الهاتف /الفاكس:71354984
تبعا للمقال الذي نشره السيد برهان بسيس في جريدة الصباح و الذي طالب فيه بالإفراج عن السجينين السياسيين السيدين كريم الهاروني و عجمي الوريمي بعث إلينا السيد عمر الهاروني والد السجين السياسي و الأمين العام السابق للاتحاد العام التونسي للطلبة السيد كريم الهاروني برسالة عن طريق الفاكس علق فيها على المقال المذكور بكون خروج ابنه من السجن ليس له بعد إنساني فقط و إنما له بعد سياسي إذ تم سجنه على إثر قضية سياسية و قد أورد السيد عمر الهاروني في رسالته للجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين الرد الذي تلقاه من ابنه على المقال المذكور و نحن نورد الرسالة كما هي :
بسم الله الرحمان الرحيم”
و الصلاة و السلام على النبي الكريم
في زيارتنا لابننا السيد كريم الهاروني يوم 26 من الشهر الجاري في السجن المدني بالمرناقية أبلغنا برده بخصوص مقال السيد برهان بسيس المنشور في جريدة الصباح بتاريخ 21 فيفري 2007 و المتمثل في : ” مش مشكل متاع إنسانية و لا عطف من أحد .احنا مساجين سياسيين في قضية سياسية وانت تعرف الحقيقة , و نحن نعرفو الحقيقة “
و السلام
عمر الهاروني
والد السجين السياسي السيد كريم الهاروني“
رئيس الجمعية الأستاذ محمد النوري
أحكام قاسية وتطورات مثيرة عرفتها محاكمة 14 شابا متهمين بالإرهاب
محمد الحمروني أصدرت محكمة الاستئتافية بتونس العاصمة يوم السبت الماضي أحكاما بالسحن تراوحت بين 4 و10 سنوات في حق 14 شابا متهمين بالإرهاب. وكانت جلسة المحاكمة التي انطلقت صبيحة يوم السبت الماضي وتواصلت إلى ساعة متأخرة من ليل الأحد شهدت تطورات عديدة واخذ ورد كبيرين بين القاضي والمحامين. وحسب عدد من عائلات المتهمين الذين حضروا المحاكمة فان الجلسة توقفت على الأقل في مناسبتين بسبب اصرار القاضي على مقاطعة المحامين كلما تعرضوا الى التعذيب أو لا دستورية قانون الإرهاب أو أن القانون الذي يحاكم به هؤلاء الشبان وضع خدمة لأجندة أمريكية في حربها على الارهاب. وهو ما حصل مثلا خلال مداخلة الأستاذين سمير ديلو عبد الرؤوف العيادي، أما الأستاذة راضية النصراوي فرفضت المرافعة بسبب تأخير مداخلتها إلى ساعة متأخرة من مساء السبت. وحضر المحاكمة ما يقرب من 20 محاميا تمكن أكثر من نصفهم من الترافع على منوبيهم. وتقول أوراق القضية أن المتهمين أوقفوا سنة 2005 على خلفية محاولتهم الالتحاق بالمقاومة في العراق، وان بعضهم اعتقل في الجزائر والبعض الآخر في ليبيا بينما اوقف البقية في تونس. وبعد أن كان ملف الاحالة يضم 26 متهما خلال بداية الابحاث تمت إحالة 18 متهما فقط منهم 14 في حالة ايقاف و4 في حالة فرار. و حسب البيان دائما أن عدد المحامين الذين حضروا تجاوز العشرين وان من ما يزيد عن نصفهم رافع في القضية. واستنكرت الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين ما قالت انه “محاكمات شبان أبرياء من أجل معتقداتهم دون أن تكون لهم أية علاقة بالإرهاب” وهي “ترى أن هذه المحاكمات من شأنها أن تزيد من انسداد أفق الحريات بالبلاد” . وقالت الجمعية أن الموقوفين الذين اعتقلتهم “إدارة أمن الدولة منذ أفريل 2005 حيث تعرضوا لشتى أنواع التعذيب مثلما صرحوا بذلك أمام المحكمة”. ودعت إلى تتبع الذين مارسوا التعذيب في حق هؤلاء كما تدعو لإلغاء القانون اللادستوري عدد 75 الصادر في 10 ديسمبر 2003 . وأضاف البيان أن الموقوفين وجهت لهم كل التهم الموجودة في قانون الإرهاب وشدد البيان على “أن كل المتهمين أنكروا ارتكابهم للأفعال المنسوبة إليهم”. واعتبر البيان انه “تم هضم حقوق الدفاع من قبل المحكمة التي منعت أحد المحامين من استكمال مرافعته” وأضاف أن المرافعات “تواصلت حتى الساعة العاشرة والنصف مساء وإثرها اختلت المحكمة للمفاوضة والتصريح بالحكم ولم يتمكن لسان الدفاع من الاطلاع على هذه الأحكام إلا صبيحة يوم الاثنين 26/03/2007″. والد الموقوف ماهر بزيوش اعتبر في تصريحات لـ”الموقف” أن المحاكمة غير عادلة لان القاضي لم يأخذ بعين الاعتبار ما أورده المحامون من برهنة على بطلان الادعاءات التي قدمها الباحث الابتدائي. وأضاف ” ابني لم يكن يوما إرهابيا فطوال حياته كان هادئا مستقيما يرفض العنف وهو ناجح في دراسته وكان يدرس في السنة الختامية من شهادة هندسة الطاقة بكلية المنستير. … “التبليغ والدعوة” أيضا هذا وتتواصل حملات الاعتقال والمحاكمات التي تشنها السلطات التونسية ضد المنتمين للتيارت الإسلامية المختلفة وآخرها جماعة التبليغ والدعوة، وذلك منذ المواجهات المسلحة التي شهدتها تونس نهاية عام 2006 وبداية 2007 . وتعتبر الاعتقالات الأخيرة بحق عناصر التبليغ والدعوة، وما أعقبها من محاكمة بعضهم، الأولى من نوعها منذ ظهور الجماعة في سبعينات القرن الماضي، حيث إن السلطات كانت تغض الطرف عن أنشطتها، وتسمح لها ضمنا بالعمل في المجال الدعوى بشكل علني بسبب عدم خوضها في الشأن السياسي. وقالت مصادر حقوقية إنه صدرت مؤخرا أحكام بالسجن تراوحت بين 3 أشهر وسنة سجنا ضد أكثر من 11 عضوا بالجماعة بعد أن وجه إليهم الادعاء العام تهما تتعلق بعقد اجتماعات دون رخصة. وفي تصريحات لجريدة الموقف، أكد عبد الرءوف العيادي المحامي، وجود حملة كبيرة من الاعتقالات والمحاكمات يتعرض لها أبناء حركة التبليغ والدعوة منذ أكثر من شهر. وقال العيادي إن “الملاحقات القضائية بحق المنتمين لحركة التبليغ كثيرة، ولا نعلم حتى اليوم عدد الموقوفين بالتحديد على ذمة تلك القضايا”. وأضاف: “هناك عناصر من مختلف المناطق هم الآن محالون للقضاء بتهمة عقد اجتماعات غير مرخص بها”. وتؤكد هذه المحاكمات “توسع دائرة القمع بحيث إن المجتمع كله أصبح مستهدفا وليس طرفا بعينه فقط”. وأبدى العيادي دهشته إزاء محاكمة أفراد جماعة لا تهتم إلا بالذكر والصلاة وشؤون العبادة عامة، وتساءل هل سيحال هؤلاء على القضاء بتهمة عقد “جلسة للذكر”؟! وإذا كانت حملة الاعتقالات المتواصلة بحق عناصر التبليغ والدعوة هي الأولى من نوعها بهذا الحجم، فقد سبق أن فوجئ الرأي العام التونسي قبل مدة بنبأ اختفاء السيد عباس الملوحي عضو مجلس شورى حركة الدعوة والتبليغ، وهو من الوجوه البارزة للحركة . وكانت عائلة الملوحي أعلمت بعض المنظمات الحقوقية عن اختفاء السيد عباس منذ افريل 2005، وبحسب شهادة بعض جيرانه فإن سيارة مدنية تشبه التي يستعملها الأمن عادة كانت متوقفة قرب منزله قامت بنقله إلى جهة مجهولة، وكانت تلك آخر مرة شاهدوه فيها. ولم تشهد البلاد من قبل اعتقالات أو محاكمات بحق المنتمين للتبليغ والدعوة نظرا لبقاء الجماعة خارج مناطق استهداف السلطة بسبب عدم خوضها في الشأن السياسي. وأرجع مراقبون استهداف الحركة الآن إلى تخوف السلطات من تحول بعض أفراد التبليغ والدعوة إلى جماعات أكثر تشددا، حيث تصفها السلطات بـ”المفرخة” التي تخرج أفرادا أكثر تشددا يلتحقون بجماعات أخرى. ويعود وجود حركة الدعوة والتبليغ في تونس إلى أكثر من ثلاثين سنة، وعاش عدد كبير من القيادات الإسلامية البارزة، تجربة الدعوة والتبليغ، ولكنهم خرجوا منها بسبب قعودها عن النشاط السياسي. التهم التي أحيل من اجلها المتهمون على القضاء الدعوة إلى ارتكاب جرائم إرهابية والانضمام إلى تنظيم له علاقة بتنظيم إرهابي واستعمال اسم و كلمة و رمز قصد التعريف بتنظيم إرهابي و بأعضائه والانضمام داخل تراب الجمهورية إلى تنظيم اتخذ من الإرهاب وسيلة لتحقيق أغراضه والانضمام خارج تراب الجمهورية إلى مثل هذا التنظيم وتلقي تدريبات عسكرية خارج تراب الجمهورية بقصد ارتكاب جرائم إرهابية داخل تراب الجمهورية وخارجه وانتداب أشخاص بقصد ارتكاب عمل إرهابي داخل تراب الجمهورية واستعمال تراب الجمهورية للقيام بأعمال تحضيرية قصد ارتكاب الجرائم الإرهابية وتوفير معلومات لفائدة أشخاص بقصد المساعدة على ارتكاب جرائم إرهابية وإعداد محل لاجتماع أعضاء تنظيم لهم علاقة بالجرائم الإرهابية و المساعدة على إيوائهم وإخفائهم و العمل على ضمان فرارهم و عدم التوصل إلى الكشف عنهم والتبرع و جمع تبرعات الغرض منها تمويل أشخاص و تنظيم له علاقة بالجرائم الإرهابية وإرشاد و تدبير و تسهيل و مساعدة و التوسط و تنظيم مغادرة أشخاص للتراب التونسي خلسة برا و المشاركة في تنظيم يهدف إلى تنظيم مغادرة أشخاص للتراب التونسي خلسة برا و المشاركة في تنظيم يهدف إلى إعداد و تحضير مغادرة أشخاص للتراب التونسي خلسة برا و المشاركة في ذلك. اسماء المحاكمين والأحكام عشر سنوات في حق كل من : * ماهر بزيوش – غيث الغزواني – محمد أمين عون ست سنوات في حق كل من : * سليم الحاج صالح – ياسين الجبري – مجدي الذكواني لمدة أربع سنوات في حق كل من : * علي الحرزي- ابراهيم الحرزي – صابر كيلاني الحسني – صابر الحسني – محفوظ العياري – أنيس البوزيدي – محمد السبوعي – سهل البلدي. (المصدر: صحيفة “الموقف” (أسبوعية معارضة – تونس)، العدد 399 بتاريخ 31 مارس 2007)
يوم اعتصام احتجاجي للمطالبة بحق الاجتماع اجمع المتدخلون خلال اليوم الاحتجاجي الذي نظمه الديمقراطي التقدمي يوم الجمعة 23 مارس الماضي وتواصل حتى ساعة متأخرة من المساء على ضرورة التصدي بكل الأشكال بما في النزول إلى الشارع ضد الحصار الذي تفرضه السلطة على أنشطة مختلف الأحزاب والجمعيات المعترف بها وغير المعترف بها. وشدد المتدخلون على أن تضييق الخناق على الحريات في البلاد ومنها حرية الاجتماع سببه تراجع مكونات المجتمع المدني عن القيام بواجبها في الدفاع عن حقها في الاجتماع وممارسة أنشطتها بالشكل الذي تريده هي لا بالشكل الذي تحدده السلطة. الجريبي …صيحة فزع وذكرت مية الجريبي الأمينة العامة للحزب بالظروف التي إنعقد فيها الاعتصام وهي ظروف المنع والمحاصرة المضروبة على مختلف مكونات المجتمع المدني التونسي. وضربت مثلا على حالة الحصار بما تعانيه الرابطة من منع لعقد مؤتمرها وحرمانها من حقها في الاجتماع بمقراتها لا فرق في ذلك بين مقرها المركزي او المقرات داخل البلاد. كما ذكرت بما تتعرض له هيئة 18 اكتوبر وعدد من الأحزاب والجمعيات المعترف بها وغير المعترف من منع بمن فيها الديمقراطي التقدمي مستعرضة الظروف التي دعت إلى يوم الاعتصام الاحتجاجي وقالت ان سببها المباشر كان منع عقد اجتماع بالمقر المركزي للحزب بين اعضاء في المكتب السياسي وهم الإخوة منجي اللوز وعصام الشابي إضافة إليها هي ووفد عن الحزب العمال برآسه حمة الهمامي. وقالت الجريبي “أردنا أن نقول للسلطة والمجتمع اننا نرفض هذا المنع وربما تكون لنا خطوات اخرى نحن الان بصدد التشاور بشأنها”. والغريب حسب الجريبي أن يمنع قدوم المناضلين مرة اخرى للمشاركة في الاعتصام الاحتجاجي. وحيت بالمناسبة اعضاء هيئة 18 اكتوبر الذين منعوا من الوصول إلى المقر للتعبير عن مؤازرتهم ومشاركتهم في اليوم الاحتجاجي ومن بينهم الأستاذ محمد النوري رئيس الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين والأخ على العريض الناطق الرسمي السابق باسم حركة النهضة لطفي الحجي رئيس نقابة الصحافيين وغيرهم. وأطلقت الأمينة العامة صيحة فزع بعد هذا المنع فحتى الاحتجاج على المنع يتم منعه. وخلاصة الأمر حسب الجريبي هو أن السلطة تريد تمارس المعارضة أنشطتها بالطريقة التي تريدها هي، في مخالفة واضحة للقانون نفسه الذي لايشترط الا الإعلام في مثل هذه الحالات. الطريفي ..حصار الرابطة غير قانوني وشدد مختار الطرفي رئيس رابطة حقوق الإنسان أن الرابطة محرومة منذ سبتمبر 2005 دون سبب قانوني من حقها في الاجتماع وممارسة أنشطتها العادية التي يكفلها لها القانون والدستور. وقال الطريفي نحن ندفع كراء مقرات لا نستطيع العمل فيها وكلما حاولنا الاقتراب او فتح تلك المقرات نتعرض إلى التعنيف ورغم ذلك فان هذا المنع لن يمنعنا من حقنا في القيام بأنشطتنا. وشدد على أن قانون جانفي 69 يكفل حق الاجتماع وبالتالي فان السلطة هي التي تخحرق القانون لانها تمنع الاجتماع دون تعليل ودون تمكيننا من حقنا في الاعتراض القانوني. وصرح بأنه دعي عديد المرات إلى وزارة الداخلية التى نصبت نفسها محل الخصوم في تطبيق الاحكام العدلية. ومقابل هذا المنع الذي تتعرض له الرابطة تسخر دور الشباب والشعب و”كأننا أصبحنا نعيش تقسيما للمجتمع على حسب الانتماء السياسي: من ينتمي إلى التجمع مواطن درجة أولى والبقية من درجات اخرى ولا يحق لهم ما يحق للتجمعيين. وختم الطريفي بالقول “نحن لا نعقد الاجتماعات لمناضلينا نحن نعقد الاجتماعات لكل المواطنين لكن السلطة خرجت علينا ببدعة جديدة في قانون الاجتماعات وهو ان كل حزب لايحق له أن يحضر إلا اجتماعاته هو”. قسيلة ..من سيء إلى أسوء وقالت فاطمة قسيلة عضو اللجنة من اجل احرتام الحريات والحقوق بتونس ومقرها باريس أنها تزور تونس من اجل مهمة دقيقة تتمثل في اعداد تقرير حول واقع الشبان الموقوفين وفق قانون الإرهاب. وشددت قسيلة على أنها كل عام تعود فيه إلى تونس تجد أن هامش الحريات يضيق اكثر فاكثر والاوضاع في تدهور مستمر. وأكدت على أن الأمل كان معقودا خاصة بعد أحداث الضاحية على ان تقوم السلطة ببعض المراجعات لكن الذي حصل هو ان حملة القمع ازدادت قسوة والمظالم والإيقافات في صفوف المواطنين والعارضين ازدادت توسعا وبدل الانكباب على اوضاع البلاد بدأ (التطبيل) لـ2009 . بن سالم … الجميع تحت الحصار اما المناضل الكبير على بن سالم رئيس فرع الرابطة ببنزرت فاعتبر ان المحاصرة ليست خاصة بطرف معين بل يتعرض لها الجميع وليس الرابطة والاحزاب فقط . وتحدث على أن 12 عونا يراقبون يضربون حصار يوميا .وقال بن سالم “أنا مراقب من طرف 3 اعوان يوميا وباستمرار اينما حللت او ذهبت”. اللوز …نحاصر بسبب مواقفنا وقال منجي اللوز الأمين العام المساعد للديمقراطي التقدمي إن العلاقة بين المعارضة والسلطة هي علاقة قوة فلو كنا قادرين على إبعاد الحصار أكثر ما يمكن لما كان التضييق الى هذا الحد. وأضاف أن هناك إرادة سياسية أمنية واضحة تهدف الى حصر المعارضة في مربع تراوح فيه مكانها ولا تعداه إلى طرح القضايا التى يطلبها التونسيون. وأوضح أن حق الاجتماع ليس سوى وسيلة لخدمة قضايا أهم مثل قضية الحرية السلطة تشغلنا بقضايا مثل حقنا في الاجتماع وغيرها حتى لا نطرح ما هو اهم كما قلنا مثل قضايا الحريات وغيرها. نحن حزب قانوني غير معترف به فلا حق لنا في المقرات والاجتمعات والمجالات العمومية وفي الوقت الذي يتحرك فيه محيطنا كله نحو الديمقراطية والتعددية والتداول السلمي على السلطة تتم محاصرتنا بسبب قولنا لا للرئاسة مدى الحياة وإدانتنا للمناشدات المطالبة بالتمديد. …شد وشذب وشددت التدخلات على أن المجتمع كله محاصر وأصبح مجرد الحديث في أية قضية مثل العراق أو فلسطين يؤدي إلى المحاكمة وفق قانون الإرهاب. واعتبرت تلك التدخلات أن فك هذا الحصار لا يتم إلا بتظافر جهود الجميع من اجل فرض الحريات . كما تحدث بعض المتدخلين عن ضرورة “قيامنا بتحديد موضوعي لحقيقة أزمة المجتمع التونسي وليس فقط تعداد حالات المنع والقمع”. في حين عاد آخرون للحديث عن الأمل الذي خلقه تحرك 18 أكتوبر مقابل حالة الإحباط التي تستشف من تدخلات الحاضرين. والعلاقة مع السلطة، حسب هؤلاء، تقوم على المعادلة التالية: كما تقدمت المعارضة نحو افتكاك مساحات أوسع في عملها وأنشطتها تراجعت لسلطة و العكس صحيح أيضا. عودة للمراقبة عادت مراكز الأمن بجهة فوشانة المحمدية إلى فرض المراقبة الإدارية على العديد من السجناء السياسيين القدامى سجناء حركة النهضة سابقا رغم أن الكثير منهم مضى على إطلاقه أكثر من عقد ولم يخضع في السابق إلى المراقبة الإدارية. (المصدر: صحيفة “الموقف” (أسبوعية معارضة – تونس)، العدد 399 بتاريخ 31 مارس 2007)
الشهيد الهاشمى المكي .. مشهد لجريمة ضد الإنسانية
الصورة حية وستبقى تنبض بالحياة رغم رحيل صاحبها رحمه الله تعالى .. صارخة .. تربك العبارات .. لأن المشهد أبلغ من أي حرف وأي كلمة وأي جملة .. لغة الأحساس الإنسانى تلغى كل ذلك وتشطبه بلمحة بصر .. المشهد قاسى فعلا , وهو يؤرخ للأيام الأخيرة لحياة الشهيد الهاشمى المكى وهو يصارع المرض الذى أصابه داخل سجون النظام التونسى بسبب الإهمال الصحى المقصود … لم يشفع مرض الشهيد الهاشمى له ليخرجوه من السجن للعلاج , حتى إذا إستفحل مرضه وأصبحت حالته الصحية ميؤوس منها وقع التخلص منه بسراح شرطى … سياسة التشفى والإنتقام هذه التى ينتهجها نظام الجنرال بن على تجاه المساجين السياسيين التونسيين والإسلاميين منهم على الخصوص فاقت كل التصورات وتجاوزت كل الحدود المشهد بطول 81 ثانية فقط , وهو ممنوع عن الأطفال , وكل من له مشاكل صحية تعكرها المشاهد القاسية قام بعملية القطع والتسكين : صــابر http://www.dailymotion.com/Saber_ch/video/x1lv9v_martyr-tunisien-hachmi-makki ( المشهد مؤخوذ من شريط الموت البطيء للجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين ) وحسبنا الله تعالى فى بن على ونظامه صــابر : سويســرا
لا تلهكم أموالكم ولا أولادكم عن نصرة إخوانكم المعذبين في تونس
بعد مشاهدة شريط الفيديو المأسوي الذي عرضه موقع الحوار نت والذي تضمن لقطات مؤثرة تمزق القلوب وتدمع العيون دما من احتضار الشهيد السعيد الهاشمي المكي ( رحمه الله ومن سبقه من شهدائنا الأبرار وأسكنهم فراديس جنانه وجعل دماءهم لعنة على الظالم وعصابته في الدنيا والآخرة ) و شهادات حية لعائلته وعائلات وأصدقاء ضحايا إرهاب الدولة في تونس. بعد مشاهدة هذا الشريط لم يبق عذرلأي شخص يدعي أنه مهاجر في سبيل الله ولاجىء سياسي و معارض للإستبداد ومواطن شريف أن يقصرأو يتهاون أو يتخاذل في نصرة هؤلاء المعذبين مهما كانت الأعذار ومهما كانت المبررات.
فالتصدي للظالم والعمل علىإسقاطه بكل الأشكال السلمية المتاحة ليس شعور بالقلب أو ادعاء باللسان فحسب ولكنه ترجمة عملية لكل ذلك. وهذا العمل واجب الجميع بلا استثناء وهو فرض عين على كل إخوة وأخوات الخارج وليس فرض كفاية إذا قام به البعض سقط على البعض ألآخر. والمؤسف في الأمر أن مناضلي الرأي في الداخل رغم صعوبة أوضاعهم وما يعانونه من إرهاب وحصار وتنكيل وتجويع وتضييق على مدار الساعة يتحركون ويبادرون ويناضلون ويعارضون ويتمردون بكل جرأة وشجاعة أفضل من كثير من إخوة المهجر الذين آثروا التقصير والقعود والجمود رغم توفر كل الأجواء المناسبة للتحرك ، هذا شغلته التاكسي وهذا شغله التنافس مع الآخرين على بناء البيوت في تونس ، وهذا شغله المتجر ، وهذا شغله المطعم ، وهذا طال عليه الأمد فشد الرحال إلى السفارة التونسية حالقا لحيته معلنا التوبة النصوح والإستقامة على طريقة السابع من نوفمبر ، وهؤلاء يتسابقون من يبذر أكثر من الأموال في حفلات الزفاف والعطل الصيفية في فينيزيا وفالنسيا ، وآخر متيم قلبه بحب فريق نادي باري سان جرمان يتابعه أينما ذهب أكثر مما يتابع أخبار المساجين والأوضاع في الوطن، وهذا مرابط في البيت إلى جانب الزوجة والأولاد لا يغادره حتى للصلوات المكتوبة .( دياري بالورقة وليعمل يلقى ). وهذا خائف لا يساهم في أي نشاط لأن زوجته وأولاده يعودون إلى تونس . ولو اجرينا إحصاءا للذين يتحركون من إخوة وأخوات المهجر في الفضاءات الثقافية والسياسية والحقوقية والإعلامية والإجتماعية لوجدنا أنهم يعدون على الأصابع في حين تغط الأكثرية في نوم عميق لا تحس منهم من أحد ولا تسمع لهم ركزا.
إن الله لم يحرم علينا الحياة الدنيا وزينتها وأموالها وأملاكها ومشاريعها إذا تعاملنا معها تعاملا محمودا ووظفنا كل ذلك في التصدي للمجرم المستبد. إنما حرم علينا أن نتعامل مع الحياة الدنيا وزينتها تعاملا مذموما بحيث تشغلنا هذه الزينة عن واجب نصرة المظلوم ومواجهة الظالم . إن الله أسبغ علينا نعمه في المهجر ظاهرة وباطنة لا لنركن بها إلى الدنيا ونجعلها أكبر همنا ومبلغ علمنا ونتمرغ في أوحالها ونركض فيها ركض الوحوش في البرية ونتخذها هدفا لا وسيلة إنما أنعم علينا لنسخر كل ذلك لتخليص البلاد والعباد من الإستبداد. لقد أعطانا الله نحن إخوة المهجر ما نحب وما نريد من الأموال والأملاك والعقارات والأمان فلنعطه ما يحب وما يريد من التصدي للظلمة. . إن التحرك السريع من أجل إنقاذ المساجين وعائلاتهم وكل ضحايا القمع وتحرير البلد من عصابة السوء هو ضرورة قصوى يحتمها الدين و يحتمها الواقع للأسباب التالية : – أن جمودنا وتقاعسنا وسلبيتنا وعدم قيامنا بالواجب هو تقوية للظالم وإطالة لعمره وزيادة في معاناة المظلومين. – أن ما يتمتع به كثير من إخوة المهجر من بحبوحة للعيش وسيارات وبيوت وأموال ومشاريع الفضل فيه لله أولا ثم لآهات وعذابات المساجين ودماء الشهداء ودموع اليتامى والثكالى التي حصلنا بها على اللجوء والجنسية ، فالحد الأدنى من الوفاء أن لا نتنكر لهؤلاء المضطهدين ولعائلاتهم المنكوبة وأن نناضل من أجلهم. – إن الله لا يصلح ولايغيرمن أحوال و أوضاع تونس إلا إذا بذلنا نحن إخوة المهجر الجهد الجدي والحقيقي من أجل التغيير ( إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ). – أن من ينتظر الإصلاح من بن علي فهو واهم واهم واهم . فالرجل لا يريد الإصلاح ولا يستطيع الإصلاح ولايصلح للإصلاح وقد تعلمنا من التاريخ أن الله لا يصلح عمل المفسدين ولا يهديهم ( والله لا يهدي القوم الظالمين ). – أننا مسؤولون ومحاسبون أمام الله يوم القيامة عن هذا التقصير و عن هذه الغفلة . – أن الإصلاح الحقيقي لا يكون إلا بإزاحته بالوسائل السلمية المتاحة والمشروعة وأي إصلاح بأي طريقة أخرى دون إزاحته يعتبر عبثا وإصلاحا مزيفا ، فهو المنكر الأكبر وكل المنكرات الموجودة في البلد هي نتاج طبيعي لهذا المنكر الأكبر على عكس ما يروج له يعض المرجفين من أن بطانة السوء وبعض المتنفذين هم وراء ما يحدث في تونس. طيب من أتى بهؤلاء ومن قلدهم المناصب العليا ومن أعطاهم الإمتيازات.ومن أطلق لهم العنان ليفسدوا وينهبوا ويقتلوا أليس هو ؟ – إنه ما من شر ولا خراب ولا فساد في البلد إلا وراءه بن علي : فهو وراء البطالة والفقر والجريمة المنظمة والمخدرات ، والظلم ونهب الحقوق وانهيار الخدمات وارتفاع الأسعار وانتشار الضرائب والرشوة والمخالفات والمحسوبية والتفكك الإجتماعي والفساد الأخلاقي ، وانتشار ظواهر الإنتحار والشذوذ وقوارب الموت ، واكتظاظ السجون ، وتدمير البلد اقتصاديا ، والفساد المالي والإداري ، وانتشار البغضاء والحقد وقلة الرحمة بين الناس ، وبعثرة ثروة الشعب ، وإهانة كرامة الإنسان في كل الأماكن حتى في بيته وتضييع الدين والهوية ، وحرمان البلد من خيرة رجالاته إما بسجنهم أو قتلهم أو نفيهم أو محاصرتهم أو تعطيل حياتهم ، وتدمير القيم الأصيلة للمجتمع. – بن علي لم يكتفي بالسلطة ( والله لو أخذ السلطة وتركنا في حالنا لما كان لنا معه مشكل ) إنما هو مصر منذ مجيئه إلى سدة الحكم على الفساد والجريمة ومحاربة الإسلام وقتلنا بأبشع الطرق والوسائل والتشفي من شريحة واسعة من أبناء تونس. – بن علي يدعي أنه حامي البلد والدين من الإرهاب في حين أنه أكبر إرهابي عرفته تونس وهو ألد عدو للإسلام في العالمين العربي والإسلامي . دول الجوار كلها خطت خطوات جادة باتجاه المصالحة إلا هو كلما تصرف غيره من الحكام بشيء من العقلانية والحكمة ازداد هو إجراما وفسادا وحماقة. يجب علينا أن نساهم جميعا في دفع الضيم عن أهلنا وإخواننا وشعبنا في تونس وأن نطور مشاركتنا الفردية والجماعية وأن يسأل كل واحد منا نفسه في كل لحظة ما المطلوب مني لمساعدة إخواني في الداخل وأن نجعل همهم جزءا من اهتماماتنا وبرامجنا اليومية وأن نتحرر من قيود السلبية واللامبالاة والأنانية فكلما انكفا الإنسان وعاش لنفسه وعائلته فقط أهان آدميته وأساء فهم الهدف الحقيقي من وجوده وكان أحد أسباب هزيمة الأمة ولنحذر قوله تعالى ( قل إن كان آباءكم وأبناءكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله فتربصوا حتى يأتي الله بأمره والله لا يهدي القوم الفاسقين ).
المنجي الفطناسي
المصدر: موقع الحوار نت بتاريخ 2 أفريل 2007)
أكثر من مجرد أزمة: العنف اللفظي يكتسح الفضاء العام
ـ محسن المزليني mezlini@yahoo.fr أوصت المفوضيّة الأوروبية حكومات الاتحاد بضرورة وضع ميثاق خاص من أجل مراقبة صناعة ألعاب الفيديو العنيفة وذلك حرصا على حماية الأطفال. وقال فرانكو فراتيني مفوض العدالة والأمن بالاتحاد في رسالة وجهها إلى وزراء الداخليّة الأوروبيين: “يتعيّن على الاتحاد النّظر في وضع ميثاق يرسم قواعد إنتاج الألعاب التفاعليّة وبيعها للصغار” وعبّر عن صدمته من رؤية لعبة ظهرت في السوق الأوروبية جسدت حالة طفلة “خضعت لعنف نفسي وجسدي” وما مثّلته من وحشية وقسوة، مؤكّدا ” هذه الأنواع من الألعاب الترفيهية تعدّ أمثلة منفرة لأطفالنا، كما أنّها قد تشجع على العنف أو السلوك المتحفز لديهم”. وستضع المفوضية هذا الموضوع ضمن جدول أعمال الاجتماع الدوري المقبل لوزراء الداخليّة والعدل في الاتحاد الأوروبي. هذا ما فعلته لعبة بإحساس مفوّض الأمن الأوروبي وما أحدثته من ردة فعل تشريعية ومؤسسية، لأن الأمن عندهم مفهوم شامل يتعلّق بتنمية إنسانية الإنسان وتحقيق امتلائه الوجودي كما يقول علماء النّفس. فكيف بنا والعنف يحاصرنا من كلّ مكان ويتسرّب إلينا من جميع الجهات حتّى تبلّد إحساسنا به، وصرنا نقبل ببعضه مخافة أن يصيبنا أكثره، أليس “في الهمّ ما تختار”؟ إن العنف، ولفرط ما انتشر جعل الحديث عنه صعبا، ألم تقل العرب قبلا: “إنّه من الفاضحات إيضاح الواضحات”؟ ونحاول في مقالنا أن نعرض لبعض تجليات العنف في حياتنا اليومية، والتي نبّه لها المختصون وامتلأت بتفصيلاتها سجلات الندوات المختصّة ورفوف المحاكم والسجون وتقارير الصحف، علّها تجد إحساسا متيقظا شبيها بإحساس المفوض الأوروبي العنف من المقام إلى المقال
أعدّ ثلاثة مختصين في علم الاجتماع هم الدكاترة المهدي مبروك و نجيب بوطالب والمنجي الزيدي دراسة عن العنف اللفظي لدى الشّباب التونسي لحساب المرصد الوطني للشّباب نشر سنة 2004. و بينت الدراسة أن هذهّ ظاهرة ليست طارئة على المجتمع التونسي، فقد سبق أن أشار إليها ابن خلدون باعتبارها خاصية من خاصيات أهل الحضر” لما أخذتهم به عوائد السوء في التظاهر بالفواحش قولا وعملا”. كما بينت بعض المصادر أنّها ظاهرة ارتبطت بفئات المهمشين من العاطلين والمتسكعين أي ممّن يعيشون خارج الدورة الاجتماعية والفضاء العمومي والرّمزي وبذلك فهم يخلقون مرجعيتهم وذاكرتهم المخصوصة وبالتالي يؤسسون معجمهم اللغوي. وكان بيرم التونسي كتب مقالة سنة 1934 في جريدة “الزمان” حول مدينة تونس عنونها ب “مدينة الشتائم”قال فيها: “تكاد تونس المدينة الوحيدة في العالم التي لا يراعي أوباشها وأشباههم آداب السير والحديث” وهذا مما اعتبره من المفارقات “أن يكون الدين محترما ومقدسا في هذا البلد ومع ذلك يتعرّض إلى الانتهاك في الألسنة كسب الأعراض وكذكر الأعضاء التناسلية”. وتبين أدبيات علم الاجتماع أن كلّ مجموعة وظيفية أو زمرة عادة ما تؤسس لغة تواصل خاصّة بها وذلك تدعيما لشعور الهوية والانتماء المشترك (لغة الصيادين، التجار، عمال الرصيف، السراق…)، لكن المشكلة تبرز حين تتسرّب هذه اللغة المخصوصة إلى الفضاء العام وتربك اللغة المتداولة في أداء وظيفتها الحقيقية كأداة تواصل وأيضا كأداة إعادة إنتاج المجتمع لنفسه، فاللغة “هي الحامل للموروث الثقافي الخاص للجماهير وهي التي تجعل التفاهم المتبادل ممكنا أو أكثر سهولة” كما بين عالم الاجتماع الألماني م. فيبر. وفي هذا الإطار، تشير دراسة المرصد الوطني للشباب إلى انتشار هذه الظاهرة بشكل مفزع إذ أكّد 88 بالمائة من المستجوبين استعمالهم “للكلام الزايد” فيما نفى 11 بالمائة فقط ذلك، ويأتي سب الجنس في أوّل الترتيب بنسبة استعمال تفوق 41 بالمائة. غير أنّ الأخطر في كلّ هذه المعطيات هو ما نشهده من تعويم لهذه اللغة في الفضاء العمومي وخاصة مؤسسات التنشئة الاجتماعية إذ حاز الفضاء العام (الشارع والحومة…) على ما نسبته 40 بالمائة. ويبدو أنّ هذه الظاهرة تسرّبت كما تتسرّب السموم إلى المائدة المائية، فقد رصدت الدراسة انتشارا متزايدا للعنف اللفظي داخل المدارس والمعاهد، إذ يشير الاستجواب إلى أنّ نسبة انتشاره باتت تفوق 22 بالمائة مما جعله الفضاء الثاني والأخطر الذي تكتسحه هذه الظاهرة. كما أكّدت هذه النتائج دراسة أخرى أعدها مجموعة من خبراء علم النفس بإشراف الدكتور عبد الوهاب محجوب وقدموها في ندوة “من أجل مدرسة الحوار و الاحترام” التي نظمتها وزارة التربية والتكوين بالتعاون مع اليونيسيف ، ويستفاد من هذه الدراسة أنّ العنف اللفظي كان الداعي الأوّل للمعاقبة داخل المعاهد والمدارس الإعدادية والتي شملت ما يفوق 5 بالمائة من التلاميذ سنة 2001/2002 ، وهي نسبة عالية ومنذرة بوجود أزمة عامة تعيشها هذه الفئة الشابة. كما لامست هذه الدراسة بعض الأسباب العميقة والتي كانت أهمّها غياب التواصل السليم بين مكوّنات العملية التربوية والتغاضي عن الإنصات لهواجسهم وآمالهم، أمّا دراسة المرصد وإن لم تفصّل كثيرا في الأسباب الهيكلية لهذه الظاهرة نظرا لتقيّدها بالمنهج التفهمي والذي يقارب الظواهر الاجتماعية انطلاقا من المعاني التي يظفيها الفاعلون الاجتماعيون على فعلهم، فإنّها أشارت إلى أنّ هذه الظاهرة باتت تعكس اختلالا في آداء النظام الإجتماعي وأنّ “هذا الإختلال يعبر عن أزمة في التعبير عن أنا (ذات) شديدة الحركية في ظلّ تحولات سريعة وكثيفة يشهدها المحيط الإجتماعي والإقتصادي والثقافي”، كما بينت هذه المقاربة أنّ توتر العلاقة لا يقتصر على البعد اللغوي بما يمثله في الهوية الجمعية بل أنه يتعدى ذلك إلى التوتر المتزايد بين الفرد والفضاء العمومي إجمالا. اللغة والإعلام: حين تصبح البذاءة استراتيجيا
وشدّد الدكتور عبد الوهاب محجوب أن أزمة اللغة هي نتاج لأزمة مجتمع لم يجد توازنه على إثر التحولات الهيكلية العميقة التي أصابته والذي أدخل الشباب، باعتباره الفئة الأكثر حساسية، في دوّامة فقدان “الإحداثيات” التي نعبّر عنها بالهوية. “أزمة هويّة يعانيها الشّباب خاصّة فمن لا يعرف من هو، يصعب أن يحدّد ماذا يريد، والتذبذب صارت ملامحه بادية في كلّ المناشط”. واعتبر أنّ الخطير في المسألة، اكتساح ظاهرة العنف للفضاءات الإذاعية حيث تمرّر الكلمات الجنسية تلميحا وفي كثير من الأحيان تصريحا، وذلك في غفلة من المراقبة العامة أو الذاتية لأنّ خطورة الكلمة أكبر ممّا نظنّه. كما غدا السعي إلى تسويق السلع يمر عبر استعمال لغة جنسية مقرفة ” تتعلّق بدغدغة المكبوتات فصار الشّاب يسكر بالكلمات وغدت اللغة المستعملة من قبل المنشط تعويضا عن دور المستمع، فالذي لا يستطيع الشّاب قوله، نظرا للكوابح الاجتماعية وآليّات الضّبط الاجتماعي يمكن أن يقوله المنشّط وهنا يأتي ما نسمّيه في علم النّفس عمليّة التّسهيل”. فالمتتبع لبرامج إذاعيّة كثيرة و خاصة في إذاعة “موزاييك”، يدرك كم صارت الكلمة عارية ومستفزّة وكم صارت القضايا تختزل في مواضيع “ساخنة” وكأن سخونة الموضوع لا يكون إلا في جانب واحد. وما بين “قرمشني” و”هشهشني” ضاعت أحلام الشباب في التماهي مع القضايا الكبرى ونحت أفق مختلف لبلده وأمته، وما بين “زمياطي” و”شاطي وباطي”(*) صودرت الكلمات “وفقد الشّباب الرومانطيقيّة وأصبحت لغته حتّى في الحب وسائليّة بل إن الشعراء الغنائيين وهم عادة كبارا في السن يستعملون لغة تصويريّة حسيّة صرفة فلا موسيقى ولا فنون تشكيليّة ولا هم يحزنون، كلّ المظاهر الثقافيّة الرمزيّة أصابها صقيع المادّة فجمّدها”، ولعلّ الاستيقاظ صباحا على أغاني “الراب” و”الهيب هوب” و”الراي” و”الكاميكاز” وهي أنماط اشتهرت بتواتر الملفوظ الجنسي في كلماتها، لن يمثل حلا لجيل يبحث عن ذات اغتربت في سياق التحولات المحلية والعالمية وأغرقت المجتمع في دوامة يصعب الخروج منها إذا لم ينتبه الجميع لعمق الأزمة. (*) كلمات لأغنية شعبية من نمط “المزود” وهو نمط كان حتى أواخر الثمانينات ممنوعا في وسائل الإعلام العمومية.
(المصدر: صحيفة “الموقف” (أسبوعية معارضة – تونس)، العدد 399 بتاريخ 31 مارس 2007)
أيام في تونس *
د . محمد بن موسى الشريف
زرت تونس سنة 1415ه – 1995م للمشاركة في معرض الكتاب، ومكثت فيها خمسة أيام، ولا أكتمكم سراً أني قد ضاق صدري منذ نزولي بها، وتمنيت أني كنت قادراً على التبكير في مغادرتها، لولا أنه لم تكن هناك رحلة إلى المملكة إلا بعد خمسة أيام.فمنذ أن وطئت قدماي تونس وجدت المضايقات الكثيرة، فقد ذهبت زوجي الكريمة أم علي بسمة بدوي معي، وكانت كعادتها حفظها الله ملتزمة بالحجاب الشرعي الكامل، فلما جئنا إلى الجوازات أشار موظف الجوازات لها حتى تكشف وجهها بطريقة مهينة واستفزازية، فرفضت لسوء تعامله، وطلبت امرأة لتراها، وجرى بيننا توتر واشتداد خففه حسن تعامل مسؤوله وتجاوزه عن رؤية الوجه، فولجنا إلى البلد، ونزلنا في فندق إفريقيا في وسط العاصمة وهو فندق جيد ذو نجوم أربعة أو خمسة لا أذكر الآن، فطلبت من العاملين في الفندق الإشارة إلى القبلة، فصار بعضهم يحيل على بعض ثم أعلنوا العجز، وأنهم لا يعرفون اتجاه القبلة!! وهذا عجيب لأن فقد معرفة القبلة أمر نادر في فنادق عواصم بلاد الإسلام، فكيف بتونس مهد الإسلام قروناً طويلة وهي بلاد الزيتونة التي أخرجت أفذاذ العلماء!
قلة المساجد
وأصدقكم القول فقد مكثت خمسة أيام لم أسمع فيها أذاناً، وهذا يدل على قلة المساجد وتباعدها وضعف مكبرات صوتها، وحضرت خطبة الجمعة فوجدتها مملة ضعيفة مقروءة بالكامل، وعرفت بعد ذلك أن الخطبة واحدة تملى على الإمام من قبل الوزارة، وتُقرأ بنصها في جميع المساجد، ولقد علمت بأن الجمعة عندهم تقام في وقتين: في أول الوقت وفي آخره في كل مسجد، وهذه بدعة منكرة، وحجتهم في هذا هي المحافظة على الإنتاج، وهذا منهم عجيب، فتونس من أضعف البلاد العربية في الإنتاج بأنواعه، لكنه الهوى والضلال نسأل الله العافية.
صفان من الناظرين
ثم إني ذهبت إلى البلدة القديمة أريد الزيتونة، وكنت بلباسي العربي وزوجي بحجابها الكامل، فصرت وزوجي غرضاًً للناظرين، وصرت أمشي بين صفين من الناس ينظرون إلينا متعجبين، فعلمت أن القوم لم يعتادوا على هذا؛ خاصة أني لم أر امرأة واحدة متحجبة طيلة مكثي في العاصمة ودوراني فيها خمسة أيام زرت فيها قلب العاصمة القديم، ومعرض الكتاب، والأسواق وغيرها، وأفلح أعوان الشيطان في قلع الحجاب آنذاك، لكن الأخبار القادمة من تونس اليوم مبشرة بعودة الحجاب، رغم أنف الكارهين الضالين، وذلك بفضل الله تعالى أولاً وآخراً، ثم بفضل الجهود التي قامت بها القنوات الفضائية ومشايخها ودعاتها، ولله الحمد. وذهبت إلى مشتل لأشتري بعض أشجار الحمضيات، فلما رآني صاحب المحل بلباسي ورأى زوجي هش إلينا وبش، وقال مشيراً إلى امرأة عنده: هذه بنتي، وقد اعتمرت أربع مرات، فقلت هذا حسن، وأين الحجاب؟! فقال: “هذا أمر صعب لا تكلمني فيه”!! إنا لله وإنا إليه راجعون. وقد قال لي العارفون ببواطن الأمور إنه لا يمكن لك أن تتجول أنت وزوجك على هذه الهيئة في تونس لولا أنك أجنبي!!
جامع الزيتونة مغلق!!
ثم أردت الذهاب إلى جامع الزيتونة وقت صلاة الظهر فوجدته مغلقاً!! وقالوا: إن المساجد يتناوب فتحها!! ودلوني على مسجد قديم آخر في آخر السوق فذهبت إليه فوجدته مظلماً، فسألت القيم الجالس على مدخله: متى إقامة الصلاة؟ فقال: بعد قليل، فصليت ركعتين، ثم وجدت أن الناس يدخلون أرسالاً فيصلون فرادى ويخرجون فعدت لسؤال القيّم: متى تقام الصلاة؟، فقال: قريباً، فانتظرت حتى أدركت أنه لن يكون هناك جماعة، فطلبت من زوجي أن تقف خلفي وأقمت الصلاة في المسجد أداءً للجماعة، ولو كنت أنا وزوجي فقط!! وكل هذا يدلكم على مدى التهاون في الصلاة وشأنها.
مسجد في تونس
ومن الطرائف أني كنت قد تعرفت على أخ من تونس، وذلك لما كنت في “تولوز” لدراسة طائرة “الإيرباص” في فرنسا، ومر على ذلك أكثر من أحد عشر عاماً لا أدري عنه شيئاً، فخمنت أنه عاد إلى تونس فاتصلت بالمقسم “السنترال” وطلبت رقم هاتفه فأعطانيه، واتصلت به فردت زوجه، فلما عرفتني ذهلت المرأة، وكررت اسمي مراراً متعجبة، ثم سألتني عن زوجي فقلت: هي معي، فقالت: امكثا مكانكما وسأمر عليكما مع زوجي بعد قليل، فمكثت خمسة أيام لم يأتني فيها أحد، فعلمت أن الرجل أعقل منها، وأنه رأى أن صلته بي ستكلفه كثيراً!
استهداف الإسلاميين
وجاءهم رئيس ألمانيا الشرقية زائراً في أواخر أيام ألمانيا الشرقية، وصادف أني كنت عائداً من معرض الكتاب إلى الفندق، فإذا بهم يحتفلون به في الشارع الذي فيه الفندق، فرأيت ما جرحني، وأثّر في نفسي إذ إنهم بالغوا في الاحتفاء به، ونثرت عليه الفتيات الورود، والذي جرحني هو أن الإسلام محاصر كما قرأتم محاصرة محكمة، والمسلمون العاملون مستهدفون وهم في السجون أو في المنافي أو في القبور!! ثم هم يحتفلون به هذا الاحتفال!! إنا لله وإنا إليه راجعون.
حكومة ظالمة
هذه بعض التأملات مما رأيته في رحلتي إلى تونس، وهي كما ترونها تتشح بالسواد، لكن نحن نعتقد أن الله تعالى ناصر دينه، وأن هذه الحكومة الظالمة لنفسها ولدينها قريب زوالها، وأن الفجر قادم، والأمل لائح باسم، والله غالب على أمره، وناصر دينه مهما كره ذلك الكارهون، أو حارب ذلك السياسيون الضالون!! واليوم قد انفجرت في وجوه المتحكمين الظالمين بوادر صحوة بفضل الله تعالى، ستؤتي أكلها، وتستوي على سوقها، وسيكون لها أثرها إن شاء الله تعالى. * مجلة المجتمع العدد 1744
المصدر: موقع الحوار نت بتاريخ 2 أفريل 2007 نقلا عن مجلة المجتمع الكويتية العدد 1744)