الاثنين، 9 أكتوبر 2006

Home – Accueil الرئيسية

 

TUNISNEWS
7 ème année, N° 2331 du 9.10.2006

 archives : www.tunisnews.net


الحـــزب الديمـــقراطي التقـــدمي: بيــــان
الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان –  فرع القيروان: بيـــــان
عريضة مساندة لأساتذة المسقطين عمدا في مناظرة الكاباس صحيفة الوسط التونسية الالكترونية:حول انسحاب مجموعة من أقلام « الوسط رويترز: حزب تونسي معارض يحتج على منع السلطات عرض مسرحية عن الاستقلال القدس العربي :سهي عرفات وابنتها زهوة تحصلان علي الجنسية التونسية واس: تصاعد نسق الشيخوخة في المجتمع التونسي إسلام أون لاين: خيم تونس الرمضانية للرقص واللهو والغناء! عبدالله الزواري:لكي لا ينسى الأحرار… الحوار.نت: ترجمة للحوار الذي أن أجـراه موقع إخوان ويب مع الشيخ راشد الغنوشي ركن خواطــر موقع اللقاء الإصلاحي الديمقراطي:حجاب امرأة وصيام حارس مرمى ومأساة الحرية والهوية! الطاهر الرمه: إلى متى نبقى كالنعام … الطاهر العبيدي: للتذكير افتتاحية الوسط التونسية بتاريخ / 29 – 4 –  2006 : إذا أخطأنا فقوّمونا..  ياسين بن علي: دعوة إلى الاعتناء بحديث الرسول (صلى الله عليه وسلم)  علي شرطاني: الإرهاب « الإسلامي » والنظام العربي « الإسلامي » والدولي؟ محمد العروسي الهاني: مظاهر سلبية نتيجة الكسب المادي السريع دون مراعات حب الوطن و الخوف من الله محمد صادق الحسيني: رايس و الفتن المتنقلة بوجه العرب وايران


Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe ( Windows )

To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic (Windows).


 لمشاهدة الشريط الإستثنائي الذي أعدته « الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين »  

حول المأساة الفظيعة للمساجين السياسيين وعائلاتهم في تونس، إضغط على الوصلة التالية:

 


الحـــزب الديمـــقراطي التقـــدمي بيــــان
 
عقد المكتب السياسي للحـــزب الديمـــقراطي التقـــدمي، الموسع إلى الكتاب العامين للجامعات، اجتماعه الدوري يوم الأحد 8 أكتوبر 2006 بمدينة سوسة. وخصص اجتماعه للنظر في الوضع العام بالبلاد ولاستعراض الأعمال التحضيرية للمؤتمر الرابع للحزب المزمع عقده أيام 22 و 23 و24 ديسمبر القادم وانتهى إلى ما يلي: 1/ يعبر المكتب السياسي عن عميق انشغاله إزاء الحملة الأمنية التي أطلقتها السلطة مؤخرا والتي تستهدفت على وجه الخصوص المواطنات المحجبات اللائي يتعرضن إلى الإهانة والمضايقة والمنع من مزاولة الدروس بالمعاهد الثانوية والجامعات وإلى الحرمان من خدمات المرافق العمومية. ويعتبر المكتب السياسي أن هذه الملاحقات غير القانونية تنال من الحرية الشخصية للمواطن ومن حقوقه الأساسية في مزاولة التعليم والعمل والتمتع بالخدمات العامة التي تسديها الإدارة ويمثل في نفس الوقت شكلا من أشكال الاضطهاد الديني الذي يستهدف جمعا من المواطنين بسبب معتقداتهم الدينية ويطالب السلطات بإيقاف هذه الحملة وبصون الحريات الشخصية للمواطنين وبعدم التمييز بينهم بسبب معتقداتهم. 2/ كما يعبر عن عميق انشغاله إزاء حملة الاعتقالات التي طالت عددا جديدا من الشبان في الأحواز الشمالية للعاصمة تونس وأثارت حالة من الفزع في أوساط عائلاتهم التي أفادت أن العشرات من أبنائها تعرضوا إلى الاعتقال في ظروف غامضة ووقع الاحتفاظ بهم دون إعلامها بمكان احتجازهم أو أسبابه ودون احترام المدة القانونية للاحتفاظ. وأفادت الأخبار في ما بعد أن عددا من هؤلاء الشبان أحيل على التحقيق بموجب قانون مقاومة الإرهاب وبتهمة التخطيط للالتحاق بالمقاومة العراقية.

ويذكر المكتب السياسي بهذه المناسبة برفضه القاطع لقانون مقاومة الإرهاب الذي سن إجراءات استثنائية تتعارض مع كل الحقوق المكفولة للمتهمين بالقانون والدستور وشددت من العقوبات تشديدا مشطا وقيدت من سلطات القاضي التقديرية ونالت حتى من السر المهني للسان الدفاع وجاءت استجابة لمقتضيات خارجية. كما يستنكر المكتب السياسي ظروف اعتقال واستجواب هؤلاء المواطنين ويطالب سلطات التتبع والقضاء بأن توفر لهم ظروف المحاكمة العادلة في كنف الشفافية ووفقا للقوانين العادية للبلاد.  

ويجدد المكتب السياسي بهذه المناسبة مطلبه بإلغاء القانون عدد 75 لسنة 2003 المتعلق بمقاومة الإرهاب لمخالفته للمبادئ الدستورية والقانونية للبلاد التونسية كما يطالب بإطلاق كل الذين أوقفوا وحوكموا بموجب هذا القانون الجائر. 3/ ووقف المكتب السياسي على منع مسرحية « خمسون » من العرض بالبلاد التونسية وما أثارته من حملة احتجاجية في أوساط الفنانين والمبدعين التونسيين وعبر المكتب السياسي عن شديد استنكاره لتقييد حرية التعبير والإبداع الذي تسلط هذه المرة على فرقة مسرحية عريقة اشتهرت وطنيا ودوليا بمستوى عملها الفني. ويعبر المكتب السياسي للمسرحي التونسي الفاضل الجعايبي ولكاتبة النص الفنانة جليلة بكار ولفرقة « فاميليا » عن تضامنه الفعال وعن عزمه على إدراج مطلب الإفراج على مسرحية « خمسون » ضمن مطالبه الأولوية المتأكدة، ويطالب وزارة الثقافة بالرجوع عن قرارها الجائر ورفع الرقابة عن مسرحية « خمسون » التي نالت إعجاب المشاهدين في بلدان أجنبية مثل اليابان وفرنسا دون أن يتمكن المواطنون من مشاهدة هذا العمل الإبداعي التونسي. 4/ كما وقف المكتب السياسي على التضييق الذي يعاني منه الحزب الديمقراطي التقدمي في نشاطه اليومي وخاصة منه محاصرة قوات الأمن لمقراته بالعاصمة والجهات، والذي تجلى مؤخرا في منع جامعات صفاقس وقابس و سوسة من إقامة اجتماعات عامة بمقراتها وفي محاولة أعوان الأمن التدخل لفرض مقاييس سياسية على دخول المواطنين إليها. كما وقف على الضغوط التي تمارسها الإدارة على مالكي مقرات الحزب والتي انتهت هذا الشهر إلى حرمان جامعة قابس من مقرها بدعوى انتهاء مدة التسويغ وإلى إحالة هيئة جامعة تطاوين على القضاء يوم 30 أكتوبر الجاري بهدف فسخ عقد كراء مقرها، ويعتبر المكتب السياسي أن هذه الإجراءات التي تخل بمبدإ حياد الإدارة والسلطة القضائية في الحياة السياسية إنما تندرج ضمن إجراءات المحاصرة المالية والإعلامية والسياسية التي ما فتئ يتعرض لها الحزب الديمقراطي التقدمي والتي عجزت، رغم جورها وقسوتها، عن إيقاف انتشاره وإشعاعه في مختلف الأوساط. ويعبر المكتب السياسي عن استنكاره الشديد لهذه الإجراءات ويجدد العزم على مقاومتها ومواصلة النضال من أجل افتكاك المزيد من فضاءات العمل الحر ويهنئ بهذه المناسبة جامعتي بنزرت وقفصة على المقرين الجديدين اللذين تحصلتا عليهما مؤخرا واللذين سيشكلان مصدر إشعاع جديد للحزب و نقطة التقاء لكافة قوى الإصلاح الديمقراطي في بلادنا. وفي ميدان التحضير للمؤتمر الرابع للحزب ثبت المكتب السياسي من جديد تاريخ انعقاده أيام 22 و 23 و 24 ديسمبر القادم بتونس العاصمة ونظر في تقدم إعداد مشاريع اللوائح ( لائحة السياسة العامة واللائحة الاقتصادية والاجتماعية والتربوية والثقافية ولائحة المرأة والشباب وهوية الحزب وتنقيح النظام الداخلي) وقرر تنظيم يومين دراسيين لكوادر الحزب في 6 و 7 نوفمبر القادم بالعاصمة للنظر في مشاريع اللوائح المختلفة. كما نظر المكتب السياسي في مقاييس الانتداب للمؤتمر القادم وقرر الشروع في انتخاب مندوبي المؤتمر في النصف الثاني من شهر نوفمبر القادم ونظر كذلك في تمويل مصاريف المؤتمر في ظروف الحصار المالي المضروب على الحزب وقرر توزيع تكاليفه على هيئات الجامعات وعلى أعضاء المكتب السياسي وتوظيف مساهمة فردية على كل مشارك في المؤتمر مندوبا كان أم مراقبا. وكلف المكتب السياسي من جهة أخرى الهيئة التنفيذية بالنظر في ما تبقى من مشاريع اللوائح وفي مسألة شعار المؤتمر والضيوف من ممثلي الأحزاب الصديقة وعرض مقترحاتها عليه في اجتماعه القادم المقرر ليوم الأحد 5 نوفمبر القادم بتونس العاصمة.

تونس في 8 أكتوبر 2006 عن المكتب السياسي الموسع الأمين العام أحمد نجيب الشابي

 
(المصدر: قائمة مراسلة  الحزب الديمقراطي التقدمي بتاريخ 9 أكتوبر 2006)


الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان –  فرع القيروان القيروان 08 أكتوبر 2006 بيـــــان
أفادنا السادة : –         مختار العيفاوي –         معز العياري –         جمال الجلاصي –         مجيد الشيحاوي

وكلهم من مؤسسي اللجنة الجهوية للدفاع عن أصحاب الشهائد المعطلين عن العمل  بالجهة ، أنهم توجهوا إلى الإدارة الجهوية للتعليم بالقيروان يوم الجمعة 06 أكتوبر 2006 لملاقاة المدير الجهوي بناءا على موعد سابق  وعند وصولهم فوجئوا بالإدارة تلغي الموعد وترفض حتى مجرد دخولهم ، بل إنها سخرت بعض العملة المسلحين بالعصي لصدهم وتعنيفهم مما خلف أضرارا لدى البعض منهم.   ومعلوم أنها ليست المرة الأولى التي تدفع فيها الإدارة الجهوية المذكورة بالعملة لاستعمال العنف . فقد سبق إن وقع تعنيف المعلمين بنفس الطريقة حين احتجت بعض الإطارات النقابية على تفرد الإدارة المذكورة في القيام بحركة النقلة.   وفرعنا الذي يساند كل تحركات العاطلين عن العمل من اجل حقهم في الشغل ، باعتباره حقا أساسيا ومشروعا وضامنا لكرامة الإنسان ، يندد بأسلوب الإدارة الجهوية للتعليم الفج والذي يتناقض والرسالة التربوية التي يجب أن تسعى لتحقيقها ، فموقعها في المنظومة التربوية يفترض أن تكون مثالا في التعامل الحضاري وحسن الاستقبال لا أن تتحول إلى ساحة تعنيف لمن لا ترغب  الإدارة في استقباله. كما ندعو السلطات الجهوية للتحقيق في الموضوع وتحميل المسؤولية لمن حرض على العنف باعتباره – أي العنف – وسيلة ترهيب متخلفة ، تنال من كرامة الإنسان وتسئ لسمعة المؤسسة .

عن هيئة الفرع الرئيس مسعود الرمضاني


عريضةمساندة إضافية بمناسبة يوم المربي

نحن الممضيــــــن أسفله مربين،أساتذة تعليم ثانوي و تعليم عالي  وعلى اثر ما تعرض له الأساتذة

– البشير المسعودي ( 37 سنة) أستاذية فلسفه 1999

– محمد المومني ( 33 سنة ) أستاذية فلسفة وباحث في ماجستير الفلسفة.

– الحسين بن عمر (30سنه )الأستاذية في الإعلامية 2001 وشهادة الدراسات العليا

المتخصصة في نظام الاتصالات والشبكات 2003

– علي الجلولي ( 33سنة ) أستاذية فلسفة 2001

لطفي فريد (32 سنة ) أستاذية فلسفة 2002

– محمد الناصر الختالي (26 سنة ) أستاذية فلسفة 2005

– حفناوي بن عثمان ( 33 سنة ) أستاذية عربية 2005

من إقصاء وتصفية في النتيجة النهائية لدورة الكاباس 2006 على خلفية نشاطهم صلب الإتحاد العام لطلبة تونس والحركة الطلابية.

نعلــــن :

– رفضنا لسياسة التصفية ورهن الإنتداب للتدريس بغير الشروط العلمية.

– تضامننا اللامشروط مع الاساتذة المسقطين  في شفاهي الكباس 2006 ودعمنا لكل الخطوات النضالية التي يخوضونها – مطالبتنا مكونات المجتمع المدني احزابا ومنظمات وعلى رأسها الإتحاد العام التونسي للشغل ونقابات التعليم بتبني هذا المطلب العادل للاساتذة المذكورين.

 

الصفة

الإسم

جامعي  

منجي الورتاني

جامعي

الناصر براهمي

جامعي

فاضل بليبش

جامعي

حسين بو جرة

جامعي

مصطفى التليلي

جامعي

محمد فوزي بن مونة

جامعي

عبد السلام محمود

جامعي

الشاذلي اللومي

جامعية

لطيفة البكاي

جامعي

جلال التليلي

جامعي

محمد الحبيب مرسيط

جامعي

مقداد عرفة

جامعي

أحمد ذويبي

أستاذ نقابي ت-ث

مستوري القمودي

أستاذ نقابي ت-ث

محمد فاهم نصر

أستاذ نقابي ت-ث

الأمين حامدي

أستاذ نقابي ت-ث

محسن المثلوثي

أستاذ نقابي ت

ماهر الجويني

أستاذ نقابي ت

حفيظ حفيظ

أستاذ نقابي ت

عماد الوريمي

أستاذ نقابي ت

عبد الحميد الورغي

أستاذ نقابي ت

محمد بوهريوة

أستاذ نقابي ت

عبد الباسط رقية

أستاذ نقابي ت

صالح خالد

أستاذ نقابي ت

محمد عامر بكار

أستاذة نقابي ت

سعاد الإينوبلي

أستاذة نقابي ت

وصال الجعيدي

أستاذ نقابي ت

محمد مسلمي

أستاذ نقابي ت

شفيق باللطف

أستاذ نقابي ت

محمد الطاهر

أستاذ نقابي ت

الجيلاني الهمامي

أستاذة نقابي ت

رفيقة الرقيق

أستاذ نقابي ت

شيرازي

أستاذ أول

عبد الحكيم العسكري

أستاذ نقابي ت

النفطي حولة

أستاذ نقابي ت

منجي خليلي

أستاذ أول

بلقاسم هرمي

أستاذ نقابي ت-ث

رضا الكنزاري

أستاذ أول

محسن الرياحي

أستاذ نقابي ت

نعيم بوقابي

أستاذ نقابي ت

الحجري

أستاذ نقابي ت

بشير المروكي

أستاذ أول

مبارك الخضراوي

أستاذ أول

الحسين فالحي

أستاذ أول

محمد شلغوم

أستاذ نقابي ت-ث

محسن الخويني

مرشد

لطفي صواب

أستاذ نقابي ت-ث

جمال التليلي

ناشط طلابي

عادل الحامدي

ناشط طلابي

وسام السعيدي

أستاذ نقابي ت

عبد القادر

أستاذ نقابي ت

محمد الفاهم عرباوي

أستاذ نقابي ت

المولدي قسومي

النقابة العامة للتعليم الثانوي

نجيب السلامي

أستاذ نقابي ت

رضا القربي

أستاذ نقابي ت

منيرة نصير

أستاذ أول

فاطمة بن الأزهر

أستاذ أول

صالح المناعي

أستاذ نقابي ت

عبد الوهاب الطوابي

أستاذ نقابي ت

أحمد الجدعاوي

أستاذ نقابي ت

محمد الكحلاوي

أستاذ نقابي ت

نبيل حمديابراهيم العمري

أستاذ نقابي ت

حسن المدوري

أستاذ نقابي ت

محمد حسين

أستاذ نقابي ت

حبيبة العياري

أستاذ نقابي ت

محسن بن حمد

أستاذ نقابي ت

روضة التركي

أستاذ نقابي ت

مهدي الشورابي

أستاذ نقابي ت

ابراهيم العميري

أستاذ نقابي ت

بوبكر الطاهري

أستاذ نقابي ت

الحبيب الهمامي

أستاذ نقابي ت

خليفة

أستاذ نقابي ت

سهير ادريس

أستاذ أول

محمود محمود

أستاذ نقابي ت

فوزي القصيبي

أستاذ نقابي ت

زياد الأخضر

أستاذ نقابي ت

مسعودة آيت سعدي

أستاذ نقابي ت

نسيب اسكندر

أستاذ أول

خميس الماجري

معلمة

وسيلة بن نعمان

معلم نقابي

منية البكاي

معلم نقابي

منير السديري

معلم نقابي

الهام الأحدب

معلم نقابي

محفوظ الرقيق

معلم نقابي

محجوب الوسلاتي

معلم نقابي

فخر الدين الزايري

معلم نقابي

الناصر خميس

معلم نقابي

المعز بن عامر

معلم نقابي

سليم غريس

معلم نقابي

توفيق معشاوي

معلم نقابي

ظافر

 

مع شكرنا الجزيل للمربين أين كان موقعهم و دامت نضالات المربين- المسقطون عمدا في الكاباس

 


حول انسحاب مجموعة من أقلام « الوسط »

بعد نقاش وجدل فكري حول ما تقتضيه طبيعة المرحلة سياسيا في تونس وعلى اثر مناقشات اتسمت بشيء من السجال الساخن حول متطلبات هذه المرحلة وطنيا سجلت « الوسط التونسية » قرار السادة والأساتذة عبد الباقي خليفة وفتحي نصري والطاهر العبيدي ونور الدين الخميري بالانسحاب من الهيئة الموسعة لأسرة تحريرها وذلك احتجاجا منها على ما ارتأت فيه تغييرا في خط صحيفة الوسط.

 

وإذ يحيي القائمون على صحيفة « الوسط التونسية » هؤلاء الاخوان على ما أبدوه من تعاون عبر الكتابة والمراسلة الدورية لموقعها على شبكة الانترنيت فإنهم يتمنون لهؤلاء الاخوان مسيرة إعلامية وسياسية موفقة ومكللة بالنجاح.

 

من جهة أخرى فان الوسط التونسية تؤكد على حق هؤلاء الاخوان في الاختلاف المشروع وتؤكد في نفس الوقت على أنها تعاهد جمهورها وأحباءها على مواصلة العطاء الصادق من أجل استمرار نتاجها الحر والموضوعي المتوازن في مواكبة الأحداث الوطنية والعربية والدولية.

 

المحرر-غرفة الأخبار بالوسط التونسية

 

(المصدر: مراسلة من صحيفة الوسط التونسية الالكترونية بتاريخ 8 أكتوبر 2006)

عنوان الموقع:http://www.tunisalwasat.com


حزب الوحدة الشعبية

 

في إطار مسامرة رمضانية ينظم حزب الوحدة الشعبية ندوة فكرية بعنوان :

 

 » الديني والسياسي في التاريخ العربي الإسلامي »

 

ينشطها الأستاذ بلقاسم حسن، وذلك يوم

الثلاثاء 10 أكتوبر 2006 بداية من الساعة الثامنة

 والنصف ليلا ، بالمقر المركزي لحزب الوحدة الشعبية 7 نهج النمسا ـ تونس.


النقاش حول تقرير « اللوبي الاسرائيلي » في الولايات المتحدة يتواصل بشكل متصاعد الجدية. بعد نشره من قبل النشرية البريطانية المرموقة « لندن بوك ريفيو »  في شهر مارس 2006 قامت نفس النشرية يوم 3 أكتوبر الماضي في نيو يورك بإقامة جدال علني بين فريقين من ثلاثة خبراء/باحثين بما في ذلك أحد مؤلفي التقرير. يمكن الاطلاع على شريط فيديو الجدال على الرابط التالي:

 

 

الطاهر الأسود


 

حزب تونسي معارض يحتج على منع السلطات عرض مسرحية عن الاستقلال

 

تونس (رويترز) – ندد حزب تونسي معارض يوم الاثنين بقرار السلطات التونسية منع عرض مسرحية تؤرخ لخمسين عاما من استقلال تونس عن فرنسا متهما إياها بفرض الرقابة على حرية التعبير.

 

وعبر الحزب الديمقراطي التقدمي المعارض في بيان أرسل لرويترز عبر البريد الالكتروني عن « شديد استنكاره لتقييد حرية التعبير والإبداع الذي تسلط هذه المرة على فرقة مسرحية عريقة اشتهرت وطنيا ودوليا بمستوى عملها الفني ».

 

وتنبش مسرحية (خمسون) في حقبات زمنية مختلفة منذ استقلال تونس عام 1956 من بينها طرق معالجة زحف الفكر الإسلامي المتطرف. ولاقت المسرحية إشادة واسعة بعد عرضها في فرنسا واليابان.

 

واتهم الفاضل الجعايبي مخرج العمل المسرحي السلطات الثقافية في بلاده بمنع عرض مسرحية (خمسون) إلا في حال إدخال تعديلات عليها بسبب القضايا السياسية والفكرية التي تعالجها.

 

وقال إن لجنة التوجيه التي تمنح تأشيرة العروض المسرحية طالبت بحذف كل أسماء العلم والتواريخ والعديد من الألفاظ من المسرحية للسماح بعرضها متهما إياها « بمناقضة الخطاب التونسي الرسمي الذي ينادي يوميا بحق التعددية الفكرية ».

 

وأشار إلى أن اللجنة طلبت منه حذف استعمال آيات قرآنية ومقاطع ذكر فيها اسم زعيم القاعدة أسامة بن لادن وقائده جماعته السابق في العراق أبو مصعب الزرقاي الذي قتل هذا العام في غارة أمريكية.

 

ولم يتسن الحصول على رد فوري من وزارة الثقافة التونسية.

 

وطالب الحزب الديمقراطي التقدمي في بيانه السلطات الثقافية « بالإفراج عن المسرحية والرجوع عن قرارها الجائر ورفع الرقابة عن مسرحية نالت إعجاب مشاهدين أجانب ».

 

ويشارك في المسرحية التي عرضت في مسرح أوديون الشهير بباريس في يونيو حزيران الماضي نخبة من الممثلين التونسيين أبرزهم النجمة جليلة بكار كاتبة النص.

 

(المصدر: وكالة رويترز للأنباء بتاريخ 9 أكتوبر 2006)

 


 

سهي عرفات وابنتها زهوة تحصلان علي الجنسية التونسية

 

تونس ـ يو بي آي حصلت سهي عرفات أرملة الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات وابنته زهوة علي الجنسية التونسية.

 

وقالت صحيفة الإعلان التونسية الجمعة (6 أكتوبر 2006، التحرير)، إن قرار منح الجنسية التونسية لسهي عرفات نشر في الرائد الرسمي للجمهورية التونسية (المجلة الرسمية) الصادر يوم السادس والعشرين من شهر أيلول (سبتمبر) الماضي.

 

وتقيم سهي عرفات، 41 عاماً، في تونس منذ وفاة زوجها ياسر عرفات داخل مستشفي بيرسي الفرنسي في الحادي عشر من تشرين ثاني (نوفمبر) من عام 2004 بعد غيبوبة استمرت لأيام تضاربت خلالها الأنباء بشأن حقيقة المرض الذي عاني منه وأسباب التّدهور الخطير في حالته بعد نقله الي المستشفي.

 

(المصدر: صحيفة القدس العربي الصادرة يوم 7 أكتوبر 2006)

 


 

تصاعد نسق الشيخوخة في المجتمع التونسي

 

تونس – واس – يبدي باحثون ومختصون تونسيون فى علم الاجتماع تخوفا من ظاهرة ارتفاع معدلات الشيخوخة في تونس وتناقص الزيادة السكانية حيث ينتظر ان يبلغ التونسيون الذين تتجاوز اعمارهم الستين عاما نحو خمس السكان مع عام 2034 وفق تقديرات الاحصاء الاخير للكسان في تونس وتراجع معدلات الانجاب من حوالي 7.2 بالمائة عام 1966 الى 2.9 عام 1994 والى طفلين فقط عام 2002 مما ادى الى اغلاق عديد المدارس الابتدائية التونسية وتراجع عدد الاطفال دون الخامسة.

 

ووفق المسار الحالي للنمو السكاني في تونس فان عدد السكان فى تونس سيكون بعد مائة سنة بحدود 10 ملايين ساكن أي نفس الرقم الحالي للسكان التونسيين و لن تكون الزيادة السكانية في ذلك التاريخ بأكثر من 1.75 بالمائة وينتظر ان يبلغ العدد 13مليون ساكن عام 2049 .

 

وقد اعتمدت تونس منذ 1966 سياسة سكانية اطلق عليها سياسة التنظيم العائلي بهدف تحسين مستوى معيشة المواطن عبر التشجيع على الحد من الولادات وكان ابرز انعكاساتها ظاهرة التهرم السكاني وتراجع الولادات .

 

ومع انه لايوجد أي قانون للحد من الانجاب في تونس إلا ان البيئة العامة الاجتماعية والسكنية في المدن تشجع على ذلك الى جانب رسوخ قناعة لدى شريحة واسعة بالعيش في اسرة لايزيد عدد ابنائها عن ثلاثة سيما بين الفئات المثقفة التي تعيش في المدن ، كما اصبح لدى النساء ميل الى التقليل من الانجاب .

 

وأفادت التقديرات أن نسبة الأطفال دون الخامسة من العمر في تقلص ملحوظ ومتواصل حيث انخفضت من 18.6 في المائة سنة 1966 إلى 14.6 بالمائة سنة 1984 ثم إلى 8 في المائة سنة 2002 و 8.1 سنة 2004 .

 

وأوضحت هذه الإحصائيات أن الهرم السكاني شهد بدايات لتحول عميق مس أعلى الهرم اتساعا فبعد أن كانت نسبة الذين تصل أعمارهم إلى 60 سنة فما فوق لا تمثل سوى 5.5 في المائة سنة 1966 فقد بلغت سنة 1984 نسبة 6.7 في المائة و 9.1 في المائة سنة 2003 وبلغت سنة 2004 في آخر إحصائية عامة للسكن والسكنى 9.3 في المائة .

 

وتوقعت أن تتواصل نسبة المسنين خلال السنوات القادمة بحيث تكون في حدود 9.5 في المائة سنة 2009 و 10.8 في المائة سنة 2014 و 12.8 في المائة سنة 2019 و 15.1 في المائة سنة 2024 و 17.7 في المائة سنة 2029م .

 

في المقابل حث خبراء في الاجتماع على التفطن الى الظاهرة كما يجر ي في البلدان الاوروبية التي تعتمد سياسات تشجع الولادات الا ان عديد المواطنين الذين التقت بهم احدى الصحف التي اثارت الملف في تونس يرون انه من المستحيل عودة الأسرة التونسية الى الكثافة بعد نمو حالة عقلية ترى في الحد من الولادات دعامة لاقتصاد الأسرة التونسية .

 

ويرى الخبير السكاني في الديوان التونسي للأسرة والعمران البشري ان طفلين لكل أسرة يكفي لتحقيق التوازن السكاني خلال العقود القادمة مشترطا التشجيع على الزواج ومحذرا من ظاهرة التأخر فيه واثنى على ظاهرة تيسير القروض للمتزوجين الجدد وتشجيع الزواج الجماعي المقلل من كلفة بالاضافة الى معالجة ملف السكن .

 

ورأى من جانبه ان تنامي الشيخوخة في المجتمع التونسي ليس ذي اثر على الفئة العمرية ما بين 15 و59 سنة وهي الفئة النشطة وستكون بحدود 62.3 بالمائة من عدد السكان التونسيين عام 2034 وهو ما يعني انه لا يوجد ضرر على الحركية الاقتصادية واليد العاملة التي ستكون متوفرة مضيفا ان نسبة من تقل أعمارهم عن 15 عاما ستكون بحوالي 18 بالمائة في ذلك التاريخ .

 

(المصدر: وكالة الأنباء السعودية (واس) بتاريخ 9 أكتوبر 2006)

الرابط: http://www.spa.gov.sa/details.php?id=394990

 


 

خيم تونس الرمضانية للرقص واللهو والغناء!

تونس- محمد الحمروني- إسلام أون لاين.نت

 

« الكافيشنطا » تبدو للناظر من بعيد خيام مخصصة لعقد الندوات الدينية في ليالي شهر رمضان الكريم.. ولكن عند الاقتراب منها تصل إلى مسامعك أصوات متداخلة وترى ما لم يكن ليخطر على بالك.. الموسيقى الصاخبة وراقصات يتمايلن ورائحة مدخنين تعبئ الجو الذي يبعد كل البعد عن الأجواء الإيمانية لشهر الصوم.

 

فبعد غياب دام 20 عاما عادت الخيام الرمضانية الكبيرة التي تضم العديد من « الكافيشنطا » (مقاهي الغناء بالفرنسية) في منطقة تعرف بـ »باب سويقة » بوسط العاصمة التونسية وفي مناطق أخرى مختلفة من العاصمة.

 

عودة مقاهي الغناء التي تشمل أيضا فقرات راقصة وألعابًا سحرية لقيت انتقادات واسعة من قبل كثير من التونسيين.

 

وفي تصريح لـ »إسلام أون لاين.نت »، يفسر د. مهدي مبروك أستاذ علم الاجتماع تغاضي السلطات عن أنشطة هذه المقاهي في رمضان قائلا: « هناك إرادة لتدنيس المقدس وتفعيل الغرائز الحيوانية لدى الإنسان من خلال نشر مظاهر الفجور خاصة في شهر رمضان الفضيل« .

 

واعتبر أن عودة هذه الخيام الراقصة تمثل « الموجة الثانية لتجفيف منابع التدين ». ويوضح مبروك قائلا: « عاشت بلادنا موجة أولى لتجفيف منابع التدين خلال تسعينيات القرن الماضي اعتمدت السلطة خلالها على قوة القانون لخدمة هذا الهدف وضرب ظاهرة التدين التي كانت مرتبطة بشكل كبير بالتيار الإسلامي حينها« .

 

وأضاف: « اليوم ومع انتشار حالة من التدين الشعبي عاد الأسلوب السابق الذي يعتمد على خطف عقول الناس وتحويلهم عن الانشغال بالعبادة والتفكر في هذا الشهر الكريم« .

 

تفريغ رمضان من مضمونه!

 

وتساءل مبروك: « كيف تسمح السلطات بهذه الخيام وبأن يتم إفراغ شهر رمضان من كل شحناته الإيمانية وتحويله من شهر عبادة وتقرب إلى الله إلى شهر تمارس فيه أبغض المنكرات« .

 

وبعد نحو ساعة من هدوء تام يسود شوارع العاصمة التونسية وهي فترة الإفطار تنشط الحركة مرة أخرى بالتونسيين الذين يتجهون لأداء صلاة التراويح، بينما يفضل آخرون أماكن اللهو المختلفة وعلى رأسها « مقاهي الغناء » التي تثير استياء قسم غير قليل من التونسيين.

 

الإمام محمد بالحاج يعبر عن هذا الاستياء بالقول: « نأسف لعودة مقاهي الرقص والغناء بعد أن ظننا أنها اختفت.. هذه الأجواء تعطي انطباعا بأن شهر رمضان هو شهر اللعب واللهو والمجون، في حين أنه شهر الطاعة والعبادة« .

 

ووجّه بالحاج لومًا شديدًا لرواد هذه المقاهي متسائلا: « كيف يسمح فرد صام نهاره أن يقضي ليله يشاهد راقصة شبه عارية بدل أن يكون راكعا ساجدا بين يدي الله؟« .

 

واستنكر التسهيلات التي تقدمها السلطات للجهات التي تعمل على تفشي المعاصي خلال الشهر الكريم والتضييق الشديد في المقابل على الملتزمين دينيا وعلى المحجبات.

 

واستشهد بتصاعد وتيرة الحملة التي تشنها السلطات التونسية وحزب « التجمع الدستوري الديمقراطي » الحاكم ضد المحجبات خلال شهر رمضان وخاصة من الطالبات.

 

مقاهي المفطرين

 

والى جانب عودة ظاهرة مقاهي الغناء إلى الساحة التونسية لاحظ المجتمع التونسي هذا العام الارتفاع الكبير في عدد المقاهي التي تفتح أبوابها لتقدم خدماتها للمفطرين خلال أيام شهر الصوم.

 

ويقول مراسل « إسلام أون لاين.ت »: إنه في السابق كان عدد المقاهي التي تفتح أبوابها في نهار رمضان لا يتجاوز الخمسة في العاصمة كلها وأغلبها كانت مقاهي تابعة للفنادق، أما في رمضان هذا العام فلا يكاد يخلو طريق من مقهى للمفطرين.

 

وتنقسم مقاهي المفطرين إلى ثلاثة أنواع: فمنها مقاهي الفنادق السياحية المنتشرة في العاصمة، والحانات التي تحوّل نشاطها من بيع الخمور في الأيام العادية إلى مقاهي في رمضان، وأخيرا المقاهي العادية التي تواصل تقديم خدماتها خلال نهار الشهر الكريم.

 

وبرّر أحد أصحاب المقاهي فتح محله خلال أيام الصيام بالقول: « يوجد عدد من المرضى الذين لا يستطيعون الصيام، ومن حق هؤلاء أن يجدوا مكانا يشربون ويأكلون فيه دون أن يضايقوا الآخرين« .

 

وكشف عن السبب الحقيقي وراء إتاحة مكان للمفطرين قائلا: لـ »إسلام أون لاين.نت »: « نريد تحقيق دخل جيد خلال الشهر يعيننا على تغطية عجزنا خلال بقية أيام السنة بسبب الارتفاع الكبير في عدد المقاهي والذي أدى إلى تراجع دخلنا« .

 

وعن شعوره بأنه يغضب رب العالمين بأن يعين مفطر على معصية الله قال صاحب المقهى الذي رفض ذكر اسمه: « من جهتي أؤكد لك أني صائم، أما الزبائن فأنا لم أكره أحدًا على الإفطار« .

 

وعن سبب سماح السلطات بفتح هذه المقاهي في نهار شهر الصيام قال م.الحداد (49 سنة) يعمل بالشرطة البلدية: « لا وجود لقانون يمنع المواطنين من فتح محلاتهم وتقديم خدمات للمفطرين، فلم يصلنا أي قرار في هذا الخصوص« .

 

وألقى بالذنب على أصحاب المقاهي قائلا: « المسألة تخضع للقناعات الشخصية لأصحاب المقاهي؛ فمنهم من يرى ضرورة مراعاة حرمة الشهر الكريم ومنهم عكس ذلك« .

 

يذكر أن الرئيس التونسي الراحل الحبيب بورقيبة قد دعا إلى الإفطار جهرة وشرب الماء في أحد أيام رمضان خلال كلمة كان يلقيها في تجمع عمالي أقيم بالعاصمة سنة 1960.

 

وبرر بورقيبة دعوته تلك بأن تونس بحاجة إلى جهد كل أبنائها وهي التي خرجت للتو من الاستعمار ودخلت في مرحلة البناء والتشييد، واعتبر بورقيبة أنه إذا كان الصيام مدعاة للتقاعس كما قال فالواجب أن يفطر التونسيون حتى يتم إعادة بناء البلاد، وقد أثارت تصريحات بورقيبة في ذلك الحين حفيظة المؤسسات الدينية في العالم الإسلامي.

 

(المصدر: موقع إسلام أون لاين بتاريخ 9 أكتوبر 2006)

الرابط: http://www.islamonline.net/Arabic/news/2006-10/09/06.shtml


 

بسم الله ناصر المستضعفين

لكي لا ينسى الأحرار…

 

يوميات تسجل أيام النضال و المناضلين في كدحهم  المتواصل من أجل التحرر و الانعتاق و كسر الأغلال: أغلال الاستبداد و الخنوع و الترف و الشهوات و الجهل..

 عهدا لهم علينا بمواصلة الطريق رغم المحن و الشدائد و الدموع…

و ترحما على الذين قضوا نحبهم …

و شدا على أيدي الذين يواصلون المسيرة غير مبدلين و لا مغيرين..

و أسوة للأجيال القادمة…

 

 

تــــــونس

 

09 أكتوبر 1987

في مثل فجر هذا اليوم من سنة 1987 نفذ حكم الإعدام الذي أصدرته محكمة أمن الدولة برئاسة القاضي الهاشمي الزمال و عضوية كل من النائبين في مجلس الأمة آنذاك عبدالله العبعاب و محمد كريم المستوري و قاضيين آخرين في كل من المناضلين الأخوين محرز بودقة(جمال- المنستير) و أبي لبابة دخيل (قابس)، علما بأن المحكمة المذكورة أصدرت خمسة أحكام غيابية بالإعدام في حق كل من المناضلين حمادي الجبالي و صالح كركر و علي العريض و عبدالمجيد الميلي و فتحي معتوق..

 

09 أكتوبر 1991

 

و في نفس هذا اليوم من سنة 1991 ينفذ حكم الإعدام الذي أصدرته المحكمة الجنائية بتونس العاصمة برئاسة القاضي عبدالقادر الذائـــــــع  و عضوية كل من القضاة محمد فتحي بن يوسف و الطاهر اليفرني و السيدة المحسني و حمدة الشواشي في حق كل من المناضلين مصطفى حسين(مهندس اتصالات-كركر المنستير) و محمد فتحي النيغاوي (وكيل شركة)        و محمد فتحي الزريبي(تلميذ)..

و لسائل أن يسأل هل كان اختيار نفس التاريخ لتنفيذ الحكم بالإعدام سنة1991 كان بريئا أم ماذا وراءه من رسائل؟ علما بأنه منذ ذلك التاريخ لم ينفذ أي حكم بالإعدام رغم مواصلة إصدار المحاكم التونسية  هذا الحكم، مما جعل أقبية السجون التونسية تشهد تكاثر هذه الفئة من المساجين، و يقدر بعض المهتمين  بشؤون السجون عدد هؤلاء بما يزيد عن المائة، و هم يعيشون ظروفا صعبة حيث أنهم ممنوعون من الزيارات العائلية كما أنهم محرومون من المراسلات و تلقي الحوالات و المؤونة ( قفة الطعام التى تجلبها العائلة)، و رغم الإضرابات التي خاضوها فإن مطالبهم لم تتحقق….

 

و الســـــــلام

عبدالله الزواري

جرجيس- تـــــــونس

 


 

موقع « الحوار.نت » ينشر ترجمة للحوار الذي سبق أن أجـراه موقع إخوان ويب باللغة الإنجليزية

مع الشيخ راشد الغنوشي

 

الحوار نت ينفرد بنشر ترجمة الحوار الذى أجراه موقع اخوان ويب مع الشيخ راشد الغنوشى من (اللغة الانجليزية الى اللغة العربية ) بإحالة من الشيخ راشد. وهذه  هي النسخة النهائية التي حصلنا  عليها أخيرا نظرا للأخطاء المطبعية الواردة في النسخة الأولى.

أستاذنا الحبيب فضيلة الشيخ راشد الغنوشى، سلام الله عليكم ورحمة الله وبركاته

جزاكم الله خيرا على الرسالة الرقيقة ولقد أبلغنا راسلتك لفضيلة المرشد الأستاذ مهدى عاكف وهو يبعث لكم التحية لك ولإخوانك في حركة النهضة وهذه أسئلة الحوار التى نتمنى ان تقوم بالاجابة عليها وارسالها عبر الايميل ومعذرة ان كنا نثقل عليك والأسئلة تدور حول محورين رئيسيين هما ( حركة النهضة والحركة الاسلامية عموماً ، الإسلام والغرب) وجزاكم الله خيرا ونسألك الدعاء

1* كلنا نعلم الحقبة التاريخية السوداء التى عاشتها تونس ايام البغيض (وليس الحبيب) بورقيبة الذى حاول مرارا وأد الحركات الاسلامية واعضائها والانتقال بتونس الى مصاف الغرب. سوالى لسيادتكم… هل ترى اختلافا بين تونس ايام بورقيبة وبينها تلك الايام وخصوصا بعد الاستفتاء الاخير لرئيس الدولة زين الدين بن على الذى اتاح له (كما فى الدول الاسلامية والعربية جميعها)الحكم مدى الحياة؟.

 بسم الله الرحمن الرحيم

الى الاخوة الاحباب والابناء الاعزاء المجاهدين في الموقع النير »اخوان أون لاين » ومن ورائهم جمهورهم العريض في ارض الكنانة وغيرها أحييكم بتحية الاسلام فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

-1- ليس من فارق كبير في الوجهة والمنهج بين الاستاذ وتلميذه إلا أن الاستاذ أكثر أدلجة: تولّها بالغرب وحضارته وبغضا للاسلام وحضارته ورجاله ومؤسساته، فكانت العبارة الأثيرة التي تلخص فلسفة الاستاذ ومنهاجه « اللحاق بركب الامم المتحضرة ». ولذلك لم تكن عداوته للحركة الاسلامية إلا فرعا من عداوته للاسلام، فكان شديد الضيق من تعلق الشعب بالله ورسوله وكتابه إذ كان يرى في كل ذلك انتقاصا من مكانته الشخصية وعلوه واستكباره على غرار ما صرح به فرعون »أنا ربكم الاعلى »و »ما أريكم إلا ما أرى »، كان يتعجب من تعظيم الناس لرجل أمي، يقصد رسول الله صلى الله عليه وسلم، بينما يرى نفسه وهو خريج السوربون الاحق بذلك، ولذلك لم يتردد في خطبه في السخرية من القرآن الكريم ومعجزات الانبياء، وبلغ به الغرور حد تحدي شريعة الصوم داعيا شعبه في اول يوم من رمضان الى انتهاك حرمته رافعا الكأس يحتسيه بدعوى الجهاد ضد التخلف. ولذلك لم يتردد علماء كبار مثل الشيخ ابن باز ومفتي مصر السابق الشيخ علي الخفيف وعلامة الهند الشيخ أبي الحسن الندوي في استتابته ، ولكنه مضى في استكباره لايبالي، ولماّ عبر الشعب التونسي عن تمسكه بدينه من خلال ولادة الحركة الاسلامية في السبعينيات التي أعادت الحياة للمساجد وأعادت الاسلام الى مؤسسات الحداثة(المدارس والجامعات..) لم يصبر على الظاهرة طويلا وطوى خصوماته مع الجماعات اليسارية فظلت رحى القمع تطحن الحركة الاسلامية منذ بداية الثمانينيات وحتى اليوم ، فقد توعد « المجاهد الأكبر » أنه لن يخرج من الدنيا وفي تونس « خوانجي واحد »حسب تعبيره. وذهب غير مأسوف عليه وفي تونس اخوانجية كثيرون لا يعلم عددهم الا الله ، رغم أنه منئذ لم تخل سجون تونس من ضيوف اسلاميين.سنة1981شملت المحاكمات حوالي 500من أبناء الاتجاه الاسلامي أمضوا حوالي اربع سنوات. ولأنهم لم يتوبوا – بحسبه- فقد كر عليهم بعد حوالي سنتين أشد باسا وغيضا لتشمل اعتقالاته حوالي عشرة آلاف اسلاميا صدرت عليهم أحكام ثقيلة بلغت حد الاعدام. وكان يقود الحملة وزيره للداخلية الذي ما لبث أن انقلب عليه وحل محله وأطلق سراح المساجين وأعلن تأهّل تونس لحياة ديمقراطية وإعادة الاعتبار للعروبة والاسلام فاستبشر الناس وعبروا عن تاييدهم له بما في ذلك الحركة الاسلامية ، غير أنه في أول انتخابات نظمت في »العهد الجديد » شاركت فيها الحركة الاسلامية من خلال قوائم مستقلة باعتبار أنه غير معترف بها رغم أنها ظلت منذ بداية الثمانينيات توالي دق باب القانون، حصدت أغلبية الاصوات، فلم تكتف السلطة بتزييف النتائج بل قررت معاقبة الفائزين بالاستئصال، وأشد من ذلك قربت أعداء الاسلام ومكنتهم من مؤسسات التعليم والاعلام تطبيقا لخطة حملت عنوانا: »تجفيف الينابيع » على أساس أن القضاء على الحركة الاسلامية بصفتها خصما سياسيا لا يتم بشكل نهائي يضمن عدم تجددها دون اجتثاث رواسب الثقافة الاسلامية من قيم المجتمع وتقاليده ،فاغلقت آلاف المساجد في المؤسسات التعليمية والاقتصادية والادارية،وحظرت الدروس المسجدية وغدت الصلاة مقياسا للتعرف على الاصوليين بل غدت مراكز الشرطة مطلوبا منها تقديم كشوف احصائية شهرية عن المصلين وبالخصوص الشباب. وغصت السجون بحوالي ثلاثين الفا من دعاة الاسلام وقادة الحركة وتحول التعذيب نهجا ثابتا  كما فرضت على المساجين خطط قتل بطيئ :تقتيرا للغذاء والهواء ومنعا للدواء..الخ، حتى لقي ربهم أزيد من اربعين أخا_ نسال الله لهم منزلة الشهداء. كما فرضت على عوائلهم خطط حصار وتجويع رهيبة. وفرض على التونسية خلع حجابها في المدارس والجامعات والادارات والمصانع ،حتى المستشفيات الحكومية يمنع عليها التعامل مع المتحجبة ولو كانت حاملا بصدد الولادة، بل يمزق الحجاب حتى في الشوارع، كل ذلك وأنكى منه اقترفه بورقيبة وتلميذه تحت لافتات براقة :الدفاع عن الحداثة والديمقراطية والمجتمع المدني ومقاومة التطرف والارهاب واجدين على ذلك تمويلا سخيا من حماة الديمقراطية الغربية، ومن الاستئصاليين.

ومع كل هذا الكيد الدفين للاسلام وأهله وللحرية وللتمدن الحقيقي( ارجع للتوسع الى كتاب تونس:الاسلام الجريح.تاليف الشيخ محمد الهادي الزمزمي) فقد فشلوا في استدراج الحركة الى مستنقع العنف باعتباره داء وليس دواء، كما فشلوا في القضاء على التدين ، إذ انطلقت السنوات الاخيرة موجة عارمة من التدين لم يشهد تاريخ البلاد لها مثيلا في حجمها واتساعها وامتداها الى كل الجهات والطبقات والمستويات العمرية، وعاد الحجاب، عادت رايات الاسلام، رايات العفة تملأ شوراع تونس، كما فشلت السلطة فشلا ذريعا في عزل الحركة واستئصالها، فقد عادت السنوات الاخيرة حبال التواصل بينها وبين المنتظم السياسي المعارض بمختلف اتجاهاته على أساس الدفاع عن الحريات العامة والحقوق المتساوية لكل التونسيين مهما اختلفت اتجاهاتهم ، وبالمقابل اتجه مسار السلطة صوب العزلة واتساع دوائر الغاضبين والساخطين على نهب الارزاق وتكميم الافواه وإفراغ الخطاب السياسي والاعلامي من كل مضمون غير النفاق لا سيما بعد أن استنفد رئيس الدولة عهداته الثلاث منذ سنتين فكان عليه أن يغادر إلا أنه صمم على العودة الى ما كان عليه سلفه من رئاسة مؤبدة فانحرف بالدستور في استفتاء يذكر باستفتاءات  شاوسيسكو وبرجنيف فاتحا الطريق أمام رئاسة مؤبدة على غرار شقيقه المصري » ملة واحدة » وذلك دفاعا عن مصالح عائلية تتضخم يوما بعد يوم وتعمل ليل نهار على نهب الثورة العامة، الامر الذي وسع من دائرة العاطلين حتى بين حملة الشهادات وصعّد من حالة الاحتقان ضمن مناخات القمع السياسي والاعلامي والديني السائدة بما يرشح البلاد لمختلف الانفجارات لا سيما والسلطة ظلت باستمرار تصم آذانها عن الاستجابة لكل مطالب الاصلاح والانفتاح حتى تلك المطالب البسيطة التي تبنتها أوسع دائرة من أحزاب المعارضة(حركة 18أكتوبر)التي تضم اللبراليين والشيوعيين والاسلاميين والقوميين واليساريين ، وتتلخص في:حرية التعبير ، وحرية تكوين الجمعيات والاحزاب ، واطلاق سراح المساجين.  

2– خاضت الحركة الاسلامية في كل من المغرب وتونس والجزائر تجارب مختلفة مع الانظمة الحاكمة في حكوماتها ، فهل من الممكن ان تعطينا فكرة عن نقاط الاتفاق والتمايز بين فصائل الحركة الاسلامية في تلك الدول ، وامكانيات التعاون والتنسيق بينها، خاصة في ظل التقارب الجغرافي والثقافي بين دول المغرب العربي؟

ج: كانت أقطار المغرب العربي تدعى الغرب الاسلامي، والعروبة والاسلام في تراث المنطقة يكادان يتماهيان فقد أسلمنا ثم تعربنا، وبقدر ما يتجذر الاسلام ويمتد تمتد معه العروبة وتتجذر. وكل مستهدف للغة العربية وثقافتها هو بالضرورة مستهدف للاسلام وحضارته_

 هذه الاقطار الخمسة يجمعها الاسلام السني المالكي – عدا قلة من من اخواننا الاباضية وهم مندمجون في نسيج المنطقة. تعتبر المنطقة ثغورا للاسلام في مواجهة أمم غربية كبرى اسبانيا وفرنسا وإيطاليا، اجتاحتها وطمعت في استلحاقها وحتى تنصيرها، لولا الاسلام العظيم الذي ردهم على الاعقاب،غير أن العامل الثقافي الفرنسي استمر تاثيره بعد الاستقلال – إن لم يكن قد تعزز- من خلال النخبة التي تشكلت في ظل الاحتلال- عدا ليبيا- وآل أمر الحكم اليها، فتواصل الصراع بين جماهير ظلت قبلتها المشرق ونخبة حاكمة قبلتها الغرب وبالخصوص الفرنسي، ورغم تنوع ساحات الصراع يظل هذا المعترك في المحصلة هو الاسخن والاعمق، يظهر ذلك جليا في قضايا مثل العراق ولبنان، ومعنى ذلك أن الصراع على هوية المنطقة ظل منذ حل الاحتلال وحتى يومنا هذا محتدما وتعتبر الحركة الاسلامية في مقدمة فوارسه في مواجهة قوى التغريب الماسكة بزمام الحكم، توظفه لصالح فرض هوية تغريبية على المنطقة وسلخها من سداها العربي الاسلامي. وأشد ما يحتدم هذا الصراع في تونس والجزائر، حيث لا يقتصر على البعد اللغوي الثقافي وإنما يتجاوزه الى البعد الديني: حربا دؤوبا على الاسلام تحت دعاوى التحديث، وذلك ما يفسرحجم العنف الذي سلط على الاسلاميين في القطرين وبالخصوص في عشرية التسعينيات، على إثر فوز الحركة الاسلامية في القطرين بأغلبية الاصوات(أبريل 1989في تونس )و1992في الجزائر. ولقد فقهت الحركة المغربية الدرس فقررت تحجيم نفسها تجنبا لمصير مماثل، رغم أن الصراع الثقافي صراع الهوية في المغرب الاقصى ليس مطروحا بسبب الطبيعة الدينية للدولة، وهو ما أتاح إمكانا للتعايش مع حركة اسلامية معتدلة مثل التوحيد والاصلاح وامتداها السياسي :العدالة والتنمية، وفرض على الحركات العلمانية أن تعترف بعد صراعات مريرة بهذه الهوية وتوفق نفسها معها، على نحو أو آخر، ولذلك كان حجم الاضطهاد ولا يزال محدودا للحركة الاسلامية رغم ما يتعرض له اخواننا في حركة العدل والاحسان الاوسع انتشارا من ضروب اضطهاد وتضييق،مع أن نهجها سلمي تربوي، ربما بسبب شدة نقدها لسياسات السلطة وما تجده من صدى لدى الجماهير، ومع ذلك لم يتجاوز الاضطهاد هدف التحجيم الى طور تبني خطط استئصال وكسر عظم، كما حصل في كل من القطرين:الجزائر وتونس، بل انضافت في القطر الاخير خطة أخرى دعيت « تجفيف الينابيع، بناء على أنه لا مناص من أجل اسئصال نهائي للاسلاميين باعتبارهم خصما سياسيا من تصفية الموروث الثقافي الاسلامي في المجتمع، كما تقدم. ورغم أن ماكينة  القمع في الجزائر التي  حصدت ما لا يقل عن مائتي ألف جزائريا قد انصب باسها على الجبهة الاسلامية والاحياء التي ناصرتها في الانتخابات،لم تتبع النهج التونسي في اعتبار كل الاسلاميين ارهابيين، فتركت مجالا للممارسة الدينية الفردية من صلاة وحجاب وتثقيف (كتاب اسلامي) بل استبقت على حركات اسلامية مسالمة بل أشركت بعضها في الحكم،مثل حركة مجتمع السلم، رغم ذلك فخطة تجفيف الينابيع تجري هناك أيضا ولكن باقل جلبة، فكما تم في تونس منذ بداية الاستقلال القضاء على التعليم الديني ممثلا في جامع الزيتونة الذي يعد أول مؤسسة للتعليم الديني في افريقيا بعد القيروان، وكان يتابع التعليم فيه يوم الاستقلال(1956)ما لا يقل عن سبعة وعشرين ألفا، الغي مرة واحدة باسم توحيد التعليم أي فرنسته ، فقد حصل في الجزائر شبيه بذلك،إذ قد تعرض نظام التعليم الديني الذي تأسس بعد الاستقلال والشبيه بنظام جامع الزيتونة،وسمي « التعليم الاصلي ، نظام مواز للمدرسة العامة، تعرض السنوات الاخيرة للشطب، كما تم وقف برنامج التعريب رغم الصراعات المريرة التي دارت حوله، وأقصي بسببه رؤساء. وتكفي إطلالة على التلفزيون الجزائري لأخذ صورة عما تتعرض له الهوية العربية الاسلامية للجزائر من مسخ: خليط غير متجانس من عربية وفرنسية(يمكن الاطلاع على كتاب المؤرخ الجزائري د.أحمد ابن نعمان:تعلموا الهوية حتى من فرنسا). ويورد المؤلف تفاصيل عن خطة استهداف مقومات الهوية بما يجعل الامور وكأنها تتجه الى تصديق وعد الجنرال ديغول وهو يقنع اليمين المتطرف بإعطاء الجزائريين استقلالهم( امنحوني فرصة 30سنة وستعود الجزائر اليكم).على كل حال هي قبلت لأول مرة الحضور في منظمة الدول الفرنكفونية.

 ومع كل ذلك فإن الثابت أن الاسلام  على امتداد المنطقة في حال صحو: رواد مساجده يتضاعفون حتى في البلاد التي طبقت فيه أشرس خطط الاستئصال السياسي والثقافي مثل تونس،والاقبال على المواد الاسلامية وخصوصا في الفضائيات في تنام عجيب، والمد التغريبي رغم السند الرسمي في انحسار. أما سياسيا فهناك بعض المؤشرات على اتجاه صوب المصالحة بين الدولة والحركة الاسلامية، ولكنه  في حالة تردد وارتباك، والمؤكد أنه  ليس في حالة تصاعد ونمو مطرد. ومن ذلك ما حصل الاشهر الاخيرة من تصاعد للتوتر مع العدل والاحسان وتعرض مئات من أنصاره للاعتقال والتضييق على عمله الدعوي والاعلامي، كما تعرض مئات من انصار الدعوة السلفية وبعضهم متهم بالعنف لاضطهاد ثقيل.كما تعرض مئات من الشبان في تونس للاعتقال والتعذيب وتسليط قانون الارهاب عليهم لتكبيلهم بأحكام ثقيلة لمجرد اشتباه في أنهم يحدثون أنفسهم بالجهاد في العراق، أو يفتحون مواقع جهادية.

مقابل ذلك حصلت في كل من موريطانيا والجزائر ليبيا وتونس  خلال السنة الاخيرة إفراجات عن مساجين(آلاف في الجزائرضمن مشروع المصالحة الذي يقوده الرئيس بوتفليقة) ومئات بين موريطانيا وتونس وليبيا حيث أفرج في القطر الاخير عن كل الاخوان وبقي المتهمون في قضايا عنف بينما ظل في تونس زهاء 500 سجينا نصفهم تقريبا نهضويون معظمهم قياديون والباقون متهمون في قضايا عنف.

هناك حديث عن حوارات ومشاريع تصالح في كل من موريطانيا وليبيا .أما في تونس فقد ظلت السلطة مصرة على إنكار وجود مساجين سياسيين لديها أصلا. فهم في نظرها مجرمون ارهابيون فظلت رافضة كل دعوات الاصلاح التي نادت اليها النهضة، بما يدل على حالة تكلس وافتقاد قابلية الاصلاح، ويضع البلاد على طريق الانفجارات. في الجزائر مشروع الصلح المطروح لا يتجاوز المستوى الانساني ، وعلى أهميته فانه لا يفتح الجرح ويستاصل منه الداء بل يبقي على جانب من تقيحاته إذ تصر السلطة على الانحياز للطرف الذي تسبب في الماساة بتوقيفه للمسار الانتخابي(الجيش) فتبرئ ساحته من كل مسؤولية بل تعامله على أنه قد أنقذ الدولة، في حين تدين الضحية سياسيا، فتحرمه من حقوقه في العمل السياسي، و لكنها تتسامح معه انسانيا، فتسمح له بالعيش.

وهكذا تبدو الحالة الاسلامية في المغرب العربي مختلطة غائمة  وتبحث عن مستقر لها. وما دام هناك حرمان سياسي من ممارسة الحقوق السياسية مسلط على تيار من التيارات وبالخصوص إذا كان مسالما، فنحن أمام خطر المفاجآت غير السارة وتراكم الاحقاد واحتمالات ردود الافعال بمختلف أصنافها، ما لم ينفسح المنتظم السياسي والثقافي والاعلامي ليستوعب كل المواطنين على قدم المساواة للاسهام في خدمة بلادهم. وذلك أن ما حصل من انفراجات – على أهميتها- لم يتعدّ عموما الافق الانساني الى الافق السياسي: تبادلا للاعتراف بين الدولة وبين كل مكونات المجتمع، وبالخصوص الاسلاميين باعتبارهم الطرف الاكثر تجذرا في المجتمع، بما يجعل الاعتراف بهم والوصول معهم الى تسويات مقياسا رئيسا في تقدم أو تاخر عملية التحول الديمقراطي في قطر من الاقطار.

ومقابل تردد الانظمة إن لم يكن رفضها السير بجد في طريق التحول الديمقراطي وإصرارها على انتهاج « ديمقراطية »مكيفة، ديمقراطية تحت السيطرة، فإن الاتجاه العام للحركات الاسلامية يؤكد رفضها سبيل العنف والتصحيم على النهج السلمي في إطار القوانين القائمة،ولكن الحكومات لا تقابل ذلك بترحيب بل تبدو وكأنها ترغب في استمرار قدر من العنف(تحت السيطرة)يقدم مبررا للسلطة في استمرار الابواب الموصدة والقبضة الحديدية كما يفيدها في الانتماء للمعسكر الدولي المحارب للارهاب، واستحقاق تمويلات ومنافع من وراء ذلك.

عموما، واضح انحسار العنف الى حد كبير في الجزائر وتوقفه في ليبيا ، غير أن مناخات الانغلاق في الداخل وتصاعد الهجوم الدولي على الاسلام ووجود نماذج جهادية عالمية ولّد توجهات جديدة وسط الشباب نحو ابتغاء سبيل القوة..هناك مئات من الشباب معتقلين في كل قطرعلى هذه الخلفية.

أما التعاون بين الحركات الاسلامية في هذه المنطقة فهو محدود ولم يتجاوز مستوى العلاقات الشخصية والاخوية الى مستوى العلاقات المنظمة، وذلك بسبب انشغال كل بهمومه القطرية وبسبب اختلاف الاوضاع وغلبة حالة الاضطهاد التي لا توفر مجالات للقاء المنظم وتبادل الخبرات.  

3- س:   ما هو الواقع الحقوقي في تونس في عهد ابن علي؟

ج:كان في عهد سلفه سيئا وفي عهده هو أسوأ بكثير، بل ربما لم يعرف تاريخ البلاد على امتداه عهدا انتهكت فيه كرامة الانسان واستبيحت الاعراض وخربت الاخلاق العامة وتضعضع كيان الاسرة لدرجة أن تونس الدولة الوحيدة في العالم الثالث المهددة بالشيخوخة حتى أن المدارس الابتدائية لم تعد تجد ما تحتاجه من الاولاد، بسبب الانصراف عن الزواج وتحديد النسل وكثرة الطلاق. ولم تستقبل السجون في تاريخ البلاد أفواجا من سجناء الراي مثلما حصل في هذا العهد(30ألف سجينا) بينما الخطاب الرسمي يلهج ليل نهار بلغة الحداثة وحقوق الانسان حاى افرغت اللغة من كل مضمون، من ذلك أنه في الوقت الذي تحول فيه التعذيب نهجا ثابتا متبعا في كل مراكز الامن صدر قرار بتدريس الاعلان العام لحقوق الانسان في كل المدارس بل تعليقه على كل مراكز الامن. أما الحقوق الدينية للمسلمين فقد بلغت حد ملاحقة المصلين وحظر الكتاب الاسلامي حتى التراثي ومنعت المصاحف في السجون بل وديست وحظرت الصلاة على المساجين إلا خلال ساعات الدوام. ولا حديث بعد ذلك عن حقوق التعبير فالاعلام كله يسبح بحمد صانع التغيير وحامي حمى الوطن والدين.ولا حديث عن الحقوق السياسية فالرئيس منذ انتصب لئن نقصت شعبيته مرة واحدة عن99% فإنها لم تنحدر دون95%وحزبه كذلك الذي يحكم منذ نصف قرن (الحزب الوحيد في العالم) لم ينحدر عن هذه النسبة وإن تكرم فضلا منه ومنا عن نسبة ثابتة20من مقاعد البرلمان لأحزاب المعارضة المدجنة تقسم بينهم رغم عدم تمكنهم حتى من الحصول مجتمعين على 5%من الاصوات.ماذا أقول لك؟إنها تمثيلية بسيناريو وممثلين هابطة جدا بل مأساوية.وشعب تونس بالتأكيد يستحق خيرا من ذلك والدليل امتلاء السجون بالاحرار من كل الاتجاهات وجيش من من فرق القمع تجاوز عددها130ألفا لحجم من السكان لا يزيد عن10ملايين.ينبغي أن يكون عددهم بالقياس الى سكان مصري مليونا، فضلا عن وجود حراك نقابي وطلابي وسياسي معارض ولكن قانون الرعب هو الحاكم، والتويل اروبي امريكي صهيوني.  

4-* وما هو التقدير الحقيقى لعدد المعتقلين فى السجون التونسية وماهو واقع السجون التونسية؟

ج- فيما سبق ما يكفي مما يملأ النفس غما. صحيح أن العدد كان في بداية التسعينيات حوالي 30ألفا من أبناء وقادة النهضة إضافة الى2000 مهجرين، وأنه لم يبق اليوم من مساجين النهضة غير حوالي 300يقضون أحكاما طويلة وكأنه صادر عليهم حكم بالاعدام تقسيطا ولذلك عشرات منهم قضوا نحبهم، إلا أن المشكل اليوم ليس في من بقي في السجن فقد غدت قضيتهم أوضح من الشمس والمطالبة باطلاق سراحهم محل اجماع وطني ومن طرف المنظمات الحقوقية الدولية ولكن ذلك لم يغير شيئا من الطبيعة البوليسية للحكم المشكل واستهدافه لكل صوت معارض وبالخصوص الحركة الاسلامية.ومن ذ لك فإن الآلاف الذي سرّحواوجدوا أنفسهم قد انتقلوا من سجن مضيق الى سجن موسع محرومين حتى من حق الانتقال إلا باذن من مكان الى آخر ومن حق الشغل في دوائر الحكومة والشركات بل مفروض عليهم إثبات حضورهم في مراكز الامن مرة أو مرات دوريا.محرومين حتى من دفتر العلاج المجاني هم وعوائلهم. ومع ذلك فإنهم داخل السجون المضيقة والموسعة معنوياتهم عالية حفظوا عن ظهر قلب كتاب الله رغم كل التضييقات، مستبشرون بنصر الله، محل إعجاب وتقدير في قراهم ومدنهم ووسط الاجيال الجديدة المقبلة على المساجد أفواجا.إنها محنة عظيمة لم يبتل الاسلام والحرية بمثلها في تاريخ البلاد، ولكنها في طريقها الى الزوال باذن الله(والعاقبة للمتقين)نسال الله أن نكون منهم.  

5- * هناك من ينتقد بقاءكم كمعارضة فى الخارج ويرون أن المعارضة من الداخل أفضل واكثر تأثيراً فما ردك على هذه الأراء

ما مدى جدوى المعارضة من الخارج؟

ج: ابتلاء اصحاب الدعوات في أنفسهم واموالهم ، بالسجن والتهجير والقتل سنة ثابتة.قال تعالى »وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك (السجن)أو يقتلوك أو يخرجوك(الهجرة) ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين »الانفال. والحقيقة أني لم أختر الهجرة إذ قد خرجت من البلاد بنية القاء محاضرة في المانيا ثم تتالت الدعوات الى أن أخذ الوضع في البلاد يتوتر بعد تزييف السلطة للانتخابات فتشاورت مع اخواني فطلبوا الي البقاء في الخارج حتى  تتضح الرؤية، وما لبثت الاعتقال أن استحر، حتى استحال قيام قيادة في الداخل وتمكن عدد من الاخوة من النجاة بانفسهم عبر الصحاري فاجتمعوا في بلد اروبي بينما كنت محصورا في بريطانيا لا أملك وثيقة سفر، فتداولوا الامر وقرروا تهجير القرار وانتخبوا قيادة مؤقتة مجلسا للشورى ورئاسة عهدوا بها الى العبد الضعيف. ولم تقصّر السلطة في ملاحقتنا بادراجنا ضمن قائمة المجرمين الدوليين من اجل استعادتنا وتكميم افواههنا، فالسجون التي اتسعت ل30ألفا لا يزال فيها متسع. نحن موزعون على حوالي خمسين دولة، حافظنا بفضل الله على وحدة جماعتنا وسمتها الفكري والتربوي واستبقينا بفضل الله قضية الحركة ومظلمتها حية وطرحنا قضيتنا على عموم المسلمين والمنظمات الحقوقية، فافشلنا خطة السلطة في تجريمنا ووضعنا على قوائم الارهاب،كما أمكن لهولاء المهجرين أن ينشئوا عملا اعلاميا ويؤسسوا مؤسسات إغاثية لإعالة أسر المساجين والشهداء، بينما خطة السلطة تجويعهم والضغط على الأخوات لتطليق ازواجهم- كما حصل مع أكثر من أخت- أو إفسادهم أصلا،ذلك ما توعّد به وزير الداخلية. كما تواصلنا مع المنتظم السياسي التونسي المعارض في الخارج والداخل وأمكن القيام بندوات مشتركة أفضت الى عمل مشترك « هياة 18أكتوبر التي تاسست السنة الماضية جامعة أهم حركات المعارضة. قد تكون هذه المهمات بسيطة ولم تسعف في تغيير الاوضاع، ونحن لم نزعم أننا خرجنا من البلاد من أجل تغييرها بالمراسلة، فالتغيير إذا تم بشكل نظيف وليس عبر دبابات الاحتلال لا يتم إلا من الداخل، نحن لم نهاجر من أجل تغيير البلاد وإنما لحفظ نفوسنا وهو مقصد من مقاصد شريعتنا، وما تيسر بعد ذلك من الانجازات مما يخفف من وطأة المحنة، أو مما  قد يفيد المسلمين من مثل نشر كتابات والاسهام في ندوات وإجراء حوارات من هذا القبيل  فمحض فضل من الله،لا تتيح السجون شيئا منه. ومتى كانت السجون مكانا محببا للمسلم حتى يحرص عليه بدل الحرص على تجنبه؟. وتحاول بعض ابواق السلطة التظاهر بالغيرة على المساجين وتحميل قيادة الحركة بقاءهم خلال عقد ونصف في السجن وكأن مفاتيح السجن بيد الحركة. ولقد كنت أجبت شابا غيورا( زهير اليحياوي رحمه الله) دعاني مرة للعودة، أجبته بأنني كنت أمضيت خمس سنوات سجينا ،ثم حكم علي غيابيا مرتين بالسجن المؤبد، وواحدة منها تكفي، فما المكان الذي ينتظرني إذا عدت اليوم ؟ وهل من الحكمة في شيء أن نضيف سجينا الى الآلاف الذين نطالب بإخراجهم؟ صحيح أن فرصي في التاثير من الخارج محدودة ولكن ما هي الفرص المتاحة في الداخل؟. إن الدعوات على اختلاف توجهاتها دينية أو غير دينية قبل أن تمكن تبتلى بصنوف من البلاء والهجرة واحد منها.وحسب المرء أن يسال الله الثبات في أي خندق من خنادق البلاء ابتلي به.  

6-* ماهو تقييمكم لأداء تنظيم القاعدة وألا ترون أنه يسحب البساط من تحت اقدام التيارات الاسلامية الوسطية أو المعتدلة فى ظل امتداد الهيمنة الأمريكية والصهيونية والمجازر التى تحدث للمسلمين سواء فى فلسطين، العراق ، لبنان وغيرها فهل ترى هذا انحسار للفكر الاسلامى الوسطى وانتشار فكر العنف

 ج: أ- الأصل حسن الظن بالمومنين.ويشهد العارفون بالجماعات الجهادية عموما وبالخصوص الاجيال الاولى أنهم على دين، يبتغون التقرب الى الله بأعمالهم، محتسبين ما يصيبهم، صوامون قوامون، قد باعوا أنفسهم لله عز وجل واسترخصوا في سبيل كل متاع الدنيا، ووجهوا وجوههم شطر الدار الآخرة يبتغون فضلا من الله ورضوانا، فهم إخواننا في الدين نقدّر فيهم حملهم لهمّ الاسلام وغيرتهم عليه وعلى أمته، فلهم علينا حقوق المسلم على المسلم.ومنها حق النصرة، بمعناها الشرعي وليس الجاهلي.وحديثنا عنهم يندرج في هذا الباب، لأنه لا ينال من القلوب والنيات، ولا يهدر حرمتهم، وإنما ينصب على ما تنتجه أو تعيد انتاجه عقولهم من فهوم وتصورات للاسلام ولواقع المسلمين وللعلاقات الدولية، ومناهج في التغيير، فهناك تكمن الاخلال الخطرة.بل الاخطاء القاتلة .

ب- ماأعلم لجماعة القاعدة من فكرغير ما هو معروف عن المتشددين من تكفيروأحادية في النظرة للاسلام، وحصر لمناهاج التغيير في الجهاد القتالي، وكله ذلك مندرج في منهاج التبسيط والتشدد وبالخصوص في القضايا المعقدة مثل قضية التغيير.فمهما اختلفت علل المجتمعات فليس عند الجماعة من دواء غير التكفير والجهاد. ولأن الواقع شديد التعقيد ولا تجدي معه الحلول المبسطة فإنهم سرعان ما اصطدموا به، فبدؤوا  يدركون أن القوالب الجامدة لا يمكن أن تتعامل مع تعقيدات الواقع. فبعد أن أعلنوا عن تكوين جبهة عالمية لمقاتلة اليهود والنصارى فاستحلوا بذلك قتال حتى من لا يقاتلهم من ركاب قطارات الصباح والطائرات المدنية ورواد الاسواق انتقاما من حكوماتهم، تراجعوا، فقالوا أنهم لايقاتلون كل النصارى.والدليل أنهم لم يستهدفوا أهل السويد وسويسرا.

 اعلنوا في العراق عبر ممثلهم -غفر الله له ولكل ضحايا الفتنة- ، تكفير فرقة من فرق المسلمين: الشيعة: وشنوا عليها حربا شاملة، فرد أولئك- والدولة بأيديهم وظهيرهم كثير- بحرب أنكى منها على السنة ، رغم أن مراجع السنة داخل العراق وخارجه طالما تبرأوا من العدوان الذي يقترفه أولئك باسم السنة ، وبذلك انتهت الاعمال الشائنة وردود الافعال الهوجاء عليها  الى حالة فتنة طامة ودمار شامل لقطر من أعظم  أقطار المسلمين، مضافا  الى ما يقترفه الاحتلال ومما يحقق أغراضه، بل هو المتسبب فيه وصاحب المصلحة فيه، فكان ذلك من أعظم الكوارث التي حلت بالاسلام المعاصر وبوحدة نسيج أمته:القتل على الهوية في تحد سافر لقواعد كبرى في القتال:ألاّ يقاتل إلا المقاتلون، وعصمة دم المسلم ، وقاعدة المسؤولية الفردية »ألا تزروازرة وزر أخرى »، بما أجج نار الفتن في جسم الامة وهددها باوخم العواقب، بما لاسابقة له في تاريخ الاسلام إلا في زمن الخوارج.

 ج: لمّا غزي لبنان من قبل الصهاينة وخرج اليهم صناديد حزب الله، فردوهم على أعقابهم خاسئين،وابلوا عظيم البلاء، بما أحيى في الامة روح العزة وأعاد للكرامة المثخنة جراحا، مشاعر النخوة، فتحرك الشارع الاسلامي على امتداد العالم فرحا وتضامنا واحتجاجا،رافعا صور السيد نصر الله رمز المقاومة الباسلة والعزة المستانفة، لم تتخلف جماعة القاعدة عن الموعد، ظهورا كالعادة في الوقت الغلط، بنوع من الاصرار على الوجود وسط المشهد، استبعادا للعزلة عن تيار الامة،فماذا تراهم قائلون ؟ أعلنوا مناصرتهم لأهل لبنان، لا باعتبارذلك من أبسط حقوق المسلم على أخيه المسلم، فهؤلاء عندهم ليسوا طائفة من المسلمين لها حقوق، وإنما باعتبارهم مستضعفين،حق على مستضعفي العالم نصرتهم ! دون تورط في تحديد ديانة هؤلاء المستضعفين اللبنانيين: هل هم يهود أم نصارى؟هل الشيعة من ضمنهم؟ وهكذا ترى التخبط. ينتصر للبنانيين باعتبارهم مستضعفين لا باعتبارهم مسلمين.!!

 د- إنه لولا المظالم المسلطة على المسلمين من قبل قوى الهيمنة الغربية وتخاذل حكام المسلمين وفشو الجهل في المسلمين ما كان لمثل هذا التخبط وهذا التبسيط والتشدد أن يروج على أحد،ويجد أتباعا،  وهم في كل الاحوال أضعف من أن يضاروا التيار الوسطي العريض، لأن التشدد لم يكن ديانة للامة في يوم من الايام لانه أعجز من أن يصنع بينهااجماعا،الامة لا تجتمع إلا على الوسط « وكذلك جعلناكم أمة وسطا »، ولذلك فشل هؤلاء في اختطاف الاسلام ومحاولة النطق باسمه وممارسة وصاية عليه تضيّق ما وسع الله لعباده وخولهم من حق الاجتهاد والاختلاف والتعدد، حتى يظل الاسلام قادرا على توجيه الواقع مهما تطور وتعقد وشمول المسلمين بل البشرية كله برحمته مهما اختلفت، فحساب العقائد مرده الى الله(ثم اليّ مرجعكم فأنبئكم في ما كنتم فيه تختلفون).

ه- لقد اجتهدت حركة حماس، فاختارت سبيل الجهاد القتالي في التعامل مع العدو الصهيوني وأبلت بلاء حسنا،بينما اختارت سبيل العمل السلمي الديمقراطي في التعامل مع ابناء شعبها من خلال القبول بآليات الديمقراطية سبيلا للحكم والاصلاح، فطلعت علينا جماعة التشدد التي تكفرالديمقراطية، تنعى عليها ذلك، على اعتبار الديمقراطية حراما، فما يبقى من سبيل للاصلاح جائز غير قتال الكافة. وهو نهج تبسيطي بينما قضايا الواقع شديدة التعقيد، لذا جاءت الشريعة بحلول مركبة، فهي إذ أمرت بتغيير المنكر فقد فتحت أكثر من سبيل لتحقيق ذلك بحسب ما هومتاح من الامكانالايسر فالايسر.قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « من رآى منكم منكرا فليغيره بيده فان لم يستطع فبلسانه فان لم يستطع فبقلبه » ومن ضوابط هذه القاعدة أن كل سبيل لتغيير المنكر يؤدي الى تفاقمه ليس من قبيل المعروف بل المنكر. وواضح حجم الكوارث الذي أفضى اليه نهج التكفير والتبسيط المعتمد لدى  جماعات التشدد، فلم يفعلوا في دفع ظلم الامم وعدوانها على امة الاسلام إلا مزيدا من تأليبها على الاسلام وأهله وتشويها لصورته وعزلا لأهله  وأقلياته. وهكذا يفعل الاحمق بنفسه أشد مما يفعل العدو بعدوه.

و- وواضحة ثمار كل من النهجين في الاصلاح نهج التكفير والقتال العام للكافرين كل الكافرين وللمخالفين في المذهب، ونهج الوسطية نهج الاعتدال والتربية والتمييز بين كافرين  محاربين هم قلة، وبين كافرين مسالمين وهم الكثرة.قال تعالى « لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا اليهم »الممتحنة. وكذا التمييز بين أهل كلمة التوحيد وبين منكريها. واضح إلم  أفضت دعوة الاصلاح في مصرمثلا،التزاما بالمنهج السلمي والتدرج والتربية، سبيلا وحيدا في التعامل مع مشكلات الامة مهما تعقدت،مقابل الجهاد ضد المعتدين على ديار الاسلام،وذلك بالمقارنة مع ثمار نهج اعلان الجهاد على الدولة وأعوانها ثم قتال الكافة. لقد أفضى النهج الاول في مصر رغم عظم الكيد والعوائق الى تطور تيار اسلامي عريض اخترق كل الفئات والطبقات والجهات حتى قال أحد الدارسين الغربيين لمصر »لقد أسلمت مصر حتى الرقبة »، حتى مابقي ريب في أن الاخوان القوة الشعبية الاهم والاوسع تمثيلا للنخبة المصرية وأن مسالة بلوغها مرحلة التمكين باذن الله، مسالة وقت ليس إلا.إضافة الى بلائها في مجاهدة الغزاة المحتلين قتالا في القنال وقتالا في فلسطين، وشداّ لازر المجاهدين المدافعين عن أوطانهم في كل مكان: لبنان وغيره ، مقابل ذلك فإن تيار التشدد والتبسيط انتهى أهله بعد رحلة طويلة من النكبات حلت بهم وبالمجتمع المصري من طريقهم، الى التمكين لأجهوة القمع من التحكم في رقاب الناس وفرض قانون الطوارئ بذريعة مواجهة الارهاب، بما أغرق البلاد في الفساد. والمأثرة الوحيدة التي يعتد بها لقادة هذه الجماعات في مصر أنهم وقد تفقهوا في السجون فاستيقنوا أن الدين ارحب مما تصوروا، والواقع أعقد مما حسبوا، لم يترددوا في إعلان أوبتهم الى الحق وتوبهم  مما كانوا عليه من ظلال في فقه الدين وظلال في فقه الواقع، عودا الى نهج الوسطية الاسلامية،فاعتذروا للمجتمع المصري عما فرطوا في جنبه عن حسن نية في غمرة حماس الشباب وضعف الزاد، ورد الفعل على بغي السلطة الطام، ولم يترددوا في نشر تلك المراجعات الجريئة التي بلغت حد اعتبار السادات قتيلهم شهيدا!!. فماذا جنى تيار التشدد والتبسيط وما جنت الامة من ورائه قديما وحديثا غير تأجيج نيران الفتن والتكفير داخلها، وتاليب الامم عليها خارجها؟فأنى له أن يسحب البساط من تحت تيار الوسطية والحال أن الامة معصومة في جملتها من الاجتماع على الضلال؟  

7- لماذا يخافون من الحرية المسالة المهمة والتى اتفق الجميع عليها ، وهى إن الآفة القاتلة للعمل الاسلامى المتمثلة فى عدم وجود الحرية بمعناه الكامل. وان النموذج الناجح للعمل الاسلامى مرهونة بالفضاء الحرية والامن السياسى والاقتصادى. السؤال هو لماذا يخاف بعض الحركات الاسلامية من إقرار الحرية السياسية المتاحة للجميع مادام العمل الاسلامى مرهون بها ؟. وبالأخص الفئة العلمانية التي لا تريد ان تعتبر الحرية بأنها تخدم الإسلام بالعكس يوهمون بأنها منافية للإسلام؟

ج: سؤال محير.هذه الطائفة من دعاة الاسلام ممن سكنوا السجون حتى ملّتهم ، واشتغل فيهم الجلادون بالسوط حتى تقطع السوط واستنزفت من أيمانهم وشمائلهم  الطاقة، مابالهم وهم ضحايا القمع كأني بهم ما تزال بهم رهبة من الحرية وتوجس من الديمقراطية وخشية منها على الاسلام، لكأني بحالهم شبيه بحال الاعرابي الذي بلغ به غيظه على أصحاب رسول الله صلى الله عليهم وسلم أن دعا »اللاهم ارحمني وارحم محمد ولا ترحم معنا أحدا » فضحك المصطفى عليه السلام وقال « لقد ضيقت واسعا ياأخا العب ». لماذا لا يريدون لرحمة الحرية التي فطر الله عباده على محبتها وكانت مقصدا أعظم من مقاصد الرسول الخاتم »يحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث، ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم »الاعراف.لماذا يأنفون من أن تشمل الجميع؟. وإذا كان من خيار بين أن تشمل الجميع أو لا ينالها أحد فليكن الخيار الثاني :خيار شمشون!هل يكون الباعث على ذلك لدى بعض المتوجسين من الحرية أن يستخدمها أعداء الدين سبيلا لدحضه والتشكيك في تعاليمه وهدم بنيانه وفتنة الناس عنه ، حتى ما يكون من سبيل اقوم غير حرمان الجميع منها إذا كان ولا بد؟ إذا كان الامر كذلك فياخيبة المسعى، ويابئس الفكر والتقدير . أويحسب هولاء أن دين الله بهذه المنزلة من الهوان وأن سلعة الاسلام هي من الفجاجة والضعة أنها لو عرضت في سوق حرة تزدحم بكل أنواع البضائع لن يكون مصيرها إلا البوار! أولا يذكر هؤلاء أن الاسلام انداحت دعوته في ارجاء كل الحضارات فجادلت وتحاورت مع علمائها وفلاسفتها ولم يسجل التاريخ أن مسلما اندحر في مناظرة حرة بل كان المسلمون شهداء بالحق على الخلق، درسوا كل المعتقدات فأخذوا وأعطوا وانتزعوا لهم المكان الارحب واحتووا حضارات بكاملها وهضموا اجتياحات عسكرية ما لبثوا أن حولوا اتجاه سيوفها حربا على الاعداء وفاتحين.بينما كانت دول الاسلام في الحضيض. وهل يمكن لعاقل أن يتصور أن مثل هذا التحدي المجلجل « قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين »يتنزل في قلاع فارغة، أو في واد لا أنيس له؟ وهل لمصارع معتد بنفسه أن يعلن التحدي ويطلب المبارزة في غياب الاكفاء أو بالضرب على ايديهم؟ ألم  يتنزل في بئات تتلاطم فيها وتصطرع المذاهب والديانات والفلسفات؟هذا الفارس الذي يطلب النزال هل يطلبه في فراغ أم وسط ساحة تزدحم بالابطال المصارعين؟ » هل يمكن أن يكون معنى لختم النبوة لولا أن علام الغيوب أودع في بنية هذا الدين قوة ذاتية ليست تضمن بقاءه وحسب بل ظهوره على الدين كله؟.فلا تخشوا على الاسلام من الحرية، فهي الهواء الصحي الذي ينتعش فيه ويزدهر، بينما يختنق الى حد الموت في المناخات المتعفنة، كما حصل في البلاد التي ابتليت بالشيوعية . قد تكونوا محقين في الخشية على أنفسكم خشية من اعتاد العيش طويلا في الدواميس المظلمة يخشى على بصره أن يذهب به نور الشمس عند أول إطلالة. إن الذين في نفوسهم شفقة على الاسلام مما يمكن أن تفعله به جماعات علمانية لو تمتعت بالحرية عليهم أن يخشوا قبل ذلك على أنفسهم بل على الاسلام ذاته من تواصل عهود الاستبداد التي انحطت بالاسلام وحضارته وأمته. وهل من عجب أن يكون اتجاه الهجرة اليوم ليس الى ديار الاسلام وإنما منها الى خارجها، وأن يتحقق للاسلام ازدهار ومد متعاظم في البلاد غير المسلمة بسبب نعمة الحرية والديمقراطية التي تتواءم مع روح الاسلام  ومقاصده، بينما أزهاره ذوت ودوحه يبست وعصافيرها انفرنقعت بسبب القمع السائد في معظم « ديار الاسلام » حتى صح لأحد أبرز مصلحي عصورنا الحديثة وقد رجع من زيارة له لبلاد غربية أن يصرح بهذه الحقيقة المرة « تركت ورائي اسلاما ووجدت هنا مسلمين ».إن الخشية على الاسلام من الحرية وهم، ينبغي أن يتبدد ، وضلال يجب أن يتحرر منه العقل المسلم، وبالخصوص أن الواقع ذاته يشهد أن شعوبنا ظلت أبدا منذ أن اعتنقت الاسلام شديدة التشبث به وما خيرت بينه يوما وبين نهج غيره إلا وأقبلت عليه في أمواج جارفة.بعد أكثر من قرن ونصف من التغريب في الجزائر وفي تونس لم يكد في أول انتخابات يقف في وجه المد الاسلامي ليحكم غير سطوة الدولة. وحتى هذه الحزيبات العلمانية هي لا مجرد عوارض برزت في مرحلة استثنائية عابرة سيطويها مد الاسلام ويعود أهلها ممن وقعوا في الاسر الغربي في عهد غلبته الى أحضان الامة فلا صولة لها ولا جولة إلا في غياب أهل الدار، فإذا جاء الحق زهق الباطل ، ولذلك رايناها بمجرد حضور دعوة الاسلام في ساحة السياسة رايناها تشرع في تعديل طابعها وسمتها اصطباغا بصبغة الاسلام، ويعرف زعماؤها طريقهم الى المساجد، والى مقر المرشد العام لطلب الدعم.فلم الخشية من الحرية ؟من المنافسة؟أمر محيرلا يفسره سوى طول العيش في الظلام.بينما الاسلام نور والنور لا يخشى الظلام. وهب أن أغلب الامة وقع في الضلال بسبب الحرية،خصوصا ونحن في زمن انداحت فيه وسرت وسائل الاتصال فما عاد ممكنا حجب أي فكرة عن الناس ولا توفير حماية لأية فكرة من خلال الحجب والتضييق، هب أن اغلب الامة ضل بسبب هذه الحرية وهو افتراض في صدام مع مبدأ أن الاسلام دين الفطرة أي إذا توفرت فرصة عرضه على الناس العرض المناسب سيقبل عليه أغلبهم، كما هو اصطدام مع ما هو مدخر في عمق ثقافة الامة وهويتها من رصيد الاسلام بما لا مجال لمنافسة فكرة أخرى، هب أن ذلك رغم كل ذلك قد حل فضلّ أغلب الامة واختار غير الاسلام دينا وغير شريعته شريعة بعد أن تبين الرشد من الغني، هل يبقى من سبيل في هذه الحالة أيضا إلا المزيد من الحرص على الحرية باعتبارها سبيلا  لدعوة الناس مجددا لدين الله وإيقاظ وعيهم الذي خمد ورفع سجف الجهالة التي حجبت عنهم الحق؟  

8- ألم يان زمان العودة والدعوة الى الصلح؟

ألم يحن الوقت حسب رأيكم للإعلان بصراحة ووضوح عن استعداد حركة النهضة لطي صفحة الماضي والعودة إلى الوطن للمشاركة في تنميته وإصلاح بعض شؤونه بعد أن اتضح أن إقامة قيادة الحركة في الخارج لا يقدم ولا يؤخر بل يضر بالقضية ويرسخ العداوات ويقلل حظوظ التصالح الوطني؟

ج: منذ 1981 تاريخ ظهور الحركة الاسلامية « الاتجاه الاسلامي »سابقا النهضة حاليا وهي تدق ابواب القانون وتدعوالى مصالحة الدولة لشعبها ولدينه والاعتراف بكل مكوناته، دون تمييز ولا اقصاء ولا تزييف، ولكن الدولة ظلت تصم الآذان عن كل دعوات الاصلاح لا تعرف سبيلا للرد غير الامعان في القمع والتغرب والتطرف ممتطية كل موجة عالمية للحرب على الاسلام. إن أهل مصر وبالخصوص الاجيال الاسلامية الحديثة التي لم تعرف  من القمع إلا بقاياه زمن شيخوخة دولته وقرب إيذانها بالرحيل لم يعرفوا القمع في عنفوان شبابه وطغيان شرّته، ولذلك يصعب عليهم أن يتصوروا نوع القمع الذي حل بأهل الاسلام وأنصار الحرية في تونس وبالخصوص منذ بداية التسعينيات. عليكم لكي تقتربوا من الحالة التونسية الحالية أن تضعوا أنفسكم في خمسينيات وستينيات مصر، بل أشد من ذلك وبالخصوص في المستوى الديني، فحتى مع شدة القمع السياسي الامني- فان الاسلام: ثقافة وتراثا وشعائر ومعتقدات لم يتعرض لخطة استئصال فظل الازهر وفروعه شغالا، بل قد اتسع وظل مركز للبحوث الاسلامية وظل هناك غزالي وسيد سابق وكتاب اسلامي .بل إن مصر التي كانت متجهة قبل الثورة  الى الغرب تبوأت بالثورة قلب الشرق، ورغم دخول الشيوعية على الخط إلا أن عروبة مصر لم تضار بل تزكت، واسلامها حافظ على مراكزه التقليدية، بما مال بالصراع- في المحصلة- الى ميدانه السياسي أساسا. بينما القمع في تونس لم يقف عند الساحة السياسية من أجل اقصاء منافس سياسي بالوسائل الامنية- حيث شمل الاعتقال أكثر من ثلاثين ألفا في حجم سكاني لا يصل الى 9مليونا، لم يقف القمع عند هذه الساحة وإنما جاء ضمن خطة شاملة لاستئصال الدغاة وتجفيف ينابيع الدعوة، كما سبق. من هنا كانت صعوبة تراجع الدولة عن خطة تحولت ايدولوجيا لها بكل مؤسساتها، وعلى أساسها تم تصنيف القوى السياسية بين صديق وعدو:معي أو مع الارهاب. بل اتخذت الدولة من هذه الاستراتيجيا سياسة دولية تتباهى بها في كل المحافل وتبذل وسعها في تصديرها على أنها الاكسير والبلسم في القضاء على وباء العصر:الاصولية، مع الاصرار على رفض اي تمييز بين اسلامي معتدل وآخر متشدد ، فذلك محض توزيع أدوار.اتخذوها سياسة دولية تفيدهم في دفع كل ضغط خارجي لصالح الحرية وحقوق الانسان بالتدرع بدرع مقاومة الخطر الاصولي والارهاب ، كما اتخذوها سبيلا لاقتناص المساعدات الغربية بذريعة التصدي الارهاب ، لا سيما والجوار التونسي لم يكن خلال التسعينيات مضمونا فكانت حدود اوروبا الجنوبية مهددة:الجزائر تموج بالعنف وليبيا في المعسكر الآخر.وإذن فلا بد بأي ثمن المحافظة على تونس على علاتها، فعقدوا معها في عز القمع أول اتفاقية شراكة لدولة في الجنوب.غير أن هذه الاوضاع شهدت السنوات الاخيرة تحولات كبيرة .أفقدت تونس كثيرا من أهميتها الاستراتيجية بعد رفع الحصار عن  ليبيا واستقرار الوضع في الجزائر. كا أن المجتمع التونسي احتوى الهجوم العاتي بعد أن اكتشفت القوى السياسية الرئيسية مدى الخدعة التي روجت لها السلطة من أجل بسط هيمنتها على الجميع، فأخذت وشائج الحوار بينها وبين الاسلاميين تنشب وتطورت كما سلف الى ندوات وأعمال مشتركة وتنامت من جهة أخرى النقمة الشعبية على السلطة بسبب ما تقترفه دوائرها من صنوف نهب وإفساد مقابل اشتداد وطأة المعاش والبطالة على الناس.الثابت أن السلطة تتجه الى مزيد من العزلة والخوف من التغيير بما جعل نداءات الاصلاح كلها لا تجد آذانا صاغية والامر من هذه الناحية شبيه بالاوضاع في مصر وربما يكون الوضع المصر أكثر اهتراء وأقرب الى التداعي، ولو حصل ذلك لكان اسهامه كبيرا في تنشيط عوامل التغيير في كل المنطقة وبالخصوص تونس الاقرب الى مصرمن جهة البناء الحديث. واضح أن السنوات القليلة أو حتى الاشهر قد تشهد تحولات مهمة في أكثر من قطر عربي، فالاهتراء بالغ حده . » والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون »  

9- ألا ترون أنه في ظل الهجمة الأمريكية الرهيبة على كل شيء في أوطاننا لم يعد هناك أي معنى لمعارضة الحكام (الخاضعين أصلا للإملاء الأمريكي والأوروبي) وأن القضية الملحة اليوم تتمثل في بناء أوسع تحالف وطني ممكن من أجل الصمود – ولو في الحد الأدنى – بوجه الضغوط الغربية الثقافية والاقتصادية والحضارية؟ وأن التوجه إلى المواطن العادي وإلى الأجيال الممزقة أهم بما لا يقارن بالسعي إلى الحكم أو بمحاولة الحصول على موطئ قدم بسيط على الساحة السياسية في بلد مثل تونس ضاعت فيه القيم والأخلاق وتفككت فيه العلاقات العائلية والبشرية وانتشرت فيه الموبقات والمحرمات بشكل غير مسبوق؟

من أين يبدأ الاصلاح؟

ج: تشهد المنطقة هجمة واسعة شاملة من قبل المعسكر الغربي بزعامة الولايات المتحدة الى حد عودة الاحتلال المباشر مما ظن أنها مهمة قد انجرزت وفرغت الامة منها . بالامس كاد ما بقي من شعر راسي يطير وأنا أرى الاساطيل الغربية ترسو بموانئ  لبنان  بعد أن جلت عنه منذ بداية الثمانينيات هاهي تعود بعد ربع قرن وإن تحت لافتة الامم المتحدة. ومتى كانت الامم المتحدة صديقة لامة الاسلام ؟ بل ومتى كان العدل رائدها؟ أوليست هي لعبة في يد الاقوياء،  يكفيها ظلما أن أهدت فلسطين الى شذاذ الآفاق، يكفيها ظلما وتنكبا عن نهج المساواة أن الحكومة التي تقرر مصائر العالم »مجلس الامن »ليس من بين أعضائها الدائمين المالكين لحق الاعتراض مسلم واحد؟ الكيان الصهيوني الخنجر الذي غرزوه في قلب الامة هاهم  قد جاءوا لحراسته بعد أن ظهرت عليه أمارات الوهن وانهزم في مواجهة فصيل واحد من فصائل الامة فكيف لو خلي بينه وبين كل الامة.؟وإذن لا بد من جيوش تحرسه، بينما هو نفسه كان من قبل زمن فتوته يرفض أي حراسة عليه حتى يظل مطلق اليد. اليوم وقد قصف لمدة تزيد عن شهر وظهر عجزه ووهنه لم يبق مجال غير حراسته من قبل نفس القوى الذي اصطنعته راس حربة لها. وهكذا تنضاف لبنان بعد فلسطين والعراق وافغانستان. بل يكتب اليوم(24-8-2006)في الهيرالد تريبيون أستاذ كبير في جامعة ميونخJulian lindley-Franchيكتب متسائلا سؤالا حائرا »لماذا نرى أفضل الجيوش في العالم تعاني صعوبات في مواجهة أعداء هزمتهم في القرن التاسع عشر ؟لقد فشلت اسرائيل في مواجهة ميليشيا حزب الله، وغرقت امريكا وبريطانيا في المستنقع العراقي، ويتعرض الحلف الاطلسي في افغانستان لضغط شديد .وفرنسا جد مهمومة بما يمكن أن ينجر عن تدخلها في لبنان »!!.  ولا يرى حلا لهذه الاشكالية في جلاء المعتدين عن دار الاسلام وإنما يقترح أن تغير الجيوش الغربية استراتيجيتها العسكرية بما ينسجم واستراتيجية حرب العصابات.

الواضح البين أن الرجل لا يتحدث عن فصيل » ارهابي » محدد وإنما يتحدث عن حرب مستمرة منذ القرن التاسع عشر:هؤلاء أقوام هزمناهم في القرن التاسع عشر فكيف نعجز عن ذلك اليوم؟الذي يذهل عنه هذا الاستاذ الكبير أن أدوات الحسم في الحروب ليست الآلات وإنما الارادات .آليات الغرب اليوم أكثر تطورا ولا شك مما كانت عليه في القرن التاسع عشر يوم غزوا العالم الاسلامي كله تقريبا. غير أن نوعية الرجال المقاتلين والقيم التي يحملونها والشبكة الاجتماعية التي تربوا في أحضانها « الاسرة »، هي  غير القيم السائدة اليوم والتي تمحورت حول المادة واللذة والاستهلاك حتى أن صحيفة الغارديان البارحة نشرت صورة مخيفة عن تفشي ظاهرة الادمان في الشباب البريطاني فتية وفتيات بنسبة فاقت النصف، حتى أن المصحات البريطانية تؤوي حوالي نصف مليون من المدمنين للعلاج. ولا تختلف اسرائيل عن ذلك فهي مجتمع غربي، معدلات العلمنة فيه مرتفعة جدا  حيث ما يبقى من قيمة غير اللذة والمتعة، ولذلك راينا وحدات النخبة في الجيش الذي لا يقهر كيف تولي الادبار في مواجهة فتيان الاسلام الذين رووا الاعاجيب عن تضاغي أفراد هذه النخبة كالاطفال عندما يحاصرهم الخطر. « البروفيسور اليهودي مارتن فان كرفيلد أستاذ الدراسات العسكرية في كلية التاريخ في الجامعة العبرية وأحد كبار المتخصصين في الإستراتيجية العسكرية، حذَّر في وقتٍ مبكر من الانهيار الذي يعيشه المجتمع والكيان الصهيوني وانحدار معنويات الجيش وتراجع قدراته بصورة تشكك في إمكانية تحقيقه النصر في أي مواجهة عسكرية قادمة مع العرب.وفي مقابلة أجراها معه غيورا أيالون من صحيفة (امتساع خضيرة) ونشرت بتاريخ 8/3/ 2002م أدلى فان كرفيلد بكلام في غاية الخطورة حول مستقبل الجيش والكيان الصهيوني. واليك بعض ما ذكره، لعله يوقظ بعض المهزومين في العالم العربي: « ما يحدث معنا اليوم، حدث مع الأمريكيين في فيتنام، والجيش الإسرائيلي في لبنان، والروس في أفغانستان، وهذا ما سيحدث معنا مرة أخرى، وهذا ما سيحدث مع الأمريكيين في أفغانستان.. إن الجيش (الإسرائيلي) اليوم موجود في الجانب غير الصحيح، في الجهة التي سيحكم عليه فيها بالفشل ». « لدينا قوة ولكن معظم هذه القوة لا يمكننا أن نستعلمها، وحتى لو استعملناها فثمة شك في نجاحها ».

« يمكنك أن تلاحظ تردِّي الأوضاع خلال السنوات المنصرمة كيف أن فضيحة تتبعها فضيحة وفشل يتبعه فشل، فالرجال يرفضون الخدمة العسكرية، والجنود يبكون على القبور، في نظري إن هذا البكاء أحد أغرب الأمور، ولو كان بوسعي فعل شيء لمنعت بث هذه المشاهد وهذه الصور. ومن الجهة المقابلة (عند الفلسطينيين) أنت ترى رغبة شديدة في الانتقام، ومعنويات عالية، وما عليك إلا أن تقارن الجنازات حتى تفهم لمَن توجد همة عالية أكثر ومعنويات أعلى، عندنا ينوحون، وعندهم يطالبون بالانتقام ». « سؤال: ماذا سيحدث للجيش إذا دُعي لمقاتلة جيش نظامي كسوريا أو لبنان؟ – كرفيلد: تخميني أنه سيهرب، فإذا ما انفجرت حرب مثل حرب عام 1973م، فإن غالبية الجيش، وليس كله سيضع رجليه على ظهره ويولي هاربًا ».

« تحولنا من شعب اشتهر بجرأته وقوة شكيمته إلى شعب من البكّائين والنوّاحين. والطرف الآخر متنبه لهذا الوضع. فحسن نصرالله قال إن الاسرائيليين يحبّون الحياة حبًّا جمًا، وكذلك عرفات قال إن اليهود أقوياء في الخارج ضعفاء في الداخل. وكلاهما صادق مائة بالمائة. نحن نفس الناس الذين كنا من قبل ولكن الظروف تغيَّرت وحوّلتنا إلى ما نحن عليه ». 

واضح أن الكيان الصهيوني شان غيره من الكيانات الصهيونية يعيش مرحلة تفكك وتدهور.ذهب الجيل المؤسس الحامل لمشروع وحلت محله أجيال مترفهة لا مبتغى لها غير العيش.وما الفضائح الجنسية والمالية في قمة الهرم الصهيوني إلا تعبيرا عن مدى توسع وعمق مستويات العلمنة لدى الصهاينة. وعلى الضد من ذلك تشهد امة الاسلام صحوة دينية يقودها تيار الوسطية الجامع بين الدين والعقل بين الايمان والعلم بين الدنيا والآخرة، بما رفع مستويات الفداء والتضحية الى درجات غير مسبوقة، ودفع مشاريع العلمنة الى الانحسار والشيخوخة

الواضح أن الاسلام اليوم وليس الارهاب هو المستهدف وحديث بلار الاخير في محاضرة له بالولايات المتحدة طافح بتاكيد حرب القيم وأن قيمهم هي الاعلى ولا بد أن تنتصر على قيم الاسلام الذي نعته بالراديكالي ولكنه عند التدقيق لا يقصد شيئا آخر غير الاسلام الحقيقي مما دعاه سيده بالاسلام الفاشي.

هذا وضع يفرض علينا العودة الى مرحلة التحرر الوطني وما تقتضيه من تجميع كل القوى الغيورة على الوطن والدين والامة والكرامة لمواجهة – ضمن جبهات وطنية واسعة- هذا المد الامبريالي الجديد الزاحف علينا تحت لافتة الشرق الاوسط الجديد.غير أن هذه المرة ينبغي أن يكون البديل عن هذه الاوضاع المتعفنة التي آلت بنا الى هذه الحالة من الوهن فعجزت حتى بيانات الشجب والتنديد وعقد لقاءات الجامعة الشكلية ،انحدرت دون ذلك، فغدت تطلق اشارات التشجيع للاحتلال كما حصل في لبنان بل تفتح له الاجواء والمسالك البحرية وتمد له يد العون، هذه المرة ما ينبغي الاكتفاء بتحشيد كل القوى الوطنية ضمن جبهات لصد المعتدين بل ينبغي أن يكون البديل واضحا لا غبش فيه بديل ديمقراطي السلطة فيه للشعب على قاعدة المواطنة والتعددية وتداول السلطة عبر صناديق الاقتراع بلا اقصاء ولا كبت ولا احتكار ولا قمع ولا ادعاء وصاية من حيث أتت.

المشكل في هذه الاستراتيجيا وقوف الانظمة الحاكمة في وجهها بما يجعل للصراع واجهتين واجهة ضد الاحتلال والاخرى ضد وكلائه المتحكمين في رقابنا والذين ينظرون الى مجرد مسيرة احتجاج على احتلال لبنان اوفلسطين او العراق على أنها ثورة ستطيح بحكمهم أو مبعثا لغضب أوليائهم عليهم فيستنفرون جحافل جيوشهم التي كان عليها أن تكون على الحدود لحمايتها فيطلقون كلابها على قوى التحرر. الوعي بذلك يجعلنا على بينة من أنه لا خيار أمامنا إذا كنا جادين في التصدي لهذه الهجمة الشاملة على الامة إما الخضوع لمنطق هذه الانظمة التي استهلكت شرعيتها بالكامل والاكتفاء بما تلقيه علينا من فتات وما تسمح به من مسيرات في فضاء مغلق كالازهر أو أن نتمرد ونرفض ونصمم على ممارسة حقوقنا بدل الاكتفاء بالمطالبة بها، كما يقول المناضل التونسي منصف المرزوقي. وإذا كان للجبهة الخارجية مع العدو شهداؤها فلماذا لا نقبل أن يكون لتحرير الجبهة الداخلية شهداؤها أيضا شهداء الشارع بسبب الاصرار على المسيرات السلمية؟.لماذا يموت الفلسطينيون واللبنانيون والعراقيون والافغان ولا يموت غيرهم في ساحة مناصرته وانتزاع حقوقه بالوسائل السلمية وهي الارفع جدوى وإن بدت استسلاما كلا. ثورات العصر صنعتها حركة الشارع واضرابات النقابات والاضرابات العامة.هل من نظام يمكن أن يصمد أمام اضراب عام تتفق عليه جبهات حزبية ونقابية وثقافية؟ أوليس إعلاء النبي صلى الله عليه وسلم من جهاد الكلمة على كل جهاد آخر »أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر » بالغ الدلالة على أهمية الجهاد السلمي إعلاما وثقافة تؤسس للمقاومة وتبارك حركة الجماهير ومسيراتها واعتصامتها واضراباتها العامة بقيادة جبهات وطنية تضم كل ممثلي القوى السياسية والنقابية والشبابية والنسوية والثقافية على ارضية المواطنة للاطاحة بانظمة المافيا المتحكمة في رقاب أمتنا وإقامة أنظمة ديمقراطية حقيقية تضع أمتنا في مقدمة مركب كوني غدونا في ذيله نحن « خير أمة أخرجت للناس »لا مجال لهذه الخيرية أن تترجم في الواقع ما لم تتم الاطاحة بهذه الانظمة المتعفنة. تلك اليوم أولوية أمتنا: الضغط على هذه الانظمة بقوى الشارع تقودها جيهات وطنية، لحملها على الاستقامة ، على التعبير عن إرادة الامة  في الاستقلال والشفافية والمحاسبة وتداول السلطة عبر صناديق الاقتراع دون اقصاء وتوزيع الثروة بعدالة والوقوف في وجه المد الامبريالي الجدي وبذل أقصى الدعم لحركات المقاومة في قلسطين والعراق ولبنان..وإقامة تحالفات دولية مع كل القوى المتصدية لهذا المد الامبريالي ، فإن هي استجابت تحت ضغط الشارع لارادة الامة فذاك مبتغانا – وهو بعيد وشبه مستحيل، فقد تجاوزت هذه الانظمة أو معظمها في الاقل مرحلة الاصلاح- وإلا وجب اعتبار الاطاحة بها أولوية الاولويات.  

10-* لقد انتقدت فكر الأستاذ سيد قطب فهل ثمة تغيرات في نقدك لفكر الشهيد قطب وهل تعتقد بالفعل أنه سبب أساسي في نشوء ظاهرة العنف في المجتمعات الإسلامية؟

 ج- الاستاذ سيد قطب عظيم من عظماء الامة كتب بدمه أروع ملاحم الفكر الاسلامي المعاصر التي ستظل مؤثرة على امتداد الاجيال على غرار أمثاله من فطاحل العلماء الافذاذ:الغزالي وابن تيمية ومالك وابن حنبل والشافعي وابي حنيفة وابن رشد وعبده والافغاني ورضا والبنا والمودودي وابن عاشور..الخ. ومن خصوصيات المفكرين الكبار أن يتحولوا مع الزمن الى رموز لمدارس أكثر من كونهم أفرادا، وذلك بما يتوفر عليه فكرهم من ثراء وتعدد أبعاد تجعله مبعثا لأنواع من الجدل حول تفسير نصوصهم  على اتجاهات مختلفة، كلّ يبذل وسعه في سحب المفكر الى صفه مؤولا تراثه وفق منزعه تاييدا لمذهبه الخاص. وقد تقترب أو تبتعد تلك التاويلات من الاصل ، ولا يكون المؤسس للمدرسة مسؤولا بالضرورة عن هذا التاويل أو ذاك ، لا سيما إذا كان المؤسس هو أقرب الى الاديب والفنان منه الى العالم المنضبط بضوابط البحث العلمي، وهو الحال الغالب على تراث شهيد الكلمة سيد قطب رحمه الله، أنه أديب كبير، وكان  الادب مدخله الى الاسلام وللدراسات الاسلامية، بما جعل سبحاته القرآنية أقرب الى الفن الراقي والتاملات الفلسفية والمجادلات القوية ضد مناهج العلمنة التي كانت في طور تمدد وانتصار وطموح الى احتواء الاسلام ..إن تراثه  في جوانب كبيرة منه أدب سياسي نضالي راق، يحرض على الثورة للاطاحة بالطواغيت وبالجاهليات. وفي العموم فقد بذل الرجل عصارة حياته لتقديم نظرية اسلامية عامة حول الاسلام ونظمه للحياة وتصوراته لاحوال الامة ومسيرتها التاريخية وإرثها الحضاري  وما يحيط بها من أوضاع دولية ، وما يقترحه عليها من منهاج للتغيير في اتجاه البديل المطلوب. ميزة هذه الرؤيا انها بالغة الاغراء بما توفرت عليه من شمول وراديكالية وصياغة فنية راقية وثورة على الاوضاع عاصفة، وبما عمّدها بها صاحبها من زاكي دمه، بما جعل شابا كالذي كنته، يلتهم كتابات الرجل في حال تشبه الانجذاب الصوفي ، والتوتر العصبي والاندفاع الثوري والاستعداد لمنازلة العالم كله، بعد أن تلون العالم بلونين ليس أكثر: أبيض هو الاسلام مأخوذا على هذه الصورة فقط ومعتنقوه، وأسود هو بقية العالم والايدولوجيات وكل تصور آخر للاسلام وتجمّع على غير هذا التصور، بما يجعله مستهدفا لوصف الجاهلية وتهمة الخضوع لمقررات الحضارة الجاهلية المعاصرة واملاءاتها. وهو ما يجعل الحوار صعبا جدا بين حملة هذا التصور ومخالفيهم، إن داخل الدائرة الاسلامية أو خارجها، وقد لا يخلو حتى من الاستعداد لحسم الخلاف جهادا.

واضح أن قصور هذا التصور- بعد تجريده من شحناته الانفعالية وجمالياته الفنية – وسبحاته الروحية،  يكمن أساسا في  افتقاده لأي جرعة من النسبية، لأي تمييز في الاسلام بين ما هو محكم وهو القليل جدا وبين متشابه هو الاكثر.وهو ما زرع في هذا التراث العظيم قابلية واسعة لتأويلات شتى: بعضها تكفيري، وبالخصوص وقد تنزل هذا الفكر في مناط من الصراع السياسي والايدولوجي المحتدم بين الحركة الاسلامية التي مهدت أرضية التغيير وبين جناحها العسكري الذي انفرد دونها بالامر معتليا الموجة اليسارية العالمية الصاعدة واجدا فيها النصير على مقاومة الامبريالية ،والمبرر الايدولوجي لمناهضة « اخوان »الامس،وهو ما أتاح الفرصة لقوى اليسار أن تهتبل هذا الوضع وتدفع بالثورة الاجتماعية السياسية القائمة الى أبعاد أخرى ثقافية ايدولوجية معادية للدين.فلم يكن عجبا في ظل حالة القهر التي يعيشها التيار الاسلامي مقابل تغول الايدولوجيات المعادية واستظهارها بقوى الدولة القهرية أن تتم هذه النقلة في غيابات السجون لدى أديب كبير من وزن سيد قطب: كان له اسم وسط النقاد الادبيين تلميذا للعقاد، كما عرف له اسم  ضمن الادباء الثوريين الاجتماعيين أنتج أدبيات اسلامية ثورية متميزة بانتصارها للعمال والفلاحين وحملتها العاصفة ضد الاقطاع والمعسكر الراسمالي، برز ذلك سافرا في مقالاته المنشورة في كتاب دراسات اسلامية وفي كتابه  » معركة الاسلام والراسمالية » وفي كتابه المهم جدا « العدالة الاجتماعية »، حتى أن رجال الثورة عرضوا عليه منصبا وزاريا، فهو أحد آباء الثورة ومنظّريها.

 هذا الاديب الثائر الاقرب الى اليسار، لم يكن عجبا أن يتحول في غيابات السجن عن ذلك التوجه الاجتماعي الثوري صوب توجه آخر يتسم بالراديكالية الايدولوجية والصراع الذي لا هوادة فيه بين الاسلام والجاهلية على كل صعيد..معتبرا جوهر مشكل الامة عقائديا يتمثل في أنها لم تفقه بعد « لاأله إلا الله » فلا مناص من البدء باعادة تعليمها هذا المنطلق العقدي الاساس باعتباره منهج جياة.

وفي هذا السياق الجديد أعاد تفسير أجزاء عدة من ظلال القرآن ولم يسعفه الاجل ليستكمل بقية الاجزاء وكانت قمة هذا التوجه وصياغته المكثفة والاخيرة هي الواردة في كتابه « معالم في الطريق »، ولكنه سائر الادباء الكبار نفث روحه في كل سطر كتبه في مرحلته الثانية. والذين يكتبون عن سيد قطب يقتصرون في الغالب على كتابات المرحلة الثانية من عمره وبخاصة مرحلة المعالم، ويسدلون الستار على منتجات المرحلة الاولى سواء منها الادبية وبخاصة »خصائص التصوير الفني في القرآن « , »ومشاهد القيامة في القرآن »أو أدبه الاجتماعي الثوري ممثلا في رائعتيه »الصراع بين الاسلام والراسمالية »و »العدالة الاجتماعية في الاسلام »الذي قرّضه علامة الهند أبو الحسن الندوي فاعتبره أفضل كتاب في موضوعه. وتقديري أن الحركة الاسلامية المعاصرة ضمن الهجمة الامبريالية الزاحفة هي ما أحوج ما تكون لإدراج انتاج المرحلة الاولى من اسلاميات سيد قطب ضمن مناهجها التربوية، ففيها مادة تسد ثغرة واسعة في بنيان الفكر الاسلامي الحديث ، هذا البعد الثوري الذي اكتشفه الامام الشهيد سيد قطب في الاسلام قرآنا وسنة وصاغه صياغة أدبية راقية، مع ضرورة التمييز في كتابات المرحلة الثانية بين قيم اسلامية ثابتة وبين ما هو مصطبغ بصبغة ظروف الصراع بين الحركة الاسلامية وأبنائها المتمردين عليها، هو صراع في المحصلة داخل الحركة الاسلامية، عمل التيار اليساري العلماني اليساري على دفعه بعيدا عن الاسلام وأداة لقمعه وأهله بعد إن تم تبني الثورة لأساسيات المشروع الاسلامي  :العدالة الاجتماعية، الاصلاح الزراعي انتصارا للجماهير المسحوقة من الاقطاع وشطبا للقوى الاجتماعية والسياسية الخادمة له و الدائرة في فلكه، وكذا إعادة مصر قلبا للعروبة بديلا عن توجهها الغربي السابق، لكن رغم  تبني الثورة لأساسيات برنامج الحركة الاسلامية حتى ما هو سلبي مثل حل الاحزاب وصب قوى التغيير في تجمع واحد يقود مهمة التغيير والتنمية باسرع ما يكون، إلا أنه  وفي غمرة الصراع ورد الفعل وبتاثير العناصر اليسارية التي عملت على ملء الفراغ الايدولوجي تم افراغ ذلك البرنامج من خلفيته الاسلامية وتم الاتجاه به صوب الايدولوجيات العلمانية وحتى الماركسية، مع تصدّ لا هوادة فيه للمؤسسة ورجالها صاحبة المشروع. لم يكن عجبا وقد تنزل فكر سيد قطب في هذه المناخات المشحونة بالصراع أن يجد في غيابات السجون من الشباب الاسلامي الذي شوت سياط الثورة ظهره من يندفع الى اعتناقه منهجا تكفيريا يحل دماء الحكام باعتبارهم جاهليين ، ويصم المجتمعات التي تصفق لهم بالجاهلية.

لكن الى أي مدى  يمكن تحميل الاديب الكبير سيد قطب مسؤولية مؤوليه وحمل تراثه هذا المحمل؟ والى أي مدى يمكن تحميل الظروف والملابسات التي قادت الى صراع التنافي الحاصل مسؤولية  أو بعض المسؤولية عن التحول الذي حصل لهذا الاديب الكبير وعن اندفاعات الشباب وتاويلاتهم لتراثه مركزين على جانب منه دون الآخر؟ الثابت اليوم أنه بعد رحلة مريرة من الصراع بين الثورة والاخوان ولك أن تقول بين الاخوان وأبنائهم إدراك الحكماء من كل الاطراف أن ذلك الصراع لم يكن حتما لازما والمؤكد أنه أضر بالجميع وبمصر خاصة وبالتيارين القومي والاسلامي لم يفد من ذلك غير أعداء الاسلام وأن الجميع أدركوا وبصدد أن يتوسع هذا الادراك فيعي الجميع أن الجمهورية المصرية والثورة التي بنتها  بنت شرعية للتيار الاسلامي وأن المشروع الاسلامي هو من أسس لفكر الثورة على الاقطاع ومركزية مصر العربية والاسلامية ولمشروع الوحدة العربية والجامعة العربية وللاصلاح الزراعي ونشر التعليم والصحة وزعامة مصر العربية والاسلامية ومناهضة المشروع الامبريالي ممثلا بالخصوص في التصدي لراس رمحه المدمر الكيان الصهيوني : حول كل ذلك أخذت منذ نهاية الثمانينيات خيوط التواصل تمتد بين التيارين القومي والاسلامي وافضت الى ارساء مؤسسة للنضال المشترك « المؤتمر القومي الاسلامي » ، نضالا مشتركا من أجل نفس الاهداف مع إضافة البعد الديمقراطي الذي كان غائبا في المشروع وتصديا لنفس الاعداء، وفي ذلك تجاوز لما سماه سيد قطب في سياق آخر الصراع النكد: بين العروبة والاسلام، الصراع الذي لم يدخر سيد قطب رحمه الله في مرحلته الثانية  وسعا في تأجيجه وإعلاء الاسوار بينهما، خلافا لأصل فكر الاخوان كما أسسه الامام الشهيد رحمه الله، وتبلور في ورقة الوحدة العربية التي كانت من آخر ورقات الرؤيا الاساسية التي أقروها. وإنه مما لفت هذه السنة  أنظار المدعويين الى الافطار الرمضاني الاخواني المهيب تصدر قاعة الاحتفال صورة البنا والى جانبه سيد قطب بما دل على توجه واضح لاستعادة هذه الشخصية لتحتل موقعها الطبيعي البارز المؤثر ضمن رموز الوسطية الاسلامية وانتزاعه من قبضة فكر التشدد. وهو تطور محمود.                               

11-* ما هي أهم الأحداث والانشقاقات التي أصابت حركة النهضة وأين ذهب عبد الفتاح مورو والجورشى؟

ج- الاستاذ عبد الفتاح مورو أحد أبرز الآباء المؤسسين للحركة الاسلامية التونسية، وأياديه عليها بيضاء ناصعة،مرب وأديب، وخطيب لا يشق له غبار. صال وجال في ارجاء البلاد ينشر الوعي بحقائق الاسلام ويستنهض الهمم ويجمع الصفوف حول الاسلام ومؤسسات الحركة. كان من الطبيعي في ظل دولة علمانية متطرفة وبوليسية قامعة وانفرادية متحكمة واحتكارية فاسدة أن تطاله رغم اعتداله المعروف جرافة القمع فزج به في غيابات السجن لأزيد من ثلاث سنوات، لم يغادرها إلا وخطر الموت يتهدده، بعد أن أصيب بعلل خطرة: ضغط في الدم واضطراب في القلب وفي السكري.  عرف بعدها حياة الاغتراب لبضع سنوات حتى إذا سقط العجوز الطاغية وأعلن خليفته خطة انفراج شملت الاسلاميين وهم في جذر الازمة، كان الشيخ عبد الفتاح ممن سبقوا الى اعلان التاييد باسم الحركة على اساس البيانات الرسمية المعلنة والوعود المقطوعة، إلا أنه في أول اختبار لتلك الوعود بمناسبة أول انتخابات انهارت ورجعت حليمة لعادتها القديمة 99,98% نسبة الاصوات التي فاز بها الرئيس وحزبه حصل على كل المقاعد ، بينما الحركة الاسلامية وكانت الفائز الحقيقي لم تحرم فقط من حقها بل تقررت خطة استئصال لها وخطة تجفيف لدينها، استدعيت لها كل التيارات المعادية للعروبة والاسلام والتي لم تحصل على شيء في الانتخابات، لتنطلق في بداية التسعينيات الحملة الشاملة، فكان من قيادات الحركة عشرات الآلاف شملهم الاعتقال وكان منهم من وجد طريقا الى الاحتماء من القصف بالهجرة ومنهم من لم يجد سبيلا للاحتماء من الصواعق النازلة إلا أن يعلن عن انسحابه وهم ثلة من كرام اخواننا على راسهم الشيخ عبد الفتاح الذي التمس له الاخوة العذر من جهة وضعه الصحي الذي يعلم الجميع منذ المحنة الاولى أنه لم يعد مهيئا لأخرى من نفس القبيل بله أشد. وفي ما نعلم أنه اجتهد في تخفيف المحنة عن الممتحنين وعوائلهم حسب وسعه.ولا يسمح له بنشاط خارج دائرة عمله المهني محاميا ناجحا، بل هو باستمرار تحت المراقبة الامنية اللصيقة ، ومحظور عليه السفر ولو الى حج بيت الله الحرام.لا حديث في تونس عن نشاط دعوي من أي نوع كان حتى الاملاءات القرآنية محظورة. المساجد تغلق حال انتهاء الصلوات والوعظ فيها دون ترخيص من رئيس الوزراء جريمة يعاقب عليها بالسجن . والاعلام رسمي هابط والسياسة الرسمية شبعت موتا. والثقافة تكاد تماهي الدعارة،وتكفي مطالعة ليوم واحد في محتويات القناة الرسمية للوقوف على مبلغ التردي. ومع ذلك فإنه من خارج ما ياذن به القانون انبعثت صحوة اسلامية واسعة وتحركات سياسية ونقابية نشطة لا  يستبعد أن يجد فيها أمثال الشيخ مورو بمواهبه المتعددة ومكانته المتميزة دورا.

أما الاخ الصحفي والمفكر صلاح الجورشي فقد كان انسحابه من الحركة منذ وقت مبكر من السبعينيات هو ونفر من الاخوة الافاضل بسبب خلافات فكرية تتعلق بمدى إلزامية الشريعة، عرفوا وقتها باليسار الاسلامي المنسوب في أصله الى المفكر المصري حسن حنفي، ثم عرفوا بالاسلاميين التقدميين، ومنهم الاستاذ د.حميدة النيفر، وهم اليوم أفراد نشطون في مؤسسات المجتمع المدني يبذلون وسعهم في تطوير فكر الاسلام حسب منهاجهم. وللاستاذ صلاح نشاط  في الذب عن حقوق الانسان ومنها حقوق المساجين، وذلك من موقعه القيادي في الرابطة التونسية لحقوق الانسان وكذا بصفته صحفيا كبيرا. والله نسال التوفيق لنا ولهم.وساحة خدمة الاسلام تتسع لكل من صدقت نيته واستقامت طريقته.  

12- أين أنتم اليوم ممّا يدور في السّاحة التّونسيّة وما هو واقع حركة النّهضة والعمل الإسلامي الذي أرسيتم قواعده في تونس ؟

 حركة النهضة :تقويم وانجازات؟

ج- حركة النهضة من بين الحركات السياسية القليلة – فيما نعلم- التي قامت أكثر من مرة بتقويم مسارها وقوفا عند مواطن الصواب والخطإ.ولقد أقدمت على نشر آخر تقويم لها عقب مؤتمرها 1995حيث سجلت على نفسها وعلى الآخرين سلطة ومعارضة أخطاء أسهمت في ما آل اليه وضع البلاد من ازمة مستفحلة وانسداد خانق. وكان من بين تلك الاخطاء الفنية التي سجلتها الحركة على نفسها:ضعف في تقدير انعكاسات الاوضاع الدولية وبالخصوص حرب الخليج 1991على الاوضاع المحلية، وتقصير في التشاور والتعاون مع المعارضة، وعدم السيطرة على الاندفاع في اتجاه الساحة الاننتخابية1989 بما أحدث خللا لايحتمل في جملة التوازنات القائمة.وهو نفس الخطأ الذي ارتكبته الجبهة الاسلامية بعد مدة قليلة.واستفادت من ذلك الدرس التكتيكية الحركات الاسلامية التي خاضت المعارك الانتخابية بعد ذلك، في المغرب مثلا وفي مصر، فعمدت الى تحجيم نفسها.اليوم لم تعد تهمة العنف تلاحق هذا النوع من الحركات وإنما خوضها الانتخابات بجدّية تنذر بإمكان تداول السلطة، الجريمة التي لا تغتفر والتي تورطت فيها- دون سبق اضمار- الجبهة والنهضة وحماس!

أما عن انجازات الحركة الاسلامية « النهضة »فقد تبدو في ظل المحنة المستمرة منذ سنة 1981 حتى اليوم – باستثناء انفراجات قليلة تخللتها سنة1984ثم سنة1988 لتستانف ماكينة القمع بكل كفاءتها منذ1991حتى يوم الناس هذا دون توقف- تبدو وكأنها قد غدت أثرا بعد عين وذهبت هباء منثورا!.كلا.  إن المحنة مهما عظمت لا تفني ولا تستاصل الدعوات الاصيلة وإنما تؤصّلها وتزكي شرعيتها إذا هي صمدت وثبتت على مبادئها وحفظت وحدتها، وكل ذلك نجحت فيه الحركة بفضل الله، والضربة التي لا ترديك تقويك كما يقال. نحن على يقين من أن عمق الاثر الذي تركته الحركة في بئتها هو من العمق والاتساع أنه لا يمكن بحال أن تنال منه ماكينة الطغيان العمياء التي قد ترهب الناس لدرجة الناي بانفسهم عن كل رمز أو إشارة تقربهم منك، وقد يتخفّفون حتى من صلاتهم وصومهم ومصحفهم ومن الحجاب بل قد يتظاهرون بعكسها دفاعا عن وجودهم ، ولكن ذلك لا يمنعهم من المقاومة السلبية للطغيان وتربّص الدوائر به حتى إذا آنسوا أن الوهن أخذ يدب في كيانه تململوا،فتسارّوا بالنقد، ثم تجاهروا به،ثم تمردوا، وهو ما أخذ يحصل اليوم من خلال انبعاث موجة عارمة من التدين أذهلت أعداء الاسلام ممن وضعوا ونفذوا خطة تجفيف الينابيع والاستئصال.وهاهو الامين العام للحزب الحاكم يصرح في سهرة رمضانية »دينية » وهو يدشّن الحملة على موجة التدين المتصاعدة  باستهداف المتحجبات والتحريض على إقصائهن من المدارس ومن كل المجال العام »( لو سمحنا بالحجاب اليوم سنتنازل عن غيره غدا).

 إنه ليس من عاقل وله علم بمدى وفاء شعوبنا لمن خدموها وذبوا عن دينها وحقوقها وأوذوا في ذلك ، يتصور أن حركة خدمت شعبها أزيد من عقدين حتى ما بقي حي في قرية أو مدينة أو بادية ولا مدرسة ولا كلية ولا إدارة ولا مصنع ..إلا ولها فيه أنصار ودعاة، وبالخصوص في المدارس والجامعات حيث كانت اغلبية الشباب طلبة وتلاميذ مع تيارها، وجسدت انتخابات 98ذلك الولاء الواسع الذي وجد معه الحزب الحاكم لاول مرة منذ تاسيسه أمام قوة شعبية حقيقية يتبدى فيها عاريا هرمه وفساده ..حركة من هذا القبيل يعتقل من قياداتها وأعضائها أزيد من ثلاثين ألفا في هجمة إبادية شاملة عليهم وعلى عوائلهم وأقاربهم، لم يشهد تاريخ البلاد لها مثيلا، حتى لم تبق أسرة لم يمسها الاظطهاد، بسبب انتماء للحركة أو تعاطف أو قرابة أو صداقة، خصوصا وأن أبناء الحركة معروفون في أحيائهم وقراهم وأسرهم وبين زملائهم أنهم نماذج في النجاح وحسن الخلق. هل يتصور عاقل أن نظاما بوليسيا لا يملك من رصيد الشرعية غير ذهب المعز وسيفه، أنه يمكن أن يمحو ذكراهم الجميلة من قلوب الناس ويقلب تلك الصورة راسا على عقب في أعين أهاليهم وجيرتهم وأصحابهم ، فيصدقون  أن أولئك الابرار الذين خدموهم وخبروهم وتعلموا عنهم دينهم كانوا ارهابيين، لمجرد أن سلطة لم يعرفوا عنها غير الكذب والتزييف والقمع المتواصل لكل قوة معارضة وصوت حر، رمتهم بذلك؟كلا. إن الشعوب وفية لمن يخدمها ويضحي من أجلها.وإن خامة الزرع قد يميلها الريح العاصف ولكن لا يكسرها ، وسرعان ما تستعيد سمتها بمجرد مرور العاصفة. وهو ما بدأ فعلا من خلال الصحوة العارمة التي تخترق كل الطبقات. وجه من وجوهها تكفير ووفاء.

وبموازاة هذه الصحوة الدينية هناك صحوة سياسية واجتماعية سبق الحديث عنها وسياتي المزيد.

والجدير بالملاحظة التذكير بخصوصية البئة الثقافية التي ظهرت النهضة في سياقها،بئة تمكّن منها التغرب أيما تمكّن،الى حد أغرى الطاغية بقرب نهاية الاسلام، فجرؤ على ما لم يجرؤ عليه حاكم في تاريخ الاسلام مهما بلغ طغيانا، فاستطال  حتى على عقائده وشعائره مما لم يعرف مثله- اللاهم إلا في جمهوريات الاتحاد السوفياتي الهالك-، بئة تمت فيها القطيعة بين الجيل « الحديث » وبين الاسلام، وتم تحويل قبلة البلاد من الشرق الى الغرب، ظهرت الحركة الاسلامية، فكانت مثل موسى الذي تربى في قصر فرعون. غير أن ذلك كان هو السطح، أما العمق الشعبي فقد ظل مشدودا الى الشرق. ولقد مثلت اجتراءات الطاغية السافرة على مقدسات الاسلام كاحتسائه الكاس في نهار رمضان ودعوته الناس أن يقتدوا به، واتخاذه الجنة والنار والانبياء ومعجزاتهم الانبياء عليهم السلام،هزؤا، صدمة كبيرة للناس أيقظتهم من شحنات التخديرالتي صبها الزعيم في شرايينهم خلال الكفاح ضد الاحتلال، فكانت ولادة الحركة الاسلامية تعبيرا عن الوعي المستعاد واستجابة لنداء الاعتصام بالهوية، فلم يكن عجبا والحال هذه،أن لا يمضي على عمل ثلة قليلة من الشباب –خلال السبعينيات -: دعوة الى أصول الدين وشعائره- أكثر من عقد من الزمان- حتى دبت الحياة في المساجد بعد هجر طويل وامتدت دعوة الاسلام الى مدارس والكليات ونوادي الثقافة وسائر مؤسسات الحداثة التي تاسست على العلمنة والقطيعة مع الاسلام وحضارته ولا تصول ولاتجول فيها غير مذاهب العلمنة، فنشات المصليات وانتشرالكتاب الاسلامي والحجاب والفن الاسلامي كالنشيد والاغنية الملتزمة والدروس. كما نشطت الحركة في المجال النقابي ووقفت الى جانب المؤسسة النقابية في صراعها مع الراسمالية الجشعة  .

وفي المجال السياسي لم يمض على إعلان السلطة سماحها بالتعدد السياسي أكثر من شهرين حتى أعلنت عن تاسيس حزب هو »حركة الاتجاه الاسلامي « الذي تحول انسجاما مع قانون الاحزاب الى حركة النهضة. وأعلنت في بيانها التاسيسي عن برنامج سياسي يتبنى المنهج الديمقراطي كاملا. ومن ذلك تعددية لا تستثني اي اتجاه. ورفض للعنف، سبيلا لحل المنازعات الفكرية والسياسية.واعتماد للمواطنة اساسا لتوزيع الحقوق  بالتساوي بما في ذلك مشاركة المراة والقوى العلمانية. ولقد مثل في زمنه صدمة لكثير من الاسلاميين. ولم يكن مثل هذا الاعلان ليظل مجرد شعار انتخابي بل عملت الحركة على التاسيس الفكري له تاصيلا واكتشافا لثقافة ديمقراطية أصيلة في ارض الاسلام وموروثه، نحسب أن « النهضة » كانت سباقة اليه وأن اسهامها في تاصيله معتبر، وتعدّى تاثيره الاطار التونسي الضيق الى الساحة الاسلامية العامة. غير أن ما بادرت به النهضة في6-6-1981وكان مستنكرا في معظم الساحة الاسلامية قد غدا اليوم جزء أساسيا من ثقافة المجرى الرئيس للحركة الاسلامية.والقناعة به في اتساع متزايد، بسبب ما يفتحه من آفاق وفرص، ويسده من منافذ شر وفتنة.    

    ولذلك فانه بالرغم من الجهود المضنية التي بذلتها السلطة لاستدراج الحركة الى حمأة العنف رد فعل على بطشها، فقد توفقت الحركة بفضل الله الى ضبط شبابها ولم يسجل عليها غير حوادث محدودة جدا نسبت الى بعض أفرادها، بعد تغييب القيادة واطلاق الذئاب على شبابها. ومع أن القيادة استنكرتها فقد اتخذت أساسا لشرعية خطة استئصال المنافس الرئيسي لحزب حاكم أكل عليه الدهر وشرب ، بذريعة مقاومة الارهاب والتطرف والدفاع عن مكاسب الحداثة. وبضرب المنافس الرئيسي أجهز على السياسة جملة – الى حين-

ولأن النهضة رفضت الاستدراج الى حمأة العنف ردا على ما استهدفت به من خطة استئصال فقد تجنبت تونس التردي في محرقة العنف التي جر اليها انغلاق الانظمة وكيدها واستدراجها للحركة الاسلامية في أكثر من بلاد ، لا بسبب يقظة الاجهزة الامنية كما يزعمون، فأعظم الاجهزة العالمية لم تسطع منع العنف عندما تتوفر إرادة جماعة على إتيانه، لا سيما إذا كانت بحجم انتشار النهضة، وإنما سلمت البلاد من مزيد من الكوارث بفضل الله سبحانه الذي وفق الحركة الى التزام سبيل التعقل والصبر والمصابرة ورفض خطة الاستدراج. إلا أنه في ظل تغييب دور النهضة التثقيفي التربوي المعتدل وفي مناخات الانغلاق تسربت الى البلاد دعوات العنف السنوات الاخيرة، ولم تقدر اجهزة الامن على منع وقوع حوادث عنف. ومئات اليوم من الشباب التونسي إن لم يكونوا آلافا معتقلون في سجون تونس وخارجها في اتهامات بالاعداد للعنف،لم تتجاوز غالبا مجرد التفكير في الالتحاق بجبهة العراق او الاطلاع على موقع الكتروني جهادي،.بينما شهدت المنظمات الحقوقية المحلية والدولية بالفجاجة والاصطناع والتركيب الغشيم لاتهام الحركة بالعنف وبمحاولات الانقلاب على السلطة!!. وهو ما أبقى الطريق مفتوحا أمام عودة الحوار والتلاقي والتعاون بين الحركة الاسلامية وبقية الأطراف السياسية سلطة ومعارضة، لولا أن السلطة ظلت في صمم عن كل نداءات الحوار والمصالحة التي أطلقتها الحركة، بل اعتبرت اللقاء بين الحركة وبين المعارضة خطا أحمر،تخطّيه يعرّض صاحبه لأشد السخط عليه. ومع ذلك فقد تمت في هذا السياق ندوات مشتركة وحوارات متعددة بين الحركة الاسلامية وجملة من الأحزاب اليسارية والقومية واللبرالية أفضت الى تشكيل أول واوسع تجمع سياسي معارض وذلك في18أكتوبر الماضي حملت هذا الاسم. ومما يعنيه ذلك فشل خطة السلطة في عزل الحركة وتفريق صف المعارضة لتابيد ضعفها. ونحن ننظر الى كل حركات المعارضة أنها شريكة لنا في الوطن والمسؤولية عنه. وإذ نحترم مختلف وجوهات النظر إلا أننا نؤكد قناعتنا بأن التغيير إما أن يكون عملا جبهويا منظما يفرضه، أو لن يكون.ولربما ووجهنا ب 7نوفمبر آخر انقلابا على الاول إذا لم تخطو المعارضة خطوة أكثر جراة في اتجاه عمل معارض جاد يفرض على السلطة القائمة احترام ارادة الشعب بالاستجابة لمطالب المعارضة أو يفرض عليها الرحيل. وفي كل الاحوال رغم أن الحركة ظلت الهاجس الدائم للسلطة رغم اعلاناتها المتكررة أنها قد فرغت منها لدرجة انكارها لوجود مساجين سياسيين في معتقلاتها إلا أن الثابت اليوم الذي لا يرتاب فيه من له أدنى معرفة بالبلاد أن النهضة ليست مجرد تاريخ ناصع من بالتضحيات في الذب عن الاسلام والحرية  وإنما حاضرليس فقط في قلوب الناس وإنما هي متغلغلة في كل أنسجة المجتمع وهمومه، وما يمكن لعاقل أن يتصور مستقبلا ديمقراطيا  لتونس لا يقرأ لها فيه حسابا وأي حساب.

يمكن باختصار اعتبار أهم انجاز للنهضة كان على صعيد الهوية أنها تمكنت  بفضل الله من فتح الطريق أمام عودة الاسلام الى قلب مؤسسات الحداثة  في تونس ، بعد أن عمل الاحتلال على تهميشه وجاء »الاستقلال » ليجهز عليه عقائد وشعائر وشرائع ومؤسسات وحتى عادات وتقاليد. وكان دفاعها عن الهوية ليس عملا معزولا عن المعترك الفكري والسياسي والاجتماعي بل قد تم في قلب هذا المعترك مادة الجسور بين أصول الاسلام وقيمه وبين الدفاع عن العلوم والتقنيات وقيم الحداثة الاصيلة : الحرية والديمقراطية وحقوق العمال ومشاركة المراة ومناصرة قضايا التحرر في العالم وبالخصوص قضية فلسطين، وحركة الكفاح السابق ضد التمييز العنصري في جنوب افريقيا . وكل ذلك على اساس قيم الاسلام ومبادئه. وبالعموم فان التيار الاسلامي في تونس هوجزء لا يتجزا من التيار الاسلامي العام في المنطقة ما يمكن أن يرى له مستقبل خارج هذا السياق وبالخصوص التيار الاسلامي في مصرقلب العروبة والاسلام.  

13- ما هو برنامجكمورؤيتكمفي تونس في المستقبل وهل تملكون رؤية للإصلاح في تونس؟

ج: برنامجنا اليوم هو نفس البرنامج الذي اعلناه يوم  دخولنا الحياة السياسيةسنة1981، يتلخص في كلمة واحدة الحرية باعتبارها المفتاح الرئيس لحل كل مشاكل بلادنا ثم هي مقصد عظيم من مقاصد النبوات « يحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم« الاعراف. نحن نرى في مبادئ الديمقراطية المعاصرة وآلياتها ومبادئ حقوق الانسان الترجمة الوفية لمطلب العدل والشورى في الاسلام ، الترجمة الكفيلة بتحرير أمتنا من أعظم إعاقة حلت بها منذ الانقلاب المشؤوم على نظام الشورى وتحويله الى ملك عضوض يستمد شرعيته من الشوكة، من العنف. ولقد زاد تطور تقنيات الاتصال والضبط ومفاهيم الدولة- الامة، ومركزة السلطة وانفصال ثقافة النخبة عن ثقافة الجماهير وارتباط  القرار بالخارج زاد هذه الدولة اغترابا وقمعا، بما يجعل تحرير ارادة الشعب واستعادة قوامته على دولته وتخفيف وطأتها عليه حتى يتنفس وضمان حرياته المهمة الوطنية والقومية والاسلامية والانسانية أولوية الاولويات التي يتوقف على النجاح فيها كل نجاح لمهمة أخرى أو برنامج آخر. مطلبنا الأسنى الحرية بما هي حقوق للانسان وديمقراطية. وعدونا الالد الاستبداد، أيا كانت مرجعيته . حلفاؤنا كل أنصار الحرية في بلادنا والعالم.وسيلتنا تعبئة قوى الجماهير بقيادة جبهة أو جبهات وطنية تناضل نضالا مدنيا لفرض التغيير الديمقراطي الذي تاخر في بلداننا بسبب تناقضات وانقسامات النخب وخذلان قوى الهيمنة. إن وضع المعارضة في مثل هذه الحالة شبيه بوضع الحركات الوطنية التي كانت تناضل من أجل الاستقلال، لم يكن مطلوبا منها الدخول في تفاصيل برامجها المستقبلية، إذ كان برنامجها يتلخص في طرد الاحتلال. نحن اليوم ازاء احتلال داخلي ألعن، نجح في تخدير الناس بوهم الاستقلال ومنجزاته وضرب بعضهم ببعض وبالخصوص تغذية الصراعات الايدولوجية بين الاسلاميين والعلمانيين، يقرّب اليوم هذا ليفترس ذاك ثم يستديراليه ليبطش به في جولة ثانية وهكذا دواليك. مطلوب اليوم تحشيد كل القوى التحررية مهما اختلفت مرجعياتها الفكرية من أجل مطلب التحرر من الاحتلال الداخلي أو تحقيق ما سماه زميلنا المنصف المرزوقي الاستقلال الثاني بافتراض حصول استقلال أول مشكوك فيه. ولكن ما ينبغي تكرار الماضي ، اكتفاء بالتغني بأناشيد الحرية والاستقلال، وهو ما أتاح للزعماء تحويل هذا »الاستقلال » طبلا اجوف.هذه المرة .ينبغي أن يكون اللقاء واضحا على نموذج لدولة المستقبل دولة تلتزم بمبادئ وآليات الديمقراطية المعاصرة التي نعتبرها أوفى ترجمة معاصرة للشورى الاسلامية. 

حركة النهضة اليوم  – وينبغي أن تكون في المستقبل أكثر- في قلب المعركة ضد الاستبداد والمافيا، نتعاون مع حركات المعارضة الجادة من أجل فرض تحول ديمقراطي جاد عبر وسائل النضال المدني داعين الجماهير العمالية والطلابية والاحزاب السياسية الى توحيد الصف لجعل هذا التحول الديمقراطي ممكنا عبر موالاة الضغوط وتصعيدها وبالخصوص عبر حركة الشارع والاضرابات والاعتصامات. ما ينبغي أن يخطئ اخواننا في المشرق فيحبسوا نظرهم الى النهضة في بعض رموزها المهاجرة. إن النهضة تتحرك من داخل البلاد من خلال قواها المنبثة  في ارجاء البلاد  طولا وعرضا. الثابت  أن الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية في البلاد  لم تفرز بعد حزب الدستور الذي اتخم شيخوخة وفسادا حركة في قوة وامتداد « النهضة »، ولم يحصل هنا ما حصل في بلاد مغاربية أخرى من بروز حركات اسلامية متناظرة. فلا تزال النهضة هي أبرز رموز الاسلام الحركي في تونس، حتى لا يكاد يذكر حتى تذكر، سرا أو جهرا. ولا تزال تمثل هاجس السلطة إن لم تكن عقدتها المؤلمة، باعتبار أنها راهنت على دفنها، تخلصا من المنافس البديل، وافتخرت في العالم أنها أنجزت هذه المهمة التاريخية المقدسة التي تقض مضاجع سادة العالم، بما تستحق معه جزاء وشكورا، فكلما عبرت النهضة داخل البلاد أو خارجها عن أنها لا تزال حية ترزق بل يتنامى وجودها إلا وتشجنت أعصاب السلطة واشتعلت غيظا. ماذا نفعل لها غير أننا ناديناها مرارا وتكرارا الى الصلح لكنها تلج في عنادها، وما إخاله إلا قاتلها.

وأنا من هذا المنبر أوجه التحية الى كل الى كل أحرار تونس وفي طليعتهم الاسود الرابضون وراء القضبان منذ أزيد من عقد ونصف، القابضون على الجمر في صبر وثبات وعزة اسلامية.التحية موصولة الى كل أنصار الحرة داخل البلاد وخارجها، والى قادة المعارضة الجادة وبالخصوص المنضوين في حركة 18أكتوبر  الذين وقفوا الى جانب مظلمة النهضة على اختلاف اتجاهاتهم، ومنهم القاضي الهمام الرئيس المختار اليحياوي الذي اهتبل فرصة استشراف البلاد شهر رمضان ليوجه نداء تضامن مع الاسرى التونسيين في سجون الطغيان داعيا الى تكثيف الضغوط من أجل فك أسرهم . أنا أشدّ على يد القاضي الهمام الذي مثل سابقة عظيمة ومأثرة جليلة في حمله لواء الحرية ودفاعه المستميت على الاسرى الاسلاميين في سجون الطغيان وأثمّن عاليا نداءه الى تصعيد حملة للضغط من أجل إفراغ السجون من مساجين الراي . أدعو معه الى وحدة الصف المناضل وتصعيد الضغط عبر العرائض والاعتصامات وكل أشكال التحركات المدنية من أجل إطلاق سراح المساجين، من أجل تونس، وطنا حرا عزيزا لكل ابنائه  

14- وأود أن أعرف رأيكم ف ماهي التأثيرات الفكرية والتنظيمية لجماعة الإخوان المسلمين في مصر على النشاط الحركي الإسلامي في دول المغرب العربي وخاصة بلادكم تونس

ج:  التاثير واقع، وإن اختلف حجمه وعمقه من بلد الى آخر.الجميع تاثروا ولا شك بالفكرة الاسلامية كما صاغها مفكروا الاخوان من حيث شمول الاسلام لقضايا العقيدة والسياسة، لقضايا الدنيا والاخرة لقضايا الاقتصاد والاخلاق وللعلاقات الدولية، حتى ليكاد الاسلام الحركي المعاصر يكون اخوانيا. جل الحركيين الاسلاميين  المغاربيين تتلمذوا على فكر البنا وقطب والغزالي والقرضاوي وسيد سابق وعبد القادر عودة والمودودي… وفي مرحلة ثانية من النضج امتدت اياديهم الى التراث الاسلامي المحلي ممثلا في ما خلفته الحركة الاصلاحية من انجازات وكانت بدورها على صلة وثيقة مع مثيلتها في مصر: حركة الافغاني وعبده ورشيد رضا. ويعتبر الشيخ ابن عاشور في تونس وابن باديس في الجزائر والفاسي في المغرب امتدادات لحركة الجامعة الاسلامية مثل البنا.والثابت أن كل تقدم ينجزه الاخوان في مصر تكون له انعكاسات ايجابية على عموم الحركة الاسلامية وعلى صورة الاسلام في المنطقة والعالم.وفيما يخص التعاون بين الحركات الاسلامية المغاربية فهو محدود جدا وفرص اللقاء نادرة كل مشغول بهموم عظمى تليه، نسال العون الله للجميع.  

15- وأخيرا سمعنا عن إنتهاكات خطيرة في مجال الإعلام وحقوق الصحفيين والمواطنين التونسيين في عهد بورقيبة وبن علي ماهو وجه الصحة في ذلك

ج:أما عن الانتهاكات المسلطة على الصحفيين التونسيين فحدث ولا حرج في ظل نظام بوليسي سائد. تونس الاعلامية والسياسية في التسعينيات وحتى اليوم هي مصرفي عهد الثورة من جهة الاعلام والسياسة الداخلية. ولقد كان عهد بورقيبة الاعلامي كالسياسي  سيئا جدا إلا أن عهد سلفه أسوا منه بكثير.  

16- * بماذا تنظر الى مستقبل منطقة الشرق الأوسط فى ظل الهيمنة الكاملة من العدو الاسرائيلى والدعم المطلق من أمريكا ؟ وهل ستنجح الولايات المتحدة الأمريكية فى انشاء شرق أوسط جديد كما ذكرت وزيرة الخارجية الأمريكية؟وما مستقبل التيارات الاسلامية فى المنظومة الأمريكية الجديدة؟

ج: السياسة الامريكية بقيادة  تحالف عصابة المحافظين والليكوديين في حالة تخبط شديد كلما ارادت أن تتخلص من ورطة وقعت في أخرى أفدح. قد اتخذت من الاسلام ومؤسساته وحركاته ودوله عدوا تشحذ في التعبئة ضده الاسلحة وتحشد الجيوش والتحالفات وتشغّل مصانع الاسلحة وتتم السيطرة على منابع الطاقة ضمانا للسيطرة المطلقة على العالم ، وتجرد هذه المنطقة من كل قوى المقاومة والممانعة وأي حاجز يمكن أن يقف في وجه الدولة العبرية تجب ازالته. ولقد قدمت أحداث 11سبتمبر الغشيمة الفرصة الذهبية لانطلاق هذا المخطط الرهيب، انطلقوا الى افغانستان وعينهم على العراق فاتجهوا اليه ولمّا يفرغوا من الهدف الاول. وقبل أن يفرغوا من الهدف الثاني الذي تزداد فيه جراحاتهم اتساعا وكذلك في الاول شجعوا كلب صيدهم الاسرائيلي على افتراس حزب الله تمهيدا لافتراس ما تبقى من قوى المقاومة والممانعة:سوريا وإيران وحماس، ولسوء حظهم وبلادة ذهنهم لم يك حظ كلب صيدهم بأفضل من حظهم. وهم في كل هذه المعارك المفتوحة ظلت دماؤهم تنزف وأموالهم تهدر. وأخطر من ذلك قوة ردعهم وترهيبهم للعالم تضيع. وأفدح من ذلك تعرت أخلاقياتهم وافتضحت أهدافهم الواحد بعد الآخر. إنهم لم يستطيعوا في غمرة سكرتهم بالقوة وسيطرة عقلهم المادي الاداتي أن يستوعبوا ما يعمر أمة الاسلام من صحوة عارمة وما تحصّل لدى أجيالها الجديدة من استيعاب مهم لتقنيات العصر. لم يدركوا أن الانسان سيد الآلة، وأنه بقدر تفاقم أزمة العلمنة والتحلل وضياع المعنى والهدف من الحياة غير هدف اللذة لدى انسانهم أمريكيا كان أم صهيونيا فكله انتاج نفس الحضارة التي يتسع التفكك لدى مجتمعاتها، بقدر ما يرتقي المستوى الروحي والمعرفي لدى انساننا:أ- بما أكسبته الصحوة الاسلامية من معنى لحياته تجعل استعداده للبذل والعطاء في الذروة بما في ذلك جوده بروحه يغدوأعلى أمانيه بديلا عن حياة حولوها ذلا وجحيما، ب- وبما خرّجته الجامعات من مهندسين وكفاءات علمية، تمكنوا من استخدام ما وصلت اليه أيديهم من وسائل دفاعية وهجومية بأعلى مستوى من الكفاءة والنجاعة. على صخرة جيل الصحوة وما أثمرته من ارتقاء بالمستوى الايماني الانساني وبالمستوى المعرفي التقني ، تكسرت نصال الشرق الاوسط الكبير الجديد والقديم . وكانت فضيحة الجيش الذي لا يقهر وهزيمته النكراء على يد بضعة مئات من شباب الاسلام شحذت ارواحهم ايمانا وإراداتهم تصميما على المقاومة ورغبة في الاستشهاد ، وعقولهم خبرة ومعرفة وأجسامهم تدريبا فتحول ما في أيديهم من وسائل محدودة قوة ردع هائلة فرضت على عدو متوحش ولكنه في طور التحلل والهرم ، فرضت عليه لاول مرة في تاريخ الصراع معه ميزان قوة رهيب حمله على التراجع، مصيبا الصياد الامريكي الذي أطلقه بخيبة أمل بطعم الحنظل .بينما كان يامل أن النصر في لبنان وتصفية قوة المقاومة من شانه، يعوض شيئا عن خيباته في العراق وافغانستان فكان كالمستجير من الرمضاء بالنار، ما زاد في تثبيط همته عن السطو على هدف آخر :سوريا أو إيران للتداوي من جراحات العراق، أو في الاقل  يقدم غطاء لانسحاب أمريكي من العراق هروبا من النزيف اليومي الذي يتكبدونه، وجعل شعبهم يتململ ويتوجع بالقياس الى ارتفاع تكاليف الغارة. ومع ذلك ما أحسب عصابة اللكوديين المتحكمة في مراكز القرار الامريكية إلا ماضية بالديناصور الامريكي الى مزيد من التورط ، بالهجوم على ايران، بذريعة الحرب على الارهاب . وإيران قطعا لا ترغب في هذه الحرب ولكنه لا يمكن توقع إلا أنها استعدت لها، وما سعيها لامتلاك السلاح النويي –اذا صح- إلا لتحقيق ردع وتوازن رعب يصد عنها العدوان الامريكي الصهيوني وهو ما لا تريدانه حتى يظل المسلمون ابدا في متناول اليد ومصدر ابتزاز، بلا ابواب ولا حرمة.

 إن العقل الذي يحكم العصابة الحاكمة في الدولة العظمى « عقل » خطير جدا لأنه مشحون بالخرافات وأساطير نهايات العالم إنه عقل توراتي تلمودي، ولكن ليس أروع منه لقيادة امبراطورية عظمى لم تبق دولة في العالم قادرة على الوقوف في وجهها، قيادتها الى الانهيار، فالامبراطوريات الكبرى قل أن سقطت من خارجها وإنما تسقط بأخطائها القاتلة. وصدق الله العظيم »وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرناها تدميرا » الاسراء.فما أعظمها بركة قيادة بوش للعالم الغربي وشارون وتلاميذه لاسرائيل. إنها لا تقتصر على دفع هذه الدول الى التردي في حروب استنزاف متتالية كلما ارادت الخروج من واحدة تردت في أخرى أشد حتى تتبدد مهابتها وهي راسمالها الاعظم فتهمّ بها الشعوب التي كانت تخشى سطوتها،  بل هي تجر أنظمة المنطقة الموالية لها الى مصير مماثل، إذ تزيدها تلك الموالاة العمياء انفصالا عن شعوبها وتخليا عن مهامها في الدفاع عنها، على غرار ما حصل للنظام المصري والنظام العربي عامة الذي بلغ خضوعه للارادة الامريكية حد الامتناع عن الاجتماع لاصدار بيان شجب وتنديد على غرار ما كان يفعل سابقا بينما الشعوب تحتقرق. إن ذلك ليس من شانه إلا أن يعجل بهذه الانظمة ويسرع من حركة التغيير وإزاحة كوابيس هذه الانظمة، التي تذكر بالدويلات التي كانت على أطراف الجزيرة يوم ظهور الاسلام تابعة للقوى العظمى فانهارت بانهيارها. وهو ما يجعل السؤال ليس عن مصير الشرق الاوسط بل عن مصير الامبراطورية الامريكية وكلب صيدها في الشرق الاوسط والانظمة التابعة لها، كل ذلك في حالة تخبط وارتباك والارض من تحته تميد ومعرض للانهيار، بما يوفر فرصا متعاظمة لقوى المقاومة والممانعة، ولحركة الشارع بقيادة تحالفات وطنية واقليمية ودولية :حركات ودولا، تدعم المقاومة باعتبارها المستقبل للاطاحة بأنظمة استهلكت من زمان عمرها الطبيعي وظل الاسناد الدولي يشدها، وهاهي اليوم أقدام العملاق تصوخ  في الطين. فمن ذا الذي سينجد الاتباع؟ انج سعد، فقد هلك سعيد  

17-المحور الثانى  العلاقة مع الغرب

 *فضيلة الشيخ، بحكم إقامتكم في الغرب، ما الدور الذي ترونه واجبا على المسلمين في بلاد الغرب؟

* إذا كان المسلم يعيش في الغرب فهو يتنازعه أمران، أولهما محافظته على دينه، وثانيهما إظهار نوع من الانتماء للبلد الذي يعيش فيه، فكيف يوفق المسلم بين الانتماء للدين والانتماء للوطن؟ وهل هناك تعارض بينهما؟ 

* هل ترون أن فكرة (الغرب بلاد حرب) ما زالت مسيطرة على كثير ممن يعيشون في تلك البلاد؟

 *ما تقييمكم للعمل الإسلامي في الغرب خلال الفترة السابقة؟

* ما الرؤية المستقبلية التي ترونها للإسلام في الغرب؟

 * ما دور التيارات الإسلامية في تفعيل الوجود الإسلامي في الغرب؟

 *يقابل المسلمون كثيرًا من المشكلات في حياتهم، وبعض المزالق في دعوتهم، فما السبل التي تساعد المسلمين على تجنب مثل هذه المزالق والمشكلات في الغرب؟

* من المعلوم أن التيارات التي تعمل للإسلام في الغرب ليست واحدة، وأن بينها اختلاف، فهل يمكن جمع هذه التيارات حول مظلة واحدة، وما السبل الممكنة لهذا التوحد؟ وجزاكم الله خيرا

ج: الوجود الاسلامي في الغرب معظمه حديث ناتج عن هجرات، وأقله عن اهتداء، وذلك الى جانب مسلمي البلقان واروبا الشرقية فهم اروبيون أصليون. قد يفوق العدد الجملي الاربعين  مليونا بحسبان مسلمي الاتحاد الروسي. أولوية هولاء هي أولوية كل مجموعة مسلمة قل عددها أو كثر حفظ دينها، وبالخصوص أنها أقلية معرضة للذوبان وسط أكثرية متفوقة وتسودها ثقافة علمانية لا دينية تمثل تهديدا جادا للاجيال الجديدة.ومن مقتضيات حفظ الدين إقامة مؤسساته من مساجد ومراكز ومدارس وتجمعات تمثل بئة ينتعش فيها الايمان وروح الجماعة .

وبموازاة هذه المهمة الدعوة الى الاسلام من خلال الانفتاح على المجتمع وتقديم صورة الاسلام اليه من خلال  نماذج سلوكية ناصعة احتراما للقوانين ووفاء بالعهود وصدقا في القول واتقانا للعمل وتهذيبا في السلوك وذوقا جميلا واستعدادا دائما لمد يد العون والمبادرة بالتحية وحسن الجوار ومشاركة فاعلة في الحياة الثقافية والاجتماعية والسياسية. وبالخصوص من قبل الاجيال الجديدة.

وبقدر ما ينجح المؤمن في الاندماج الايجابي في مجتمعه الاندماج الذي الذي يحفظ مقومات شخصيته الاسلامية دون أن يعزله عن محيطه بل يكون فيه فاعلا بقدر ما يتمكن المجتمع المسلم في الغرب من تحقيق ما يفرضه عليه دينه من تقديم العون الى اخوانه المؤمنين في العالم باعتباره جزء من أمة الاسلام، على أن يتم ذلك في نطاق ما تسمح به القوانين ، وهي والحمد لله تعطي للمسلم باعتباره مواطنا حقوقا كثيرة لو استنفدها في نصرة اخوانه لكان في ذلك خيرا كثيرا دائما، إن في مستوى الاعلام أو في مستوى المساعدات المادية أو في المستوى السياسي، سواء أكان ذلك من خلال مشاركته في الاحزاب وفي الحملات الانتخابية أم كان من طريق المشاركة في المسيرات والاعتصامات كما حدث خلال ازمة البوسنة أو فلسطين او العراق اولبنان حيث تمكنت الحركة الاسلامية في بريطانيا من إقامة تحالفات مع القوى اليسارية والنقابية المناهضة للحرب وللعولمة.

وليس هناك بالضرورة تضارب بين انتماء الانسان لدينه ولوطنه .إن الاجيال الجديدة من ابناء المهاجرين لا يعرفون لهم وطنا غير هذه الاوطان التي ولدوا فيها إذ الاسلام ليس مرتبطا بقوم ولا بارض معينة فحيثما أمكن للمسلم أن يقيم شعائر دينه بحرية جازت له الاقامة، ولا تكون الهجرة واجبة عليه إلا أن يفتن عن دينه فيكره على الكفر أو يحال بينه وبين إقامة شعائر دينه. وفي الغرب الديمقراطي توفقت الثورات الديمقراطية الى إزاحة سلطان الكنائس الجبري والاقطاع الغاشم بما ضمن للناس حرية اختيار معتقداتهم، وهو الحق الذي وفره الاسلام لكل من يعيش في ارضه منذ دولة المدينة وحتى اليوم بينما دول الغرب لم تتمكن من انتزاع حرية الاعتقاد إلا بعد مئات السنين من النضال. فأي تناقض في ظل الحريات الديقراطية بين أن تكون مسلما وبين أن تكون متجنسا باي جنسية تضمن الحريات العامة والخاصة؟. لا تناقض البتة. وما الفرق بين أن تكون مصريا مسلما  أو سوريا أو باكستانيا وبين أن تكون مسلما بريطانيا أو أمريكيا أو سويديا؟، لا فرق ، بحكم عالمية رسالة الاسلام. وما من شك اليوم أن العرب قلة في المسلمين ومعظم المسلمين ليست العربية لغتهم، بل ربما تكون الانقليزية هي الاقدر على تحقيق التواصل اليوم بين النخب الاسلامية. لدرجة أن من لا يتكلم الانقليزية كثيرا ما يلفى نفسه مغتربا في كثير من المؤتمرات الاسلامية الجامعة لجنسيات اسلامية عديدة.   

ب- هل ترون أن فكرة (الغرب بلاد حرب) ما زالت مسيطرة على كثير ممن يعيشون في تلك البلاد؟

ج: كلا، كلا.جمهور المسلمين بعيدون ليس عن الخوض في مثل هذه القضايا الزائفة بل لا تخطر لهم على بال ، وحتى جمهور النخبة الاسلامي هو بعيد عن مثل هذا التنطع. هذه أصوات نشاز منقطعة عن الواقع ومشكلاته منغمسة في مشكلات عصور خلت كانت مثل هذه المسائل مطروحة بسب غياب قانون يحكم العلاقة بين الدول غير قانون القوة، فكان من لا يغزو .كما ذكر زهير ابن ابي سلمى الشاعر الجاهلي يرسم قانون يومئذ« من لم يذد عن حوضه بسلاحه تهدم    ومن لا يظلم الناس يظلم« 

صحيح أن القوة لا تزال تحكم العالم ولكن نما بجانبها قانون يضبط استخدامها، يمكن للقوي أن لا يلتزم به ولكن يبقى مدانا منظورا اليه أنه مارق شان دولة بوش. ولم يكن الامر كذلك في القديم. العلاقات بين الدول تحكمها معاهدات واعترافات متبادلة. بما يجعل الامان متوفرا للناس حيثما ذهبوا ما التزموا بالقوانين ، خلافا لما كان عليه الامر حيث كان أمان المؤمن على نفسه يقتصر على بلاد الاسلام فإذا خرج منها فقد ذلك الامان باعتبارها دار حرب.ولذلك نهى النبي عليه السلام المؤمنين عن حمل المصحف خارج دار الاسلام لأن الحريات الدينية لم تكن مضمونة إلا في دار الاسلام. والحقيقة أن من أهم تعريفات دار الاسلام أنها البلاد التي يامن فيها المسلم على نفسه ويستطيع ممارسة شعائر دينه علنا آمنا.بما يجعل دار الاسلام عند التحقيق هي دار العدل والحرية. المسلمون في الغرب ليسوا في حالة حرب مع الدول التي يقيمون فيها بل في أمان قد يفوق الامان الذي لاخوانهم في بلاد الاسلام التقليدية بسبب تفشي الظلم 

 وحتى البلاد الغربية التي هي في حالة حرب مع المسلمين لا يعني أن ينتقل أمر الحرب الى الاقلية المسلمة فتعتبر أنها في حالة حرب مع دولتها ناقضة كل العهود، مرتكبة نوعا من الغدر الذي لا يحل في ديننا. ولكن ذلك لا يمنع الأقلية المسلمة من الاعتراض على سياسات دولتها الخارجية او الداخلية ولكن بتوخي الطرق القانونية.

ما تقييمكم للعمل الإسلامي في الغرب خلال الفترة السابقة؟

ج: حقق انجازات مهمة على صعيد ايقاظ الهوية الاسلامية لدى ملايين من المسلمين المهاجرين محدودي الثقافة والعلم بما حماهم من خطر الذوبان.  تم ذلك من خلال إقامة المساجد والمراكز والمدارس والمتجر  ومجالس للديانة الاسلامية  مسؤولة امام الدولة.

 ولا تزال أمام الوجود الاسلامي في الغرب  مهام جساما وبالخصوص على صعيد تطوير خطاب اسلامي ملائم للبئة الغربية بدل الاستمرار في توريد مشاكل العالم  الاسلامي. وإن من أنكى العقبات في طريق هذه النبتة الاسلامية الطرية هو فشو مناخات من التوتر حولها متمثلة في تصاعد تيار اليمين المتطرف من جهة ومن جهة أخرى مذاهب التشدد في بعض دوائر الشباب الاسلامي ، بما صب الزيت على النارتصعيدا للحملة على الاسلام ودعاته ومؤسساته، وهو ما يفرض على جماعة المسلمين في الغرب أن تتواطأ  على مقاومة التشدد والصور السلبية عن الاسلام، وأن تحد من خلافاتها وتتعلم من بئاتها فن الحوار والقبول بالمخالف والبحث عن المشترك وهو كثير، أساسا للوحدة الاسلامية، بين مختلف المدارس الفكرية والمذاهب الفقهية سنية وشيعية ، سلفية وصوفية .الخ.إن الوجود الاسلامي بالغرب  تواجهه تحديات جمة اهمها الحملة الدولية على الاسلام بقيادة عصابة الصهيو محافظين  لتشويه صورته وعزله وربطه بكل ما تكره النفوس وأنه خطر على التمدن والسلم والحرية والفن ومكانة المراة!! .ومن هذه التحديات تحدي الجيل الجديد هلى سيكون امتدادا لامة الاسلام عبر اندماجه الايجابي في مختلف ميادين الحياة الثقافية والاجتماعية والسياسية مفيدا في مواجهة تحدي تصاعد تيارات اليمين من  الآفاق  المتفتحة في وجهه:استيعابه لثقافة ومعطيات وطنه الجديد ووجود قزى تحررية يمكن أن يتحالف معها ضد قوى التطرف . إنه جيل جديد متعلم تعليما عصريا وراسخا في ايمانه الاسلامي . نعول بعد الله على الجيل الجديد ليتسلم قيادة المراكز والمساجد..الخ. إن الوجود الاسلامي في الغرب يعد أحد أهم الانجازين الذين تحققا للاسلام في القرن العشرين:بعد طرد جيوش الاحتلال من دار الاسلام ، وإن كانت هي عائدة اليوم لسوء حظها. أما الانجاز الثاني فهو اندياح الاسلام في العالم، بما سيمثل  جسرا مهما للتواصل والتبادل والتثاقف بين الشرق والغرب ربما يتوفق الى وضع حاجز نهائي للعدوان. ومن ذلك ما ظهر على الشباب الاسلامي  في الغرب من قلق شديد  وأزمة ضمير وتصاعد غضبه على السياسة البريطانية بما دفع قطاعات منه الى أحضان التطرف.لقد ظل  توني بلار حتى الآن يعاند  ويفرّ من الاعتراف بأن سبب هذا الجنوح لتطرف قطاعات من الشباب الاسلامي البريطاني ليس عائدا الى ما اعتبروه « وجود شيء خطأ في الاسلام، يجب إصلاحه ».إنما السبب كامن في أن صانع السياسة البريطاني لم يستوعب بعد الحقائق الجديدة للمجتمع الذي يحكمه، ومنها أن الاسلام لم يعد قضية خارجية بل جزء لا يتجزأ من التركيب السكاني ينبغي أن يقرأ له حساب في كل سياسة خارجية أو داخلية تسنها الحكومة، وبالخصوص ذات العلاقة بالاسلام ، تماما كما يفعلون إزاء اي سياسة ذات علاقة باسرائيل،فلا يغفلون وجود أقلية يهودية مؤثرة تتاثر بتلك السياسة. هذه الحقيقة الجديدة ستفرض نفسها على كل السياسات الغربية المستقبلية، وهو أمر جديد بالكامل على صناع السياسة لم يستوعبوه بعد، أو لم يعترفوا به استكبارا. غير أن المسلمين ينبغي ان يصبروا ويصابروا ويستثمروا في تربية أبنائهم تربية مدنية تستوعب مكاسب الحداثة في إطار قيم الاسلام اسلام الرحمة والعدالة، بعيدا عن اغراءات التشدد والانجراف الى محرقة العنف ، وذلك بحكم أنهم مومنون صالحون ومواطنون مخلصون لأوطانهم التي يتفيؤون ظلالها.إن ذلك جزء من الوعد الالهي بانه لن تنقضي الدنيا قبل أن تعم أنوار الدين ورحمته وعدالته العالم كله، » والله متمّ نوره » بما يسّر الله من تواصل بين الشعوب وثورة مباركة في وسائل الاتصال. إنه فتح جديد أدواته الكلمة الطيبة وقوة الحجة وبسط رحمة الاسلام وعدله.  » وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين. »

 والسلام عليكمورحمة الله  وبركاته.

 

(المصدر: موقع الحوار.نت بتاريخ 9 أكتوبر 2006)

 


 

حجاب امرأة وصيام حارس مرمى ومأساة الحرية والهوية!

بقلم: مواطــن

لبست حجابها وغادرت بيتها، وقفوا لها بالمرصاد، زعموا أن لا مكان لها تحت الشمس، فلباسها طائفي لا تنعكس عليه الأشعة البيضاء، أقسمت لهم أمام القاصي والداني أنه لا طائفة لها غير أمها وأبيها وأهلها، وبعضهم لا يحمل شارة الانتماء إلى « الطائفة المحجبة » (*)

 

قالوا لها : نعم طائفة ولها زعيم في الأرض! قالت بل هي حرية وعبادة، ولها رب في السماء!

قالوا لها: هناك قانون يجب احترامه، أجمع عليه نواب الأرض،

قالت: هناك قانون أجمعت عليه ملائكة السماء!

 

قالوا : ألم تسمعي بمنشور 108 ؟

قالت : سمعت به وحفظته وجمعت أرقامه فوجدتها تسعة… عدد المفسدين في الأرض (**)

قالوا لها : سنمنعك من دخول المدارس، سنبقيك على جهلك، ستعيشين بدون شهائد!

قالت : سأتعلق بشهادة السماء… فكم شهادة بقيت على الأرض معروضة للبيع على أرصفة الشوارع وفي الأسواق!

 

التفتوا شمالا، وإذا بجانب الفتاة شاب يافع ينتظر…

قالوا له : لن تلعب وتحرس شباك الفريق وأنت صائم، فهو مضرة لنا وهزيمة محققة!***

قال : ولكني أستطيع اللعب…

 

قالوا : لا، لا نخاطر…إنا نريد الانتصار وعليك بالإفطار، ألا ترى أننا في حال جهاد وبناء وضرورة وحاجة وأولوية ومصلحة عامة… وكثير من الكلام!

لن تلعب وأنت خائر القوى فتخور قوانا وننهزم، ألا يكفينا ضعفنا الذي أورثه لنا الأجداد، وتفاعل معه الأحفاد؟

 

ماذا عسانا أن نجيب ، نحن المواطن بلا وطن… سنقول تلك هي أغنية اليوم أغنية قديمة ومعزوفة ركيكة لا تحمل أي فرادة، سبقتها دعوات حملها الإطار الحاكم في الستينات حيث قيل لآبائنا أننا في حال تنمية وجهاد يبطل الشعيرة والعبادة فلا صيام مع العمل ولا عبادة مع النمو…وأردنا أن نفلح بتمزيق ديننا، فتمزقنا وما أفلحنا، وبقي الدين صامدا دون رضوخ!

 

هذه في الحقيقة، صفحات سوداء من حاضر يبحث عن بياض، هي تعبيرات عن مآسي الحرية المفقودة والهوية المرفوضة، تعبيرات عن الإفلاس السياسي حين يدخل الاستبداد البيوت والضمائر ومواطن الذوق واللباس..!

 

ولكن رغم الداء والأعداء، رغم سواد الحاضر، تلك هي أيضا بدايات الوعي بقيمة الإنسان أنه كائن بشري، له إرادة وله حرية الاختيار يرفض الخنوع والانكسار ويستجيب لمنادي الحرية ولداعي الأصالة والهوية.

 

(*) أمين عام الحزب الحاكم في تونس يعبر عن رفض السلطة القاطع للحجاب ومنع الطالبات المتحجبات من دخول المدارس والكليات (موقع العربية نت 5/10/2006).

 

(**) الآية 48 من سورة النمل (وكان في المدينة تسعة رهط يفسدون في الأرض ولا يصلحون).

 

(***) حارس مرمى فريق النادي الصفاقسي التونسي يمنع من اللعب ويطرد لرفضه الإفطار في رمضان (موقع تونس نيوز).

 

(المصدر: ركن خواطــر موقع اللقاء الإصلاحي الديمقراطيwww.liqaa.net )


 

إلى متى نبقى كالنعام

بقلم الطاهر الرمه

 

ما أشبه اليوم بالأمس و كل ما أخشاه أن يكون الغد مثل اليوم

 

في حقبة مضت من تاريخ تونسنا العزيزة خرج علينا في مثل هذا الشهر المبارك (شهر رمضان شهر الرحمة )رئيس الحزب الحاكم رئيس الدولة آنذاك بموقف استغربه و استهجنه كل مسلم غيور على دينه , فلقد طلب المسؤول الأول عن حماية الدين في دولة 99% من سكانها مسلمون من ـ رعيته ـ إفطار هذا الشهر أو بعض منه دون عذر. وهي سابقة خطيرة لم يشهد العالم الإسلامي مثلها من قبل . ولقد استنكر هذا و جاهده أحرار تونس و رجالاتها ( رجالا و نساء) في حينه , و كذلك فعل غير قليل من باقي المسلمين و علمائهم , و صفق له الوصوليين و المنافقون و الخونة.

 

و كأني بالتاريخ يعيد نفسه, وها هو رئيس الحزب الحاكم في تونس يكشر عن أنيابه في وجه شعب تونس الحر ومن خلاله في وجه ديننا الحنيف. هل اطمأن هذا الضبع إلى غضبة و ثورة ذاك الأسد الجريح , أم تراه استظل بحفنة من المنبتين ذوي الأيادي الحمراء الملطخة بدماء شعبنا الأبي الذي لا يرضى الضيم ولا يسكت عنه إن كان ذلك عاجلا أو آجلا.

 

رئيس الحزب الحاكم هذا سخر من ديننا و أنكر ما هو معلوم من الدين بالضرورة , لقد أنكر الحجاب و تطاول على الله الذي أمر كل مسلمة مكلفة بإرتدائه طاعة له و سترا لها و حفظا للمجتمع . فكيف للمخلوق أن ينكر أمرا على الخالق أو يعصيه.

 

فليسمح لي رئيس الحزب أن أطرح عليه بعض الأسئلة .

 

ـ هل لك أن تعصي أو ترفض قرارا أو أمرا أو حتى رغبة لرئيس الدولة ؟ الجواب طبعا لا و لو حتى في الأحلام , أقول لك إذا كيف بك و أنت تعصي سيد و مالك سيدك مالك السماوات والأرض وما بينهما ؟

 

ـ ماذا تفضل أن تكون لك زوجة أو ابنة حيية و عفيفة يحترمها القاصي و الداني و يشار إليها بالبنان لعفتها و شرفها و لا يذكرها لسان إلا بكل خير أم تراك ترغب في زوجة أو إبنة أو زوجة إبن تفتقد للحياء و الشرف و الأخلاق , لا تحفظ نفسها و لا بيتها و لا زوجها و لا شرفها ؟

 

ـ هل عاتبت و لمت و أنبت رئيسك و زوجته و إبنته عندما لبستا الحجاب وذلك عند أداء فريضة الحج ؟

 

أيها الشعب الحر الأبي إلى متى ندس رؤوسنا في التراب كالنعام و نسكت على ما يحدث حولنا لأمهاتنا و أخواتنا و بناتنا من تنكيل و إذلال و تعد على الحرية الشخصية ؟

 

إلى متى نسكت على الظلم و الضيم ؟ إلى متى يبقى الإسلام جريحا في بلادنا ؟ إلى متى يبقى الإسلام غريبا في دياره بعد أن كانت تونس منارة البلاد الإسلامية و مقصد المسلمين ؟

 

إلى متى نصبر على سماع شتائم و إهانات لديننا الحنيف من طرف حفنة تحكمت برقابنا بالحديد و النار ؟ ألا يكفي ما يرد علينا من الخارج من تعد على هذا الدين و النبي محمد صلى الله عليه و سلم ؟

 

إعلم أيها الشعب الحر الأبي أن الحرية و الإحترام و الأمان لا يمكن إهداءهم بل يجب إفتكاكهم ولو بالقوة !!!

 

إعلم أيها الشعب الحر الأبي أن الله سيحاسبنا على أمانة الدين و أمانة بناتنا و أخواتنا و أمهاتنا !!!

 

و اعلموا يا من تتحكمون في رقاب الشعب غصبا أن الله يمهل ولا يهمل

 

و للحديث بقية ………………


 

للتذكير.. افتتاحية « الوسط التونسية » بتاريخ 29 أفريل 2006

 

إذا أخطأنا فقوّمونا.. (*)

الطاهر العبيدي

taharlabidi@free.fr

 

ككلّ عمل بشري يشوبه الخطأ والنقصان، ككل اجتهاد بشري هو قابل للنسبية والصواب،

وككل عمل إنساني يحتاج للصدور الرحبة والنوايا الحسنة، والجهد والمزيد من التدقيق والتمحيص، للارتقاء إلى الفعل الحضاري والإنجاز التاريخي، ذلك لأن ادعاء ملك اليقين، وملك الحقيقة، هو ادعاء باطل ضد الطبيعة الإنسانية، ضد صيرورة الزمن، وضد الطبيعة البشرية التي تعتريها حالات الضعف والنسيان والسهو والميولات..

 

تلك هي بإيجاز قناعة قافلة منبر الوسط التونسية، التي انطلقت من مبدأ محاولة بناء مركبة للعبور إلى الكلمة الناضجة والرأي الحر، ومحاورة الاختلاف السياسي والإيديولوجي والفكري والثقافي، دون إقصاء دون اختزال ودون تهميش، بعيدا عن كل تمظهرات التنطع والغلو والأحادية والعشوائية والارتجال،معتمدة على الإيمان العميقوالمركزي بروح العمل الجماعي، لبناء مؤسسة إعلامية تؤمن بقيمة الفرد، وتتمنطق على أسس ودعائم العمل الجماعي، الذي يساهم في إرساء الفعل المؤسساتي، وترسيخ مبادئ التشاور والتحاور والمشاركة الفعلية في القيادة الجماعية، والاحتكام إلى عقد قيمي وإعلامي وأخلاقي، يحدّد تضاريس المؤسسة التي تظل قائمة حتى بعد زوال الأفراد، لتكون مكسبا مشرفا تتوارثه الأجيال، ليكون العمل الجماعي عنوان القافلة للمرور والعبور، إلى الاهتمام بقضايا الأمة في الداخل والخارج..

 

قد يتساءل البعض، من يكون هؤلاء  » الكوكتال » ربان سفينة منبر الوسط التونسية؟ هل هم حزبا، أم منظمة أم جمعية أو تيارا؟ والجواب ببساطة أن سائقي هذه المركبة، هم مجموعة من المستقلين الفاعلين في الحقل الإعلامي والحقوقي، نشترك في جملة من المبادئ، أهمها الإيمان بقيم الإنسان في الحرية والتعبير والمعرفة والكرامة، اجتمعنا على الإيمان بالوفاء للأوطان، ومقارعة الحجة بالحجة والبقاء للأصلح، والإيمان بالرسالة الإعلامية الصادقة، التي تساهم في تنضيج الوعي الإنساني، وترتقي بالفرد والمجموعة إلى مستوى المعرفة والتمييز، نحاول من موقعنا استجلاء الحقائق، معتمدين على قوله صلع « الساكت عن الحق شيطان أخرس« ، تجمع بيننا هواجس الكلمة التي أصلها في الأرض وفرعها في السماء ماله من قرار، تجمع بيننا هموم المعرفة المستمّرة، ومحاولة الاطلاع على مكامن عطب العقول والأذهان، ونجتمع على مبادئ النهوض والاستنهاض والبحث المستمر، في تأسيس أعلام يزاوج بين العقل والذوق والإبداع..

 

ولئن كانت المجموعة متنوعة في تشكيلتها، فهذا يعني أن هذا الكوكتال، يعطي إثراء وتنوعا، وطعما مختلفا عن اللون الواحد..

 

فكما كان التأني في تأسيسنا لهذا المنبر، فقناعتنا أيضا راسخة عند التنزيل والمرور  بهدوء وتواضع وبلا ضوضاء، حتى تثمر جهود المؤسسين ليومية الوسط التونسية، الذين التقوا على مبدأ الوضوح، والجرأة والمهنية والوسطية، وعدم تبييض الاستبداد، والتنوير وبذر الخبر اليقين، واعتماد الرأي المتين، والابتعاد عن النرجسية والذاتية المتوحّشة، التي تصنع الأصنام، وتخرّب العقول، وتبني فكرا من الأحجار والصخور..

 

من هنا فمن المبكر جدّا أن نردّ على كل تلك الرسائل الحميمية المتهاطلة علينا، ولا على تلك المكالمات الغزيرة المثمّنة للمنبر، ذلك لأننا لا زلنا في بداية الطريق، ولا زال المشوار طويلا كطول سنوات السبات..

 

وقد يكون رقم 30 ألف زائر لموقعنا في غضون العشرة أيام الأولى للانطلاق يثلج الصدور، ولكنه لا يعني أن كل هؤلاء قرّاء، فمنهم الفضوليين، ومنهم المتجولون، ومنهم المتناثرون، ومنهم المؤسسين الذين يدخلون ويخرجون ومنهم المعاكسون… باختصار هذا الرقم وإن كان مشجّعا إلى حد ما، فهو لا يعني مؤشر نجاح، أمام أنهار من البشر الذين يسبحون بالملايين في الثانية، عبر مختلف المنابر الإلكترونية  المبثوثة بمئات الآلاف على الشاشات، كأفواج الطيور السابحة في الفضاء الرحب، لهذا فالمسؤولية كبيرة، والحمل شاق وثقيل، نتعاون فيه أسرة وقرّاء، فالوسط التونسية تسعى أن تكون منبرا للجميع، فهي ليست ملكا لنا، هي مساحات مفتوحة على المهجر والأوطان، وفضاءات رحبة للقضايا الدولية والعالمية، ونوافذ لاستنشاق الحرية، وبناء عقل إعلامي واع بقضايا عصره ومحيطه، متناغما مع روح العصر، بعيدا عن الغلوّ والتنطع والارتجالية والعشوائية والمربعات الضيقة،

فإن « تفرعنا » فانتقدونا، وإن نسينا فاعذرونا، وإن سهونا فذكرونا، وإن ملنا عن الوسطية فنبّهونا، وإن غفلنا فأيقظونا، وإن أخطأنا فقّوّمونا، وإن وفقنا فلا تشكرونا…

 

ذلك لأننا ما كنّا لنكون، لو لم تكونوا  أنتم معنا مواطنون، قرّاء، متابعون، مثقفون، إعلاميون، باحثون، ومهتمون…

 


دعوة إلى الاعتناء بحديث الرسول (صلى الله عليه وسلم)

بقلم: ياسين بن علي

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه

 

للحديث النبوي مكانة عظيمة ومنزلة رفيعة في الإسلام، إذ يعبر عن سنة النبي صلى الله عليه وسلم وهي المصدر الثاني من مصادر التشريع بعد القرآن الكريم. ونظرا لهذه المكانة العظيمة التي يتمتع بها الحديث النبوي فقد اعتنى الصحابة رضوان الله عليهم به، فدققوا في الأخبار التي ترد عليهم ووضعوا الموازين والمقاييس للتثبت منها. ومن ذلك أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه كان لا يقبل الرواية إلا بشاهد، وكان علي رضي الله عنه يستحلف الراوي، وبالجملة فقد كان الصحابة رضوان الله عليهم يقومون بنقد الروايات والتثبت منها. وها هو عمر بن الخطاب رضي الله عنه – كما في صحيح مسلم – يرد حديث فاطمة بنت قيس: « أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يجعل لها سكنى ولا  نفقة » ويقول: « لا نترك كتاب الله وسنة نبينا صلى الله عليه وسلم لقول امرأة، لا ندري لعلها حفظت أو نسيت ».

 

لذلك فإن الاعتناء بنقل حديث النبي صلى الله عليه وسلم من أوجب الواجبات، وكيف لا، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: « إن كذبا علي ليس ككذب على أحد. فمن كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار » (أخرجه مسلم عن المغيرة)، ويقول: « كفى بالمرء كذبا أن يحدث بكل ما سمع » (أخرجه مسلم عن أبي هريرة).

 

ومن مظاهر الاعتناء بحديث النبي صلى الله عليه وسلم التثبت في نقله، وذلك بالعودة إلى أمهات الكتب، والنظر في أقوال أهل العلم فيه من حيث القبول والرد، والتدقيق في ألفاظه، أو بعبارة أخرى تخريجه. والتخريج هو: « الدلالة على موضع الحديث في الكتب المعتبرة التي أخرجته بأسانيد مستقلة بمؤلفيها مع بيان درجته عند الحاجة. قال المناوي عند قول السيوطي « وبالغت في التخريج »: بمعنى اجتهدت في تهذيب عزو الأحاديث إلى مخرجيها من أئمة الحديث، من الجوامع والسنن والمسانيد، فلا أعزو إلى شيء منها إلا بعد التفتيش عن حاله وحال مخرجه… ». (1)

 

 أما عن منزلة التخريج وفائدته فتقول الدكتورة رجاء مصطفى حزين: « هو من أشرف العلوم قدرا وأعلاها منزلة –بعد كتاب الله عز وجل – لأنه يتعلق تعلقا مباشرا بالسنة المطهرة التي هي المصدر الثاني من مصادر الشريعة الإسلامية، إذ عن طريق التخريج يتوصل إلى ما يقبل ويرد من الحديث. ويجب على كل مشتغل بالعلوم الشرعية أن يتعلم هذا العلم، وطرقه، وقواعده، لكي يعرف كيفية التوصل إلى الحديث في مصادره الأصلية المعتمدة، وليبين للناس مراتب هذه الأحاديث، ودرجتها من الصحة والحسن أو الضعف أو الوضع. والحاجة إليه ملحة ضرورية من حيث أنه لا يسوغ لطالب العلم أن يستشهد بأي حديث أو يرويه إلا بعد توثيقه أي الرجوع إلى مواطن الأحاديث وأصولها الأولى من كتب الرواية، كالجوامع والمسانيد والمعاجم والسنن وغيرها، تلك التي كتبت بأسانيدها في العصور الأولى.

 

وإنما يفعلون ذلك دفاعا عن السنة وذودا عن الدين ونصحا للأمة، حتى لا يتورط مسلم في قبول حديث غير معتبر، أو اتخاذه دليلا وهو لا يصلح لذلك… ». (2)  

 

 وعليه، فقد ساءنا أن نقرأ لبعض الكتاب فنجدهم يستدلون بالأحاديث دون تخريجها وعزوها لأهلها، كما ساءنا أن يعمد بعض الكتاب إلى رواية الأحاديث دون الاعتناء بألفاظها مع أن الدقة في اللفظ تعني الدقة في الفهم والاستنباط بل إن من الكتاب من ينسب الحديث إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو لم يقله، ويا ليته قال مثلا « فيما معناه »، بل رواه ونسبه إلى الصحاح بلفظه وهو غير موجود في الصحاح. وإننا لنعجب من هذا الصنيع من بعض الناس على جلالة قدرهم خصوصا وقد أصبحت – في زمننا هذا- كتب السنة وبعض برامج التخريج في متناول اليد.

 

 أمثلة:

 

 المثال الأول: يستدل بعض الكتاب في هذه الأيام بحديث: « …من فطر فيه [أي رمضان] صائما كان مغفرة لذنوبه وعتق رقبته من النار وكان له مثل أجره من غير أن ينتقص من أجره شيء قالوا ليس كلنا نجد ما يفطر الصائم فقال: يعطي الله هذا الثواب من فطر صائما على تمرة أو شربة ماء أو مذقة لبن… ».

 

هذا الحديث أخرجه ابن خزيمة في صحيحه عن سلمان، والبيهقي في الشعب، والحارث في المسند. قال الحافظ ابن حجر في أطرافه مداره على علي بن زيد بن جدعان وهو ضعيف، ويوسف ابن زياد الراوي عنه ضعيف جدا. وتابعه إياس بن عبد الغفار عن علي بن زيد عند البيهقي، قال ابن حجر: وإياس ما عرفته. فهذا الحديث قال العلماء إنه ضعيف، ومع ذلك فإن الكاتب يستدل به دون أن يخرجه، أو يشير إلى ضعفه. (3)

 

 المثال الثاني: يستدل بعض الكتاب بحديث: « يبعث الله على رأس كل مئة سنة من يجدد لهذه الأمة أمر دينها » (رواه أبو داود). (4)

 

والصحيح أن أبا داود رحمه الله أخرج الحديث في سننه بغير هذا اللفظ، قال: حدثنا سليمان بن داود المهري، أخبرنا ابن وهب، أخبرني سعيد بن أبي أيوب، عن شرَاحيل بن يزيد المعافري، عن أبي علقمة، عن أبي هريرة فيما أعلم، عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: « إِنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ لهذِهِ الأمَّةِ عَلَى رأْسِ كلِّ مائةِ سنةٍ مَنْ يُجَدِّدُ لَهَا دِينَها ».

 

ولا شك أن اختلاف اللفظ يؤدي إلى اختلاف في الفهم والاستنباط، فما بالك إذا بني الفهم على لفظ لم يرد في الحديث.

 

 المثال الثالث: يستدل بعض الكتاب بحديث: « من صام رمضان إيمانا واحتسابا دخل الجنة » (رواه البخاري). (5)

 

إن الكاتب سامحه الله قد استعجل في أمر كان له فيه أناة، فهذا ليس بحديث، ولا يوجد في صحيح البخاري مثل هذا الحديث بهذا اللفظ، فكيف يقول الكاتب رواه البخاري.

 

 

 

نسأل الله تعالى أن يحبب لنا السنة وأن يجعلنا من المتثبتين فيها حفظا لها وذودا عنها وعملا بأحكامها. 

 

 

(1) نقلا عن الوسيط في البحث والمصادر والتخريج، للدكتورة رجاء مصطفى حزين، ص94

 

(2) المرجع نفسه، ص96

 

(3) ينظر: (في ظلال رمضان الحلقة السادسة والأخيرة)، للهادي بريك، على موقع الحوار نت.

 

(4) ينظر: (شهر يجدد أمة)، للشيخ راشد الغنوشي، على موقع النهضة نت.

 

(5) ينظر المقال نفسه للشيخ راشد. 

 

(المصدر: مجلة الزيتونة، أكتوبر 2006)

الرابط:http://www.azeytouna.net/Sunnah/Sunnah011.htm


 

 

الإرهاب « الإسلامي » والنظام العربي « الإسلامي » والدولي؟

 

بقلم: علي شرطاني (1)

 

الإرهاب الإسلامي في قاموس معظم النخب العلمانية اللائكية الهجينة، وفي قاموس النظام العربي العلماني اللائكي، والتقليدي المحافظ الهجين، وفي قاموس النظام العلماني اللائكي الصليبي اليهودي الغربي الأصيل المتأصل في العلمانية التوراتية الإنجيلية، هو كل مجموعة أو فئة أو تنظيم أو فصيل أو حركة أو حتى شخص، يعمل بأي طريقة وبأي أسلوب، في أي وقت وفي أي مكان، لاستعادة العمل بالنظام الإسلامي في أوطان شعوب الأمة العربية والإسلامية، وله موقف محدد من نظام الدولة العلمانية الحديثة، ومن الدولة التقليدية المحافظة، والنظام العلماني اللائكي العالمي، ويسلك طريق المواجهة السلمية أو العنيفة لإحداث التغيير المطالب شرعا بإحداثه، والذي يجد فيه نفسه في علاقة خلاف أو صدام مع الأنظمة التابعة العميلة، والنخب العدمية والعبثية المعاضدة و »المعارضة » لها، والقوى الدولية الاستعمارية الإمبريالية والصهيونية العالمية الملتفة على عالم المستضعفين في الأرض عموما. فإذا كان هناك خلاف في القبول بالظاهرة أو رفضها في مختلف أوطان شعوب الأمة لأسباب مختلفة وبخلفيات مختلفة ولغايات مختلفة، وفي أوطان مختلفة، فإن الرفض يبقى هو الأصل، وما من قبول بالظاهرة الإسلامية في أي قطر من أقطار العالم الإسلامي على ما نعلم، إلا وكان الرفض سابقا له، ولا نعلم بقبول للظاهرة لم يكن قد سبقه رفض لها. ومن خلال القبول بالظاهرة الإسلامية التي وقع تحويلها إلى إرهاب عالمي ورفضها، تباينت المواقف منها من قبل الأنظمة التي قبلت بها لأسباب معينة وفي ظروف معينة ولغايات وأهداف معينة ، والأنظمة التي ظلت رافضة لها ورافضة للقبول بها، بتعلات وتبريرات وذرائع مختلفة باختلاف الأوضاع وموازين القوة. والذي يجمع بين كل هذه الجهات المتراوحة في النهاية بين القبول والرفض للظاهرة الإسلامية من مواقع الاختيار أو من مواقع الاضطرار والاقتناع أو الامتناع، هو النظر إليها في النهاية على أنها ظاهرة مشكلة من جهات إرهابية ومتطرفة.

 

أما القوى الدولية فلم يشتد توترها ضدها إلا بعد أحداث 11 سبتمبر 2001 في نيويورك وواشنطن، إذا ما استثنينا الكيان الصهيوني العنصري الذي ازداد توتره بعد ذلك، وحاول أن يجعل من ذلك مبررا كافيا لحرب الإبادة التي يشنها على الشعب الفلسطيني، والذي بدا واضحا أن المقاومة الإسلامية والمعارضة الإسلامية، قد مثلت قوى ضغط كبيرة على النظام العربي والنظام العلماني الهجين في أوطان شعوب الأمة الإسلامية، وأجبرت الأنظمة الفاشية الاستبدادية على إدخال إصلاحات على الساحة السياسية، كانت الجهات الإسلامية الضاغطة هي الجهات الوحيدة المتضررة فيها. وهي التي لم تقطف ما أنضجت من الثمار. وكانت نتيجة تلك الإصلاحات أن قربت الأنظمة العلمانية اللائكية الهجينة بطون طائفتها التي ظلت زمنا طويلا تستبعدها وتقصيها وتعمل على تهميشها، لتزعم بعد ذلك أنها شهدت بها نقلة نوعية في العمل السياسي الديمقراطي التعددي. وكان ذلك قبل حتى انهيار المعسكر الشرقي. وقبل أن يصير النظام الليبرالي الحر هو الخيار الوحيد في العالم. وقبل أن تصبح الديمقراطية والحرية والمساواة وحقوق الإنسان  » مطلب المعسكر الغربي في كل أنحاء العالم ». 

 

إن الذي لاشك فيه، أن الظاهرة الإسلامية بمختلف تعبيراتها وفصائلها وتنظيماتها في الوطن العربي والعالم الإسلامي حيث نشأت وتطورت، وحيث يجب أن يكون لها وجود، وهو الفضاء والوسط الذي هي معنية بمزاولة نشاطها الثقافي والفكري والروحي والأخلاقي والسياسي والاجتماعي فيه. وهو محيطها الطبيعي الذي من المفروض أنها هي الأصل فيه، والتي أصبحت بفعل الاستعمار والصهيونية ووكلائهما في هذه الأوطان هي الاستثناء. هذا الوسط الذي من المفروض أن كل هذه الجهات والأطراف التي أصبحت أصلا أو تريد أن تكون كذلك هي في الأصل الاستثناء فيه. هذه الظاهرة هي التي فرضت على أنظمة الحكم الفردي الاستبداد حيث كان لها وجود القبول بالآخر العلماني اللائكي، ولم يكن ذلك اقتناعا من هذه الأنظمة بذلك، ولا كان الوضع  الدولي قبل سقوط المعسكر الشرقي يفرض عليها ذلك أو يضغط عليها بذلك الاتجاه، ولا كان لتلك القوى السياسية العلمانية اللائكية المعارضة الحد الأدنى من الحضور الشعبي الجماهيري على الساحات الوطنية ، ولم يكن لها من الإشعاع والقدرة على الضغط ما يجعلها قادرة على انتزاع حقها في المشاركة السياسية، بالقدر الذي حصلت عليه. وإذا كان الأصل في الصراع السياسي، أن يكون للجهات والأطراف والقوى المتنافسة والمتصارعة من المكاسب ما تفتكه، وبقدر ما تكون قوية بقدر ما يقع القبول بها، فإن الذي حصل كان خلافا للقاعدة ولما هو متعارف عليه في النظام العربي »والإسلامي » إزاء هذه المكونات المحسوبة على المعارضة في الحركة العلمانية اللائكية هذه المرة، ذلك أنه بقدر ما كانت هذه التنظيمات المعارضة ضعيفة بقدر ما كان الاستعداد للاعتراف والقبول بها أكبر، ليتم القبول والاعتراف بعد ذلك في بعض الأوطان بجهات إسلامية وفق شروط هذه الأنظمة والنخب العلمانية التي انتقلت في غالبيتها العظمى من المعارضة إلى المعاضدة والموالاة، ومن اليسار إلى اليمين، ومن معارضة الأنظمة إلى معرضة المعارضة، وببعث وتأسيس لها منها، خروجا من حرج القبول بالأحزاب والتنظيمات العلمانية وعدم القبول بأحزاب وتنظيمات إسلامية، وتحقيقا لشرعية إسلامية لا تكون لها إلا بوجود أحزاب وتنظيمات إسلامية معترف بها، والتي عملت جاهدة أن لا تكون من المعارضة الإسلامية المستقلة، ولكن من تلك الأحزاب والتنظيمات التي أوجدتها بشروطها. ولا يكاد يخلو أي قطر من أقطار العالم العربي والإسلامي من هذه الظاهرة أو تلك.

 

إن الذي بدا واضحا أن إعادة التشكل التي يتجه إليها العالم ليست في الحقيقة، في جوانب كثيرة منها، بفعل الإرادة الإقليمية ولا الدولية الداخلية والخارجية، ولكن بفعل الضغط الإسلامي الداخلي والخارجي بمختلف تعبيراته وأطيافه وأشكاله. وبقدر ما يكون الضغط شديدا، ويكون الحضور ضاغطا، بقدر ما يجد النظام العربي و »الإسلامي » والنظام الدولي نفسه مضطرا للتنازل، ولإحداث التغييرات المناسبة باتجاه إقرار توازنات يحصل من خلالها أكثر ما يمكن من الاستقرار الذي لا مصالح لهذه القوى الدولية والإقليمية بدونها، من حيث تريد أو لا تريد، ومن حيث تعلم أو لا تعلم، ومن حيث تقصد أو لا تقصد. وفي الوقت الذي تنظر فيه هذه القوى الوطنية والإقليمية والدولية للظاهرة الإسلامية على أنها إرهاب، جاءت الدعوة الأمريكية المدعومة بالغرب الصليبي، وبمباركة من الدول الثمانية الأكثر تصنعا في العالم إلى « إصلاح النظام العربي و »الإسلامي ». صحيح أن الدعوة الأمريكية قد جاءت لتحدث ضغطا على النظام العلماني اللائكي، والنظام التقليدي المحافظ الهجين، لإحداث جرعات من الإصلاح على الأوضاع الفاسدة التي أقامها، وعلى طبيعته الفاسدة، والتي كانت بدعم منها ومن باقي النظام الغربي الاستعماري، باتجاه ما يتحقق لها من استقرار تضمن من خلاله الإبقاء على الوطن العربي والعالم الإسلامي على حالة من الضعف والتخلف والانحطاط  تريده أن يظل عليها وتعمل بكل الأساليب والوسائل على ذلك، وتضمن من خلاله مصالحها المادية وتفوقها العرقي والديني والسياسي والثقافي والاقتصادي والعسكري ، وأمن واستقرار واستمرار الوجود الصهيوني بالمنطقة، والمحافظة على هذه الأنظمة الفاسدة، والتي لا تريد لها إلا أن تكون كذلك، وتعمل باستمرار على أن تكون كذلك. وهي بحكم طبيعتها الفاسدة لا تنتج إلا فسادا، ولا يمكن أن يصدر عنها إصلاح. وهي ملتزمة مقابل الحماية الأمريكية لها، بالقيام بكل ما تطلبه منها أمريكا وبكل ما تشير به عليها. وليس من المصادفة أن تأتي هذه الدعوة للإصلاح متزامنة مع ما يحدث في فلسطين، وما يحدث في العراق وفي السعودية وفي اليمن وفي مصر وفي الجزائر وفي الصومال وفي الفيليبين وفي اندونيسيا وفي الشيشان وفي كشمير وفي أفغانستان وطاجكستان وأوزبكستان وغير ذلك من الأوطان بمختلف أنحاء العالم الإسلامي، ولاحقة لما حدث في نيويورك وواشنطن.

 

ولكن تداعيات الأحداث وفعل حركة المقاومة، وتشكل حركة التحرر الوطني العربي الإسلامي سلما وحربا في أنحاء العالم الإسلامي وفي الكثير من مناطق العالم، وشعور معسكر الاستكبار بالتحدي وبالخطر على مصالحه ومشروعه الثقافي الغربي العنصري، ونظامه العلماني اللائكي الأصيل والهجين، هي التي ألقت بظلالها على السياسة الغربية بقيادة أمريكا، وفرضت على صناع القرار في واشنطن وفي مختلف أهم العواصم الغربية أن يلحقوا مجهودهم الحربي العسكري بما يرونه مناسبا، مما يعتبرونه إصلاحات قد تخفف من نزعة عداء شعوب الأمة والشعوب المستضعفة عموما للغرب عامة ولأمريكا بصفة خاصة. وليست هذه الدعوة في الحقيقة إلا جملة من الأوامر لوكلاء الاستعمار في الحركة العلمانية والتقليدية في المنطقة وفي العالم الإسلامي، وجملة من الضغوطات والإملاءات الأمريكية على هذه الجهات لإصلاح نفسها والسماح ببعض الهوامش من الحريات الديمقراطية، وإحداث بعض المتنفسات، بما قد ينهي حالة الاحتقان الجماهيري أو يخفف منها، وبما يطيل في عمر هذه الأنظمة المنتهية صلاحيتها الحليفة للمارد الأمريكي، والتي هي في زمان غير زمانها، ويمنع في نفس الوقت صعود قوى سياسية « إرهابية » غير مرغوب في صعودها لسدة الحكم، أو مشاركتها في أخذ القرار إلا صوريا وفي أحسن الحالات، وبنسبة ضعيفة يتحقق لها بها وجود لا يؤثر في النهاية في القرار، الذي يجب أن يبقى في النهاية لأمريكا عبر عملائها ووكلائها في هذه المناطق الشاسعة الثرية من العالم.

 

(1) أرسل لنا السيّد علي شرطاني مشكورا بكتابه القيّم: « المشروع الثقافي للدولة العلمانية في العالم الإسلامي: التداعيات والمخاطر ». ونحن تعتذر عن عدم نشره كاملا إلا أننا سنقوم بإذن الله تعالى بنشر أجزاء منه. ومن أراد من القرّاء الكرام قراءة الكتاب كلّه فبإمكانه أن يطلبه عبر بريد المجلة الالكتروني.بريد المجلة:majalazeytouna@yahoo.com

  

(المصدر: مجلة الزيتونة، أكتوبر 2006)

الرابط: http://www.azeytouna.net/Fikr/Fikr009.htm


بسم الله الرحمان الرحيم

و الصلاة و السلام على أفضل المرسلين

 تونس في 9 أكتوبر 2006

 

 الرسالة 140 على موقع الحرية و الصراحة

مظاهر سلبية نتيجة الكسب المادي السريع دون مراعات حب الوطن و الخوف من الله

 

بقلم محمد العروسي الهاني

 

 

أواصل في الحلقة الرابعة على التوالي الكتابة حول مظاهر شتى من سوء التصرف و التبذير و الإفراط في بناء المساكن الفخمة و التهرب من الجبائية…

و الغش في المقاولات نتيجة حب المال السريع و فقدان الوطنية و خوف الله تعالى … و موضوع آخر هام يهم التسابق لأخذ القروض المالية و عدم نية إستخلاصها و بعد أن أشرت في المقالات السابقة ايام 4-5-7 أكتوبر 2006 التي نشرتها تونس نيوز بأمانة و صدق الإعلام العصري السريع التكنولوجي في عصر السرعة و الطرق السيارة.

و قد عالجت في المقالات السابقة المواضيع الحساسة التي تهم التبذير في مادة البنزين المجاني المسلم من طرف المجموعة الوطنية بصفة مجانية و التفريط في إستعمال السيارات الإدارية في المشاغل الخاصة و قضاء الحاجة العائلية و الموضوع الثالث كان حول إستغلال النفوذ و إستغلال المسؤولية و السعي للحصول على منافع شخصية و خاصة في مجال الفلاحة على حساب الشعب و الجري وراء الربح المادي السريع و الحصول على ضيعات فلاحية لها خصوبة و إنتاج في جهات فلاحية هامة مثل ولايات صفاقس و نابل و باجة و هذه الجهات من أهم الولايات خصوبة في مجال الزيتون .. و الغلال .. و الحبوب و الحليب .و اليوم أتحدث في موضوع على غاية الأهمية

المقاولات في مجال الطرقات و البناءات المدنية و المشاريع ذات الصبغة التربوية

منذ أعوام على بحر العقدين الأخيرين لاحظنا بكل وضوح أنّ المقاولين الجدد تناموا و تكاثروا و أصبحوا اصحاب الأولوية للحصول على المقاولات .. بينما كان الأمر في بداية الاستقلال يقتصر على عدد قليل من المقاولين المعروفين و المشهورين  و ذات الشهرة و الإمكانيات المادية و الإشعاع و السمعة في مجالهم و قد كانت المنافسة بينهم لدعم نهضة البلاد الإقتصادية و الإجتماعية و كانت تونس حضيرة كبرى و خلية نحل تعمل ليلا و نهارا و تمّ إنجاز آلاف المساكن. التابعة للشركة العقارية الوطنية و مجموعة من الطرقات و الجسور و البناءات المدنية و المدارس و المعاهد الثانوية و مراكز الصحة و على إمتداد 30 سنة تمّ إنجاز آلاف المشاريع و نسبة الخلل و النقاط السلبية لا تتجاوز 15 بالمائة يقع تداركها حسب كراس الشروط لأنّ الرقابة و المتابعة مكثفة و تعمل بروح وطنية و نسبة رائحة المادة كانت ضئيلة لا تتجاوز 10 بالمائة هذا بالنسبة لدور المقاولين القدامى أمثال المرحوم علي مهني رحمه الله.

التغيير الحاصل في العقول و الحب المفرط للمال جعل المقاولات تأخذ منعرجا آخر.

 و منذ عام 1989 برز عدد هام من المقاولين الصغار الجدد و بعضهم لم يكن معروف على ساحة العمل و ربما خبرتهم صغيرة في الميدان و هناك من عمل بالجماهيرية الليبية ثم عاد مقاولا شىء جميل أن يتطور الإنسان و تتحسن موارده المادية و الطموح شرعي في الإنسان لكن يجب ان يكون في صالح الوطن و المواطن و الشعب لأنّ المشاريع التي ترصد لها المجموعة الوطنية اموالا طائلة و رصيدا هاما لفائدة أبناء الشعب… و إعتبارا للتسهيلات الهامة التي منحتها الدولة للمقاولين في نطاق اللامركزية و اللامحورية كلها تصب في مساعدة المقاولين و مساعدتهم في مجال المناقصات و دفعهم للمشاركة و أخذ نصيبهم في مجال تشغيلهم و قد تطورت الإجراءات الإدارية و سرعة الدفع حتى يتمكن المقاول من تصريف شؤونه مقابل ذلك سرعة الإنجاز وجودة  العمل و إتفاقه.

لكن مع الأسف رغم إرتفاع تكلفة المشاريع حيث تطور ثمن بناء قاعة تدريس في الابتدائي  من خمسة آلاف دينار عام 1986 إلى 19 ألف دينار اليوم أي تضاعف 4 مرات في 20 عاما و إنجاز و تعبيد كلم واحد من 8 ألاف دينار إلى 40 ألف دينار طريق عادي أو مسلك فلاحي و بناء مدرسة ثانوية من 200 ألف دينار إلى مليار و نصف أو أكثر هذا مجهود الدولة من ميزانية الشعب لكن في المقابل هناك أنواع من الخلل و عدم إحترام كراس الشروط رغم الرقابة في هذا المجال و أعطي أمثلة في مناطق ريفية تسمى مناطق ظل رصد لها صندوق 26 26 مبالغ هامة من الأموال لتعبيد الطرقات مسالك فلاحية و في ولاية صفاقس كان صاحب الامتياز مقاول واحد حصل على كل المشاريع التابعة للصندوق على امتداد 5 أعوام و في منطقة الحجارة التابعة لمعتمدية الحنشة ولاية صفاقس ثمّ تعبيد 22 كلم بحساب 880 ألف دينار أي قرابة المليار و إضافة 4 كلم على حساب ولاية المهدية المجاورة بـ160 ألف دينار لفك العزلة للمنطقة المذكورة .. و منذ البداية لاحظنا الخلل الحاصل و لكن دون جدوى و في 31/01/1999 كان لي مقابلة مع السيد والي الجهة فاعلمته بالخلل الملحوظ منذ بداية المشروع الذي أنجز في النصف من عام 1998 / 1999 فكان جواب المسؤول نحمد ربي في السابق كان الطريق من تربة و اليوم معبّد قلت له بلطف المناضل الدستوري أنّ الدولة خصصت اعتمادات و الشعب تبرع لفائدة صندوق 26/26 لتعبيد الطرقات و تحسين ظروف عيش المواطنين و أنت اليوم تدافع على مقاول قام بعملية الغش و أكدت له أنّ هذا الجواب غير مقنع من طرف مسؤول كبير فإبتسم و قال لي هناك ضمان بـ10 بالمائة سوف يقع الضغط عليه بعد مراقبة الاشغال إجبت أنّ نسبة 10 بالمائة لا تسمن و لا تغني من جوع و أخيرا المقاول أخذ الضمان و كان مقاول ممتاز عندهم و جددوا له في الأعوام اللاحقة و اليوم المشروع المذكور اصبح غير صالح و المواطن يلاحظ الخلل و العيوب بعد 7 أعوام فقط من الإنجاز.

مسالك فلاحية أنجزتها فرنسا بجهة بوثدي ولاية صفاقس عام 1886 أي منذ 120 سنة

مازالت هذه الطرقات صالحة و ليس بها خلل و لا عطب ملحوظ و قلت في رسالة مفتوحة عام 2002 بجريدة أخبار الجمهورية التونسية مخاطبا السيد وزير التجهيز و الإسكان  بأنّ المسالك التي عبدتها فرنسا عام 1886 صالحة لليوم كأن الفرنسيين هم أصحاب الدار

أما المقاولين التونسيين يقومون بالأشغال و كأنهم متسوغين للدار غير تونسيين

و اضرب مثال آخر في معتمدية جومين ولاية بنزرت كان هناك المسؤول الأول على إدارة التجهيز ببنزرت رجل فاضل نزيه ووطني له علاقات ممتازة مع كل الناس طلبت منه إمكانية تعبيد 2 كلم مدخل معتمدية جومين فقال لي أصارحك أنّ التكلفة بالغة حوالي 80 ألف دينار يصعب علينا إنجازها دون مساعدة فأشرت عليه بأنّ المعتمدية تتدخل لجمع الاتربة و الحجارة مجانا و تجند اصحاب الجرارات و الإدارة الجهوية تساعد بالآلات و الحصى و القطران و فعلا تم بذلك و أنجزت الطريق و كانت التكلفة من طرف إدارة التجهيز 13 ألف دينار و قيمة مساهمة المعتمدية بتبرع المواطنين بقيمة خمسة  ألاف دينار الجملة 18 ألف دينار عوضا عن 80 ألف دينار أي الربع فقط  و في بناء القاعات كانت القاعة ينجزها المقاول 7500 دينار في جومين و حتى 9 آلاف دينار و في تجربة لبناء 4 مدارس بالجهة كل مدرسة قاعتين و مجموعة صحية تم إنجاز كل مدرسة 7 آلاف دينار قاعتين عوضا عن قاعة واحدة دهش الناس و المسؤول الأول بباجة حيث ديوان المرعى و التنمية هو المموّل لبناء القاعات في الريف و بعضهم شك في سوء التصرف السابق للمسؤول المحلي عن الديوان لكن قلت لهم بصدق انّ السر يكمن في المتابعة و الأشغال المباشرة و مساهمة المواطن .. و بذلك أنجزنا العديد من المشاريع الهامة بفضل الله … و قد تحدثت على هذه التجربة في الندوة الوطنية لمشاريع صندوق 26/26 التي إنعقدت عام 1998  بإشراف السيد وزير التجهيز و الإسكان الأخ علي الشاوش آنذاك و قد نوّه السيد الوزير بهذه التجربة. و قلت لو كل المشاريع تكون مباشرة أو على الأقل نصفها سوف نربح أموال طائلة نستعملها في مشاريع أخرى  هامة تعود بالفائدة على الشعب و يكون كلم واحد معبد بثلاثة عشرة ألاف دينار عوضا عن 40 ألف دينار  و النتيجة الأن طريق معطبة و فاسدة و مليار و 20 دينار ذهبت في جيوب المقاول و من كان معه و لا حول و لا قوة  إلا بالله العظيم

هناك طرق لو يقع العمل بها نربح اموال طائلة

  إنّ الأشغال المباشرة بتظافر جهود وزارة التجهيز و الإسكان و الجيش الوطني تقضي على الإحتكار و إرتفاع التكلفة و كما أشرت أنّ تكلفة الكلم واحد معبدة لا يتجاوز 13 ألف دينار بالطريقة التي إستعملت في معتمدية جومين و لم تم ذلك لربحنا أكثر من 95 مليار في مشاريع الصندوق الوطني للتضامن 26 26 إذ إعتبرنا أنّ مناطق الظل حوالي 1400 منطقة يشمل قرابة ثلثها تعبيد الطرقات بها و إذا قمنا بإحصاء 500 منطقة بمعدل 7 كلم لكل منطقة يكون المجموع 3500 كلم على حساب 40 ألف دينار الكلم الواحد يكون المجموع 140 مليار و إذا طرحنا 27 ألف دينار لكل كلم واحد  يكون الربح 95000 مليار أي ما يعادل تشغيل 4000 ألاف شاب من مناطق الظل شهريا 250 د في الشهر أي بمعدل 3000 ألاف دينار سنويا و تكون ميزانية لمدة 8 أعوام بمعدل 12 مليار سنويا و نقضي على البطالة في مناطق الريف و نصف الشبان يتم تشغيلهم في المعاهد الثانوية و المدارس و المستوصفات التي تشكو نقصا فادحا في اليد العاملة و العمال و ذلك افضل من أن يضعها المقاولون في جيوبهم و يغشون بشتى الطرق المشاريع و يستعملون طرق ملتوية سامحهم الله … و هذه الآراء و المقترحات حاولت نشرها في الصحف الوطنية لكن دون جدوى في غياب حرية الصحافة و الدور المطلوب للإعلام نرجو جمع مقالاتي الأخيرة حول مظاهر التبذير و داراستها في أعلى المستويات و هرم الدولة و لما لا في مجالس وزارية و التعمق فيها و العمل على تحقيق أهدافها و لو أنها جائت بعد سنوات سامح الله صحافتنا المحلية و هذه نتيجة التعتيم الإعلامي و عدم السماح لحرية التعبير و غلق الأبواب و النوافذ حتى جاءت الأنترنات التي سميتها الرحمة المهدات قال الله تعالى: يا أيها الذين آمنوا إتقوا الله و قولوا قولا سديدا صدق الله العظيم و قال تعالى : و لتكن منكم أمة يدعون إلى الخير و يأمرون بالمعروف و ينهون على المنكر و أولائك هم المفلحون  صدق الله العظيم

 

ملاحظة: للحديث بقية إذا كان في العمر عشية لإتمام القضية


رايس و الفتن المتنقلة بوجه العرب وايران

محمد صادق الحسيني (*)

تنقل مجلة الاسبوع المصرية عن دراسة امريكية حديثة تحت عنوان التقسيم في الاسلام تضمنت خطة عرضها جيمس كيرث استاذ العلوم السياسية تقضي بتعميق التقسيم والتفرقة بين الشيعة والسنة في العراق مما يؤدي الي حرب اهلية تنتقل الي جميع الدول المجاورة تصل الي حد المواجهة النووية بين ايران وباكستان، وتعتمد هذه الاستراتيجية علي عدة تقسيمات مختلفة داخل العالم الاسلامي اولها تقسيم المسلمين الي معتدلين و متطرفين وثانيها سنة وشيعة.

وهذا هو بالضبط ما جاءت من اجله السيدة كوندوليزا رايس علي ما يبدو لتحسم امره في جولتها الشرق اوسطية الجديدة!

لقد جاءت لتحرض من تسميهم بالعرب المعتدلين ضد ايران النووية المتطرفة ! بعد ان فشلت في تعبئتهم ضد حليف ايران الاستراتيجي اي حزب الله اللبناني خلال حرب الـ33 يوما! نعم لقد فشلت لان الوقائع والاحداث الميدانية التي سطر ملاحمها المقاومون وكذلك المواقف الشعبية المناصرة للمقاومة في كل من القاهرة والكويت والمنامة وعمان قد احرجت المعتدلين فاخرجتهم من دائرة الفعل المفيد في حلف المعتدلين !

ثم ان رايس التي تطارد الرياح المعاكسة لارادة البنتاغون وشركائها من المحافظين الجدد في الادارة الامريكية الذين ثبت فشلهم الذريع في العراق لم تنس ان تطل علي تابعيها الصغار في العراق الجريح ولكن لتهددهم هذه المرة وتنذرهم بما سمته بالاحداث الاقليمية الكبري التي تنتظم المنطقة خلال الستة اشهر القادمة وبالتالي لتؤنبهم علي تقاعسهم في انجاز مهمة الفتنة والتقسيم وتنذرهم بانه ليس لديهم الوقت الكثير ليقضوه في نقاشات عبثية .

نعم فالوقت عصيب وعصيب جدا بالنسبة للامريكيتين فها هي بوادر التمرد واحتمالات ظهور مقاومة شعبية شيعية كما ينقل احد الخبراء في الشأن العراقي، قد تلجأ اليها حتي قيادات تعاونت مع الامريكيين حتي الان في ظل انباء متواترة تفيد بان الامريكيين بدأوا يضيقون ذرعا بحلفائهم الصغار هؤلاء ولا يمانعون مطلقا في انجاح اية محاولة انقلابية جدية علي المالكي وكل من لف لفه من الائتلاف الشيعي الموحد اذا لزم الامر كما يضيف الخبير العراقي الذي رفض حتي الان الالتحاق بجوقة المهللين للاحتلال.

ان رايس لن تقبل من الان فصاعدا وبعد كل الذي حصل في لبنان وتداعياته العربية والاسلامية الواسعة النطاق الا ان يذعن المالكي والمجلس الاعلي وكل من راهن علي الدور الامريكي المحرر للعراق، نعم ان يذعنوا لمخطط اقتتال شيعي شيعي هذه المرة وليس فقط شيعيا سنيا! وهذا الامر سيعني فيما يعني ان المطلوب امريكيا التحاق شيعة العراق بالتيار الكردي الذي يطالب بقواعد عسكرية امريكية دائمة في العراق، والتلويح بنقل الصراع المذهبي الي ايران بحجة الرد علي ايران من خلال تحريك قوي المعارضة فيها كما صرح جلال الطالباني قبل مدة واخيرا وليس اخرا الاسراع في عملية الفيدرالية للجنوب واعلان الاعتدال الشيعي العربي! مقابل التطرف الشيعي الايراني!

ان هذا الكلام لا يستند الي التحليل فقط فالوقائع المعلنة والمنشورة تثبت بان واشنطن تعمل علي تحريك وتحريض الاقليات الايرانية المتعددة ضد السلطة المركزية، وهي تعقد الاجتماعات الدورية لهم في اطار مراكز البحوث الاستراتيجية في واشنطن. وتخصص الميزانيات اللازمة لذلك تحت عنوان نشر الديمقراطية في الشرق الاوسط! ولا تكتفي الادارة الامريكية بما تقوم به من حروب عسكرية وامنية استباقية في كل من فلسطين وافغانستان والعراق ولبنان، بل انها تقوم بالاتصال بمجموعات من الاقليات المذهبية او الجماعات المتململة او مجموعات ما يسمي بالمجتمع المدني في كل من السعودية والبحرين وعمان واليمن وغيرها من البلدان وتعرض عليهم المساعدات المالية والتدريب اللازم علي الديمقراطية ليقوموا بالدور المطلوب سواء في حروب الافكار التي تخاض ضد الامة في وسائل الاعلام والفضائيات ومراكز الدراسات والبحوث او الاستعداد لليوم المطلوب للتحرك المناسب في كل حالة من الحالات.

انها فلسفة الفتن المتنقلة المكملة لمنهج الفوضي المنظمة من اجل تحويل الوطن العربي والعالم الاسلامي وهما بالمناسبة اكبر مصطلحين يكرههما المسؤولون الامريكيون والاسرائيليون ويوصون سفراءهما واصدقاءهما بعدم استعمالهما واستبدالهما بمفهوم الشرق الاوسط حتي يجد هوية ما للقطيعة لاسرائيل فيه! غير ان العرب والمسلمين سيخذلان رايس وتابعيها مرة اخري!

(*) كاتب ومحلل سياسي إيراني

(المصدر: صحيفة القدس العربي الصادرة يوم 9 أكتوبر 2006)


Home – Accueil الرئيسية

Lire aussi ces articles

7 novembre 2006

Home – Accueil – الرئيسية TUNISNEWS 7 ème année, N° 2360 du 07.11.2006  archives : www.tunisnews.net Communiqué de presse ACAT-France: Un

En savoir plus +

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.