الثلاثاء، 1 يناير 2008

Home – Accueil

TUNISNEWS
8 ème année, N° 2778 du 01.01.2008
 archives : www.tunisnews.net
 

 


الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين: البوليس السياسي ، يطالب عبد الكريم الهاروني ..بالإمضاء يوميا..! حرّية و إنصاف:اعتقال مهندس أول بمدينة نابل الحزب الديمقراطي التقدمي جامعة سوسة: بيان قدس برس: تونس: أحكام قاسية لمتهمين إسلاميين في أحداث سليمان تثير جدلا بين الحكومة والمعارضة يو بي أي:الرئيس التونسي يتعهد بتعميق مناخ الحوار في بلاده محمود البلطي:إلى أمهات المساجين السياسيين وفقط د.خــالد الطراولي: صـــورة تتهــم!!! فوزي الصدقاوي: حوار مع الصحفي عبد الله الزواري القيادي الإسلامي المنفي في وطنه الجزء الأول زعيمة الحزب الديمقراطي التقدمي ميّة الجريبي لـ”آفـاق”: نعيش أزمة دستورية في تونس شوقي بن سالم: أحزاب تضيق بأبنائها مرسل الكسيبي:عربيا وتونسيا : بين الحكم والمعارضة نسف لحقيقة المشهد العام …  الطاهر العبيـــــدي: تحقيق حول تونس نيوز ( النسخة الصحيحة والمنقحة ) الوطن: اتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوروبي ومنطقة التبادل الحر الوطن: هل يرعوي القوم؟الخطاب السياسي العربي والانحدار إلى الهاوية الوطن: الملف السلفية الجهادية:أهدافها ….كيف نحمي الشباب منها ? محمد العروسي الهاني: في الصميم وضع النقاط على الحروف دور الاعلام المرئي الحلقة الرابعة لصّباح: جريمة مقتل الزوجين بطريق المطار في صفاقس:«الصّباح» تحاور الابن الذي «قتلته» الاشاعات وشقيقته أخبار العرب الكندية : لقاء مع هيثم مناع


(Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe Windows (

(To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows)

 


“ أطلقوا  سراح جميع المساجين السياسيين “   “الحرية للصحفي المنفي في وطنه عبدالله الزواري“ الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين 43 نهج الجزيرة تونس e-mail: aispptunisie@yahoo.fr   تونس في 01 جانفي 2008

البوليس السياسي ، يطالب عبد الكريم الهاروني ..بالإمضاء يوميا..!

 
لا تزال إجراءات التشفي و الإنتقام ملازمة للمساجين السياسيين المسرحين لا تغادر منهم أحدا في زنزانته المظلمة إلاّ لاحقته في بيته أو دراسته أو عمله ، لا تشفع لهم دونها قرابة العشريتين قضوها تتقاذفهم السجون و تتناوشهم السياط و القيود ، و آخر هؤلاء الأمين العام الأسبق للإتحاد العام التونسي للطلبة عبد الكريم الهاروني الذي لم يكد يسترجع أنفاسه إثر 17 سنة من السجن ، فقد تعلل أعوان البوليس السياسي بمركز 5 ديسمبر باستدعائه لتسليمه بطاقة الهوية  ليطالبوه بالإمتثال لإجراء الإمضاء اليومي ، و بعد استشارة محامييه كان رده بأن حكم المراقبة الإدارية لا يتضمن هذا الإجراء ، فضلا عن أنه يعني في الواقع ..” إعداما اجتماعيا “..! و الجمعية إذ تدعو إلى وقف جميع إجراءات الهرسلة و المضايقة بحق المساجين السياسيين المسرحين ، فهي تجدد مطالبتها بتعويض ضحايا التعذيب و التنكيل و المحاكمات الظالمة و تمكينهم من المعالجة المجانية و من حقهم في الدراسة و العمل و الإندماج في الحياة العامة . عن لجنة متابعة أوضاع المسرحين رئيس الجمعية الأستاذة سعيدة العكرمي


أطلقوا سراح القلم الحر سليم بوخذير حرّية و إنصاف سارعوا إلى إنقاذ حياة السجين السياسي السابق أحمد البوعزيزي 33 نهج المختار عطية تونس 1001 الهاتف/الفاكس : 71.340.860 Email :liberté_équité@yahoo.fr تونس في 31 ديسمبر 2007

اعتقال مهندس أول بمدينة نابل

 
وقع اعتقال المهندس أول وصال بن طارق الجازي أصيل مدينة نابل و ذلك يوم الخميس 27/12/2007 من طرف الفرقة المختصة بالحمامات و قد تعلل الأعوان عند اعتقاله بأنهم يريدون تسليمه جواز سفره ، و بعد ساعتين عادوا إلى منزله الكائن بحي نيابوليس و قاموا بتفتيش غرفته و صبيحة هذا اليوم الاثنين 31/12/2007 أعلموا والدته بأن ابنها موقوف بمقر أمن الدولة بتونس العاصمة. و حرية و إنصاف : إذ تدين الاعتقالات العشوائية في صفوف الشباب المتدين فإنها تعتبر أن المعالجة الأمنية للملفات السياسية قد ثبت فشلها و أنه آن الأوان لتتخلى السلطة عن الانتهاكات الصارخة لأبسط الحقوق الفردية و الجماعية للمواطنين. عن المكتب التنفيذي للمنظمة السيد زهير مخلوف

الحزب الديمقراطي التقدمي جامعة سوسة المكتب رقم 9 –الطابق الاول عمارة تروكادرو-نهج الاخت جوزيفين سوسة البريد الالكتروني pdp.sousse@yahoo.fr بيان
 
تعرضت مجموعة من مناضلي الاتحاد العام لطلبة تونس بجهة سوسة –حي الرياض و عددهم 15طالبا إلى حملة من الاعتقالات التعسفية أدت إلى إيداع أربعة  منهم بالسجن المدني بالمسعدين وذلك يوم الاثنين 31 ديسمبر2007 والاتي ذكرهم محمد امين بن علي احمد شاكر بن ضية كريمة بوستة عبد النايب المسعودي كما جرى اعتقال المناضل و الطالب مروان الميغري الذي وقع إطلاق سراحه في وقت لاحق و مداهمة منزل المناضل مجدي حواس و الملاحقة متواصلة لبقية المطلوبين . وتبعا لما سبق فان جامعة سوسة للحزب الديمقراطي التقدمي تعتبر – أن حملة الاعتقالات هذه تدخل في إطار استهداف الاتحاد العام لطلبة تونس و محاولة لضرب العمل النقابي داخل الجامعة. – إن التهم الموجهة للطلبة هي تهم كيدية و ملفقة و ذات خطورة بالغة الهدف منها القضاء على مستقبلهم و تنم على عقلية تصفوية و انتقامية . و انطلاقا من مسؤوليتها السياسية و التاريخية فان جامعة سوسة للحزب الديمقراطي التقدمي تندد بهذه الاعتقالات التعسفية و حملات الترويع التي تطال مناضلي الاتحاد العام لطلبة تونس و عائلاتهم و تطالب بإطلاق سراحهم الفوري و الكف عن ملاحقتهم و ترويعهم و تمكينهم من مواصلة دارستهم و اجتياز امتحاناتهم في كنف الهدوء و الحرية .     سوسة في31 ديسمبر2007 عن هيئة الجامعة الكاتب العام الحبيب الشايبي


بسم الله الرحمان الرحيم نابل في 1جانفي2008 (كل نفس ذائقة الموت و إنما توفون أجوركم يوم القيامة)
 
بلغنا ببالغ الأسى نبأ وفاة والد أخينا المنجي سالم عضو اللجنة المركزية للحزب الديمقراطي التقدمي و عضو جامعة قابس.وجامعة نابل لا يسعها أمام هذا المصاب الجلل إلا أن تتقدم إلى الأخ العزيز و الى كافة عائلته والى مناضلي جامعة قابس بأصدق عبارات المواساة راجيين من العلي القدير أن يتغمده بواسع رحمته و أن يسكنه فراديس جنته مع النبيين و الصديقين والشهداء و الصالحين و حسن أولائك رفيقا وأن يرزق أهله وذويه جميل الصبر والسلوان وإنا لله وإنا إليه راجعون. جامعة نابل للحزب الديمقراطي التقدمي.


  

دعوة إلى اجتماع عام تضامني

تدعو جامعة سوسة كل القوى الوطنية الحية إلى حضور اجتماع عام تضامني مع الطلبة المعتقلين للمطالبة بإطلاق سراحهم وذلك يوم الاربعاء 2جانفي 2008 على الساعة الخامسة مساءا 17.00 .

 

جرى تعذيب المتهمين وأحيلوا على قاضي التحقيق دون حضور محامين تونس: أحكام قاسية لمتهمين إسلاميين في أحداث سليمان تثير جدلا بين الحكومة والمعارضة

تونس – خدمة قدس برس افتتحت تونس سنتها الميلادية الحالية التي تنتهي اليوم الاثنين بمواجهات مسلحة لم تعرف لها مثيلا في تاريخها السياسي الحديث والمعاصر، واختتمتها بإسدال الستار على المحاكمة التي استمرت زهاء العام تقريبا بإصدار أحكام قضائية في حق ثلاثين متهما في قضية سليمان تراوحت الأحكام فيها بين خمس سنوات سجنا حتى الإعدام. ومثلما أثارت القضية ساعة حدوثها جدلا سياسيا بين النخب الفكرية والسياسية التونسية حول أسباب ظهور هذه الجماعات المتطرفة التي ظلت تونس بمنأى عنها على الرغم من كل العواصف السياسية التي مرت بها تونس منذ الاستقلال، فقد أثارت المحاكمة والأحكام الصادرة عنها جدلا قانونيا وحقوقيا وقضائيا بين المنشغلين بالسياسة والمتابعين لشؤونها. ..      محاكمة غير عادلة   فقد انتقد رئيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان مختار الطريفي في تصريحات خاصة لـ”قدس برس” سير المحاكمة منذ البداية والأحكام التي نجمت عنها وأعرب عن أمله في أن تتمكن الأجهزة القضائية فيما تبقى من خطوات قضائية من تلافي ما أضاعته في خطوات المحاكمة الأولى، على حد تعبيره.   وأكد الطريفي أن ما جرى من مواجهات في منطقة سليمان كان أمرا خطيرا للغاية ليس له ما يبرره، وقال: “لا شك أن الذي جرى في السنة الماضية كان خطيرا جدا، وهو عمل لا مسوغ له على الإطلاق، لكننا نعتقد أن مواجهة التطرف لا يمكن أن تتم بالحلول الأمنية وحدها، بل توفير الحريات العامة للتعبير عن الرأي والمشاركة السياسية. وما زاد من تعقيد الأمر هو حيثيات المحاكمة منذ البداية، فقد جرى تعذيب كبير للمتهمين وأحيلوا على قاضي التحقيق دون إحضار محامين لهم هذا قبل المحاكمة، ثم جاءت المحاكمة فحذرنا من الاستعجال في إنهائها وطالبنا باحترام الحدود الدنيا للمحاكمة العادلة واحترام الدفاع وإعطائهم فرصة كافية للإطلاع على الملف، لكن ما حصل هو العكس فقد تم الاعتداء على المتهمين في المحكمة أمام القاضي الذي لم يعترض، وهو أمر لم يسبق له مثيل”، على حد قوله.   واعتبر الطريفي أن استمرار المحكمة طيلة يوم السبت الماضي إلى صبيحة يوم الأحد 30 كانون أول (ديسمبر) الجاري، تاريخ إصدار الأحكام، وعدم التجاوب مع طلب الدفاع لإعطائهم الفرصة لدراسة الملف الذي يتضمن أكثر من 2000 صفحة، وقال: “لقد حذرنا من الاستخفاف بحقوق المتهمين ومن الاستمرار في المحاكمة على الرغم من الإنهاك الشديد للقضاة والمحامين، كما حذرنا من عقوبة الإعدام التي نحن ضدها من حيث المبدأ، وهذه نقائص كلها نتمنى أن تتفاداها المحاكمة في جولات الاستئناف المقبلة”.   وأرجع رئيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان أسباب ظهور الجماعات السلفية للدعوة والقتال في تونس إلى أسباب خارجية تشهدها المنطقة العربية والإسلامية، وقال: “لا شك أن التطرف أصبح ظاهرة عالمية وعابرة لكل البلدان، وهي ظاهرة موجودة على المستوى الإقليمي في دول المغرب العربي، وتونس ليست إلا واحدة من الدول العربية والإسلامية التي يسري عليها ما يسري على باقي الدول العربية والإسلامية، وقد كان للغزو الأمريكي لأفغانستان والعراق والعدوان على الفلسطينيين والعجز العربي الدور الأكبر في الدفع بكثير من الشباب الذين يرون العدوان المستمر ولا يجدون طريقة لمواجهته إلا هذه الأعمال، وكثير من المتهمين في قضية سليمان من التونسيين أكدوا أنهم كانوا يتدربون للذهاب إلى العراق لمقاتلة الأمريكيين هناك”، كما قال.   لكن الطريفي حمل السلطات الرسمية جزءا من مسؤولية ظهور هذه الجماعات المتطرفة من خلال عدم فتحها باب المشاركة السياسية، وقال: “مما أسهم في تأجيج هذا الفكر المتطرف هو الانغلاق السياسي الذي تتميز به تونس الذي لا يؤدي في النهاية إلا لمثل هذه الأعمال الإرهابية، وقد نبهنا إلى ذلك منذ سنوات، وقلنا بأن الشباب عندما لا يجد إمكانية للتعبير فإنه قد يلجأ إلى هذه الأعمال غير المبررة بكل المقاييس”، على حد تعبيره.      اتهامات باطلة   إلا أن عضو مجلس المستشارين والمحامي التونسي سمير بن عبد الله قلل في تصريحات خاصة لـ”قدس برس” من أهمية الانتقادات الموجهة للتحقيق وللمحاكمة، واعتبر أن ما جرى في هذه القضية تم وفق المعايير الدولية لمحاكمة المتهمين في مثل هذه القضايا، وقال “من طبيعة المحاكمات الكبيرة من هذا النوع أنها تثير جدلا سياسيا وقانونيا دائما، وربما هذا هو الذي يبرر الجدل بشأنها الآن، وبالعودة إلى قضية أحداث سليمان أعتقد أن هذه المحاكمة توفرت فيها كل المعايير الدولية فالتحقيق أخذ وقته الكافي، فالأحداث جرت في نهاية العام الماضي مطلع العام 2007 واستمر التحقيق فيها 11 شهرا ليتم الحكم فيها، وهي فترة معقولة لاستكمال التحقيق، وقد سمحت المحكمة لعدد كبير من المحامين بالترافع في هذه القضية ومتابعتها حوالي 50 محاميا، وقد تمكنوا كلهم من ملفات القضية التي تسربت حتى إلى مواقع الانترنت، وقد تم تأجيل المحكمة أكثر من 5 مرات، ونظرا لخصوصية المحاكمة وخطورة الأحداث التي جرت لا يمكن الاستمرار في تأجيلها”.   ونفى المحامي التونسي اتهامات التعذيب التي تعرض لها المتهمون، وقال “لا بد من الأخذ بعين الاعتبار أولا أن تونس من الدول العربية السباقة للتوقيع على الاتفاقية الدولية لمناهضة التعذيب، ولا أعتقد أن اتهام السلطات بممارسة التعذيب يستند إلى دليل، لأنه لو كان الأمر كذلك لكان القانون قد أنصفهم، لأن لدينا قوانين لحماية المتهمين من التعذيب، ولهذا لا أعتقد أن هناك فائدة من الترويج لمثل هذه التهم”، كما قال.   واستبعد بن عبد الله أن يتم تنفيذ حكم الإعدام بحق المتهمين، وقال “من السابق لأوانه الحديث عن أن حكم الإعدام سيطبق تنفيذه بحق من صدر عليهم حكم بالإعدام على الرغم من أن الأحكام الصادرة على المتهمين الثلاثين تعتبر مخففة بالمقارنة مع أحكام المتهمين في أحداث الدار البيضاء بالمغرب أو الجماعات المتطرفة في مصر، إلا أن هناك موقفا ثابتا للرئيس بن علي الذي لم يقع في عهده تنفيذ أي حكم بالإعدام، ولا يزال هناك طور آخر للاستئناف ويمكن للمحامين أن يتداركوا الموقف”.   واعتبر بن عبد الله أن اتهام تونس بالانسداد السياسي وغياب حرية التعبير يحمل نفيه في حد ذاته، وقال: “اتهام تونس بالانسداد السياسي وغياب حرية التعبير، هو قول متناقض، فالمحامي الطريفي يصرح بهذا في الوقت الذي ترفع فيه السلطات الحظر عن المقر المركزي للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، وهي بادرة انفراج كبيرة لحل أزمة الرابطة، والطريفي وغيره يعبرون عن آرائهم بكل حرية من تونس وفيها عبر نشر مقالاتهم في الصحف المحلية، وهي حرية تأتي ضمن مسار انفراج كبير تشهده تونس، وهناك خطوات عملية أخذها الرئيس زين العابدين بن علي في الذكرى العشرين لاعتلائه الحكم في سياق دعم أحزاب المعارضة والتعددية الحزبية، وأعتقد أن الديمقراطية مسؤولية الجميع وليست مسؤولية السلطات الحاكمة وحدها”، على حد تعبيره.    هذا واستنكرت الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين ما شاب المحاكمة من خروقات قانونية كبيرة، وما تميز به هذا القاضي من انعدام للحياد و النزاهة، حسب قولها. وأكدت أنها و”بعد متابعة لكافة مراحل القضية عبر المحامين من أعضائها ممن درسوا الملف وعاينوا التصرفات اللاقانونية  للمحكمة وعبر مراقبتها للجلسة الأخيرة من بدايتها إلى حدود انسحاب المحامين تتحمل مسؤوليتها في التأكيد بأن هذه المحاكمة لم تكن محاكمة عادلة: لتحيز القاضي وهضمه الواضح والمتكرر لحقوق الدفاع وإصراره على الفصل السريع للملف بشكل لم يسبق له مثيل في القضايا المشابهة، ولاشتمال الملف على تناقض جلي في التواريخ وأماكن الحجز وتواريخ الإيقاف وتضمنه لمحاضر انتزع مضمونها تحت التعذيب الذي بقيت آثاره بادية للعيان رغم مرور قرابة السنة الكاملة، ولخلو الملف من وثائق و قع الحديث حولها في وسائل الإعلام القريبة من السلطة ومن الدوائر الأمنية وورد ذكرها في أحاديث أدلى بها كبار المسؤولين في الدولة لوسائل الإعلام الأجنبية (الوثائق المتعلقة بالإعتداء المزعوم على سفارتي بريطانيا والولايات المتحدة ..ليس لها أي أثر في الملف ..الذي في حوزة المحامين”، حسب بيان توصلت به “قدس برس”.   كما اعتبر عميد المحامين التونسيين المحامي بشير الصيد أن المحاكمة غير شرعية ولا تتوفر فيها الشروط القانونية للمحاكمة العادلة. كما أنه قد تعرض هو شخصيا رغم موقعه إلى إهانة من قبل القاضي الذي اشتكى جميع المحامين من سوء معاملته لهم وللمتهمين.      وكانت الدائرة الجنائية الرابعة برئاسة القاضي محرز الهمامي قد أصدرت فجر أمس الأحد 30 كانون الأول (ديسمبر) أحكاما فيما يعرف بقضية سليمان تراوحت بين الخمس سنوات والإعدام، جاءت على النحو التالي:   حكمين بالإعدام: صابر الرقوبي، عماد بن عامر ، 8  أحكام بالمؤبد: رمزي العيسى، وائل لعمامي، الصحبي النصري، فتحي الصالحي، محمد باللطيفة، علي العرفاوي، مخلص عمار، كامل عبادي، 7  أحكام بـ 30 سنة: علي ساس، زياد الصيد ، محمد أمين الجزيري، بدر الدين القصوري، توفيق الحويمدي، مجدي لطرش، أحمد مرابط، حكمان بـ 20 سنة: جوهر سلامة،  محمد أمين زياد، حكمان بـ 15 سنة، كامل أم هاني،  جوهر القصار، حكمان بـ 12 سنة  مهدي بالحاج علي، محمد البختي، حكمان بـ 10  سنوات: جمال الدين الملا، حاتم الريابي، حكم واحد بـ 8 سنوات:  مروان خليف، حكم واحد بـ 7 سنوات:  خليفة القراوي، حكم واحد بـ 6 سنوات: نفطي البناني، حكمان بـ 5 سنوات:  زهير جريد، محمد خليل زندا
 
(المصدر: موقع تونس أون لاين نقلا عن وكالة للأنباء بتاريخ 31ديسمبر 2007)

الرئيس التونسي يتعهد بتعميق مناخ الحوار في بلاده

 
تونس / 1 يناير-كانون الثاني / يو بي أي: تعهد الرئيس التونسي زين العابدين بن علي بتعميق مناخ الحوار والتعاون والتضامن في تونس،وذلك بهدف “ترسيخ “المسار الديمقراطي التعددي في البلاد. وقال في كلمة لمناسبة دخول العام الجديد 2008 إن “هذا المناخ شاركت فيه كل الأطراف السياسية والمهنية والإجتماعية وسائر مكونات المجتمع المدني،ما مكن تونس من تحقيق عدة مكاسب وإنجازات في مختلف المجالات رغم صعوبة الظروف العالمية وتحدياتها الجسيمة”. وأشار إلى أن بلاده ستعمل خلال العام 2008 على إستكمال تنفيذ والشروع في تنفيذ عدة مشاريع جديدة طموحة تغطي كل القطاعات وتؤسس لمرحلة أخرى حاسمة من المسيرة التنموية الشاملة في البلاد. وشدد على ان بلاده ستعمل خلال العام 2008 على “إحكام التفاعل والتكامل بين الأبعاد الإقتصادية والإجتماعية والإرتقاء التدريجي بنمو الناتج المحلي الإجمالي، وإستقطاب المزيد من الإستثمارات الخارجية”. ومن جهة أخرى،أعرب الرئيس التونسي عن أمله في أن يشهد العام الجديد “إنفراجا في الأزمات المطروحة وفي مقدمتها أزمة الشرق الأوسط التي نرجو أن تنتهي بحل عادل ودائم وشامل ينصف الشعب الفلسطيني ويوفر الأمان والإستقرار لشعوب المنطقة كافة”. وأضاف أنه يتطلع إلى أن”يستأنف إتحاد المغرب العربي مسيرته على درب الوحدة والتكامل وأن يتمكن الإتحاد الإفريقي من التفرغ لقضايا التعمير والتنمية بالقارة الإفريقية،وأن ينتشر في العالم الأمن والسلام،وتنعم سائر الشعوب بالتقدم والرخاء”.


بسم الله الرحمن الرحيم

إلى أمهات المساجين السياسيين وفقط

 
محمود البلطي   في الذكرى الأولى لوفاة والدتي ا لمجاهد ة العزيزة الهذبة التوايى تحضر ني صور امها ت بقية إخوتي المسا جين السياسيين. المسرحين منهم والذين لا يزالون يئنون وراء القضبان  هؤلاء البطلات  المجاهدات اللاتي وقفن شامخا ت تحد ين بطش الجلاد ين وغطرستهم تحد ين تخاذل بعض رفا ق الدرب وجبن بعض  الأقارب تحد ين سياسة ا لاستسلام والاستكانة والانبطاح والاستقالة التي أرادت السلطة فرضها  علي هذا الشعب المقهور وتمسكن بأبنائهن كمثل القابض علي الجمر فلقد لعبن دور الجدة ودور الأب  وذلك باحتضانها حبيبة ابنها وأبنائه فر بتهم على التمسك بد ينهم وعلي التفوق في دراستهم فكن نعم الخليفة في الأهل والولد. واصلن الانتقال من سجن إلى سجن وهن يقتفين آثار أبنائهن مكسرين سياسة السلطة في السجون والتي لخصها بعض الإخوة قي التاءات السبعة 1التنكيل 2التعذيب 3التشريد4التمييز5التجويع6التعتيم7التجهيل تحملن مشا ق السفر وقسوة برد  الشتاء وشد ة حر الصيف متحملين اهانات أعوان السجون واستبدادهم من اجل دقائق معدودات ووسط حراسة مشددة  فكم من أم تاهت في أزقة مدينة لا تعر فها ولا تعرف فيها احد وهي تبحث عن معتقل ابنها .وكم من أم باتت تحت حائط سجن تفترش الأرض وتتلحف السماء وهي تذرف دموع القهر مرددة قوله تعالى على لسان سيدنا نوح عليه السلام “إني مغلوب فانتصر ” باتت في العراء لأنها وصلت متأخرة بعض دقائق على موعد الزيارة ومنهن من قضت نحبها وهي في طريقها لزيارة ابنها أو عائدة من عنده ماتت وفي قلبها حسرة لأنها لم تفرح بذالك اليوم الذي تحتضن فيه ابنها مباشرة وكم من أم شلت أو اختل عقلها وهي تعيش حالات الفزع والهلع في المداهمات الليلية التي يقوم بها الجلاد ون الأوغاد شاهرين أسلحتهم متلفين أي شيء يعترض سبيلهم غير عابئين بصراخ الصغار وتوسلات الكبار وكم من أم ذهبت متشوفة ومتلهفة لرؤية ابنها فقيل لها انه في المستشفى فتسلمته جثة هامدة مثل امها ت الإخوة سحنون الجوهري_رضا الخميري_لخضر سد يري –الحبيب الردادي…….الخ فرجعت تند ب حضها وتشكو مصيبتها لله سبحانه وتعالى والدتي واحدة من هؤلاء المجاهدات ت الصابرات التي كان لها شرف تذوق مرارة  وقساوة سجون العهد البائد والعهد الجديد عاشت جريئة و شجاعة تعتبر كل المساجين أبنائها وزوجا تهم بناتها كانت لها مواقف نادرة *ففي 1992كنت موقوفا بسجن الكاف وكان محرزالهمامي وكيلا عا ما فامتنع عن تسليمها بطاقة الزيارة لان لنا تاريخ مع بعضنا لما كان محرز في الوطد فا سمعته ما يكره مما اضطره إلى تسليمها البطاقة حتى لا يفتضح أمره *وفي سنوا ت الجمر ما بين 92-96 كانت هنا ك ضغوطا ت كبيرة مورست على الإخوة من اجل الانسلاخ من الحركة والتنديد بها فقا لت لي في احد ى الزيارات ” يا وليدي رد با لك تخون اخيانك فكر دائما في ابنك يجب ان يعيش مرفوع الرأس مفتخرا بك لا ان يقال له ابن البيوع” كانت لها قولة شهيرة”الانسا ن لا يموت الا مرة واحدة والله وحده الذي يقبض هذه الروح فلم الخو ف إذا” كانت كريمة وسخية لا تمسك نفسها اما م انسان فقير أو جائع أو محتاج أو مضلوم   حفيت قدما ها وهي  تتردد بين المحا كم والسجون ومكا تب المحا مين ومكا تب الجمعيا ت  هذا يستقبلها وذاك يطردها وذاك يغلق البا ب في وجهها كا نت لها دعوة واحدة دا ئما ترددها “اللهم أطلق سرا ح محمود وخذني بعد ها إلى جوارك”—-في أواسط التسعينا ت كنا نقيم في جنا ح العزلة وكنا في عزلة تامة على المحيط الخا رجي قلا تلفزة ولا صحف  وكذالك في عزلة عن بقية الإخوة المقيمين في بقية الزنزانات نا هيك ان الأخ  سحنون توفي في الزنزانة رقم 8/ونحن في الزنزانة التي  بجانبها ولم نسمع بموته الا بعد شهر وعن طر يق الز يارة حتى الحلا ق الذ ي يحلق لكل الغرف كان أبكم  كانت المرحومة تجمع الأخبار التي تعتقد أنها مفيد ة وفي الز يارة تبدع رموز وقصص خيالية لآصال تلك الأخبار ولا يفهم العون أي شيئ  حتى بقية أفراد العائلة لا يفهموا أي شيئ  بوعيها البسيط وبحبها للخير عاشت من اجل الجميع فأحبها الجميع  رحمها الله هي  وبقية أمهات الا خوة جميعا هؤلاء البطلات اللاتي سطرن صفحات ناصعة ومضيئة فئ تاريخ هذه البلاد المظلم هؤلاء البطلات اللاتي أرضعونا  حب المستضعفين وكره الاستبداد والاستغلال من أي جهة كانت هؤلاءالاتي زرعن في قلوبنا بذورالصبر والصمود نطلب من الله سبحانه ان يسكنهم فراديس جنانه يقول سبحا نه وتعا لي في سورة الإسراء ” وقضى ربك الا تعبدوا الا إياه وبالوا لدين احسانااما يبلغن عندك الكبر احدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما “ صدق الله العضيم ..انتهى ملاحظة أخيرة: الأخ احمد البوعزيزي من أطيب الإخوة ومن أحرصهم على دينه وعلىاخوته جمعتنا به ساحا ت النضال داخل السجن وخارجه  كان دائما عنوانا للشهامة والرجولة الآن يمر بظروف صحية صعبة  نطلب من الجميع ان يسا عدوه حتى بالد عا ء حتى يعجل الله بشفائه  والسلام عليكم ورحمة الله وبركا ته                        محمود البلطي     بوسالم-جندوبة


صـــورة تتهــم!!!
 
د.خــالد الطراولي ktraouli@yahoo.fr   هجمت اليشاعة على كل الصورة، وهيمنت الفضاعة على أرجائها، وبقي المشهد عاريا عابسا ليس فيه سوى جسد نحيف ملقى على سرير المرض، ولسان رطب يلهج بالتسبيح والحمد، وعينين تنظران إلى السماء تشكيان إلى الله ظلم العباد… إيمان يغمر الأرجاء وإحساس غريب ينتابك وأنت بعيد عن المشهد بعيد عن الصورة بعيد حتى عن ظلها، إحساس بأنك تدخل إطارا ربانيا خالصا وبيتا من بيوت الصالحين…  صورة حزينة، مظلمة، ثابتة، لا يمزق سكونها إلا قبسات من نور تنبعث من وجه مشرق محبوب رغم شدة المرض، قبسات لا يكاد يراها إلا من أتى الله بقلب سليم…  تلك هي الانطباعات التي لا تكاد تحملها وأنت تتابع صورة الأخ العزيز أحمد البوعزيزي وهو على فراش المرض… سنوات عديدة من سجن فضيع يشيب له الولدان، أمراض ومعاملات وتعذيب نفسي وجسدي وتشكيات وسوء تغذية وسوء منزل وزنزانات متعفنة وهواء سقم وموت… ثم خروج بالأمراض القاتلة والعاهات المزمنة، خروج نصف أحياء من القبور، ليتواصل مسلسل التلاشي والعذاب، صيحات وآهات ودموع ساكنة في ليال حمراء حيث يختلي المرض بالأجساد المنهكة فيأخذها قطعة قطعة… أخي الذي لم ينلني شرف قربه، خرج من سجنه منهكا تعبا يحمل بين جنبيه مرض السرطان، شفاه الله وعافاكم وعافانا منه، ورغم شدة المرض والتدهور السريع لحالته حيث امتد هذا المرض الخبيث إلى الكبد والأمعاء، بقيت الشهامة في ذروتها والعزة في قمتها وصبر على البلاء كبير، ورباطة جأش لا يحملها إلا من كان صادقا مؤمنا خالصا بقضاء الله وقدره… كم أتمنى أن تصلك هذه الكلمات وأن تقرأها لا لتزيدك إيمانا وصبرا فأنت لا تحتاج لذلك، فصبرك جميل، ولكن حتى تعلم أنك لست وحيدا في بيتك، لست وحيدا في بلاءك، فهناك من وراء البحار إخوة لك، لا يضاهونك سنا ومنزلة ودرجة،  لكنهم يعيشون كل لحظات عذابك، يصبحون على ذكرك ويمسون على ذلك رغم مشاغل الأهل والشغل والحياة ويدعون الله لك بالشفاء، وأملي في الله كبير أن يحفظك لنا ولأهلك وللوطن العزيز… فليس هناك مصير محتوم، وليس هناك مرض نهائي! معذرة على أني لا أستطيع غير الكتابة إلى حين، رغم أن الكتابة مسؤولية، والكلمة فعل ولو كان على أسطر صماء، ورغم ضيق الوقت والكلمات غير المرتبة أحيانا… معذرة أني لا أستطيع زيارتك إلى حين، فالأبواب مغلقة وباب الله مفتوح، معذرة أني لا أستطيع تقبيل جبينك، فقد ارتفعت إلى عنان السماء…تعم لست إلى جانبك، نعم إني أغادر الصورة بكل حياء ولكنك لن تغادر يومي وليلي، وثقتي في الله أننا سنلتقي… “أرجو أن أكون آخر ضحايا الظلم…والإهمال” كلمات أخينا أحمد البوعزيزي لن تمحى أبدا من كتاب التاريخ، كلمات تبرز تلاشي الذات أمام الجماعة، تظهر نهاية الأنا من أجل الصالح العام، كلمات سوف تؤرق العديد من أبناء هذا الوطن الممزّق يوما ليس ببعيد، حين يعقلون مكانة ومقام ووطنية هؤلاء السابقين… “أرجو أن أكون آخر ضحايا الظلم… والإهمال” كلمات تلحق بسابقاتها على منابر من نور، قالها قبل ذلك سعيد بن جبير وهو يغادر عالمنا شهيدا لينتقل إلى خيمة الشهداء عند مليك مقتدر : اللهم لا تسلط الحجاج على أحد من بعدي. وكان له ما أراد!!!

ملاحظــة : هذه كلمات خارج المقال، دعوة صادقة إلى كل من قرأ هذه الأسطر أن يتوجه إلى الله خالصا صادقا وبقلب سليم، في الهزيع الأخير من الليل بركعتين، يجعلهما لأخينا المبتلى، فألحّوا في الدعاء، عسى أن يكون من بيننا من مقامه عند الله رفيع، والله على كل شيء قدير.

المصدر :  موقع اللقاء الإصلاحي الديمقراطي www.liqaa.net

 

حوار مع الصحفي عبد الله الزواري

 القيادي الإسلامي المنفي في وطنه

الجزء الأول

 

         حاوره فوزي الصدقاوي

sadkaoui.fwz@gmail.com

 

1.     الأستاذ عبد الله الزواري نشكركم على حسن إستقبالكم لنا ، ونفتتح محاورتنا لكم بالسؤال عن تجربتم داخل الحركة الإسلامية، كيف كانت منذ البدايات ؟ وكيف عشتم عقودها الثلاث ؟

بسم الله الرحمان الرحيم ،لايدّعي المرء أنه كان من أوائل من بعث هذه الحركة لكني كنت من المجموعات الأولى في السبعينات التي قدمتْ إسهاماتها في هذا المجال ، بعد الإخوة الأكبر سناً والأغزر علماً والأخصب تجربة ،الإخوة راشد الغنوشي وصالح كركر وعبد الفتاح مورو و..البوغانمي ، فكان لي شرف الإنخراط في الهيئة التأسيسية لحركة الإتجاه الإسلامي سنة 1981 ، وفي تلك الفترة كنتُ مسؤول الحركة في جهة الكاف وسليانة ، ونحن الآن[1] في شهر نوفمبر2006 نتذكر أنه منذ خمس وعشرين سنة كانت الحركة تستعد لعقد مؤتمرها الثالث في ديسمبر الذي حمل وقتها عنوان مشروع الأولويات ومن المعلوم أن المؤتمر التأسيسي للحركة كان في صائفة سنة1979 ثم كان مؤتمرها الإستثنائي في أفريل1981 الذي كان الداعي لعقده إنكشاف تنظيم الحركة لدى السلطات الأمنية في ديسمبر1980. ثم كان في سنة 1984 المؤتمر الإنتخابي الذي جاء  عقب سراح قيادة حركة الإتجاه الإسلامي التي جرى إعتقالها في جويلية-أوت 1981 للبت والحسم في المسألة التنظيمية بعد خروج القيادات من السجن وعودة بعضها الأخر من الخارج . ثم ستعقد الحركة كما قلنا مؤتمرها الثالث في نوفمبر سنة1986 تحت شعار : مشروع الأولويات .

في مثل هذا الشهر إذاً ، منذ عشرين سنة كانت هياكل الحركة تتمدد على طول البلاد وعرضها مدنها وقراها وكان مطروح على كثير من أعضاء الحركة البت في هذا المشروع ، وكان المؤتمر قد إنعقد برئاسة الأخ راشد الغنوشي الذي كان تحت ما يشبه الإقامة الجبرية حيث كان يخضع للمراقبة المستمرة و اللاصيقة دون حكم قضائي وكان المؤتمر قد إنعقد في ظروف أمنية صعبة وكللت أعماله بنجاح نسبي ، واليوم بعد عشرين عاماً تجد الحركة نفسها في وضعية جديدة تلتقط فيها أنفاسها وتعيد النظر في مشاريعها ورؤاها ، والواقع أن بين 1986و2006 يمكن أن نلاحظ الإختلاف ففي 1986 كانت الحركة ترتبط فيها مع أحزاب تلك الحقبة في علاقة تتميز بمستوى من النضج والتفاعل الإيجابي لكنها شهدت فتوراً كبيراً في المرحلة اللاحقة وضعفاً عاماً ، لكن نحمد الله أن المعارضة في الوقت الحاضر بدأت تبحث عن نفسها وعن نقاط التلاقي فيما بينها إذ أن ما يجمعها من نقاط أكثر مما يفرقها ونأمل أن يتواصل هذا التلاقي إلى مزيد من الإيجابية ، إذ على المعارضة أن لاتنسى أن هدفها هو النظام الذي ما إنفرد بطرف سياسي إلا وضيّق عليه وحاول تدمير بناه التنظيمية وهياكله . فليس على الأحزاب الجادة أن يكون خصمها الأول غير هذا النظام الذي سعى إلى القضاء على الجميع وظل يعتبر نفسه صاحب المنة والفضل كلما سمح لأي حزب بالوجود، فليس للمعارضة الجادة من خصم غير من إعتدى على الجميع وكمم أفواه الجميع ، ولايمكن للتباينات الفكرية والإيديولوجية والسياسية بين المعارضات أن تكون مانعاً للتلاقي والتوحد وللنضال المشترك من أجل تحقيق أهداف مشتركة: حرية التعبير ، حرية التنظم ، حرية التنقل ، الحق في الإعلام وجميع ما تتضمنه القوانين واللوائح الدولية .

بعد عشرين سنة يبدو أن الحركة مُقْـدمة على عقد مؤتمر جديد نتمنى أن يكلل أعمالها بنتائج إيجابية تعيد للحركة صيتها ومكانتها داخل البلاد [2]

 

2.     توقيت ولادة حركة الإتجاه الإسلامي سنة 1981 يثير لدينا سؤالاً فيما إذا كان إنبعاثها خياراً بلغت فيه الحركة لحظة نضجها واكتملت فيها دورة نموها، أم أن الظروف الأمنية التي وجدت فيها الحركة نفسها قد دعت إلى الإعلان عن تأسيسها.

لعل المستقرأ للواقع الإسلامي يلاحظ أن الإسلام كدين وكدعوة وكفكر و كثقافة ينتشر ويشهد زخم كبير في ظل الحريات والعمل العلني حيث لا تشهد الساحة غير صراع للأفكار، ففي مثل هذه الظروف لا خشية على الإسلام. وسيكون المرء مكابراً لو قال أن الحركة أعلنت عن نفسها سنة1981 بعد إكتمال دورة نموها الداخلي ولم يكن للظروف الأمنية أي دخل . فقد عجّل الوضع الأمني بعض الشيىء في الإعلان عن الحركة ، لكن في ذلك الوقت أيضاً كانت هناك قناعة عامة داخل الحركة أن في أجواء الحريات لاخشية على الفكر الإسلامي في أي موضوع يطرح للنقاش ولعل هذا ما كان قد ذهب إليه إبن حزم في معنى قوله تعالى( ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا )[ سورة النساء آية141 ] فيقول أن السبيل لايعني أن الله لن يجعل للكافرين على المؤمنين سبيلاً مادياً ، ففي التاريخ الإسلامي وفي عهد الرسول صلى الله عليه وسلم كما في عهد الصحابة، إنتصر المسلمون وإنهزموا ، لكن في إطار الجدل الفكري والحضاري لن يكون للفكر غير الإسلامي أي سبيل على الإسلام فينتصر عليه . بينما في الجانب المادي أصابت المسلمين الهزائم كما غنموا الإنتصار. فـ«السبيل» هنا هو النقاش الذي يدور حول الدين والسياسة والإجتماع والثقافة ، فالفكر الإسلامي لايمكنه أن ينهزم في مواجهة الفكر الماركسي أو الفكر القومي أو غيرهما .. لكن هذا يتحقق في ظل مناخ من الحريات العامة التي تفسح المجال للجميع وليعرض حينها كل صاحب رأي قناعاته وأفكاره بحيث يقوم النقاش بين الطرفين على أساس الحُجة و الحُجة المضادة ، فلاخشية على الإسلام  من صراع من هذا القبيل .

إذا هذه القناعة هي التي كانت تدفع أعضاء الحركة إلى الخروج للعمل العلني القانوني ومن ثم الإعلان عن نفسها في جوان1981 ، فلو أن العامل الأمني لم يعجّل بإعلان الحركة عن نفسها ، ربما لم تكن الحركة لتطيل أكثر من ستة أشهر أو سنة على أقصى تقدير لتعلن عن نفسها بصورة طبيعية ، وذلك لأن القناعة بضرورة العمل العلني كانت لدى أعضاء الحركة عامة وقوية . ولأننا نعيش في ظل نظام قمعي يرفض العمل الإسلامي المنظم، فالعمل السري مرحلة ضرورية لإعداد النفس قبل الظهور العلني الذي، كما أسلفتُ بالقول، كان قناعة راسخة لدي الجميع، لذلك جاءت حادثة 5 ديسمبر لتعجّـل بالإعلان فقط ، ففي 05ديسمبر1980 إكتشفت السلطات الأمنية التونسية لأول مرة أن العمل الإسلامي الموجود في المساجد والمدن والقرى التونسية لم يكن عملاً عفوياً وإنما كان مترابطاً فيما بينه من شمال البلاد إلى جنوبها بتنظيم يُرتِبُ أشغاله . وإنكشف هذا على إثر إجتماع للمكتب التنفيذي للحركة المنعقد بمقر جريدة الحبيب، فهال السلطة ما إنكشف لها من أمر هذه الحركة وقامت بحملة إيقافات في صفوف العناصر البارزة منهم حبيب ريحان من بنزرت و محمد سلمان من قفصة وحبيب اللوز من صفاقس….وشملت هذه الإيقافات بضع عشرات من الأفراد تم لاحقاً الإفراج عنهم بعد التحقيق. كان لدى القائمين على العمل الإسلامي قناعة قوية أن النظام يُعِدّ عُدته للانقضاض علينا، وكانت علاقتنا مع المعارضة جيدة وجلسات الحوار مع الديمقراطيين الإشتراكيين والحزب الشيوعي والوحدة الشعبية (واحد)  فقد كانت علاقات طيبة وجلسات أسبوعية مستمرة وعمل مشترك وبيانات مشتركة ، وكانت لدينا مجلتي المعرفة والمجتمع ثم لاحقاً جريدة الحبيب[3] ومع  أن الصحف التونسية كانت تتحدث عن الإتجاه الإسلامي و التيار الإسلامي فقد كان الحرص أن يتم الإعلان عن الحركة فلا ينقضّ النظام علينا وقسم من شعبنا لاعلم له بوجود هذه الحركة.

ثم كانت محاكمات سنة1981 التي شملت عددا من قياديي الحركة، فكانت الأحكام الثقيلة للإخوة راشد الغنوشي وصالح كركر وصالح بن عبد الله وعلي نوير رحمه الله وحبيب ريحان وبنعيسى الدمني و الفاضل البلدي (غيابياً) و أخرون جميعهم صدرت ضدهم أحكام بعشر سنوات سجن ، ثم تلي ذلك أحكام بثمانية سنوات لـعبد لعزيز التميمي وضو السويد ومحمد الصالح الشنني وأنا ثم تليها أحكام  بخمسة سنوات لوليد البناني… وبعد المحاكمة تم فصل أصحاب الأحكام الطويلة عن أصحاب الأحكام القصيرة، فكنتُ من ضمن سبعة عشر سجين إسلامي في سجن برج الرومي ببنزرت رفقة مجموعة بنزرت الذين أقاموا معنا بالرومي نظراً لكونهم من المدينة ، وهم علي الغالي ومحمد علي المغربي وصالح الصفاقسي والبقية أحكامهم طويلة . وبموجب عفو رئاسي تم إطلاق سراحنا في أوت 1984.

 

3.     إذًا هذا التيار الإسلامي تحوّل إلى حركة سياسية ، لكن ما يمكن أن نلاحظه هو أن السياسي طغى على الروحية الحاكمة لمشروع الحركة ، وصارت وتيرة السياسي متصاعدة على نحو متسارع ، كما لو أن الحركة تنقاد وراء واقع سياسي جارف أفقدها القدرة على ضبط النفس لصالح توازن معقول بين السياسي المحكوم بلحظة الواقع ومشروعها الحضاري الذي يحتكم إلى رؤية إسلامية يمثل فيها الروحي والأخلاقي حزامها ومقصدها  ،لم يكن ذلك فقط قبل سنة1987 بل كان أيضاً بعدها .

في واقع الأمر السياسة تشمل كل حياتنا، وما يقوم من تمايز بين الروحي في معناه التعبدي وبين الإسلام في معناه العام وما يشتمل عليه من سياسة بما هي أهم أركانه، فليس في الإسلام رهبانية،فجزء هام من الترقي الروحي يعود إلى الفرد بحد ذاته ، وليس مطلوب من الحركة ، في رأييّ ، أن ترعى الفرد في كل صغيرة وكبيرة ، فهي تحضن الفرد وتحضّه على تنمية روحه لكن ليس عليها الاعتناء به في هذا الجانب بصورة كلية وتفصيلية .فالأمر موكول للإستعداد الذاتي من أجل تنمية هذا الجانب في شخصيته .فالحركة لا تُلزم أبناءها صيام النوافل أو قيام الليل وإنما توجههم إليها وتحرص أن تجعل ذلك في صلب أنشطتها العامة منها والخاصة . قد يكون التفاوت بين الجانب الروحي والجانب السياسي ناتج بدوره عن الواقع السياسي ، فإضطرارنا في السابق إلى العمل السري لم يساعد على تحقيق مثل هذا التوازن ، فلو كان عملنا علنياً ، وإجتماعاتنا علنية وإتصالاتنا ونشاطاتنا كذلك فإن تأطيرنا سيكون أفضل والتوازن بين الروحي والسياسي سيكون أفضل ، لكن نتيجة لواقع القمع والمنع من العمل القانوني و التضيّق على الحركة وأبنائها في حرية العمل ، كانت الحركة في حدود ضرورات تلك المرحلة الأمنية تجتهد في توفير توازن معقول بين السياسي والروحي . فنحن ننظر نظرة واقعية للإسلام ، و ننطلق في تصورنا للمسألة من إعتبار أن ما هومطلوب من المسلم أساساً هو أن يكون إنساناً صالحاً وليس إنسان حافظ للقرآن مثلاً ، فالصحابي الجليل خالد بن الوليد خاض حروباً كثيرة وإنتصر فيها جميعاً لكنه لم يكن من حفظة القرآن ولم يكن ذلك نقيصة فيه، وكان يقول: شغلني الجهاد في سبيل الله عن حفظ القرآن ، ففي الحركة ذاتها نجد من كان متميزاً في الجانب الروحي ، من غير ذكر للأسماء إذ لا نزكي على الله أحد . كما في الحركة أيضاً من أبنائها من يغلب عليه نمو المقدرة السياسية والنضج السياسي ويتضاءل فيه تناسباً الجانب الروحي ، ولم يكن مع ذلك هذا التمايز نقيصة في هذا ولا كان خصلة في ذاك ،فهو إختلاف في الميولات بين الناس جُبل عليه الخلق جميعهم ليحقق تكاملا تقتضيه حياة الناس. 

وإجابة لما يمكن لسؤالك أن يستبطنه من إيحاءات من أن التوازن بين الروحي والسياسي كان يمكن أن يضبط فعل الحركة الإسلامية ويجنبها المزالق المحتملة أستطيع أن أقول جازماً ، أن النظام كان يستعد للإجهاز على الحركة بقطع النظر عن أعمال الحركة ورؤاها في التسعين من القرن الماضي . كان النظام يستعد للإجهاز على الحركة وهويبحث فقط عن الفرصة المناسبة ،وإن لم توجد الفرصة كان لامحالة سيجدها . تذكروا جيداً أنه قد تم نشر وثيقة في أخر صائفة سنة 1990 في جريدة الفجر هي عبارة عن رسالة موجهة من رأس السلطة إلى الجهات الأمنية تدعوها إلى البحث عن العناصر الفاعلة في الحركة وإطاراتها وهياكلها …وكان بها ملاحظة تطلب أعضاء الديوان السياسي للحزب الحاكم أن يبدي رأيه في المسألة. فقد كان النظام مصِممٌ على ضرب الحركة مهما كان تصرفها وموقفها وكان سيعمل على إيجاد حادثة شبيهة بالـ(منشية) [4] على نحو( منشية /باب سويقة)[5] ولمن كانت له الفرصة لمعايشة أبناء قضية باب سويقة والإستماع إليهم سيعلم أن ما حدث بباب سويقة لم يكن بفعلهم بالصورة التي أدينوا بها ، فلأول مرة في تاريخ القضاء التونسي تصدر أحكام ويقع تعقيب الحكم ويقبل التعقيب لتصدر أحكام جديدة  ففي القضايا السياسية في تونس منذ الإستقلال إلى اليوم كانت تصدر الأحكام قاسية في المرحلة الأولى ثم يرفض التعقيب في المرحلة الثانية ثم ترفض الأحكام ، إلا في قضية باب سويقة وأكثر من دليل يمكن أن نسوقه يؤكّد أن إعادة النظر في هذه القضية كان لإعتبارات سياسية بحتة وليس لإعتبارات قانونية . فقد كان الحزب الحاكم وقتها قد شعر بالإهانة بعد تلك الحادثة وكان عليه أن يثأر لنفسه ويمسك القضاء بيده ويستخدمه لينتقم من حركتنا .

 

4.     كانت حادثة باب سويقة مع ما يمكن أن يقال عنها من الناحية القانونية والمحاكمات التي أعقبتها في ظل شروط غير عادلة وما حملته من دلالات ، في تقدير المراقبين للشأن التونسي،فاتحة لشروع النظام في عزل الحركة والإحتجاج على سياساتها ، فكيف تقدّرون من جهتكم ذلك المنعطف ؟

مسألة العزلة السياسية التي أراد النظام أن يَشُلّ بها فعالية الحركة الإسلامية في التسعينات لم تكن الحركة مسؤولة عنها بصورة رئيسية والدليل أن الأطراف السياسية التي إنفضّت عن الحركة في حينها عادت اليوم إلى الحركة بطريقة أو بأخرى للتنسيق والتعاون والتفاعل واللقاءات المشتركة . فقد قدمت بعض الأطراف السياسية وقتها التحالف مع النظام على العمل مع الحركة ،وأعتبرت النظام حليفاً إستراتيجيا إلى أن خاب ظنها فيه في السنين الأخيرة.فكل من إنتهت مصلحة النظام معه ، إما أحاله على القضاء للمحاكمة أو أبعده أو سجنه . فبعد أن كان الإتحاد العام التونسي للشغل الطفل المدلل لدى النظام خوفاً من«الإتجاه الإسلامي/ حركة النهضة»حين إنتهى دور السحباني تخلص النظام منه ، وحين إنتهت مصلحته مع مواعدة تم التخلص منه وألقي به في السجن ، وحين إنتهى العمل بالتليلي زُجّ به هو أيضاً في السجن ، وهكذا فكلما قضى النظام مآربه بأحدٍ تخلّص منه على الفور، وهو مصير ينتظر جميع الأحزاب «المعارضة» الموالية للنظام فلكل منهم ملفات مفتوحة ولو شاء منير الباجي أو إسماعيل بولحية الخروج عن بيت الطاعة فسيجدا نفسيهما في السجن لأن تصرفات مالية ستكشف( مزيفة أو حقيقية) من يدري ؟ يعود تاريخها إلى ثلاث سنوات أو عشر سنوات.

ففي المحيط السياسي التونسي هناك شيء من قبيل العقدة السياسية إزاء النهضة يشعر بها عددٌ من الأطراف السياسية في تونس ، وهذه العقدة تتمثل في أن هذا الحزب الجماهيري الضخم الذي كان يضم آلاف الطلبة وآلاف التلاميذ وآلاف العمال وهو منتشر في كل المدن التونسية والقرى والمداشر والأرياف ، إستطاع النظام أن يجهز عليه.وهكذا أرهب النظام المعارضة فجعل من تصفية الطرف السياسي الأكبر في الشارع(حركة النهضة) درساً يتعض به بقية المعارضة الأقل حجماً ، ثم إن عقدة أحزب الديكور هذه ، هي أنها يوم تخالف النظام في قضية بسيطة وتخرج عن بعض الخطوط الحمراء أو حتى الخطوط الوردية ستجد هذه الأحزاب نفسها أو قياداتها في السجن ، وهو المآل الذي إنتهى إليه مواعدة أو السحباني أو التليلي ، فهذه العقدة ترسم المسار الأكثر سلامة للفعل ، بل وتسوّغ البحث عن مبررات من شأنها أن يطمئن بها إلى تواطئه والإنسياق وراء السياسة المقررة .

ففي تقديري ما كان لنـظام سبعة نوفمبر أن يستمر لو أن المعارضة قدمت العمل المشترك على عملها مع النظام، فالذي ساعد النظام على بلوغ أهدافه هو وجود مجموعة من الأحزاب والشخصيات السياسية والمثقفين الذين اختاروا السير مع النظام. لو أن عمل الجميع تركز على أن حق التعبير هو حق مقدس لايجوز لأية سلطة أن تنتهكه ، ولو أن الجميع جعلوا من السجن السياسي محرم و التنظم السياسي حق مكفول للجميع لكان حال البلاد أفضل مما هي عليه الآن . لكن بعض المعارضة حينها لم تكن تجد غضاضة في غض الطرف عن إنتهاكات النظام إن كانت تلك الانتهاكات تستهدف حركة النهضة التي إكتسح أبناءها الجامعة . وبدلاً من أن يقف الجميع ضد تلك الانتهاكات، كانت مباركتهم لتلك الانتهاكات قد عمّقت لدى النظام رغبته في مزيد من الإنتهاك ليصبح هذا الإنتهاك بعد حين واقعاً مقنناً ستجري أحكامه على الجميع . فقوة النظام من قلة تنسيق المعارضة فيما بينها وأيضاً من سوء ظن بعضها ببعض. فالقول أنه لو تركت حركة النهضة تشتغل فستأكل الأخضر واليابس قول كان يهيأ لمعاداتنا وضربنا فالأصل أن من يعتقد في كونه ديمقراطي كان عليه أن يدافع عن حق أي مواطن تونسي في التعبير عن رأيه أو ممارسة السياسة من داخل أي حزب يختار.

غير أن الأحزاب السياسية ذات العمق العقائدي لايمكن القضاء عليها بجرة قلم أو بقرار من رئاسة الدولة، فليس هناك من خيار أمام السلطة إلا التحاور معها بعد فشل كل الوسائل القمعية الأخرى ، فماذا حقق عبد الناصر بضرب الإخوان المسلمين ، ذهب عبد الناصر وبقي الإخوان وحافظ الأسد الذي دمر مدينة حماة على رؤوس الإخوان المحتمين ببيوتها ، ذهب حافظ الأسد وبقي الإخوان ، ماذا فعل صدام مع حزب الدعوة وغيره ، ذهب صدام وبقي حزب الدعوة . فواهم من يعتقد أن الإجراءات والتضيقات والملاحقات البوليسية والمحاكمات يمكنها أن تقضي على حزب سياسي بقطع النظر عن هذا الحزب السياسي من يكون .

وفي الوقت الحاضر بات من المستحيل عودة المواجهة بين السلطة و الإسلاميين فقد إتعضت المعارضة بدرس التسعينات وتأكدت أن ترك الإسلاميين لوحدهم في المواجهة لم يكن في مصلحتها ولا في مصلحة البلاد .

ولقد سبق لنا أن صرّحنا في أكثر من بيان ومناسبة أن حركتنا، حركة النهضة لا تحتكر هذا الدين، وما ينطبق علينا في ما يتعلق بالإسلام، ينطبق أيضاً على غيرنا ممن ينطقون باسم الديمقراطية أو التقدمية أو الاشتراكية أو العروبة أو الدستور .فالمواجهة الضرورية ليس بإستخدام العنف ضد طرف سياسي وإنما بفتح مجال الحوار للجميع ، ونحن في حركة النهضة لانخشى الحوار بل واثقون أن الحوار يقوينا، وما نعلمه جيداً هو أن فرعون كما جاء في القرآن لم يرفض النقاش ودعا ليتكافح مع موسى يوم الزينة على مرأى ومسمع من الناس أما حكام اليوم فليسوا على إستعداد ليخوضوا غمار مناقشات وحوارات مع خصومهم ، فليس بأيديهم غير الاستئصال وخداع الرأي العام .

والمحاكمات السياسية السابقة بما فيها تلك المتعلقة بإتحاد الشغل كانت تدين النقابيين بقلب نظام الحكم ، وضبطت حينها سلاسل وقضبان حديدية وحجارة في سطوح إتحاد الشغل وإتحاد الطلبة ،وكانت الكذبة تنطلي في كل مرة على المعارضة ،فنفس التهم كانت توجه إلى اليوسفيين واليسار وإتحاد الشغل والوحدة الشعبية و نفس السيناريوه يُعاد في كل مرة واُعيد مع الإسلاميين في تسعينات القرن الماضي . لكن هل سيظل واقع الإسلاميين في حالة إستضعاف دائمة ، لن يكون الأمر كذلك أبداً لأن متغيرات دولية ونمو داخلي في مستوى الوعي السياسي والحضور البشري في الساحة جعل من الوجود الإسلامي في عدد من الدول وجوداً معترفاً به بدرجات متفاوتة مثل مصر والأردن و الكويت واليمن والجزائر والمغرب ولبنان والسودان وتركيا وفي أسوأ الأحوال يُغض عنها الطرف كما يحدث في مصر ولن تظل تونس إستثاءاً أبدياً .

الواقع أن الحركة الإسلامية منذ ظهورها لم تعش في ظروف عادية، وأبناء الحركة جميعهم مع المراجعة وتقييم مسيرة الحركة رغماً عن هذا الظرف الإستثنائي لكن ذلك يجب أن يُحدِث تَعطيلٌٌ لكل جهد عملي ،وأنا لا أقول أن خط الحركة كان مقدساً ودون أخطاء ، لكن مع تلك الأخطاء إن وجدت، ليس هناك ما يبرر وقوفي بعيداً عن الإهتمام بشأن الحركة ،فهناك مخلفات محنة التسعينات التي أورثت مشاكل إجتماعية في مستوى السجناء المسرحين والمبعدين أيضاً وخصاصة وأمراض نفسية وبدنية في وضعيات حرجة وما إلى ذلك من المشاكل التي يجب الاعتناء بها بتوفير إسناد إجتماعي لصاحب الحاجة .

أما على المستوى الخارجي فحركتنا لم تقطع أبداً إتصالاتها مع أي طرف سياسي ، وفي الوقت الذي كانت حركة الوحدة الشعبية 1 ترفض الجلوس مع حركة الوحدة الشعبية 2  وكان الحزب الشيوعي يرفض الجلوس مع حزب العمال الشيوعي التونسي ، كنا نحن في حركة النهضة نجلس مع جميع الأطراف بما فيهم السلطة، لم نكن نرفض الحوار مع أحد من الأطراف الوطنية، وقد أعربت الحركة في عدة مناسبات على إستعدادها للمصالح مع السلطة رغم المظالم التي لحقت بها طوال السنين الماضية،لكن أسمعتَ لو ناديتَ حياً ، والسلطة لم ترفض التحاور معنا فقط بل هي ترفض التحاور مع الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان وترفض الحوار مع نقابة الصحافيين وترفض الجلوس للتحوار مع الأحزاب القانونية التي منحتها التأشيرة ، فكيف يمكن محاورة هكذا نظام ، فالدكتور المرزوقي لايجانب الصواب حين يقول أن هذا النظام لا يَصلُح ولا يُصلَح.

….يتبع

********************************************

[1] كان ذلك خلال لقاء بالأستاذ عبد الله الزواري في شهر نوفمبر 2006 بجرجيس وقبل أن تعقد حركة النهضة مؤتمرها الثامن في جوان 2007  

[2] سينعقد المؤتمرالثامن لحركة النهضة التونسية في الخارج في جوان 2007

[3] مجلةالمجتمع / مجلةالمعرفة / هي المنشورات الدورية التي كانت تصدرها الحركة في طور الجماعة الإسلامية وإثر إعلان حركة الإتجاه الإسلامي عن نفسها أما جريدة الحبيب:فهي المطبوعة الثالثة للحركة بعد مجلة المجتمع ومجلة المعرفة، ولم يوزع منها إلا ثلاثة أعداد قبل إيقاف صدورها.

[4] حادثةالمنشية: تعرض الرئيس المصري جمال عبد الناصر في 26 أكتوبر1954 لمحاولة اغتيال فاشلة في ميدان المنشية بالإسكندرية ستُتَهمُ جماعة الإخوان المسلمين بترتيبها وسيَشن نظام عبد الناصر على إثرها حملة اعتقالات واسعة ضدهم .

[5] واقعة باب سويقة :قام عدد من الإسلاميين المتعاطفين مع حركة النهضة في مطلع تسعينات القرن الماضي بحرق مقرّ لجنة التنسيق للتجمع الديمقراطي الدستوري، لما بلغ إلى علمهم أن قوائم ومعلومات بأسماء إسلاميين يجري تجميعها هناك قبل الإعداد للإعتقالهم،  أما بقية المشهد فقد أثثت فصوله فرق الأمن التي إلتحقت بالمكان لتجعل من الواقعة « جريمة نكراء »إلا أن كثيراً من الغموض إكتنف العملية ذاتها والظروف التي أدت إلى وفاة الحارس السيد عمارة السلطاني وقد شكّلت تلك الواقعة صدمة في نفوس عدد من قيادات الصف الأول داخل حركة النهضة: الأساتذة عبد الفتاح مورو والفاضل البلدي وبن عيسى الدمني ونور الدين البحيري الذين قرروا ساعتها تجميد نشاطهم داخل الحركة. وفيما وصفت السلطة هذه العملية بالإجرامية، أكدت حركة النهضة أنه لا علاقة لها بهذه العملية ولا علم لها بها قبل وقوعها، وقد إستغلت السلطة هذه الواقعة لتشن حملة واسعة النطاق على الألآف من أبناء الحركة وقياداتها بعد أن حكمت بإعدام إثنين من الإسلاميين .

 


زعيمة الحزب الديمقراطي التقدمي ميّة الجريبي لـ”آفـاق”: نعيش أزمة دستورية في تونس

 
 تونس- حوار سفيان الشّورابي تُعد ميّة الجريبي أول امرأة تترأس حزبا سياسيا في تونس، وهي حالة نادرة يقل حدوثها في العالم العربي. واستطاعت الجريبي، في فترة وجيزة من تسلمها لهذه المهمة افتكاك مساحة معتبرة بين “فيلة” المعارضة التونسية، وقيادة حزبها بتؤدة وبثبات نحو تحقيق تطلعاتها نحو ما تطلق عليه “الجمهورية الثانية”. امرأة مثابرة ومكافحة. فلا مجال بالنسبة لها للراحة أو التراخي أمام مسؤولياتها. التقيناها فور عودتها من مدينة جندوبة (150 كم غرب العاصمة تونس) حيث كانت تُشرف على نشاط سياسي، فلم تبخل أبدا من أن تقضّي معنا بقية الوقت للإجابة على أسئلتنا عشية سبت، وما أدراك ما عشية السبت! الجريبي قالت لـ”آفـاق” بأن الوقت قد حان لتحقيق المنعرج الديمقراطي وأنها ستواصل التموقع في “موقع معارض جوهري لمنظومة الحكم القائمة التي نعتبرها استبدادية”، مطالبة المعارضة التونسية بالتوحد لمواجهة هذا الاستبداد، ومعربة عن رفضها بشكل صارم لدعاوى التراجع أو تقديم التنازلات. وخصت الجريبي أيضا، موقع “آفـاق” بتصريحها عن مرشح حزبها إلى الانتخابات الرئاسية المزمع عقدها سنة 2009، والذي سيكون الأمين العام السابق للحزب أحمد نجيب الشابي. وفيما يلي نص الحوار: آفـاق: تعرض الحركة الديمقراطية العربية مدا حينا بوصول البعض منها إلى سدة الحكم على غرار تجربتي المغرب وموريتانيا، وجزرا أحيانا أخرى مثلما حصل لحركة كفاية المصرية. من موقعكم كرئيسة حزب معارض، ما هو تقييمكم لها؟ الجريبي: أعتقد أن الحركة الديمقراطية العربية تواجه تحديا أساسيا يتمثل في ضرورة انخراط الشعب في عملية التغيير الديمقراطي السلمي، ولا يكون ذلك إلا بنبذ التقوقع على الذات وبالالتفات إلى الحياة اليومية للشعوب وتعهد قضاياها على كل الأصعدة اجتماعية كانت أو سياسية أو غيرها. على الحركة الديمقراطية العربية أن تدرك أن “الظاهرة الصوتية” تحرك السواكن لكنها لا تحدث التغيير وأن العمل في عمق المجتمع هو المؤدي لانخراط المواطن في العمل العمومي وللتغيير الحقيقي. وتجدر الإشارة هنا أن بعض الأنظمة وعت بضرورة التفاعل مع رياح الديمقراطية التي تهب على العالم، وبدأت رويدا رويدا، وتحت وزر ضغوط شتى، تلبي مطالب الحركة الديمقراطية بما يسرّع نسق عملية الإصلاح والتدرج نحو الحالة الديمقراطية، وما تجارب موريتانيا  وبدرجة مختلفة المغرب إلا دليلا على أن نهج الانفتاح والعمل الديمقراطي ممكن جدا في بلداننا بل ومرد كل استقرار ونماء. وفي المقابل، هناك أنظمة تختار عدم الإصغاء إلى مطالب الإصلاح المتنامية فتنصب نفسها حاكم أوحد وتنتهج الاستبداد أسلوبا في التعامل وفي إدارة الحكم، ما يضيق من مجال فعل الحركة الديمقراطية ويزيد في صعوبة مهامها. وما خيار الحركة الديمقراطية العربية إلا مواصلة النضال، ومزيد تعهد قضايا المواطن من مختلف زواياها وفي تفاعل مع التطورات والمستجدات لا فقط على مستوى وطني وداخلي بل وأيضا على مستوى إقليمي ودولي. آفـاق: من جهة أخرى، وبالرغم من موجات التحرر الفكري والسياسي في بعض الحالات في البلدان العربية ما يزال دور المرأة محصورا ومحدودا داخل المشهد السياسي عموما، سواء كان ذلك في الحكم أو في المعارضة. ما هو مرد ذلك؟ الجريبي: ما أقوله في البدء هو أن محدودية مشاركة المرأة في الحياة العامة عنصر تشترك فيه كل المجتمعات بتعبيرات ودرجات متفاوتة ومختلفة ولكنها دائما قائمة وهو أمر لا يقتصر على الفضاء العربي والإسلامي بل أن هناك أمثلة في هذا الفضاء حرية بكل تمعن ودراسة بعيدا عن القوالب الجاهزة وهي تبرز موقع المرأة المتميز ومساهمتها في الشأن العام وفي الشأن السياسي بصفة أدق في مجتمعات إفريقية وآسيوية عديدة رغم الإرث الاجتماعي والثقافي المعلوم. والمهم التأكيد في هذا الجانب، ودون إغفال خصوصية وضع المرأة، أن محدودية المشاركة العامة هي معضلة شاملة في مجتمعاتنا العربية وتهم الرجل والمرأة سواسية ومردها بالأساس وضع الاستبداد الذي نعيشه والذي من تبعاته إشاعة الخوف في النفوس وعدم الثقة في مردودية العمل العام في فضاء يعمه الاحتكار والانغلاق. كما وجب التأكيد أيضا أنه كلما سعت المرأة إلى كسر الطوق المحيط بها، إلا ما وفعّلت مشاركتها وكانت عنصرا فاعلا في عملية التغيير. وفي جانب متصل أقول أن هناك خطوات هامة قُطعت في تونس في مجال المكتسبات النسوية، في المستويات التشريعية والقانونية والاجتماعية ما يصلب عود ما راكمه المجتمع على مستوى الممارسة والذهنية العامة وما يجعل عملية التقهقر والتراجع، أيا كان مردها، عملية صعبة للغاية إن لم أقول مستحيلة. آفـاق: تعرف المنطقة العربية تنام لظاهرة الإرهاب، ما هي أسباب ذلك حسب تصورك؟ الجريبي: تمثل التيارات الإرهابية خطرا حقيقيا يهدد العالم وما فتئ يتنامي بصفة ملحوظة في المحيط العربي والإسلامي وهو ما يتطلب منا تعاطيا غاية في الجدية. وتتداخل العناصر المساهمة في بروز مثل هذا التيارات، منها ما هو داخلي ومنها ما هو خارجي. فالشعور بالظلم والقهر نتيجة الاحتلال والهيمنة يخلق حالة من ردة الفعل لدى الشباب تشكل تربة خصبة لمختلف الطروحات المتطرفة. لكن المهم الإضافة هنا أن هذه الحالة لا تنمو ولا تتطور إلا في تربة داخلية عناوينها الانغلاق والاستبداد والحيف الاجتماعي واستشراء الفساد وغياب الأفق وقبل هذا وذاك الفراغ الثقافي والروحي. جميع هذه العناصر تجتمع متداخلة لتجعل من شبابنا عرضة للتأثر بالخطاب المتطرف. ونحن نعتقد أنه بدون إطلاق الحريات وبدون فتح المجال للجدل الثقافي والفكري العميق، وبدون تمكن مختلف مكونات المجتمع المدني من تأطير الشباب باستقلالية بهدف إدماجه في حركية إبداعية فاعلة ومثمرة في اتجاه محيطه الوطني والقومي أساسها العمل المدني السلمي وأساسها الحرية والمواطنة والكرامة، وبدون انكباب جدي على القضايا الاجتماعية والسياسية التي تشغل بال شبابنا وبدون علاقات دولية مبينة على الندية والعدل، بدون كل ذلك فإنه لا يمكن أن نحصن مجتمعاتنا من هكذا مخاطر أيا كانت الحلول الأمنية التي يعمد إليها وطنيا ودوليا. آفـاق: ألا تعتقدين في هذا السياق، أن ضعف حركات المعارضة في العالم العربي وترهل خطابها هو الذي أفرز، بشكل أو بآخر، ظهور تيارات السلفية الجهادية؟ الجريبي: لا أعتقد أن العنصر الذي أشرت إليه هو الذي أفرز هذه التيارات ولكن هذا العنصر يمثل تحديا لنا كحركات مدنية ديمقراطية تؤمن بالانتقال السلمي للديمقراطية وبضرورة جعل الشباب رافدا من الروافد الأساسية في عملية التغيير. فما أدى إلى تنامي مثل هذه التيارات، هو الاحتلال والظلم المسلطين على شعوبنا في فلسطين والعراق ووضعيات الاستبداد والانغلاق وغياب الأفق في جميع المجالات داخليا هو الذي مثل تربة خصبة لبروز مثل تلك المجموعات. وتحدينا هو أن نجعل شبابنا يؤمن بجدوى العمل المدني والسلمي. تحدينا، المعارضات الديمقراطية العربية، هو أن نجسد الأمل لدى جموع الشباب وكل المواطنين، لا بشعارات فضفاضة ولكن بتعهد فعلي لمختلف القضايا وبدفع الثمن الضروري لذلك وبتقدم فعلي على الميدان. آفـاق: بالنسبة للحزب الديمقراطي التقدمي الذي تتزعمينه، لماذا اخترتم التموقع في صف المعارضة للسلطة التونسية؟ الجريبي: فعلا تموقعنا هو المعارضة الجوهرية لمنظومة الحكم القائمة التي نعتبرها استبدادية. ونحن نناضل من أجل إرساء نظام ديمقراطي يكون فيها الشعب سيدا فيختار حكامه ويسائلهم بكل حرية و بعيدا عن كل أشكال الضغوط. تغيير الحكم الذي وقع في تونس في 7 نوفمبر/ تشرين الثاني 1987، حمل معه الأمل للتونسيين جميعا وقد تعاطينا إيجابيا معه كحزب يضع التغيير الديمقراطي هدفا من أهداف تمشيه. ومرد هذه الإيجابية مرتكزان أساسيان وعد بهما هذا التغيير بل وأسس عليهما شرعيته ألا وهما الإقرار بجدارة الشعب التونسي بحياة ديمقراطية والقطع مع الرئاسة مدى الحياة وإرساء التداول السلمي على الحكم وبالتالي وضع تونس على سكة الانتقال إلى الديمقراطية. ونعتبر أن التخلي عن هذين المرتكزين هو في تضاد تام مع أي حركية إصلاح مهما كانت الشعارات و مهما أطنب الخطاب الرسمي في التمسك بنهج الإصلاح. لم يتم في تونس إصلاح سياسي متدرج، ولم يعترف عمليا وفي الواقع بأحقية الشعب التونسي بحياة سياسية متطورة، بل عدنا القهقرى في مستوى الحريات والمشاركة السياسية عما كنا عليه في الثمانينات أثناء الحكم البورقيبي. وعدّل الدستور بما مثل اعتداء حقيقيا على وظيفته المتمثلة في تعديل سلطة الحاكم وبما كرس عمليا ومن جديد الرئاسة مدى الحياة التي خبر التونسيون مخاطرها بل ومآسيها ودخلت البلاد في أزمة دستورية عميقة، ما يتطلب تعبئة كل الطاقات الوطنية من أجل إصلاحات جوهرية من أجل تجاوزها. هذا من الناحية السياسية وهي مفتاح كل إصلاح، إلى جانب ذلك فنحن نطرح خيارات اقتصادية واجتماعية أساسها العدل والشفافية في المعاملات وتأكيد دور الدولة ودور القطاع الخاص في تناغم وتكامل هدفه النماء والرخاء لكل فئات الشعب ونحن نجعل من مقاومة الفساد المستشري محورا هاما من محاور نضالنا، المرحلة التي تمر بها تونس اليوم على غاية من الأهمية والإمعان في النهج الذي اختارته السلطة دون الإنصات لمطالب الإصلاح المتنامية يمثل هروبا إلى الأمام يمكن أن يفتح على احتمالات لا يرضاها أي وطني صادق، ونعتبر أنه على المعارضة أن تتوحد لمواجهة هذا الاستبداد وهذا النهج المتخلف، والتقدم في إرساء نظام ديمقراطي أساسه انتخابات حرة ونزيهة، وسيادة الشعب، وإعلام مستقل وحر، وجهاز قضائي مستقل عن أي تبعية و أساسه المواطنة الكاملة. آفـاق: أمام كل هذه التحديات، ما هي أهم المعارك التي خضتم إياها من أجل تحقيقها؟ الجريبي: حزبنا تصدّر أهم المعارك السياسية التي عرفها مجتمعنا منذ ما يزيد عن العقد وهو يؤمن بأهمية التوحد و المراكمة لتوسيع رقعة المشاركة وللتضييق على الظلم والاستبداد. وما إضراب الجوع الشهير الذي خاضته ثماني شخصيات وطنية – من بينها الأمين العام السابق لحزبنا- بمناسبة القمة العالمية للمعلومات للمطالبة بالحقوق والحريات إلا دليلا على مدى التدهور الخطير الذي يعرفه الوضع السياسي ببلادنا. هذا الحدث الذي انطلق في ديسمبر/ كانون الأول 2005 لا يستمد وزنه وأهميته من رمزية الذين أطلقوه فحسب و لكن أيضا من أهمية الآفاق التي فتحها فهو مثّل لحظة مفصلية في تعامل المعارضة مع القضايا الوطنية وفي تحديدها لأولويات تدخلها. فقد أدى هذا الإضراب الحدث والذي تابعه العالم بأسره إلى بعث “هيئة 18 أكتوبر (تاريخ انطلاق الإضراب) للحقوق والحريات” وهي عبارة عن تجمع لعائلات فكرية وسياسية مختلفة كانت لسنوات ماضية متنافرة متضادة خاصة في تعبيريها الأساسيين: العلمانيون والإسلاميون. هذه العائلات المختلفة وعت بضرورة توحدها والأهم من ذلك وعت بأن مصلحة الوطن ومصلحة الجميع تقتضي بلورة عهد أو ميثاق ديمقراطي يختزل مرتكزات وأسس المجتمع الديمقراطي المنشود. هذه المبادرة تستمد خصوصيتها من أنها أعطت للنقاش الفكري المؤسس لهذا العهد الديمقراطي أهميته وتستمد أهميتها من أرضيتها الجامعة التي تتمحور حول ضرورة سن العفو العام وحق التنظم والاجتماع ومقاومة الفساد واستقلالية الجهاز القضائي والنضال من أجل انتخابات حرة وديمقراطية في سنة 2009 حيث ينتظر تونس استحقاق انتخابي تشريعي و رئاسي. وهذا الاستحقاق مناسبة جد هامة تسائل المعارضة التونسية بل والمجتمع برمته وهو يمثل رهانا يختلف جوهريا بين الحكم و المعارضة الديمقراطية فرهان الحكم هو في إعادة إنتاج نفسه وتأبيد منظومة الاستبداد، ورهانه أن تمر هذه العملية مرور الكرام ودون ممانعة تذكر. ورهان المعارضة الديمقراطية الحقيقية هو أن تجعل من هذه المناسبة محطة لحشد الطاقات من أجل التقدم في فرض شروط انتخابات حرة و شفافة و نزيهة. وغني عن القول أن لا انتخابات حرة بدون مناخ سياسي تحرر فيه النفوس من الخوف وتطلق فيه الكلمة الحرة ويفتح فيه المجال للمنافسة الحقيقية والمتكافئة وهو ما يفترض مراجعة الإطار القانوني والتشريعي للعملية الانتخابية بما يمكن الشعب من اختيار حقيقي لا صوري لمن يمثله وما يمكن من تداول سلمي على الحكم فمن غير المعقول الحديث عن أي إصلاح وتونس لم يحكمها، على مدى الخمسين سنة التي تلت الاستقلال إلا ….رئيسان اثنان، أطيح بالأول منهما تحديدا، من أجل إرساء التداول على الحكم لنعود بعد ذلك ومن جديد للرئاسة مدى الحياة. هدفنا أن لا تكون الانتخابات كسابقاتها مسرحية يشكل مقعد البرلمان فيها مٌنة تسند لأكثر “المعارضين” ولاء بل مسؤولية تحملٌها أصوات التونسيين لنواب يتفانون في خدمة الصالح العام ويساءلون حول مدى احترامهم لتعهداتهم. وهدفنا أن لا تكون الرئاسية مجرد مناسبة لتجديد الولاء للرئيس المباشر بل مناسبة حقيقية يتمكن خلالها المواطن من اختيار من يحكمه على قاعدة منافسة حقيقية لا صورية. آفـاق: أنتم تطرحون مطالب بديهية وأساسية من الضروري توفرها لدى كل نظام ديمقراطي بعد 20 عاما من التغيير، ألا تعتقدين أنه لا أمل يرجى من توفرها في ظل هذا الحكم في نسخته الحالية؟ الجريبي: مع الأسف الشديد، لم نشهد تطورا طيلة العشرين سنة من عمر هذا التغيير، فعلا ما نطرحه هي مطالب بديهية و لكنها تمثل أساس كل مواطنة. والإمعان في التنكر لها هو إمعان في إبقاء تونس خارج نسق التطور الطبيعي الذي تشهده أغلب بقاع المعمورة وهو يجعل من بلادنا العريقة في المكتسبات السياسية والتشريعية استثناء حقيقيا في محيطها القريب والبعيد. الحاكم هو الذي يرفض الحوار آفـاق: ولكن في ظل السمة الاستبدادية التي صبغت نظام الحكم في تونس وفق تقييمك، هناك شق من المعارضة الديمقراطية يعتقد أن الفريق الحاكم قادر الآن على إنجاز بعض الإصلاحات، من خلال تنازل المعارضة عن عدد من المطالب التي يرونها مشطة. ما هو رأيكم؟ الجريبي: لعلك تشير إلى رؤية تعبر عن ذاتها داخل النخبة السياسية وبأكثر دقة إلى تصور تحمله أقلية في صلب حزبنا. نعم هناك خلاف يشق السياسيين في تونس يؤدي إلى السؤال المختزل التالي: ما الذي يمكن من التقدم في النهج الديمقراطي والالتحاق بركب التغيير؟ هل هي مراكمة الضغط واستهداف منظومة الاستبداد في جوهرها أم انتهاج سياسة طمأنة السلطة وتقديم التنازلات المجانية والبحث عن مشترك غير موجود بين المعارضة والحكم؟ المنادون بعدم توتير العلاقة مع الحكم وبتخفيض سقف المطالب وعدم استهداف جوهر المنظومة يرتكزون في تمشيهم، في ما يرتكزون، على ضعف المعارضة ونسق تطورها الوئيد وعلى حذر السلطة الشديد، ليخلصوا إلى رصد حالة من التعطل والمأزق يرون أنه على المعارضة فكها بإعلان المرونة وتحاشي المعارك الجوهرية الموصوفة بـ”الموترة والمتشنجة”. وللرد على هذا الطرح ودون الدخول في تفاصيل الوضع التونسي أقول: أولا أن متطلبات الوضع هي التي تحدد المهمة لا قدرة الكيان على تحمل المسؤولية، والمهمة هي التي تفرض الديناميكية المؤدية إلى تحقيق هذه المهمة، ويتكيف النسق والوتيرة وفق القدرة والطاقة المتوفرة أو الممكن توفرها. وأقول ثانية أن من يرفض الحوار و المرونة والتفاوض ونبذ التوتر ليست المعارضة المناضلة بل هو الحكم الذي لا يعترف بالآخر أيا كان هذا الآخر وهو الحكم الذي لا سبيل لديه للتعاطي مع القضايا الوطنية الشائكة إلا بالاعتماد على الحلول الأمنية وهو الحكم الذي يدجن أعرق وأول رابطة حقوقية إفريقيا وعربيا، وهو الحكم الذي لا يقبل باستقلالية قضاته فينصب هيئة من الموالين ويقصى هيئة شرعية منتخبة، ولن أطيل في تعبيرات الانغلاق والتصلب التي تؤكد أن مصدر الاحتقان ليست المعارضة بل الحكم و خياراته. فعن أي مشترك يتحدثون؟ وأخلص ثالثة بالسؤال التالي: هل نجادل في حق الشعب التونسي في انتخابات حرة ونزيهة؟ هل نجادل في حق الشعب التونسي في التداول السلمي على الحكم؟ هل نجادل في حق التنظم، في حق الإعلام الحرإلخ…؟ إن كنا لا نجادل في كل ذلك فإن على المعارضة أن تراكم الضغط وأن توحد الجهود من أجل اكتساب هذه الحقوق. حين تنفق حول هذه الأساسيات فإن كل ما يتعلق بالتدرج والتفاوض يبقى آليات ترضخ للمهمة وللهدف وللتقديرات أما أن تصبح المرونة و عدم التوتير هدفا في حد ذاته فإن ذلك يعني ببساطة تخلي المعارضة عن وظيفتها. آفـاق: مثلما ذكرت حول المجموعة التي تدافع عن خيار تقديم التنازلات في حزبك، كيف سيتم التعامل معهم؟ الجريبي: حزبنا انبنى على رهان أن التعدد الفكري هو مصدر ثراء لا مصدر تعطيل ونحن اخترنا تمشي الحزب البرنامجي، التقارب فيه والاختلاف يتم على أساس سياسي لا فكري أو إيديولوجي ، والخلاف في حزبنا سياسي برز وحسم في المؤتمر الأخير لصالح التوجه الكفاحي والمستقل الذي عرف عنه طويلا. والرهان المطروح علينا اليوم، أقلية وأغلبية، هو التعاطي العصري والبناء مع الاختلاف وضمان التعايش بالنقاش الحر والعميق وبتوفير المجالات رحبة لذلك وأيضا بالاحتكام إلى آليات الديمقراطية الداخلية في حسم الخطط و التوجهات. الأكيد أن لكل فرد الحق في الاجتهاد وفي القيام بمراجعات يعتقد في صحتها ولا أحد له الحق في مصادرة رأي أي كان والأكيد أيضا أن كل حزب سياسي مطالب بخط سياسي واضح وبممارسة موحدة ومتناغمة وفق هذا الخط. سندخل الانتخابات بعقلية كفاحية آفـاق: ألا تلحظين أن هناك تناقضا في قولك في أنه لا يوجد مشترك بينكم وبين الحكم من جهة، مشاركتكم في انتخابات وصفتها بـ”المسرحية”؟ الجريبي: ليس هناك أي تناقض على اعتبار أن الحزب السياسي هو الذي يستثمر كل المناسبات للتقدم في تحقيق المكاسب. بالنسبة لنا، فان إعلان مقاطعة الانتخابات منذ الآن هو فسح المجال أمام الحكم لكي يتفرغ بالمنظومة السياسية في تونس، وبالشأن السياسي بصورة عامة. الانتخابات تعنينا كما تعني الشعب التونسي جميعه، والتعاطي معها على قاعدة كفاحية هو المطروح علينا. فالمشاركة في الانتخابات لا يعني القبول بالمنظومة الحاكمة أو بالظرف العام الذي تتنزل فيه. إعلان المشاركة وخوض المعترك هو تجسيد تمسكنا بحقنا كحزب في تقديم مرشح للرئاسية القادمة وهو دفاع عن حق الترشح لكل الكفاءات الوطنية، دخولنا لهذا المعترك هو نضال من أجل منافسة حقيقية ومتكافئة يكون الشعب فيها هو الحكم ولا يمكن لهذا المعترك أن يخاض عن بعد بل إنه لا يخاض إلا على الميدان، رسالتنا في ذلك أن تونس تزخر بالكفاءات وأن “تونس أفضل” ممكنة من خلال برامج بديلة. نحن لا نقبل بالقوانين الانتخابية التي فصلت لإقصاء كل منافسة حقيقية و نناضل من أجل تغييرها ولكننا لا نقبل بالوقوف على الربوة في انتظار تحسين الظروف، نضالنا يكون من خلال خوض المعترك لا بالانسحاب منه. آفـاق: في إطار نضالكم من أجل توفير ظروف انتخابات ملائمة، هناك أحزاب وتيارات أخرى تشارككم نفس هذه الأهداف. هل هناك تنسيق معها حول أنشطة مشتركة؟ الجريبي: واجبنا الوطني يدفع نحو الالتقاء حول أرضية دنيا تمكن من التقدم الفعلي نحو تحقيق شروط الانتخابات الديمقراطية. نحن نخوض الآن مشاورات مع حلفائنا وأصدقائنا في المعارضة الديمقراطية في خصوص هذا الأمر. وإن كان صحيحا أن المقاربات والتقديرات متعددة ومختلفة في عدد من الجوانب فإن المشترك متوفر وقد رصدنا بعد عناوين الالتقاء لبلورة خطة عملية موحدة من ذلك النضال المشترك من أجل تغيير الإطار التشريعي والقانوني للعملية الانتخابية بما يتلاءم و المعايير المتفق عليها ومن ذلك النضال المشترك من أجل رفع الاستثناء على الترشح للرئاسية ومن ذلك أيضا بناء تحالف وطني من أجل مراقبة مستقلة للعملية الانتخابية. آفـاق: في صورة تحقيق مطالبكم في توفر محيط سياسي ملائم، وفي ظرف انتخابي حر، من ستقدمون كمرشح عن حزبكم للانتخابات الرئاسية؟ الجريبي: أذكر في البدء أننا خضنا معركة حق الترشح لرئاسية 2004 بترشيحنا الأمين العام السابق أحمد نجيب الشابي الذي كان ممنوعا من الترشح وفق القانون الاستثنائي المحدث آنذاك بما يخول لمرشح الحزب الحاكم اختيار منافسيه من “معارضة الولاء” وبما يخول إقصاء كل منافسة جدية. وقد انسحبنا في الوقت الذي رأيناه مناسبا اعتبارا لانعدام شروط المنافسة المتكافئة. واليوم وبمناسبة هذا الاستحقاق ورغم القانون الإقصائي سوف لن نتوان عن خوض هذه المعركة تمسكا بحقنا وإيمانا منا بأنها قضية وطنية لا قضية شخصية. سندخل هذه المعركة بكفاحيتنا، ببرامجنا البديلة و بمرشحنا. وقد كان الأخ نجيب الشابي قدم ترشحه رسميا للمكتب السياسي الذي أقره مرشحا للحزب على أن تبت اللجنة المركزية في هذا الأمر و تعلنه رسميا بداية العام المقبل آفـاق: في الختام، لقد تم اعتقال الزميل سليم بوخذير بتهم وصفتها منظمات حقوقية دولية بالتلفيقية، ما هو موقفكم من سجنه؟ الجريبي: سليم بوخذير ذلك القلم الحر، عُرف بجرأته وبطرحه للقضايا الحارقة التي تمثل خطوطا حمراء في عرف السلطة كمواضيع الفساد والرشوة والمحسوبية. وكان قد تعرض إلى الكثير من المضايقات والاعتداءات و مُنع من حقه في السفر و لقد خاض من أجل ذلك إضرابا قاسيا عن الطعام. نعتبر أن اعتقاله يندرج في إطار مواصله سلسلة هذه المضايقات المسلطة عليه وعلى الكثير من الحقوقيين والديمقراطيين في تونس. كما نعتبر أنه مهما كانت ملابسات عملية إيقافه، فان بوخذير يدفع الآن ضريبة جرأته وكتاباته.

(المصدر: موقع “آفـاق” بتاريخ 28 ديسمبر 2007)

 


 

أحزاب تضيق بأبنائها

 

نشرت إحدى الصّحف الوطنية التونسية في بداية هذا الأسبوع تحقيقا بعنوان ” هل تضيق المعارضة بالرأي والرأي الآخر… ولماذا اللجوء إلى الاستقالات؟ ” استطلعت فيه آراء بعض النواب المنتمين إلى المعارضة. وتباينت المواقف من هذه المسألة، ففي حين اعتبرها البعض من المسؤولين الحزبيين عديمة التأثير والفاعلية  اعتبرها الآخرون علامة على وجود خلل في آليات العمل الحزبي والسياسي داخل المعارضة وأساسا البرلمانية منها.

ويشي اختلاف التقييمات في اعتقادنا باستمرار حالة التقاطع بين القيادات الحزبية وعدد من الإطارات التي لم تعد قادرة على الاستمرار في ظلّ تواصل آليات العمل القديمة والتقليدية في تسيير الأحزاب ورغبة بعض المتنفذين داخلها في السيطرة على هياكلها وتدجين هذه الهياكل وسلبها كلّ فاعليتها القانونية والسياسية. فليس من باب التجني القول إنّ أغلب أحزاب المعارضة البرلمانية تعيش حالة انفصام في الشخصية السياسية، حيث تنشد من جهة الارتقاء بممارستها السياسية وإضفاء مسحة ديمقراطية على طرق اشتغالها،

ومشدودة من جهة أخرى إلى مقولات الرأي الواحد وتأهيل القائد الواحد واعتبار ما يصدر عنه من أقوال وأفعال مصدرا من مصادر الإلهام السياسي.

لذلك تتعامل هذه الأحزاب مع ظاهرة الاستقالات داخلها بعبثية وعدم مسؤولية فتعتبر المستقيل مارقا وضالا ومرتبطا بالمناوئين الذين لا يعلم من هم سوى قادة هذه الأحزاب. فكما يكّفر المتعصبون

من ليس على مذهبهم يُكّفر من يطالبون بتأهيل أحزاب المعارضة وجعل القرار الحزبي نابعا من الهياكل وليس من أهواء القيادة.

وبالتوازي يشير قادة هذه الأحزاب في وسائل الإعلام إلى روح الوفاق التي تميّز العلاقة مع المناضلين وإلى الإجماع حول الاختيارات الحزبية ويؤكدون دوما على حقّ الأقلية في التعبير عن مواقفها ضمن الأطر الحزبية القانونية والشرعية.

إنّ المنطق الديمقراطي يفرض على هذه الأقلية الالتزام بقرارات الأغلبية مع صون حقّها في التعبير عن رأيها لكن هذا يفترض شرطا مهمّا وهو أن تكون الأغلبية محتكمة إلى هياكل ديمقراطية تمارس مهامها في كنف الشفافية.

وفي اعتقادي فهذا الشرط مفقود لدى بعض هذه الأحزاب لذلك تكون الاستقالة تعبيرا عن رفض لمنهج غير ديمقراطي وليست تخليّا عن المسؤوليات النضالية وهي استهانة بهياكل الأحزاب وتملّص من الواجب الحزبي.

والاستقالة هي تعبير عن انعدام شرط تكافئ الفرص داخل أحزاب المعارضة حيث لا تخضع المسؤوليات الحزبية في أغلبها إلى منطق الاستحقاق وإلى منطق المحاسبة. فمدى قربك أو بعدك عن القيادة هو الذي يحدّد حجم وجودك الحزبي. وتجد هذه الظاهرة حضورا لافتا في المناسبات الانتخابية، فمع بعض الاستثناءات، يسيطر المقربون من القيادة على رئاسة القائمات الحزبية مثلا وتتداخل المصالح بالعلاقات الذاتية وغيرها من العلاقات.

ولا شكّ أنّ هذه الأحزاب تعيش حالة تيهان سياسي بتغاضيها عن مناقشة قضاياها الداخلية بكلّ مسؤولية وجرأة بمنأى عن الشعارات التى لا نحمل معنى ولم تعد قادرة حتى على إقناع رواد الأقسام التحضيرية السياسية.

 فأغلبية الناخبين التونسيين فقدوا الثقة في غالبية هذه الأحزاب التي باتت تمثل عبئا على الدولة، وقدرتها على الاستقطاب محدودة، وخطابها آخذ في الترهل، وشبابها على قلّته يعاني التهميش والإقصاء، وصحفها فاقدة لكلّ هوية، وهي غائبة بامتياز في كلّ القضايا الوطنية وغير قادرة حتى عن الدّفاع عن مواقفها بكلّ وضوح.

 حالة من الارتباك تسود هذه الأحزاب بدت في التبشير بوجود قوى شدّ إلى الوراء تعيق نموّ المنوال الديمقراطي الوطني دون تحديد لهذه القوى. واتّهام هذه القوى بأنّها أحد أسباب ضعف المعارضة وعدم انتشارها. وهذا التبشير بوجود قوى خفيّة وسحرية هي إحدى الحروب الوهمية التي تخوضها بعض المعارضات وتحاول من خلالها تصدير أزمتها الداخلية وخلق أعداء وهميين.

ومن المفارقات  أنّه رغم توفّر كلّ إمكانات العمل السياسي وتوفر كلّ إمكانات المشاركة في الحياة العامة بما وفرته الدولة من فضاءات على المستوى التشريعي و غيره فإنّ بعض هذه الأحزاب لم يستطع مواكبة هذا السياق الديمقراطي لأنّها ما تزال عاجزة عن استعاب شروط العمل الديمقراطي ولم تتخلص بعد من عقلية الأب / القائد المدرك لكلّ شيء والمتحكم في كلّ شيء والعارف بكلّ شيء ولولاه لكان الحزب نسيا منسيا.

شوقي بن سالم

إعلامي  


 

عربيا وتونسيا : بين الحكم والمعارضة نسف لحقيقة المشهد العام …

 
مرسل الكسيبي*: لابد أن نقف مع اطلالة كل سنة جديدة على حقيقة أوضاعنا العربية بكثير من الموضوعية والانصاف , فبين نظرة عدمية ترى في المنجز العام مجرد دعاية حكومية سمجة وبين نظرة دعائية ترى أنه ليس بالامكان أحسن مما كان …, بين هذين النظرتين يقف الرأي العام العربي مشدودا لواحد من الفريقين المتشابكين وهما السلطة والمعارضة . اعلامنا وسياستنا : “ياأبيض ياأسود” ! سلاح الاعلام والسياسة لدى الفريقين قد غدى واجهة لتكريس مقولة تتهم الأنظمة بأنها “لاتصلح ولاتصلح” كما هو في الخطاب المعارض , أو لتكريس الواقع القطري والاقليمي الحالي دون نسبية أو تطوير أو طموح نحو حياة سياسية وحقوقية واعلامية وثقافية وتنموية أفضل . خطابان سياسيان واعلاميان لم نجني من ورائهما عربيا واسلاميا الا مزيدا من الاحباط والتيئيس والانقسام الاجتماعي , اذ أن الصورة قد غدت بالنظر الى هذين النهجين الفاسدين صورة ثنائية اللون , لانرى من خلالهما أوضاعنا العامة الا عبر عدسة الأبيض والأسود التي تجاوزها الكون منذ أن شهد العالم اكتشاف الشاشة الملونة , ومنذ أن انهارت اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوفياتي وصحيفة البرافدا نهاية الثمانينات مع زحف ثقافة “الغلاسنوس” و”البروستريكا” , وهيمنة اصلاحات غورباتشوف ومراجعات خلفه الراحل بوريس يلتسين . ” أنت معنا أو أنت بالضرورة ضدنا ” ! : المشهد الاعلامي والسياسي بثنائيته التعبوية المدمرة ” أنت معنا أو أنت بالضرورة ضدنا ” , تلخصه اليوم بالجمهورية التونسية حالة الانقسام العميقة بين السلطة والمعارضة , حيث نقف اليوم بين طرحين فيهما كثير من الاجحاف والشمولية , فبين نهج دعائي يرى في التجربة التونسية منتهى الجمال والكمال في مختلف أوجه الفعل والحياة وهي رؤية التيار الشعبوي داخل أجهزة ومؤسسات الحكم – مع الاعتراف بوجود تيار اصلاحي حاكم يقر بثغرات حقوقية وسياسية واجتماعية واعلامية ينبغي سدها – , وبين جهاز اعلامي وسياسي معارض لايرى في تونس الا زنزانات واعتقالات وتجربة للاضطهاد الأمني والسياسي والحقوقي وهو مايجانب من خلال تفحص الحقائق والأرقام مكاسب تنموية حققت تونس بموجبها ريادة افريقية ومغاربية يغفل عنها المعارضون جحودا أو قصدا في الوسائل . التقييم المعارض وان كان سليما وصادقا في وصف عموم ومفاصل الحالة الحقوقية ووضع الحريات الخاصة والعامة الا أنه لايمكن أن يقدم تونس للعالم صحراء قاحلة أو حالة من الخراب التي تحتاج الى اعادة التأسيس الشامل , وهو مايوحي للعالم بأنه أمام رواندا جديدة أو كونغو ديمقراطية في مرحلة انتقال الحكم الى كابيلا الابن ! … مشهد مغالط يتنكر لمنجزات التونسيين وتضحياتهم وابداعاتهم في مختلف حقول العطاء والنهوض والمعرفة , ليجعل من تونس صورة بشعة لدى الخارج لايتلذذ برؤيتها الا المرضى والحاقدون … انها باختصار تقييمات فاسدة لايمكن تعميمها على الرأي العام من أجل تغيير المشهد السياسي أو الحقوقي العام من خلال تصوير البلد على أبواب ثورة القرامطة !!! اننا نسعى بلاشك الى ايقاف حالة النزيف الحقوقي أو حالة الانغلاق السياسي مع استجماع شروط الاصلاح الديمقراطي لكن ليس بأساليب التلبيس أو اشاعة حالة التيئيس والاحباط من خلال تشكيك التونسيين في تاريخهم وعراقتهم وحضارتهم وقدراتهم العلمية والتنموية… البروبغندا أو الاعلام الموجه أو الرغبة في مخادعة الجماهير : قد يخولني موقعي كاعلامي وسياسي مستقل رؤية الأمور بكثير من التجرد والموضوعية وهو مايغيب عادة عن التقييمات المتحزبة التي لاترى الأمور الا بعدسة الاخر الحزبي , اذ كثيرا مايكل المتحزبون رؤية الأمور وتقييماتها للزعيم أو القائد أو الى من هم في مقام النخبة التنظيمية التي تخفي المعلومات والأرقام وقواعد البيانات عن الرأي العام من أجل توفير مبررات المساندة المطلقة أو المعارضة المطلقة بين الجماهير … نقف اليوم تونسيا أمام فريقين فاشلين في ادارة العمل الاعلامي من خلال الترويج لمنطق الدعاية أو منطق التشويه الذي يغيب الصورة المتوازنة عن الجمهور , فبين جهاز اعلامي سلطوي يريد أن يروج للمنجزات دون حديث عن النقائص والاخلالات والخروقات في حق الحريات والتنمية السياسية , وبين فريق معارض لاهم له من خلال اليات العمل الاعلامي الا قنص العورات وتضخيمها وفضح الخروقات وتوظيفها في اطار علاقة مرضية لاتهدف الى الاصلاح والتطوير بقدر ماأنها تهدف الى اغتنام الفرص وقنص المواقع السياسية حتى ولو كان ذلك على حساب الوطن والمواطن …! الاعلام المعتمد غالبا لدى الفريقين هو اعلام البروبغندا , التي تقوم بالدعاية لواحد من الفريقين دون النظر الى نسبية التجربة الانسانية وعدم اكتمالية الفعل البشري , أو نحن بعبارة أهل الاختصاص أمام اعلام تونسي موجه يذكرنا بحقبة الاعلام لدى المعسكر الشرقي أو باذاعة الشرق الأوسط أو صوت القاهرة أيام الرئيس الراحل جمال عبد الناصر أو حتى بنمط اخر من الاعلام الموجه هدف الى تعميم منطق نهاية التاريخ وهيمنة أسطورة فوكوياما المتراجع عنها لاحقا تحت سطوة ثراء العولمة وتعدد الثقافات وتنوع الخصوصيات … المشهد ببساطة وانصاف : بدون الخوض في شروط النهضة فلسفيا , فان الساحة العربية والاسلامية لاتحتاج اليوم الى أنبياء جدد , فقد مضى عهد الأنبياء والرسل عليهم من الله تعالى أطيب وأزكى الصلوات والتسليم , بل انها تحتاج الى قيادات وطنية وقطرية فكرية وسياسية صادقة مع ربها ثم مع شعوبها, حين تصارح الجمهور في غير تقزيم أو تضخيم بحقيقة الأوضاع بعيدا عن البروبغندا أو المغالطة أو المزايدة أو منطق التشفي والانتقام . الاعلام أمانة عظيمة أمام رب العالمين ثم أمام شعوبنا ومن ثمة فلابد أن يكون أقرب الى ملامسة حقيقة أوضاعنا دون اشاعة منطق اليأس أو ومنطق الغش من خلال الحديث عن درجات بلوغ الاكتمال , وهو ماننشده اليوم من قنواتنا التلفزية ومن اذاعاتنا المحلية والوطنية والقومية ومن صحفنا الموقرة ومن شبكاتنا الاعلامية الاليكترونية ومن وسائل الاتصال عموما في علاقتها بالجماهير المستهدفة . الاعلام ينبغي أن يكون عين الحاكم الصادقة على وضع المحكوم وعين المحكوم المنصفة على الظروف والاكراهات التي يمر بها الحاكم مع التنبيه الى مواطن الظلم أو الجور ان وجدت دون اشاعة أجواء الكراهية أو التحريض أو تحويل وسائل الاعلام الى أدوات لجلد الذات أو ضرب المكتسبات الوطنية أو أدوات لصنع الصنمية وتكريس منطق “أعل هبل” في زمن دولة القانون والمؤسسات والحكم الجماعي الرشيد .   *رئيس تحرير صحيفة الوسط التونسية :  reporteur2005@yahoo.de (المصدر: صحيفة “الوسط التونسية” (ألمانيا) بتاريخ 01 جانفي2007)


 

تحقيق حول تونس نيوز

 ( النسخة الصحيحة والمنقحة )
 
الطاهر العبيـــــدي  

إن كان الكثير عارض رسالة الاستئذان بالانصراف لفريق تونس نيوز، فالقول الأصل من منظورنا أن هؤلاء لهم الحق أن يستريحوا بعد طول السفر، وبعد كل هذا الجهد والعناء، وخصوصا بعد أن فشلنا نحن أن ننتبه إلى أن هؤلاء متطوعون منذ 7 سنوات،  
وظللنا في أماكننا نستهلك مجانا دون أن نحس، ودون أن نساهم واقعيا وماديا في تثمين هذا الجهد، لا نقدّر معنى المعاناة ومعنى التضحية التي قام بها المشرفون هم وعائلاتهم، وأعوام الحرمان من العطل والراحة، والهواجس المستمرة وانعكاسات هذا العمل النضالي المستمر على أوضاعهم الاجتماعية، حيث إلى جانب شغلهم اليومي الذي يقتاتون منه، والذي نعتقد انه ليس تنزها في غابات فرساي، أو فسحة في حدائق استكهولهم، ينضاف لهم حمل الإشراف على نشرية يومية، تستنزف ما تبقى من وقت مختلس على حساب كثير من المصالح العائلية، وفوق هذا هموم المنفى وهموم نسق الحياة الأوروبية السريع…لجس نبض قراء تونس نيوز أجرينا هذا التحقيق  حول رسالة الاستئذان بالانصراف لفريق تونس نيوز، والتعليق على قرار المشرفين غلق الموقع في شهر أفريل القادم، وقد طلبنا من المتدخلين أن لا يتجاوز الرد 5 أسطر، لتشريك عدد كبير من القراء، وللتسهيل عليهم، غير أن هناك من التزم بهذا الطلب وآخرون لم يستطيعوا الاختزال مع الملاحظة أن نشر الأجوبة ، دون أي ترتيب تفاضلي، وفيما يلي أجوبة السيدات والسادة مشكورين الذي لم يتأخروا في التجاوب مع تحقيقنا…   
    

**************************** أسرة السبيل أونلاين. نت  / www.assabilonline.net مثلت نشرية تونس نيوز فضاءا جمع التونسيين بمختلف تناقضاتهم الفكرية والسياسية على مدى أكثر من 7 سنوات، كما نقلت النشرية الواقع التونسي الصعب، وتابعت ما كتب عنه على شكبة الأنترنت، وهو جهد يومي شاق ومميز، جزا الله الإخوة القائمين عليه جزيل الأجر والثواب، ونحن لا نستطيع في هذا الاختصار أن نوفيهم كل حقهم، ولقد حملت لنا رسالة احتجاب النشرية شعورا عميقا بالأسف وحتى الغضب، رغم أننا نتفهم تماما الظروف التي دفعت بالإخوة القائمين على النشرية إلى قرار الاحتجاب، ونحن نكبر فيهم تأجيل الانصراف، وإننا في أسرة موقع السبيل أونلاين نت نهيب بهم أن يتخلوا على فكرة الانسحاب من أساسها، ونحن نمد إليهم أيدينا للتعاون بما يخفف عنهم مشاق العمل اليومي، وييسر لهم الاستمرار، ولهم في تخيّر أشكالا أخرى من العمل الإعلامي مندوحة عن الانصراف. ****************************

مية الجريبي / الأمينة العامة للحزب الديمقراطي التقدمي

في أحد أيام ما أصبح يكنى بسنوات الرصاص، منذ سبع سنوات خلت قرر مجموعة من الوطنيين كسر طوق التعتيم وإضاءة شموع التواصل بين المناضلين، بين المغتربين، بين الداخل و الخارج، بين التونسيين أيا كانت رؤاهم و مشاربهم. قرروا تجاوز الإحباط و جعلوا من الاختلاف ثراء وفتحوا صفحات مجلة الكترونية للخبر، للتحليل، للانطباع، للرأي وللرأي المخالف. هل كانوا واعين آنذاك أن مبادرتهم ستحتل هذا الحيز في المشهد الإعلامي والسياسي التونسي؟ لا تتسنى لي الإجابة، لكن الأكيد أنهم كانوا يمارسون قناعة أساسها الواقف في مكانه متقهقر وأساسها ضرورة الفعل الإيجابي في مواجهة الظلام والاستبداد. نشروا المعلومة، وفروا فضاءات للجدل، أثبتوا حيادهم وتفتحهم على الجميع، ومع مرور الأيام أصبحت تونس نيوز مرجعا ضروريا للآلاف من المناضلين ولمتابعي الشأن العام بل ومعطى وطنيا يؤكد يوما بعد يوم أن الثبات والاطراد والانفتاح لا بد وأن يؤتي أكله ولا بد أن يؤسس للإيجابي ويبني للمثمر مهما كانت الصعوبات ومهما كانت النقائص والهنات. وهل يخلو أي عمل بشري من النقائص؟ قرر إخواننا الأجلاء إيقاف المسار (على الأقل في شكله الحالي) فما عسى أن يكون تفاعلنا غير تجديد الشكر الجزيل لهذه الإضافة النيرة في رصيد النضال التونسي،  وغير الألم ثانيا لهذا القرار الصعب،  وغير الأمل ثالثا في أن نراهم يعدلون عن هذا القرار وإن استوجب ذلك تغيير الصيغة الحالية أو إعادة صياغتها، المهم أن تتواصل هذه التجربة رسالة لكل من ظن أو يظن يوما أن الظلام لا يبدد، رسالة مفادها أن شموع الأمل لا بد وأن تنير الليل المدلهم طال الزمن أو قصر. **************************** كمال العبيدي / صحفي/ واشنطن  ترددت كثيرا قبل تلبية رغبتك في التعليق على رسالة الاستئذان بالانصراف لفريق تونس نيوز لسببين: أولا، لأنك عبرت في مقال جميل عما شعر به العديد مثلي من مرارة وحسرة إزاء قرار بغلق موقع يحمل “أحلام المنفيين والمهجرين والمشردين” وينطق باسم المعتقلين والمحاصرين منذ عشرين عاما في نفق السابع من نوفمبر.  ثانيا، لأني أتصور أن هذا الفريق الذي ضرب منذ عام 2000 مثالا رائعا في التضحية  والإيمان بالحق في حرية التعبير والتواضع  والوعي بقدرة التونسيات  والتونسيين على التخلص من الاستبداد  اتخذ هذا القرار الصعب لأسباب قاهرة.   أتمنى ألا تنطفئ شمعة تونس نيوز في أفريل القادم لأنها أصبحت ملكا ورمزا لتونس المتعطشة للحرية. واني على يقين أن الفريق المؤسس والراعي لهذا المشروع الرائد لقادر على تأِمين استمرار توهج هذه الشمعة حتى خروج تونس من نفق لا يقل خطورة عن نفق الاستعمار الفرنسي. ********************************* فريق تونس أونلاين / www.tunis-online.net بداية من أماكننا نشكر جزيل الشكر زملائنا في تونس نيوز، الذين قدموا تضحيات لا تقدر بثمن، ونحن ندرك جيدا ما معنى العمل التطوعي، لأننا مكتوون بنفس ما يكتوي به أصدقائنا الأعزاء، وسوف لن نسكب معاناة الإخوة في تونس نيوز، لأن الصورة جلية وواضحة للعيان، ويكفي أن تستوضحوا نساء وعائلات المشرفين على الموقع كيف يقاسون من ” تكهب” أزواجهم ليليا على الحواسيب، وبأي ثمن ترتب وتصفف وترسل النشرية… وما قدمه فريق تونس نيوز هو دين في رقبة كل تونسي حر، ونحن في تونس أونلاين لا نعتبر أنفسنا منافسين، أو من المبتهجين حين تغلق تونس نيوز، بل أحسسنا بالأم لما قرأنا رسالة الانصراف التي كانت رسالة راقية جدا وكتبت بروح عالية فيها من الحرقة والألم والتعب، وستبقى تونس نيوز في نظرنا مدرسة إعلامية رائدة، وتجربة محترمة جدا، ولا نتمنى أبدا أن تغيب عن الساحة فوجودها إثراء وعطاء وتنمية لتعدد الآراء…     **************************** بلهاء بوجادي ربما أكون بسيطا لأني لم أر أي غرابة في قرار المسئولين على تونس نيوزن الذين فسروا خطوتهم بالتعب نتيجة لعمل متواصل دام سنوات، ولكن حين تطرح عليّ السؤال ينتابني الشك والتفكير، هذا وإني أكن احتراما كبيرا لهذا الفريق بل وإكبارا،  ما هو غريب هو تزامن ” توقف مجلة الجرأة” هذا الفضاء الآخر الحر، وانفتاح قناة المستقلة على بعض رجال النظام ليتحدثوا لأول مرة مباشرة. أتمنى أن لا يكون بن علي قويا، للحد الذي يسيطر فيه على كل  شيء بما فيه الانترنيت وكل الفضاءات الافتراضية. *************************** جوزيف غطاس كرم / كاتب لبناني من موقعي أقدم تحيات إكبار إلى هيئة تحرير تونس نيوز  دون معرفة شخصية لهؤلاء الفرسان الأشاوس، الذين يعملون في صمت وبأخلاق مهنية، بعيدا عن الثرثرة والضجيج والغوغائية الإعلامية،  وأكبر فيهم الانفتاح والمساهمة في تنمية الحس بالقضايا الإنسانية، والشعور بأهمية مبادئ حرية الإنسان في هذا العصر الذي تتراجع فيه أجمل القيم، كما أقدر حقيقة معاناة هؤلاء المجاهدين، وما قاسوه ويقاسونه من هموم العمل التطوعي وآثاره النفسية والعائلية، ولا ننسى أنهم إلى جانب ما حققوه من تأسيس فضاء إعلامي يحترم البشر، فإنهم ساهموا بنفض الغبار عن أقلام واعدة، وكتاب قد يغيرون خرائط الاستبداد الفكري، وكلنا أمل أن يواصلوا الظهور بعد أن يكون التونسيين وغيرهم قد أدركوا حجم معاناة العمل التطوعي… *************************** حسن الأمين / مشرف موقع ليبيا المستقبل / www.libya-almostakbal.com سوف نبقى هنا…. في الوقت الذي نحن في أمسّ الحاجة فيه لمنابر حرة مناضلة من أجل حرية الإنسان العربي المكبلة وحقوقه المغتصبة وكرامته المهانة، يغادرنا منبرا تابعنا فيه صور الواقع العربي الأليم وأصوات الأحرار من خلف القضبان، وتفاعلنا من خلاله مع معاناة الأوطان الأسيرة لحكم الطغاة. وإننا نناشد الرفاق بتونس نيوز أن يعيدوا النظر في قرارهم بالمغادرة، ومن ثم مواصلة المسيرة من أجل غد أفضل لشعوبنا المتعطشة للإنعتاق. *************************** خميس الشماري بادئ ذي بدء، أود أن أسوق ملاحظة أولى، لها أهمية قصوى في رأيي: إذ لا تعز الأشياء إلا عند افتقادها، ولعل هذا هو الشعور الذي عم لدى المتابعين والمتصفحين على مدار سنوات لصفحات “تونس نيوز”، يوم قرر القائمون على هذا المشروع الإعلامي النوعي، التوقف ثم الإمهال لبعض الأشهر حتى يركنوا إلى قرارهم الأصلي لإنهاء المغامرة… ثم ملاحظتي تستوجب كذلك الدعوة للتوقف للتفكير فيما تعنيه هذه التجربة؟ حيث سقطت معها عديد المزايدات والدغمائية الطفولية، لأنها تأكدت كتجربة إعلامية رائدة، حازت الإجماع الواعي وغير الواعي، اهتماما ومتابعة واعترافا حتى من أولئك الدغمائيين، تجربة إعلامية في خدمة كل الناس، مفتوحة على كل الناس، وأشرف على حظوظها فريق له قناعاته السياسية والعقائدية الخاصة به والتي لم تتداخل يوما مع موضوعية الرسالة وديمقراطية المنبر، وهي حالة تدعو البعض لمراجعة مسلماتهم وأحكامهم المسبقة والظالمة.هذا لا يعني بالطبع، عدم شعورنا في أحيان عديدة، بأن محتوى النشرة قد يكون جانب التوازن المطلوب، إذ كان لحضور بعض المساهمات الفكرية والسياسية المحافظة ثقل ومساحة أحرجاني من حين لآخر.أما في خصوص قرار الفريق بالتوقف، فهو أولا قرار خاص بهم، ولا يستدعي مني سوى التقدير والاحترام باعتبار حقهم المشروع والذي له مبرراته الموضوعية والذاتية والتي لا تشرع لي مناقشتها أو الحكم عليها. أما المستوى الآخر فهو التقدير السياسي والذي مفاده أن تجربة صحيفة إخبارية في خدمة الحرية في تونس، هي وسيلة إعلامية أظهرت مغامرة “تونس نيوز” ضرورتها وإمكانيتها، فلا يحق لنا، كلنا، عدم أخذ الموضوع بالجدية والحرفية اللازمتين، لعدم وأد الحلم، بل على العكس من ذلك ، علينا الاجتهاد للبناء على إسهامات فريق “تونس نيوز” وإضفاء المعنى لمواصلة المشروع بالأشكال المناسبة، والإبقاء على موقع إعلامي جامع ومرجعي لمواصلة كسر جدار التضليل والتعتيم، لخدمة الحريات، كل الحريات وكامل الحقوق لكل التونسيات والتونسيين.كذلك ، وبكل تواضع وصدق، فإني كانسان مهموم بالإعلام وعارف – عن تجربة طويلة – لأهميتها الحاسمة لتقديم موعد بزوغ فجر الحرية في بلادي، فإني على استعداد (وبالشكل والسبل التي يرتئيها فريق “تونس نيوز”) لإبداء رأيي التفصيلي والعملي حتى لا تخسر تونس فضاء إعلاميا، أظهرت الوقائع ضرورته وحيويته، ثم وفي الأخير، وإذا ما قدر لهذه التجربة وفي شكلها الحالي، أن تنتهي، فإن إيماني راسخ بأن شبابنا، بنات وأبناء تونس الحريات والحقوق، لقادرون على الإبداع ومفاجأتنا بفضاء إعلامي يستأنف المسيرة المضيئة لـ”تونس نيوز” وبالانفتاح والتسامح والعقل التجميعي والحرفية المطلوبة. *************************** د منصف المرزوقي / رئيس حزب المؤتمر من أجل الجمهورية البداية التنويه بالعمل الجبار الذي قام به فرد واحد  والتعبير له عن الامتنان والشكر المشكلة أن هذه النهاية تتزامن مع وقف صدور  مجلة الجرأة بالفرنسية في باريس لنفس الأسباب  عزلة الصحافي وانعدام الدعم الأدبي فما بالك بالدعم المادي  مؤشران من بين مؤشرات كثيرة على حالة الإحباط الشاملة نتيجة تفكك وتذرر وتهميش كل قوى الخير. نعم نحن في طور انحسار سياسي ثقافي إعلامي وهنا يظهر المعدن الحقيقي للرجال والنساء : رمي ما بقي في أيدينا من أسلحة والهروب أو التجند والتجديد لأن الحرب سجال  وفاز بالنصر الصبور. *************************** الطاهر الأسود / باحث / كندا في الحقيقة لازال يبدو لي قرار إيقاف الرسالة (ثم العودة والإشارة إلى الانصراف في موفى شهر أفريل القادم) غامضا. وهذا لا يعني التشكيك في صدقية ونزاهة هيئة تحرير تونس نيوز على غرار بعض التحاليل المؤامراتية الساذجة والمرضية التي لاحظتها في بعض المواقف والتي كادت أن تصور النشرة ذاتها بأنها مؤامرة من قبل السلطة على المعارضة. لكن ذلك يعني أن القدرة على تقييم أي قرار من المشرفين على تونس نيوز صعبا للغاية من دون معرفة كل ملابسات أي قرار بالاستئناف أو الانصراف. ما يجب أن أشير إليه هو الداعي الذي يجعل النشرة ضرورية جدا في أعين الكثيرين. ومن دون تكرار بعض العوامل المعروفة أود التركيز على عاملين محددين: أولا أن النشرة أصبحت أهم مصدر إخباري للمشتغلين في الحقل السياسي والإعلامي داخل تونس هذا عدى عن خارجها. وأهمية الداخل التونسي هنا أهمية قصوى. والنقطة الأساسية التي جعلتها كذلك هي صيغة المراسلة الالكترونية التي تخترق حجاب الرقيب. فموقع النشرة ربما يكون مهما للاطلاع على الأرشيف لكن حتى في حالة قرصنته تبقى صيغة المراسلة هي أهم ما في تونس نيوز. ثانيا، الثقة التي نجح في صنعها المشرفون على النشرة والتي جلبت إليهم مراسلات أطراف ومصادر أساسية في الشأن التونسي. أعتقد أن المشرفين على النشرة واعون تماما بهذا الدور غير المسبوق و الاستثنائي في المشهد الإعلامي الراهن ولهذا تحديدا يعرفون أن هناك مهمة أخيرة يتعين أن يقوموا بها: تهيئة الظروف إما لإيجاد هيئة بديلة أو نقل خبرة الهيئة لإطار جديد مشابه. بقيت لي كلمة أخيرة: يجب أن أشير أن بداية مشواري في الكتابة في قضايا الشأن السياسي على الانترنت تحديدا كانت مع موقع تونس نيوز. وأعتقد أني لست الوحيد. و من هذه الزاوية يستحق فريق تونس نيوز مني ومن غيري كل التبجيل ليس لتبليغ المعلومة فحسب بل للمساهمة في صناعة كتابة إلكترونية أضحت من أهم ظواهر اللحظة التونسية الراهنة.   **************************** خميس الخياطي / صحفي مراسل إذاعة مونتكارلو الدولية  فيما يخص تونس نيوز، أعترف أنها أصبحت من حاجياتي الإعلامية اليومية حتى وإن لم أكن من المؤمنين بنهجها الإسلاموي ورؤيتها التجميعية غير النقدية لما يخص بلادنا، ذلك أنها في عديد الأحيان إن لم يكن في أغلبها، لا تنشر إلا المقالات الصادرة عن التيار “السياسي-الديني” التونسي دون تمحص وروية. أعرف بأن ذلك ليس مهمتها، ولكن بما أنها أصبحت تؤثر على بعض الأطراف، من واجبها اليوم أن تتحلى ببعض الموضوعية لا غير. أما أن تترك الحلبة لأسباب لا أجهلها، فذلك غير محبذ البتة. **************************** الدكتور فتحي التوزري  لقد لعبت تونس نيوز في الفترة السابقة دورا رياديا و ايجابيا وبناءا في إثراء المشهد الإعلامي، وتوسيع مجال الحوار والنقاش حول القضايا الوطنية والقومية والدولية، وهي في ذلك مشكورة خاصة بالنظر إلى حجم المجهود والتوفيق في ما لم ينجح فيه غيرها، من حيث فسح المجال بحرية غير معهودة للتعبير عن الأفكار و الرؤى. لذلك أرى من المؤسف أن يغيب هذا المنبر وإن كنت أتفهم الدواعي الذاتية الناتجة عن ثقل المسؤولية. سوف تكون خسارة كبيرة لقرائها ومتصفحيها وأتمنى لو يتواصل الموقع وإن بنسق أقل لتخفيف العبء على القائمين عليها.  وأستغل هذه الفرصة للتعبير عن تقديري وامتناني للعمل الجبار الذي قاموا به في سبيل إعلام حر والارتقاء بالحياة الحوارية إلى مستويات أرقى. . أتمنى لهم كل التوفيق و أشكرهم مجددا. ************************** محمد بحر / فنان ملتزم أنا مع حرية التعبير المطلقة، ومع أن تونس نيوز تستمر إلى جانب تحسين أدائها الإعلامي. ************************** محسن الجندوبي / ألمانيا * الإخوة في تونس نيوز يشعرون أنّ الأوضاع تغيّرت وأنّنا نستشرف مرحلة جديدة، أنا أحترم قرارهم ولكن في تقديري هناك شركاء لهم (القرّاء) وعليهم الاستماع إليهم. *رسالة تونس نيوز  وبشكلها الحالي  تقدّم خدمة إعلاميّة لا تستطيع المواقع الأخرى تقديمها أنا ضدّ إغلاق الموقع. ************************** احمد قعلول / باحث / بريطانيا إن تونس نيوز كعمل إعلامي يعتبر فريدا في ذاته ومنهجه الإعلامي وقدرته على اختراق جدار الصمت الذي طوقت به السلطة البلاد والعباد. وبصفته عملا تطوعيا فإن استمراره كل هذه الفترة أمر يستحق الإعجاب والتقدير، وما يزيد المتابع إعجابا بالعمل هو إصرار أهله على الحفاظ على غياب أشخصهم عن المشهد وعدم تسرعهم، عكس غيرهم، إلى محاولة الأكل من ثمار شجرتهم النضالية، وهذا في رأيي ما يزيدهم احتراما وتقديرا. أما عن انصرافهم وهو من حقهم- فان ذلك يعبر عن عجز مناضلي تونس، بالمهجر خاصة، عن الحفاظ عن تأسيس أي عمل وتحقيق نجاحات تمكنت من تحقيقها جاليات مهجرة غيرنا لعلها اقل عددا وعدة. ************************* محمد معالي/ صحفي لما فوجئت بـ”الاستئذان بالانصراف” الصادر عن فريق”  تونس نيوز” في صندوق بريدي الإلكتروني انتابتني مشاعر جد متناقضة… أليس هذا “الاستئذان” نتيجة طبيعية ومنتظرة؟..  مشروع شجاع لمجموعة من الأفراد ضحوا بالكثير على امتداد سبع سنوات وسبعة أشهر كاملة… وكم كانت ثرية بحق هذه التجربة في وضع إعلامي وطني يدعو إلى الاكتئاب…ولكن إن لم يطلبوا “الإذن بالانصراف” اليوم فسيكون ذلك غدا… وتذكرت هنا تجارب أخرى مماثلة مثل تجربة “أطروحات” الثمانينات التي لم يبق منها سوى بعض ذكرى تبتعد عنا كل يوم أكثر… وألح علي السؤال: متى سنتجاوز وضعا تقوم فيه مشاريعنا الإعلامية الأكثر طرافة على تضحية حفنة من الأفراد ولكن كل شيء ينتهي بوصول هذه المجموعة إلى نقطة ما من الرحلة تطلب فيها الإذن بالانصراف؟… أما الجواب فلا يزال بعيدا عن متناول يدي… ******************* محمد الفوراتي / صحفي يعتبر غياب تونس نيوز عن الساحة الإعلامية خسارة كبيرة للمواطن التونسي، وخاصة داخل البلاد. فقد مثل هذا المنبر النافذة الوحيدة تقريبا لآلاف التونسيين من مختلف المشارب الفكرية والسياسية طيلة سبع سنوات عجاف. وكان ملجأ لكل المظلومين والمحرومين. ويمكنني القول أن غياب هذا المنبر يعتبر بمثابة الكارثة لأنه سيترك الكثيرين يتامى، حيارى، غرباء، وتائهين. ليس المقام للنحيب فمن حق من قاموا على هذا المشروع أن يستريحوا، وأن يلتفتوا إلى أسرهم وأطفالهم، ولكن من حقنا أن نحلم، وليس من حقنا أن نغتال صرحا يطل منه التونسيين على المستقبل. يجب علينا جميعا أن نفكر في آلية جديدة ليتواصل هذا المنبر، إما بتسليمه لفريق جديد يختاره أصحاب المشروع أو بتدعيم الفريق الحالي بطاقات جديدة، وهي موجودة توفر لهم الوقت الكافي للاهتمام بحياتهم الخاصة. المهم والأهم أن لا تتوقف تونس نيوز.   **************************** نجيب البكوشي / باحث في الفلسفة في اعتقادي ومن خلالي متابعتي لمسيرة تونس نيوز، التي حققت مصداقية كبيرة، ونجحت في خلق فضاء إعلامي حر، وفسحت المجال لكل التشكيلات السياسية والفكرية للتعبير عن طروحاتها بلا تحفظ ، مما جعلها تحضى باحترام مختلف الأطياف، وصارت معتمدة ومتخصصة في الواقع التونسي، وساهمت في اختراق جدار الصمت حول السجون وقضايا الحريات، وربطت بين الداخل والخارج ، بالإضافة أن الفريق حافظ على الاستقلالية ورفض التحزب،  غير ما يحزن هو أن الناس تجد النشرية جاهزة، ولا يسألون أن المشرفين عليها غير متفرغين، فهم متطوعون ينفقون من جيوبهم ومن وقتهم، فلو كان كل واحد منا ساهم بواحد أورو كل شهر لفائدة القائمين على الموقع، لتسنى لهم المواصلة والتفرغ، ولربما تحولت تونس نيوز إلى فضائية، تنافس الفضائيات العملاقة، فشكرا لفريق تونس نيوز الذي أعطى درسا في الإعلام الموضوعي.    **************************** فتحي بالحاج  / رئيس الملتقى الثقافي العربي الأوروبي /  ومشرف موقع المسيرة َ www.almacira.com لعبت تونس نيوز دورا غير منكور في تجاوز وضع الإعلام الراكد، فقد دفعت بالحوار بين المهتمين بالشأن العام المعارضة وغيرها، وحتى بين أجنحة التيار السياسي الواحد. إن النواقص التي صاحبت التجربة غير ذات أهمية مقارنة بالدور الذي لعبه الموقع في فتح الحوار بين مكونات المجتمع السياسي في تونس. لقد أصبح الموقع منبرا لكل التيارات الفكرية في تونس، ومكانا للتفاعل في ظل انغلاق الوضع العام. إني أحيّي المشرفين وروحهم النضالية المنفتحة.  نعتقد أن تونس نيوز لم تعد ملكا للذين أسسوها، قد نتفهم  معاناة المشرفين وحالة الإرهاق التي قد تكون أصابتهم  بعد أكثر من سبع سنوات من العمل التطوعي، بحكم أن التغيرات الاجتماعية  بطبيعتها  بطيئة.  “لكن ليس من حقهم” وأد هذا المولود بهي الطلعة، ” الذي يصبّح فيه كل تونسي” مهتم بالشأن السياسي.  إننا نطلب من المشرفين “الغير المعلنين” أن لا يوقفوا الرسالة وأن يسلّموا الأمانة لأيادي أمينة. ولما لا “لمجلس استشاري” يعبر عن الحساسيات السياسية في القطر للنظر في كيفية مواصلة التجربة.؟ وليكونوا “غير معلنين”…   **************************** قاســـــــــــــــــــــم / كندا لن نستجدي أحدا ! و لا داعي للاستئذان بالانصراف ! لسنا بحاجة لأحد ! لا أحد غير قابل للتعّويض ولا أحد يلزم معركة الحرية والكرامة المستديمة! ليعلم الشيخ جيدا، أننا باستطاعتنا صناعة شيخ آخر وثاني و ثالث… وإن لزم الأمر خلقه من تحت التــــراب ؟ الشيخ لا يعني لي شيء ! الأقلام التي صنعته لهي بقادرة على صناعة أفضل منه  .   **************************** لطفي الحجي / صحفي كانت رسالة الاستئذان المفاجئة صدمة مؤلمة لي ولجميع الإعلاميين الذين التقيتهم، باعتبار أنها جاءت دون سابق إنذار، وباعتبار المكانة الأساسية التي أصبحت تحتلها تونس نيوز عند الإعلاميين وعند النشطاء الحقوقيين والسياسيين، الذين يعتبرونها المنبر الأساسي لاستقصاء الأخبار ولنشر أخبارهم في الآن نفسه، لست موافقا على انصرافهم في شهر افريل رغم أنني اقدّر ظروفهم وتعبهم، لابدّ أن يتواصل المشروع حتى وإن تم تطعيم الفريق.  المحاولات التي تسعى لتعويضه هي إلى حد الآن محاولات حزبية لا يمكن أن ترتقي إلى مستوى تونس نيوز، التي كانت منبرا للجميع وذلك مصدر قوتها.   **************************** هيثم مناع / الناطق باسم اللجنة العربية لحقوق الإنسان في الحقيقة لم يخطر على بالي قرار كهذا ولا أخفيكم أنني سألت نفسي أكثر من مرة هل التحرير جماعي أم قلة متطوعة وعرفت أن روح التطوع وراء هذه المهنية الصحفية العالية كلمة الشكر صغيرة أمام سبعة أعوام وسبعة أشهر من العمل اليومي والله وحده يعلم ما معنى الانتظام اليومي في صحيفة أو منظمة تطوعية ويعلم أن الإخلاص فيه يلغي الحياة الخاصة والمطالب الشخصية والمشاريع الموازية أتفهم قرارهم ولكن بكل أنانية ومحبة أقول نحن بحاجة لهذا العمل وحبذا لو يستبدل قرار الاستئذان بالانصراف بنداء إلى كل الطاقات الخيرة لحمل الشعلة في هيئة تحرير جماعية تخفف من الضغط والإرهاق على من قام بهذا العمل بكل أمانة فأعطى بكل تواضع ما يوازي إمكانيات دولة لتقديم خبر آخر وصورة أخرى عن الأوضاع في تونس كل التقدير وكل الاحترام للدرس الذي تعلمنا جميعنا منه من الماء إلى الماء ************************** علي شرطاني  / ناشط إسلامي/ تونس إن الذي يجب أن يعلمه الجميع أن رسالة الاستئذان بالانصراف لفريق تونس نيوز قد هزني والله هزا عنيفا وشعرت أن خسارة كبيرة قد طالت الإعلام ونالت من الشعب التونسي ما نالت وأن ذلك قد ترك من حولنا جميعا فراغا ليس له إلى الآن ما يعوضه رغم كثرة المنابر والمواقع وإني أهيب بالمشرفين على الموقع ألا يفعلوا ذلك وعليهم أن يعلموا أن الإبقاء عليه قد أصبح من حقوق الشعب وأبناء الأمة عليهم وأنهم قد يكونوا آثمين أصلا إن أغلقوه ذات يوم إلا أن يكونوا قد اضطروا إلى ذلك اضطرارا شديدا فعل ************************** عمر الخيّام ” التّونيزيني ” /  إعلامي مونتريال بدأت قصتي مع تونس نيوز بسوء فهم ما زال يضحكني إلى اليوم، فقد أرسل شخص أجهل هويته عنواني الإنترناتي إلى فريق تونس نيوز في أواسط العام ألفين، شهرا أو شهرين بعد هجرتي إلى كندا، ورغم تتبعي للأخبار الممنوعة بواسطة الإنترنت منذ العام تسعة وتسعين بعد اشتراكي في ناديين للإنترنت في سوسة وأريانة فإنّني لم أسمع قطّ بتلك الرسالة الإخباريّة اليومية التي تستقي معلوماتها من تونس وتجمّعها في استوكهولم ثمّ ترسلها إلى مشتركيها في مختلف أصقاع العالم وعندما وصلني أوّل عدد من تونس نيوز ظننته دعاية حكومية فلم أفتح الرّسالة ووضعت عنوان المرسل في خانة العناوين الغير المرغوب فيها، و لم يمض وقت طويل حتى اكتشفت موقع تونس نيوز  انقشعت الغشاوة عن عينيّ، و قد أصبحت منذ ذلك الحين مدمنا على تونس نيوز إدمان جدّتي على قهوة الصّباح “الكانون وبفضل تونس نيوز علمت بولادة طفلة بهيّة الطّلعة سمّاها أبوها تونيزين،”أبوها” التّونسي كان قائد اُوركسترا يبحث عن عازفين، وكنت عازفا ـ مكبوتا ـ يبحث عن مايسترو موهوب، ومن عجائب الأقدار أنّ القائد والعازف لم يلتقيا قطّ، و منذ أن غاب القائد عن الرّكح بقيت أردّد ألحان ماض لن يعود. قد يتساءل البعض لماذا خبت جذوة النّقد والمعارضة و المقاومة؟ لأنّ كلّ ما يجب أن يقال قد قيل ـ تعذيب، تنكيل، نفي، تعنيف، محاصرة، عبادة الدّكتاتور، لغة خشبيّة، رشوة، مافيوقراطية، إلخ ـ و المطلوب لم يعد تشخيص المرض بل العلاج و عند هذه النّقطة يطلع الصّباح و تكفّ شهرزاد عن الكلام المباح، فلا دكاترتنا و لا صيادلتنا المعارضون قادرون على تصوّر برنامج علاج لطرد الزّين وليلى من قرطاج.ولكنّ الدّاء التّونسي لا يتلخّص في الزّين و ليلى بل كذلك في السّرطان التّجمّعي، فحزب الدّستور قد احتلّ الفضاء الجغرافي والسٌياسي منذ نصف قرن لذلك فلن أستغرب استمرار الهيمنة المطلقة لهذا الحزب بعد رحيل بن علي هل تعني نظرتي المتشائمة أن وجود تونس نيوز يتساوى مع عدمها؟ كلا، أبدا، إذ أستطيع أن أقول دون مبالغة إنّ تونس نيوز قد أنقذت عشرات الأرواح البريئة بمجرّد الإعلام بإيقاف الأشخاص أو بتدهور أوضاع الموقوفين و المساجين، باختصار لقد انتصرت الدّكتاتورية انتصارا ساحقا على المجتمع التّونسي ولكن لا تتروكها أبدا تلعب في الظّلام. ************************* عبد الباقي خليفة / صحفي تونسي مقيم بالبوسنة   تونس نيوز من المواقع المشهورة على النت ، ليس في تونس فحسب بل في البلاد العربية والإسلامية، فكثيرا ما يسألني عنها الإخوة العرب. وقد قدمت طوال السنوات الماضية خدمات إعلامية جليلة ساهمت في تنوير الرأي العام في الداخل والخارج، ومكنت القارئ من التعرف على ما يدور في الساحة التونسية، وأهم ما تنشره المصادر الأخرى، وهو ما يتعذر على الكثير من القراء الإلمام به بمفردهم  وعندما تستأذن تونس نيوز في الانصراف بعد هذه السنوات المعطاءة وهذا التألق فإن ذلك يعني أن القائمين على الموقع لا يدركون قدر العمل العظيم الذي يقومون به ، وأننا أحد أسباب القرار الذي وصل إليه، عندما اخترنا أن نكون مستهلكين لا منتجين . ************************** محمد بن جماعة / مهندس كمبيوتر / تونسي مقيم بالخارج أقدّر تماما المجهود المبذول الذي قام به فريق تونس نيوز، وأتفهم صعوبة الاستمرار طوال هذه المدة من العطاء شبه اليومي. وأعتبر أن عمر (تونس نيوز) ليس بعيدا عن متوسط أعمار مواقع الإنترنت غير المحترفة. لذلك فأرى أن قرار التوقف يجب ألا يتوقف عنده كثيرا، وإن كنت أسعد أكثر باستمرار مثل هذا العمل الجاد. كما أعتبر أن من حق أي فارس أن يترجل مهما كان نفسه طويلا. ولا أشك أن هذا القرار لا يمثل استقالة أو تقاعدا، وإنما هو اختيار مرحلي واع وبحث عن آفاق أخرى وفضاءات أرحب. وأرجو ألا يستبطن الإلحاح عليهم بالبقاء أنانية أو تورية للعجز والكسل وإلقاء التبعة على الآخرين. أما ما يستوجب التوقف والتأمل حقا، فهو عدم قدرة التونسيين (لحد الآن) على تجاوز أو منافسة تجربة تونس نيوز لتقديم تجربة أخرى وإضافة من نوع جديد. وفي تقديري أن مسئولية كبيرة تقع على عاتق الطاقات والمواهب التونسية في المهجر، لابتكار أشكال جديدة ومتعددة من العمل الثقافي والإعلامي، بعيدةٍ عن الاستقطاب والتجاذب السياسي المرهق، والممل، والمهدر للطاقة والجهد، والمحوّل للأنظار عن الواجبات الحقيقية والقضايا الأكثر إلحاحا (في أغلب الأحيان وليس كلها)، أشكالٍ جديدة ترتفع بالتونسيين كافة إلى مستوى العصر وحاجاتهم المشتركة. ************************** عبد السلام بوشداخ / أحد المؤسسي الأوائل لحركة النهضة رسالة الاستئذان بالانصراف لفريق تونس نيوز في الأيام الأولى من هذا الشهر وبعد انقطاع دام أياما قليلة، تراجع موقع «تونس نيوز» عن قراره بإيقاف عمل كان قد امتدّ طيلة 7 سنوات و7 أشهر خلت وهذا شأنهم مع العلم انه لم يعلنوا على الأسباب الحقيقية لهذا الإجراء. ويبدو أن التراجع عن التوقف واستئناف النشاط لمدة زمنية ستتواصل إلى غاية 30 أفريل من السنة المقبلة ودائما دون شرح الأسباب هل هي لأسباب سياسية في شكل مقايضة مع النظام أم هي لأسباب مادية؟. ولقد تأسّفت لغياب هذا الموقع رغم أنني كنت من الغير المرغوب فيهم في هذا الموقع لأسباب يعلمها الساهرون على هذا الموقع ومثلما أسفت لغياب مواقع أخرى مثل موقع «تونيزين» للمرحوم زهير اليحياوي سررت بميلاد مواقع جديدة من مثل «الفجر نيوز» و«السبيل أونلاين» وهذا إثراء للحوار وتكريسا للتعدّد. ************************** رابح الخرايفي/ محامي  بجندوبة  / تونس      فهمت أسباب اخذ قرار الغلق التي منها ما هو موضوعي ومنها ما هو ذاتي وتداخلا وهي أسباب معقولة، غير أن غلق الموقع هو خسارة كبرى لنا كتونسيين سواء في داخل البلاد أو خارجها، لقد كانت  الصحيفة مصدر ضغط ومعلومات للحكم في ذات الوقت، ومتنفس للتونسيين  وكسر للحصار الإعلامي. انه من المفيد أن لا يبقى العبء على فرد أو مجموعة  محدودة يثقل كاهلها هذا العمل التطوعي. انه ينبغي على كل واحد منا يساهم في استمرار الموقع كي يعمل بشكل طبيعي، وهذا لا يتسنى إلا بتبيان ما هو مطلوب من كل واحد منا .  إنني اشكر فريق هذا الموقع الذي لم يكشف على اسمه وذا إنكار للذات وهو قرار فيه كثير من التواضع .شكرا. ************************** فتحي عبد الباقي  / حقوقي أنا لا أعرف من يكونون ولكني إن كنت مكانهم سأفعل ما فعلوا، لأنه لا يمكني طيلة كل هذه المدة أن أقوم بخدمة يومية ومجانية كما فعلوا، بالنسبة لي مستحيل، لهم الحق المطلق في العطل والراحة ككل الناس/ برافو لأنهم استطاعوا أن يصمدوا كل هذه المدة، لا احد يمكنه أن يشكك في مهنيتهم وتجربتهم والتزامهم التطوعي، لقد أصبحوا مرجعا في عالم الإعلام الكتروني الموضوعي ونجحوا في جمع كل التونسيين بمختلف مشاربهم على مائدة واحدة، بما فيهم المنتمين للحزب الحاكم للتعبير عن آرائهم دون صنصرة، واستسمحهم في القول بعيدا عن اللغة الخشبية، ونظرا للمصداقية التي اكتسبتموها، فالمسؤولية على عاتقهم في التواصل مع قرائهم وعدم المغادرة، ولكن حسب قواعد جديدة وعلى التونسيين أن يردوا لهم ما قدموه لهم خلال سبع سنوات وسبع شهور… ************************** خميس بن علي الماجري / المشرف على موقع تونس المسلمة www.tunisalmoslima.com لقد رأيت أن أربأ بنفسي عن الخوض في هذه المسألة منذ نشأتها، فلم أكتب في هذه المسألة شيئا ولقد تركتهم للّه تعالى أن يرينا فيهم من آياته  للمظالم العظيمة التي ارتكبوها في حقّ كلّ من انتقد فكر المفتونين بهم من بقايا حركة النّهضة، وهذا شيء قليل أمام ما ورد من نصوص تبيّن سوء خاتمة الظّالمين والمزوّرين والفتّانين و”الحقّارين”هذا فضلا عن سوء ما سيطالبهم به المظلومين يوم الحساب ما كان للّه دام واتّصل وما كان لغير الله انقطع وانفصل والله المستعان!!!.      **************************** العربي القاسمي / رئيس جمعية الزيتونة سويسرا أنا أرى أن تونس نيوز والحوارنت يؤديان نفس الرسالة تماما، ولا فرق بينهما سوى في ديكور الموقع، وعليه فإني أفضل أن يجمع الجهدان، وبالتأكيد سيكون الأداء أفضل وأريح. كثير من الإخوة يتعاملون بوجدانية مع الموضوع، ولكني أرى أنه من الأفضل حسن استثمار وتوظيف الطاقات، حتى يحقق الغرض على أحسن وجه وبأقل التكاليف. ************************** غسّان بن خليفة مساء نشر أعضاء فريق تونس نيوز لرسالة استئذانهم الشهيرة، كتبت في مدوّنتي أن حرائر وأحرار تونس  قد “تيتّموا” في هذه الليلة الحزينة… وعبّرت عن رجائي في أن يعدلوا عن قرارهم دون كبير أمل في ذلك… فشكرا لهم ابتداءً لاستجابتهم لأماني المئات من أبناء وبنات الوطن وإثباتهم مرّة أخرى مدى التزامهم  بقضيّة الحرّية واستعدادهم للتضحية والصبر في سبيلها. إلى ذلك، آمل أن يتوفّقوا في إيجاد الشكل الأنسب الذي سيحوّلون إليه نشرية  تونس نيوز، حتّى تبقى محافظة على رسالتها  الإعلامية النبيلة في كسر رقابة الطغاة وفي احتضان الاختلاف ودعم الحوار، الساخن أحيانا والبنّاء دومًا، بين أبناء وبنات الوطن الواحد. أجدّد تحّية التقدير والإكبار إلى طاقم  تونس نيوز المناضل وأقول لهم: أشدّ على أيديكم. واصلوا في نفس الطريق، فبفضل سعي وصبر ومهنيّة أشخاص مثلكم يمكن للحلم أن يتحوّل شيئا فشيئا إلى حقيقة وللديمقراطية أن تُبنَى لبنة بعد لبنة وتضحية بعد تضحية… حتّى تتحرّر بلادنا الحبيبة وتتّسع لكلّ بناتها وأبنائها على اختلاف رؤاهم، معتقداتهم وفروقات طقوس عشقهم لها. ويومها، حتمًا لن تغفل ذاكرة تونس الحرّة عن شكر كلّ بناتها وأبنائها المناضلين، وفي المقدّمة منهم، هؤلاء الأبطال الصامدين بصمت وخفاء متواضع رغم مشقّة المهجر وآلام البعد عن الأهل والوطن.   **************************** محمد العماري /  باريس بارك الله فيكم وفي حيادكم. وأشكر الله لكم سعيكم في المحافظة على هذا المنبر الذي أصبح بدون مبالغة مرجعًا لكلّ باحثٍ عن المعلومة “المطموسة” أو الغائبة  في غيره من وسائل الإعلام . فالاستبداد يبدأ بالفئوية الضيقة التي تعمي البصيرة،  ثم بصنصرة الكلمة الطّيّبة والفكرة الهادفة، حتى ينتهي به المطاف إلى إرهاب النفوس وقص الرقاب. وما تقدّم علينا غيرنا وفي الغرب في كل الميادين إلا عندما عملوا على تامين الكلمة  والروح، و جعلوها ركنا ثابتا لازما  في تعاملهم وملازما لمعاملاتهم. *********************** محمد علي بنور / ماطر شكلت نشرية تونس نيوز نقلة نوعية على المستوى الإعلامي، حيث لم تفسح المجال فقط للمعارضة للتعبير عن رأيها، بل أيضا لمناضلي الحزب الحاكم والتيارات الأخرى، التي ربما ساهمت في الماضي في التحريض على الفتنة داخل المجتمع الواحد… توقف النشرية في رأيي هو خطوة إلى الوراء، حيث سيكون المستفيد الأكبر هو التيار الإستئصالي في السلطة والمعارضة على حد سواء، حيث وصلت نشرية تونس نيوز إلى مستوى حقيقي من الديمقراطية وحرية الرأي، لم تصل إليها النشريات الأخرى… ************************** عبد الباسط الهمامي / صحفي مستقل شعرت بألم كبير حين قرأت رسالة الاستنان بالانصراف، وأصدقك الحق أنني أحسست بالغربة، فطيلة وجودي منذ 4 سنوات في أوربا أحس أن تونس نيوز هي عبارة عن عائلتي، ومن خلالها لا أشعر بوقع الغربة، رغم أني لا انتمي لا للمعارضة ولا للحاكم ، وليست لي أي مشكلة سياسية تمنعني من العودة لبلدي، ولكني من المدمنين على قراءة هذا الموقع، واحترم المشرفين عليه جدا على الروح النضالية العالية، وعلى نكران الذات، وعلى سعة الصدور، وكل ما أتمناه أن أراهم يوما من الأيام، واعرفهم بأسمائهم  ووجوهم، لأقبل جباههم وأتشرف بمصافحتهم وأقول لهم برافو… ************************** نورالدين الخميري / حقوقي / ألمانيا لقد قضينا أروع السنوات معاً، كنتم فيها مثالا للصدق والعطاء والحياد ،  وقنديل تفاؤل ينير الطريق، ومازلنا ننتظر منكم الكثير وكلنا أمل  فلنكمل المسير معا فمازال أمامنا عهد نمضيه ، وطريق نقضيه والكل ينتظر.. فلا ترحلوا عنّا فأنتم باقون في صدورنا وفي صفحات الذكريات ، وأملي  أن تعدلوا عن هذا القرار حتى لا تصبح  لغتي أسرارا  وتبقى  حروفي صامتة فلا تحرمونا نبض المودة ومديم المحبة  دمتم ودام الوفاء بيننا.   **************************** عبد الحميد العداسي / لاجئ سياسي بالدنمارك دعني أوّلا أغتنم الفرصة لأشكر أسرة تونس نيوز وعائلاتهم من ورائهم على الجهد الذي ما انفكّوا يبذلونه لإشاعة الكلمة الطيّبة وإذكاء الحوارات النافعة وإبلاغ الأخبار الصادقة. وقد كانت قلّة عددهم وعدم تفرّغهم وكثرة مشاغلهم وربّما غياب داعمهم وتحامل المختلف معهم عليهم، عوامل نمّت فيهم الميل إلى الاعتناء بالنفس والأهل قليلا وتمكينهم من حقّهم منهم. فهم الذين أعطوا القارئ وما أعطوهم وسهروا الليالي دون أن يسهروا عليهم… وقد ساءني أن أجد من النّاس من يفرح لغياب “تونس نيوز” أو من يصفه – وقد اغتاب – بألفاظ لا تليق بالصحافي الرّسالي، وهو ما يزيد من إصراري على دعوة تونس نيوز إلى المصابرة والمواصلة في مضمار الإنارة الإخباريّة. وأختم بشكرك على إثارة هذا الموضوع…   ***************************  

عبد الله الزواري / صحفي وسجين سياسي سابق 
كانت تونس نيوز النافذة الأولى التي أخرجتني من عزلة بغيضة عن الشأن التونسي بمختلف أطيافه، ولا شك أن لهذا السبق أثر ليس بالهين في نشأة علاقة حميمة تدرجت حتى استوت، وإذا بخبر الانصراف يقع منذرا بانقطاع هذه العلاقة فآلمني أيما إيلام، لكن هل يملك المرء غير رجاء أن يعادا لنظر في هذا “القرار” بما يحقق توازنا بين حاجة متزايدة إلى منبر يصل إلى المحاصرين داخل حدود البلد وظروف عمل مناسبة للذين قاموا على هذا المشروع ، خاصة إذا علمنا أن تونس نيوز تنفرد – في حدود علمي- بالوصول إلى الراغبين فيها داخل السور الحديدي.. وإن كان تاج العافية على رؤوس الأصحاء لا يراه إلا المرضى، فإن فضل “تونس نيوز” والقائمين عليها قد عرفه أولئك الذين ارتفعت عنهم كل الموانع في متابعة الشأن التونسي عن كثب فما بالك بالذين لا يملكون غير مصباح وحيد يستعينون به في التعرف على ما يحيط بهم و هذا المصباح يسمى دون مبالغة تونس نيوز.   الطاهر العبيــــــــــــــــدي  
taharlabidi@free.fr
 

(المصدر: موقع تونس أون لاين بتاريخ 30 ديسمبر 2007)


بسم الله الرحمان الرحيم  والصلاة والسلام على افضل المرسلين تونس في 2901/01/2008 محمد العروسي الهاني مناضل كاتب في الشأن التونسي و العربي  الرسالة رقم 369 على موقع تونس نيوز   

في الصميم وضع النقاط على الحروف دور الاعلام المرئي الحلقة الرابعة

 
من الاعماق أتقدم بالشكر الجزيل للفضائيا العربية المتطورة الممتازة التي صنفتها في مقالي قبل الاخير يوم 27/11/2007 بانها قنوات هامة وممتازة وافضل من غيرها ، وقد ذكرت اربع فضائيات عربية رائدة في مجال الاعلام المرئي وهي كالاتي قناة الجزيرة الرائدة الاولى في العالم العربي بدون منازع وهي الفضائية التي يتابع اخبارها وملفاتها 90% من الشعوب العربية وتليها قناة العربية الرائدة التي هي الاخرى رائدة ويتابعها من ابناء امتنا العربية 70% وفي المرتبة الثالثة قناة المستقلة صاحبها ومؤسسها تونسي الفكر والقلب والحس الوطني الدكتور محمد الهاشمي الحامدي التي اصبحت هذه القناة تحتل المرتبة الثالثة ويتابعها نسبة 40% والقناة العربية ذات الطابع الاسلامي هي قناة المنار اللبنانية ويتابعها نسبة 40% من المشاهدين العرب وان المواضيع التي تطرحها الجزيرة تبقى هي الاكثر عمقا وتحليلا وتألقا واشعاعا …. اما قناة العربية فقد تألقت في ملف هام حساس ملف زمن الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة رحمه الله واليوم تتألق في ذكر مناقب وخصال خادم الحريمين الشريفين الملك عبدالله آل سعود حفظه الله اما قناة المستقلة فقد تألقت في مجال ملفات ملف الزعيم بورقيبة في الذاكرة والحوارات التي تمت وسلطت الاضواء على مراحل الكفاح الوطني وخصال الزعيم العملاق . كما تألقت في الحوار مع الاستاذ محمد مزالي خاصة الحلقات الاولى والثانية والثالثة والرابعة الفضاء الديمقراطي واخيرا في برنامج اضواء على الاخبار حول الشأن التونسي وكذلك ملف الحوار الصريح حول سيرة الامام أنس ابن مالك رضي الله عنه . وفي قناة المنار الاسلامية برامج دينية هامة ومراجع تاريخية وبرامج هادفة مفيدة بروح اسلامية عالية وقيم دينية خالدة . نرجو ان تنسج تلفزتنا الوطنية التونسية على غرار الفضائيات المشار اليها حتى تستجيب لطموحات الشعب الذي هاجر برامجها التي اصبحت مملّة وغير مفيدة ولا يحبذها المواطن التونسي الا النزر القليل من الشبان خاصة في مجال الرياضة فقط او بعض الشرائح القليلة المهتمة بالمسلسلات السخيفة او بعض الشبان والفتيات المهتمين ببرنامج دليلك ملك وآخر قرار اما غير ذالك فالشعب قاطع التلفزة منذ زمان خاصة العقلاء والوطنيين واصحاب الذوق السليم والعقل الراجح والفكر المستنير والخوف من الله والبعد على التهريج والميوعة وقلة الحياء والحشمة والبعد على الانحلال الاخلاقي والرقص والتقبيل والغناء المبتذل الذي اصبح هو السائد في تلفزتنا. قال الله تعالى : “وما ربك بغافل عما تعملون” صدق الله العظيم محمد العروسي الهاني  22.022.354
 


اتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوروبي ومنطقة التبادل الحر

 
 محمد مسيليني   مع بداية 1 جانفي ودخول سنة 2008 ، تدخل منطقة التبادل الحر الصناعي بين تونس والاتحاد الأوروبي حيز التنفيذ وبذلك يقع التخلي عن كل الحواجز الجمركية بين تونس والاتحاد الأوروبي فيما يتعلق بالمنتجات الصناعية،كما تستعد تونس للدخول في مفاوضات مع الأوروبيين حول الفلاحة والمنتجات الفلاحية والخدمات. ولقد سبق أن بينا موقف حزبنا من اتفاقية الشراكة المذكورة والتي وقعت منذ 1995 ومازالت الحكومة التونسية تعتبرها إنجازا وسبقا مهما بالمقارنة مع المحيط العربي والإفريقي، باعتبارنا أول بلد من الضفة الجنوبية للبحر الأبيض المتوسط يوقع هذه الاتفاقية. موقفنا يمكن أن يلخص في النقاط التالية: 1- بعض بنود الاتفاقية تسمح بالتدخل الخارجي في الشؤون الداخلية وخاصة تلك المتعلقة بالجانب السياسي وحقوق الإنسان. وإذا كانت الحكومة تحاول الالتفاف على هذا الجانب والتهرب من طرحه ودول الاتحاد الأوروبي التي تحكمها المصالح والتوازنات داخليا وخارجيا لا تؤكد عليه ولا توليه أهمية ودورا اكبر ، فانه يبقى سيفا مسلطا يستعمل عند الضرورة والحاجة للضغط والابتزاز. 2-الفرق الشاسع بين اقتصادنا ونسيجنا الصناعي وبين دول أوروبا مجتمعة ومنفردة وبالمقارنة مع دول أسفل السلم . إن هذا الوضع لا يخدم على الإطلاق المنتوج التونسي، بل وبفعل عناصر الكم والنوعية والكلفة في غياب الحماية ، تتحول تونس والدول الشبيهة إلى مجرد سوق استهلاك لما تنتجه الآلة الصناعية الأوروبية متى توفرت الإمكانية والقدرة الشرائية والاستهلاكية لدى المواطن 3-كان من الأفضل لو أن اتفاق الشراكة مع الأوروبيين كان مسبوقا باتفاق تبادل حر في مستوى دول المغرب العربي والمنطقة العربية وبذلك تكون منطقة التبادل الحر مع أوروبا تعني كل دول المنطقة مجتمعة حتى توفر ظر وف تفاوض أفضل بكثير، 4-هناك أسباب أخرى عديدة ولها أهميتها في تحديد الموقف مثل تأهيل الصناعة وتوسع الاتحاد الأوروبي دون الأخذ بعين الاعتبار دول جنوب البحر الأبيض المتوسط وفي مقدمتها دول المغرب العربي وبالأساس تلك التي وقعت اتفاقيات شراكة. فمنطقة التبادل الحر ليست منطقة بالمفهوم الجغرافي أي أنها ليست موقعا للتجارة الحرة بمعنى المناطق الحرة المتعارف عليها سابقا. إنها في ظننا ترجمة غير دقيقة لـ « Zone de libre échange”. أنها تعني فضاء تبادل لا يخضع لحدود جمركية أي أن االمنتوج الصناعي المعني لدول ارويا الذي يدخل السوق التونسية لا توظف عليه اداءات ديوانية ونفس الشيء بالنسبة للمنتوج التونسي الذي يدخل الأسواق الأوروبية للدول المعنية باتفاق الشراكة. في السابق كانت حماية المنتوج الوطني وترك المجال له في السوق الداخلية والاستهلاك الداخلي يكونان إما من خلال منع التوريد أو تركه في مستوى ادني، أما إذا تعذر ذلك فان المعاليم الجمركية تلعب دورا هاما في تحديد سعر السلع الموردة مما يجعلها لا تقدر على مزاحمة الإنتاج الوطني لدى الشرائح الضعيفة والمتوسطة بالأساس وذلك بغض النظرعن مسالة الجودة والكيفية. يعتبر مثل هذا التمشي سياسة حمائية لا تخضع لخيار عولمة السوق وفتحه. وإن خيار حماية السوق ليس خيارا اشتراكيا ويراعي الطبقات الضعيفة والوسطى فحسب بل انه يمثل حصانة للنسيج الاقتصادي الوطني وخاصة بالنسبة إلى الدول النامية والتي تعتمد القطاع الفلاحي بشكل كبير وبالخصوص الدول التي يعتبر النسيج الصناعي والخدمي لديها غير صلب وغير متماسك ويحتاج إلى حماية مثل الصناعات التحويلية وبعض الصناعات التي لا تتطلب تكنولوجيا عالية ومتطورة وثقيلة. إن فتح السوق وإلغاء ما يسمى بالحواجز الجمركية في ظل اقتصاد نام إجراء وخيار نحو المجهول . وحتى إذا تمكنت بعض الوحدات الصناعية من الصمود والاستمرار فان الغالبية ستشهد  تدريجيا صعوبات حقيقية مما يؤثر على سوق العمل وعلى التنمية في البلاد.  قد يساعد برنامج التأهيل بعض المؤسسات على الصمود والبقاء والمنافسة ولكنه لن يستطيع إنقاذ الكثير. إننا لا نريد أن نطلق أحكاما متسرعة ولا أن نغتر ببعض المعطيات السريعة سلبا أو إيجابا ولكن ومن خلال تجربة الأسواق الموازية وما تشهده أسواق كل دول المنطقة من تدفق للسلع من جنوب شرق أسيا وغيرها نتوقع عجز نسيجنا الصناعي عن الصمود في وجه المستورد الذي يفوقه بالتأكيد كمًّا وجودة. وكان أحد البرامج في قناة تونس 7 استضاف مساء الثلاثاء 4 ديسمبر 2007  السيد وزير التجارة والصناعات التقليدية  ليسأله عن ماهية منطقة التجارة الحرة وعن مصير أسعار السلع الصناعية المعنية ابتداء من 1 جانفي 2008 موعد دخول الاتفاقية حيّز التنفيذ . السيد الوزير أجاب بان عملية تحديد السعر في مستوى المستهلك تأخذ بعين الاعتبار ما يسمى بالأداءات الداخلية بالإضافة إلى المعاليم الجمركية. الأداءات الداخلية والمتكونة من الأداء على القيمة المضافة والأداء على الاستهلاك غير معنية بدخول اتفاقية الشراكة بين تونس والاتحاد الأوروبي حيز التنفيذ لأنها غير مشمولة بهذه الاتفاقية. والمعاليم الجمركية تؤثر في الأسعار الداخلية للمواد المعنية متى انخفضت بشكل كبير أو ألغيت شرط أن تمثل نسبة هامة في تركيبية السعر. السيد الوزير قلل من إمكانية تراجع أسعار المواد المعنية ابتداء من 1 جانفي وأرجع ذلك لأمرين: 1-    أن النسب الديوانية الموظفة الآن على هذه المواد نسب ضعيفة ولن يؤثر إلغاؤها بشكل ملحوظ.. إن كان الأمر كذلك فهو محق فيما استنتجه فإلغاء 4% أو أقل لن يكون له معنى أو أهمية لدى المستهلك. 2-    ارتفاع العملة الأوروبية وهو في ذلك غير محق بالمرة لأننا نريد أن نعرف تأثير إلغاء الحواجز الجمركية على الأسعار ولا دخل للعملة في ذلك وحتى وإن تزامن صعودها أو نزولها مع الحدث المذكور. إننا في حاجة لمعرفة هذا التأثير بغض النظر عن العملة وقيمة الدينار. لعل هذه الإجابة غير المقنعة تخفي وراءها إمكانية الترفيع في الأداء على الاستهلاك لتعويض المداخيل الديوانية في الميزانية وهو نفس الإجراء الذي حصل عندما الغي الأداء على السيارات الشعبية وعوض بأداء على الاستهلاك لهذه السيارات وبنفس النسبة . بهذه الطريقة يكون المستهلك غير معني ياي إجراء لأنه في النهاية لا يهتم بالمسميات بل يعنيه ما يدفعه مقابل السلعة. مثل هذه الإجراءات إن حصلت قد تمثل إشكالية مع الطرف الأوروبي الذي يتوقع أن تتراجع الأسعار في تونس حتى تتمكن منتوجاته من مزاحمة الإنتاج التونسي الموازي من ناحية وحتى يتمكن المستهلك التونسي المتوسط من استهلاكها. نفس الوضع يمكن أن يشمل الإنتاج التونسي المصدر لأوروبا متى وظف عليه أداء استهلاك. إننا في حاجة لقراءة متأنية للاتفاقية وكل بنودها حتى نعرف تصرف الطرف الأوروبي ورد فعله في حال حدوث مثل هذا الإجراء. وعن سؤال آخر أجاب السيد الوزير إجابة الواثق من المستقبل بان لا خيار أمام تونس غير هذا المسار ولا يمكن بأية حال مقارنة الانفتاح والارتباط بالدورة الاقتصادية العالمية وما يجنيه الاقتصاد من وراء ذلك بمرحلة الحماية والانغلاق خاصة وان تونس قد اختارت نهج الانفتاح. هذا تقريبا كان رد السيد وزير التجارة. إننا لا نضيف جديدا  إذا أكدنا مرة أخرى وقوفنا في الموقف المضاد لهذه الخيارات وقد سبق أن بيننا الأسباب والمسببات وكذلك المرتكزات الفكرية والسياسية والاقتصادية والوطنية التي تجعلنا نقف على نقيض العولمة والانفتاح وسياسة اقتصاد السوق. كل هذا الأمر معلوم ويعرفه الجميع ، غير أننا نريد أن نقول لسيادة الوزير وللحكومة من ورائه بأنه حتى لو قبلنا جدلا بما تطرحون وما تنفذون من خيارات انفتاحية ليبرالية، فان الحكمة تفترض عدم وضع البيض كله في سلة واحدة وعدم حرق مراكب العودة والتراجع لأننا نعيش في عالم متحرك وغير مستقر. إن هزيمة مدوية للقوة الأمريكية في العراق أو فشلا ذريعا في مواجهة إيران أو تطور بوادر الحرب الباردة التي بدأت تطل برأسها بعد أن تصور الكثير بأنها قد قبرت بدون جنازة عندما تلاشت دولة الاتحاد السوفيتي السابق، كلها قادرة على قلب السحر على الساحر وفسخ الهيمنة الأمريكية وما تروج له من سياسات  وفي مقدمتها العولمة والحلول الاقتصادية المعدة للهيمنة والتبعية.و يومها ستعمل كل القوى الاجتماعية في العالم على  تعديل الكفة ومحاربة الليبرالية  واقتصاد السوق. إن منظمة التجارة العالمية والنظام الاقتصادي غير العادل ليسا مرتبطين إطلاقا بخيارات شعبية وطنية صرفة بل هما نتاج تلاعبات ومضاربات رأس المال الدولي الذي يسعى إلى ترسيخ شكل من إشكال الاستعمار الجديد (المصدر: الوطن (لسان حال الإتحاد الديمقراطي الوحدوي) العدد 20  الصادر في 28 ديسمبر2007  )


هل يرعوي القوم؟ الخطاب السياسي العربي والانحدار إلى الهاوية

 
أبو مهاب   إنّ الخطاب كان في كل العصور  تعبيرا عن المواقف وتثبيتا للمبادئ ورسما للأهداف والاستراتيجيات. إنه ببساطة دعوة إلى فعل سياسي يواكبه ويتلاءم معه إلاّ أن يكون خطابا للاستهلاك الإعلامي ويطلق في إطار المناورة السياسية لجرّ الطرف المقابل إلى أهداف محددة أو إطلاقا لبالونات اختبار يراد منها كشف نواياه واختبار مصداقيته لإحراجه.                     وانطلاقا من هذا المنظور العام يمكننا النظر في الخطاب السياسي العربي خاصة ما تعلق منه بالقضية القومية الأولى والأكثر حدة أي القضية الفلسطينية وتتبع مساره عبر المحطات الأساسية للوقوف على أهم التحولات التي عرفها وما واكبها من فعل سياسي والوقوف تبعا لذلك عما ينذر به من مخاطر تمس جوهر القضية وأم ثوابتها الأساسية.                                     كان الحدث التاريخي الأول نكبة سنة 1948، حلت النكبة والعرب في منتهى درجات الضعف والتفكك فلسطينيا وقوميا وضاع قسم هام من الأرض الفلسطينية ومع ذلك لم ينتج هذا الحدث خطابا سياسيا ملائما لطبيعته بل إنّ الخطاب السياسي بقي رسميا وشعبيا موافقا للثوابت والمبادئ لا مكان فيه لقبول الأمر الواقع ولا مجال فيه للتفريط بالحقوق وكان عنوانه أن تمسك المهجر والمشرد بمفتاح بيته واتخذ يوم العودة هدفا له والتحرير غاية.  سنة 1956 استهدف عدوان ثلاثي شرس وظالم على أكبر دولة عربية وثورتها القومية لا تزال غضة طرية لينة العود. وكان الهدف الأساسي لذلك العدوان في الحقيقة إجهاض الحلم العربي في المهد وقبل أن يستوي ويشتد عوده. غير أنّ الثورة الفتية استطاعت بالثبات والإصرار أن يقلب المعادلة ويحول الهزيمة إلى نصر سياسي بيّن واندفعت السيرة بزخم أكبر بدل أن تكبو وتتوقف وتمت صياغة الخطاب السياسي المطابق للشعور بالنصر وكان عنوانه رفض الاحتلال والتمسك باعتبار قضية الشعب العربي الفلسطيني قضية العرب الأولى وبالتحرير هدفا أساسيا وخطوة لازمة على طريق الوحدة تتحمل مسؤوليته الأمة بأسرها لأنه قدرها. وعندها بدأ الاستعداد الفعلي لتحقيق الأهداف بتكوين حركات المقاومة العربية والفلسطينية أولها دون إلقاء مسؤولية التحرير عليها وحدها والتنصل من المسؤولية القومية.  وسنة 1967 تمّ العدوان المفاجئ الغادر على كل دول الطوق الفلسطيني. وكانت الهزيمة العسكرية ساحقة غير أنها لم تحقق أهدافها المرسومة فالعزائم لم تثبط  والهمم لم تفتر وكانت الجماهير أقوى من قادتها فرفضت الاستسلام والتخلي وجعلت من الهزيمة مجرد نكسة بل كبوة لابد من النهوض والاستمرار على الدرب بعدها ولم يكن أمام السياسة وخطابهم إلاّ أن يجاروا تلك الإرادة فعقدوا مؤتمرهم بالخرطوم لينبثق عنه الموقف في أبهى صياغة وأجلاها ثلاثة لاءات نفي جازمة قاطعة : لا صلح ـ لا تفاوض ـ لا اعتراف .فكان الخطاب منارة الدرب وقاطرة الفعل وضمان تواصل المسيرة على النهج المقاوم. فأفرز ذلك الخطاب على الأرض فعلا من جنسه تجسد في حرب استنزاف أسطورية على الجبهة المصرية وعمل فدائي خرق في المستوى الفلسطيني وقد فتحت أمامه أكثر من جبهة عربية واحتضنته الأمة جمعاء وهو به فخورة معتزة وواكب ذلك على المستوى الرسمي استعداد جديّ للحرب القادمة. وحتى عندما ظهر مشروع روجرس  في محولة للتشكيك في مدى صدق القيادة والتزامها بأهدافها استطاع الفعل السياسي والعسكري أن يبطل دعواه . وإن كان قد فتح المجال للاتجاهين متناقضين في الظاهر متكاملين في الجوهر، إذ استغله المزايدون على الموقف القومي للاتهام بالتفريط والتراجع واستقبل المهرولون (إطلاق شعار الواعية والرصانة السياسية). غير أنّ استمرار الفعل وتواصل الخطاب على نفس النسق أعطاه حجمه الحقيقي ولم يترك للموقفين جمالا للصدق وتسجيل المواقف. كان الموعد سنة 1973 فكانت الحرب لأول مرة بإرادة عربية وبتخطيط لم يتفطن أحد آنذاك أنه كان يخفي نقيضه وأنّ أمرا ما قد دبر بليل. كان النصر العسكري بينا لكنه أجهض في آخر لحظاته ونابت عنه الهزيمة السياسية القاهرة. وما درى أحد أنّ الخط البياني العربي قد بلغ مداه من  الارتفاع  وآن أوان انحداره. وكانت المفارقة العجيبة حقا إن ولد من الحدث نقيضه وانبتت العلاقة بين الفعل والخطاب . فتحول العدوّ إلى جار والعداوة إلى حاجز نفسي والقدس المحتلة عاصمة دولة لا بأس أن تزار والمؤسسات الصهيونية هياكل دستورية ديمقراطية جديرة بالمحورة وإمضاء الاتفاقيات معها بعد أن تم التمهيد لكل هذه الواقف الجديدة الغريبة باختراق في الموقف العربي العام في مؤتمر عقد بالرباط سنة 1974 أرسى للمرحلة الجديدة أسسها وفتح الطريق أمام مسارات الصلح والاعتراف والتفاوض وكل المحرمات التي قد يكون أن أخطرها التمهيد لفك الارتباط بين القضية والأمة بصياغة شعار خطر مضلل حمال أوجه مفاده أنّ منظمة التحرير هي الممثل الشرعيّ الوحيد للشعب الفلسطيني . فقد كان هذا الشعار كافيا للمتحفزين للتنصل من عبء القضية لإلقائه من على كواهلهم والقول للفلسطينيين ناضلوا وحدكم إننا هنا قاعدون وإن وقوفنا معكم وإسنادكم ليس حقا لكم  و واجننا علينا وإنما هو مجرد تفضل منّا عليكم نمنحكم إياه متى عنّ لنا ونمنعه عنكم متى شئنا وكلما عرضت مسيرتكم مصلحنا الإقليمية أو مصلح الحاكمين منا .فتحول بذلك الموقف العربي  والمال العربي إلى عوامل ضغط وشراء ذمم ودفع إلى طريق الاستسلام والتطبيع لينفتح الطريق أمام المهرولين إليهما بدعوى أننا نل نكون فلسطينيين أكثر من الفلسطينيين . وحل بذلك الخطاب الإقليمي مكان الخطاب القومي إطلاق وخلى الشعارات القومية لنقيضها الإقليمي فأصبح السائد قطري أولا واسترداد أرضي مهمتي ومصلحتي هدفي وليأت الطوفان من بعدي.  وكان من الطبيعي أن تتبدل كل مفردات الخطاب تبعا لذلك فلم يعد العربي يستنكف من تسمية الكيان الصهيوني باسمه كما كان ولم الحديث عن العلاقة معه محرما كما تعلمنا. وبذلك انفتح أمام قائد مسيرة الاستسلام باب الكنيست الصهيوني ليحدث فيه الحدث الأكبر ويخرج أكبر دولة عربية من المعركة نهائيا كما يعتقد.ولم يعد بعد ذلك التحرير الكامل هدفا ولا الكفاح المسلح سبيلا وإنما الحكمة في قبول الأمر الواقع والعمل وفق القرارات الدولية التي صيغت أصلا لتكريس واقع الكيان الدخيل في قلب الأمة… ففي ذلك الحنكة كلها والواقية في أجلى صورها .أما الكفاح المسلح فإرهاب مرفوض والشعارات القومية غوغائية وطفولة سياسية. وشهدت مرحلة الثمانينيات انكفاء كاملا على الذات استغلت بعناية للحسم في أمر المقاومة بمحاصرتها وتجريمها والعمل على إبعادها عن خطوط التماس مع العدو حتى تمّ ذلك بإخراجها من آخر مواقعها القريبة بيروت وشردت بعيدا طبقا لسيناريو محبوك بعناية أظهر القابلين لعناصرها بمظهر الغيورين عليها والمنشغلين بأمرها في الوقت الذي كانوا يشهدون فيه تذويبها وإنهاءها.  وهكذا اكتمل المشهد الجديد وتكرس الخطاب الملائم له ولم يبق إلا التكريس الفعلي للواقع الجديد خطابا وممارسة وجني ثمار المرحلة. فاختيرت مدريد سنة 1993 لذلك موعدا ومكانا . وكان المنحدر أقوي في الجانب الفلسطيني فلم يعد التحدي بالرفض والصمود بل في السبق والتفرد فجاءت أوسلو لتجهض مدريد وتحل محله وتصوغ لنفسها خطابها الخاص فأصبحت الدولة سلطة والقدس شرقية فقط والمهمة إدارة الشؤون بدل بناء الدولة وتوفير الغذاء والدواء بدل الوعد بالعودة وحق العودة حلا لمشكلة اللاجئين والعمليات الفدائية عمليات إرهابية والفدائي مجرما وقادة العدو أصدقاء والتفاوض معهم هواية والأكل من موائدهم وليمة إما إطلاق الصواريخ فعبث وتحريض والمشاركة في السلطة انقلاب وتحرير فلسطين وهم وعودة اللاجئين خرافة والاستيطان واقع والمستوطنون جيران والإخوة أعداء والسلام خيار استراتيجي وحيد.                           وليس الأمر كلاما أو تكتيكا بل قناعة جديرة بأن يحور الميثاق الوطني الفلسطيني من أجلها وبمباركة وشهادة أكبر دولة في العالم. ولا بأس بعد أن تكون إسرائيل دولة يهودية فذاك شأن داخلي حتى إن كانت نتيجته تهجير ما تبقى داخلها من عرب فلسطينيين فلا مبرر لبقائهم هناك ما دام سيتم التفضل عليهم بدولة ممزقة الأوصال قابلة للحياة في حالة موت سريري… وثمنها التقاتل الأهلي لضمان أمن الجدارة الكريمة المتحضرة.  تلك هي صورة الحال وتلك مفردات الخطاب السياسي العربي في الوضع الراهن وضع مهدد بالفناء ومنذر بالنهاية. لكن قاعدة أن الأمر إذا بلغ حده انقلب إلى ضده ليست غائبة تماما عن المشهد. لقد بدأ الخطاب الموسوم يلد نقيضه والفعل الحاصل ينسل منه ضده .فقد بدأ شعار التحرير الكامل لفلسطين من النهر إلى البحر يستعيد محله وحق العودة يعلو صداه وأخذت قوى المقاومة يجمع قدراتها وتصوغ خطابها من الراديكالي الرافض لمفردات الاستسلام والهزيمة والنأي بنفسها ع

Lire aussi ces articles

25 décembre 2007

Home – Accueil – TUNISNEWS 8 ème année, N°5 2771 du 25.12.2007  archives : www.tunisnews.net   C.R.L.D.H. Tunisie: Flash Info La grève

En savoir plus +

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.