الاثنين، 10 أبريل 2006

Home – Accueil الرئيسية

TUNISNEWS
6 ème année, N° 2149 du 10.04.2006

 archives : www.tunisnews.net


في الذكرى 68 لأحداث 9 أفريل 1938: تجمع عام ببـاريس يوم الأربعاء 12 أفريل 2006 على الساعة السابعة مساء اللجنة العربية لحقوق الإنسان: محاصرة الأسعد الجوهري في منزله بتونس اللجنة العالمية للدفاع عن البروفيسور الد.منصف بن سالم: الفحص الطبي يرصد  اضطرابا حادا في دقات قلب البروفيسور بن سالم اللجنة الدولية لمساندة سليم بوخذير: إعــــلام الحزب الديمقراطي التقدمي: لائحة المجلس الوطني في مساندة المضربين عن الطعام رويترز: العاهل المغربي يعفو عن اكثر من 800 شخص بينهم 30 اسلاميا متشددا إفتتاحية الوسط التونسية: مولود عيد الشهداء كلمة الأستاذ نجيب الشابيفي افتتاح أعمال المجلس الوطني للحزب الديمقراطي التقدمي عبد الرحمان الحامدي: عندما يسقط الانسان – السيد برهان بسيس نموذجا طالب من الجامعة التونسية: تكذيب لتفسيرات الصحفي برهان بسيس عبدالله الزواري: كل ما أسس ضرارا…فالمزبلة أولى به نصر الدين بن حديد: ردّا على زياد كريشان – الافتراض بين الفرض والرفض؟؟؟؟؟ شوقي بن سالم: في المشهد الديمقراطي الوطني الحراك السياسي والإسقاطات الهامشية عبد الحميد الحمدي: ثلاث رسائل مضمونة الوصول الحياة: تونس تُنوّع صادراتها لتعزيز احتياطها من العملات الأجنبية الصباح الأسبوعي: والدة الطفلة أميرة «للاسبوعي» «اليوم صار كل حرف من اسم ابنتي رمزا لمأساتها وشوكة في حلق من رشقها بالحجارة» الشروق: ابن المناضل علي بن إسماعيل بوعين يفتح ملفّ اغتيال والده لأول مرة ويسأل: « متى يتم تكريم روح والدي؟ » محمد الشعري: يجب معاقبة كل زعيم عربي يتخلف عن اجتماع قومي جنات بن عبد الله: بترويجها للشركات العالمية وتسويقها لمنتجاتها: الفضائيات العربية تقتل الاقتصاد العربي د. وحيد عبد المجيد: واشنطن و«الإخوان»: مأزق القوة الأعظم دولياً إزاء القوة الصاعدة إقليمياً هيثم مناع: حرية التعبير والتكامل الأوروبي العربي


Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe ( Windows ) To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic (Windows).

 
في الذكرى 68 لأحداث 9 أفريل 1938

تجمع عام ببـاريس يوم الأربعاء 12 أفريل 2006 على الساعة السابعة مساء

يحيي الشعب التونسي هذه السنة الذكرى 68 لأحداث 9 أفريل 1938، التي خرج خلالها إلى الشارع هاتفا « برلمان تونسي »، وهو لا يزال مسلوب الحقوق ومحروما من هيئات ديمقراطية وممثلة. تمرّ اليوم هذه الذكرى والأوضاع السياسية والاجتماعية ما انفكت تتدهور ببلادنا، وقد اتّسمت في الفترة الأخيرة بـ:
·       حملة تهديدات بالقتل تقوم بها أجهزة الأمن التونسية ضد رموز المعارضة الديمقراطية ممثلة في رموز وقيادات هيئة 18 أكتوبر للحقوق والحريات. ·       حملة تشويه منظمة ضد بعض شخصيات المعارضة تقودها صحافة صفراء تقف وراءها أجهزة الأمن التونسية. ·       إضرابات عن الطعام يشنها العديد من المساجين السياسيين داخل السجون التونسية من أجل المطالبة بإطلاق سراحهم وأخرى خارج السجن يشنها بعض الوجوه الوطنية للمطالبة بأبسط الحقوق مثل مطالبة الصحفي سليم بوخذير بالرجوع إلى شغله بعد أن تم طرده بشكل تعسفي والمطالبة بجوازات سفر العائلة ورفع التضييقات وشبه الإقامة الجبرية التي يعيشها منذ ما يزيد عن 15 سنة للدكتور منصف بن سالم. ·       أوضاع اجتماعية تزداد سوء يوما بعد يوم وتسريح عشوائي للعمال دون أبسط الحقوق، يتفاقم هو الآخر بشكل خطير. وكل محاولات الاحتجاج أو المطالبة بحقوقهم بطرق سلمية جوبهت بشكل قمعي من قبل قوات الأمن كان أخرها اعتصام عاملات شركة « فنطازيا » والذي تم قمعه يوم 4 أفريل الحالي من قبل قوات البوليس. ·       مواجهة المطالب الطلابية المشروعة بالمداهمات البوليسية وبعقد مجالس تأديب صورية يتم فيها اتخاذ قرارات الطرد بشكل عشوائي. كان آخرها ما حصل لخمسة طلاب من كلية العلوم بصفاقس. كما سيحال عدد آخر من الطلبة بالمعهد العالي للتنشيط الشبابي ببئر الباي على مجلس التأديب وذلك إثر الاعتصام والإضراب الذي يخوضه طلبة المعهد منذ 13 فيفري الماضي.   إحياء لذكرى شهداء 9 أفريل 1938 الذين سقطوا تحت رصاص المستعمر الفرنسي من أجل المطالبة ببرلمان تونسي حرّ وممثل، ومواصلة على دربهم من أجل إقامة نظام ديمقراطي قائم على مؤسّسات ممثلة نابعة من انتخابات حرة
تدعو هيئة 18 أكتوبر للحقوق والحريات بباريس كل أبناء شعبنا وكل أصدقاء تونس للحضور إلى تجمع عام يوم الأربعاء 12 أفريل 2006 على الساعة السابعة مساء بباريس:
Place de La Fontaine des Innocents Métro Châtelet les Halles Sortie Pierre Lescot

 
اللجنة العربية لحقوق الإنسان 

محاصرة الأسعد الجوهري في منزله بتونس

 
توجهت في الساعة الثامنة من مساء اليوم الاثنين 10/4/2006 قوات أمن تونسية إلى منزل المناضل السياسي والحقوقي الأسعد الجوهري لمحاصرته, ومازال الحصار حتى الساعة مضروبا على منزله إثر استدعاء له من مركز الشرطة. وهذا ثاني استدعاء له خلال أيام دون سبب مسبق  أو مثبت ولم يستجب الأسعد له بسبب غموضه ومخالفته للأصول القانونية.

باحث ممنوع من العمل والسفر إلى الخارج، تعرض الأسعد الجوهري عدة مراتٍ لاعتداءاتٍ وتهديداتٍ من الشرطة بسبب أنشطته لصالح السجناء السياسيين وسجناء الرأي. وكان ضحية ومحاولة تعطيل لسيارته كان يمكن أن تضع حياته في خطر. سجين لمدة ثماني سنوات بتهمة الانتماء لحركة النهضة، كان الجوهري ضحية كسر في الأضلاع وانزلاق غضروفي وإصابة في ساقه اليمنى. عضو اللجنة الدولية للدفاع عن المساجين السياسيين ومنظمات حقوقية أخرى، يعتبر الأسعد الجوهري من أبرز الإسلاميين التونسيين متابعة لملفات حقوق الإنسان والاعتقال التعسفي.

إن اللجنة العربية لحقوق الإنسان، إذ تطالب السلطات التونسية بوقف هذا التعدي الصريح على حرية وسلامة الأسعد الجوهري، تجدد تضامنها الكامل مع الحقوقيين والسياسيين التونسيين المحرومين من أبسط حقوق العمل المدني العام. كما وتعتبر عمليات الهرسلة هذه أسلوبا متخلفا يعبر عن نظرة أمنية ضيقة. وهي تطالب أجهزة الأمن بالكف عن الاعتداء اليومي على شخصيات المعارضة، سواء كان ذلك بالتشهير الكاذب أو الاعتداء الجسدي والنفسي أو الحرمان من التواصل مع العالم والعمل والبحث والتعبير عن الذات السياسية والمدنية.

باريس في 10/4/2006


 

لجنة 18 أكتوبر بألمانيا

 

  بيان إستنكار

علمنا منذ سويعات من مساء هذا اليوم الاثنين العاشر من نيسان أبريل 2006 بأن السلطة التونسية عمدت مجددا إلى تكثيف الملاحقات الامنية والمتابعات البوليسية ضد فرسان الحرية والمناضلين السياسيين والحقوقيين ومن ذلك :

 

1 ــ محاصرة بيت المناضل لسعد الجوهري وتطويقه بترسانة أمنية رهيبة مدججة بعدد من سيارات البوليس الرسمي والسياسي وفرض حالة من الارهاب الحكومي المنظم حول العائلة وجيرانها والحي بأسره وهي تهم بين الفينة والاخرى بهدم البيت على من فيه من النساء والاطفال وترويع المتساكنين إبتغاء إعتقال السيد لسعد بالقوة .

2 ــ إعتقال المهندس علي لعريض الناطق الرسمي بالنيابة الاسبق لحركة النهضة للمرة الثانية في غضون أسبوع واحد وإمطاره بوابل من التهديدات .

3 ــ توجيه استدعاء  للصحفي حمادي الجبالي الرئيس الاسبق للحركة ومدير جريدة الفجر المصادرة وذلك لاول مرة بعد إطلاق سراحه في إثر إستكمال عقوبة السجن التي إمتدت ستة عشر عاما كاملة في زنزانة إنفرادية علما وأن السيد حمادي قد دعي قبل يومين صحبة زوجته إلى التحقيق معه في قضية ملفقة إبتغاء سجنه مجددا .

 

كما علمت اللجنة بأن النّّظام يُعدّ لتوجيه تهم خطيرة جدا (مثل الاتجار بالمخدرات) لعدد من مناضلي و قيادات حركة النهضة منهم  السادة الجوهري ولعريض والجبالي بقصد تجديد حبسهم بتهم غير سياسية ولا شك أن نظام الحكم قد تمرس في تلفيق مثل تلك الاكاذيب المختلقة التي عمد بها إلى تصفية خصومه السياسيين ولن ينسى الشعب التونسي ما جرى للاستاذ المحامي عبد الفتاح مورو الامين العام الاسبق لحركة النهضة وللسيد علي لعريض في مطلع التسعينات .

 

وبهذه المناسبة فإن لجنة 18 أكتوبر بألمانيا :

1 ــ تحمل السلطة مسؤوليتها الكاملة حيال حريات المناضلين السياسيين والحقوقيين من كل الالوان الفكرية والتيارات السياسية .

2 ــ تدعوها إلى إطلاق سراح المعتقلين وعلى رأسهم المساجين السياسيين الذين يقبعون في المقابر المظلمة في ظروف صحية بائسة جدا وكذلك إطلاق سراح المعتقلين الجدد سيما السيدين علي لعريض وحمادي الجبالي .

3 ــ تهيب بالمنظمات الحقوقية الدولية والعربية وسائر الجمعيات المعنية بالحريات والديمقراطية وحقوق الانسان أن تكثف من جهدها المشكور من أجل وضع حد لتسعف السلطة ومضيها في مسارها القمعي غير المحدود .

4 ــ تدعو الشعب بأسره إلى الوقوف إلى جانب قضية الحريات في تونس والمطالبة بكل الاساليب الممكنة والمشروعة بإطلاق سراح المعتقلين الجدد والقدامى .

5 ــ تحمل السلطة مسؤولياتها كاملة حيال أساليب المكر والخديعة التي تستهدف تصفية الخصوم السياسيين من خلال إفتعال القضايا الاخلاقية الكاذبة من مثل الاتجار بالمخدرات وغير ذلك في حق المناضلين السياسيين والحقوقيين والنقابيين والاعلاميين .

 

والسلام 

المنسّق :فتحي العيّادي

الناطق: محمّد طه الصابري

 


 

الحزب الديمقراطي التقدمي

10 ايف نوهال- تونس

الهاتف والفاكس: 71332194

 

لائحة المجلس الوطني في مساندة المضربين عن الطعام

 

إن المجلس الوطني للحزب الديمقراطي التقدمي المنعقد يومي  8 و9  افريل الجاري بعد إطلاعه على وضعية المساجين السياسيين القابعين في السجون التونسية منذ ما يزيد عن 15 سنة وبعد اطلاعه على إضراب الجوع الذي يشنونه في مختلف سجون البلاد منذ مدة طويلة فاقت الخمسين يوما بالنسبة لبعضهم:

 

– يعتبر أن ما يعانيه السجناء من محنة منذ 15 سنة على التوالي لا مبرر له سوى محاولة التخلّص من خصم سياسي للحكم عقب محاكمات انتفت فيها أدنى شروط المحاكمة العادلة وانبنت على اعترافات انتزعت تحت التعذيب .

 

– يعرب عن مساندته الكاملة للمساجين السياسيين في إضرابهم عن الطعام الذي يشنونه من اجل تحسين وضعيتهم والإفراج عنهم وسن قانون العفو العام.

 

-يؤكد أن قضية المساجين السياسيين قضية وطنية للقوى الديمقراطية كافة ويعدّها شرطا أساسيا لتنقية المناخ السياسي في البلاد المتّسم بالانغلاق والتحجر. ويعتبر نفسه مجنّدا للنّضال من اجل الإفراج الفوري عن المساجين السياسيين وعودة المغتربين وسن قانون للعفو التشريعي العام.

 

ومن جهة ثانية يعبر أعضاء المجلس عن التضامن الكامل مع المضربين عن الطعام في منازلهم من اجل حقوقهم المشروعة الدنيا في العمل والشغل وفي مقدمتهم الدكتور المنصف بن سالم وأفراد أسرته والصحفي سليم بوخذير.

 

عن المجلس الوطني

مية الجريبي

 

 

 
اللجنة العالمية للدفاع عن البروفيسور الد.منصف بن سالم
أوربا في 10-04-2006
بيان اعلامي
الاضراب عن الطعام يدخل يومه الثاني عشر والفحص الطبي يرصد  اضطرابا حادا في دقات قلب البروفيسور بن سالم
 
في يومه الثاني عشر تحول البروفيسور د.المنصف بن سالم مرفوقا بأحد أعضاء الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان وتحت متابعة أمنية مكثفة الى عيادة الطبيب د. محمد علولو ,وبعد تسجيل حاسوبي خاص على نبض القلب نصح الطبيب الد.بن سالم بالايقاف العاجل للاضراب وذلك بعد رصد اضطراب حاد في النبضات يمكن أن يترتب عنه انسداد في شرايين القلب
يذكر أن الد.بن سالم  يعاني من مرض السكري والكلى وأمراض أخرى, وهو مايزيد حسب افادات الطبيب الأمر خطورة فعلية على صحته وحياته
واذ تحيط لجنتنا العالمية الرأي العام الوطني والعربي والدولي بهذه التطورات الصحية الحرجة على حياة عالم الرياضيات والفيزياء والهندسة الد.بن سالم ,فانها تجدد النداء الى كل الشرفاء في العالم,والى كل المنظمات الحقوقية والانسانية من أجل التدخل العاجل والسريع قصد رفع هذه المظلمة المتواصلة منذ مايزيد عن العقد ونصف
ومن جهتها فان لجنتنا تذكر بأنها وجهت نداءات عاجلة في الغرض الى العديد من الجهات الحقوقية والاعلامية والسياسية في أكثر من عاصمة عربية وعالمية من أجل التدخل قصد الاستجابة الى المطالب التي أعلن من أجلها الد.منصف دخوله في الاضراب عن الطعام ومنها رفع كل المضايقات التي يتعرض اليها مع أفراد عائلته واستعادته العاجلة لحقه في السفر قصد العلاج والبحث كما استعادة كل مستحقاته المالية التي حرم منها منذ سنة 1987
 
عن اللجنة العالمية للدفاع عن البروفسور د.منصف بن سالم
 
رئيسة اللجنة
د.فيولات داغر
منسق اللجنة
مرسل الكسيبي
 
للاتصال باللجنة 

 

إعــــلام

 

يواصل الصحفى التونسى سليم بوخذير إضرابه عن الطعام الذي بدأه منذ الخامس من شهر أفريل 2006.

ورغم حالته الصحية المتردية نتيجة بعض مضاعفات القلب التي يعانى منها بوخذير فانه مصر على مواصلة إضرابه عن الطعام رافعا شعار « لا تكسروا الأقلام الحرة في تونس ».

 

ويتابع زملائه الصحافيين فى تونس عن قرب تطوراته الصحية وقد أعلنت مجموعة من الصحفيين التونسيين انضمامهم الى الحملة الدولية لمساندة سليم بوخذير ومنهم لطفى الحجى وأم زياد ورشيد خشانة ومحمد الفوراتى ومحمود الذوادى والطاهر العبيدى إضافة الى العديد من الصحفيين الأوروبيين.

 

وتقوم اللجنة باعداد رحلة الى مجموعة من الصحفيين الدوليين للتحول الى تونس لمساندة بوخذير وبقية الصحافيين التونسيين الممنوعين عن العمل والممنوعين عن الكلام والتعبير.

 

هذا وتدعو اللجنة جميع الأصوات الحرة لدعم هذه الحملة.

 

للاتصال باللجنة الدولية لمساندة سليم بوخذير يُرجى مراسلتنا على البريد التالى:

supportboukhdhir@gmail.com

 

(المصدر: مراسلة إليكترونية من السيد زهير لطيف بتاريخ 10 أفريل 2006 على الساعة 17 و 40 دقيقة بتوقيت وسط أوروبا)

 

 

العاهل المغربي يعفو عن اكثر من 800 شخص بينهم 30 اسلاميا متشددا

الرباط (رويترز) – قالت مصادر رسمية يوم الاثنين ان العاهل المغربي محمد السادس اصدر عفوا عن اكثر من 800 شخص بينهم 30 اسلاميا متشددا بمناسبة المولد النبوي. وقال المصدر لرويترز « من بين الاشخاص يوجد 30 اسلاميا متشددا » كانوا قد اعتقلوا على خلفية التفجيرات الانتحارية في الدار البيضاء في مايو ايار 2003. والقت السلطات المغربية بالمسؤولية في تفجيرات الدار البيضاء الانتحارية على اسلاميين متشددين واعتقلت نحو 3000 منهم. ويرى محللون ان العفو الملكي على عدد منهم يدخل في اطار مجهودات الدولة لاغلاق ملف انتهاكات حقوق الانسان. وكان المغرب قد انشأ هيئة لطي ملف انتهاكات حقوق الانسان التي تعود الى الفترة بين عامي 1956 وهو تاريخ حصول المغرب على استقلاله و1999 وهي السنة التي تولى فيها العاهل المغربي محمد السادس الحكم. ويقول حقوقيون ان الاسلاميين المعتقلين تعرضوا للتعذيب وووصفوا المحاكمات التي طالتهم بأنها غير عادلة. وقال بيان لوزارة العدل يوم الاثنين ان العاهل المغربي عفا عن 879 شخصا. وشمل العفو الغاء عقوبة الحبس أو تخفيفها أو تحويل عقوبة السجن المؤبد الى المحدد بالاضافة الى الغاء عقوبة الغرامة لصالح 170 شخصا. غير أن البيان لم يشر إلى الاسلاميين المفرج عنهم. (المصدر: موقع سويس انفو نقلا عن وكالة رويترز للأنباء بتاريخ 10 مارس 2006 )


 

بسم الله الرحمن الرحيم  
جريدة الوسط التونسية مولود اعلامي جديد

 

بشرى نزفها الى الرأي العام الوطني في تونس والعالم العربي جريدة الوسط التونسية ترى النور منذ يوم أمس على الشبكة العنكبوتية مشروع اعلامي واعد اختار أن يعلن عن نفسه في ذكرى عيد الشهداء متابعة ممتعة وقراءة حملت معها هموم الوسط الاعلامي والحقوقي والثقافي والسياسي في تونس ومازالت تحمل معها مفاجات ومقالات وتحاليل وأركان اعلامية جديدة ترقبوها في القريب العاجل مع خالص تحيات وتقدير منسق أسرة التحرير مرسل الكسيبي عن صحيفة الوسط التونسية http://www.tunisalwasat.com

 

عن صحيفة الوسطالتونسيةhttp://www.tunisalwasat.com/

 

(المصدر: قائمة مراسلات 18 أكتوبر بتاريخ 10 أفريل 2006 على الساعة16 و 5 دقائق بتوقيت وسط أوروبا)

 

افتتاحية صحيفة الوسط التونسية:

 

الإفتتاحية…

الوسط التونسية: مولود عيد الشهداء

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

لقد كان حلما تداولنا الرأي فيه منذ ما لا يزيد عن شهر واحد, وعزمنا النزول فيه بأول عدد في ذكرى عيد الشهداء ,وتكتمنا عليه حتى يكون مفاجأة للرأي العام الوطني والعربي ,وربما أيضا للمستشرقين المهتمين بالشأن التونسي ,واخترنا اللون بدقة وعناية وذلكم لما يحمله من معاني جمالية تحتضن نصف المجتمع الذي تربينا في أحضانه.

 

لقد اخترناها وسطية في النهج والاسم والتحرير وقررنا أن نجعل منها منبرا إعلاميا تونسيا يشكل نقلة نوعية في الفضاء الإعلامي.

 

صحيفة الوسط التونسية مقدمة لعمل إعلامي رائد نريد له النجاح والتفوق والثبات ,بعد أن ضقنا ذرعا ببعض الممارسات الانتقائية التي مورست على أقلامنا بعد أن اختارت نهجا متحررا عن خط الدعايات.

 

منبر سنفتحه للأقلام التي ترتئي الخير والنفع لبلدها ولكن مع دورية خاضعة للرأي والنظر.

الأخبار ستكون محورا تحديثيا متجددا ,والمقالات والتحاليل ستصبر بعضا من الزمن على مستكتبيها.

 

النغمة التي سنعزفها نريد لها الموازنة بين ما تحمله تونس من محاسن وجماليات وما يحمله الفضاء السياسي من تخلف أحيانا وكبير عثرات,وعيوننا ستظل ساهرة من أجل رصد تطورات الساحة في مختلف المجالات.

 

قضايا الأمة والمنطقة لن نغفل عنها, وهموم النخبة ستنبض بها صفحات الوسط الذي ناشدناه.

هموم المرأة والأسرة والمجتمع والشباب والطفل … ستكون نبضنا الثاني الذي يدق زحام أوقاتنا التي نقارب ونسدد في توظيفها من أجل ملامسة طموحات الرأي العام في تونس وربما أشقائنا في الجوار كما الأمة التي نستنشق هواءها ونعشق أرضها وسماءها,ونتشوف الى علاقاتها الأفضل مع العالم الذي يعج بالحركة والتقلبات والصراع.

 

ولكن يبقى الحوار الرصين والعقل السديد هدفا ننشده بعيدا عن النزول بالحضيض الى السجال.

 

وسطية في الرؤية ووسطية في التأمل ولكن أيضا وسطية تقتضي التفاعل مع الحقائق والمعطيات وعدم الغفلة عما يحدث في بلدنا ومنطقتنا من عميق تطورات.

 

وحتى نلقاكم على أوسط نهج وأطيب رؤية وأجمل أداء نرجو أن تتفهموا أن عملنا هذا هو هدية إلى عالم تونس ونابغتها الفذة عالم الرياضيات والفيزياء الد.منصف بن سالم والى كل أفراد عائلته والى أولئك الشهداء الأبرار الذين سقطوا وهم يتظاهرون منادين ببرلمان تونسي ,فسار على نهجهم خلف كانوا أحسن سلف ومازالوا يضيئون شموعا داخل السجون والمعتقلات ومازال صحب لهم من مختلف تيارات تونس وشموعها المتلونة يحمل مشعلا من أجل غد سياسي أفضل تركب فيه تونس قاطرة الإصلاح.

 

فإلى أولئك كلهم والى زميلنا الصحفي المضرب عن الطعام سليم بوخذير والذي سيكتب معنا على صفحات الوسط التونسية نهدي أطيب تحية ونقدم باقتنا الأولى عسى أن تنال رضى الجمهور.

 

مرسل الكسيبي

عن هيئة تحرير صحيفة الوسط التونسية

9/4/2006

 

هيئة تحرير « تونس نيوز » ترحب بالمولود الجديد في عالم الصحافة الألكترونية التونسية وترجو لفريق « الوسط التونسية » كل التوفيق والنجاح والعمر المديد في خدمة حرية التعبير في بلادنا.

 

 

 

كلمة الأستاذ نجيب الشابي، الأمين العام للحزب الديمقراطي في افتتاح أعمال المجلس الوطني

للحزب الديمقراطي التقدمي ليومي 8 و 9 أفريل 2006

 

ضيوفنا الكرام،

 

أيتها المناضلات، أيها المناضلون

 

سيداتي سادتي

 

ينعقد مجلسنا الوطني هذا عاما بعد انعقاده يومي 12 و 13 أفريل من السنة المنقضية وهو يتيح لنا فرصة الوقوف على الخطوات التي قطعناها في عملية بناء الحزب منذ ذلك الوقت وفي إنجاز مهام التغيير الديمقراطي في بلادنا. كما يمثل هذا الاجتماع الأخير من نوعه قبل انعقاد المؤتمر الرابع للحزب، الخريف القادم، ما يفرض علينا الاستفادة من فرصة انعقاده لتوضيح رهانات هذا المؤتمر وتحديد أهدافه وتعيين لجانه وتقرير تاريخه والبدء في تحضيره وتوفير شروط نجاحه حتى يمثل نقلة جديدة في مسار بناء قطب ديمقراطي بديل.

 

لقد انعقد مجلسنا الوطني الأخير قبيل الانتخابات البلدية لعام 2005 وقرر المشاركة فيها وتوصل الحزب بالتشاور مع شركائه في الحركة الديمقراطية إلى تشكيل ائتلاف ديمقراطي واسع ضم كل ألوان الطيف السياسي الذي رغب في المشاركة في تلك الانتخابات. وعلى الرغم من المصاعب التي واجهها ذلك الائتلاف في تشكيل قائماته الانتخابية بسبب حالة العزوف التي كانت تسود النخب وحالة الإحباط التي عليها المواطن جراء الصورة المشوهة التي ترسخت لديه عن العملية الانتخابية ذاتها فقد شعرت الحكومة بضيق من ذلك الائتلاف ما جعلها تقدم على تسليط أقصى الضغوط على مرشحيه ثم على إسقاط قائماته في كل الدوائر لمنعه من المشاركة في تلك الانتخابات.

 

وقد جاء هذا الإجراء الانغلاقي والتسلطي في سياق ما اتسمت به الانتخابات الرئاسية والتشريعية من خرق للدستور ولأحكام المجلة الانتخابية كما جاء ضمن سلسلة من الإجراءات التضييقية طالت جميع أوجه الحياة العامة واستهدفت الحركة السياسية والمجتمع المدني على حد سواء فكانت سلسلة القضايا التي رفعت على الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان بغية منعها من عقد مؤتمرها الوطني السادس ثم كانت المواجهة مع اعتصام المحامين فالمواجهة مع إضراب الأساتذة الجامعيين ثم المواجهة مع القضاة الذين تضامنوا مع المحامين ورفعوا مطالب القضاة المادية والمعنوية وعلى رأسها استقلال القضاء.

 

وازداد الوضع العام ترديا مع اقتراب انعقاد القمة العالمية لمجتمع المعلومات إذ اعتقدت السلطة أن توفير أفضل ظروف انعقادها يكون بمزيد التضييق على الحريات فمنعت المعارضة وهيئات المجتمع المدني من عقد اجتماعاتها حتى داخل المقرات ومنعت الرابطة ونقابة الصحافيين من عقد مؤتمريهما كما أقدمت على تنصيب هيئة غير ممثلة على رأس جمعية القضاة التونسيين بعد أن جردتها من مقرها.

 

وفي مواجهة لهذا التدهور الخطير نظم عدد من الشخصيات السياسية ومن وجوه المجتمع المدني إضرابا عن الطعام لمدة اثنين وثلاثين يوما كانت أياما مشهودة توحدت خلالها الحركة السياسية والمدينة بكامل أطيافها في حركة تضامنية انتشرت إلى كامل جهات البلاد وإلى المهجر كما كانت مناسبة لتضامن دولي منقطع النظير مع الحركة الديمقراطية التونسية ومع مطالبها المشروعة والمتمثلة في إقرار حرية التعبير والصحافة وحرية تأسيس الأحزاب والجمعيات وفي إطلاق سراح المساجين السياسيين وسن قانون العفو العام.

 

وفي أعقاب هذه الحركة الإضرابية تشكلت « هيئة 18 أكتوبر للحقوق والحريات » على نفس الأرضية ومن أجل نفس الأهداف التي قام من أجلها الإضراب وتشكل منتدى 18 أكتوبر للحوار سعيا لصياغة « عهد ديمقراطي » تجمع عليه القوى السياسية التونسية ويكون أساسا لتشكيل قطب سياسي بديل يوحد التونسيين في نضالهم من أجل الانتقال إلى الديمقراطية.

 

وقد نظم هذا الائتلاف منذ تشكله العديد من النشاطات الميدانية فقام بجولة في البلدان الأوربية لربط الصلة مع اللجان التي نشأت في المهجر ولشكر القوى الديمقراطية من أحزاب ومنظمات ومؤسسات صحفية وهيئات برلمانية وقفت إلى جانب حركة 18 أكتوبر وساندت مطالبها الشرعية. كما نظم هذا الائتلاف تجمعين ميدانيين يومي 24 فيفري للمطالبة بحرية الاجتماع و17 مارس بمناسبة الذكرى الخمسين لاستقلال البلاد تحت شعار « خمسين سنة من الاضطهاد … كفى ».

 

لقد كانت السنة المنقضية حبلى بالنضالات التي خاضتها الحركة السياسية والمجتمع المدني متضامنين من أجل الحد الأدنى من الحقوق والحريات ولقد لعب الحزب الديمقراطي التقدمي دورا متقدما في كل محطاتها، مشاركا أو مساندا، ونال تعاطف كل القوى التي شاركت فيها من محامين وقضاة وجامعيين ورابطيين ونقابيين وعامة الديمقراطيين. ولقد لعبت جريدة الموقف دورا رياديا في هذا المسار سوف يسجله لها التاريخ, ومن نتائج الدور الهام الذي اضطلع به الحزب في هذه المسيرة النضالية المشرفة عرف الحزب مزيدا من الانتشار في الجهات فتأسست جامعتا مدنين وتطاوين وتجددت هياكله في كل من القيروان و تونس العاصمة إذ تأسست ثلاث جامعات في كل من أريانة وتونس وبنعروس وتعزز العمل الشبابي في العاصمة والجهات وبخاصة في قابس وصفاقس وسوسة ولعبت جامعات الحزب دورا هاما في دعم العمل الموحد وتوسيع دائرة الفعل السياسي في الجهات. كما يستعد الحزب إلى تأسيس جامعات جديدة في الولايات التي لم ينشئ فيها هياكل بعد. يمكن القول إذن بأن حصاد العام المنقضي كان إجابيا ويشجعنا اليوم على مواجهة استحقاقات المستقبل بتفاؤل وبثقة في النفس وفي الحركة الديمقراطية التونسية المناضلة,

 

ضيوفنا الكرام،

 

أيتها المناضلات، أيها المناضلون

 

سيداتي سادتي،

 

ينعقد مجلسنا الوطني هذا عشرين يوما فقط على مرور ذكرى عزيزة علينا ألا وهي ذكرى استقلال البلاد في 20 مارس 1956. لقد مثل الاستقلال بالنسبة لكل التونسيين مكسبا ثمينا دفع من أجله آباؤنا وأجدادنا تضحيات جسام وبذلوا في سبيله النفس والنفيس. كما مثل في حياتنا الوطنية منعطفا بين ماض ساده التخلف والفقر والأمية وبين حاضر من التقدم صنعه التونسيون من جهدهم وبكدهم وعرقهم. فبفضل الاستقلال تمكن التونسيون من نشر التعليم ومن وضع تجهيزات صحية أساسية مكنت من القضاء على الأوبئة في وقت مبكر وساهمت في تحسين المستوى العام للصحة في بلادنا. وبالرغم من شحة الموارد الطبيعية تمكن التونسيون من محاصرة الفقر و تحسين مستوى عيشهم. وفي مستوى العلاقات الاجتماعية تمكنت المرأة من الحصول على حقوقها فدخلت التعليم وسوق العمل وحققت منجزات هامة على درب المساواة مع الرجل. ولا ينكر على الدولة دورها في تحقيق هذه المنجزات والمكاسب ولا دور الاختيارات الصائبة التي راهنت على الثروة البشرية وتوخت سياسة انفتاح على العالم الخارجي وضغطت على النفقات العسكرية وعلى نسبة النمو الديمغرافي بما يجعلها لا تلتهم ثمرات التنمية. ولكن الفضل الأكبر في هذا المجهود يعود إلى حيوية الشعب التونسي الذي تميز منذ عهد الاستعمار بالطموح والانفتاح والتعطش إلى المعرفة. هذه الإنجازات المكتسبة في الحقلين الاجتماعي والاقتصادي لم يواكبها مع الأسف مجهود مماثل في ميدان التنمية السياسية بل أن الاستقلال عنى من هذه الناحية نهاية للتعددية ومصادرة للحقوق والحريات التي اكتسبها المجتمع التونسي على مدة ثلاثة أرباع قرن, فقد أسس التونسيون منذ مطلع القرن العشرين الجمعيات المختلفة (الخلدونية. جمعية الشباب التونسي الخ..) والأحزاب (1919) والنقابات (1924 و 1944) ودور النشر والصحافة (الرائد التونسية، الزهرة، النهضة إلخ..) وتناولوا قضايا إصلاح التعليم (خير الدين التونسي والطاهر بن عاشور) وإصلاح أوضاع المرأة (الطاهر الحداد وبشيرة بن مراد) فما أن أطل عهد الاستقلال حتى أكمل التونسيون وضع نسيج متكامل من الأحزاب والهيئات والنقابات والمهنية والثقافية المتعددة والمتعاونة في جبهة وطنية واسعة من أجل الاستقلال. لكن وبذريعة مقاومة الفتنة والحفاظ على الوحدة الوطنية ومقاومة التخلف قامت الدولة الوطنية الجديدة على أساس من الحكم الفردي ومن نظام الحزب الواحد الذي صادر الحريات ودجن الجمعيات والنقابات واحتكر الإعلام بجميع أنواعه وجرم حرية الرأي ولاحق أصحابها فتعددت المحاكمات الجائرة التي طالت كل العائلات الفكرية وكل الفئات الاجتماعية. ثم جاءت الأحداث لتثبت عجز مثل هذا النظام عن إدارة شؤون البلاد بالطرق السياسية السلمية ودبت الخلافات داخله حتى انتهت إلى إقالة مؤسسه ورئيسه في 7 نوفمبر 1987. وعلى الرغم من الوعود التي أخذتها السلطة الجديدة على نفسها بتطوير الحياة السياسية على أساس من الديمقراطية والمشاركة الشعبية وبعد فترة وجيزة من الإجراءات التحررية لم تدم أكثر من ثمانية عشر شهرا عاد النظام في أعقاب انتخابات سنة 1989 إلى مصادرة الحرية وملاحقة خصومه السياسيين وتدجين الهيئات المدنية والنقابية والمؤسسات الصحفية فاستشرى التعذيب وتعددت المحاكمات الجائرة وغصت المعتقلات بالمساجين السياسيين. تم كل ذلك بذريعة مقاومة الإرهاب والتطرف الديني وكادت السلطة أن تقنع المجتمع الدولي بسلامة توجهها وبصحة حجتها مستفيدة في ذلك من أحداث الجزائر الدامية لكن لم يمر وقت طويل حتى اكتشف العالم أن القمع قد طال جميع العائلات وأسس لحكم فردي مطلق دجن كافة مؤسسات المجتمع المدني وأقصى كل الفئات عن دائرة المشاركة في صياغة القرار كما اكتشف أن ما أدعاه النظام من أعمال إرهابية نسبها إلى خصومه لم يثبتها الواقع الذي لم يسجل على الإسلاميين ضلوعهم في العنف وأن التجاوزات التي جدت مطلع التسعينات كان من الممكن محاصرتها في إطار القانون ودون أن تعرض البلاد إلى ما عرفته من دمار وردة سياسية.

 

سيداتي، سادتني

 

ويتزامن انعقاد مجلسنا الوطني هذا مع الذكرى الثامنة والستين لأحداث 9 أفريل 1938 الدامية التي سقط خلالها الشهداء منادين ببرلمان تونسي. وهو مطلب إن دل على شيء فإنما يدل على مدى إدراك الشعب التونسي في وقت مبكر لأهمية التمثيل النيابي في تحقيق الاستقلال والذود عن السيادة الوطنية ولمدى الترابط بين الاستقلال وسيادة الشعب وهو إدراك يندرج ضمن مسيرة طويلة قامت على الوعي بأهمية إصلاح النظم السياسية وبأهمية مبادئ التحررية الدستورية والتمثيل النيابي في إحداث هذا الإصلاح وذلك منذ إصلاحات خير الدين باشا في الربع الأخير من القرن التاسع عشر وتأسيس جمعية الشباب التونسي على يد علي باش حامبة ورفاقه سنة1907 وتأسيس الحزب الحر الدستوري التونسي على يد الشيخ عبد العزيز الثعالبي سنة 1919 وإنه لمن المفارقات العجيبة حقا أن يحرم هذا الشعب الذي يزخر تاريخه بالتقاليد التحررية من حقوقه وحرياته الأساسية ومن التمثيل النيابي خمسين عاما بعد الاستقلال بدعاوى واهية بان زيفها لم يكن لها من تأثير سوى أن يقعد الشعب التونسي عن تحقيق طموحاته وأن تتأخر تونس عن شقيقتها في المغرب العربي وأفريقيا في ميدان التنمية السياسية وبناء مجتمع مدني حر وقوي يسند الدولة في مجهود التنمية وتحقيق الرقي ويؤهل البلاد إلى خوض غمار المنافسة في عالم مفتوح.

 

وإلى جانب الذريعة الأمنية كثيرا ما لجأت الدولة الوطنية إلى تبرير مصادرة الحريات بضرورات التنمية الاقتصادية وقدمت نسب النمو التي تحققت كدليل على نجاح هذا الاختيار.

 

ولئن كانت تونس قد حققت معدل نمو يناهز الخمس بالمائة سنويا على مدى السنوات الثلاثين الماضية وعدت تجربتها من التجارب التنموية الناجحة في المنطقة إلا أن هذه النجاحات النسبية لا يمكن أن تبرر ما أقدم عليه النظام من مصادرة للحريات واحتكار لسلطة القرار وإقصاء كافة الفئات والعائلات من دائرتها. بل أن الاستبداد السياسي قد سبب أخطاء استراتيجية كان بالإمكان تلافيها لو اعتمدت السلطة أسلوب الاستشارة وقامت على مبدأ المحاسبة من خلال الفصل بين السلطات والخضوع للمحاسبة الدورية من خلال انتخابات دورية حرة ونزيهة.

 

فقد أدى الانفراد بالرأي والقرار إلى أخطاء جسيمة في الستينات بسبب سياسة تأميم ملكية صغار الفلاحين والتجار والكسبة ما أوصل البلاد إلى اضطرا بات اجتماعية وانشقاقات داخل النظام نفسه انتهت إلى التخلي عن هذه السياسة بعد أن كلفت الاقتصاد الكثير من الخسائر.

 

ومن السياسات الخاطئة تلك التي توختها الدولة في ميدان التعليم طلية ثلاث عقود والتي المعروفة بسياسة الانتقاء في التعليم والتي عارضها المعارضة بشدة وفوتت على البلاد فرصا ثمينة في تحقيق مستوى من التمدرس شبيه بذلك الذي تحقق في غيرها من البلدان وخاصة منها البلدان الصاعدة مثل كوريا وقد توخت الحكومة اليوم سياسة مناقضة لها غير أن عيوبها بادية للعيان منذ اليوم ونخشى أن يمر وقت ثمين قبل أن يقع تداركها.

 

ومن الاخطاء الاقتصادية الجسيمة التي بدت تجلياتها وتأثيراتها الخطيرة في الآونة الأخيرة، والتي سبق أن نبهت إليها المعارضة منذ عقود، استراتيجية التشغيل المعتمد على اليد العاملة الرخيصة وقليلة المهارة في قطاعات التصدير وبخاصة قطاع النسيج الذي يشغل اليوم نصف اليد العاملة المعملية وينتج نصف البضاعة المصدرة للبلاد ويتعرض إلى منافسة شديدة بعد إنهاء العمل بالاتفاقية المتعددة الألياف وبعد أن ثبت اليوم بأن المنافسة الدولية تقتضي الاعتماد على يد عاملة عالية المهارة وأن ضعف الأجور لم يعد يمثل عنصرا تفاضليا معتبرا في إطار تحرير الأسواق.

 

ومن نتائج احتكار القرار استشراء الفساد في الحياة الاقتصادية وسوء التصرف في الأموال العامة وضعف المردودية الاقتصادية ما اضطر الحكومة إلى مراجعة السياسة الاقتصادية للسبعينات والثمانينات في ما سمي ببرنامج إعادة الهيكلة الاقتصادية الذي اعتمد في موفى الثمانينات.

 

أما اليوم وبعد أن قررت الدولة الانسحاب من القطاعات الإنتاجية والتفويت في القطاع العام واعتماد اقتصاد مفتوح قائم على المنافسة فإن مجهود التنمية أصبح موكولا بالدرجة الأولى إلى القطاع الخاص وقد أثبتت التجربة الاقتصادية الحالية في تونس أن مواصلة النمو متوقف على مدى تحرير الحياة السياسية بما يكفل الشفافية في المعاملات ويخلق مناخ ملائم للاستثمار المحلي والخارجي ويعبئ كافة الموارد المالية والبشرية ويحمل الأطراف الاجتماعية مسؤولية صياغة علاقات تحظى مصالح قوى العمل وتقوم على التكافل وتحقيق الرفاه والتقدم للجميع.

 

وبمناسبة الذكرى الخمسين للاستقلال خرجت علينا الحكومة مرة أخرى ببرنامج عشري لم يكن موضوع تشاور من أي كان يعد بمضاعفة الدخل الفردي وبالتخفيض من نسبة البطالة بأربع نقاط دون أن توضح لنا الحكومة كيفية تحقيق هذا البرنامج الطموح. إن تحقيق هذه الأهداف الطموحة يتوقف على تحقيق نسب عالية من التنمية بما يقتضي إصلاح التعليم وإصلاح الجهاز البنكي والمالي وتشجيع الاستثمار والنهوض بالمؤسسات الصغرى والمتوسطة ورفع تحديات المنافسة الخارجية. ولقد سبق للدولة أن حددت لنفسها في منتصف التسعينات هدف اللحاق بمستوى الدول الصناعية من الدرجة السفلى كالبرتغال لكنها سرعان ما تخلت عنه لما كان يفرضه من رفع لمستوى الاستثمار من 23 بالمائة حاليا إلى 35 بالمائة والرفع من مستوى الإدخار إلى ثلاثين بالمائة لتحقيق نسب من التنمية تتجاوز السبع بالمائة وهو ما أقدمت عليه إرلندا مثلا التي تمكنت بفضل تحقيق مثل هذه المعدلات العالية في النمو من الحط من مستوى البطالة من 17 إلى 4 بالمائة فقط. فما بالنا بحالنا اليوم وقد ازدادت المصاعب المتسمة بانحباس الاستثمار الداخلي وعزوف الاستثمار الخارجي وتفاقم البطالة وبازدياد خطر تعاظمها نتيجة بطالة حاملي الشهادات وعدم التلاؤم بين منتوج المؤسسة التعليمية وقدرة استيعاب سوق العمل وببسبب تسريح العمال والأعوان في إطار سياسة خصخصة القطاع العام وإغلاق معامل النسيج المرتبطة بالتصدير وكذلك باقتراب أجل فتح السوق للبضائع المصنعة محليا في أفق إرساء منطقة التبادل الحر مع الاتحاد الأوربي سنة 2008 والتي لم تتهيأ لها البلاد بسبب ضعف مردود برنامج التأهيل.

 

إن تحقيق الأهداف الطموحة التي أعلنت عنها الحكومة بل وتجاوزها إلى أهداف أرقى كتأمين التعليم الثانوي للجميع ودعم المؤسسات الصغرى والمتوسطة بما يمكنها من استيعاب منتوج المؤسسة التعليمية ومعاهد التكوين ويساعدها على رفع تحديات المنافسة وفتح أسواق خارجية في إطار الشراكة متوقف على مدى توفير مناخ ملائم للاستثمار وقادر على تعبئة الطاقات الإبداعية للمجتمع وهو ما يقتضي إقرار إدارة راشدة قائمة على الشافية في المعاملات أي إصلاح النظام السياسي بما يضمن حرية الإعلام واستقلال القضاء وتعزيز المراقبة عن طريق الفصل بين السلطات وإرساء محاسبة القائمين على الدولة من خلال انتخابات دورية حرة ونزيهة وتعزيز المجتمع المدني بكل مكوناته من منظمات نقابية ومهنية وقطاع خاص وأكادميين ومراكز البحث وتوسيع دائرة المشاركة على قاعدة الحرية والتعدد. ودون تحقيق هذا الإصلاح لن تتمكن الدولة من تحقيق هذه الأهداف بل سوف تعرض الاقتصاد إلى مزيد من أخطار العطالة والتقهقر وسوف تفوت على التونسيين وقتا ثمينا في زمن يتسم باشتداد المنافسة الأمم.

 

سيداتي، سادتي

 

يتسم الوضع العام في تونس بوهن سياسي للحكم نتيجة انعزاله الداخلي وتدهور صورته الخارجية ونتيجة فقدانه لزمام المبادرة إزاء تصاعد مظاهر الاحتجاج السياسي والتذمر الاجتماعي واعتماده على الحلول الأمنية لمواجهة مطالب الإصلاح. وزادت الظرفية الاقتصادية من مصاعب الحكم نتيجة انحباس الاستثمار وتفاقم البطالة رغم جودة المحاصيل الزراعية واستعادة النشاط في القطاع السياحي والمحافظة على نسبة من التصدير معتمدة على تعويم العملة الوطنية وعلى تحسن في قطاع الصناعات الكهربائية والميكانيكية.

 

وبالمقابل يتسم الوضع بنهوض للمجتمع المدني والسياسي تجلى في تحركات المحامين والقضاة والجامعيين والنقابيين وفي نشاط الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان ومختلف الجمعيات الحقوقية الأخرى وفي تحرك الصحافيين وتأسيسهم لنقابة حرة تمثلهم وتعبر عن مطالبهم كما تجلى في استعادة الحركة السياسية لزمام المبادرة والتي عرفت ذروتها في الإضراب عن الطعام الذي خاضته ثمانية شخصيات من الحركة السياسية والجمعيات المدنية وما عقبه من تحركات ميدانية من أجل المطالبة بالحريات والحقوق الأساسية للمواطن.

 

أما العلامة الثالثة المميزة للوضع السياسي الراهن فهي انكفاء المواطن على نفسه وعزوفه عن كل عمل عمومي نتيجة حالة الإحباط التي يعاني منها بسبب ما سلط عليه من اضطهاد سياسي منذ الاستقلال, في مثل هذا الوضع طرحت حركة 18 أكتوبر مهام تحرير الحياة السياسية كمدخل ضروري لكل تغيير ديمقراطي واجتمعت كلمة المعارضة متحدة على أولوية النضال المشترك من أجل ثلاث مطالب أساسية ألا وهي حرية تأسيس الأحزاب والجمعيات وحرية التعبير والصحافة والإعلام والإفراج عن كل المساجين السياسيين وسن قانون عفو عام لفائدة كل من اضطهد لأسباب سياسية.

 

 

إن هذه المطالب الاساسية الثلاث ضرورية لفتح مجال العمل السياسي الشرعي والسلمي ولكنها لا تستوعب كامل برنامج الانتقال إلى الديمقراطية والذي يشمل حسب رأي الحزب الديمقراطي التقدمي ثلاث مطالب أساسية أخرى:

 

أولها تعديل الدستور تعديلا جوهريا بما ينهي الحكم الفردي وما تقوم عليه من خلط بين السلطات ويرسي مسؤولية الحكومة أمام البرلمان ويعزز الصلاحيات التشريعية لمجلس النواب وينشأ محكمة دستورية تسهر على مطابقة القوانين للمبادئ الدستورية التحررية ويفصل السلطة القضائية عن السلطة التنفيذيةويضمن استقلالها. وثاني هذه الإصلاحات مراجعة كل القوانين المنظمة للحياة العامة (مجلة الصحافة، قانون الأحزاب والجمعيات، المجلة الانتخابية، قانون الاجتماعات العامة والمظاهرات الخ…) بما يتفق مع المبادئ التحررية للدستور وينهي السلطة التقديرية التي تمنحها القوانين الحالية لوزير الداخلية في ميدان ممارسة الحقوق والحريات الطبيعية للمواطن ويخص القضاء وحده بمراقبة هذه الممارسة بعيدا عن كل تأثر أو تأثير سياسي.

 

أما ثالث هذه الإصلاحات فالرجوع إلى المواطنين لاختيار من ينوب عنهم في الحكم من خلال انتخابات عامة حرة ونزيهة اعتبارا إلى أن كل الانتخابات التي جرت منذ الاستقلال حتى اليوم خلت من شروط المنافسة والاختيار الحر واتسمت بخرق لأحكام الدستور والقانون من طرف السلطة التنفيذية.

 

إن هذا البرنامج الطموح لا يمكن أن تحققه إلا القوى المعنية به أعني قوى المجتمع المدني والمعارضة السياسي وهو يتطلب منها أن تسلط أقصى الضغط السياسي الممكن على الحكم لحمله على القبول بهذه الإصلاحات والدخول في مفاوضات حولها مع ممثلي المجتمع المدني والقوى السياسية دون أي إقصاء أو استثناء.

 

وإن أول ما تقتضيه هذه المهام هو إرادة التغيير لدى جميع الأطراف واتحادها على برنامج التغيير وحمله إلى الشعب من خلال العمل الميداني الجريء والشرعي وهو الاختيار الذي أخذته هيئة 18 أكتوبر للحقوق والحريات وفي إطاره يتنزل إنشائها حسبما نفهم لمنتدى الحوار بما يرفع العراقيل أمام وحدة حركة المعارضة حول برنامج التغيير والانتقال إلى الديمقراطية.

 

لكن إرادة التغيير وحدها لا تكفي وإن كانت شرطا ضروريا ذلك أن الشرط الضروري الثاني يضل انخراط المواطن في العمل التغييري لتشكيل قوة الضغط المطلوبة وهو أمر لا زال بعيد المنال بعض الشيء. لذلك نرى في الحزب الديمقراطي التقدمي أن نهج المعارضة يجب أن يتحلى بالإرادة الثابتة المتجلية في العمل الميدان الموحد وأن يتسم أيضا بالتأني والصبر على التضحية لأن مسار التغيير قد يأخذ بعضا من الوقت وإلى ذلك يجب على المعارضة أن تكون على أتم الاستعداد السياسي والتنظيم لمواجهة لكل الطوارئ لأن العملية السياسية لا تخضع للتراكم وحسب بل بإمكانها أن تعرف منعرجات ونقلات نوعية قد تسرع في مسارها.

 

سيداتي، سادتي

 

من العوامل المساعدة على التغيير الديمقراطي ما تتعرض له الدول العربية في الظرف الراهن من ضغوط خارجية من أجل تطوير نظمها السياسية نحو حالة من المشاركة والمرونة التي تؤمن لها البقاء والاستمرار. ولقد أبدت الحكومات العربية ومنها الحكومة التونسية قلقا من هذا التطور بعد أن كانت تطرح نفسها سورا يحمي العالم الخارجي من أخطار الإرهاب وذهبت تتهم الحركات الإصلاحية العربية بالاستقواء بالخارج وبالانخراط في أجندا الدول العضمى و لك في محاولة يائسة لإثارة الشعور الوطني ضد المعارضة.

 

وما فات هذه الحكومات أن مطلب الإصلاح ليس مطلبا أمريكيا أو دوليا ولكنه مطلب متأصل في الشعوب العربية ومنها الشعب التونسي وتعود جذوره إلى حركة النهضة التي ذهبت تطالب منذ النصف الثاني للقرن التاسع عشر مطالب إصلاح النظم السياسية والإدارة والتعليم وتحرير المرأة كسبل للحاق بالدول المتقدمة وتتالت هذه المطالب على مد قرن ونيف تحملها النخب والشعوب من خلال أعمال نضالية مجيدة. وما فات الحكومات العربية والحكومة التونسية بالذات أن المعارضة قد حملت لواء الإصلاح في بلادنا منذ فجر الاستقلال وقدموا من أجله ولا يزالون كل أنواع التضحية وأنهم لم ينتظروا أواخر سنة 2003 يوم أعلنت الولايات المتحدة على لسان رئيسها بأنها أخطأت تجاه العالم الإسلامي لما تغاضت عن قضية الحرية والإصلاح الديمقراطي وأنها أيقنت بعد حرب أفغانستان والعراق بأن أمنها القومي الداخلي بات رهين نسق الإصلاح في الدول العربية والاسلامية.

 

ونحن إذ نغتبط لهذه الاستفاقة المتأخرة نعلن أن مصدر العنف في عالمنا العربي والاسلامي يتغذى ولا شك من الاستبداد السياسي والاقصاء الاجتماعي لكنه يتغذى أيضا من السياسات الدولية الضالمة التي تتعرض لها الشعوب العربية والاسلامية وما الحرب الضالمة على العراق والسياسة المنحازة للعدوان الاسرائيلي على الشعب الفلسطيني والشعوب العربية المجاورة سوى أبرز تجلياتها والتي تغذي موجة من اليأس وتمثل المصدر الثاني للعنف في منطقتنا مما يجعل استقرارا الأمن والسلام في هذه الربوع موقوفا على سياسات عادلة وقائمة على احترام حق الشعوب في تقرير مصيرها من جهة واتباع سياسة إصلاح داخلي ترفع الاستثناء عن مطقتنا وتستجيب لطموحات شعوبها في المشاركة والسيادة من خلال هيئات نيابية منتخبة وخاضعة لرقابة المواطنين من خلال صحافة حرة وانتخابات حرة ونزيهة .

 

ومن هذا المنطلق فإننا نعتبر بأن الضغوطات السياسية المسلطة على النظم العربية من أجل الإصلاح عامل إيجابي مساعد لقوى التغيير في الداخل وأنه إذا ما كان للدول العظمى من أجندات خاصة بها أو سعي لبسط هيمنتها على منطقتنا فإن أفضل سبيل لمواجهتها وإحباطها هو القيام بالإصلاحات الضرورية التي تكسب الجبهة الداخلية متانتها في وجه كل تهديد خارجي حقيقي أو محتمل. أما خدمة مصالح الدول العظمى والتنافس على التقرب منها وتقديم التنازلات إليها على حساب القضايا المصيرية لمنطقتنا ثم التهجم على المعارضات بدعوى الإستقواء بالخارج كلما طالبت بالإصلاح فإنه مسعى مردود على أصحابه ولا ينطلي على الشعوب التي بقدر ما تعارض السياسات الظالمة للدول الكبرى فإنها تتلقى بارتياح كل تصريح يصدر من هيئة حقوقية أو برلمانية أو حكومية يشجب الاعتداءات على حقوق الإنسان ويسند حركية الإصلاح.

 

لقد شكلت العلاقات الخارجية على الدوام مهمة من مهام الأحزاب لحشد الدعم لقضاياها ومن أجل ذلك قامت المؤتمرات والتنظيمات الأممية للأحزاب وفي إطارها تتبادل وجهات النظر وتحل الخلافات كما يتبادل الدعم المعنوي والسياسي. ولقد تأكدت هذه المهمة في ظروف العولمة التي جعلت من الأحداث المحلية أحداثا وهموما دولية فالانتخابات في الشيلي أو فلسطين أو بوليفيا والبرازيل تهز الديمقراطيين في العالم بأسره كما أن الحرب على العراق ودعم القضية العادلة للشعب الفلسطيني تحرك المظاهرات المليونية في عواصم الدنيا.

 

وفي إطار هذه العلاقات الدولية الضرورية أديت في الآونة الأخيرة زيارة إلى الولايات المتحدة بدعوة من معهد للدراسات ( ثينك تانك) هو معهد المؤسسات الأمريكية للبحوث حول السياسات العامة وهي مؤسسة ذات تأثير كبير على سياسات الإدارة الأمريكية الحالية وجاءت تلك الدعوة في إطار ندوة حول الإصلاح في العالم العربي ونظم هذا المعهد لقاءات مفيدة للمشاركين فيها مع صناع القرار ومؤسسات الإعلام في الولايات المتحدة واختتمت بندوة عمومية فكانت فرصة هامة بالنسبة إلي للتعريف بالمعارضة التونسية وتقديم فرصة مشرفة عنها وللتعرف على وجهات نظر صناع القرار وقواد الرأي العام في الولايات المتحدة. ولا يعني قبولي لهذا الدعوة قبولا لأفكار منظميها من قضايا خطيرة كقضية فلسطين أو العراق ولا قبولا منهم لأرائي حول تلك القضايا وما يؤسف له حقا أن كرست الحكومة شخصية رسمية كلفتها بالسفر من المال العام إلى الولايات المتحدة قصد القيام بحملة ضدي ومحاولة استنفار مشاعر مخاطبي من الأمريكيين فذكروهم بمواقفي من حرب العراق ومن زيارة شارون إلى بلادنا ومما أدعو إليه من ضرورة إدماج الإسلاميين في الحياة السياسية فلم تفلح كل هذه الجهود وعبر لي الكثير من مخاطبي عن اشمئزازهم من هذا الأسلوب وأكدوا لي أنهم أجابوه بأن موقفي من شارون مسألة تخصني قد يشاطرني الرأي فيها المئات من الإسرائيليين أنفسهم وأن ما يهمهم من هذا اللقاء هو قضايا الإصلاح في العالم العربي.

 

وفي نفس هذا الإطار حضرت في اسطنبول مؤتمرا عالميا حول الديمقراطية حضره أكثر من أربعمائة مشارك من مائة وخمس وعشرين دولة أشرف على افتتاحه السيد طيب أردوغان رئيس الحكومة التركية وكان مناسبة مفيدة للتعرف على تجارب الشعوب الأخرى في ميدان الانتقال إلى الديمقراطية وإدراك مدى التأخر الذي سجلته بلادنا قياسا إلى الدول الإفريقية التي قطعت أشواطا خيالية في ميدان الحرية والمشاركة وبناء المؤسسات الحديثة.

 

سيداتي، سادتي

 

ينعقد مجلسنا الوطني هذا تحضيرا للمؤتمر الوطني الرابع المزمع عقده في الخريف القادم والذي نتمنى أن يكون فرصة لإحداث نقلة نوعية على المستويين التنظيمي والسياسي للحزب وأن يشكل لبنة أخرى في بناء صرح المعارضة الديمقراطية.

 

فتحضير المؤتمر فرصة بطبعها لتوسيع دائرة إنغراس الحزب في الجهات والقطاعات وهو فرصة أيضا لتحيين البرنامج السياسي للحزب ولوائحه الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتربوية كما سيمثل المؤتمر فرصة لتجديد هياكله على كل المستويات وتشبيبها وتشريك المرأة فيها وللتداول على المسؤوليات بدء بالأمانة العامة فلا يعقل أن تضل المسؤولية القيادية الأولى بيد واحدة في حزب جعل من التداول على الحكم ومن تحديد الولايات الرئاسية مطلبه الأول, لذلك أغتنم هذه الفرصة لأؤكد بصفة قاطعة ونهائية نيتي في التخلي عن الأمانة العامة بمناسبة هذا المؤتمر, وإن انسحابي من هذا المنصب واجب أخلاقي وسياسي يندرج في مسار بناء مؤسسات ديمقراطية حقة وفتح المجال أمام الطاقة الشابة لتقوم بدورها في التجديد والتحديث وإن انسحابي هذا لن يكون بأي شكل من الأشكال انسحاب من الحياة العامة بل سوف أواصل العمل في صفوف الحزب ومن خلال هياكله القيادية غير التنفيذية كما سأواصل العمل في الحياة الوطنية من موقع المسؤولية الذي تمليه علي قناعاتي الشخصية وحاجات البلاد إلى طاقات أبنائها.

 

ومن أهم القضايا التي يجب أن يقف عليها المؤتمر مسألة تجذير الحزب اجتماعيا والتحامه بالهموم اليومية للمواطن فقد اثبتت التجربة ومنها التجربة الانتخابية المصرية الأخيرة أن حصر العمل الحزبي في النطاق السياسي دون غيره يفقد الأحزاب ثقلها الشعبي وقدرتها على التأثير في مستقبل البلاد. لقد وضع الحزب الديمقراطي التقدمي مسألة البطالة في مقدمة أولوياته وهي تعصف اليوم بنسبة عالية من القوة العاملة ومن خرجي الجامعات ومن العاملات والعمال في قطاع النسيج ومن أعوان الدواوين والشركات العمومية وتهدد الآلاف من العمال في المصانع التي ستواجه تحدي المنافسة سنة 2008 بمناسبة إقامة منطقة للتبادل الحر مع الاتحاد الأوربي وقد طالب الحزب الديمقراطي التقدمي بإنشاء صندوق للتعويض عن البطالة لحماية كل هؤلاء المتضررين كما وضع الحزب إصلاح التعليم بما يحقق مستوى من التعليم الثانوي للجميع ويرتقي بمستواه ويعيد النظر في هيكلته بما يجعله في تلائم مع حاجيات سوق متطورة للعمل. وسوف ينكب مجلس هذا على مشروع لائحة اجتماعية تتطرق إلى كل هذه المواضيع وغيرها كالصحة والتغطية الاجتماعية ولسوف يبحث في الصيغ العملية التي من شأنها نقل هذه المطالب إلى مستوى الممارسة النضالية.

 

سيداتي سادتي

 

أشكركم على حسن استماعكم وأتمنى لأعمالنا التوفيق والنجاح

 

(المصدر: موقع pdpinfo.org بتاريخ 9 أفريل 2006)

 


عندما يسقط الانسان

السيد برهان بسيس نموذجا

  10اْفريل 2006    عبد الرحمان الحامدي     كنت أود لو أني نزلت عند رأي أستاذ الأجيال البروفيسور منصف بن سالم عندما قال لقناة الجزيرة الفضائية يوم 7 افريل الجاري في معرض رده على السيد برهان بسيس ما معناه أن هذا الأخير لا يستحق حتى الرد فمعذرة للدكتورإن لم اْفعل وليعذرني في ذلك.فالسيد بسيس تردى في تقديري عن حدود بشريته وهو على حد قول العبارة الفرنسية يصرعلى لعب دور المدافع عن الشيطان فلك أن تكون يا سيد بسيس ما شئت من مثقفي السلطة أو من فقهاء السلطان أما أن تصر على المتاجرة   بعذابات الناس فهذا الذي لم أطقه وهو ما دفعني للكتابة لأول مرة على صفحات تونس نيوز الغراء. 
          فعن أي أجندة سياسة تتحدث يا سيد برهان وأي عبقرية هذه التي أوحت إليك باْن إضراب الرجل عن الطعام يندرج ضمنها ؟ فالرجل ببساطة يصرخ؛ ولا اْحسبه إلا صادقا؛ هل من مغيث ؟ يقول للعالم بأسره؛ وأنت أدرى بذلك؛ بأنه قضى تسع عشرة سنة يكابد هو وأسرته الجوع ورعب البوليس ومكائده محروما من أبسط حقوق المواطنة والإنسانية وعندما فاضت الكأس بتعمد إدارة كلية صفاقس فصل ابنه عن الدراسة ليستمر مسلسل التجويع في أحفاده أقدم  الرجل بمعية أسرته على الإضراب عن الطعام كآخر سلاح يلجاْ إليه شرفاء الوطن لرفع الضيم عنهم رغم ما يمكن أن ينجر عن ذلك من أخطار على حياتهم.                   إن رد السيد بسيس فيه ما فيه من معاني تحميل  الناس مسؤولية عذاباتهم  لوحدهم بل والأمرّ من ذلك اتهامهم بالتآمرعلى الوطن هذا على الأقل ما يفوح من كلامه كما فهمت والحال اْنه يعلم حقيقة من المتسبب في ذلك إلى حد كبير                واني أخشى والكلام مباشر إليك يا سيد برهان إن أنت أصررت على النظر إلى الأمور بهذا الشكل الأصم و المجانب للموضوعية أن ينطبق عليك قوله تعالى في سورة البقرة ~ اللّهُ يَسْتَهْزِىءُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ  ~اية  (15)

 كما أني أخشى ثانية؛ وهذا لك من عندي على الحساب؛ إن أنت واصلت لعب هذه الأدوار أن يوصم اسمك في الأعلام التونسي بما وصم به اسم شخص لا أظنه يخفى عليك أواخر الحقبة البورقيبية فسمي إعلام تك المرحلة بالأعلام اليعيشي ووجد صاحب الاْسم نفسه بين عشية و ضحاها في الدرك الأسفل من مزبلة التاريخ أما إعلام هذه الحقبة من تاريخ تونس؛ والتي اْحسب أنها على مشارف نهايتها؛ فقد يوصم باسم قد تكون أنت اْحد أقطابه وأعلامه إذا أردت؛ وقبل أن اْذكر الاْسم فليسمح لي الأستاذ المناضل المحترم العياشي الهمامي أن اْستعير منه العبارة التي استعملها في معرض نضاله الدءوب مع ثلة من شرفاء الوطن أثناء جلسة المحامين الأخيرة حيث أطلق على مجموعة من المشاغبين كانت معهم لقب التجوعيين فهل تسمح يا سيد بسيس لشخصك أن يدخل  في مزبلة التاريخ من بوابة الإعلام التجوعي؟
على أية حال يبقى الخيار لك وأنت الوحيد الذي تتحمل ما ينتج عنه وتبقى في النهاية تونسيا اختار لنفسه يوما ما أن يلعب دورا وأي دور؟ وفي الختام أقول إذا لم يحرك هذا الكلام ساكنا لديك في هذا الظرف الذي تمر به البلاد والعباد فلا اْقل في رأيي من أن تفكر مليا كل صباح وبالتحديد عندما تقف أمام المرآة في أنجع السبل للتصالح مع آدميتك أيها الإنسان التونسي.  
 
   أستاذ و سجين سياسي سابق. 
  سويسرا  


 

برقية مساندة و بلاغ تكذيب لتفسيرات الصحفي برهان بسيس تعقيبا على الإضراب عن الطعام الذي دخله الدكتور المنصف بن سالم منذ 30 مارس 2006 احتجاجا على ما يلقاه من ممارسات.

 

من أحد الطلبة الملثمين الذين التقطتهم عدسة مخيلة برهان بسيس و غابوا عن كل الوسائل الأخرى.

 

إثر إعلان قناة الجزيرة عن تواصل إضراب الدكتور المنصف بن سالم لليوم التاسع على التوالي احتجاجا على الممارسات التي يعيشها هو و غيره من العلماء في تونس و الاتصال بالصحفي  برهان بسيس لاستيضاح الأمر عملا بمبدأ « الرأي و الرأي الآخر » صرح هذا الأخير و هو الذي عرف بموالاته العمياء للنظام أن الدكتور المنصف بن سالم يعيش ظروفا عادية و استغرب لما وصفه تصعيدا  سياسيا و كذب قرار طرد الطالب أسامة بن سالم كما صرح أيضا بأن إدارة الكلية وجهت للمجموعة الملثمة التي « ألحقت أضرارا بالممتلكات الجامعية » توبيخا فقط.  

يؤكد الدكتور بن سالم أن حادثة طرد ابنه أسامة و زملائه ليست إلا القطرة التي أفاضت الكأس لكن الكأس ملآن بملايين القطرات (لا يخفى على أحد أن المضايقات مسلطة على الدكتور وعلى كافة أفراد عائلته على حد سواء):

§                              ابنه عباس تعرض إلى حادث سير داخل سوق تسبب له في سقوط بلغ نسبة 70%.

§                              ابنه سيف الله لاجئ سياسي بفرنسا.

§                              ابنته مريم تعرضت لمضايقات مستمرة من قبل طلبة الحزب الحاكم لأكثر من 3 سنوات داخل الكلية التي أسسها (كلية العلوم بصفاقس).

§                              و مؤخرا قرار طرد ابنه أسامة و زملائه طردا نهائيا…   …  …

الدكتور بن سالم غير مباشر للعمل مثلما هو مذكور ببطاقة تعريفه الوطنية فهل أن دستور تونس الذي يقر حق العيش و العمل لكافة أبناء تونس استثنى الدكتور بن سالم من حق العمل؟

الدكتور بن سالم محروم من جواز السفر فهل أن الدكتور بن سالم ممن يسيئون لسمعة تونس إن سمح له بمغادرتها لبلد أجنبي؟

و بكل لطف أستأذن من يصله هذا التكذيب أن أعلق على موقف برهان بسيس بما يلي:

سارع برهان بسيس والذي لطالما عهدناه بوقا ممتازا للنظام بالظهور من جديد على شاشة الجزيرة فبرهن و عن جدارة أنه من محترفي تضخيم الإشاعة الكاذبة, كيف لا ما دامت تصريحاته البائسة المثيرة للسخرية ترضي أسياده.

         إن هؤلاء (أترك لكم وصفهم) الذين يحشرون أنفسهم للمساهمة في قيادة الشعوب العربية لهم القدر الكافي من          الوقاحةالذي يسمح لهم بتقييم موقف معين من عالم لا تسمح مؤهلاتهم العلمية بالتحدث عنه.

أما بخصوص الطالب أسامة بن سالم و زملائه الأربعة:علي عمر, باسم النصري,حسونة أولاد لطيف و كريم الحناشي فقد سلمتهم إدارة الكلية قرارا مكتوبا بالرفض مع تأجيل التنفيذ (بعد الإطلاع على قانون العقوبات الخاص بالجامعة تم التأكد من عدم وجود هذه العقوبة ضمن العقوبات و التي عددها 8) و الذي سيبقى سيفا مسلطا.

كل هذا جزاء لطلبات أول ما استجيب لتنفيذها تعبيد طريق الدخول للكلية (فهل يستحق هذا طردا أو توبيخا؟).

إن كانت هذه ديمقراطيتكم فلكم ذلك, وإن كانت أبسط تصرفات طلب حقوق العيش تصعيدا سياسيا فلتأذنوا بترحيلنا إلى كوكب أخر.

 

طالب من الجامعة التونسية  : صفاقس في 09 أفريل 2006


 

كل ما أسس ضرارا…فالمزبلة أولى به

عبدالله الزواري

Abzouari@yahoo.fr

 

انتقلت يوما إلى مكاتب جريدة « الأنوار »

لقضاء بعض الشؤون ذات الصلة بعملي… وككل مرة أذهب إلى هناك كان لزاما علي أن أمر بمكتب أحد رؤساء تحريرها كانت تربطني صداقة تعود إلى عهود الصبا و سني الدراسة وما تحمله مثل تلك الأيام من أحلام و قيم وأشواق…فكانت الكلفة و « البروتوكولات » مرفوعة بحكم تلك المعرفة إلى جانب رصيد من الثقة والاطمئنان…و بالتالي لم تكن ضرورة لعرض بعض المقدمات للخوض في شأن المهنة وما تعرفه من زيغ عن الأصول يزداد تفاقما… ولم يكن لصديقي ما يسمح له بالمراوغة أو اللجوء إلى التعريض… فأشار إلى مجموعة من مجلدات » الأنوار » و قال: أتدري أني لا أستطيع الآن كتابة أي عمود مثل التي كنت أكتب قبل عشر سنوات…بل إن أي عمود منها يمكن أن يكلفني أشهرا إن لم اقل سنوات في « دار خالتي »…

 

ثم أضاف: كنا في العموم نتسابق على البحث عن الحقيقة متسلحين بجرأة يشجعنا عليها صاحب الجريدة… أما اليوم فالسباق محموم على مزيد من التذيل و الانبطاح و التزلف و التطوع المجاني لخدمة أغراض سياسية رخيصة لا تمت إلى أخلاق المهنة بصلة… وختم: هنيئا لكم في « الفجر » تكتبون ما تحسبونه حقا وصوابا فتريحون ضمائركم و تتحملون جريرة ذلك… فتكون راحة الضمير والسكينة و تقر أعينكم رغم ما في ذلك من عنت و مشقة و تبعات… لا أستطيع إلا أن أهنئكم مجددا…..

 

…و افترقنا… و امتد الفراق سنوات طويلة… ثم سألت عن الصديق، صديق الطفولة، فعلمت انه ضاق ذرعا بالعمل هنا… و كانت أرض الله واسعة… فهاجر تحقيقا لطموح، أو حملا لأمانة، أو استنكافا من شهادة زور… وعلى أي حال فإنه أبى أن يعرض قلمه للبيع أو أن يكون شاهدا- بصمته- على ضياع أمانة الكلمة…

 

ذكرت هذا… و قد بلغني ما يتعرض له الزميل سليم بوخذير، فعلمت أن « دار لقمان » لم تبق على حالها، بل هناك اليوم من يصرخ عاليا رافضا بيع قلمه في سوق النخاسة، مشهرا بالذين صموا آذاننا بالحديث عن حرية الصحافة و حرية التعبير في الوقت الذي يحشرون أنوفهم في السير اليومي لبعض الصحف، بل لجل الصحف، تحريرا وإشهارا و نشرا و توزيعا، وإن كانت بعض وسائل الإعلام تتحفنا من وقت لآخر بتعمد صحفي تقمص دور طباخ

(حدث ذلك مع ملكة بريطانيا) أو حارس أو…دخول السجن.. ليطلع القارئ على جانب يكتنفه بعض الغموض أو لإحراز سبق أو… أما عندنا فالعكس تماما ما يحدث حيث يكتفي بعض الصحفيين بمهر بعض المقالات التي تصلهم جاهزة… و إن كانت للدنيا سبع عجائب فإن لبلدنا و لا شك أكثر من ذلك… لكن مع الفارق…

 

و يكفي عزاء لسليم بوخذير أن أذكره بما كتبه أحد رواد الصحافة التونسية عنوانا لأحد مقالاته قبل زهاء قرن من الزمان:

« إن الأمة إذا قدرت أن تقول، قدرت أن تفعل « 

 

وها

نحن في بداية الطريق…

 


ملاحظة إلى قراء الموقع:

 يشكّل الحبيب بورقيبة الشخص والمنهج والأسلوب والممارسة إحدى أهمّ المكونات ليس فقط لتاريخ هذه البلاد بل جزءا من حاضرها، حين نرى أنّ النخب الفاعلة في المجال السياسي أو المجتمع المدني تكونت ونشأت ضمن دولة بورقيبة، ومن ثمّة لا يجوز أن ننظر إلى هذا الرجل نظرة إقصائيّة أو أن يكون موضوع قراءة تبسيطيّة…

تأتي أهميّة افتتاحيّة أسبوعيّة « حقائق »، بقلم رئيس تحريرها زياد كريشان، في أنّها لامست هذا الرجل أو حاولت الكشف عن جانب هامّ من شخصيّة الرجل، وإن كان الفعل محمودًا في ذاته إلاّ أنّ هذا الكشف لا يشفع لذاته بذاته بل لا تشفع النوايا حين يكون الفعل [أيّ الكتابة] هي الحكم والفيصل…

لا نبغي من خلال هذا الردّ سوى البحث أو هي محاولة متواضعة لوضع بضع النقاط على بعض الحروف، وليس في الأمر بعدًا شخصيّا والعياذ بالله…

هل كان بورقيبة ديمقراطيّا ؟

 

قد يبدو هذا السؤال غريبا نوعا ما، فالزعيم الراحل ومؤسس الدولة التونسيّةالحديثة كان بلا شكّ رجل الحزب الواحد والرأي الواحد والمحاكمات السياسيّةوالرئاسة مدى الحياة… ومن ثمّة يبدو التساؤل عن ديمقراطيّته من عدمهاوكأنّه لا معنى له. لا ريب أنّ التاريخ لم يقل بعد كلمته في حياة ونضالهذا الرجل الاستثنائي وإن بدأت، في السنين الأخيرة، بواكير أبحاث تاريخيّةعديدة تسبر أغوار تجربة الزعيم الراحل وتستجوب الذاكرة الحيّة لمن بقي منرفاقه على قيد الحياة.

 

لكن لعلّ سؤالنا يحتوي بدوره على  »مجهول » لابدّ من تعريفه وهو »الديمقراطيّة ». فإذا كان المقصود بهذا المفهوم هو تلك الآليّات التيتنظّم الحياة السياسيّة في الدول الغربيّة وغيرها كذلك من انتخابات حرّةونزيهة وتداول سلمي على السلطة وحريّة تامّة لوسائل الإعلام وحريّة تشكيلالجمعيّات والأحزاب… فلا شكّ أنّ بورقيبة لم يكن ديمقراطيّا بهذهالمقاييس.. لكن إذا كنّا نقصد بالديمقراطيّة تلك الثورة الثقافيّة التيانطلقت تاريخيّا في أوروبا ضدّ سلطان الكنيسة والحكم اللاهوتي واستبدادالملوك وبطش الإقطاعيين والتي اعتمدت على فلسفة الأنوار التي أقرّت ولأوّلمرّة في تاريخ البشريّة بالمساواة المطلقة بين البشر مهما كانت عوارضالجنس واللون والثقافة والدين وما تلا ذلك من الإعلان عن سيادة الإنسانالفرد كمصدر وحيد للمعرفة وللتشريع وللقيم وإيلاء مفهوم التقدّم المكانةالمحوريّة في المجتمع… بهذه المعاني التي لا تتعارض البتّة معالديمقراطيّة كآليّات لتنظيم الحياة السياسيّة، هل كان بورقيبة ديمقراطيّا؟

 

الأكيد أنّه لا يمكننا أن نجيب بالنفي، إذ كانت هذه القيم، في مجملها، منمحرّكات الفعل السياسي للزعيم الراحل… إنّ قيم إرجاع السيادة للشعب،بالاستقلال، وإصلاح وضع الأسرة وإقرار مبدأ المساواة بين الجنسين، رغم بعضالنواقص، وضمان حقّ كلّ مواطن في التعليم وإرساء نظام للضمان الاجتماعييفوق كثيرا الإمكانات الحقيقيّة لاقتصاد البلاد.. كلّ هذه الإصلاحاتوغيرها، إنّما نبعث من تصوّر شديد التأثّر بفلسفة الأنوار والفكر الحداثيفي الغرب، خاصّة إذا ما استحضرنا الشعار المركزي للحكم البورقيبي في فترتهالأولى  »اللحاق بركب التقدّم ».

 

إذن نحن إزاء تجربة تتمازج فيها الديمقراطيّة ـ كبنية فكريّة تحتيّة، إذاجازت الاستعارة ـ مع ممارسة سياسة أحاديّة وأحيانا تسلطيّة وهذا ما أحسنالتعبير عنه المناضل الوطني واليساري الكبير جورج عدّة (أنظر الحوار الشيقالذي أجرته معه الزميلة نورة البرصالي بالقسم الفرنسي) بالديمقراطيّةالتسلطيّة أي الإيمان بأنّه على الدولة فرض التقدّم والحداثة على المجتمعدون فسح مجال للحوار السياسي ولا حتّى الاجتماعي وكلّنا نتذكّر الشعارالبورقيبي في الستينات’  »يقادون إلى الجنّة بالسلاسل »… وعن هذاالتساؤل ومستتبعاته ارتأينا في  »حقائق » أن نحيي بطريقتنا الخاصّة الذكرىالسادسة لرحيل مؤسس الدولة الحديثة التي تزامنت هذه السنة مع إحياء تونسللذكرى الخمسين للاستقلال ولإصدار مجلّة الأحوال الشخصيّة.

 

زياد كريشان

 

ردّا على زياد كريشان

الافتراض بين الفرض والرفض؟؟؟؟؟

 

نتّفق جميعًا، سواء كنّا حملة أقلام أو أهل علم أو رجال سياسة بأنّ الأسئلة لا تبغي في المطلق بلوغ الأجوبة القاطعة بقدر ما نريدها مطيّة التأسيس لمناخ أو هي مناخات جديدة قادرة على بلورة آليّة أخرى أو جديدة تدفع بالمشروع الحضاري أو الفكري الذي ننتمي إليه ـ أو على الأقّل بالقاسم الجامع بين المعنيين ـ إلى طرح السؤال وأيضًا إلى إشراك من يرون أهليّة في الردّ أو مصلحة في الإيضاح…

طرح زياد كريشان سؤالا هامّا وخطيرًا ليس فقط ضمن العلاقة القائمة أو المفترضة أو المرفوضة بين كلّ من بورقيبة والديمقراطيّة، بل ـ وهنا تكمن الخطورة وتتأتّى الأهميّة ـ في جعل الطرح أو الإجابة ينزلان بـ »المسألة البورقيبيّة » من مدارها العام والأشمل إلى مقام بمثل هذا « الضيق » أو « التخصيص »، قد يحمل فوائد من النواحي الإجرائيّة أو المنهجيّة إلاّ أنّه في غياب طرح شامل [ليس من مهام الممارسة الصحفيّة بالضرورة] تكون الخلاصات منقوصة والأجوبة غير مجدية ضمن الرغبة في التأسيس لذاكرة تجمع الصدق بالعمق بالإفادة…

 

يرى زياد كريشان «أنّ بورقيبة لم يكن ديمقراطيّا بهذهالمقاييس»، والمقاييس الذي يقصدها هي «تلك الآليّات التيتنظّم الحياة السياسيّة في الدول الغربيّة وغيرها كذلك من انتخابات حرّةونزيهة وتداول سلمي على السلطة وحريّة تامّة لوسائل الإعلام وحريّة تشكيلالجمعيّات والأحزاب»… لا يمكن لنا ولأيّ كان ومهما تكن صلته بالموضوع أنّ يفنّد هذا الرأي، لكنّ زياد كريشان يقلّب الديمقراطيّة على أوجه أخرى أو في الحقيقة وجه آخر حين يرى «إذا كنّا نقصد بالديمقراطيّة تلك الثورة الثقافيّة التيانطلقت تاريخيّا في أوروبا ضدّ سلطان الكنيسة والحكم اللاهوتي واستبدادالملوك وبطش الإقطاعيين والتي اعتمدت على فلسفة الأنوار التي أقرّت ولأوّلمرّة في تاريخ البشريّة بالمساواة المطلقة بين البشر مهما كانت عوارضالجنس واللون والثقافة والدين وما تلا ذلك من الإعلان عن سيادة الإنسانالفرد كمصدر وحيد للمعرفة وللتشريع وللقيم وإيلاء مفهوم التقدّم المكانةالمحوريّة في المجتمع… بهذه المعاني التي لا تتعارض البتّة معالديمقراطيّة كآليّات لتنظيم الحياة السياسيّة، هل كان بورقيبة ديمقراطيّا؟»…

 

الخلاصة جاءت في قالب سؤال ممّا يعني ضمن علم المنطق أنّ الإجابة تحمل المحملين وضمن المفهوم الذي أورده زياد كريشان نستشفّ أنّ الممارسة البورقيبيّة ساهمت أو هي صاحبة دور [ما] في التأسيس لـ »ديمقراطيّة » [مؤجلة؟؟؟]، حين جاءت البذرة أو هي البذور حاملة لثمار [مؤجلة القطف]؟؟؟

 

السؤال الذي يمكن أن نطرحه أو يطرحه بالأحرى هذا المنهج وهذه الخلاصة يخصّ الديمقراطيّة ذاتها، وليست الغاية أن نعود باللفظ إلى منابعه المعرفيّة وأصوله الإبستمولوجيّة، بل أن نطرح تعريفًا مباشرًا حين نرى أنّ الديمقراطيّة هي « مشروع الكلّ من أجل الكلّ من خلال الكلّ »، حيث تستلزم الممارسة الديمقراطيّة وعيًا وإدراكًا ومن ثمة التزاما بالمبادئ وقبولا بالقواعد، فهل أتت ممارسة الرئيس السابق ضمن هذا المنحى أو ضمن هذا المسعى؟؟؟

 

لا شكّ أنّ بورقيبة أحدث ثورات عديدة في بنية المجتمع التونسي وأدخل تغييرات ذات بال على التشريعات وجاء بإصلاحات عديدة، لكنّ أصل فكره ومنبت ممارسته وأساس فعله جاءت جميعها ضمن منطق « الأبوّة » و »الوصاية » التي استلزمت الإقصاء والنفي والتحييد و »الخصي » أيضًا، ليس فقط ضمن إقصاء الأفراد وتحييدهم بل ـ وهنا تكمن الخطورة وينتفي تمامًا المنطق الذي جاء به زياد كريشان ـ حين نبعت جميع تصرّفات بورقيبة ـ حصرًا ـ من يقينه القاطع وإيمانه العميق بأنّه الوحيد القادر على التفكير ومن ثمّة التخطيط والقيادة والريادة، حين يأتي الآخرون في تراوح بين العجز والغباء…

 

لم ينظر بورقيبة إلى أحد في هذه البلاد نظرة الكفء أو المشارك أو الندّ والشريك، بل عمل عقله الباطن ومن ثمّة جاءت ممارسته ليس فقط في إقصاء لكلّ من يخالفه الأمر، بل جاء منطق الفرز الذي اعتمده مبجّلا المطبّلين والمسبّحين بحمده، ممّا أقصى ضرورة أو طبيعيّا جميع من حمل فكرًا مختلفًا فما البال بالفكر المخالف أو المعارض؟؟؟

 

يكتب زياد كريشان عن «قيم إرجاع السيادة للشعب،بالاستقلال، وإصلاح وضع الأسرة وإقرار مبدأ المساواة بين الجنسين، رغم بعضالنواقص، وضمان حقّ كلّ مواطن في التعليم وإرساء نظام للضمان الاجتماعييفوق كثيرا الإمكانات الحقيقيّة لاقتصاد البلاد»، ويمكن لنا أن نحيله إلى أوّل مقاله حين كتب «أنّ بورقيبة لم يكن ديمقراطيّا بهذهالمقاييس»، وأن نسأله عمّا يرى من علاقة بين اعتباره أنّ بورقيبة لم يرس ديمقراطيّة سياسيّة وبين «إرجاع السيادة للشعب»!!!، فهل اعتبر بورقيبة أنّ في هذه البلاد شعبًا أصلا ليردّ إليه الحكم!!! اللّهم إذا اعتبر زياد كريشان أن ظلم ذوي القربى أخفّ إيلامًا وأقلّ وجعًا!!!

 

لا يجوز البتّة أن نصدر أحكامًا أخلاقيّة في حقّ الرجل أو أن نحصره في خانة ضيّقة بقدر ما وجب أن نطرح السؤال عن الأسباب التاريخيّة التي جعلت هذا « الرجل » وهذا « الفرد » يلغي الجماعة وينفي وجودها ويستثنيها، فقد أعلن أكثر من مرّة وفي خطب علنيّة أنّ هذا الشعب كان بدونه عدمًا وأنّ هذه البلاد تدين له ـ حصرًا واستثناء ـ بالكلّ…

 

جاءت الإصلاحات البورقيبيّة ضمن الرغبة في ترسيخ مشروع الحاكم الإقطاعي عبر أدوات عصريّة، ولم يكن تماهيه مع الحداثة الغربيّة رغبة في تأسيس هذه الديمقراطيّة المزعومة بقدر ما هو محاولة المغلوب في محاكاة الغالب ضمن ذلك الإحساس بالدونيّة والشعور بالنقص، ومن ثمّة لم تأت حالات الانفتاح والخطوات الديمقراطيّة [السياسيّة] ضمن رؤية محسوبة أو رغبة في التأسيس لمناخ تعدّدي بل كانت ضرورة أملتها ظروف الداخل وضغوط الخارج…

 

ربّما يكون السؤال عن الأسباب الذي جعلت الدولة القطريّة تتماهى ما سابقتها [أيّ سلطة الاحتلال] وتتوخّى أساليبها القمعيّة وتكون أوّل من ينكث الوعود ويتراجع عن الحلم بل يطعنه مقتلا!!!

 

ربّما يملك الزميل زياد كريشان رؤية أو تفسيرًا؟؟

 

نصر الدين بن حديد

 


في المشهد الديمقراطي الوطني

الحراك السياسي والإسقاطات الهامشية

 

تعلن حالة استقراء التفاعلات السياسية التي تشهدها بلادنا عن وجهات نظر متعددة ومختلفة تبلغ في بعض الأحيان مرتبة متقدمة من التناقض الجوهري والعميق لكن هذا التناقض في ذاته ليس مبنيا في سياقاته الكبرى على أسس سليمة وعقلانية إنما يسقط في المغالاة والبحث عن الاختلاف العدمي.فلا خلاف أن التأسيس الديمقراطي للممارسة السياسية في شتى أبعادها يبنى في أحد أهم أبعاده على الاختلاف الخلاق بين مكونات المجتمع المدني والسلطة القائمة في إطار ضوابط وطنية تكون هي المرجع الذي يحكم هذه العلاقات.ولا شك أن هذه العلاقات لا تبنى دائما على التوافق الكلي فثمة دائما مسائل خلافية ووجهات نظر مختلفة وقراءات متنوعة وهي سياقات طبيعية في المشهد السياسي لأن التماثل التام في التصورات يعيق عملية التطور الطبيعي للبناء الديمقراطي.

ولا شك أن العلاقات السياسية في بلادنا بين مختلف الأحزاب لا تنفصل عن هذا السياق العام فالاختلاف مع السلطة أمر مطلوب وضروري لأن طبيعة المعارضة هي تقديم تصورات بديلة عن تصورات السلطة القائمة جزئيا أو كليا كما أنه ليس مطلوبا دائما من المعارضة أن لا تتوافق مع التصورات القائمة إذ يمكن في هذه العلاقات إيجاد نقاط التقاء مشتركة. فالمساحة التي تتحرك داخلها هذه العلاقات واسعة ومتحركة وتؤسس للاختلاف وتمنح للحرية الفكرية والإيديولوجية مجالات لنمو والتوسع ضمن أطر تحترم حق الاختلاف وتنأى عن التشنج والاتهامات الفوضوية وتؤمن بالحوار كقيمة أساسية وجوهرية.

غير أن تتبع ما يحدث في الساحة السياسية يجعلنا ندرك أن بعض القوى فقدت بوصلتها السياسية من خلال السعي إلى تقسيم المعارضة إلى معارضة إدارية/ ومعارضة وطنية ديمقراطية وهو تقسيم لا يخضع لرؤية سياسية سليمة في منهجها بقدر ما يشي بمدى التخبط الذي تعيشه هذه القوى وعدم قدرتها على تبين خطواتها بعد أن فقدت توازنها الإيديولوجي وغرقت في البحث عن مخارج مفقودة لأزمتها.فتشريح التحالفات بين هذه القوى يجعلنا أمام حالة ارتباك عميقة فالمنطق السياسي العقلاني لا يمكن له أن يجد تفسيرا منطقيا وعقلانيا في إمكانيات الالتقاء بين اليمين المتطرف واليسار الراديكالي فهذا التحالف يستبطن داخله عوامل انهياره لسببين أولهما هو التناقض العميق في الرؤى والسبب الثاني هو فقدان أي تأثير اجتماعي لهذا التحالف.

ودون الاستفاضة في تحليل تهافت مثل هذه التحالفات التي اتخذت لها تسميات متعددة ووضعت لنفسها أهدافا طوباوية فإن محاولة رسم مشهد قاتم للمسألة الديمقراطية الوطنية يتعارض مع أبسط الحقائق السياسية.فالبناء الديمقراطي كمفهوم وممارسة عملية متتالية في الزمن لا تقف عند فاصلة زمنية ولا يوجد مطلقا فعل سياسي يكتمل به هذا البناء نهائيا إنما المسألة في أبعادها الجوهرية تتطلب مسارات متتالية من الجهد السياسي اليومي للرقي بالتراكمات المنجزة ودعمها وتطويرها.

إن النموذج الديمقراطي التونسي يتأسس على المرحلية والتدرج وعلى نسق يراعى نمو الوعي الجماعي حتى لا تحدث القطيعة بين الفكر والممارسة وهي قطيعة لها تأثيرات سلبية على المنهج العام وقد تؤدى إلى تراجع المؤسسات الديمقراطية وتلاشى دورها.ولا يمكن أن ننكر أن هذا التمشي قد أثبت جدواه وفعاليته سواء بالنجاح في تلافي الخطر الأصولي وتجنيب البلاد غول العنف السياسي وأيضا في تحقيق نمو سياسي واقتصادي مشهود له بالنمو والقدرة على مواصلة هذا النمو.غير أننا لا ننكر أن هذا المنهج على صوابه لا يرضى بعض القوى التي تطالب بتحفيز هذا التمشى وتسريع خطواته وهو مطلب قد يجد بعض الوجاهة إذا كان مستندا إلى حجج وبدائل عقلانية لكنه في حقيقته يتأسس على تبنى خطاب أجنبي يبحث عن المناكفة ويرسم لنفسه غايات توسعية ضمن رؤية دولية جديدة ومشروع أمريكي يريد إلغاء حق الشعوب في تقرير مصيرها وسلبها حرية تفردها بقراراتها الوطنية.

ولا نعتقد مطلقا أن المنهاج الفكري والسياسي الوطني يضيق بالمطالب السياسية التي قد تتعارض مع خيارات النظام فحرية التعبير مكفولة دستوريا وقانونيا وهو ما يترجمه واقعيا نشاطات أكثر من حزب سياسي وطني وما تتعرض له بياناتها من أفكار ومقترحات غير أن ذات المنهاج لا يستطيع التفاعل إيجابيا مع كل فكر يتبنى أطروحات دخيلة على المجتمع أو طرق عمل تتسم بمحاولة تقسيم أفراد المجتمع إلى مجموعات وطوائف وإثارة المشكلات الوهمية وتعطيل الحوار العقلاني كمبدأ أساسي من مبادئ العمل السياسي.

ولا شك أن الديمقراطية إذا فقدت طابعها العقلاني تتحول ضرورة إلى ممارسة منفصلة عن جوهرها الإنساني الخلاق والمبدع وتتحول إلى وسيلة ضغط للبعض وأداة للتحريف للبعض الآخر الذي كان وما زال يعتبرها منكرا وحراما لذلك فإن حماية الديمقراطية الوطنية من العبث السياسوي يتطلب في اعتقادنا إدراك غايتها الكبرى ومقاصدها الجوهرية والتأكيد على أن الخيار الوطني لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يكون محل مساومة مع أي قوى أجنبية.

 

شوقي بن سالم   

صحفي

 


 

بسم الله الرحمن الرحيم

ثلاث رسائل مضمونة الوصول

عبد الحميد الحمدي ـ الدنمارك

 

الرسالة الأولى:

 

إلى سيادة الرئيس زين العابدين بن علي المحترم:

 

بعد التحية،

ألفت عنايتكم إلى أن عضوا بمجلس المستشارين نشر مقالة بمجلة حقائق يوم 6 أفريل 2006 الجاري سمى فيها الفتح الإسلامي لتونس بـ  » الغزو الإسلامي ». ويعتبر هذا الكاتب وسط النخب التونسية المطلعة وجها من وجوه النظام خصوصا وهو الذي يقود رسميا الحملة ضد الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان.

 

وقبل أسبوع نشرت جريدة الصباح تصريحات لسياسي تونسي متقاعد اتهم فيه الإسلام بأنه معادي للديمقراطية، ووصف فيها أمير المؤمنين عمر بن الخطاب ثاني الخلفاء الراشدين رضي الله عنه بأنه دكتاتور، متناسيا ومتجاهلا أن الإسلام دين الحرية وأن الفاروق هو صاحب أشهر مقولة من مقولات حقوق الإنسان في التاريخ البشري كله، يوم اقتص لمواطن مسيحي مظلوم من ابن والي مصر آنذاك عمرو بن العاص وقال مقولته الشهيرة: « متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا ».

 

وفي تصريح صحفي في شهر مارس الماضي رفض وزير الشؤون الدينية في حكومتكم أن يؤكد أو ينفي الإشاعات المنتشرة بأن وزارة التربية تنوي حذف مادتي اللغة العربية والتفكير الإسلامي من كل شعب الباكالوريا اليوم، وبمناسبة المولد النبوي الشريف الذي أهنئكم به وكافة أفراد الشعب التونسي أسألكم بكل احترام: هل ترضون أن يدون التاريخ أن أنصاركم ووزراءكم هم من يتحدثون عن « الغزو الإسلامي لتونس ومعاداة الإسلام للديمقراطية، ودكتاتورية عمر بن الخطاب رضي الله عنه » وهم من يخططون لإلغاء اللغة العربية والتربية الإسلامية من كل شعب الباكالوريا، وما ينسب إلى عون هنا أو هناك وآخرها في سجن برج العامري من دوس على المصحف، هل يرضيكم أن تلقوا ربكم يوم القيامة بمثل هذه الأقوال والأفعال والخطط والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته »؟

 

مع تحياتي

 

الرسالة الثانية:

 

إلى رئيس تحرير جريدة الصباح الغراء:

 

بعد التحية،

 

افتتح السيد أحمد نجيب الشابي أعمال المجلس الوطني لحزبه « الحزب الديمقراطي التقدمي.

 

إنني واثق أنكم لن تنشروا نص خطابه أمام هذا المجلس وحتى مقتطفات موسعة منه.

 

قبل أيام هاجم الإعلامي برهان بسيس السيد أحمد نجيب الشابي في مقالة نشرت بجريدتكم. وإني واثق أنكم لن تنشروا رد السيد الشابي عليها لو أرسلها لكم. هل تستطيع إذا أن تفسر لي سبب حماستكم لنشر الانتقادات الفجة التي وجهها سياسي متقاعد أو شبه متقاعد في ندوة مغمورة للإسلام حين اتهمه بمعاداة الديمقراطية وللفاروق عمر بن الخطاب حين اتهمه بالدكتاتورية؟

 

هل ترضى أن تتحول جريدة الصباح في عهدك إلى منبر للتهجم على الإسلام وعلى الخلفاء الراشدين في بلاد القيروان والزيتونة وابن خلدون وابن عاشور؟ وهل ترضى أن تعوض عن عجزكم عن نشر الآراء السياسية المخالفة للحكومة بنشر الآراء المعارضة أو المناقضة للإسلام والخلفاء الراشدين؟ أظن بك الخير والمروءة والخلق الكريم وآمل ألا يتكرر مثل هذا في جريدتكم، مع تحياتي ودعائي لكم بالتوفيق.

 

الرسالة الثالثة:

 

إلى رئيس تحرير مجلة « حقائق »:

 

بعد التحية،

هل تعرف كيف استوطن الإسلام قلوب التونسيين قبل أن يستوطن بيوتهم وأراضيهم؟

لقد وجدوا فيه مبادئ الحرية وقيم الكرامة الإنسانية ومنهاج السعادة في الدنيا والآخرة.

لذلك أحبوه وتبنوه ونشروه في كل أرجاء الدنيا. هل تعرف أن الإسبان جاؤوا بعد ذلك ولم يكسبوا العقول ولا القلوب؟ هل تعرف أن الفرنسيين جاؤوا من بعدهم ولم يكسبوا القلوب ولا العقول؟

هل تعرف إذا لماذا تحدث المؤرخون التونسيون والعرب وغير العرب عن الفتح الإسلامي لتونس وليس عن الغزو الإسلامي لتونس؟ هل ترضى لمجلتك أن تحتضن المتحدثين عن الغزو الإسلامي في العيد الخمسين للإستقلال الذي

كان في جوهره موقفا قاطعا من التونسيين يعلن تمسكهم واعتزازهم بالهوية العربية الإسلامية لتونس؟

الله الله في تونس العربية المسلمة يا رئيس التحرير!!!

الله الله في تضحيات الذين استشهدوا من أجل استقلال تونس وحماية هويتها العربية الإسلامية!!!

الله الله في سمعة الصحافة التونسية أن يقال أنها لا تملك الجرأة إلا على التعريض بالإسلام وتاريخه وعلمائه!!!

 

مع تحياتي


 

تونس تُنوّع صادراتها لتعزيز احتياطها من العملات الأجنبية

تونس – سميرة الصدفي

 

تعتمد تونس على مصادر دخل متنوعة كونها ليست بلداً نفطياً، فهي تجمع بين الصناعة والسياحة والخدمات، إضافة إلى تحويلات المغتربين الذين يُقدرون بمليون عامل، موزعين بين دول أوروبا الغربية والخليج.

 

وما زال قطاع الملبوسات يحتل المرتبة الأولى في لائحة الصادرات، على رغم الأزمة القاسية التي يمر فيها، يليه قطاع الفوسفات الذي يؤمن 11 في المئة من الصادرات، وقطاع تصنيع التجهيزات الكهربائية والإلكترونية، ثم القطاع السياحي والخدمات، فيما يأتي اخيراً القطاع الزراعي الذي لا يؤمن سوى 6 في المئة من إيرادات العملة الصعبة.

 

وكثف التونسيون طيلة العقد الماضي الاستثمارات في قطاع تصنيع البدائل الكهربائية والإلكترونية للسيارات، بغية تنويع مصادر العملات الأجنبية. ومع النمو السريع لهذا القطاع في السنوات الأخيرة، بات يُؤمّن إيرادات بقيمة 2.8 بليون دينار (نحو 2.2 بليون دولار)، أي أكثر من 27 في المئة من صادرات البلد الصناعية.

 

وأقامت مصانع السيارات الألمانية والفرنسية والإيطالية ورشاً في تونس لتصنيع التجهيزات الكهربائية والإلكترونية التي تستخدمها في إنتاج السيارات، ما جعل هذا الفرع مرشحاً ليصبح العمود الفقري للصناعة التونسية، بعدما كان قطاع المنسوجات يحتل هذا الموقع.

 

تراجع صادرات الملبوسات

 

وكانت تونس ركزت على تنمية الملبوسات والمنسوجات في العقدين الماضيين، مستفيدة من ميزات الاتفاقات المتعددة الألياف مع الاتحاد الأوروبي، ما ساعد على تحقيق نمو سنوي نسبته 14 في المئة، قبل إنهاء العمل بتلك الاتفاقات العام الماضي. وهكذا ارتفعت حصة القطاع من 4 في المئة من الصادرات الصناعية للبلد في سنة 1971، إلى 70 في المئة في السنة 2004.

 

وتحتل تونس حالياً المرتبة الخامسة بين مزودي أوروبا بالملبوسات، لكن منافسيها المباشرين، وأبرزهم تركيا وهونغ كونغ وإندونيسيا والمغرب وبولندا، مرشحون للاستحواذ على حصتها في السنوات المقبلة، بسبب توافر عمالة بأجور زهيدة، والمواد الأولية التي يستوردها التونسيون بالعملة الصعبة. 

سوق شعبية في العاصمة التونسية 

 

ويتقدم قطاع الفوسفات والمنتجات الكيماوية على النفط ومشتقاته، في حجم الدخل الإجمالي، إذ يُؤمّن 11 في المئة من صادرات البلد. وتُعتبر مناجم الفوسفات الواقعة في محيط مدينة قفصة (جنوب غرب) من أقدم المناجم التي اكتشفها الفرنسيون في شمال أفريقيا في أواخر القرن التاسع عشر، ومدوا خطاً للسكة الحديد لنقل الفوسفات الخام إلى الموانئ الساحلية، لتكريره قبل تصديره. وأقام التونسيون في الستينات والسبعينات من القرن الماضي، مصانع في صفاقس وقابس لمعالجة الفوسفات، وإنتاج أصناف مختلفة من الأسمدة الكيماوية التي تلقى طلباً متزايداً عليها في اوروبا وآسيا.

 

وعلى رغم أن موقعها الجغرافي بين بلدين من كبار منتجي النفط والغاز، هما الجزائر وليبيا، فإن تونس لا تُصدر سوى كميات ضئيلة من النفط الخام. وسجل ميزان الطاقة اختلالاً دائماً، رتّب على الدولة أعباء الدعم المباشر لأسعار المحروقات، والذي قدر بـ 500 مليون دينار (400 مليون دولار) في العام الجاري، على أساس سعر لا يتجاوز 60 دولاراً للبرميل الواحد.

 

وساعد انطلاق الإنتاج في حقل «آدم» النفطي في حزيران (يونيو) الماضي، في الحد من تراجع الإنتاج المحلي من المحروقات، إذ بلغ متوسط انتاج الحقل نحو 20 ألف برميل يومياً، ما يعادل 8 في المئة من إجمالي الإنتاج المحلي، ويتوقع أن يصل الإنتاج الإجمالي للحقل إلى 820 ألف طن في نهاية العام.

 

السياحة والخدمات

 

وعلى رغم أن تونس تستقبل ستة ملايين سائح سنوياً، فإن حصة القطاع من الإنتاج الإجمالي لا تتجاوز 7 في المئة.

 

وتقدر إيرادات القطاع الذي يؤمن 360 ألف فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة بـ 2.5 بليون دينار (بليوني دولار) في السنة. وأظهرت إحصاءات حديثة أن قطاع الخدمات يؤمن 43 في المئة من الناتج الوطني، وهو من أهم القطاعات المشغلة للعمالة، إذ وفر نحو 64 في المئة من فرص العمل، التي تحققت السنة الماضية، واستأثر بأكثر من 53 في المئة من الاستثمارات المحققة في السنة الماضية، وخصوصاً في مجالي النقل والاتصالات.

 

وتشكل تحويلات العمال المهاجرين مصدراً مهماً للدخل الوطني، إذ بدأ يقترب من إيرادات القطاع السياحي. وقدر المصرف المركزي حجم تحويلات المغتربين التونسيين إلى بلدهم في السنة الماضية بـ 1,7 بليون دولار، بزيادة 100 مليون دولار عن السنة السابقة. ويقيم المغتربون التونسيون في بلدهم نحو 528 مشروعاً في السنة، وبلغ العدد الإجمالي لهذه المشاريع نحو 8446 مشروعاً في قطاعات مختلفة وفرت 37 ألف فرصة عمل. ويقيم أكثر من مليون تونسي في الخارج بينهم أكثر من 58 في المئة في فرنسا، والباقون موزعون بين البلدان الأوروبية الأخرى والخليج وليبيا والجزائر.

 

وعلى رغم تراجع حصة القطاع الزراعي بسبب تنامي الصادرات الصناعية والخدمات، فإن بعض المنتجات وخصوصاً زيت الزيتون والتمور والحمضيات، ما زالت تشكل مصدراً مهما للإيرادات.

 

وتتوقع تونس ارتفاع محاصيلها من زيت الزيتون إلى 210 آلاف طن، بزيادة نسبتها 15 في المئة قياساً على السنوات الأخيرة، فيما يتوقع زيادة الصادرات من زيت الزيتون إلى 100 ألف طن، بإيرادات قيمتها نحو 405 ملايين دينار (نحو 300 مليون دولار). وبلغت إيرادات صادرات التمور (53 ألف طن) في السنة الماضية نحو 137 مليون دينار (110 ملايين دولار). وأظهرت إحصاءات حديثة أن صادرات الحليب بلغت مليون ليتر في الفترة الأخيرة، ويتوقع تصدير خمسة ملايين ليتر أخرى قبل نهاية العام الجاري.

 

وتحولت تونس إلى مصدر للحليب، بعدما كانت تستورد 25 مليون لتر منه حتى عام 2003. وأفادت الإحصاءات بأن خطة التنمية العاشرة (2002-2006) حققت زيادة في المحاصيل الزراعية، ما سيعزز الحجم الإجمالي لصادرات القطاع.

 

(المصدر: صحيفة الحياة الصادرة يوم 9 أفريل 2006)


 

والدة الطفلة أميرة «للاسبوعي»

«اليوم صار كل حرف من اسم ابنتي رمزا لمأساتها وشوكة في حلق من رشقها بالحجارة»

 

سوسة – الاسبوعي

 

«أميرة» اسم ملأ الدنيا وشغل الناس في الآونة الاخيرة كيف لا وقد ارتبط بثلاثة مفاهيم كبرى: الرياضة، العنف والطفولة… لذلك استقطبت اهتمام الإعلام والناس… وفي نفس هذا المسار لكن من زوايا أخرى مختلفة تخص أميرة تطل عليكم «الاسبوعي» بأخص خصوصيات هذه الطفلة من مولدها ومميزاتها وهواياتها… بلوغا إلى واقعة إصابتها في حادثة الشغب الذي جد بالطريق السيارة الرابطة بين العاصمة وسوسة مساء الاحد 26 مارس.

«الاسبوعي» تحولت إلى بيت أميرة لتمدكم بمسار حياتها.. قبل الحادث وكيف هو الآن وإلى أن يسير:

أميرة من تكون؟

في معرض حديثها عن ابنتها تقول الاستاذة سميرة «أميرة من مواليد 27 جانفي 1996، أنجبتها حينما كنت مدرسة بالمعهد، بعد شقيقها الاكبر «عماد» بست سنوات… تدرس بالسنة الخامسة ابتدائي بمدرسة «لافرول» بالجوهرة بمدينة سوسة، تسكن بحي الرياض الخامس بسوسة المدينة.. محبوبة من قبل الجميع في الروضة، في المدرسة، في العائلة حيث تعودت قضاء عطلها بمدينة قرقنة لدى أجدادها صحبة أخيها الذي هو أقرب الناس إلى قلبها إلى جانب ابنة خالتها الصغرى سارة لكن تبقى أناقتها وحرصها على مظهرها أكثر الاشياء جاذبية لديها».

وتواصل الام حديثها قائلة: «أميرة متفوقة في دراستها، شغوفة بها إلى حد النخاع حيث أنها تبدي أحيانا اهتماما متزايدا بها وقد كان آخر حديثها قبل اصابتها حول تمارينها ودراستها لدى الاستاذ الذي يمدها بدروس خصوصية».. وأضافت: «لقد حرصت على أن تخصص يوم الخميس من كل أسبوع للمطالعة بالمكتبة العمومية كما كانت تشارك في كل الانشطة الثقافية والترفيهية والرياضية بالمدرسة.

وقبل الحادثة بأيام شاركت في الاستعراض الوطني المقام احتفالا بعيد الشباب وكم كانت مبتهجة بذلك حيث لم تنقطع اتصالاتها بنا عبر الهاتف المحمول من العاصمة لتعبر لنا عن مدى سعادتها وتدعونا إلى مشاهدتها عبر الشاشة الصغيرة حينما يتم عرض صور من ذلك الاستعراض».

أميرة قبل إصابتها

تواصل الام سميرة – بعناء كبير – الحديث فقالت «يوم الحادثة.. كانت أميرة مبتهجة جدا، سعيدة إلى حد غير عادي حيث عبرت عن رغبتها بالبقاء بمدينة تونس  – أين كنا نزور خالها – للاستمتاع أكثر بالبحر وبالمناطق الطبيعية كما زارت معرض الصناعات التقليدية الذي أقيم هناك بمشاركة «خالها».. ثم توجهنا إلى العاصمة وفي المساء سلكنا الطريق المؤدية إلى مدينة سوسة ليحدث ما حدث».

إصابة أميرة ومخلفاتها

وتضيف محدثتنا باقترابنا من محطة الاستخلاص بهرقلة وجدنا حركة المرور معطلة قبل أن تتهاطل الحجارة على السيارات حينها عمد السائق إلى الاسراع وإيجاد منفذ للخروج من تلك المنطقة.. وإذا بحجرة تكسر الزجاج المحاذي للسائق.. حينها كانت أميرة نائمة في حضني.. غير أن ابني عماد التفت إلى الوراء ليلاحظ الدماء تغطي معطفي.. فسألني مفزوعا «ما هذا».. فقط حينها تفطنت إلى أن ابنتي اصيبت… أصيبت دون أن تنطق.. لقد كانت نائمة أوقفنا السيارة ونزلنا في هالة هستيرية، صارخين، طالبين النجدة… غير أن الله اراد إنقاذ أميرة حيث بسرعة وبالصدفة توجه نحونا طبيبي انقاذ كانا هناك وقاما بإسعافها قبل أن نتوجه إلى مستشفى «سهلول» بسوسة حيث احتفظ بها.

 

وهنا يقول الاستاذ الهادي كريفة الاختصاصي في جراحة الرأس أن الاصابة كانت بليغة وأن العملية الجراحية قد تواصلت على امتداد ثلاث ساعات ونصف الساعة وقد كللت بالنجاح التام واجتازت أميرة المرحلة الحساسة بسلام كما أنه أكد لنا أيضا بأن أميرة لن تحصل لها أية مضاعفات بعد فترة النقاهة وستعود لسالف نشاطها قريبا.

والآن كيف صارت أميرة

بعد نجاح العملية التي خضعت لها وبعد مرور بعض الايام على مغادرتها المستشفى قالت والدة الطفلة: «لمن ضرب ابنتي أقول: لست آدميا، ولا يمكن أن تنتمي إلى هذا الوطن.. اليوم ابنتي صار كل حرف من اسمها رمزا لمأساتها.. وشوكة في حلقك».

 

خلاصة ما في الامر نقول أن اسم أميرة تحول إلى كابوس لمن أطاعته يده وحمل الحجارة لرميها بها ولو كان من باب الخطأ «أميرة» اسم صار اليوم كل حرف فيه معنى يؤرقة..

 

المنجي المليتي

فتحي الازرق                         

 

(المصدر: جريدة « الصباح الأسبوعي » الصادرة يوم 10 أفريل 2006)


بمناسبة ذكرى الشهداء:

ابن المناضل علي بن إسماعيل بوعين يفتح ملفّ اغتيال والده لأول مرة ويسأل: « متى يتم تكريم روح والدي؟ »

* حوار: محمد الماطري صميدة

« التاريخ في ظاهرة لا يزيد على الإخبار… وفي باطنه نظر وتحقيق! ». جالت في خاطري بغتة هذه المقولة الشهيرة للعلامة ابن خلدون حينما كنت في طريقي للقاء السيد حسن بوعين في مدينة قصر هلال ليحدثني عن نضال والده المرحوم علي اسماعيل بوعين الذي كان من أقرب المناضلين إلى الزعيم صالح بن يوسف.

«أو ليس النضال جزء من التاريخ؟!… إذن لا بد من النظر والتحقيق فيه وهذا ما قلته للسيد حسن بوعين… حينما جلست إليه فاستقبلني هاشا باشّا… وعلق: خاصة إذا كان النضال محفورا في الذاكرة ومسجّلا في الأوراق!!

وأضاف وهو يقدّم لي ملفا كاملا بالصور والمؤيدات عن والده المناضل «هذه صفحات من تاريخ تونس حاولت تأجيل نشرها في العهد السابق لدواع كثيرة سياسية وفكرية وإنسانية أيضا ولقد صبرت طويلا لكن السنين غلبتني على أمري فهي تجري سريعا… وها قد جاء وقتها تزامنا مع ذكرى الشهداء المجيدة يوم 9 أفريل»!

ثم امتد بنا الصمت قليلا… لينطلق بنا الحديث بعد ذلك… وكان ذا شجون وكان عميق الأثر على النفس وعلى المشاعر!!

* قلت أسأل السيد حسن بوعين لو تقدّم لنا تعريفا ضافيا لسيرة والدك المناضل علي بن اسماعيل بوعين حتى تعرفه أجيال ما بعد الاستقلال؟

قال محدّثي متألما ومتأملا… كان والدي المرحوم علي بن اسماعيل بوعين من أقرب المناضلين إلى صالح بن يوسف الزعيم الكبير الذي ردّ له سيادة الرئيس زين العابدين بن علي مشكورا اعتباره شأنه شأن كل الرجال البررة الذين خدموا تونس وضحوا بدمائهم الزكية من أجل مناعتها واستقلالها.

ولقد وقع عليه الاختيار سنة 1955 ليكون السائق الخاص والحارس الشخصي لصالح بن يوسف عندما خشيت الأمانة العامة للحزب الحر الدستوري على حياة الزعيم الكبير صالح بن يوسف!

لقد كان والدي في كلمة نسيجا وحده، رفيع الخصال عظيم الشمائل وهذا ما سنعرفه لاحقا… في علاقته مع صالح بن يوسف.

* وهنا عدت أسأل السيد حسن بوعين وقبل هذه المحطة الهامة في تاريخ والدك… ماذا كان يفعل علي اسماعيل بوعين بالضبط؟

كان والدي رجلا… وكان مستنير العقل ذكي القلب حتى لقب أهل المدينة بـ»الرجل الوطني الغيور» وهو لقب له ما يبرّره حيث كان يعمل سائق سيارة أجرة إلى حين تكوين «الفلاقة» فالتحق بهم سريعا ليشارك في أعمالهم النضالية الوطنية وذات يوم من سنة 1947 حسب ما روت لي جدّتي أرسلته عائلته لشراء باب من السوق… وإذا بها تعلم بعد أن تأخرت عودته إلى المنزل أياما عديدة أنه التحق بالمناضلين الفلسطينيين والعرب ليدافع عن شرف الأمة في معركة الفلوجة بفلسطين إلى جانب الزعيم الراحل الخاص جمال عبد الناصر والمناضل المصري الكبير محمد عبد العزيز أبو الفدا.

ولقد سافر إلى فلسطين سيرا على الأقدام إلى حدود ليبيا ثم أكمل الطريق على متن شاحنة حتى بلغ القدس وناضل هناك نضال الأبطال وارثا عن المناضلين الوطنيين مكانتهم في الشجاعة والجود والإقدام.

وكجزاء على نضاله تحصل على رتبة ضابط بالجيش اللبناني وبعدها رجع إلي تونس ليشارك في الكفاح ضد الاستعمار… وفي ذلك يطول الحديث ويتشعّب..

* فهل لنا ـ سألت محدّثي ـ أن تحدثنا عن غيض من فيض ذلك النضال؟

وهنا أجاب السيد حسين بوعين بتواضع سأطلعك على هذه الوثيقة بخط المناضل الكبير عبد الحميد شوشان وهو يؤبّن والدي (ولقد اطلعنا على هذه الوثيقة) وجاء فيها بالحرف الواحد: «رحم الله روحك كنت مثالا للتحدّي ضد المستعمر وكنت رمزا للإخلاص والوفاء متواضعا علمت غيرك حب الوطن والبشر كنت رحيما عطوفا شهما قادرا على تحدي الصعاب شهد لك كل من عرفك داخل الحدود وخارجها شهد لك أحمد عبد العزيز أبو الفدا وعميد شهداء مصر العربية صحبة جمال عبد الناصر الجندي معك في معركة «الفلوجة» شهد لك الطاهر الأسود رضا بن عمار والطاهر المكاوي وحمادي غرس وعبد الحميد شوشان في عاصمة القيروان بمدينة الأغالبة في الحزم في سوق الأربعاء في قفصة مع الشهيد عبد الله بوعمراني ورفاقه شهد لك يوسف الرويسي والدكتور ثامروحسين التريكي والأمير عبد الكريم الخطابي وعلالة الفاسي وأحمد حسن الباقوري وكلّ من عرفك بأخلاقك العالية وشهامتك… رأيناك كيف تنزل لمدينة سوسة متنكرا لتنتصر لوطنك تونس لمطاردة رئيس عصابة «اليد الحمراء» وكيف قتلته ملاحقا إياه في البحر

و»للّه رجال…» فأنت قمة المجد والمثل الأعلى لشبابنا في الخمسينات وستظل خالدا في قلوبنا وعقولنا ومسارنا فبفضل جهادك ورفاقك ننعم تونس اليوم بالحرية والازدهار رحمك الله رحمة الشهداء»

* وبعد أن انتهيت من قراءة هذه الوثيقة المكتوبة وراء صورة المناضل علي اسماعيل بوعين بخط للمناضل الكبير عبد الحميد شوشان سألت محدثي وماذا بعد؟

قال: كان معروفا عن والدي ـ رحمه الله ـ شجاعته ووطنيته من ذلك أنه قتل المعمّر الفرنسي «بتيش» الذي كان يقطن بالمنستير في بحر «خنيس» كما كان يأتي بالسلاح من الجنوب ليعزّز قوة «الفلاة» فضلا عن نضالات أخرى يضيق المجال عن ذكرها!

ولقد فكرت الأمانة العامة للحزب وقتها نتيجة «خوفها» على صالح بن يوسف اثر تسليم «الفلاة» سلاحهم سنة 1955 ان تضع شخصا الى جانبه يكون حارسا وسائقا وامينا على اسراره وتحركاته في نفس الوقت. فتكفلت جامعة قصر هلال بذلك وارسلت ابي ليقوم بهذه المهمة لشجاعته واخلاصه.

غير ان ـ وهنا مربط الفرس ـ مجموعة من «الدستوريين المارقين» قامت بالتخطيط للعبة قذرة تتمثل في محاولة اغتيال صالح بن يوسف عن طريق والدي، لكن والدي اكتشف في بن يوسف الوطني الغيور على بلاده، المحب لشعبها، فبقي مخلصا له لا يفارقه بل وعمل جاهدا على حمايته من اي مكروه.

* لكن لماذا وقع اغتيال والدك ـ كنت قد سألت محدثي معلّقا ومستدركا ـ ؟!

ـ فردّ سريعا ودون تفكير: لأنه رفض ان يتواطأ مع تلك الشرذمة المارقة من «الدستوريين العاقين»!

فعندما رجع بن يوسف الى تونس بدأت الخلافات بينه وبين بورقيبة فطلبت جماعة من «الدستوريين المارقين» من مراقبة تحركات صالح بن يوسف، وموافاتها بأخباره باعتبار انه اقرب الناس اليه، الا ان والدي رفض ثم طلبت منه ثانية ان يقتل بن يوسف او ان يأتي به اليهم، فرفض مجددا بيقين ومحبّه لوطنية الرجل ومآثره الخالدة!!

ومن هنا كان المنعرج الخطير في حياة والدي… اذ لما رأت تلك الجماعة المارقة ان ابي قد اصبح يشكل عقبة كبيرة امام مخططاتها القذرة.. حاولت في مرة اولى اغتياله، لكنه نجا باعجوبة فأعادت الكرّة ونجحت لتخلف عملية اغتياله في قلوب ابناء قصر هلال الوطنيين الحقيقيين ـ لا المزيفين ـ وصالح بن يوسف الاسى واللوعة الشديدين.

* وكيف تمت عملية الاغتيال اذن (سألت محدثي مشوّقا لمعرفة التفاصيل)؟!

ـ لقد اتصلت تلك الجماعة «المارقة عن الاخلاق والوطنية» بأبي في تونس وطلبت منه ان يذهب الى «الخربة» قرب «قاراج اللوح» سابقا.. بدعوى ان امه مريضة.. وان لها (اي الجماعة) معه حديثا خاصا وسريا… ولما ذهب الى المكان المحدد وهو مستراب في الامر.. غدرته تلك الجماعة ورمته بالرصاص واردته قتيلا في «الخربة» و{إنّا لله وإنّا اليه راجعون}.

* وماذا فعل صالح بن يوسف آنذاك؟

ـ لما علم بالخبر قام بالاجراءات اللازمة وأوقف بعض المتهمين والمشتبه بهم الا انه وقع الافراج عنهم سريعا من طرف «الحزب» وعندها هرب صالح بن يوسف الى ليبيا، بعد ان اكتشف اللعبة القذرة التي كانت تستهدفه هو ايضا… او هو بالاساس.. ومنذ ذلك اليوم دفن والدي… ودفن ملفه.. ورقة ورقة.. والى الأبد.!

* وكيف اصبحتم تعيشون بعد ذلك في تلك الفترة… هل تذكر؟

ـ وهل تنسى تلك الفترة؟! لقد تيتمت صغيرا من اجل وطني، ثم خصصت لنا منحة شهرية «كبيرة جدا… جدا.. جدا» (قالها هازلا وهازئا) لا تتجاوز العشرة دنانير، وبقينا الى حد يوم 7 نوفمبر 1987 ننعت بـ «الخونة» و»باليوسفيين» كما حرمنا من كل ما يميّز عائلات المقاومين.. وأحمد الله ان العهد الجديد عهد زين العابدين بن علي قد حلّ في الوقت المناسب ليردّ الاعتبار للشهداء الابرياء وارجو ان يفتح ملف اغتيال والدي من جديد وتكريم روحه الطاهر.. فلقد ساهم شأنه شأن ابطال تونس ومناضليه في الذود عن الوطن حتى الحرية والاستقلال.. واننا ننتظر بفارغ الصبر لفتة سامية تردّ له اعتباره وعبيره الذي تركه ……فواحا……. في ذمة وعهد وميثاق هذا الوطن العزيز.

* وختاما ماذا تودّ ان تقول بمناسبة «عيد والدك» اقصد عيد الشهداء؟

ـ طبعا على الاجيال الحاضرة التي تنعم بالامن والامان في ظل تونس الخضراء ان تتذكّر الشهداء والابطال دائما وتقرأ صفحات تاريخهم المجيد التي كتبوها بدمائهم حتى تعيش تونس حرّة مستقلة.

وأجدها مناسبة طيبة لأشكر الرئيس بن علي وأجدد شكري اليه على اعادة رفات المناضل الكبير صالح بن يوسف الى ارض الوطن، فلقد احسست يومها ان بن علي قد ردّ اعتبار صالح بن يوسف وردّ اعتبار والدي ايضا الذي اغتيل دفاعا عن بن يوسف وعن الوطن.. وارجو لتونس بن علي مزيد التقدّم والازدهار خاصة وان سيادة الرئىس هو الذي اعاد لبعض المناضلين والابرار كرامتهم واعتبارهم حين جحد فضلهم البعض …..الآخر…. كان له معهم حسابات ضيقة؟!

وليت في النهاية لو يتم تكريم روح والدي قريبا..؟!

والى هنا انتهى هذا الحديث الشيّق عن احد المناضلين الكبار والى هنا نظرت في ساعة يدي.. واذا الحديث قد امتدّ بنا طيلة 3 ساعات.. وكانت المدّة وكأنها لحظة.. او رمشة عين.. ولعلّ ذلك هو زمن حياة المناضلين.. الخالدة!!

 (المصدر: صحيفة « الشروق » التونسية الصادرة يوم 9 أفريل 2006)


 

يجب معاقبة كل زعيم عربي يتخلف عن اجتماع قومي

محمد الشعري- تونس

 

اقدر لكم كل التقدير استياءكم من تغيب عدة رؤساء وملوك عرب عن الدورة الثامنة عشرة لمؤتمر القمة العربية العادية بالخرطوم.

الفت انتباهكم الي ما يقابل ذلك التغيب من حضور وفود رسمية تمثل كل من: منظمة الامم المتحدة، والمؤتمر الاسلامي، والاتحاد الافريقي، والاتحاد الاوروبي، وتركيا، والهند، والصين واليابان.

انتم تعرفون كما يعرف ذلك كل مواطن عربي ان المبرر الوحيد الاوحد للاهتمام الشعبي باجتماعات القمة العربية انما هو مدي اقترابها من او ابتعادها عن انجاز الوحدة العربية: تحقيق السوق العربية المشتركة والدولة العربية.

لعل في حضور الوفود المذكورة اعلاه، وفي كلمة السيد محمد جاسم الصقر رئيس البرلمان العربي الانتقالي، وفي جهود المنظمات العربية غير الحكومية المتصلة بجامعة الدول العربية، لعل في ذلك ما يدفع الملوك والرؤساء العرب الي انجاز مبرر وجود هذه الجامعة وهذه الاجتماعات، حتي لا يتعين علي الامة العربية تحقيق السوق العربية المشتركة والدولة العربية بطرق اخري.

لعل مؤتمرات القمة العربية، وقد بلغت تكاليف مؤتمر الخرطوم هذا حوالي 18 مليون دولار، ان توفر ما يعيد قرابة 1.7 تريليون دولار، هي اموال عربية في الخارج حاليا. لعل تلك المؤتمرات تشجع منظمات الشفافية ومكافحة الفساد، وتحث علي الانخراط فيها.

لعل الطرق الاخري لن تكون حتمية.

اسجل، بعد ذلك، الملاحظات الست المقتضبة التالية:

الملاحظة الاولي: الحاضرون والمتغيبون من الملوك والرؤساء والوزراء والموظفين، اليس من الواجب عرضهم علي الأمة في استفتاء ديمقراطي حر موحد لتقرر ايهم جدير اخلاقيا وسياسيا وايهم غير ذلك؟

الملاحظة الثانية: مجلس السلم والامن العربي، وهو مكسب هام، اليس من الواجب ان يكون تنفيذا لاتفاقية الدفاع العربي المشترك، وتأسيسا لقوي امنية (شرطوية وعسكرية) عربية ذات قيادة قومية؟

الملاحظة الثالثة: افتتاح القمة العربية واختتامها ببعض التراتيل.

الملاحظة الرابعة: الاتفاق علي مبدأ الاجتماع التشاوري بوتيرة نصف سنوية وهو مكسب هام آخر.

الملاحظة الخامسة: وسائل الاعلام العربية المتابعة للقمة العربية، اليس من الانسب ان تحرص علي نشر الوعي القومي وتقوية التفاؤل السياسي.

 

(المصدر: صحيفة القدس العربي الصادرة يوم 10 أفريل 2006)

 


بترويجها للشركات العالمية وتسويقها لمنتجاتها:

الفضائيات العربية تقتل الاقتصاد العربي

 

جنات بن عبد الله (*)

 

تتكرر المشاهد يوميا علي شاشات فضائياتنا العربية للترويج لمنتوجات الشركات العالمية والتعريف بها لدي المستهلك العربي باستعمال احدث التقنيات التي ابتكرها الغرب وسوقها في اسواقنا العربية لخدمته. التعاطي مع هذه الاعلانات اصبح عاديا ليشكل احدي الفقرات الاساسية في برامج الفضائيات العربية لتعتمد كمؤشر علي اهمية نسبة المشاهدة. العقلية التي تتعامل بها فضائياتنا العربية مع الاعلانات تستند الي الظروف الجديدة التي افرزتها العولمة الاقتصادية وسياسة الانفتاح الاقتصادي التي انخرطت فيها بلداننا العربية بوعي.. وبغير وعي.

 

فبعد سقوط جدار برلين والاتحاد السوفييتي اصبح العالم يدور في فضاء القطب الواحد الذي تمثله وبكل امتياز الليبرالية الاقتصادية الامريكية وسياسة الإنفتاح التي مهدت لها النظريات الليبرالية الجديدة الطريق لتبرير استعمارها الجديد للبلدان العربية والبلدان النامية بصفة عامة تحت غطاء التحرير الاقتصادي وتحرير التجارة الدولية مستعينة في ذلك بالمؤسسات الدولية الثلاث: البنك العالمي وصندوق النقد الدولي والمنظمة العالمية للتجارة التي تربعت علي عرش اتفاقيات المبادلات التجارية بعد التوقيع علي اتفاقية مراكش في سنة 1994.

 

النظريات الجديدة للنمو والتجارة الدولية اقنعت حكومات البلدان النامية ان الطريق الوحيد للخروج من التخلف والفقر وضمان الاندماج في الاقتصاد العالمي لا يمر الا عبر التحرير الاقتصادي وتحرير التجارة الخارجية وفتح الحدود امام الاستثمار الاجنبي ـ والمقصود به الاستثمار الغربي ـ والشركات العالمية، المؤهلين لنقل التكنولوجيا والمعرفة والعقلانية في توزيع الموارد، وبدونهما فان مآل هذه البلدان التهميش والضياع. وقد روجت الليبرالية الجديدة هذه الافكار في جامعاتنا اولا لتطبقها في مرحلة ثانية من خلال الوصفات السحرية التي اعدها البنك العالمي وصندوق النقد الدولي في الثمانينات في اطار برامج الاصلاح الهيكلي، وفي التسعينات من خلال اتفاقيات المنظمة العالمية للتجارة.

 

وقد وجدت اغلب هذه البلدان في هذه الوصفات مخرجا من الانهيار من خلال وضع سياسات اعادة هيكلة للاقتصاد في اتجاه التقليص من دور الدولة في الحياة الاقتصادية واعطاء المسؤولية للقطاع الخاص وآليات السوق القادرة علي ضمان حسن سير الدورة الاقتصادية باعتبار ان اي تدخل للدولة في اطار نظام اقتصاد السوق من شأنه ان يخل بالتوازنات والمقصود بتخلي الدولة عن دورها في الاقتصاد من زاوية المنطق الليبرالي هو تخليها خاصة عن التدخل في عديد القطاعات مثل التعليم والصحة وقطاعات الانتاج والنقل قصد التخفيف من اعبائها المالية بما يضمن الضغط علي ميزانية الدولة. ولن ندخل في تفاصيل اثار هذا التوجه علي تعميق الفقر والتخلف في بلداننا العربية، ربما نتعرض له في مناسبة اخري.

 

الوجه الآخر لهذا التوجه وباعتبار ضعف الادخار في هذه البلدان يتعلق بتحرير الاستثمار فحسب ذات الوصفة فان المنقذ الوحيد من مأزق تمويل الاقتصاد هو الاستثمار الاجنبي المباشر الذي وضعت له كل الامتيازات والتشجيعات بل ان هذه البلدان دخلت في منافسة فيما بينها لاستقطاب هذا الاستثمار الذي يحمل معه المعرفة والتكنولوجيا ويشغل اليد العاملة والاقدر علي حل مشكلة البطالة التي تعاني منها بلداننا. وينتصب هذا الاستثمار الاجنبي المباشر من خلال بعث مشاريع في مجالات تعتمد اساسا علي اليد العاملة الرخيصة وليس علي التكنولوجيا، وتنتعش هذه المشاريع بفضل القوانين الحامية للاستثمار الاجنبي المباشر. فهو يتمتع بالامتيازات التي يتمتع بها المستثمر المحلي بفضل مبدأ المعاملة الوطنية الذي تنص عليه الاتفاقيات الثنائية والاتفاقيات متعددة الاطراف، وبامتيازات تفاضلية تحت عنوان اكرام الضيف.

 

وتتوسع هذه المشاريع وتكبر وتحقق ارباحا ضخمة علي حساب الشركات المحلية التي تجد نفسها غير قادرة علي منافستها فتختفي من السوق او تقبل بدمجها في احدي هذه الشركات العالمية التي تصبح محتكرة للسوق المحلية ولها كل الاستحقاقات. لن نتعرض الي المآسي والصعوبات التي تعترض شركاتنا المحلية العربية في مواجهتها للشركات العالمية وفي اسواقنا المحلية ولكن نكتفي بالدعوة الي الرجوع الي فضائياتنا العربية لنعلم حجم هذه المآسي وهذه الصعوبات حيث لا يوجد اي منتوج عربي مئة بالمئة يتم الاشهار له عبر هذه الفضائيات فقد تم القضاء عليها لتحل محلها الشركات العالمية التي تبتز القوي العاملة والاموال العمومية من خلال اعفائها من الاداءات الجبائية وتمتعها بالدعم علي غرار المستثمر المحلي.

 

ان توسع نشاط هذه الشركات العالمية في اسواقنا العربية يعني القضاء علي نسيجنا الصناعي ـ ان وجد ـ ونسيجنا الخدماتي ـ وهو لا يزال قائم الذات ـ ونشاطنا الفلاحي ـ الذي يعد العمود الفقري لاغلب الاقتصاديات العربية ـ فهذه الشركات لا تجد الحظوة لدي الحكومات فقط بل تجدها ايضا لدي فضائياتنا العربية التي ولئن تنمي عائداتها وتؤمن اساسها المالي بفضل فقرات الاشهار، فانها تساهم في قتل المنتوج العربي الذي ليست له نفس الامكانيات المالية التي تتمتع بها الشركات العالمية. ان الاشهار لمنتوج عالمي عبر قنواتنا الفضائية هو دعوة للمستهلك العربي للتخلي عن المنتوج العربي وهو دعوة ايضا لانماء الشركات العالمية وتفليس الشركات العربية.

 

وفي آخر المطاف هو دعوة لانماء الاقتصاديات الغربية وقتل الاقتصاديات العربية التي ستجد نفسها تحت رحمة الشركات العالمية التي لا تتراجع امام اي مكسب وطني من اجل تحقيق المزيد من الارباح. ان واقع الاقتصاديات العربية اليوم والواقع العربي بصفة عامة يحتم علي فضائياتنا العربية ان لا تتعاطي مع فقرات الاشهار من زاوية احادية الجانب تعطي البعد التجاري والمالي فيه الاولوية المطلقة، بل ان الواجب الوطني يدعوها اليوم لكي تساهم في موقعها في الحفاظ علي المكتسبات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في اطار نظرة شمولية تأخذ بعين الاعتبار خصوصية العولمة واثارها علي مصير امتنا هذه الامة التي اصبحت مهددة خاصة من ابنائها بوعي.. وبغير وعي.

 

(*) رئيس تحرير مساعدة وباحثة تونسية

 

(المصدر: صحيفة القدس العربي الصادرة يوم 10 أفريل 2006)


واشنطن و«الإخوان»: مأزق القوة الأعظم دولياً إزاء القوة الصاعدة إقليمياً

د. وحيد عبد المجيد (*)

هل تراجعت الولايات المتحدة فعلا عن ممارسة ضغوطها الناعمة على بعض الدول العربية من أجل تسريع الإصلاح السياسي فيها؟ السؤال مطروح في مصر على وجه التحديد، خصوصا منذ الزيارة الأخيرة لوزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس إلى القاهرة ضمن جولة على المنطقة في أوائل آذار (مارس) الماضي. بعض قوى المعارضة، التي لا تحب أميركا وترفض في خطابها المعلن أي تدخل أجنبي، تقارن بين زيارتي رايس الأخيرة والسابقة عليها في حزيران (يونيو) 2005. وهي تستنتج، عبر هذه المقارنة ما تعتبره تغييرا في السياسة الأميركية، تفسر به ما تراه التفافا على الإصلاح من جانب نظام الحكم.

هذا الاهتمام بالدور الأميركي في مسألة الإصلاح السياسي يفيد أنه ليس مرفوضا من جانب قطاع يُعتد به في المعارضة، ولكن من دون إعلان أنه مرغوب. فهذا الدور صار مقبولا بشكل ضمني وليس صريحا. وقد لا نرى قبولا معلنا له، ليس فقط لأن معظم قوى المعارضة يتبني خطابا صارما ضد السياسة الأميركية، ولكن أيضا لأن الرأي العام في معظمه يرفض هذه السياسة. لذلك سيبقى الازدواج في موقف من يهاجمون السياسة الأميركية في خطابهم لكنهم يقبلون ضغوطا تمارسها هذه السياسة على نظام الحكم، بل يرغبون في مثل هذه الضغوط. وينطبق ذلك على «الإخوان المسلمين» كما على غيرهم. لكن «الإخوان» ليسوا كغيرهم حجما وتغلغلا في المجتمع. لذلك فهم المرشحون أكثر من غيرهم للاستفادة من أي ضغوط أميركية باتجاه تسريع الإصلاح السياسي. وهذا ما يربك الأميركيين في الإدارة والكونغرس ومراكز الأبحاث والإعلام على حد سواء.

هذا الارتباك هو مصدر الشعور السائد الآن في أوساط المعارضة بأن ثمة تراجعا أميركيا عن ذلك المقدار المحدود من الضغوط الناعمة الذي مارسته واشنطن على القاهرة خلال العام الماضي. وهذا الشعور لا يستند بعد على وقائع أساسية تدل على وجود اختلاف ملموس في طريقة تعاطي واشنطن مع نظام الحكم في مصر خلال الأسابيع الأخيرة مقارنة بما كان عليه في العام الماضي. فقد تواصلت الانتقادات الأميركية الرسمية ضد إجراءات اتخذها هذا النظام. وكان آخرها تأجيل الانتخابات المحلية (البلدية) التي كانت مقررة في نيسان (أبريل) الجاري لمدة عامين. والأهم أن إدارة بوش اتخذت موقفا لا سابق له منذ عودة العلاقات المصرية – الأميركية في 1974، وهو إرجاء مفاوضات تأسيس منطقة تجارة حرة بين البلدين إلى أجل غير مسمى.

لكن هناك، في الوقت نفسه، تحولا جزئيا في لغة الخطاب الرسمي الأميركي الذي يبدو اليوم أكثر واقعية مما كان عليه قبل شهور. ومع ذلك يظل ثمة تذبذب يعبر عن ارتباك تجاه دور حركات الإسلام السياسي، وفي مقدمها حركة «الإخوان المسلمين» التي تمثل المعارضة الرئيسية وربما الوحيدة الفاعلة في اثنين من أهم دول المنطقة بالنسبة إلى واشنطن، وهما مصر والأردن اللذان أقاما صلحا مع إسرائيل. أما في فلسطين نفسها، أو ما بقي منها، فانتقل «الإخوان» عبر حركة «حماس» من المعارضة إلى السلطة بعد فوزهم بغالبية مقاعد المجلس التشريعي في انتخابات 25 كانون الثاني (يناير) الماضي. وكان لهذا التطور الدراماتيكي أثر لا يمكن إغفاله في ازدياد الارتباك الأميركي.

فالإسلام السياسي هو معضلة المعضلات بالنسبة إلى الترويج للديموقراطية والسعي إلى تسريع الإصلاح السياسي. فهذه سياسة جديدة مازالت تفتقد الخبرة وتعاني من ضعف التقاليد. وعندما تبنتها الإدارة السابقة بقوة، كان ذلك رد فعل على هجمات 11 أيلول (سبتمبر) أكثر منه مبادرة حظيت بما يكفي من الدرس والإعداد. لذلك كان طبيعيا أن يرتبك صانعوها ومنفذوها على حد سواء إزاء أكبر معضلة تواجه هذه السياسة، وهي أنها صبت في مصلحة «الإخوان المسلمين» وحركات إسلامية أخرى، وليس الأحزاب والاتجاهات الليبرالية والعلمانية الضعيفة.

فكيف يتصرف الأميركيون في هذه المعضلة؟ هذا السؤال مختلَف على إجابته بينهم. وهذا الاختلاف هو مصدر التذبذب في الخطاب والارتباك في التحرك السياسي. فهناك اتجاهات عدة يصل الخلاف بين بعضها إلى حد التناقض. وإذا نظرنا إلى هذا التنوع في الاتجاهات من خلال متواصل Continum، نجد في أحد طرفيه خوفا من تهديد جوهري للمصالح الأميركية، وفي الطرف الآخر تفاؤلا بمستقبل هذه المصالح حتى إذا أدى الإصلاح إلى وصول حركات إسلامية إلى الحكم في دول محورية في المنطقة مثل مصر.

والخلاف، هنا، هو بين من يرون أن هذه الحركات معادية عقائديا وليس فقط سياسيا للمصالح الأميركية، ومن يعتقدون أنها ستتكيف مع هذه المصالح إذا وصلت إلى السلطة. ويصل الخلاف إلى حد أن فريقا لا يرى فرقاً بين «الإخوان» مثلا و»القاعدة» إلا في الأسلوب، وفريقا يعتقد أن تنامي دور «الإخوان» باعتبارهم معتدلين لابد أن يضعف «القاعدة» وبالتالي يفيد في الحرب على الإرهاب. وبين هذين الطرفين مواقف وسطية متفاوتة.

وظهر هذا الخلاف كأوضح ما يكون وبشكل شديد الكثافة في إحدى جلسات المؤتمر السنوي الأخير لمعهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، والذي عقد تحت عنوان «الديموقراطية والإصلاح والتطورات في الشرق الأوسط». فدعا ساندي بيرغر إلى دعم الديموقراطية في الدول العربية إلى النهاية، أيا يكون من يصل إلى السلطة، وطالب بالانفتاح على «الحركات الإسلامية المسالمة» مثل «الإخوان». وبدا روبرت بلاكويل قريبا من هذا الطرح مع بعض التحفظ عندما رأى أن وصول حركات تهدد المصالح الأميركية إلى الحكم عبر الانتخابات قد يكون واردا لفترة قصيرة. وجادل بأن الاستغراق في هذا الأمر يعني تغليب ما هو تكتيكي على الطرح الاستراتيجي.

لكن روبرت ساتلوف تبنى، في الجلسة نفسها، موقفا حادا ضد الإسلاميين عموما مجادلا بأنه لا فرق بين معتدل ومتطرف إلا في الشكل. وحذر من أن يؤدي دعم الديموقراطية إلى تهديد كبير يترتب على وصول الإسلاميين إلى الحكم. أما روبرت مالي فبدا محتارا جدا مراوغا حينا آخر، وحاول الإمساك بالعصا من منتصفها. وهذه أربعة آراء تمثل الاختلاف الذي يوجد في مختلف الأوساط الأميركية الرسمية والأكاديمية والإعلامية.

 

ولا ننسى أن ثلاثة من هؤلاء (بيرغر ومالي وبلاكويل) عملوا من قبل مع إدارتي كلينتون الأولى والثانية وإدارة بوش الأب. فكان بيرغر مساعدا لمستشار الأمن القومي في إدارة كلينتون، ووصفه رئيس الجلسة المشار إليها (هاورد بروكوويتز نائب المدير التنفيذي لمعهد واشنطن) بأنه «كان اليد اليمنى للرئيس في قضايا النزاعات العالمية». وكان مالي مساعدا خاصا ومديرا لمكتب الشؤون العربية – الإسرائيلية في مجلس الأمن القومي في إدارة كلينتون. أما بلاكويل فكان أحد مستشاري بوش الأب ثم مساعدا لمستشار الأمن القومي للشؤون الاستراتيجية.

وهذا التباين في رؤاهم، والذي يوجد مثله في أوساط صانعي ومنفذي السياسة الأميركية الآن، يكفي لإرباك هذه السياسة تجاه «الإخوان» وغيرهم من حركات الإسلام السياسي.

(*) كاتب وباحث مصري

(المصدر: صحيفة الحياة الصادرة يوم 9 أفريل 2006)


 

حرية التعبير والتكامل الأوروبي العربي

هيثم مناع (*)
حققت حادثة الرسوم المسيئة للرسول الكريم تعبئة شعبية لا سابق لها في العالم الإسلامي وخارجه.ويحتاج تقييم الكتابات والمنتديات والمؤتمرات التي وقعت حتى اليوم لتناول مستقل لمناقشة موضوع في غاية الأهمية هو قدرة العرب والمسلمين على الاستفادة من الهبات التلقائية والتعبئة في صفوف العامة للحصول على مكاسب تتناسب مع التحرك، بحيث يمكن الربط بين القضايا والانتقال من الرمز إلى الجوهر. بتعبير آخر، هل تمكن الدعاة الكبار من ربط قضية الرسوم المسيئة بقضايا مسيئة لا يمكن فصلها عنها، تمس العقيدة كما تمس كرامة الناس مثل احتقار القرآن الكريم في غوانتنامو، حصار المسجد الأقصى وتهديد بنيانه، الاعتداء على الأماكن المقدسة في العراق، الربط بين الإساءة للعقيدة والإساءة لحاملها (الإنسان…) إلى غير ذلك من أسئلة تضع على المحك القدرة على عقلنة وترشيد عمليات التعبئة بحيث لا تنحصر ثم تنحدر إلى استجواب بشأن الموقف من اعتذارات هذه الشركة أو ذاك المسئول؟
من جهة ثانية، لا تقل أهمية بحال، جاءت حادثة الرسوم المسيئة هذه، لتعيد فتح النقاش واسعا عن مفهوم الحريات الأساسية والحقوق على الصعيد العالمي. ليس لأن هناك قوى خفية تحرك النار تحت الهشيم وحسب، أو لأن سيطرة منطق يميني متطرف على الحكم في أكثر من بلد شمالي جعلت من العداء للآخر إيديولوجية رسمية غير معلنة، بل، أيضا وربما أولا، لأن لكل حادثة معان ودلالات تتعدى مجرد المقاربة التآمرية. فلا يمكن صناعة قضية من العدم. وحتى عندما يحدث ذلك، لا بد من متابعة الأسباب والآليات التي حولتها إلى قضية. أما أن نتوقف عند سفاهات وزيرة الخارجية الأميريكية، التي تعتقد بقدرة السلطات البعثية السورية على حشد مظاهرات في اندونيسيا، فإن ذلك يزجنا طوعا أو كرها في منطق مغلق الفكر ومغلق النهج، يسعى لتوظيف كل شيء في مقاربات سياسية سطحية وآنية تثير الشفقة على مصداريها أكثر مما تبعث على الضحك. هل هي الغيرة على حرية التعبير؟ أين كانت هذه الغيرة عندما جرى إغلاق تلفزيون أكراد تركيا أو محطة المنار؟ أين منا تلك الغيرة التي تصمت بشكل مخجل عن اعتقال صحافيين أبرياء كسامي الحاج في غوانتنامو وتيسير علوني في مدريد؟ غيرة لا تعطي في الصحافة الأوروبية والأميركية حيزا يذكر لكارثة اغتيال واختطاف الصحافيين العراقيين من كل الأطراف المشاركة في الصراع على العراق. أمام قراءة المزايدات اللفظية في حرية التعبير لا يمكن إلا استحضار جملة الصديق منصف المرزوقي حين يقول: «يخايل إليك وأنت تقرأ من يلعب ورقة هذه الحجة أنهم يسخرون من ذكائك… أو من اطلاعك على جملة المبادئ التي أسست لحرية تؤطرها قوانين تمنع الثلب والتحقير والافتراء وتعاقب عليها. فلا وجود في أي من البلدان الديمقراطية لمبدأ حق في المطلق وحرية غير مشروطة». جمعت قضية الصور المسيئة ما يسميه المثل العراقي «الكشكول البهائي»: من صحيفة في أزمة مالية، وأخرى في أزمة هوية، وثالثة تعيش من الإثارة في غياب أية قضية، إلى وزير بلا وزارة شمالا وأنظمة حكم من دون شرعية جنوبا، مع جماهير محرومة من الدور والفعل والحقوق الدنيا للبشر. ليس كل من يخوض الصراع يستحق الاحترام، وكل من يسعى للحوار بريئا… فهذه القضية تفتح الأعين على حشد ضخم من التراجعات والإحباطات والخدع التي جعلت الشك يتحول إلى قيمة سلبية عامة في عالم أصبح التدخل فيه عدوان على الحق في الاختيار، والحق في التكوين الذاتي للشخصية، والحق في تقرير المصير الفردي والجماعي، والحق في استعمال التقنيات الحديثة من دون رقيب يتابعنا حتى في السيارة الخاصة التي كان الرادار يكتفي بتسجيل رقمها فصار يصور من فيها. وأخيرا وليس آخر، الحق في المشاركة في صنع العالم. هذه الحقوق التي ضربها مفهوم مختزل وفوقي للتدخل يسمح لنفسه بإعادة رسم ثقافة الآخر ومكانه من خارجه ومن فوق رأسه. وفوق كل هذا يحتكر فيه امتياز «القدرة» على تقدير الأشياء وتحديد المواقف ورسم معالم ومعايير الخير والشر. وهو بذلك يخلق لا محالة إحساسا متصاعدا بالإحباط والريبة بل الخوف من الآخر، خوف يختلط فيه العقلاني بالانفعالي لتضيع الحدود بين مجرد الحذر ومشاعر الحقد. حققت ثورة الاتصالات تواصل العالم مع العالم بلا حدود. ففي أكثر المناطق محافظة واحتشاما يمكن لمراهق أن يتابع على الفضائيات أفلاما جنسية خليعة، وفي أكثر المناطق علمانية يمكن متابعة البرامج الدينية الأكثر محافظة من دون الخروج من المنزل. العالم يكتشف في كل يوم نقاط تشابهه واختلافه، بشكل فوضوي وعشوائي، من دون ضوابط ونواظم، قانونية كانت أم أخلاقية. وفي هذه الفوضى ومنها، يشعر كل مشارك بأنه طرف كامل العضوية في الفعل الثوري ألمشهدي lصacte revolutionnaire du spectacle . وبالتالي قادر على استعماله وتوظيفه، إن لم يكن كمالك لوسيلة الإعلام، ففي الحد الأدنى كموضوع لها. عالم جعلنا حتى أمس قريب نعيش مع عقدة اسمها الرقابة، باتت في أعماق كل مفكر حر أقوى من عقدة أوديب، ومع نظم رأي الآخر وموقفه في ثنائية الأفضل والأسوأ، الخير والشر، الديمقراطية والإرهاب، الثورة والثورة المضادة، الخ.. ثنائيات جعلت العدو شرطا من شروط الدينامية الثقافية والسياسية والاقتصادية بالمعنى الأسوأ للدينامية. هذا العالم يجعلنا نضطرب اليوم في هذا التشابك الحاد بالسلاح الأبيض والأسود بين أزمة الحضارة وطموحات من هم خارجها بهدف إعادة صوغ العلاقة بين الحضارات والثقافات. لم يكن لهذا العالم أن يقدم لنا خيرات ثورته المعرفية ببراءة الأطفال ومثالية ثوريين أصبحوا جزءا من رومانسية التاريخ. لذلك توظفت ثورة الاتصالات لخدمة منظومة اقتصادية سائدة ومنظومة معرفية مهيمنة. كما وأصبح الدفاع الثقافي الذاتي يحمل معالم مقاومة الهيمنة الثقافية والاقتصادية ورفض الخضوع لصورة نمطية للعالم تفرض على الجميع. في كتابه «الروح الطارق» lصesprit frappeur، يذكر الشاعر المصري السريالي جورج حنين بأوروبا البائسة مرتين. يعنينا هنا أن نتوقف عند المرة الأولى، عندما كافحت أوروبا هذه الشرق وهو يمثل فرصة سانحة للعظمة… يدون مؤرخو الأديان أن أوروبا التي فضلت قرونها الوسطى على حضارة العرب كانت تقدم رسول الإسلام في صورتي نبي العنف ونبي الشهوة. هل بالمصادفة أن تتكرر هذه الصورة في مسابقة تنظمها صحيفة لقرائها من أجل رسم تعبيري عن شخصية الرسول الكريم؟ هل هي الوعكة المعاصرة للحضارة الغربية التي بدأت بالرغبة الجامحة لعالمية قيمها lصuniversabilite de ses valeurs وتكاد تعد نعشها بانتكاس مصادر إلهامها إلى الصورة السلبية المتعالية في التعاطي مع الآخر. الآخر ليس، ولا يمكن أن يكون حتى في أحسن أحواله، كتلة بشرية متجانسة ومتماسكة تعبر عن الوحدة الأسطورية للأمم. نحن أمام صهاريج ثقافية هائلة. وهي إن كانت تحمل عناصر مشتركة ومختلفة عن النسق التقليدي الذي تسير فيه العولمة الثقافية، فلا شك في أنها تضم كل عناصر الخضوع والثورة، التلقيح والعقم، التأثير والتأثر، التعبئة والانفجار العشوائي، القوة والضعف… أليس من المثير للتساؤل أن تكون المناطق الأكثر تأزما بالمعنى الجيوسياسي هي المناطق الأكثر عنفا في رد فعلها وتعاملها مع أزمة الصور المسيئة؟ لكن كيف يمكن أن ندخل في منطق مواجهة رمزية بين الكل الإسلامي والكل الأوروبي في فترة لا يمكن لعاقل أن يبصر مخرجا عمليا من الهيمنة الأحادية القطب للعالم من دونهما؟ هل يمكن أن نسمح لأنفسنا بهذا الترف في حقبة دخول العالم في منطق «تسونامي» غير طبيعي وغير إسلامي؟ تسونامي من نوع خاص، اسمه عولمة حال الطوارئ وهيمنة القوانين الاستثنائية. أي بتعبير آخر، تراجع منظومة حقوق الإنسان على الصعيد العالمي والاستهتار بالقانون الدولي والقواعد الأخلاقية من قبل الطرف الأكثر قدرة على الفعل العسكري والاقتصادي في العالم اليوم. في مواجهة الجمع بين عنجهية القوة ومحدودية الخطاب السياسي للإدارة الأميركية، ثمة شعور قوي بأن هذا العالم يقبع في قارب مختل التوازن، ليس الربان فيه العنصر الأكثر حكمة وحنكة وخبرة. كما وأن تراجع الأقوى عن القيم التي أوصلته لمواقعه، يخلق حال خوف عامة عند أصحاب كل القيم على اختلافها وغناها وتنوعها. فعندما تهتز نقاط الارتكاز يعود كل مشارك في اللعبة العالمية إلى دائرته الضيقة، باعتبارها النواة الصلبة القادرة على بث روح الطمأنينة الإنسانية الأولية في وجه غياب الأمن بالمعنى العام. كنا في التسعينات نناضل لإصلاح الأمم المتحدة، أما اليوم فنناضل للمحافظة على مكاسب ولادتها. كنا نطمح لنسبية الدولة وعالمية الحقوق، وبتنا نخشى على مكتسبات الدولة الاجتماعية lصEtat providentiel وحلم دولة الرفاه. كنا نبحث عن المشترك العالمي، فصار الخوف من أمركة العالمي يزج الناس في خصوصياتهم. من الملاحظ أنه وعلى الرغم من الاعتداء على القرآن الكريم في غوانتنامو والتعرض للمساجد في العراق، بقي العلم الأميركي خارج نطاق الحرق في أزمة الصور المسيئة. فهل لأن مقاطعة الولايات المتحدة أصعب من مقاطعة بلد عدد سكانه أقل من 6 ملايين نسمة؟ أم أن غباء وتطرف رئيس الحكومة الدنماركية سبب كاف ليتحول بلد صغير إلى رمز سلبي بكل معنى الكلمة؟ وهل مهمة البرلمان الأوروبي دخول منطق «أنصر أخاك ظالما أو مظلوما» ؟ هناك قضية جد مهمة لم تأخذ حقها حتى اليوم. وهي القدرة على الجمع بين مفهوم الحق والكرامة الإنسانية المتداخلين من جهة وفكرة تحديد المسئولية في أي جرم أو مسلك من جهة ثانية. فحركة حقوق الإنسان تحرص على هذا الربط لأن المسئولية كما هو حال الحق، تبدأ بالشخص فالمؤسسة ولا تنطلق من الجماعة ككل لتجرم كل مكوناتها. باعتبار الجماعة المنسجمة قضائياً وجنائياً مفهوماً غير موجود في الواقع وبالتالي غير عادل بامتياز. فلا يمكن لأحد القول: كل العرب الأفغان من منظمة القاعدة، وكل الفرنسيين ضد الحجاب، وكل الأميركان مع غزو العراق الخ. في قضية الرسوم المسيئة هناك وقوع في هذا المنطق وأحيانا من قبل علماء كبار. ولا أذيع سرا إن قلت، منذ أسابيع ونحن نستلم مئات خطابات تعبئة ورسائل هجاء أقلها شتما وقذفا: أمة المليار هبوا للنداء ……. بلد الأبقار تهجو أحمدا يقف المرء بهدوء ويسأل أبناء دين الحكمة والموعظة الحسنة: أليس بلد الأبقار هذا قد أنجب 14 جائزة نوبل ونخبة علماء وأطباء وفلاسفة؟ أليس من بلد الأبقار أول مجلس عالمي لإعادة تأهيل ضحايا التعذيب؟ وهل يمكن وضع إنغه جفنكه Genefke وكيركيغارد Kirkegaard وغراندفيك Grundvig وأندرسن Andersen مع صحافي عنصري أو رئيس الوزراء الدنماركي الحالي في سلة واحدة؟ أين المبدأ القرآني السامي «ولا تزر وازرة وزر أخرى» (الانعام: 164)؟ في الدين كما في السياسة، لا ضير من توظيف حدث للدعاوة والتبشير، وليس لأحد الحق في مواجهة ذلك الخطر الذي نحاول التنبيه إليه، هو أن يسقط البعض في منطق صراع الحضارات الذي يجعلنا نخسر معسكرا واسعا من غير المسلمين يناضل معنا كل يوم من أجل التكامل والتفاعل والحوار البناء بين الحضارات والتضامن بين المجتمعات المدنية على الصعيد العالمي. أخيرا، من الضروري التذكير أن المعارك التي تبدو في الظاهر سهلة هي أحيانا الأصعب في العمق. فأوروبا «العجوز» تحديدا، هي القادرة اليوم، بموآزرة العالم الإسلامي، على لعب دور صمام الأمان الاستراتيجي والثقافي والسياسي على الصعيد العالمي. صمام أمان أمام سياسية أميركية متهورة، واستقالة صينية متعمدة، وإعادة رسم للخريطة في أميركا اللاتينية. فما معنى خلق شرخ أوروبي إسلامي في هذا الوضع بالذات؟ ولخدمة من استمرار الأزمة وزيادة الاحتقان والتوتر والعنف بين الشعوب؟ (*) مفكر عربي من سورية مناع هو المتحدث باسم اللجنة العربية لحقوق الإنسان ورئيس المكتب الدولي للجمعيات الإنسانية والخيرية (المصدر: صحيفة الوسط البحرينية الصادرة يوم 7 أفريل 2006)


Home – Accueil الرئيسية

Lire aussi ces articles

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.