Home – Accueil – الرئيسية
TUNISNEWS
7 ème année, N° 2437 du 23.01.2007
عن عائلة ياسر الغالي:نداء من أجل إطلاق سراح ابننا ياسر الغالي الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان – فرع القيروان: بيــــــان الاتحاد العام التونسي للشغل الاتحاد الجهوي بالقيروان: بلاغ أخبار تونس: الرئيس زين العابدين بن علي يلازم الراحة لمدة ثلاثة أيام يو بي أي :الرئيس التونسي يصاب باٍلاتهاب في الحنجرة قبيل بدء القمة العربية المصغرة بليبيا يو بي أي: وزير تونسي يصف اٍيطاليا ب’الحليف’ الاقتصادي الذي يمكن الاعتماد عليه يو بي أي:وزراء التّجارة المغاربة يجتمعون في تونس قريباً لبحث تنمية التّبادل التجاري العربية: حملة إلكترونية عالمية تشطب فاروق حسني من قائمة أعداء الحجاب عبد الرؤوف العيادي:تعقيب على مقال الطاهر الأسود المنجي الفطناسي: تونس الخاسر الأكبر حسين المحمدي تونس :اليوم الرابع من الاضراب الموقف: لقاء مع الكاتبة المسرحية ليلى طوبال: “رهائن” تحمل تساؤلات عن الارهاب والحرية مواطنون: الدولة المتحزبة تفرق ولا تجمع مواطنون: وجهة نظر´: بين الواقع و الدستور…في الدستور مواطنون: حديث مع بوراوي عبد الجليل – أسدل الستار على المؤتمر الحادي و العشرين للاتحاد العام التونسي للشغل فما هي انطباعاتكم؟ “صوت الشعب” :وزارة التعليم العالي تساوم بالتقاعد “صوت الشعب” :الدولة التونسية والسرقة المقنّعة “صوت الشعب” :البوليس يمنع بالقوة اجتماع المجلس الوطني للرابطة “صوت الشعب”:قراءة في قانون المالية لسنة 2007 “صوت الشعب” :مؤتمر اتحاد الشغل بالمنستير:وكادت المفاجأة الكبرى أن تحدث! الطريق الجديد: الحقيقة وحدها ثورية الطريق الجديد:الحداثة أساس القفزة الماليزية الطريق الجديد:أفكار متقاطعة:وليمة الفئران برهان بسيّس : «الكاباس» … إلى متى؟! برهان غليون: عودة إلى التفكير في الشرط الاستعماري
Pour afficher les caractères arabes suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe ( Windows )
To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic (Windows).
نداء من أجل إطلاق سراح ابننا ياسر الغالي
ابننا الأصغر ياسر الغالي يبلغ من العمر اليوم 29 سنة. أراد، كجلّ شباب تونس، أن يكون في مستوى الأجداد حين هبّوا لمناصرة فلسطين في 1947 و1948 والتحقوا بالقطر السوري لمجابهة الاحتلال الصهيوني. في 2003، أراد ياسر الغالي أن يلتحق بالمتطوعين العرب لردّ العدوان على العراق. لكنّه لم ينجح في اختراق الحدود السورية العراقية إذ سقطت بغداد. فلم يلتحق لا بأفغانستان ولا بغيرها وعاد مباشرة إلى قطره تونس. ومنذئذ ومصالح الأمن التونسية تراقبه فتتّصل به هاتفيا في أية ساعة من الليل أو النهار. وتزوره في بيت والديه في أية ساعة من الليل أو النهار. وتتأكّد من مواقع شغله في أية ساعة من الليل أو النهار. وتتعقب خطواته في مقاهي سوسة وفنادقها في أية ساعة من الليل أو النهار. ولا تبحث عنه في المساجد لسبب بسيط واحد هو أنه لا يرتادها، وإن كانت الصلاة أبعد ما تكون عن التهمة وأداؤها ليس جريمة ولا يعاقب عليها القانون. وما راعنا بعد الأحداث الدامية التي جدّت ببلادنا في المدّة الأخيرة إلاّ ومصالح الأمن أتت واصطحبته يوم الأحد 14 جانفي إلى مركزها لتطلب منه أن يعود إليه يوم الإثنين حيث احتفظت به حتى الساعات الأولى من الليل، ثم أطلقت سراحه. وظننا أنّ المسألة انتهت، لكن صبيحة يوم الخميس 18 جانفي تدخّل الأمن في بيت العائلة واصطحب ابننا ياسر. ومنذئذ، لم نتمكّن من الحصول على أيّ خبر يخصّه ولا بأية تهمة يُتّهم. ونظرا لتجربتنا العائلية، فإننا منزعجون جدّا وقلقون أكثر على مصير ابننا.
فنحن متأكدون أنه – بعد عودته من سوريا – لا يمكن أن يكون شارك في أيّ نشاط سرّي كان، نظرا لشدّة المراقبة التي كان يتعرّض لها. ثمّ إننا نخشى أن يعامل على أساس أنّه أخ الهادي الغالي السجين السياسي منذ أكثر من 16 سنة والذي نطالب بإطلاق سراحه بأكثر من شكل. لذلك نتمنّى ألاّ تكون الأحداث الأخيرة التي عاشتها بلادنا ذريعة للتشفي من عائلتنا، ونطالب بإطلاق سراح ابننا الأصغر ياسر الغالي حالاّ أو على الأقلّ إعلامنا بسبب إيقافه وحصر الشبهات التي قد تدور حوله. وإننا نحمّل السلطات الأمنية مسؤولية أيّ ضرر بابننا ياسر، كما نواصل المطالبة بإطلاق سراح ابننا الهادي الغالي.
22 جانفي 2007 عن عائلة ياسر الغالي شقيقه كمال الغالي kamelghali@yahoo.fr
الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان – فرع القيروان
بيــــــان 1
القيروان في 21 جانفي 2007 اشتكى العديد من المواطنين القاطنين في المناطق المجاورة لمصنع التبغ بالقيروان من الدخان الخانق الذي يطلقه المصنع يوميا – خاصة عند تكاثف السحب حيث يصعب صعود الهواء الملوث. وقد عاين فرعنا هذا الوضع البيئي الخطير بمنطقة المنصورة وبالمعاهد الثانوية والمدارس الابتدائية والإعدادية المجاورة ووقف على ما يمثله ذلك من إزعاج وصعوبة في التنفس عند إطلاقه. كما اتصلنا ببعض المختصين والأطباء الذين أكدوا لنا المخاطر الصحية والبيئية التي يسببها هذا الدخان الملوث – خاصة لدى الأطفال والشيوخ . ونحن إذ نؤكد على حق المواطنين في بيئة سليمة وهواء نقي ، نطالب السلطات الجهوية والوطنية بضرورة التحرك السريع لإيجاد الحلول الملائمة التي تحمي صحة المواطن وتحفظ في نفس الحين حقوق عمال المصنع وإطاراته . عن هيئة الفرع مسعود الرمضاني
الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان – فرع القيروان القيروان في 22 جانفي 2007 بيـــــــــــان 2
تحول اليوم أعضاء اللجنة الجهوية للمعطلين عن العمل إلى السوق الأسبوعية بالقيروان حيث وزعوا بيانات حول وضعهم الاجتماعي السيئ في واقع البطالة ، مطالبين الرأي العام الوطني والجهوي بمساندة حقهم في الشغل وخلال الحديث مع المواطنين وجدوا الكثير من التجاوب والدعم لمطالبهم . لكن سرعان ما تدخل الأمن بالقوة ولم يقع الاعتداء بالضرب على أعضاء اللجنة فقط بل طال حتى المواطنين المتعاطفين معهم ، ثم وقع إيقاف كل أعضاء اللجنة وهم السادة :
– معز العياري ، مرحلة ثالثة عربية وكاتب عام للمكتب الفيدرالي بكلية الآداب. – مجيد الشيحاوي ، الأستاذية في التاريخ والجغرافيا . – مختار العيفاوي ، الأستاذية في الفلسفة. – رياض الرمضاني ، الأستاذية في الانقليزية .
وفي حين أطلق سراح السيد معز العياري على الساعة الثانية بعد الظهر فان بقية أعضاء اللجنة لازالوا رهن الإيقاف وابلغ فرعنا انه سيقع تقديمهم إلى حاكم التحقيق غدا الثلاثاء 23 جانفي بدعوى أن بعض المواطنين “طالبوا بتتبعهم للضرر”؟ كما وقع الاعتداء بالعنف الشديد على السيد نجيب العكرمي وهو عضو مكتب فيدرالي بكلية الآداب بالقيروان والسادة أنيس بن فرج وبدر الدين الشعباني ونزار البكاري وكلهم طلبة من كلية الآداب بالقيروان. وفرعنا الذي يساند كل تحركات اللجنة الجهوية للمعطلين عن العمل من اجل حقهم المشروع في الشغل ويدعم حق الطلبة في النشاط النقابي والسياسي ، يندد بشدة بالعنف الذي ماانفكت تتوخاه قوات الأمن أسلوبا في التعامل مع التحركات السلمية للمواطنين ويدعو إلى إطلاق سراح أعضاء اللجنة الموقوفين فورا . كما يدعو السلطة مرة أخرى للتخلي عن الأسلوب الأمني وتوخي أسلوب الحوار السياسي البناء الذي يفضي لحل المشاكل الاجتماعية والسياسية لا لتعقيدها. عن هئية الفرع مسعود الرمضاني
الاتحاد العام التونسي للشغل الاتحاد الجهوي بالقيروان بلاغ
يحي الاتحاد الجهوي للشغل بالقيروان ذكرى 26 جانفي 1978 وذلك يوم السبت 27 جانفي 2007 على الساعة العاشرة صباحا بمقر الاتحاد الجهوي . وبهذه المناسبة يقدم الأمين العام الأسبق للاتحاد العام ورئيس المعهد العربي لحقوق الإنسان الأستاذ الطيب البكوش مداخلة بعنوان الدروس المستخلصة من أحداث 26 جانفي
عن الاتحاد الجهوي للشغل بالقيروان الكاتب العام الناصر العجيلي
الرئيس زين العابدين بن علي يلازم الراحة لمدة ثلاثة أيام
أعلن الناطق الرسمي باسم رئاسة الجمهورية أن الرئيس زين العابدين بن على يلازم الراحة لمدة ثلاثة أيام بداية من يوم الاثنين 22 جانفي إلى غاية يوم الأربعاء 24 جانفي بإشارة من طبيبه الخاص وذلك نتيجة التهاب حاد في الحنجرة .
(المصدر: موقع أخبار تونس الرسمي بتاريخ 23 01 2007 )
الرئيس التونسي يصاب باٍلاتهاب في الحنجرة قبيل بدء القمة العربية المصغرة بليبيا
تونس / 23 يناير-كانون الثاني / يو بي أي: أعلن مصدر رسمي تونسي اليوم الثلاثاء أن الرئيس التونسي زين العابدين بن علي أصيب باٍلتهاب حاد في الحنجرة دفعه اٍلى الراحة لمدّة ثلاثة أيام. ونقلت وكالة الأنباء التونسية الحكومية عن الناطق الرسمي باٍسم الرئاسة التونسية “اٍن الرئيس بن على يلازم الراحة لمدة ثلاثة أيام بداية من يوم أمس الاٍثنين الى غاية يوم الغد الأربعاء باٍشارة من طبيبه الخاص،وذلك نتيجة اٍلتهاب حادّ في الحنجرة “. ويأتي هذا الاٍعلان قبل ساعات قليلة من القمة العربية المصغّرة التي ينتظر أن تستضيفها اليوم الثلاثاء مدينة سرت الليبية (450 كيلومترا شرق العاصمة طرابلس)،ممّا يفهم منه أن الرئيس التونسي لن يشارك فيها . وكان السفير المصري لدى ليبيا محمد الطهطاوي قد أعلن في وقت سابق أن الرئيس المصري حسني مبارك سيشارك في القمة السداسية المرتقبة التي دعا اٍليها الزعيم الليبي العقيد معمر القذافي اٍلى جانب الرؤساء التونسي والجزائري عبد العزيز بوتفليقة والسوداني عمر البشير،واليمني علي عبدالله صالح. وأكّدت مصادر ليبية أمس أن القذافي هو الذي دعا اٍلى عقد هذه القمة العربية المصغّرة التي وصفتها بالتّشاورية، وقالت اٍن قادة ست دول عربية هي تونس والجزائر ومصر والسودان واليمن اضافة إلى ليبيا الدولة المضيفة، سيشاركون فيها. وأشارت اٍلى أن هذه القمة ستخصص لبحث ومناقشة الأوضاع العربية والتّطورات الراهنة في العراق وفلسطين،إلى متابعة المستجدّات في إقليم دارفور السوداني الذي يعاني من الاٍضطرابات منذ عام 2003. ولاحظ مراقبون أن هذه القمة العربية المصغّرة المنتظرة،تأتي قبل أسبوع من قمة رؤساء دول الاٍتحاد الأفريقي التي ستعقد في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا،وقبل شهرين من القمة العربية التي تستضيفها السعودية في أواخر شهر مارس/آذار المقبل. ودفع هذا التّزامن مصادر ديبلوماسية عربية اٍلى القول اٍنه سيتمّ خلال قمة سرت التّشاورية تبادل الأراء في شان مجمل الأوضاع العربية الراهنة بما يؤدي إلى التوصل إلى حلول لبعضها ويخلق موقفا عربيا مشتركا إزاء ما يواجهه العرب من تحديات ويمهد الأجواء الملائمة لعقد القمة العربية في الرياض. ولم تستبعد في هذا السياق اٍمكان أن يتمّ خلالها التّطرق إلى محاولة رأب الصدع في العلاقات الليبية-السعودية بما يكفل اٍحتواء الخلافات بين البلدين،إلى جانب إقناع الزعيم الليبي العقيد معمر القذافي بالمشاركة في القمة العربية التي تستضيفها السعودية.
وزير تونسي يصف اٍيطاليا ب’الحليف’ الاقتصادي الذي يمكن الاعتماد عليه
تونس / 22 يناير-كانون الثاني / يو بي أي: وصف مسؤول حكومي تونسي اليوم الاٍثنين اٍيطاليا بالحليف الاٍقتصادي الذي يمكن الاٍعتماد، ودعا المستثمرين التونسيين والايطاليين إلى العمل من أجل توسيع مجالات الشراكة. وقال وزير التنمية والتّعاون الدولي التونسي محمد النوري الجويني، في كلمة افتتح بها أعمال المنتدى الاٍقتصادي التونسي-الاٍيطالي للشراكة والاٍستثمار، إن إيطاليا “أصبحت اليوم تتجاوز مستوى الشريك التّقليدي لتونس لتشكل “الحليف” الذي تعتمد عليه البلاد”. ودعا الوزير التونسي في هذا السياق المستثمرين التونسيين والاٍيطاليين اٍلى ما وصفه بإذكاء “روح الإبداع والاٍبتكار وإرساء مشاريع جديدة، وتوسيع مجالات الشراكة لضمان الاستدامة والتّنافسية الضرورية للشراكة بين البلدين “. ومن جهته، اعتبر ماورو أوغوستيني مساعد وزير التّجارة الاٍيطالي المكلّف بالتجارة الدولية أن “اقتصاد تونس واٍيطاليا متكاملان، وأن تونس تعد بالنسبة لاٍيطاليا شريكا متميزا، وبلدا مفتوحا أمام المستثمرين ،وجسرا للنّفاذ الى الأسواق الأخرى كالخليج وأفريقيا”. وكانت أعمال هذا المنتدى الذي ينظمه الاٍتّحاد التونسي للصناعة والتّجارة والصناعات التّقليدية بالتعاون مع المعهد الايطالى للتّجارة الخارجية، والكونفدرالية العامة للصناعة الاٍيطالية “كونفندوستريا” ، قد بدأت اليوم الاٍثنين بمشاركة أكثر من 360 من رجال الأعمال والصناعيين الاٍيطاليين والتونسيين. ويهدف المنتدى الذي ستتواصل أعماله على مدى ثلاثة أيام اٍلى بحث ومناقشة آليات دعم وتطوير الشراكة الصناعية والتّجارية بين تونس وايطاليا، والتّقريب بين رجال الأعمال والمستثمرين في البلدين وبحث فرص الشراكة القطاعية والثنائية والثلاثية. يشار الى أن العلاقات التونسية-الاٍيطالية التي تنظّمها العديد من الاٍتّفاقيات، منها اتّفاقية الشراكة الموقعة عام 1994، واتّفاقية عدم الاٍزدواج الضريبي، واتّفاقية ضمان الاٍستثمارات، عرفت خلال السنوات الماضية تطوّرا ملحوظا شمل العديد من المجالات. وساهم هذا التّطور في جعل إيطاليا تصبح الشّريك الاٍقتصادي الثّاني لتونس بعد فرنسا، وثالث سوق سياحي لتونس، حيث يقدّر عدد السياح الاٍيطاليين الذين يتوافدون إلى تونس سنويا بنحو 500 ألف سائح. ويتّسم الميزان التّجاري بين البلدين بفائض بنسبة 8 بالمائة لصالح اٍيطاليا، إذ تبلغ قيمة الصادارت التونسية نحو اٍيطاليا حوالي 3.4 مليار دينار(2.5 مليار دولار)، مقابل واردات بنحو 3.7 مليار دينار(2.8 مليار دولار).
وزراء التّجارة المغاربة يجتمعون في تونس قريباً لبحث تنمية التّبادل التجاري
تونس / 22 يناير-كانون الثاني / يو بي أي: يجتمع وزراء التّجارة في دول اٍتّحاد المغرب العربي ( تونس والجزائر وليبيا و المغرب و موريتانيا ) بعد يومين في تونس لبحث الجهود المبذولة لدعم آفاق التجارة البينية المغاربية، وضمان أرضية مشتركة لتنمية التبادل التجاري. وقال مصدر مسؤول في وزارة التّجارة التونسية اليوم الاٍثنين لـيونايتد برس إنترناشونال “إن هذا الاٍجتماع الذي ستتواصل أعماله على مدى يومين، يهدف إلى مناقشة الإطار القانوني المنظّم للمبادلات التّجارية، ومسألة إقرار تعريفة جمركية موّحدة، وذلك تمهيدا لقيام منطقة التّبادل الحرّ المغاربية المرتقبة. وأضاف أن جدول أعمال هذا الاٍجتماع يتضمن أيضا بحث آليات تنسيق السياسات التّجارية المغاربية، إلى جانب تنسيق المواقف لبلورة موقف مغاربي موحد لطرحه أثناء الاجتماعات الأورو-متوسطية ، والمفاوضات المرتقبة ضمن إطار المنظمة العالمية للتّجارة. ويرى مراقبون أن هذا الاٍجتماع الذي ستسبقه اٍجتماعات على مستوى الخبراء والمختصين في مجال المفاوضات والتّجارة الخارجية، يعدّ فرصة من حيث مضمونه وتوقيته لمعالجة موضوع على قدر كبير من الأهمية يتعلّق بالرفع من مستوى المبادلات التجارية بين الأقطار المغاربية. وتعتبر تنمية التّجارة المغاربية البينية من الأهداف الأساسية التي سعى إلى تحقيقها اٍتّحاد دول المغرب العربي منذ تأسيسه عام 1989، حيث رسم “استراتيجية للتّنمية المشتركة” ترمي أولا إلى إقامة منطقة للتّبادل الحرّ بين الأقطار المغاربية ثم إلى وحدة جمركية، وصولا إلى سوق مغاربية مشتركة. وتمّ ضمن إطار هذه الإستراتيجية، اعتماد اتّفاقيات ترمي إلى تأطير النظام التجاري بين دول الاٍتّحاد منها الاٍتّفاقية التجارية والتعريفية، واٍتّفاقية تبادل المنتجات الزراعية، واتّفاقية النقل البري للأفراد والبضائع، واتّفاقية إنشاء المصرف المغاربي للاستثمار والتّجارة الخارجية الذي حدّد رأس ماله بنحو 500 مليون دولار، وذلك بهدف تنمية التّجارة البينية،وتشجيع استقطاب وانسياب رؤوس الأموال في المنطقة المغاربية. ورغم هذا الإطار القانوني والمؤسساتي، فإن الإحصائيات تشير إلى أن المبادلات التّجارية المغاربية، سواء على الصعيد الثنائي مع الأسواق الخارجية أو على مستوى التّجارة البينية المغاربية مازالت محتشمة جدّا، حيث لم تتجاوز بعد نسبة 4 % من الحجم الإجمالي لمبادلات دول المغرب العربي مع باقي دول العالم. وفي المقابل، لم تتجاوز حصة المنطقة المغاربية من الاستثمارات العالمية نسبة 2 % من اٍجمالي الاٍستثمارات في العالم، وذلك على الرّغم من أهمية الموارد الطبيعية الكبيرة لهذه المنطقة التي تحتوي على 2.5 % من الاٍحتياطي العالمي للنفط، و4 % من اٍحتياطي الغاز الطبيعي، وأكثر 50 % من اٍحتياطي الفوسفات، بالإضافة إلى لإمكانات الزراعية الكبيرة، والسوق الاستهلاكية الهائلة التي تقدّر بنحو 80 مليون مستهلك.
وفد جامعي امريكي يبحث تطوير التعاون العلمي مع المؤسسات العلمية في تونس
تونس – 23 – 1 (كونا) — اجتمع وفد من جامعة هيوستن الامريكية اليوم الى وزير البحث العلمي والتكنولوجيا التونسي الطيب الحذري وتم بحث سبل تطوير التعاون العلمي بين جامعتهم والمؤسسات العلمية والبحثية التونسية. واعرب رئيسا الوفد مدير قسم الهندسة البيولوجية الطبية بالجامعة ماثيو فرانشاك وأستاذ الهندسة الميكانيكية لاري وايت للصحافيين عن اعجابهما بما تحقق من تطور وانجازات في مجال البحث العلمي في تونس من اجل التنمية. واشارا الى استعداد جامعة هيوستن للتعاون مع المؤسسات العلمية التونسية لاسيما في مجال الطاقة والماء. وكان الوفد الامريكي قد وصل الى هنا في وقت سابق في زيارة استطلاعية تهدف استكشاف الفرص المتاحة لمزيد من التعاون بين البلدين في التكنولوجيا والبحث العلمي.
بعد تصريحه بأنه يفدي الإسلام بروحه
حملة إلكترونية عالمية تشطب فاروق حسني من قائمة أعداء الحجاب
دبي – فراج اسماعيل
ينطلق من مصر الخميس 25 -1-2006 حملة الكترونية باسم ” اليوم العالمى للحجاب” بمشاركة دولية واسعة من “لجنة نصرة الحجاب” فى المانيا و اللجنة العالمية للدفاع عن الحجاب بتونس وعدد من الشخصيات والرموز الإسلامية في العالم .
واستهلت الحملة نشاطها بشطب فاروق حسني وزير الثقافة المصري من قائمة أعداء الحجاب بعد تصريحه أمام وسائل الاعلام بأنه “يفدي الاسلام بروحه”. وقال محمد السيد المشرف على الموقع الالكتروني الذي ستنطلق من خلاله الحملة في تصريح لـ”العربية.نت”: كيف نضع شخصا فى قائمة اعدء الحجاب الاسلامى وهو يردد مرة تلو الاخرى ان الاسلام هو دينه وعقيدته وحياته؟”.
وطالب المنظمون الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين بإرسال مليون قطعة حجاب الى تونس وفرنسا من اجل مساندة المحجبات. وأشار محمد السيد إلى أن بيانا سيصدر بعدة لغات يحث المسلمين على توحيد امام الغرب و العالم وابراز لغة الحوار والفهم مع الآخر، لتوضيح أهمية الحجـاب للمرأة المسلمة وضرورة إعداد خطاب وسطى معتدل يتحدث عن فرضية الحجاب وانه ليس مجرد رمز دينى بل عقيدة واجب احترامها من الجميع .
وأشار إلى أن فكرة الحملة الالكترونية قابلة للتطوير لكى تصبح عملا ميدانيا تشارك فيه المحجبات حول العالم بمسيرات سلمية تندد بالحرب على الحجاب والمحجبات واستمرار التضييق على الحجاب فى تونس و تصريحات بعض المتربصين بالمحجبات.
ونقل محمد السيد على لسان راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة التونسية أنه انتقد في تصريحات صحفية ما يحدث في تونس للمحجبات “من قمع و تنكيل و منع و توقيف فى الشارع” قائلا “انها معركة ضد الحجاب دون مراعاة لشعور النساء والفتيات على الرغم من ان هذا لم يحدث فى بلاد الغرب”. ونسب أيضا للغنوشى قوله “ان الحجاب لا يضر بالأمن القومى فلماذا يحدث هذا فى تونس فقط”. وعرض موقع اليوم العالمى للحجاب ملفات باللغة الانجليزية تتحدث عن الحجاب و دشن صفحة جديدة تتحدث عن اخبار المحجبات حول العالم.
(المصدر: موقع العربية بتاريخ 23 01 2007 )
تعقيب على مقال الطاهر الأسود
عبد الرؤوف العيادي من المؤسف حقا أن يقرأ المرء في بعض التعاليق حول الأحداث التي جرت مؤخرا بتونس و التي لم تنجل حقيقتها بعد بفعل التعتيم و التضليل الإعلامي الذي تمارسه السلطة – ما هو من قبيل التشهير بــــــــل التحريض على مجموعة من الشباب التي زجّ بها في السجون وهي تنتظر المثول أمام محاكمات صوريّة تفتقد لأدنى شروط المحاكمة العادلة – إذ أن الإحالة تتمّ أمام ما يوصف بالقضاء الاستثنائي الذي دعمته مقتضيات ” قانون 10 / 12 / 2003 ” .
و قد اختلفت البواعث على ذلك الموقف بين كاتب و آخر و جهة و أخرى من الدفاع عن امتيازات و مصالح إلى طمأنة جهات دولية حول انخراطه في ” الحرب على الإرهاب ” إلى واعظ عقائدي ، جعل لنفسه وصاية فكرية على الأمّة وهو بدل أن يحاول فهم ما يجري يسارع إلى تقويم الأحداث بقوالبه العقائدية دون تمحيص و تدقيق شأن ما كتبه الطاهر الأسود الذي قرن اسمه بصفة الباحث و قد علّق على ما ورد ببعض التصريحات التي أدليت بها إلى ” إسلام أون لاين ” بأنها تندرج ضمن ” حالة الإنكار ” من خلال تصور ” تيّار الفتنة الأهلية كطرف ليس إرهابي ” و كذلك ” الخلط بين مدارس مختلفة يعمل القاعديون عمدا للخلط بينها ” الخ…
و الواضح أن المواقف المسبقة قد أدّت بصاحبنا إلى خلع وصائف متسرعة من جنس ” تيّار الفتنة الأهلية ” دون تأييد حكمه بأدلة خاصة بالظاهرة التي تعرف ” بالسلفيّة ” في تونس ، و إنما كان المنهج الإكتفاء بالعام دون الخاص و بما هو خارجي على حساب ما هو داخلي وهو ما جعل السيّد الأسود يخرج عن إطار البحث الجدّي و الموضوعي إلى إسقاط أحكامه و شتان بين الموقف العلمي و الموقف العقائدي . و لسائل أن يسأل السيّد الأسود ما هو تعريفك ” للإرهاب ” إذ من المعلوم أن تلك الظاهرة ليس محلّ إجماع في تعريفها بل أن كلّ جهة تحاول أن تعرفها طبق معايير تتفق و خياراتها السياسية بما أثار جدلا حول الخلط بين الإرهاب و المقاومة و إرهاب الجماعات و إرهاب الدولة .
أمّا عن ” الفتنة الأهلية ” فإن هذا المصطلح هو أيضا لم يحددّ المقصود به تحديدا فإذا كانت الفتنة تعني فيما تعنيه الدعوة إلى المواجهة العنيفة فإننا فعلا نعيش فتنة بوليسية بمعنى هجمة بوليسية على المجتمع المدني و السياسي بتونس منذ حوالي عشرين سنة ، ذهب ضحيتها الآلاف من التونسيين بين قتيل و سجين و محاصر و مجوع بل أن الجميع يعلم أن السلطة بتونس لا تخفي أنها منخـــــــــــرطة في ” الحرب على الإرهاب ” اكتست تلك الحرب صبغة ” الاستباق و الإجهاض ” تماشيا مع الرؤى الأمريكية وهو ما عبرّ عنه بصراحة أحد اعضاء النيابة العمومية بصراحة عندما ألقى أحد المتهمين بنفسه من نافذة مكتب التحقيق عندما واجهني بالقول ” تريد أن ننتظر حتى يلبس الحزام الناسف ” ( و قد نشرت تفاصيل ذلك بمقال صدر بمجلّة كلمة ) .
أمّا عن تشويه الجهاد و قرن السلفية بالإرهاب فهذا أمر قائم و لا جدال فيه إذ أن من هم محالون بموجب قانون مكافحة ” الإرهاب ” لا ينتمون إلى تنظيم معين ، و إن كــــــــــانت الأبحاث تجري بتهمة الإنتماء إلى ” تنظيم إرهابي ” إذ أن قراءة المحاضر أو ما تسمى كذلك ( إذ هي في وضع من النمطية تشبه أكثر المطبوعات التي يقع تعميرها ( تتضمن تاريخ بداية أداء فريضة الصلاة و الاهتمام بالشؤون الدينية ، ثم الانتماء إلى المنهج ” السلفي الجهادي ” و التأكيد على القناعة بأن الجهاد فرض عين و ما يتغير من محضر إلى آخر هو بعض الوقائع عن التخطيط للالتحاق بالمقاومة العراقية سواء بالذهاب مباشرة إلى سوريا عبر ليبيا أو بالتحول إلى الجزائر للتدرب لدى الجماعة السلفية للدعوة و القتال ثم السفر إلى سوريا الخ… أو بالحديث عن عودة إلى تونس “” للقيام بأعمال تخريبية ” دون تفصيل آخر .
هذا هو محتوى الملفات التي أطلقت على منتميها صفة الإرهاب ظلما و تجنيّا ، بل أن هناك ممن أحيلوا بسبب ذهابهم إلى العراق و انخراطهم في المتطوعين تحت إمرة الجيش العراقي عشية العدوان الأمريكي الأطلسي في مارس 2003 . هذا من حيث الوقائع ، أما من حيث القانون فإن دستور الجمهورية التونسية يكرس حرية المعتقد ( البند الخامس ) و السلفية هي كما ورد في مؤلف الدكتور محمد عمارة ” تيارات الفكر الإسلامي ” هي المذهب الذي وضعه أبو عبد الله أحمد بن حنبعل ، إذ جاء بالصفحة 137 ما يلي : ” و لقد صاغ حنبعل منهج السلفية النصوص الذي يأخذ الإسلام أصولا و فروعا من النصوص و المأثورات و ذلك في مواجهته منهج المتكلمي المعتزلة الذي كان للعقل و التأويل شــــــــــــــــأن عظيم في المنهج الذي أخذوا بواسطته الإسلام ..”
كما جاء في آخر الفصل المتعلق بالسلفية قوله : ” على أن أكثر مدارس الحركة السلفية خطرا و عـــظمة و أثرا – في العصر الحديث – كانت تلك التي قادها جمال الدين الأفغاني و الإمام محمد عبده.. و التي كان من أعلامها عبد الرحمان الكواكبي ..و عبد الحميد بن باديس ..ذلك أن هذه المدرسة السلفية قد ذهبت في عقائد الدين و أصوله مذهب السلف القدماء و بحث في مشكلات الدنيا و قضايا الحضارة و المعتزلة ..” أما فيما يتعلق بالقناعة أن الجهاد فرض عين فإنها ليست خاصة بالسلفيين و إنما هي تشمل جميع المذاهب دون استثناء فكيف تتم إحالة هؤلاء الشبان من أجل الانتماء إلى ” السلفية الجهادية ” وهي لا تشير إلى تنظيم محددّ يحمل هذا الإسم ، بل لمجردّ الانتماء العقائدي ؟ فهل أن الأمر يحتاج أن ندللّ على وجود نيّة في الخلط بين ” الإرهاب ” و الانتماء العقائدي إلى السلفية ؟
و لم يسلم السيّد الأسود لحركة تطوع السلفيين للعراق من التجني بجعلها ظاهرة منفصلة عن ظاهرة التطوع التي لازمت المجتمع التونسي فيما مضى سواء إلى فلسطين أو الجزائر أو لبنان و ذلك قولا بأنها لا تستهدف في الوقت الحاضر ” تحرير العراق و استعادة دولته الوطنية الشاملة لكلّ طوائفه بل لأجل دولة العراق الاسلامية ” وهو قول يستند في الواقع إلى تقويم عقائدي يسقط جوهر حركة التطوع بما هي دفاع عـــــــــن الأرض المحتلّة ، و ذلك عبر التركيز عن القناعات المذهبية و جعلها المعيار الأول و الأخير ، و الحال أن الظاهرة لها امتدادها التاريخي بما هي ردّ فعل لمجتمع له روابط الانتماء إلى الأمة العربية الإسلامية و في هذا السياق أورد ما كتبه المؤرخ الأستاذ الهادي القيمومي في كتابه ” النشاط الصهيوني بتونس بين 1897 و 1948 ” إذ استقى من أحد تقارير أعوان الحماية قوله : ” مــــــــــن الشبان ( المتطوعين ) الذين أعمارهم بين العــــــشرين و الخمسة و العشرين سنة و بعضهم من العاطلين تماما و بعضهم من يشتغلون بالخدمات اليومية ” و اضاف الكاتب ” و يوجد بين هؤلاء المتطوعين عشرات من طلبة الجامعة الزيتونية ..” و اشار إلى النشاط الفياض الذي بذلته ” جمعية الشباب المسلمين ” لفائدة القــــــــــضية فهذه المنظمة استطاعت أن تكسب بسرعة تأييدا كبيرا في أوساط طلبة الجامعة الزيتونية و أساتذتها و قد أسست بالاشتراك مع بعض هؤلاء الأساتذة مثل الشاذلي بلقاضي و الفاضل بن عاشور تنظيمين هما ” لجنة الدفاع عن فلسطين العربية ” و فرع المؤتمر الإسلامي بتونس لحماية القدس الشريف ..”
فالتاريخ و إن يفرد بعض الظواهر بخصوصية ما ، إلاّ أن الظاهرة في أسبابها و تشكلها تبقى هي هي في جوهرها و لا يجدي انتقاء ما هو من أثر الظرف و فعله للقول بتغير طبيعتها
تونس الخاسر الأكبر
المنجي الفطناسي دأبت جوقة الإعلام البوليسي بقيادة المايسترو برهان بسيس الذي أستغرب كيف تسمح قنوات فضائية ومواقع اليكترونية محترمة مثل قناة الحوار التي تبث من لندن باستضافته للتدليس والتلبيس على الناس في الداخل والخارج، في حين أنه لا يعامل بالمثل ولا يدعو لبرنامجه “البعد الآخر” أي إنسان شريف تنفيذا لأوامر سكان القصر.
أنا لا ألوم قناة المستقلة التي أصبح ضيفا قارا فيها لسببين: _ أولهما أن صاحب المستقلة يعمل لحساب من يدفع أكثر. _ ثانيهما أن صاحب المستقلة يطمح لدخول سباق الرئاسة في المستقبل البعيد لأجل ذلك لا بد له من ربط العلاقات وكسب الأنصار واتخاذ الأسباب وتهيئة الأجواء من الآن وهذا حقه الدستوري ، ولكني لا أنصحه بذلك لأنه لن يحصل على صوت واحد فالشعب التونسي لا يمنح ثقته لمن خذله وتخلى عنه في أحلك الأوقات واختار الإنحياز للجلاد والتزم صمت القبور تجاه معاناة المساجين ومحنة المحجبات وما يتعرض له نشطاء الرأي من انتهاكات صارخة على الدوام..
و بالمقابل أنصحه بترشيح نفسه للإنتخابات الرئاسية العراقية فحظوظه وافرة جدا للفوز ومقومات النجاح عديدة منها : _ أن قناة المستقلة هي قناة العراقيين كما يقول هو دائما ويكرر. فأغلب برامجها تدور حول الوضع المشتعل في العراق وأغلب ضيوفها عرافيون ومن كل الشرائح. هذا شيء جيد فقضية العراق إلى جانب القضية الفلسطينية تحتل الأولوية في سلم الإهتمامات ولكن لو خصص عشر مساحة هذا الإهتمام لتناول أزمة بلاده تونس لكان ساهم في خير كثير. الأقربون أولى بالمعروف _أن شعبية صاحب المستقلة في بغداد وفي البصرة وفي النجف وفي الرمادي وفي الأنبار وفي الفلوجة وفي بقية المحافظات تفوق شعبيته في سيدي بوزيد. أعود وأقول دأبت جوقة الإعلام البوليسي لنظام القمع والإستبداد على مغالطة الراي العام وتسويق إخفاقات وانتكاسات وجرائم السلطة على أنها إنجازات عظمى وانتصارات باهرة وهذا ما حدث بالضبط إثر انتهاء المواجهات المسلحة التي شهدتها ضواحي العاصمة أخيرا. إذ سارعت هذه الأصوات المسعورة والأقلام المأجورة إلى تمجيد النصر المؤزر والتاريخي الذي حققته قوى الأمن والجيش الباسلة على المجموعة الإرهابية، وانهالت برقيات الولاء والتأييد على صانع هذا النصر الذي فاته أن يخرج مظاهرات مليونية تسبح بحمده و ترفع صوره وتندد بالإرهاب والإرهابيين ولكنه تدارك الامر وعوض ذلك بعسكرة البلاد كلها وإقامة الحواجز في كل شارع وحارة. ولسائل أن يسأل من انتصر على من ؟ القاتل تونسي والمقتول تونسي والجرحى تونسيون وأرض المعركة تونس والإمكانيات البشرية والمادية التي استعملت في المواجهات تونسية ، فمن انتصر على من؟ إن القتال بين أبناء الدين الواحد والوطن الواحد ليس فيه رابح وخاسر و ليس فيه منتصر ومنهزم إنما الكل خاسر والجميع منهزم والخاسر الأكبر سمعة تونس. ( إذا التقى المسلمان بسيفهما فالقاتل والمقتول في النار). كان الأجدر بأفراد الجوقة أن يشرحوا للناس الأسباب الحقيقية التي أوصلت البلاد إلى هذا المنعطف الخطير و التي من أهمها وجود حاكم ظالم أتى على الأخضر واليابس وأهلك الحرث والنسل وتسبب تعامله الأمني مع كل الملفات في موت الحياة السياسية وتكميم الأفواه وخنق الحريات وانسداد الآفاق الشيء الذي جعل هذا الشباب المحبط واليائس من إمكانية الإصلاح السياسي والسلمي يلتجأ إلى رفع السلاح. (المصدر: موقع الحوار نت بتاريخ 23 جانفي 2007)
اليوم الرابع من الاضراب
حسين المحمدي تونس .من اجل هذه الاستراتيجية وهذا الفكر منعنا من الحق والأكل والعمل.ومن اجل هذا يدخل إضرابنا اليوم الرابع. . المال العام(من يتورّط دخل النادي أوبالاحرى ركب الحافلة) أعلن الرئيس بنعلي منذنهاية1992عن إحداث صندوق وطني للتضامن اعتبارالحاجة الكثيرمن المناطق الى هكذاعملا. شخصياساهمت في مولدالفكرةوطبّقتهافي بنعروس سنة1992 واستخرج منهاالتجمّع فكرة القوافل الصحيّة.واقترحت وقتهاأن تكون الفكرةالبرنامج محدودة في الوقت والزمن ومصدرالمال.ولوانه باطّلاعي يوم20ديسمبر2004على برامج التنميةالريفيةالمندمجة وخريطةالاولويات الجهويةوجدت أنّ مااستند إليه من وضع2626هوعينه ماهومتروك بين الرفوف؟ونفس الأشخاص صرفت آلاف الدنانيرمن اجل دراسة نفس الأماكن؟ماذا يريدون اليوم؟ يعني أن يتمّ التدخّل في مناطق لا يمكن أن يصل إليهاأبداالتنويرولاالماءالصالح للشراب ولاالمدارس إلاّ بتدخل خصوصي.وان يتم حصرهذاالتدخّل في المسالك الوعرة والجبال والمناطق المنعزلة تماما.وقلت هذافي جلسة عمل اشرف عليها كاتب الدولة المكلف بالصندوق في مقرولاية زغوان سنة1995؟يعني لولا تدخّل الرئيس بنعلي تظلّ تلك المناطق بمقاييس وزارة التنميةوالبنك الدولي وغيرهامن البرامج التي لايمكنهاأبداأن تنال ولوالقليل من مرافق الحياة ويظلّ الإنسان هناك غيرالانسان فوق رقعة جغرافية واحدة؟ولو أنّ هذه الأفكار بدورهاوضعهامن ظلّ يدرس لمدة سنتين من82الى فيفري1984.وفعلا هرول التونسي الى التبرّع .وقيل أنّ المتبرّع به يخصم من قاعدة الأداء على المداخيل؟والحال كمارايناسابقالا يمكن استرجاع ما هو مخصوم من الأجر مباشرة؟ولكن من100 منطقة.صارت250 ف300ف700ف1144ف1350ف25الف مسكن؟فالعنايةبالبيئةوالاحياء؟ المباركة من ولاية أريانة ووادي الطرابلسية والحي القصديري والمنطقة الصناعية من بنعروس والبرامة والزواكرة من ولاية سليانةوأولادبوغانم من ولاية الكاف وادي الطرابلسية كمارايناضمن التقديم كان محل رعاية منذ1984 .ونفس الوالي وقتهالايزال في القصرالى اليوم؟وتحمل مسئولية2626عندانطلاقته؟والمنطقةالصناعيةكنت السبب المباشروالأساسي في تعريةحالها.وعقدت للغرض جلسات بمقرولايةبنعروس.بحضوروزراء..الداخليةوكاتب الدولةللداخلية(الوزيرالحالي للداخلية)والاقتصادوالبيئةوالاعلام والتجهيزورئيس الاتحادالوطني للتجارة والصناعة وبالطبع شخصي الكريم الجالس يمين والي بنعروس(بالزي)ويسارالصادق رابح. والمناطق الأخرى تحددت منذ1982ضمنخريطةالاولويات الجهوية.وهومايعني انّهاكانت معلومة مكاناوحالة واشخاصا ؟لم يكن الرئيس في حاجة الى زيارات عبر الطائرة والسيارة لاكتشافها؟ولا لفرق دراسات وبمئات الملايين؟ولا لتكوين صندوقا اصلاطالماانّ وزارةالتنميةالاقتصاديةتعمل وكان وقتهاعلى رأسهامن اكفأوأنزه الإطارات؟ فعلا صارت حكاية..هناك من يزورنا من الغربيين ويتحدث عن نموذج؟ومن رجال البنك الدولي؟ جاءت المندوبيةالعامةللتنميةالجهويةسنة1981إثرالوقوف على فشل برنامج التنمية الريفية الذي كان انطلق سنة73 .وما تمّ الوقوف عنده من انخرام داخل المنطقة الواحدة وبين مناطق نفس المعتمدية والولايات وبين هذه والمناطق الاخرى.وهي ايضاالسنةالتي عرفت تحركات واسعةلأنصارالاتجاه الإسلامي وتركيزهاعلى الجامعات والمناطق الشعبيةالمحيطةبتونس والمناطق الداخلية الفقيرة.(وحديث في23ديسمبر2006عن التوحيد والسلفية والجهاد وعودة الاسلاميين…من اين جاؤوا وفق هذه الابداعات؟) أعدّت المندوبيةالعامةدراسات ومقترحات وتصوّرات ماليةتهدف القضاء على الفقرومناطق الظل والتفاوت داخل نفس العمادةو الجمهورية.جاءت خريطة وطنية بعد سنتين من الدراسات حدّدت المناطق والسبل الكفيلة بإخراجها من عزلتها وإدخالها الحركية الاقتصادية وعدم جعلها حججا لا من النظام ولا من المعارضة للمتاجرة بالفقر.كما تمّ حصر أماكن وأسباب تواجد الفقرفي مناطق الوسط الغربي والشمال الغربي.وكان من المفروض ان تنتهي العملية خلال 3سنوات.تكمّلها تنمية مندمجة خصص لها 218 مليون دينارالى جانب مخططات جهوية لولايات الشمال الغربي والوسط الغربي بمساعدةالبنك الدولي وفرنساوالسعوديةوالكويت.(اين الكويت؟اين البنك الدولي؟ودافوس؟ وفرنسا؟وايطاليا؟والمسئولين الغربيين الذين يتقاطرون علينا من حين لاخر؟مسرحية سخيفة وتافهة..ومعارضة تزكر وتعتقد ان هؤلاء مع التغيير؟) كان هذا منذ فيفري1984 ..اي قبل عودة بنعلي الى تونس.كذب علينا والويل لمن يرفض..ارهابي.. هكذا برز خلال فيفري 1984مثال للمناطق السوداء وخصاصة التونسي اعتماداعلى 16 مقياسا. 1_نسبة سكان الريف بكل معتمدية بالمقارنة مع عدد سكان الريف بكامل تراب الجمهورية 2_ايجابيات وسلبيات الهجرة. 3_نسبة التزويد بالماء الصالح للشراب. 4_نسبة التنوير 5_نسبة البطالة 6_نسبة سكان الريف بكل معتمدية بالمقارنة مع عدد السكان الجملي بنفس المعتمدية. 7_عدد الكيلومترات من المسالك في الكيلومتر المربع الواحد 8_نسبة القرب من المدن الكبرى ومن العاصمة. 9_الدخل الفردي السنوي 10_نسبة السكان دون عتبة الفقر 11_نسبة الأمية 12_عدد الأسر المالكة لمسكن 13_نسبة الوفيات 14_نسبة الأكواخ في مجموع المساكن بحسب المعتمديات؟ 15_ الأراضي الصالحة للفلاحة 16_ المساحات الجملية الصالحة للفلاحة. وإضافة إلى العمل المشخّص والمستقبلي تمّ اختيار منطقتين أو ثلاثة بكل ولاية على أساس أنها ذات أولوية مطلقة وأفرادها ببرامج تنموية مندمجة مع بداية 1984 الى جانب توزيع 100مليون دينار في إطار المخطط السادس لمقاومةالفقروفق النسب المذكورة.والذين اشرفوا على هذا لا يزال الواحد منهم ينتقل هنا وهناك ويعيّر الرجال ويمنح الوطنية من عدمها؟وطالما هم رجال العهد الجديد فتلك البرامج نفذت. تدعم العمل المشار اليه بحصر النقاط السوداء داخل كل عمادة ومعتمدية بالتعاون بين المندوبية العامة والمعتمديات والولايات والبلديات (وزارة الداخلية)ووزرات التجهيز والفلاحة وغيرها..وتم حصر وقتها 265منطقةو60اخرى سنة1984.واعتمدت هذه السنة كانطلاق تجربة وتحضير الجهات لإعداد وانحاز المشاريع على أساس الفوارق بين الجهات إحلالا للتوازن بين الجهات وداخلها.اعتبرت أيضا ولايات الوسط الغربي(القصرين والقيروان وسيدي بوزيد)والشمال الغربي(باجة والكاف وسليانة وجندوبة)والجنوب ولايات ذات اولويةمطلقة.ووضعت لهذه الولايات ثلاث مخططات في نطاق التعاون مع البنك الدولي بالنسبة للشمال الغربي والوسط الغربي وفي نطاق التعاون الثنائي مع فرنسا بالنسبة للجنوب؟وتحدد ان يكون المخطط السابع بدايةالتنفيذ(87/91).علماوان نسبةالفقرسنة 87 كانت 7.7وسنة75/22.9وسنة80/12.9و2000/4.2.واليوم بعد 7سنوات انتهى وفق هذا الفقر؟ كان التشخيص والتمويل…ورجال السلطة هم ذاتهم..بنضياء والقروي وكل المسئولين من عمدة الى رئيس الدولة. وتحدّدت المعتمديات والأشخاص المستهدفين وفق 6مناطق مرتبة بحسب الأولوية غطت كل معتمديات الجمهوريةوكل المتساكنين الذين بلغ عددهم6577200سنة1984 في فيفري. ورغم هذا فان 2626عمل بمقولة الإسلام يجبّ ما قبله؟حتى وان كان الفاعل في الماضي والحاضر نفسه؟ أعلن كاتب الدولةالمكلف ب2626 وهوكاتب الدولةلدى وزيرالرياضةاليوم والوزيرالمستقبلي بعدترقيةالكعبي؟في ندوةصحفية بتاريخ 9/12/97(الحرية10/12/97)أن الصندوق تنتهي أعماله مع موفى2000مستشهدا بماقاله في الغرض رئيس الدولة.وان العدد الجملي للمناطق 1144والكلفة المالية500مليون دينار؟400منهاللبنيةالأساسية و100لموارد الرّزق. وبيّن أنّ الصندوق منذانطلاقته سنة93 والى غاية97 تدخل في712منطقة شملت 140الف عائلة.بلغت تكاليفها300 مليون دينار.وان العدد الجملي للعائلات المستهدفة هو 181الف عائلة في حين البرنامج الذي وضع سنة84 هدف الوصول الى كل السكان وبتكاليف اقل بكثير؟هناك فارق في المستهدفين بما يزيد عن 5ملايين ونصف؟كما ذكر كاتب الدولة انه تم تهذيب وإحداث17 الف مسكنا و11مستوصفاو33ناديا للشباب؟تقريبا12.10 من العائلات؟دون ماء وكهرباء ومدارس ومستوصفات وموارد رزق وطرقات ومسالك فلاحية ومساكن وهو ما يعني فشل المسئولين السابقين والحال أنهم هنا عام2005؟ وان سنة98 لوحدها سيتدخل خلالها الصندوق في173منطقة بكلفة85مليون دينار وماجمع اكبربكثير؟وتتوجّه التدخلات الى26029 عائلة.علماوان عددا لأسر 94/1704185.وقع تغطيةمن93الى98.الى237164عائلة.نسبة9.63من العائلات والتي بلغ عددها1149659اي13.12من مجموع السكان.ونحن نتحدث دائما فقط عن2626؟دون الدولة ومخططاتها والخواص والمهاجرين والبنك التونسي للتضامن و2121 والجمعيات و..؟ رقم آخر يدلّل على الفقر المنح والمساعدات والقروض الجامعية.خلال سنة 94 110آلاف طالب و40مليار من الملّيمات؟2005/80مليار من المليمات علما وان الدخل الفردي إرتفع الى 3500دينار منذ الصيف الماضي؟ ميزانية الصندوق خلال سنوات93/95بلغت118.7مليون دينار.90منهامن الدولة و28.7من الوزارات والهياكل المعنية(الفلاحة.التجهيز السبرولس.الكهرباء.الولايات.البلديات….)هذا دون مساهمات يوم8/12 من كل سنة؟وما يتم اقتطاعه شهريا من أصحاب الشركات الخاصة بحسب عدد العمال؟وغيره من الهبات.وجاء انه تم خلال 97 مسح 169منطقةو21371عائلةو95/151منطقةو19148عائلة.وميزانية 96 من الدولة 50مليون دينار و97 60مليون مليون.يضاف الى الاولى8.8مليون من وزارات ومؤسسات والى الثانية13.8كذلك.يعني سنة 97 على الاقل 150مليون دينار؟وغطت سنة97/178منطقةو38الف عائلة.60بالمائة منها في الجهات الغربية للبلاد؟وتكونت 1019 لجنة بهذه المناطق تضم 7133 مسئولا؟علما وان العدد الجملي للمعتمديات273؟وانه منذ المخطط السادس والسابع توجه للجهات الغربية 48في المائة من الموارد العامة؟ الى غاية اليوم لا يعلن في أي مكان بالتفصيل ما جمع من الخواص؟وحتى ما نشر خلال السنوات الأولى فهو غير مكتمل؟الى جانب التضارب في التصريحات المتتالية مرة الأموال المرصودة404واخرى500؟وكذلك المناطق 1144؟1340؟1350؟وكذلك سنوات نهاية الخدمة؟2000؟2001؟2002؟2003؟2004؟2004؟2009؟2014؟ وبحسب ردّالوزيرمديرالديوان الرئاسي خلال مناقشة ميزانية1998.ذكر انه تم تحصيل 11.7مليون دينار يوم 8/12/97.وكرر ذلك خلال ميزانية99.وما تلاها.ويوم10/12/2004 اكدالرئيس بنفسه مثلمارايناسابقاذلك على تنوّع وتعدّد التبرّعات وسخاء التونسي. وجاءايضاالحرية بتاريخ 9/12/2003انه من ديسمبر93ولغايةديسمبر2003رصد الصندوق700مليون وليس 500 ؟ل1350منطقة؟وتغطية مليونو200الف ساكنا؟والحال أن الحرية بتاريخ 8/12/2002تحدثت عن 1340 منطقة وعن صرف 658مليون دينار.وان العمل سيتوجّه مستقبلا الى المساكن البدائية التي رأيناها بالتفصيل؟ هذه المساكن دفع التونسي من اجلها المال في جوان87؟وقيل ان عمليات تعويض المساكن البدائية تنطلق مع 2001؟وتنهي 2004كما راينا أيضا.وأعلن الوزير مدير الديوان الرئاسي في 2003ان هذه الخطة تنتهي في 2005؟وان عدد المساكن25الفا؟وقدأزيل منها7154/2002؟و6566/2003؟و2004لم يعلن بعدرقما صحيحا؟وأعلن أن الصندوق لوحده احدث 100الف مورد رزق.وأعلن من جديد وزير الدولة انه تم تخصيص 30مليار من المليمات سنة2005 للصندوق من الدولة دون ما يتواصل جمعه؟و85مليار ل2121؟وان هناك توجّها جديدا للصندوق؟لقد عند سنة 2005. توجهّ جديد بعد14سنة؟(هناك من يكتب عبر هذا الموقع عن إنجازات وهمية في 2007) أعلن وزيرالدولةان ماهية الصندوق ستتوجّه الى العناية بالبيئة وتجميل القرى والأحياء وأبناء تونس يموتون عبر البحر والآلاف يقبعون السجون من اجل الصكوك بدون رصيد وآخرين مدانين الى العنق؟وهذا الدور يخالف كما راينا أيضاماجاءفي الفصل32 المحدث للصندوق والمحددلوظيفته؟البلديات ووزارةالبيئةوالتجهيز وكل الوزارات والمؤسسات والشركات والأفرادمعنيون بالنظافة والجمالية؟فمن اين جاعت هذه الوظيفة؟مع العلم كما راينا ايضا ما يجمعه ديوان التطهير من مال شهريا يغني عن كل تعليق الى جانب أموال التلفزة والكهرباء؟ الى جانب رسمية من الدولة على غرار البرنامج الوطني للنظافة والعناية بالبيئة وبرامج الصناديق الخاصة بالمناطق والبلديات الساحليةوحيث السياحة؟وهذه المشاريع كانت محل عناية الدولة منذ 20سنة؟والتونسي متعوّد على التجميل.وكما راينا في التقديم جلسات يومية كان يعقدها الرئيس الراحل بحضور الرئيس الحالي والوزير المستشار وغيرهم.. لهذا قلت منذ البداية الإسلام السياسي بدعة في بلدي.والتضامن التونسي مجبول عليه وليس اكتشافا.ما حدث في بلدي رهيب.ولهذا ترشحت لأعلن الطعن وليصبح هذا معلوما طالما ان الجميع يحاذي ويجامل ويهادن والنقد في جوانب.ماحدث هدف قتل السياسة ونحن نرجع السياسة الى أهلها والى حيويتها.والمجتمع المدني عبر توريط الكل في جمع المال والانغماس في ملذاته.والنتيجة ان حركة الديموقراطيين على سبيل المثال سنة84 طالبت بفصل الحزب عن الدولة والعفو التشريعي العام والحرية ونزاهةالعمليةالانتخابيةوسنة2004 احدأعضائها يقوم بالدعاية لرئيس الحزب الحاكم في منطقة بنزرت فيعينه سفيرا في السودان بعدذلك والحركةاصلا تصدربياناتوضح أسباب ترشيحها رئيس الحزب الحاكم.هذا نتاجا طبيعيا لاسن وخمد واستقر في القاع وماتت كل حيوية مجتمعية.لكن.. الصندوق جمع من93والى غاية2005.على الاقل500مليون من الدولة.العددالصحيح مدوّن بقانون المالية.مع 130مليون مساهمات وزارات مع 130هياكل ومؤسسات مع مساهمات شهرية من الموظفين والعمال تتراوح بين دينارين و5دنانيرمع التونسيين في الخارج نجدعلى اقل تقدير1350مليون دينار؟الى جانب بنك التضامن80مليون دينار الى غاية17ديسمبر2004 و2121 405مليون دينار فيكون المجموع1800مليون دينارعلى اقل شيء؟أموال رهيبةجداتتجاوزالفقروالبيئةوالبنية الأساسيةوالتشغيل. هذاالاخيرعلى سبيل المثال من موقع يضاف الى برامج الدولة و2626 و2121 والجمعيات والشركات الخاصة والخارج مااعلنته المديرة العامة لبنك التضامن أمام الاجفندا(برنامج الخليج العربي لدعم منظمات الأمم المتحدة الإنمائية)بتاريخ17/12/200.وهي مناسبة من المناسبات التي يسعى إليها النظام ويصرف المال الكثير ترويجا لنموذجه وبحثا عن شهادات يعلم أنها غائبة المستند.من ذلك إقرار الأمير طلال بشفافية الانتخابات؟ونجاح النموذج التنموي؟وان البنك صرف 80مليون دينار لبعث المشاريع؟وان 6في المائة فقط عجزوا عن إرجاع قروضهم؟وان جملة القروض الممنوحة من البنك مباشرة بلغت75مليارا والبقية بواسطة الجمعيات.وانتفع 105الاف.وانه تم منذ99 بعث 112جمعية وخلال 2005.سيكون هناك 33اخرى.والعدد الجملي للقروض 110الاف.(5الاف من الجمعيات)ونسبة الاستخلاص بلغت 20في المائة. 110الاف تعني على الاقل 330الف فرصة عمل؟كما ان 2121يرصد لكل شخص تنتدبه الجمعية التنموية نصف الأجر الممنوح.وهو ما يعني إذا كان عاملان بكل جمعية فان مجموع العملة خلال ديسمبر2004 .224واذا كان خلاص الواحد 300د.نصفهم 150دضارب224=33600مليون +مصاريف كراء مقرات 300دضارب112ضارب 12ضارب112=403مليون و200د.مع ماء وكهرباء ومصاريف عامة 200ضارب 112ضارب12=268مليون و800د.المجموع 705مليونو600د.ما يقارب المليارللتصرّف؟ الى جانب هذاهناك مااغرب باعتباري كنت معتمدا فان مرتبي من 99والى نوفمبر2002 كان 704.094د؟والأكثر غرابة أنّ المرتّب خلال مارس 2002صار712.615؟ثم في أوت 2002 رجع الى 708.598؟وبقي هكذا الى غاية نهاية2002حيث صار775؟ثم قفزراجعا إلى 771.744د؟هذه الأربعة أو 5 أواكثر من الدنانير لا علم لي على غرار الآلاف بمن أخذها ولا أين ذهبت ولا اين يمكن المطالبة بها؟الى جانب ان المرتب ظل نفسه من2002 إلى أن غادرت في جويلية 2003؟ ومع هذا المرتب الهزيل يملك المعتمدون والمعتمدون الاول والكتاب العامون للولايات والولاة الذين لا يوجد فارق كبير بين رواتبهم (بين 775 و1400)منازل بمسقط الرأس وعلى البحر وبتونس؟والحال انني مع هذا المرتب مضافا اليه اكثر من الضعف لم اتمكن من كسب شيء.الاغرب أكثرانّ للكثيرمن هؤلاء ابناء يدرسون في الخارج ويملكون السيارات و..؟ وموظّف مثلي يخصم له شهريا203066دوهذاسنة.2002اي سنويا2436792د؟هذه المواضيع الحياتية والحقوقية والانسانيةلاتهمّ الإنسان التونسي.فلسطين والعراق ستتحرّرونحن لا نعرف الحق ومرضى وجياع ونملك شخصيتين وكل واحددخل جمعيةأوحزبايقفل الباب عن غيره؟الشرعيةالشعبية وموظّف مثلي يخصم له شهريا 203066 هذاسنة.2002اي سنويا2436792د شهريا203066دوهذاسنة.2002اي سنويا2436792دوهذه المواضيع الحياتيةوالحقوقيةوالانسانيةلاتهمّ الإنسان التونسي.فلسطين والعراق ستتحرّرونحن لا نعرف الحق ومرضى وجياع ونملك شخصيتين وكل واحددخل جمعيةأوحزبايقفل الباب عن غيره؟الشرعية الشعبية غائبةوحتماالدستورية. من أين جاءت الشرعية؟والمنع من عدمه؟أموالي تسلب منّي وحقوقي وأرزاقي وترقيتي وتشغيلي وهيئات حقوقية توجّه الاهتمام إلى الخارج؟ .من اجل هذا وغيره يدخل اضرابنا يومه الرابع. حسين المحمدي تونس. 23جانفي2007.
انتخابات صورية جرت خلال هذا الأسبوع عمليات “انتخاب” الأعضاء النواب من الأصناف الثلاثة للقضاة بالمجلس الأعلى للقضاء و مجلس التاديب لمدة 3 سنوات (2007 – 2009) ومن الغريب أن طريقة الانتخاب لا تفتح باب الترشح وبالتالي لا مجال لتعليق قائمة مترشحين والتعرف على مدى الاستعداد لتحمل هذه المسؤولية ناهيك عن البرامج. كما تفتقد هذه ” البدعة” إلى الشفافية عند فرز الأوراق في غياب ممثلي القضاة وعند الإعلان عن النتائج دون إسناد عدد الأصوات. وقد دفع هذا ستة قضاة إلى تقديم طعون في ذلك خلال الانتخابات السابقة منذ سنتين إضافة إلى نشر قضية في الغرض لدى المحكمة الإدارية ضد وزارة العدل لم يقع البت فيها إلى الآن. وتجدر الإشارة إلى أن اغلب أعضاء المجلس الأعلى للقضاء معينين ولطالما طالب المكتب التنفيذي الشرعي لجمعية القضاة بتوسيع قاعدته الانتخابية.
إيقاف أشغال مؤتمر
شرعت الدائرة المدنية بالمحكمة الابتدائية بتونس في جلستها ليوم 29 ديسمبر المنقضي في النظر في القضية الأصلية التى تقدمت بها القاضيات السيدات وسيلة الكعبي وكلثوم كنو وروضة القرافي أعضاء المكتب التنفيذي الشرعي لجمعية القضاة التونسيين ضد الخصم القاضي خالد عباس وموضوعها ابطال الدعوة إلى مؤتمر 3 ديسمبر 2006 وإبطال الجلسة العامة المنعقدة في 31 جويلية 2006 والقرار الصادر عنها بتنقيح الفصل 13 من القانون الأساسي للجمعية مما يحرم قضاة داخل الجمهورية من حق الترشح للمكتب التنفيذي. وبطلب من السيدات المدعيات تم تأجيل النظر في القضية إلى يوم 27 جانفي الجاري لإعادة تحديد الخصم بعد سقوط عباس وتعويضه بالقاضي طارق براهم. إرادة “الاستقلال” تكريما لنضال جمعية القضاة التونسييين من اجل استقلاليتها وبمناسبة عشرية لجنة احترام الحريات وحقوق الإنسان بتونس ومقرها بباريس صدر كتاب تحت عنوان “إرادة الاستقلال” للأستاذ حسين الباردي المحامي بمحاكم باريس وعضو ناشط في اللجنة. وجاءت مقدمة الكتاب بتوقيع المحامي الفرنسي ميشال طوبيانا الرئيس الشرفي لرابطة حقوق الإنسان الفرنسية ونائب رئيس الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان وعضو اللجنة التنفيذية للشبكة الاورومتوسطية لحقوق الإنسان. ويروي الكاتب في صفحة 136 شجاعة نشطاء الجمعية في المعركة التى خاضوها من اجل استقلال القضاء رغم الظروف القاسية والهرسلة والتنكيل بهم نم خلال نقل تعسفية إلى أقاصي البلاد. (المصدر: صحيفة “الموقف” (أسبوعية – تونس)، العدد 389 بتاريخ 19 جانفي 2007)
مسرح: “رهائـن” في المسرح البلدي
نزهة احتضن المسرح البلدي أيام 12 و13 و 14 جانفي الجاري مسرحية رهائـن للمخرج عز الدّين قنّون ونصّ ليلى طوبال وتمثيل كلّ من لبنى نعمان وريم حمروني وأصالة النفطي ووحيد العجمي وحلمي الدريدي ومحمد حسين قريّع بالإضافة إلى مساعدة المخرج مريم البوسالمي وموظب ركح مراد مبخوت. وتتلخص أحداث المسرحية في عملية اختطاف ستة مسافرين من قبل مجموعة من الإرهابيين كانت تعلة من قبل المخرج والكاتبة للتطرق إلى الوضع الراهن للإنسان الذي أصبح رهينة عدة مشاكل و قيود اجتماعية وسياسية و دينية وأن التطرّف أصبح يلقى في مجتمعاتنا أرضية خصبة حتى يترعرع وأن الإرهاب هو رد فعل على ممارسة إرهابية أكبر. إنطلقت مسرحية رهائن على ركح مسرح الحمراء يوم 11 فيفري 2006 بعد سبعة أشهر من التمارين وقامت بأكثر من 30 عرض بين فيفري وماي 2006 على نفس الركح قبل أن تنطلق في جولة إلى الشرق الأوسط لتقدم عشر ةعروض في كل من حلب ودمشق والإسكندرية حيث لقيت صدى كبيرا لدى الجمهور العربي و ينتظر أن يتم عرضها داخل الجمهورية حتى يتمكن هذا النوع من المسرح من الوصول إلى أكبر عدد ممكن من التونسيين. (المصدر: صحيفة “الموقف” (أسبوعية – تونس)، العدد 389 بتاريخ 19 جانفي 2007)
شؤون طلابية: فاتورة طالب
يعيش متساكنوا المبيتات الجامعية منذ بداية السنة تحت وطاة نظام قاس متمثل في الاقتصاد في الطاقة، فقد أصبحوا محرومين من الكهرباء ليلا نهارا ذلك أن تشغيلها لا يتم إلا بعد الساعة الثامنة ليلا في حين أن الشمس تغيب في حدود الساعة الخامسة مساء بالإضافة إلى أن الكهرباء تقطع كامل اليوم فلا يحق لأحد أن يستمع للراديو لمعرفة ما يجري من حوله من أحداث أو حتى لشحن هاتفه الجوال إذا كان لديه واحد ليكون بذلك ضحية منافسة بين مديري المبيتات في نهاية كل فترة دفع عداد استهلاك الكهرباء (من يدفع الفاتورة الأقل) وليدفع الطالب البقية. (المصدر: صحيفة “الموقف” (أسبوعية – تونس)، العدد 389 بتاريخ 19 جانفي 2007) تحركات للمعطلين قام أعضاء اتحاد أصحاب الشهادات المعطلين عن العمل بجملة من التحركات في المدة الأخيرة إذقاموا يوم الخميس 11 جانفي باعتصام أمام مدخل وزارة التربية دام 3 ساعات وقابلتهم الشرطة بجميع أجهزتها رافضين مطلبهم لقاء مندوب الانتدابات في الوزارة المذكورة السيد نجيب الصخيري. وتمكن أعضاء الاتحاد من دخول الوزارة يوم السبت 13 جانفي وأعلنوا اعتصاما داخلها دام ساعتين. ورفض مسؤولو الوزارة مقابلة أيّ من أعضاء التنسيقية الوطنية، وكذلك تكرر نفس الأمر باعتصام دام ساعتين يوم الثلاثاء 16 جانفي أمام مدخل الوزارة، وتم منعهم مرة أخرى وأعلمهم الأمن أن السيد الصخيري يرفض مقابلة أعضاء الاتحاد فعادوا سيرا الى وسط العاصمة معلقين على ثيابهم ملصقات كتب عليها : معطلون. (المصدر: صحيفة “الموقف” (أسبوعية – تونس)، العدد 389 بتاريخ 19 جانفي 2007)
لقاء مع الكاتبة المسرحية ليلى طوبال
“رهائن” تحمل تساؤلات عن الارهاب والحرية
بدر السلام الطرابلسي 11 فيفري 2006 هو تاريخ أول عرض لمسرحية رهائن بمسرح الحمراء الذي تتالت فيه العروض ثم قام بعدها مسرح الفنون بجولة في الشرق الأوسط وعرضت المسرحية بالقاهرة والإسكندرية ودمشق وحلب وحطت مؤخرا بالمسرح البلدي أيام 12 و13 و14 جانفي 2007 لتصدم مجددا الجمهور بمعجزة الجسد الثائر الذي استطاع من خلاله المخرج عز الدين قنون أن يبعث الروح في نص كاتبة المسرحية ليلى طوبال. هذه الأخيرة أثارت في نصها ظاهرة شغلت العالم وخلفت استفهامات عميقة هي ظاهرة الإرهاب. ومن اجل الغوص أكثر في خلفيات المسرحية وأبعادها اتصلنا بالسيدة ليلى طوبال كاتبة نص المسرحية وأجرينا معها هذا الحوار:
– كيف أتتك فكرة المسرحية؟ أتتني فكرة المسرحية من هاجس البحث عن الحرية وليس بمفهومها المتعارف عليه بل الحرية في علاقة بالتبعية للموروث الجنسي، للانتماء العائلي والاجتماعي والثقافي، في علاقة أيضا بالأشياء البسيطة التي لا نتحكم فيها وتحدد توجهاتنا. الحرية كذلك في كون الإنسان لم يختر وجوده وإطاره الاجتماعي هذا من ناحية ومن ناحية أخرى وضعيته كمواطن مواكبة للإحداث الكبرى التي نعيشها ويعيشها العالم من حولنا المتمثلة في الحروب والعنف العالمي والكوارث الطبيعية وجاءت كذلك من المسلمة التي يتبناها الآخر الذي يتصور انه يمتلك الحقيقة المطلقة بينما الانا على خطأ مما يجعله يقوم بكل هذا العنف والدمار. المشكل الأساسي يكمن في رفض الآخر.
حدثينا عن العروض التي قمتم بها وعن تفاعل الجمهور معها؟ تم أول عرض يوم 11 فيفري 2006 و 30 عرضا بالحمراء كما قمنا بجولة في الشرق الأوسط في كل من القاهرة والإسكندرية ودمشق وحلب. كانت جولة ناجحة جماهيريا حتى في علاقة بالنقاد ورجال المسرح. كما قلت تفاعل الجمهور ايجابيا مع المسرحية ومع كل عنصر فيها لأنه أحس بأن الشخصيات تعبر عنه إلى حد التماهي والإحساس بأنه إحدى هاته الرهائن حد الاختناق…كذلك الاختيار الفني لعز الدين قنون والشغل على الممثل والتي هي تجربة جريئة ألغى من خلالها أدواته في التمثيل ( اليدان مقيدتان والعينان معصوبتان…) مما بهر الجمهور. كما أن المسرح محتاج إلى المغامرة الفنية المدروسة والى البحث. قنون مهووس بالتجريب خاصة في اعتماده على الممثل وجسده والبلوغ إلى أقصى حدود.
ماذا عن بنية نص المسرحية ألا ترين انه يتقاطع مع السيناريوهات الأمريكية الكلاسيكية؟ من حيث المبدأ كل شيء مبني على شيء آخر، ونقطة الالتقاء ربما تكون في الشكل لا في المضمون. إضافة إلى أن المرجع الحقيقي للكاتب هو الواقع وليس الأفلام أو المسلسلات. ثم إن النص المسرحي يحمل ديناميكية داخلية يتصرف فيها المخرج ليطوع النص على الركح وتلك هي الكتابة الحقيقية للنص المسرحي فهو مولود يكبر وينمو على الركح.
تكررت في المسرحية كلمات من قبيل إرهابيين في كثير من المرات فما هو تعريفك للإرهاب؟ في الخطاب المسرحي لرهائن لا يوجد تعريف حقيقي للإرهاب بل توجد استفهامات من قبيل هل الأم بالنسبة لشخصية نيهو والتي تتدخل في خيارات ابنها هل هذا يعني إرهابا أم لا؟ عندما على حريتك الشخصية هل يعتبر إرهابا ام لا؟ عندما تمنع من التفكير هل يعتبر إرهابا أم لا؟ عندما تقتل بدم بارد هل يعتبر إرهابا أم لا؟ الإرهاب كلمة مطاطة، كل واحد يتناولها حسب مصالحه وأهدافه والعرض يحارب كلمة الإرهاب، هذه التسمية التي يلقى عليها الصواب والخطأ في آن واحد. أردت القول من خلال المسرحية إنني ضد كل أنواع الإرهاب والظلامية والتطرف.
تناولت كذلك وسائل الإعلام وكيفية تعاطيها مع الأحداث الهامة فهل توضحين لنا أكثر هذه العلاقة؟ في عصر العولمة والصورة والأقمار الصناعية والانترنت اشعر كمواطنة انه يمارس علي إرهاب إعلامي لان الإعلام يمرر الصورة التي يريدها هو ويتدخل في إحساسي وطريقة تعاملي مع الأحداث ورؤية الأشياء. والمساحة التي تتركها لك وسائل الإعلام من أجل التحليل والتفكير محدودة جدّا فهي تعطيك كلّ شيء ولا تخرج بشيء فتحسّ أنّك مثل ورقة الخريف التي يطيرها الريح: معلومة تأخذك لفهم وأخرى لفهم آخر… وتسابق القنوات لبثّ الخبر يجعلك أيضا تتسابق في البحث عنه والمشاهد من كثرة تواتر الصورة التي ترينا مشاهد الدم والقتل والدمار لم يعد يتأثّر بها وأصبحت بالنسبة إليه مشاهد عادية وبناء عليه أردت في المسرحية أن يتركوا لنا حيزا للنّقد والتحليل والفهم الواعي للمعلومة بدون توجيهها.
كيف تقيمين المشهد المسرحي في تونس؟ هناك تجارب مسرحية تونسية هامة قدم أصحابها الإضافة وما زالوا مطالبين بتطوير المكانة التي وصل إليها المسرح التونسي وتثمينها وذلك من موقعنا كتونسيين وعرب حتى تلقى الصدى العالمي المطلوب وهذا لا يعني أن هناك تجارب مسرحية ليس لها صدى عالمي إنما لا يجب أن نعتبر أنفسنا وصلنا القمة وان المسرح التونسية ريادي في عالم العرب. المطلوب المزيد من البحث والتجريب والتطوير….
في كلمة، ما الذي تبحثين عنه من”رهائن” والمسرح عموما؟ بناء من اجل الإنسانية ومن اجل الحب في اشمل معانيه على الأقل لنسترجع البعض منها لأنني أعاني كثيرا وبصمت من هذا الوجع اليومي. أما بالنسبة للمسرح فلا انتظر منه شيئا بل هو ينتظر مني ومن المبدعين الكثير. (المصدر: صحيفة “الموقف” (أسبوعية – تونس)، العدد 389 بتاريخ 19 جانفي 2007)
الدولة المتحزبة تفرق ولا تجمع
إثر الفاجعة التي حصلت بالبلاد بين 23 ديسمبر 2006 و 03 جانفي 2007 وتمثلت في وجود مجموعة إرهابية في تونس – لأول مرة- تخطط منذ زمن بعيد ولها – كما يبدو- تواصل مع شبكات الإرهاب خارج حدودنا، قلنا “إن أخشى ما نخشاه أن ترجع السلطة – بعد مرور العاصفة – إلى ما كانت بصدده …” أي إلى عدم الاكتراث بالرأي العام من ناحية، ومواصلة سياسة القبضة الأمنية بدون اعتبار لما يمليه القانون، من ناحية أخرى.
ولكأن السيد وزير الداخلية و التنمية المحلية أراد أن يبلغنا رسالة تؤكد أن خشيتنا كانت في محلها و أنه غير مستعد لإعارتها أدنى اهتمام. وهكذا – وفي الوقت الذي كان من المفروض أن يتجه إلى الرأي العام قاطبة للتوضيح و الطمأنة- خير أن يخص إطارات التجمع الدستوري بالمعلومات حول ما جرى متناسيا أنه عضو في حكومة تونس وأن تونس لكل التونسيين مهما كانت آراؤهم ومشاربهم.
إن هذا التصرف لم يفاجئنا حيث أنه ينسجم مع ما تعانيه الحياة العمومية – السياسية وغيرها – من احتكار التجمع لكل مجالاتها وإقصاء ممنهج – أو في أفضل الحالات –تهميش للرأي المخالف. ولكن ما يبعث يحق على القلق الشديد أن هذا التصرف لا يتلاءم بالمرة مع ما تفرضه خطورة ما حصل وخطورة مدلولاته التي يطول الحديث عنها في هذه الافتتاحية ولكن العديد من المتابعين للشأن العام – ومن ضمنهم من لا يمكن اعتباره معاديا أو مشاكسا أومناهضا أو حتى معارضا للسلطة – أشاروا إلى الأسباب التي أدت بالبلاد إلى هذا الوضع وقدموا حلولا وجيهة تستحق الاهتمام. وجل الحلول المقترحة، سواء كان ذلك بصراحة جارحة أحيانا، أو بأسلوب ديبلوماسي محتشم، تصب في ضرورة مراجعة أسلوب الحكم القائم وإنعاش التعددية السياسية ورفع القيود المكبلة للإعلام وخلق المناخ الملائم للحوار الوطني الجاد. و إلا – كما قلنا في العدد الأول – ” ستجدنا العاصفة المقبلة – لاقدر الله – في حالة أسوأ …”. بيان
بعد ثلاثة أسابيع من التعتيم الإعلامي و التسريب الانتقائي للأخبار هاهو السيد وزير الداخلية و التنمية المحلية يخص إطارات التجمع الدستوري الديمقراطي المجتمعين بالمقر المركزي لهذا الحزب، بتفاصيل التحقيقات الأولية لعملية التصدي للمجموعة الارهابية التي انطلقت خلال الفترة من 23 ديسمبر الماضي و انتهت يوم 3 جانفي الجاري. وهو تصرف يؤكد ما نلمسه يوميا من أن الدولة متحزبة رغم ما تقتضيه دقة الظرف و خطورته.
إن التكتل الديمقراطي من أجل العمل و الحريات يدين إدانة تامة العمل الإرهابي الذي خططت له هذه المجموعة الإرهابية و يترحم على أرواح من ضحوا بحياتهم في مواجهتها من أجل البلاد. وهو يعتبر أن ما حدث يشكل منعرجا خطيرا يهدد البلاد و استقرارها و يقتضي من السلطة الحاكمة –أساسا- وقفة شجاعة و صادقة من أجل: استخلاص الدرس منه و التمعن في الأسباب العميقة التي أدت إليه و في مقدمتها سياسة القبضة الأمنية و ما فرضته من تصحر الحياة العامة خلال العشريتين الماضيتين. إعادة الثقة و الطمأنينة في النفوس و طي صفحة الماضي بإخلاء السجون من السجناء السياسيين وإعلان عفو تشريعي عام يشمل المغتربين وتحرير الإعلام ورفع القيود عن العمل السياسي والجمعياتي والنقابي.
فتح قنوات الحوار الجدي و التعددي مع كافة مكونات المجتمع دون إقصاء أو تمييز حسب درجة الولاء، في إطار مراجعة صادقة للنهج المتصلب الذي أدى إلى تهميش القوى الحية بالبلاد وإضعاف مناعة المجتمع وقدرته على حماية نفسه ووقاية شبابه من الانزلاق في التطرف و الإرهاب.
إن المصلحة الوطنية تفرض اليوم –بالتأكيد – الرصانة و معالجة الأمور بمقاييس دولة القانون بعيدا عن التشنج والإيقافات العشوائية بالجملة في صفوف الشباب. إن مواصلة النهج الأمني من شأنه أن يزيد الوضع تأزما و الحقد تعمقا. في ظرف تحتاج فيه البلاد إلى تهدئة الخواطر و جمع الكلمة ضد خطر كم نبهنا إليه في الماضي وعلينا أن نعمل جميعا حتى لا يتجدد. فهل سنعتبر؟ (المصدر: صحيفة “مواطنون” (أسبوعية – تونس)، العدد 2 بتاريخ 17 جانفي 2007)
وجهة نظر
بين الواقع و الدستور… في الدستور
بقلم جلول عزونة 1- تقديم: في التغني: لا ننفك نسمع المتغنين بأمجادنا الماضية و خصوصا في ميدان سن الدساتير. فتونس أول بلد عربي سن دستورا في العهود الحاضرة، و ذلك في إشارة إلى “عهد الأمان” الذي أعلن سنة 1857 و تلاه بعد أعوام قليلة أول دستور يحمل الإسم بكل وضوح، سنة 1861. بل يرجع البعض إلى العصور القديمة و إلى القرن الرابع قبل المسيح حين كان لقرطاج دستورها الذي نوه به فلاسفة اليونان لتقدميته و تميزه، و لكن هذا التغني و التفاخر يخفي في حقيقة الأمر خواء الحاضر وربما المستقبل إذا لم نقم بنقد ذاتي عميق و بمراجعة شاملة لواقعنا المؤلم.
2- قراءة قصيرة للواقع: يعي كل المواطنين بصفة حادة أن دستور 1959 وضعه بورقيبة على مقاسه تماما، رغم بعض فصوله التي أتت للدعاية للخارج و لطمأنة الضامر في الداخل. فالرجل بإيجابياته و سلبياته، قد وضع دستورا لم يسمح، في التطبيق، إلا بنفاذ إرادته، التقدمية أحيانا، و المناقضة لروح زمانها، و المواصلة لنوع الاستبداد الشرقي و طبائعه المعهودة منذ مئات القرون من ناحية أخرى. و كلنا يتذكر كيف تصرف بورقيبة مع قرارات مؤتمر المنستير الأول سنة1971، بعد ايقاف تجربة التعاضد. هذا المؤتمر الذي أدخل جرعات قليلة مع التعامل الديمقراطي داخل حزب الدستور، و كيف أوقف بورقيبة تطبيق قرارات المؤتمر عند الإجتماع الأول للجنة المركزية، و كيف نظم مؤتمر المنستير الثاني الذي نادى في قراره الأول بالرئاسة مدى الحياة.
و اليوم ورغم تصريح فجر السابع من نوفمبر 1987 بأن “لا رئاسة مدى الحياة بعد اليوم”، نرى واقعنا المر يكذب ذلك، فدستورنا الذي حدد مرة أولى دورات الرئاسة الخماسية لثلاث دورات فقط قبل أن يلغيها سنة1975، و الذي أرجع العمل بهذا التحديد سنة 1987، رجع ليلغي التحديد سنة 2002 مما جعلنا نعيش في دوامة التحويرات التى لا تنتهي، و كأن الدستور، وهو ما هو من علويته على كل القوانين و المصالح الآنية، يكون جوهر وجوده هو ضمان الاستقرار السياسي بعيدا عن المصالح الذاتية و الحسابات الآنية، نراه، في كل هذه التحويرات لم يخضع إلا لهوى وحيد، هو الاستمرار في السلطة إلى ما لا نهاية و التشبث بها بشكل مرضي، يعيد ما عانته شعوبنا من استبداد شرقي ماضوي خارج العصر الحالي و مبدإه الذهبي: التداول على السلطة، و إذا الدستور الذي هدف أعلى سياسي يصبح مجرد ملهاة، تتداوله الأيدي، ومجرد نص تمزق قدسيته المدنية تحويرات، تعبث به كما تشاء فتشوه وجهه و محتواه.
3- سروال عبد الرحمان: و هذه العمليات غير المسؤولة التي أدخلت على دستور تونس منذ نصف قرن تقريبا تجعله غريبا، بل يمكننا القول بأن عملية الرئاسة مدى الحياة التي أدخلت عليه سنة 1975 قد وأدته و كتمت أنفاسه و جعلته مجرد جثة في قاعة إنعاش اصطناعي، و حتى محاولة 1987 و التي أرادت أن تعيد له تنفسه الطبيعي، لم تكن عملية صحيحة سرعان ما تبين أن النوايا لم تكن صادقة، و أن دستورنا الميت طبيعيا لم يسترجع أنفاسه، و أن ما يقال اليوم عن الدستور هو مجرد دعاية مبكية مضحكة، وهو جثة ميتة منذ زمان بعيد يريدون إيهامنا بأنها -بآلاتها الاصطناعية- لا تزال تتنفس و لا يزال فيها بعض من النبض! و هذا الواقع الدستوري يذكرنا بنص كنا قرأناه في التعتيم الابتدائي حول رجل عبد الرحمان اشترى سروالا، و حين رأى أنه أطول بكثير من ساقيه، عمدت –كل على حدة و بدون توافق أو علم- أخته و أمه و زوجته- إلى تقصيره، و إذا به مجرد تبان قصير، لا يكاد يغطي العورة!!! و نحن نرى أن ساساتنا –و إن ادعوا حسن النية- فلم يكن تصرفهم، مع دستورنا- إلا كتصرف أخت عبد الرحمان وزوجة عبد الرحمان و أم عبد الرحمان…
4- و الآن؟ أو اليتم الدستوري فنحن نرى إذن أن الرئاسة مدى الحياة، قد خرجت من الباب كما يقول مثلنا الشعبي ودخلت من الخوخة ” وإذا كان خصيمك الحاكم لشكون بش تشكي ” خصوصا و أن عبد العزيز العلوي رحمه الله لذلك لابد أن ننظر بصلابة لواقعنا الدستوري، وأن نعلن أننا يتامى دستوريا وألاّ نهرب من هذا المعطى المؤلم، وأن نفكر في دستور بديل ينهي مرة واحدة كل تلاعب بهذا النص المدني القانوني الأعلى. وهذا لن يتأتى إلا بوعي عميق لدى كل القوى السياسية في البلاد، بل وحتى لدى الغالبية الساحقة من المواطنين وأن يلتزم الجميع بهذا المبدإ، وأن نجعله أولوية الأولويات، وأن نضعه طالع كل برنامج سياسي تحولّي حقيقي.
عندئذ وعندئذ فقط يمكن لقاطرتنا أن تتحرك من جديد، وأن تنطلق فعليا لنخرج من تخلفنا السياسي. لأننا – ورغم كل ما قيل وما يقال، فإننا سياسيا متخلفون …متخلفون …لم نراوح منذ 1857 بل وحتى قبل ذلك. (المصدر: صحيفة “مواطنون” (أسبوعية – تونس)، العدد 2 بتاريخ 17 جانفي 2007)
حديث مع بوراوي عبد الجليل
أسدل الستار على المؤتمر الحادي و العشرين للاتحاد العام التونسي للشغل فما هي انطباعاتكم؟
شهر ديسمبر كان حافلا بالعديد من المؤتمرات في تونس و يمكن القول بكل موضوعية أن مؤتمر الاتحاد العام التونسي للشغل مثل أهم الأحداث بالنسبة للرأي العام النقابي و الوطني كما تدل على ذلك جملة من المؤشرات:
المواكبة المبكرة و المكثفة المسترسلة للحدث من طرف الصحافة التونسية بكل أشكالها. النقاشات العديدة التي وقعت داخل عديد اللجان و الهياكل النقابية حول مشروع لوائح المؤتمر. التصريحات و الجدل الصحفي الذي وقع بين مختلف الأطراف النقابية. اهتمام الرأي العام الوطني بالحدث من خلال متابعته للصحافة و للركن الخاص بالشأن النقابي..إلخ…
و هاته المؤشرات تدل على أنه في غياب حياة سياسية متطورة و ديمقراطية يبقى الاتحاد المنظمة الجماهيرية الوحيدة التي يعلق عليها الرأي العام التونسي عموما و السياسي بالخصوص آمالا كبيرة لتحقيق حد أدنى من التوازن بين الدولة و المجتمع المدني الذي من شانه أن يحد من الاختلالات العديدة التي تتهدد جميع جوانب الحياة السياسية منها و الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية.
ذلك أن الاتحاد مازال يمثل أهم الخلايا الحية في مجتمع مكبل سياسيا، هشا اقتصاديا، مرهقا اجتماعيا و متذبذب ثقافيا. و من الضروري و الأكيد أن تلتف جميع القوى الحية حول هذا المكسب و أن تحميه من كل الانحرافات و المزايدات حتي يبقي على الدوام الفضاء القادر على استيعاب كل الشرائح العمالية و كل الحساسيات الفكرية و السياسية و يؤمن التعايش الخلاق و الديمقراطي بينها حتى نبني أرضية صلبة و متينة لإقامة مجتمع ديمقراطي متحضر و متطور. و بدون شطط يمكن القول أن الاتحاد رغم عديد النواقص التي سنتعرض إليها لاحقا يبقى على الصعيد الفكري من الفضاءات النادرة التي تطرح فيها قضايا جوهرية متنوعة و نقاشات واسعة تهم التنمية عموما و التربية و الصحة و التغطية الاجتماعية و الجباية و الشراكة الأورو-متوسطية و العولمة و دور المنتديات الاجتماعية، و قضايا الديمقراطية و تحرير الشعوب…
كما يمثل الاتحاد على الصعيد السياسي مكسبا مهما و نادرا نظرا إلى أنه يمثل إحدى الفضاءات النادرة التي تقبل بوجود الرأي المخالف و تعمل على تكريس مبدإ المساءلة و محاسبة المسؤولين و توفير ظروف الشفافية في العملية الانتخابية (حضور عديد الصحفيين في عملية الاقتراع في مؤتمر المنستير…) و ترفع شعار الاستقلالية في القرار و تحاول تكريسه على أرض الواقع في بعض المناسبات (الموقف من مجلس المستشارين، من الانتخابات الرئاسية، من زيارة شارون…)و تعمل على مد الجسور مع جميع مكونات المجتمع المدني لنصرة قضايا الحرية و الديمقراطية و العولمة البديلة. كما يمثل الاتحاد على صعيد وظيفته الاجتماعية التقليدية الجبهة الوحيدة للوقوف في وجه سلبيات العولمة و تراجع المكاسب الاجتماعية.
لكل هذه الأسباب الرئيسية يجب على كل القوى الاجتماعية و الفكرية و السياسية أن تعمل على صيانة هذا المكسب و أن تتعامل معه انطلاقا من نظرة استراتيجية تتجاوز المزايدات و التوظيف السلبي للمنظمة خدمة لمصالح فئوية أو حزبية و أن تتخلى عن منطق كسب المواقع خدمة لأغراض شخصية. ذلك أن التاريخ المعاصر يؤكد أنه كلما إزداد الاتحاد قوة و صلابة كلما ازداد المجتمع قوة و مناعة و استقرارا. فالاتحاد كان عنصرا أساسيا في معركة التحرير في الأربعينيات و الخمسينات كما لعب دورا رائدا في بناء الدولة الحديثة و رسم البرامج و الخطط التنموية في الستينات، كما كان أحد الأطراف الرئيسية من خلال السياسات التعاقدية في السبعينات في بروز طبقة وسطى ساهمت في الحفاظ على الاستقرار و دفع عملية النمو، كما كان سباقا في الثمانينات إلى الكشف عن الاختلالات التي تعيق التنمية و طرح برامج و سياسات تنموية بديلة. و الآن يجب على الاتحاد انطلاقا من التحولات الحاصلة و من رهانات المرحلة الحالية أن يعيد ترتيب أولوياته على مستوى الهيكلة و البرامج و المواقف و المطالب حتي يساهم في الحفاظ على المكاسب الاجتماعية و تطوير المكاسب الوطنية من خلال تحليل و قراءة جديدة لعلاقة التنمية بالديمقراطية و ضرورة تطوير الحوار الاجتماعي في مفهومه و أطرافه و محتواه. ألا ترون في غياب تعددية سياسية حقيقية أن الرأي العام يحمل الاتحاد مسؤوليات تفوت ما يمكن أن تتحمله نقابة بالمفهوم التقليدي؟
هذا صحيح لكل الأسباب التي ذكرتها سابقا و خاصة إذا اعتبرنا غياب الديمقراطية و المحاصرة التي تعاني منها الأحزاب السياسية المعارضة التي تطمح للقيام بدورها بكل جدية و غياب الديمقراطية في البلاد زاد من الضغط على الاتحاد و من تحميله من جانب عديد الأطراف مسؤوليات تفوق مهامه و حجمه و فتحت الباب للمزايدات و مخاطر الانحرافات. و في هذا المجال و بالرجوع إلى الواقع السياسي لا يمكن أن نراهن على نضج المناضلين و قدراتهم على التحلي بسلوك عقلاني يأخذ بعين الاعتبار الظروف و الخصوصيات و ما هو ممكن الآن و ما يجب تأجيله إلى فترة لاحقة لأن قدرات الاتحاد و الأدوار التي يمكن أن يلعبها مرتبطة أشد الارتباط بقوته و حجمه و اشعاعه و مدى حرصه على مد جسور متينة مع مختلف مكونات المجتمع. و رغم أن العمل النقابي عمل سياسي بالأساس لأن جميع القضايا و الملفات النقابية هي نتيجة اختيارات على الصعيد الاقتصادي و السياسي تهم تعبئة الموارد البشرية و المالية و توظيفها على أساس أولويات و اختيارات لصالح فئات اجتماعية و قطاعات و جهات و أجيال دون فئات و قطاعات و جهات و أجيال أخرى، لكن رغم ذلك لا يمكن لمنظمة نقابية أن تعوض الأحزاب السياسية و أن تحل محلها للقيام بمهامها. و من المؤسف أنه في غياب حياة سياسية متطورة قائمة على الحرية و الديمقراطية و دولة القانون غالبا ما يحصل الخلط بين المؤسسات و مختلف ظواهر الحياة الاجتماعية: خلط بين الحزب الحاكم و الدولة، خلط بين المهام السياسية للحزب الحاكم و المهام الاجتماعية، خلط بين مسؤولية الشعب المهنية و تسيير المؤسسات الاقتصادية. و هذا الخلط على مستوى الدولة و الحزب الحاكم و الادارة نجد بعض مظاهره في مختلف المنظمات و الجمعيات و الأحزاب الأخرى. ذلك أن المنظمة النقابية على سبيل المثال غالبا ما تكون مطالبة من طرف النقابيين المتسيسين بالقيام بدور الموفق الاداري لفض مشاكل شخصية تهم تشغيل أبناء النقابيين أو الحصول على قرض أو مسكن أو نقلة… و بالتالي تصبح المنظمة تلعب طورا دور الحزب السياسي و طورا آخر “دور الموفق الاجتماعي” و في بعض الحالات دور المتحصل على امتيازات فردية لا قانونية من شانها ان تكرس الانتهازية و كل ذلك على حساب العمل الاجتماعي الهادف للتقدم بالملفات النقابية و تحقيق مكاسب نقابية جماعية تضمن التضامن و الوحدة النقابية.
ولا يمكن الخروج من هاته الأوضاع إلا في إطار دولة قانون تضمن تقسيم الأدوار و المهام و ترجع الإعتبار للمؤسسات للقيام بدورها وفي هذا السياق تبرز أهمية نصرة قضايا الحرية و الديمقراطية و بناء دولة القانون من طرف المنظمة النقابية في المرحلة الحالية. ذلك أن المنظمة النقابية هي في أشد الحاجة في هذه المرحلة لمجتمع مدني حي مناضل يأخذ على عاتقه عديد المهام التي لا يمكن للإتحاد القيام بها بمفرده. ما هي أولويات العمل النقابي إنطلاقا من تجربة مؤتمر المنستير و من رهانات المرحلة القادمة؟ بكل صراحة كشف مؤتمر المنستير عديد الإختلالات التي كانت نتيجة تراكمات لملفات سابقة كما ساد المؤتمر جو من التوتر الذي كان بالامكان تجنبه و طغى عليه المنطق الانتخابي على حساب بلورة مشروع عمل للفترة القادمة يلزم المكتب التنفيذي على انجازه. و بدون تحليل أسباب و مسببات الاختلالات و التوتر (تراكم النزاعات و الملفات المطروحة أمام قسم النظام الداخلي دون حلول تضمن الانضباط النقابي، توقيت انعقاد المؤتمر و مكان انعقاده، منع النقابيين غير النواب من التواجد بالنزل المجاورة، منع المترشحين من غير النواب من التواجد كامل اليوم الأخير بمقر المؤتمر للقيام بحملتهم الانتخابية…).
يمكن التأكيد على المقترحات التالية لتحسين مردود الاتحاد في الفترة القادمة:
ضرورة إعادة النظر في طريقة اختيار النواب قصد تفادي حضور نواب حديثي العهد بالعمل النقابي و بالملفات و الرهانات النقابية. إعادة النظر في توقيت عملية انتخاب المكتب التنفيذي و النظر في امكانية القيام بهذه العملية في اليوم الأول للمؤتمر بعد مناقشة التقرير الأدبي و المالي حتي يقع تفادي المنطق الانتخابي كامل أيان المؤتمر و اهمال الجانب الأساسي لكل مؤتمر ألا وهو التقييم الرصين و العقلاني للفترة السابقة و تحديد برنامج عمل واضح المعالم للفترة اللاحقة انطلاقا من الرهانات القادمة حتي يتسنى للمكتب التنفيذي الجديد معرفة مهامه و محاسبته في المؤتمر القادم. النظر في تدعيم مردود الهياكل المسيرة و خاصة المكتب التنفيذي عبر تمكين الأمين العام من إدارة كفئ تعمل على التنسيق بين أعمال و برامج و مهام الأقسام و الحرص على التكامل بينها حسب أولويات الفترة. كما يجب تمكين مختلف هذه الأقسام من انتداب مديرين تنفيذيين لهم من الإختصاص والتجربة ما يؤهلهم للإشراف على الأقسام المعنية حتي يتفرغ أعضاء المكتب التنفيذي لمهامهم القيادية.
تحسين مردود تواجد الاتحاد في مختلف مجالس الادارة و المؤسسات الوطنية عبر تعيين مختصين في مختلف المواقع لهم القدرة و الكفاءة و الوقت لمتابعة الملفات و تقديم المقترحات و التنسيق بين مختلف المواقف و ضبط الأولويات و مختلف السينايوهات. إعطاء أولوية قصوى للهيكلة و تكوين الإطارات النقابيةفي إطار برامج تكوين واضحة المحتوى و المراحل و مدة التكوين. تحسين مردود المتفرغين المنتشرين غبر الجمهورية و توضيف التقنيات الاعلامية الجديدة لتحسين آداء المنظمة و ذلك عبر تجنيد الموارد البشرية النقابية إنجاز مؤشر أسعار يأخذ بعين الاعتبار التحولات الهامة على مستوى نمط و سلوك الاستهلاك من جهة و يحقق متابعة الأوضاع الاجتماعية في كل الجهات من جهة أخرى. و هذا من شأنه أن يحسن موقع و مردود الإتحاد في المفاوضات الاجتماعية. إعادة النظر في محتوى المفاوضات الاجتماعية التي يجب أن تشمل جانب الجباية و المنح العائلية و التكوين إضافة إلى الجوانب الأخرى. إحكام التعاون و التفاعل مع مكونات المجتمع المدني الأخرى المستقلة و المناضلة للدفاع عن الحقوق الاجتماعية و الاقتصادية و الحريات. تحسين دور الاعلام النقابي عبر تحسين آداء جريدة الشعب و بعث إذاعة تهتم بالشأن الاجتماعي.
إقامة مجمع (holding) للمؤسسات الاقتصادية التابعة للمنظمة (تأمين، نزل، مجمع الصحافة، ممتلكات الاتحاد…)على رأسه مدير مسؤول يسيره بصفة مستقلة طبقا لكراس شروط و بالتعاون مع مجلس إدارة مكون من نقابيين أكفاء يحرصون على النجاعة الاقتصادية حتي يلعب هذا المجمع دور السند المالي للمنظمة وهو ما من شأنه أن يدعم استقلالية الاتحاد، علما أن مداخيله متأتية بنسبة 55% من الانخراطات خاصة المتأتية من الوظيفة العمومية ولا تساهم أملاك الاتحاد إلا بنسبة ضئيلة في تمويل نشاطه!!! تلك هي جملة من المقترحات التي أري أن لها أولوية في المرحلة القادمة لتدعيم المنظمة و تمكينها من الاشعاع و الحفاظ على حد معقول من المكاسب الاجتماعية ذلك أن قوة المنظمة لا تكمن فقط في قدرتها على التوسع و الانتشار بل كذلك في قدرتها على تحسين مردودها و تدعيم مواقعها و التحامها بطموحات محيطها القريب و البعيد. (المصدر: صحيفة “مواطنون” (أسبوعية – تونس)، العدد 2 بتاريخ 17 جانفي 2007)
وزارة التعليم العالي تساوم بالتقاعد
قررت وزارة التعليم العالي في السنوات الأخيرة أن اللجوء إلى تطبيق نظام تقاعد بالغ الضرر بمصالح الطلبة والأساتذة معا. وهو نظام يقوم على فعلين انتقاميين أولهما تحويل التقاعد إلى مجال مساومة فمن ترضى عنه الوزارة يتقاعد متى شاء حين يبلغ السن القانونية فيتمتع بالتمديد سنة أو أكثر إذا رغب في ذلك. أما من لا ترضى عنه ( كأن يكون شارك في إضراب أو تكلم في اجتماع أو وقف موقفا مخالفا، إلخ.) فانه يدعى إلى مغادرة العمل من أقرب باب سريعا ودون تأخير، وغير مشكور.
والفعل الانتقامي الثاني يتمثل في وضع حد لمسؤوليات الإشراف والتأطير إذا كان يمارسها وترك الطلبة الباحثين الذين يتولى أمرهم بلا مشرفين حتى يعثروا عليهم وقد يظل بعضهم يبحثون عنهم دون جدوى أحيانا، لأن أمر الاختصاص مسألة جدية ولا تقبل التلاعب. بل إن بعض هؤلاء الضحايا يكون قد أكمل بحثه وأُودِعَ وينتظر موعد المناقشة وإذا به يفاجأ بأن أستاذه المشرف أُحيل على التقاعد ولا يحقّ له يوم إضافي. إهانة للأستاذ المشرف وللسلك عامة، وجناية على الطالب الباحث الذي ينتظر ثمرة اجتهاده، فإذا به يُعَرقَل بدل أن يلقى التشجيع والتكريم. (المصدر: “صوت الشعب”، اللسان المركزي لحزب العمال الشيوعي التونسي، سلسلة جديدة، العــدد 252، 17 جانفي 2007 – طبعة إلكترونية)
الدولة التونسية والسرقة المقنّعة
فوجئ تلاميذ الباكالوريا في بداية هذه السنة الدراسية بقرار جديد يتعلق بدفع معلوم مالي قدره 20 دينارا للتسجيل في مناظرة الباكالوريا. وكالعادة فإن هذا القرار مر في صمت ودون أن يعلن عنه في وسائل الإعلام الرسمية. ويأتي هذا الإجراء في سياق عدة إجراءات أخرى تهدف إلى تحميل المواطن تكاليف الدراسة ومصاريف المشاركة في المناظرات. فكل المناظرات العمومية أصبحت بمقابل مالي بما في ذلك مناظرة “الكاباس”. فإذا كان المشاركون في المناظرات هم من العاطلين ومعظمهم ينحدر من عائلات فقيرة فمن أين لهم بالدفع!؟ خاصة وأن البحث عن شغل يكلف صاحبه مصاريف لا طاقة له بتحملها (نقل، استخراج وثائق…).
إن هذه الإجراءات تنفذ في الوقت الذي تتبجح فيه السلطة بـ”التعليم المجاني” و”مراعاة أوضاع العاطلين” و”مساعدتهم على إيجاد شغل”… وللتذكير فإن مثل هذه القرارات غير قانونية حيث لم يعلن عنها في قانون المالية الجديد ولم تطرح أمام “مجلس النواب” على صوريته باعتباره المخول لإعطاء الضوء الأخضر لمرور هذا القرار، وبذلك يكون هذا الإجراء بمثابة السرقة المقنعة والاستهداف المبيت لقدرات الشعب المادية المنهوكة أصلا. إن هذا الإجراء وغيره من الإجراءات المشابهة لا دلالة له خارج إطار الأزمة الاقتصادية المستفحلة والتي سببتها التوجهات الكارثية للطغمة الحاكمة المسؤولة الأولى والأساسية عن هذا التخريب الممنهج لاقتصاد البلاد وللقدرات المادية للكادحين. إن تحميل فاتورة الأزمة لضحاياها ليس بالأمر الجديد، بل هو من ثوابت البرجوازية العميلة التي لا تتوانى عن نهب مقدرات الشعب وعن التلاعب به والضحك على ذقته من خلال مثل هذه الإجراءات التفقيرية والتي أثبتت تجارب بلادنا وتجارب مختلف شعوب العالم أنها مؤذنة بتعمق الأزمة وبلوغها حدا لا يمكن إخفاؤه.
(المصدر: “صوت الشعب”، اللسان المركزي لحزب العمال الشيوعي التونسي، سلسلة جديدة، العــدد 252، 17 جانفي 2007 – طبعة إلكترونية)
البوليس يمنع بالقوة اجتماع المجلس الوطني للرابطة
تم منع انعقاد المجلس الوطني للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان المزمع انعقاده يوم الأحد 7 جانفي 2007 إذ تم إعلام رئيس الرابطة قبل نهاية شهر ديسمبر 2006 من طرف وزارة الداخلية بالمنع فأجابهم بضرورة مده بقرار كتابي حتى يتمكن من الطعن فيه لدى القضاء الإداري لكن الوزارة رفضت ذلك وتمسك الأستاذ الطريفي بانعقاد المجلس وهو ما تم التمسك به في اجتماع الهيئة المديرة وفعلا تواصل الإعداد للمجلس الوطني لكن البوليس كعادته حاصر المقر المركزي للرابطة وخاصة المقاهي المجاورة له. إذ تم نع وصول ممثلي الفروع للمشاركة في الاجتماع وكذلك منع عدد هام من أعضاء هيئات الفروع الذين رغبوا في الحضور بصفتهم كملاحظين. مع الملاحظ وأن الحضور كان هاما إذ حضر 38 عضو للمجلس الوطني من جملة 44 عضوا أي بنسبة تجاوزت 90% (21 ممثلي الفروع و17 عضو هيئة مديرة). وإثر ذلك أصدرت الهيئة المديرة بيانا في الغرض نددت بالمنع وتمسكت بحق الرابطة في الاجتماع وبحقها في عقد مؤتمرها وكذلك تمت عدة لقاءات خارج المقر بين أعضاء من الهيئة المديرة وممثلي الفروع وأعضاء هيئاتها تم خلالها تدارس وضع الرابطة ومستقبلها وكلهم عزم على التقدم نحو إنجاز مؤتمرهم. وعبروا مجددا عن وحدة الرابطيين وأن المعرقل الرئيسي لها هي السلطة. (المصدر: “صوت الشعب”، اللسان المركزي لحزب العمال الشيوعي التونسي، سلسلة جديدة، العــدد 252، 17 جانفي 2007 – طبعة إلكترونية)
قراءة في قانون المالية لسنة 2007
صدر قانون المالية لسنة 2007 بالرائد الرسمي للبلاد التونسية يوم 26 ديسمبر 2006 وبدأ تنفيذه يوم غرة جانفي 2007. وحدد هذا القانون الميزانية الجديدة بـ14460 مليون دينار (ما يمثل ثلث الناتج المحلي الإجمالي المقدر بـ12,2 مليار دولار) مقابل 13552 مليون دينار للسنة الفارطة أي بزيادة 908 مليون دينار (5,9%). والملفت للانتباه هو أن واضعي ميزانية 2006 لم “يتوفقوا في تقديراتهم لتلك الميزانية حيث أنها وصلت في حدود 20 ديسمبر 2006 إلى مبلغ 14210 مليون دينار أي بزيادة 658 مليون دينار (مرشحة للارتفاع عند إقفالها النهائي). وجاءت هذه الزيادة الهامة ارتباطا بالزيادات المتتالية لأسعار المحروقات في السوق العالمية، والتي تجاهلها واضعو الميزانية، بسبب سوء التقدير أو بسبب حجز الميزانية. وقد أحدث ذلك اختلالا بالتوازنات المالية للميزانية وإرباكا للحكومة التي سارعت، دون أدنى التفات إلى برلمانها الصوري، إلى إقرار زيادات إضافية في الميزانية محملة الشعب تكلفة تلك الزيادات من خلال الترفيع عدة مرات في أسعار المحروقات وأسعار المواد المتصلة بها بصفة مباشرة أو غير مباشرة وحتى في مواد أخرى مما زاد في تدهور المقدرة الشرائية لعموم الشعب فمثلت ميزانية 2006 نهاية سيئة للمخطط العاشر (2006-2006) الذي راهن على “كسب رهان التشغيل وبناء اقتصاد المعرفة ودعم القدرة التنافسية للمؤسسات” وغيرها من الشعارات الخلابة. وإذ أرست ميزانية 2006 في بحر 14210 مليون دينار فإن الزيادة الحقيقية المقررة لسنة 2007 لم تتجاوز مبلغ 250 مليون دينار أي 1,8% فقط وهو ما يمثل تراجعا ملحوظا في نسق نمو الميزانية مقارنة بالموازنات السابقة (4,2 بالنسبة لميزانية 2006). وهذا التراجع يشكل عائقا أوليا في وجه الميزانية الجديدة بالنظر لما رسم لها من “أهداف طموحة” واعتبارها “سنة حاسمة” في علاقة بالمخطط الحادي عشر (نقطة البداية) وبإرساء منطقة التبادل الحر مع الاتحاد الأوروبي في العام القادم (جسر العبور) كما يحمل هذا التراجع انعكاسات تبدو خطيرة على المستوى الاجتماعي والاقتصادي بالخصوص، أي على مستوى التشغيل والاستثمار وإنجاز “المشاريع الكبرى” والرفع من القدرة التنافسية للمؤسسات الاقتصادية!!! فما هي شعارات وأهداف الميزانية الجديدة وما نصيب الطبقة العاملة وعموم الشعب منها؟ وهل سيكون بمقدور الميزانية الجديدة الحفاظ على التوازنات القائمة عليها أم أنها مرشحة لاختلالات على غرار سابقاتها، وكيف ستتصرف الحكومة عند حدوثها؟ وما هي ملامح خطتنا لمواجهة الحيف الذي تقوم عليه ميزانية 2007 تجاه الطبقة العاملة والكادحين والتداعيات التي يمكن أن تنجر عن إجراءات “دعم” الميزانية عند ظهور اختلال في توازناتها؟ 1) الشعارات والأهداف المرسومة لميزانية 2007 كان افتتاح المداولات العمومية حول الميزانية الجديدة مناسبة لترديد جملة من الشعارات السياسية “التجمعية” بدءا بخطاب الوزير الأول ومرورا بتدخلات الحزب الحاكم وما رافقها من تصريحات رسمية ومدائح ودعاية صحفية موجهة لم تخل منها حتى الأهداف الاقتصادية والاجتماعية. الشعارات السياسية: “تميزت” الشعارات السياسية بالديماغوجيا الفجة والممجوجة، المؤكدة على الطابع الفردي للحكم حيث أنها تقرن جميع الإنجازات وجميع المشاريع المرتقبة بإرادة بن علي ولا أحد سواه كالربط بين نفقات التنمية و”تجسيم أهداف البرنامج الرئاسي لتونس الغد” مع التأكيد على “حرص” بن علي على الترفيع في تلك النفقات بنسبة 8,6% لتصل إلى قيمة 2830 مليون دينار ومثل القول بأن سنة 2007 “تمثل مرحلة حاسمة في المسار التنموي لمنزلتها المحورية في تنفيذ البرنامج الرئاسي” وكذلك القول بكل رياء ووقاحة بأن بن علي حريص على “تدعيم حقوق الإنسان وترسيخ الحوار الوطني وتعزيز أركان المجتمع الحر والديمقراطي” (هكذا!). هكذا يتبين كيف تسخر ميزانية الدولة لخدمـــة مرشح واحد للرئاسة على حساب أي مترشح آخر. كما تتبين كيفية إدارة الحملة الانتخابية في تونس بصفة مبكرة من خلال أبواب الموازنات السنوية. فلا عزو إذن أن يقدم بن علي على إعلان ترشحه قبل ثلاث سنوات من موعد الانتخابات المقبلة (2009). الأهداف الاقتصادية والاجتماعية: “النهوض بالتشغيل، دعم المكاسب: النهوض بمناخ الأعمال ومحيط المؤسسة، التحكم في الطاقة، إرساء مقومات التنمية المستديمة، الحفاظ على التوازنات المالية العامة، مواصلة إرساء اقتصاد المعرفة، الارتقاء بمنظومة التربية والتكوين والبحث العلمي”. “على ضوء هذه الأهداف، يرمي منوال التنمية للسنة القادمة إلى تحقيق نمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 6% مقابل 5,3% سنة 2006” وذلك استنادا إلى المعطيات التالية: – التطور الهام لقطاع الخدمات المسوقة بنسبة 9% (علما وأن هذا القطاع يساهم في الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 54%) – إنتاج 1100000 طن من زيت الزيتون. – التطور المطرد للقطاعات الصناعية الميكانيكية والكهربائية بنسبة 8% مرجعها تطور صادرات القطاع. – تطور نسبة الادخار إلى 20,8% من الدخل القومي المتاح سنة 2007. – تطور الاستثمار بنسبة 11,5% ليصل إلى 10000 مليون دينار بنسبة 22,6% من الناتج المحلي الإجمالي PIB)) – حصر العجز الجاري لميزان المدفوعات في حدود 2,8% من الناتج المحلي الإجمالي. – حصر نسبة المديونية الخارجية في حدود 46,1% من الناتج المحلي الإجمالي – إحداث 80 ألف موطن شغل في القطاعات غير الفلاحية. – استقطاب الاستثمارات الخارجيةI DE) ( لتبلغ 1315 مليون دينار – 44 دولار للبرميل بالنسبة لسعر النفط باعتبار الأسعار الحالية في السوق الداخلية. – حصر عجز ميزانية الدولة في حدود 3,2% من الناتج دون اعتبار موارد التخصيص والهبات. وهذه المستندات تثير الملاحظات التالية: – جل العناصر التي استند إليها واضعو الميزانية مرتبطة بعوامل لا تتحكم فيها السلطة بالكامل (الاستثمارات الخارجية، الخدمات المسوقة، نسبة الاستثمار، مدى إقبال الخواص على الاستثمار…) أو هي مرتبطة في الغالب بالعوامل الطبيعية (الإنتاج الفلاحي). – الرهان على حصر العجز الجاري لميزان الدفوعات في ظل عجز مزمن للميزان التجاري (بقيمة هامة بلغت 2,8 مليار دولار خلال 11 شهرا من سنة 2006) هو رهان صعب المنال خاصة وأن الإنتاج الصناعي ضعيف في جل القطاعات عدى قطاع الميكانيك والكهرباء وسلبي في قطاعين (النسيج والكيمياء مع معدل نسبة نمو لم يتجاوز نسبة 4% مع العلم وأن قطاع الكهرباء والميكانيك هو قطاع يشكو من عجز محسوس في ميزانه التجاري بلغ 3929,6 مليون دينار خلال 11 شهرا من سنة 2006 إذ صدر بما قيمته 3495,9 مليون دينار واستورد بما قيمته 7425,5 مليون دينار. لذلك فإن التركيز على نسبة التطور الذي يشهده هذا القطاع وقصر النظر على تطور صادراته دون الالتفات إلى ما يستورده، يؤديان إلى ارتكاب خطأ فادح في التقدير قد يؤدي إلى الوقوع في اختلال التوازن المالي للميزانية. – أما الرهان على ارتفاع الاستثمارات الخارجية فهو مرتبط دون شك بإمكانية بيع ما تبقى من المؤسسات العمومية للرأسمال الأجنبي. والحديث يجري حول التفكير في التفويت في جزء آخر من رأس مال “اتصالات تونس”. لما لا وقد مكن التفويت الفارط في 35% من رأسمالها إلى إنقاذ الميزانية السابقة من الانهيار بعد الاختلالات التي أصابتها بفعل الارتفاع الكبير في أسعار النفط في السوق العالمية والتراجع الذي سجله أكبر قطاع (النسيج) من حيث الإنتاج والتصدير والتشغيل. – إن اعتماد 44 دولار كسعر للمحروقات بعيد عن واقع الأسعار في السوق العالمية لبرميل النفط، مما سيؤدي كما أدى في السنة الماضية إلى اختلال التوازنات المالية للميزانية. وهو ما سيدفع الحكومة إلى إقرار اعتمادات جديدة لسد الاختلال وبالتالي اللجوء مجددا إلى الترفيع في الأسعار. فهل هـــي مناورة جديدة من قبل السلطة حتى تتمكن من إيجاد ذريعة مبيتة للترفيع في الأسعار خاصة وأنها لا تتراجع فيما قررته من زيادات متصلة بسعر النفط عندما ينزل سعر البرميل في السوق العالمية؟ – إذا كانت قطاعات الإنتاج ضعيفة، وإذا كان أكبر قطاع فيها (النسيج) مهدد بمنافسة قوية قد تذهب بريحه، وإن كان القطاع الوحيد الواعد (الميكانيك والكهرباء) يشكو من عجز في ميزانه التجاري الخاص، وإذا كان إقبال الرأسمال الخاص، الداخلي والخارجي على الاستثمار في تونس، غير متحكم فيه بالكامل من طرف الحكومة، وإذا كانت صابة زيت الزيتون والحبوب تتحكم فيها الطبيعة بدل الحكومة، فكيف يمكن للحكومة، إزاء جميع هذه الحقائق، الادعاء بأنها تتحكم في عجز ميزانية الدولة وقدرتها على حصره في حدود مضبوطة (3,2%) أو حصر المديونية الخارجية في حدود مضبوطة أيضا (46,1%)؟ والحال أن الاقتراض الخارجي يبقى هو الملجأ الوحيد، إلى جانب “موارد التخصيص والهبات”، لحكومة رهنت البلاد والعباد للرأسمال الأجنبي دولا ومؤسسات مالية وبنكية، وبددت الثروة الوطنية وفككت النسيج الصناعي الذي شيده الشعب من قوته طيلة ثلاثة عقود (1956-1986)؟ وفي الختام نشير إلى أن هذه الشعارات والأهداف العامة الواردة بالتصريحات والخطب الرسمية تخفي وراء عباراتها مصالح طبقية معينة. فالحديث عن “الخدمات المسوقة (التصدير) وعن “الإنتاج” و”الاستثمار” و”الاستثمارات الخارجية” وبصفة صريحة أكثر عن “حصة القطاع الخاص في الاستثمار” يعني طبقة رأس المال. أما عبارة “إحداث 80 ألف موطن شغل في القطاعات غير الفلاحية” فهي تعني الطبقة العاملة وهو الإجراء الوحيد الذي يعنيها كطبقة بصفة مباشرة. وبالرجوع إلى أحكام قانون المالية ذاته نجده معبرا عن تلك المصالح الطبقية بأكثر وضوحا ودقة. 2)المصالح الطبقية وقانون المالية الجديد إن الموقف الذي يهمش مصالح الطبقة العاملة ويحصرها في نقطة وحيدة “إحداث مواطن شغل” كما رأينا أعلاه ينعكس بأكثر انحيازا لرأس المال في الإجراءات الواردة بقانون المالية الجديدة على الصورة التالية: – المحافظة على المؤسسات وتعزيز مواطن الشغل – دعم القدرة التنافسية ودعم الاستثمار – تقريب الأنظمة المحاسبية من الأنظمة الجبائية – دعم المصالحة وتخفيف العبء الجبائي – تيسير الجباية – تفعيل الاستخلاص ودعم الموارد الجبائية ليس من العسير ملاحظة مدى التركيز على المؤسسة الاقتصادية، أي على حماية رأس المال وتنميته من خلال “دعم الاستثمار” و”تخفيف العبء الجبائي” وغيرها. وهذا يعني وضع آليات الدعم المالي (مجلة تشجيع الاستثمارات المحينة باستمرار لفائدة رأس المال) والآليات الجبائية المتعددة على ذمة رأس المال، المحلي والأجنبي خاصة، بينما لا يحظى العمل سوى بالتفاتة رمزية في ظاهرها وريائية في مضمونها، ذلك أن القول بـ”تعزيز مواطن الشغل” في ظل مواصلة تنفيذ “برنامج إعادة الهيكلة” وما نتج عنه من تدمير منهجي لعدد كبير من المؤسسات وطرد جماعي بأعداد هائلة، وكذلك في ظل مواصلة سياسة “مرونة التشغيل” التي آلت إلى هشاشة مواطن الشغل وخلقت ووسعت آلية العمل بالمناولة، إن التصريح والادعاء، رغم جميع هذه الحقائق الدامغة والمعيشة منذ سنوات طويلة بـ”تعزيز مواطن الشغل” هو ادعاء مخادع وريائي بامتياز ولا يمكن أن يكون حقيقة واقعة إلا إذا وقع التراجع عن “مرونة التشغيل” وعن “عقود التربص” القائمة بذاتها دون إدماجها كبند من بنود عقد الشغل وتحديد مدتها بصفة دقيقة تقطع دابر التلاعب بحق الانتداب، حق الشغل، وكذلك دون العدول عن “برنامج إعادة الهيكلة” والنزيف البشري الذي أحدثه. كما أن تخصيص 224 مليون دينار في ميزانية 2007 تحت عنوان “النهوض بالتشغيل” لا يمكنه في ظل الخيارات الاقتصادية الحالية وفي ظل عمق أزمة البطالة أن ينهض فعلا بالتشغيل، فهو يكفي بالكاد لدفع أجور زهيدة لـ”80 ألف موطن شغل” نسبة هامة منها لها شهائد عليا. إن مبلغ 224 مليون دينار أمام ما يتحصل عليه رأس المال من حوافز وتشجيعات وإعفاءات مختلفة وعديدة ما فتئت تتعزز من سنة مالية إلى أخرى على غرار ما تضمنته ميزانية 2007. ولا يمكن أن نختم هذه الفقرة دون الإشارة إلى أن قانون المالية الجديد أبقى على كافة الضرائب والمعاليم الكثيرة التي قررها قانون المالية لسنة 2006، دون حذف أو “تخفيف” على غرار التخفيف الذي حبا به المؤسسة. وإن مقارنة بسيطة بين القانونين تبرز مدى إثقال كاهل الفئات الشعبية من طرف قانون 2006 من ناحية، ومدى “التخفيف” والإعفاءات والتشجيعات الواردة في القانون الجديد وهو أمر يضرب بل ينسف مبدأ “التوزيع العادل للثروة”. وقانون المالية، من الناحية النظرية هو قانون لـ”إعادة توزيع الثروة” من المفترض أن تتم بصفة عادلة بين شرائح المجتمع التي شاركت في صنع الثروة الوطنية، لكن أنا لذلك أن يحصل دون ذراع قوية وأداة فعالة منحازة لمصالح الطبقات والفئات الشعبية! فمتى تبزغ تلك الشمس؟ إلى أن يتم ذلك سيتواصل “التسامح” إلى حد الغفران مع مرتكبي جريمة “التهرب الضريبي” وستتواصل العصا تنزل بضراوة على رأس الطبقة العاملة. 3) الظروف العامة المحيطة بتنفيذ ميزانية 2007: التوازنات المالية مهددة بالاختلال: فضلا عن المناخ السياسي المتسم بالانغلاق ومعاداة الحريات ومحاصرة المنظمات المستقلة وتهميشها وتدبير الانقلابات ضد هياكلها وقياداتها الشرعية، ينطلق تنفيذ الميزانية الجديدة في ظل ظروف اقتصادية تتسم بالعناصر السلبية التالية: * عجز ميزان المدفوعات بنسبة 2% من الناتج المحلي الإجمالي وهو ما يمثل 820 مليون دينار. * عجز الميزان التجاري قيمته 2,8 مليار دولار مرده نمو الصادرات بنسبة 14,27% بينما سجلت الواردات نمو بنسبة 17%. ويعود نمو الصادرات إلى ارتفاع حجم مبيعات صناعة الميكانيك والكهرباء وتسارع نسق نمو صادرات قطاع الفلاحة والصناعات الغذائية. أما نمو الواردات فيعود إلى ارتفاع حجم واردات الطاقة بنسبة تفوق 26% ومواد التجهيز (أكثر من 23%) والمواد الاستهلاكية (بنسبة تقارب 8%) والمواد الأولية ونصف المصنعة (بنسبة تقارب 17%). وبذلك تفاقمت الموازين التجارية بكل قطاع كما يلي: – عجز الميزان التجاري للطاقة بلغت قيمته843 مليون دينار. – عجز الميزان التجاري لمواد التجهيز بلغت قيمته 770 مليون دينار. – عجز الميزان التجاري لمواد الاستهلاك بلغت قيمته 386 مليون دينار. * ارتفاع الأسعار (4,6%) بـ”مستوى يفوق التقديرات الأولية لسنة 2006″ * ارتفاع المؤشر العام لأسعار البيع الصناعي بـ6,6% أي ارتفاع سعر بيع المنتوجات الصناعية من الوحدات الصناعية إلى شبكة التوزيع بالجملة بسبب ارتفاع تكلفة إنتاجها إثر ارتفاع أسعار الطاقة عند إنتاجها (الماء، المحروقات، الكهرباء). – فارتفعت أسعار الطاقة بـ19,6% والصناعات المعملية بـ5% ومواد البناء بـ9,4% والنسيج والجلود بـ2,4%. – تراجع الإنتاج في عديد القطاعات: 3 قطاعات بالنسبة للصناعات المعملية (النسيج والجلود، الكيمياء، صناعات مختلفة). وتراجع الإنتاج أيضا في جل القطاعات الفلاحية (الصيد البحري وتربية الأسماك)، وكذلك بالنسبة لأهم قطاعات الصناعات غير المعملية (المناجم والطاقة) – تباطؤ/تراجع النمو في قطاع الخدمات: تراجع عدد السياح الأوروبيين إلى النصف (1,6% بدل 14% لسنة 2005) وضعف المردود الوطني لهذا القطاع الذي ابتلع تمويلات ضخمة (والذي ظلت مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي لا تجاوز 7,6% – مبادلات مع الخارج غير متنوعة إذ تبقى مركزة على دول الاتحاد الأوروبي (70%)، تصدير (78%) وتوريد (72%). بينما لا تصدر إليها الجزائر سوى بنسبة 55% والمغرب بنسبة 74%، وأن تركيز المبادلات التجارية مع الاتحاد الأوروبي والحال أن الدينار التونسي يسجل هبوطا متواصلا تجاه الأورو بلغ نسبة 5,6% خلال سنة 2006، يضر بالاقتصاد التونسي و”يؤبد” عجز الميزان التجاري الذي بلغ رقما ضخما سنة 2006 (2,8 مليار دينار). إن مجمل هذه المعطيات السلبية من شأنها أن تدخل اضطرابا على أبواب الميزانية الجديدة وترجع احتمالات الاختلال بتوازناتها المالية مما قد يدفع الحكومة إلى اتخاذ تدابير وإجراءات جديدة (ترفيع في الأسعار، سن ضرائب أو الترفيع في بعضها، إحداث معاليم جبائية جديدة على غرار معلوم الهاتف الجوال..) خاصة وأن الوزير الأول قد “حذر” في خطابه عند افتتاح المداولات حول ميزانية 2007 بأن “التوازنات المالية للسنة القادمة تبقى مرتبطة بتطور أسعار الطاقة في الأسواق العالمية” وأن “توازن منظومة المحروقات دون دعم مباشر من الميزانية (لماذا يا ترى؟) يفترض نظريا تراجع أسعار النفط في الأسواق العالمية إلى حدود 44 دولار باعتبار الأسعار الحالية في السوق الداخلية وأن كل زيادة فوق هذا الحد بدولار واحد تكلف ميزانية الدولة دعما إضافيا بـ32 مليون دينار” (الصباح 26 نوفمبر 2006). والسؤال المطروح: هل أن مثل هذا العبء الإضافي تتحمله ميزانية الدولة عبر آلية صندوق التعويض أم تتحمله الميزانية الخاصة لكل مواطن مثلما حدث في العام الماضي، بعد التدمير المنهجي والإيديولوجي لصندوق التعويض؟ الجواب معروف، والخوف، في نهاية الأمر، هو أن تكون من نتائج تحميل مثل ذلك “العبء الإضافي” أن لا يئن “إحداث 80 ألف موطن شغل” المبرمجة حسب الميزانية الجديدة، تحت وطأة ذلك العبء. 4) كيف ستتصرف الحكومة لمواجهة الأوضاع المتفاقمة يمكننا رسم سلوك السلطة خلال سنة 2007 من خلال مختلف التصريحات الرسمية وبعض المبادرات والإجراءات التي وقع اتخاذها في أواسط وأواخر السنة الماضية، في علاقة بتطور الأوضاع الاقتصادية والمالية خلال السنة الفارطة. – مزيد التفريط في ما تبقى من المؤسسات العمومية: قسط جديد من “اتصالات تونس” وإعادة هيكلة 300 مؤسسة أخرى. – مزيد الاقتراض من الخارج: وقد تم في الآونة الأخيرة إبرام قرض أوروبي بـ258 مليون دينار (الصباح 19 ديسمبر 2006) من البنك الأوروبي للاستثمار لإنجاز محطة توليد الكهرباء بغنوش (بعد فضيحة انقطاع التيار الكهربائي خلال كأس العالم بتونس وطلب النجدة من الجزائر، مما يدل على ضعف إنجازات “العهد الجديد”). – مزيد تخلي الدولة عن دورها الاقتصــادي وذلك بمزيد “فرقعة” النسيج الصناعي من خلال إحداث آلية جديدة: “الإفراق”، من شأنها تفتيت ما تبقى من المؤسسات الكبرى مثل الصوناد والستاغ وشركة الإسمنت أم الكليل وغيرها. وهو مشروع جديد يطل من كم المناولة المفضوحة والفاشلة باعتراف مقرريها، لإحداث مؤسسات صغرى بإشراف بعض الإطارات (المحظوظة طبعا!) من داخل المؤسسة وخارجها، لحسابهم الخاص، بتمويل مالي وعيني من المؤسسة الأم. – التعويل على قطاع الخدمات –المتضخم بعد- وقد أحدث لهذا الغرض “المجلس الوطني للخدمات” (جوان 2006) الذي عهد إليه بمزيد “تطوير” (تضخيم) هذا القطاع ليبلغ 64% من الناتج المحلي الإجمالي (54% حاليا) و30% من جملة الصادرات في “أفق 2016” (أي في نهاية المخطط 12). وبذلك تتحول تونس إلى مستودعات ضخمة من نتائجه مزيد تقليص دور القطاعات المنتجة من صناعة وفلاحة وصيد بحري (وهو قطاع مهدد بالاندثار حيث بدأت الحكومة بعد في الترويج لصناعة الأسماك تحت عنوان “مشاريع تربية الأحياء المائية” وتمكين أصحابها من امتيازات “مجلة التشجيع على الاستثمارات”، أي تعويض “ولد البحر” بسمك الأودية والبحيرات الجبلية وهو ما سينعكس سلبا على صحة المواطنين مستقبلا. والجدير بالملاحظة هو أن هذه الخطة (الخوصصة والإفراق ومزيد توسيع قطاع الخدمات) ستنعكس سلبا وبصفة درامية على أوضاع الطبقة العاملة وعموم الفئات الشعبية المتدهورة بعد، من خلال مزيد ارتفاع نسب البطالة على عكس ما تروج له السلطة. الشيء الذي سيزيد من حدة الأزمة الاجتماعية وتداعياتها المختلفة. وإن مثل هذه المخاطر الاقتصادية والاجتماعية، تتطلب منا، رسم ملامح أولية لخطة المواجهة. 5) ملامح خطة الطبقة العاملة في مواجهة تهميشها وإثقال كاهلها: – المطالبة بتخصيص دعم مالي جدي في مستوى عمق الأزمة الاجتماعية وخاصة مسألة “النهوض بالتشغيل”. – المطالبة بالكشف الرسمي عن النتائج المتعلقة بإعادة الهيكلة والخصخصة ومنها العدد الحقيقـــي للعمال المطرودين وأوضاعهم الحالية (عدد المتقاعدين منهم بصفة مبكرة، عدد العاطلين والمهمشين..). – إحداث صندوق لمساندة المطرودين من العمل لأسباب “فنية واقتصادية” وسائر المعطلين عن العمل. – الترفيع في “نفقات التنمية” بواسطة الميزانية العامة للدولة والحد من نفقات التسيير (عدد قوات الأمن وتجهيزاتها…). – إصدار قانون يحقق الاستقرار في العمل ويضع حدا للأشكال الهشة والمهينة كالمناولة وعقود التربص القائمة بذاتها وإدماجها في إطار عقد الشغل. – العدول عن برنامج الإفراق والسعي إلى دراسة أسباب التعطل إن وجدت داخل بعض المؤسسات قصد إيجاد الحلول الملائمة لدفع نشاطها وتنويعه. – التخفيض في نسب الضريبة المباشرة على الدخل ورفع سقف القسط المعفى من الضريبة. – المطالبة بالحزم في تطبيق قانون الجباية على الجميع ومقاومة التهرب الضريبي بجدية والتراجع عن سياسة الإعفاءات المتتالية لفائدة “أصحاب الأعمال”.
(المصدر: “صوت الشعب”، اللسان المركزي لحزب العمال الشيوعي التونسي، سلسلة جديدة، العــدد 252، 17 جانفي 2007 – طبعة إلكترونية)
مؤتمر اتحاد الشغل بالمنستير: وكادت المفاجأة الكبرى أن تحدث!
1)البيروقراطية تحاصر… فوجئ المتوجهون إلى مدينة المنستير يوم الأربعاء 13 ديسمبر الماضي بكثافة حضور البوليس وازداد استغرابهم حين طلب منهم الاستظهار بالهوية وبشارة “نائب في مؤتمر اتحاد الشغل” (badge) حتى يمكنهم المرور. وكل الذين تكبدوا عناء التنقل في ذلك اليوم الشتوي البارد، ونقصد النقابيين، لم يخطر ببالهم طبعا أن تستوقفهم حواجز الشرطة لصدهم عن بلوغ مدينة المنستير وعن مواكبة الحدث الذي استولى على اهتمامهم طوال أيام وأسابيع وحتى عن مجرد اكتراء بيت بأحد نزل المدينة. بعض الذين اتصلوا للتو بالأمين العام ليشكوه الأمر قيل لهم ” أمكثوا بمنازلكم “. حينها فقط اتضحت لهم جلية الأمر وبات واضحا أن ما شاع من أخبار حول امتناع النزل المحاذية لنزل المؤتمر عن كراء بيوت ليست مجرد إشاعة إنما هي الحقيقة المرة وهي أن المؤتمر ممنوع على النقابيين من غير المؤتمرين. انقطعت كل الطرق المؤدية للمنستير واضطر النقابيون للمبيت بمدينة سوسة في ذلك اليوم على أمل أن تتغير الأحوال في الغد. أما الذين أمكنهم المرور بحيلة من الحيل فقد أغلقت في وجوههم النزل واضطروا هم الآخرون إلى العودة إلى سوسة. هذه أول مرة منذ عشرات السنين تستعين فيها قيادة الاتحاد بقوات البوليس مصحوبة بأعوان الاتحاد لمنع النقابيين من الاقتراب من مكان انعقاد مؤتمر منظمتهم حتى وإن كان بعضهم أعضاء بالقيادة أو لا زالوا يتحملون مسؤوليات بإحدى الهياكل الجهوية أو القطاعية، أو “كان الراغبون في الحضور من المترشحين لعضوية المكتب التنفيذي ولجنتي النظام والمراقبة المالية…” ( بشهادة جريدة الشعب التي أكدت في عددها الصادر مباشرة بعد المؤتمر في الصفحة 8 تحت عنوان “المؤتمر للنواب فقط “). منذ صبيحة اليوم الموالي أي يوم الافتتاح (الخميس 14 ديسمبر 2006) توافدت أعداد غفيرة من هؤلاء النقابيين صوب مكان انعقاد المؤتمر وكانت حواجز البوليس قد انتصبت قبل المكان بحوالي كلمترين لمنعهم من المرور وبدأت المشادات ورفعت الشعارات منادية برفع الحصار عن المؤتمر وباتحاد مستقل غير أن قرار البوليس كان ثابتا لا رجعة فيه إذ صدرت الأوامر بناء على طلب القيادة والأمين العام رأسا بالحيلولة دون وصول المعنيين إلى مكان المؤتمر. وأكدت جريدة الشعب في عددها المشار إليه أعلاه أن الأمين العام هو الذي كان يصدر الأوامر للبوليس حيث جاء فيها “من جهة أخرى نفذ رجال الأمن طلب القيادة بإخلاء الطريق القريبة من الفندق…”. وأمام إصرار النقابيين على البقاء بمكان الحاجز في الوقت الذي كان النواب داخل قاعة المؤتمر يحتجون مرت قوات البوليس إلى استعمال القوة وتعنيف الحاضرين لتفريقهم وإجلائهم عن المكان بعد أن ضاق الأمين العام ذرعا بالاضطراب الذي ساد الأشغال في الداخل وبعد أن أمكنه الانتهاء من حفل الافتتاح كيفما اتفق.
2) والنقابيون يصمدون… حيال هذا الحصار والعسكرة كان موقف النقابيين موحدا وصارما: رفض العسكرة ومقاومتها بكل إصرار وثبات. ففي قاعة المؤتمر أصر النواب منذ الوهلة الأولى على الاحتجاج على الطوق الأمني والحصار المضروب على النزل حيث كان سيعلن على افتتاح الأشغال وقبل أن يهم الأمين العام بالكلام دوت الشعارات المنادية بضرورة إجلاء قوات البوليس عن المكان وبقي جراد لما يزيد عن ثلث الساعة عاجزا عن قول كلمة واحدة رغم كل المحاولات مما اضطره إلى اختصار كلمته الافتتاحية. كما اضطره إلى تلاوة رسالة رئيس الدولة للمؤتمر بكل تعجل ودون أن يستمع إليه أحد. أما رئيس اتحاد الأعراف فقد تصبب عرقه وتلعثم لسانه فاختصر هو الآخر كلمته وانسحب بسرعة وكاد يسقط من على المنبر من فرط ارتباكه. وأمام إصرار الأمين على عدم الرضوخ لدعوات النواب بتوقيف الأشغال قبل رفع حالة الحصار رغم بعض الوعود التي كان أعلنها انسحب جزء هام من النواب إلى خارج القاعة لجر بقية النواب وفرض الموقف على القيادة. غير أن بعض الأصوات ميعت المطلب بالمناداة بمزيد التريث والمكوث داخل القاعة لمزيد الضغط. واستمرت أعمال الاحتجاج ورفع الشعارات حتى آخر لحظة من أشغال الحصة الصباحية الافتتاحية. أما خارج النزل وعلى بعد حوالي كلمترين فقد تجمع ما يزيد عن الـ 100 نقابي من غير المؤتمرين هاتفين بشعارات متنوعة محاولين كسر الطوق الأمني الذي ضربته فرق البوليس السياسي مانعة المرور إلى نزل المؤتمر بطلب وبأمر من الأمين العام للاتحاد. ومع حلول الواحدة والنصف بعد الزوال جاءت الأوامر بطرد الحاضرين وباستعمال أشد وسائل العنف ضدهم فهجمت فرق البوليس عليهم ركلا وضربا وعلى سياراتهم فهشموا بعضها وألحقوا أضرارا بدنية بأصحابها نقل بعضهم على التو إلى مستشفيات مدينة سوسة وساد جو من التوتر أشعل فتيل الغضب داخل قاعة المؤتمر من جديد. عندئذ فقط، وخشية تصعيد الوضع، أجبر الأمين العام على طلب رفع الحصار البوليسي عن المكان وأمكن للنقابيين المرور حتى مدخل النزل مساء اليوم الأول من المؤتمر بعد أن شاع في جميع أرجاء البلاد خبر الفضيحة. لقد خابت البيروقراطية في مسعى عزل النواب عن باقي النقابيين بل بصنيعها هذا دفعتهم لمزيد الالتحام وأيقظت فيهم حس الرفض والوعي بالمشاريع الخطيرة التي جرى طبخها بين رموز “العشيرة” والتي أرادوا تمريرها في هذا المؤتمر لتشريعها. لكن إرادة النقابيين كانت أقوى وعزيمتهم أصلب وشكلت معركة رفع الحصار عن المؤتمر أولى الخطوات المؤدية إلى إحباط المخطط. وبكسب هذه الجولة دارت العجلة تصاعديا بالاتجاه المعاكس
3) هيمنة الداخلي على المشاغل العامة كان من الممكن أن يخصص المؤتمر حيزا كبيرا من أشغاله للقضايا العامة التي تتعلق بانشغالات ومطالب العمال والأجراء باعتبار ما كان يمليه الظرف الاقتصادي والاجتماعي والسياسي من تحديات عويصة تمس جميع جوانب الحياة العامة. ومما لا شك فيه أن الكثير من النواب وخصوصا النقابيين القاعديين غير المعنيين بالرهانات الانتخابية البحتة كانوا يدركون هذا الأمر لذلك ركز الكثير منهم في تدخلاته على قضايا حق الشغل وأشكال العمل الهشة والمناولة وتدهور المقدرة الشرائية وتردي الخدمات العمومية والتأمين على المرض وعلى قضايا الاستقلالية والحريات العامة والفردية والأوضاع السائدة في تونس وخاصة أوضاع الرابطة ومنظمات المجتمع المدني والقضايا القومية وأوضاع الاحتلال والمقاومة في أرجاء الوطن العربي. ومع ذلك فإن الاهتمام بهذه الجوانب التي تفسر أصلا انبعاث ووجود المنظمة النقابية ظل وللأسف مقصورا على جزء من النواب ومرت تدخلاتهم الكثيرة عدديا في شيء من اللامبالاة وبحضور عدد قليل من النواب حتى بدت في غالبيتها مجرد شعارات عامة لم ترتق إلى صياغة بدائل عملية وضربا من المباراة الإنشائية والأدبية التي لا تهتم بها إلا طائفة من النواب “المسيّسين” فقط. وفي المقابل كان الانتباه مشدودا إلى كل القضايا المتصلة بالحياة الداخلية للمنظمة مثل إعادة الهيكلة وعدد الفترات النيابية للقيادة النقابية. فكلما كانت واحدة من هذه النقاط محور عمل جلسات المؤتمر إلا وجرى تجنيد النواب لالتزام الحضور والمشاركة والانتباه وهو ما عكس الصراع الدائر صلب المنظمة حول جوانب الحياة الداخلية مما يؤكد أن الديمقراطية الداخلية ما تزال برغم كل ما يمكن أن تدعيه القيادة من إنجازات في هذا الصدد الهاجس المسيطر على أذهان النقابيين سيما وأن بعض الأطراف يصر على استغلال هذه المناسبة للرجوع بالوضع إلى الوراء.
4)اليسار يفوّت الفرصة.. ويخطط لهزيمته كان واضحا قبل المؤتمر أن لا طرف يملك الإمكانية المطلقة للتحكم في مآل الانتخابات خلال المؤتمر وأن البيروقراطية قد فقدت بصورة ملحوظة سطوتها التقليدية إذ ليس بمقدورها هذه المرة التحكم. في أصوات النواب خلال العملية الانتخابية كما كانت تفعل من قبل. فالخلاف الذي جرى الحديث عنه بين علي رمضان وعبد السلام جراد حول تركيبة المكتب التنفيذي الجديد وهو خلاف أجمع كل العارفين بأوضاع الاتحاد أنه خلاف مفتعل ووهمي ومجرد مسرحية كان الهدف منه تفكيك التحالفات التي كان يمكن تشكيلها ضد رموز البيروقراطية. وهو تكتيك ذكي اعتمده المعنيان كي يستطيعا طمأنة بعض زملائهما المراد إزاحتهم دون أن يجدوا الفرصة لتدبر أمرهم بصورة مبكرة والاحتياط ضد إقصائهم. هذا الخلاف المفتعل ساهم هو الآخر في تفتيت كتل النيابات داخل المؤتمر، إذ صارت الصورة كالآتي: كتلة البيروقراطية بشقيها أي الموالون لعلي رمضان والموالون لعبد السلام جراد وكتلة النواب المتشبثة برباعي المكتب التنفيذي المراد إقصاؤه (اليعقوبي وبوزريبة والغضباني والماجدي) هذه الكتلة القريبة من كتلة نيابات الاتحادات الجهوية المتعارف عليها بحلف الشمال وهو مجموعة من الاتحادات الجهوية التي خاضت صراعات مع علي رمضان طوال ما يقارب السنة بمناسبة انتخاب الجامعات والاتحادات الجهوية والمجلس الوطني الأخير. وإلى جانب هذه الكتل كتلة ما يعرف بنواب من التيار القومي الذين يتزعمهم عضو المكتب التنفيذي محمد سعد والذي يبدو محل رضا من الجميع تقريبا بما في ذلك جراد وعلي رمضان وأخيرا كتلة نواب اليسار بمختلف تشكيلاته. لقد كان واضحا أيضا أن قوى اليسار تتوفر على حضور متميز من خلال عدد نوابها الهام في هذا المؤتمر. غير أن ما يميز هذه الكتلة تصدعها وتشتتها نتيجة خلافاتها الكثيرة والروح الفئوية السائدة داخلها. لذلك لم تكن على وعي بحجم القوة التي يمكن أن تشكلها داخل المؤتمر لو جمعت كلمتها. ومما يؤكد ذلك غياب حرصها على تنسيق جهودها من أجل تفعيل هذه الطاقة التي تمتلكها والتوحد حول برنامج انتخابي مشترك وقائمة مرشحين للقيادة الجديدة. وحتى المحاولة التي انطلقت لهذا الغرض بصورة متأخرة – باعتراف الجميع – سرعان ما أحبطت حينما أعلن أحد أطراف اليسار الانسحاب من المبادرة كي لا يفسد على مرشحيه فرصة التحالف مع علي رمضان مخيرا في نهاية المطاف العمل مع هذا الشق من البيروقراطية على التعاون مع قوى اليسار. وجراء ذلك دخل اليسار إلى المؤتمر مشتتا وضعيفا وفوت على نفسه فرصة خوض معركة كان بمقدوره كسبها على جميع الأصعدة سواء على مستوى المضامين أو على المستوى الانتخابي. وتتحمل بعض الأطراف والعناصر النقابية المعروفة التي ربطت مصيرها بمخططات شق من البيروقراطية منقادة بالحسابات النفعية الخاصة المسؤولية الكاملة في ذلك، علما وأنها لم تجن ما أرادت من هذه الحسابات.
5) قضايا ذات اهتمام خاص خصت الرابطة بتحية حارة منذ كلمات الافتتاح إذ صفق لذكرها النواب كثيرا وخصص عدد كبير منهم حيزا هاما من تدخلاتهم لموضوعها بما في ذلك أعضاء المكتب التنفيذي والأمين العام في ردودهم إلى حد استعمال هذا الموضوع أحيانا بطريقة دعائية مفضوحة لاستدرار ود النواب وكسب أصواتهم. وتجدر الإشارة إلى أن الأمين العام كان في أحد تدخلاته أكد على مساندة الاتحاد للرابطة “التي تبقى في قلوب كلّ النقابيين” حسب ما جاء في كلامه لكنه ألمح في ذات الوقت إلى ما يعتبره تدخلا منها في الشأن النقابي معبرا عن رفضه لزيارة وفودها للعمال المعتصمين والتضامن معهم. ومما يؤكد الطابع الزائف لـ”مشاعر” جراد تجاه الرابطة، المسرحية التي قام بها خلال الافتتاح. فقد أعلم رئيس الرابطة الأستاذ المختار الطريفي أنه مدعو لحضور الافتتاح دون أخذ الكلمة وهو ما جعله يوزع كلمة مكتوبة على الحاضرين ثم يغادر المكان عائدا إلى تونس. ولما علم جراد بذلك، ولإخفاء عدم تمكين رئيس الرابطة من التحدث مباشرة إلى النواب تظاهر بمناداته قائلا:” الكلمة الآن للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان” وهو يعلم أن الأستاذ الطريفي غادر إلى تونس. ومن المسائل التي ترددت أيضا بكثرة في التدخلات ولم يفت أعضاء المكتب التنفيذي ركبها حرص النواب وإصرارهم على استقلالية المنظمة وعلى رفضهم أي شكل من أشكال تدجينها وإخضاعها لإملاءات السلطة فأطنبوا هم الآخرون في”الدفاع” عن هذا المبدأ للمزايدة لأغراض انتخابية. لكن مسألة الديمقراطية الداخلية شكلت محور الصراع الأساسي في كل أشغال المؤتمر ورهانه الكبير ودارت حول القضايا المتصلة بها مثل الهيكلة وما عرف ” بالدورتين ” أعنف المواجهات حتى بدا أحيانا وأن المؤتمر مهدد بالتوقف والفشل خصوصا وأن الثنائي عبد السلام جراد وعلي رمضان أصرا على جر المؤتمرين للقبول بنقض ما كان المجلس الوطني والهيئة الإدارية الوطنية أقراه من قبل (التمسك بمبدأ الدورتين…) ولكنهما قوبلا برفض أغلبية المؤتمرين.
6) خريطة التحالفات… ظهرت معالم الأحلاف الانتخابية أشهرا قبل موعد المؤتمر إلا أن المناورات التي حاكها الثنائي جراد علي رمضان شوشت المشهد على الكثير من النقابيين مرشحين ونوابا وملاحظين. ويذكر الجميع ذلك الخلاف الوهمي الذي افتعلاه من أجل أن يسود في الأذهان انطباع بأن الفريق البيروقراطي منقسم على نفسه وأن الصراع محصور بين محوري جراد وعلي بن رمضان وأن لا ثالث لهما وعلى كل من يبتغي ضمان نجاحه في هذا المؤتمر ليس أمامه سوى الاصطفاف وراء هذا أو ذاك. وبهذه الطريقة يقضى على إمكانية ظهور طريق ثالثة أمام النواب وعلى أي فرصة لليسار بالخصوص لطرح نفسه بديلا لشقوق البيروقراطية. وللأسف سقط الكثير من المتهافتين على المواقع والراغبين في “الفوز” بأي طريقة ومهما كان الثمن في الفخ، سارع العديد من مرشحي اليسار للتودد لكل من علي رمضان وعبد السلام جراد رافضين في نفس الوقت التعاون مع بقية فصائل اليسار بل ومحاولين إقناع الجميع بخور هذا التمشي مفشلين بعض المحاولات التي بادر بها البعض. وتحت وطأة ذلك سادت الانتظارية حتى داخل الذين بعثوا المبادرة النقابية (ثلاثي القيروان وجندوبة والمهدية) حتى انتهت مبادرتهم إلى التصدع حينما أعلن أحدهم الانسحاب لرفضه ربط عجلة المبادرة بعلي رمضان كما كان يريد آخر في حين أعلن الثالث عن تخليه عن نية الترشح بعد أن ضمن وعدا بالالتحاق بمنظمة إقليمية مباشرة إثر المؤتمر. وقد جاءت الأخبار مؤخرا لتؤكد تعيينـه في الخطة التي وعد بها. أما بقية القوى فقد ظلت شبه تائهة وشبه محبطة نتيجة هذا التصدع وبات واضحا أن تجربة جربة صارت في عداد الماضي وضربا من ضروب الأحلام المستحيلة. واستوت حظوظ بعض الذوات التي هرعت للتمسح على أعتاب علي رمضان والذي راح يغدق عليها الوعود ويتمنع عن كشف حقيقة نواياه بغية ربح الوقت وتفويت الفرصة عليها لنسج أي تحالف أو الإيمان بحظوظها خارج فلكه. والمؤسف أن هؤلاء سقطوا في الفخ وجندوا أنفسهم أبواقا لخوض معارك لا ناقة لهم فيها ولا جمل. وكان أن غدر بهم في لحظة لم يعد لهم ما يفعلون فيها لتدارك أمرهم وخسروا على جميع الأصعدة. وكاد بعض أعضاء المكتب التنفيذي (الأربعة المغضوب عنهم) أن يلقوا نفس المصير لولا الضغط الذي مارسه عليهم بعض النواب والإطارات الجهوية والقطاعية لحثهم على التفطن لمرامي الخلاف المزعوم بين علي رمضان وعبد السلام جراد. ورغم كل شيء فقد أطيح باثنين منهم (الغضباني والماجدي) دافعين بذلك ثمن أوهامهما وأخطائهما القديمة. إن الاستفاقة المتأخرة لم تسعف الذين أدركوا الحقيقة تحت ضغط الضرورة وقبلوا أخيرا بتشكيل حلف مستقل عن ألعوبة الخلاف الوهمي فحصدوا نصف فشل يضعهم اليوم أمام كثير من الأمل في المستقبل وأمام نفس القدر من المصاعب والتهديدات. إن الاستقطاب الذي نشأ منذ ما يزيد عن السنة ودارت رحاه حول الانتخابات القطاعية و الجهوية ثم افتضحت معالمه بمناسبة مؤتمر المنستير الأخير سيستمر على أشده لفترة طويلة أخرى وقد بانت محاور الصراع فيه بكل جلاء فإما مزيد من الديمقراطية الداخلية من أجل إصلاح أوضاع المنظمة الداخلية لتكون قادرة على مجابهة استحقاقات المستقبل وإما التوريث والعودة بالمنظمة إلى ما كانت عليه طوال عشريات خلت وفي نسخ أسوأ وأتعس.
7) حول الاستقلالية والتبعية للسلطة: من يتهم من؟ وجهت لقائمة من القوائم التي تشكلت من كتاب عامين لاتحادات جهوية ونقابيين آخرين تهمة “الموالاة للسلطة”. وكان مفهوما أن يركب أصحاب هذه الدعاية شعار الدفاع عن الاستقلالية ومعاداة التبعية للسلطة فقد يكون ذلك من مستلزمات الدعاية الانتخابية والدعاية المضادة لكسب سباق المباراة رغم أن المزاحمة النزيهة تفترض قول الحقيقة والابتعاد عن الكذب واختلاق التهم الكاذبة وقلب الحقائق. لكن لا يهم فذاك أمر بات مألوفا في مثل هذه المناسبات التي تحتدم فيها الصراعات إلى حد أن يستجاز فيها أحيانا ما لا يستجاز. أما أن يستمر أصحاب هذه الدعاية في قلب الحقائق والافتراء حتى بعد المؤتمر فهو أمر غير مقبول ويفرض أن توضع الأمور في نصابها. لذلك جاز السؤال: من يتهم من؟ إن المتابعين للساحة النقابية عن قرب يدركون جيد الإدراك إلى أي درجة أضحت الذهنية داخل المنظمة النقابية موبوءة بقيم الانتهازية والوصولية والانتفاعية والنفاق وإلى أي درجة أصبحت المنظمة جراء ذلك مخترقة ومرتبطة بعجلة السلطة كما يدرك مدى ما اقترفه المتربعون على سدة الحكم فيها من فظاعات أحيانا لاستدامة هذا الوضع وهذه الذهنية حتى أنهم حولوا الاتحاد إلى جهاز بيروقراطي ممركز ومنغلق ومتعطل. تلك هي الثمرة الفاسدة لما يزيد عن العشرية من التخريب الذي اشرف عليه الأمين العام السابق إسماعيل السحباني. وهو ما جعل الجميع يعي في وقت من الأوقات أن المنظمة مهددة بالانفجار. ولكن لسائل أن يسأل هل يخال الذين عملوا تحت إمرة السحباني ومجدوه حتى الّهوه ودافعوا عنه “برا وجوا وبحرا” (“سندافع عنك يا سحباني برا وبحرا وجوا”، العبارة لجراد وقد نشرت في جريدة الشعب مدة قبل أن ينقلب على السحباني بتواطؤ مفضوح من السلطة) ونفذوا الكثير من جرائمه في حق النقابيين والمنظمة والبلاد. فهل أن النقابيين صدقوا أكذوبة التصحيح التي رفعوا شعارها وأزاحوا بمقتضاها سيد الأمس؟ من يتصور ذلك فهو خاطئ ومن يريد مسخ ذاكرة النقابيين ليغرس هذه الأكذوبة فهو كمن يريد حجب الشمس بغربال. وعلى افتراض أن “حركة التصحيح المجيدة” كانت حركة نزيهة وان الذين قاموا بها وقادوها كانوا قد ثابوا إلى رشدهم وأرادوا فعلا وبنوايا حسنة التكفير عن ذنوبهم، تعالوا نقيم حصيلة ما أنجزوه طوال الفترة التي قضوها على رأس المنظمة، في مضمار الدفاع عن استقلالية الاتحـاد عن السلطة. لقد واصل الاتحاد منذ تاريخ رحيل السحباني وتسلمهم هم مقاليد القيادة والسلطة على نفس النهج. ولا يذهبن في ظن هؤلاء وأنصارهم المتحمسين لهم الذين يستعملونهم أبواق دعاية مقابل ما يملأ بطونهم أن المواقف الإيجابية التي اتخذتها الهيئة الإدارية الوطنية بخصوص الاستفتاء على الدستور وتزكية بن علي للرئاسة سنة 2004 وقانون التأمين على المرض والمشاركة في غرفة البرلمان الثانية هي من إنجازات هؤلاء. لقد صوتت الأغلبية الساحقة من أعضاء القيادة قبل مؤتمر جربة وبعده ضد تلك القرارات الجريئة التي نفخر بها ويعتبرها كل نقابي نزيه سببا من سبب اعتزازه بالانتماء إلى الاتحاد العام التونسي للشغل. لقد صارعت الهيئة الإدارية الوطنية بما في ذلك أعضاءها الذين ترشحوا ضمن خماسي القائمة المضادة لقائمة الأمين العام صراعا مريرا ضد هؤلاء، أي ضد الأمين العام والمترشحين معه من أجل أن يتخذ الاتحاد تلك المواقف التي يزايد بها اليوم من قاومها بالأمس. فمن يتهم من؟ الذي ترشح في قائمة الأمين العام الذي ساند تحوير الدستور وأصدر بيانا لم يستشر فيه حتى أعضاده أم غيره؟ الذي صوت مع تزكية بن علي ولفائدة قانون التامين على المرض ولصالح الدخول في الغرفة الثانية للبرلمان أم من صوت ضد ذلك وعمل مع آخرين وهم كثر من أجل أن يستعيد الاتحاد جرأته ليتخذ مواقفه كما يمليه عليه واجب الانتصار للديمقراطية والحريات ومصالح الشغالين والشغالات؟ من يتهم من؟ هؤلاء النقابيون أم أقطاب البيروقراطية وخدهم الذين ينتصرون لهم ناسين أو متناسين أن تاريخ الذين يتجندون لترويج دعايتهم الكاذبة حافل بالمواقف المخزية التي لا يقبل أي نقابي نزيه الدفاع عنها؟ لا يجوز لأي كان أن يجادل من ترشح ضمن قائمة الأمين العام وعلى رمضان في حقه في اختيار القائمة التي تناسبه وتتماشى ورؤيته النقابية كما لا يجوز لأي كان أن يجادل الذين ساندوها في حقهم في الدفاع عنها ومساندتها لكن وبالقدر ذاته لا يجوز لهؤلاء أن يقلبوا الحقائق ويختلقوا الأكاذيب فيتهمون من خالفهم الرأي واختار قائمة غير قائمة الأمين العام بتهم لا توافق في الحقيقة والواقع إلا من جند نفسه للدفاع عن هذا الأخير وبطانته. إن المعطيات الشاهدة على ولاء هذا للسلطة واستقلالية ذاك عنها لمعروفة في الساحة النقابية وليس بمقدور أحد أن يبدلها وما دونه التاريخ في سجل كل نقابي لن يمحي من ذاكرة عموم النقابيين. كما أن الأيام الآتية ستكون خير شاهد على حقيقة الذين يتهمون معارضيهم بتهم واهية. فانتظروا سيريكم التاريخ مرة أخرى ما يثير دهشتكم واستغرابكم.
(المصدر: “صوت الشعب”، اللسان المركزي لحزب العمال الشيوعي التونسي، سلسلة جديدة، العــدد 252، 17 جانفي 2007 – طبعة إلكترونية)
محمد الصالح فليس ـ 1 ـ في بلد الأمن والأمان، طلق ناري في الطريق العام، وهلع أسود لدى المواطنين الذين تدور الاحداث في محيطهم المباشر، وتخوفات على الأبناء والبنات، وحتى الأزواج يرحلون صباح كل يوم جريا وراء حرف معرفة ولقمة عيش تدرأ الحاجة وتسهم في البناء. في بلد الأمن والأمان طلق ناري فوق الرؤوس، وأخبار ملفقة، مهولة، مسعورة، ملتهبة، يتداولها شارع فقدَ كل أريحيته وخانته ملائكته وتخلى عنه حتى شياطينه، فاستبدت به مجتمعة مشاعر الخوف والعجز وتضارب السبل. في بلد الأمن والأمان الصمت ملاذ طيب يستر الأسرار والأعوار ويكفي شر… الازعاج. أو ثمة أفضل من السكوت ردا على أولئك الذين يطنبون في المطالبة بالحقيقة؟ أليس السكوت من ذهب؟ في بلد الأمن والأمان، من شابه أباه فهل ظلم؟ كبرنا على الكلمات البسيطة أو كلمات الحقيقة أنا بدأنا مزادا على حقبة سوف تطعمنا، سوف تطعمنا اللحم والزقزقة ونزاحم الذين سبقونا الى المشنقة ممدوح عدوان (من قصيد: صلوات داجنة)
ـ 2 ـ بيان أول لم يقنع حتى كتّابه، أفسد الرؤيا وضبّبها أكثر من أي شيء آخر. أي عصابة مخدرات هذه؟.. حكاية طريفة لا محالة… لكنها تصب الزيت على النار لا أكثر ولا أقل.. وتزيد من حسن ظن تونس في تدمير شبح الخوف، ذلك النمر من… الورق. ثم صمت طويل فيه من نفس المستشفيات والمقابر أيضا.. وبيان ثان فرضه على كاتبيه… المكان إياه. وتحدث الناس فيما بينهم، وبدأت الأخبار الحقيقية تخرج تباعا من الفم الى الأذن.. ومن الأفواه الكثرة الى الآذان المتعددة، فنحن من حسن حظنا بلد صغير المساحة محدود العدد. وبدأت الصورة تتضح بفضل تضامن مكونات الشارع دون سواها، وبفضل صمت من ليس أمامه… الا الكلام. وها وطني الآن أشجع مني بكى منذ قابلني وأنا كنت أجلت دمعي حتى تلائمه العاطفة من يوجه أمرا للعاصفة؟ ممدوح عدوان (من قصيد : صلوات داجنة )
ـ 3 ـ عندما يبتلي المرض بعض النفوس فانه يسقطها في معرة القول وتذيّل التفكير، هل كان طبيعيا أن تعيش البلاد ما عاشته، ولا توفر السلطة حدا متوجبا ضروريا معقولا من الاعلام لإنارة الرأي العام ولطمأنته بوضعه في الصورة وتمكينه من التحكم في ردود فعله بما يرشدها ويقعدها ويوجهها الى ما ينفع ويفيد..؟ إن المطلوب هو الاعلام في بعده السياسي والعلمي المضيء والمفيد والمرشد وليس في.. بعده الأمني … وكان من المطلوب حدا أدنى من الشفافية والصدقية بتسمية الأشياء والظواهر بأسمائها وباسناد… لعمر ما له، لأن الحقيقة فارضة نفسها لا محالة.. وإن بعد حين. فهل هذا القليل الشرعي المتوجب كثير عليهم.. ومكلف لهم…؟ “من أين أتيت لأرجع؟ من يرجعني للزمن الممكن فيه السكوت من أين أتاني هذا العلم فولّد هذا الضيق المكبوت؟ عشر سنين لم أحصد إلا الضيق لم يسأل أحد عما يمكنني أن أفعل إلا حين انتظروا التصفيق ” ممدوح عدوان (من قصيد : لا بد من التفاصيل)
ـ 4 ـ عندما جد حريق بمصفاة بنزرت قالوا أن تحقيقا باشره أهل الذكر، ماذا نتج عنه؟ وما هي أسباب حدوث الحريق؟ وعندما أغارت طائرات اسرائيلية على حمام الشط، قالوا إنها طائرات مجهولة وظلوا يتداولون الخرافة لساعات طويلة قبل أن ينطقوا بجزء من الحقيقة، فشّلوا في الشعب ونخبته توقه الطبيعي والشرعي للتضامن والتنديد. إنها الثقافة السياسية التقليدية، القديمة التي لم تجرؤ على تخطي عصر الفحم الحجري، وهي حضارة التعتيم تريد الامعان في المزيد منه لأن الجهل والتجهيل والضحك من ذكاء الوطن حكمة لا يعرف قيمتها الا… الراسخون في السلطة، الذين ينتمون لهذه الثقافة السياسية التي ترفع أول ما ترفع: لدوام السلطة لنغمض الأعين ولنستر المستور مرات ومرات… عشر سنين في وطن نتيتّم فيه ويكثل فينا ونحول به مهووسين ومهمومين كمن حاصرهم في البحر حريق ممدوح عدوان (من قصيد: لا بد من التفاصيل )
ـ 5 ـ مرة أخرى كان المجتمع بأحزابه المستقلة وجمعياته المدنية الراشدة ومنظماته المهنية العريقة والمسؤولة أكثر نضجا وأكثر ثباتا … ومرة أخرى أحبط الذكاء الفطري والواعي للمجتمع كل محاولات استبلاهه، وذهب مباشرة بوسائله الخاصة الى مصادر الأخبار فركّب المجزء وجمّع المشتّت وأفلح في معرفة المكونات الجوهرية للصورة ففضح ما في البيانين من تعمد تعتيم وصحح ما كسرته إرادة التهميش و… الإقصاء . ستقول أجيال تونس المقبلة بكل حسرة وأسف واحباط، وهي تقف على ممارساتهم : في موفى 2006 ومطلع 2007 كان في بلادنا أناس وهياكل يخافون الحقيقة، ويرهبون منها الى درجة أنهم جلدوها وعذبوها وأمعنوا في التنكيل بها، فخرجت تصيح في الطرقات الواسعة: يا وطني لم نبدأ كي نلقى هذي الخاتمة السوداء ونشيخ على أبواب ثلاثين لم نصرخ كي نلقاك أسيرا فنغصّ ونسكت مقهورين ممدوح عدوان (من قصيد :لا بد من التفاصيل )
(المصدر: صحيفة الطريق الجديد _العدد56 جانفي 2007)
الحداثة أساس القفزة الماليزية
د. منير حداد (*) كانت بداية الثمانينات من القرن الماضي متشابهة لكل من ماليزيا و مصر، حيث كان حكم الفرد القاعدة في البلدين (بقيادة مهاتير محمد و حسني مبارك، على التوالي)، كما كان الهدف المعلن للسياسة الاقتصادية للبلدين العمل على دمج الاقتصاد الوطني في الاقتصاد العالمي، حيث جعلت العولمة صهر الاقتصاديات القومية في اقتصاد واحد مسالة حياة او موت. وكانت توقعات خبراء المؤسسات الدولية (بما فيها البنك الدولي) آنذاك ترجح أن تحقق مصر السبق في مجال التقدم الاقتصادي، نظرا للدعم المالي الهائل الذي تتلقاه من أمريكا ودول أخرى، بالإضافة للريع المتأتي من مداخيل قناة السويس، النفط والغاز الطبيعي والدعم الخليجي بمختلف أنواعه. لكن تقرير التنمية البشرية للعام 2005 يعطي معدل دخل الفرد في ماليزيا حوالي ثلاثة أضعاف ما هو عليه في مصر(موقع: http://hdr.undp.org ). كما حققت ماليزيا قفزات هائلة في مجال التعليم والتطور التقني، مما أهلها لان تصبح بحق نمرا من النمور الآسيوية، في مختلف الصناعات بما فيها صناعات رقائق الكمبيوتر-أشباه المواصلات- ، تزاحم بذلك كوريا الجنوبية وتايوان… فما سبب هذه القفزة الماليزية الاستثنائية؟ نجيب في ما يلي على هذا السؤال بالتركيز على عامل أساسي ألا وهو اخذ الدولة الماليزية -خلافا لمصر ومعظم الدول العربية والإسلامية الأخرى- بأسباب الحداثة. حصل هذا بفضل العزيمة القوية والارادة السياسية مع الدراية والمعرفة باتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب، التي قاد بها مهاتير محمد بلاده على طريق التقدم، بالرغم من حملات التشهير التي تعرض لها من القوى الأصولية الاسلامية المتخلفة التي ما فتئت تتهمه بالكفر، كما أكد هو نفسه ذلك خلال حضوره منتدى دافوس الاقتصادي الدولي منذ سنتين. كما قدم نموذج سنغافورة حافزا قويا للتقدم بهذا الاتجاه، حيث لم يترك مجالا للتردد. لذلك كانت الإصلاحات في ماليزيا حازمة وجادة، خلافا للدول العربية التي جاءت إصلاحاتها متأخرة ومحدودة، نتيجة المعارضة القوية لقوى التخلف الاصولية الاسلامية والمجموعات الاقتصادية الطفيلية المستفيدة من النظام القائم، وافتقار الزعامة السياسية للرؤية الواضحة والشجاعة السياسية اللازمة لاعتماد الإصلاحات الصعبة والضرورية في آن واحد. عمل مهاتير محمد منذ البداية بجدية لتحرير المرأة – نصف المجتمع شبه المشلول في المجتمعات الإسلامية التقليدية- بإجراء تعديلات متتالية على قانون المرأة و إنشاء لجنة برلمانية خاصة بهذا الموضوع، بالتوازي مع إنشاء “وزارة المرأة و العائلة” . ثم تدعم هذا بإنشاء عديد الجمعيات الأهلية لدعم حقوق المرأة ( للمزيد يمكن الرجوع الى موقع: www.wao.org.my). و حصل هذا فيما ظلت المراة في مصر والدول العربية الاخرى، باستثناء تونس، كما مهملا، محرومة من ادنى حقوقها المدنية والاجتماعية والسياسية، وغير مؤهلة تعليميا للمساهمة الايجابية في الدورة الاقتصادية، كل دورها هو ان تكون ربة منزل. انعكس الاهتمام بتحرير المراة من رق القرون الخوالي في التجربة الماليزية بقوة على قطاع التعليم، حيث يفوق عدد الإناث الذكور في الجامعات بحوالي 28%، وهي جامعات في مستوى عالمي، و يتوجه 40% من مجموع طلابها لاختصاصات العلوم والرياضيات والهندسة، مقارنة بــ30% بالأردن و 19% بالمغرب. وساعد هذا النجاح المرأة الماليزية على لعب دور فعال ورائد في تشكيل اليد العاملة، حيث تبلغ مشاركتها 62% من إجمالي الذكور مقابل 46% فقط في مصر. و تغطي هذه المشاركة كافة الأنشطة، حيث يشير تقرير التنمية البشرية إلى نسبة نساء تصل 23% ضمن شريحة المشرعين ومديري المؤسسات مقابل 9% فقط في مصر، وإلى استحواذ المرأة الماليزية على 40% من مجمل مناصب التقنيين والمهنيين، مقابل 13% في مصر، مع التأكيد مجددا على الفارق الكبير في النوعية بين البلدين، حيث ان المراة الماليزية تحصل على تعليم ومعرفة تفوق بكثير المتوسط العالمي. وبالرغم من التشابه الكبير في زيادة السكان ومعدل عدد الأطفال بين البلدين ، إلا أن التقدم الاقتصادي في ماليزيا وفر الظروف الملائمة للمرأة بدءا بخدمات الصحة، حيث تتم كافة عمليات الولادة بإشراف عاملين اخصائيين (بنسبة 97% حسب التقرير المذكور أعلاه)، مقارنة بنسبة 69% فقط في مصر، و ساعد على تخفيض معدل وفيات الأمومة لكل ألف مولود حي إلى 40 في ماليزيا، مقارنة بــ84 في مصر. بالتوازي مع النهوض بالمرأة، عملت الحكومة الماليزية على إحداث نقلة نوعية على مستوى التعليم، حيث ارتقى ترتيب الدولة في الأولمبياد الدولي للرياضيات من المرتبة 15 عام 1999 إلى المرتبة 10 عام 2003، بينما جاءت مصر في ذيل القائمة، تليها السعودية (النتائج منشورة على موقع: http://timss.bc.edu ). كما قام القطاع الخاص بالاستثمار بقوة في قطاع الجامعات حيث تصل حصته 60%، مما ساعد مجهود الدولة وحسن من ملاءمة خريجات التعليم العالي لمتطلبات سوق العمل. وعلى هذا الأساس، وفرت ماليزيا فرص العمل لكل أبنائها بالإضافة إلى مليون عامل أجنبي! كما عملت الدولة على الدفع بقطاع الأبحاث والتنمية الضروري للتجديد التكنولوجي في اقتصاد المعرفة، حيث تنفق سنويا نسبة 0,8 % من الناتج المحلي مقارنة بـ 0.2% في مصر. و شجع هذا الشركات العالمية الرائدة على الاستثمار داخل البلاد. و أصبحت ماليزيا بذلك مصدرا أساسيا للتقنيات المتقدمة التي تبلغ حصتها 54% من مجموع الصادرات، مقارنة بأقل من 4% في الدول العربية الأكثر انفتاحا على الخارج. اليوم والدول العربية تحاول الإصلاح، من المهم الأخذ بأهم عناصر الحداثة الماليزية -حقوق المرأة والتعليم العصري الموجه لقطاع العلوم والتكنولوجيا- بهدف الخروج في أسرع وقت من كبوتها الناتجة عن فشلها في هذا المجال، خلال العقود الماضية. ———————————- (*) باحث اكاديمي في اقتصاديات التنمية و خبير سابق في صندوق النقد الدولي بواشنطن. Abuk1010@hotmail.com (المصدر: صحيفة الطريق الجديد _العدد56 جانفي 2007)
أفكار متقاطعة:وليمة الفئران الأفكار لا تشبه الجثث، فهي غير قابلة للتعفن ولا للتـحلّل الا متى أردنا نحن ذلك
نـاجـي الخشنـاوي يُكلف طلبة جامعاتنا وكلياتنا ومعاهدنا العليا المرسمين بالسنوات النهائية، بإعداد أطروحات بحث يشرف عليها أساتذة ودكاترة جامعيون وتتم مناقشتها بعد انجازها من قبل الطالب أو الطالبة بالشكل المطلوب والمأمول الذي يؤشر عليه المشرف، وتطرح أمام لجنة من الأساتذة والدكاترة الجامعيين للتأشير عليها بالنجاح. وبعد ان يقيم الطالب او الطالبة حفلة لنيل شهادة المحصلة العلمية الاكاديمية، وبعد ان تثني على مجهوداته الفكرية تلك اللجنة المبجلة وتزهو عائلتة أو عائلتها بنجاح ابنها او ابنتها، بعد كل هذا يُركن بحث الاطروحة او الرسالة رفوف مكتبة الكلية او الجامعة مثلما يركن كل أستاذ وكل دكتور من أعضاء لجنة الإشراف، النسخة التي تحصل عليها، دُرج مكتبته الخاصة، هذا إن لم يتلفها. مثل هذه البحوث والرسائل الجامعية تفوق الآلاف في السنة الواحدة في مختلف الجامعات والكليات والمعاهد العليا، فهي تطرق كل المجالات والمدارات الفكرية، حديثها وقديمها، شرقيها وغربيها، فهناك بحوث أكاديمية ذات قيمة علمية في الحضارة والآداب العربيين وبالمثل في مختلف الحضارات والآداب الغربية والمشرقية، وهناك أطروحات وبحوث في العلوم الاجتماعية والعلوم الاقتصادية والعلوم السياسية والعلوم القانونية، وفي العلوم الإنسانية بصفة عامة، فلسفة وتاريخا وجغرافيا ولغات وقانون، وبالمثل هناك بحوث وأطروحات علمية في الموسيقى والمسرح والسينما، ولدينا بحوث ختم الدراسة والتكوين في الإعلامية وفي العلوم التقنية والميكانيكية والطبية… آلاف مؤلفة من المؤلفات الأكاديمية التي تصرف لأجلها الأموال، والتي غالبا ما يتكبدها أولياء الطلبة، ثم تركن في الرفوف الخشبية للمكتبات الجامعية والخاصة فتصير حواشيها وليمة دسمة للفئران والجرذان والغبرة، وفي أحايين قليلة لأصابع مترددة ومرتبكة، عادة ما تكون لطالب أو لطالبة، تدفعها أو يدفعه فضول معرفة محتوى بعض تلك البحوث وتلك الاطروحات أو قد يغريها عنوان أو تستفزه مقاربتها وطرحها لمسألة ما… أما عدا ذلك فان كل تلك الأوراق المصففة بعناية والموشاة بالإهداءات الحميمة فهي دائما منذورة للتلف وللائتلاف وللنسيان ولعدم الترويج ولقلة الانتفاع بما تحويه من أفكار… طبعا هنالك ما يسمى بالنشر الجامعي، ولكن جل المؤلفات والمنشورات التي صدرت في هذا الإطار هي لأسماء معلومة سلفا وغالبا ما تكون متنفذة في مجالها الجامعي، بل إن هؤلاء الجامعيين منهم من ينشر كتابا في فرنسا وثانيا في بيروت وثالثا في تونس ورابعا في إطار النشر الجامعي موصدا بذلك كل منفذ لاسم جديد ولفكرة جديدة… إن طرحي لهذه المسألة إنما هو للفت النظر إلى أن تأثيث مكتباتنا لا يمكن ان يكون بالكتب الوافدة علينا فقط، كما انه لا يمكننا أن ندفع بالكتاب التونسي نحو قارئه الوطني فالإقليمي فالعربي والعالمي عبر الترجمة، ما لم نفتح أفق النشر الجامعي قدر المستطاع، فالثابت والأكيد أن اغلب القراءات والتأويلات والمقاربات الوافدة على رهنيتنا مغربا ومشرقا، لدينا نحن، التونسيون، ما يعززها أو ما يدحضها، كما انه لدينا ما يكفي من الأفكار ذات الصبغة الخصوصية والمتعلقة بهويتنا وبتاريخنا التونسي وأدبنا وحضارتنا وموسيقانا ومسرحنا وفلسفتنا التونسية البحتة. وهناك معادلة حسابية بسيطة جدا تقول إن مليارا ـ مثلا ـ من مليماتنا التونسية يُمَكِّنُنَا من نشر خمسمائة كتاب على الأقل في السنة الواحدة… ولو دققنا النظر في الرقمين لألفينا أن ذاك المليار لا يساوي الكثير أمام ما نهدره في أمور تافهة، ولوجدنا أن تلك الخمسمائة كتاب جديد ستساوي الكثير الكثير لأنها ستحدث حركة فكرية داخل مشهدنا الثقافي الراكد وستؤمن لنا خطوات متقدمة ضمن النسق الفكري العربي والعالمي هذا فضلا عن الحركة التجارية في مستوى بيع الكتب وترويجها في الداخل والخارج… أعتقد أن ذهنية البناء الحقيقية تبدأ بهذه الشاكلة: معادلات بسيطة فنتائج كبيرة.
(المصدر: صحيفة الطريق الجديد _العدد56 جانفي 2007)
حمّلتُ البحرَ زمني
يسرى فراوس
فيما يرى النائمُ أرى دمًا أصفرَ ينزُّ من شقوق السّماء نجومًا في غير أفلاكها تدورُ على أعقاب قمر تشظَّى تَدورُ أرى رؤوسًا تتأرجحُ بين غيمتين والعمائمُ مثلُ الشّهُب تتلاقفُها الرّؤوسُ ثم تهوي على الجثث المبتورة و تلفُّها بردًا و سهامًا أرى بحرًا أحْمرًا قانئًا تجرّهُ سفينَة عرجاء أدفنُ في السرير جُمْجُمَتي علَّني لا أرى ينتفضُ جسمي محمومًا كَتَنّور يلهجُ بمغمغمات الموتى إذ يسّاءَلون: من المقبلُ علينا أفكُّ شفرةَ عيني علَّني أبصرُ غيرَ هذي الخيالات فوقي ترقصُ العمائمُ و يَزوغُ خلفها بصري عبثًا تُريدُ يَدي أن تُمسكَها عبثاً أُسْدلُ ستائري لا يدي طالتْها ولا بصري أهملَها على حافّة العمى يا ليلُ قُلْ لي أأكونُ يَمامَتَهم الزّرْقاءَ و النّخلُ يمشي يا كحْلُ قُلْ لي سملُوا عينيَّ و القلبُ معتمُ أم هُوَ سوادُكَ صارَ في العين ضياءً -لو أنهم يُخطئُونَ لونَ الخبز لكذّبتُ عمايَ و صدّقتُ بصيرتهم- هذه الحمّى أعْرفُها فطالما سَقْسَقَتْ في رأسي عصافيرُها رأْسي يا طاحونةً مهجورةًَ تُصفّرُ فيها المجازاتُ ليتنفّسْ بعضُ النور فيكَ تهجُرُكَ الخفافيشُ و تهدأََ زمنًا هذه الحمّى أعرفُها كأنَّ للشّعر فيَّ نُزولٌ كأني هزّاتُ صوت أليف كأنّي زلزال يا حزنُ يا أخضَرُ أبدًا يا قحْطُ يا ولاّدُ يا أبَ القصيدَة / يا مرْتعَ الأشباح إنّي أنْكَرْتُكَ فاهجُرني يا نصُّ عاهاتي كثيرَةٌ لي وجعٌ في الرُّكبتين يُطْفئُ شبقَ الياسمين على وسادات العمر لي زهرةٌ لولا السّياج العالي لامتشقَتَ شَعري لي أحذيةٌٌ عاشقةٌ غيرَ أنهُ في بلد الحزن لا الشوارعُ أذابتها وجدًا و لا بيتٌ صغيرٌ من التيه آواها يا نصُّ أفنيتُك في رميم العظم و تذرّعْتُ بعتم العين فاهجُرْني… يا بحرُ حمّلتُكَ حزني فابتلعني أو الفُظني << عمائمٌ ملطّخةُ بدم اللّه قمرٌ يتشظَّى ولا مُستقرُّ خمسُ أصابعَ حمراء عشرُ أصابعَ حمراء سجّادٌ مرفوعٌ أحمرُ و البحرُ تجرُّهُ سفينةٌ عرجاء >> كأنّكَ أيُّها النّصّ قاتلي فلا تسْتجدني بالقمر ولا تسْتجْدني بالبحر خذْني على قدر النور في عيني ورُدَّني للصّدف مُترجم الرّيح إلى أغنية هائمة << عمائمُهم مُلطّخةٌ بدم اللّه و طنٌ من الرُّؤوس ما بينَ نهرين حطامُهم أكوامٌ والفتى يُكابدُ لم يصلْ بعدُ إلى أين يا تُرى؟ إلى أين يسْحَبونَ البحرَ؟ >> يا أيُّها النّصُّ الذي يقتُلُني أنا حمّلتُ البحرَ زمني أنا الآفلُ بمَ ملكت يميني من الخطايا جريمَتهُم أنا و محرَقَةُ النوارس في كبدي كابرتُ أيها النصُّ فذرفتُ العُمرَ شعرًا رُدَّني للصَّدف مُترجم الرّيح إلى أُغنية هائمة << يداهُ شمعٌ أبيضُ لا تفاحَ على الخدّ… لا موسمَ لاشتهاء القضم … وجهٌ عن وجهه يفصلُهُ الجدارُ يا أيّها الشاعرُ أعرْهُ قامتكَ ليَرَى >> يا قاتلي لا قامةَ لي وليسَ بعدَ الجدار ما يُرى لملمتُ عظامي أهديتُ الريحَ رمادَها ووهبتها صوتي إن صوتي كانَ مئذنة الخراب… صرَفتُ البحرَ عن نافذَتي وولّيتُ وجهي الجدارَ عمياءُ… لا فرقَ في نظري بين بحر سليب و جدار يَصْلبُني يا نصُّ/ يا قاتلي كم مرّةً تريدُ أن أموتَ بكَ كم سيُصلّي الأنبياءُ كي أُبْعَثَ من جديد… لي ضمّادَتي و مزماري سأهيمَ بلا جسد أنتَ ملكتَهُ براءٌ منك أنا و لا أُريدُ أن أموتَ بكَ فرُدَّني للصدف مُترجم الريح إلى أغنية هائمة << اعتلى عمائمَهُم ليَرى تلى الفواتحَ واعتلى ظهرَ أبيه ثمّ اعتلى ظهرَ أخيه ليَرَى وجهٌ عن وجهه يفصلُهُ الجدارُ هذه هيَ الحدودُ الجديدةُ للبحر هنا إقامَتُهُ لا ريحَ تَفدُ / لا سُفنُ ضيّقًا بين الشباك صارَ البحرُ لا نورسُ يرُدُّ أخبارَ الأهل / لا زبدُ ساحلُ أحلامنا هوَ الجدارُ عليه نُكوّرُ قمرا وهميًّا لنشنُقَ الخائنينَ الطيّبين عليه نُعلّقُ رسائلَ العشّاق و نبعثُ بأشعارنا منهُ سنُجري انهارا فنُنْهي مشكلَةَ المياه …. ضفَّتُا الجدارُ نلوّنُهُ بالأزرق و ندَّعيه بحرًا مقبرَتُنا الجدارُ لا حاجةَ في تاريخ العرب لشاهدة أعلى الموجُ القانئُ عال و الفتى يُكابدُ لكنَّ صرْحَ الجماجم أعلى …. ثمَّةَ أرضٌ بعدَ الجدار ثمَّةَ بحرٌ قبلَ الجدار عليَّ أن أخرُجَ الآن …. من أُذُنيكَ سأخرُجُ فيَرُدُّني الصَّدى إليكَ مثلُ حكايات الجنّ، من أصابعكَ و من جلدكَ ملتهباً كأنفاسكَ من عتم عينيكَ و من جثث الموتى كبياض أسنانكَ مرصوفةٌ يا أيُّها الشَّاعرُ اكتُبني تعويذَةً للحزن و ارتطمْ ما شئتَ بي أنا النصُّ و بالمعنى افتَتَنْتُ سأهبُ الجدارَ قامتكَ أنا النصُّ و بالمعنى افتتنتُ سأصيرُ حجرَ الكرامة بيد الفتى خلْفَ الجدار أرضٌ / أمامَ الجدار بحرٌ أنا النصُ والريحُ ترجمَتي أنا النصُّ والغيمُ محبَرَتي لا حاجةََ لي بالجسد الميّت يا جثّةََ الشاعر الذي يأْسُرُني إني أضرمتُك فاشتعلي أنا لا أريدُ أن أموتَ بك
(المصدر: صحيفة الطريق الجديد _العدد56 جانفي 2007)
البعد الآخر
«الكاباس» … إلى متى؟!
بقلم: برهان بسيّس
لا أعرف إن كان لمناظرة «الكاباس» التي يقع اجراؤها دوريا لقبول أساتذة للتدريس في التعليم الثانوي من مصداقية أو أهمية لتثبيت واقع الشفافية الذي نريده لقضية تشغيل أصحاب الشهائد؟!
بأي مقياس علمي مثلا يمكن قبول حوالي عشرين أستاذا في مادة التاريخ من حوالي ستة آلاف مترشح من حاملي الاستاذية المتقدمين للمناظرة؟! يجب أن تكون عبقرية العشرين ناجحا واضحة، ساطعة، لا لبس فيها مقابل حمق باقي الخمسة آلاف وتسعمائة وثمانين أستاذا مترشحا!!
أعتقد جازما أنه في ظل الانخرام الحاد الحاصل بين العرض المحدود والطلب الجارف يصبح أي حديث عن مقاييس علمية للمناظرة من باب المثالية المبالغ فيها التي لا يمكن أن تقنع أحدا بقدر ما تفتح المجال واسعا امام المبالغات والاشاعات التي تقدح بشكل جارح في شفافية المناظرة.
لقد حان الوقت لإعادة النظر في آلية الانتداب بناء على الاتجاه الذي أعلنه رئيس الدولة في خطابه بمناسبة اليوم العالمي لحقوق الانسان حول دعم البعد الاجتماعي ضمن آلية التشغيل في القطاع العمومي لأن الفرز الممكن والموضوعي الوحيد في التعامل مع ملفات طالبي الشغل خاصة من حملة الشهائد العليا لا يمكن أن يظل مقتصرا هكذا على كفاءتهم العلمية التي لا تحتاج مع الشهائد المكتسبة اختبارا جديدا بقدر ما ينبغي أن يقوم هذا الفرز على تقييم الحاجة الاجتماعية كأولوية الأولويات في مستوى الانتداب.
الشغل حق للجميع، هذا لا اختلاف فيه، ولكن الظرف الدقيق الذي نمر به في مستوى تلبية الحاجة الواسعة لتشغيل أصحاب الشهائد خاصة فيما يتعلق بمسؤولية الدولة كمشغل عمومي يفترض وضع المقياس الاجتماعي كأساس أول وجوهري في عملية الانتداب حتى يكون التشغيل في القطاع العام منفذ الاندماج والاستيعاب لأبناء العائلات ضعيفة الدخل التي تحتاج فعلا الى سند ودعم يحققه تمكن أبنائهم من حملة الشهائد العليا حقهم في الشغل.
الانتداب بناء على الملف الاجتماعي أصبح ضرورة ملحة على ضوء واقع التزايد الملح في مطلبية التشغيل الذي لا يتوقف عن ايراد قصص مؤلمة لواقع شباب من عائلات محرومة تنزل على ضمائرنا بطرقات التأنيب العنيف وهي تذكرنا أن قضية الشغل بالنسبة الى هذه الفئات المحرومة ليست قضية وقاية من القلق أو الرذيلة كما يقول فولتير، بل هي قضية تسديد رمق لصاحب الشهادة وعائلته بحثا عن الشروط الدنيا للعيش الكريم.
لنكن واقعيين، معتمدين نهج المصارحة الموضوعية. لا شك أن الشغل حق لكل التونسيين لكن الدولة بوضوح متصل بخصوصية المرحلة والظرف لم تعد قادرة على توفيره للجميع ونهاية عصر الدولة محتكرة دور المشغل ليس بدعة أو استثناء، لكن الحيز الهام ـ ضمن الحالة التونسية ـ الذي بقي للدور التشغيلي للدولة يفترض صياغة أولوية واضحة صارمة: حق ضعاف الحال وأبناء العائلات محدودة الدخل أولا، ثم الذهاب بالمقياس الاجتماعي الى زاوية تقدير أولوية التشغيل حسب الحاجات التنموية في الجهات.
اعتقد أن مناطق وجهات في تونس تحتاج بكل صدق الى جعل آلية التشغيل العمومي جزءا أساسيا من مجهود ادماجها ومحاصرة معاني التهميش والغبن المحيط بواقع شبابها لذلك يكون التشغيل كأولوية أولويات برنامج الرئيس بن علي هو قاطرة تحدي الادماج الذي نريده: حق عام للجميع تفصّله المرحلة الى سلم أولويات ملحة:
حق ضعاف الحال وحق الجهات الداخلية.
(المصدر: صحيفة الصباح بتاريخ 23 جانفي 2007)
عودة إلى التفكير في الشرط الاستعماري
برهان غليون (*) طمست الأيديولوجية القومية التي سيطرت على شعوب العالم الثالث -أو ما كنا نسميه كذلك بعد الحرب العالمية الثانية- إشكالية أساسية ليس من الممكن اليوم فهم ما يجري في دول هذا العالم نفسه من دون إعادة بنائها والاستهداء بها، ألا وهي إشكالية بناء الدولة الوطنية في عصر الإمبريالية وسيطرتها. فقد أوحت الصراعات والمقاومات القوية التي رافقت انهيار النظام الاستعماري القديم وتحرر الشعوب من نظمه القديمة، بهزيمة الإمبريالية التاريخية، أو على الأقل بإبعاد أثر هذه الإمبريالية عن التدخل بمصائر الشعوب التي حققت استقلالها. وساد الاعتقاد انطلاقا من ذلك بأن كل حركة وطنية سوف تكون قادرة على بناء دولتها القومية بكامل الحرية والاستقلال، وأن ما سيولد عن حركة التحرر العالمية الواسعة هذه هو منظومة دولية قومية تجمع بين شعوب العالم كافة على أرضية التعاون والتفاهم والتفاعل بين دول وطنية تشترك جميعا في صفة السيادة والاستقلال، وبالتالي التعبير عن إرادة شعوبها ومصالحها العامة. والحال أن هذه الفرضيات لم تكن إلا من قبيل الأوهام، والسبب في ذلك أنها غيبت مسألة الإمبريالية بدمجها مع المسألة الاستعمارية، وألغت أي أفق للتفكير في محدودية شروط تكوين دول وطنية سيدة في إطار عدم التوازن الهائل في موازين القوة الدولية، واستمرار عمل آليات السيطرة في نظام العلاقات الدولية، حتى لو لم يكن ذلك بالوسائل العسكرية والسياسية القديمة ذاتها. بل يمكن القول إن الآليات الجديدة سوف تظهر جدارة أكبر في تحقيق التبعية وإخضاع أجندة التحولات داخل البلدان الصغيرة التابعة لأجندة التحولات داخل الدول الصناعية الكبرى مما كانت تفعله آليات السيطرة الاستعمارية القديمة المتخلفة. وليس هناك منطقة يمكن أن نتبين فيها أثر سيطرة نمط العلاقات الإمبريالية على نظام العلاقات الدولية، وتدخله في صوغ هياكل الدول الجديدة الناشئة ونظمها السياسية، من المنطقة العربية، وبشكل خاص من منطقة المشرق العربي. فلا نقاش في أن ميلاد الحركة الوطنية ونموها قد ارتبطا في البلدان العربية -والمشرقية خصوصا- بمقاومة السيطرة الغربية وتحدي الدولة التي تشكل أداة هذه السيطرة أو قناتها. وشكل الصراع بين مشروع إعادة بناء المنطقة على أسس قومية (عربية) ومشروع تكريس نظام السيطرة الغربية وترسيخ قواعدها، من خلال تعميق التحالف والارتباط بين النخب المحلية الحاكمة والغرب، محور الحياة السياسية الفكرية والعملية خلال أكثر من قرن. وبسبب ما تميزت به مجتمعاتنا المدنية والسياسية من ضعف، وعجز الحركة القومية العربية التي قادت مسيرتها في مواجهة السيطرة الغربية، ثم إخفاقها في توسيع هامش مبادرتها الإستراتيجية، سواء أكان ذلك بالاتحاد أو التفاهم أو التعاون وحل النزاعات والحساسيات الشخصية بين نخبها وزعمائها، نجح المشروع الاستعماري في الحفاظ على مواقعه الرئيسية رغم ما أصاب أسسه المادية والمعنوية من هشاشة واهتزاز. وجميع الدول القائمة في المنطقة تعيش في فلك هذا المشروع وفي رعايته المباشرة أو غير المباشرة، بقدر ما تختفي فيه المؤسسات السياسية والقانونية في مؤسسات النظام وتتماهى معه. هذا المشروع هو الذي يواجه اليوم مصاعب كبيرة للاحتفاظ بقوته واستقراره. وليس مصدر هذه المصاعب نمو حركات وطنية وقومية جديدة تجاوزت تناقضات الحركة القومية العربية والحركات الرديفة لها وتغلبت على الصعوبات النظرية والعملية التي كانت تعيق تقدمها، ولكن بالعكس. إنه تمادي القوى الغربية نفسها وسعيها إلى فرض شروط جديدة أكثر إجحافا، تكاد تشبه العودة إلى النموذج الاستعماري القديم، وتنكرها العلني لما سميته العقد الاستعماري الجديد الذي قام عليه في العقود الماضية التفاهم بينها وبين النخب المحلية -التي استفردت بالسلطة بعد انهيار المشروع القومي العربي- وتخليها عن مسؤولياتها التاريخية في التوصل إلى تسوية في فلسطين تعالج بؤرة الصدام الرئيسية التي تدفع الرأي العام العربي إلى العداء للغرب. ورفض الغرب لمثل هذه التسوية، سواء أجاء ذلك بسبب التعاطف اللامحدود مع إسرائيل، أو تأييدا لمشروعها التوسعي الاستيطاني، أو خوفا من إثارة غضبها، أو كرها للعرب ونكاية بهم، هو السبب الرئيسي في انقلاب الوضع على السيطرة الغربية، واندلاع الصراع من جديد، واختلاط الحرب على المصالح الغربية بالحرب على أسس استمرار النظم العربية نفسها. هكذا يواجه النظام شبه الاستعماري المفروض على المشرق منذ عقود طويلة مقاومة شاملة عسكرية وسياسية وفكرية، يتزايد فيها الربط بين مهاجمة المصالح الغربية ومصالح النظم المحلية التابعة لها في الوقت ذاته. ويشكل الصراع في سبيل السيطرة على الدولة/الدول التي أصبحت ترى وكأنها مجرد أداة لتمرير سياسات وطنية أو استعمارية، أكثر منها هوية وطنية أو إطارا سياسيا لتنظيم حياة جماعة مستقلة، موضوع الرهان الرئيسي في المنطقة إلى اليوم. وتشكل السيطرة على الدولة واستخدامها كأداة في الصراع الداخلي والخارجي، وليس العمل على تطويرها وتحسين أدائها وتقريبها من حاجات مجتمعاتها وهمومهم، السمة البارزة للحياة الإقليمية والدولية المتعلقة بهذه المنطقة. هكذا، بسبب التطابق المتزايد بين السياسات الغربية ومشروع الاستيطان والتوسع الإسرائيلي في المشرق العربي، لم يعد من الممكن تأمين الحد الأدنى من السيادة والاستقلال في القرار الوطني وبالتالي الشعبي من دون مقاومة السياسات الغربية الممالئة لإسرائيل، وكذلك من دون الصدام المباشر مع الهيمنة الغربية. وكما أصبح أفق تكوين الدولة وبناؤها مستحيلا مع استمرار العداء للغرب، وهو ما يصوره على أحسن وجه مأزق الدولة الفلسطينية الموعودة، أصبح تحول المقاومة إلى مشروع دولة جديدة وتبنيها رؤية إيجابية لبناء منظومة اجتماعية راسخة وقانونية، مستحيلا أيضا مع استمرار الصدام مع الدولة التي تمثل مركز الهيمنة الغربية وأداتها. هكذا تباعدت أجندة البناء عن أجندة الحفاظ على السيادة والاستقلال في العالم العربي، وانهارت بسبب ذلك إمكانية صوغ أجندة وطنية عربية واحدة. فالمعادلة المأخوذ بها في المشرق هي التالية: بقدر ما تقبل الخضوع والالتحاق تستحق دولة “مستقرة” وشبه قانونية، قادرة على الإدارة وتحقيق الحد الأدنى من التقدم والازدهار، ما يعني الحصول على بطاقة دخول إلى عضوية النادي الدولي والاستفادة من ضماناته وموارده المادية والسياسية والقانونية. وبالعكس، بقدر ما تعمل على بناء الدولة وترسيخ مبادئ الحق والقانون على قاعدة المواطنة داخل حدود هذه الدولة، تصطدم بنظام التبعية الإقليمي المفروض والمطلوب، وتخضع لعملية زعزعة استقرار تهدد بتفجير الدولة أو تحطيمها. فالخيار الوحيد المقدم هو بين مقاومة لا أفق لها ولا قرار وبين دولة لا أمل فيها ولا تسمن ولا تغني من جوع، أي بين خيار كرامة يساوي الانتحار ولا يقود إلى مكان، وبين خيار الخبز المغموس بالذل والامتهان. أصل هذا التناقض الانفجاري والانتحاري معا قائم في استمرار ارتهان عملية بناء الدولة في المنطقة العربية للإستراتيجيات الدولية الاستتباعية من جهة، واضطرار المقاومة إلى التماهي الدائم والإجباري مع الكفاح السلبي المعرض باستمرار لتهمة الإرهاب، أي باللاشرعية، وفي ما وراء ذلك، بخروجه هو نفسه على الشرعية الدولية والنزوع إلى تحديها. وهو الذي يفسر غياب آليات وآفاق التراكم الإيجابي في التجربة السياسية القومية الذي لا يتحقق إلا عبر التفاعل بين الحركة السياسية المفجرة لقيم السيادة والحرية والتضامن والتعاون وبين الدولة المجسدة لقيم الحق والقانون والنظام والشرعية المؤسسية، أو بين الحركة الاجتماعية والمؤسسة العقلانية القانونية. بينما لا يمكن للسيادة -الشعبية في الأصل- في إطار هذا النظام الإقليمي شبه الاستعماري أن تتحقق إلا ضد الدولة ومن خلال زعزتها وتخريبها، تماما كما أن الدولة لا تنجح في الاستقرار وفرض نفسها وقانونها أو منطقها على المجتمع إلا بقدر ما تتخلى عن سيادتها واستقلالها. وهي عندما تتمأسس لا تفعل ذلك في سبيل المجتمع الذي من المفترض أن تعكس إرادته وإنما لمواجهته وقهره، تماما كما أن المقاومة عندما تنمو وتتصاعد، لا تفعل ذلك على أرضية تعزيز أركان الدولة وتعميق بنيتها القانونية والمؤسسية، أي لحسابها، وإنما على حسابها، أي من خلال الإطاحة بما تحقق من بناء مؤسسي فيها، وتخريب ما تراكم من مفاهيم ومبادئ وقواعد إجرائية تنظيمية، لصالح حكم المليشيات المذهبية والطائفية والإثنية وعسفها. (*) كاتب سوري (المصدر: ركن المعرفة بموقع الجزيرة نت بتاريخ 18 جانفي 2007)
Home – Accueil – الرئيسية