TUNISNEWS
7 ème année, N° 2185 du 16.05.2006
الهيئة الوطنية للمحامين بتونس: إعـــلام الهيئة الوطنية للمحامين بتونس:الإعتصام في يومه السابعالهيئة الوطنية للمحامين بتونس: عـريضــة الرّابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسانفرع توزر:بــيــان
مركز تونس لاستقلال القضاء و المحاماة: بيــان
اللجنة التقنية المؤقتة للمنتدى الاجتماعي التونسي للشباب: توضـــيح
شبكة الصحافة العربية: آخر الأخبار عن حرية الصحافة في المنطقة
رويترز: خمسة الاف يهودي شاركوا في احتفالات معبد جربة بتونس هذا العام
أخبار تونس: وزير السياحة يعقد ندوة صحفية بجزيرة جربة : “تونس بلد متفتح متسامح يحترم الأديان والثقافات”
جامعة نـابل لحزب الوحدة الشعبيــة: خلية الحنشة بصفاقس تحتفل بذكرى تأسيسهـا موقع اللقاء الإصلاحي الديمقراطي: التهمة: محـــامي بـلا هـوان الشروق: وزير العدل وحقوق الإنسان: لن نقبل بتمويل معهد المحاماة من الخارج وهذه تفاصيل مشروع التغطية الاجتماعية للمحامين
رويترز: ليبيا تقول إنها ستتعاون مع أمريكا لنشر الديمقراطية
القدس العربي: درس مؤلم للمعارضة الليبيةخميس قشة: على الباغي تدور الدوائر! وإن كانت “أيان حرصي علي” محمد العروسي الهاني الحلقة الثانية :تعقيبا على مداخلة الدكتورة عميرة في المعهد الأعلى لتاريخ الحركة الوطنية التونسية يو بي آي: مرشد الاخوان:اذا اراد جمال مبارك الترشح للرئاسة عليه ان يعيش بين الناس سويس إنفو: جمال ابن الرئيس المصري مبارك زار البيت الابيضالقدس العربي: ضباط مكاتب مقاطعة إسرائيل يجتمعون في دمشق في غياب 7 دول عربية آمال البجاوي: المشرط: الرواية الصدمة لكمال الرياحي
صلاح الدين الجورشي: الحركات الإسلامية وتطبيق الشريعة: تأجيل أم إعادة نظر؟
توفيق المديني: الإخفاق الأمريكي والمتغيرات الجديدة د. محمد صالح الهرماسي: المشروع القومي: نهاية حلم أم تجدد رؤية
د. عبدالوهاب الافندي: حتي بن لادن يتبرأ من الحكومة السودانية
Pour afficher les caractères arabes suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe ( Windows ) To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic (Windows).
|
نداء إلى كافة الزميلات والزملاء لحضور اليوم التضامني
إحتجاجا على القوانين الجائرة في حق المحاماة
يدعو عميد المحامين ومجلس الهيئة، كافة الزميلات
والزملاء لحضور //
اليوم الوطني التضامني
المعين ليوم الثلاثاء 23/05/2006
بداية من الساعة التاسعة صباحا بقصر العدالة بتونس وذلك إحتجاجا على القوانين الجائرة في حق المحاماة وآخرها قانون معهد المحاماة ومن أجل تحقيق مطالب المحامين المشروعة.
العميد
عبد الستّار بن موسى
الهيئة الوطنية للمحامين بتونس قصر العدالة ~ تونس
الهيئة الوطنية للمحامين بتونس
قصر العدالة ~ تونس
الحمد لله وحده،
تونس في : 14 ماي 2006
الإعتصام في يومه السابع
زميلاتي الفضليات، زملائي الأفاضل،
يدخل اليوم إعتصامنا أسبوعه الثاني دفاعا عن كرامة المهنة واستقلاليتها ومن أجل رد الإعتبار لهياكلنا المنتخبة والإستجابة لمطالبنا المهنية المشروعة ورفضا للقانون المحدث لمعهد المحاماة في صيغته الحالية.
زميلاتي، زملائي،
تتواصل محاصرة دار المحامي من قبل أعوان الأمن الذين يعمدون باستمرار إلى إستفزاز الوافدين من الزملاء على دار المحامي ومنعهم من إدخال الطعام، وفي هذا الصدد تعرضت الأستاذة ليلى بن دبة إلى إعتداء جسدي ومعنوي من طرف رئيس فرقة البوليس بالزي الرسمي خلّف لها أضرارا بدنية وذلك صبيحة يوم الأحد 14 ماي 2006 عندما افتك منها كيسا به “فطائر” ونعتها بنعوت منافية للأخلاق.
زميلاتي، زملائي،
إن الإعتصام شكل نضالي شرعي وبسيط أقره مجلس الهيئة وأصدر يوم السبت 13 ماي 2006 بيانا يرمي إلى تفعيله ويندد بالحصار وبالإعتداءات الحاصلة للزملاء فعّل المجلس رزنامة في تنظيم الإعتصام والإشراف عليه يوميا وأصبح أعضاء المجلس يتوافدون بانتظام ويشاركون في الإعتصام وهو ما أدى إلى إزدياد عدد المعتصمين والمساندين رغم الحصار الأمني والتعتيم الإعلامي.
زميلاتي، زملائي،
ندعوكم جميعا إلى التعبير عن تضامنكم مع هياكلكم المنتخبة وإلى مساندة نضالها بكل الوسائل النقابية السلمية دفاعا عن إستقلال مهنة المحاماة وصيانة لعزتها وكرامتها وسعيا لتحقيق مطالبنا المشروعة كما ندعوكم إلى مزيد الإلتفاف حول الإعتصام وتفعيله. عاشت المحاماة حرة مستقلة ومناضلة.
العميد عبد الستار بن موسى
قصر العدالة باب بنات تونس الهاتف :
71.560.315/71.562.166 الفاكس : 71.568.923
الحمد لله وحده،
الأحد، 14 ماي 2006
من عبد الرزاق كيلاني
عضو مجلس الهيئة الوطنية للمحامين
إلى السيد عميد المحامين
والسادة أعضاء مجلس الهيئة الوطنية
أعلمكم أنه إثر تكليفي من طرف مجلسكم بالبقاء بدار المحامي مع الزملاء المعتصمين تنفيذا لقرار المجلس، تعرضت الأستاذة ليلى بن دبة يوم الأحد 14 ماي 2006 وعلى الساعة العاشرة صباحا أمام دار المحامي إلى الإعتداء بالعنف الجسدي واللفظي (ناعتا إياها بالقحبة) من قبل رئيس فرقة اعوان الأمن الذي كان يشغل خطة رئيس مركز الأمن بالمحكمة الإبتدائية ببنعروس وذلك حين كانت تهم بالدخول إلى دار المحامي حاملة معها كيسا صغيرا به “فطائر” وهو ما ترتب عليه حصول أضرار بيدها اليسرى وقد حصلت الواقعة بحضوري وحضور الزملاء العياشي الهمامي ومختار العيدودي ورياض الشيحاوي. أعلمتكم بهذا لتتخذون ماترونه صالحا
محترمكم
عبد الرزاق كيلاني
عـــريضـــــة
نحن المحامون الممضون أسفل هذا بعد تدارسنا لمواقف كل من الأستاذ البشير التكاري المحامي الغير مباشر والشاغل منصب وزير العدل ووقوفه وراء إصدار عديد القوانين الماسة بمبادئ المحاماة وقيمها واستقلاليتها آخرها قانون المعهد الأعلى المحاماة، والأستاذ فؤاد المبزع المحامي المباشر والشاغل خطة رئيس مجلس النواب لعدم إكتراثه بمنع السيد عميد المحامين وأعضاء مجلس الهيئة الوطنية ومجالس الفروع من حضور مداولات مجلس النواب أثناء مناقشة مشروع قانون المعهد الأعلى للمحاماة واعتداء البوليس السياسي عليهم بالعنف اللفظي والمادي وهي مواقف تتنافى مع مبادئ التضامن بين المحامين وواجب الزمالة
. وبناءا على ما تقدم فإننا /
1/ نطالب السيد رئيس الفرع الجهوي للمحامين بتونس بإحالة كل من الأستاذين البشير التكاري وفؤاد المبزع على مجلس التأديب.
2/ نطالب مجلس الهيئة الوطنية للمحامين المنتصب كمجلس تأديب بالتعهد والبـــت في موضوع الإحالة.
الهيئة الوطنية للمحامين بتونس
قصر العدالة ~ تونس
الحمد لله وحده،
تونس في : 15/05/2006
عدد التضمين :
…………………………………..
الهيئة الوطنية للمحامين بتونس
قصر العدالة ~ تونس
الحمد لله وحده، تونس في : 13 ماي 2006
بيـــــــــــــان
إن مجلس الهيئة الوطنية للمحامين المجتمع بمقره بقصر العدالة بتونس، يوم السبت 13/05/2006، وبعد إستعراضه للمستجدات الأخيرة المتمثلة أساسا في المحاصرة المتواصلة لدار المحامي وذلك بأعداد هائلة من اعوان الأمن بالزي المدني والرسمي والإعتداءات التي إستهدفت الحرمة الجسدية والمعنوية لعديد الزميلات والزملاء مما إستوجب نقل عضو مجلس الهيئة عبد الرزاق كيلاني والزميل العياشي الهمامي على وجه السرعة إلى المستشفى.
–يندد بهذه الممارسات التعسفية المخالفة لأبسط القواعد القانونية.
–يطالب وزير الداخلية باتخاذ الإجراءات الكفيلة برفع الحصار عن دار المحامي والكف عن الإعتداء على المحامين.
–يدعو الزميلات والزملاء للإلتفاف حول هياكلهم والدفاع عن مصالحهم المشروعة وتفعيل الإعتصام.
العميد
عبد الستار بن موسى
وقد علم الفرع أن الكتاب الجديد للأستاذ منجي الدّكالي “دليل الموظف للدّفاع عن حقوقه” لم يحصل على وصل الإيداع القانوني في الآجال المحددة رغم أنّ الكتاب المُودَع لم تَعْلَقْ به مخالفة للتشريع الجاري به العمل. بل إن الكتاب لا يحتوي على ما « من شأنه أن يُعكر صفو الأمن العام »، حسب الصيغة المستخدمة ـ بشأن مصنّفات أخرى ـ في مجلة الصحافة.( وهو ما عبّر عنه الأستاذ منجي الدّكالي ).
إنّ فرع توزر ـ نفطة للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان يقف بكل قوّة ضد ما يتعرض له الأستاذ منجي الدّكالي من مضايقات ويدعو السلط المعنية إلى تمكينه من إصدار كتابه قبل التئام الدورة الجديدة لمعرض الكتاب الدولي صونا لحقه في التعبير والنشر عن هيئة فرع توزر ـ نفطة للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان الرئيس شكري الذويبي
مركز تونس لاستقلال القضاء و المحاماة
بيــان
تونس في 16 ماي 2006
يتابع مركز تونس لاستقلال القضاء و المحاماة ما يتعرض له القضاة في مصر من اعتداءات و محاصرة ملاحقات تأديبية وما رافق ذلك من مداهمات بوليسية و اعتداءات و اعتقالات طالت المواطنين المتعاطفين الذين تجمعوا حول نادي القضاة كما شملت الصحافيين و الإعلاميين الحاضرين.
و قد جاءت هذه التطورات على خلفية محاولة السلطات المصرية تمرير قانون لا يستجيب لطلبات القضاة المصريين في توفير الضمانات اللازمة لممارسة خصائص وضيفتهم بكل استقلالية و يحصنهم من تسلط السلطة التنفيذية وفقا للمعايير الدولية المتعلقة باستقلال القضاء و بعد تجاهلها للمشروع المقدم من طرفهم و المتضمن اقتراحاتهم صلب نادي القضاة.
و بعد المنحى الخطير الذي اختارته السلطات المصرية بإقدامها على تقديم القضاة المصريين محمود مكي وهشام البسطويسي للمحاكمات التأديبية بسبب تعبيرهم عن آرائهم حول متعلقات اختصاصهم ومطالبهم بفتح تحقيق في تزوير الانتخابات وفي التهديد والاعتداء علي القضاة المشرفين عليها وذلك من طرف هيئات معينة من السلطة التنفيذية رفضت تمكنهم من ضمانات الدفاع اللازمة لحماية حقوقهم.
و بقدر ما تبرز هذه الأحداث من توافق يصل إلى حد التطابق مع ما يتعرض له القضاة و المحامين التونسيين فإنها تؤشر على حقيقة أزمة الدكتاتوريات في كل من مصر و تونس و انحسار آفاقها في عنف السلطة الأمنية القمعية و تطاولها على بقية السلطات الدستورية بما وضعها في مواجهة السلطة القضائية ترهيبا للقضاة والمحامين بقصد إسكاتهم و فرض تزكيتهم لكل ما يحصل من تجاوزات.
إن مركز تونس لاستقلال القضاء و المحاماة الذي قرر إرسال أحد أعضائه للتعبير مباشرة عن تضامنه و تضامن القضاة و المحامين التونسيين مع زملائهم المصريين و الحضور المباشر لمؤازرة القاضيين الفاضلين محمود مكي و هشام البسطويسي يوم الخميس 18 ماي بمناسبة انعقاد جلسة المحاكمة التأديبية المتعلقة بهم بعد أن تعرض لمحاصرة مكان انعقاد الاجتماع التشاوري الذي عقده بهذا الشأن و منع الدخول إليه من طرف أعوان البوليس السياسي يوم السبت الماضي فوجئ صباح هذا اليوم برفض السلطات القنصلية المصرية تمكين الأستاذ محمد نجيب حسني من تأشيرة سفر للقاهرة يؤكد:
– تضامنه مع القضاة المصريين ومساندته لاعتصامهم بمقر ناديهم و مطالبتهم بتوفير الضمانات الضرورية اللازمة لحمايتهم كسلطة دستورية كفيلة بضمان المساواة أمام القانون و احترامه وفقا للمعايير والمواثيق الدولية الخاصة باستقلال القضاء.
– التزامه بالدفاع عن حق القضاة في التعبير عن مشاغلهم في ما يتصل بمتعلقات اختصاصهم و الدفاع عن صلاحياتهم و التمسك بتطبيق القانون بشكل حيادي و التصدي للإفلات من العقاب.
– يعبر عن مساندته للقاضيين محمود مكي و هشام البسطويسي في المحنة الظالمة التي يتعرضان إليها و التعسف الذي يواجهان به في سعيهم للدفاع عن أنفسهم.
– يؤكد التزامه بالدفاع عن استقلال القضاء و المحاماة في دولة تحترم القانون و تبنى على المؤسسات و يدعو كل الحقوقيين العرب و القضاة و المحامين للالتفاف لمواجهة الدكتاتوريات و بناء المؤسسات و تفعيل الآليات الضرورية لحماية حقوق و حريات المواطن العربي استجابة إلى التطلعات المشروعة في وطن تكفل فيه العدالة و احترام حقوق الإنسان.
عن مركز تونس لاستقلال القضاء و المحاماة
الرئيس: المختار اليحياوي
توضـــيح
بعد إنعقاد الجلسة العامة التأسيسية للمنتدى الاجتماعي التونسي، يومي 22 و 23 أفريل 2006 بتونس العاصمة، و التي شاركت فيها الدينامية الشبيبية في المراحل الإعدادية و في كل المستويات (تنظيم، ورشات، تنسيق الاجتماعات الموسعة و اجتماعات اللجنة التقنية المؤقتة) وبعد أن كنا التزمنا مع بقية المبادرين (جمعية النساء الديمقراطيات و جمعية النساء التونسيات للبحث حول التنمية و الرابطة التونسية لحقوق الإنسان والاتحاد العام التونسي للشغل) بدعوة كل المشاركين والنشطاء إلى مجلس للتوافق على تركيبة اللجنة التسييرية وعلى مبادئها، فوجئنا بمقال صدر بجريدة الشعب يوم الجمعة 28 أفريل 2006 لا ذكر فيه لهذه الدينامية لا على مستوى الإعداد ولا على مستوى الحضور و المشاركة ونحن إذ نعبر عن استغرابنا الشديد من هذه المغالطة، وتجاوزا لكل قراءة قد تكون اتهامية يجدر بالمشرفين على هذه الجريدة توضيح هذا الأمر و مراجعته إن كان موقفا أو تصحيحه إن كان خطأ.
و نذكر أن الدينامية الشبيبية تتكون منذ التأسيس من:
– مجموعة من المبادرين.
– نادي الشابات بالجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات.
– الاتحاد العام لطلبة تونس: المؤتمر 24.
– الاتحاد العام لطلبة تونس: مؤتمر التصحيح.
– الرابطة التونسية لأصحاب الشهادات العاطلين عن العمل و لجان المعطلين عن العمل.
– لجنة الطالبات التقدميات.
– جمعية النساء التونسيات للبحث حول التنمية.
– الجمعية التونسية للسينمائيين الهواة.
– الجمعية التونسية لنوادي السينما.
– لجنة الشباب العامل بالاتحاد العام التونسي للشغل.
– جمعية الفنانين التشكيليين.
– راد أتاك – تونس.
– منظمة العفو الدولية.
– تناصف.
– آلتاآر.
– جمعية أمل للأمهات العازبات.
– فرقة العودة.
عن اللجنة التقنية المؤقتة
للمنتدى الاجتماعي التونسي للشباب
آخر الأخبار عن حرية الصحافة في المنطقة
في مصر، اعتقل حسين عبد الغني، رئيس مكتب الجزيرة في البلاد، وذلك في السادس والعشرين من إبريل/نيسان، ثم أفرج عنه في اليوم التالي بكفالة عشرة آلاف جنيه مصري (١٧٠٠ دولار أميركي). ولقد اتهمته السلطات بـِ”نشر أخبار كاذبة” بينما كان يغطي أحداث الهجمات التفجيرية على مدينة دهب، والتي راح ضحيتها ثمانية عشر شخصاً على الأقل في الرابع والعشرين من إبريل/نيسان.
كانت السلطات قد اعتقلته واقتادته إلى القاهرة بعد أن ذكر في تقريره أن أشخاصاً مجهولين هاجموا قسم شرطة في منطقة واقعة إلى الشمال من القاهرة. ولقد أنكر وزير الداخلية المصري وقوع ذلك الهجوم واتهم عبد الغني بمحاولة نشر الفوضى.
في مصر أيضاً، ذكرت التقارير أن الصحافيين ساهر الجاد وإبراهيم سهاري اعتقلا في السادس والعشرين من إبريل/نيسان أثناء تغطيتهما لمظاهرات مؤيدة لقاضيين كانا قد قالا إن انتخابات شهر نوفمبر/تشرين الثاني البرلمانية التي جرت في مصر كانت مزورة.
كان الصحافيان اللذين يعملان لدى صحيفتي (الجيل) و(العالم اليوم) على التوالي، قد اتهما بـِ”الإخلال بالنظام العام”. ولقد قرر النائب العام في السابع والعشرين من إبريل/نيسان تمديد حبسهما لمدة ١٥ يوماً، وذلك طبقاً للتقارير.
في العراق، قُـتِل الصحافي الإذاعي قصي قحدبان رمياً بالرصاص على يد رجال مسلحين في الثاني والعشرين من إبريل/نيسان في مدينة بغداد، كما ذكرت التقارير.
كان قحدبان الذي عمل لدى محطة الإذاعة المحلية (البلاد)، هو الصحافي أو المساعد الإعلامي رقم ٨٨ الذي يقتل في العراق منذ بداية الحرب في عام ٢٠٠٣، وذلك طبقاً للمنظمات الدولية العاملة في مجال حرية الصحافة، التي ذكرت أيضاً أن ١٢ من هؤلاء الصحافيين قتلوا خلال عام ٢٠٠٦.
في المناطق الفلسطينية، هوجم الصحافيين مرتين هذا الشهر على يد جنود إسرائيليين، كما ذكرت التقارير.
في السابع عشر من إبريل/نيسان أطلق جنود إسرائيليون النار باتجاه ناصر الشطيح وعبد الرحمن خبيسة العاملين لدى وكالة أسوشيتيد بريس، وجعفر الشطيح من وكالة فرانس بريس، وعبد الرحيم قوصيني وحسن تيتي من وكالة رويترز، بينما كانوا يغطون أحداث غارة إسرائيلية على مدينة نابلس والمصادمات التي جرت هناك (الضفة الغربية). لكن أحداً لم يصب بأذى.
ذكرت التقارير أن الصحافيين كانوا يقفون بجانب المركبة التابعة لوكالة أسوشيتيد بريس والتي كانت تحمل بوضوح علامة “صحافة”، كما كانوا يرتدون سترات فسفورية خضراء تحمل علامة “صحافة”. ولقد ذكر المتحدث باسم قوات الدفاع الإسرائيلية أن الجيش يحقق في هذه الواقعة.
في الثاني والعشرين من إبريل/نيسان أصيب المصور أشرف أبو شاويش، الذي يعمل لدى وكالة رويترز، برصاصات مطاطية حين كان يصور المصادمات بين متظاهرين فلسطينيين والجيش الإسرائيلي في نابلس. وكان شاويش أيضاً يرتدي سترة توضح هويته كصحافي. وذكرت التقارير أنه أصيب برصاصتين بعد أن اشترك في مواجهة شفهية مع أحد الجنود.
في تونس، ما تزال حرية التعبير وحرية الصحافة بعيدتان تمام البعد عن المعايير الدولية، وذلك بعد خمسة أشهر من القمة العالمية لمجتمع المعلومات التي انعقدت في تونس، وذلك طبقاً لبعثة تابعة لمجموعة المراقبة التونسية. وكانت البعثة قد التقت بالعديد من ممثلي الحكومات وأعضاء منظمات المجتمع المدني التونسية في الفترة من الثامن عشر إلى الثاني والعشرين من إبريل/نيسان ٢٠٠٦.
على الرغم مما لوحظ أنه في بعض الصحف ذات التوزيع البسيط بدأ الآن يظهر قدر غير مسبوق من التقارير المتوازنة حول القضايا المحلية، إلا أن الصحافة الرسمية ذات التوزيع الأضخم ما زالت تفتقر إلى مثل هذا التوازن، وذلك كما ذكرت البعثة. ولقد أكد الصحافيون الذين التقت بهم البعثة أن الرقابة الذاتية ما زالت متفشية نتيجة لتدخلات الحكومة والضغوط التي تمارسها على الصحافة.
كانت السلطات قد رفضت منح البعثة إذناً لزيارة سجين الرأي محمد عبو الذي سجن نتيجة آراء عبر عنها على شبكة الإنترنت.
وكان محمد عبو قد أنهي إضرابه عن الطعام الذي بدأه في الحادي عشر من مارس/آذار احتجاجاً على ظروف سجنه، على الرغم من أنه ما زال يتعرض للتحرشات في زنزانته بالسجن، ومع أن زنزانته لا تحتوي حتى على فراش يستطيع أن ينام عليه، طبقاً لما ذكرته البعثة.
مصادر التحذير:
المنظمة العربية لحرية الصحافة ومقرها لندن
لجنة حماية الصحافيين ومقرها نيويورك
الاتحاد الدولي للصحافيين ومقره بروكسيل في بلجيكا
لشبكة الدولية لتبادل المعلومات حول انتهاكات حرية التعبير ومقرها كندا
المعهد الدولي للصحافة ومقره فيينا بالنمسا
منظمة مراسلون بلا حدود ومقرها فرنسا
(المصدر: شبكة الصحافة العربية، الرسالة الإخبارية رقم ١٦/٢٠٠٦ بتاريخ ١٧/٠٥/٢٠٠٦)
للمزيد من المعلومات برجاء الاتصال بـِ: apn@wan.asso.fr
لزيارة موقعنا الإلكتروني يمكنكم الذهاب إلى: http://www.arabpressnetwork.org
خمسة الاف يهودي شاركوا في احتفالات معبد جربة بتونس هذا العام
وزير السياحة يعقد ندوة صحفية بجزيرة جربة
“تونس بلد متفتح متسامح يحترم الأديان والثقافات”
ابرز السيد التيجاني الحداد وزير السياحة أن تونس التي انطلقت في سياحتها منذ 40 سنة بالسياحة الشاطئية بفضل امتداد سواحلها علي 1300 كلم استطاعت أن تنوع منتوجها السياحي وتثريه باقتحام مجالات جديدة في الاستثمار السياحي مكنتها من أن تصبح وجهة سياحية هامة ما فتئت تتدعم من سنة إلى أخرى بعديد المبادرات الترويجية والتسويقية و الاشهارية الرامية إلى اقتحام أسواق جديدة.
وابرز الوزير خلال ندوة صحفية عقدها مساء امس علي هامش الاحتفال بالموعد السنوي لزيارة الغريبة بجزيرة جربة وضمت عددا هاما من الصحفيين من فرنسا وألمانيا واسبانيا وبلجيكا وأمريكا وانقلترا الدور الطلائعي للسياحة عموما في نشر رسالة التسامح والتفتح والحوار وان تونس بلد متفتح متسامح يحترم الأديان والثقافات.
وأشار السيد التيجاني الحداد في هذا المجال الي ما اصبحت تحتله السياحة الثقافية من مكانة في تونس الي جانب السياحة الصحراوية وما تتيحه من فرص لسياحة المغامرة موءكدا في هذا الصدد ان السياحة الثقافية والسياحة الصحراوية بفضل خصوصيتهما وثرائهما قادرتان علي جلب اسواق سياحية جديدة ومنها الأمريكية والصينية واليابانية وهو ما تسعي الاطراف السياحية الي ابرازه لتنمية السياحة التونسية وتسويقها بهذه الأسواق.
كما ابرز الوزير جهود الدولة نحو التشجيع علي سياحة الاقامة التي من شانها ان تجلب نوعية جديدة من السياح مستعرضا ما وفرته الدولة من تسهيلات في المجال وتوفير الاراضى المناسبة لانجاز مثل هذه الاقامات واعداد النصوص التشريعية والقانونية اللازمة لذلك .
وتولي الوزير تكريم الصحفي ميخائيل كايتينغ من صحيفة “واشنطن روبورت ان ميدال ايست افارز” لنشره مقالات صحفية حول تونس مشيدا بمكاسبها وانجازاتها ومقارباتها التى ترتكز على مقومات التسامح والتضامن.
(المصدر: موقع “أخبار تونس” بتاريخ 16 ماي 2006)
حول الخدمة الوطنية
تبعا لما يتردّد حول إلزامية الإدلاء بما يثبت تسوية الوضعية إزاء الخدمة الوطنية عند إبرام عقود الزواج، أفادنا مصدر مسؤول بوزارة الدّفاع الوطني بأنّ ما يشاع في هذا الصدد لا أساس له من الصحّة حيث أنّ القانون عدد 1 لسنة 2004 المؤرخ في 14 جانفي 2004 المتعلّق بالخدمة الوطنية لا ينصّ على هذا الإجراء، كما أنّه لا توجد نيّة لتعديل القانون في هذا الاتجـاه.
ومن جهة أخرى وحسب القانون، يبقى كلّ مواطن بلغ سنّ العشرين مطالبا وجوبا بالتقدّم تلقائيا لتسوية وضعيته، إما بالتجنيد أو بالتعيينات الفردية أو بالتأجيل أو بالإعفاء، مع الإشارة إلى أنّ من يتخلّف عن ذلك يعرّض نفسه لتتبّعات عدلية طبقا لأحكام الفصل 66 من مجلّة المرافعات والعقوبات العسكرية.
(المصدر: جريدة الصباح التونسية الصادرة يوم 16 ماي 2006)
جامعة نـابل لحزب الوحدة الشعبيــة:
خلية الحنشة بصفاقس تحتفل بذكرى تأسيسهـا .
بمناسبة الاحتفـال بذكرى تأسيسهـا ,نظمت خلية الحنشــــــة من جـامعة صفاقس لحزب الوحدة الشعبية بالاشتــــراك مع جـامعة نـــــابـــــــــــل مسـاءالسبت 13 من شهر مـايو من العـام الجـاري تظـاهرة حـــول المجتمع المدنى ,حضرهـا جملة من المنـاضلين و النقـابيين من جهة صفاقس ومن الوطن القبلي و قد تولى الاستاذ فيصل الزمنى القـاء مداخلـة تمحورت حول نشـــأة مفهــــوم المجتمـــع المدنى و تطبيقـاته بالوطن العربي و قد جـاء بالمداخلة بالخصوص تقديم لمصطلح المجتمع المدنى و هو الذى صـار يلقى رواجـا لاعتبـاره مواكبـا للحركـات الديمقراطية فى العـالم . كمـا جـاء فى الكلمة أن مصطلح المجتمع المدنى كثيرا مـا يقع استعمـاله كرد الشعوب على تمركز السلطة و القرار . و لذلك فانه كـان يمثل رداعلى الحزب الواحد فى الدولة الشيوعيـة وردا على بيروقراطية الدولـة . وردا على سيطرة اقتصـاد السوق فى الدولة البراليـة وردا على الدكتـاتوريـات فى العـالم الثـالث . و هو مـا جعل هـذا المفهوم مرتبطـا كل الارتبـاط بالحركيـة الديمقراطيــة .
كمـا تعرضت المداخلـة الـى مفهوم المجتمع المدنى عند الغرب .بدأا بالمدرسة الكلاسيكيــة التى هي تعبيرا عن وجود قطبين همـا : المجتمع و السيـاسة من خلال فكرة الحق الطبيعــى .و من خلال فكرة العقد الاجتمـاعى التى تعتبر أن المجتمع سـابق عن الدولــــة و أنه بامكـانه الانتصـــاب لمراقبتهـا و لذلك فانه بامكانه تنظيم نفسه خـارجهـا . كمـا تم التعرض الـى الفترة التى توجت بنهـاية القرن الثـامن عشر و التى انتهـــت الى القطع مع السلطة المطلقة ذات المرجعية الدينيـة أو السيـاسيـة و الانتهـاء الـى أن (الشعــــب) المجتمع هو صـاحب الشرعية . من أجـــل بلورة فكرة السيـادة الشعبية و ميلاد المجتمع المدنى من خــلال فكرة العقد الاجتمـاعى .
كمـا تعرضـــت المداخلـــة الـى توجه الفيلسوف ” تومـاس هوبس ” الذى نظر للسلطة المطلقة للحـاكم و ضرورة تنـازل الشعب .و الخضوع و الاستسلام و ذلك بدون أن يِؤسس هذه السلطة على الديـن بل أنه استحدث مـا يمكن وصفه جزافـا بالاله الخيالي أو الاصطنـاعي يكمن فى المجتمع و عليه أن يخضع للحـاكم بموجب التعـاقد .و أســس لعنصرين الاول يتمثـــل فى تأسيس الارادة على قانون العقل و ليس الدين و الثـانى فى بنـاء فكرة الخضوع على التعــاقد .
قبل أن يتولى ” جـون لوك ” اقرار مبــــدأ يتمثـــل فى أن التعـاقد لا يقـــوم مع العبودية و الاسترقـاق و الخضوع .و بنـاء على ذلك فللمجتمع المدنى عزل السلطة السياسية اذا تمردت عليه . بالانتخـاب الدوري و ليس بالعنف . و لا يمكن للمجتمع أن يستسلم للحـاكم . كل ذلك فى سياق انتهى الى الـى فكرة ” جـان جـاك روسو ” الذى أرجع السيـادة الـى الشعب مؤكدا أنهـا لا تقبل أبدا أن تكون موضوع تفويض . أو تجزئـة .فالسيـادة لا يمكن التنـازل عنهـا و هي لصيقة بصفة الشعب و لا تذهب عنه الا اذا صـار ليس بشعب .فالسيادة التى يمـارسهـا الحـاكم تنبع من السعب. و نتيجة لـذلك فان المجتمع المدنى انمـا هو مجتمع الاحرار و المتسـاوييـن و المستقلين .
ثم عــرج المتداخل على المدرسة الحديثـة بفرعيهـا اللبرالي و المـاركسي ذاكرا أن المدرسة البراليــة
فى نظر ” هيقــل ” تذهــــب الـى أن المجتمع المدنى يمثل المسـاحة الاجتمـاعية الكـائنة بين العــائلة و الدولـة باعتبـار أن المجتمع المدنى يتشكل على أسس فيهـا الدولـة أي أنه يأتى من بعدهـا و هو متكون من أفراد أنـانيين لا يرون الا مصلحتهم الخـاصة .و هم يحتـاجون الى مراقبة من طرف الدولـة .لكنه يعيد أجهزة سير الدواليب للمجتمع المدنى من شرطة و قضـاء و ادارة .
وقد شكلت نظرية ” هيقل ” احــدى أهم مراجـع منظري الديمقراطية باعتبـاره أسس لوسطية بين الفرد
و الدولـة .ثم و فى ايجـاز تم التعرض للمدرسـة المـاركسيــة التى أكدت على أن المجتمع المدنى يتتمى للبنية التحتيـة و هو مجـال للصراع الطبقى و يشكـل كل الحيـاة الاجتماعيــــة قبل نشــــوء الدولـة
و ذلك قبل معـارضة ” انطونيو قرامشـى ” الايطـالي عندمـا طور الفكرة المـاركسية و أكد أن المجتمع المدنى ينقسم الـى كل من المجتمع السياسي و المجتمع المدنى و ينتميان الـى البنية الفوقية فالاول يهيمن على الثقـافة وطرقهـا و الاديولوجيـا و الثـانى يمـارس السيطرة و الاكــراه .
و فى ايجـاز لفسح المجـال أمـام المتدخلين و فسح السـاحة للنقـاش فقد لخص المداخل المجتمع المدنى فى جملة من النقـاط هي كالتـالي :
أن المجتمع المدنى رابطة اختيـارية لا تفرض على الافراد و هم ينظمون اليهـا لحمـاية مصـالحهم . وهو لذلك يشمل الاحزاب و المنظمـات و الرابطـات و الجمعيات و مؤسسات الدين .الخ … كمـا أن وجود الدولـة أو المجتمع السياسي ضرورية لاستقرار المجتمع المدنى .على أن تخضع الدولة لرقـابة المجتمع المدنى و تكون سلطتهـا غير مطلقة لكن ليست بالضرورة ديمقراطيـة اذ أن منظري المجتمع المدنى لم ينظروا كلهم للديمقراطيـة . و لم يقع ربطه بشكل دائم بتوفر العنصر الديمقراطى .كمـا أنه للمجتمع المدنى امتداد خـارج حدود الدولـة .وضروري أن تكون هنـاك استقلالية عمل المجتمع المدنى بعيدا عن الدولة بمـا يمكنه من النشاط خـارجهـا .
و فى حديثه على التطبيقات داخل الوطن العربي فقد تعرض المتدخل الـى الصعوبـــات التى تعترض تطبيق مفهوم المجتمع المدنى على المجتمعات العربية و من ذلك ضعف التأصيل النظــري و عدم مرور المجتمع العربي بمرحلة الصراع من أجل فصل الدين عن الدولـة كالخصوصيات المتعلقة بمفهوم السلطة المطلقة و تحديد مرجعيـات و مصدر شرعية السلطـة الـى مفهوم الدولة المهيمنة .و هو مـا يفسر هشـاشة النقـابات و الاحزاب و بروز مفهوم عربي للمجتمع المدنى و هو مواكبة الدولـة عوضـا عن مراقبتهـا .
و قد أكد المتدخل أن المنطقة العربية تبرز عدة اختــلاطـات تؤثر على مفهوم و نشاط المجتمع المدنى والخلط الاول يتمثل فى المغالاة فى و ضع المجتمع المدنى و اعتبـاره كنقيض للسلطـة و يجعل منه رصيد الحرية و القيم فى مواجهة مفتوحة مع السلطة و هو مـا يفقد المجتمع المدنى من توازمه و عمق كنهه .أمـا الخلط الثـانى فهو الذى يطـابق مفهوم المجتمع المدنى مع مفهوم الشأن الخـاص و يعود بمفهوم التقدم الـى سيطرة الانـانية و الفرديـة .و يجعل من الانخراط فى المجتمع المدنى مواجهة للشأن العـام الذى تمثله الدولـة و دفـاعـا عن الشأن الخـاص الذى يمثله الفرد أو المجموعـة و هو مـا يخرج نشـاط المجتمع المدنى عن هدفه الاصلي من مراقبة الدولـة الـى السعي لتحقيق توازن الفرد أو المجموعة الصغيرة .و لئن يرد هـذان الخلطـان من جـانب الفرد أو المجموعـات فان الخلط الثـالث كثيرا مـا يكون فى جـانب الدولـة التى قد تسعي الـى توظيف المجتمع المدنى لمواجهة الحركـات و التيـارات التقليديـة .و استعمـاله كألة حرب
كل هـذا يجعل من مفهوم المجتمع المدنى فـى الوطن العربى مغـايرا لذلك المعتمد فى الغرب و يجعل من التفكيـــر يتجه الـى السعي لايجـاد فكـــر محلي يستوعــب خصوصيات المنطقـة .قصد الوصول الى
تطبيق الفكرة الاصلية و هي فسح المجـال للمجتمع للتنظم خـارج اطـار الدولـة و ذلك ليس بالضرورة لكي يكون فى مواجهتهـا و كمـا لا يكون بالضرورة فى مسـاندتهـا بل فى اتزان كـامل ليتولى ممـارسة مهمة الرقـابة على الدولـة حتى لا تتسلط و لا تمضى بدون رقيب و ذلك فى اطـار يحتـــرم خصوصيـــات المجتمع العربي و ان اختلفت من قطر الـى أخر .
ثم فتح المجــال للنقـاش و الحوار و تمحورت التدخلات فيمـا يلــى :
تولى المتدخلون التعرض الـى فكر العلامة ابن خلدون و البحث فيه من أجل محـاولة ايجـاد مـا يمكن أن يحدث مقـاربة بين وصف المجتمع الذى قدمه ابن خلدون و عنـاصر تداخله و تفاعلاته و انطـلاق من التكـامل الاجتمـاعى الذى بينه ابن خلدون بين أفراد المجتمع فانه يصير بالامكـان الحديث عن عقد اجتمـاعى ضمنى يختزل جملة متطلبات العيش المشترك .
و هو مـا رد عيه المداخل مبينـا الفرق فى الخلفية الفكرية و الارضية العقـائدية المختلفة التى انطلق منهـا كل من ابن خلدون من جهة و جـان جـاك روسو من جهة أخرى باعتبـار أن الثـانى كـان فى وضع تخلص فيه من المرجعية الدينية و هو مـا لم يكن متـاحـا للاول . مبينـا استحـالة أن بنتصب المجتمع المدنى ليراقب الحـاكم فى ظرف يستمد الحـاكم فيه شرعيته من الدين و من الاله اذ أن المجتمع المدنى قد وجد لمراقبة الدولة و ليس لمراقبة الاله و أن نظرية المجتمع المدنى لم ترد صدفة لدى الغرب بعد فصل الدين عن الدولـة .
كمـا تولى بعض الحـاضرين من النقـابيين اثـارة وضع المجتمـــع المدنـــى بتونس و موقعه من السلطـة و الدور الذى هو مطلوب منه مؤكدا على ضرورة أن يلعب المجتمع المدنى دوره و أن تتدخل الاحزاب السيـاسية لحل مشـاكل الشعب متسـائلا عن سبب الغـاء بعض المنـاظرات للدخول الـى الوظيفة العمومية و التى تهم قطـاع القيميـن .
تولى المداخل الرد عليه بأن المجتمع المدنى هو مجتمع حي يتحرك فى تكـامل و اختصـاص و أن مشكلة الانتدابات مثلا انمـا هي بالاساس مشكلة جزء من المجتمع المدنى و هي النقـابات التى عليهـا هي أن تتبنى هـذا الاشكـال و تدافع عليه و هو كنه اختصاصهـا داخل المجتمع المدنى لتأتى الاحزاب السيـاسية فيمـا بعد من أجل الدعم و المساندة و ايجـاد الوسيلة لدفع هـذه الرقـابة على الدولة المشرفة على الانتدابات من خلال الوسـائل المتـاحة لهـا بشكل مدنى سلمــى .
كمـا أكد المداخل أن نظرية العقد صلب المجتمع المدنى تقتضى أن يقع احتـــرام العقد من جميع أطرافه و من ذلك أنه فى حـالة وجود خلاف بين مكونـات المجتمع المدنى أو بينهـا من جهــة و بين الدولة من جهة أخرى فانه لا يقع التوجه الـى العنف أو الانسلاخ من المجتمع المدنى بل يقع التوجه الـى هـذا العقد و تطبيق مضمونه . اعتبر المتدخل أن المجلة الانتخـابية ببلادنـا مثلا انمـا هي من كنه العقد الاجتمـاعى فعند عدم الرضـاء بنتيجة انتخـابات أشرفت عليهـا الدولة فان المنخرطين فى المجتمع المدنى المؤسس على نظرية العقد الاجتمـاعى , عليهم ألا يستعملوا العنف بل أن يمـارسوا الاختصـاصات و الصلوحيات التى وردت بالعقد الرابط بينهم و بين الدولة و هـذا العقد هنـا يكون المجلة الانتخـابية و لذلك فان الطعن فى نتيجة انتخـابات بشكل قـانونى و حسب المجلة الانتخـابية يكون ممـارسة مدنية راقية من كنه المجتمع المدنى و أن من يحـاول ارجـاع الطـاعنين عنهـا يكون قد رفض ممـارسة الحقوق الراجعة لـه من العقد الاجتمـاعى و تخلى عن دوره بالمجتمـــع المدنى و أخرج المجتمع المدنى من فكرة ” جون جـاك روسو ” الـى فكرة ” هيقل ” و بذلك فانه يكون سـائرا عكس نهج التـاريخ و هو أمر غير مقبول .
كمـا أكد المتداخل أن مجموعة نـابل التى لا زالت تتمسك بطعنهـا فـى نتيجـــة الانتخـابات البلدية بنـابل و هو الطعن الذى لم يقع الرد عليه لا بالايجـاب و لا بالقبول الـى حد السـاعة و قد مرت عليه سنة كـاملـة انمـا هي تقوم بدورهـا كـامل كعنصر عـامل و سلمى داخل المجتمع المدنى و أن كل من يحـاول الضغط عليهـا من أجل الرجوع عن طعنهـا انمـا هو قد تجـاوزه التـاريخ و هو بعمله هـذا يرجع الـى مـا قبل نظرية ” جـان جـاك روسو” بمـا يتفق مع” تومـاس هوبس ” الذى نظر للخضوع و الاستسلام .
كمـا أكد الحـاضرون فى نهـاية النقـاش على أن منظومة المجتمع المدنى المؤسسة على العقد انمـا هي الحل الاسمى لدفع مكونـات المجتمعـات المدنيـة الـى الحوارفيمـا بينهـا و كذلك مع الدولـة فى اطـار العقد الاجتمـاعى الذى يعيد الاختلاف الـى مكونات العقد الاجتمـاعى فيقع حل جميع الاشكـالات فى اطـار هـذا العقد بعيدا عن العنف أو محـاولة ايجـاد مكـان خـارج المجتمع المدنى و همـا حـالاتـان تهددان المنظومة الديمقراطيـة .
ثم انتهت التظـاهرة على أمل أن يقع تكرارهـا مستقبلا بعد أن أكد الحـاضرون على ضرورة أن يتواصل هـذا النوع من العمل الذى يهدف الـى تكوين المنـاضلين و تأطيرهم من أجل أن تلعب الاحزاب السياسية ببلادنـا دورهـا الطبيعي كأحزاب معـارضة قولا و فعـلا .
ملاحظــــة : حدثت بعض الانفعـالات أثنـاء التظـاهرة خـارج مقر خلية الحنشة وفى الطريق العـام لم نتبين مصدرهـا و نحن ندعو لاصحـابهـا بالهداية .
(المصدر” مراسلة من الأستاذ فيصل الزمني بتاريخ 16 ماي 2006)
التهمة: محـــامي بـلا هـوان (*)
إذا سجنت الدولة القاضي فمن يحترم القضاء ؟
إذا ضربت الدولة المحامي فمن يحمي الفضاء ؟
حصانة الحياء سقطت، حصانة الأخلاق سقطت، حصانة القيم اعتُقِلت وحُبِست!
في بلاد ما بين البحرين لا حياة لا احترام إلا للسجان أو صاحب السجان. أما من انزوى وانتصب لمحاكمة الحيف والجور والطغيان، أو من سعى إلى الدفاع عن أمة بلا ربّان، فلا مجال له إلا أن يعيش ميتا وراء الكثبان، سواء كان قاضيا أو محاميا أو راع للأغنام.
أيها المحامي عن الفضيلة، عن قيم الحق، عن شرف الأوطان…
إن رفعت يافطة فوق مكتبك فعليك أن تحمل آية أو حديثا وأن تؤوله حتى يرضى عنك السلطان، إن كنت صاحب رسالة فلا رسائل ولا هواتف وراء القضبان… لباسك : جبة سوداء لا بياض فيها وكأنها تعلن الحداد على الإنسان. مثلك : اعمل مع الطاغية واحم ظهره، فرغم كثرة العسكر فإن الضمير لا يعتريه اطمئنان، واحفظ أرضه وسماءه وظله وشموسه وإن كان الظلام يعمّ المكان… حديثك : صمت صمت وقطع لسان… شعارك : دائما دائما مع الطغيان… حتى الغثيان!
تهمتك أنك محامي آخر الزمان، محامي يريد أن يدافع عن حقوق الإنسان، ونسي رغيفه ولقمة عيشه وأهله والجيران… تهمتك أنك حشرت أنفك فيما لا يعنيك من عدل وعدالة وحقوق وميزان… تهمتك الدفاع عن المستضعف وآكل الحصى وآكل العصا والذي يعيش بلا أمان… تهمتك أنك محام بلا عنوان!
مأساة المحاماة في بلدي هي مأساة كل مواطن التحف السواد دون أن يكون محاميا، هي مأساة وطن جريح، هي مأساة تبحث عن إنسان.
بقلم : مواطــن
(*) حول ما يتعرض له سلك المحاماة والقضاة من تضييق وضرب لاستقلاليته وتحجيم لدوره في بناء دولة المؤسسات… ففي مصر تحاصر دار القضاء ويحاكم القضاة، وفي تونس تُطوّق دار المحامي ويُعتدى على المحامين… (القدس العربي 14.05.2006 وموقعا العربية. نت والجزيرة. نت)
المصدر: ركن خواطــر موقع اللقاء الإصلاحي الديمقراطي www.liqaa.net
تونس في 3 ماي 2006
وزير العدل وحقوق الإنسان:
لن نقبل بتمويل معهد المحاماة من الخارج وهذه تفاصيل مشروع التغطية الاجتماعية للمحامين
* تونس (الشروق)
بتأكيد شديد قال السيد البشير التكاري وزير العدل وحقوق الإنسان أن الوزارة تتعامل مع مختلف الجمعيات والهيئات بمنتهى الشفافية في إطار الحوار. وزير العدل وحقوق الانسان نفى بشدة تعرّض أي محام للعنف.
وقال ان الوزا رة تعتبر أن تعنيف أي شخص لا يكون إلا عندما يتقدم بشكوى الى النيابة العمومية ويثبت أنه تعرض الى العنف ولكن هذا الأمر لم يثبت من الناحية القانونية.. وزير العدل أكد أن ما صدر عن المحامين مؤخرا ليس تحرّكات احتجاجية، وأن عدد من احتج بالبقاء في دار المحامي أقل من عدد أعضاء الهيئة الوطنية للمحامين.
وأضاف الوزير «لا يجب أن ننطلق من مجموعة صغيرة لنقول أن المحامين محتجون ثم انه من الطبيعي أن نجد بمناسبة كل اصلاح جديد من يقبله ويبتهج به ومن لا يقبل به.
* معهد
وبإطناب كبير وبتفاصيل كثيرة تحدث الوزير البشير التكاري عن المعهد الأعلى للمحاماة وقال قبل أن نصل الى مشروع القانون: «أنشأنا لجنة تضم ممثلين عن الهيئة الوطنية للمحامين وعن وزارة العدل وحقوق الانسان وعن وزارة التعليم العالي وعقدت هذه اللجنة تسعة اجتماعات ونظرت في طبيعة المعهد وشروط الدخول إليه. وقال الوزير ان أعضاء اللجنة اتفقوا على أن يكون المعهد مؤسسة عمومية كما اتفقوا على أن يكون الدخول الى المعهد على أساس مناظرة وطنية واتفقوا على اسناد امتياز خاص لحاملي شهادات المرحلة الثالثة.
واتفقت الأطراف على أن تكون مدة الدراسة في المعهد 3 سنوات: سنة أولى للتكوين النظري وسنتان للتمرين.
ويضم المعهد ثلاث شعب ويُسند ثلاث شهادات منها شهادة الكفاءة وشهادة تخصّص المحامي.
وقال الوزير ان كلّ أعضاء اللجنة بما في ذلك ممثلو هيئة المحامين اتفقوا على هذا التصوّر ثمّ بعد ذ لك اتصلنا بمشروع من هيئة المحامين حول المعهد ونسيت أن لها ممثلين داخل اللجنة التي أعدّت المشروع والتصوّر.
واستغرب الوزير من مشروع الهيئة الذي ينصّ على أن تمويل المعهد يكون عن طريق المنح القادمة والواردة من هيئات ونقابات المحامين الأجنبية، وقال الوزير «إن هذا غريب في دولة مستقلة وأن الأكثر غرابة أن يتضمّن نص قانوني دعوة لتمويل مؤسسة وطنية عن طريق الأجانب».
وتساءل الوزير: «هل ان هذا استقلال للمهنة..» وقال: «إن هذا يُعتبر ضربا لاستقلال المهنة واستقلال البلاد».
المشروع الذي تقدمت به هيئة المحامين ينص على أن المعهد هو مؤسسة ذات نفع عام أي مؤسسة خاصة وعلينا أن نوفّر لها التمويل الذي لا يقلّ عن مليون دينار سنويا.
وتساءل الوزير: «من يضمن أن الهيئة لا تقول إنها عاجزة ماديا عن التسيير فتغلق أبواب المعهد مثلما أغلقت الآن باب الترسيم» وقال السيد البشير التكاري أن المعهد هو معهد تكويني يتولى الاعداد للترسيم بالمحاماة أي ليس لنا بعد محامون بل أشخاص نريد أن نوفر لهم الشرط الأول للدخول الى المحاماة.
وأضاف الوزير «إن التكوين من مشمولات واختصاصات الدولة في جميع البلدان أما الترسيم فهو من اختصاص الهيئة المهنية»، وقال «إن الطالب في المعهد ليس محاميا بعد وعوض أن تكون شهادة الكفاءة في المحاماة موزعة على عدد من المؤسسات ستكون في المعهد»، وبيّن أن كل سنة لا يقع التصريح بنتائج شهادة الكفاءة في موعدها لأن المحامين لا يقدمون النتائج وتمّ الاضطرار في السنة الماضية الى استصدار إذن على عريضة للحصول على النتائج. وقال الوزير ان مشروع الهيئة لا يتضمن أحكاما انتقالية وانهم لا يريدون هذه الأحكام حتى يرفض المشروع من طرف الطلبة.
وأضاف السيد البشير التكاري: «ليس من أهداف المعهد إغراق المحاماة بل هدفه تنظيم الدخول الى المهنة».
وقال: «انه في العشر سنوات الأخيرة الترسيم في المهنة يتمّ لأسباب انتخابية وسياسية».
* تشكيات
ولم يخف الوزير في الندوة الصحفية التي عقدها تشكيات المواطنين ضد بعض المحامين. وقال: «أنا لا أعمّم ولكن نلاحظ أن بعض التصرّفات تنخر هذه المهنة ومنها السمسرة وهناك بعض المحامين ـ دون التعميم ـ لا يقدمون المستحقات للأرامل ولمتضرّري حوادث المروروفي بعض الحالات يتمّ صرف تلك المستحقات بتدخل من القاضي».
وقال الوزير: «أكرّر أن المحاماة التونسية سليمة لكن بعض التصرفات تنخرها ولا بدّ من التكوين».
وكرّر الوزير: «إن الهيئة ممثلة غير مهمشة ونرفض أن يكون معهد المحاماة ممولا من الخارج».
وأضاف الوزير: «إننا نعدّ لفتح المعهد في بداية السنة القضائية المقبلة ومستعدون للتعاون مع هيئة المحامين وان رفضت ذلك فإن المصلحة تقتضي استمرارية المرفق العام».
وبين السيد «البشير التكاري» ان رفض الترسيم بصفة جماعية مخالف للقانون ومن تتوفر فيه الشروط القانونية فعلى الهيئة ترسيمه أو رفضه وتعليل ذلك قانونيا وبإمكان من تمّ رفضه اللجوء الى القضاء.
وقال: «إننا نلاحظ أن الجلسات العامة للمحامين يتعذر انعقادها للعدد الضعيف للحاضرين ويتعذر اتخاذ القرارات فيها». وحول تهديد هيئة المحامين بالاستقالة قال الوزير: «إن القانون ينظم حالات الاستقالة وحالات العجز».
* تغطية اجتماعية
وبخصوص التغطية الاجتماعية للمحامين قال الوزير: «إن هناك إرادة سياسية لتكون التغطية شاملة للمحامين وأن النظام الحالي لا يشمل إلا التقاعد». وقال «إن المحامي له التقاعد ولكن ليس له تغطية اجتماعية شاملة وتمّ وضع أربعة مبادئ لهذه التغطية تهم الشمولية أي أن تشمل التقاعد والعجز والمرض والقرين والأصول ثم الشفافية أي ما جعل للتغطية يُصرف للتغطية فقط ولا يحول الى وجهات أخرى سواء في شكل هبات أو في شكل قرض لأشخاص أو هياكل، ومن هذه المبادئ مبدأ المساواة أي أن التغطية تشمل كل المحامين دون استثناء ولا تمييز بين محام وآخر إلا بسنوات العمل في المحاماة هذا اضافة الى مبدإ الاستمرار».
وبين الوزير ان لجنة تكونت للغرض تضم ممثلين عن الهيئة وعن وزارة العدل ووزارة الشؤون الاجتماعية وعقدت 11 اجتماعا وتوصلت الى عدم امكانية استمرار النظام الحالي، وانتهت اللجنة الى أن النظام الأنسب للمحامين هو نظام غير الأجراء أي نظام المستقلين ووافق 8 أعضاء داخل اللجنة على هذا النظام وتمّ التوصل الى أن كل محام يختار الشريحة التي تناسبه والشريحة الأنسب هي من 5 إلى 6 في نظام غير الأجراء وهو ما يضمن للمحامي تقاضي جراية بين 720 و1100 دينار وفي الشريحة الخامسة كل محام مطالب بدفع 284 دينارا كل ثلاثة أشهر أي كل ثلاثية.
وكشف الوزير أنه لا وجود لنية لإلغاء نظام صندوق المحاماة الذي يبقى كنظام تكميلي وقال: «إن الهيئة بعد هذه الجلسات قدمت مشروعا آخر يُمول عن طريق الترفيع في معلوم طابع المحاماة وخصم نسبة من تسجيل الأحكام القضائية». وقال: «نحن مستعدون للترفيع في معلوم نسبة من تسجيل الأحكام فهذا ما نرفضه ولا نقبل به».
وبيّن الوزير أن نظام التغطية الاجتماعية للمحامين لم يتم الحسم فيه والفرصة المتاحة للهيئة لمزيد التعمّق فيه.
* قضاة
الوزير أكد أن الحوار مع جمعية القضاة قائم ومتواصل وتمّ الاستماع الى مشاغلهم بعد انتخاب المكتب الجديد للجمعية.
وقال الوزير انه تمّ فتح آفاق الترقية المهنية أمام القضاة الشبان وتمكينهم من تحمل المسؤوليات والتدرّج في الرّتب. وبيّن الوزير ان رئيس الدولة أذن بمراجعة المنح للقضاة.
كما بيّن الوزير أن الوزارة تعمل على توفير كل ظروف العمل داخل المحاكم وستتم تسوية وضعية الكتبة الذين هم على ذمة المجالس الجهوية وعلى ذمة برنامج المسح العقاري.
—————————————————-
سجلّنا حافل في حقوق الانسان
* تونس ـ الشروق :
بين السيد البشير التكاري أن انتخاب تونس عضوا بمجلس حقوق الانسان بالأمم المتحدة يأتي لعدة اعتبارات أهمها احترام تونس لمعايير حقوق الانسان.
وقال ان هذا الانتخاب يأتي تأكيدا لما تقوم به تونس في مجال حقوق الانسان وتم الانتخاب بطريقة سرية وتحصلت تونس على 171 صوتا من جملة 191 صوتا.
وقال لا تكاد تمر سنة في تونس دون اتخاذ اجراءات تدعم منظومة حقوق الانسان الشاملة في تونس وهو ما جعل سجلنا الوطني في مجال حقوق الانسان سجل حافل.
وأضاف ان تونس كانت دائما قدوة في مجال حقوق الانسان.
—————————————————
زوال سجن 9 أفريل بعد أسابيع قليلة
* تونس «الشروق»:
بعد أسابيع قليلة سيزال ويغيب عن الأنظار السجن المدني المعروف بسجن 9 أفريل هذا ما أكده أمس السيد بشير التكاري وزير العدل وحقوق الإنسان.
سجن 9 أفريل والذي يعد أكبر السجون المدنية والمتواجد محاذيا لعدد من المؤسسات الصحية الهامة في تونس العاصمة سيزال تماما بعد أن تم بناء سجن جديد بمنطقة المرناقية.
وقال الوزير إن السجن الجديد الذي سيعوّض سجن 9 أفريل بمنطقة المرناقية يستجيب لكل المعايير الخاصة بحقوق وواجبات السجين وذكر الوزير أنه تم تجديد بعض السجون ونقلها إلى مقرات جديدة تتوفر فيها كل المعايير وتضمن فيها حقوق السجين.
وقال الوزير إن لجنة الصليب الأحمر تواصل زياراتها إلى السجون التونسية حيث وقفت على احترام السجون للمعايير وحيث تتوفر في هذه السجون كل حقوق السجين وكل من زلت به القدم.
—————————————————–
الوزير ينفي «تعنيف» أي محام
* تونس «الشروق»:
على امتداد حوالي الثلاث ساعات تحدث السيد البشير التكاري وزير العدل وحقوق الإنسان في لقاء إعلامي كاشفا الكثير من التفاصيل والأوراق التي تهم عدد من المواضيع الساخنة والملفات المطروحة في الساحة الوطنية.
وزير العدل وحقوق الإنسان كشف كل التفاصيل التي تتعلق ببعث معهد المحاماة مسلطا الأضواء على كل الجوانب التي تتعلق ببعث هذا الهيكل وموضحا موقف الوزارة وردها على هيئة المحامين.
كما تحدث الوزير عن تفاصيل مشروع التغطية الاجتماعية للمحامين وعن مختلف جوانبه الترتيبية والفنية مؤكدا أن الأمر لا يزال مجرد مشروع ومؤكدا أنه مشروع يضمن تغطية اجتماعية شاملة للمحامي وتحدث الوزير عن تألق تونس وانتخابها عضوا بمجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة مؤكدا أن هذا الانتخاب اعتراف بما حققته تونس في مجال حقوق الإنسان.
السيد البشير التكاري وضح من جديد الموقف من قضية رابطة حقوق الإنسان مؤكدا أنها مكسب وطني مبينا خلفيات القضية من الناحية القانونية.
كما تحدث عن التعامل مع جمعية القضاة والإجراءات المتخذة لفتح أبواب الترقية أمام القضاة الشبان وعن تسوية وضعية كتبة المحاكم وتوفير كل الظروف للمتقاضين وضمان سير التقاضي.
—————————————————–
نزاع الرابطة مدني ولا دخل للسلطة في خلافاتها
* تونس «الشروق»:
تعرض وزير العدل وحقوق الإنسان السيد البشير التكاري إلى ملف رابطة حقوق الإنسان وقال إن قضية الرابطة من الناحية القانونية هي قضية مدنية والخلافات التي تعرفها هي خلافات داخلية وليس للسلطة أية علاقة بها.
وقال الوزير إن الرابطة هي مكسب وطني لكن النزاع الذي تعرفه هو نزاع مدني مثله مثل باقي النزاعات.
وأضاف «إن القضاء يبقى دائما الملجأ لأطراف النزاع وهناك الآن حكم لصالح أطراف ويمكن لهم تنفيذ حكمهم بالوسائل المنصوص عليها بالقانون وهو المعمول به في جميع القضايا المدنية.
وبين الوزير ان هناك حكما قضائيا نهائيا ألغى المؤتمر السابق للرابطة وكلف الهيئة المنبثقة عنه بمهمة الإعداد للمؤتمر بالرجوع إلى نص هذا الحكم وكل عمل يخالف ذلك هو مخالفة للحكم.
(المصدر: صحيفة الشروق التونسية الصادرة يوم 16 ماي 2006)
أبـشـرُوا يا قـوْم … لقد جاء الفرج من حيث لا يحتسب أحـد…
ليبيا تقول إنها ستتعاون مع أمريكا لنشر الديمقراطية !!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!
طرابلس (رويترز) – قال رئيس اللجان الثورية في ليبيا يوم الاثنين ان بلاده تريد ان تتعاون مع الولايات المتحدة لنشر الديمقراطية في انحاء العالم بعد ان استأنفت واشنطن العلاقات الدبلوماسية الكاملة مع طرابلس.
وقال مصطفى الزايدي اكبر مسؤول في اللجان الثورية وهي فعليا الحزب الحاكم والوحيد في ليبيا انه يشجع الولايات المتحدة على المضي في طريق التعاون ويأمل ان يتعاون البلدان من خلال الحوار الثقافي في نشر الديمقراطية معا في انحاء العالم.
وقال مسؤولون ليبيون كبار ان صفحة طويت في العلاقات بين البلدين وتنبأوا بازدهار الروابط بينهما.
وقال حسونة الشاويش المسؤول بوزارة الخارجية الليبية للصحفيين في طرابلس “الان وقد استؤنفت العلاقات فاننا ننتظر زيارة (وزيرة الخارجية الامريكية) كوندوليزا رايس لليبيا وسوف نرحب بزيارتها.”
واضاف قوله “لم يتحدد تاريخ لكنها ستكون في المستقبل القريب.”
ولم تكن بين البلدين علاقات كاملة طوال أكثر من 25 عاما ولكن العلاقات تحسنت بسرعة بعد ان قررت ليبيا في ديسمبر كانون الاول عام 2003 التخلي عن برنامجها الخاص بأسلحة الدمار الشامل.
واعلنت الولايات المتحدة يوم الاثنين انها ستعيد فتح سفارتها في طرابلس وسترفع اسم ليبيا من قائمة الدول الراعية للارهاب.
وقال الزايدي ان ليبيا لم تكن هي التي قطعت العلاقات بين البلدين بل واشنطن هي التي فعلت ذلك. واعرب عن سعادته بان الولايات المتحدة اعترفت بالموقف الليبي وعدلت موقفها.
وقال الشاويش ان طرابلس لم تقدم تنازلات لكسب الولايات المتحدة كشريك دبلوماسي كامل.
(المصدر: موقع سويس إنفو بتاريخ 16 ماي 2006 نقلا عن وكالة رويترز للأنباء)
امريكا تستأنف علاقاتها مع ليبيا مكافأة علي نبذها الارهاب
أزالتها من قائمة الدول المارقة .. وطرابلس ترحب
واشنطن ـ القدس العربي ـ وكالات:
استأنفت الولايات المتحدة العلاقات الدبلوماسية الكاملة مع ليبيا امس الاثنين لمكافأتها علي الغاء برامجها لاسلحة الدمار الشامل بعدما ظلت منبوذة لفترة طويلة.
وتتويجا لعملية تقارب تدريجي قالت كوندوليزا رايس وزيرة الخارجية الامريكية في بيان ان الولايات المتحدة ستعيد فتح سفارتها في طرابلس وترفع اسم ليبيا من قائمة الدول الراعية للارهاب. وأضافت نتخذ هذه الاجراءت اعترافا بالتزام ليبيا المتواصل بنبذها للارهاب والتعاون الممتاز الذي ابدته ليبيا مع الولايات المتحدة وأعضاء اخرين بالمجتمع الدولي ردا علي التهديدات العالمية التي يواجهها العالم المتحضر منذ 11 ايلول (سبتمبر) 2001 .
وفي طرابلس رحبت ليبيا بقرار الولايات المتحدة، قائلة انه سيساعد في دعم العلاقات في جميع المجالات.
وقال وزير الخارجية عبد الرحمن شلقم نرحب بهذه الخطوة. هذه بداية صفحة جديدة لمصلحة الشعبين .
واضاف هذا القرار جاء بعد عدة لقاءات واجتماعات وتم الاتفاق علي هذه الخطوة منذ ايام وسيصدر عن الجانبين بيان رسمي لتأكيد عودة العلاقات التي سترفع الي مستوي السفارات منذ اليوم (امس) .
واكد بيان صادر عن امين شؤون الاعلام في الاتصال الخارجي حسونة الشاوش ان ليبيا وامريكا اتفقتا علي استئناف العلاقات الدبلوماسية الكاملة بينهما علي مستوي السفارات اعتبارا من اليوم (امس) .
واضاف ان هذه الخطوة هامة علي طريق دعم العلاقات بين البلدين بما يخدم السلام والامن والاستقرار في العالم .
ولم يكن بين البلدين علاقات كاملة علي مدي أكثر من 25 عاما ولكن العلاقات تحسنت بشكل مثير بعد ان قررت ليبيا في كانون الاول (ديسمبر) 2003 التخلي عن برنامجها الخاص بالاسلحة. وفي عام 2004 رفعت الولايات المتحدة حصارا تجاريا واسع النطاق كانت قد فرضته علي البلد المنتج للنفط عام 1986. وبعد اعلان ليبيا دولة راعية للارهاب وهو اجراء يؤدي لفرض عقوبات اغلقت الولايات المتحدة سفارتها هناك عام 1980. ورحب علي عجالي رئيس مكتب الارتباط الليبي في واشنطن بهذه الخطوة وقال انها كانت متوقعة. وأضاف ان ليبيا كانت تتوقع حدوث ذلك منذ فترة طويلة معربا عن سعادته لسماع هذه الانباء. ومضي يقول ان هذا هو ما توقعته ليبيا والعالم كله لتري ما ستحصل عليه مقابل شجاعتها عندما تخلت عن أسلحة الدمار الشامل وبدأت في تطبيع العلاقات مع الولايات المتحدة. وتابع ان الامور سارت ببطء الي حد ما ولكنها حدثت في النهاية. وأشاد عضو ديمقراطي كبير معني بالسياسة الخارجية الامريكية بهذه الخطوة.
وقال توم لانتوس العضو الديمقراطي البارز بلجنة العلاقات الدولية بمجلس النواب في بيان غيرت ليبيا تماما مسلكها بالغاء برنامجها لتطوير أسلحة الدمار الشامل وانهاء دعمها للارهاب .
وأضاف من خلال هذه الاعمال تظهر الولايات المتحدة.. لباقي الدول المارقة .. وخاصة ايران .. ان بلادنا تأخذ في الاعتبار التغيرات الايجابية في السلوك وأكثر من مجرد الرغبة المتبادلة .
(المصدر: افتتاحية صحيفة القدس العربي الصادرة يوم 16 ماي 2006)
درس مؤلم للمعارضة الليبية
استأنفت الولايات المتحدة الامريكية علاقاتها الدبلوماسية الكاملة مع ليبيا، وقررت رفعها من قائمة الدول الداعمة للارهاب مكافأة لها علي تخليها عن برامجها النووية والبيولوجية والكيماوية، وتعاونها الكامل في الحرب علي الارهاب.
توقيت هذه الخطوة ينطوي علي درجة كبيرة من الاهمية، خاصة تزامنها مع الازمة المتفاقمة حالياً بين الولايات المتحدة وايران بسبب اصرار الاخيرة علي المضي قدماً في برنامجها لتخصيب اليورانيوم وانتاج الوقود النووي.
الادارة الامريكية تستخدم سياسة العصا والجزرة مع ايران، وتقول للقيادة الايرانية من خلال الرسالة الليبية هذه، انها يمكن ان تفوز بعلاقات طيبة، وتحسين صورتها كدولة مارقة اذا ما فعلت مثل نظيرتها الليبية.
ولعل الرسالة الاهم هي تلك الموجهة الي المعارضات العربية، والليبية منها علي وجه الخصوص، التي راهنت علي الدعم الامريكي لها للاطاحة بالسلطة والوصول الي سدة الحكم، فها هي الولايات المتحدة تتخلي عن هؤلاء، وتعيد العلاقات مع دولة مارقة ونظام غير ديمقراطي، دون اي شروط.
سجل الحكومة الليبية فيما يتعلق بحقوق الانسان ربما يكون قد تحسن قليلاً، ولكنه مازال سيئاً بالمعايير الدولية، والشيء نفسه يقال عن الاصلاحات السياسية والديمقراطية والحريات التعبيرية.
الولايات المتحدة، مثلها مثل كل الدول الغربية الاخري، تستخدم قضايا الحريات وحقوق الانسان كورقة ضغط ضد الانظمة المخالفة لسياساتها ومصالحها، وعندما تأخذ ما تريد، وتعطي هذه الضغوط أكلها، سرعان ما تتخلي عن كل طروحاتها في هذا الخصوص.
المعارضة الليبية، او بعض جماعاتها علي وجه التحديد، قبلت ان تكون مخلب قط للمخططات الامريكية ضد بلادها، وجيشت الجيوش، ونفذت عمليات اغتيال وتفجير راح ضحيتها بعض الابرياء الليبيين، وها هي الادارة الامريكية تتخلي عنها، وتعاملها معاملة المناديل الورقية، اي القذف بها في سلة المهملات بعد استخدامها.
عودة العلاقات الامريكية الليبية تطوي صفحة امتدت اكثر من خمسة وثلاثين عاما، تصدت فيها الثورة الليبية للمخططات الامريكية، بل وبنت كل ادبياتها الثورية علي معارضة الولايات المتحدة، ودعم كل حركات التحرير التي تشاركها هذا العداء للامبريالية الام.
الادارة الامريكية هي الكاسب الاكبر بكل تأكيد، ومكاسبها دعائية بالدرجة الاولي، ثم يأتي بعد ذلك المكسب النفطي وهو لا يقل اهمية في هذا الزمن الذي تحاول فيه الولايات المتحدة تحسين صورتها في العالمين العربي والاسلامي بعد حربيها الدمويتين في العراق وافغانستان.
اما ليبيا فلن تخسر كثيراً هي الاخري، فجميع الانظمة العربية تقيم علاقات دبلوماسية مع واشنطن في الوقت الراهن، ولكن عليها، في ظل المرحلة الجديدة، ان تغير الكثير من ادبياتها السياسية حتي تتلاءم مع الوضع الجديد، وخاصة الشعارات المعادية لامريكا التي ما زال بعضها علي جدران الساحة الخضراء في قلب طرابلس.
(المصدر: افتتاحية صحيفة القدس العربي الصادرة يوم 16 ماي 2006)
مرشد الاخوان:
اذا اراد جمال مبارك الترشح للرئاسة عليه ان يعيش بين الناس
القاهرة ـ يو بي آي: قال المرشد العام للاخوان المسلمين محمد مهدي عاكف ان بامكان جمال مبارك نجل الرئيس المصري حسني مبارك الترشح للانتخابات الرئاسية فقط اذا ما ترك القصر الرئاسي وعاش بين الناس.
ونقل موقع الاخوان اون لاين التابع للجماعة امس عن عاكف قوله اذا أراد جمال مبارك الترشح لرئاسة الجمهورية فعليه الالتزام بثلاثة شروط وهي ترك قصر الرئاسة وأن يعيش بين الناس وأن يلغي المادتين 76 و77 من الدستور .
واضاف عاكف في حديث لبرنامج من القاهرة عبر قناة العالم نقله الموقع ان هذه شروطنا لترشيحه لأنه في هذه الحالة سيكون مثله مثل أي مواطن مصري .
ورفض مرشد الجماعة فكرة توريث الحكم في مصر كما انكر وجود أي صفقة بين الجماعة وبين الحكومة بشأن قبول التوريث.
وقال عاكف ان الاخوان اعلنوا انهم لا يقبلون التوريث بحالٍ من الأحوالِ فكيف يقبلون بوجود أي صفقة كما يدعي البعض؟ .
وجدد المرشد العام للاخوان رفض الجماعة تشكيل حزب سياسي لها في الوقت الحاضر معللا ذلك بوجود قانون الطوارئ ووجود لجنة الأحزاب.
وتابع عاكف ان الاخوان لن يشكلوا حزبا سياسيا في ظل هذه الأوضاع .
(المصدر: افتتاحية صحيفة القدس العربي الصادرة يوم 16 ماي 2006)
جمال ابن الرئيس المصري مبارك زار البيت الابيض
واشنطن (رويترز) – قال متحدث يوم الاثنين ان جمال ابن الرئيس المصري حسني مبارك الذي يتنبأ البعض انه قد يتولى رئاسة البلاد اذا تنحى والده زار البيت الابيض الاسبوع الماضي من اجل اجتماع استقبله فيه لفترة قصيرة الرئيس جورج بوش.
وقال فريدريك جونز المتحدث باسم مجلس الامن القومي للبيت الابيض “زار جمال مبارك واشنطن لفترة قصيرة من اجل اعمال خاصة وطلب مقابلة مستشار الامن القومي ستيف هادلي.”
واضاف جونز قوله “اجتمع السيد هادلي مع السيد مبارك يوم الجمعة. واستقبل الرئيس السيد مبارك وحمله أغلى أمنياته لوالده الرئيس حسني مبارك.”
ولم يشأ المتحدث ان يكشف عن اي تفاصيل عما نوقش خلال الاجتماع.
(المصدر: موقع سويس إنفو بتاريخ 16 ماي 2006 نقلا عن وكالة رويترز للأنباء)
ضباط مكاتب مقاطعة إسرائيل يجتمعون في دمشق في غياب 7 دول عربية
(المصدر: صحيفة القدس العربي الصادرة يوم 16 ماي 2006)
على الباغي تدور الدوائر! وإن كانت “أيان حرصي علي”
خميس قشة – هولندا- روتردام
تمر الحياة السياسية في هولندا هذه الأيام بسجال متصاعد، حيث يشهد البرلمان جلسات عاصفة على خلفية ما قدمه البرنامج التلفزي “زنبلا” الذي ينقل الحقيقة ويكشف الكذب والتضليل للمشاهدين، عندما بث تقريرا مصورا موثقا ومفصلا، عن حياة النائبة البرلمانية المخضرمة “أيان حرصي على” الصومالية الأصل والتي وصلت إلى هولندا أواخر سنة 1992 طالبة اللجوء السياسي، وأصبحت فيما بعد عضوًا في البرلمان الهولندي، وناقدة للتعددية الثقافية في هولندا، ونصبت قبل حوالي عامين كمتحدثة رسمية عن لجنة اندماج الأقليات بالبرلمان، تطاولت على الإسلام على مر هذه السنوات، سعيا وراء الشهرة ومنافع انتخابية، دعمها في ذلك التيار اليميني المتشدد ذو الميولات المتطرفة، الذي جند وسائل الإعلام منذ أحداث 11 سبتمبر للاستفزاز المسلمين، و ربطهم بالإرهاب، وتم تكريمها وتتويجها ونالت عديد الأوسمة والجوائز في بعض البلدان الأوروبية تحت شعار تشجيع الإبداع وحرية الرأي ..
وركز البرنامج على كل مراحل حياتها اليومية قبل دخولها إلى هولندا، وبين مدى التناقض في رويتها التي قدمتها في ملف اللجوء، بداية من تزوير اسمها و تاريخ ميلادها، وادعائها أنها جاءت مباشرة من الصومال التي تمزقها الحرب الأهلية آن ذاك، وأكدت أن حياتها كانت مهددة، في حين بين البرنامج بالصور والوثائق أنها كانت في تلك الفترة تعيش في كينيا، التي لم تمر بأي حرب، وكانت آمنة تدرس وتعيش حياة طبيعية مستقرة تحت رعاية الأمم المتحدة للاجئين ..
كما أكد أخوها وعمتها وبقية أقاربها على أنها لم تُكره أو ترغم على الزواج من قريبها كما تدعي، وعرض التقرير قرائن تبين مدى حميمية العلاقة مع زوجها، وأنها كانت تحبه ويبادلها نفس الشعور وكانا في وءام تام.
واتخذت حرصي علي من قصة الإكراه على الزواج المزعومة مطية للنيل من الإسلام، الذي اعتبرته ظالما للنساء و لا يعطي المرأة الحق في اختيار شريك حياتها وهي عبارة عن ملكيه خاصة أو متاع.
وبهذا قدمت نفسها ضحية يُراد اغتصابها و إجبارها على العيش قهراً مع من لا تحب واعتبرتها جريمة ارتكبت في حقها عندما زوجها أبوها من رجل لا تعرفه ولا تحبه، معممة الأمر على المرآة المسلمة،التي تقاسي من الظلم والاضطهاد حسب ادعائها، وبهذه المغالطات قدمت نفسها للمنظمات والهيئات الاجتماعية والسياسية زعيمة ومناضلة من أجل حرية المرأة المسلمة ومساواتها مع الرجل، وبذلك لقيت تعاطفا وتأييدا من المؤسسات الحكومية والمدنية لتمرير ادعاءاتها ومشاريعها ..
وأثناء بث البرنامج اتصل بها المخرج سائلا عن هذا التناقض فاعترفت أنها قدمت مغالطات في روايتها لوزارة العدل في ما يخص اسمها وتاريخ ميلادها و إقامتها والبلد الذي أتت منه، فيما أصرت على روايتها في إكراهها على الزواج، وأكدت أن حزبها اللبرالي(vvd) كان على علم بالموضوع، قبل ترشحها للانتخابات التشريعية .
وجاء عرض البرنامج متزامنا مع تقارير ودراسات ومقالات لسياسيين ومحللين هولنديين يحملون المسؤولية لسياسيين نافدين من بينهم نائبة البرلمان الهولندي “إيان حرصي علي ” بمعاداة الإسلام بانتقادات مستفزة للثقافة الإسلامية تخدم تصادم الحضارات بين الغرب والعالم الإسلامي وتخدم الكراهية وتهدد تماسك المجتمع وتزعزع الأمن الداخلي للبلد ويجعله عرضة لأعمال إرهابية…
وعبر البرلمان الهولندي و جل القوى السياسية والاجتماعية من أحزاب ومنظمات وهيأت استنكارهم لهذا العبث والخداع المتعمد والكذب الصريح، الذي لا يليق ولا يقبل أن يأتي من مسؤول حكومي بهذا المستوى، واستنكروا هذه الممارسات التي تعتبر نقيضا لما تتغني به النائبة من التحضر والقيم الثقافية والأخلاق وما تدعيه من بسط العدل والمساواة وطالبوها بالاستقالة من البرلمان والحكومة .
وطالبوا مسؤول إدارة الهجرة والجنسية بإعادة النظر في الحق القانوني “لحرصي” بحصولها على الجنسية و بمراجعة ملف لجوؤها، لدى وزيرة الهجرة والجنسية “ريتا فير دونك” وهي من نفس حزب النائبة، والمرشحة لزعامة الحزب الذي فقد العديد من المقاعد في الانتخابات البلدية الأخيرة وتراجعت شعبيته نتيجة سياساته الاقتصادية والاجتماعية والأمنية في الفترة الماضية التي سببت تصدعا في ترابط المجتمع وخلفت انكماشا اقتصاديا لحق الطبقة العاملة والوسطى، واستياء لدى الأقليات جراء قوانين وإجراءات جائرة في حقهم.
وبدورها فندت حرصي علي وهونت من الأمر بتصريحات متضاربة ومتناقضة لعديد من وسائل الإعلام والدوائر الرسمية، وأخيرا ما عليها إلا الخضوع (وهو عنوان فيلمها المتهكم على المسلمين) للكشف عن حقيقتها، والامتثال للقوى السياسة بعد هذه الفضيحة بتقديم استقالتها ومغادرة هولندا لأن القانون الهولندي ونزاهة الساسة الهولنديين لا تتسامح مع الكذب والخداع، وقد امتثلت في الحين لمغادرة هولندا غير مأسوف عليها متوجهة إلي أمريكا حيث حصلت على عمل في معهد “أميركا ن انتربيرسيس” اليميني المحافظ في واشنطن.
ومهما بلغت الجروح الغائرة التي أحدثتها هذه النائبة للأقلية المسلمة بهولندا باعتداءاتها على الحقوق الشخصية للمسلمين يبقى سلاحنا الصدق في القول في نشر ثقافة الحب والعدل والسلام لنحقق التعايش الآمن بين المجتمعات والحضارات .
هذا ونشيد بمستوى الشفافية التامة التي تعاطى معها الإعلام والدوائر الحكومية، ونتمنى من كل مسؤول أن يبتعد عن هذا السلوك المشين لان الكذب والخداع، يؤدي للانقسام والفساد والتلاعب السياسي الذي يقوض السلم والاستقرار.
16 ماي 2006
بسم الله الرحمان الرحيم
والصلاة والسلام على اشرف المرسلين
تونس في 12/05/2006
بقلم المناضل الدستوري
محمد العروسي الهاني
الحلقة الثانية :تعقيبا على مداخلة الدكتورة عميرة
في المعهد الأعلى لتاريخ الحركة الوطنية التونسية
أواصل على بركة الله الكتابة حول مداخلة الدكتور عميرة في المعهد الأعلى للحركة الوطنية التي استمرت 3 أيام والتي ركزها على الخلاف القائم بين الزعيمين الحبيب بورقيبة وصالح بن يوسف وانحاز صاحبنا عميرة إلى شق وتجاهل شقا آخر. ونسي صاحبنا عميرة انه مؤرخ وان المؤرخ صاحب مهمة صعبة لأنها تتطلب كثيرا من الجهد والنزاهة والحياد التام وعدم الانتماء أو الانتماء النزيه الصادق ، وذكرني أخونا الدكتور عميرة باسم المرحوم الطاهر عميرة الذي حضر مؤتمر صفاقس وكان خصما للزعيم بورقيبة وقد أثار مواضيع هامة في المؤتمر و جوانب متعددة فيها التشكيك والتعجيز ولكن الزعيم بورقيبة كان بالمرصاد للإجابة والإصغاء والحلول العاجلة وكل موضوع يجيب عليه بصدق وصفاء ووضوح. وشفافية و كان الله تعالى في عون عبده الصادق النزيه ونصر الله الزعيم بورقيبة وسهل له أبواب العمل “إن ينصركم الله فلا غالب لكم ” صدق الله العظيم .
قلت ذكرنا أخونا عميرة الصغير بمحاولة عميرة الكبير 1955 وقال المثل “إلى خلّى النبات ما مات ” لكن المرحوم الطاهر عميرة ناقش بورقيبة في إطار مؤتمر في جانب قليل مع بن يوسف ولكن الدكتور عميرة قالها بوصفه مؤرخا و لا يجوز الانحياز في سرد التاريخ وعلى الأقل يجب أن يكون عادلا .
عادلا في أحكامه حيث انه اصدر أحكاما قاسية على الزعيم بورقيبة و أعضاء الحزب و المناضلين القدامى البورقيبيين و انحاز الى صف واحد هو المظلوم وهو المضطهد او جماعة بورقيبة فهم أقلية و عضلات واعتداءات وهجمات وضرب وشطحات وعدم احترام لقواعد اختلاف الرأي اما الطرف الاخر فهو ضحية وملائكة وأصحاب الراي ونزاهة لا حول ولا قوة ولا الا بالله العلي العظيم .
هذه هي المحاضرة أو مداخلة أخونا عميرة المؤرخ الجديد وبدوري أريد أن أتقدم للدكتور ب 3 أسئلة .
1 هل حصل للدكتور عميرة يوما أن دخل السجن من اجل الوطن .
2 هل ذاق عميرة ألوان التعذيب و الإبعاد و الغربة من اجل الوطن العزيز
3 هل ضحى بشبابه و ماله وزوجته وأبنائه و أحفاده من اجل تونس وزهد في الدنيا وسجن لمدة 17 سنة ونصف وأنا ارفق به وأقول له هل سجن عاما واحدا من اجل الوطن وأنا في انتظار الجواب……هذا بالنسبة للملاحظات التي أردت توجيهها لدكتور عميرة وأقول له يا رجل اتق الله تعالى ” يا أيها الذين امنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا ” صدق الله العظيم .
أما في خصوص الصحافة المكتوبة فانا أتساءل لماذا هذا الانحياز الواضح وعدم النزاهة الإعلامية أين مداخلات السيد نجيب البوزيري السفير التونسي السابق والوجه الدبلوماسي النزيه أين الكلام الذي قاله في الندوة التي استمرت 3 أيام أين مداخلات عديد المناضلين الأحرار الذين دافعوا على بورقيبة وبالأحرى قالوا كلمة الحق و كلمة التاريخ والإنصاف هذه المداخلات لا قيمة لها عند الصحافة المكتوبة لماذا لأنها تصب في حسنات الزعيم بورقيبة وأعضاء الحزب الأحرار و المناضلين …الصحف لا يهمها التاريخ ولا الوضوح ولا الخط البورقيبي و العمل السياسي الهادف و النجاحات الكبرى في عهده …الذي يهم الصحف هو إثارة المواضيع التي تقلل من شان بورقيبة ومن قيمته ولو حاولنا نحن البورقيبيين الأحرار أن نرد على التهجمات التي يتعرض لها الزعيم الأكبر فإننا نجد الأبواب مغلقة وموصدة منذ أعوام ولو كنت من جماعة السب و الشتم وقلبان الفيستة لهرولت الصحف لكسب ودي .
وأنا أتساءل هنا لماذا ينشر موقع تونس نيوز كل المقالات التي تصدر في تونس وعنها مقالات من الصباح والشروق و الموقف وكل الأخبار و الردود والتحاليل و الندوات الفكرية و تحاليل الصحف ومقالاتها المواكبة للأحداث أما الصحف فلن تتجرا يوما على أن تكتب ما ينشر على موقع تونس نيوز هذا هو الفرق فلماذا ….؟ لان موقع تونس نيوز موقع حر ديمقراطي هادف يحترم القارئ ويحترم ويقدم الرأي و الرأي الآخر ولا ينتظر برقية شكر أو علاوة ترقية وليست له ديون ولا أرباح ولا قروض و لا مطامع ولا هو مطلوب من طرف “الفيسك” هذا هو الفرق بين موقع تونس نيوز وبعض أشباه الصحف…. هذه هي صحافتنا وهذا هو وضعنا
أعود للرد على الأخ عميرة فأقول أني استغرب تنظيم الندوة الوطنية للمعهد الأعلى تاريخ الحركة الوطنية ايام 6 و 7 و 8 مي الجاري بنزل الشرق بالعاصمة حول الذكرى الخمسين للاستقلال 20 مارس 1956 — 20 مارس 2006 بالتزامن مع تنظيم ندوة أخرى بمنتدى مؤسسة التميميي في نفس الأسبوع ومع نفس المتدخل الدكتور عميرة . وكأن الأمر مقصود ومنسق والهدف واحد بينما كان المعهد الأعلى لتاريخ الحركة الوطنية حسب اعتقادنا هو المؤهل لاختيار الأشخاص الأكثر إشعاعا و الماما لان التاريخ لا يرحم وكنا نتصور أن المعهد الأعلى لتاريخ الحركة الوطنية و على رأسه مسؤول وطني نزيه ونظيف مثل الأستاذ لطفي الشايب أن يحافظ على صورة التوازن لتاريخ الحركة الوطنية بأكثر موضوعية بدون الدخول في جدل عقيم حول إبراز الفتنة وإحيائها من جديد وكان مكاسب الاستقلال والرهانات التي تفوق الخيال هي مقصورة على ذكر 5 في المائة من الخلل …وكان من المفروض أن نوجه الدعوة إلى الأستاذ الحبيب بولعراس مدير جريدة العمل سابقا ليروي لنا تاريخ الحركة الوطنية او دعوة السيد الشاذلي القليبي الوزير الذي لازم بورقيبة فترة طويلة أو دعوة الأستاذ محمد الناصر الذي واكب الزعيم الراحل أو محمد المصمودي كما كان من المفيد حضور الأخ محمد الصياح الذي له إسهامات في تاريخ الحركة الوطنية أو الأخ مصطفى المصمودي رجل الإعلام ولا ننسى الأستاذ عبد المجيد شاكر الذي واكب مؤتمر صفاقس وهو أمين عام لاتحاد الطلبة و الأخ المناضل محمد بكور عضو المجلس الوطني للمناضلين الذي يعرف أسرار مؤتمر صفاقس الحاسم حيث بقي ما لا يقل عن 1234 نائبا يصيحون بورقيبة بورقيبة لأكثر من 20 دقيقة بعد كلمة مندوب مصر الذي قال أيها الشعب أيها الأحرار انتم مع من مع هذا الزعيم أو ذاك أجابته القاعة مدوية بصوت واحد بورقيبة… لا ننسى هذه اللحظة العظيمة وكان على الأخ المحاضر ذكر ذلك بصدق واعتزاز لو كان يريد إبراز الحقيقة دون سب وشتم وحديث عن عضلات وجماعة الاتحاد التونسي للشغل و كلام جارح …وليكن في علم المحاضر انه قبل خمسة اشهر ونصف غرة جوان 1955 عاد الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة إلى ارض الوطن حاملا لواء النصر وبشائر السعادة والاستقلال واستقبله الشعب استقبال الأبطال في حلق الواد حيث تجمع اكثر من خمسمائة ألف شخص في مسيرة حاشدة لم تر البلاد لها مثيلا إلى اليوم ولعلم عميرة الأمن و البوليس…. فرنسي أنذلك اذا من نظم المسيرة؟ ومن نظم الاستقبال يوم 1 جوان 1955 اليوم المشهود؟ …هم المناضلون الأحرار وهم الذين نظموا المؤتمر الفاصل …إذا لا غرابة من قوة الحزب ورجاله و إطاراته عند التعبئة العامة .
ختاما كنت انتظر ندوة وطنية سليمة من العنف اللفظي و الإساءة إلى تاريخنا وحركتنا الوطنية…كنت أتمنى أن يقع الخوض في هذه التجربة الفريدة والصمود الخرافي كنت أتصور أن اسمع من فم المحاضر تعدادا للانجازات العملاقة لبورقيبة ورفاقه و اعضاده كنت كنت كنت ومسك الختام اقول لأخينا لطفي الشايب إذا ما زال في العمرة بقية أن أشارك في ندوة قادمة لتسليط الأضواء وتصحيح الأخطاء وقول الحق …….
كنت أتمنى لو وقعت دعوتي وأمثالي الذين وقع تهميشهم وإقصاؤهم و لست ادري من أعطى قائمة المشاركين للطفي الشايب حتى يستدعي البعض ويتغافل عن الباقين ولو كنت حاضرا لطال النقاش بيننا ولكن الحمد الله أن اوجد لنا منبرا بديلا عن منبر تاريخ الحركة الوطنية وهو موقع تونس نيوز الذي كان اكثر عدلا وإنصافا مثلما كانت الندوة الاخيرة التى عقدت بباريس يوم 25 / 3 2006 على هامش خمسينية الاستقلال . وكما قلت مرة هل أصبحت فرنسا أكثر وفاءا لبورقيبة من أبناء البلد انفسهم وقد قال بورقيبة لا أخاف على تونس الا من أبنائها و قال تعالى ” وما جزاء الإحسان إلا الإحسان ” صدق الله العلى العظيم
محمد العروسي الهاني
مناضل دستوري
الحركات الإسلامية وتطبيق الشريعة: تأجيل أم إعادة نظر؟
صلاح الدين الجورشي – كاتب وصحفي من تونس
أقامت حركة طالبان مجتمعا مغلقا يسوده رعب جماعي، ويرتكز على تمييز واسع النطاق بين النساء والرجال. بعد فشل العديد من التجارب لتطبيق الشريعة في السنوات الماضية، نلاحظ خلو برامج الكثير من الحركات الإسلامية من المطالبة الصريحة بتطبيق الحدود، وأصبح الخطاب السياسي الحركي يركز أكثر على القضايا السياسية والاجتماعية. تحليل بقلم الكاتب والصحفي صلاح الدين الجورشي.
عندما سئل دكتور سعد الدين العثماني، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية في المغرب، حول ما إذا كان حزبه ذو التوجه الإسلامي ينوي في حالة وصوله إلى السلطة تطبيق أحكام الشريعة، أجاب “إنها لا تندرج ضمن برنامجنا”. وعندما سئل خالد مشعل بعد فوز حركة حماس في الانتخابات التشريعية الفلسطينية، نفس السؤال، جاءت إجابته حاملة لبصمات الواقعية السياسية. قال: “لن نلجأ إلى فرض الشريعة الإسلامية. نحن نؤمن بالوسطية وبالتدرّج. ونؤمن بالتسامح ولا إكراه لدينا”.
وقد جاء برنامج الحكومة التي شكلتها حماس منسجما تماما مع هذا الوعد. هل يمكن في ضوء هذين المثالين القول بأن البرغماتية السياسية ستقود الحركات الإسلامية إلى التخلي عن “تطبيق الشريعة” بعد أن كان هذا في مقدمتها مطالبها الأساسية منذ قيام حركة الإخوان المسلمين عام 1928؟
تاريخيا، تعتبر الحركات الإسلامية التي استندت على شعار “الإسلام عقيدة ودولة” في مقدمة التيارات الجديدة التي عملت بعد سقوط الخلافة العثمانية على إعادة تفعيل أحكام الشريعة دون استثناء أحكام الحدود.
ففي رسالته الحاملة لعنوان “إلى أي شيء ندعو الناس” طالب الشيخ حسن البنا مؤسس حركة الإخوان المسلمين بإصلاح القانون الذي يجب “أن يكون مستمدا من أحكام الشريعة الإسلامية مأخوذا عن القرآن الكريم متفقا مع أصول الفقه الإسلامي”.
استنادا على ما ذكره الشيخ حسن البنا، فإن حركة الإخوان تعتبر الشريعة كلا لا يتجزأ. هذا على الصعيد الاستراتيجي، لكنها على الصعيد العملي والتكتيكي، فإن حركة الإخوان أو عديد الحركات التي تأثرت بها لم تنتهج في هذه المسألة أسلوبا واحدا.
تأجيل تطبيق الشريعة
لقد اكتفت بعض هذه الحركات بالدفاع عن مبدأ المطالبة ب” تحكيم شرع الله “، وقامت بتأجيل المطالبة بتطبيق الحدود في المرحلة الراهنة نظرا لسوء الظروف السائدة. وقد دار حول هذا الموضوع جدل واسع بين الإسلاميين.
ويعتبر سيد قطب من أهم من وضع للمسألة إطارا نظريا برر به عملية تأجيل تنفيذ ليس الحدود فقط، ولكن مجمل الشريعة بأحكامها العامة أو التفصيلية، وذلك خلال المرحلة الثانية من مسيرته الإسلامية.
اعتقد سيد قطب أن دُعاة الإسلام “وقعوا فريسة مناورةٍ خبيثةٍ من الجاهلية دفعتهم إلى إحراج الإسلام، عندما حاولوا تقديم شرائعه في غير بيئته”. وبناء عليه، دعاهم إلى رفض ما وصفه ب” السخرية الهازلة فيما يُسمَّى تطوير الفقه الإسلامي في مجتمع لا يعلن خضوعه لشريعة الله”.
في مقابل هذه الطرح القائم على التأجيل، هناك حركات أخرى تمسكت بضرورة التعجيل بتنفيذ الحدود مع أول فرصة توفرت لها، سواء للمشاركة في الحكم أو الانفراد بالسلطة. ورأت هذه الأطراف أن العقوبات الجسدية يمكن أن تكون وسيلة رادعة لتحقيق الأمن الاجتماعي والاستقرار السياسي، و”تطهير المجتمع من الجريمة والانحراف الأخلاقي”. وقد جربت ذلك المنهج حركتان تختلفان عن بعضهما اختلافا جذريا.
الأولى هي حركة طالبان التي – وإن نجحت في فرض الأمن على المناطق التي سيطرت عليها، كما تمكنت من القضاء على عصابات زرع المخدرات وترويجها – إلا أنها في المقابل أقامت مجتمعا مغلقا يسوده رعب جماعي، ويرتكز على تمييز واسع النطاق بين النساء والرجال؛ معتقدةً أن تطبيق الحدود، بشكل بدائي وسطحي، واجب شرعي لا يقوم الإسلام بدونه.
أما الحركة الثانية “الجبهة القومية الإسلامية”، فقد أيدت اللجوء العشوائي إلى تطبيق الحدود في ظروف كانت تفتقر للحرية وضمان الكرامة والعدل الاجتماعي لجميع السودانيين. كانت المرة الأولى عندما تحالفت مع جعفر النميري، الذي أعلن عام 1983 عن تطبيق الشريعة الإسلامية في كامل البلاد بما في ذلك الجنوب. وقد آلت التجربة إلى إخفاق كبير على جميع الأصعدة، وخلفت وراءها عددا من الضحايا، في مقدمتهم الشيخ محمود طه الذي أعدم بتهمة الردة بعد أن تجاوز السبعين عاما من العمر.
ثم عادت الحركة لتدعم نفس الاختيار، عندما تحالفت من جديد مع العسكر 1989، وتشبثت بتطبيق الشريعة بما في ذلك الحدود في القضايا الجنائية، وذلك رغم أن المناخ السياسي والاقتصادي كان يتصف أيضا بالاستبداد والفقر والتفكك الاجتماعي. وحتى بعد الخلاف الذي حصل بين جناح الترابي والرئيس عمر البشير، استمر الدفاع عن التشريعات المعمول بها في البلاد بحجة أن “أي عيوب في تطبيق الشريعة الإسلامية في العهد الحالي تعود للمنفذين وليس للإسلام”.
تعديل في الخطاب والأولويات
بعد فشل التجارب التي تمت الإشارة إليها سابقا، إلى جانب حجم المشاكل الضخمة التي تمخضت عنها الثورة الإيرانية، جنح الخطاب السياسي الحركي نحو تجنب ” التورط ” في تجارب شبيهة. وتجلى ذلك في تركيز أكثر من قبل الحركات الإسلامية الحزبية على القضايا السياسية والاجتماعية، حيث خلت برامج الكثير من هذه الحركات من المطالبة الصريحة بتطبيق الحدود.
كما أن وثيقة الإصلاح السياسي التي طرحتها حركة “الإخوان المسلمون” في مصر لم تشر إلى الدولة الإسلامية كمصطلح، ولم يرد المصطلح أيضا في أهداف الجماعة في مصر.
ويستند ابراهيم غرايبة من الأردن على هذا التحول في ترتيب الأولويات لدى هذا الصنف من الحركات الإسلامية، ليتوقع بأن “الحركة الإسلامية تجري مراجعات لتشكيل رؤية سياسية وإصلاحية تقترب كثيرا من رؤية حزب العدالة والتنمية في تركيا، وتحرر كثيرا من المواقف والبرامج السابقة من بعدها الأيديولوجي لإخضاعها لاعتبارات سياسية وواقعية، ونقلها من دائرة الفهم الديني الثابت إلى المصالح المتحولة”.
إن هذه المراجعة التكتيكية والضمنية تمثل ظاهرة جديدة عديدة؛ تدل أولاً على بداية تشكل وعي – لدى هذه الأوساط – بأن تطبيق الشريعة لا بد أن يكون نابعا من إرادة شعبية؛ وتدل ثانياً على قناعة تلك الأوساط بأن مسألة الحدود ليست بالوصفة السحرية.
أما الدلالة الثالثة فتتعلق بالدور المتزايد للقوى الحديثة التي تشكلت داخل نسيج المجتمعات المدنية من جمعيات حقوق إنسان ومنظمات نسائية وأحزاب علمانية. ورابعا، بدأ العديد من قادة هذه الحركات يدركون بأن بلدانهم جزء لا يتجزأ من منظومة دولية، لا يمكن الفكاك منها.
الخلط بين الإرهاب وتنفيذ الحدود
إذا كانت الحركات الإسلامية المراهنة على التغيير السلمي والتدريجي قد اختارت السكوت في هذه المرحلة عن تطبيق الحدود، فإن الأمر مختلف بالنسبة للحركات الراديكلية ذات التوجه الصارم. وقد تنقسم تلك الحركات إلى خطين رئيسين، خط لا يمارس العنف، لكنه يعتبر نفسه الحارس الأخير لحماية “العقيدة الصحيحة” من خلال الحملات الدعوية، والتمسك بالتطبيق الحرفي للشريعة، بما في ذلك أحكام الحدود.
أما الخط الثاني، وهو ما يسمى عادة بـ ” السلفية الجهادية “، يحمل نفس المنطلقات العقدية والفكرية، لكنه يؤمن بأن العنف هو الوسيلة الوحيدة للتغيير، إضافة إلى اعتقاد أفراده بأنهم يملكون الشرعية لتنفيذ الحدود بأنفسهم.
لقد فرضت بعض هذه الجماعات ممارسة جديدة تفاقمت منذ احتلال العراق، “حين أعطت لنفسها سلطات الإفتاء والقضاء والتنفيذ، أي أن كل واحد منهم يصبح مفتيا وقاضيا وشرطيا”، كما جاء على لسان الشيخ يوسف القرضاوي. فهذه الجماعات جعلت مــن نفسها ” سلطة مؤهلة “لإصدار الأحكام وتنفيذ بعض الحدود ( مثل حد الردة ) بحجة أن الأنظمة القائمة تخلت عن ” شرع الله “، وبالتالي فقدت شرعيتها.
الدعوة إلى تعليق الحدود
ما نفذته الأغلبية الواسعة جدا من حكومات الدول الإسلامية بصمت، وأصبحت تمارسه الكثير من الحركات الإسلامية بشكل ضمني، أعلنه بصوت مرتفع المثقف الإسلامي طارق رمضان في ندائه الدولي إلى “تعليق فوري للعقوبات الجسدية، الرجم والحكم بالإعدام في جميع الدول ذات الأغلبية المسلمة”. وبالأولى، عدم تطبيق الشريعة داخل البلدان ذات الأغلبية غير المسلمة.
دعوة رمضان موجهة إلى العالم الإسلامي، وأسسها على منطلقات اتسمت بالواقعية والروح المبدئية. لقد استند في دعواه على اعتقاده بأن: الأنظمة السياسية وأوضاع المجتمعات ذات الأغلبية المسلمة لا تضمن تعاطيا عادلا للأفراد أمام القانون”.
كما اعتبر واقع المسلمين اليوم “أسوء من عام الرمادة الذي منع فيه أمير المؤمنين عمر إقامة حد السرقة”. وتحدث عنما وصفه بـ ” الأزمة الرباعية” التي يمر بها هذا الواقع، وتتمثل في ” نظم سياسية منغلقة وقمعية، وسلطة دينية متشتتة، ومطالب متناقضة، وشعوب محرومة من التعليم ومأخوذة بتشبث صادق بالإسلام، لكنه تشبث عاطفي وانفعالي”. وبالتالي ” لا يمكن بحال أن يستمر العمل بتطبيق عقوبات ليس شأنها إلا أن تمنح مصداقية لأحكام ظالمة كما يحدث الآن”.
واستغرب رمضان – مثلما فعل كثيرون من قبله – أن “يعاقب النساء والرجال، ويضربون ويرجمون باسم الحدود في ظل غياب تام لحقوقهم الأساسية التي كفلها الإسلام”. وهو ما اعتبره ” خيانة لتعاليم الإسلام وتشويها لعدالته”.
دعوة طارق رمضان لم تطرح على النقاش الواسع داخل الفضاء الإسلامي، وعلى العكس من ذلك تعرض لهجوم، باعتباره يطرح قضية “تسيء للإسلام ولا تنفعه”. ولم يناقشه بهدوء علمي إلا عدد قليل من العلماء. أما البقية فقد اعتبروا القضية ” مفتعلة ” وغير مطروحة، نظرا لعدم تطبيق الحدود في أغلبية الدول الإسلامية، ما عدا دول تعد على الأصابع، وتتفاوت في أسلوبها وظروفها.
لكن بقطع النظر عن الخلفية التي تقف وراء تجنب الخوض في هذه المسألة، فالواضح أن الصعود السياسي للإسلاميين القابلين بقواعد اللعبة الديمقراطية، جعلهم يكتشفون تدريجيا بأن الأزمات التي تمر بها مجتمعاتهم تتطلب نظرة أكثر عمقا وشمولا. وبالتالي فإن التجربة ستغير الأفكار وتفرض سياسات جديدة، وبالتالي فإن الواقع يعيد في النهاية صياغة الفكر.
(المصدر: موقع “قنطرة” الألماني بتاريخ 10 ماي 2006)
وصلة الموضوع: http://www.qantara.de/webcom/show_article.php/_c-492/_nr-385/i.html
المشرط: الرواية الصدمة لكمال الرياحي
آمال البجاوي (*)
المشرط من سيرة خديجة وأحزانها عمل روائي صادم للكاتب التونسي كمال الرياحي صدر هذه الأيام عن دار الجنوب للنشر والتوزيع وهي دار تونسية اشتهرت بموضوعيتها ودقتها في الاختيار، ورواية المشرط نشرت ضمن سلسلة عيون المعاصرة التي يشرف عليها الأستاذ الكبير توفيق بكار الذي لا يمنح تأشيرة النشر في سلسلته إلاّ لعمل يقنع بأنه يستحق شرف الانتماء إلي هذه السلسلة.
المشرط رواية اعملت المشرط في الذائقة التقليدية وتركت خدوشا وجروحا غائرة في الجسد السائد والمكرور، مشرط مزق الموروث من المعاني والمتماسك من الأبنية القديمة لينشر علي الملإ نتف الأجساد والصور المفزعة ويحطّم البناء القديم فإذا كلّ ما في البيت متداع آيل للسقوط …
المشرط خلطة عجيبة من واقعية الشواغل والهموم وسريالية الأشكال والألوان وشاعرية اللغة حينا وجفافها متي اقتضي المقام … المشرط قلم الروائي كمال الرياحي يمزّق به وقار المعهود ويصدم به رصانة كاذبة للمألوف، مشرط يشهره في وجه المجتمع الخامل والبشر النائمين بعيون مفتوحة غير أنها لا تري مشرطا يلمع في وضح النهار ليبدّد سكينة الليل وما أخفي … فإذا لمعانه يٌعشي الأبصار؟
المشرط نبش في القاع وجسٌّ لأورامه ومحاولة تجسّس علي زمرة ادّعت الثقافة والنهوض بالقاع فإذا بها تسقط وترتطم بالقاع أي ارتطام.
المشرط هدية قدّمها الروائي كمال الرياحي للمهمّشين قائلا: هو ذا المشرط فما عساكم به تفعلون ؟ فحزّ في نفس ابن خلدون أن يٌحرم الهديّة … وحزّ في نفس أشراف القوم أن يقع اقصاؤهم ….فعمّت الفوضي …واقتتل الجميع: الفوق والتحت والبين بين ….الكل يريد مشرطا … الكل يطالب بالعدالة، بمشرط يمنح وجودهم الشرعية ويضفي علي كياناتهم منزلة الشرف …
المشرط الرواية /الرجّة، التقط فيها صاحبها كمال الرياحي حادثة عبرت ذات يوم بهذا المجتمع، حادثة المجهول الذي اعمل مشرطه في مؤخرات النساء فعصف المشرط بالآمنين والآمنات حينا من الزمن وهدأت العاصفة غير أن رواية المشرط عاصفة هوجاء هزّت أمن الرواية التونسية والعربية المعاصرة وعواصف الابداع لا تهدأ.
المشرط رواية اتّسع صدرها للجميع : للفقراء وللأغنياء وللمهمّشين وللمثقفين ولأصحاب الحظوة …للظالمين والمظلومين …للمعاقبين والناجين من العقاب …للضعفاء والأقوياء وللمعتدلين والمتطرّفين وللشواذ ….لأصحاب القلم وأصحاب الكلمة وأصحاب العصي وأصحاب المشارط …
رواية المشرط كانت دعوة مفتوحة لكل هؤلاء أعطت الكلمة للجميع دون اقصاء: لإبن خلدون وشورّب، لبولحية والنيقرو، لسيدة الروتند والنسناس ولغيرهم … وكان المخّاخ سيّد القوم والمقام وتحفة الرواية، المخّاخ تلك الشخصية الاسطورية التي ابتدعها الروائي كمال الرياحي لتكون امضاءه وبصمة روايته وعلامة خصوصية وأصالة فكرة تحسبه لصاحبها وتوشوش لذاكرتنا بأن العمل الابداعي خلق وانشاء أو لا يكون.
(*) باحثة مهتمة بالسرديات
(المصدر: صحيفة القدس العربي الصادرة يوم 16 ماي 2006)
الإخفاق الأمريكي والمتغيرات الجديدة
توفيق المديني (*)
مع إعادة انتخابه لولاية ثانية طرح الرئيس جورج بوش الابن مشروع بناء “الشرق الأوسط الكبير”، بوصفه رغبة أمريكية معلنة لنشر الديموقراطية في عموم المنطقة العربية ، وتحويلها إلى منطقة نامية ومعقولة ومستقرة.بيد أنه هاهم المحللون الاستراتيجيون الأمريكيون أنفسهم في تقويهم لسياسة بوش في الشرق الأوسط يعتبرونه مفجعا ، لأن هذه الأهداف الكبيرة التي أطلقها قبل سنتين أصبحت وهماً من الأوهام في منطقة تعد حاليا الأكثر أهمية للسياسة الدولية الأمريكية.
ونبدأ من العراق ، إذ يعيش هذا البلد العربي بعد الغزو الأميركي وظهور الانقسام السنّي الشيعي الكردي، انقساما إثنياً ومذهبياً ودينياً وسياسياً، وهو على حافة حرب أهلية ، ومهدد بالتقسيم في كيانه السياسي و المجتمعي ، و هو الوضع الجيد جدا الذي يخدم مصالح “إسرائيل”. وقد عملت الانتخابات التشريعية التي حصلت في 15 يناير الماضي على تغليب المنطق الطائفي المدمر، الأمر الذي ألقى على رئيس الوزراء تحمل عب ء ثقيل في ظل هذا الانقسام .كما أن الوضع الاقتصادي أصبح كارثيا، في ظل تدهورالبنيات التحتية بالقياس إلى مرحلة ما قبل الحرب.وفضلا عن ذلك، فإن نصف سكان العراق فقط يتمتعون بالمياه الصالحة للشرب.و من المحتمل أن تقوم القوات الأميركيّة بانسحاب سريع من العراق قد ينعكس سلبًا على المنطقة ويعزّز بالتالي موقف إيران وغيرها من القوى المناهضة للسياسة الأمريكية. ثمّة اتفاق بين الديمقراطيين والجمهوريين يقضي أن الأمور يجب ألا تصل إلى هذا الحدّ، لكن بسبب الرأي العام الأميركي ليس من المؤكد إن كانت الولايات المتحدة ستلتزم بذلك.
وفيما كانت “إسرائيل” تحرض الولايات المتحدة الأمريكية على ضرب العراق بوصفه الخطر الأعظم اقتناعًا منها أنّ العراق يملك أسلحة دمار شامل متطوّرة، فإنه مع اندلاع حرب الخليج في العام2003،وسقوط نظام صدام حسين بعد أن تكبدت الآليات الحربية العراقية خسائر كبيرة، سرعان ما غيّرت رأيها بالتقييم القائل بأنّ إيران أصبحت تشكّل خطرًا كبيرًا على “إسرائيل”.ومنذ ذلك الوقت، بدأ “الإسرائيليّون” يشعرون بأنّ الحرب في العراق “حرب خاطئة”.
من وجهة النظر الصهيونية ، ثمّة خوف من أن تكون حرب العراق قد اندلعت على حساب مهمّة أهمّ ألا وهي إيران. فالتطور العسكري النووي في إيران وتطوير صواريخ الأرض أرض إضافة إلى دعوة المسؤولين فيها إلى تدمير “إسرائيل”:، أثّرت بشكل أو بآخر على التقويم الصهيوني للخطر الحقيقي. ونشير في هذا السياق إلى أنّ الأطراف المناهضة للكيان الصهيوني في الولايات المتحدة التي تدعي أنّ الحرب على العراق هي أولاً وأخيرًا حرب تصبّ في المصلحة الصهيونية ،بدأت تنتقد السياسة الخارجية الأمريكية.
أما على صعيد البلدان العربية، فإنها تشهد الآن راديكالية تصاعدية للحركات الإسلامية. ففي مصر، يضم البرلمان الآن 88 نائبا إسلاميا.و في فلسطين المحتلة، أسفرت الانتخابات الديمقراطية التي جرت في 25 يناير عن فوز ساحق لحركة حماس. ولذلك فإن “حماس” تحظى بإصغاء جمهور كبير من الشعب الفلسطيني عندما تقول أن وجود “إسرائيل” غير شرعي، وأنها يجب أن تختفي. ويبدو ذلك بالنسبة لـ”حماس” وغيرها من الحركات الإسلامية الراديكالية حتمية تاريخية أكثر مما هو إعلان لسياسة مستقبلية. وهذا يعني أنه من صالح الكيان الصهيوني أن يظل العرب غير منظمين وعديمي القوة والنفوذ كما هو عليه الحال اليوم لدى الفلسطينيين.
بعد ثلاث سنوات من الحرب في العراق، يبرز خطر آخرألاوهو الخطر الإيراني، حيث التوتر بين الولايات المتحدة الأمريكية و إيران قد بلغ مرحلة التهديد باللجوء إلى الخيار العسكري. وتبدو إيران في الوقت الحاضر واثقة من نفسها ، و من قدراتها العسكرية والتكنولوجية ، لجهة تصميمها على أن تصبح دولة نووية ،و تدخل النادي النووي . وعلى الصعيد السياسي ،تشعر إيران أنها في موقع القوة لأسباب ثلاثة:أولا، لأن السكان الإيرانيين يساندون النظام في هذه المنازلة مع الولايات المتحدة الأمريكية.ثانيا ، يعرف القادة الإيرانيون أن روسيا و الصين ستعارضان كل حركة متطرفة باستخدام القوة من جانب الولايات المتحدة.
وأخيرا ، وفي حال أقدمت القوة العظمى إلى اللجوء للخيار العسكري، فإن طهران تمتلك الوسائل لكي تدفع واشنطن ثمنا غاليا على مغامرتها العسكرية ( في العر اق،و فلسطين، وفي الأسواق النفطية العالمية ). ليس من شك أن الإيرانيين ليس من مصلحتهم أن يتحدّوا المجتمع الدولي في مسيرتهم نحو امتلاك السلاح النووي- الذي هو على كل الأحوال قد يحتاج لسنوات- و لكنهم يفكرون في التوصل إلى ذلك الهدف من دون التعرض لأخطار كبيرة.و من وجهة نظرهم ، القضية شرعية، بما أن باكستان ، و بشكل غير رسمي “إسرائيل ” ، ينتميان إلى النادي النووي.
من وجهة نظر اللوبيات الصهيونية التي بات تأثيرها قويا جدا في الداخل الأمريكي ، وفي السياسات الخارجية الأمريكية ، ترى في حال اختفاء العراق الموحد ، أن إيران ستصبح هي القوة الوحيدة في المنطقة، ثم سوريا باعتبارها فاعلاً صغيراً مؤثراً أو غير مؤثر. ولذلك فمن مصلحة “إسرائيل” أن تعمل أميركا على تغيير النظام الإيراني. و”إسرائيل” تعلم أن تصرف أميركا ضد إيران قد يؤدي إلى نتائج تشبه ما حدث بالعراق؛ وسيكون ذلك لصالح “إسرائيل”، لكن ليس لصالح الولايات المتحدة.
في تقرير نشر رسميا على موقع جامعة هارفارد،انتقد الأكاديميان الأمريكيان المحترمان جون ميرشايمر وستيفين وولت ، جذريا السياسة الأمريكية تجاه “إسرائيل” ، حين كتبا: أنه لأول مرة في تاريخها، تضع الولايات المتحدة الأمريكية مصالحها الخاصة جانبا و مصالح العديد من حلفاؤها لمصلحة دولة”إسرائيل”.
فإلى متى تظل الامبراطورية الأمريكية متوهمة أنها تصنع “الحقائق” التي تلائمها في منطقة الشرق الأوسط؟
(*) كاتب وباحث تونسي، دمشق.
(المصدر: صحيفة الخليج الإماراتية الصادرة يوم 16 ماي 2006)
المشروع القومي: نهاية حلم أم تجدد رؤية
د. محمد صالح الهرماسي
في ذكرى النكبة وافانا الأستاذ محمد صالح الهرماسي بهذه المداخلة القيمة وهي عبارة عن فصل من كتاب سيصدر له قريبا بعنوان: «العبور الى المستقبل».
يتشكل المشروع القومي العربي من ثلاثة مستويات أساسية أولها مستوى الهوية القومية العربية الواحدة بمختلف مكوناتها الثقافية واللغوية والتاريخية والحضارية لدى أفراد الأمة العربية. والمستوى الثاني للمشروع القومي هو الإيديولوجية أو النظرية القومية التي صاغت الهوية القومية المشتركة في نسق من الأفكار ومنظومة من الأهداف، وقد تجسدت هذه النظرية أول ما تجسدت في هدفي توحيد الأمة العربية وتحرير أراضيها المغتصبة، ثم لم تلبث أن اتخذت مضمونا اجتماعيا عندما أضيفت الاشتراكية الى أهدافها تعبيرا عن الانحياز للأغلبية الاجتماعية المسحوقة في الوطن العربي.
ولتحقيق هذه الأهداف تشكلت حركات وأحزاب وخيضت نضالات وقامت أنظمة «قومية» أو بتعبير أدق ذات توجه قومي، في بعض الأقطار العربية ووضعت خططا وبرامج ورسمت استراتيجيات… وهذا هو المستوى العملي من المشروع الذي يمكن القول أنه قد عرف في بعض الفترات التاريخية بعض الانجازات حيث نالت الأقطار العربية استقلالها، وأقيمت بعض التجارب الوحدوية ولا سيما الوحدة السورية المصرية، واندلع الكفاح الوطني الفلسطيني، وحدثت حرب أكتوبر 1973، وفي السنوات الأخيرة قامت الانتفاضة الفلسطينية وتجذرت المقاومة في فلسطين ولبنان حيث تعرض العدو الصهيوني لهزيمة أخرجته من الجنوب، وها هي المقاومة العراقية تتصدى اليوم للاحتلال الامريكي البريطاني بفاعلية ونجاعة.
على أن النظرة النقدية لهذا المستوى تظهر أن «الانجازات» قد انتهى معظمها الى الفشل والانتكاس، فالاستقلال الوطني أصبح سلطة قطرية مستبدة، وتبعية سياسية واقتصادية للخارج، والصراع العربي الصهيوني دخل بعد حرب أكتوبر في نفق الاستسلام والتسوية المجحفة والقضية الفلسطينية فقدت مضمونها القومي لتصبح نزاعا على بعض الارض وبعض الصلاحيات بين «إسرائيل» والسلطة الفلسطينية، والعراق الذي كان الى أمد قريب مصدرا أساسيا من مصادر قوة الأمة في مواجهة المشاريع المعادية يرزح اليوم تحت نير الاحتلال في ظل موقف عربي رسمي بلغ حد التواطؤ السافر مع الاحتلال وموقف شعبي شبه حيادي.
لابد إذا من الاعتراف بأن المشروع القومي العربي قد حصد على الصعيد السياسي العملي الكثير من الفشل، لا بل إن الواقع السياسي العربي يشهد عودة الاستعمار المباشر للمنطقة، وتراجعا الى ما قبل مرحلة الوحدة القطرية. لكن هذا الاعتراف يمكن أن يكون مقدمة نقد موضوعي للمشروع القومي، كما يمكن لأعداء هذا الفكر ان يتخذوا منه ذريعة لنقد غير موضوعي يرمي سلفا الى اعلان موت المشروع القومي.
ومع أن جهدنا الأساسي ينصرف هنا الى الاسهام في نقد المشروع القومي والكشف عن مواطن قصوره الايديولوجية والسياسية التي أعاقت تقدمه وسببت نكساته بهدف إعادة بنائه وتفعيل امكانية تحقيقه، فإن الضرورة تقتضي الرد، ولو بإيجاز على دعاة موت المشروع القومي من خلال الملاحظات التالية:
* إن المشروع القومي هو حق شرعي للأمة العربية أسوة بغيرها من الأمم التي حققت وحدتها القومية مدخلا الى النهضة والتقدم. وهو أيضا ضرورة تاريخية لأمة جزأها الاستعمار وزرع الكيان الصهيوني في أرضها ومازال يعمل على تعميق تجزئتها وتفتيت كياناتها. ثم أن هزال النتائج التي حققتها تجارب البناء القطري في الوطن العربي قد أثبتت استحالة النجاح في تحقيق أهداف التنمية والتقدم والاستجابة للتحدي الثقافي والحضاري، ومواجهة الاستعمار والصهيونية من خلال مشاريع قطرية.
* إن غياب الوحدة السياسية والاقتصادية التي تشكل جوهر المشروع القومي المنشود لا يصلح دليلا على انتفاء وجود الأمة العربية وخطأ القول بـ «وطن عربي» ذلك أن الأمم والأوطان تقوم على وحدة الثقافة واللغة والتاريخ والرصيد القيمي والروحي ولكنها تتطلع الى التوحد السياسي والاقتصادي في دولة قومية يتحقق فيها التطابق بين «الثقافي» و»السياسي».
* ليس جديدا على المشروع القومي العربي الذي نشأ في أوائل القرن الماضي ان يتعرض للأزمات والنكسات، وتاريخه يجمع بين الانكفاء والتراجع حينا وبين النهوض والتقدم حينا آخر. وهذا شأن طبيعي لأنه مشروع نضالي مستقبلي يخوض صراعا مركبا على جبهتين داخلية وخارجية، وتتأثر حركته بالتطورات والتغيرات الإقليمية والدولية.
* إن أي حكم موضوعي على المشروع القومي العربي يجب أن يأخذ في الحسبان حجم العوائق الخارجية التي واجهته والتي اتخذت تاريخيا وحتى اليوم أشكالا عدوانية سافرة. وهذه حالة خاصة عانى ويعاني منها هذا المشروع بعكس كل مشاريع النهضة التي عرفتها شعوب العالم ولا سيما «شعوب اليابان وروسيا والصين وشرق آسيا التي لم تعان من الوجه الآخر للحداثة الاوروبية أي الاستعمار ولا من ربيبته اسرائيل، كما أن أهميتها للغرب هي دون أهمية المنطقة العربية المتميزة بموقعها الاستراتيجي الذي كان ولا يزال يتحكم في الطريق الى الشرق وبمخزونها النفطي الذي لا يمكن ان يستغني عنه الغرب اذ عليه تتوقف حضارته وبالتالي حياته وازدهاره.
* إن المشروع القومي العربي يخوض معركته غير المتكافئة مع اعداء الداخل والخارج بحد أدنى من القوة السياسية والتنظيمية والفكرية. ويكاد وجوده اليوم أن يكون وجودا بالقوة متمثلا فيما تشكله الهوية العربية بعمقها الثقافي ومخزونها الروحي من قوة ممانعة واستعصاء على الاخضاع والتلاشي، كما يكاد ينحصر فعله الايجابي في المقاومة الفلسطينية واللبنانية والعراقية التي باتت أشبه ما تكون بجزر معزولة في بحر الاستسلام العربي.
* إن ثمة خلطا واضحا بين المشروع القومي العربي وبين الانظمة ذات التوجه «القومي» يحمّل هذا المشروع هزائم النظام واخفاقاته مع أن العلاقة بين الاثنين علاقة صراعية يعاني منها المشروع القومي العربي من تواطؤ الانظمة العربية الحاكمة ضده.
مؤدى هذه الملاحظة ان المشروع القومي العربي مهما أخفق في تحقيق أهدافه، فإن اخفاقه ليس برهانا على عدم مشروعيته وعدم صحة هذه الاهداف. الصحيح أن «فشل أولئك الساعين الى وحدة سياسية في تحقيق هدفهم حتى الآن لم تتسبب فيه مثل عليا حددوها لأنفسهم، بل عجزهم عن وضع الهياكل والاستراتيجيات العقلانية الضرورية أي أن المشكلة تكمن لا في المثل الاعلى نفسه بل في الفجوة او في الاختلال بين هذا الهدف والأفعال التي صممت لانجازه».
أن يكون وضع المشروع القومي في أيامنا هذه وضعا مترديا، فتلك حقيقة لابد من مواجهتها بقدر كبير من الشجاعة، والبحث بموضوعية في أسبابها، والعمل بدأب على تغييرها. وتكاد تجمع الدراسات والبحوث التي تناولت هذا الموضوع على أن تراجع المشروع القومي العربي يعود الى عاملين رئيسين يتفرع كل منهما الى عدة عوامل فرعية وهما العامل الخارجي والعامل الداخلي.
وإذا كان ثمة من الباحثين من يرى أنه قد تم تضخيم العامل الخارجي في تفسير نكسة المشروع القومي نتيجة سيطرة نظرية المؤامرة على العقل العربي، فإنه لا مناص من الاقرار بحقيقة أن المشروع القومي قد اصطدم فعلا منذ ولادته وخلال مسيرته بالمشروعين الاستعماري والصهيوني اللذين شكلا ومازالا يشكلان عائقا موضوعيا مستمرا دون نجاحه.
إن التآمر الاستعماري والصهيوني على الأمة العربية حقيقة تؤيدها الوقائع الدامغة ممّا يجعل البرهنة عليها أمرا نافلا، لكن السؤال الذي يجب طرحه هنا هو: هل كان هذا التآمر سيحقق ما حققه من نجاح لولا ما توفر له من ظروف داخلية ملائمة تتمثل فيما تعانيه الأمة من قصور خطير وضعف واضح على الصعيدين الوطني والقومي.
على أن ما يعنينا من عوامل اعاقة المشروع القومي الداخلية بشكل خاص هي تلك المتعلقة بالبناء النظري والسياسي للمشروع نفسه، فعلى الصعيد النظري جمدت القومية العربية في مفهوم رومانسي مجرد ولا تاريخي معزول تماما عن سياقات الحاضر الاجتماعية والاقتصادية وعن متطلبات المستقبل الامر الذي نجم عنه فهم متحجر للأفكار والمفاهيم القومية، ولإشكالية العلاقة بين «القومي» و»القطري»، واشكالية العلاقة بين العروبة والاسلام، وإهمال قضايا حيوية كالديمقراطية والمشاركة السياسية والتجدد الحضاري وغيرها…
وقام الفكر القومي التقليدي على طلاق كامل بين الواقع والفكر حيث كان من نتيجة الرفض المطلق للواقع السياسي العربي باعتباره نتاجا للتجزئة الاستعمارية ان صيغت الافكار القومية صياغة مثالية في قطيعة حادة مع واقع يفترض انها وضعت لتغييره، وهذا ما نلمسه حتى في الفكرة القومية المركزية.
«الوحدة» حيث رأى فيها هدفا حتمي التحقق بسبب ما يتوفر للأمة من عوامل الوحدة الثقافية واللغوية والتاريخية، وكأن الوحدة مجرد اعادة انتاج رومانسية لتاريخ عربي مجيد.
بدورها عانت فكرة الدولة في المشروع القومي من ضعف شديد حيث قام البنيان النظري للمشروع برمته على نظرية الامة لكنه افتقر افتقارا تاما لنظرية في الدولة القومية واقتصر اهتمامه في هذا المجال على قضية الشكل الخارجي لدولة الوحدة في حين اهمل مسائل نظامها السياسي وعلاقتها بالمجتمع وغيرها من المسائل الجوهرية ذات الصلة. وربما كان مرد الفقر النظري المدقع في نظرية الدولة الى أن الدولة القطرية في المشرق العربي قد قامت نتيجة التجزئة الاستعمارية (سايكس بيكو) مما دفع الفكر القومي الى اتخاذ موقف سلبي منها لم ير فيها سوى كيان شاذ ومصطنع، ومناصبتها العداء الشديد دون أن يكلف نفسه عناء دراسة واقعها وعلاقتها الممكنة بالوحدة العربية، حتى أصبحت العلاقة التصادمية غير القابلة للمراجعة بين «القطري» و»القومي» بديهية من بديهياته كلفت المشروع القومي خسارة مضاعفة، إذ حكمت عليه بالعقم، وسببت له عداء الانظمة القطرية في آن واحد.
وكما في تعامله مع الواقعة القطرية، أهمل الفكر القومي دراسة الظاهرة الدينية رغم ما لها من تأثير عميق واضح في العمق الاجتماعي والثقافي والنفسي للحياة العربية، واكتفى بأن رأى فيها ظاهرة رجعية معيقة للتحرر الاجتماعي والتقدم الحضاري، ممّا أدى به الى الغاء دور الاسلام في التكون القومي العربي، واصطناع فصل ايديولوجي حاد بين العروبة والاسلام أحدث شرخا في الوعي القومي العربي، وحدّ كثيرا من جماهيرية المشروع القومي.
وفي تناوله لفكرة الحرية ركز الفكر ا لقومي على مطلب التحرر الوطني، وغيّب حرية المواطن، واختزل الحرية في هدف الاستقلال، وبذريعتها أهملت المسألة الديمقراطية التي اعتبرت بضاعة رأسمالية استعمارية.
أما في تناوله لفكرة الاشتراكية فقد وقع الفكر القومي في مطب نقل المفاهيم الجاهزة والتي لم تسفر محاولة تبيئتها، الا عن تعميق غربتها عن الواقع الاجتماعي والثقافي الذي غالبا ما تم تجاهله لحساب الفكر المجرد المستورد.
مظهر آخر من مظاهر الخلل في البناء النظري الذي قام عليه المشروع القومي يكمن في معالجته المسألة الثقافية، ولا سيما إشكالية العلاقة بين الخصوصية والحداثة معالجة قاصرة توزعت على نهجين: إما رفض الثقافة العربية باعتبارها تراثا عفا عليه الزمن وبات عائقا من عوائق التقدم، أو تحميل التراث قسرا ما لا يحتمله من أفكار الحداثة الغربية بإعادة أصولها الى الفكر العربي ولا سيما الوسيطي منه.
على الصعيد السياسي لم يتحقق للمشروع حامله القومي الحقيقي أي الحامل الذي تتمثل فيه الأمة جمعاء من خلال مختلف قواها النهضوية.
نعم لقد قامت على أساس هذا المشروع أحزاب وحركات وسلط وأنظمة، لكن لم يتوفر له جمهور سياسي على امتداد الوطن العربي كله، وقد بدا في فترات المد القومي ولا سيما في الخمسينيات والستينيات كأن هذا الجمهور موجود، وهو فعلا قد وجد، ولكنه كان جمهورا عاطفيا تحركه قوة العاطفة والمشاعر المتأججة أكثر مما تحركه ثقافة سياسية قومية متأصلة.
ولم يكن وصول بعض الأحزاب والحركات القومية الى السلطة نتيجة نضج هذه الفكرة، وتأصلها في البنية الثقافية والاجتماعية العربية بقدر ما كان فعلا نخبويا لم يكن منفذوه قد تحوّلوا بعد الى أحزاب جماهيرية ذات امتداد ثقافي سياسي قومي واسع، فأصبحت قوى حاكمة يستحيل عليها بحكم وظيفتها السلطوية الجديدة، أن تحمل مشروعا قوميا يتناقض أصلا مع السلطة القطرية. لا يطعن هذا أبدا في صدق بعض هذه الحركات والأحزاب ولا في نواياها الحسنة، لكن استلام السلطة المبكر وضعها في تلك المفارقة الصعبة: تجسيد نقيضين ينفي أحدهما الآخر في آن واحد. وكلما توهمت أنها تستطيع توظيف السلطة القطرية في خدمة المشروع القومي، لم يكن ما تفعله عمليا سوى ترسيخ لسلطتها الاستبدادية التي، وهنا تكمن المفارقة الثانية، استمدت شرعيتها من حمل المشروع القومي مما أدى الى ذلك الربط الوهمي بين القومية العربية والاستبداد السياسي. ولم يكن ممكنا في ظل هذا الوضع تحقيق أهداف المشروع القومي. ثم إن الصراعات السياسية التي مزقت العائلة القومية، والتي وصلت الى حد الاقتتال الدامي بين الأنظمة القومية، وحتى داخل الحزب الواحد، قد كشفت للجماهير العربية حقيقة الهم السلطوي القطري الذي يحرك هذه الأنظمة ونزعت عنها كل مشروعية قومية مدعاة. وجملة القول أن القوى الحاكمة التي حملت المشروع القومي، المخلص منها ممن اعتقد حقا أنه يمكن أن يكون قاعدة ومركز المشروع، والمرائي الذي تبنى المشروع القومي منذ البداية لتوفير ما يحتاجه من شرعية حكم لا يمتلكها أصلا، قد أنزلت، وبسبب من الاخفاق القومي، والممارسة اللاديمقراطية، والنفاق السياسي، المشرع القومي من علياء المثل السامي الى حضيض الشعار التبريري المستهلك، وجردته أمام البقية الباقية من جماهيره من تلك الهالة القدسية التي أحاطت به كمشروع صادق ونبيل يستحق البذل والعطاء والتضحية.
لقد كان للمشروع بعد أن وصل الى ما وصل اليه من عمق الأزمة الفكرية والسياسية والتنظيمية، ولا سيما بعد هزيمة 1967، أن يتعرض لنقد شديد من كل الاتجاهات الفكرية والسياسية العربية بما فيه الاتجاه القومي نفسه، لكن وعلى عكس ما توقعه كثيرون نظروا بعين التشاؤم لمستقبله، بسبب التطورات العربية والإقليمية والدولية الخطيرة التي أعقبت حرب أكتوبر ولا سيما زلزال كامب ديفيد، وقيام الثورة الايرانية، وانهيار الاتحاد السوفياتي… فإن الفكر القومي «توجه الى دروب جديدة كان قد تجنبها في الماضي حين كان لا يزال منغمسا في رومانسيته. لقد وجد الفكر القومي العربي نفسه في مواجهة تحدي المشكلات النظرية والعملية التي انبثقت من واقع المجتمع العربي وأدى هذا الى تفكير جديد بشأن، المقدمات الفكرية للقومية العربية وأساسيات المشروع النهضوي العربي.
ومن أبرز معالم هذا التفكير الجديد الذي يكاد أن يصبح اليوم محل قبول جماعي يؤشر الى امكانية بناء القومية العربية من جديد وتجديد المشروع القومي تجديدا شاملا:
* إنزال القومية العربية من سماء الطوبى والتجريد الى أرض الواقع الاجتماعي والاقتصادي، وإعادة بنائها على أساس حاجات الحاضر وهموم البشر، ما طرح على الفكر القومي بقوة قضايا مركزية جديدة لم يكن لها فيه مكان في السابق. ولم يعد المشروع القومي، كما ينظر له اليوم، جزءا جوهريا من المشروع النهضوي العربي فقط، بل أصبح هو هذا المشروع. ولا يترددت بعض الباحثين اليوم في توسيع مفهومه ليشمل «الوحدة في مواجهة التجزئة والتنمية المستقلة في مواجهة النمو المشوه والتبعية، والديمقراطية في مواجهة الاستبداد، والاستقلال الوطني والقومي في مواجهة الهيمنة الأجنبية والصهيونية، والعدالة الاجتماعية في مواجهة الاستغلال، والأصالة والتجدد الحضاري في مواجهة التغريب والسلفية.
* تحرير الفكرة القومية من سيطرة الأنظمة الحاكمة واحتكار الأحزاب، وتحويلها من فكرة نخبوية الى إيديولوجيا سياسية عامة معبرة عن حقيقة أن العروبة هوية قومية جامعة يشترك فيها كل أبناء الأمة، إذ لم يعد من الواقعي ولا المنطقي أن ينحصر الحامل السياسي للمشروع القومي بمضامينه النهضوية الشاملة في فريق دون غيره من القوى السياسية العربية النهضوية.
* التوجه نحو انتاج نظرية متكاملة في الدولة، وتغيير الفهم القومي التقليدي المعادي للدولة القطرية على أساس الاعتراف بصيرورتها حقيقة سياسية لا مجال للقفز عليها في أي عمل قومي.
* نهاية النظرة القومية التقليدية للوحدة العربية، وترسخ مفهومها الوظيفي القائم على المصالح المشتركة والامن المشترك والروابط المادية والتكامل الاقتصادي… والقبول ديمقراطيا بمختلف أشكالها الممكنة واقعيا مع استبعاد الشكل الاندماجي المفروض مسبقا.
* اعادة النظر بالعلاقة بين القومية العربية والدين وبناء التلازم بين العروبة والاسلام من خلال اعطاء الاسلام مكانته الأساسية في التكوين الاجتماعي العربي والاحتفاظ للعروبة داخله بشخصيتها الثقافية واللسانية والحضارية المميزة والمستقلة وايلاء العوامل الثقافية والروحية أهميتها في مواجهة عدوان الهيمنة الحضارية على الامة العربية.
* دمقرطة المشروع القومي واعتماد الديمقراطية أساسا في العمل السياسي والتنظيمي القومي وفي الموقف من مختلف القوى السياسية العربية الاخرى وفي بناء اية خطورة وحدوية واعتبار النضال الديمقراطي على الصعيد القطري خطوة أساسية على طريق تحقيق المشروع القومي.
* اعادة رسم استراتيجية قومية للصراع مع الصهيونية والاستعمار الامريكي تقوم على تجميع طاقات الامة ومصادر قوتها وتمكين المجتمعات العربية من حقها في المقاومة، وتوظيف التناقضات الدولية والتوجه العالمي للتحرر من السيطرة الامريكية في خدمة قضية التحرر العربي.
* تطوير الفكر التنموي العربي انطلاقا من مفهوم التنمية المستقلة المرتبطة بالديمقراطية والاعتماد على الذات والتكامل وفق استراتيجية قومية قادرة على مواجهة التوجهات الاقتصادية العولمية والمشاريع التنموية الاقليمية ولاسيما الشرق أوسطية، و»انتاج تصور عربي جديد لمبدإ وهدف العدالة الاجتماعية يراهن على دور المؤسسات المدنية وفعاليتها في الانتاج والتضامن والتكافل الاجتماعي.
* التجدد الحضاري الذي يعيد بناء العلاقة بين الخصوصية والحداثة، وبين الأنا والآخر، من خلال تحرير العقل العربي من سلطة الاستبداد المحلي بوجهيها السياسي والديني وسلطة الهيمنة الاجنبية. وتجديد الثقافة العربية الاسلامية على أسس عقلانية وانسانية، واقامة «علاقة مختلفة عن نمطي العلاقة السائدة بين العقل العربي وحضارة العولمة نمط الرفض او النبذ الكلي من جانب، ونمط التبعية المطلقة من جانب اخر».
إن المحاولات الجادة لتجديد الفكر القومي التي شهدتها السنوات الاخيرة لدليل على ان المشروع القومي رغم سلسلة الاخفاقات التي مني بها، يحقق بالمقابل تقدما، ربما تعذر على الكثيرين ملاحظته، ولكنه موجود، ولاسيما في هذا الجهد النظري الذي يبذله منظروه ومفكروه لإعداة بنائه نظريا وسياسيا وتنظيميا، في ضوء ما طرأ من تغيرات فكرية وسياسية معاصرة تمس الكثير من مفاهيمه وأطروحاته.
وهو ايضا تقدم يمكن تلمسه في تطور الوعي القومي العربي كنتيجة لجهود التنمية القطرية على محدوديتها ولاسيما قطاعات التربية والتعليم الذي أصل في العقول فكرة المرجعية الثقافية العربية الموحدة، وكثمرة للحراك السياسي في الاقطار العربية، وبداية تبلور المجتمعات المدنية العربية، وتنامي النضالات الديمقراطية في هذه الاقطار، اضافة الى الدور التثقيفي السياسي الهام الذي لعبته وتلعبه الصحافة والفضائيات العربية. ثم إن عصر العولمة وثورة المعلومات والتوجه العالمي نحو اقامة الديمقراطية واحترام حقوق الانسان، قد أزال أثر الحدود في منع التواصل الفكري والثقافي والسياسي بين المجتمعات العربية، وأنهى تحكم السلطة بالعقول واحتكارها المعلومات، وحد من سلطاتها القمعية المطلقة. وتبقى المقاومة العربية للاحتلالين الصهيوني والأمريكي الجاثمين على أرضنا العربية في فلسطين والعراق الرصيد الرمزي الذي به يتجدد المشروع القومي ويعيد انتاج قيمه النضالية السامية. انها المقاومة التي من خلالها يولد المشروع القومي النهضوي في كل يوم معمدا بدم الشهداء مستعيدا مكانته المقدسة في ضمائر الناس وأفئدتهم.
انه مهما كانت ضخامة الصعوبات الموضوعية الدولية والاقليمية التي تعترض تحقيق المشروع القومي العربي «فإن العلة ليست في الخارج على هول وفظاعة ما أصابنا منه بل في الداخل على وجه الدقة والتحديد والداخل هذا هو مجتمعاتنا ودولنا ونخبنا وسياساتنا وأحزابنا وكل المؤسسات التي بها نشتغل. انها موطن العطب الذي يحتاج الى فحص وتشخيص والى اعادة بناء. ومن هنا كان تغيير الداخل هو الطريق الوحيد للنجاح في مواجهة تحديات الخارج، الداخل بمختلف مستوياته الرسمية والشعبية، واعادة نظر جذرية بالثوابت الفكرية والسياسية والتنظيمية التي حكمت لزمن طويل مسار المشروع القومي العربي، وأصبحت قيدا على حركته يحد من امكانياته وقدرته على استيعاب مستجدات العصر وحقائقه الجديدة والتعامل الابداعي الايجابي معها ولاسيما قضايا التنمية والتطور العلمي والتكنولوجي وقضايا الديمقراطية والحريات وحقوق الانسان.
إن النجاح في التصدي لهذه المهمة المركبة التي تقع على عاتق المشروع القومي العربي مرهون بالدرجة الاولى بالمشروع نفسه، وهذا يعني ان مستقبله سيكون من صنعه أساسا (وإن تأثر الى هذا الحد أو ذاك بالشروط الموضوعية والمتغيرات الدولية والاقليمية المحتملة ايجابية كانت او سلبية). وهذه الصناعة الذاتية للغد تبدأ من ارادة المستقبل التي حملت الاجيال العربية السابقة المتعاقبة منذ أزيد من قرن على تقديم التضحيات تلو التضحيات والتي يجب ان تنبعث من جديد في عقولنا وقلوبنا وسلوكياتنا ذلك لأنه ليس هناك بديل عنها غير الاضمحلال والفناء. وتزداد أهمية هذه الارادة في ظل الحركة التصاعدية للحملة الاستعمارية الامريكية والصهيونية على الوطن العربي واستفحال حالة العجز والتراجع العربي عن المواجهة بل تصبح شرط النهوض الوطني والقومي وحجر الزاوية في انطلاقة جديدة للمشروع القومي العربي لأنها في جوهرها ارادة تغيير ما بالعقل العربي وما بالواقع العربي من بنى مختلة تعيد انتاج التأخر والخضوع.. انها الارادة التي ستحمل اجيال اليوم كما حملت أجيال الامس على خوض النضال وبذل التضحيات، يحركها الايمان بمشروع قومي عربي جديد جدير بالنضال في سبيله، ودفع استحقاقاته الكبيرة، وبفكرة العروبة التي مازالت رغم كل الظروف المعادية التي مرت بها فكرة نابضة بالحياة، قادرة على جمع الناس ما يجعلها فكرة جديرة بالتوقف عندها والنظر في مستقبلها. واذا كان لا مستقبل للعروبة الا بالتحرر والوحدة، فإن الطريق الى هذا المستقبل هو طريق الحداثة والديمقراطية والتنمية. الحداثة بمعناها التجديدي العميق الذي يطال الفكر والثقافة والدين والسياسة والديمقراطية بمضامينها الوطنية والاجتماعية والثقافية والتنمية الشاملة والمستقلة.
(المصدر: صحيفة الشروق التونسية الصادرة يوم 16 ماي 2006)
حتي بن لادن يتبرأ من الحكومة السودانية
د. عبدالوهاب الافندي (*)
يكفي أن يكون الزائر للعاصمة السودانية الخرطوم هذه الأيام علي إلمام معقول باللغة العربية، وأن يجد فسحة من الوقت للاطلاع علي صحيفة أو اثنتين حتي يدرك بسرعة أن شعبية الحكومة هنا تقارب شعبية شارون في جنين. فهناك ما يشبه الإجماع بين كتاب الأعمدة والمعلقين علي أن الحكومة لا ترتكب الصواب إلا قليلاً، وأنها تنتقل من كارثة إلي كارثة. وعندما قبلت أن أجري مقابلات مع بعض الصحف لم يكن يخطر ببالي أن من التهم التي سأضطر للدفاع نفسي ضدها أنني لا أنتقد الحكومة السودانية بما يكفي، أو لا أطالب بإسقاطها بأسرع ما يمكن.
وقد بلغ الأمر درجة أن أحد الكتاب الإسلاميين (هل أقول سابقاً؟) علق علي بعض ما صدر عني من نقد للحكومة مع أمل في أن إصلاحها بتشبيه موقفي بموقف الشيوعيين الذين ما زالوا يجادلون بأن الماركسية علي حق بعد انهيار الاتحاد السوفيتي. ولا شك أن تشبيه الفكر الإسلامي بالعقيدة الماركسية من قبل المجاهدين السابقين يعتبر في حد ذاته تعبيراً عن أزمة عميقة ضربت الحركة الإسلامية السودانية ومشروعها في تجلياته السودانية. فأنصار الحكومة السابقون لم يعودوا فقط يرفضون الحكومة ويتمنون زوالها السريع (بل ويعملون لذلك بهمة يحسدهم عليها الشيوعيون)، بل إن كثيرين منهم أصبحوا من أعدي أعداء الفكر الإسلامي في حد ذاته.
كون الحكومة تعاني من أزمة شعبية ينبغي ألا يدهش أحداً، لما هو معروف من أنها كانت قد بدأت عهدها بحل كل الأحزاب والنقابات، ودخلت بالتالي في معارك مع كل القوي السياسية والمدنية فيما عداها أنصارها من الإسلاميين، ثم ثنت بالانقلاب علي الإسلاميين. ولهذا فإنها لم تترك لنفسها صديقاً. ومع ذلك فإنني وجدت اتساع وعمق المشاعر المعادية لها في الصحافة المحلية مدعاة لبعض التأمل. فالحكومة حققت في السنوات الأخيرة إنجازات لا بأس بها، مثل استخراج النفط، وعقد اتفاق السلام في الجنوب، وغير ذلك. وكان ينبغي أن تؤدي هذه الإنجازات علي الأقل إلي تخفيف النقد لها إن لم يكن إلي الإشادة. ولكن القليلين فقط بدوا مستعدين لإظهار أي تقدير لما حدث من تقدم، علي الرغم من أن الحكومة تمارس الكرم الحاتمي مع من يقفون إلي جانبها بعد أن استبدلت سوق الصحافيين إلي المعتقلات بسياسة الإغداق علي الموالين من عوائد النفط التي قال عنها الشيخ الترابي مؤخراً أنها تخرج من بئر معروفة وتدخل في أخري لا يعرف لها قرار. حتي اتفاق دارفور الأخير الذي هلل له إعلام الحكومة الرسمي، يواجه عاصفة من الانتقادات في الصحافة ومن الأحزاب، ويوشك أن يضاف إلي هفوات الحكومة لا إنجازاتها.
ولعل ما جاء في تسجيل بن لادن الأخير الذي بثته الجزيرة الشهر الماضي من نقد للحكومة في معرض إعلانه أنه وجماعته سيتصدون للدفاع عن دارفور والسودان بعيداً عن الحكومة مفارقة تضاف إلي دلائل العزلة المتزايدة لأهل الحكم. ولا شك أن من يتبرأ منه بن لادن الذي أصبح الجميع يتبرأون منه ومن قاعدته يواجه مشكلة حقيقية.
البعد الأهم في مشكلة الحكومة يأتي من إصرارها علي احتكار كل مزايا السلطة، بما في ذلك الفضل في كل إنجاز سياسي وعوائد النفط التي تتعامل معها تعامل بعض أمراء الخليج. وهذا بدوره أدي إلي العكس، وهي أن الناس يرفضون أن ينسبوا إليها أي فضل ويرفضون كل ما يعزز ما تتمتع به من امتيازات الاحتكار. وكنت قد قلت في إحدي المقابلات الصحافية التي أجريت معي في الخرطوم بأن استمرار الحكومة بنهجها الحالي سيؤدي إلي تمزيق البلاد، لأن احتكارها الخانق للسلطة يدفع بفئة بعد أخري للتمرد، في حين أن نهج الحكومة هو تقديم تنازلات للمتمردين علي حساب سيادة ووحدة البلاد إلي أن لا يبقي منهما شيء.
ونوع الصفقات التي تعقد في هذا المجال تسعي إلي تعزيز مواقع البعض في السلطة في ترتيبات ذات طابع يكاد يكون شخصياً. وهذا بدوره يؤدي إلي توسيع المجموعة التي تحتكر السلطة بدون سند شعبي، دون أن توسع سندها الشعبي.
ويمكن أن يقال بدقة أكثر توسيع الهامش حول المجموعة المعنية، لأن القادمين الجدد لا يمنحون مكاناً في قلب دائرة صنع القرار التي تضيق ولا تتسع، بل يمنحون امتيازات وترضيات تقنعهم بترك احتكار السلطة علي حاله، مقابل بعض الامتيازات الشخصية، أو مقابل إقطاعهم إقليماً أو ضيعة. ذلك أن النظام يعمل حتي في االقلب ، بنظام الإقطاعيات.
فمؤسسات الدولة (الجيش، الأمن، الاقتصاد) وبعض الوزارات والمؤسسات والشركات التابعة لها، وكثير من الولايات، تمنح إلي بعض الموالين كإقطاعيات يديرها القائم عليها كإمبراطور مطلق الصلاحية، ولا تكون بقية المؤسسات، وحتي السلطات العليا أحياناً، علي علم بما يجري في تلك الإقطاعية. ولعل أبرز مثال علي ذلك وزارة النفط التي لا تعلم حتي وزارة المالية الكثير من شأنها.
بعض المعلقين اعترض علي بعض ما قلت في مقابلة مع التلفزيون السوداني عن هشاشة اتفاق السلام الحالي في الجنوب، كما فعل الدكتور خالد المبارك في اعتراضه في عموده في الرأي العام علي وصفي للاتفاقية بأنها مجرد تسويات، مؤكداً أنها بالعكس، المشروع الوحيد العملي في الساحة السياسية بعد انهيار النسخة الأولي الاممية من مشروع الانقاذ وبعد انهيار الاتحاد السوفيتي وكتلته وبعد تخلي الحركة عن محاولة اخضاع الشمال وتغيير هويته . وأضاف يقول إن عدم إدراكي لما في الاتفاقية من واقعية سياسية وبعد نظر وحكمة يعود إلي كوني من الاكاديميين الذين لا صلة لهم في حياتهم وخبراتهم السابقة بالنشاط السياسي العملي المباشر .
هذه الحجة تذكرني بالمقولة القديمة الجديدة (استخدمها الأخ عمار أحمد آدم في اتهامه لي في تعليق بصحيفة السوداني بأنني حسنت الظن أكثر من اللازم بالشيخ الترابي)، وهي حجة أن البعد عن الوطن قد يغيب بعض الحقائق عن المراقب البعيد. وكما رددنا في السابق، فإننا نقول ليت هذه الحجة كانت صحيحة، وليت الحقائق تكون مختلفة حين يقترب المرء منها مما بدت حين تأتيه تفاصيلها في هذا العهد الذي أصبح يأتيك فيه بالأنباء عن كل صغيرة وكبيرة من لم تزود. وليتنا كنا كما وصفنا د. خالد في براءة الأطفال والأكاديميين، ولم تكن لنا تلك المعرفة الوثيقة بصناع السياسة السودانية الحاليين الذين عملنا معهم كتفاً بكتف في خنادق العمل السياسي منذ أيام الدراسة. وليتنا لم نقض معظم العقدين الماضيين في خضم العملية السياسية، خاصة الجانب المتعلق منها بمفاوضات السلام في أبوجا ونيروبي، وقبل ذلك وبعده في صياغة مبادرات مع الإخوة فرانسيس دينق وبونا ملوال وآخرين. وليت الأمر لم يكن بحيث لو جمعت الأميال التي قطعناها في الأعوام القليلة الماضية ونحن نطوف عواصم العالم لمناقشة سبل إنهاء تلك الحرب لأوصلتنا إلي القمر، وإذن كنا نشارك المتفائلين تفاؤلهم بالتزام الأطراف باتفاق السلام وحرصهم علي إنفاذه.
ويجب أن أضيف هنا بأن وصف اتفاقية السلام أنها تسويات لا يعيبها في حد ذاته، فكل اتفاق سياسي هو في النهاية تسوية. ولكن الإشكال في هذه التسوية أنها ينقصها الصدق، لأن طرفيها يعلنان علي الملأ أنهما لم يتخليا عن مثقال ذرة من برنامجهما المتعارضة، وكل منهما يريد أن يأكل كعكته ويحتفظ بها، ويتربص بالآخر الدوائر ويتحين الفرص للوثوب عليه. وهذا وضع بعيد كل البعد عن المثالية والواقعية معاً. ويعتبر ما جاء في تفاصيل اتفاقية السلام وتطبيقاتها هو توسيع لنظام الإقطاعيات، حيث تم إقطاع الجنوب للحركة الشعبية مقابل التواطؤ مع أهل الحكم في استمرار احتكارهم للسلطة في المركز. فعلي سبيل المثال نجد الحركة الشعبية يئست من أن يكون لها أي تأثير علي قطاع الإعلام، فقررت أن تبني أجهزتها الإعلامية الخاصة بها من صحافة وتلفزيون وقنوات فضائية، لدرجة أن حكومة الجنوب طردت أخيراً ممثلي وكالة السودان للأنباء ومراسلي التلفزيون القومي من أراضيها. فالجنوب أصبح سلفاً يدار كدولة مستقلة، وهو في ذلك لا يختلف كثيراً عن ولاية الخرطوم أو وزارة النفط. وعليه فإن الحديث عن الاستفتاء للنظر في خيار الوحدة والانفصال أصبح تحصيل حاصل، لأن الانفصال أصبح واقعاً. والذي نخشي منه ليس أن تقوم حركات انفصالية في دارفور أو الشرق، بل في الشمال أيضاً. فالحكام الحاليون أصبحوا لا يمثلون شمالاً ولاجنوباً، ولا إسلاميين ولا علمانيين، بل يمثلون أنفسهم وأنفسهم فقط.
ولعل النتيجة التي عدنا بها من زيارة الخرطوم الأخيرة أننا فعلاً لم نكن ندرك الحقائق الكاملة، إذ أننا لم نكن بالفعل ندرك حجم العزلة التي تواجهها الحكومة ومدي اليأس الذي أصاب الناس من صلاحها، ربما لأننا كنا في عقلنا الباطن نعزي أنفسنا بأن الكارثة ليست بالحجم الذي وصلت إليه. وإنا لله وإنا إليه راجعون.
(*) كاتب وأكاديمي سوداني، بريطانيا
(المصدر: صحيفة القدس العربي الصادرة يوم 16 ماي 2006)