الثلاثاء، 20 نوفمبر 2007

Home – Accueil

TUNISNEWS
8 ème année, N° 2738 du 20.11.2007
 archives : www.tunisnews.net
 

 


عريضة وطنية للمطالبة بإطلاق سراح مساجين حركة النهضة الحملة الدولية لحقوق الإنسان بتونس: الدكتور صادق شورو يوقف الإضراب عن الطعام حرّية و إنصاف:الدكتور صادق شورو يوقف الإضراب عن الطعام حرّية و إنصاف: التمديد في المراقبة الادارية  للسجين السابق محمد بن عبد الله دون الرجوع إلى المحكمة حرّية و إنصاف: بريء يتعرض لمضايقات حرّية و إنصاف: بطل من أبطال تحرير البوسنة يكرم بالسجن مدة 11 سنة حرّية و إنصاف:زياد التليلي موقوف دون محاكمة الطلبة المضربون:لائحة إضراب النقابة العامة للتعليم الثانوي:  بيــــــان الأساتذة المضربون : بيـــان النقابـة الوطنيـة للصحفييـن التونسييـن: بـــلاغ جمعية الصحفيين التونسيين: بـــــلاغ

الطلبة المضربون عن الدروس: لائحة إضراب لجنة مساندة عمال الصناعات المغاربية بالقيروان: عمال الصناعات الميكانيكية المغاربية بعد اسبوعين من بداية اضرابهم الحوار.نت:تونس.. طرق جديدة لاستهداف الحجاب

صلاح الدين الجورشي: الطبقة السياسية في تونس لا تزال تبحث عن “باب العرش” علي بن عرفة: رسالة مفتوحة الى الدكتورعبد المجيد النجار صـابر التونسي: بين مربعات الخارطة التونسية عبد الرحمان الحامدي : رأي في تصريح رئاسي وفيمن يدافع عن الجلادين (الجزء الثاني) منجي الفطناسي: أداء هزيل لعامر العريض في برنامج أكثر من رأي بدر السلام الطرابلسي: سهى عرفات لصحيفة “الحياة”: تفاجأت من سحب الرئيس التونسي جنسيتي سفيان الشّورابي: نقابتان للصّحافيّين في تونس: ما هذا الضّباب؟ عبدالسلام الككلي: أيام وطنية  للبحث العلمي أم لإدارة البحث العلمي؟     عبد اللطيف بن سالم: جائزة 7 نوفمبر للشاعر محمود درويش علي شرطاني: المشروع الثقافي للدولة العلمانية في العالم الإسلامي .. التداعيات والمخاطر صحيفة “مواطنون” :فَوْضَى صحيفة “مواطنون” :العشرون القبيحة… و منحة “التكالب” صحيفة “مواطنون” :الكلمات:أبحث عن صفة! صحيفة “مواطنون” :بكل براءة…جمعية  تسقط من السَّقف العشرين صحيفة “مواطنون” :خارج السرب :قسمة ونصيب صحيفة “مواطنون” :العشرون القبيحة… و منحة “التكالب” توفيق المديني: نظرة العرب للتهديد النووي الإيراني


(Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe Windows (

(To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows)

 


أسماء السادة مساجين حركة النهضة الذين لا تزال معاناتهم متواصلة منذ ما يقارب العقدين

نسأل الله لهم ولجميع مساجين الرأي في تونس فرجا عاجلا قريبا

1- الصادق شورو

2- ابراهيم الدريدي

3- رضا البوكادي

4- نورالدين العرباوي

5- عبدالكريم بعلوش

6- منذر البجاوي

7- الياس بن رمضان

8- عبدالنبئ بن رابح

9- الهادي الغالي

10- حسين الغضبان

11- كمال الغضبان

12- منير الحناشي

13- بشير اللواتي

14- محمد نجيب اللواتي

15- الشاذلي النقاش

16- وحيد السرايري

17- بوراوي مخلوف

18- وصفي الزغلامي

19- عبدالباسط الصليعي

20- لطفي الداسي

21- رضا عيسى

22- الصادق العكاري

23- هشام بنور

24 – منير غيث

25 –   بشير رمضان


 

 

الحملة الدولية لحقوق الإنسان بتونس International Campaign for Human Rights in Tunisia

icfhrt@yahoo.com

Tel: (0044) 2083813270 -7903274826

عريضة وطنية للمطالبة بإطلاق سراح مساجين حركة النهضة

 

 

مرت أكثر من 17 سنة على إيقاف مجموعة من قادة حركة النهضة، نذكر منهم السادة: صادق شورو الرئيس الأسبق للحركة، وابراهيم الدريدي ورضا البوكادي، ونورالدين العرباوي، وعبدالكريم بعلوش، ومنذر البجاوي، وإلياس بن رمضان، وعبدالنبي بن رابح، والهادي الغالي، وحسين الغضبان، وكمال الغضبان، ومنير الحناشي، وبشير اللواتي، ومحمد نجيب اللواتي، والشاذلي النقاش، ووحيد السرايري، وبوراوي مخلوف، ووصفي الزغلامي، وعبدالباسط الصليعي، ولطفي الداسي، ورضا عيسى،والصادق العكاري، وهشام بنور، ومنير غيث، وبشير رمضان.

 

وإن الممضين على هذه العريضة، اذ يطالبون السلطة بوضع حد لهذه المأساة الإنسانية، بإطلاق سراح مساجين حركة النهضة وفي مقدمتهم الرئيس الأسبق للحركة الدكتور صادق شورو، فإنهم يجددون الدعوة لإخلاء السجون من كل المساجين السياسيين، وإعلان العفو التشريعي العام.

 

 

المنظمات و الهيئات:

 

1- اللجنة العربية لحقوق الإنسان

2- المجلس الوطني للحريات بتونس

3- منظمة حرية وانصاف

4- لجنة احترام الحريات وحقوق الانسان

4- مركز دمشق للدراسات النظرية والحقوق المدنية

5- المنظمة الوطنية لحقوق الانسان في سورية

6- الجمعية السورية لحقوق الانسان

7- شباب الحزب الديمقراطي بسوسة

8- هيئة منتدى شباب تونس للحوار والاصلاح

9- الجمعية البحرينية لحقوق الانسان

10- جمعية الحقيقة والعمل

11- الحملة الدولية لحقوق الانسان بتونس

12- جمعية الزيتونة بسويسرا

13- اسرة تحرير الحوار نت

14- فريق تونس اون لاين

15- صحيفة الوسط التونسية

16- أسرة تحرير تونس نيوز

17- جمعية التواصل – هولندا

18- المكتب الحقوقي والاعلامي لجمعية الزيتونة بسويسرا

 

الإمضاءات الجديدة:

307- عبدالكريم الهاروني – الأمين العام الأسبق للإتحاد العام التونسي للطلبة

308- خميس الشماري – ناشط حقوقي

309- محمد الهادي حميدة – عضو المكتب السياسي للحزب الديمقراطي التقدمي

310- حسان بن يونس- عضو جامعة سوسة للحزب الديمقراطي التقدمي

311- رمزي بوقرة – عضو جامعة سوسة للحزب الديمقراطي التقدمي

314- مراد التواتي – ألمانيا

315- كريم المسعودي – لاجئ سياسي – ألمانيا

316- محمد صالح محفوظ – ألمانيا

317- محمد علي البدوي – عضو حزب المؤتمر من أجل الجمهورية

318- عبدالوهاب الرياحي – فرنسا

319- مهدي مبروك – جامعي – تونس

320- عبدالعزيز نوار – سجين سياسي سابق – سويسرا

321- خديجة نوار خراز – سجينة سياسية سابقة – سويسرا

322- عبدالرحمان نوار – جمعية الشباب المسلم –سويسرا

323- أروى نوار – جمعية الشباب المسلم – سويسرا

324- مالك الشارني – سويسرا

325- طاهر الحسني – فرنسا

326- هشام بوعطور – عضو المكتب السياسي للحزب الديمقراطي التقدمي

327- منية القارسي – عضوة اللجنة المركزية للحزب الديمقراطي التقدمي

328- مبروك السيد – نابل

329- رزقي حبيب – فرنسا

330- محي الدين الفرجاني – سجين سياسي سابق

331- طارق نوري – محام – تونس

332- محمد النوري – فرنسا

333- رياض بالطيب – رئيس جمعية التضامن  التونسي – فرنسا

334- علي بن رجب – الدانمارك

335- د. خالد الطراولي – رئيس اللقاء الاصلاحي الديمقراطي

336- بشير بوشيبة – سويسرا

 

للإمضاء على هذه العريضة يرجى ارسال الإسم والصفة على العنوان التالي :

 

icfhrt@yahoo.com

 


 

 

 

 

 

الحملة الدولية لحقوق الإنسان بتونس International Campaign for Human Rights in Tunisia

icfhrt@yahoo.com

Tel: (0044) 2083813270 -7903274826

الدكتور صادق شورو يوقف الإضراب عن الطعام

 

علمت الحملة الدولية لحقوق الانسان بتونس، ان الدكتور صادق شورو الرئيس السابق لحركة النهضة قد أوقف اضرابه عن الطعام الذي بدأه منذ يوم 12 نوفمبر، وذلك استجابة لطلب السلطات، التي تعهدت بتحقيق مطالبه، برفع المضايقات التي يتعرض لها في سجن العزلة، وتمكين زوجته وأبنائه من جوازات سفرهم، وتنفيذ حكم المحكمة الإدارية القاضي بعودة شقيقه عباس شورو الى التدريس في الجامعة

عن الحملة الدولية لحقوق الإنسان بتونس

علي بن عرفة

لندن  في 20 نوفمبر 2007

 


 

 

حرّية و إنصاف

33 نهج المختار عطية تونس 1001

الهاتف/الفاكس : 71.340.860

Email :liberté_équité@yahoo.fr

***

تونس في 20 نوفمبر 2007

 

التمديد في المراقبة الادارية

 للسجين السابق محمد بن عبد الله

دون الرجوع إلى المحكمة

 

أعلمنا السيد محمد بن محمد بن حسن بن عبد الله السجين السياسي السابق الذي قضى بالسجن أحد عشر سنة و أفرج عنه عام 2002 لكنه وجد نفسه محاصرا مدة خمس  سنوات بدعوى انصياعه للمراقبة الإدارية التي انتهت في 4 سبتمبر 2007 إلا أن مركز الحرس بسيدي الجديدي أصر على الاستمرار في محاصرته ، فبادر بمكاتبة وزير الداخلية و وزير العدل  يوم 2/10/2007  إلا أنه لم يتلق أي رد و قد أكد له رئيس مركز الحرس بسيدي الجديدي أن المراقبة مازالت مستمرة وهو ممنوع من مغادرة مقر إقامته رغم حاجته الماسة للسفر للعلاج.

و حرية و انصاف :

1) تدين هذه المحاصرة الأمنية للسجين محمد بن محمد بن حسن بن عبد الله بعد قضائه مدة العقاب و فترة المراقبة الادارية.
2) تؤكد على أن هذه الممارسات المخالفة للقانون عقاب إضافي مسلط على قدماء المساجين السياسيين لحرمانهم من حقهم في الحرية و منعهم من ممارسة حياتهم الطبيعية و حقهم في  السفر و العلاج و الدراسة والعمل .
3) تعتبر أن تعميم هذا الاجراء المخالف للقانون على السجناء السياسيين و في العديد من المدن عمل من أعمال التعذيب الممنهج و تطالب بمحاكمة المشرفين عليه .
 

عن المكتب التنفيذي للمنظمة

الأستاذ محمد النوري


 
 

حرّية و إنصاف
33 نهج المختار عطية تونس 1001
الهاتف/الفاكس : 71.340.860

Email :liberté_équité@yahoo.fr
***

تونس في 20 نوفمبر 2007

 

بريء يتعرض لمضايقات

 

أعلمنا السيد حمودة بن ابراهيم العرعاري صاحب بطاقة تعريف وطنية  عدد 06201274 والقاطن بحي عمر بن سليمان من ولاية قفصة ليعلمنا بأنه يتعرض لمضايقات شديدة من طرف رئيس فرقة المصلحة المختصة  تتمثل في الايقافات المتكررة و المداهمات الليلية المستمرة لمقر إقامته و منعه  من التنقل حتى داخل المعتمدية و الولاية و في الضغط على مشغله بغرض طرده من العمل.و قد  قدم السيد حمودة العرعاري شكاية لوكيل الجمهورية بقفصة طالبا وضع حد لهذه المضايقات .

و حرية و انصاف:

1) تدين هذه الاعتداءات المسلطة على عدد من المواطنين و المتمثلة في حرمانهم من حرية التنقل و من حقهم في الشغل كما تدين المداهمات المتكررة لمقرات سكناهم و تجدر الاشارة إلى أن السيد حمودة بن ابراهيم العرعاري لم تسبق محاكمته و لم تثبت في حقة أية تهمة.  

2) و تطالب السلطة الضغط على رئيس فرقة المصلحة المختصة بقفصة و إلزامه بالقوانين و الكف عن تجاوز سلطاته .

عن المكتب التنفيذي للمنظمة

الأستاذ محمد النوري


 

حرّية و إنصاف
33 نهج المختار عطية تونس 1001
الهاتف/الفاكس : 71.340.860

Email :liberté_équité@yahoo.fr
***

تونس في 20 نوفمبر 2007

 

بطل من أبطال تحرير البوسنة
يكرم بالسجن مدة 11 سنة

 

اتصل بنا السيد بشير بوحوش و هو شيخ مسن فاق عمره 74 سنة ، والد السجين السياسي السيد معز بوحوش و أفادنا أن ابنه الذي كان يعمل فني دهن السيارات بإيطاليا تم ايقافه بالمطار سنة 1997 إثر رجوعه من إيطاليا و أحيل على المحكمة في القضية عدد 26804 من أجل القتال ضد الصرب في البوسنة و الهرسك ، وحوكم بالسجن مدة 14 سنة  قضى منها إلى حد الآن قرابة إحدى عشر سنة و أكد لنا أن حالة ابنه الصحية متدهورة جدا ، فعوض أن يكرم لأنه انبرى للدفاع عن أرض مغصوبة أكدت المنظومة الدولية شرعية تحريرها من المغتصب يهان بمحاكمة ظالمة تسلبه حريته.

وحرية وانصاف :

1)    تدين محاكمة السجين السياسي معز بوحوش من أجل تطوعه لنصرة شعب مظلوم .

2)    وتطالب باطلاق سراحه فورا و ايقاف هذه المظلمة التي دامت 11 سنة.

عن المكتب التنفيذي للمنظمة

الأستاذ محمد النوري


  

حرّية و إنصاف
33 نهج المختار عطية تونس 1001
الهاتف/الفاكس : 71.340.860

Email :liberté_équité@yahoo.fr
***

تونس في 20 نوفمبر 2007

زياد التليلي موقوف دون محاكمة

 

اتصلت بنا عائلة سجين الرأي الملازم الأول زياد التليلي أصيل مدينة قفصة والموقوف بسجن المرناقية منذ سنة 2006 على ذمة قاضي التحقيق بالمكتب العاشر بالمحكمة الإبتدائية بتونس لتؤكد أن ابنها المذكور أعلاه بريء من أي تهمة و تطالب السلطة بالاسراع بإطلاق سراحه .

و حرية وانصاف
1) تستنكر احتجاز المواطنين مدة طويلة دون تقديمهم للمحاكمة أو إطلاق سراحهم.
2)  تندد بما يتعرض له السجين زياد التليلي من مضايقات داخل السجن.
3)  تطالب باطلاق سراحه فورا.

عن المكتب التنفيذي للمنظمة

الأستاذ محمد النوري

 

 


 

النقابة العامة للتعليم الثانوي
 
تونس في 20 نوفمبر 2007 بيــــان
 
أقدمت وزارة التربية والتكوين على إجراءات تعسفية طالت جملة من المدرّسين المعاونين الذين تمسكوا بممارسة حقهم في الإضراب الذي خاضه القطاع خلال السنة الدراسية المنقضية 2006-2007 شأنهم في ذلك شأن بقية زملائهم دفاعا عن مطالبهم المشروعة، فنقلت عددا كبيرا منهم نقلا تعسفية وأطردت ثلاثة منهم رغم أن التقارير البيداغوجية تشهد بكفاءتهم، على الدخول في إضراب جوع دفاعا عن حقهم في الشغل والكرامة. ورغم كل الجهود النقابية المبذولة فإن وزارة التربية والتكوين مازالت تتمسّك برفض كل المقترحات الداعية إلى التراجع عن هذه الإجراءات التعسفية هادفة إلى ضرب الحق النقابي وبث مشاعر الخوف في صفوف المدرّسين لعرقلة العمل النقابي في قطاعنا. وفي هذا الإطار يدخل زملاء لنا تعرّضوا للطرد التعسفي في إضراب جوع دفاعا عن حقهم في الشغل والكرامة وهم : محمد مومني وعلي الجلولي (اختصاص فلسفة) ومعز الزغلامي (اختصاص انقليزية). إن النقابة العامة للتعليم الثانوي تعبّر عن تبنّيها لهذا التحرك النضالي الذي يخوضه هؤلاء الزملاء وتعتبره خطوة في سياق التحركات النضالية التي ما انفكّ القطاع يخوضها من أجل إلغاء الإجراءات التعسفية.  والنقابة العامة إذ تدعو كافة الأساتذة وهياكلهم النقابية إلى إسناد هذا التحرك والدفاع عن مطالب القطاع بكل الوسائل النضالية المشروعة، فإنها تحمّل وزارة الإشراف تبعات كل ما ينجرّ عن عدم استجابتها للمطلب المشروع الذي يرفعه زملاؤنا المضربون عن الطعام. عاشت نضالات الأساتذة عاش الاتحاد العام التونسي للشغل ديمقراطيا مستقلا مناضلا   عن النقابة العامة للتعليم الثانوي الكاتب العام الشاذلي قاري

 


 
 
النقابة العامة للتعليم الثانوي
تونس في 20 نوفمبر 2007  بـــــــــلاغ  
 
تعقد النقابة العامة للتعليم الثانوي ندوة صحفية يوم الأربعاء 21 نوفمبر 2007 بمقر الاتحاد العام التونسي للشغل بتونس بقاعة أحمد التليلي على الساعة الحادية عشرة صباحا. عن النقابة العامة للتعليم الثانوي الكاتب العام الشاذلي قاري

تونس في 20 /  11  / 2007

بيـــــــــــــــــان

        نحن الأساتذة المطرودون عمدا، نتوجّه إلى الرأي العام بالبيان التالي :

        انتدبنا للعمل كأساتذة معاونين صنف “أ” (MACA) في السنة الدراسية الماضية بعد نضالات عديدة خضناها إثر إسقاطنا عمدا من قائمة الناجحين نهائيا في مناظرة الكاباس وذلك على خلفية نشاطنا السابق صلب الاتحاد العام لطلبة تونس.

        ورغم تميّز أدائنا البيداغوجي وأعدادنا المهنية، فإن وزارة التربية والتكوين فاجأتنا يوم 11/09/2007 الماضي بقرار عدم تجديد انتدابنا، والحال أن قرار الطرد تمّ بسبب مشاركتنا في إضراب 11/04/2007 الذي دعت إليه النقابة العامة للتعليم الثانوي!!!

        ورغم تدخلات المكتب التنفيذي للاتحاد العام التونسي للشغل والنقابة العامة للتعليم الثانوي، فإن وزارة الإشراف لازالت تواصل سياسة المماطلة والتسويف مما أكد لدينا قناعة أنها مصرة على عدم رفع هذه المظلمة، وعليه قررنا الدخول في إضراب عن الطعام يوم الخميس 15/11/2007 المنقضي، وباتفاق مع نقابتنا العامة وقع تعليق الإضراب لإتاحة الفرصة لفض الإشكال عبر التفاوض الذي فشل في إنصافنا، وهو ما توقفت عنده الهيئة الإدارية القطاعية المنعقدة يوم الإثنين 19/11/2007 والتي تبنت قضيتنا وساندتنا في خوض كل الأشكال النضالية لرفع هذه المظلمة.

        وأمام انسداد أفق الحل مع وزارة الإشراف، فإننا نعلن الدخول في إضراب عن الطعام بداية من اليوم الثلاثاء 20/11/2007 بمقر نقابتنا العامة وتحت إشرافها وبدعم من الاتحاد العام التونسي للشغل.

        إننا إذ نعلن قرارنا هذا، فنحن معتزون بتجند قطاعنا للدفاع عن الحق النقابي وعودتنا الفورية إلى مواقع عملنا، ونحن نهيب بكل التشكيلات النقابية وعموم فعاليات المجتمع المدني كي تسند نضالنا المشروع.

عاش الاتحاد العام التونسي للشغل مستقلا مناضلا ديمقراطيا

عاشت نضالات الأساتذة

الأساتذة المضربون :

       محمد مومني 98990003

       علي الجلولي 21460918

معز ا يمكن الاطلاع على المظلمة المسلطة على الأساتذة المطرودين عمدا من خلال الرابط:

http://moumni.maktoobblog.com

 

للمساندة و الاتصال

profexclu@yahoo.fr

       لزغلامي 95373577

 

النقابـة الوطنيـة للصحفييـن التونسييـن

 

تونس في 20 نوفمبر 2007

 

 

بـــــلاغ

 

انسجاما مع قرار الهيئة المديرة لجمعية الصحفيين التونسيين القاضي بتأجيل المؤتمر الاستثنائي لحـلّ الجمعية إلى يومي 12و13جانفي2008، لفتح باب الانخراط من جديد في الجمعية قصد تمكين الزملاء الراغبين في الالتحاق بمسار تأسيس النقابة من ذلك،

واعتبارا لتلازم مساري تأسيس النقابة مع حـلّ الجمعيـة،

وبعد القيام بالاستشارات القانونية الـلازمة،

قررت الهيئة التأسيسية للنقابة الوطنية للصحفيين التونسيين خلال اجتماعها الدوري اليوم الثلاثاء 20نوفمبر2007، إلغـاء البلاغ السابق الصادر عنها بتاريخ 13نوفمبر2007، وتعويضه بما يلي:

1-                 تأجيل عقد مؤتمر النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين إلى موعد 12و13 جانفي 2008.

2-                 التمديد في آجال الترشح للمكتب التنفيذي الجديد للنقابة إلى غاية يوم 21 ديسمبر 2007 بدخول الغاية.

3-                 يشترط في الزميلات والزملاء الراغبين في الترشح أن يكونوا منخرطين في جمعية الصحفيين التونسيين سنة 2007، ولهم أقدمية مثبتة في المهنة مدتها عشر سنوات على الأقل، وذلك بناء على ما جاء في الحكم الانتقالي المضمن بالفصل 45 من القانون الأساسي للنقابة المودع بولاية تونس.

 

عن الهيئة التأسيسية

الرئيـس

الهاشمي نويرة


 

جمعية الصحفيين التونسيين تونس في 20 نوفمبر 2007 بـــــــلاغ   
بناء على  قرار تأجيل المؤتمر الاستثنائي لحـلّ الجمعية إلى يومي 12و13جانفي2008، تعلن الهيئة المديرة لجمعية الصحفيين التونسيين عن فتح باب الانخراط بشكل استثنائي في الجمعية لسنة 2007، وذلك قصد تمكين الزميلات والزملاء الراغبين في ذلك من الالتحاق بمسار تأسيس النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين. ويغلق باب الانخراط نهائيا يوم 12 ديسمبر 2007 بدخول الغاية.   عن الهيئة المديرة الرئيـس فوزي بوزيّـان  

 
لائحة إضراب
منوية في 20/11/2007 نحن الطلبة المضربون عن الدروس يوم 20/11/2007 وعلى اثر الدعوة التي وجهها الاتحاد العام لطلبة تونس بالمعهد الأعلى للتوثيق والمكتب التنفيذي يهمنا أن نعلن الأتي 1- مساندتنا المطلقة و اللامشروطة لمطالبنا الشرعية و القائمة أساسا على حقنا في التشغيل لنضمن من خلاله حياة كريمة . 2- وقوفنا إلى جانب مناضلي الاتحاد العام لطلبة تونس في الدفاع عن حقهم في العمل النقابي دون تدخل أو تعسف أو قهر . 3- نضم أصواتنا إلى أصوات المناضلين و ندعو إلى فتح تحقيق جدي لمحاسبة كل من كانت له علاقة بأحداث يوم السبت 18/11/2007 . 4- ندعو مناضلي الاتحاد العام لطلبة تونس إلى المضي قدما في الدفاع عن مصالحنا المادية و المعنوية و البيداغوجية. 5- مساندتنا لأساتذتنا الكرام في إضرابهم. عاش الاتحاد العم لطلبة تونس عاشت نضالات الطلاب الطلبة المضربون

 

 


 

 

لجنة مساندة عمال الصناعات المغاربية بالقيروان

عمال الصناعات الميكانيكية المغاربية بعد اسبوعين من بداية اضرابهم

 

 
يفترشون الورق المقوى ولا يفارقون المصنع ليلا نهارا ، يرتجفون من شدة البرد ، يبيتون كل ليلة في بهو المصنع بعيدين عن عائلاتهم وذويهم ، مواصلين إضرابهم الذي تحول إلى اعتصام بعد أن حاول صاحب المصنع إخراج الشاحنات ليلا قبل أن يضبطه العمال ، صوتا واحدا قالوا ” لا خروج للشاحنات  وبيعها قبل إيفائنا كل مستحقاتنا ” ، ذلك ما يرددونه منذ بداية إضرابهم الذي بدأ يوم 05 نوفمبر 2007 والذي سيتواصل شهرا كاملا ، وذلك ما أكدوه خلال التجمع التضامني الذي نظمه الاتحاد الجهوي مساندة لهم يوم الجمعة الماضي والذي حضره عدد هام من النقابيين والحقوقيين . لا يملك العمال هنا مالا ولا حتى قوت أبنائهم اليومي، لكنهم يمتلكون العزيمة والاستماتة في الدفاع عن مطالبهم المشروعة والصبر وإيمانهم أنهم أصحاب حق…والمساندة المعنوية التي يتلقونها. في المقابل يرفض صاحب المصنع الحوار، لا يعترف بالعمال ولا بالنقابة ولا بالقوانين الشغلية  ولا حتى  بالسلطة ، العامل بالنسبة إليه ليس قوة إنتاج بل أداة إنتاج لا يمتلك حقوقا ولا يمكنه المطالبة بها . رفت العديد من العمال لمدد متفاوتة بسبب مطالبتهم بقرض  أو تسبقة للعيد أو العودة المدرسية .. أو بسبب مطالبة ببعض التجهيزات الضرورية في الشغل… العرف هنا لا يقبل النقاش ولا التشكي … ناهيك عن المطالبة؟ القوانين ؟ لا يعترف بها .. والى حد ألان لم يرغمه احد على القبول بان  العلاقات الشغلية تنظمها قوانين لا يمكن له تطويعها أو تجاهلها.   في انتظار اقتناعه- أو إقناعه –  بذلك سيبقى العمال في صمودهم البطولي  رغم وضعهم الصعب وسيبقى الاتحاد الجهوي للشغل بالقيروان سندا لهؤلاء العمال  يؤطر الإضراب ويدعمه ويبدي استعداده للتفاوض الجدي… وسنبقى ننتظر مدى جدية السلطة في إخضاع مثل هؤلاء الأعراف المتعجرفين  للقانون والقبول بالتفاوض وإعطاء العمال مستحقاتهم ، حفاظا على حقوقهم  كمواطنين وعلى  سلامة  المناخ الاجتماعي داخل المؤسسات وحماية للاقتصاد الوطني. عن لجنة مساندة عمال الصناعات المغاربية بالقيروان مسعود الرمضاني


 

تونس.. طرق جديدة لاستهداف الحجاب

 

تونس – الحوارنت: كعادة السلطات التونسية في محاربة الظواهر التي لا تروق  لها ولا تتماشى مع  رؤيتها “التحديثية”عمدت الى نوع آخر من التضييق على الحجاب منوعة بذلك مصادر محاربتها للباس المحتشم حيث باتت حالات استفزاز المحلات المختصة في هذا المجال واضحة ومضاعفة وفي أغلب جهات البلاد وأصبحت حزمة من القوانين التي  أخرجت فجأة من أدراجها ووظفت بشكل سيئ  تشكل عبئا إضافيا يحرم هؤلاء الباعة من الاسترزاق مما يهددهم ، بالإغلاق والإفلاس  فإلى جانب الزيارات المفتعلة للرقابة الإدارية والاداءات عمد رجال الجمارك إلى التضييق على  تجار الحقيبة  “الشنطة” وأصحاب هذه المحلاّت  القادمين  خاصة من تركيا ومن سوريا ومصادرة البضاعة المستهدفة وفي أحسن الأحوال إرهاقهم بالضريبة لإثنائهم عن هذا النوع من التجارة.

 

 وهذه ليست حالات معزولة انما ظاهرة استفحلت في الأيام الأخيرة وآخر هذه الظواهر وليست الأخيرة ما قام به رجال الجمارك من اعتراض سيارة عبرت النقطة الحدودية “برأس جدير” وتغريم صاحبها بمبلغ ثلاثة آلاف دينار تونسي والغريب ان البضاعة التي يحملها هذا التاجر والمتمثلة في حجب ، وجلابيب ، وأغطية رأس …لا يتعدى إجمال ثمنها التسعمائة دينار تونسي مما يعني لهذا المسكين الإفلاس الفوري والتداين لتسديد ما سلط عليه هذا ان نجا من السجن بسبب عجزه عن دفع الغرامة المذكورة.

 

 وليس هذا ببعيد عن الذي أفرغوا حقيبته من الملابس الغير مرغوب فيها وتركوا له بعض الملابس الداخلية وشيئا من المساحيق  “مكياج” والعطر ومن أغرب ما قال له عون الامن: “هكذا أنت قافز”. هذا غيض من فيض من الذي يجري دون مراعاة  لمصالح الناس ودون حياء  من هذا التسلط ودون خجل من أن تقطع أرزاقهم .

 

أمام هذا التضييق الذي أرهب المتجولين من الباعة ..توقف أكثرهم عن هذا الجهد المضنى والدخل المقل وعادوا أدراجهم الى المقاهي وكراسييّها المبثوثة على أرصفة الشوارع . ولا شك أن هذا المظهر ينعش كثيرا من صناع القرار  ..فأنى لأكداس اللحم هذه أن تنتبه لما يحصل في أرجاء البلاد أو يستدرجها الأمل إلى الحرية والإنعتاق والتنمية.

 

(المصدر: موقع الحوار.نت (ألمانيا) بتاريخ 19 نوفمبر 2007)

 


 

الطبقة السياسية في تونس لا تزال تبحث عن “باب العرش”

 
مرّت الذكرى العشرون لتولِّـي الرئيس بن علي السلطة في تونس دون حدوث مفاجآت كبرى. فالخطاب الذي ألقاه بهذه المناسبة، لم يتضمن قرارات سياسية استثنائية، مثل تلك التي راجت خلال الأشهر والأسابيع الأخيرة. صاحب القرار في البلاد، حافظ على نفس الأسلوب الذي انتهجه منذ عام 1994، أي الإعلان عن إجراءات إصلاحية جُـزئية لم تتجاوز المنهَـج الذي اعتمده النظام منذ أن همَّـش معظم خصومه، وهو المنهج الذي وصفه الدكتور مصطفى بن جعفر في تعقيبه على الخطاب الرئاسي بأسلوب “قطرة قطرة”. اختار النظام الأطراف التي تستحـق من وجهة نظره الدعم، وهي تحديدا الأحزاب الممثلة في البرلمان، التي ستتمتع مستقبلا بمزيد من المِــنح المالية لتغطية نشاطاتها والاستمرار في إصدار صحفها. فهذه الأحزاب قبِـلت منذ البداية قواعد اللعبة التي وضعتها السلطة واختار معظمها منهج التعاون مع الرئيس بن علي، انطلاقها من أنه صاحب مشروع إصلاحي، والتمييز بينه وبين الحزب الحاكم، الذي توجّـه له انتقادات تبلغ أحيانا اتِّـهامه بأنه يحتوي على “قوى ردّة تدفع نحو الخلف”، كما جاء في تصريح أخير لأحمد الإينوبلي، رئيس الاتحاد الديمقراطي الوحدوي. وإذ تنطلق هذه الأحزاب من المكاسب التي تحققت، فهي تطالب من حين لآخر بتدارك ما تعتبره نقائص، ولكن بأسلوب تتجنب فيه لغة التنديد والاحتجاج التي من شأنها أن تؤثر على مناخ التفاهم القائم بينها وبين الحكم، وهي لا تكتفي بذلك، بل لوحظ بأن بعضها لا يتردّد في انتقاد الأحزاب والجمعيات التي تنتهج أسلوبا مغايرا في المعارضة، إلى درجة التشكيك في وطنيتها واتهامها بالاستئساد بالخارج أو خدمة أهداف من تصفهم بالمتطرفين. لكن مع ذلك، فهذه الأحزاب التي توصف بالبرلمانية، لا تشكل كتلة متجانسة، فالائتلاف الذي قام بين أربعة منها، وهي خطوة شجعتها السلطة، لم يصمد كثيرا نظرا لوجود تفاوت ملحوظ بينها في الحجم والتجربة، إلى جانب بعض الاختلافات حول مسائل أخرى. نشاط منفرد أما حركة الديمقراطيين الاشتراكيين (أقدم الأحزاب المعارضة المعترف بها)، فقد فضلت ولا تزال النشاط المنفرد، بعد أن نجحت في السيطرة على خلافاتها الداخلية، كما تجنبت في الغالب كل ما من شأنه أن يجرّها إلى حالة تماس مع بقية الأطراف، بما في ذلك الأحزاب الاحتجاجية. ورغم العلاقة القوية التي تربط أمينها العام بالرئيس بن علي، إلا أن الحركة دعت السلطة في أكثر من مناسبة إلى الانفتاح على جميع الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني، ونادت بطي صفحة الماضي وإصدار عفو تشريعي عام والقيام بمصالحة وطنية. بل إن السيد إسماعيل بولحية أكَّـد لسويس انفو في تصريح خاص، بأنه من حق جميع الأحزاب القانونية التمتع بالتمويل العمومي، وأضاف “التمييز بين الأحزاب في هذا المجال، من شأنه أن يدفع البعض إلى التشكيك في مصداقية الأحزاب البرلمانية، التي يقول عنها البعض بأنها أحزاب ديكور”. وهو إذ يعتبر بأن خطاب الرئيس بن علي الأخير، يتضمن “تواصلا مع نفس بيان السابع من نوفمبر من حيث الطموح والوعود والتبشير بمرحلة جديدة وخلق نسق مفتوح، بعد ما تحقق من مكاسب”، فقد دعا إلى “قراءة ما بين السطور في هذا الخطاب، وتحليل ما ورد فيه من إشارات ورموز”، إلا أنه ألحَّ على أهمية الإرادة السياسية الرئاسية ودورها في “إخراج الكثيرين من الشعور بالإحباط واليأس، وبالخصوص أوساط الشباب”. تجاهل رئاسي أما حركة التجديد (الحزب الشيوعي سابقا)، فقد انتهجت منذ فترة، وبالأخص بعد مؤتمرها الأخير، خطا سياسيا مغايرا لبقية الأحزاب البرلمانية، إذ بالرغم من اعتراضها على مختلف صِـيغ التعاون والتنسيق مع حركة النهضة (المحظورة) التي تعتبرها “طرفا غير ديمقراطي”، إلا أنها أكدت استعدادها للتعاون مع معظم العائلات السياسية، بما في ذلك بعض أطراف مبادرة 18 أكتوبر، كما سبق لحركة التجديد أن تضامنت مع الحزب الديمقراطي التقدّمي (معترف به لكنه غير ممثل في البرلمان) في معركته الأخيرة للاحتفاظ بمقره المركزي. ولعل سعي حركة التجديد المتواصل من أجل تأسيس قُـطب يساري، هو الذي جعلها تُـبدي استعدادا متزايدا للانخراط في الحراك الديمقراطي الاحتجاجي، وهو توجه من شأنه أن يثير قلق السلطة، وإذا ما استمرت الحركة على هذا النهج خلال المرحلة القادمة، فقد تُـعاقب وتجد نفسها خارج البرلمان خلال الانتخابات التشريعية القادمة (2009)، بعد أن تمّ تحجيم وجودها في الانتخابات السابقة (2004) من خمسة مقاعد إلى مقعدين. بالنسبة للأحزاب التي تنشط خارج البرلمان، فقد تجاهلها الخطاب الرئاسي، ولكنه لم يُـهاجمها كما حصل في مناسبات ليست بالبعيدة، ولم تقع الإشارة إلى احتمال الاعتراف بحزب جديد مثلما شاع في الأسابيع الأخيرة، دون أن يعني ذلك أن مثل هذا الأمر لن يكون واردا خلال الأشهر القليلة القادمة، كما أنها ستبقى محرومة من الدعم المالي العمومي، رغم الصعوبات التي تواجهها لتغطية نفقاتها الأساسية، معتمدة في ذلك على تبرّعات أعضائها، وبذلك، ستستمر معاقبتها على تمسُّـكها بخطاب نقدي ينحو إلى الطعن في شرعية النظام ويرفع شعار “لا رئاسة مدى الحياة”، الذي يُـقصد به رفض ترشح الرئيس بن علي للمرة الرابعة في الانتخابات الرئاسية القادمة، التي ستجرى في خريف 2009. ومن المتوقع أن تواصل هذه الأحزاب في ممارسة الضغط على الحكم، عساها أن تفرض بعض مطالبها وتحسن من ظروف نشاطها، لكنها في المقابل تعيش بدورها حالة من التجاذب في داخلها وفيما بينها. الانتخابات.. مصدر خلاف فالحزب الديمقراطي التقدمي، الذي كسب معركة المقر، لا يزال تبايُـن الآراء داخل صفوفه مستمرا حول كيفية التعاطي مع المرحلة القادمة، وإذا كان الرأي السائد حاليا داخل الحزب بأن السلطة قد أغلقت الباب في وجوه كل من راهنوا على إمكانية حصول انفراج سياسي محتمل، ولو بصفة جزئية، فإن عضو المكتب السياسي السيد فتحي التوزري لا يزال يعتقد بأن النظام كان بإمكانه أن يُـجازف بالمُـضي أكثر في الإصلاح السياسي، وهو إذ انتقد إحجام السلطة على الانفتاح، مؤكِّـدا على أن المشاركة السياسية يجب أن لا تقترن بالولاء المطلق، إلا أنه اعتبر بأن الباب “لم يُـغلق نهائيا”. وبسؤاله عن تداعيات ذلك على الخطاب السياسي الذي سبق وأن دافع عنه في أكثر من نص مشترك مع رفيقه في القيادة السيد محمد القوماني، أكَّـد التوزري لسويس أنفو أن “المنطلقات التي دافعنا عنها لا تزال تشكل نقطة ارتكاز للانطلاق من أجل التعامل مع المرحلة السياسية القادمة”، وهو يتطلع في هذا السياق إلى ما قد تُـسفر عنه المرحلة التي ستسبق انتخابات 2009. هذه الانتخابات القادمة لا تزال تشكِّـل مصدر خلاف بين مكوِّنات 18 أكتوبر (الذي يضم شخصيات سياسية يسارية وعروبية وليبرالية وإسلامية)، إذ بالرغم من الاتفاق الذي تمّ التوصل إليه حول بعض المسائل العامة، مثل رفض “الرئاسة مدى الحياة”، إلا أن هناك من يُـلح على ضرورة الفصل بين الانتخابات الرئاسية والانتخابات التشريعية. ومن هؤلاء النقابي الدكتور خليل الزاوية، عضو المكتب السياسي لحزب التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات، الذي يتوقع أن تشهد المرحلة القادمة تراجع الملفات السياسية مقابل صعود الملف الاجتماعي، الذي سيطغى على الساحة المحلية، وذلك بسبب تدهور المقدرة الشرائية وارتفاع أسعار المواد الغذائية وتداعيات أسعار النفط المرشحة لأرقام خيالية، مع بقاء الملف الحقوقي يُـراوح مكانه في انتظار توفُّـر الإرادة السياسية لحسمه، وهو يعتقد بأن السلطة تجد نفسها حاليا في وضع مريح على الصعيدين، الداخلي والخارجي. فالمؤسسات الدولية المانحة، إلى جانب الحكومات الغربية، وفي مقدمتها أمريكا وفرنسا، مستمرة في دعمها للنظام التونسي ولسياساته الاقتصادية والاجتماعية بالخصوص. أما بالنسبة للمعارضة، فهو يدعوها إلى ضرورة توحيد مطالبها والدعوة إلى انتخابات تتمتع بالحد الأدنى من المصداقية ويؤكِّـد على أن الأساسي في الاستحقاق الانتخابي القادم، هو البرلمان وليس الرئاسة. وبناء عليه، يجب التركيز من وجهة نظر خليل الزاوية على وضع شروط دُنيا يُـمكن أن تجعل من هذه الانتخابات محطَّـة هامة في تطوير المشهد السياسي. ومن تلك الشروط، توفير مراقبة دولية وفتح المنابر الإعلامية وتنقيح المجلة الانتخابية التي يجب أن تنص على تجريم التزوير. استفادة محدودة استفادت حركة النهضة من هذه المناسبة الأخيرة، لكن استفادتها جاءت محدودة، حيث اكتفى النظام بإطلاق سراح عدد قليل من سجنائها، ولم يشمل جميعهم كما كان مأمولا، وبذلك يستمر ملف المساجين السياسيين مفتوحا فترة أخرى. مع ذلك، بقي موقف النهضة ثابتا، حيث سجلت بارتياح هذه الخطوة الجزئية وجددت مطالبتها بإصدار عفو تشريعي عام، كما واصلت التنسيق مع بقية مكوِّنات حركة 18 أكتوبر، دون أن يطالب ممثلوها بأشكال تصعيد ضد النظام. فالدعوة التي توجه بها بعض كوادرها القيادية للمصالحة الوطنية لا تزال قائمة، رغم تجاهل النظام لها واستمرار التضييق على تحركاتهم. وتفيد كل المؤشرات على أن الحركة في وضعها الراهن، لا تفكر في الاستجابة لما طلبه منها الدكتور منصف المرزوقي، رئيس حزب المؤتمر من أجل الجمهورية. فهذا الأخير طالب قادة النهضة بأن يكونوا “أكثر وضوحا” بخصوص موقفهم من دعوته إلى تغيير النظام ورحيل الرئيس بن علي والإعداد للبديل الديمقراطي، الذي يودّون الانخراط فيه. الشيء المؤكد في هذا السياق، هو أن قادة حركة النهضة، على الأقل من هم في الداخل، لا يفكرون بنفس الطريقة التي يفكر بها المرزوقي ولا يرون في ما يقترحه عليهم حلاّ مناسبا لإنهاء المأزق السياسي الذي يواجهونه منذ مطلع التسعينات، فهم يطمحون إلى استرداد حقوقهم واستئناف نشاطهم السياسي في ظل النظام القائم، وليس بالدخول في مواجهة شاملة جديدة معه، كما يفكر الإخوان المسلمون في سوريا مثلا. حركية مرهونة في ضوء هذه الردود على الخطاب الرئاسي، يتبين أن المرحلة السياسية القادمة في تونس ستكون أكثر ارتباطا بمحطة الانتخابات القادمة. ورغم أن الجانب السياسي في الخطاب، جاء أقل من انتظارات الكثيرين، إلا أن المرحلة القادمة قد تشهد بعض الحركية، وهذه الحركية مرهونة بالعوامل التالية: – التطورات التي قد يشهدها الوضع الاجتماعي، حيث أن التذمر من الغلاء قد بدأ يتفشَّـى في معظم الأوساط وتجدّدت بشكل موازي الدعوة إلى شن إضرابات في بعض القطاعات الحساسة. – قدرة الأحزاب السياسية على التغلب على عوائق التوحد والتنسيق فيما بينها، من أجل تفعيل مطالبها. وفي هذا السياق، يمكن التساؤل حول ما إذا سيحافظ المشهد الحزبي على ما استقر عليه حاله (بتخطيط وتشجيع من قبل السلطة) أم أن عناصر جديدة يمكن أن تتدخل لتُـحدث تعديلات جوهرية عليه؟ وهنا، يمكن الإشارة إلى وجود نوع من التململ داخل أوساط عدد من الأحزاب البرلمانية. فانتقاد هذه الأوساط للحزب الحاكم أصبحت أكثر جلاء، وهي رغم وقوفها مع النظام، إلا أنها تتعرض في كثير من الحالات لضغوط خفية من قبل أنصار الحزب الحاكم، خاصة في الجهات النائية عن العاصمة، كما أن بعض قادة هذه الأحزاب ينظر بقلق للمناورات التي تُـدار من أجل تقوية أحزاب وهمِـية وتغذيتها بالأعضاء “المكلفين بمهمَّـة”، مقابل الحرص على إيقاف نمو أحزاب أخرى غير مرتدة على الحكم. كما يلفت النظر أيضا التغير المتواتر في الخطاب السياسي لحركة التجديد والمشاورات التي تجريها مع عدد من مكوِّنات الحركة الديمقراطية، وهو ما من شأنه أن يجعل الخارطة الحزبية أكثر مرونة، وقد تمهِّـد لتأسيس تحالفات انتخابية تخوض المواعيد المقبلة بأكثر نجاعة مما كان عليه الأمر في تجارب سابقة. حـيـرة المعارضة في انتظار أن تتوضح جزئيات الخطة السياسية للنظام الخاصة بكيفية إدارة الاستحقاق السياسي القادم، هل سيلجأ النظام إلى نفس الأساليب السابقة من أجل فرض هيمنة الحزب الحاكم، مع الأخذ بعين الاعتبار الترفيع الذي حصل في مقدار “الكوتا” المخصصة للأحزاب داخل البرلمان؟ وماذا سيحصل في الملف الإعلامي، الذي لا يزال يراوح مكانه، حيث لا تزال الجُـرعة المسموح بها للرأي المخالف داخل القنوات التلفزيونية الرسمية والخاصة ضعيفة جدا، رغم بعض المحاولات المحتشمة؟ فقائمة الممنوعين من الظهور على الشاشات طويلة جدا. وهل سيسمح أخيرا لكل المهتمين بملف الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان لكي يلتقوا ويبحثون بجدية عن حل لهذه المعضلة، بعيدا عن أجواء المناورات، مع إعطاء صلاحيات فعلية للسيد منصر الرويسي، رئيس الهيئة الاستشارية لحقوق الإنسان أو لغيره من أجل المساعدة الفعلية على إنهاء هذا الإشكال، الذي ألحق أضرارا فادحة بجميع الأطراف، وفي مقدمتها السلطة؟ هكذا يبدو المشهد التونسي بعد مرور ذكرى عشرين عاما من حكم الرئيس بن علي، مشهد لا يختلف الكثيرون في أنه يتمتع بعناصر قوة، لكنه محكوم بسقف منخفض كثيرا، كما أن المسافة بينه وبين دول عربية عديدة في مجال الحريات العامة، تزداد اتِّـساعا يوما بعد يوم. وأمام هذا الوضع، تستمر المعارضة السياسية التونسية محتارة بين انتظار إصلاحات قوية وملموسة يُـبادر بها النظام، حتى لو كان الهدف منها تجديد شرعيته، وبين شعور بالعجز عن أن تتولى هي فرض ذلك بالوسائل السلمية والديمقراطية. صلاح الدين الجورشي – تونس
 
 
( المصدر: موقع سويس إنفو بتاريخ 20 نوفمبر 2007) الرابط:

 


رسالة مفتوحة الى الدكتورعبد المجيد النجار

 
أستاذي الفاضل ، السلام عليكم ورحمة الله   هنيئا لك الموضوعية التي تميز بها مقالك الأخير، واستطعت من خلاله التعاطي مع الموضوع بحيادية فائقة، محددا مربعاته البيضاء والسوداء بدقة الحاسب الالي. غير ان خطيئتي واخواني في المربع الأسود أنهم تتلمذوا على كتاباتك عن ” قيمة الانسان”، فآمنوا أن كل ما في الكون مسخر لهذا المخلوق الذي فضله الله على كثير ممن خلق، فلم يعبؤوا بالطرقات المعبدة ولا الإنارة التي امتدت لقرى مدنين، بعد ان اهدرت كرامة الانسانية بقتل العشرات، وسجن وتعذيب الالاف، والنيل من أخينا نبيل الواعر وغيره بما هو معلوم من اعتداء مدمر للنفس البشرية. وكانت خاتمة الموضوعية اقرارك بتقدم تونس عن فرنسا في العناية بالمعاقين، دون ان تشير الى ” مدارس ” تخريج المعاقين من اخوانك، والمئات من الشباب المتدين وآخرهم الشاب خالد العوني الذي فقد مداركه العقلية، ولم يسمح لوالدته بزيارته – عناية بالمعاقين – الا بعد اضرابها عن الطعام. وفي خاتمة المقال عرضت كما هي العادة، او كما هو هدف المقال، بمغالبة اخوانك من اصحاب المربع الاسود، في حين ان الدقة والموضوعية تقتضي التصريح بأنه ليس في المعارضة التونسية اليوم من ينهج نهج المغالبة غير الدكتور المرزوقي وأقل منه حزب العمال، الا اذا كان الوقوف في المربع الاسود ذاته مغالبة!!!واذا كان الامر كذلك، فقد منحت فرصة انقاذ الحركة من مربعك، فأبيت و اخترت موقع النقد المريح لك، والمتعب لغيرك. في الختام تقبل تحياتي وحبي وتقديري ، واعذرني ان فوجئت بردي هذا،وعذري أنني لا أستطيع مغادرة المربع الاسود بعد فقدي استاذي لزهر نعمان وزميلي عدنان سعيد وغيرهم من الشهداء، ولايزال يقبع داخل السجن المئات من الشباب البريئ، والعشرات من قيادات النهضة، يتقدمهم الرئيس الدكتور صادق شورو . والسلام أخوكم علي بن عرفة  

 


 

بين مربعات الخارطة التونسية (*)

بقلم: صـابر التونسي

 

اطلعت على مقال أستاذنا الفاضل الدكتور عبد المجيد النجار على الصفحة الرئيسية للحوارنت وكعادته يشد الدكتور النجار قارئه بما أتاه الله من حجة وعلم ولذلك أحييه وأبارك سعيه لإخراج الوضع السياسي التونسي من التردي والإنسداد الذي يعيشه وإن كنت أعتبر نفسي ـ من خلال التقسيم الذي قسمه ـ من “جماعة المربع الأسود” لأن ظلم “ذوي القربى” أشد من وقع الحسام المهند ولأن مسيرة العشرين عام قد بينت لنا بما لم يترك مجالا للشك أو الريب أن مشكلة تونس ليست في الخطابات التي تكتب أو تقرأ وليست مشكلتها في القوانين التي تسن (عموما) وإنما مشكلتها في جماعة يكتبون عكس ما يؤمنون ويطبقون خلاف ما يقرؤون ويقتلون القتيل ويمشون في جنازته باكين ويشعلون النار ويسألون عن مصدر الدخان!! جماعة شرعتهم القهر ومنهجهم الإستبداد يعرضون عن كل كلم طيب ويصنفون الناصح الأمين ـ إن وجد ـ عدوا حاقدا أو متربصا بهم الدوائر! يعتقدون أن تونس مزرعتهم الخاصة وليس لأحد أن يحاسبهم إن جعلوا بذورها الحقد والتعذيب والتشريد أوالأفيون والإجرام!! هذه هي تونس الآن وغالبية الشعب التونسي يقف هذا الموقف ويرى هذا الرأي ولا نقول ذلك من قبيل التعميم ولكنه حكم من خلال ما نسمعه من عموم المواطنين فضلا عن المسيسين والمكتوين بنار العشريتين! ليس عندي من شك يا سيدي الفاضل أن “جماعة المربع الأسود” قد حملهم شنآن الإستبداد من جهة وحبهم لأهلهم ووطنهم أن يقفوا ذلك الموقف وإن أخطؤوا في هذا الموقف أو ذاك ولكني أحسب أن عموم المسار جهاد ومكابدة من أجل تونس التي نريدها لنا ولأبنائنا حرة كريمة لا يسخف فيها بالناس ولا بعقولهم ولا يستبد بهم لأنهم عارضوا حاكما ظالما أو عادلا! نريد تونس تسع كل أبنائها ويكون أكثرهم منها قربا أكثرهم لها حبا وإخلاصا وخدمة! إن “تونس العشريتين” هي “تونس” الإنتهازية والمحسوبية “تونس التي يقدم فيها الجهلة ويهان فيها العلماء “تونس” من ليس معنا فهو ضدنا، “تونس” “لوخرجتم من جلودكم ما عرفناكم” حتى تؤدوا البيعة وتهتفوا مع الرعاع “بن علي إلى الأبد!! بن علي ماكيفو حد!!” “بن علي 2009” “بن علي حتى الممات”!! كلنا ياسيدي الفاضل في المربع الأسود ما لم نهتف هذه الهتافات التافهة التي يخجل كل حر كريم أن يرددها في خلوته أو يحدث نفسه بأنه قد يفعل ذلك يوما ما!! ليس عندي من شك أن كل من أحب بلده يفرحه أن يُمهّدَ طريق ويعم النور والماء كل الأرياف وتنتشر المدارس والمعاهد ولكن أليس الأمن والعدل أولى من ذلك؟ أليس هدم الكعبة حجرا حجرا أهون عند الله من تعذيب إمرئ بريء حتى تزهق روحه ويلقى ربه يشكوا إليه جور المستبدين وسكوت الساكتين؟؟ أليس المواطن التونسي الآن بين نارين نار القمع والنهب المسلح بالسلطة ونار الإجرام المنظم الذي انتشر وتنوع فأصبحت عصابات للسطو المسلح وأخرى للسرقة وغيرها في الإتجار بالممنوعات من مخدرات وجنس وأرواح المساكين (قوارب الموت) وقد عم الخطف والنهب، كلّ في اختصاصه! (مسوغ، حقائب يدوية، هواتف نقالة …إلخ) والمواطن هو من يفقد الأمن في دولة نصفها “أمن”!! أليس الإصرار على منشور العار (108) وطرد الفتيات المحتشمات ـ بحجاب أو “فولارة” ـ يحمل الكثيرين على البقاء في “المربع الأسود” لأن الحرية وحق الإختيار مقدم على الحجارة والبناء؟؟ نعم أن يكون العاطل عن العمل متعلما خير من أن يكون جاهلا ولكن أن يكون توظيف الخرجين على أساس الولاءات الحزبية أمر يدفع الشباب دفعا “للمربع الأسود”! سيدي الفاضل إفترض معي أن العشريتين كلها بياض ناصع وليس فيها من سواد عدى كذبة واحدة مفادها أن “السيد” الرئيس قد كذب على “شعبه” يوم 7 نوفمبر 87 حين صرح بأن شعب تونس قد بلغ مرحلة من النضج لا يكون معها مجال لرئاسة مدى الحياة ـ وعلى ذلك بايعه من بايعه ـ ثم أخلف وعده وانقلب على الدستور الذي غيره بنفسه! أليس ذلك الإنقلاب ملغيا “للبيعة” وفاسخا لها!! أما مسألة “لا ظلم بعد اليوم” فأظن أن اليوم المقصود لم يأتي بعد لأنه لم يحدده بتاريخ لذلك لا يحق لنا أن “نتحلل” من بيعته”!!! ألا يحق لنا أن نطالبه بالرحيل بعد أن حكمنا عشرين عاما حتى وإن كانت كلها بياضا ناصعا حتى تبقى بيضاء ناصعة ونجرب غيره فمن يدري قد يكرم الله تونس بحاكم يكون حكمه أكثر بياضا، وأن على بن علي “النابغة” في العدل والإنجاز ـ كما يروج “جماعة المربع الأبيض” ـ أن لا يسن سنة سيئة لمن يأتي بعده من مستبدين فيقتدوا به في الحفاظ على الكرسي وحرمان الشعب من حقه في اختيار من يحكمه؟ قد يطول الكلام في هذا ولكنني علي يقين من أن كثيرا من “من أصحاب المربع الأسود” سيتفاعلون إيجابا مع ما كتبت لأنهم يشتركون معك في الصدق وحب الخير لتونس وأهلها ولن يحملهم إختلاف الرأي مع ما طرحت على تثمينه والدعاء لك بالخير والتوفيق لتحقيق الخير على يديك إلى وطنك وأهلك. وإنني على يقين أيضا من أن “جماعة المربع الأبيض” سيواصلون دس الرأس في الرمل كالنعام وسيعزفون معزوفتهم الممجوجة بأنهم لا يقبلون دروسا من أحد! وستظل عندهم من جماعة “المربع الأسود” مادمت تدعوا لإصلاح فساد “غير موجود”!!!!!!!! تحياتي واحترامي سيدي ولست في مقام من يرد عليك وإنما هي خواطر للتفاعل معك أرجو أن لا أكون قد تجاوزت فيها الأدب المطلوب من طالب مع أستاذه.

 

(*) كنت أنوي كتابة سطرين أو ثلاث تعليقا على فضيلة الدكتور ولكن شنآن الاستبداد حملني على كتابة هذه السطور.

 

 

تعليقات زوار موقع الحوار.نت:

 

أبو أنيس

يا سي صابر كلامك ووصفك جله واقع عشناه و الكل بما فيهم الدكتور النجار لا ينكره رغم أن فيه عديد المبالغات و التعميم كقولك :إن “تونس العشريتين” هي “تونس” الإنتهازية والمحسوبية “تونس التي يقدم فيها الجهلة ويهان فيها العلماء “تونس” من ليس معنا فهو ضدنا، “تونس” “لوخرجتم من جلودكم ما عرفناكم” حتى تؤدوا البيعة وتهتفوا مع الرعاع “بن علي إلى الأبد!! بن علي ماكيفو حد!!” “بن علي 2009” “بن علي حتى الممات” لا يجب أن نعمم

الدكتور في مقاله الرائع لم ينف ذلك و لكن لم يقتصر نظره فقط عليه و هو كلام بناء وتحليل منطقي اوافقه عليه و بودي لو يقرأه بن علي و يقرأ مقال نور الدين البحيري و مقال الدكتور خالد شوكات و غيرها من المقالات المنصفة و البناءة

أخي صابر إني أوافقك في توصيفك لأني عشته و أعيشه ولكني لا أوافقك على الإقتصار على التوصيف السلبي لأنه لن يقدم و لن يؤخر فما الفائدة من قولنا كل شيء أسود و ما هنالك غير الظلم و القهر و نقف نتفرّج على الظلم في رأيي علينا أن نتلمس بعض الضوء على قلته لننطلق منه لإنارة الدنيا فما فهمته من مقال الدكتور و غيره من المقالات أننا لا يجب أن نكتفي بلعن الظلام بل علينا أن نسعى و نجدّ لإيجاد قبس من نور نهتدي به ثم ننطلق لننير الظلام من جديد.

 

3. ضو | Tue Nov 2007

نعم أخي صابر لو يكتفي الدكتور بتأصيل ما لا يحتاج إليه لم يفد الناس بعلمه الذي علمه ولو أرادا باب السياسة لهلك ومن معه لذلك رأيي من رأيك أن تأصيلا مثل هذا لن يزيد إلا في مباركة الظالم وهرولة أصحاب المربع الأبيض من سلطة وغيرهم إلى التزلف من أجل تونس البحر والربيع .والحمد لله أن وجدت نفسي في مقال الدكتور في المربع الأسود والأسود الحالك ولو ابتعد هذا النموذج من أهل العلم الشرعي عن السياسة لكان خيرا لهم ولشعبهم .

 

صابر التونسي | Tue Nov 2007

يا أخي أبا أنيس يبدوا أنك فهمت مقال أستاذنا الفاضل الدكتور النجار فهما جيدا ولكنك ـ في ـ تقديري ـ لم تفهم تعليقي على المقال فأنا أبارك أي مسعى لخلاص مشرف اتفقت أو اختلفت مع أصحابه، ولكنني عبرت على ما نشعر به ونحسه. وأنا على يقين أن بن علي ومن يحيط به لن يصنفوا الدكتور النجار إلا في “جماعة المربع الأسود” لأنهم جميعا متفقون ومجمعون على أنه ليس بالإمكان لتونس أحسن مما هو كائن في “تونس بن علي” (على حد تعبيرهم ) فهم لا يقرون بوجود سجين سياسي واحد ولا مظلمة واحدة ولا يقرون بوجود عملية تعذيب واحدة!! هذه تصريحات أبواق النظام جميعها ـ  وآخرها تصريح التكاري في برنامج المستقلة وبرهان في الجزيرة ـ !!

وأما حديثك عن المبالغات والتعميم في كلامي فهو في غير محله يا أخي العزيز فأنا لا أقصد بكلامي كل الشعب التونسي عندما أتحدث عن “تونس” وقد سبق لي أن بينت في مقال سابق أنني أستعمل كلمة تونس بين ظفرين إن أردت أن أعبر عما يسمى زورا وبهتانا بـ “تونس بن علي” وبهذا يصبح كلامي في محله وليس تعميما أو مبالغة!!

مع أنني تعمدت اجتناب ذكر أمثال عن تقديم الجهلة الموالين واضطهاد العلماء المتعففين فأنا وأنت  والدكتور النجار ـ حفظه الله ـ يعرف ما يحصل في جامعة الزيتونة مثلا، أليس غريبا أن يقرب صاحب “ثورة صاحب الحمار” وأمثاله (وتعرف من أقصد)  ويبعد الدكتور النجار ومن على نهجه، ألا تعلم أن كثيرا من إنتاج الدكتور النجار قد سرق ويدرسه جهلة ينسبونه لأنفسهم!

 

تحياتي لك ولأستاذنا الفاضل

 

وأما أخي ضو فأحييه وأحترم رأيه وأختلف معه، فما أراه أن للدكتور الحق المطلق في التعبيرعن آرائه السياسية وأن ينصح ويوجه ولك أخي الكريم أن تأخذ من كلامه أو ترد. وانشغاله بهموم بلده وإزالة الغمة عنه لا يتنافى مع أبحاثه العلمية واجتهاداته نسأل الله له الثبات والتوفيق.  

 

(المصدر: موقع الحوار.نت (ألمانيا) بتاريخ 20 نوفمبر 2007)


 

رأي في تصريح رئاسي وفيمن يدافع عن الجلادين (الجزء الثاني)

عبد الرحمان الحامدي

 

في الجزء الأول من المقال[ 1 ] عرضت أجزاء من تصريح  الرئيس بن علي لمجلة لوفيقارو ماغازين الفرنسية الصادرة بتاريخ [09-11 2007 ].

 وعددت جملة من إنتهاكات السلطة للحريات و لحقوق الإنسان

و ذكرت  بأنها تنتظر بالأحضان كل مارق و عاصي من الأحزاب و الجمعيات المدنية أومن رموز شرفاء المجتمع المدني و شجعانه ثم تحدثت عما آل إليه حال هذه الأحزاب في تواطئها، بالصمت المخزي، مع السلطة في جرائمها في حق مواطنيها من المعارضين 

و زعمت أن الذي يطلع على  الكيفية التي عرض بها الرئيس في حديثه المذكور إنجازات السلطة بالأرقام  يشعر بأن المهم لدى رموزها هو المظهر التراكمي للأعداد و ليس جدواها البراغماتية وفاعليتها العملية  بحيث تعطي الإنطباع بأن الغرض من عرضها هو الدعاية والإستعراض وتساءلت عن الجدوى من وجود تسعة أحزاب قانونية مصابة بالخصاء السياسي تلعب دورا مرسوما لها مسبقا.

وأتساءل في هذا المقال عن الجدوى من إستمرار تفاخر سيادته في الحديث الصحفي بمنح نظامه عشرين في المائة من مقاعد البرلمان للمعارضة  وبالترخيص لتسعة آلاف جمعية مدنية لو مرقت إحداها على صراط السلطة [المستقيم] لحدث لها  ما حدث:

 

للرابطة التونسية من أجل الدفاع عن حقوق الإنسان.

لجمعية القضاة.

لجمعية المحامين.

لنقابة الصحفيين التونسيين.

للحزب الديمقراطي التقدمي.

لإتحاد أصحاب الشهادات  العلياالمعطلين عن العمل.

ولرموز الدفاع عن حرية الإعلام و حقوق الإنسان من أشاوس هذا الوطن.

و القائمة لا تكاد تنتهي.

 

إن إنتهاكات حقوق الإنسان التي عرضت لنماذج منها في المقال السابق إنتهاكات  تمارسها السلطة و ما تزال:

 

ـ إما تحت غطاء مقاومة الإرهاب و قوانينه سيئة الذكر.

ـ أو تحت غطاء ما عناه بن علي نفسه عندما نفى وجود دولة بوليسية في تونس معللا ذلك بالقول إن ماتقوم به أجهزته هدفه ” السهر على سلامة مواطنينا وزوارنا مثلما هو الحال في كافة بلدان العالم” مضيفا: ” لكن ذلك لا يجعل من هذه البلدان أو من بلدنا دولة بوليسية”.

فتصبح كل الإنتهاكات و الخروقات في حق مواطنيه [والتي ينكرها جملة و تفصيلا] تجسيدا لمعنى الحفاظ على أمن الجميع و السهر على سلامتهم .

فكل الخروقات لا تعتبر إنتهاكات إلا من وجهة نظر المتضررين منها مباشرة أو من وجهة نظر المعايير الدولية لإنتهاكات حقوق الإنسان أما بالنسبة لفيلسوف الزمان و جهبد كل عصر و أوان السيد بن علي و حاشيته  فإن الأعمال الهمجية البوليسه؛ المدعوم مرتكبوها من النظام الحاكم؛ لاتعتبر خروقات ما دام الهدف منها هو السهر على سلامة الجميع.

 

 أيها القراء المحترمون : جديد مبتكر السلطة في تونس أن سياسة لي الذراع لم تقتصر فقط على الإنسان [ إنتهاك الحرمات الجسدية و المعنوية] بل طالت كذلك المفاهيم  وأصبح لها  بفضل الفلسفة النوفمبرية [وكدت أكتب الفلقة النوفمبرية] معنى رمزيا أسميه  ب :[لي ذراع المفاهيم و المعايير و المبادئ المتفق عليها دوليا و إنسانيا إن صح التعبير].

و إستبدالها بأخرى منسجمة مع العبقرية النوفمبرية في إختراع الجديد المتجدد مما وصل إليه فكر بن علي و مرتزقته.

 و عليه ينتفي إلى الأبد من القاموس النوفمبري مصطلح و مفهوم الدولة البوليسية  ليطمئن الجميع  في الداخل و الخارج إلى هذه “الحقيقة” بمن فيهم الشيخ راشد الغنوشي ومن سار على درب عصيانه و مروقه و ليضع جميع التوانسة  في بطونهم “بطيخة صيفي” وليعارضوا نظامهم كما يشاؤون بحرية و بأمان  ثم [وهنا بيت القصيد] ليتركوا بوليسنا السياسي و فرق إرشاده[ 2] الوفية لقيم الضيافة النوفمبرية  ترشدنا بوحي من معاييرالعهد الجديد.

و سيلمس حينئذ جميع من  وقع في ضيافة فرق الإرشاد تلك صدق سيادته في عدم وجود دولة بوليسية في تونس وسيكتشفون ما لا عين رأت و لا أذن سمعت  و لا خطر على قلب بشر من صنوف التكريم النوفمبري أو بتعبير التوانسة الواضح[سيكتشفون حقيقة النجوم في القائلة] أوبتعبير إخوتنا المصريين [وعينك ما تشوف إلا النور][طبعا نور نجوم القايلة].

حمانا الله و إياكم من هكذا تكريم آمين.

 

“و بقطع النظر عن هذا الفهم الرآسي لحقيقة الدولة البوليسية و الذي يخفي إعراضا متعمدا و متواصلا من جانب السلطة عن تطبيق المعايير الدولية و الإنسانية في التعامل مع المعارضة.إنسجاما مع الآية الكريمة[ما أريكم إلآ ماأرى]{ سورة غافر آية 29  } ومع المثل التونسي القائل [أشرب و إلا طير قرنك]

 

بقطع النظر عن كل ذلك

أقول للسيد الرئيس[ بإعتباره المسؤول الأول أمام الله و أمام الشعب و التاريخ عن كل ما يصيب مواطنيه من خير أو شر]

إن الفاتورة ثقيلة جدا كما يقول التوانسة لن ينفعك سيدي إنكارها و لا تبريرها بالسهر على أمن الجميع  و ما خفي من باقي بنود إرهاب الدولة أنت وحدك أعلم به مني. [  لم أورد بنود إرهاب الدولة كاملة في القائمة المذكورة في الجزء الأول من المقال].

 

إن الإستمرار في تجاهل الخروقات اليومية و الإنتهاكات لن يساهم في إيقاف ممارستها أو الحد منها.  والإعتراف بالأخطاء شرط مهم للكف عنها. فقد تساهم الضغوط والمنظمات العالمية و التونسية  و الحكومات الأجنبية و الصحافة الدولية و إضرابات الجوع في حل مشكلة ما أوفي إطلاق سراح معارض  و لكنها لن تحل المشاكل برمتها و لن يكون لهذه الضغوط نفس نتائج ما يسمى بيقضة الضمير أو ما يعبر عنه بالشعور بالذنب المولد للإعتراف بالخطأ  وهو ما اصطلح عليه في الدراسات النفسية بلغة فولتير ب:

La construction de la culpabilité

لأن هذا الشعور يعكس في حقيقته عودة للوعي وبداية إحياء معاني ما يسمى بتوبيخ الضمير  عبر مواجهة الذات بشجاعة  ثم التصالح معها.

 وهذا التصالح مع الذات يمنع إنبناء جدلية  الخطأ  و الصواب على الضغوط  و إنما على العقل الواعي الرشيد و الضمير السليم النقي وهو ما يمكن المرء  من أن ينظر  إلى وجهه في المرآة دون مساحيق فينصلح حينئذ حاله و يصلح.

 

والشعور بالذنب بتعبير علوم النفس  هو ألم داخلي خال من ميكانيزمات الدفاع الذاتي التي تحجب النفس عادة عن مواجهة ذاتها عارية فيما تأتيه بحق الآخرين.

 

وهو بتعبير ديني و عقلي  مساءلة الذات فيما تقوم به مع الآخر و محاسبة النفس ووضع فعالها موضع إستفهام لتبدأ رحلة الوعي و التبصر فتنخرط فيما بعد طوعا  في أنوار التوبة و الإصلاح…. فاللهم بصرنا بعيوبنا و إهدنا لما فيه الخير

 

إن هذ الشعور قد يثمر لدى الحاكم  الظالم القطع مع الماضي والإنفتاح على ممارسات جديدة وجديرة بصون كرامة الإنسان  فهو صنوان لمعنى المسؤولية الشخصية لما يصدر عن الإنسان راع كان أم من الرعية في حق نفسه أو في حق الآخرين.

 والمسؤولية من معاني التكليف،   و عليه فلست مع إعادة إنتاج كتابات توحي مضامينها بإعفاء الحاكم كليا أو جزئيا من المسؤولية  عن أخطاء وجرائم مورست في عهده و تحت بصره  [إكتوى بها الإسلامي و غير الإسلامي]، ولم يتخذ فيها الإجراءات القانونية اللازمة لمعاقبة مرتكبيها.

  و خاصة تلك التي تمنع الإنسان من الإرتزاق للعيش أو تفتك بالحرمة الجسدية للإنسان .[ عد إلى خبر إغتصاب الطالب هشام بن عمارة الصماري و الذي لن تفتح السلطة فيه تحقيقا كما جرت العادة في مثل هذه الجرائم و غيرها منذ أكثر من عقدين من الزمن [تونس أنفو.نت] ]

 

 ولن يقوم عدل إذا ألصقنا صنوف الممارسات المتخلفة و البشعة للبوليس التونسي  بالحاشية فقط بدعوى أنها توغر صدر الحاكم ضد الضحايا ثم  نعفيه من المسؤولية أو نستثنيه منها في حين أنه المسؤول الأول عن البلاد و العباد ولولا موافقته أو غض طرفه عنها لما وقع إرتكابها.

 

 إن رئيس الدولة الحريص على معرفة الصغيرة و الكبيرة في البلاد لهو على علم  بكثيرمن الإنتهاكات التي ارتكبت في تونس  طيلة عشريتين من الزمن وهو يعلم بأنها تندرج ضمن سياسة ممنهجة  ومختارة عن وعي ساهم في التخطيط لها من ساهم بما ينسجم و ثقافة الرجل الأمنية و العسكرية والتي أحب من أحب و كره من كره حولت البلاد إلى ثكنة.

 و الناس يا إخوتي، كما هو معلوم، على دين ملوكها وعلى رأسهم الحاشية التي لو لم تجد هوى في نفس بن علي و في مزاجه لخنق معارضيه [و إقتيادهم إلى جنته بالسلاسل و السياط]   لما تجرأت هذه الحاشية على إيغار صدره  على شعبه حفاضاعلى مصالحها و أنتم أعلم مني أيها القراء الكرام بصفات حاشية المصالح [ تلون و حرباوية، إنتهازية و تملق، نفاق و خداع، تسلق و ميكيافيلية…..و القائمة لا تكاد تنتهي]

.فلو شاءت الأقدار و قرر رئيس الدولة فجأة تحقيق تطلعات المعارضة إلى الحريات فسوف تتحول الحاشية إلى أول مناد بالديمقراطية بل وسوف تزايد على  الذين ضحوا من أجلها  وإكتووا بنيران غيابها سنين.

 

 رجائي الحار أن نتوقف عن كتابات توحي بأن الرئيس التونسي ضحية  حاشية لا هم لها سوى خدمة مصالحها و كأن الرجل  ليس له مصالح في المال والجاه و السلطان  وهو كما تعلمون:

ـ من أمد في مدة حكمه محورا دستور البلاد على هواه.

ـ ومن أطلق أيدي أسرتيه الكبيرتين لتتملك البلاد و تتحكم في رزق العباد.

 

وهو ينطلق في كل مايقوم به  مما ذكره بنفسه في حديثه الصحفي من أن المعارضة  في مفهومه ليست “إفسح لي المكان لأحل مكانك”  ففرزسيادته تبعا لهذا الفهم ما لم يرض عنهم من خيرة المعارضين من شرفاء الوطن ثم عاملهم بطريقة لخصتها جملة وردت في تونس نيوز بالقسم الفرنسي تقول: Ben Ali,  un poing c’est tout.

 

إن هذه النظرة المليئة بالخوف من المعارضة  تعكس شخصية  بارانوياكية [ 3 ]  يحكم ردود أفعالها إنعدام الثقة في الجميع و الشك في كل مواطن أو جماعة تشتم منها رائحة المعارضة بإعتبار أن لا هم لأي معارضة سوى الإخلال بالأمن العام و تهديد إستقرار  نظام الحكم ولم لا الحلول مكانه [هكذا و بكل بساطة و تسطيح] مما يترك الباب مفتوحا على كل إحتمالات الردود العنيفة للسلطة في العلاقة بالآخر كمعارض.

 فلا نستغرب أن تنزل الأوامر الفوقية و المافوقية إلىالبوليس بسرعة البرق ليقمع على سبيل الذكر لا الحصريوم [ 6 نوفمبر الجاري ] و بوحشية مظاهرة  لعزل معطلين عن العمل من أصحاب الشهادات العليا  الجوعى و المحرومين من حق الشغل  بعد سنين طويلة من الدراسة أو العمل حتى أن الأمر بلغ بجلاوزة بن علي؛ في إحدى المرات، تقطيع الشهائد التي حملها هؤلاء فوق رؤوسهم تعبيرا عن حجم المظلمة التي يتعرضون لها.

 كيف لا يقع قمعهم  وهم الذين  بتحركهم السلمي هذا سيهددون عرش بن علي بالسقوط الفوري و الإستيلاء عليه    لذلك لن تنفع معهم سوى الوحشية.

 ألاحظتم نتائج من لا يرى في المعارضة سوى عدوا متآمرا و متربصا؟

 

 و لا أستغرب كذلك و الحالة تلك أن يحاكم  الفرد و يهان و تنتهك حرماته و حرمات أسرته  لأنه أصر على كشف المستورمن الإنتهاكات أو من سوء التصرف في الثروة الوطنية  وهوخط أحمر لا تطيق السلطة تجاوزه و إلا بدر منها ماهو معلوم من تصرفات هستيرية مدمرة.

 

 إن الكتابات التي  تعفي الحاكم من مسؤوليته في إرتكاب جلاوزته لأخطاء في حق إنسانية الإنسان و تلتمس له الأعذار بدعوى وقوعه ضحية الحاشية هي في تقديري تعبر إما:

ـ عن تواطؤ واع  أو لا واع مع جرائم النظام و إن عبر أصحابها  في الظاهرعن رفضهم لممارساتها.

ـ و إما، و هذا هو الأخطر، أن أصحابها يساهمون في ترسيخ ثقافة عشق الشعوب لجلاديها  عبر الإعتماد على قصر الذاكرة البشرية بنسيان الجرائم  أوعبر غياب المعلومة و جهل الناس لما وقع إرتكابه في حق المعارضين  وقد إكتوينا بنارهذه  الثقافة في الستينات مع تجربتي الراحلين جمال عبد الناصر في مصر والحبيب بورقيبة في تونس.

 

فرجائي الحار مرة أخرى من الصادقين أن  لا نزيد من عذابات المضطهدين في بلدنا تونس من حيث يريد البعض مساعدتهم بمثل هكذا كتابات  و لنتركهم على الأقل يجترون ماهم فيه من شقاء دون زيادة  بعيدا عن خطابات إلتماس الأعذار لمجرمين  يقع تحويلهم إلى ضحايا حاشية طامعة  تتحول هي بدورها إلى كبش فداء بمثل هكذا منظور ويسلطون  عليها وحدها الأضواء ليختفي المسؤول الحقيقي عن الإنتهاكات في منطقة الظل   ولم لا  نسند إليه  في المستقبل  دور الحكم بين ضحايا الإضطهاد و الحاشية الخبيثة و الطامعة؟؟

 

إن هذا النوع من الكتابات  يتفق مع نوع آخر من الكتابات التي تبيع الوهم لأنها   واقعة ضحية له أو هي على وعي به.

 وأقصد به ذاك الوهم الذي نجحت السلطة في تحويله إلى مايشبه اليقين في أذهان هؤلاء قبل كل مناسبة و طنية أو دينية  فيصنعون الإنتظار و يبعثون الأمل من جديد في “منعرج ديمقراطي”  يكفل “السميق الحرياتي” على حد قول أحد الصحافيين  [ 4 ]

 

ثم تأتي المناسبة، بعد تمخض الجبل، ليكتشف الجميع أن المولود و للمرة العشرين “فأرة”

فتكون الخيبة و تعود النفوس المتوثبة إلى إنفراج حقيقي إلى قواعدها منطوية على ذاتها تجتر خيبتها و ضياع الآمال الموهومة  فأي جرم نفسي بعد هذا الجرم في حق الطامعين في فرج حقيقي.

 

و يخيل إلي أحيانا أن أصحاب النمطين من الكتابات يرغبون عن قصد أو عن غير قصد من سلطة السابع  أن تخدعنا  ببيان  نوفمبري جديد على شاكلة بيان [  1987 ] تستهل به العشريتين القادمتين . فأين نحن يا إخوتي من قول رسول الله علي الصلاة و السلام [لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين] ؟؟ و هل أصبح فينا و من بيننا  من لم يعد قادرا أن يعيش إلا بالوهم ليحمي به توازانا نفسيا هو بدوره توازن وهمي؟؟

 

أعلم، أن ذاكرة البشر قصيرة، و مشوار العذاب طال علينا نحن التونسيون، و الحلم بأن يعيش الفرد منا بحرية و أمان  هو حلم مشروع و طبيعي.. لكن  هل نجعل [بسبب كل ذلك] لمروجي الوهم علينا من سبيل. حفظنا الله من كل شرو سوء آمين.

 

في الجزء القادم سأتعرض بالتحليل إلى مفهوم التنمية لدى سلطة السابع من نوفمبر و إلى موقفها من الإرهاب قولا و عملا. وسوف أتحدث عن خلفيات إنكارالسلطة لإنتهاكات حقوق الإنسان و إرتباط ذلك بمفاهيم إسترتتيجية الخلود في السلطة.

 

أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.

 

 [ 1 ] لمن فاته الإطلاع على الجزء الأول من المقال  يجده على سبيل المثال في تونس نيوز[ 16-11-2007 ]

 [ 2 ] فرق الإرشاد التونسية : فرق من البوليس السياسي إسمها يوحي فعلا بمعاني الإرشاد و لكن دوما بحسب المعايير النوفمبرية  وهي اليد الطولى لبن علي لا تتقيد بقوانين في إيقاف المعارضين وتهديدهم أو تعذيبهم و مضايقتهم في أرزاقهم و هرسلة أسرهم بالنهار و بالليل عبر زيارات الترويع الليلية  و  قد حصل لي شرف إختبار الضيافة النوفمبرية لدى هذه الفرق ككثير من التونسيين. واكتشفت أنها متعددة المهارات و المواهب.تتنافس فيما بينها دون هوادة لإرضاء سيدها بإيقاع الأذى بالمعارضين و أسرهم من أجل فتات من موائد الطغاة.

  (3) Personnalité paranoïaque بحسب  المعنى الإصطلاحي المستعمل فإن الشخصية البارانوياكية هي التي يعيش صاحبها حياة الحذرالشديد  من الآخر و إنعدام الثقة في الجميع و الشك في كل من حوله.[فما بالك و الحالة تلك بعلاقة من لهم هذه الشخصية من الحكام بالمعارضة بمختلف مشاربها قوية كانت أم ضعيفة. أفرادا أو جماعات].

[ 4 ]  يمكن مطالعة مقال لبدر السلام الطرابلسي منشور في تونس أون لاين .نت بعنوان [في الذكرى العشرين للإنقلاب الأبيض بن علي يعلن عن قرارات مخيبة للإنتظارات].

 


 

 

أداء هزيل لعامر العريض في برنامج أكثر من رأي

منجي الفطناسي

 

 

أظن أن هذا التقييم يشاطرني فيه أغلب الذين تابعوا حوار الجمعة على قناة الجزيرة والذي خصص للمسألة التونسية.

 

ملاحظات عديدة خرجنا بها عقب هذا الحوار من أهمها:

 

– عدم جهوزية رئيس المكتب السياسي لحركة النهضة وغيره من قيادات النهضة بما فيهم الشيخ راشد الغنوشي ( انظروا إن شئتم الحوار الذي بثته قناة فرنسا 24 ) لمثل هذه الحوارات الساخنة أمام أنظار شريحة واسعة من الشعب التونسي والملايين من المشاهدين في العالم ، فقد بدا عامر العريض الطرف الأضعف وكان مرتبكا ومسالما أكثر من اللزوم يرتجل ويلوك كلاما يردده في كل مناسبة يظهر فيها أمام الكاميرا.

 

– نستغرب كيف دخل عامر العريض هذا الحوار بغير خطة واضحة المعالم لمواجهة محاوره الذي عرف لدى الجميع  باحترافه مهمة الدفاع عن الشيطان وبراعته في الكذب والتدليس والتلبيس واللف والدوران ، إنسان يدخل الحوارات دائما بغاية التشويش وإحداث البلبلة واللعب على التناقضات والسعي للإستحواذ أكثر ما يمكن على الكلمة منعا للمعارضين من فضح ممارسات النظام وتبليغ رسالتهم للمشاهدين.

 

كان على عامر أن يشير إلى أن وجود مثل هذا المرتزق الذي لا تستمر مصالحه إلا بتواصل الأزمة بين أبناء الولد الواحد هو أكبر عقبة أمام المصالحة وأمام خير تونس ووحدتها وازدهارها زلذلك تراه وأمثاله يسعون على الدوام لإفساد ذات البين وسكب البنزين على النار.

 

ولمواجهة سامي حداد المسيحي المعروف بعداءه ومشاكسته للإسلاميين . أتذكر أنه قمع الأستاذ المقرئ الإدريسي في أحد برامجه أيام الإنتخابات التشريعية والبلدية بالمغرب قمعا بوليسيا ولم يكن عادلا معه في توزيع الوقت مثل ما فعل مع بقية الضيوف الغيرالإ سلاميين وأساء الأدب معه كثيرا.  

 

– طغيان الحسابات الحزبية والسياسية الضيقة ( التي جربوها كثيرا ولم يجنوا منها شيئا ) على خطاب قيادات النهضة فتراهم دائما مكبلين بسقف معين في الحديث وخطوط حمراء لا يتجاوزونها الشيئ الذي يؤثر على أدائهم الإعلامي وعلى شهادتهم على العصر ويجعلهم لا يصدعون بكلمة الحق كما يجب أمام السلطان الجائر.

 

–  طغيان خطاب الدفاع عن خط النهضة بمناسبة وبغير مناسبة وأنها حركة معتدلة ووسطية وتنبذ وتنبذ وتنبذ .وقد ورد في البيان التأسيسي وفي كل البيانات  كذا وكذا وكذا . هذا الخطاب قد صلح في المرحلة الأولى من الهجمة أما الآن فإن آلة القمع تسحق الجميع بلا استثناء والشعب التونسي برمته يرزح تحت أقدام سلطة غاشمة ويتعرض لحملة إبادة ثقافية وفكرية وأخلاقية ودينية ضمن خطة مدروسة فيجب أن يكون الذود والدفاع عن كل المظلومين وضحايا إرهاب الدولة مهما كانت انتماءاتهم السياسية وتوجهاتهم الفكرية.( للإنصاف نلحظ هذا في بعض المواقع المحسوبة على النهضة التي تنشر للعديد من الضحايا ولكن يغيب هذا كثيرا في حوارات قيادات النهضة في الفضائيات).

 

– من حق مدير البرنامج أن يدعو من يشاء من الضيوف ولكني تمنيت لو أن عامر العريض  سجل اعتراضا شفويا على حضور الضيف الثالث الذي لا ناقة ولا جمل له في الشأن التونسي  والذي زج به في الحوار لإثارة الشغب وتحريف الحوار عن مساره .

 

– حادثة باب سويقة ذكرت أكثر من مرة ولم يعلق عليها عامر العريض .

 

لنسلم جدلا أن هذه العملية وقعت وذهب ضحيتها سخص واحد وكانت عملية معزولة وأعدم بسببها ثلاثة من خيرة شباب تونس ( مع أن كثيرا من الأطراف تشير إلى أن السلطة وراءها ) فهل هذا مبررلشن حرب شعواء لمدة عشرين سنة على كل المعارضين ، هل هذا مبررلاعتقال أكثر من ثلاثين ألف وتعذيبهم وعائلاتهم أشد التعذيب، هل هذا مبرر لقتل العشرات منهم ، هل هذا مبرر لسجن عدد مهول منهم قرابة العقدين من الزمن ، هل هذا مبررلتشريد الآلاف ، هل هذا مبرر لخنق الحريات وقطع الأرزاق ونهب الثروات ، هل يمكن مقارنة كل هذه الجرائم البشعة بعملية معزولة

 

– سئل عامر العريض عن لقائه بوفد أمني أو بسفير تونسي في بارن ( المعذرة على عدم تأكدي من الجهة فإن بقر النطام التونسي تشابه علي ) فلم ينفي.، سؤالي للأخ عامر لماذا لم يقع نشر فحوى هذه المقابلة في حين أن الكثير من اللقاءات بين المعارضات والسلطة تتناقلها وسائل الإعلام بشكل عادي .فما الداعي لكل هذا الكتمان ؟ أليس من حق كل مهجر وكل سجين وكل معذب وكل طريد وكل مضطهد وكل عائلات الشهداء معرفة تفاصيل هذا اللقاء .أم أن الأمر خاص بعامر ومن حوله ولا شأن للبقية به.

 

– الإسلاميون عامة بحاجة إلى محاورين مهرة من أمثال عبد الباري عطوان والمنصف المرزوقي وعبد الأمير علوان وأنيس النقاش.

 

لا يفوتني في الأخير أن أهنأ برهان بسيس بصداقته الجديدة مع هاني السباعي وأن لا ينسى أن يدعوه لزيارة تونس للإطلاع على منجزات العهد الجديد ولم لا الإنتماء للتجمع الديموقراطي الدستوري وأقول له بارك الله لكما وجمع بينكما في خير.

 

(المصدر: موقع الحوار.نت (ألمانيا) بتاريخ 19 نوفمبر 2007)


 

سهى عرفات لصحيفة “الحياة”: تفاجأت من سحب الرئيس التونسي جنسيتي

بدر السلام الطرابلسي

essalembader@yahoo.fr             بمناسبة الذكرى الثالثة لرحيل الرئيس الفلسطيني السابق ياسر عرفات ، أجرت يومية “الحياة” اللبنانية  حديثا مع سهى الطويل أرملة عرفات تناولت من خلاله قرار الرئيس التونسي سحب الجنسية لها و لعائلتها،     و خلافها مع زوجته ليلى بن علي حول مدرسة قرطاج الدولية وأشياء أخرى…….            وفي حديثها للصحيفة عبرت سهى عن تفاجئها بخبر سحب الرئيس التونسي  زين العابدين بن علي جنسيتها مع أنه كانت تجمعها علاقات صداقة قديمة مع زوجته وعائلته .                       وأضافت السيدة سهى بأن القرار اتخذ عندما كانت تؤدي زيارة نهاية أسبوع إلى مالطا للالتقاء بعائلتها الموسعة ولم شملها كعادتها. فشقيقها “غابي”- ممثل السلطة الفلسطينية في مالطا- وعائلته يعيشون هناك، وشقيقتها ليلى الطبيبة في روما غالبا ما تزورهم في نهاية الأسبوع.     هذا وقد ذكرت للصحيفة رفض الرئيس التونسي تقديم أي تفسيرات عن سحب جنسيتهم، كما أنهم لم يتمكنوا إلى حد الآن من استرجاع أغراضهم الشخصية بما فيها الكمبيوتر المحمول الذي كان أهداه الرئيس بن علي لابنتها في عيد ميلادها ؟؟          وتعود قصة الخلاف بين سهى عرفات وليلى بن علي (زوجة الرئيس الحالي لتونس) إلى رفض السيدة سهى مواصلة الشراكة مع ليلى بن علي في مشروع مدرسة قرطاج الدولية على حساب مدرسة تعليمية أخرى لها  ،تقريبا، نفس المواصفات والبرامج التعليمية والبيداغوجية للمدرسة الأولى  تسمى مدرسة “لوي باستور” لصاحبها محمد بو عبدلي والتي تشتغل منذ سنتين.            وقد قامت السلطة بإغلاقها بدعوى أن وضعيتها غير قانونية “ولم تعلم بوجودها إلا مؤخرا”  في حين أنها تشتغل منذ سنة 2005 ونسبة النجاح فيها بلغت 100%..!           وعن الإشاعات التي تقول بأن الخلافات حصلت لأنها لم تقبل بالزواج بشقيق ليلى قالت للصحيفة  “من المؤسف أن تتسلى بعض وسائل الإعلام بنشر أخبار كاذبة ، فمثل هذا لم يحصل ، ولم يتقدم مني شقيقها للزواج، وهو بالنسبة إلى كان مجرد شقيق لمن كانت صديقتي لا أكثر ولا أقل”          وفي ردها على الأخبار التي تحدثت عن شراء الرئيس الليبي معمر القذافي قصرا فخما لها في مالطا يحرسه أمن ليبي ، نفت بشكل قاطع هذا النبأ ووضحت بأن الرئيس الليبي قام ببادرة رمزية من خلال إطلاق اسم الرئيس الراحل ياسر عرفات على جادة في بن غازي و استقباله لهم لافتتاحها وتكريمهم بالمناسبة


نقابتان للصّحافيّين في تونس: ما هذا الضّباب؟

 

سفيان الشّورابي* استفاق الصّحافيون التّونسيون خلال الأسابيع الماضية على خبرين صاعقين، من النوع المفرح/ المبكي في نفس الوقت؛ الأوّل يتمثّل في الإعلان عن تحديد تاريخ 28 أكتوبر (تشرين الأول) لعقد المؤتمر التّأسيسي لنقابة الصّحفيين التّونسيين في صلب الاتّحاد العام التّونسي للشّغل (المنظّمة النّقابية القانونيّة الوحيدة) قبل أن يقع تأجيله، و الثاني يتعلّق بعمليّة تحويل جمعيّة الصّحفيين التّونسيين القائمة منذ ما يناهز عن نصف قرن إلى هيئة نقابيّة تكنّى بـ”النّقابة الوطنيّة للصّحفيين التّونسيين”، و تحديد يوم 15 ديسمبر (‏كانون الأول) لحلّ الجمعية و يوم 16 ديسمبر (كانون الأول) لتأسيس النّقابة. و في ظلّ هذه اللّخبطة التي لا علاقة لها بحسن النوايا بأيّ شكل، كان لا بدّ من النبش في خلفيّات مثل هذه القرارات، و البحث عن تداعيّات ممكنة حوّلت هذا اللبس إلى التباس. فالحاصل أن الأسلوب المعهود المرتكز على إلقاء عبء تراجع الحالة الإعلامية، في جميع المستويات على كاهل السّلطة السّياسيّة لوحدها فحسب، هو موقف ناقص و مبتور و إن بدا مريحا لصاحبه. فلا يمكن البتّة غضّ الطّرف عن ما يصدر عن حفنة من العاملين في هذا القطاع، في الوصول إلى وضعية استيلاء “السّلطة على المجالات الإعلاميّة الأساسيّة التي باتت تخضع لإدارة الدّولة المباشرة أو المقرّبين من النظام”، على حد ما ورد في التقرير الأخير الذي أصدرته منظّمة (مراسلون بلا حدود) بمناسبة مرور 20 سنة على حكم بن علي.
بين النّقابة الأولى… إذا كان الرأي الذي يزعم أن واقع الإعلام في تونس متخلّف بدرجة كبيرة هو الطّاغي حتى داخل الدوائر الحكومية، فانّ المسالك و الطرق القادرة على الخروج من هكذا تردّي، يستفيد منها المشتغلون في الميدان بدرجة أولى، و تنعم بمحاسنها بقية أجزاء المجتمع إجمالا، تختلف حسب المواقع، و تتباين حسب المصالح. فالأكيد أن النّظام التونسي لا يعنيه كثيراً تحرير الصّحافة و الإعلام، و ما تفويته مناسبة احتفال بن علي بعشرين سنة على حكم البلاد، دون اتّخاذ أي إجراء حقيقي لتحقيق إصلاح نوعي للمشهد الإعلامي، إلا أحد الأدلّة البارزة على ذلك. فكان أن أخذ جمع من الصّحفيين مشعل إنقاذ قطاع، ظلّ لفترة قصيرة من تاريخ تونس المعاصر يمثّل أحد مفاخرها، وتمّ الإعلان عن تأسيس نقابة للصّحفيين التّونسيين ترأّسها الزّميل لطفي حجّي سنة 2005، والتفّ حولها جمهور معتبر من الصّحفيين، في إحدى اللّحظات التّاريخية التي أكّدت أنّه بإمكان المهنيّين في هذا الميدان، أن يقودوا معركة تخليص قطاعهم من الهيمنة المطلقة لأجهزة الدّولة عليها. و أنّه بصورة خاصّة، باستطاعتهم أن يكون لهم دور محوريّ في أي عمليّة تنزع نحو إنقاذ ما يمكن إنقاذه. فجاء تأسيس تلك النّقابة كخطوة أولى نحو تحقيق جملة تلك الأهداف. و لكوْن (مراسلون بلا حدود) تعتبر الرّئيس التّونسي زين العابدين بن علي أحد صيّادي حرّية الصّحافة الأربعة والثلاثين في العالم، لم تلقى النّقابة التّرحيب و القبول من طرف الأجهزة الحكومية. بل واجهت العراقيل و الصّعوبات؛ فمنعتها من عقد اجتماعاتها، و عرقلت مشاركتها في ملتقيات مع هياكل مدنيّة أخرى، و رفضت التّفاوض و التّعامل مع قياداتها، ومنعتهم بقوّة البوليس من عقد مؤتمرها الأوّل. و بالرغم أن التّشريع التّونسي يفرض على المصالح الإداريّة الاعتراف بأيّ نقابة بمجرّد الإعلان عنها، فان ذلك لم يحصل أبداً. و هو ما يعتبر خرقاً فاضحاً للقانون و تعدّياً على حرمة المؤسّسات. و ككلّ الهيئات اليافعة، عانت النّقابة البعض من الهون، و ارتكبت عدداً من الأخطاء التي زادت من احراجيّة الوضعية التي تعيشها. وهو ما انجرّ عنه، فيما بعد، تقلّصاً لحزام التّعاطف معها، و انفراطاً لعقد الإسناد إلى حدود دنيا. و لذلك تقرّر البحث عن مخرج مقبول، و يخدم نفس المشروع الأصلي، و يقطع مع الرّغبات في قتل النّقابة. فكان قرار الانضمام إلى الاتّحاد العام التّونسي للشّغل، و الاستعداد لعقد المؤتمر التّأسيسي كهيكل من هياكله. وما راعنا إلاّ أن تشتغل آلة الدّعاية الحكوميّة مرّة أخرى، و “تتدخّل السّلطة بتوخّي وسائل الضّغط المختلفة وترهيب الصّحفيين من أجل إفشال عقد مؤتمرنا”، وفق ما جاء في البيان التّوضيحي من الهيئة التّأسيسية لنقابة الصحفيين التونسيين.
 و النقابة الثانية… في الأثناء، تحرّكت جمعيّة الصّحافيين التّونسيين، بعد سبات طويل، لتتذكر أن لها تاريخاً مشرّفاً من التّضحيّات و النّضالات يجب احترام جزء منه. فكانت بعض الارادات الصادقة و قليلة العدد في الهيئة المديرة، هي الدّافع نحو إصدار تقرير، نقدي وموضوعي، عن واقع الإعلام التّونسي أوائل هذه السّنة. لكنّ هامش التّحرك لهذه المجموعة ظلّ محدوداً و ضاغطاً. و تقلّصت مقدرتهم على حلحلة ما تكلّس من خراب. وعادت الجمعية من جديد لتُوظّف لفائدة أهداف مخالفة لوظيفتها. ففور تواتر أصداء التّحضير للمؤتمر التّأسيسي لنقابة الصّحفيين في صلب اتّحاد الشّغل، أسرعت الجمعيّة إلى الدّعوة لاجتماع فجائي من أجل التّحوّل إلى نقابة هي الأخرى. و صدر بيان في ذلك بإمضاء رئيس الجمعيّة للدّعوة لجلسة عامّة إخباريّة، تقرّر خلالها تغيير هيكل الصّحفيين من جمعيّة إلى نقابة. “وها فجأة، بين عشيّة وضحاها، تقع دعوتهم لتبديل جمعيّتهم إلى نقابة، عرض سخيّ تماماً يقدّم لهم على طبق من فضّة، فكان لسان حالهم يقول داخل قاعة الاجتماع “سبحان مبدّل الأحوال!” كما كتب الزّميل الكاتب حسن بن عثمان في تعليقه على حيثيّات و ظروف نشأة النّقابة على أنقاض الجمعيّة.
…ضباب كثيف من الصعب جداً في مثل هذا المناخ، الحُكم على سلامة أحد الخياريْن باطلاقيّة، و إن بدا انتهازيّة غاية تحويل الجمعيّة إلى نقابة ظاهراً بشكل صارخ. خصوصاً وأن السّواد الأعظم من الصّحفيين اختلطت أمامهم الأمور. و في صورة صحّة الخبر عن انسلاخ النّقابة الأولى من جديد عن اتّحاد الشّغل، والعودة للنّشاط بشكل مستقلّ، فان وجود نقابتان تتصارعان على تمثيليّة بالكاد 1000 صحفي تونسي، لا يعتبر مؤشّراً صحّياً على حيويّة هذا القطاع و ديناميّته. فلقد مللنا السّيناريو المشروخ المتكرّر: نقابة مسنودة من السّلطة و تحقّق بعض المكاسب الجزئيّة المضخَّمة، و لكنّها لا تخدم تطلّعات عموم الصّحافيين، في مقابل نقابة أخرى محاصرة و تحضى بمشروعيّة نضاليّة و لكنها قاصرة عن التمدّد و التوسّع. ليخرج إلينا أحدهم اثر ذلك بمبادرة للتّوحيد و تجاوز الانقسام و إعادة البناء الخ. فلنبحث عن حلّ من الآن. * صحافي من تونس المصدر:  صحيفة “الرأي” ( يومية – الدوحة) بتاريخ 19 نوفمبر 2007 الرابط:   http://www.alraynews.com/ReadersArticles.aspx?id=177

 

أيام وطنية  للبحث العلمي أم لإدارة البحث العلمي؟

     

بعد شهرين من النقاشات ومن الحوارات الساخنة أحيانا في جهات تونس الأربع وعبر كل مؤسسات البلاد الجامعية توصلت اللجان القطاعية والجامعية بصبر وأناة إلى صياغة توصيات ومدونات تأليفية لعرضها أثناء الأيام الوطنية للبحث العلمي التي انعقدت بقصر المعارض بالكرم يومي 19 و20 نوفمبر من أجل مناقشتها وتعميق النظر بشأنها وكانت كل الجامعة التونسية التي أضربت في هذين اليومين ولكنها لم تقاطع هذه الأيام  تنتظر من هذه المناسبة الثمينة ما يعزز وضعية البحث حقا  من خلال دراسة معمقة لورقات العمل المقدمة قصد الوصول إلى وضع تصورات دقيقة لمستقبل البحث في بلادنا . ولكن الهيمنة الإدارية وتغييب الفاعلين الحقيقيين كانا مرة أخرى هما سيدا الموقف. وبقطع النظر عمّا جرى بالتفصيل في هذه الأيام وهو أمر سنعود إليه في مناسبة قادمة فان المفاجئة كانت بحجم الهالة الإعلامية التي صنعتها الدعاية الرسمية. رؤساء جامعات ومسؤولون إداريون يستولون على تسيير هذه التظاهرة ويتوزعون بإرادة الإدارة المسقطة الفوقية ليتحولوا بقدرة قادرالى رؤساء للجلسات ومقررين ومتدخلين . صحيح أننا نعثر هنا أو هناك على بعض الأسماء التي ألفناها وتعلمنا منها من خلال الدرس أو من خلال تجربة التعليم و البحث التي جمعتنا ولكن منطق التوجيه الإداري المتعالي تظل هي القاعدة. يؤسفنا ونحن نعد هذه الورقة أن نرى في وجوه كثيرمن الجامعيين الذين التقيناهم على هامش هذه الأيام والذين حنكتنهم التجارب كثيرا من الإحباط الذي لا يريد أن يعلن عن نفسه بشكل صريح ولكن ذلك لا يمنع أن  يصرح لك البعض همسا وهو يترجّاك ألا تذكر اسمه  أنه بشكل ما وقع الاستيلاء على جهده من أجل أن يستخدم هذا الجهد في إعداد حفل له كل مواصفات الحفل ولكنه خال على كل حال مما تحتاجه الجامعة التونسية من استثمار للخبرات الثمينة بجميع المستقبل الواعد الذي راهن عليه شيوخنا ممثلا في شباب آمن بالمستقبل وآمن بمعلميه ولكنه استيقظ و يستيقظ على حقيقة أن كل شيء في هذه البلاد يتحول إلى مناسبة لإعلان الولاء الذي لا معنى له حين يكون إطاره هو الأيام الوطنية للبحث العلمي. عبدالسلام الككلي جامعي  
 


 

جائزة 7 نوفمبر للشاعر محمود درويش

 

 
يسود الأوساط الثقافية العربية والتونسية على وجه الخصوص شعور بالاستياء والامتعاض من التوظيف المزري والشنيع للقضية الفلسطينية الذي أقبل عليه النظام الدكتاتوري بتونس في يوم 7 نوفمبر 2007 عند إعلان زين العابدين بن علي عن تكريمه للشاعر الفلسطيني محمود درويش بمنحه جائزة 7 نوفمبر “للإبداع” خلال الحفل الذي يقام سنويا بمناسبة ذكرى الانقلاب الذي دبره ضد الحكم البورقيبي السابق. احترامنا وتقديرنا للشاعر العربي محمود درويش لا يمنعنا البتة، بل يدفعنا إلى الكشف عن الوجه الخفي لهذه الحركة المسرحية المضللة. وتقديرنا للمنزلة الثقافية والفكرية للشاعر محمود درويش هو الذي يجعلنا لا نتردد في اعتبار هذه الجائزة عمل تمويه ومحاولة لإسدال قناع جذاب على الوجه الشنيع لسياسة الجنرال بن علي الموالية للدولة الصهيونية، وابتزازا لمشاعر التونسيين تجاه القضية الفلسطينية. كيف يتطاول صديق السفاح أريال شارون وسيلفان شالوم على منح جائزة لشاعر تناشد كلمته الحرية وتحتفي بالمبادئ الإنسانية النبيلة، وذلك تحت عنوان ذكرى انقلابه الذي أغرق تونس لعقدين من الزمن في الظلم والعنف والفساد والقمع الوحشي وكبت الحريات وتهميش الثقافة وإنزالها منزلة الشحاذة والتملق الرخيص؟ لكم كان محمود درويش في غنى عن مثل هذه الجائزة! ولكم كان في غنى عن مثل هذا الابتذال الذي لا يمكن أن يلحق به سوى الإهانة! من حقنا إذن أن نعرف هل قبل محمود درويش بهذه الجائزة؟ هل تسلمها؟ هل رفضها؟ متى حدث ذلك؟ وأين؟  وفي الانتظار “يسعدني بكل نخوة واعتزاز” أن أسوق للقراء الكرام نصا لمحمود درويش كان قد حرره بباريس في التاسع من شهر سبتمبر 1986 في شكل رسالة إلى الشاعر الفلسطيني سميح القاسم، وقد نشرته مؤخرا صحيفة الراية القطرية بتاريخ 24 أكتوبر 2007. وبما أنني لا أملك ما يمكّنني من منح جائزة أو هبة لمحمود درويش غير ما أكنه له من احترام وتقدير، فإنني أكتفي بإهداء رسالته هذه للقراء بما في ذلك الدكتاتوريين منهم ومناصري الدكتاتوريات، والمناصرين للدكتاتوريات ومحمود درويش معا.                                                           عبد اللطيف بن سالم  
 

عزيزي سميح ساعات ما بعد الظهر، ضوء سماء زرقاء، ضوء يتلألأ علي أوراق الشجر، ضوء يتسرب الي النفس، ضوء من ضوء، لا من موسيقي موزارت ولا من رواية فوكنر. ضوء ضوء لعل أول الخريف هو أحد هبات الطبيعة الجديرة بالمدائح. تشدُّ الشجرة قامتها لتشكر هذا البهاء كامرأة تشكر الرجل.. شجرة، امرأة، قصيدة يونانية صافية. وفي وسع الحمام، المصاب صوته بالربو والزكام، ان يطير علي هذا الضوء الثابت، وأن يطمئن الي سماء العودة، في وسعه أن يكف عن الهديل.. ضوء وأحسُّ برغبة في التعبير عن فرح طاريء، مجاني، غامض، ما أشد سعادة المرء حين لا يودع أحداً، ولا ينتظر أحداً، كأنه لا يصحح بروفات كتاب. أمن مثل هذه العناصر البسيطة تتكون السعادة؟.. وجرس الهاتف لا يرن، فما أجمل هذا الكسل! أغلق رواية اسم الوردة للايطالي إيكو، واترك نفسي لفراغ لذيذ. لا أفكر بشيء يُخرب القلب، واغبطك وانت جالس علي صخرة البداية – الي متي تبقي البداية بداية؟ – سعيداً بشوكة أسوكار وايلد التي تحيل دم العندليب الي وردة، هارباً من سالومي ومن اضطراب مؤلف صورة دوريان جراي وقابضاً علي التعريف المادي الأولي للحرية: هي وعي الضرورة ، ومسلطاً احلام اليقظة علي أساطيل البحر الأبيض المتوسط.. والي متي تبقي البداية بداية؟ ولكن هل استطاع امرؤ القيس فينا – يا عزيزي – امرؤ القيس الذي لا تحبه أن يوقف المذبحة وأن يسقط الطائرات؟ أو هل استطاع، علي الأقل، أن يمنع سواه، ممن ساروا علي دربه، من اللحاق بقيصر، علي الرغم من أنه أدرك الخيبة منذ البداية ونبه السائرين الي أن صاحبه قد بكي…! لا تظلم امرأ القيس، يا صاحبي، وإن وضعه المستشرقون مع السموأل الركيك لأسباب لا تعنيه! رتب العالم علي هواك، أيها الشاعر القادر علي الاحتفاظ بكل بداية، ومنها وهم الشاعر – أعني قوته ومبرره – في تغيير العالم واستبدال فوضاه بنظام الصورة والإيقاع. وأسلم من الثلج القادم من النافذة. نعم، هناك ثلج لا يراه فتي وجهت إليه السؤال.. هناك ثلج.. ثلج نحسُّ به ولا نريد أن نراه.. وهذا حسن. هذا أفضل من الدفء الرخيص، المبتذل الي حد وصف الثلج بأنه دافيء، ساخن، لاهب. فالثلج ثلج يستمتع بمشهده العباد، عبر الزجاج، وهم جالسون في بيوت دافئة، ألا يشبه هذا اللؤم المنافق لؤم المتفرجين علينا، عبر الزجاج والنظريات، وهم يستمتعون بالدفء، والنصر؟ ونحن.. أو بعضنا يتلقف الآهة الضرورية لتحسين الصورة، ونبني عليها، أو منها، تخطيطاً أولياً لتأسيس جمهورية أفلاطونية!. هل أسخر؟ أسخر كثيراً. فالسخرية وهي البكاء المُبطن خير من دموع الاستعطاف، لأن الأجل قد امتد بنا الي ما دون أرذل العمر، الي يوم نهبُ فيه لمواساة القاتل بما حل به من مصاب، هو تأنيب الضمير، حين أتقن لعبة البكاء الالكتروني علي ضحايانا، فكدنا نقول له: اغفر لنا موتنا علي يديك.. اغفر لنا أننا سببنا لك بعض الازعاج!.. اضحك، يا ولدي، اضحك، فليس في وسعنا ان ننساق في لغة الحزن أكثر مما انسقنا، فلنوقفها بالسخرية، لا لأن السخرية هي اليأس وقد تهذب كما يقولون، بل لأنها لا تثير الشفقة، ولأنها تنزل القاتل من منزلة الفكرة المجردة، السلطة المطلقة، الي إنسانية تتعارض مع إنسانية البشر ومع الطبيعة الإنسانية الي انسانية مضحكة بقدر ما هي مرعبة.. هل تعرف ماذا يُشغلني في هذه الأيام، انه الدكتاتور، نقيضٌ ملاكك.. الدكتاتور، اني مشغول بالدكتاتور الي درجة عينت معها نفسي كاتباً لخطب الدكتاتور!!. ما أصعب هذه المهمة، وما أشدُّ ما تثيره من متعة حين نعي أنها لعبة أدبية. سأواصل كتابة خطب الدكتاتور، أليس هذا مسلياً؟. هل تساءلت يوماً عن خلو الأدب العربي الحديث مع شخصية الدكتاتور؟ ألأن ملامحه لم تتبلور، بعد، في وعينا، أم لأننا نخلو من طفل أندرسوني البراءة يشير الي عُري الملك؟.. لقد فسر الكولومبي غارسيا ماركيز اهتمام الرواية الأمريكية اللاتينية بشخصية الدكتاتور بقوله إن الدكتاتور هو الشخصية الأسطورية الوحيدة التي انتجتها امريكا اللاتينية . أمن الضروري أن يتحول الدكتاتور العربي الي شخصية أسطورية لتنتبه إليه الرواية العربية الحديثة، أم أننا نحتاج الي شروط أخري لتعامل أكثر واقعية وأقل تجريدية مع سؤال السلطة؟. الدكتاتور فينا حد التماهي، شخصاً وفكرة. الدكتاتور في نسيج حياتنا، بأسلوب آسيوي كما يقول الاستشراق، سواء كان الدكتاتور معبود الجماهير أم عدو الجماهير ولكنه ما زال مغلفاً بالتجريد، لا أحد يعرفه، لا أحد يراه، مخبأ بأغلفة سميكة من الكوادر والمصالح والأقنعة، لأنه مشغول بتأمين مستقبل مزدهر للأمة تارة، ولأنه مشغول بتفكيك الأمة وإعادتها الي مصادر تكونها الأولي تارة أخري، ولأنه دائماً متأرجح بين المصطلحات الأيديولوجية المرنة وتوزعنا التلقائي والقسري علي خنادق أوهامنا.. الدكتاتور حولنا، بيننا، فينا. حين انتهيت من قراءة رواية الغواتيمالي العظيم استورياس السيد الرئيس انتابني شعور غريب وملتبس: شعرت انني انتهيت من كتابتها لا قراءتها. كم تسحرني هذه الرواية المدمرة التي لا تُظهر الدكتاتور في أكثر من صفحتين. ولكنه منتشر في نسيج الخراب النفسي، والتدمير الذاتي، والموت الأخلاقي، الذي أشاعه في من يعملون معه، وفي تغييب الحد الأدني من العلاقات الإنسانية حتي بين أفراد حاشيته، وفي تحويل القلب البشري الي خرقة. وبالمناسبة، لم أفهم لماذا استدرج صديقنا ماركيز الي القول إن هذه الرواية رديئة جداً رداً علي قول استورياس ان ماركيز مجرد كاتب أمثال . لعل هذا التراشق بالإنكار والضغينة هو أحد آثار التخريب النفسي التي أشاعتها الدكتاتورية في أمريكا اللاتينية حتي علي مستوي العلاقات بين الأدباء الذين تفشت فيهم الدكتاتورية الأدبية وهم يقاومون الدكتاتورية العسكرية. الدكتاتور يتلاعب بمصائرنا، فلم لا نلعب بشخصية الدكتاتور بتحويله الي مضحك، كما كنا نسخر من الحاكم العسكري الاسرائيلي بتحويله الي مجرد خواجه في مطلع حياتنا الأدبية والسياسية. هل تذكر تلك الأيام؟ هل تذكر زاوية من وحي الأيام في جريدة الاتحاد التي تألب علي كتابة قصائدها الساخرة حنا أبوحنا وتوفيق زياد وسالم جبران؟ لماذا توقفتم عن السخرية، واحتكرها شيخ شبابنا أميل حبيبي؟ وأنت.. أنت ألم تكن لاذعاً ورائعاً حين دفعت قرقاش الي تعيين وزير للفرح ووزير للحزن لا تفرح الناس ولا تبكي إلا بأمر منهما، أو لعلهما اللذان يفرحان ويبكيان نيابة عن الشعب!. والدكتاتور يعيش في حياتنا، ويصوغ أسطورته التدريجية، هل خطر لحاكم أمريكي لاتيني أن يُسلط صورته علي القمر بالأشعة ليؤمن الناس بنبوءته عندما يرون وجهه طالعاً من القمر، كما قد يفعل حاكم عربي؟ أفي وسعنا أن نواجه هذه الظواهر الساخرة بغير السخرية؟. حين باشرت كتابة خطاب الدكتاتور الأول خطاب الجلوس كنت أنوي كتابته نثراً، ولكن امتلائي بالسخرية جرني الي الايقاع. ورغبتي في الضحك جرتني الي القافية. لماذا تثير القافية الضحك الي هذا الحد؟ ألأنها تسلط الحواس علي النتوء، ولأن الدكتاتور نتوء في الطبيعة؟ لا أعرف تماماً. ولكن الانسجام في غير موضعه يثير السخرية، والانضباط في موقف فوضوي يثير الضحك. أليست القافية هي أعلي تجليات الانضباط؟.. وهكذا رأيت أن من المضحك أكثر أن استخدم قافية واحدة لكل خطاب الضجر وهو الخطاب الثاني من سلسلة خطب الدكتاتور التي لا أعتبرها، ولا أريد لأحد أن يعتبرها قصائد، بل خطباً موزونة!.. من هو دكتاتوري؟.. إنه مجمل خصائص الحكم العربي الفردي الاستبدادي المجافي للطبيعة، والمتجسد في حكام يتداخلون في بعضهم تداخل الصفات العامة المشتركة في فرد، دون أن أحدد ملامحه الشخصية المميزة، لأن ذلك قد يعرضني الي خطر استثناء آخرين، وقد يعرضني ايضاً الي مخاطر الهجاء. وقد تسألني عن مصادر إنسانية الدكتاتور: هل هي تعاطف خفيّ مع ما يعانيه الدكتاتور من اغتراب وعزلة وحرمان إنساني؟ أم هي تضخيم مع سلطة الكتابة؟. لعل مصدر الالتباس الذي تبعثه هذه الأسئلة هو أن علي الكاتب أن يتقمص شخصية موضوعه. ومن شروط هذا التقمص ألا يحوَّل الدكتاتور المخلوق من لحم ودم الي آلة، فهذه الآلة تصلح لعمل الكاريكاتور لا للأدب الساخر الذي يشترط مستوي انسانياً ولعل انسانية الدكتاتور هي نتاج تدخلنا وشرطها لإعادة انتاجه أدباً من ناحية، ومن ناحية اجتماعية – فإن الدكتاتور هو من نتاج البشر، ولو كان تشويهاً لطبيعتهم البشرية!. أما الجانب الشخصي الذي لاحظته، يا عزيزي، وهو المشترك الضروري بين المؤلف والمؤلف، فإن هنري برجسون يفرسه في دراسته الشهيرة عن الضحك بقوله: مهما يكن الشاعر الهزلي قوي الرغبة في استجلاء مضحكات الطبيعة الإنسانية، فما أحسبه يمضي الي البحث عن مضحكاته هو. ولنفترض انه أراد ذلك، فلن يستطيع الوصول إليها، إذ لا يُضحك في المرء إلا الجانب المحتجب عن وعيه من شخصيته ولذلك فإن الملاحظة في الملهاة تجري علي الآخرين، ومن هنا تتصف بالعمومية. وهذا ما لا يتوفر لها حين تجري علي الذات. لأنها وقد استقرت علي السطح لن تبلغ من الأشخاص إلا غلافهم. وعند الغلاف يتماس الناس، ويكون من الممكن ان يتشابهوا . لنضحك قليلاً مع الدكتاتور وعلي الدكتاتور. ومهما كان الاختلاف الايديولوجي بين أنواع الدكتاتورية صحيحاً فإن الدكتاتور – في علاقته بالناس وفي عزلته – هو الدكتاتور. والدكتاتور يثير الرعب والسخرية معاً. وساعات ما بعد الظهر هي وقت السخرية. سأودعك الآن لأكتب إحدي خطب الدكتاتور، فقد أطلقت عليه قافيتي، كما أطلق هو عليّ نباح كلابه.. وكُتابه. أخوك محمود درويش (باريس – 9/9/1986) يومية الراية القطرية، نشرت بتاريخ 24/10/2007

 


المشروع الثقافي للدولة العلمانية في العالم الإسلامي .. التداعيات والمخاطر

بقلم: علي شرطاني

 

بسم الله الرحمان الرحيم

قال تعالى:”ما أنزل اليكم من ربكم ولا تتبعوا من دونه أولياء قليلا ما تذكرون”.

سورة الأعراف:”الآية”3

 

 “ينبغي قبل كل شيء التمسك بقاعدة تعصمنا من الزلل و هي أن ما أوحاه الله هو اليقين الذي لا يعدله يقين أي شيء آخر.فإذا بدا لنا أن ومضة من ومضات العقل تشير إلينا بخلاف ذلك وجب أن نخضع حكمنا على ما يجيء من عند الله”. – ديكار – عن كتاب: حرية الفكر: لـ ( محمد العزب موسى)

 

تصدير

 

“نحن قوم أعزنا الله بالإسلام فإن ابتغينا العزة في غيره أذلنا الله”عن: الفاروق: عمر بن الخطاب رضي الله عنه.

 

بسم الله الرحمان الرحيم

 

قال الله تعالى:”يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود و النصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين(51) فترى الذين في قلوبهم مرض يسارعون فيهم يقولون نخش أن تصيبنا دائرة فعسى الله أن يأتي بالفتح أو أمر من عنده فيصبحوا على ماأسروا في أنفسهم نادمين”(52).المائدة- (51)(52)

” قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا(103) الذين ظل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا أولئك الذين كفروا بآيات ربهم ولقائه فحبطت أعمالهم فلا نقيم لهم يوم القيامة وزنا(104)”

الكهف:(103) (104)

 

الإهداء

 

-إلى أرواح شهداء المقاومة في حركة التحرر العربي الإسلامي حيثما كان للمحتل والغازي وجود في أوطان شعوب أمة العرب والمسلمين.

-إلى أرواح شهداء الإستبداد ومساجين الرأي والمشردين في المنافي، وكل ضحايا النظام العربي الفاشي في أوطان شعوب العالم الإسلامي من: الأيتام والأرامل والثكالى والجياع.

-إلى الأحرار والشرفاء الذين نذروا حياتهم للوقوف إلى جانب المظلومين والمضطهدين والمقهورين وسائر المستضعفين في الأرض من أجل الحرية والحق والعدل والمساواة والأمن والسلام في العالم.

إلى كل هؤلاء أهدي هذا العمل الفكري المتواضع.

 

المقدمة

 

لم يكن هذا العمل الفكري في البداية إلا جملة من الإنطباعات والأفكار أو قل الإنفعالات والتوترات النفسية والفكرية في مفهومها الإجابي، أي تلك التوترات والإنفعالات التي تنتاب الشاعر فيصدر عنه منها شعرا والفنان فيصدر عنه منها فنا، والفيلسوف فيصدر عنه منها حكمة… وفي كلمة هي توترات وانفعالات العقل المسكون بهموم والأمة وآمالها وآلامها وأوجاع الإنسان المقهور في دنيا حضارة الديمقراطية والمساواة والحرية وحقوق الإنسان، والعقل والعقلانية والعلم والتقنية… تلك التوترات التي أثارها في الغزوالصليبي الأمريكي البريطاني في إطار التحالف الغربي العربي والإسلامي الرسمي للعراق.

 

و ما زادني أسى وحسرة و توترا وانفعالا، أني كنت مزجا بي في ذلك الوقت بالسجن المدني بمدينته قفصة، مما ضاعف ألمي وحسرتي وتوتري وانفعالي،أني كنت أعيش الحدث الجلل وأشارك الشعب العراقي المقهور الواقع عقودا بين مطرقة الإمبريالية والقوى الإستعمارية الغازية، وسندان النظام العلماني اللائكي الفاشي الهجين،نظام حزب البعث العربي الإشتراكي الذي كان يقوده صدام حسين التكريتي وعائلته وزمرة من عشيرته، والذي كانت الغالبية العظمى من المنخرطين فيه من الطائفة السبئية(الشيعية)إلا إنني لا أستطيع أن أفعل شيئا مما يمكن أن يفعله غيري ممن هم في وضع أفضل في سجن البلاد الأوسع بفعل نظام تحالف مكونات الحركة العلمانية اللائكية نظام تحالف7 نوفمبر الرهيب الاستبدادي بقيادة العسكري زين العابدين بن علي، وخارج السجن المضيق الذي يؤكد الإستئصاليون”الديمقراطيون” في بلادنا أنه المكان الطبيعي للأحرار. ولا أستطيع حتى أن أتابع الحدث لحظة بلحظة وأن أواكب عن كثب تطور الأحداث وسير المعارك، لأن السجان يخشى على ضحاياه حتى من تسرب الكلمة والمعلومة والخبر. و ليس لي من حظ في الإعلام هناك إلا بالقدر الذي يسمح كبير حراس السجن الكبير في السجن الكبير وكبير حراس السجن المخيف الصغير في السجن الصغيربه.

 

و كان يوم 19 مارس 2003- وهو اليوم السابق لغزو التحالف الأمريكي البريطاني الصليبي لبلاد الرافدين،بمباركة النظام العلماني اللائكي الهجين، والتقليدي الرجعي المحافظ في الوطن العربي والعالم الإسلامي، هو اليوم الذي قضت فيه محكمة الإستئناف بإقرار الحكم الإبتدائي الصادر في حق مجموعة من الأخوة ظلما وعدوانا،وكان واحد منهم فقط بحالة إيقاف معي وهو الأخ: مضر بن جنات وأخوين آخرين بحالة فرار بحكم وجودهما بالمنفى بين مختار ومضطر لذلك حتى ذلك الوقت وهما: عباس بن محمد الشيحي- والسيد بن محمد الفرجاني، والقاضي بسجننا مدة عام وشهر من أجل الإحتفاظ بجمعية غير مرخص فيها. في إشارة إلى الإنتماء إلى حركة النهضة الإسلامية، أقوى حركات المعارضة في تونس. ومع منتصف ليلة اليوم الموالي الموافق لــ 20 مارس، اشتعلت النيران في عاصمة الرشيد ببلاد الرافدين، جراء القصف الصاروخي والمدفعي المكثف وقصف الطائرات الأمريكية البريطانية بعد أن أتخذ القرار بإعلان الحرب على العراق في العاصمتين الأمريكية والبريطانية واشنطن ولندن، وبعد أن توج ذلك بقمة إمبريالية استعمارية صليبية مدعومة بالنظام العربي العميل وبالشتات اليهودي والحركة الصهيونية العالمية وكيانها العنصري بفلسطين المحتلة، اجتمع فيها زعيم أكبر دولة استعمارية عرفها التاريخ الحديث، وهو رئيس الوزراء البريطاني العمالي توني بلير، وزعيم أكبر دولة إمبريالية عنصرية، ما زال الزنوج فيها يعانون من الميز العنصري بعد أن تمت إبادة الهنود الحمرـ السكان الأصليين للقارة الأمريكية-إبادة شبه كاملة، وزعيم أول دولة في العالم استعملت السلاح النووي ضد الشعب الياباني، وهو الرئيس الأمريكي المسيحي اليهودي جورج بوش الصغير،وزعيم دولة محاكم التفتيش المشهورة،رئيس الوزراء الإسباني:أزنار،و بعيدا عن أروقة الأمم المتحدة هذه المرة، بعد حصول انقسام في المعسكر الغربي الصليبي، وخلاف حول توقيت وكيفية إسقاط النظام العراقي، ونزع ما كان يعتقد أنه كان يملكه، أو ما كان بصدد تطويره من أسلحة للدمار الشامل، وكيفية اقتسام المنافع وتحقيق المصالح من طرف جهات استعمارية إمبريالية معادية شديدة النهم والجشع.

كانت المعاناة شديدة، وكان الكرب عظيما. كانت معاناة أنطقت لسانا كانت تحسب عليه كلماته كل يوم، وتحصى عليه كلمة كلمة. وكان أشد ما يخشى من صاحبه كلماته.وكان حراس السجن لا يهتمون في تفتيشه اثناء حملة التفتيش التى يقومون بها في كل مرة لنزع الأشياء الحادة التي يخشى أن تقع بين يدي سجناء الحق العام، والكشف عن سائر الممنوعات، من أقراص مخدرة أو نقود وعطورات، وكل ما هو غير مسموح به داخل الغرف أوخارجها، مما يمكن تسريبه بطريقة أو بأخرى، وهي الأشياء التي لا يمكن أن تمر إلا عبرهؤلاء الحراس أنفسهم، إلا بما يمكن أن يكون قد رسمه على الورق أو غيره مما يمكن أن يصدر منه أو مما يمكن أن يكون قد تلقاه من خطاب. وكان الإهتمام شديدا- في غير مبالغة- حتى بما يمكن أن يجول بخاطره، أو ما يمكن أن يراوده من أفكار، قد تكون ضد سياسة المستبد الأكبر، وما يمكن أن تلحقه به من ضرر؟

 

كانت معاناة أسالت مداد قلمي بما كنت أعتقد يومها أنه لا يصلح إلا أن يكون مقالا يقع تسليط الضوء فيه على تكامل مجهود المشروع الإستبدادي للنظام العربي العلماني اللائكي الهجين والتقليدي الرجعي المحافظ والنخب الداعمة لهما في المنطقة العربية وفي أوطان شعوب الأمة الإسلامية، والمشروع الإستعماري الإمبريالي الغربي الصليبي المتحالف استراتيجيا مع الكيان الصهيوني.

 

تعمدت منذ البداية أن لا أصوغه صياغة إنشائية منظمة مترابطة. وحرصت على أن يظل في شكل مسودة تحمل بعض رؤوس الأقلام المعبرة عن بعض ما جال بخاطري وبفكري في ذلك الوقت، وفي ذلك المكان، وفي تلك الظروف من أفكار قد أوحى لي بها المشهد الإعلامي الرسمي الرديء. وأذكر أن أحد مذيعي نشرة الأخبار في تلك الليلة أو في الليلة الموالية في قناة تحالف7 نوفمبر: ت7 – الرسمية قد علق على القصف الأمريكي البريطاني للعاصمة بغداد وهي تحترق في صورة، وقع نقلها عن قناة أبو ظبي، بقوله في توجيه أنظار المشاهدين له ” هذا المشهد الجميل” ولم يستدرك ولم يصحح ولم يعتذر.

 

والذي جعل مسودة الأفكار تفلت من المصادرة، ويحول دون الإنتباه إليها، أنها كانت مصاغة في 8 صفحات كراس عليه ختم السجن، كنت قد تسلمتها من الأخ: الهادي المجدوب مع بعض الأعراض لما غادر السجن بعد إنهاء عقوبة مدتها عشرة سنوات. وحرصت على أن تكون مع مجموعة من المقتطفات كنت أنقلها عليه من بعض الكتب التي كنت أستلمها من مكتبة السجن بين الحين والحين.

 

وفي المرة التى أصبح متأكدا لدي فيها أنه لن يسمح لي بمغادرة السجن بأي شيء مكتوب، حتى بعض صفحات الجرائد التى كان يسمح لنا في بعض الأحيان باقتنائها، انتزعت كل الأوراق المكتوبة من الكراس و سلمتها – في مجازفة بها – كنت أسال الله أن تكون عواقبها سليمة- إلى أحد سجناء الحق العام بالسجن المدني بالقيروان ليخرجها مع بعض أغراضه التى يخرجها في كل مرة لأهله في اليوم الذي يؤدون إليه فيه الزيارة.

 

وبعد قرابة الشهرين من مغادرتي سجن القيروان، التحقت بمنطقة إقامة أهله في مهمة عائلية متعلقة بالتهمة المحال من أجلها للسجن كان يجد حرجا من التحدث إليهم فيها أثناء الزيارة، كان قد كلفني بها اليهم، وكنت قد وعدته بذلك، واستعدت تلك الأوراق التي كان من بينها تلك المسودة التي أمكن تحويلها إلى هذا العمل الفكري الذي وقع الإهتمام فيه من خلال رصد للمشهد العراقي ولساحات الصراع العربي الإسلامي مع قوى الإستعمار الغربي المتحالفة مع الأنظمة العلمانية اللائكية والأنظمة التقليدية الرجعية المحافظة في المنطقة العربية وفي أوطان شعوب العالم الإسلامي الأخرى. وقد رأيت أن المسالة الثقافية تمثل حجر الزاوية في طبيعة القوى المتصارعة وفي طبيعة المعركة. وفي الوقت الذي انصرف فيه اهتمام المراقبين والمحللين والمتابعين من الخاصة والعامة للشأن العراقي للمسألة المادية، ولثروات العراق، وخاصة ثروته النفطية بحكم طغيان النزعة المادية على تفكير الناس وتاثيرها القوي جدا على واقعهم، وهي الصفة الملازمة لثقافة الحضارة الغربية وخاصية من خاصياتها وأصل من أصولها، والمادة فيها هي الهدف والغاية أولا وآخراـ انصرف فيه اهتمامي إلى جانب ذلك إلى كيفية استهداف قوات الإحتلال للعراق، الطريقة التى تعاملت بها مع الملف المادي والمعنوي .

 

وقد لاحظت كيف أن القوات الغازية قد سارعت إلى تأمين ضخ النفط والسيطرة على منابعه وموانيه. وكيف أنها فسخت المجال للرعاع ولشبكات السرقة والنهب والتهريب، وبإشراف مباشر منها، وعلى مرآى ومسمع من جنودها للعبث بأهم ما له علاقة بثقافة وحضارة الشعب العراقي وأمة العرب والمسلمين، وبالثقافة الإنسانية عامة، والذي يمثله المتحف الأثري ببغداد والمكتبة الوطنية. وذلك ما تأكد لي من خلاله أن المعركة تحكمها ثلاثة أهداف رئيسية:

– الهدف الاول: هو النهب المادي و نزع ثروات الأمة وتدمير إمكانياتها وقدراتها المختلفة بالقوة.

– الهدف الثاني : هو إلغاء وإتلاف ثقافة وحضارة وذاتية وخاصيات الآخر العربي المسلم.

– الهدف الثالث : هو مواصلة فرض خاصيات ثقافة وحضارة الرجل الأبيض بالقوة كذلك.

 

و لم يكن الوضع في العراق إلا منطلقا للحديث عما كان وماهو كائن وما يجب أن يكون، في أسلوب كان مقصود فيه تداخل الأحداث الراهنة والقديمة بالتحليل، ورصد الظواهر الإجتماعية والثقافية والسياسية ومحاولة فهمها وتشريحها، مع الحرص على مزج كل ذلك بالمقاربة بين الثقافة العلمانية اللائكية الغربية الأصلية في أوطانه والهجينة في أوطان أمتنا والتي هي ثقافة التغريب والإنبتات والإلحاق والإندماج، والثقافة العربية الإسلامية الأصيلة التي هي ثقافة المقاومة والتحريروالإستقلال، في بعض الأوجه، وفي مواقع الائتلاف والإختلاف بينها، والتى تبين لي من خلال هذه المقاربة في ما أمكن المقاربة فيه مما وقع التعرض إليه من قضايا، أن أوجه الإختلاف بين الثقافتين هي الغالبة، إذا لم يكن بالإمكان القول أنهما يمثلان النقيض ونقيضه، إذا ما استثنينا الجوانب العلمية والتقنية والعقلية البحتة في الحضارة الغربية، والتي لم يكن الغرب سابقا لها. والذي يميز حضارته فيها القدرة الفائقة على تطويرها، بما جعلها تحدث نقلة نوعية في نمط عيش الإنسان، وما أكسبها من تعقيدات وبما جلبته له من نفع، وما ألحقته به كذلك من أضرار. وإذا كان لا مجال للمقارنة بين الحضارتين في تطوير العلوم والتقنية والمعارف، إلا أن الذي نستطيع أن نؤكده، أن الحضارة الإسلامية لم تبلغ بحياة الإنسان الحد من التعقيد الذي أبلغته إياها الحضارة الغربية. و م تتحقق له من خلالها إلا المنافع ووقع تجنيبه فيها المضار والمفاسد والمخاطر.

 

ونظرا لتشابه الأوضاع في أوطان شعوب المنطقة العربية وأوطان شعوب العالم الإسلامي، وفي القطر العراقي – بقطع النظر عن الوضع الإستثنائي فيه- كان الوضع العراقي منطلقا للحديث عن الأزمة السياسية والثقافية و لإقتصادية والإجتماعية المعقدة، وتداعياتها على أبناء شعوب الأمة في علاقتهم بأنظمة الإستبداد والعمالة في المنظمة وفي العالم الإسلامي، وبقوي الهيمنة في التحالف الصليبي اليهودي. ولا أدعي أني أملك من المعطيات ما يكفي ليكون العمل أكثر دقة وأكثر ثراء وأكثر ضبطا للمعلومات وللنتائج والإستخلاصات. إلا أن الذي تم التعويل عليه أكثر فيه، هو الرصد المتواصل للأوضاع من خلال الإعلام المرئي والمسموع، وما يكتب هنا وهناك في ما هو متاح من الإعلام المكتوب، في بلد جعل النظام فيه من أكبر أعدائه لا خصومه أصحاب الرأي، ورجال الفكر الحر والكلمة والثقافة الجادة الهادفة الملتزمة. هي قراءة للمشهد الداخلي والخارجي الوطني والإقليمي والدولي عربيا إسلاميا، علمانيا لائكيا، و تقليديا رجعيا محافظا، وغربيا أورو- أمريكيا صليبيا يهوديا، وإمبرياليا استعماريا، من خلال ما هو معلوم من قضايا الأمة ومن القضايا الدولية، استنادا إلى أبعادها التاريخية ماضيا وحاضرا ومستقبلا.

 

وإذا كان يبدو للبعض أن القوى متعددة في هذا العالم المختل توازنه لصالح الغرب ولصالح الإمبراطورية الأمريكية بصفة خاصة، إلا أني لا أرى إلا أن العالم قد تأكد انقسامه مرة أخرى إلى معسكرين مختلفين عقائديا وثقافيا وحضاريا:

ـ معسكر الإستكبار والهيمنة والظلم والتسلط ،والذي يمثله الغرب الإستعماري الإمبريالي الصليبي اليهودي، والانظمة العلمانية اللائكية والتقليدية الرجعية المحافظة الهجينة في المنطقة العربية وفي أوطان شعوب بقية العالم الإسلامي والنخب الداعمة لها.

ـ ومعسكر الإستضعاف الذي تمثله حركة التحرر العربي الإسلامي وقوى الإحتجاج الجماهيري الغربي في العالم التى اضطرت أمام اختلال موازين القوة لغير صالحها لمواجهة قوى الهيمنة الدولية والإقليمية الداخلية والخارجية، بكل الوسائل دفاعا عن نفسها وعن أوطانها وشعوبها ومصالحها، بعدما تبين لها أن معسكر الإستكبار المعادي للشعوب وللإنسان والذي يقدم نفسه على أنه قوة بناء وتعمير، ليس إلا قوة هدم وتدمير.

 

وليس ما يمكن أن يرى فيه القارئ هجوما على الثقافة الغربية والحضارة الغربية نفيا لما في هذه وتلك من منافع ومن إيجابيات وجوانب قوة واسعاد للإنسان. وليس ما يرى فيه ترغيب وإطراء للثقافة العربية الإسلامية وللحضارة الإسلامية إنكارا لما في هذه وتلك من سلبيات ونقائص ومفاسد وأضرار بالرجوع إلى مسيرة قرون من الزمن، استنادا إلى ماهو تاريخي قيها، وبالرجوع إلى الأصل، فإن خلل الثقافة الغربية في أصولها النظرية وفي ثوابتها، مما جعل جانبها التاريخي أكثر بشاعة. أما الثقافة العربية الإسلامية، فإنها – نظرا لطبيعتها الربانية، بالغة من الرفعة والسمو في جانبها النظري وفي أصولها وثوابتها ما ليس لثقافة غيرها، مما جعل جانبها التاريخي أقل رداءة. وبقدر ما كان فيه من الأخطاء والتجاوزات، إلا أنه لم يبلغ مستوى البشاعة التى وصلت إليها الثقافة الغربيةـ بالنظر إلى طبيعتها البشرية ذات الأصول التوراتية الإنجيلية المحرفة. وليس ما يمكن أن يرى فيه القارئ هجوما على النخب العلمانية اللائكية والتقليدية المحافظة تكفيرا لها أو إنكارا على البعض منها على الأقل، صدقها في الإنتصار لقضايا الحق والعدل والحرية، والإنحياز للشعوب والأوطان، وصدق في مواجهة قضايا الأمة ومشكلاتها واعدائها الخارجيين والداخليين، من قوى الهيمنة العالمية وأنظمة الإستبداد، ومن محاولة إيجاد صيغة للتعامل مع قوى المقاومة في حركة التحرر العربي الاسلامي. و ليس ما يري فيه اطراء للظاهرة الاسلامية و لقوى المقاومة في حركة التحرر العربي الإسلامي وانحياز لها هو إنكارا لما فيها من سلبيات وأمراض ونقائص، وما ارتكبته و ترتكبه وما يمكن أن ترتكبه من أخطاء، ولا إنكارا لما في بعض نخبها وقياداتها ورموزها من تزمت وتخلف وتحجر أحيانا. وليس في معرض الحديث عن الغرب وفي هجومه علينا وإظهار معاداته لأمة العرب والمسلمين مبالغة. ولم يكن ذلك بدافع العداوة وردة الفعل. إلا أن كل الممارسات والأفعال تفيد ذلك. وجل الأقوال والتصريحات تؤكد ذلك. ولا يعني ذلك أنه لا خير فيه أو أنه ليس فيه منصفون ولاأنصار للحق والعدل والحرية وإن قلوا. وإذا كان مهما ومفيدا الوقوف عند هذه الإستثناءات، إلا أن ذلك لا ينقص من قيمة الدراسة، إذا لم تقع الإشارة فيها إلى ذلك، لأن الإستثناءات قليلة دائما وفي كل شيء. والتاكيد على الأصل هو الذي يعتبر رصدا للظاهرة، ووقوفا عند القضية. ومن خلال ذلك ومن خلال ذلك فقط ،يمكن الإنتهاء إلى أوجه الحق والباطل فيها، والخطإ والصواب، والقوة والضعف، والنفع والضرر.

 

و لقد حرصت على أن أكون صريحا وواضحا في ما أقول، بقطع النظر عمن يوافقني في ذلك أو من يخالفني، و بقطع النظر عمن يغضبه ذلك أو يرضيه، و بقطع النظر عمن يقبل بذلك أولا يقبل به، إنما هي حقيقة المشهد كما أراها وكما أفهمها وكما تؤكدها الأحداث والأقوال والأفعال ماضيا وحاضرا. ومن حق أي كان أن يكون له فهمه في قراءة المشهد وفي رأيه فيه، بخلفية معينة، أواستنادا إلى مرجعية معينة، أو بالنظر إليه من زاوية معينة، أو لغايات وأهداف معينة. ولا ينبغي لمن يكتب ـ وإن كان يكتب لكل الناس ـ أن يكتب ليحضى برضى كل الناس لأن رضى الناس حاجة لا تدرك. وهو مطالب بأن يكون واضحا في ما يكتبه وأن يكون مسؤولا عن مواقفه وعن النتائج التى ينتهي إليها في ما يكون قد كتب، وفي ما يمكن أن يكتب، وعن الأحكام التى يصدرها عن هذه الجهة أو تلك، وفي هذه المسألة أوتلك، وفي هذه القضية أو تلك. لأن العمل الفكري والفني والأدبي إنما يستمد قيمته مما يكون عليه صاحبه من جرأة في غير تهور، وفي غير مجانبة للحق والصواب في مواجهة الواقع الموضوعي، وفي تناوله للقضايا الأكثر إثارة والأكثر خطورة وحساسية.

 

ولذلك حرصت على أن أكون صريحا وواضحا في إبداء الرأي في ما تعرضت له من قضايا، وفي الموقف من الجهات والأطراف المشكلة للنسيج الثقافي والسياسي والإجتماعي الوطني والإقليمي والدولي، ذات العلاقة بقضية التخلف والإنحطاط التي تفشت في الأمة، وبطبيعة العلاقة بين شعوبها، على المستوى الداخلي، وما بينها وبين الجهات الخارجية، والتداخل الحاصل في ما بينها ائتلافا واختلافا وتوافقا وتناقضا، وفي قضية المخاطر التي تحيق بأبناء شعوب الأمة وسائر أبناء الشعوب المستضعفة، والتهديدات التى تمثلها عليها قوى الإستنكار العالمي الغربي، والقوي الداخلية الموالية لها، وفي ما عليه الأمة من تمزق وتشتت، وارتهان قيادات بلدان شعوبها للأجنبي الغاصب المحتل، ومعانات قيادات شعوبها والأحرار من أبنائها، مما تتعرض له من اضطهاد داخلي وتهديد خارجي. وفي قوى المقاومة الفكرية الثقافية والإجتماعية والإقتصادية والعلمية والسياسية والعسكرية، وما تعانيه من اضطهاد ومطاردة ومحاولة استئصال. وماهي عليه من مواجهة وصمود وتصدي بكل الوسائل الممكنة والمتاحة، دفاعا عن النفس وعن شعوب الأمة وأوطانها وسائر المظلومين والمضطهدين والمحرومين والمقهورين، فرضا للذات وتحريرا للشعوب باتجاه تحرير الأوطان من الإستعمار والإحتلال الخرجي والإستبداد الداخلي.

 

ليس هذا العمل الفكري إلا محاولة جد متواضعة، لا أزعم أني أحطت فيها بالإشكال الثقافي، وبقضية صراع قوى التحرر العربي الإسلامي مع القوى المناهضة للمشروع الثقافي العربي الإسلامي لهذه القوى، بما يمكن أن يحيطها به من هم أقدر مني على ذلك، في المواقع التي تؤهلهم إلى القول فيها بما يمكن أن يكون أجدى وأقوم، وأعم و أعمق وأشمل، وبما يمكن أن يكون بين أيديهم من معطيات ومعلومات ووثائق يتبين لهم من خلالها ماهو أكثر صوابا وأقرب إلى الحق والعدل، بما يجعلها أكثر وضوحا وأقل تعقيدا، وأقرب إلى الفهم والإستيعاب وأكثر نفعا.

 

إلا أن ذلك لا يعني أنه لا يمكن أن يكون هناك جدوى من محاولة معالجة هذه المسائل من طرف من هم أقل من ذلك، لاسيما أن الإشكال ليس رياضيا ليتم الإنتهاء فيه إلى معادلة رياضية، وإلى حقيقة علمية، ولكنه من المسائل التى يمكن أن يكون لأي كان فيها رأي. ولرب رأي يبدو للبعض أحيانا أنه خاطئ ويكون فيه ومنه خير كثير، إما لما فيه من بعض أوجه الصواب لأنه لا يمكن أن يكون خطأ خالصا، أو لما يمكن أن يكون عليه من أوجه الخطأ، أو ما يبدو للبعض خطأ خالصا، فيكون ذلك مصدر استفزازا لمن هم أقدر على إبداء الرأي فيه، فيكون من محاولة النقد والتصويب والنفي والإثبات خير كثير.

 

هي محاولة مبتدئ زح به في عالم الفكر والثقافة إحساسه بأوجاع الأمة وآلامها وهمومها، وآمال وطموحات وحقوق أبنائها. والمظالم والتهديدات والمخاطر المحيقة بها. والدمار والخراب الذي حل بها، والفساد الذي استشرى في أوساط أبناء شعوبها بفعل جهات وأطراف داخلية و خارجية. وبما يحيق بالإنسان المقهور من مخاطر الدمار والضياع والفوضى التي تزرعها قوى الإستكبار العالمي في العالم. والمتأكد أن أشدها خطرا على الإطلاق هي الجهات والأطراف الداخلية لأنها تنخر كيانها من الداخل، بما يسهل على القوى الخارجية مهامها في التدخل المباشر السافر لانتزاع سيادة الشعوب عن أوطانها، وهي الفاقدة لها في الحقيقة أصلا بفعل القوى المتغربة أو المحافظة الهجينة أو بها معا، وبفعل النهب والقتل والتشريد والإذلال.

 

هي محاولة أشعر أني لم أستوف الموضوع فيها حقه من الإحاطة والوضوح المطلوبين لما يتطلبه ذلك من تمكن من الإلمام بالعمق المطلوب بثقافة الغرب، ومن إحاطة أفضل بالواقع، ومن رصد أدق للأحداث، ومن استلهام كاف للثقافة العربية الإسلامية ماضيا وحاضرا، في بلد ليس فيه من هو أكثر عداء للثقافة والعلم والمعرفة من القيادة السياسية التى ابتلي بها شعبه. كيف لا وهي التي يغلب على رأس هرمها الجهل إلى درجة الأمية ولا مصلحة له في هذه الثقافة أو تلك ، وهو ليس معنيا بها. وهوالذي أوكل المهمة لجسم الهرم المعادي عداء مبدئيا لثقافة وحضارة وعقيدة الشعب والامة ، والجاهل بثقافة الغرب، وليس معنيا منها إلا بما يتحقق له من خلالها من نفع مادي شخصي أو فئوي أو جهوي أو طائفي أو حزبي، وقد جعل عداءه لهذه من عدائه له ولها، وجهله بتلك من جهله به وبها . وليس لهذا الهرم كله من هامة رأسه إلى إخمص قدميه من عداء أشد من عدائه للعلم والمعرفة والثقافة عموما، وللثقافة العربية الإسلامية خصوصا. مما جعل من الطبيعي حرمان المحكوم عليهم بالسجن من أبنائه من آخر الإصدارات ومن كل جديد، مما له علاقة بعروبة الأمة وإسلامها، ولكنها محاولة جادة في حدود الإمكان، لم أراع فيها نيل رضا أي جهة، ولم أبال فيها بغضب أو رضى أي طرف علي. وكان كل الذي يحدوني فيها السعي إلى نيل الرضى من الله سبحانه وتعالى وهو نعم المولى ونعم النصير ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم./.

 

(المصدر: مدونة الأستاذ علي شرطاني بتاريخ 20 نوفمبر 2007)

الرابط: http://chortani.wordpress.com/

 


 

 

فَوْضَى

شعر: بحري العرفاوي

 

أَعْرفُ أنَّ عَنَاوينَ المُحتَرِبِينَ

فِي وَمْضِ البَرْقِ

وَ أَعْرفُ أنَّ الفَوضَى فَلْسَفةُ الفَتْق

و أَعرفُ أنَّ “الرِّدَّةَ” تَبدأُ منْ قَوْلِ الحقِّ

*****

نَخُوضُ “الفَوضَى”

قَالَ صَديقٌ لاَ أَعرِفهُ قطُّ

و قَالَ كذَلكَ باسم الله

فقُلْتُ: حَذَارِ

الحِكْمَةُ فِي “الحُمْقِ”!

وبَيْنَ الحِكْمةِ و “الحُمْقِ”

مَوَاقِيتُ النُّطْقِ!

 

*****

تَوَكَّلْ… إنَّكَ لاَ تَعْرفُنِي بَعْدَ اليَوْمِ

وَ لاَ أَذْكُرُ أنِّي رَأيتُكَ…

لَا أَجدُ أثَرًا للْملْحِ أو الّسُّكرِ فِي الحَلْقِ!

*****

نَشْرعُ في “الفَوضَى”

مَوعِدُنَا “الصُّدفةُ” و الحبرُ

و حَيثُ يَهيجُ نبَاتُ الأَرضِ

و يمْتزِجُ البَرَدُ بالوَدْقِ

نَهِيمُ علَى “الفَوْضى”

و حَيثُ يكُونُ فَراغٌ نَبْصِمُ فِي العُمقِ

و لاَ خوفَ مِنَ الرِّيحِ

مَا دَامتْ تَعصِفُ بالْـ”فَوْقِ”

مَا دَامَ الغَربُ عَلَى الشَّرقِ

*****

تِلكَ مَسارِبُ شتَّى

و فِجاجٌ عدّه

و بحيث… يكُونُ عُنوانُ العَاشقِ فِي العشْقِ

وَ لاَ أثَر للمَاشينَ!

و لَا أثَرَ للِقاءِ الصِّدقِ!

*****

بَادئَ ذِي فَوضَى

نَشْرَعُ فِي تحْريكِ خُثَارِ التَّاريخِ

و تَبدِيلِ الأَسمَاءِ

و تَعلِيمِ الأَطفَالِ أنَاشيدَ الشَّوقِ

نُطلقُ أسمَاءَ الطَّيرِ علىَ أوْكارِ المَقْصُودِينَ

و نعُدُّ “البَيْضَ” بأرْقَامٍ فِي سرِّ الخَلْقِ

و نُسَمِّي منْ لاَ نَعرفُهُم

و نُودِّعُ منْ يمْشِي.. و نُحَيي مُبتَسمِينَ بلاَ ضِيقِ!

تِلكَ تَعَاليمُ الفَوضَى

و تَعَاليمٌ تَكْتَسَبُ بالحِذْقِ

و مُغَالبةِ الطَّبعِ، و عَجْنِ الأَشْكَالِ

و تَسْيِيلِ المَعْدَنِ و المَعنَى

و طَمسِ عَلَامَاتِ السَّيرِ و آثَارِ السَّبْقِ

 

(المصدر: صحيفة “مواطنون” (أسبوعية معارضة – تونس)، العدد 36 بتاريخ 13 نوفمبر 2007)

الرابط: http://www.fdtl.org/IMG/pdf/mouwatinoun_36.pdf


 

العشرون القبيحة… و منحة “التكالب”

 

العشرون بالمائة التي تُسند من مقاعد مجلس النواب و المجالس البلدية لأحزاب من المعارضة، فاضت بعد خطاب السيد رئيس الجمهورية الأخير بخمس بالمائة إضافية. و ستفيض خزائن الأحزاب البرلمانية بضعف ما فيها.

هذا أهم ما قُدم مؤخرا في اتجاه تطوير الحياة السياسية، و الجميع يعلم أن هذه ليست الإصلاحات المنتظرة التي من شأنها أن تنهض بالوضع السياسي في بلادنا.

إن دعم الأحزاب ماليا أمر هام حتى تؤدى وظائفها في ظروف مريحة و بأكثر نجاعة، على أنه من الضروري أن تكون هناك وظائف و برامج و أدوار لمن يُمنح من أموال الشعب عشرات الآلاف من الدنانير، و لا نعلم مدى المحاسبة التي تقوم بها أجهزة الدولة للممثلين القانونيين الذين يسحبون و يُنفقون و يطلبون المزيد.

و بدون كيل التهم لأحد، نحن على يقين أن هناك سوء تصرف كبير ومعيارنا بسيط جدا، نقدمه عبر التساؤل التالي: هل تمظهرت هذه الأموال التي تتجدد كل سنة في شكل ندوات كثيرة و هياكل ممثلة و جرائد قادرة على صناعة رأي عام ورؤى و برامج تستقطب جمهورا و تقنع و تحرك الساكن؟ كأنما هذه الأحزاب حفر تبلع المال و نادرا ما نرى نبتة خضراء أو مزهرة على بساط الأفعال.

و بطبيعة الحال هذا الكلام ينسحب بالدرجة الأولى على الحزب الحاكم، الذي لا يُنتج غير “الصور” و حفلات “البروباغندا” البائسة، لقد أصبح جسما منتفخا و أداء هياكله روتيني و حذر،  فالنافذون في هياكله الوسطي (على وجه الخصوص) أصحاب مصالح خاصة و مآرب ذاتية يتشكلون في إطار لوبيات لهم تقنيات قناصة، لا يرحمون من يفكر، و لو من داخل حزبهم، بأي تغيير فالأمر يشكل خطرا على نفوذهم و مواقعهم التي امتلكوها، شعارهم: الغاية تبرر الوسيلة.. اقتل أخاك!

و الطيبون أفراد موزعون هنا و هناك، مازلوا يؤمنون، لصدقهم أو لسذاجتهم، أنه بالإمكان خدمة المجموعة من أي موقع، و سرعان ما يتعبون، و ينتهي بهم الأمر إلى بيوتهم، يائسين و قد انطفأت جذوة الحماسة فيهم بعد أن عاينوا الخروقات التي لا تحصى، فينوبهم أمثالهم الذين لن يكونوا غير أدوات تُسخَّر، و جُهدهم يُستثمر في ألأرصدة السياسية لبعض الجالسين على كراس فاخرة.

هذا علاوة على أن ميزانية الحزب الحاكم لا تقتصر عما هو مُشرَّع قانونيا فمصادر تمويله كثيرة جدا خاصة و أنه مرتبط بمؤسسات الدولة.

و رغم الأداء الضعيف، و غير الفاعل و المرتكز على الأوامر العليا،  للأحزاب “الموالية” للنظام فإنها تُكرَّم و تُدعَّم ماليا، وهذا الأمر ليس لما تقوم به لصالح البلاد و لكنه يندرج في إطار حرص نظام الحكم على دعم “جواره السياسي” الذي يحتاجه ديكورا للمناسبات القادمة أكثر من ذي قبل.

من ناحية أخرى، شكلت العشرون بالمائة و التي ستكون مستقبلا خمسا و عشرين بالمائة من تمثيلية أحزاب يقع الرضى عنها من طرف السلطة، عائقا كبيرا، و أحد أكثر الأمور سلبية في المشهد السياسي و في الأداء السياسي لعدد من الأحزاب، و ذلك لجملة من الأسباب، نسوق أهمها من خلال النقاط التالية:

في غياب انتخابات حقيقية ليس من إمكانية للوصول إلى البرلمان إلا باتفاق مع نظام الحكم، و هذا يشترط –دون شك- تقديم جملة من الخدمات و التنازلات.

تمثل هذه التقنية عائقا لعمل الأحزاب المعنية بها ذلك أن السلطة، التي تختار من بين رؤساء القائمات، ممثلين لكل حزب برلماني، لها شروط في الأشخاص الذين تختارهم. و هذا الأمر ليس لإرادة هياكل الأحزاب أي دخل فيه، لذلك يلهث اللاهثون إلى التعبير عن استعداداتهم لخدمة الحكم و لا أهمية لمدى حضورهم داخل أحزابهم، و المهم أن يُحضى برئاسة قائمة.

مباشرة بعد كل انتخابات تبدأ الصراعات على رئاسة القائمات، فهناك حرب سرية يومية و قاسية بين المنتسبين للأحزاب، و يصل التنافس أحيانا إلى مستويات لا أخلاقية بالمرة. و هذا عامل يمنع أي إمكانية لفعل حقيقي. و لنراجع مُدَوَّنة ما نُشر بالصحف منذ 1999 (فقط)، من أخبار هذه الأحزاب، سنجد أن أكثرها مرتبط بالخلافات و الصراعات و الطرد و التأديب و الانشقاقات.

إن هذه العوامل، و غيرها جعلت من مجلس النواب، الذي يفترض حسب الدستور أن يكون منتخبا، مجلسا مُعينا بالكامل، فممثلوا الحزب الحاكم يقع تعيينهم أيضا، و تلك حرب سرية أكبر.

وداخل الأحزاب التي تنضبط لأوامر نظام الحكم قَلَّ أن يصل إلى البرلمان من هم جديرون بذلك، و غالبا ما يصاب كل من يصل تحت تلك القبة بلوثة حب المكوث هناك، حيث يلهث الجميع إلى تجديد “تعيينهم” فلا يتوانى الواحد منهم عن فعل أي شيء، و لا ضرر بالنسبة إليه أن يُطعم أبناءه من لحم الجياع.

لقد كان من الممكن أن نُثمن الإجراءات الأخيرة، لو لم تكن في ذات النهج الذي يكرس هيمنة النظام الحاكم على الساحة السياسية، و لا يمكن –بأي حال- اعتبار، هذه الإجراءات، خادمة لتحول ديمقراطي منشود، إن “فخ العطايا” قد كبر، و إن الأفواه الطامعة قد اتسعت و سيكثر عددها. كما أن في الأمر رسالة لكل من أراد أن يكون مستقلا عن النظام.

و إن كنا نعتقد أن هناك أحزابا و تيارات سياسية مستقلة عن السلطة فليس منها من ينادي بالقطيعة مع هذه السلطة، على الأقل باعتبار إشارات إرادة الحوار، و على السلطة أن تعمل –من خلال الإجراءات التي تتخذها- على المساهمة في تطوير الحياة السياسية لا على تعزيز هيمنتها و سيطرتها.

و الأكيد أن ثمة العديد من الناشطين صلب الأحزاب المنتفعة بهذه الإجراءات الأخيرة، ممن يؤمنون فعلا بضرورة تطوير المشهد السياسي، و الذين يعتقدون أن أحزابهم لا تقوم –راهنا- بالأدوار النضالية الضرورية لتطوير المجتمع، ولهم إيمان راسخ أن ما أُعطي لأحزابهم سيزيد من عطالتها و من تخلفها، و ستزيد الخلافات الداخلية التي تسببها الأطماع.

سمير بوعزيز

 

(المصدر: صحيفة “مواطنون” (أسبوعية معارضة – تونس)، العدد 36 بتاريخ 13 نوفمبر 2007)

الرابط: http://www.fdtl.org/IMG/pdf/mouwatinoun_36.pdf


 

 

الكلمات

أبحث عن صفة!

 

أنا لا أكتب ضد النظام، ولا أذكر أن فعلت بهذه النية، أنا أكتب لصالح تونس و بمنطق ما أؤمن به و اعتبره خيرا لهذا البلد. هل ستصنفونني معارضا؟

أرجو ألا تفعلوا و اختاروا لي صفة مميزة! فأنا لا أريد أن أصنف في قائمة مبعثرة، و طويلة جدا أغلبها من السياسيين العاطلين، و الحقوقيين “البطالين” و النقابيين المتسكعين بين المقاهي و الحانات. و عدد جديد ممن لم يكونوا في الأصل حاملين لأي مشروع بديل، و لكن –الواحد منهم- لم يجد حظه، أو أنه أستهدف في شخصه فوقف مدافعا عن الشعب (فجأة)، و أصبح زعيما، و هذا الصنف الجديد يحبه النظام كثيرا، لأنه يحجب بظله أصحاب القدرة الحقيقية على التغيير، فيزيد النظام من النفخ فيه و نسج “الأساطير” حوله، و يتجمع حول اسمه السذج فيتعاظم. كما أني لا أريد أن يُدرج اسمي مع معارضة “صْنِيعَهْ” و ليست “خْلِيقهْ”، خلقها النظام من بهتان و من “كرتون”. و أصدقكم القول أنه لو كنت أسمح بلَبوس هذه الصفة لشرفني، تقاسمها، مع قوم من أهل العزة و الصدق، ليسوا على عدد قليل، منهم من أشارك مشاريع جليلة، لكن نفسي أبت أن تحشر في الفوضى و في صورة مكتظة بألوان ذات روائح ثقيلة!

قولوا مثلا: فلان ليس مع نظام الحكم في شيء (هذه طويلة جدا).

قولوا: مناهض (دون علاقة بحركة النهضة)..

قولوا: يكتب (هذه غير واضحة)..

قولوا: من الشعب… أعتقد أن هذه تناسبني، لأن الشعب ليس مع السلطة و لا مع المعارضة، إنه يلعن الأوضاع السيئة، و يبحث عن قيادة حقيقية للبلد. و طبعا مع فارق أمتلكه مع عدد غير قليل من أمثالي: أنا ألعن بصوت مرتفع!

 

عريضة مساندة للأساتذة المطرودين:

أمضي مئات النقابيين و الناشطين السياسيين و الحقوقيين عريضة تضامنا مع الأستاتذة: محمد المومني و علي الجلولي و معز الزغلامي، الذين وقع عزلهم من عملهم كأساتذة تعليم ثانوي دون مصوغات قانونية وعلى الرغم من التقارير البيداغوجية والإدارية الجيدة، و يطالب الممضون وزارة التربية و التكوين  بإعادتهم إلى مقر عملهم و الكف عن اعتماد معايير الولاء السياسي في الانتداب. 

 

(المصدر: صحيفة “مواطنون” (أسبوعية معارضة – تونس)، العدد 36 بتاريخ 13 نوفمبر 2007)

الرابط: http://www.fdtl.org/IMG/pdf/mouwatinoun_36.pdf


 

بكل براءة…

جمعية  تسقط من السَّقف العشرين:

بعد أن كانت جمعية الصحافيين التونسيين موالية لنظام الحكم طيلة العشرين سنة الماضية، رغم ما يُحفظ لها في عديد المناسبات من بعض الفضل على أهل المهنة، هاهو النظام يأمرها بالسقوط من سقف سنته العشرين، فتهوي ميتة بلا رجعة، طمعا في أن تَستنسخ نقابةٌ روحَها.

و قد كتبت “الجمعية” خبر موتها قبل النزع الأخير، من خلال نص البلاغ الأخير الذي صدر يوم 5 نوفمبر الجاري، و هذا نصه:

   ” بناء على قرار الاجتماع  العام يوم 26 أكتوبر 2007 والقاضي بتأسيس النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين و حلّ جمعية الصحافيين التونسيين وتوريث رصيدها  والتزاماتها الوطنية والدولية للنقابة الوطنية للصحافيين التونسيين  وطبقا للفصل  43  من القانون الأساسي لجمعية الصحافيين التونسيين تدعو الهيئة المديرة الزميلات والزملاء المنخرطين إلى المؤتمر الاستثنائي لحلّ الجمعية يومي السبت 15و الأحد 16 ديسمبر2007“.

رحم الله جمعية الصحفيين، لقد كان بالإمكان أن تعيش أكثر، و كان من الممكن أن توجد بموازاتها نقابة لما فيه خير السلطة الرابعة التي لا زالت في جلباب السلطة الأولى مُطيعة و طيِّعة.

أذكروا موتاكم بخير.

 

إذا لم تستح فافعل ما شئت…

مرّة أخرى يصنع مسؤولو قناة تونس 7 الحدث…يفصلّون القماش بعد قيسه ويقصونّه ثمّ يخيطونه فيكون الثوب جميلا كما يشتهون ولائقا على التمثال الذي سيلبسون…مرة أخرى “تفبرك” قناة تونس 7 ملفا تلفزيا وتقدّمه للمشاهدين على أنه تلقائي ومباشر فيصدق المواطن البسيط كلّ ما يقال ويعجب بالصراحة والشفافية خاصة عند حضور أحد وجوه المعارضة !…قناة 7 التي تنجز ملفا مباشرا منذ سنوات ( رغم انتقاء الضيوف المتدخلين ) اقترحت على المشاهد ملفا يثمّن ويبارك انجازات التغيير خلال 20 سنة!… طبعا، لا فائدة من ذكر مداخلات وملاحظات الضيوف الذين ساروا وفق خط واحد يعلمه الجميع…هذا الملف الذي لم يحالفني الحظ في متابعته في سهرة الجمعة 9 نوفمبر أعيد بثه (لأهميته) عند ظهر يوم السبت 10 نوفمبر فأمكن لي أنذاك متابعة بعض فقراته، ولم أكن لأنتبه إلى ما يدور من حوار بين الحضور لولا تدخل الصحفي اللامع مدير إذاعة “موزاييك ” السيد نور الدين بوطار متحدثا عن صحافة المعارضة مثمنّا تعدد المشهد الإعلامي من ناحية وناقدا بعض صحف المعارضة من ناحية أخرى…وحسب رأي هذا الإعلامي فإنّ صحف المعارضة تنقصها الحرفية وهي بمثابة مناشير وبيانات سياسية…هنا ألقى أمين عام حزب معارض معترف به جدّا جملة خبيثة ” ويحبو على الفلوس!…” ثمّ تناول الكلمة متحدثا عن جريدة حزبه ( وقد حمل معه نسخة من آخر عدد منها ) مبرزا أنها منوّعة ( فيها الثقافة والرياضة والتسلية…) بما يبرر التمويل العمومي الذي تتمتع به وهي من اموال المجموعة الوطنية على حدّ تعبيره…الكلمة في هذا الموضوع احتكرها المديران ( مدير الإذاعة ومدير الجريدة ) أما البقيّة فلاذوا بالصمت بما في ذلك الوزير…

كلّهم يعرفون الحقيقة وخاصة أمين عام الحزب المعارض المعترف به جدّا جدّا …لكنهم صمتوا…

هذا التمويل العمومي الذي ينصّ عليه القانون لا تتمتع به إلاّ جرائد لها مواصفات معيّنة…كلّهم يعلمون أن الأحزاب التي رفضت التعليمات تمت معاقبتها بأشكال مختلفة منها حرمان جرائدها من التمويل…أنا متأكد من أن مسؤولي هذا البلد يتصفحون جريدتي ” الموقف ” و ” مواطنون ” ويحللون كلّ كبيرة وصغيرة فيهما إلى ما ينشر في جرائد معارضة الموالاة، لأنّهم يدركون صدق ما ينشر هنا و ” احترافيّة ” ما ينشر هناك، وهم لا يولون أهمية لمسألة الدعم…و من  يعرف ذلك ما كان عليه أن يتطاول…بل كان عليه أن يستحي!…

 

الحجّاج

 

(المصدر: صحيفة “مواطنون” (أسبوعية معارضة – تونس)، العدد 36 بتاريخ 13 نوفمبر 2007)

الرابط: http://www.fdtl.org/IMG/pdf/mouwatinoun_36.pdf


 

خارج السرب

قسمة ونصيب

لم تبدأ احتفالات 7 نوفمبر ولم تنته بشكل عادي وطبيعي بل لقد وقف عدّة أشياء وخصوصا انتظارات بعض المكوّنات السياسية لما سيتكخض عنها عن احتفالات هذه السنة.

فالكثير من ركز في خطاب رئيس الدولة وأوله وفسره واستنتج عدّة نقاط، مثل سلوك النظام في المرحلة السياسية القادمة وهل أنه ( النظام ) سينتجه في اتجاه الانفتاح أم الانغلاق؟ كما انتظر البعض ومازال، من بعض الأحزاب والجمعيات الغير مرخص فيها سيرضى عنها الحكم ويتحصل على تأشيرة النشاط القانوني؟…آخرون، تفتقت مثلا، حول موضوع علاقة السلطة بالإسلام السياسي وهل ستعود علاقة الودّ القديمة أم لا؟.

مواضيع مهمة وانتظارات ساخنة، طرحت ” على الطاولة ” ففي هذه المناسبة والعديد يمني النفس بما ستجود له الإحتفالات، ليأخذ نصيبه ويرفع الإحراج وكفى شرّ المؤمنين قتالا …

بعد الاحتفالات خرج البعض فرحا مسرورا، راضيا عن نصيبه وبعض آخر خرج غاضبا عبوسا لاعنا ألف مرة حظه التعيس.

( وحتى أطمئن الغاضبين )، فهذا أمر طبيعي وقد يرتقي إلى مستوى القانون، فدائما هناك خاسر ورابح ، ذلك أن الرابح عرف كيف ” تؤكل الكتف “، أمّا الخاسر، فهو مسكين، لم تكن أسهمه مهمة في السوق وكتاباته لم تكن في المستوى المطلوب، ومن يعرف، فالمناسبات كثيرة في بلادنا على امتداد العام وقد يكون خاسر اليوم رابح الغد؟ ومن لم يتحصّل على دكان الآن ” سيصطاده ” في الغد، فالوسطاء كثر هذه الأيام! وكذلك من لم يتحصّل على شغل سيفرح به عن قريب…و” الحل السحري” المنتظر من السلطة لمشكل الرابطة قد يظهر غدا…ومن لم يأخذ نقوده اليوم سيأخذها في المستقبل، ( واللّي عند ربّي موش بعيد! )، المهم بالنسبة إلى الغاضبين الآن، هو مزيد من الذكاء ومراجعة القليل من الأسلوب والتكتيك وضخّ المزيد من العطاء إلى الحكم…من يعرف، قد تكون الكمية المعطاة إلى السلطة لا تكفي، فهي تريد المزيد؟؟؟

أنا غاضب من الاحتفالات…ليس من أجل طبيعة الحكم الغنغلاقية ومشكل الرابطة ومساجين الرأي ومسألة الحريات والإعلام والإنتخابات وتسريح العمّال والخصخصة والفساد…فهذا أمر معلوم ويتكلم عنه الكثيرون، بل إنّي غاضب من كمية البالونات والمزامير والملصّقات و” القطو ” التي وقع الإستفادة منها…والتي بثمنها يمكن بناء عشرات المبيتات الجامعية وصرف منح اجتماعية لعشرات الآلاف من الطلبة وكذلك من كمية الغاز والكهرباء ومازوط السيارات التي استعملتها الشعب ولجان التنسيق للتجمع والإدارات على حدّ السواء، والتي بالإمكان مثلا أن يستفيد منها اهالي ” سبالّة بن عمّار ” الذين سيواجهون بردا غير عادي في هذا الشتاء خصوصا وأنّ أغلبيتهم دون مأوى بعد الفيضانات الأخيرة…

وإلى احتفال آخر…

 

(المصدر: صحيفة “مواطنون” (أسبوعية معارضة – تونس)، العدد 36 بتاريخ 13 نوفمبر 2007)

الرابط: http://www.fdtl.org/IMG/pdf/mouwatinoun_36.pdf


 

العشرون القبيحة… و منحة “التكالب”

 

العشرون بالمائة التي تُسند من مقاعد مجلس النواب و المجالس البلدية لأحزاب من المعارضة، فاضت بعد خطاب السيد رئيس الجمهورية الأخير بخمس بالمائة إضافية. و ستفيض خزائن الأحزاب البرلمانية بضعف ما فيها.

هذا أهم ما قُدم مؤخرا في اتجاه تطوير الحياة السياسية، و الجميع يعلم أن هذه ليست الإصلاحات المنتظرة التي من شأنها أن تنهض بالوضع السياسي في بلادنا.

إن دعم الأحزاب ماليا أمر هام حتى تؤدى وظائفها في ظروف مريحة و بأكثر نجاعة، على أنه من الضروري أن تكون هناك وظائف و برامج و أدوار لمن يُمنح من أموال الشعب عشرات الآلاف من الدنانير، و لا نعلم مدى المحاسبة التي تقوم بها أجهزة الدولة للممثلين القانونيين الذين يسحبون و يُنفقون و يطلبون المزيد.

و بدون كيل التهم لأحد، نحن على يقين أن هناك سوء تصرف كبير ومعيارنا بسيط جدا، نقدمه عبر التساؤل التالي: هل تمظهرت هذه الأموال التي تتجدد كل سنة في شكل ندوات كثيرة و هياكل ممثلة و جرائد قادرة على صناعة رأي عام ورؤى و برامج تستقطب جمهورا و تقنع و تحرك الساكن؟ كأنما هذه الأحزاب حفر تبلع المال و نادرا ما نرى نبتة خضراء أو مزهرة على بساط الأفعال.

و بطبيعة الحال هذا الكلام ينسحب بالدرجة الأولى على الحزب الحاكم، الذي لا يُنتج غير “الصور” و حفلات “البروباغندا” البائسة، لقد أصبح جسما منتفخا و بليدا و أداء هياكله روتيني و حذر،  فالنافذون في هياكله الوسطي (على وجه الخصوص) أصحاب مصالح خاصة و مآرب ذاتية يتشكلون في إطار لوبيات لهم تقنيات قناصة، لا يرحمون من يفكر، و لو من داخل حزبهم، بأي تغيير فالأمر يشكل خطرا على نفوذهم و مواقعهم التي امتلكوها، شعارهم: الغاية تبرر الوسيلة.. اقتل أخاك!

و الطيبون أفراد موزعون هنا و هناك، مازلوا يؤمنون، لصدقهم أو لسذاجتهم، أنه بالإمكان خدمة المجموعة من أي موقع، و سرعان ما يتعبون، و ينتهي بهم الأمر إلى بيوتهم، يائسين و قد انطفأت جذوة الحماسة فيهم بعد أن عاينوا الخروقات التي لا تحصى، فينوبهم أمثالهم الذين لن يكونوا غير أدوات تُسخَّر، و جُهدهم يُستثمر في ألأرصدة السياسية لبعض الجالسين على كراس فاخرة.

هذا علاوة على أن ميزانية الحزب الحاكم لا تقتصر عما هو مُشرَّع قانونيا فمصادر تمويله كثيرة جدا خاصة و أنه مرتبط و غير منفصل عن مؤسسات الدولة.

و رغم الأداء الضعيف، و غير الفاعل و المرتكز على الأوامر العليا،  للأحزاب “الموالية” للنظام فإنها تُكرَّم و تُدعَّم ماليا، وهذا الأمر ليس لما تقوم به لصالح البلاد و لكنه يندرج في إطار حرص نظام الحكم على دعم “جواره السياسي” الذي يحتاجه ديكورا للمناسبات القادمة أكثر من ذي قبل.

من ناحية أخرى، شكلت العشرون بالمائة و التي ستكون مستقبلا خمس و عشرين بالمائة من تمثيلية أحزاب يقع الرضى عنها من طرف السلطة، عائقا كبيرا، و أحد أكثر الأمور سلبية في المشهد السياسي و في الأداء السياسي لعدد من الأحزاب، و ذلك لجملة من الأسباب، نسوق أهمها من خلال النقاط التالية:

في غياب انتخابات حقيقية ليس من إمكانية للوصول إلى البرلمان إلا باتفاق مع نظام الحكم، و هذا يشترط –دون شك- تقديم جملة من الخدمات و التنازلات.

كان من الممكن أن يكون هذا الشكل من التمثيلية مقبولا مرحليا لو كان دون إقصاء لأحد، و يُمنح كل حزب عددا من المقاعد حسب درجة حضوره في الجهات.

تمثل هذه التقنية عائقا لعمل الأحزاب المعنية بها ذلك أن السلطة، التي تختار من رؤساء القائمات، ممثلين لكل حزب برلماني، لها شروط في الأشخاص الذين تختارهم. و هذا الأمر ليس لإرادة هياكل الأحزاب أي دخل فيه، لذلك يلهث اللاهثون إلى التعبير عن استعداداتهم لخدمة الحكم و لا أهمية لمدى حضورهم داخل أحزابهم، و المهم أن يُحضى برئاسة قائمة.

مباشرة بعد كل انتخابات تبدأ الصراعات على رئاسة القائمات، فهناك حرب سرية يومية و قاسية بين المنتسبين للأحزاب، و يصل التنافس أحيانا إلى مستويات لا أخلاقية بالمرة. و هذا عامل يمنع أي إمكانية لفعل حقيقي. و لنراجع مُدَوَّنة ما نُشر بالصحف منذ 1999 (فقط)، من أخبار هذه الأحزاب، سنجد أن أكثرها مرتبط بالخلافات و الصراعات و الطرد و التأديب و الانشقاقات.

إن هذه العوامل، و غيرها جعلت من مجلس النواب، الذي يفترض حسب الدستور أن يكون منتخبا، مجلسا مُعينا بالكامل، فممثلوا الحزب الحاكم يقع تعيينهم أيضا، و تلك حرب سرية أكبر.

وداخل الأحزاب التي تنضبط لأوامر نظام الحكم قَلَّ أن يصل إلى البرلمان من هم جديرون بذلك، و غالبا ما يصاب كل من يصل تحت تلك القبة بلوثة حب المكوث هناك، حيث يلهث الجميع إلى تجديد “تعيينهم” فلا يتوانى الواحد منهم عن فعل أي شيء، و لا ضرر بالنسبة إليه أن يُطعم أبناءه من لحم الجياع.

لقد كان من الممكن أن نُثمن الإجراءات الأخيرة، لو لم تكن في ذات النهج الذي يكرس هيمنة النظام الحاكم على الساحة السياسية، و لا يمكن –بأي حال- اعتبار، هذه الإجراءات، خادمة لتحول ديمقراطي منشود، إن “فخ العطايا” قد كبر، و إن الأفواه الطامعة قد اتسعت و سيكثر عددها. كما أن في الأمر رسالة لكل من أراد أن يكون مستقلا عن النظام.

و إن كنا نعتقد أن هناك أحزابا و تيارات سياسية مستقلة عن السلطة فليس منها من ينادي بالقطيعة مع هذه السلطة، على الأقل باعتبار إشارات إرادة الحوار، و على السلطة أن تعمل –من خلال الإجراءات التي تتخذها- على المساهمة في تطوير الحياة السياسية لا على تعزيز هيمنتها و سيطرتها.

و الأكيد أن ثمة العديد من الناشطين صلب الأحزاب المنتفعة بهذه الإجراءات الأخيرة، ممن يؤمنون فعلا بضرورة تطوير المشهد السياسي، و الذين يعتقدون أن أحزابهم لا تقوم –راهنا- بالأدوار النضالية الضرورية لتطوير المجتمع، ولهم إيمان راسخ أن ما أُعطي لأحزابهم سيزيد من عطالتها و من تخلفها، و ستزيد الخلافات الداخلية التي تسببها الأطماع.

 

سمير بوعزيز

 

(المصدر: صحيفة “مواطنون” (أسبوعية معارضة – تونس)، العدد 36 بتاريخ 13 نوفمبر 2007)

الرابط: http://www.fdtl.org/IMG/pdf/mouwatinoun_36.pdf

 

نظرة العرب للتهديد النووي الإيراني

 
توفيق المديني* يربط الرئيس بوش بين الإخفاق الأميركي في العراق و بين تنامي الهيمنة الإيرانية على منطقة الشرق الأوسط،و لهذا قامت وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس بأكثر من جولة لمنطقة الشرق الأوسط ، من أهدافها الرئيسة رص صفوف المعتدلين العرب وراء الإدارة الأميركية . و العرب المعتدلون يمثلون الأكثرية في العالم العربي ، ويتكونون من الدول التالية : بلدان الخليج العربي، ومصر، و الأردن ، والحكومة اللبنانية، والسلطة الفلسطينية وبلدان المغرب العربي.أما المتطرفون أو المتشدددون ، فيشكلون الأقلية،في العالم العربي، ويضمون في صفوفهم:تنظيم «القاعدة» وحزب الله وسوريا، و الجمهورية الإسلامية الإيرانية التي ليست هويتها عربية. و إذا كانت دول مجلس التعاون الخليجي مارست منذ فترة طويلة وبشكل واع سياسة الصمت المنزعجة من البرنامج النووي الإيراني ، فإن الصعود الإقليمي القوي لإيران في العراق ،ولا سيما بعد احتلاله من قبل الولايات المتحدة الأميركية ، وما يحصل حالياً في المنطقة من انقسامات خطيرة على المستويين الطائفي و المذهبي ،والقلق العربي عامة و الخليجي خاصة من الظهور القوي لإيران كقوة إقليمية راديكالية بزعامة الرئيس أحمدي نجاد تطمح إلى السيطرة على الخليج ، هو الذي جعل العواصم العربية التي يطلق عليها اسم «معتدلة» والمعنى أنها حليفة ، ترى أن السلبية لم تعد مقبولة على أكثر من صعيد. من العوامل الرئيسة التي أظهرت البعد والقوة للتأثير الإيراني ، هي حرب تموز 2006، التي حصلت بين إسرائيل وحزب الله.فهذه الحرب التي خلقت أزمة وجودية لإسرائيل لأنها لم تكسبها كما كسبت حروبها السابقة،هي أساسا، لا الوضع الكارثي في العراق هو الذي أطلق تعبئة سياسية غير مسبوقة. على نحو غير مألوف، أظهرت حرب لبنان الثانية ، في نظر القادة العرب عمق وقوة التأثير و الاندفاع الإقليمي الإيراني في المنطقة ،ولا سيما في لبنان .فهذه الحرب، أسهمت في خلق تعبئة سياسية لا مثيل لها، بعد أن أثبتت أن إيران أصبحت اللاعب الأول على الساحة اللبنانية، وأن قدراتها العسكرية المتطورة، التي أظهر «حزب الله» جزءاً صغيراً منها، هي إحدى أهم أوراقها الردعية. و هناك «البراعة» الإيرانية في نسج التحالفات سواء مع أحزاب تنطوي تحت مظلة «الشيطان الأكبر» في العراق؛ أو مع أخرى تناصب واشنطن العداء العقائدي في لبنان، جعلت جمعها للتناقضات الأيديولوجية في سياسة إقليمية تخدم مصالحها الوطنية مثالاً يومياً على براغماتية سياسية قلَّ نظيرها . لقدأخذ الصراع ضد إيران يحتل أهمية متزايدة في الاستراتيجية الأميركية في المنطقة، كلما بدا العراق كحالة ضائعة، إذ عرض رؤساء الاستخبارات في تقاريرهم السنوية أمام الكونغرس ، ما وصفوه بالألوان المتكدرة للخطر الإيراني.. فقد قال مدير الاستخبارات الوطنية المستقيل جون نيغروبونتي إن نفوذ ايران في المنطقة «يتعاظم إلى ما وراء خطر برنامجها النووي». التطورات اللاحقة التي حصلت بعد سقوط نظامي طالبان وصدام حسين، وارتفاع مداخيل النفط، ، وفوز «حماس» في الانتخابات، وما بدا كنجاح لحزب الله في القتال مع إسرائيل،كل هذا مدّد ظل إيران في المنطقة.ولكنه بالمقابل ، ألقى بظلال سلبية كثيفة على العلاقات العربية الإيرانية. وهذا ما أقلق الدول العربية المعتدلة و المتحالفة مع واشنطن،التي بدت خائفة من التوتر المتزايد بين السُنة والشيعة، وتتعرض للانتقاد الداخلي في بلدانها بسبب شراكتها مع واشنطن. المملكة العربية السعودية هي المؤهلة للإجابة عن هذه المخاوف , بمكانتها، وقدرتها الاقتصادية . ومع بداية هذه السنة فتحت طهران والرياض قناة رسمية للتحاور وهذا ما لم تفعله مصر منذ زمن طويل . هذه العلاقة مع إيران متناقضة ومعقدة بما أن الجمهورية الإسلامية متورطة الصراعات الأربعة للمنطقة . لقد عرفت إيران كيف توظف تشدد الولايات المتحدة الأميركية والأوروبيين إزاء حركة «حماس» الفلسطينية لمصلحتها لتتدخل بفضل أموال البترول في ملف كان يعتبر سابقاً شعار ما بعد الثورية. وهي تمتلك في لبنان مع حزب الله سلاحا لا يضاهى ، بالأمس كان اسمه المقاومة ضد إسرائيل ،واليوم دعامة رئيسية من دعائم المقاومة ضد حكومة فؤاد السنيورة . هذا الأخير كان اليد اليمنى لرفيق الحريري ، الذي بنى في العربية السعودية الثروة والعلاقات التي ستفتح له أبواب السلطة في بيروت عام 1992 والواضح أن أمريكا المثخنة بجراح حربها العراقية تأمل مع تل أبيب بتكرار سيناريو الحرب بين العرب وايران عبر تحريض البعض على طهران وتعيينها عدواً للعرب بدلاً من إسرائيل. ومن المؤسف القول إن بعض العرب وبعض الإيرانيين سقط ويسقط في هذه اللعبة التي تظهر أحياناً بمظاهر مذهبية، وأحياناً أخرى بمظاهر قومية أو نووية أو جيواستراتيجية، وأخيراً أفصحت واشنطن عن خطط تسليحية في المنطقة لمواجهة مزاعم مختلقة بوجود خطرإيراني. التقدير الاستخباري الأميركي يرى في التعاظم الايراني خطراً واضحاً على مصالح الولايات المتحدة في المنطقة. واشنطن وطهران مشغولتان الآن في عقد أحلاف إقليمية، يقف الواحد ضد الآخر: إسرائيل ، أبو مازن والأنظمة العربية المعتدلة من جانب؛ سوريا، حزب الله وحماس من جانب آخر. أولمرت شريك في هذا النهج. وفي نظره، الهدف المركزي لإسرائيل في هذا الوقت يجب أن يكون تعزيز المعتدلين في السلطة «محور معتدلين» لدول عربية ترى في إسرائيل شريكاً في المصالح.وأولمرت لا يتوقع عناقاً علنياً مع العرب ، مؤتمرات سلام واحتفالات فاخرة. المريح له أكثر هو التعاون السري، الذي يسير فيه العرب مع إسرائيل في الساحة الخلفية وليس في الصالون. وتأمل إدارة الرئيس بوش زيادة القدرات الدفاعية لحلفائها من الدول العربية ،ولا سيما الخليجية منها ..وتعتقد إدارة بوش أنّ دول الاعتدال العربي باتت تدرك أنّ ما يهدّد أمنها ليس إسرائيل بل إيران. من يشك في ذلك يمكن إقناعه بوسائل متعددة، بعضها سياسي والآخر عسكري.وتبدو الدول العربية المعتدلة قلقة في الوقت الحاضر من رؤية إيران تسيطر على المنطقة في حال انسحاب الجيش الأميركي من العراق. و في المدى المنظور تأمل واشنطن من الرياض أن تساند حكومة نوري المالكي ،على الرغم من سيطرة القوى المرتبطة بإيران عليها. غير أن المشكلة التي تواجه إدارة بوش هي أن بعض دول الاعتدال العربية تعتقد أن تخويفها بإيران ثم تسليحها لمواجهتها قد يؤديان إلى توتير العلاقات معها وتحويلها، على المدى الطويل، دولاً متطرفة في صراع ليست طرفا فيه. ويلاحظ المراقبون الغربيون أن هناك تطورا حصل لدى الزعماء العرب. في البدء، كانوا يعارضون أية مغامرة عسكرية أميركية ضد إيران ، لما يمكن أن تلحقه من أضرار تشمل المنطقة كلها .غير أن إمكانية أن تصبح إيران قوة إقليمية مهيمنة، ومزودة بالسلاح النووي، ويقودها زعيم راديكالي مثل الرئيس أحمدي نجاد، دفع بعض الدول العربية إلى ضرورة دخول سباق التنافس الإقليمي لامتلاك التكنولوجيا النووية للأغراض السلمية . * كاتب من تونس صحيفة أوان الكويتية( رئيس تحريرها الدكتور محمد الرميحي) ،الثلاثاء, 20 نوفمبر 2007

 

 

 


Home – Accueil الرئيسية

Lire aussi ces articles

10 mai 2010

Home – Accueil TUNISNEWS 10 ème année, N° 3639 du 10.05.2010  archives : www.tunisnews.net  Le REMDH demande a la Presidence

En savoir plus +

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.