولة في المستوى الاقتصادي والاجتماعي تقتطع أجزاء هامة من برنامج التحرري ثانيا قضية المسألة السياسية بالطبع لدينا خلافات هامة وجوهرية مع الحكم في تونس خاصة في ما يتعلق بالديموقراطية والتوازن بين السلطات داخل هياكل الدولة والاعلام الحر وحقوق الانسان والمجتمع التعددي وغيرها… وكل هذه القضايا تعتبر قضايا جوهرية تباعد بيننا وبين الحزب الحاكم. وفيما يتعلق بالمعارضة فالبعض يصف نفسه جزافا بانه معارضة. نحن نعتبر ان البرامج والتصورات هي التي تفصل بين الاطراف يعني المعارضة التي تلتقي فقط تحت شعار فضفاض اسمه الديموقراطية لا اعتقد انها بالفعل معارضة يمكن أن تكسب مصداقية خاصة أو أن تنسب لنفسها هذه المصداقية. التصور البرنامجي ، المشروع المجتمعي, قضية اللائكية هي قضايا حيوية. وهي مسائل حاسمة في رسم الحدود بين المعارضة وبين ما يسمى بـ”الموالاة”. مفهوم الموالاة يعني ان هناك أحزاب تساند الحكم , وهذه الاحزاب لها قواسم مشتركة مع الحزب الحاكم ونظام الحكم. ولو كان هذا المفهوم بالفعل مفهوم حقيقي لكان هناك ائتلاف, ونحن نعتبر أن هذه حالة عبثية فكيف نكون خارج الحكم ونساند الحكم في نفس الوقت. فهذا وضع عبثي نرفضه. صحيح ان لدينا قواسم مشتركة تعني الحوار والاتفاق حول برنامج سياسي والاتفاق حول المحاور الكبرى لبرنامج اقتصادي واجتماعي. ومتى حصل هذا نكون أمام استحقاق تشكيل حكومة ائتلافية. هذا بالطبع من حق أحزاب “الاعتدال”.. وهنا استبدل مفهوم الموالاة بأحزاب الاعتدال أو أحزاب النهج الثالث أي الأحزاب التي تشكلت خلال مرحلة معينة في إطار مشروع اللقاء الديموقراطي. نحن نرفض المغالاة, نرفض القفز على المراحل.   * هذا الحديث يجرنا إلى التساؤل عن برامج أحزاب المعارضة. فلم نر لها لحد الآن برامج واستراتيجيات ومفاهيم واضحة سوى المعارضة من أجل المعارضة. فأي مشاريع تقدمت بها هذه الأحزاب سواء في مجلس النواب أو مجلس المستشارين أو في الملفات التلفزية أو حتى في صحفها؟   – في علاقة بالحزب الاجتماعي التحرري ,طرحنا أكثر من تصور. واعتبرنا مثلا أنه من الضروري مراجعة عاجلة لاستراتيجيات التنمية الاقتصادية للبلاد في اتجاه عصرنة وتطور القطاع الفلاحي. نعتبر أن الأمر غير مقبول اليوم أن تكون تونس غير مؤمنة لأمنها الغذائي ,نعتبر ان تحرير هذا القطاع بالكامل وتشكيل شركات استثمار زراعي وإصلاح الأوضاع العقارية ووضع إستراتيجية متكاملة للتصرف في الموارد المائية أمر ضروري اليوم. وقضية التصورات بالنسبة لنا قضية مفتوحة لعمل ستكون جاهزة خلال الانتخابات المقبلة. في نفس السياق قضية الإصلاح الإداري هاجس كبير وحقيقي ونحرص ونعمل على الحد من نفوذ بيروقراطية الدولة لأنه بالنسبة للاقتصاد الليبرالي الحر لا بد من تخليص السوق من التدخل المباشر للجهاز الإداري وللدولة. في نفس السياق مناخ الأعمال يحتاج إلى تنقية حقيقية إلى مزيد من الشفافية. وإشكالية غياب البرامج لدى بعض الأحزاب يمكن أن توجه كذلك إلى الحزب الحاكم نفسه. فالبعض يعتقد أن هناك إنتاج خاص لتصورات وبرامج في حين ان هذه وصفات جاهزة في جل بلدان العالم. ولا نعتبر أن قضية البرنامج تعد معضلة. ونسجل اليوم ظاهرة كونية في كل المجتمعات وهي انزلاق البرنامج إلى دائرة التكنوقراط. فالبرنامج السياسي أصبح اليوم بعد انهيار الايديولوجات الكلاسيكية الكليانية أصبح مسالة تقنية بحتة. فالتباين بين اليسار واليمين في فرنسا يقتصر اليوم حول بعض الإجراءات وبعض القرارات وبعض التقنيات المتعلقة بالسياسات الاجتماعية كقضايا التقاعد والتامين الاجتماعي. وما أؤكده أن هناك تجن على أحزاب المعارضة في تونس ,والتصورات والنماذج المطبقة من قبل الحكومة هي تصورات عامة نجدها في الأردن مثلا والمغرب… وليس ثمة فكر سياسي استثنائي افرز هذه التصورات والنماذج. فقط هنالك أزمة انسجام بن الايدولوجيا المؤسسة لحزب من الأحزاب والمواقف والتصورات البرنامجية وهذا بالطبع يحتاج الى مراجعات حقيقية. ومن جهتي فوجئت مؤخرا بوجود عناصر برنامج تحرري في إطار حزب اشتراكي طرح نفسه كبديل كامل عن السلطة ووجدت ان هذا الحزب تخلى عن المساندة اللا مشروطة للقضايا القومية وانحاز الى الأفكار التحررية الخارجة حقيقة عن ايديولوجيته. فحالة البحث عن الهوية وعن الذات موجودة صلب أحزابنا اليوم. وهذا لا يخص طرف دون آخر ولا يخص تونس دون غيرها من البلدان حتى الأكثر رسوخا في الديموقراطية.   * يبقى المشهد السياسي الراهن غير واضح , ومشحون بالمزايدات ووصل الامر حتى بالاستقواء بالاجنبي وهو ما يهدد الوحدة الوطنية. فهل أن الوضع الراهن وجملة التحديات الداخلية وخاصة الاجتماعية والتنموية في حاجة الى مثل هذه الصراعات وعدم التواصل؟   – كنا قد صرحنا للصحافة الأجنبية بأننا نساند ترشح الرئيس زين العابدين بن علي لولاية جديدة على رأس الدولة وفي تقديرنا هناك مبدئيا مرحلة تاريخية دشنها وقادها ونجح في إرساء مفاصلها الرئيس بن علي. وعندما نقول هذا ننزل دور الرئيس في سياق تاريخي محدد باعتباره كما قلت في تصريحات سابقة بانه ذلك “البونابرت” الذي يقف فوق التناقضات والذي يدير عملية انتقالية دقيقة في اتجاه قيام نظام ديموقراطي متقدم ومجتمع حداثي مفتوح. إن مراكمة شروط قيام نظام ديموقراطي متقدم ذلك شاننا كحركة ديموقراطية وكتيار تحرري. والإشكال بالنسبة لحركات المعارضة من المفروض أن لا يتعلق بالانتخابات الرئاسية ,فموضوعنا ليس الانتخابات الرئاسية بل هو توفر الشروط السياسية الموضوعية للعبة ديموقراطية مفتوحة وتعددية بما يعني ذلك استقلالية القضاء ,والفصل بين الحزب والدولة وإعلام تحرري وتعددي ونظام إداري ومحايد وحرية التنظم وحرية الاحتجاج وحرية التفكير والتعبير… كل هذا من المفروض أن يكون في مركز عملية وفاقية تقود إلى أجندة وطنية للإصلاح السياسي. ونقول لا بد من تجديد الوفاق الوطني. فالمطلوب اليوم على الجميع بما في ذلك السلطة والحزب الحاكم هو إيجاد وفاق جديد حول أجندة وطنية للإصلاح السياسي توفر القاعدة الضرورية لقيام نظام ديموقراطي متطور. وأمام الجميع اليوم مسؤولية تاريخية هامة, وهي مسؤولية عدم القفز على المراحل وعدم الانزلاق في المزايدات ومسؤولية إغلاق الباب نهائيا على أشكال التدخل الأجنبي والوصاية الأجنبية. فبإمكاننا اليوم أن نتجادل وأن نتصارع وأن نختلف دون أن نخل بشرط الوحدة الوطنيـــة التي تبقـــى ضرورة.   (المصدر: جريدة “الصباح” (يومية – تونس) الصادرة يوم 26 فيفري 2008)

 

 

افتتاحية “الموقف” الحكومات لا تريد وحدة المغرب العربي

 
حلت أول أمس الذكرى التاسعة عشرة لإنشاء اتحاد المغرب العربي وهو ما زال راقدا في غرفة الإنعاش. ويتفق جميع الخبراء على أن تأخير التكامل يُكلف كل بلد من بلدان الإتحاد خسارة تعادل 2 في المئة من النمو سنويا. بالمقابل وضع الخبراء الإقتصاديون وصفة لامتصاص ظاهرة البطالة التي تؤرق هذه البلدان تقضي بضرورة زيادة نسبة النمو نقطتين لاستيعاب العمالة الإضافية. بهذا المعنى يغدو التكامل المغاربي اليوم خشبة الخلاص لبلداننا التي تتعاظم أمامها التحديات الإقتصادية والإجتماعية في ظل الإستعداد لإقامة منطقة تبادل حرَ مغاربية مع الإتحاد الأوروبي.   ويُلاحظ المرء أن الفرص المهدورة في طريق تحقيق الوحدة المغاربية كثيرة ومردُها إلى أن المرجعية الوحيدة المُخولة اتخاذ القرارات في الإتحاد المغاربي هو مجلس الرئاسة الذي يتألف من رؤساء الدول وحدهم لا شريك لهم. وهذا عكس ما بُنيت عليه المجموعة الأوروبية التي نهضت على المؤسسات وانبثقت من أنظمة تحتكم للديمقراطية وصندوق الإقتراع.   وتتمثل إحدى المفارقات التي أفرزها تأخير الوحدة المغاربية في تعميق الهوة التنموية بشكل مطرد بين الإتحاد الأوروبي والمغرب العربي، إذ بات الفارق يعادل 1 إلى 27 في الميزان الإقتصادي العام، مع أننا نحن المغاربيين نملك عناصر قوة غير متوافرة لدى الأوروبيين، وفي مقدمتها الوحدة اللغوية والثقافية. هاجر خمسةُ ملايين من السكان الذين هم في سن العمل من منطقتنا التي تحتاج إلى جميع سواعد أبنائها إلى أوروبا بحثا عن الشغل. وفي باريس على سبيل المثال يعمل الآن أكثر من سبعة آلاف طبيب جزائري، وهذا مؤشر على خطورة النزيف الذي تتعرض له البلدان المغاربية، فالهجرة لا تقتصر على العمالة الماهرة وإنما تشمل أيضا العقول والكفاءات العلمية. وفي هذا الوضع يتساءل المرء عمن سيصنع مستقبل هذه الأوطان؟   يكمن بيت القصيد في غياب الإرادة اللازمة والكافية لدى القيادات السياسية لبناء وحدة المغرب العربي، والمسؤولية مُلقاة اليوم على عاتق النخب ومؤسسات المجتمع المدني التي بات الدور الأساسي في بناء التكامل موكولا لها، على رغم ضعفها، فلا مستقبل للمغرب العربي من دونالإصلاحات التي باتت مسألة حياة أو موت. الإصلاحات المرتبطة بالحكم الصالح والإعلام الحر والقضاء المستقل والإنتخابات النزيهة وشفافية الحكومة وخضوعها لمحاسبة مواطنيها.   رشيد خشانة   (المصدر: موقع pdpinfo نقلا عن صحيفة “الموقف”، العدد 440 بتاريخ 22 فيفري 2008)

وزير الإتصال يُبشرنا بقرب إغلاق نوافذ حرية الإعلام

 
رشيد خشانة   ليس من عادة الوزراء عندنا الإدلاء بالأحاديث الصحفية ولا التعليق على الأحداث، فهذه عادات سيئة يمتهنها الوزراء الغربيون وبعض العرب. لكن وزير الإتصال سارع للإدلاء بحديث لصحيفة “العرب” (التي يوجد مكتبها الرئيسي في تونس) … من القاهرة تعليقا على قرار وزراء الإعلام العرب الرامي لتلجيم الفضائيات المريضة بالحرية. وكشف الحديث الدور الكبير الذي لعبته الحكومة التونسية في الدفع باتجاه اتخاذ هذا القرار الذي سيعيد العالم العربي إلى الوراء.   وغاب عن الوزير أن الرأي العام في تونس وفي كل البلاد العربية لا يمكن أن يقبل التقهقر بعدما أدرك قيمة الفضائيات والانترنت والإبحار في بحور المعلومات وشبكات الاتصالات. كما أن الاعلاميين الشرفاء الحريصين على مهنتهم لن يقبلوا تكميم الأفواه وسيواصلون الإصداع بالحق.   وما ذريعة الحرب على الارهاب التي أصبحت مُبررا لكل أنواع القيود والتضييقات سوى تعلة لإخفاء الهدف الحقيقي المتمثل في حماية الحكومات من النقد ومنع الأصوات الحرة من الوصول إلى الجمهور الواسع. واعتبر الوزير أن الوثيقة التي اعتمدها زملاؤه وزراء الإعلام “هي الاستراتيجية التى تحمي الهوية العربية” مُؤكدا على ضرورة “إحداث عمليات ضبط لهذا المجال خصوصا أن المتلقى العربى فى كثير من الأحيان ليس لديه قدرة على ضبط هذه المعايير الوافدة وهو يحتاج لآلية خاصة بذلك”. ويكشف هذا التفكير منطق الوصاية على الرأي العام لدى الوزراء الذين يعتقدون أن شعوبنا غير ناضجة وتستحق قادة ملهمين ووزراء إعلام عباقرة لأخذها من أيديها إلى جناتهم الموعودة. لقد أفلت الإعلام من أيدي الحكومات القامعة للحرية بظهور الفضائيات فغدت سيطرتها على المحطات التلفزية والإذاعية العمومية بلا معنى بعدما صار المواطن يستقي أخباره عبر الفضائيات ويتابع من خلالها الحوارات الحرة، مهما كانت الملاحظات والمآخذ التي يمكن تسجيلها عليها. وواضح أن خطة الحكومات العربية (التي أجمعت على مشروع تلجيم الفضائيات عدا دولة واحدة تحفظت عليه) ترمي لتوسيع مظلة المحظورات كي تشمل الفضائيات المتحررة من الرقابة السياسية تمهيدا لتحويل الإعلاميين العرب إلى مجرد عارضي أزياء.   (ملاحظة: سقط اسم الكاتب من الطبعة الورقية بسبب خلل فني)   (المصدر: موقع pdpinfo نقلا عن صحيفة “الموقف”، العدد 440 بتاريخ 22 فيفري 2008)  

“الجهاد الأكبر” شباب جهادي نشأ في غفلة من النخبة والسلطة

 
لطفي حجي   شكلت أحداث سليمان منعرجا خطرا في العلاقة بين السلطة والشباب من ذوي الخلفيات الدينية ، إذ لأول مرة في تاريخ تونس منذ الاستقلال تشهد مواجهات مسلحة من هذا النوع بين مجموعة من الشباب الذي اختار السلفية منهجا وبين قوات الأمن أسفرت عن سقوط أربعة عشر قتيلا منهم اثنان من رجال الأمن حسب الرواية الرسمية.   وبعيدا عن التفاصيل المرتبطة بآنية الحدث والتي مثلت مصدر خلاف بين الحقوقيين والسلطة التي بقيت المصدر الوحيد للمعلومات منذ الإعلام عن المواجهات، بعيدا عن كل ذلك، يسمح الحدث نظرا لخطورته بموقعته ضمن تطور نسق التفكير الديني والسياسي في تونس، وفي سياق ما شهدته المنطقة على المستوى المغاربي والعربي من تطورات، خاصة أن الذين يُحاكمون في هذه القضية يُصنفون – أو البعض منهم على الأقل- في خانة السلفيين الجهاديين وهو تيار انتشر في بلدان عربية أخرى.   الانغلاق السياسي و الهجرة الفكرية   إذا درسنا الفكر الديني السياسي في تونس خلال الخمسين سنة الماضية فإن الخيار السلفي الجهادي يبدو غريبا عن الساحة التونسية بالنظر الى طبيعة التيارات الفكرية و الثقافية التي برزت على امتداد تلك الفترة. و يصدق الحكم ذاته على الأحزاب السياسية التي برزت لأول مرة في تونس في سبعينات القرن الماضي بعد هيمنة الحزب الواحد، فقد كانت جميعها تصنف ضمن أحزاب الواقعية السياسية، فكانت تطالب بإدخال إصلاحات سياسية على النظام السائد . وحتى الراديكالية منها كانت تطالب بالتغيير الشامل بالطرق السياسية ولم يتبنّ أي حزب منها منهج الانقلابات والمواجهات المسلحة بما فيها حركة الاتجاه الإسلامي – حركة النهضة لاحقا – فقد تبنت نفس المنهج السياسي مع اختلاف في عدد من المطالب مع الأحزاب الأخرى. لذلك لم يكن غريبا أن تشهد الساحة التونسية في ثمانينات القرن الماضي تنسيقا بين الأحزاب السياسية وبين الاتجاه الإسلامي لاشتراكها في جملة من المطالب السياسية.   كما أن المواجهة بين حركة النهضة والنظام الحالي في مطلع تسعينات القرن الماضي ، وما رافقها من اعتقالات واسعة لكوادرها وتعذيب دانته كل المنظمات الحقوقية، وأحكام قاسية، لم تدفع قيادة الحركة إلى اختيار العنف أو المواجهة المسلحة وأبقت على خيارها السياسي مثلما أكد على ذلك قادتها في أكثر من تصريح. وبذلك تكون قطعت مع خيار بعض الحركات الإسلامية المجاورة في الجزائر و مصر التي اختارت حمل السلاح في وجه الحكم.   ومرد هذا الاختيار- الاختيار السياسي بعيدا عن المواجهات المسلحة – إلى طبيعة الثقافة التونسية السائدة التي تقوم على نوع من العقلانية والاعتدال وهو اختيار ميز دعوات المصلحين التونسيين منذ أواخر القرن التاسع عشر، وكرسه نظام التعليم التونسي الذي أرساه الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة منذ الاستقلال وكان في جوهره نظاما عقلانيا منفتحا على تجارب الآخرين وأفكارهم وبالخصوص أفكار فلاسفة عهد الأنوار في الغرب. وهي عناصر تبدو مهمة وفاعلة في عدم بروز حركات راديكالية حتى ممن تبنوا الفكر الإسلامي والمطالب الإسلامية.   إذا سلمنا بأن الأمر كذلك فمن أين برز الشباب السلفي الجهادي الذي تتراوح أعماره حسب سجلات المعتقلين ما بين 17 و 25 سنة؟ يمكن القول إن هذا الشباب نشأ في العقد الأخير في غفلة من النخبة والسلطة والنظام التعليمي معا. فالسلطة وعلى إثر مواجهتها مع حركة النهضة ذات الخلفية الإسلامية حرَمت النقاش في المسائل الإسلامية الحساسة في الفضاءات العمومية وكذلك في وسائل الإعلام ذات الانتشار الواسع مثل الإذاعة والتلفزيون. و صادف ذلك هوى في نفوس عدد من العناصر المتنفذة للنخبة التونسية التي اعتقدت خطأ أنها حسمت المسألة الإسلامية. فكانت نتيجة ذلك الانغلاق أن قام جزء من الشباب التونسي بما يمكن أن نسميه هجرة فكرية بحثا عن مضامين جديدة فوجد ضالته في بعض الفضائيات ومواقع الانترنيت وقد ساعدته على ذلك أحداث مفصلية على المستويين العربي والعالمي لم تترك أحدا على الحياد. ولعل أهم تلك الأحداث تفجيرات الحادي عشر من سبتمبر سنة 2001 ، والانتفاضة الفلسطينية الثانية التي كانت شرارتها محاولة رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق آرييل شارون تدنيس المسجد الأقصى، وكذلك الاحتلال الأمريكي للعراق وما رافقه من رغبة لدى الشباب العربي- و التونسي جزء منه- في مقاومة الأمريكيين وتحويل العراق إلى ساحة لمقاومة الاحتلال الامريكي باعتباره احتلالا لبلد عربي مسلم.   ولذلك ليس من الصدفة أن يكون عدد من الشباب السلفي التونسي الذي يحاكم بمقتضى قانون مكافحة الإرهاب – خارج مجموعة سليمان- والذي يقدر الحقوقيون عدده بأكثر من ألفي شاب، اعتقل في سوريا والجزائر وهو في طريقه إلى العراق للانضمام إلى المقاومة العراقية . فالعديد من هذا الشباب يعتقد أن رسالته إسلامية كونية وليست تونسية، فهو بهذا المعنى ومقارنة بالجيل الإسلامي السابق ، مغترب عن الساحة التونسية. وحتى العمليات التي نفذت في تونس خطط لها في الخارج فجماعة سليمان تسربوا من الجزائر، حسبما أعلنت السلطة، والشاب التونسي الذي فجر شاحنته أمام الكنيس اليهودي بالغريبة بجزيرة جربة سنة 2002 جاء من الخارج وتبنى العملية تنظيم القاعدة .   من الإعدام إلى جوهر المعركة   إذا نظرنا إلى مواجهات سليمان ضمن ذلك السياق فإنها تبدو على خطورتها وغرابتها عن المجتمع التونسي أعقد من شباب حمل السلاح لمواجهة الحكومة بل هي مشكلة جيل فاقد للتأطير والنقاش والحرية، جيل رأى أن الإحباطات السياسية التي يعيشها العالم الإسلامي والتي يعيشها هو على المستوى الشخصي من بطالة وفقر وانسداد أفق حتى للطلبة المتفوقين منهم يبرر عنده أن يتحول إلى مشروع مهاجر استشهادي ومنهم من يعود إلى بلاده للقيام بعمليات تخريبية دون أن يفكر في جدواها وخطورتها وانعكاساتها على المجتمع بأسره .   إن خطورة ذلك التفكير الذي يدفع مثل ذلك الشباب إلى قلب الأولويات يحتم النظر إلى المسألة من زاوية تأثيرها على المجتمع لا من جانبها الجزائي فحسب، ومثل تلك النظرة تدفع إلى القول إن إعدام عناصر من مجموعة سليمان – إن حدث رغم مناشدات المنظمات الحقوقية بالغائه – لن يعدم فكرا غريبا على النسيج السياسي والثقافي التونسي بدأ يتغلغل في أوساط الشباب، بل إن ما يعدمه هو الحريات الفعلية التي تسمح للنخبة بمناقشة الشباب في جوهر القضايا، والتعليم العقلاني الذي لا ينقطع عن جذوره، والثقافة العصرية التي لا تقتصر على جانب تهميش الشباب والتعامل معه على أنه كائن بيولوجي فحسب يجب تلبية رغباته الحياتية مقابل إبعاده بشتى الطرق عن قضايا الشأن العام.   وعليه تصبح الاستفادة من تلك الأحداث لإبعاد الشباب عن الفكر الراديكالي ذي الأفق المغلق ضرورة لرسم مستقبل أفضل لشبابنا ولمجتمعنا، لأنه في مطلع تسعينات القرن الماضي عندما اشتدت المواجهة مع حركة النهضة تعالت أصوات عاقلة تدعو إلى عدم الاكتفاء بالتعامل الأمني مع الظاهرة الإسلامية فلم تجد من ينصت إلى نداءاتها، لكن وجدنا أنفسنا بعد عقد من الزمن أمام ظاهرة جديدة خطرة. وما نخشاه هو أن تساهم التجاوزات التي يتحدث عنها الحقوقيون ضد الشباب السلفي من تعذيب وأحكام قاسية في تنشئة ظواهر أخطر في السنوات المقبلة لا يُقرأ لها حساب فتكون السلطة قد غذت النقمة والتطرف في المجتمع من حيث أرادت مقاومة الإرهاب. كان الزعيم بورقيبة يتحدث في بداية الاستقلال عن الجهاد الأكبر في وصفه لمعركة الشعب التونسي لمقاومة التخلف والجهل والفقر وغيرها من الظواهر التي كانت تكبل شعبا خارجا لتوّه من الاستعمار ويعاني من شح الموارد الطبيعية، وكان يحتاج إلى تفكير جديد وعزيمة مضاعفة لمقاومة التخلف. وقد نجح بورقيبة في إيصال تلك الأفكار عبر توظيف المصطلحات الدينية باعتبار تغلغلها في اللاوعي الجمعي.   و نحن نحتاج اليوم إلى إقناع من يصنفون أنفسهم في خانة السلفية أو السلفية الجهادية بفكر معتدل وإخراجهم من المعارك الخاطئة والمواجهات التي تخاض خارج أوطانهم إلى المعارك الحقيقية من أجل الحريات و التنمية والديمقراطية وحقوق المواطنة ومحو الأمية وتحرير المرأة وغيرها من المعارك الأساسية التي تنتظر مجتمعنا والتي تُعَد بالفعل جهادا أكبر أقوى من الأحزمة الناسفة خاصة عندما ننظر إلى مرتبتنا في تلك القضايا مقارنة بعدد من شعوب العالم. لكن ذلك يتطلب مجهودا رسميا و مدنيا في نشر قراءات دينية معاصرة تقنع ذلك الشباب بأن القضايا المذكورة أعلاه من جوهر رسالة الإسلام ، كما يتطلب أيضا تفكيرا في مستقبل الشباب وفتح المجالات الحقيقية أمامه للمشاركة في الشأن العام وعدم الاكتفاء بتربيته على أن المشاركة السياسية وإبداء الرأي المخالف هو جريمة تؤدي بصاحبها إلى السجن. فتدفع به سياسة الانغلاق تلك إلى الهجرة السرية نحو أوروبا ويكون مصيره الموت غرقا أو السجن، أو إلى “الهجرة الانتحارية” حيث تتلقفه تيارات تحوله إلى حزام ناسف في معارك يجهل عادة أهدافها ورهاناتها.   كما يتطلب ذلك المسعى لإقناع الشباب وجود نخبة غير مستقيلة تؤمن بدورها المجتمعي في تنمية الأفكار وتأطير الشباب ومحاورته بدل رفضه ونعته بالتطرف والسخرية من تفكيره. النخبة تحتاج إلى القيام بدورها في تربية الشباب على المفاهيم الكونية الحديثة وعلى معان جديدة مثل الوطنية والحرية والاختلاف والمواطنة وغيرها من المفاهيم التي لا يدركها الشباب. ومن أين له أن يدركها وهو لم يترب عليها ؟   (المصدر: موقع pdpinfo نقلا عن صحيفة “الموقف”، العدد 440 بتاريخ 22 فيفري 2008)


 حتى لا ننسى أن حقوق الإنسان ليست فقط الحقوق السياسية

حق الصحة بين النظرية والواقع المرير

 

محاضرة الدكتور المرزوقي في الدورة التدريبية لكوادر حقوق الإنسان التي نظمتها اللجنة العربية والمرصد الموريتاني لحقوق الإنسان في مدينة نواقشط من 16 الى 19 فبراير 2008 فخذوا لأنفسكم بالحزم والحياطة ولمرضاكم بالرفق والتثبّت واستعملوا الطريق الأفضل المؤدّي إلى السلامة والعاقبة المحمودة ونزّهوا عمّا تخافون أن يدخل عليكم الشبهة في دينكم ودنياكم فهو أبقى لجاهكم وأرفع في الدنيا والآخرة . الزهراوي تنص المادة الخامسة والعشرون من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان أنه : ’’ لكل شخص الحق في مستوى من المعيشة كاف للمحافظة على لصحة والرفاهية له ولأسرته ، ويتضمن ذلك التغذية والملبس والمسكن والعناية الطبية وكذلك الخدمات الاجتماعية اللازمة ، وله الحق في تأمين معيشته في حالات البطالة والمرض والعجز والترمل والشيخوخة وغير ذلك من فقدان وسائل العيش نتيجة ظروف خارجة عن إرادته . وللأمومة والطفولة الحق في المساعدة والرعاية ، ولجميع الأطفال حق التمتع بنفس الحماية الاجتماعية سواء أكانت ولادتهم في إطار الزواج أو خارجه.’’ ها قد حدّد المشرّع العالمي لنا الحالة المثالية التي يجب حسب تعبيره في الديباجة اعتبارها ’’ المستوى المشترك الذي ينبغي أن تستهدفه كافة الشعوب والأمم ’’ . هذه الحالة المثالية هي تمتّع كل شخص بالحقوق الواردة في الإعلان ومنها حقّ الصحّة . لكن ما هي الحالة الحقيقية في انتظار تحقق المشروع الجبّار ؟ هنا تحضرنا الحقيقة وهي أن حديثنا عن حقوق الإنسان مرتبط غالبا بغيابها ، أننا لا نكثر من الحديث عنها إلا بقدر ما تقلّ ممارستها و يكثر انتهاكها….أن الحق لا يتشكّل كموضوع للبحث ومعركة للنضال إلاّ لأنه ثمة عراقيل تمنع التمتع به . ونحن في آخر المطاف لم نخلق مفهوم حقوق الإنسان إلا من النقيض الذي هو الحالة الغالبة والفاعلة حتى وإن رفضنا له صفة الطبيعية . معنى هذا أن على القراءة الجادّة لحق الصحة أن تنطلق من واقع انتهاكه ، لكن ليس من حقنا الاستسلام للتشاؤم لأن الكأس في الواقع نصف فارغة ونصف ملآنة . فبجانب الانتهاك للحق هناك داخل المجتمع ككلّ بالضرورة مساحة تضيق وتتسع من التمتع به . هكذا ترى النضال من أجل حقوق الإنسان ينطلق من الغياب المكثف والحضور المحتشم لتوسيع رقعة الحضور وتقليص رقعة الغياب . ثمة فكرة هامة أود لفت انتباه القارئ لها منذ البداية وهي أن حق الصحة ليس جزيرة معزولة في نصّ الإعلان . هو جزء من الحقوق الاقتصادية والاجتماعية ( العمل ، التغذية ، التعليم ، الراحة ) . هذه الحقوق بدورها وثيقة الارتباط بالحقوق السياسية ( حرية الرأي والمشاركة والتنظم ) المنخرطة في منظومة الحقوق الفردية ( الحياة ، الكرامة ، الحرية ، الحرمة الجسدية ، الحياة الشخصية ، العدالة ). معنى هذا أن أي مسّ لأي حق من هذه المنظومة المتكاملة سيؤثّر بصفة ما على بقية الحقوق . وفي الاتجاه المعاكس فإن أيّ تحسّن في الحقوق يؤثر إيجابا على حقّ الصحّة . لننطلق من هذه الملاحظة ’’المتشائلة ’’ لاستعراض الإشكاليات الكبرى التي تشهد انتهاك حق الصحّة) ويمكن تصنيفها في ثلاثة ميادين . أ- الحق في حرمة الروح والجسد ما أغرب أن يكون الأطباء مصدر انتهاك حقّ الصحّة والحال أن الصورة المثالية والساذجة تجعلهم أشدّ المدافعين عنه . وحتى لا نتجنّى يجب التذكير أن الأطباء هم فعلا على الخطّ الأوّل في تمكين الناس من حق الصحة لكن هناك ظروف وحالات( و أطبّاءشواذّ ) تحيل النعمة نقمة. 1 ـ التجارب الطبيـة على الإنسان : لا شكّ أن موضوع التجريب الطبّي على الإنسان قديم قدر الطبّ نفسه ، فهذا الأخير لا يتقدّم إلاّ بالخطأ وتصحيحه أي بشكل أو آخر من التجريب . لكن بإسم المصلحة العليا لإنسانية مجردّة ، وبإسم تطورّ العلم ، وقع بعض الأطباء في أخطاء جسيمة تمثّلت في اعتبار المريض أو السجين ، أو الفقير المحتاج أداة تستعمل لأغراض علميّة بحتة لا علاقة لها بالمهمّة الوحيدة للطبّ وهي تحديدا حفظ الصحّة وردّها. إنّ تاريخ الطبّ القديم والمعاصر حافل بكثير من التجارب الذي استعمل فيها الإنسان كفأر مخبر بدون استشارته ، وقد شهدت الحرب العالمية الثانية انفجارا في هذه التجارب التي استعملت المساجين ، وأصبحنا نتوفّر على عديد المعطيات حولها . وقد قام الأطباء ومنهم أساتذة في كليات الطب على سبيل المثال بتجارب منها دراسة نقص الأوكسجين ، العطش ، البقاء الطويل في الماء البارد .. مما أدّى إلى موت مئات المساجين . منها أيضا أحسن وأرخص وسيلة للتعقيم . هكذا جرّب Shuman و Clauberg على مئات النساء جملة من التقنيات الكيماوية والكهربائية لتدمير المبيضين . كما وقع وقع حقن مئات المساجين بجراثيم عديدة لدراسة هذا المرض أو ذاك ثمّ وتجريب أدوية وعقاقير مجهولة المفعول . وفي نفس السياق استعمل الكثير من المساجين السياسيين واليهود والغجر لتجريب عدّة مصلاّت منها مصلّ ضدّ البرداء أودى بحياة المئات . وقد اتّضح إبّان محاكمة الأطباء المسئولين عن هذه التجارب في نورمبرج سنة 1947 ، أن التجريب الطبّي على الإنسان كان منتشرا في جلّ البلدان العالم الثالث وفي أمريكا نفسها. ومن المعروف أنّه لازال معمولا به في السجون الأمريكية لدراسة الأدوية الجديدة (مقابل مبلغ زهيد للسجين ) وفي جلّ مستشفيات العالم بعلم أو بدون علم المريض . 2 ـ مشاركة الأطباء في التعذيب : اصدرت منظمة العفو الدولي سنة 1989 تقريرا عن ضلوع الأطباء التعذيب في العديد من البلدان (2) ومشاركتهم في عملية الإعدام . أخيرا وليس آخرا أظهرت قضية تشخيص المرض العقلي في الإتحاد السوفياتي سابقا عند المعارضين السياسيين ضلوع أطباء الأمراض العقلية في الجهاز القمعي . 3 ـ التقصّي الجيني تمكن التقنيات الحديثة من تقصّي العديد من الأمراض الجينية في الأشهر الأولى للحمل كالتثلث الصبغي وهو ما يسمح بإجهاض سريع . الإشكالية أن معرفتنا المتزايدة بالأمراض الوراثية وبجنس الجنين قد يحمل الطبيب على توسيع مجال الإجهاض لا لشيء إلاّ لأنّ الجنين أنثى أو مصاب بخلل بسيط . 4 ـ السرّ المهنـي : يطرح هذا الموضوع بحدّة في هذه الفترة التي تشهد انتشار مرض عوز المناعة المكتسب ، فتقصّي المرض بتحليل الدم أمر بسيط إلاّ أنّ له ترتّبات خطيرة عديدة منها كما هو الحال في بعض البلدان العربية ضرورة إبلاغ السلطة ، مما يعني العزل الصحي على الموت . 5 ـ زرع الأعضاء : لا تتعلق الإشكالية هنا بشرعية زرع الأعضاء لأنّها تدخل في عملية العلاج ولكنها تتعلّق بشروطها . ثمة من يأخذون الأعضاء من جسم الهالك بدون رخصة أهله في حالة الرفض ثمّة أيضا مثلما يحدث في البلدان الفقيرة تجارة رابحة ينتقل فيها الدم والكلى من الفقراء الأصحاء إلى المرضى الأغنياء بمعونة سماسرة مختصين وأطباء متساهلين . * تطرح هذه المسائل على تعدّدها وتباين مستوياتها إشكالية صراع الحقوق حيث أن حقّ الإنسان في صحّة مهدّد دوما بظهور طرف ثاني يدّعي أن له حقوق أعلى من حقّ المريض في الصحّة أو في حريته أو كرامته أو حرمته الجسدية . هذا الطرف الثالث بالغ التعقيد لأنه في الواقع من ثلاث أصناف . ثمة العلم في البداية الذي أصبح شيئا مقدّسا لا حرج في تقديم بعض القرابين إليه إذا كان ذلك شرطا لتقدّمه . لكن تحت رداء البحث عن المعرفة أو المصلحة العامّة ، تجد في الواقع المصالح المادية والمعنوية للباحثين و مطالب مجتمع ينتظر الكثير من العلم بصفة عامة والطبّ بصفة خاصّة . ثمة المجتمع ومصالحه العليا . ومن هذا المنظور دعوة البعض للكشف الإجباري والتعرّف على المصابين بمرض عوز المناعة المكتسب حتى يتم عزلهم وحماية المجتمع من انتشار المرض المخيف. وتقدّم نفس الحجة ولو بأقل حدّة في خصوص الأمراض الجينية حيث لا مصلحة للمجتمع في ولادة أطفال معاقين أو بمرض يستوجب نفقات كبيرة. لذلك تتطلب هذه المصلحة منع مثل هذه الولادات حسب تقديرهم . ثمة أخيرا حقوق الدولة . لقد اعتذر الأطباء الألمان الذين شاركوا في التجارب النازية أو الأطباء السوفيات الذي شاركوا في تشخيص الأمراض العقلية عند المعارضين السياسيين، بضرورة طاعة السلطة وأخذ مصلحة الدولة (أي النظام السياسي في الواقع ) بعين الاعتبار. وتستعمل هذه الحجة أيضا لتبرير المشاركة السلبية في التعذيب أو الإعدام أو في عقاب المساجين . إنّ التجاوزات العديدة التي ذهب ضحيّتها عدد هام ولو أنّه غير مقدّر من لبشر بإسم علوية مصلحة العلم والمجتمع والدولة على مصلحة الإنسان قد دفعت المهنة الطبية والمجتمع نفسه إلى مراجعة ذاتية شاملة على مستوى فكري وقيمي من جهة ومستوى قانوني تنظيمي من جهة أخرى من أهمّ معالمهما ما يلي : إنّ النظرية القائلة بعلوية مصلحة الطرف الثالث على مصلحة المريض أو الإنسان السويّ مرفوضة جملة وتفصيلا لجملة من الأسباب . لقد كان القول بهذه النظرية مصدرا لسلسلة من الفضاعات التي يخجل منها الطبّ والتي يتضح في آخر المطاف أنها لم تكن لا ضرورية ولا حتّى مفيدة . إن المردود السلبي لهذا الخيار أهم بكثير من إيجابياته . مثلا إذا قلنا بضرورة كشف السرّ المهني في عوز المناعة المكتسب فإن هذا سيؤدّي الأغلبية إلى تفادي التقصّي خوفا من الترتّبات وهو ما يسهّل انتشار الوباء في حين إن ثقة الإنسان بطبيبه واعتقاده الراسخ بأنّه لن يفشي سرّه هي التي ستدفع به تلقائيا إلى طلب الإختيار وتحمّل مسؤوليته . إذا قلنا الأن بأولوية “الإنسانية ” المجرّدة على الإنسان في البحث عن الأدوية أو اللّقاحات الناجحة فإنّنا ننسى أن الإنسانية متجسّدة دوما في الإنسان وأنه لا معنى للتصرّفات اللاّنسانية بإسم الإنسانية ، كما أننا ننسى أن هناك دوما من هم مستعدون للتضحية في سبيل المصلحة العامة وأن علينا في حالة التجارب الطبية الضرورية أن نتوجه لحسّ المسؤولية لا أن نمارس الغش والخديعة . إذا قلنا الآن بأولوية مصلحة النظام السياسي لتبرير المشاركة في أي انتهاك لحقوق المريض فإنّنا ننسى أن الطبّ بمتطلباته الأخلاقية قار أزلي في حين أنّ تغيّر الأنظمة هو القاعدة ، وقد يسأل الطبيب مثلما حدث ذلك مرارا في التاريخ عن مسؤولية إذا ما انهار النظام الذي خدمه . إنّ الإجماع اليوم على التصدّي لكلّ التجاوزات والانتهاكات والحفاظ على أقصى قدر ممكن من الأخلاقية الطبية شبه تام مما أدّى إلى تزايد عدد القوانين والمؤسسات الساهرة على فرض احترام أخلاقيات المهنة وهي علاوة على الفصل الخامس والعشرين للإعلان :  إعلان مبادئ الأخلاقيـة الطبيّة (1982) : يطرح هذا الإعلان جملة من القواعد الأخلاقية التي يجب على الاطباء اتّباعها ويجعل من تحريم المشاركة في التعذيب مطلقا قيميا .  قواعـد معاملـة السجناء 1984 ـ 1977 ـ 1995 : يعطى هذا النصّ للسجناء الحق المطلق في الصحّة والعلاج دون اعتبار لأي من المعطيات الأخرى. ـ إعلان نور مبرج (1947) . يتعرّض هذا الإعلان لقواعد التجريب في الطبّ ، ويحرّم كلّ أشكال منه لا تستجيب لهذين الشرطين: أن يتم إعلام المريض بالتجربة ، ان يعطي موافقته على أساس قصى قدر ممكن من الحريّة والإدراك.  إعلان هاواي (1983 ـ 1977) : يحرّم هذا الإعلان استخدام الطبّ العقلي للأغراض السياسية كما يحرّم فرض العلاج ، ويطالب بإعلام المرضى وعائلاتهم بكافة حقوقهم ومن جملتها كيفية التعرّض لقرار الإيداع الإجباري في المستشفيات العقلية .  إعلان طوكيو (1975) : يحرّم هذا الإعلان تحريما قطعيا على الأطباء المشاركة من قريب أو من بعيد في التعذيب ولو كان ذلك تحت التهديد .  إعلان أثيـنا (1979 ) : يخصّ هذا الإعلان حقوق المساجين الطبية وهي نفس الحقوق التي يتمتّع بها كلّ الناس. بجانب كلّ هذه النصوص نلاحظ بروز ظاهرة جديدة تتمثل في إحداث ’’ لجان الأخلاق الطبية’’ سواء على الصعيد الوطني أو المحلي ( جامعة مستشفى ) تضم اختصاصين من ميدان الطبّ والعلوم الإنسانية والاجتماعية ويوكل إليها بمهمّة حماية حقوق المرضى الإرشاد والتوجيه بخصوص الأبحاث الضرورية . ب- الحقّ في أسباب الصحّة في زاد المسافر تقرأ لابن الجزار الدوافع لتأليفه، ” إلاّ أنّي رأيت كثيرا من الفقراء وأهل المسكنة يعجزون عن إدراك منافع ذلك الكتاب وغيره من سائر الكتب التي ألفها الحكماء في حفظ الصحة للأصحاء ورد المريض إلى الصحة لفقرهم وقلة طاقتهم الخ…”. لنلاحظ الإختلاف الهام بين هذا وتعريف ابن سينا (حفظ الصحة وبرء مرض ) فمن جهة وقع التّاكيد على أن حفظ الصحة مسألة تهم الأصحاء أي الجماعة ككل ولا تتعامل مثل ما توحي به الأرجوزة مع فرد مهدد . إن حفظ الصحّة هو اليوم المفهوم المركزي في فلسفة المنظمة العالمية للصحة . ومن هذا المنظور فإن الإشكالية الأساسية ليست توفير المستشفيات بقدر ما هي توفير الأسباب التي تمكّن الأغلبية من الحفاظ على هذه الصحة التي عرفها المثل العربي بأنها ’’ تاج على رأس الأصحّاء لا يراه سوى المرضى’’. إن تقرير المنظمة حول الصحة في العالم لسنة 2003 يظهر الهوّة الرهيبة بين الحق في أسباب الصحة التي تحدّث عنها الفصل الخامس والعشرون وبين الواقع. ففي هذا التقرير نقرأ أنّ عشرة أسباب فقط تتسبّب في ثلث الحمل المرضي سواء تمثل في نسبة المراضة morbidité أو الوفيات mortalité . هذه الأسباب هي نقض البرويتينات والحديد واليود والزنك والفيتامين أ ونقص المياه الصالحة للشرب والتدخين والعلاقات الجنسية غير المحروسة وارتفاع الضغط وارتفاع نسبة الكوليسترول . إن عوامل الخطورة هذه تتسبب في مجازر صامتة حيث يرتفع عدد الجوعانين إلى سبعمائة مليون نسمة . كما يعاني مائة وسبعين مليون طفل من نقص الوزن ويتسبب نقص الدم في موت ثلاثة ملايين شخص . إن أغلب العوامل ناتجة عن الفقر المدقع حيث يعيش نصف البشرية على دولارين للشخص في اليوم الواحد وثلث البشرية على دولار يتيم . كما إن هذا الفقر يتوسّع باطّراد نظرا للسياسات المتبعة حاليا في ظل العولمة المتوحشة وتفاقم الهوة بين من يملكون ولا يملكون. وفي ظل هذا الوضع القاتم نفاجأ بأن العالم وخاصة الثالث منه يواجه آفة نقص المناعة المكتسب وهو خلافا لما يشاع مرض جدّ مرتبط بانتشار الفقر. فثمة اليوم شبه جائحة من هذا المرض ليس فقط في إفريقيا جنوب الصحراء ولكن أيضا في الهند والصين وروسيا . لقد أظهرت الدراسات الوبائية ان انتشار المرض مرتبط بانتشار الدعارة وهذه تتبع طرق انتشار التشرّد الاقتصادي والبحث عن العمل ومخيمات اللاجئين . تظهر الدراسات ايضا ارتباط المرض بانخفاض المستوى المعيشي والتعليمي مما يجعل العلاج الفردي رغم ضرورته مجرّد محاولة إطفاء الحريق بملاعق القهوة. فعلى الصعيد العالمي والاجتماعي لا نستطيع ربط انتشار نقص المناعة المكتسب إلا بتدهور الوضع الاقتصادي والاجتماعي علما وأن المرض بدوره أداة لتعميق الأزمة. نعود هنا للفكرة التي أشرنا إليها في البداية ألا وهي أن الحق في الصحة لا يؤخذ معزولا عن بقية الحقوق ، فتمتّع البشر أينما وجدوا بحقوقهم الاقتصادية والاجتماعية والسياسية هو السبيل لتمتعهم بحق الصحّة وما عدا ذلك علاج عرضي لمرض مستفحل نقبل بانتشاره لعجزنا عن التفاعل معه على مستوى الجذور العميقة. إن هذا ما يجعلني أدافع داخل الوسط الطبي على أن الأغلبية الساحقة للأمراض التي تعاني منها البشرية هي انتهاكات حقوق الإنسان مثل التعذيب والمحاكمات الجائرة . فمرض الملايين الناجم عن سوء التغذية أو التسمّم بالتدخين والكحول ، لأن وراءها شركات عملاقة تحثّ على التدخين ، ليس قضية قضاء وقدر وإنما نتيجة وضع اقتصادي واجتماعي محلي وعالمي يقصر الصحة مثل الحرية والحرمة الجسدية على أقلية ويحرم منها الأغلبية . ج‌- حق العلاج يوجد اليوم في جنوب الصحراء 28 مليون مصاب بمرض نقص المناعة المكتسب . لا يتحصّل على العلاج سوى واحد في المائة . أما البقية فيتركون لموت محتوم رغم وجود أدوية تقلّل من خطورة افصابة وتطيل العمر نسبيا. هذه الأدوية مملوكة البراءة من قبل الشركات الصيدلية الكبرى وخصوصا الأمريكية وترفض التخفيض في ثمنها بحجّة تكاليف البحث العلمي . وقد هدّدت هذه الشركات في نهاية التسعينات بمتابعة حكومة جنوب إفريقيا قضائيا لأنها أرادت صنع أدوية مماثلة منقولة medicament générique . هذه الأدوية التي يمكن إنتاجها محليا تتكلّف لعلاج الشخص الواحد بتسعين دولار سنويا بينما تصل التكلفة في أمريكا على عشرة آلاف دولار . يعطي الفرق بين الرقمين حجم الأرباح الهائلة التي تحققها الشركات الصيدلية العالمية بالاحتفاظ ببراءة هذه الأدوية. وثمة ميدان آخر تتضح فيه أهمية الصراع بين الحقّين هو مرض الملاريا . إنه مرض يقتل ثلاثة ملايين شخص في العالم خاصة من أطفال العالم الثالث. لكن هذا المرض على خطورته وانتشاره لم يحظى بما يستحق من البحث العلمي لأن الشركات الصيدلية الكبرى التي تمتع بإمكانيات القيام بمثل هذه الأبحاث غير معنية بدواء لا يستهلك إلا فقراء العالم الثالث الذين لا يتوفرون على أي مقدرة شرائية . لذلك تفضّل هذه الشركات تركيز البحث على أمراض العالم الغني وعلى مشاكل الكماليات فيه مثل محاربة الصلع . ثمة إذن تناقض جذري بين حق الصحة و’’حق’’ الربح كما تفهمه الشركات الصيدلية الكبرى . لقد أثارت عملية تسليع الصحّة التي تحرم حتى الفقراء في أمريكا من الدواء لغلائه الفاحش ، سخط المنظمة العالمية للصحة . فقد شجيت في بيان ماي 2001 حرمان الفقراء من الدواء لأسباب تجارية بحت. أما لجنة الأمم المتحدة للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في بيان نوفمبر 2001 فقد ركّزت على حق الدول في استعمال الأدوية الضرورية لصحّة مواطنيها بغضّ النظر عن قضية الملكية الفكرية . كذلك أصدرت لجنة حقوق الإنسان في أفريل 2001 بيانا تقول فيه : ’’ إن الحصول على الأدوية المضادة لنقص المناعة المكتسب جزء هامّ من حق كل شخص في تحقيق أعلى قدر ممكن من الصحة الجسدية والنفسية ’’ . لكن أهمّ موقف هو الذي اتخذته اللجنة الأممية لحماية الملكية الفكرية في بيان سبتمبر 2002 حيث تقول : ’’ إن نظام الملكية الفكرية عامل معيق للتمتع بحق الصحة ولا يلعب دورا هامّا في تنشيط البحث العلمي’’. بهذا الموقف تكون اللجنة قد فضلت حق الصحة على حق الملكية أو بالأحرى على حق الربح المفرط ولو على حساب صحّة الملايين . * وفي الختام يتضح لنا أن حق الصحة ليس حقا في المطلق إنه حق يواجه ’’ حقوقا ’’ أخرى منها ’’حقّ ’’الأطباء النازيين في تشريح المرضى وهم أحياء و’’ حق’’ الطبقات الغنية في الاستيلاء على جلّ الثروات التي بدونها لا تتوفّر شروط الصحة للأغلبية ، و’’حق’’ الشركات الصيدلية في بيع الأدوية بأغلى ثمن ممكن . ومن البديهي أنّ كل هذه ’’ الحقوق’’ تستمدّ وجودها من شكل أو آخر من القوّة بل قل من العنف . لا غرابة أن يكون حق الصحة مثل بقية حقوق الإنسان غير قابل للتحقيق طالما لا توجد وراءه قوّة قادرة على فرضه . هذه القوّة ليست العنف وإنما الشرعية والأخلاق وأيضا السياسة الاجتماعية العادلة وفي آخر مرحلة الجزاء إن تطلّب الأمر. يتضح أن التمتع بحق الصحة يمرّ عبر جهد جماعي ونضال لا يفتر ضدّ مقاومة قد تأتي من حدود الاقتصاد وطبيعة المجتمع لكنها تأتي أساسا من طبيعتنا الازدواجية التي تجعل التجنّد لحق إنسان (خاصة إذا كان الشخص نفسه) أسهل من التجنّد لحقوق الإنسان
 
(المصدر: موقع   د. منصف المرزوقي  بتاريخ 26 فيفري 2008)
 


 

تونس: هل يمكن للمنجز الاقتصادي أن يعوض عن مطلب الحريات؟

مرسل الكسيبي (*)

 

على مدار عقد تقريبا حاولت السلطات التونسية توخي استراتيجية اعلامية هدفت الى الترويج للمنجز الاقتصادي والاجتماعي بأسلوب اعتمد شيئا من المبالغة والتضخيم في محاولة منها للتغطية على جوهر الاشكال السياسي وأساسا موضوع الحريات واحترام حقوق الانسان , غير أن هذا الأسلوب وان نجح لبرهة ما في اقناع بعض التونسيين والتونسيات بأهمية المكاسب المنجزة الا أنه بات عاجزا عن اقناع النخب والطبقة السياسية والمجتمع المدني وشرائح واسعة من المتعلمين بجدوى تأخير المطلب الديمقراطي الذي شهد في الأقطار المجاورة كثيرا من التحقيق والتثبيت والتطوير مقارنة بما تعرفه الحالة التونسية من جمود ورهبة رسمية قبالة موضوع التنمية السياسية .

 

الأرقام التي قدمها منتدى دايفوس في موضوع القدرة التنافسية أو التطمينات الصادرة عن صندوق النقد الدولي تجاه استقرار الحالة التنموية أو تبويب تونس من بعض الجهات كثالث أجمل وجهة سياحية عالميا …, كل ذلك لن يعوض عن قضايا الكرامة البشرية والسلامة الجسدية وأهمية احترام الحريات الأساسية كحرية السفر والتفكير والاعتقاد والتنظم والتعبير والاجتماع والمشاركة السياسية على أرضية المخالفة أو الاتفاق …

 

موضوعات ستظل شهادة شرعية ومصداقية أي نظام سياسي على الساحة العالمية , وهو مايعني أن محاولة اقناع التونسيين بنسب معينة من الرفاه في مقابل مصادرة حرياتهم تحت أي لافتة مضخمة أو مصطنعة سيكون من قبيل الاستخفاف بأجيال كاملة من أصحاب المستويات الدراسية والثقافية العليا أو حتى أجيال من عموم المواطنين الذين صقلتهم ثورة الاعلام والاتصالات زمن العولمة والقرية الكونية ذات التطلعات الانسانية المشتركة .

 

التونسيون اليوم باتوا يتطلعون دون أدنى شك الى رؤية تونس قلعة ديمقراطية لاتقل تنمية سياسية واصلاحا عن دول الجوار العربي والمغاربي والمتوسطي , وهو مايعني أن ممارسة الوصاية على نخبهم وقمع تطلعات متعلميهم ومراوغة مناضليهم السياسيين سوف لن تسهم في نهاية المطاف الا في تعميق حالة القلق العام تجاه مستقبل بلدهم في ظل وجود أزمة حريات أخفقت الالة الاعلامية الرسمية في التغطية عليها بأساليب الوعود والترويض وأساليب تضخيم المنجز التنموي في بعده الاقتصادي والاجتماعي .

 

ان النضج الذي بلغه التونسيون والتونسيات على الصعيد الفكري والسياسي لايمكن أن يقابل اليوم بمحاكمات قاسية وغير عادلة للمخالفين في الرأي , أو بمساومات رخيصة على أبسط حقوق المواطنة كالحق في العمل أوالدراسة أوالسفر أوالتنقل بحرية داخل التراب الوطني أو خارجه …

 

أساليب لايمكن أن تتساوق مع مستوى الوعي الجمعي والوطني في قضايا محسومة بنص القانون والدستور والمواثيق الدولية , غير أن الالتفات الى معاناة الأحزاب المعارضة أو فاعلي الجمعيات الأهلية أو النشطاء المستقلين تؤكد مرة أخرى أن هناك ازدواجية بين الخطاب والممارسة الرسميين , فبين الخطاب الاعلامي الرسمي وبين الممارسة الميدانية في الحقلين الحقوقي والسياسي تكمن المفارقة العجيبة تونسيا بين ديمقراطية الألفاظ وبين ديمقراطية أثخنتها جراح المحاكمات اليومية ومضايقات غريبة يتعرض لها المنتظم السياسي غير الرسمي بشكل شبه يومي .

 

السلطة تضطر الأحزاب والفعاليات السياسية تحت ضغط الانتهاكات الحقوقية الى التحول الى فضاء جمعياتي حقوقي أشبه مايكون بالرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان أو المجلس الوطني للحريات , ثم تطالب بعد ذلك الصف المعارض بالبدائل ! …

 

السلطة تحارب المعارضين في مصادر رزقهم وتجوع عوائلهم أحيانا ثم تتهمهم حين يلتجؤون الى اضرابات جوع احتجاجية بتشويه سمعة تونس !

 

السلطة تعفو عن عشرات من السياسيين أو أقل من ذلك في بعض المناسبات الوطنية ثم تعمد مابين المناسبة الوطنية والمناسبة الأخرى الى اعتقال المئات ضمن سياسة تكبيل المعارضة بمأساة أبواب السجن المفتوحة !

 

السلطة تتحدث عن احترام الحياء والاحتشام ولكنها تخرق أغشيتنا الطبلية بشكل شبه يومي بأخبار  المحجبات الممنوعات من حقوقهن الوطنية والدستورية في مواصلة مشوارهن التعليمي على غرار أقرانهن في سائر بلدان العالم العربي والاسلامي!

 

السلطة تحرمنا وتحرم أبناءنا من جوازات سفر تونسية وتساومنا مساومات لاتليق بدولة الحق والقانون فمابالكم بحرمانها لنا من التواجد فوق ترابنا الوطني بفعل محاكمات جائرة أثبتت المحاكم الأوروبية المستقلة خلوها من منطق العدل والقانون …!

 

السلطة تفصل المنافسة الانتخابية على مقاس أحزاب حاكمة وأخرى حاكمة وان حملت صفة أحزاب المعارضة , ثم تحدثنا عن المنافسة الانتخابية في كنف الحرية والديمقراطية والقانون !

 

ان سلطة تفعل كل هذا بمواطنيها لأنهم أحرار وشرفاء ومناضلون صادقون حري بها أن تراجع رصيدها التنموي اقتصاديا واجتماعيا عندما تبنيهما على ممارسة اقصائية تسحب منا مواطنتنا وتكرم بها اخرين على أساس من الولاء للايديولوجيا المعادية لقيم الشعب وهويته التاريخية وعلى أساس ولاء شكلي ليس له من المصداقية الا ظاهر اللفظ  ومغشوش العبارة …

 

فأدعياء الحداثة الذين يرضون الموت تحت وطأة السرطان لأبناء شعبهم بعد أن تنخرهم تدميرية واقع السجون المخلة بالادمية , هؤلاء لن يصنعوا أمجادا لتونس وكرامة لمواطنيها حتى وان أوهمونا بأننا نعيش في جنة لم تسمع عنها أذن ولم ترها عين ولم تخطر على قلب بشر !

 

احترام انسانية الانسان وكرامة المواطن وتقديس حقوق الانسان واعلاء حقوق المواطنة وضمان الحريات واخضاع أجهزة الدولة لقواعد العدل والقانون ودخول تونس مرحلة الاصلاح السياسي الجاد , كل ذلك وليس غيره هو الذي سيدخل تونس وشعبها التاريخ من بابه الكبير وحينها سنغني بكل اعتزاز للتنمية التي تقع بسواعد كل أبناء تونس وليس بسواعد بعضها دون الاخر وان كانوا من خيرة أبناء هذا الوطن وبناته  !.

 

(*) رئيس تحرير صحيفة “الوسط التونسية”

 

(المصدر: صحيفة “الوسط التونسية” (اليكترونية – ألمانيا) بتاريخ 25 فيفري 2008)

 


 

لا تلمسني

 

بالأمس القريب وعد ساركوزي أقرانه بأن لا يصافح يدا لا يعترف صاحبها بالكيان الصهيوني البغيض، واليوم يرفض رجل من بين الحشود المتواجدة في الصالون الفلاحي المقام نهاية الأسبوع الفائت بفرنسا مصافحته قائلا: “لا تلمسني فإنّك تقذّرني“…، فالرّجل يرى – وهو المراقب عن قرب – رئيسه قذرا نجسا تعافه الأيادي الفرنسية المميِّزة…

………………………………………

لماذا يراه هكذا؟! سؤال يجيب عنه الرّجل نفسه…، غير أنّ تراجع شعبيّة الرّئيس المناصر للصهيونية قد تقف إلى جانب هذا الرّجل….

 

هل ستكون هذه الحادثة مساعدا لمحبِّي المصافحة المجانيّة من العربان على الإقلاع عن مصافحة من ثبتت نجاستهم و نجاسة أياديهم الملطّخة بدماء أطفالنا وعجائزنا أم أنّ “التايد” و”الأريل” الصهيونين كفيللان بتطهير كلّ شيء؟!…

ثمّ ….

هذه الألفاظ التي ردّدها ساركوزي (متّ بغيظك أيّها الوقح الأبله، والترجمة مخفّفة مراعاة للقارئ)، لا تتماشى حسب ما أكّد الخصوم – على الأقلّ – مع منصب الرّئيس، الذي لا بدّ أن يتّحلّى بالهدوء التامّ ويحافظ على برودة دمه في كلّ المواقف، دون أن ينسى أنّه رئيس للبلاد يختلف في تصرّفاته وفي ردود أفعاله عن سائر المواطنين، كما قالوا…

ولكن…

وبالنّظر إلى قاموسنا التونسي مثلا (88 % يردّدون الكلام البذيء)، أو بالعودة إلى التعامل في ما بين الرّئيس والمواطنين: أهناك من يرفض مصافحة الرّئيس احتجاجا مثلا على القتلى في السجون أو على الأشباح في الزنازين أو استنكارا لمحاربة مظاهر التديّن والدين (الحجاب، غلق المساجد، الخ)؟!… أهناك في تونس من يصافح الرّئيس حقيقة؟!… فنحن نرى – عبر صور التلفاز – أيادي تقع بكراهة شديدة على يده ولكنّنا لا نلمس من الجانبين رغبة في المصافحة: فالرّئيس يرسل يده بروتوكولا تحت حراسة الزبانية والمواطنون يلقون أياديهم مداراة بفعل الخوف منه ومن الزبانية، ولو كتب الله لهم دقيقة حريّة واحدة لأسمعوه أعشار أعشار ما قال الرّجل الفرنسي لسركوزي ولأمطروه بكميّات كبيرة جدّا من المواد المطهّرة لإزالة النجاسات العالقة…

 

وبعد ذلك كلّه…

 

لو حدثت المعجزة وأنطقت المصائبُ المتوالية تونسيّا رجلا، ثمّ ساهمت الظروف (كلمة العيب سمّاعة) فأسمعت الرّئيس تلك الكلمة، فكيف سيتصرّف الرّئيس؟! … سأترك لكم المجال للردّ… غير أنّي ألاحظ: قد لا يكون الرّئيس بحاجة إلى ردّ فعل يخرجه عن البروتوكول، فالزبانية كانوا قد ألزموا الرّجل عدم الخروج على اللياقة وساعدوه على استعادة هدوئه إلى الأبد …!….

 

عبدالحميد العدّاسي            


 

رسالة شديد الاعتذار إلى كلّ من زياد الهاني وعبد العزيز الجريدي…

 نصر الدين بن حديد

بدءا بأبي الطيّب المتنبّي وعودة زياد الهاني إلى الاستشهاد بشعره، فيبدو أنّه لم يفهم أو بالأحرى لا يميّز بين مجال الرياضيات والفيزياء من ناحية، ومقام الأخلاق، حيث يمكن ضمن الواقع الأوّل جمع الموجب بالسالب، في حين أنّ الأخلاق تأتي ذات أبعاد مطلقه، وحين يكون الاستشهاد بقول المتنبّي وجب التذكير كذلك أنّه صاحب نظرة عنصريّة ورؤية دونيّة للزنوج، عبّر عنها من خلالك :«لا تشتري العبد إلاّ والعصا معه…»، وهذه أخلاق ـ وإن كانت لأحد أهم فحول الشعر العربي ـ تأتي وصمة عار لصاحبها، وكذلك تجعلنا نميّز بين القول أو الخطاب في حدّ ذاته وفي متنه، وبين أخلاق القائل، ولا أحسب زياد الهاني يقف في حضرة منظمّة العفو الدوليّة وينشد ما أنشد المتنبّي في وصف كافور الإخشيدي!!!

تجاوزًا لهذه المسألة السيكولوجيّة الخطيرة على مستوى العقل العربي، من حيث إفراغ الخطاب من مضامينه الابستيمولوجيّة وجعله في قطيعة مع الزمن والذات والحاضر، يمكن القول أن ما من قول، بما في ذلك القرآن الكريم قد تمّ جعله للشيء ونقيضه، وعلى زياد الهاني أن يراوح ـ إن كان يملك القدرة على الغوص في هذه المسألة ـ ضمن علاقة المتنبيّ بالفيلسوف نيتشه، وما قاله علي بن أبي طالب كرّم الله وجهه في أوجه تحميل القرآن ولا أرى زياد الهاني أكثر «محافظة» من ابن عمّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم…

 

نزولا إلى متن الموضوع، فقد اعترف زياد الهاني بقوله من المنصّة، أنّه لم يأت القول مجانًا، سواء من حيث الزمن أو المكان، بل يعلم وهو الصحفي أنّ تثمين المعلومة يعني التحكّم بدقّة في موعد إصدارها وسبيل نشرها، وكتب أيضًا :«وقد ترفّعت صحبة زملائي في القائمة المهنية “الصحافة كرامة ومسؤولية” عن توظيف تلك الحادثة في الحملة الانتخابية خاصة وأن الزميل المعني مترشح في قائمة منافسة، وتمسكنا (وهو ما لا يكن متبادلا من الجميع) بأن يبقى الجدل في مستوى البرامج والأفكار.»، فهو يعترف بصريح العبارة أنّه رأى [والرؤية له] أنّ الطرف المقابل لم يحترم قواعد اللعبة، ممّا أجبره على اللجوء إلى هذا السلاح!!!! والكلّ يشهد أنّه أورد الحادثة في شكل الاتّهام الصريح، وليس مجرّد التوصيف!!!!! ممّا يعني أنّ الماكيافيليّة هي الأصل والسند والركيزة وليس «الكرامة» أو «المسؤوليّة»… كذلك وجب أن نسأل زياد الهاني عن السبب الذي جعله يمتنع عن نقل هذه المعلومة إلى أعضاء المكتب، خاصّة وأنّ لجنة السكن تمّ حلّها قبل تاريخ الإعلان بأشهر…

يمكن كذلك أن نسأل زياد الهاني نيابة عن صديقه محسن عبد الرحمن عمّن لم يحترم قواعد اللعبة حين صرّح محسن أنّ أحد أعضاء المكتب المتخلّي تدخل لدى لجنة الحريّات وطلب [وكان له ذلك] بتليين الموقف وحذف بعض المقاطع، مقابل وعد بإنجاز المشروع السكني؟؟؟؟ هل كانت قائمة «الكرامة» و«المسؤوليّة» مستهدفة؟ ومِنْ مَنْ؟؟؟؟

 

عودًا إلى التاريخ ـ وخصوصًا موقع تونسيوز ـ يجد القراء وعموم الصحافيين أنّ زياد الهاني لم يجرّد قلمه البتّة سوى للدفاع عن ذاته، ولم يخطّ حرفًا حيت تمّ التهجّم على الجمعيّة أو حتّى على خميّس الخياطي، ولنا أن نسأل زياد الهاني، هل شرفه الشخصي أهمّ من شرف الجمعيّة وشرف من كان وإيّاه في ذات القائمة؟؟؟ يكون من حقّ زياد الهاني أن يؤمن بعدم الكتابة أصلا وعبثّية النزول إلى مثل هذه «السجالات»، لكنّ عليه أن يفهمنا حدود الصمت وأساسيات القول؟؟؟

زياد الهاني ـ أعود وأكرّرها ضابط احتياط ـ وقد تعلّم الذود عن الحمى وأنشد عوض المرّة ألف :«نموت، نموت ويحيا الوطن»، ممّا يعني أنّ مفهوم «الذات» عنده أوسع بكثير من «الذات الماديّة» أو العائلة المباشرة، ويجعلنا نفترض أنّ زياد الهاني يمتلك مؤهلات القيادة التي تجعله يقف في وجه الخطر دفاعًا عن البقيّة!!!

نسأله أيضًا أين كان قلمه حين تهجّم رضا الملّولي على الجمعيّة وقد قصد أساسًا الهاشمي نويرة؟؟؟ لماذا لم يأت دفاعه عن صديقه العزيز سوى من باب الدفاع نفسه، ويكون التساؤل، هل أورد اسم الهاشمي نويرة من باب الاستئناس به أم تكفيرًا عن تراجعه حين شرّع رضا الملّولي قلمه ونزل فيه قدحًا؟؟؟

يرى زياد الهاني أنّ أصولي تعود إلى قبائل الغجر العراقيّة التي احترفت إدارة المواخير هناك، لنا أن نسأله هل أتانا بهذه المعلومة عنعنة، وقد كان أولى من باب الأمانة أن يذكر مصادره أو عدد الزيارات التي أدّاها إلى هذه العوالم…

إذا افترضنا أنّني على الأخلاق التي ذكرها زياد الهاني، فيكون من الأخلاق أن يخبرنا عن الأسباب التي جعلت هذا الوضيع نصر الدين بن حديد يستفرد بالدفاع عن الجمعيّة، حين هاجمها هذا وذاك وحين قالت فيها أمّ زياد ما قالت؟؟؟ ومن ثمّة يكون السؤال عن صمت زياد الهاني، لأنّ أوضع من الديوث من جعل شرفه في يد هذا الديوث، وصَمَت، بل وتنعّم بذلك واستفاد، سواء على موقع مغاربيّة أو على هذا الموقع…

أمّا عن الهاشمي النويرة، وعن «هذا الفتى الذي أضاعه الصحافيون»، فيمكن أن نسوق واقعة واحدة، تخصّ تلك المسكينة التي جاءته تستجدي حقّها، وقد أجابها الهاشمي نويرة [سليل العائلة العريقة، والقول لزياد الهاني] في حدّة وغضب وصرخ في وجهها أنّه سيمكّنها من مستحقاتها، حين ينال هو مستحقاته من دار الصباح!!! هذه المرأة على قيد الحياة، وبإمكان زياد الهاني أن يأتينا منها بتصريح صحفي يكذّب هذا القول!!!!

 

أمّا بخصوص مقال التعقيب على السيّد أمّ زياد، فالقول أنّني اجتهدت وقد أكون أخطأت وقد أكون أجرمت، لكنّني لست ممّن يضعون مقاسات الحقل الصحفي وحسابات البيدر السياسي عند الكتابة، سواء هذه المرّة أو ما سبقها، في حين أنّ زياد الهاني لم يخطأ أصلا لأنّه لم يكتب أصلا، ولولا الحديث أو الدفاع عن شرفه [الشخصي] لما أتى على هذه المسألة، ممّا يعني أنّ كتاباته تحكمها ضوابط شخصيّة في علاقة بالحقل الصحفي وحسابات البيدر السياسي، وليس بالواقعة ذاتها، وإلاّ كان قد كتب عن حوادث جدّت في السابق…. كان على زياد الهاني أن تأخذه الحميّة ويكتب مدافعًا عمّا يراه شرف خميّس الخياطي، لا أن يلوم عن عدم الكتابة… ذلك هو الأصل وتلك هي بذرة الأخلاق حين غابت الشجرة…

يحدّثنا زياد الهاني عن الهاشمي نويرة قائلا :«لم يدّخر جهدا في كلّ مناسبة اجتماعية لتوفير اعتمادات مالية لجمعية الصحفيين التونسيين»، ولقارئ أن يرى أنّ الجمعية كانت مزرعة على ملك السيّد الهاشمي نويرة، لا رئيس لها اسمه فوزي بوزيان، ولسائل أن يسأل هل كانت الدولة تقدّم المال أخذًا بخاطر الهاشمي نويرة؟؟؟ هل غياب الهاشمي النويرة راهنًا سيجعل النقابة الوطنيّة للصحفيين التونيسيين تعيش الفقر والخصاصة، هل وجب أن نجتمع ونصرخ بأعلى صوت نطالب بعودة الهاشمي نويرة، حتّى تأتي الاعتمادات من المال العام… أعود وأكرّر ما قلته داخل نزل الهناء بأنّ هذه التصريحات أو هذه الاعترافات تجعلنا نفهم أن هؤلاء يتحدّثون عن عصابة، عن مزرعة، عن قطاع خاص، عن مافيا وليس دولة… قد يكون هذا العضو من المكتب أو ذاك بحكم التكليف قد جاء بهذا المبلغ أو ذاك، لكنّ الدولة أكبر وأرفع وأعلى مقامًا من أن تجعل بينها وبين الصحافيين حاجبًا بمثل هذه الوضاعة، يكون همزة الوصل وأداة الربط….

كذلك وجب التذكر أنّ زياد الهاني نال من المال العام الصحفي أكثر من ضعف ما ناله نصر الدّين بن حديد، وأنّ الهاشمي نويرة نال أربعة أضعاف ما ناله زياد الهاني….

أمّا تهمة «الشرفاء» فهي ثابتة بشهادة من حضر «سقيفة الغدر»، وأساسَا أنّ زياد الهاني آثر الصمت وتكلّم إثر ما بان الخيط الأبيض من الخيط الأسود، وقرّر الجميع، تحت إصرار «جماعة الرفض» إحالة المسألة إلى اجتماع عام، في حين أنّ اللقاء الذي تمّ في الليلة التي سبقت يومها في أحد دور حي الغزالة ـ وحضره زياد الهاني ـ قرّر إنشاء النقابة في تجاوز للشرعيّة الصحفيّة وليس استشارة الصحافيين….

 

أعتذر من زياد الهاني، أنّني دافعت عن شرفه يومًا وأنّني دافعت عن شرف الجمعيّة وأعضاءها، وأنا لا أملك من الأخلاق بحكم أصولي العراقيّة شيئًا، أعتذر حين وقفت في وجه رضا الملّولي، وأعتذر حين أجبت السيّدة أمّ زياد، وأعتذر لأنّني لم أدافع عن خميّس الخياطي، وأعتذر عن عدم رؤية ما يكفي من الرجولة لدى زياد الهاني، وإلا لكنت على صمت أهل القبور، فحين يتكلّم أصحاب الشرف، يسكت الغجر مثلي… وأعده بالصمت الشديد وله أن يصرخ بمفرده ما شاء…

 

أعتذر شديد الاعتذار من عبد العزيز الجريدي الذي جعلنا منه ـ بمفرده ـ حائط مبكى نبول عند أسفله ونمسح عنده كلّ خطايانا… أعتذر مجدّدًا لأنّ أمثاله ممّن يدّعون الكلام بعد فوات الأوان ويستذكرون التاريخ ولا يصنعونه، ويستدركون أفعال غيرهم ويلعقون صمتهم، قد صاروا إلى تكاثر… ونحن نلعنه بمفرده…

 

 

 

 


 

نْحِبْ نِحلمْ نْحب نحلمْ كِي لحْرَارْ وْ كي الثوارْ و كيما إلـّي كتمو لسرارْ وفتحوا وسط الضيق ثنيهْ و هي هيّ لا تزْراق و لا تخضارْ و لا يبيعوها و لا يشروها و لا يهدوها في لعيادْ شوفو عاد ْ و شوفوها ذاتْ الْعمادْ اشكون ينحت في الصخر ابدمّه ْ آش ايهمّهْ كلام الدوني  و كلام العاجز نادوني كي تحتاجو للفرسانْ يزي فكْ نحب نهجر رنة لقلقْ نحب نكتب في الحب قصيدْ نحب نشكي ليعة لغرامْ نحب نحلم و نحب انقولْ أنا كيفك شاهد زورْ على التاريخ إلّنت كتبتهْ و انت في بيتك زينته ْ نحب نشهد بلاش عينينْ كيف الكوخ كي لقصرْ كي باريسْ كي لْڥيتنامْ يزي فكْ نا جرحي يفتح مسلكْ من بوغريب للمريخْ يزي فكْ نا شاهد باع الضميرْ و باع الفاعل و المفعولْ و المبتدأ و الخبرْ و الكناية و الإستعارة نا ممنوع من التصريفْ في بغداد و في الأنبارْ نا حرف الجر الجبانْ نا حرب الجر الطوفانْ يا عثمان… يا عثمانْ غدوى انجر القيروانْ و نسمسر بالأزهر كانْ إيزيدوا السوم انبيع الشامْ آش كون ايزيدْ آش كون ايزيدْ على نضالك يا يزيدْ هدّم الكعبة الشريفهْ وْ حاصر قبر الرسولْ و علّي فوقهْ برج ايفيلْ وجيبوا الفيلْ و ابنوا قـُلـّيْسْ الأحباشْ وقولو للأعراب تحجْ و لا ّ تهجْ مع الحلاج ما تحتجْ أنا ابن جلا و طلاع الثنايا متى أضع العمامة تعرفوني يزي فك … يزي فك خلّي ايبيعْ مِ الوطنْ لِلحْكـُـكْ مادام سيدي مُطيعْ يحنِي ظهرهْ للسّفيرْ بريمر يا رمز العروبهْ يا شريف من نسل الشرفهْ ايطل م الشرفه ايوزع في صكوك الغفرانْ الجنة الخضراء فيها الحورْ وحارسها ماشو رضوانْ الجنة الخضراء حارسها م لمريكانْ كان ياماكان كنا انبيعوا في لعلوجْ جواري و خصيان و غلمانْ كان يا مكان يهابونا صفر و بيضْ فرس و ما جوس و رومانْ كان يا ما كان ايهابونا املوك الجان طاش و عرفاش ومرجان صرنا اليوم بلا تاريخ بلا حضارهْ بلا سلطانْ كوندوليزا تحكمْ فينا  احنا أولادك يا محمدْ و لا أولاد الأمريكانْ في العصر الكوندوليزي الجديدْ كل الورودِ بلا ألوانْ و العقولُ نسجت من خيوط العنكبوت للخوف  و لاءات يستبدّ بي ألمي فأرحل مع الراحلين دون زاد أو راحله أغرس أشواقي و أشواكي و الغضب في الأرض التي نمت بدمي و عرقي و اللهب خلْفت في الوطن الجريح بقايا سؤال ونصف صومعة و ثكلى مازالت تقطر بالرفض في وطني لا مكان للصمت كل الحب و الرصاص مباح قد تقتل و أنت تعشق مومسا قد تقتل و أنت تعشق رابعه قد تقتل و أنت تمارس العشق الشبقي  مع الوطن المقدس قد تقتل  و سيدك راكع أمام أشقر خصي  قد تقتل لتثبت لرب البيت الأبيض بانك نبي وحزامك الناسف المعجزه نْحب نحلم و انحب انقول نا نعشق رنة لقلام و صوت الرصاص الأبي يعلن الرفض المقدس في بيروت و في بغداد نحب نحلم ابطفلي يرجع البيت لحم و الجليل و الشيخ العليل ايصلي في بيت المقدس و ما ييئس ما ييبس غصن الزيتون و كان ايكون في نجمة ستة لڨرون مليون خنجر وسم عرب و جورج بوش يترعب يمارس في الجزيرة الحب و القينة حرة اعرب من نسلك أبالهب و أبي ابن سلول نحب انقول… نحب انقول هذا عصرك يا المغول ارحل ان كنت تجرب وصفة للحب في غير حبك و ارحل ان كنت تقاتل في أرض من غير أرضك و ارحل إن كنت تسامر خلا قد يسرق من كأس خمرك و ارحل ان كنت تجرب فن الغطس في غير بحرك و ارحل إن كنت تبيع  على الملإ قدسي أو قدسك فغدا حتما ألقاك تبيع للعلج أمي أو أمك أبو شهيد التونسي ( فريد خدومة ) قفصة 2006

 

 

بسم الله الرحمان الرحيم    
 تونس في 2007/02/21   والصلاة والسلام على أفضل المرسلين 
الرسالة رقم 405    على موقع  الحرية  
 بقلم محمد العروسي الهانيمناضل كاتب في الشأن التونسي و العربي والإسلامي                                                                                                            الحلقة (4)    

في الصميم مذكراتي الممتعة ذات البعد النضالي والوطني  وما حفها من إحباط ومظالم لا دخل للقيادة فيها…

أواصل الحديث بشجاعة وجراة وصدق وشفافية حول مسيرتي النضالية والوطنية وماحفها من مخاطر وإحباط ومشاكل ومظالم ومضايقات من طرف بعض المسؤولين وقد توقفت في الحلقة الثالثة للجديث على مظلمة يوم 1990/08/23 وقد وصل بهم الأمر إلى مس خبزة الأبناء وتعليمهم ولكن رغم محاولتهم واصل الأبناء تعليمهم العالي والثانوي والحمد لله كلهم نجحوا في الباكالوريا وبعدها الإجازة والمرحلة الثالثة وهذا بفضل الله وعونه رغم تجميد المرتب لمدة 42 شهر ثلاثة أعوام و 6 أشهر متوالية وقد اعطيت مثل ما حصل إلى جحا الأسطورة…، نعرف جبدا ان النشاط العام والمجهودات الجبارة والإنجازات والمشاريع والتضحيات ليس هي المقاييس لنجاح المسؤول ولا الحماس والنضال والعمل ليلا نهار وليس حب الشعب وخدمة المجموعة الوطنية ولا الولاء للوطن ولا السير بسرعة 220 كلم في الساعة ليس هذه هي  المقاييس ولا النضال طيلة 36 سنة من 1954 إلى بتسوية الوضعية وبعد أن أذن سيادة الرئيس عام 1994 بتسوية الوضعية بعد 42 شهر في الإنتظار حصل باجتهاد إداري تسوية الوضعية لإدماجي في سلك الوزارة المعنية قصد الحصول على التقاعد المبكر وهذا ما حصل فعلا في عهد الزعيم الرئيس الحبيب بورقيبة رحمه الله وقعت التسوعية ورفع المظلمة وإعادة الإعتبار وهذا ما ذكرته بكل جرأة وشجاعة وبدون تعليق وبعد معضلة عام 1990 واصلت النضال الوطني بروح وطنية عالية وكأنه لم يحصل لي شيء ودون أن حزّ في نفسي أعمالهم واعتبرت ذلك اجتهاد أشخاض مثلهم مثل سياسة التشفي التي قام بها المنجي الكعلي والطاهر بلخوجة وغيرهم وقلت عفا الله عما سلف ووضعت هذه المعضلة وراء ظهري غير متأثر بما وقع من تجاوزات إلى درجة قطع خبزة الأبناء وتعليمهم ومستقبلهم وحياة أسرة تتألف من 10 أفراد ولكن رب العالمين لا تخفيه خافية رزقنا وعوض كل خير وواصلت النضال الوطني والحزبي ومن عام1995  إثر التقاعد المبكر شاركت في عمل لجان التجمع الوطنية بدار التجمع سواء اللجنة السياسية التي يرأسها آنذاك الأستاذ محمد جغام عضو الديوان السياسي للتجمع وزير الداخلية وفي لجان أخرى وكذلك لجان مؤتمر الإمتياز عام1998  وكذلك عضو قار ناشط في منتدى الفكر السياسي وكان دوري بارز مع الكتابة في الصحافة الوطنية الصباح، أخبار الجمهورية وصحيفة العرب أيضا وحقائق والشعب وتحملت مسؤولية مؤتمر سياسي لتنشيط وتأطير المناضلين بشعبة الحجارة التي انتمى إليها باعتبارها قريتي الاصلية وكنت من عام 1960 إلى 1969 رئيسا للشعبة في سن الشباب ومما يذكر أن مؤتمر الشعبة الذي انعقد يوم 1997/05/18 كان مهرجانا شعبيا حضره 2500 مواطن منهم حوالي 800 مناضل وأشرف على هذا المهرجان الحزبي السيد كمال الحاج ساسي كاتب الدولة لصندوق 26-26 وفي 25 ماي 2001 عاد السيد كمال الحاج ساسي بوصفه الأمين العام المساعد للتجمع وأشرف على مؤتمر الشعبة بحضور ألف دستوري وقد قدمت الشعبة رسائل شكر للمناضلين وكان من انجازالشعبة ومؤطرها كتاب هام فيه رصيد العمل الحزبي ما يسمى بالتقرير الادبي لو حصل بين يدي الرئيس لأعجب به…وفي عام 2005 انعقد المؤتمر في غياب المؤتمرين والمؤطر تأثر بمحاولة مسؤول وطني غريب وعجيب وهي محاولة الحد من حريتي في الكتابة وقد أعطى إذنه بعدم نشر مقالاتي التي أقلقته سواء في مجلة حقائق أو الصباح وأخبار الجمهورية وواصل هذا المسؤول الوطني وتكليف كاتب عام لجنة التنسيق بصفاقس قصد دعوتي والسعي لإعلامي بمحاولة التهديد والترغيب وعرفت وقتها ماذا يريد الاخ المسؤول والنتيجة عندما أراد غلق كل الأبواب للحوار وأعطى تعليماته للتشطيب على اسمي من قائمة المدعوين لحضور كل النشاط الفكري والحزبي والسياسي والمنتدى الفكري وكان يعتقد أن هذه الطريقة العقيمة هي التي تجعلني أنبطح وأخشى التهديد الذي أعلمني به كاتب عام لجنة التنسيق بصفقاس أو المقابلة الأخرى بدار التجمع عام 2003 مع المسؤول وكان على غاية من التربية والاخلاق ولكن أراد إعلامي بما قاله الأمين العام للتجمع بدعوى أني كتبت مقال في جريدة أخبار الجمهورية عام 2003 حول ضم صوتي لمقال الأخ محمد المنصف بن مراد مدير الصحيفة ومقالي المشار إليه حول العفو التشريعي العام حسبما كتبه الأخ مدير الجريدة أيضا وتعود القصة بالنسبة لإقصائي وعدم مشاركتي في النشاط الفكري والسياسي إلى موقفي الشجاع يوم 6 أفريل2001  بمناسبة إحياء الذكرى الأولى لوفاة الزعيم الحبيب بورقيبة رحمه الله حسبما أذن به سيادة الرئيس زين العابدين بن علي شخصيا لكن وقعت تجاوزات وإساءة للزعيم الراحل رحمه الله وأراد السيد ابراهيم خواجة الوزير السابق للبريد والهاتف أن يضحك الناس فنبش التاريخ وأساء إلى رمز البلاد والأمة بورقيبة وبعضهم الذين لا يحبون الزعيم الراحل ولهم تاريخ لا أريد ذكره هؤلاء ضحكوا وأصبحت القاعة كأنها قاعة مسرحية أو فكاهية للفنان الامين النهدي فتأثرت ونهضت من مكاني متأثرا وقلت بصوت عالي الرجاء من الأخ المشرف زهير المظفر الأمين العام المساعد المكلف بالتكوين ومنتدى الفكر السياسي أن ينهي كلمة ابراهم خواجة الذي أساء في ذكرى رمز الأمة وزعيمها وتضامن معي 3 مناضلين مقاومين وفعلا نزل المعني بالأمر حالا من منصبه هذه الواقعة كانت النقطة الأخيرة وفاض الكأس. قال الله تعالى :”إن الله مع الصابرين” صدق الله العظيم  
محمد العروسي الهاني

الأصولية العلمانية تنفي علاقة الدين بالدولة.. والأصولية الدينية تزعم أنهما شيء واحـد

 
أبو يعرب المرزوقي (*)   لست أشك في أن أغلب القراء قد ضاقوا ذرعا بالمعارك الزائفة التي أغرقت بها الأصوليتان العلمانية والدينية فكر المسلمين فحالت دونه والفراغ للإبداع بدل جبره علي الاختيار بين الاتباع للماضي الأجنبي (ما يسمي حداثة: لا أحد غير بعض المتخلفين من النخب العربية يعتبرها مستقبل الإنسانية) أو الماضي الأهلي (ما يسمي أصالة: لا أحد غير المتخلفين من النخب العربية يعتبرها مستقبل المسلمين). ومن هذه المعارك الزائفة معركة تتردد كثيرا هي المعركة التي تدور حول المجيبين دون الشروط الدنيا للجواب المقنع سواء اختاروا النفي أو الإثبات: هل للإسلام دولة؟   لو كان الإسلام دينا مر عليه حين من الزمن لم يكن فيه ذا دولة أو نشأ تحت استعمار أجنبي مثل المسيحية لكان سؤال هل للإسلام دولة سؤالا وجيها ومفهوما. أما أن يكون الإسلام قد كان من البداية ذا دولة في التاريخ الفعلي ولا يزال ذا دولة في ضمائر معتنقيه فإن السؤال يصبح عديم المعني أو علي الأقل موضع تساؤل هو بدوره. ذلك أن محاولي الجواب بالنفي لا يستهدفون الحقيقة الأولي التي هي حقيقة فعلية في تاريخ المسلمين إلا بسبب استهدافهم الحقيقة الثانية التي هي حقيقة في ضمائر المؤمنين بالإسلام.   لذلك فإن المشكل كله بات متعلقا بتأويل تاريخ المسلمين ونصهم المقدس إما لفرض الفهم المسيحي للعلاقة بين الديني والسياسي عليه أو للحرب علي ضمائر المسلمين خلال سعيهم لاستئناف دورهم في التاريخ الكوني أو لهما معا سعيا لشطب شرط الإمكان الأنطولوجي لهذا الاستئناف من مخيلة الأمة ومن تاريخها. والعلة الحقيقية لهذا الموقف بفرعيه هي الخوف الدفين من هذا الاستئناف الذي سيحرر خمس الإنسانية بداية وربما كلها غاية بفضل الثورة القرآنية. وهذا الشرط الأنطولوجي هو: أن يتحقق ما في ضمائر المسلمين في الواقع الفعلي فيعودون كما كانوا أمة ذات كيان تاريخي فعلي لهم دولة تحمي كيانهم المادي وقيامهم الرمزي.   ضمائر الإشكال   كل قارئ نزيه يعلم أن سؤال هل الإسلام له دولة؟ يضمر أمرا ليس مشروطا في الجواب المثبت لوجود الدولة لكنه مشروط في الجواب النافي: إذا كان للإسلام دولة فينبغي أن تكون ثيوقراطية. فالجواب المثبت يمكن أن يكون: بلي إن للإسلام دولة لكنها ليست ثيوقراطية كما يضمر من يذهب إلي النفي حتي يتجنب ثقرطة الدولة. فالجميع يعلم أن الدولة الثيوقراطية أمر يستثنيه الإسلام بمقتضي عقيدته لمجرد نفيه مؤسسة السلطة الروحية فوق الجماعة المؤمنة. لذلك فهذا أمر لا يحتاج إلي كل هذا الضجيج.   أليس الجميع يعلم أن الصدام بين القول بالدولة الثيوقراطية والقول بالدولة المدنية كان ولا يزال جوهر الحرب الأهلية الإسلامية التي بدأت منذ ما يسمي بالفتنة الكبري وأنه إذن صدام قد حسم نظريا وعمليا قبل المعركة الزائفة الحالية لأنه لا علاقة له بالمعركة بين الأصوليين والعلمانيين؟ والكل يعلم نتيجة الحرب الأهلية الإسلامية لحسم هذه القضية ما هي.   فأغلبية المسلمين أو السنة اختارت مبدئيا رفض الدولة الثيوقراطية ومالت إلي الدولة المدنية دون أن تنفي تعالي أخلاق التشريع التي جعلتها عائدة إلي الشريعة بفرعيها (القرآن والسنة النبوية) وأناطت وظيفة التشريع العيني بإجماع المسلمين ومنه فهم التشريع المنزل وأمر العمل به إيجابا وسلبا (أي إن سلطة الأمة الشرعية لا الغاصبة يمكن أن تجمع علي رفع العمل بحكم لعلل ظرفية دون نفي الإيمان المبدئي به كما فعل الفاروق برضا الجماعة).   لن أتكلم علي من يتكلمون في الموضوع بزاد في علوم الملة لا يتجاوز زاد المدرسة الابتدائية مثل أحد النجوم في هذه الأيام. فقد سمعته ذات مرة يحاضر في تونس مع مستشار قد الدنيا يوم كان العلمانيون يديرون دفة التربية ويبشرون بتجفيف المنابع إلي أن حولوها إلي فلكلور تنويري جعل الزيتونة تصبح خلية حزب وفرع إذاعة وظيفتها الطبل والزمر باسم التحديث الطلائي. فكان المحاضران لا يستطيعان الخطاب إلا بالعامية المصرية ولم يستشهدا بآية إلا وصحبها لحن يندي له جبين أنصاف المثقفين في الدين فلم يكن لحنا بل تلحيناً! وقد يكون المستشار الذي هو قد الدنيا ذا أهلية قانونية للكلام في الفقه لكن مرافقه ـ الذي نراه اليوم بين نجوم المواقع والفضائيات يصول ويجول ـ كان وأظنه لا يزال خالي الوفاض حتي من هذا الشرط. ومع ذلك فهو يتجرأ علي إصلاح الدين الإسلامي في إحدي مسائله الجوهرية!   مصدر الإشكال   ما يعنيني هو العودة إلي معركة الخلافة في الربع الأول من القرن الماضي لنفهم العلل التي تجعل البعض يتصور قراءة بعض الصحف الغربية كافية للكلام في القانون الدستوري كلاما لا يؤيده التاريخ ولا النص الإسلاميان. وطبعا بعض من نفي وجود دولة في الإسلام لم يكونوا بحاجة إلي القانون الدستوري ولا إلي التاريخ حتي وإن زينوا كلامهم بالنصوص من القرآن والسنة لأنهم بخلاف الحاليين كانوا علي الأقل علي بينة من الثقافة الأصلية وهو ما يؤيد فرضية سوء النية وعدم سلامة القصد. إنما كانوا مدفوعين إلي نفي الدولة في الإسلام بدافعين بينين لكل ذي بصيرة:   الدافع الأول مباشر ونفعي: إنه التبرير الشرعي للقضاء الفعلي علي الخلافة ومن ثمة تأسيس الانفصال القطري والتقرب من العائلة المالكة في مصر العائلة التي كانت تحتاج إلي ما يشرع لها الانفصال الذي كان حاصلا في الواقع.   الدافع الثاني غير مباشر ودليل علي سوء فهم الحداثة: إنه تصورها رهينة الفصل بين الدين والدولة بالشكل المعروف عندئذ عند النخبة المصرية التي تأثرت بالثورة والعلمانية الفرنسيتين ومن ثمة فهي قد تمسحت من حيث لا تعلم: صار لقيصر الحق في مقاسمة الله فيعود الإنسان إلي فصام الطغيانين: طغيان فرعون وطغيان هامان!   عناصر المسألة   لا يمكن لامرئ يحترم نفسه والقراء أن يطرح أي سؤال فضلا عن سؤال من هذا الحجم معتبرا عناصره أمرا مفروغا منه وغنيا عن التحليل والتدقيق. ذلك أن الذهاب إلي القرآن والسنة للجواب عن أسئلة مضمرة لا علاقة لها بالسؤال ويتصورها السائل فيه الكثير من السذاجة لأن الاستغفال إذا سلمنا بوجوده لا يكون بهذا الغباء. أيعقل أن يعتبر السائل نفسه يجيب عن السؤال: هل للإسلام دولة؟ بمجرد البحث في القرآن والسنة عن أمر لا يمكن لذي عقل سوي أن يطلبه منهما أعني دستورا بالمعني القانوني للكلمة في التشريعات الوضعية الحديثة فيستنتج من عدم وجود بنود الدستور الحالي للدول الحديثة دليلا علي عدم وجود الدولة؟ أليس من يفعل ذلك كمن يقول: لم تكن الدولة المصرية في عهد الفراعنة موجودة ـ رغم أنها دامت أكثر 5 آلاف سنة ـ لأننا بحثنا فلم نجد مجلس نواب معيناً بانتخابات مزيفة كما هي الحال في الدول العربية الحديثة؟   لن أذهب إلي مطالبة صاحب هذا الكلام بما ينبغي أن يستنتجه من نفس الموقف أن بريطانيا العظمي ليس لها دولة لأن لا دستور لها بهذا المعني! يكفي ذلك للإشارة إلي مدي جدية من يقدم مثل هذه الأجوبة لإثبات نفيه وجود الدولة في الإسلام علما وأنه لا يعرف من القرآن حتي الفاتحة إذا بقي علي ما سمعته منه في تونس عندما دعاه المستنجدون به من أصحاب التنوير الزائف لتثقيف طلبة الزيتونة المسكينة. ولنذهب إلي بيت القصيد في هذه المسألة بوجهيها التاريخي والمبدئي لنطرح السؤالين اللذين ينبغي أن نتدبرهما في الرد علي ذلك حتي وإن بدأ مع شيوخ أزهريين:   السؤال الأول: هل كان علماء الإسلام خلال أربعة عشر قرنا بهذه الدرجة من البلادة بحيث قبلوا بمؤسسات الدولة التي أصلوها في الإسلام بسبب الجهل والعدوان علي الدين الذي كان عليهم أن يجدوا فيه المسيحية (فصل الدين عن الدولة) لا الإسلام الذي يرفض هذا الفصل بالجوهر؟ السؤال الثاني: هل صحيح أن النصين المرجعيين يخلوان من نصوص واضحة تحدد أركان الدولة بسلطاتها الثلاث التقليدية وبسلطتيها الخاصتين بالدولة الإسلامية التي لم يرها فقهاء آخر الزمان ممن لم يدرسوا لا الفقه ولا القانون ولا اللغة العربية ولا العلوم الدينية إلخ.. ويسعون إلي تجفيف المنابع لزرع العلمانية التي جهلهم بها لا يقل فداحة عن جهلهم بالإسلام؟   السؤال التاريخي   هذا سؤال يسير علاجه لأن أي متطفل علي الفكر مهما كان وقحا لا يمكن له أن يزعم العلم بالمؤسسات السياسية والدينية الإسلامية أكثر من الغزالي وابن خلدون: فهي مسألة تاريخ وهما كانا من صناعه فضلا عن كونهما من منظريه. فكلاهما يؤكد في جل مؤلفاته الأمرين التاليين:   الأول أن الإسلام غير قابل للتصور من دولة تامة الشروط بل وأن الدولة ما كانت لتكون ضرورية عقلا لولا إيجابها الديني لأن الناس يمكن عقلا أن يعيشوا فوضي أو أن يكونوا مسالمين فلا يحتاجون للدولة. وهذا الجواب يرد به كلا المفكرين علي مذهبين: فلسفي يدعي أن العقل يوجب وجود الدولة ومذهبي يدعي أن الدولة حق إلهي لآل البيت يستوجب الوصية للحاجة إلي الإمام المعصوم.   والثاني أن هذه الدولة ليست دينية رغم أن مبدأ تأسيسها وأخلاق تشريعها دينيان أو إن شئنا مقدسان. فهي دولة مدنية لأنها تخضع لإجماع الأمة وليست جزءا من العقيدة. لذلك فمتولو أمر الدولة ليسوا رجال دين ولا هم معصومون بل هم مجرد موكلين بأمر الجماعة بفضل تعاقد اسمه البيعة التي من شرطها أن تكون حرة واختيارية (طبعا هذا في الواجب والواقع بخلافه كما هي الحال في كل الأنظمة بما في ذلك الديمقراطية التي يعلم الجميع أنها ألغارشية في الواقع وديمقراطية في الواجب). والغريب أن أصحاب هذا الكلام البارد يضيفون إلي هذه الحجة الواهية دليلين آخرين من التاريخ يثبتان عكس ما يسعون إليه:   الأول هو حصول الفتنة التي تدل علي عدم تحديد نظام الحكم ومن ثمة علي عدم حسم نصوص هذه الإشكالية.   والثاني هو تعدد أشكال الخلافة في التاريخ الإسلامي من الراشدية إلي الملك العضوض إلي الجاهلية في الغاية.   وسنبدأ بهذين الدليلين التاريخيين. فالدليل الأول يثبت عكس ما يزعمه هؤلاء المتفلسفون المزعومون في الفقه الدستوري. ذلك أن الخلاف حول الشكل يثبت وجود الموضوع ولا ينفيه. فالمسلمون لم يختلفوا بعد وفاة الرسول علي وجوب وجود الحكم والدولة بل علي شكلها. وفهم هذا الفرق لا يتطلب علما ولا حتي ذكاء بل العقل السليم وحده كاف. والدليل الثاني يثبت العكس كذلك. فالتغير في نظام الحكم وشكله لا ينفي وجوده بل يثبت مراحل تاريخه وتحولاته حتي وإن كانت متنازلة من حيث القيمة الخلقية.   والدليل الثاني يثبت وجود الدولة بصورة أكثر دلالة من الأول لأنه مشروط بوجود الموضوع في العين وليس في الذهن فحسب مما قد يحوج الدليل الأول إلي بيان أنه كان في العين وليس في أذهان المسلمين فحسب: فلا يتطور شيء إذا كان معدوما. والاعتراض علي الدليل الأول بأن المسلمين يمكن أن يختلفوا علي شكل الحكم دون أن يكون موجودا اعتراض مقبول. لذلك فهو دليل محتاج إلي دعامة تاريخية: فالدولة كانت موجودة في حياة الرسول والخلاف كان علي شكل مواصلتها لأن أحد ركنيها توقف بموته: الوحي.   لذلك اختارت غالبية المسلمين بعد ترو أن توقف الوحي يعني أن الأمير في الدولة لم يعد بوسعه أن يدعي العصمة التي صارت لإجماع الأمة وليس للحاكم وأنه ينبغي أن تكون الدولة مدنية الإدارة حتي وإن ظلت دينية التشريع في المبادئ الأساسية لكل تشريع وخاصة في أخلاقه. والمعلوم أن الأقلية اختارت حلا آخر هو نسبة العصمة لآل البيت وليس للأمة وهو ما يعني بنحو ما تواصل الوحي وتأسيس الدولة الثيوقراطية. فكان ذلك سبب الحرب الأهلية.   والأغلبية التي اختارت الدولة المدنية قاست الحكم من حيث المؤسسات علي الدين فاعتبروا الحكم مثل الصلاة بحاجة إلي إمام وأموا أبا بكر في السياسة كما أمه الرسول في الصلاة. وبذلك تواصلت دولة الرسول من دون زعم وراثة الوحي والعصمة بل أصبح الحكم مجرد راع للشرع. وتلك هي الدولة التي حاربت وصالحت وعقدت معاهدات مواصلة لما بدأه الرسول. ولم يكن ذلك في العلاقات الداخلية فحسب بل كان في العلاقات الدولية كذلك سواء بالمراسلات السلمية أو باللجوء إلي الحبشة أو بالشروع في حرب التحرير ضد الاستعمار البيزنطي في شمال الجزيرة. وطبعا لا فائدة من إطالة الكلام في مثل هذه البديهيات الخاصة بمقومات ما يسمي دولة حتي بالمعني الحديث لأن ذلك لو فعلته لكان تحقيرا حتي من أغبي المخلوقات.   سؤال النصوص   وهذا هو السؤال الذي يركز عليه طالبو الدستور من القرآن والسنة ليثبتوا النفي عملا بمنهج المغالطة والأفخاخ التي ينصبونها للسذج من الرادين عليهم ببضاعة من جنس بضاعتهم المجزاة. فعندهم أن عدم وجود دستور وعدم تحديد مؤسسات الحكم وشكله في القرآن والسنة (القولية والفعلية) دليلان كافيان لنفي وجود الدولة في الإسلام. هكذا بكل بساطة. فلنأت الآن إلي النصوص دون إيرادها لأن المقام لا يسمح بذلك ولأن مضمون القرآن والسنة في متناول القارئ إذا كان ممن تربوا في وسط إسلامي فلا يحتاج إلي إحالات عينية.   فإذا كان المجادل يطلب نصوصا دستورية بالمعني القانوني الحديث فلا فائدة من الكلام معه. لأن ذلك ليس من مهام النصوص المقدسة بل وحتي من مهام النصوص الفلسفية التأسيسية. فالفلسفة العملية حتي في الفكر الملحد تابعة للنظر ومن ثم فهي تأتي في المقام الثاني في نسبة المرحلة التطبيقية إلي المرحلة النظرية من كل فكر تأسيسي. لن تجد في نص ميتافيزيقي كلاما علي شكل الدولة بل تجد ربما كلاما علي الحاجة إلي النظام والأخلاق إلخ…وكيفيات الانتقال من النظر إلي العمل إما في مسائل فلسفة الحق أو في مسائل القانون الدستوري. لذلك فالنصوص التي ينبغي طلبها من المرجعية النصية لمن يريد أن يجيب عن هذا السؤال علي ضربين كما هي حال القرآن الكريم والحديث نفسيهما:   1ـ نصوص تأسيسية للحكم والأخلاق في مجالات التنافس والصراع الممكن بين البشر (وهذا تجده في القرآن المكي والحديث القدسي) وهي تنتسب إلي العقيدة أكثر من انتسابها إلي الشريعة رغم ما لهذا التمييز من تقريبية لأن الأمرين متلازمان.   ونصوص تطبيقية للحكم والأخلاق في نفس المجالات (وهذا نجده في القرآن المدني والحديث العادي). ومن لم يجد ذلك إذا كان يفهم المقصود بالدولة فهو إما فاقد للبصر فضلا عن البصيرة أو سيئ النية ولا يريد الجواب عن سؤاله.   وهذا السؤال عن الدولة لا ينبغي أن يذهب إلي النص المؤسس من كلمة جوفاء هي كلمة دولة بل عليه أن يبدأ فيحدد المقصود بالدولة من حيث الوظائف والأعضاء القائمة بها أعني المؤسسات؟ أليست وظائفها هي موضوع الحكم وأعضاؤها هم مؤسساته ودستورها هو تحديد الوظائف والأعضاء مع ضب معايير عملها وكلها تعود إلي مؤسسات علاج القضايا التي يطرحها الوجود المشترك بين الناس ومعاييرها؟ وهذه المؤسسات ألا ينبغي أن تكون مؤسسات متعالية علي الأسر الحاكمة وعلي أعيان الحكام وأن تدور حول مسائل لا يخلو منها عمران؟ هل يوجد أحد يشكك في أن القرآن الكريم قد حدد كل هذه الأمور بوضوح ليس له نظير أعني:   1ـ مسائل الرزق والتنافس عليه: وهو ما يناظر الاقتصاد في لغتنا الحديثة (انظر الباب الخامس من مقدمة ابن خلدون). 2ـ مسائل الذوق والتنافس عليه: وهو ما يناظر الجنس والفنون وكل ما له علاقة بالعيش المشترك من حيث هو تآنس. 3ـ مسائل السلطان علي الرزق: الحقوق والواجبات والعدوان عليها والفساد في الاقتصاد. 4ـ مسائل السلطان علي الذوق: الكرامة ومنزلة الناس وعلاقات الحب والزواج والأسرة وكل مسائل الذوق والفنون وبصورة عامة أحكام القيمة الخلقية والجمالية. 5ـ مسائل السلطان الشامل لكل ذلك أعني الحاجة إلي الحكام في الخلافات حول هذه المسائل وفي توفير شروط العيش الآمن والوجود المشترك وهو بالضرورة ذو وجهين معنوي ومادي لأن الأمن لا يمكن أن يوفره الجهاز المادي للدولة وحده من دون جملة من المعايير المقدسة المشتركة بين الأفراد من دونها يصبح العيش المشترك جحيما لفقدان اطمئنان الناس بعضها إلي بعض وسيطرة عدم الثقة والتوجس الدائمين.   تلك هي وظائف ما نسميه دولة بالمعني القرآني للكلمة، المعني الذي هو أرقي حتي من معناها الحديث عند من يجهل فلسفة الحق فضلا عن القانون الدستوري. ولذلك فهي كيان مقدس يجمع بين الروحي وفاعليته الخلقية والمادي وفاعليته الطبيعية إذ من دون ذلك يصبح السياسي خاضعا لمنطق الذئاب والديني لمنطق المحتالين. والدولة من حيث هي نظام المؤسسات المجرد تعني بهذه المجالات من حيث السلطات الثلاث بالمعني التقليدي في الأنظمة الدستورية الحديثة أعني: 1ـ التشريع 2 ـ والقضاء 3 ـ والتنفيذ. لكن ذلك لا معني له من دون السلطتين اللتين بدأت المجتمعات الحديثة تدرك أهميتهما وهما من جوهر الديني الإسلامي أعني 4ـ سلطة الرأي العام أو ما يسمي بسلطة الحسبة المعبرة عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أي عن أخلاق الجماعة سواء كانت دينية أو غير دينية. 5ـ وسلطة النظام التربوي والثقافي الذي ينبغي أن يكون مستقلا عن الجهاز التنفيذي للدولة.   ولعل ما يسمي اليوم بالسلطة الرابعة قريب من سلطة الرأي العام في النظام الإسلامي بمعني الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إذا توفرت حرية الإعلام. كما أن ما يسمي بسلطة المثقفين قريب من سلطة العلماء والنظام التربوي الإسلامي إذا كانوا حقا نابعين من الثقافة الأهلية وليسوا وافدين إليها بزاد مستلب. وينبغي أن تكون سلطة النظام التربوي تابعة للرأي العام من حيث القيم العليا مع استقلال من جنس استقلال المعرفة المختصة علي المعرفة العامية والمقابلة هي مقابلة فرض العين في سلطة الرأي العام وفرض الكفاية في سلطة التربية والثقافة.   خاتمة:   وحاصل القول ومجمله أن المتكلمين في هذه المسألة من العلمانيين يتكلمون في الحداثة ويريدون التحديث من منظور وحداني المنظور أحيانا بوعي وأحيانا بغير وعي بمقتضياته وما يترتب عليه. وقد سبق أن نقلت إلي العربية تعريف هيدغر للحداثة التي يهيم بها الكثير من نخبنا ولا يرون ما جرته علي الإنسانية من نكبات أقربها الحربان العالميتان والفاشيات الثلاث التي أدت إليها وذروتها الحالية في العولمة المتوحشة التي جعلت الجميع عبيدا بمن فيهم من يتصورون أنفسهم سادة العالم. وما يجدر التذكير به هو أنها في الجوهر سعي لتمسيح العالم بنظرية تأليه الإنسان وإخضاعه للفصام المرضي بين قيصر والله: وباسم الأول يتم إخضاع حياته المادية لحيل المافيا السياسية وباسم الثاني يتم إخضاع حياته الروحية لحيل المافيا العلمانية التي تنافس المافيا الدينية علي هذه السلطة.   ليس الهدف هو إذن تحرير الإنسان من الطاغوتين بل هو مجرد صراع بين المافيتين الرمزيتين في خدمة قيصر أعني اخطبوط العصر الحديث: أجهزة الدولة الحديثة. وهو أمر حدده القرآن الكريم كذلك بصورة صريحة لا لبس فيها كما حدد وظائف الدولة ومعايير علمها الخلقية والاقتصادية والعاطفية في الآية 136من الأنعام: وجعلوا لله مما ذرأ من الحرث والأنعام نصيباً فقالوا هذا لله بزعمهم وهذا لشركائنا. فما كان لشركائهم فلا يصل إلي الله. وما كان لله فهو يصل إلي شركائهم. ساء ما يحكمون .   (*) كاتب ومفكر من تونس   (المصدر: صحيفة “القدس العربي” (يومية – لندن) الصادرة يوم 26 فيفري 2008)


 

برامج ومبادرات ومشاريع إعلامية لقناة المستقلة الفضائية

 

1 ـ القمة العربية الأهلية للتعليم العالي والبحث العلمي

 

تنظم قناة المستقلة في الفترة من 25 الى 27 ربيع الثاني 1429 هجرية، الموافق: 1 الى 3 مايو 2003 ميلادية، إن شاء الله تعالى، القمة العربية الأهلية للبحث العلمي والتعليم العالي.

هذه القمة مبادرة جديدة من قناة المستقلة في خدمة العلم والتقدم، سيشارك فيها نخبة من الجامعيين والعلماء العرب، يناقشون على امتداد ثلاثة أيام الاستراتيجية الأنجع والأفضل لتطوير البحث العلمي والارتقاء بمستوى التعليم العالي في البلدان العربية.

2 ـ ديوان لماذا نحبه؟

 

“لماذا نحبه؟” مبادرة ثقافية جديدة غير مسبوقة، وعنوان  ديوان شعري جديد يحتوي مائة قصيدة لمائة شاعر معاصر موضوعها حب خاتم الأنبياء والمرسلين، محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم.

تبحث هذه المبادرة الثقافية عن تفسير الشعراء المشاركين في الديوان للأسباب التي تجعل قلوب ما يقرب من ألف وخمس مائة مليون إنسان على ظهر البسيطة تفيض بحب رسول الرحمة وإمام الهدى وصاحب الخلق العظيم.

وقد تم الإتفاق مع دار نشر عربية مرموقة لطباعة النسخة العربية من الديوان ثم سيبدأ العمل فورا لترجمة الديوان ونشر قصائده باللغات الانجليزية والفرنسية والصينية والإسبانية والهندية.

“لماذا نحبه؟” مبادرة ثقافية جديدة لقناة المستقلة هدفها تشجيع الفن الراقي واكتشاف المواهب الشعرية المتألقة في المجتمعات العربية، والمأمول أن يكون هذا الديوان إضافة نوعية وصفحة مشرقة في تاريخ الشعر العربي والعالمي.

 

3 ـ الدور الثالث من مسابقة شاعر العرب

 

تبدأ في أبريل المقبل إن شاء الله منافسات الدور الثالث لمسابقة “شاعر العرب” ويتضمن 15 مواجهة شعرية، تجمع كل مواجهة شاعرين عربيين يترشح منهما شاعر واحد للدور المقبل.

تعتبر مسابقة “شاعر العرب” أول مبادرة من نوعها في تاريخ الفضائيات العربية للإحتفال بالشعر العربي الفصيح وتكريم الشعراء المبدعين بلغة الضاد. تم الإعلان عن إطلاقها في نهاية شهر فبراير 2007،  وقد رصدت لها قناة المستقلة جائزة مالية قدرها 300 ألف دولار أمريكي.

طلب المشاركة في المسابقة بعد الإعلان عنها في فبراير 2007 عدد كبير من الشعراء العرب في كل أنحاء العالم ووصل العدد الى 1280 شاعرا. تم فرز قصائد الراغبين في المشاركة، وشارك منهم 198 شاعرا في الدور الأول، كل ستة شعراء تنافسوا في حلقة واحدة.

وترشح للدور الثاني من هؤلاء المتنافسين ستون شاعرا، تنافس منهم 57 شاعرا في الدور الثاني، كل منهم عرض على لجنة التحكيم ثلاث قصائد. قيّم المحكمون القصائد من دون معرفة أسماء الشعراء، وبعد جمع العلامات التي حصلت عليها كل قصيدة، ترشح الشعراء الثلاثون الأوائل الذين حصلوا على أعلى الدرجات.

وفي أبريل المقبل إن شاء الله تنطلق منافسات الدور الثالث من المسابقة.  

4 ـ تاريخ الإمام علي بن أبي طالب 

تبث قناة المستقلة سبع ندوات حوارية عن تاريخ رابع الخلفاء الراشدين علي بن أبي طالب رضي الله عنه في الفترة من 24 إلى 29 فبراير، وذلك ضمن برنامج “تاريخ الأمم”. يبث البرنامج يوميا خلال هذه الفترة في السادسة وعشرين دقيقة مساء بتوقيت غرينيتش، ويعاد بثه في العاشرة ليلا بتوقيت غرينيتش، ثم في الساعة 12:30 بتوقيت غرينيتش ظهر اليوم الموالي.

5 ـ تاريخ الأمير عبد القادر الجزائري 

بدأت قناة المستقلة منذ يوم الإثنين 25 فبراير بث حلقات يومية عن تاريخ ناصر الدين الأمير عبد القادر الجزائري، ومن خلاله تاريخ الجزائر في النصف الأول من القرن التاسع عشر.

تذاع الحلقات يوميا في الثامنة ليلا، ويعاد بثها في الثانية ظهرا بتوقيت غرينيتش من اليوم الموالي.

 

Home – Accueil الرئيسية

Lire aussi ces articles

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.