TUNISNEWS
6 ème année, N° 2053 du 04.01.2006
إسلام أون لاين: علماء بتونس ينتفضون ضد “عصر المناكر” أخبار تونس: الوفد الرسمي للحجيج التونسيين (برئاسة أبو بكر الأخزوري!) يتوجه إلى البقاع المقدسة الهادي بريك : تحية وسلاما إلى الشيخين الكريمين السلامي وخليف مرسل الكسيبي: كلمة الشيخين أثقل من جبال خمير ومقعد ونفزة وعلى السلطة والمعارضة أن تفهم الرسالة
الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان ـ فرع بنزرت:الحكم على قابيل الناصري بثلاثة أشهر سجن
حسين المحمدي رسالة إلى وزراء خارجية فرنسا وإيطاليا وإسبانيا
سويس انفو: ائتلاف سياسي تونسي يتبرأ من حركة النهضة الاسلامية رئيس الشبكة الأورو-متوسطية لحقوق الإنسان، السيد كمال الجندوبي، يتعرض لمضايقاتالحياة: تونس في أول ردّ رسمي: لم نقاطع مارسيل خليفة ونرحب به كاشف الغطاء المعري: اغتيال شعب : مسؤولية من؟
ود الريّس:
خالد الغرايري: المقامة الشوكتية في دعم الديمقراطية شعر: الأخضر الوسلاتي : شـهـداؤنـا الأبــرار الجزيرة.نت : عرض كتاب:تونس في العصر الوسيط
المدينة: اللمبي وهنيدي وعادل إمام نجوم حج هذا العام
القدس العربي : 131 سجينا سياسيا في ليبيا يضربون عن الطعام احتجاجا علي استمرار حبسهم الحياة: حزب إسلامي يدعو الى إطلاق سجناء «أبرياء» ويلمح الى مشاركة أكبر في الانتخابات المغربية الحياة: الجزائر: بوتفليقة يستأنف مهماته وقوانين المصالحة أبرز الأولويات د. أحمد القديدي: الوفاق والمصالحة خيار المستقبل محمد خليفة: هل يكفي أن تطالب الجزائر فرنسا بالاعتراف بمسؤوليتها عن مذبحة واحدة؟ ملف خــاص عن الأوضاع في سوريا
Pour afficher les caractères arabes suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe ( Windows ) To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic (Windows). |
علماء بتونس ينتفضون ضد “عصر المناكر”
الوفد الرسمي للحجيج التونسيين (برئاسة أبو بكر الأخزوري!) يتوجه إلى البقاع المقدسة
تحية وسلاما إلى الشيخين الكريمين السلامي وخليف
كلمة الشيخين أثقل من جبال خمير ومقعد ونفزة
وعلى السلطة والمعارضة أن تفهم الرسالة
الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان ـ فرع بنزرت
بنزرت في 04 جافني 2006
بيـــــان
الحكم على قابيل الناصري بثلاثة أشهر سجن نافذة
بدعوى مخالفة المراقبة الإدارية
أصدر قاضي ناحية منزل بورقيبة السيد +++ اليوم الأربعاء 4 جافني 2006 حكما يقضي بسجن السجين السياسي السابق قابيل الناصري مدة ثلاثة أشهر نافذة بدعوى “مخالفة قرار المراقبة الإدارية”
وقد كان قابيل الناصري تقدم لمركز الأمن يوم 29 ديسمبر بعد استدعائه كتابيا ففوجئ هناك بوجود منشور تفتيش في شأنه حرر قبل يوم من ذلك كما فوجئ بتلفيق قضية ضده وحرر محضر بحث تضمن الزعم بأنه تم إلقاء القبض عليه بمقتضى ذلك المنشور وتضمن توجيه تهمة “مخالفة قانون المراقبة الإدارية”.
والمعلوم أن قابيل الناصري قضي عليه بثلاثة سنوات سجن من طرف الدائرة الجنائية بمحكمة الاستئناف بتونس وبالمراقبة الإدارية لمدة خمسة أعوام (فيما عرف بقضية أريانة) وقد أطلق سراحه يوم 02 نوفمبر 2005 بعد أن قضى حوالي سنتين وثمانية أشهر من عقوبته التي تنتهي يوم 27 فيفري 2006 وذلك بمقتضى قرار سراح شرطي مع مجموعة من السجناء السياسيين إثر شنهم لإضراب عن الطعام وخلال إضراب الجوع الذي قامت به ثمانية شخصيات وطنية قبل قمة المعلومات.
وبعد خروجه من السجن تعرض لملاحقات واعتداءات مختلفة من طرف أعوان الفرقة المختصة وطلب منه الحضور يوميا بمركز الأمن للإمضاء على دفاتر بتعلة الخضوع المراقبة الإدارية فرفض الخضوع لهذا الإجراء اللاقانوني.
وكما هو معلوم فإن المراقبة الإدارية طبق ما ورد بالفصل 23 من المجلة الجنائية تتمثل في حق “يخول للحكمومة تعيين مكان إقامة المحكوم عليه عند انقضاء مدة عقابه والحق في تغييره إن رأت نفعا في ذلك”. وقد بلغ للسجين قابيل الناصري قرارا في المراقبة الإدارية مؤرخ في 17 نوفمبر 2005 وصادر عن وزير اداخلية والتنمية المحلية ورد به فقط أنه يجب عليه “أن يقيم بـ19 نهج السينيغال ـ النجاح ـ منزل بورقيبة ـ بنزرت حتى انتهاء مدة العقوبة التكميلية”.
وقد أحضر قابيل الناصري اليوم بمحكمة ناحية منزل بورقيبة التي اكتضت بأعوان الأمن فصرح بأنه يقطن بالمكان المحدد للمراقبة الإدارية ولم يتحول للسكنى بمكان آخر وأنه تقدم بنفسه لمركز الأمن بعد استدعائه كتابيا. وقضي عليه حينا بالحكم المذكور رغم وضوح تجرد التهمة والنصوص القانونية المنطبقة وفحوى قرار المراقبة الإدارية التي ذكر المحكمة بها محاميه الأستاذ أنور القوصري.
إن فرع بنزرت للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان يندد بشدة بالمضايقات المتكررة والاعتداءات المختلفة على الحقوق الأساسية للمسرحين من السجناء السياسيين بدعوى المراقبة الإدارية وغيرها في خلاف تام مع النصوص القانونية، خصوصا بعد ما تعرضوا له من سوء معاملة في السجن وتعذيب قبله أثناء البحث.
كما ينبه فرع بنزرت أن العديد من الذين فرض عليهم الحضور اليومي للإمضاء بمراكز الأمن اشتكوا من الإهانات المتكررة على كرامتهم التي يتعرضون لها بتلك المراكز. ولن ينسى فرع بنزرت السجينين السياسيين محمد علي الفداي وعبد الرزاق بربرية الذين وضعا حدا لحياتهما خلال التسعينات نتيجة ما تعرضا له.
إن فرع بنزرت للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان يطالب السلط المعنية بالإفراج فورا عن قابيل الناصري وبوضع حد للملاحقات والانتهاكات التي يتعرض لها وغيره من المساجين السياسيين واحترام القانون في خصوص تطبيق القانون.
٭ الهاتف: مقصوص منذ بداية إنعقاد القمة العالمية لمجتمع المعلومات (SMSI) بتونس في شهر نوفمبر الماضي.
عن هيئة الفرع
رئيس الفرع
علي بن سالم
المحترمون رؤساء وأعضاء الهيئات والجمعيات الحقوقيةوالإنسانية. السادة وزراء خارجية فرنسا وإيطاليا وإسبانيا تحديدا.
ائتلاف سياسي تونسي يتبرأ من حركة النهضة الاسلامية
كوبنهاجن 03/01/2006 رئيس الشبكة الأورو-متوسطية لحقوق الإنسان، السيد كمال الجندوبي، يتعرض لمضايقات
تعرب الشبكة الأورو-متوسطية لحقوق الإنسان عن قلقها الشديد جراء أعمال التخريب التي استهدفت أملاك رئيسها، السيد كمال الجندوبي. في 28 كانون الأول/ديسمبر 2005، تعرضت سيارة السيد كمال الجندوبي الخاصة للتهشيم بصفة متعمدة ومنهجية بينما كانت متوقفة في مرآب مكان عمله في مونتريل. وقبل ذلك بيومين، تمت سرقة الحاسوب المحمول التابع للسيد الجندوبي من السيارة ذاتها في وسط باريس. السيد كمال الجندوبي هو ناشط تونسي معروف في مجال حقوق الإنسان، وقد حرم من جواز سفره التونسي، وهو ممنوع فعليا من العودة إلى وطنه تونس منذ العام 1994. وهو أيضا رئيس لجنة احترام الحريات وحقوق الإنسان في تونس (CRLDHT)، وهي منظمة شهيرة معنية بحقوق الإنسان وتعمل من فرنسا لدعم نشطاء حقوق الإنسان التونسيين. تصدرت لجنة احترام الحريات وحقوق الإنسان في تونس مؤخرا نشاط تنظيم جولة أوروبية ناجحة لنشطاء تونسيين في مجال حقوق الإنسان لحشد التأييد والمناصرة (12-19 كانون الأول/ديسمبر 2005)، وقد تعرض عدة مشاركين خلال تلك الجولة إلى التهديد والمضايقة من قبل أشخاص مجهولين – ومن المعروف أن النظام التونسي كثيرا ما يستخدم هذا الأسلوب ضد معارضيه. تخشى الشبكة الأورو-متوسطية لحقوق الإنسان من أن أعمال التخريب التي ارتكبت ضد ممتلكات السيد كامل الجندوبي، مرتبطة بنشاطاته في الدفاع عن حقوق الإنسان. وتعرب الشبكة عن دعمها التام للسيد الجندوبي، وللجنة احترام الحريات وحقوق الإنسان في تونس، ولجميع المدافعين عن الحريات العامة وحقوق الإنسان والديمقراطية في تونس. وتتطلع الشبكة الأورو-متوسطية لحقوق الإنسان إلى إجراء تحقيق شامل من قبل السلطات الفرنسية بشأن هذه الأعمال الإجرامية. مزيد من المعلومات، يرجى الاتصال بـِ: السيد كمال الجندوبي هاتف: 0033200287421 البريد الإلكتروني:
لسيد مارك- شيد بولسن، المدير التنفيذي Marc Schade-Poulsen Executive Director
تونس في أول ردّ رسمي: لم نقاطع مارسيل خليفة ونرحب به
تونس – الحياة
في أول رد فعل رسمي على الحملة التي أثارها قرار «مهرجان الزيتونة» في مدينة القلعة التونسية الامتناع عن استضافة الفنان مرسيل خليفة، نفى مصدر مسؤول في وزارة الثقافة التونسية أمس وجود قرار بحظر حفلات خليفة وأكد انه مرحب به في أي وقت في البلد.
وكانت صحف محلية انتقدت قرار الهيئة الإدارية لمهرجان الزيتونة الثقافي في وسط البلد إلغاء دعوة كانت موجهة لخليفة وفرقة «الميادين» لإقامة حفلة في المهرجان الذي يتزامن مع موسم جني الزيتون. وبررت الهيئة موقفها بأن موازنة المهرجان غير كافية فيما عزاه مراقبون إلى احتمال غضب السلطات من إهداء خليفة إحدى أغانيه للسجناء العرب في إسرائيل والبلدان العربية لدى إقامته حفلتين في مسرحي قرطاج وحمامات الصيف الماضي. وما عزز ذلك التفسير أن التلفزيون الرسمي امتنع من نقل مقاطع من الحفلتين وتجاهل زيارة خليفة لتونس في نشراته الثقافية على رغم الإقبال القياسي من الجمهور على الحفلتين وتصفيقه الحماسي لأغاني خليفة التي كانت الحرية محورها.
وعلقت مقالات في الصحف المحلية منتقدة تعاطي مهرجان «الزيتونة» مع خليفة وفرقة «الميادين» وعزته إلى موقف سياسي، قالت إن السلطات اتخذته في اتجاه منع خليفة من الغناء في المهرجانات التونسية. إلا أن بياناً صحافياً صدر أمس وتلقت «الحياة» نسخة منه نسب الى «مصدر مسؤول في وزارة الثقافة» انتقاده موقف الهيئة الإدارية لمهرجان الزيتونة وأكد أن خليفة غير ممنوع من الغناء في تونس، ما يعني أن الطريق باتت سالكة أمامه وفرقة الميادين لإقامة حفلات في تونس حيث لقيا دائماً تجاوباً كبيراً من الجمهور منذ مطلع الثمانينات.
وكانت وكالــة الأنباء الألمانية (د ب أ)، نقـــلت عن جريـــدة أسبوعية ناطقة باسم «الحزب الديموقراطي التقدمي» المعارض قولها إن تونس منعت مارسيل خليفة من دخول البلاد و «عممت قراراً شفهياً لرئيس الإذاعة والتلفزيون الرسمي التونسي بمنع موسيقى مارسيل وأغنياته ومنع تداول اسمه على كامل التّراب التونسي».
وأرجعت أسباب هذا المنع إلى توقيع مارسيل خليفة على عريضة مساندة لثماني شخصيات تونسية معارضة خاضت إضراباً عن الطعام من 18 تشرين الأول (أكتوبر) إلى 18 تشرين الثاني (نوفمبر) الماضيين احتجاجاً على ما سمته «تردي وضع الحريات» في تونس.
وأضافت الصحيفة أن هيئة «جمعية المسرح العربي» في مدينة حمام سوسة (130 كيلومتراً جنوب العاصمة تونس) والتي لم تكن على علم بقرار المنع، استدعت مارسيل خليفة بصفته «فنان اليونسكو للسلام» ليلقي كلمة عن الطفولة في افتتاح الأيام الدولية الثامنة لمسرح الطفل (التي تنظمها الجمعية) لكنها اعتذرت لاحقاً عن عدم استقباله من دون ذكر أسباب.
(المصدر: صحيفة الحياة الصادرة يوم 4 جانفي 2006)
اغتيال شعب : مسؤولية من؟
كاشف الغطاء المعري
إن المنحى الذي انتهجته السلطة الغاشمة في تونس في تعاملها مع النفس الإسلامي في الشارع الاجتماعي والسياسي التونسي وهي تدرك أن التحدي الإسلامي لمشروعها التغريبي والإلحادي ينطلق من مختلف فئات الشعب الذي بقي يعض بالنواجذ على دينه بالرغم من كل محاولات زحزحته عن دينه بشتى الوسائل الاستفزازية والقهرية من قبل هذه الفئة الحاقدة والباغية التي أبت أن تعامل هذا الشعب المسلم حتى بأحكام الأقليات المتعارف عليها في العرف الدولي حيث طبعت سياستها كل مسالك الاستهتار والتشكيك في ما أجمعت عليه الأمة منذ 15 قرنا كالحجاب والاستفزاز للمشاعر كما يحصل في المواسم الدينية كرمضان من إمعان في نشر الرذيلة والبرامج الخليعة والمخلة بالأخلاق والذوق وحتى التنكيل والملاحقة لكل من تبدو عليه أي غيرة على الدين ولو كان ذلك في مستوى التزامه الشخصي.
ولعل الحرج والفضيحة التي واجهتها السلطة الباغية خلال مؤتمر المعلومات الذي أرادته مهرجانا وتزيينا لوجهها القبيح أمام العالم فإذا به يفضحها ويظهر للجميع على أنه لا يتعدى أن يكون تهريجا وتوظيفا رديئا للتغطية عن عورتها وسوءتها التي بدت عارية أمام كل أنظار العالم,,,
إن التطورات الأخيرة في ممارسات السلطة مع التيار الإسلامي توحي بأنها قررت الانتقام من عدوها اللدود – كل مظاهر التدين والالتزام الإسلامي في المجتمع- وضرب كل تجلياته العقائدية و الأخلاقية والتربوية والفكرية والسياسية في حرب منفلتة لا هوادة فيها مستهدفة في ذلك النساء والرجال، الشباب والشيوخ وحتى الأطفال كما حصل لطفلة جرجيس التي لم تتجاوز سن التعليم الأساسي والتي وقع ترهيبها لحجابها ولأطفال المعاهد الثانوية التي ما فتئت تلاحقهم وترهبهم وتهددهم حتى بحرمانهم من مواصلة دراستهم كما حصل لأحد التلامذة الذين اكتشفوا جريمة تردده على موقع عمرو خالد؟؟؟.
وفي هذا الاتجاه الخطير تتنزل محاولة اغتيال المناضل الإسلامي الهادي التريكي الذي نجا بأعجوبة من ضربة في جمجمته بآلة حادة بفضل تدخل القدرة الإلهية وتفاني الطاقم الطبي في المستشفى كما تتنزل في نفس الإطار التهديدات بالقتل التي تلقاها الناشط الإسلامي في المهجر والصحافي القدير الطاهر العبيدي والناشط المناضل كمال الجندوبي وغيرهم كثير، هذا إلى جانب الحملة الشرسة التي تشنها على الشباب المتدين الأعزل والمداهمات الليلية التي تقوم بها لترويع الأهالي من نساء وشيوخ وأطفال وقد وصل بها الحد إلى الهجوم ليلا على بيت أحد السجناء السابقين لحركة النهضة الذي قضى على تسريحه أكثر من 13 سنة بدعوى تجديد بطاقة الإرشادات وقامت بتفتيش بيته بصفة مهينة ثم نقلته صحبة أبنائه وهم تلامذة بالمعهد الثانوي إلى مخافر الشرطة وتصوروا الإرهاب والرعب الذي يواجهه طفل لم يتجاوز السادسة عشر من العمر في مثل هذه الحالة, وكان قد عانى الأمرين عند زيارة أبيه في سجون تونس عندما كان طفلا في أحضان أمه. كما تم التعنيف الشديد لأحد السجناء السابقين بعد أن تم جلبه إلى مخافر الشرطة وأبدى نوعا من التذمر من هذه الممارسات وهو معروف بمعاناته من رواسب نفسية لا تزال في طور المتابعة الصحية.
من جهة أخرى، تستمر السلطة في ملاحقة الشباب المتدين من الجنسين والعديد منهم من تلامذة المعاهد الثانوية للتحقيق معهم حول اتصالهم بمواقع إسلامية وموقع صناع الحياة وتعرضوا للضرب والترهيب والتهديد بقطعهم عن دراستهم – هكذا- كما تم تحذيرهم من مراودة المساجد وحتى مصاحبة والسير مع الأصدقاء – هكذا؟؟؟- وأن العيون ستكون تتابعهم أينما حلوا وسيتحملون مغبة مشاهدتهم مع أي كان في الطريق العام؟؟؟
إنها فعلا ممارسات جنونية تعكس مزيجا من التخبط والحقد الأعمى على كل ما ينم للدين والإسلام بصلة، فليجد الشاب حريته في معاقرة الخمور وممارسة الرذيلة والفساد بكل أشكاله – انسجاما مع المخططات التي تم فضحها في كتاب بروتوكولات حكماء صهيون – بل ويجد كل الحماية الأمنية والقانونية في ذلك وأما أن يفكر في أن يكون منضبطا أخلاقا وسلوكا وملتزما بإسلامه أو أن يضبط متلبسا أو طامحا لإعادة مجد أمته وصناعة الحياة عبر محاولاته التسلل إلى مواقع النهضة والبناء الحضاري في الانترانت فتلك من المحرمات التي تتجاوز الخطوط الحمر التي فرضتها الصهيونية والامبريالية عبر عرابيها في هذا البلد الجريح،،،
إنها فعلا قصة شاذة لن ينساها التاريخ للاغتيال البطيء لأمة ثقافة وحضارة على مرأى ومسمع من أطراف داخلية وخارجية اختار بعضها الصمت والفرجة على هذه الملحمة في حين أكن البعض الآخر الشماتة والمساندة الصامتة لالتقاء أهداف تلك الحملة مع توجهاته العدائية لحضارة هذه الأمة ورصيدها القيمي حتى ولو أدى ذلك إلى حبس المجتمع بأسره في سجن كبير من المحاصرة والاستبداد ما دام الهدف هو استئصال وتجفيف منابع الإسلام من ربوع هذه البلاد التي استعصت على المسخ والتغريب بالرغم من شراسة الحملات الإعلامية والفكرية والأمنية وبالرغم من تسخير كل إمكانات الدولة من برامج تربوية وسياسة إعلامية سمعية وبصرية ومقروءة وتوظيف حتى صحافة المعارضة الكرتونية للتشكيك في عقيدة الأمة وثقافتها (الوحدة، الطريق الجديد، حقائق…) وقد وصل الحد من بعض هؤلاء في إحدى اللقاءات الحوارية التي جمعت عدد من أطراف المعارضة مؤخرا إلى المطالبة بنسف البند الأول من الدستور الذي ينص على أن دين الدولة هو الإسلام.
إن الواقع التونسي يعكس مأساة شعب ومجزرة بطيئة لن ينساها التاريخ لتميزها بقساوتها وحقدها تماما كما خلد التاريخ المآسي التي تعرض لها المسلمون في عهد التتار والمسلمون في عهد ستالين الذي أصبح المسلم في عهده يختبئ في الدهاليز إذا أراد مشاركة أقرانه حفظ آية من القرآن الكريم كما هو حالنا اليوم.
إن هذه الممارسات الاستبدادية تهدف قصدا إلى دفع الشباب دفعا إلى القنوط واليأس وإلى التطرف والبحث عن مسالك العنف والإرهاب حتى تبرر استمرار حملتها على الإسلام والمسلمين وإلى أن تصل إلى تحقيق أهدافها العدائية لاستئصال هذا الدين من ربوع تونس حتى ولو أدى ذلك إلى تكرار التجربة الجزائرية كما راهن على ذلك نظراؤها سابقا.
فأين عقلاء هذه الأمة ..؟؟
4 جانفي 2006
رجعت إلى ما كنت أدون من أفكار* في تلك الفترة التي ناصر فيها القريب والبعيد المظلمين في تونس من مساجين وصحافيين وشخصيات حقوقية وشخصيات حزبية، رجعت إلى تلك الفترة التي تكلمت فيها عن صمت العلماء تجاه ما يقع في تونس من حضر للحجاب وانتهاك لحقوق الإنسان (**15 و***19 نوفمبر 2005) . إلا أنه لم يقع تفاعل مع كنت أكتب ولعل القضية كانت تنتظر “غلطة حمار” فكان الخزوري. ولعل أباه رحمه الله كان يريده أن يعتَبر حين سماه أبو بكر تيمنا بقاهر الردة لكن شبه الرجل لم يرد أن يكون إلا “ الوزير مسيلمة كذاب تونس“****.
وما يعنيني في هذه السطور هو صمت صاحبات الحق عن حقهم.
إن صمت بنات تونس المهاجرات صمت مريب وغريب ولا ندري ما أسبابه. هل ذبن في الدنيا؟ هل اشتغلن بتربية النشء على الانتغراسيون وتوطين الاسلام في الغرب؟ بل و نتساءل ما معنى الحجاب عندكن؟ و نتساءل هل يمكن للحجاب أن يربي المسلمة على التقليل من مكانة الجسد لصالح الروح؟ أما أنه من الأفضل نزع الحجاب حتى يرفع وهم النضال والصبر، لتأتي الضربة مباشرة في الوجه وتزرق العينين مثل الصابرة والمقاومة راضية النصراوي؟
أم أن النساء يتبعن أزواجهن في موقفهن من حركة النهضة. ما حيرني هو أن الرجل إذا تزوج المسلمة فإنه يريدها نسخة منه لها نفس أفكاره ونفس مذهبه حتى في المسح على الخفين في حين أنه إذا تزوج الكتابية يجتهد في إظهار الاحترام للمخالف وأن الإسلام…. ومن جهة أخرى ما يفتخر به الإسلاميون من مشاركة المرأة في العمل السياسي والمساواة بين المرأة والرجل في تبوئ المناصب في حين أن المرأة التونسية المسلمة تخلت عن قضاياها هي؟؟؟
هل مشاركة المرأة في العمل السياسي “ترجيل” للمرأة أم تبويئها المكانة التي تستحقها لتناضل من أجل القضايا التي تمسها مباشرة ثم الأولى فالأولى؟؟؟ وكانت النتيجة أن تقدم الرجال فأثبتوا مقولة الخضوع والنظرة المادية للمرأة…
لا أدري هل تدرسن بناتكن صبر أم عمارة ودفاعها عن الرسول عليه الصلاة والسلام في غزوة أحد ووفاءها ببيعتها في بيعة الرجال بالدفاع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ وقصة خولة بنت الأزور؟ وأن أول من أسلم لدعوة الرسول عليه الصلاة والسلام إمرة؟ وأن أول شهيدة في الإسلام إمرأة؟ ووو…. وهل عندما تخرج بناتكن من البيت يطعنكن؟
وهل ستقول نساء تونس أنهن ما التفتن إلا ووجدنكن تدافعن عنهن؟ أم سيقلن أنهن ما التفتن يسلمن عليكن راجعات إلى أرض الوطن إلا ورأين الأبيض والأصفر يغطينكن؟
الحياة مثال وأنتن مثال أبنائكن وبناتكن فأي مثال ستكونون؟ ولكن احذروا مقت الله فإنه كبير مقته للذين يقولون ما لا يفعلون (يا أيها الذين آمنوا لما تقولون ما لا تفعلون. كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون) الصف.
والله والله إن لم تربط إحداكن ما يحصل لأبنائها وما فرطت فيه في جنب الله وأخواتها في تونس فقد عماها الغباء وإتباع النفس الهوى والتمني على الله الأماني. قال أحد الصحابة والله إني لأجد ذنوبي في خلق دابتي. ونحن ألا يجب أن نربط بين ما نفرط فيه في جنب الله وبين ما يعترينا من نكبات؟؟؟
يقول الشافعي: ما حك جلدك مثل ظفرك. ويقول المثل التونسي: “اللي ما فيهش الخير لرحو ما فيهش الخير للناس”.
وقد يعظم عليكن الأمر وهل أنتن قادرات على، وقادرات على،…، خاصة بعد ما رأيتن من عظم الأحداث التي لفت تونس ولكن إذا علمتم أن بعض الجمعيات التي تحركت، أعضاؤها يعدون على أصابع اليد الواحدة وأن الذين يقفون وراء مواقع الإنترنت المعرضة شخص وشخصين وثلاثة لملأت الجرأة قلوبكن.
ولعل انفتاح تونس نيوز لكل من يكتب أشعر هؤلاء أن المسألة اقرأ وفلت. ولكن ليكن في علم مسلمات المهجر أني أقمت عليهن الحجة أمام الله. كما أقامها عليهن أخواتهن في تونس. وكما أقامتها عليكن هند شلبي وكما أقامها عليكن الدكتور أحمد الأبيض في كتابه فلسفة الحجاب. و الهادي بريك (في مقاله يوم 03.01.2006 وأقول لك بارك الله فيك لأنك اخترت المناضرة الحقيقية والميدان الحقيقي: مقارعة الظلم، ولم تختر مقارعة الإخوة فانتصرت لله)***** وكما يقيمها اليوم سيدي الشيخ مختار السلامي مفتي تونس السابق وسيدي الشيخ عبد الرحمان خليف. ( وأطلب من كل من له عنون الشيخان أن يمد القراء بهم حتى نهنئهم ونساندهم ونوفر لهم الدعم).
وأقترح عليكم الآتي: 1- التحرك بالبريد الإلكتروني وإنشاء عنوان تجمعن فيه الاحتجاجات، 2- تجمعن ما تستطعن من عناوين علماء ودعاة وتحميلهم المسؤولية أمام الله، 3- الاتصال بكل الحلقات الفقهية التلفزية والإذاعية وتبليغهم بالمنشور 108 وتحميلهم المسؤولية أمام الله، 4- التشهير بالمنشور 108 لدى الدول والهيئات الدولية والمستقلة خاصة المنظمات الإسلامية مثل المؤتمر الإسلامي وهية علماء المسلمين..أما المهمة الأولى فهي مطالبة علماء السعودية بالضغط على حكومتهم لطرد “الوزير مسيلمة كذاب تونس” حتى لا يدنس الحرم.
لقد اقترن الدفاع عن الحجاب بالرجال وهذا عار، عار عليكن بنات هند شلبي التي أرادت أن يقترن الحجاب بالمرأة من جديد، لا أن يقترن بزعيم يغطي المرأة متى يشاء ولا بزعيم ينزعه متى يشاء. أنتن أقدر على تحريك الرأي العام لأن طبيعة شخصية المسلم أن ينهض ويثور بقوة عندما تستصرخه إمرأة.
إن لم تفعلن، أنتن المتمتعات بالحرية والأمن من جوع ومن خوف، شيئا لأخواتكن، فقلن للعلماء وللمدافعين على حقوق الإنسان أن لا يبكوا عليكن، فلا فائدة أن يبكي الجيران ومّالي الميت ساكتين.
تاريخ تونس ارتبط منذ نشأته بامرأة: عليسة، وتاريخ عناد تونس ارتبط بامرأة: الكاهنة، وتاريخ وقوف الحجاب أمام بورقيبة بامرأة: هند شلبي. وتاريخ محجبات تونس هل يقترن بالنسيان والصمت؟؟؟
ولكن هناك صامتون آخرون وهم اليسار التونسي وإليهم لا بد أن نقول ما يلي:
المفروض أنكم متقدمون وعلمانيون ووو………ومن أجل هذه القيم تدافعون وليس عندكم فرق بين رجل وامرة. ولكن عفوا أليس الدستور التونسي يكفل حق التعبد؟ وحرية التدين والحجاب دين وتعبد. عفوا، أليس ميثاق الأمم المتحدة ينص على حرية الاعتقاد وحرية التدين؟ وعندما لا تدافعون عن الدستور التونسي وعن المواثيق الدولية التي تونس عضو فيها وأنتم تريدون تطبيق هذه الحقوق وتطالبون السلطة في تونس باحترامها هل سيكون للشعب التونسي ذو الهوية الإسلامية ثقة بكم؟؟؟
عفوا ألستم علمانيون؟ فلماذا تقبلون أن يكون في دولة علمانية وزير شؤون دينية؟ ولماذا تقبلون أن تتدخل الدولة في الدين؟ وأن يحدد هذا الوزير مضمون فرض ديني؟ عفوا ألستم تدافعون عن حرية الرأي؟ أم أنكم تريدون تطبيق القوانين الفرنسية في تونس لتفخروا بعد ذلك بقانون تمجيد الاستعمار والثناء عليه وعلى دوره في تقدم الأمم؟؟؟ عفوا هل انتم مع الاستعمار؟؟؟ ولكي تتقدم تونس هل لا بد من أن نعطي الذل كارو؟؟؟
ثم عندما تذهبون لتأخذوا من قيادات النهضة ظمانات ثم بعد ذلك طبعا ستطالبونهم باحترام هذه الظمانات، أليس من الذكاء أن تبينوا احترامكم لما تتبنونه وتدافعون عنه؟ أليس من الذكاء أن تظهروا احترامكم للدستور التونسي؟ وأن تقولوا أن هذا الدستور هو الذي سنطبقه أم أنكم إذا حكمتم يوما ستجعلون هذا الدستور وراء ظهوركم كما فعل أولوا السبق منكم؟؟؟
مع العلم أن النهضة ليست تمثل الإسلام بل مجرد مجتهد في: كيف يطبق الإسلام في عصرنا؟ ومجرد مستقي سياسات من دين عظيم ولو كان في تونس أكثر من حزب إسلامي كبير العدد لكان الحال أوضح ولكن مثال المغرب والسودان وتركيا وإيران يعيضنا. فليس هناك حزب يمثل الدين وإنما أطر حزبية اجتهادية لمعالجة ما يطرأ للاجتماع من قضايا وحوادث ونوازل. أما في علاقتها باليسار، مشكلة في الذي يعطي تطمينات وظمانات ولا يخذ لنفسه مثل ذلك؟؟
لقد فاتتكم فرصة، أيها اليسار، لتقولوا نحن ندافع عن الحرية كائن من كان المستفيد منها.
لقد فاتتكم فرصة لتقولوا للشعب التونسي نحن حداثيون وتقدميون وليبراليون وجمهوريون ولكن لسنا ضد هوية الشعب التونسي ولسنا ضد الحريات.
أتمنى أن تكونوا حاضرين ومستعدين لغلطة الحمار الجاي.
ود الريّس
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
* كتبت هذه السطور يوم 20.11.2005 ولكن خيرت التريث أمام غياب الاستجابة وما يظهر بالخط المائل هو الزائد على النص الأول.
**** أطلب من كل من يتعرض لهذا الوزير أن يسميه :”الوزير مسيلمة كذاب تونس” للإستفادة من رمزية الاسم في التشهير به وكلمة الوزير لأنه يمثل الحكومة
***** خمسة نجوم مش لأنه فيه ملاحظة وإنما لأن سلوكك يستاهل خمسة نجوم، تنير لك الدرب عندما تختلط على الناس الأفهام.
لماذا كل هذا التحامل على قناة الجزيرة ؟
مرسل الكسيبي (*)
المتابع للجدل الدائر في الساحة العربية حول قناة الجزيرة وأدائها الاعلامي ,يقف بلا شك بين ظاهرتين
أولاهما سخط الحكومات في الأنظمة الريعية التي تتمعش من تدفق النفط العربي ورديفتها من دول الاقطاع في شمال افريقيا من النهج التحريري غير المسبوق في تاريخ المرئيات العربية ,حيث غدت هذه الأخيرة محل رصد وقلق ورهبة الكثيرين من حاملي ورقة التوت من الذين بنوا أمجادهم السلطانية والسياسية على أهازيج الكذب والنفاق والتزلف في الخطاب الاعلامي .واذا كان رد فعل الحكومات تجاه مامثلته هذه الظاهرة الاعلامية المتألقة في سمائنا المفتوحة من تحولات عميقة في خطابنا المرئي ردا معقولا ومنتظرا لايثير الاستغراب ,فان ردة فعل الجماهير والمنتظم الحزبي والسياسي المعارض تحتاج الى كثير من الرصد والتحليل
لايستبعد المرىء في هذا السياق الثاني ,تعاطف المسحوقين والمغلوبين والمحرومين والمكبوتين والمقموعين مع هذه القناة الفضائية ,بوصفها منبرا يعبر عما عجزوا عن ايصاله من رسائل الى حكامهم ورسمييهم ,اذ مثلت برامجها الحوارية المسجلة أو المباشرة فرصة قطاع واسع من الناس كي يسمعوا أصواتهم في جرأة وشفافية الى من تعود على الشطحات والولائم الاعلامية الفرعونية ,التي يشتغل فيها عادة مايسمى برجال الاعلام كسحرة يزينون لفرعون وهامان بطشهما بالناس واحياءهما لمنطق التأله على أنه من مقتضيات الحكم العادل الرشيد
النخب وان كانت في مجملها تعيش حالة انتشاء تجاه ماتقدمه القناة من ثورة في عالم الاعلام والمعلومات ,الا أن بعضها مازال يطلب من الجزيرة معادلة مستحيلة في واقع بطش الأنظمة وضخامة التحالفات
فبعد أن خرجت الجزيرة من أكبر محنها بانتصار معنوي على من قيل أنه اقترح في مزحة ثقيلة على أحد حلفائه الاستراتيجيين قصف مقراتها أو مقرها الرئيسي في الدوحة قصد اسكات صوتها العادل في تغطية بعض الأحداث العالمية ,هاهي الجزيرة تتعرض لمحنة ثانية أصغر شأنا تحاول التشكيك في مصداقيتها الاعلامية من خلال الحديث عن الغاء بعض الحوارات السياسية أو التنازل أمام بعض الضغوطات الخارجية لفائدة بعض الرسميين العرب
وهنا وددت انصاف هذا الحاضر الغائب المسمى بالجزيرة ,حيث لازال العقل العربي والاسلامي عقلا يفسر الأمور حسب نظرية المؤامرة ,وسرعان مايتنادى الى ربط الغاء بعض البرامج التحليلية والحوارية على مسرح بث هذه القناة ,بالحديث عن تدخلات شارونية وأخرى مصدرها تل أبيب
في الحقيقة أكبر في بعض الاخوان والأصدقاء حرقتهم على أوطانهم وحبهم لتغطية الأحداث كما هي دون رتوش أو تجميل على شاشة أكبر معشوقة عربية,لكن هذا لايعني أن ادارة تحرير القناة أو العاملين فيها أصبحوا موظفين لدى أي حاكم معادي يأتمرون بأوامره وينزلون عند نواهيه ,ولكن كل مافي الأمر أن معشوقة الجميع تبث من أرض وسماء عربية وللحاكم فيهما موقع على الخارطة السياسية الدولية ,ولهذه الخارطة جملة من التعقيدات والتداخلات ولاشك أن الجزيرة تأخذهما بعين الاعتبار
لقد بلغني أيضا من مصادر موثوقة أن حاكم أكثر من دولة عربية اتصل بسمو امير دولة قطر طالبا منه التدخل قصد الغاء برمجة معينة على هذه الشاشة العربية الأولى,وقد بلغني أيضا أن ادارة القناة تجد نفسها في أكثر من مرة محرجة أيما احراج أمام ما يمكن أن يلحق باسمها ومصداقيتها من مساس في حالة الاستجابة
ولكن ماأنا متأكد منه هو أن العاملين فيها يتمتعون بحرفية عالية وقد يقع أن يخضع بعضهم للضغط في بعض المراحل مراعاة منه لعلاقات الدولة المستضيفة وحرصا منه على عدم ادخالها في مربع المخاطرات الدولية الكبرى ,ولكن بين هذا وذاك هناك ارادة وتصميم على خط الانتصار لحرية الاعلام وموضوعيته وشفافيته ومصداقيته وهو ما ينبغي على الجميع من الراصدين والمتابعين والمحبين لهذه القناة مراعاته وانصافه.
وللجزيرة بلا شك بحر أو نهر من الحسنات يغسل حوبتها ويطهر فم الحاقدين عليها,وككل جهد بشري لايدعي لنفسه العصمة ,فان جهد هذه المعشوقة يتسم بالنسبية ولكن أيضا بالحرص على معانقة مراتب عليا من ملامسة الحقيقة التي لايمكن أن تعكس للناس في مقولة “ياأبيض ياأسود !” وهو ماأراه مخجلا عندما يرتئي البعض منها خدمة قضايا الاعلام من خلال منظور المعارضة أو النقمة على كل ماهو رسمي وحكومي فقط ! …ولست هنا في مقام الدفاع عن سجل الأنظمة البطشية والقمعية وانما في مقام الدفاع عما تتطلبه رسالة الاعلام من توازن وتعادلية في الخطاب وهو مايفتقد اليه رجال السياسة عموما في عالمنا العربي
ختاما أجدد التحية لهذه القناة الرائدة وان كانت لي ماخذاتي الشخصية على ماتقدمه في بعض البرامج أو التغطيات الاخبارية ,ولكن عندما تتعرض معشوقة الجماهير الفضائية الى الهجوم في زمن الرداءة الاعلامية تجدني دوما ودائما منتصرا لحق الأقليات والمنبوذين والمظلومين
(*) كاتب واعلامي تونسي
(المصدر: قائمة مراسلات 18 أكتوبر بتاريخ 4 جانفي 2006)
المقامة الشوكتية في دعم الديمقراطية
خالد الغرايري – هولندا
غضب التونسيون من جهبذة الاعلام ,اذ يصيبها الخرس في الحديث عن حالتهم كل مرة ,فتمتنع عن الكلام و تجنح أمام ليلي\بن علي للسلام .وتنسى في مهنتها الشرف و النظام .لا علينا ستتكلم الجزيرة و الضريرة عندما يذهب النظام
حتى لا تقاطعوا الجزيرة ,و من لكم غيرها كشاشة ظريفة صغيرة,ها هي كرمتكم و احتفت بكم و ما صغرتكم وبموهبة من عندكم جاءتكم .
للتخفيف و الأصح لضرب “الخفيف”جيء بالسيد شوكت من روتردام ,ممتشقا صرحه الهمام -مركز دعم الديموقراطية في العالم العربي بلاهاي-“ذكرني طول اسمه بموال “الجماهيرية العربية الليبية الشعبية الاشتراكية العظمي”.أقطع هنا المقامة لأسأل القراء: تذكروا معي هل كان” الطبل” اكتشافا عربيا ؟؟؟
للاجابة اتصلوا يرحمكم الله بالرقم :زيرو,زيرو.
قلت جيء بالسيد شوكت من روتردام ممتطيا مركزه الهمام ,اذ سألت بعده عن المركز فأجبت بأنه مركز مركز -برفع الميم و تشديد الكاف-من اخر الماركات :وزنه سبع غرامات ,فيه كل التقنيات ,مضاف للفيروسات الجديدات اذ به تقنية التيليباث التي تحدد مداه و تأسر مولاه في الظل الظليل ,للنيوليبيرالي الأسيل.
صاحبهم المناضل المعروف في البلاد كما أفصح عن حاله ,مختص في مجاله ,بشر العباد :تأكل الديمقراطية من حيث نأكل الزاد.و الديمقراطية سلعة جليلة و قيمة فضيلة نشتريها حتى لو بعناالبلاد .أصدقاءنا الأمريكان ,وقد ملكوا الزمام و الزمان ,همهم حالنا و رقوا لعجزنا و جهلنا و لن يأخذونا بذنوبنا و خطايانا و سيدمقرطوننا بالمجان و يصدوا عنا ظلم السجن و السجان .و هم قد قرروا الان :كفى دكتاتورية ,الديمقراطية الان .و هم جادون ,و فى دعواهم صادقون ,و في طريقهم ماضون ,فلا يشككن جاهل في دعوى الأمريكان و يقول أن الفعل المقاوم و الأمريكان كالتقاء ساكنان,و هم مذ كانوا يبحثون فينا عن بيادق,و اليوم اهترأت البيادق القديمة,في خدمة بنت العم الزنيمة ,وجاء دور الشبان ,ليلعبوا البطولة الجديدة ,الليبرالية الجديدة ,و نحن في الظلام من جديد …
لا,لا,لا,<ثلاثة حتى لا نخرج على الأصول> لا تقولوا هذا الكلام ,استغفروا-كل يستغفر من يعرف من اله,هذا زمن الأرباب المتعددة-بالحجة و الدليل ,و نضيف المنطق الأصيل ,الأخوة الأمريكان ,عليهم السلام و الأمان ,في وضعنا تأملوا و في نظرتهم تبدلوا ,و حاشا أنهم طمعوا في نفط العراق ,كل شيء تم بالوفاق حتى التفت الساق بالساق ,و نحن من ننادي اليوم احضروا للشام ,ففيها القمل و الناموس والجراد,وليتهم اليها يحضرون و علينا يتصدقون ,لنأكل المن والسلوى و ننتهي من هذه البلوى….
هذه عبقرية تونسية ,لنا في كل أرض همام ,كالذي طلع علينا قبل أيام , و للأمريكان الفضل و المنة ,و للجزيرة اتمام المهمة ,و لا تعتبوا فليست كل الوجوه التي صادفت برامج الجزيرة وجوه مستديرة ,لكي يدور النقاش مثل ما دار مع شوكت باش.و من أراد منكم أن يكون في الصدارة ,و يبلغ العلم والجدارة ,عليه أن يكون “رأيا اخر”,”شيئا اخر”,”بوقا آخر”بدل أن يكون مكررا “هو,هو”.,و اللبيب يفهم من الإشارة ,و مدح كافور صار وساما و شارة,والمتنبي غرته أبيات الشعر فمات تحت قوافيه,و الشعوب لا تنتمي للذئاب و أستعير من شاعر مغربي نسيت اسمه :عروة يا أبا الصعاليك
أعرني حذاءك كي أعرف الطريق
و مد رداءك لتحميني…
ذكـرى 3 جانفي 1984
شـهـداؤنـا الأبــرار (*)
شعر: الأخضر الوسلاتي (**)
هل من مُـعير عينيه لبكـائي جفّت دموع العين من بلوائـي
أنا لست أدري كـم شهيد قد نفذ في الثرى من كثرة الشهداء
أم كم سجين صامد في سجنه إن البلاد تغُصّ بالسّجنــــاء
سالت دماءُ الرافعين رؤوسهم برصاص أهل الغدر والعُمـلاء
هل تذكُـرون شهيدنا عثمان أم أحمد العمْري في الأثنــاء
لكثيرة أسماؤهم إن تحسبوا رفضوا الهوان وذلة الجُـبنـاء
صمدوا لأجل الحق دون هوادة كسبُوا الشهادة دون سيل دماء
تركوا لنا شمعا يُنير طريقنا نحو النضال بتونس الخضراء
روّت دماؤهم أرضنا في عُقمها إن البلاد بحاجة لدمــــاء
فلتبكهم يا شعب تونس إنهم رفعوا رؤُوس الكلّ للعليــاء
كم من أخ في سجنه نحبا قضى لحق الأحبّة في سما الأحيــاء
عبد الوهاب أخ النضال وصحبه أنتم أسُودُ الحق في البيـــداء
يا أخضرُ بطل أراد شهادة لقي الشهادة وارتقى لسمــاء
ومن الذين تعذبوا حتى البلى كُتبوا مع الأبرار والسعـــداء
طوبى لهم إن الشهيد أحبّـتي روح ترفرف عاليا بهنـــاء
شمس تسدّد خُطونا صوب الأمام فلا مجال من الرجوع إلى الوراء
هلا سمعتم صوت سُحنون ينادي عاليا في عزّة وإبـــــــاء
يا إخوة الدرب المرير بشوكه لا تترُكوا دمنا يسيلُ كمــــاء
لا يا أخي دمُكم سيبقى نُـصب أعيُـننا منارا عاليا للإحتـذاء
عهد علينا أن نواصل دربكم قبسُ الشهادة معْلم للإهتـــداء
بدمائكم سطرتم التاريـخ زمن الخيانة والهوى والإفتراء
كنتم وقُود الحرب ضد عدونا وبكم نُواصل دربنا نحو العُـلاء
(*) في أواخر مارس 2002 بمناسبة استشهاد أخينا عبد الوهاب بوصاع بعد إضراب عن الطعام في سجن برج الرومي.
(**) شاعر وسجين سياسي تونسي سابق.
(المصدر: موقع نهضة.نت بتاريخ 3 جانفي 2006)
في الدول الحرة والناهضة، تقوم وسائل الإعلام الخاصة والمستقلة بتعداد عثرات الحكام والمسؤولين وتنتقي أبرز أخطائهم وعثراتهم في الحصيلة الإخبارية السنوية،
أما الإعلام الرسمي الستاليني المتكلس والمتخشب والمتخلف في تونس فهو يضيع وقته ويهدر أموال دافعي الضرائب في التنقيب عن “شهادات الشخصيات المرموقة” وانتقاء ما يناسب هواها منها في محاولة بائسة ومقرفة للإقناع بـ “القيادة الحكيمة”…
شهادات لشخصيات أجنبية مرموقة تثمن نجاحات تونس
حازت نجاحات تونس وانجازاتها المتعددة في سائر الميادين إعجاب عديد الشخصيات المرموقة في العالم التي ثمنت في عديد المناسبات خلال سنة 2005 مظاهر التقدم الملحوظ الذي حققته تونس في ظل القيادة الحكيمة للرئيس زين العابدين بن على وفى ما يلي مقتطفات من أهم هذه الشهادات:
11 جانفي.
تونس / كندا
السيد جاك سعادة وزير وكالة التنمية الاقتصادية الكندية لجهات الكيباك والوزير المسؤول عن الفرنكوفونية ينوه بالتقدم الاقتصادي والاجتماعي الهام الذي مكن من تحسين جودة حياة السكان التونسيين بصورة ملحوظة ويصف تونس بأنها عامل استقرار في المنطقة
18 جانفي.
تونس/الجامعة العربية
السيد عمرو موسى الأمين العام لجامعة الدول العربية يصرح بان العام الذي يرأس فيه الرئيس زين العابدين بن على القمة العربية شهد تقدما مهما رغم المشاكل العربية الكبرى وهو ما يتجلى في انطلاق المنطقة العربية للتبادل الحر وتطور المجلس الاقتصادي والاجتماعي
19 جانفي.
تونس / بريطانيا
البارونة ايلزابيث سيمونس كاتبة الدولة بوزارة الشؤون الخارجية بالمملكة المتحدة المكلفة بالشرق الأوسط وشمال إفريقيا تصرح بأن التجربة التونسية في مجال التضامن تعد تجربة جد هامة ومفيدة وتعتبر تجربة صندوق التضامن الوطني نموذجا مميزا
22 جانفي.
تونس/ألمانيا
السيد اندرياس كارستان الرئيس المدير العام للمؤسسة الدولية “ماجيك لايف” يقول أن تونس تعد وجهة آمنة ولديها بنية أساسية ذات جودة وعديد المزايا التي تمكنها من احتلال موقع أفضل في السوق الألمانية .
تونس/إعلام عربي
شبكة الأخبار العربية “اى ان ان” بلندن تورد تحقيقا مصورا من تونس بتاريخ 11 جانفي 2005 جاء فيه انه لئن تصدر الشعب التونسي طليعة الشعوب المتفائلة بحلول السنة الجديدة 2005 من خلال استطلاعات دولية للراي أعدتها ونشرتها مؤسسة غالوب انترناشيونال متقدما بذلك على كل من الشعب الامريكى والاسترالى والبانمى فان الخبراء يرون أن مرد التفاؤل هو ثقافة التضامن والتآزر التي أشاع قيمها الرئيس زين العابدين بن على
25 جانفي.
تونس/ السعودية
الأمير احمد بن عبد العزيز نائب وزير الداخلية بالمملكة العربية السعودية يقول أن تونس ما انفكت تسجل تطورا ملموسا وحياة سعيدة للتونسيين الذين اهنؤهم بهذه القيادة الرشيدة التي سيكون بفضلها لتونس وأبنائها مستقبل طيب
31 جانفي.
تونس/فرنسا
السيد جان بيار رافاران الوزير الأول الفرنسي يصرح بان اهتمام تونس الجلى بإرساء المجتمع الرقمي سيما عبر اعتماد تقنية التدفق العالي على شبكة الانترنات وتعزيز البنية التحتية الرقمية أمر ليس بالغريب فالرئيس زين العابدين بن على مولع شخصيا بالإعلامية وبالشبكة الرقمية مضيفا أن التقدم الهام الذي حققته تونس في مواجهة تحديات المستقبل يبرز جليا لعيون الزائرين.
تونس /الولايات المتحدة الأمريكية
السيد سكوت كاربنتر نائب مساعد وزير الخارجية الأمريكي للشرق الأوسط والمكلف بالإشراف على مبادرة الشراكة بين أمريكا والشرق الأوسط يؤكد أن تونس توصلت حكومة وشعبا إلى وضع قاعدة متينة للتقدم والرقى الاقتصادي والاجتماعي ويضيف أن ما نلاحظه في تونس هو جرأتها على اتخاذ خطوات ومبادرات كبيرة في مجال الديمقراطية.
08 فيفرى
تونس/منظمة العمل العربية
السيد إبراهيم قويدر المدير العام لمنظمة العمل العربية يسلم الرئيس زين العابدين بن على النسخة الأولى للكتاب الدوري لإحصاءات العمل في البلدان العربية ويصرح قائلا أن هذا الدليل الإحصائي العلمي والمنهجي اثبت أن تونس هي الدولة الرائدة في ما يتعلق ببرامج العمل والتشغيل وأن تجربة تونس تستحق منا أن نعتبرها تجربة رائدة خاصة في ما يتصل بالمفاوضات الجماعية والحوار الاجتماعي والحريات النقابية
11 فيفرى.
تونس / بولونيا
السيد لونجان بستوسياك رئيس مجلس الشيوخ البولوني يصرح لقد هنأت الرئيس زين العابدين بن علي على سياسته التي تخدم التقدم الاجتماعي والاقتصادي والاستقرار الداخلي وتونس تعطى مثالا جيدا لسياسة التنوير نتيجة الإحساس العميق بالمشاكل الاجتماعية
03 مارس.
تونس/صندوق النقد الدولي
السيد رودريغو دى راتو المدير العام لصندوق النقد الدولي يقول أن تونس تعيش مرحلة هامة للغاية على المستوى الاقتصادي حيث نوفقت إلى النجاح لا على مستوى استقرار الاقتصاد الشامل فحسب بل إلى تحقيق
نسق نمو اقتصادي مرتفع وعديد الانجازات الهامة في ميدان التشغيل وبالخصوص في مجال تقليص نسبة الفقر
السيد رودريغو دى راتو يضيف أن تجارب تونس في الميدان الاجتماعي وفى مجال التضامن من شانها أن تكون مفيدة بالنسبة إلى بقية بلدان المنطقة.
28 مارس
تونس / الاتحاد الأوروبي
السيد جوزيب بورال فونتلاس رئيس البرلمان الأوروبي يقول أن تونس تعد نموذجا متفردا إذ توفقت إلى الاستفادة من مسار برشلونة بفضل نسق نموها الاقتصادي المطرد وتفتحها السياسي وتطور مجتمعها المدني.
رئيس البرلمان الأوروبي يضيف أن دول الفضاء الأورومتوسطي الأخرى لو حذت حذو نموذج تونس في مجال التفتح وتعزيز علاقات التعاون والشراكة لكان الوضع في منطقة حوض المتوسط أفضل
14 أفريل.
تونس /مؤسسات دولية/رياضة
السيد عمار العدادى رئيس اللجنة الدولية لألعاب بلدان البحر الأبيض المتوسط يصرح بان دعم رئيس الدولة ورعايته للرياضة والحركة الاولمبية هما وراء الانجازات التي حققتها تونس في المجال الرياضي سواء على مستوى النتائج أو المنشآت الرياضية العصرية
23 أفريل.
تونس /جمعيات دولية
السيد ياسر فرحات رئيس مجلس إدارة جمعية مصر أوروبا لتنمية الصداقة بين الشعوب يلاحظ أن الصورة المشرقة لتونس الجميلة هي السبب الأول للتقدير الذي تحظى به تونس بين أمم العالم وتحظى به المؤسسات السياسية والاقتصادية والشعبية التونسية مبينا أن استطلاع الرأي العام العربي يؤكد أن المجد الذي صنعه الرئيس زين العابدين بن علي على ارض تونس قدم أعظم الصور الايجابية عن العالم العربي وان التجارب التنموية العظيمة لا تحتاج لوصفات جاهزة يتم استيرادها من الخارج لكن الإخلاص هو القاطرة التي تقود مسيرة الأمم إلى القمة.
05 ماي
تونس / متوسط
السيدة طوكية سايفي رئيسة اللجنة السياسية وحقوق الإنسان في الجمعية البرلمانية الأورومتوسطية وعضو مجموعة المغرب العربي صلب البرلمان الأوروبي تقول أنها اكتشفت في تونس بلدا عصريا تحدوه رغبة أكيدة للإسهام بصفة قيمة في تعزيز أسس الحوار الأوروبي المتوسطي.
27 ماى
تونس / ايطاليا
الأستاذ باسكوالى ميستراتا رئيس جامعة كاليارى الايطالية يؤكد لدى تسليمه الرئيس زين العابدين بن على الميدالية الذهبية لهذه الجامعة أن حوار الحضارات في تونس ليس شعارا جامدا بل حقيقة ملموسة تجسمها محطات وإجراءات عملية .
22 جوان
تونس / اليابان
الإمبراطور اكى هيتو امبارطور اليابان يعبر عن إكباره للتوجهات الإصلاحية التي ينتهجها الرئيس زين العابدين بن على والتي مكنت تونس من تحقيق نتائج تنموية هامة عززت مكانتها على الساحة الدولية.
01 جويلية
تونس /عالم عربي
السيدة هناء سرور مديرة وحدة المرأة بالجامعة العربية تقول أن ما تحقق للمرأة في تونس هو مبعث فخر للجميع دولا عربية ونساء عربيات السفيرة شادية فراج مديرة شؤون أمريكا اللاتينية بوزارة الخارجية المصرية تصرح بان تونس تعد مثالا يحتذى لعديد الدول لا فقط على المستوى العربي و إنما على مستوى العالم الثالث كله.
16 سبتمبر
تونس /الاتحاد الأوروبي
السيدة لويزا فرناندا رودى اوبيدا رئيسة المجموعة المكلفة بالعلاقات مع بلدان المغرب العربي بالبرلمان الاوروبى تبدى إعجابها بما تحقق في تونس من نجاحات مختلفة مشيرة الى ان ما يتوفر في تونس من كفاءات وتنوع اقتصادى واستقرار من شانه أن يجعل منها قطبا للاستثمار وبعث المشاريع المشتركة.
19 سبتمبر
تونس /منظمات عربية/ رياضة
الامير نواف بن محمد ال سعود الرئيس الشرفى للاتحاد العربى لالعاب القوى يسلم الرئيس زين العابدين بن على درع هذه المنظمة ويقول ان ما وجدناه فى الرئيس زين العابدين بن على انما يدل على حكمة قيادته وان ما قام ويقوم به يعد مفخرة للجميع ويضيف نتمنى ان نرى من قياداتنا فى العالم العربى من يكون فى اقتدار هذا الرجل فى التعامل مع الاحداث القائمة وما تنعم به تونس من استقرار وأمن ونماء اقتصادى ونتمنى ان يبقى هذا البلد أمينا على الدوام وملتقى للعرب.
29 سبتمبر
تونس / ايطاليا
السيد فرانسيسكو كوسيغا عضو مجلس الشيوخ ورئيس الحكومة السابق ورئيس الجمهورية الايطالية الاسبق يصرح تحتل تونس موقعا متميزا في منطقة شمال افريقيا وهي البلد الاكثر تقدما على صعيد الديمقراطية كما انها بلد التسامح وواحة سلام
13 أكتوبر
تونس/ الاتحاد الاوروبي
السيدة بينيتا فيريرو ولدنير المفوضة الاوروبية المكلفة بالعلاقات الخارجية وبسياسة الجوار تقول ان تونس التى كانت اول بلد متوسطي يبرم اتفاق شراكة مع الاتحاد الاوروبي تعد الشريك الاكثر تقدما على درب ارساء منطقة للتبادل الحر
25 أكتوبر
تونس/منظمات
السيدة سعيدة بن حبيلس رئيسة الجامعة الدولية لجمعيات ضحايا الارهاب تقول اننا فخورون بما حققته تونس في ميدان معالجة الفوارق الاجتماعية بفضل السياسة الحكيمة للرئيس زين العابدين بن علي التي من بين ابرز اسسها ترسيخ التضامن الوطني والتوازن الجهوى
08 نوفمبر
تونس / فرنسا
السيد هيرفي دى شارات السكريتير الوطني الفرنسي للاتحاد من أجل الحركة الشعبية المكلف بالعلاقات الخارجية يصرح اذا كانت تونس بلدا يحسد في الخارج على ما حققه من ازدهار واستقرار فذلك لانها توصلت الى ضمان الاستقرار الاقتصادى والنهوض بوضعية المراة وتشجيع الاستثمارات الاجنبية وتأمين تنمية اقتصادية متواصلة
السيد هيرفي دى شارات يضيف ان الدول التي راكمت اكثر ما يمكن من المكاسب والنجاحات هي الدول التي توفقت الى تحقيق نهضة ونمو بلدانها وتونس هي احدى تلك البلدان وقد انطلقت مسيرتها على افضل الاسس الممكنة.
16-18 نوفمبر
القمة العالمية حول مجتمع المعلومات
السيد يوشيو اوتسومي الامين العام للاتحاد الدولي للاتصالات يؤكد ان قمة تونس 2005 كللت بالنجاح ويقول ان على تونس الاضطلاع بدور متواصل لمزيد من التعبئة بشان الالتزامات الصادرة عن القمة والهادفة الى تقليص الفجوة الرقمية وارساء مجتمع المعرفة خاصة وان تونس التي تعد /قصة نجاح/ في افريقيا بالنظر الى محدودية
مواردها الطبيعية قد نجحت في جعل تقنيات الاتصال عنصرا للتنمية المستديمة بما يؤهلها لان تكون نموذجا للبلدان الاخرى السيد فرانك مرمود ممثل القطاع الخاص بوزارة الخارجية الامريكية يؤكد ان انعقاد المرحلة الثانية من القمة العالمية حول مجتمع المعلومات في تونس يعكس بقوة الجهود التي يبذلها البلد في مجال النهوض بالتكنولوجيات الجديدة للاتصال السيد فرانك مرمود يضيف ان تونس توفقت الى قطع خطوات كبيرة على درب تطوير التعليم والنهوض باوضاع المراة والتحكم في التكنولوجيات الجديدة للاتصال وهي نجاحات حفزت عديد الشركات الامريكية على الاستثمار بتونس على غرار ميكروسوفت وانتال وسيسكو وايتش بي السيد فيرى دى كيركوف المدير العام للمنظمات الدولية وممثل وفد كندا يعبر باسم البلدان الغربية عن شكره لتونس ولرئيسها وشعبها لتنظيم القمة التى فاقت بنجاحها قمة جنيف ويقول ان تونس البلد الجميل والمضياف كان في الموعد ونحن نبارحها يغمرنا الحماس ويحدونا الامل في مستقبل افضل وفي عالم اكثر انفتاحا وحرية وفقا للاسس التي وضعتها قمة تونس 2005.
العقيد علي ولد محمد فال رئيس المجلس العسكرى للعدالة والديمقراطية لجمهورية موريتانيا الاسلامية يصرح بان اختيار تونس لاحتضان المرحلة الثانية من القمة العالمية حول مجتمع المعلومات ليس من قبيل الصدفة اذ انه يعكس مدى وعي تونس بالتحديات التي تطرحها الثورة الرقمية وحرصها على ضمان كل الظروف الملائمة للاخذ بناصية تكنولوجيات الاتصال الحديث وارساء بنية اساسية اتصالية متطورة .
مجموعة من البرلمانيين الفرنسيين يصرحون في بيان مشترك نشر في باريس ان احتضان تونس للقمة يعد اقرارا بالتحول السياسي في هذا البلد الصاعد الذى يسعى الى الارتقاء الى مرتبة البلد العربي المتقدم.
10 ديسمبر
تونس /ايطاليا
الاستاذ روبارتو ساني رئيس جامعة ماتشيراتا الايطالية يشيد بحرص الرئيس زين العابدين بن علي على ضمان المساواة الفعلية في الفرص بين مختلف مكونات المجتمع التونسي وعلى تمكين المراة من فرض ذاتها الى جانب تعزيز حضور المجتمع المدني ودعم احترام حقوق كل الافراد في مناخ من التعايش والانسجام بين الاديان والثقافات.
تونس/ برلمان الاطفال
السيد يوركي اورولينا رئيس البرلمان العالمي الموحد للاطفال يقول ان الانجازات الكثيرة التي حققتها تونس جعلت من هذا البلد واحة امن وسلام .
28 ديسمبر
تونس / اوروبا
وزير بحكومة اوروبية صديقة يؤكد في رسالة نشرتها الصحافة التونسية ان تونس بلغت درجة مرموقة من التقدم وان مظاهر التقدم التى حققتها في المجالات الاساسية لا يمكن ان تخفى عن التونسيين انفسهم ولا عن الملاحظين المتحلين بالفطنة والنزاهة وهم كثر في العالم.
ويضيف مخاطبا رئيس الدولة لدى احساس راسخ بان نجاحكم في قيادة الجمهورية التونسية يثير مشاعر الحسد بما في ذلك لدى نظرائكم في سائر انحاء العالم.
ويؤكد قوله ان تونس هى اليوم في افضل صورة وان ما بقي عالقا بالاذهان هو اختيارها لاحتضان القمة العالمية حول مجتمع المعلومات.
(المصدر: موقع “أخبار تونس” الرسمي بتاريخ 3 جانفي 2006)
عرض كتاب:
تونس في العصر الوسيط
عرض/لطفي حجي
صدر عن دار الجنوب للنشر بتونس كتاب عن تاريخ تونس في العهد الوسيط الذي يمتد بين سنتي 647 و1574 ميلادية (بين سنتي 27 و982 هجرية)، وهو الجزء الثاني من سلسلة بدأت في نشرها الدار تحت عنوان التاريخ العام للبلاد التونسية، وقد صدر الجزء الأول منها سنة 2003 وخصص لتاريخ تونس القديم.
تناول الكتاب الصادر باللغة الفرنسية بأقلام ستة من كبار المؤرخين والأركيولوجيين التونسيين خمس مراحل مهمة من تاريخ تونس العربية المسلمة المتمثلة في الفتح العربي والعهد الأغلبي والعهد الفاطمي والعهد الزيري والعهد الحفصي.
وقد خلفت كل مرحلة بصمة من بصماتها في التاريخ التونسي في المعمار والسياسة والمجتمع.
– الكتاب: تونس في العصر الوسيط
– المؤلفون: هشام جعيط وجماعة من الباحثين
– عدد الصفحات: 455
– الناشر: دار الجنوب للنشر، تونس
– الطبعة: الأولى/ديسمبر 2005
– اللغة: الفرنسية
الفتح الإسلامي
تبدو المراحل التي يتناولها الكتاب حلقات من تاريخ صنع بالصراع والمقاومة، فحتى الفتح العربي الإسلامي لأفريقية (الاسم القديم لتونس) لم يكن يسيرا بل تطلب عقودا من المقاومة قادها شعب من البربر تسلح بإرادة مقاومة صلبة رغم عدم تكافؤ الفرص بينه وبين الجيش الإسلامي القوي ذي الإمكانيات الكبيرة حينها.
لكن المقاومة لم تمنع انتصار الجيش الإسلامي الذي أنهى ثمانية قرون من الحكم الروماني البيزنطي المسيحي لتونس ونجح في صهرها ضمن العالم الإسلامي ناسجا لها بذلك مصيرا جديدا.
خلال الفتح الإسلامي حكم تونس الولاة الممثلون للأمويين ثم للعباسيين، إلا أنها أصبحت سنة 800 للميلاد إمارة أغلبية (نسبة إلى الأغالبة) مستقلة عاصمتها القيروان التي تحولت إلى حاضرة الغرب الإسلامي.
وحسب ما أورده الدكتور محمد الطالبي الذي كتب الجزء المخصص لهذه المرحلة -وهو من كبار المختصصين فيها باعتبار أنه أعد رسالة دكتوراه حولها- فإن أفريقية (تونس) تحولت إلى قوة ضخمة في العهد الأغلبي، ففي الداخل تمتعت لأول مرة منذ الفتح الإسلامي وعلى امتداد أكثر من قرن باستقرار سياسي وسلام داخلي، وفي الخارج كان الجيش الأغلبي يحقق الانتصارات في سيسيليا وإيطاليا، وعلى أساطيل المتوسط عامة.
وقد ساهم بذلك في خدمة قضية الإسلام وفي المحافظة على الرفاه المادي الداخلي للبلد خلال فترة طويلة.
وتزامنت الانتصارات العسكرية مع نهضة ثقافية ثرية ومشعة في الآن نفسه تشهد عليها المعالم التي بقيت حية إلى يومنا الحاضر، مثل جامع القيروان الكبير الذي يسمى اليوم جامع عقبة بن نافع ورباط سوسة الضخم الذي حمى المدينة من الغزاة الطامعين.
حكم الفاطميين
بعد قرن من حكم الأغالبة تمكن الفاطميون إثر ثورة شيعية من حكم البلاد، إلا أن أعينهم كانت متجهة إلى الشرق الذي كان مؤسس الدولة الفاطمية عبيد الله الفاطمي يحلم بالرجوع إليه لإقامة خلافته فيه.
وبالفعل انطلقت الجيوش الفاطمية من تونس لتأسيس القاهرة التي تحولت إلى عاصمة المعز، وحاضنة جامعة الأزهر التي أصبحت منارة علمية في العالم الإسلامي.
وقد نجح الفاطميون قبل انتقالهم إلى القاهرة وعلى امتداد نصف قرن من حكمهم أفريقية في تطوير الإرث الحضاري الأغلبي والمحافظة على مملكة منظمة وقوية وبلد يسوده الغنى والهدوء.
ورغم وجود صراع بين المذهب المالكي مذهب الأغالبة والمذهب الشيعي مذهب الفاطميين، وهو صراع لم يخلو من تضخيم بعض المؤرخين، فإن المرحلة الفاطمية من حكم أفريقية شهدت إشعاعا علميا خلد ذكره التاريخ وبالخصوص في عهد المعز لدين الله الفاطمي.
في عهده تطور فن الحضارة الفاطمية تجسد في القصور الجميلة في المنصورية، وثراء الزخرفة في المساجد وفي التحف والأقمشة، ويشهد عليه كذلك ثراء العادات الاحتفالية في المناسبات الدينية.
وقدمت المرحلة الفاطمية للعالم الإسلامي ثلة هامة من الأدباء والعلماء في اللغة والطب ذائعي الصيت في العالم الإسلامي، فمع حنين ابن إسحاق وابن الجزار قدمت القيروان أحسن العلماء في الطب في تلك الفترة، وهي شهادة على الاستقرار في عهد المعز الذي مكن البلاد من ازدهار على أكثر من صعيد.
الاضطراب والفوضى
لم يتواصل هذا الإشعاع الحضاري والعلمي مع الزيريين الذين خلفوا الفاطميين وحكموا البلاد بين سنتي 969 و1160م، فهذه المرحلة اتسمت -حسب الكتاب- بحدثين مفصليين، الأول كان سنة 972 عندما تحررت أفريقية من الوصاية الشرقية التي فرضها الفاطميون من القاهرة.
أما الحدث الثاني فكان سنة 1052 عندما غزا بنو هلال البلاد وقضوا على نخوة الرفاه وأدخلوا البلاد في دوامة من الفوضى، وهو ما جعل المؤرخين يقولون عن تلك الفترة حيثما قلبت وجهك لن تجد إلا نتيجة واحدة هي الفوضى والخراب.
إذا كانت تلك هي السمة البارزة لأفريقية في تلك الفترة فإن هناك من المؤرخين الغربيين الذين ورد ذكرهم في الكتاب من لا يحمل غزو بني هلال وحده مسؤولية انهيار المغرب بل يرجع ذلك إلى عدة عوامل أخرى منها بالخصوص احتلال سيسيليا من قبل النورمنديين.
في ذلك الوقت كان انتشار المسيحية في تلك الجزيرة وفقد المغرب سيطرته على المتوسط وعاش منذ تلك الفترة في مرحلة دفاعية.
لقد أبرز احتلال سيسيليا ثلاثة عوالم منها اللاتيني والبيزنطي والعربي، كما أبرز أول تقدم للمسيحية الغربية مع ميلاد دولة جديدة، لأن سيسيليا كانت مركز للغات والديانات والحضارات كما كانت محطة لكل الرحلات البحرية الكبرى، فهي بلد الذهب والتجارة الكبرى.
من هذه الرؤية يصبح احتلال سيسيليا من قبل المسيحيين وإدماجها في مملكة قوية حدثا هاما للغرب كافة، ساهم في الوقت ذاته مع الغزو الهلالي في إقحام أفريقية في دوامة من الفوضى والانقسام والضعف تواصلت ما بين القرنين الحادي عشر والثاني عشر، إلى أن جاء الخلاص من الغرب الأقصى هذه المرة.
فالموحدون الذين رفضوا الوحدة ما بين المغرب والأندلس نصبوا سنة 1232 الشيخ أبو حفص حاكما على أفريقية، مؤسسين بذلك العهد الحفصي الذي اتخذ من تونس عاصمة جديدة.
الحفصيون وبداية النهاية
تواصل الحكم الحفصي لتونس ثلاثة قرون ونصفا، فكان بذلك أطول حكم في المغرب وفي العالم العربي.
عرف القرن الأول من الحكم الحفصي لتونس سلسلة من الاضطرابات تمثلت في الصراع على السلطة بين أفراد العائلة المالكة وفي قيام مجموعة من القبائل الداخلية التي أرادت الانتقام، إلا أن القرن الثاني من حكمهم عرف الاستقرار والرفاهية وبالخصوص أثناء فترتي حكم أبو العباس وأبو عثمان.
وبدءا من العام 1448 عادت القلائل من جديد عندما تأجج الصراع بين الإسبان والأتراك على المتوسط.
تمكن الحفصيون أثناء حكمهم الطويل من تطوير المجالات الاجتماعية والاقتصادية والفلاحية والتعليمية والسياسية والمعمارية التي طبعت بطابعها جزءا من تاريخ تونس.
ونجح الحفصيون أيضا في تطوير جيشهم وتقويته حتى أصبح من أحسن الجيوش في المغرب إلى بداية القرن السادس عشر.
ومن العوامل الأخرى التي ساعدت على استقرار الحفصيين مدة طويلة محافظتهم على التوازن الاجتماعي داخل طبقات المجتمع بمستقريهم ورحلهم، وبتقريب العدالة من مستحقيها.
كما عرف الحفصيون كيف يوظفون مسألة هامة منتشرة داخل المجتمع وهي مسألة الزوايا التي لعبت دورا مهما في تأطير المجتمع والمساعدة على تحقيق السلم والاستقرار، الدور الذي عجزت الدولة عن القيام به أحيانا وهو ما يفسر رعاية الدولة لتلك الظاهرة حسب ما يورده المؤرخون.
تبرز التحاليل التاريخية الواردة في الكتاب ثغرة هامة ساهمت في انهيار حكم الحفصيين متمثلة في إهمالهم لتطوير الأسطول البحري الذي أصبح ضروريا مع بداية التاريخ الحديث، ومكملا أساسيا للقوة البرية.
إغفال الحفصيين لذلك جعلهم عاجزين عن القيام بدور في الصراع الإسباني- التركي من أجل السيطرة على المتوسط.
و قد أدى ذلك الضعف الواضح بالحفصيين إلى الاستعانة بالإسبان لمقاومة الأتراك الذين استقروا في الجزائر، وهو ما جلب لهم -أي للحفصيين- نقمة الأهالي المسلمين الذين كانوا يختارون الأتراك الذين حكموا تونس في المرحلة اللاحقة وهي المرحلة التي ستكون مجال دراسة الكتاب القادم.
(المصدر: ركن “المعرفة” بموقع الجزيرة.نت بتاريخ 3 جانفي 2006)
اللمبي وهنيدي وعادل إمام نجوم حج هذا العام
131 سجينا سياسيا في ليبيا يضربون عن الطعام احتجاجا علي استمرار حبسهم
لندن ـ القدس العربي
شن اكثر من 130 سجين رأي في سجن ابو سليم بطرابلس اضرابا مفتوحا عن الطعام ابتداء من الاثنين احتجاجا علي استمرار حبسهم رغم الوعود المتكررة باطلاق سراحهم.
وقالت منظمات حقوقية في بيان تلقت القدس العربي نسخة منه امس الثلاثاء ان 131 سجينا من سجناء الرأي بينهم سجناء جماعة الاخوان المسلمين دخلوا في اضراب مفتوح عن الطعام بسجن ابو سليم في طرابلس احتجاجا علي استمرار حبسهم ومحاكمتهم امام محاكم خاصة، رغم الوعود المتكررة باطلاق سراحهم .
وجاء في البيان الذي حمل توقيع 21 منظمة حقوقية يخشي هؤلاء السجناء ان تصدر المحكمة الخاصة الاستثنائية التي يعرضون عليها احكاما قاسية اسوة بسابقتها محكمة الشعب، اذ تفتقر هذه المحكمة الي ادني المعايير الاساسية للمحاكمة العادلة والمحايدة .
وذكرت المنظمات بان سيف الاسلام القذافي رئيس مؤسسة القذافي للتنمية ظهر علي قناة الجزيرة (الفضائية القطرية) في 20 اب/اغسطس 2005، واعدا بالافراج عن نحو 131 سجين رأي خلال شهر، لكن شيئا من هذه الوعود لم يتحقق . وقال البيان ان نحو 500 سجين يقبعون في سجن ابو سليم قرب طرابلس العديد منهم سجناء رأي . وادانت المنظمات استمرار اعتقال سجناء الرأي في ليبيا وقالت نحمل السلطات الليبية مسؤولية اي تدهور في اوضاعهم الصحية (…) ونناشد كل المؤسسات المهتمة بحقوق الانسان التدخل لدي السلطات الليبية للافراج الفوري عن كل سجناء الرأي .
وكانت منظمة هيومن رايتس ووتش الامريكية اكدت في تقرير في تشرين الاول/اكتوبر الفائت انها تملك وثائق تبرهن ان السلطات الليبية تقوم بضرب السجناء وتعليقهم علي الجدران وتعذيبهم بالصدمات الكهربائية.
كما اعتبرت منظمة العفو الدولية في تقرير بعد زيارة وفد تابع لها لليبيا العام الماضي هي الاولي منذ 51 عاما، ان طرابلس ما زالت تنتهك حقوق الانسان.
وينفي الزعيم الليبي معمر القذافي باستمرار وجود سجناء رأي في بلاده باستثناء الزنادقة في اشارة الي الاسلاميين.
(المصدر: صحيفة القدس العربي الصادرة يوم 4 جانفي 2006)
الجزائر: بوتفليقة يستأنف مهماته وقوانين المصالحة أبرز الأولويات
الجزائر – محمد مقدم
أفادت مصادر مطلعة أن الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة بدأ في متابعة مهماته الرئاسية بعدما اضطر إلى الابتعاد عن إدارة شؤون الدولة والخضوع لعملية جراحية في مستشفى «فال دوغراس» في باريس بعد اصابته بقرحة نزيفية في المعدة في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي.
وقال مصدر بارز لـ «الحياة» إن رئيس الدولة «يستعيد شيئاً فشيئاً عافيته» بعد فترة نقاهة صارمة بناء على نصيحة من الفريق الطبي الفرنسي الذي طلب منه «التزام الراحة التامة»، مشيرا إلى أن أبرز الأولويات التي يعكف عليها حالياً ضمان صدور قوانين المصالحة الوطنية في أقرب الآجال بعدما تعذر عليه استصدارها قبل نهاية 2005 بسبب الوعكة الصحية التي المّت به. ومنذ تزكية الشعب الجزائري «ميثاق السلم والمصالحة» الذي يمنح عفواً مشروطاً لعناصر الجماعات الإسلامية المسلحة الذين يتخلون عن العنف، في أيلول (سبتمبر) الماضي، لا يزال الرأي العام في انتظار صدور القوانين الجديدة.
وقال مصدر على صلة بملف الجماعات إن «مسعى الميداني لإقرار السلم مع عناصر الجماعات المسلحة سيكون بعد صدور قوانين المصالحة». واعترف أن تأخر صدور هذه القوانين «خلق نوعاً من الشك والتردد» في صفوف المسلحين الذين كانوا يفكّرون في استجابة نداء السلطات والقاء السلاح.
وتفيد معلومات من مصادر عدة أن عدد المسلحين الذين تخلوا عن العمل المسلح منذ استفتاء السلم والمصالحة لم يتجاوز مئة عنصر. لكن أجهزة الأمن استطاعت استقطاب قيادات بارزة في «الجماعة السلفية» سواء بواسطة عمليات التمشيط المستمرة أو بسبب العمل الحواري لشرح مسعى السلطات مع عائلات المسلحين. وبين هؤلاء حسان حطاب «أبو حمزة»، مؤسس هذا التنظيم المسلح، الذي أُفيد انه وجّه أخيراً برقية تهنئة إلى رئيس الدولة لمناسبة شفائه من الوعكة الصحية. وأكدت مصادر أمنية ان السلطات تمكنت أيضاً من استقطاب ثلاثة من أبرز القيادات المرجعية في «الجماعة السلفية» يُعتبرون من مساعدي الأمير الحالي في الجماعة «أبو مصعب عبد الودود» (اسمه الحقيقي عبدالمالك دردقال) الذي رفض في بيانات حديثة مسعى السلم والمصالحة.
(المصدر: صحيفة الحياة الصادرة يوم 4 جانفي 2006)
حزب إسلامي يدعو الى إطلاق سجناء «أبرياء» ويلمح الى مشاركة أكبر في الانتخابات المغربية
الرباط – محمد الاشهب
دعا حزب «العدالة والتنمية» الاسلامي الى الافراج عن جميع الأشخاص الذين ثبتت براءتهم حيال هجمات 16 أيار (مايو) 2003 في الدار البيضاء. وأكد المجلس الوطني للحزب في بيان أصدره في ختام أعماله، ضرورة «مواصلة معالجة التجاوزات الحقوقية التي أعقبت الأحداث الارهابية والافراج عن جميع الأبرياء» وفي مقدمهم الناشط الاسلامي يوسف أوصاع المنتسب الى «العدالة والتنمية» والمدان بالسجن على خلفية تلك الأحداث. كما دعا الى «التصدي للانتهاكات والتجاوزات المتعلقة بالحريات العامة واستمرار الاعتقالات والمحاكمات بسبب التعبير عن الرأي أو خوض نضالات اجتماعية».
واعرب عن القلق إزاء «تردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية بسبب فشل الحكومة في وضع البلاد على سكة الاصلاحات الكبرى». وانتقد أداءها الذي يضع «هاجس التوازنات المالية على حساب التوازنات الاجتماعية»، في اشارة الى زيادة أسعار المواد الاستهلاكية نتيجة ارتفاع أثمان الطاقة، موضحاً ان الحكومة «تتساهل مع ناهبي المال العام» وتلجأ في مقابل ذلك «الى تحميل المواطنين المستضعفين» أعباء اضافية. كما انتقد البيان ما وصفه بـ «سياسة الحكومة الساعية الى تهميش البرلمان وإضعاف دوره والتدخل في صلاحياته من خلال التهرب من الرقابة على العمل الحكومي». ورأى ان الانتخابات الاشتراعية لعام 2007 «يجب أن تشكل فرصة تاريخية لتحول ديموقراطي حقيقي ومكتمل، وأن تقطع مع كل أساليب التدليس وتزوير الارادة الشعبية».
ولاحظ مراقبون انها المرة الأولى التي يتحدث فيها حزب «العدالة والتنمية» عن ظروف الانتخابات خصوصاً انه قدم قوائم بمرشحيه في الانتخابات السابقة من دون تغطية كل الدوائر. لكنه على رغم ذلك حاز المرتبة الثالثة بعد الاتحاد الاشتراكي والاستقلال. وعزا قياديوه الهدف من عدم تقديم مرشحين في كل الدوائر الى الرغبة في تبديد المخاوف الناشئة إزاء استئثار حزب اسلامي بوجود كبير في الخريطة السياسية، ما يعني انه قد يخوض الاستحقاقات المقبلة بحضور أكبر، وقد يتجه الى بناء تحالفات مع أحزاب صغيرة في ضوء بوادر الاستقطابات التي تنحو في اتجاه قيام تكتلات حزبية جديدة، خصوصاً ان قانون الأحزاب الذي أقره البرلمان حدد صيغة التكتلات.
(المصدر: صحيفة الحياة الصادرة يوم 4 جانفي 2006)
الوفاق والمصالحة خيار المستقبل
د. أحمد القديدي (*)
alqadidi@hotmail.com
لابد أن نحيي قائدين عربيين هما العاهل المغربي محمد السادس والرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة عن إجراءات حكيمة وجريئة اتخذاها من أجل تضميد الجراح وطي صفحات الماضي الأليمة في وطنين عزيزين علينا هما المملكة المغربية والجزائر. حين قرر الملك الشاب فتح ملفات المظلومين والمختطفين والمساجين بلا وجه حق بإنشاء هيئة وطنية للحقيقة والمصالحة عام 2004، وحين تقدم الرئيس الجزائري للاستفتاء الشعبي بمشروع السلام والوفاق متمثلين في العفو التشريعي العام والذي أقره الشعب في 29 سبتمبر 2005 وشرعت الدولة في تنفيذه.
ولابد أيضا من الاعتراف بشجاعة الزعيمين لأننا في تاريخنا العربي الحديث تعودنا في أغلب الحالات على عدم المكاشفة بما نعتبره صفحات سوداء من العلاقات بين الحاكم والمحكوم وتعودنا إبقاء التجاوزات بعيدا عن المحاسبة وهي ممارسات سياسية بالية لا تحل مشكلا ولا تصنع نسيانا ولا تعزز ثقة ولا تفتح أفقا للمصير الأفضل، وهي مناقضة للشفافية والقانون والحق والأخلاق، تلك القيم السامية التي تؤسس لدولة العدل والعدل كما قال العلامة ابن خلدون هو أساس العمران. ويكفي التأمل في أول تجربة تاريخية في هذا الشأن والتي أنجزها الإفريقيون الجنوبيون حين أنشأ الرئيس المناضل نلسون منديلا لجنة المصارحة والمصالحة برئاسة رجل الكنيسة ديسموند توتو الحائز على جائزة نوبل للسلام، وكان لتلك العملية الأثر الفعال في تجاوز محنة الميز العنصري ووضع حد للحكم الجائر للأقلية البيضاء على حساب الأغلبية السوداء وخرجت بإفريقيا الجنوبية من حالة الحرب الأهلية إلى حالة السلم والتقدم والرخاء والعودة للمنتظم الأممي بعد طردها منه.
وجاءت المبادرة الجزائرية على يد الرئيس عبد العزيز بوتفليقة وهو رجل عف اللسان والقلب كنت تشرفت بالتعرف إليه عن قرب حين كان بعيدا عن الشأن السياسي وكان يزور أصدقاءه في دولة الإمارات أو بالدوحة فنلتقي حول عشاء أو غداء مع الشيخ علي آل ثاني والدبلوماسي القطري أبو ناصر آل خليفة والكاتب العماني علي المعشني نتحاور في مستقبل العالم العربي ومنزلة الجزائر في المصير العربي وكان ومازال الرئيس المناضل بوتفليقة يؤمن بالوفاق وتضميد الجراح وإعلاء كلمة الحق، وأذكر أنه في سنوات 1997 و1998 حين كنا نلتقي، نجده يحمل هموم الجزائر في قلبه كالجرح النازف حين كنا نسمع ونرى معا على شاشات التليفزيون أنباء القتل العشوائي والرعب الإرهابي في القرى والأرياف الجزائرية، والتي راح ضحيتها حسب إحصاءات رسمية 150 ألفا من أبناء الجزائر، وكانت نظرات بوتفليقة من خلال عينيه الخضراوين تكشفان الألم العميق الصادق والإرادة الصماء على إنهاء المأساة. وبالفعل صدق الرجل وعده بالشروع في إخراج وطنه من المأزق ومن الأزمة بفتح صفحة العفو العام الكفيل وحده بتحقيق حلم أبطال الثورة الجزائرية وشهدائها الأبرار في الخمسينيات وهو حلم بأن يروا الجزائر حرة مستقلة وناهضة ومسلمة تطير بجناحيها المتكاملين العربي والأمازيغي.
وفي المملكة المغربية جاءت المبادرة الملكية تعزز الاعتقاد بأن الإصلاح الذي يتزعمه الملك حفظه الله شامل للسياسة والاقتصاد والمجتمع وشامل كذلك للقلوب حتى تصفى السرائر وتنقى الضمائر ويحل الأمان محل الضغائن، وهذا لا يحدث ما دامت شريحة من الناس تشعر بأنها قد ظلمت حين اختطف أو قتل أو سجن أو نفي عائلها أو ابنها في ظروف غامضة ولم يظهر لها حق أو تنال جوابا شافيا إلى أن انحاز العاهل الشاب والمثقف إلى جانب الحق وأنشأ هيئة من الحقوقيين لتستمع إلى الشهادات في جلسات علنية ينقلها التلفزيون، وتحقق في التجاوزات وتعيد الاعتبار لكل من يثبت أنه تعرض إلى مظلمة أو ناله عسف أو قهر، ونحن واثقون من أن نفس السلوك الملكي الرفيع سوف يشمل ملف اغتيال المناضل العربي الكبير المهدي بن بركة الذي تحول من مجال القضاء إلى مجال التاريخ واقتص له الله سبحانه من بعض مغتاليه من مغاربة وفرنسيين حين لقوا مصيرا أشنع من مصير ضحيتهم، والله سبحانه يمهل ولا يهمل وهو كما يقول في كتابه الكريم – انه لا يحب الظالمين.
ومن خلال هذه الأعمال الصالحة في بلدين من بلادنا، يمكن القول بأن المحاسبة حتى وإن كانت رمزية وتاريخية هي التي تكون عبرة لمن يعتبر، وتساهم في كف أيدي الظالمين المتوقعين ورفع عصاهم عن إخوانهم في الله والوطن حتى لو صدرت لهم تعليمات بالظلم لأن طاعة الله تكون بعصيان الظالم كما قال عمر بن الخطاب. والحق يعلو ولا يعلى عليه والله غالب على أمره. ولنا في التراث الإسلامي أمثلة للصلح عديدة أبرزها صلح الحديبية وحجة الوداع وأخلاق الرسول صلى الله عليه وسلم عند تعامله مع الأعداء ونصيحة الحق سبحانه عندما أرسل موسى وأخاه هارون عليهما السلام لإرجاع فرعون إلى جادة الصواب. وهي جميعا تفيد بأن الوفاق واللين والصبر وترك الحقد والابتعاد عن الضغينة هي قيم سياسية بالدرجة الأولى تجنب المجتمعات المسلمة مخاطر الانقسام الذي يؤدي إلى التصدع والحرب المدنية بين الإخوة حتى ولو كانت تلك الحرب باردة وخافية كالنار تحت الرماد.
(*) كاتب وسياسي تونسي
(المصدر: صحيفة الشرق القطرية الصادرة يوم 4 جانفي 2006)
هل يكفي أن تطالب الجزائر فرنسا بالاعتراف بمسؤوليتها عن مذبحة واحدة؟
محمد خليفة (*)
دعا الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة في رسالة نشرتها وسائل الإعلام الجزائرية، فرنسا إلي الاعتراف بدورها في المذابح التي ارتكبتها القوات الفرنسية ضد الشعب الجزائري في 8 أيار/مايو 1945، والتي أدّت إلي استشهاد 45 ألف جزائري كانوا يتظاهرون للمطالبة بالاستقلال عن فرنسا في عدّة مدن جزائرية. وهذه هي المرة الأولي التي تطالب فيها الجزائر فرنسا بالاعتراف بمسؤوليتها عن مجازر اقترفتها بحق الشعب الجزائري خلال استعمارها الطويل للجزائر من عام 1830 حتي عام 1962، بل ربما هذه هي المرة الأولي التي تطالب فيها دولة كانت مستعمرة فرنسية، فرنسا بالاعتراف بمسؤوليتها عن ما جري خلال حكمها الاستعماري لها.
ولا شك أن التركة الاستعمارية الفرنسية ما تزال من دون تصفية، شأنها في ذلك شأن التركة الاستعمارية البريطانية. ذلك أن شعوب العالم الثالث التي كانت خاضعة للاستعمار الفرنسي فيما سبق من الزمن، ما تزال تابعة بشكل أو بآخر لفرنسا التي ما تزال قوة كبري في عالم اليوم، فهي عضو دائم في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، وعضو في نادي الكبار الإمبرياليين السبعة، وهي ما تزال تدعي أن استعمارها لشعوب العالم الثالث كان بهدف تحضيرها لا أكثر. ومن أجل إقناع هذه الشعوب وإقناع العالم بوجهة نظرها هذه، قامت بإنشاء ما يسمي منظمة الفرانكوفونية التي تضم عشرات الدول في أفريقيا وأمريكا اللاتينية وكل هذه الدول خضعت للاستعمار الفرنسي وكلها فرضت عليها اللغة الفرنسية بهدف فرنستها حتي أصبح هناك الآن دول ناطقة كلياً بالفرنسية ولاسيما في أفريقيا السوداء، ولا تريد فرنسا مطلقاً الاعتراف بمسؤوليتها عن استعمار واستغلال الشعوب لأن مثل هذا الاعتراف سيكلفها غالياً، لأنه سينتهي إلي اضطرارها للقبول بتعويض الشعوب المستعمرة عن سنوات طويلة خضعت خلالها للنهب الاستعماري الفرنسي. ولا شك أن فرنسا في غني عن ذلك، ولن تستطيع دول العالم الثالث الضعيفة أن تجبرها علي الإقدام علي هذه الخطوة.
وتأتي هذه الدعوة الجزائرية الخجولة وكأنها صيحة في واد، لأن الجزائر لم تطالب في دعوتها هذه فرنسا بالاعتراف بمسؤوليتها عن عشرات المجازر التي ارتكبتها بحق الشعب الجزائري خلال استعمارها الطويل للجزائر، بل طالبتها بالاعتراف فقط بمسؤوليتها عن مجزرة واحدة وقعت في نهاية الحرب العالمية الثانية. وتتلخّص وقائع هذه المذبحة أنه بينما كان العالم يحتفل بانتهاء الحرب العالمية الثانية في 8 أيار/مايو 1945، نظّم الجزائريون بهذه المناسبة مظاهرات خرجوا يهتفون فيها للجزائر الحرّة، ويطالبون بحق تقرير المصير، وفي مدينـة اسطيـف رفـع المتظاهـرون علم الجزائر الذي كان يرفعه الأمير المجاهد عبد القادر في ثورته التي امتدت من عام 1832 حتي عام 1844، فهبَّ المستوطنون الفرنسيون مع رجال الشرطة والجيش لقمع تلك المظاهرات الوطنية، وعمدت السلطات الفرنسية إلي التنكيل بالجزائريين بكل وحشية في كثير من المدن وبخاصة في مدينة قسنطينة حيث جرت مذبحة جماعية، وشاركت جميع الأسلحة من برية وجوية وبحرية بقصف المدن والقري، وشارك المستوطنون في جميع هذه الأعمال بوحشية يندر مثيلها، حتي بلغ عدد ضحايا هذه المذابح نحو 45 ألف قتيل، ورافق ذلك اعتقال الآلاف من أبناء الجزائر، وإعدام العشرات منهم، كما أعلنت الأحكام العرفية، واستمرت أعمال العنف والتنكيل بالشعب الجزائري الأعزل من السلاح، بينما شكّل المستوطنون ميليشيات مسلحة تابعت عمليات القتل والإجرام.
ولم تحرّك هذه المذابح ساكناً لدي فرنسا أو المجتمع الدولي، وكأن الذين قتلوا ليسوا بشراً، وكان يفترض بفرنسا التي عانت من الاحتلال الألماني لها من عام 1940 حتي آب/أغسطس عام 1944 أن تعرف معني الألم، وأن تستمع لأنّات المظلومين. لكنها عوضاً عن ذلك عادت إلي سابق عهدها في الاستعباد، ونسيت أنها تحوّلت إلي قوة ثانوية في العالم أمام القوة الأمريكية الصاعدة. وضغطت عليها الولايات المتحدة للقيام بتصفية استعمارها في العالم الثالث، ومنه العالم العربي، فاستقلت سورية ولبنان عن فرنسا عام 1946، واستقلت تونس والمغرب عام 1956 وموريتانيا عام 1958، وظلّت فرنسا تتمسك بالجزائر وتعتبرها أرضاً فرنسية. إلاّ أن ثورة التحرير الجزائرية التي اندلعت عام 1954، أجبرت فرنسا في النهاية علي القبول، باستقلال الجزائر عام 1962، لكن بعد أن كان قد استشهد نحو مليوني جزائري في حرب التحرير هذه.
وليت الجزائر لا تكتفي بمطالبة فرنسا بالاعتراف بمسؤوليتها عن مذابح عام 1945، بل ليتها تطالبها كذلك بالاعتراف بمسوؤليتها عن كل الجرائم التي ارتكبتها بحق الشعب الجزائري منذ استعمارها للجزائر عام 1830 وحتى خروجها منها عام 1962، وليتها تطالبها بدفع تعويض للشعب الجزائري عن كل ما تعرّض له من مذابح وإذلال.
(*) كاتب من الإمارات
(المصدر: صحيفة القدس العربي الصادرة يوم 4 جانفي 2006)
الأوضاع في سوريا : ملف خــاص
الأصولية «الجهادية» تطرق من العراق ولبنان أبواب المجتمع «العلماني» في سورية
دمشق – الحياة
يشكل تزايد المعلومات عن كشف جماعات اصولية مسلحة في سورية علامة جديدة على صعيد نوعية الأخبار المعلنة من دمشق. ولكن يبدو ان هذا البلد كغيره من دول المنطقة يشهد منذ سنوات حالاً من التحولات الاجتماعية والسياسية واكبها تفشي الأصولية على نحو يعد سابقة. «الحياة» أجرت تحقيقاً حول هذا الموضوع مستعينة بمصادر مختلفة منها الملاحظة الميدانية المباشرة ومنها مصادر قضائية وقانونية.
وتفيد المعطيات ان الأصولية «الجهادية» باتت تطرق أبواب المجتمع «العلماني» في سورية من العراق ولبنان.
وكشف المحامي حسن عبدالعظيم لـ «الحياة» ان محكمة امن الدولة العليا في سورية أصدرت نهاية عام 2004 أحكاماً بحق خمسة سوريين، كانوا اوقفوا في لبنان منتصف عام 2002، قضت بسجنهم فترات تراوح بين 6 و10 سنوات، على خلفية الانتماء الى «مجموعة سلفية جهادية تكفيرية، تكفر الانظمة العربية وتؤمن بالعمل المسلح».
وتضم المجموعة كلاً من مجد الدين بن عبدالحي وقتيبة بن ابراهيم الحمود ومحمد بن عبدالحي عبود ومحمد بن محمد رشيد عمر الذين اوقفوا على خلفية كونهم «سلفيين جهاديين»، اضافة الى عبدالحي بن عبد الحنان عبود لأنه «تكتم على امرهم واستقبلهم وساعدهم».
وبحسب المعلومات المتوافرة لـ «الحياة» غادر مجد الدين الى لبنان مع اخيه موفق في نهاية التسعينات، وتعرف هناك الى سلفيين سوريين وصار يتردد على مسجد «القعقاع» لمتابعة دروس دينية لدى السلفي اللبناني محمد ابراهيم الزعبي الملقب بـ «أبي جهاد» كانت تركز على «الافكار السلفية»، الى أن اصبح موفق متشدداً ولقب بـ «أبي قتيبة». ثم بات يتردد وشقيقه مجد الدين على مسجد الشيخ السلفي أحمد نبعة الملقب بـ «ابي دجانة» وعلى مركز التقوى في منطقة البربير، حيث كان «ابو دجانة» يعطي دروساً اضافية. ثم انضم إليهم «ابو قتيبة»، وصار «ابو جهاد» و «ابو دجانة» يحضان المجموعة على السفر الى افغانستان لـ «الالتحاق بالمجاهدين»، الامر الذي فعله موفق، فسافر الى هذا البلد قبل نحو خمس سنوات، ثم اتصل بأخيه مجد الدين من ايران بداية عام 2001. بعدها انتقل مجد الدين ورفاقه لمتابعة دروس لدى الشيخ زين الدين البقاعي الملقب بـ «أبي الارقم»، وكان محمد بن عبدالحي «يكفّر الانظمة العربية، ويحرض على عدم اداء الخدمة الالزامية» العسكرية.
وبعد توقيف افراد المجموعة والتحقيق معهم في النصف الثاني من عام 2002، أُحيلوا على محكمة امن الدولة العليا، فوجهت النيابة العامة منتصف عام 2003 الى اربعة منهم اتهامات بـ «الانتساب الى جمعية انشئت بقصد تغيير كيان الدولة الاقتصادي والاجتماعي وأوضاع المجتمع الاساسية» بحسب المادة 306 من قانون العقوبات، و «مناهضة اهداف الثورة» بحسب المرسوم التشريعي للعام 1965، وتهمة «إضعاف الشعور القومي وإيقاظ النعرات الطائفية والعنصرية والمذهبية»، بموجب المادة 285 من قانون العقوبات.
(المصدر: صحيفة الحياة الصادرة يوم 4 جانفي 2006)
خدام إذ يعرض خدماته ويسيء التقدير
ياسر الزعاترة – عمان
بصرف النظر عن موقفنا من السلوك السياسي للنظام السوري، فإن الموقف الطبيعي لأي شريف يحب سوريا ويحب هذه الأمة المستهدفة باستهداف سوريا لن يخرج من دائرة الازدراء لهذا الذي فعله عبد الحليم خدام، والذي تذكر متأخراً، بل متأخراً جداً أن سوريا دولة أمنية، وأنها مدججة بالفساد، وأن معظم شعبها يعيش تحت خط الفقر.
أي جديد اكتشفه خدام في دولة كان ركناً أساسياً من أركانها؟ أما بشار الأسد فقد ورث ما ورث عن المرحلة السابقة التي كان فيها خدام سيداً مطاعاً، بل ومدللاً أيضاً بوصفه الرمز السنّي الأساسي بين طابور من المتهمين بالطائفية.
كيف نمرر مقولة أن خدام قد اختار الوطن وليس النظام، وأين هي المسافة بين النظام والوطن، بل حتى الأمة في هذه المعركة التي يديرها المحافظون الجدد ضد سوريا والمنطقة برمتها؟
لو كان خدام نزيهاً وصادقاً بالفعل لقبل الكثيرون منه هذه الخطوة “الجريئة”، لكنه كان جزءًا لا يتجزأ من المشهد الذي تحدث عنه، وإلا فمن أين جاءت عشرات الملايين، وربما أكثر من ذلك له ولأولاده وأصهاره؟ هل وفرها من راتبه المخصص له بوصفه نائباً للرئيس؟!
هذا من حيث الموقف الأخلاقي حيال ما فعله، ونذكّر هنا برأينا المعروف في السلوك الداخلي للنظام السوري، إذ لطالما طالبناه بخطوات انفتاح على الداخل كي لا يتكرر النموذج العراقي، ولطالما قلنا أيضاً إن السوريين يستحقون أفضل من هذا الوضع القائم على صعيد الحريات والتعددية ، حتى لو لم يكن العدو واقفاً بالباب كما هو حاله الآن.
نذكّر أيضاً بأن رأينا لم يكن يختلف عن رأي الكثيرين فيما يتعلق بارتباك الأداء السوري في لبنان منذ قرار التمديد للرئيس لحود ، والتلكؤ في سحب القوات السورية من أراضيه، لكن ذلك كله شيء وما فعله عبد الحليم خدام شيء آخر تماماً.
نأتي إلى تحليل دوافع الرجل، وهنا يمكن القول إن أطرافاً ربما شجعته على هذه الخطوة، أكانت عربية لها موقفها المستاء من السياسة السورية في لبنان، لاسيما ما يتعلق بقتل الحريري، أم كانت دولية، تحديداً فرنسا التي لجأ إليها.
لعل الجانب الأهم الذي انتظره المشاهد من كلام الرجل هو المتعلق بسؤال “من اغتال رفيق الحريري؟”، وهو ما أجاب عليه ولم يجب. لم يجب من الناحية الشكلية بتأكيده على انتظار نتائج التحقيق، ربما لخوفه من الوقوع في الفخ ومطالبة البعض له بأدلة، لكنه أجاب من الناحية الواقعية، ومضمون كلامه واضح باتهام نظام بلاده بالجريمة.
الأسوأ من إقراره باتهام النظام هو إصراره على أن عملية كهذه لا يمكن أن تنفذ من دون علم الرئيس، والنتيجة هي اتهام الأسد شخصياً بالوقوف خلف الجريمة، لاسيما بعد قوله إن الأسد شخصياً قد هدد الحريري بقوله “سنسحق” كل من يقف في وجه سياساتنا في لبنان.
هنا تحديداً تكمن الخطورة، ومن هنا يبدأ الخيط المفضي إلى الدافع الحقيقي خلف خروج خدام عن النظام الذي كان جزءًا أساسياً منه طوال عقود، وفي العموم فإن ما جرى قد يشير إلى احتمالين؛ يتمثل الأول في وعود فرنسية للرجل تحظى بموافقة أمريكية وتستند إلى معادلة أن النظام في طريقه إلى الانهيار، وأن البديل هو نظام من ذات القماشة أو العجينة، بزعامة رجل ينتمي إلى الغالبية السنية، وليس الأقلية العلوية، ويبعد بالضرورة شبح الحالة الإسلامية التي انفجرت في العراق ويمكن أن تنفجر في سوريا، ربما على نحو أسوأ. أما الثاني فهو أن خدام هو الذي قرر عرض نفسه كبديل لبشار الأسد “المتورط” في قتل الحريري.
خلاصة القول هي أنه إذا لم يكن خدام هو الذي قرر عرض نفسه كبديل، وأن الموافقة من عدمها ستتضح لاحقاً، فإن انشقاقه كان طبخة فرنسية لحل المعضلة السورية ، نالت أو ستنال لاحقاً الرضا الأمريكي في ظل غياب البدائل الأخرى، وفي ظل مسلسل الانسجام الفرنسي الأمريكي في الملف الشرق أوسطي. وليس غريباً بعد ذلك أن يحظى بدعم عربي من هنا أو هناك ، بوصفه حلاً مناسباً للخروج من المأزق الذي قد يهدد الدول العربية الأخرى، وتبقى بالطبع أسئلة كثيرة تتعلق بالجزء التالي من الصفقة، أعني مفرداتها الأهم بالنسبة للأمريكيين، وعلى رأسها الموقف من الصراع العربي الإسرائيلي ، والموقف من الاحتلال الأمريكي للعراق، أما مفردات السياسة الداخلية فلا أهمية لها، وما سيطلب من النظام الجديد لن يتعدى ديمقراطية ديكور على غرار ما هو معمول به في كثير من الدول العربية الأخرى.
ولكن هل كان تقدير عبد الحليم خدام لخطوته الدرامية دقيقاً؟
من الواضح أن عبد الحليم خدام قد استند في رؤيته الانقلابية، أو الإصلاحية بحسب اعتقاده، إلى تقدير سياسي يشبه التقدير الذي تروجه الجهات التي ربما أقنعته باتخاذ الخطوة، إذا كان هناك بالفعل من أقنعه، ولم يكن هو الذي قرر طرح نفسه في سوق التداول السياسي كبديل جاهز لمن يفكرون في البدائل.
خلاصة ذلك التقدير هي أن النظام في سبيله إلى الانهيار ، وأن ما يؤخر “الدفشة” الأخيرة نحو الهاوية إنما يتمثل في غياب البديل ، بعد أن أسفرت مغامرات الأمريكان في أفغانستان عن عودة أمراء الحرب والإسلاميين ذوي اللحى الطويلة على شاكلة سياف ورباني، ولا تسأل عن حصيلة مغامرتهم في العراق، وحيث وضع البلد رهينة بيد الإيرانيين من جهة ، والجهاديين من جهة أخرى، فضلاً عن نتائج الانتخابات في مصر وفلسطين وقبل ذلك في إيران.
نتذكر هنا أن الإسرائيليين الأكثر اهتماماً بالملف السوري ما يزالون مترددين حيال هذا الملف، ويميل أكثر سياسييهم إلى التريث في معالجته خشية جلب “المجاهدين” إلى حدود دولتهم، وهم الذين يرون أشباحهم تطل من لبنان ومن سيناء على نحو يطيّر النوم من العيون.
على هذا الأساس كان على خدام الذي جرب السلطة وخمرتها عقوداً طوالا ، ثم أحيل على التقاعد أن يغامر بتقديم نفسه كبديل جاهز يحقق المطلوب من دون تداعيات سيئة، ولا بد تبعاً لذلك من أن يقوم بتخريج انشقاقه بوصفه خروجاً على نظام أذل الناس وأفقرهم ولم يحقق الإصلاح المطلوب، في ذات الوقت الذي يغامر فيه بوضع البلد رهن العقوبات الدولية على غرار ما فعل صدام حسين، وبالطبع من خلال مغامرات صبيانية مردها قلة الخبرة وسياسة ردود الأفعال، فضلاً عن نصائح المستشارين المغامرين أو المغرضين!!
ما ينبغي أن يقال هنا هو أن خدام لم يكن موفقاً في خروجه المدوي، ليس من الناحية الأخلاقية فحسب، بل أيضاً من الناحية السياسية، إذ ليس صحيحاً أن النظام في حالة انهيار، وأن واشنطن تسن أسنانها لمنحه تأشيرة الرحيل، وأن ما يعيقها هو غياب البديل، ذلك أن ما يجري في طول العالم وعرضه إنما يؤكد أن النظام الأمريكي يعيش لحظات حرجة ، ومسلسلاً من الفشل بلا حدود ، ما زال يضطره إلى تقديم تنازلات للشركاء الدوليين، كما في حالة فرنسا التي تشير علاقتها القوية مع واشنطن إلى تنازلات من هذه الأخيرة أكثر من أي شيء آخر.
ما يفعله الرئيس الإيراني منذ شهور ليس نتاج مغامرات طائشة لزعيم أصولي، بل هو جزء من التحدي الواضح لإمبراطورية تعاني الفشل على مختلف الأصعدة، وهو جانب يستحق وقفة خاصة، وفي العموم فإن سوريا لا تبدو في ذلك المستوى من الضعف الذي يهدد بزوال قريب للنظام، إذ ما يزال بوسعها الصمود لوقت طويل حتى لو بدأ مسلسل العقوبات اعتباراً من الغد، وحتى الموقف في لبنان لم يخرج عن السيطرة، بل على العكس من ذلك يبدو وضع السوريين أفضل من ذي قبل بعد تحولات العماد عون وتلويحه مع حزب الله بمسار إعادة الانتخابات النيابية كحل لاستعادة الأغلبية النيابية من تيار المستقبل وجنبلاط.
من هنا يمكن القول إن مراهنة خدام ليست في مكانها، ولولا شهوة السلطة وربما الانتقام للنفس لكان بوسعه أن يرى الصورة على نحو مختلف، لاسيما وهو السياسي المحنك وصاحب الرؤى المميزة في الصراع على المنطقة.
نعود إلى التأكيد على أن ما قلناه لا يغير من قناعتنا بضرورة أن ينفتح النظام السوري على الجماهير والقوى السياسية، ليس فقط من أجل تمتين الجبهة الداخلية، بل لأن السوريين يستحقون أن يخرجوا من كابوس الدولة الأمنية الذي لم يعد له مكان في عالمنا المعاصر.
(المصدر: موقع الإسلام اليوم بتاريخ 1 جانفي 2006)
خدام بين ردح نواب مجلس الشعب وتكهنات الشارع
ميشيل كيلو (*)
قبل يوم من لقاء العربية مع الأستاذ خدام، كنت جالسا في المقهي إلي أصدقاء، عندما ذكر أحدهم عبد الحليم خدام، وتساءل بحنق إن كان يحق له الحديث عن الديمقراطية؟ صمت الحضور لحظة، قبل أن يرد واحد منهم: يحق له أن يتحدث عن الديمقراطية وعن غيرها، ويحق لك أن تصدق أو لا تصدق كلمة واحدة مما يقوله. إذا كان الكلام عن الديمقراطية حقا يقتصر علي أشخاص بعينهم، فهذا ليس من الديمقراطية في شيء، هذا استبداد باسم الديمقراطية. يحق لعبد الحليم خدام الحديث عن الديمقراطية، ويحق له المطالبة بها، والعمل من أجلها، مثلما يحق لأي مواطن سوري الحديث عنها والمطالبة بها والعمل في سبيلها، مثلما يحق لأي منا الوقوف عند ماضيه وثروته ودوره السابق، ونقد ما يتحدث عنه ويطالب به ويعمل من أجله. وإلا كيف ستقوم الديمقراطية عندنا، وهل تريدون لها أن تكون إقصائية تغلق فضاء الخلاف والاختلاف، والتوافق والتوازن، بين المواطنين، وتتسع لصنف واحد منهم هو جماعتنا، الذين يحق لهم وحدهم التحدث عنها والمطالبة بها والعمل من أجلها ؟. ثم، أردف منفعلا: لماذا نقفز عن الحقيقة، وهي أن السيد خدام أعطي الأولوية في حديثه للنظام وليس للديمقراطية، وأن ما قاله يستحق النقد والرد والتقويم والتثمين … الخ، لكونه يشير بوضوح إلي ما بلغته أزمة النظام القائم من عمق، ولأنه يقدم أدلة عليها ويشرح بعض أسبابها القريبة، ويطالب بإخراج سورية منها، وهذا جزء من واجب أي مواطن يريد تمكين بلده من الوقوف علي قدميه، ويطالب بخروجه من أزمته، ويعمل علي منع انهيار الهيكل السلطوي فوق رأس البلد والشعب. أخيرا، تساءل الصديق بلغة لا تخلو من استغراب: هل يحق لخدام القيام بهذا الواجب، إذا كان ليس له حق الحديث عن الديمقراطية؟
ـ 2 ـ
قال: من المستفيد من حديث خدام، أليس الإمبريالية والصهيونية؟ قلت: قبل طرح هذا السؤال، كان عليك طرح ألف سؤال غيره، إذا كنت لا تريد البدء من النهاية، وكنت تريد أن تعرف شيئا حول الحديث. وقد كثر في الآونة الأخيرة طرح السؤال عن المستفيد مما جري في لبنان وغيره، حتي أنك لا تكاد تلتقي شخصا حتي يبادر إلي طرح سؤال محير : يتهمون سورية، يا أخي ماذا استفادت سورية من قتل الحريري. أليس واضحا اليوم أنها المتضرر الأكبر منه؟ الجواب: بلا شك، هي المتضرر الأكبر. ولكن هل يعني سؤالك واستنتاجك أن قادة الدول لم يرتكبوا أخطاء ألحقت ضررا فادحا بهم وببلدانهم، وأنهم لا يرتكبون اليوم مثل هذه الأخطاء؟ لقد دمر هتلر ألمانيا، عندما شن الحرب ضد العالم، فهل يصح اعتبار الضرر الذي ترتب علي الحرب، وتجسد في دمار ألمانيا، برهانا يؤكد أنه لم يقرر شنها وخوضها؟ وألحقت قرارات صدم حسين ضررا جسيما بسلطته ونظامه، فهل يعني هذا أنه ليس من اتخذها؟ قبل السؤال عن المستفيد، لا بد من السؤال عن سياسات وقرارات النظم، التي ترتب عليها الضرر أو النفع. وقبل السؤال عن ما آلت إليه الأمور، وعن خواتيمها، من الضروري السؤال عن بداياتها، عن الخيارات التي أدت إلي ما تمخض عنها، أي النتائج الوخيمة أو النافعة. قتل الحريري أضر كثيرا بسورية، لكن الضرر وحده ليس دليلا يؤكد صحة سياسة نظام سورية تجاهه وتجاه القضية اللبنانية، وخاصة منها التمديد للحود، الذي كان قرارا أنزل ضررا فادحا بسورية، لأنه كان قرارا خاطئا. قبل الحديث عن المستفيد، وقبل بدء الحوار من نهايته، حدثونا عن القرارات والسياسيات، عن بداية كل شيء، إذا كنتم تبحثون حقا عن الحقيقة، وتريدون معرفة أسباب الضرر والفائدة. وفي حالة الأستاذ خدام، الذي كنت أول وأكثر سوري انتقده وتصدي له خلال السنوات الأربع الماضية، حين كان في السلطة، لا بد من طرح السؤال حول أسباب ما قاله، قبل الحديث عن الجهة، أو الجهات، التي أفادت منه، وإلا فإننا سندور في حلقة مفرغة، لن نصل منها إلا إلي المزيد من حجب الحقيقة عن شعبنا ومجتمعنا، والمزيد من الغرق في المتاهة الراهنة، التي تعود، بين أسباب أخري، إلي ضياع الاتجاه الصحيح عند من صادروا قدرة مواطنيهم علي اتباعه، فجاء الأستاذ خدام يخبرهم، بين أشياء أخري، ببعض أسباب ما حدث لهم. أخيرا، ألا تستفيد البلد إطلاقا من قول الحقيقة، ولو جاءت علي لسان من أسهم في كتم أنفاسها ومنع معرفتها وانتشارها طيلة نيف وأربعين عاما؟
ـ 3 ـ
قال نواب مجلس الشعب السوري، الذين يسميهم اللسان الشعبي نواب المرسيدس، الذين كانوا سيحيلونك إلي المحكمة بجرم الخيانة العظمي، لو انك انتقدت قبل أيام قليلة السيد خدام أو ألمحت إلي فساد أولاده : إن السيد خدام، مفخرة البعث والسلطة إلي الأمس القريب جدا، هو شخص : جبان، كذاب، وضيع، مسيء، خائن، انتهازي، وقح، نتن، مشوه، بعير أجرب، باعر جرب ـ في لغة نواب البدو ـ رديء، ساقط، عدو، مرتد، عبد، خدام، قبيح . وبلغ الأمر حدا جعل السيد رئيس مجلس الشعب ـ ما رأي النواب أن يحققوا في طبيعة المكتب الذي كان يديره في بيروت، استعدادا لابتكار شتائم تليق بما كان يجري فيه، عندما تأتي ساعته ـ يشوه آية من القرآن الكريم، تبين عمق معرفته به وباللغة العربية، التي لاحظ المواطن كيف كسر أبطال المرسيدس عظامها وداسوا علي قبرها. لم يسأل أحد من هؤلاء السادة نفسه، ماذا سيقول المواطن وهو يسمعني أسب الرجل، لأن أولاد السيد النائب دفنوا نفايات نووية قبل نيف وعشرين عاما كنت صامتا خلالها صمت القبور؟ وكيف يصدق أنني لست فاسدا، إذا كان موقنا من أنني كنت سأدفن النفايات بيدي لو عرض علي أحد طمرها في منطقتي مقابل مبلغ معقول من المال، أنا الذي سكت وبعت نفسي وأنكرت وجود فساد في السلطة، واتهمت من يعارضونها بالعمالة، وقبلت أن يكون علي رأس مجلس الشعب رجل لا تاريخ له، سياسيا كان أم غير سياسي، أنتقد مرات كثيرة الحرية والمطالبين بها، واتهم الديمقراطيين بالرغبة في تدمير البلاد، وسوغ قمع المواطنين وحبسهم دون تهم؟ وكيف يحترمني المواطن، إذا كنت قد تناسيت أو نسيت أن له ذاكرة وعقلا، وأنه يعرف كيف كنت وزملائي سنقبل يد السيد خدام ـ وأي مكان آخر من جسمه ـ، لو أمرت بذلك، أو لو سمح هو لي به؟ ثم أن الناس تتساءل عن معني الخيانة العظمي، وهل هي الاختلاف مع السلطة والافتراق عنها، أم زرع نفايات نووية قتلت وشوهت عشرات آلاف البشر، لكن المجلس لم يتوقف عندها حتي في جلسته الأخيرة، وإنما اعتبرها مجرد حدث يبرر شتم السيد النائب؟ وماذا سأخبر المواطن إن سألني: لماذا لم يذكر النواب في الماضي السيد خدام بكلمة واحدة بغير أعلي أشكال الإطناب في مدحه، ولماذا لا يذكرونه اليوم بكلمة واحدة من خارج جدول السباب والردح، الذي ذكرت بعض مفرداته؟ ولماذا لم يطالبوا بأي شيء يتصل بواقع البلد؟ وهل يثير العجب أن معظم كتاب الأنترنت من السوريين العاديين وصفوا ما جري في المجلس بعبارات تنتمي إلي ما قاله هو في خدام، وأن بعضهم لا حظ سقوط السياسة في سورية، التي وصلت بعد أربعين عاما ونيف من حكم الرأي الواحد والشخص الواحد إلي قاع الحضيض، حتي لم يعد من حق أحد استغراب وقوع أي شيء فيها، مهما كان مستغربا أو مستبعدا، كموقف الأستاذ خدام اليوم، ومن سيأتون بعده غدا ممن نعرف ولا نعرف؟، لكننا نثق أنهم هنا، وأن ظهورهم مسألة وقت وحسب.
ـ 4 ـ
ذكر جميع منتقدي السيد خدام الرسميين أنه يسكن قصرا في باريس اشتراه له الحريري. ونسي هؤلاء أن لديه سبعة قصور في سورية، وأنه لم يغير موقفه من النظام بسبب قصر، كما تقول دعايات السلطة السخيفة، ولم يكن طيلة نيف وعشرين عاما عديم قصور ، سواء هو أم غيره من المسؤولين الأكارم، الذين تنتشر قصورهم في كل مكان من أرض وطنهم المسكين. ويقال الشيء نفسه عن أولاد خدم، الذين اكتشف شرفاء النظام أنهم فاسدون، كأن غيرهم صالح تقي ورع، يمضي وقته في الجامع الأموي وليس في ممارسة جميع أنواع التجارة الممنوعة : من تجارة السلع إلي تجارة البشر. ويقال، أخيرا، كلام مشابه عن جنسية أولاده، الذين اكتشف نواب المجلس النبلاء أن لديهم جنسيات أجنبية، وقال واحد منهم إن والدهم ـ خدام ـ هو المسؤول الوحيد في الدولة، الذي سمح لأبنائه بحمل جنسية غير سورية. كم يعرف هذا المسكين عن سادته المسؤولين وأبنائهم، وكم يعرف موضوع حديثه، وكم يعرف عن شحن الحوامل من ربات الصون والعفاف من نساء القادة إلي امريكا بالطائرات، كي يلدن هناك ويحصل أطفالهن علي الجنسية الامريكية، حتي انه صار ضربا من المحال أن تجد مسؤولا تجاوز اليوم الأول من عمره الرغيد إلا وفي جيبه جنسية البلد الإمبريالي / الصهيوني الأول، الذي يسمونه الولايات المتحدة الامريكية، أو جنسية بلد آخر غير عربي من الوزن الإمبريالي الثقيل؟
ـ 5 ـ
قال أحدهم : إن خدم انتقم ممن أبعدوه عن السلطة. رد آخر متسائلا: وهل أبعدوه عن سلطة كان قد أعلن رغبته في تركها قبل مؤتمر الحزب القطري العاشر، وتركها بالفعل خلاله، رغم طلب نافذين في الحكومة والأمن بقاءه معززا مكرما في منصب نائب الرئيس؟ وأردف : هل نسينا أن طرده من القيادة القومية تم بقرار اتخذ بعد أيام ثلاثة من لقائه مع العربية وحفلة مجلس الشعب؟
وقال آخر: إن الرجل احتقر شعب سورية، حين زعم أنه يقتات من براميل القمامة. رد رابع معترضا: لا حاجة إلي جعله يقول ما لم يقله، لإثبات أنه كان يحتقر شعب ســـورية. قال خدام: إن نصف شعب سورية يعيش تحت خط الفقر، وفيه أناس يبحثون عن طعامهم في براميــــل القمامة. صمت الأول ولم يجب، حين سأله المتحدث المعترض: أليس ما قاله خدام صحيحا؟ في النهـــاية قال آخر المتحدثين: إن الرجل تعب من النضال، ويــريد الانـــضمام إلي العائدين إلي دمشق علي ظـــهر الدبابات الامريكية. ضحك أحدهم وقال معقبا : لو كان هذا هو السبب الحقيقي، لما غادر بالتأكيد بلده؟
(*) كاتب من سورية
(المصدر: صحيفة القدس العربي الصادرة يوم 4 جانفي 2006)
دولة شيعية في العراق وأخرى سنية في سوريا
بشير نافع (*)
حفلت المقابلة التلفازية التي أجراها عبد الحليم خدام نهاية العام المنصرم من مقره في العاصمة الفرنسية، بإشارات وبتصريحات. ولأن التصريحات تعلقت في معظمها بقضية اغتيال رئيس وزراء لبنان السابق رفيق الحريري الساخنة فقد أثارت القدر الأكبر من الاهتمام، لاسيما أنها تأتي بعد ما شاع من أن لجنة التحقيق في عملية الاغتيال قد استمعت مسبقاً لشهادة خدام.
والحقيقة أن الإشارات في حديث خدام لا تقل أهمية عن التصريحات. من هذه الإشارات كانت تلك المتعلقة بما تعتبره أوساط أميركية وأوروبية الآن “مسألة السُنة”. ففي عدة مواضع من مقابلته، أرسل عبد الحميد خدام رسائل غير مباشرة للسوريين السُنة، وبالإلحاق لنظرائهم اللبنانيين.
قال عبد الحليم خدام إنه قدم لبشار الأسد في مطلع رئاسته دراسة حول إصلاح الشأن الحزبي والوطني السوري، وحول قضايا الديمقراطية والمشاركة. وأن الدراسة تضمنت -وهذا هو الأهم- تصوراً حول العروبة والإسلام (ولا يفهم هنا إلا إسلام الأكثرية السورية السُنية)، وتعزيز الوحدة الوطنية في البلاد (التي تعاني منذ مطلع الثمانينيات على الأقل من الهيمنة العلوية على الحكم).
كما ذكر خدام أنه شهد توجها في القيادة السورية لاعتبار حركة الحشد السُني اللبناني التي قام بها الحريري خطرا على سوريا ومصالحها في لبنان. وتساءل خدام مستهجنا: أليست السياسة اللبنانية كلها طائفية؟ كيف يمكن اعتبار التفاف السُنة حول الحريري خطرا بينما لا يرى التفاف الشيعة حول نصر الله وبري كذلك؟
ليس من السهل الآن تقدير الظروف التي قرر فيها خدام، أحد أعمدة النظام السوري لأكثر من ثلاثة عقود، الانشقاق على حكم الرئيس بشار الأسد. ولكن من الواضح أن خروج خدام إلى باريس منذ شهور لم يكن فقط لكتابة مذكراته، كما قال في مقابلته، وأنه قد قرر وضع نفسه في موقع المعارض للنظام وفي موقع يؤهله لحكم سوريا في حال استطاع الضغط الخارجي إسقاط النظام الحالي.
والإشارات للأكثرية السورية السُنية لابد أن تفهم في هذا السياق. أن يسقط النظام أو لا، وأن يصل خدام يوما إلى حكم سوريا أو لا، ليس الموضوع الملح هنا. الموضوع هو “المسألة السورية السُنية”.
ليس هناك من شك في أن قطاعا واسعا من السوريين السُنة يشعرون بالغبن. وكان هذا الشعور قد وصل ذروته مطلع الثمانينيات عندما أخذ الصدام الدموي بين النظام والقوى الإسلامية إطار الصراع بين أقلية علوية حاكمة وقوى سياسية إسلامية سُنية.
وللتذكير، فقد كان خدام (الذي ينحدر من أسرة سورية سُنية) آنذاك أحد أهم رجالات الحكم، وأحد أبرز خصوم التيار الإسلامي. قليلا، قليلا، تراجعت حدة الصراع الداخلي وتراجعت معها الأجواء الطائفية في البلاد.
وقد ساعد على هذا التراجع براجماتية حافظ الأسد، وحرصه على الظهور بمظهر الحاكم القومي العربي لا العلوي، وعلاقاته الوثيقة بعدد من كبار العلماء السوريين السُنة، ودخول سوريا في سلسلة من الصراعات لتأمين دورها الإقليمي، ثم زواج بشار الأسد من فتاة سورية بريطانية تنتمي لأسرة سُنية.
ولكن الأجواء الطائفية لم تنته تماما. وقد عاد السؤال الطائفي من جديد بعد اتهام الحكم السوري باغتيال الرئيس الحريري (زعيم سُنة لبنان) وتعاظم التدافع الطائفي في العراق ولبنان.
قبل شهور قليلة، حذر الملك الأردني عبد الله الثاني من هلال شيعي، يمتد من إيران إلى العراق وسوريا ولبنان. وسرعان ما لحق الأمير سعود الفيصل، وزير الخارجية السعودي، بالملك عبد الله في التحذير من التدخلات الإيرانية الطائفية في العراق.
وقد تكررت القراءة الطائفية الإثنية لمنطقة المركز العربي الإسلامي في أكثر من دراسة وتقرير إستراتيجي أميركي خلال العام الأخير. أغلب هذه التقارير صدر عن مؤسسات أميركية بحثية غير رسمية؛ ولكن المعروف في واشنطن أن العلاقة بين ما هو رسمي وغير رسمي هي علاقة وثيقة في معظم الأحيان.
بعض السياسات الأميركية الرئيسية تبدأ بدراسات ومقترحات وأوراق تقدمها مؤسسات بحث غير رسمية، وبعض من الندوات ومشاريع البحث التي تتعهدها الأخيرة يقصد بها مساعدة صانع القرار على تحديد خياراته وتوجهات سياسته.
وقد برزت في العاصمة الأميركية منذ عام على الأقل بوادر على إدخال العامل الطائفي والإثني باعتباره عاملاً أساسيا في رسم السياسة الأميركية في الشرق الأوسط. كما ظهرت مؤشرات على إدراك أميركي بتعاظم القلق العربي السُني (والعربي في شكل عام) من تداعيات الاحتلال الأميركي على وحدة العراق الداخلية، وما أدت إليه سياسات الاحتلال من سيطرة طائفية على مقدرات الدولة العراقية الجديدة.
ولعل تصريحات عبد الله الثاني وسعود الفيصل جاءت في هذا السياق أصلاً. وما لوحظ بهذا الشأن في واشنطن، سرعان ما انتقل إلى العواصم الأوروبية الرئيسية، لاسيما لندن وباريس.
يمكن تحديد اتجاه التفكير الأميركي الأوروبي (الذي لم يزل يشوبه الكثير من الغموض) فيما يتعلق بالمشرق العربي الإسلامي بما يلي: أن الإسلام هو أحد المشاكل الرئيسية للعالمية الغربية، ولكن منطقة المركز الإسلامي (العربية–الإيرانية–التركية) هي أكبر مشاكل المجال الإسلامي على الإطلاق.
هذه المنطقة الهامة إستراتيجيا، نفطيا، وثقلا سكانيا مجاورا للحوض الأوروبي، تستعصي على السيطرة. إحدى وسائل كسر قوى الممانعة في هذه المنطقة، هي إحياء التوجهات والهويات الطائفية والإثنية، خاصة أن دول المنطقة كلها تقريبا تضم تنوعا طائفيا وإثنيا أظهر تململا متكررا منذ تأسيس الدولة الوطنية الحديثة نهاية الحرب العالمية الأولى.
يقطن الشيعة عدة دول تضم أكثرية سُنية أو وجودا سُنيا قويا، من لبنان وسوريا والعراق إلى السعودية وبعض دول الخليج. ويشكل الأكراد أقليات قومية نشطة في العراق وسوريا وإيران وتركيا. العرب الشيعة، والسُنة من عدة قوميات، أقليات قابلة للانفجار في إيران؛ والعلويون كذلك في تركيا.
أما السوريون السُنة فيخضعون لسيطرة أقلية علوية على الحكم. ولا تقل قصة المسيحيين في دول مثل لبنان ومصر أهمية وإثارة. وقد ساعد الاحتلال الأميركي للعراق فعلا على تقويض النسيج الوطني العراقي، كما ساعد على الصعود السياسي الشيعي الطائفي والكردي القومي.
ولكن أهداف هذه التشظية لم تتحقق تماما. فقد أدت من ناحية إلى تعاظم المقاومة العراقية ذات القواعد العربية السُنية، ومن ناحية أخرى إلى تصاعد النفوذ الإيراني في العراق، بدلا من أن يشكل العراق الأميركي ضغطا على الحكم الإيراني.
ولمواجهة الآثار السلبية للمشروع الأميركي في العراق، لابد من إرضاء العرب السُنة في المنطقة وتعزيز قدرات المنطقة على مواجهة الخطر الإيراني. وقد وفر التورط السوري في لبنان فرصة نادرة لضرب عدة عصافير بحجر واحد.
إطاحة النظام الحاكم في دمشق وإعادة سوريا إلى أحضان السُنة، سيرفع من مستويات التشظي الطائفي، سيجعل سوريا منطقة استقبال للعراقيين العرب السُنة، سيضع سوريا في موضع عداء دائم للحكم الشيعي في العراق ويساعد في حصار احتمالات توسع النفوذ الإيراني، سينهي علاقة التحالف بين سوريا وحزب الله ويحجم نفوذ الأخير في شكل لا رجعة فيه، سيفتح الباب لانحياز أكراد سوريا باتجاه الحكم الكردي شمال العراق، وسينقل الثقل العلوي إلى تركيا.
وفوق ذلك كله، سيكون عامل ترضية كبير للسُنة العرب في المشرق، ويساهم في إنهاء المقاومة العراقية. دولة شيعية في بغداد وأخرى سُنية في دمشق، تحافظ كل منهما، في شكل أو آخر، على علاقة وثيقة بالولايات المتحدة. هل ثمة من نصر إستراتيجي أكبر لمشروع غزو العراق، وبناء شرق أوسط جديد؟
قد لا يبدو هذا السيناريو واقعيا، ولكن أحدا يجب ألا يستبعد أي احتمال عن إدارة أميركية جعلت من الفوضى “البناءة” مرجعية سياسة لها في الشرق الأوسط. ولكن وجود مثل هذا السيناريو لا يعني أنه سيتحقق بالضرورة. ولتحقيقه لابد أن تتبناه قوى فاعلة على الأرض، وليس فقط نائب رئيس سابق يعيش في باريس ويصعب أن تأخذ سوريا مصداقيته مأخذ الجد.
الحقيقة أن السُنة العرب يعانون معاناة قاسية في العراق المحتل، تحيط بهم من جهة حكومة تسيطر على مقاليدها قوى طائفية، ومن جهة أخرى قوات احتلال أجنبي تخوض معركة خاسرة ضد المقاومة.
وهناك بلا شك قضية سُنية في سوريا، بعد أن تداخلت عوامل الطائفة والأسرة والسيطرة العسكرية الحزبية لتعزل الأكثرية السورية عن أغلب مواقع صنع القرار الهامة. ولكن أحدا لا يمكن أن يقبل بصفقة استبدال العراق بسوريا؛ ليس فقط لأن الدول لا يمكن أن تعامل مرة أخرى كأحجار على رقعة الشطرنج، وإنما أيضا لأنه لا العرب السُنة ولا حتى المقاومين العراقيين بصدد المساومة على بلادهم. ولا أحد يتصور أن التدخل الخارجي يمكن على أي نحو من الأنحاء أن يتعهد إقرار العدل وإعادة الحق إلى نصابه. كلما يتدخل الخارج في شؤون هذه المنطقة، لم يترك خلفه إلا الدمار والخراب والفوضى.
في نهاية الحرب العالمية الأولى، كانت القوة الدافعة في المنطقة هي وحدة البلاد والشعوب العربية. ولكن الإمبرياليات المسيطرة وجدت في تقسيم المشرق العربي تأمينا لمصالحها الإستراتيجية. وبعد قرن من الزمان، يطال التهديد كيان الدولة العربية القُطرية وجماعتها الوطنية.
وإن سمح العرب، لهذا السبب أو ذاك، بانهيار الدول الوطنية، فسيدخل المشرق العربي حقبة لا أول لها ولا آخر من الحروب الطائفية والعرقية والقبلية. وبعد أن كان البعض يبحث عن العدل سيصبح الهم الأكبر تجنب الموت. إصلاح الدولة الوطنية هو مطلب ملح وحيوي، ولكن هذا الإصلاح يجب أن يتم بإرادة الشعوب وقواها الوطنية، لا بمخططات وصفقات خارجية.
(*) كاتب فلسطيني
(المصدر: موقع الجزيرة.نت بتاريخ 4 جانفي 2006)
انشقاق خدام وتصدع النظام
نبيل شبيب (*)
عبد الحليم خدّام شاهد على نفسه فيما أدلى به من مواقف من منفاه الاختياري في فرنسا، قبل أن يكون شاهدا على سواه.
وردود الفعل العنيفة والسريعة داخل سوريا، لاسيّما من جانب أعضاء المجلس النيابي السوري غداة نشر أقواله في فضائية العربية، شاهدة على الواقع الداخلي في سوريا قبل أن تكون شاهدة على ما وصفته بالخيانة العظمى من جانب النائب السابق للرئيس السوري.
الركن الأوّل في تصدّع النظام
لم يكن توقيت مطالبة لجنة التحقيق الدولية في اغتيال الحريري بمساءلة الرئيس السوري بشار الأسد ووزير الخارجية فاروق الشرع مستغربا، في أعقاب ما صدر عن عبد الحليم خدام من أقوال ضدّ نظام الحكم السوري.
فخدّام لم يكن بيدقا من البيادق كالشهود الذين استعان بهم ميليس في تقريره الحافل بالإدانات للنظام السوري، دون أن يكون في صياغة التقرير ومضمونه ما يمكن أن يقنع بنزاهة تحقيقٍ فعلي على مستوى دولي في جريمة كبرى من مستوى اغتيال الحريري.
ولئن لم يكن باستطاعة أركان الحكم القائم في سوريا أن يتجاوزوا تصريحات خدّام بأسلوب مماثل لِما كان في تعاملهم مع الشاهديْن الرئيسيين في تقرير ميليس، فإن الطريقة التي اتّبعت على عجل في جمع مجلس الشعب في جلسة استثنائية ودفع أعضائه إلى الإدلاء بكلماتهم المكتوبة ليلا، بمضامين متشابهة في الحملة على الرفيق المنشقّ، لا تدلّ على حنكة سياسية، أو حتى حنكة إعلامية، بقدر ما تكشف عن أنّ مجلس الشعب نفسه موضع سؤال وجواب، مثله مثل ما كان عليه وضع خدّام من قبل إزاحته مع أنصاره خلال آخر مؤتمرات حزب البعث في سوريا.
خدّام كان ركنا أساسيا من أركان الحكم السوري طوال عهد الرئيس السابق حافظ الأسد، وركنا أساسيا في عملية نقل السلطة إلى الرئيس بشار عبر قانون صادر بتوقيعه بتعديل دستوري يذكّر بأسلوبِ عقد مجلس الشعب لتمريره آنذاك أسلوبُ عقد الجلسة الطارئة لإدانة خدّام الآن بالخيانة العظمى، كما بقي خدام لعدّة سنوات أحد أركان الحكم السوري في عهد بشار الأسد.
الحدث أعمق مغزى وأبعد مدى من قابلية تمريره كما كان مثلا عند الإعلان عن انتحار رئيس الوزراء السوري الأسبق محمود الزعبي قبل سنوات عام 2000، والإعلان عن انتحار وزير الداخلية السابق كنعان قبل أسابيع عام 2005.
وفي مقدّمة ما يكشف عنه انشقاق خدام –حسب وصف فضائية العربية لموقفه- وبالتالي ما يمكن أن ينبني عليه داخليا من تطوّرات:
1- انكشاف واقع تركيبة الحكم السوري نفسه، وكلمة انكشاف لا تعني ظهور أمر مجهول قدر ما تعني هنا استحالة التغطية عليه بأساليب التمويه السابقة، فأعضاء المجلس النيابي لم يطّلعوا بين ليلة وضحاها على معلومات جديدة كشفوا عنها، بل كانوا يعلمون كلّ ما ورد على ألسنتهم عن خدّام، طوال سنوات وسنوات ماضية، ولم يدلوا به علنا إلاّ بعد أن وجّه خدّام سهامه للنظام.
فما الذي يعلمونه ويسكتون عنه إذن عن أركان أخرى ما زالت موجودة في نظام الحكم القائم، ولا يبدو أنّهم على استعداد للحديث عنها إلاّ في وضع مشابه لما كان مع خدّام؟..
2- انكشاف شعار مكافحة الفساد المرفوع منذ سنوات.. فإذا صحّ أنّ خدام كان أحد أقطاب الفساد، بدليل ما كان يتسلّط عليه مع بعض أفراد أسرته، مثل أبنائه والشركات التي يملكونها، فهل يمكن استثناء أمثاله ممّن لا يزال موجودا في الطبقة العليا من السلطة، ويُعتمد عليه اعتمادا رئيسيا، ويملك مع بعض أفراد أسرته شبيه ما تسلّط خدّام عليه، قبل أن يصبح من المغضوب عليهم؟..
3- لقد انتقل خدّام من موقع إلى موقع في الأجهزة الرسمية، منذ أن كان محافظا لمدينة حماة وهو في الثلاثين من عمره إلى أن شغل منصب نائب الرئيس الابن بعد الرئيس الأب وقد بلغ 73 عاما من عمره.
وكان من أركان الفساد وأركان التسلّط وأركان قهر اللبنانيين أثناء مسؤوليته عن الملفّ اللبناني حتى عام 1998، فكيف يمكن الاطمئنان إلى نظام الحكم القائم، وعلى أركان لا يزال يرتبط بعضهم ببعضهم الآخر، مثلما كانوا يرتبطون بخدّام ويرتبط بهم من قبل؟..
إنّ أهمّ المؤشرات المستقبلية لانشقاق خدّام وأسلوب التعامل مع الحدث، هو مؤشّر حتميّة الانهيار الذاتي داخليا بعد أن تأخّر صانع القرار السوري تأخرا لا يُغتفر عن تنفيذ الإصلاح السياسي الداخلي الموعود، وبعد أن تحوّل واقعه علنا من صراع على الإصلاح مع حرس قديم كما كان يتردّد، إلى صراع داخلي بين أركان حرس النظام القائم، بغضّ النظر عن قديمهم وجديدهم.
اتّهامات أم اعترافات؟
لقد كان معظم ما تمّ الإيحاء به قبل المؤتمر الأخير لحزب البعث في سوريا عام 2005 هو أنّ العقبة الرئيسية أمام الإصلاح الداخلي السياسي الحقيقي تتركّز على بقايا الحرس القديم، حتى إذا أعلن خدّام وعدد من المرتبطين به الاستقالة، إثر إخفاقهم في استمالة غالبية أعضاء المؤتمر لصالحهم، بدا أنّ العقبة الرئيسية قد زالت.
والواقع أنّ الذي زال هو آخر الذرائع أو أهمّ الذرائع التي كانت تموّه على عدم وجود برنامج حقيقي -ناهيك عن إرادة سياسية صادقة- للإصلاح السياسي، سواء كان على مراحل متتابعة يظهر ما يراد أن تصل إليه في النهاية، أو على أساس تحوّل حقيقي جذري وفوري لا يوجد قطعا ما يمنع من الإقدام عليه لو توفّرت الإرادة السياسية له.
والردّ على الاتهامات بالاتهامات أسلوبٌ معروف، ربّما يصلح جزئيا عندما يكون تبادلها بين طرفين منفصلين عن بعضهما بعضا، أمّا في حالة خدّام ومن يردّ عليه، فالأسلوب ينقلب إلى ما يمثّل الردّ على اعترافات باعترافات.
والحصيلة تشمل الجميع دون استثناء، فالجميع يكوّنون جهازا واحدا مسؤولا عن سائر ما شهدته سوريا على مدى أربعين عاما، فلا يمكن مثلا فصل قضية التعامل مع لبنان عن الوضع الداخلي.
ويشهد على ذلك أنّ خدّام الذي حمل المسؤولية عن ملفّ لبنان سلّم المسؤولية واقعيا للرئيس السوري بشار الأسد قبل استلامه منصب الرئاسة، وأنّ وزير الداخلية غازي كنعان الذي أُعلن عن انتحاره في إطار معمعة التحقيق في اغتيال الحريري، كان من قبل مسؤولا عن المخابرات السورية في لبنان، عندما كان الملفّ في يد خدّام ثمّ في يد الأسد الابن على السواء.
كما أنّ الفساد بكلّ جوانبه لم يكن مقيّدا بالحدود اللبنانية السورية، بل بات لصيقا بالسلطة من رأس الهرم إلى القاعدة، حيثما كان للسلطة سيطرة جغرافية وأمنية وسياسية.
إنّ التعامل مع لبنان بسائر ما انطوى عليه سلبا عبر إعطاء قوّة المخابرات والترهيب الأولويّة تجاه الاعتبارات السياسية، وإيجابا عبر الحيلولة دون انسياق لبنان في طريق الهرولة نحو ما يُسمّى “التطبيع”، جميع ذلك كان جزءا لا ينفصل عمّا يقرّره جهاز السلطة في دمشق، بمشاركة خدّام في سائر المواقع التي شغلها، فما يعترف به الأخير ويحاول أن يلقي بمسؤوليّته على سواه يُكمل ما يعترف به الآخرون من خلال إلقاء المسؤولية عنه على خدّام.
أعباء جديدة على المعارضة
إلى وقت قريب كان يُرجى أن يستدرك صانع القرار في دمشق –أيا كان الاسم الذي يحمله- ما فات ويستفيد من فرصة وقوف معظم أطياف المعارضة وقفة مشتركة في مواجهة الأخطار الخارجية، مع الاستعداد للصفح عما مضى، فيخرج بنفسه من المصيدة التي وضع نفسه فيها، داخليا ودوليا.
ولكنه لم يصنع ذلك، وإنّما بقي مستمرّا على سياسة الهروب إلى الأمام دوليا، وسياسة ادّعاء الرغبة في الإصلاح دون ممارسته داخليا، غافلا عن المتغيّرات الدولية والداخلية في وقت واحد.
إنّ الزلزال السياسي الذي صنعه انشقاق خدّام، لا يتمثّل في خيانة عظمى لسوريا البلد والدولة، إنّما تمثّل هذه الأقوال “خيانة عظمى” للنظام على وجه التخصيص.
والإدانة بمثل هذا الاتّهام من اختصاص القضاء المستقل النزيه فقط، ويمكن أن يجد القضاء في ماضي خدّام، أي في ماضي أحد الأركان الأساسية للنظام الحاكم، أضعاف ما يمكن استخلاصه من أقواله الموجّهة فجأة إلى رفاق دربه الآخرين من أركان النظام المشترك.
وكون هذه الأقوال “خيانة عظمى” للنظام هو ما يجعلها ذروةً مبدئية أولى من زلزال سياسي يصيب النظام ويصدّعه تصديعا.
ولا يعطي ردّ الفعل المتسرّع على الحدث ما يشير إلى استيعاب ذلك، لإنقاذ ما يمكن إنقاذه بالفعل، إنّما يؤكّد الأسلوب المتّبع أنّ التصدّع بات محتّما، قد يظهر للعيان جزء فوري منه عبر حملة تطهير ذاتي تتناول البقية الباقية من الركائز التي كان خدّام يعتمد عليها أو يتفق معها.
وقد يتزامن مع تلك الحملة المرجّحة أو يليها مزيد من “الانشقاقات”، فليس من المستبعد أن يظهر من يسير على هذا الطريق ممّن أُوصدت الأبواب الخارجية في وجوههم دوليا وإقليميا، وأوصدوا بأنفسهم الأبواب الداخلية أمام القوى الشعبية والوطنية وهي الركيزة الوحيدة التي لا غنى عنها في مواجهة أخطار خارجية.
فما صنعه خدّام لا يعدو شكلا من أشكال تأمين نفسه ماليا، ومحاولة تأمين نفسه سياسيا بالانقلاب على رفاق دربه، فلا يُستبعد تقليدُه بعد أن كسر الحاجز النفسيّ وقضى على عنصر الثقة بين أركان النظام أنفسهم، وهم يرون واحدا منهم قد انفصل عن السرب مع الاستعداد للتضحية بهم، لا بالشعب والدولة فحسب.
وليس في سائر ما سبق ما يمكن وصفه بأنّه كسب للقوى المخلصة في مختلف أطياف المعارضة السورية في الداخل والخارج، فتصدّع النظام على النحو الذي بدأ ظهوره في حالة خدّام، لا يكاد يخرج عمّا تعنيه مقولة “عليّ وعلى أعدائي”.
والخسارة الأكبر ليست أمام الخطر الخارجي، فالعدوان بمختلف أشكاله هو الخاسر في نهاية المطاف، إنّما هي الخسارة أمام الإرادة الشعبية لمواجهة العدوان الخارجي والاستبداد الداخلي في وقت واحد.
ومن لا يدرك هذه المعادلة ويضع نفسه في المكان الصحيح في الوقت المناسب، يساهم من حيث يدري أو لا يدري في أن يكون الثمن فادحا، ناهيك عن الإسهام في تصعيد معاناة الشعب في سوريا عموما، وتلك جريمة يُسأل عنها من يتردّد عن التحرّك في الطريق الصحيح.
وإذا كان من عُرفوا بالتلاقي على إعلان دمشق مع المنضمّين إليه، قد أصبحوا محورا رئيسيا للوجهة المطلوبة على طريق الإصلاح، فلا بدّ في الوقت الحاضر بالذات من الانتقال من التنظير إلى المبادرات العملية، ومن العمل على توثيق الأرضية المشتركة والتلاقي على الضمانات والآليات المطلوبة لمرحلة انتقالية محتّمة بين الوضع الراهن ووضع مستقبلي مستقرّ، مهما تعدّدت وجهات النظر بشأن ملامحه النهائية.
وقد تضاعفت أعباء مواجهة العدوان الخارجي والاستبداد الداخلي في وقت واحد، وباتت تفرض بإلحاح البعد عن المواقف الانفرادية والحرص على المشترك، بما يجمع على منهج التغيير وإن تباينت مناهج ما بعد التغيير.
فتعدّد المنطلقات معروف للجميع، وكان الالتقاء على إعلان دمشق انطلاقا من وجودها لا تجاهلها، ومن الاعتراف المتبادل بحقّ كل طرف أن يتبنّى ما يراه، والاستعداد المشترك للاحتكام إلى إرادة الشعب عندما تأتي مرحلة قادمة تشهد تجاورَ مناهج متعدّدة، قابلة لتشكيل ائتلافات تنفيذية، وقابلة لوجود جهة أو جهات حاكمة وأخرى معارضة، مع قابلية التداول على السلطة، وبالتالي قابلة للتنافس النزيه على كسب تأييد نسبة أكبر من أصوات الشعب، صاحب السيادة الحقيقية في أرضه.
ويبقى اعتقادنا الجازم أنّ الشعب سيختار بغالبيّته الكبرى المرجعية الإسلامية، القادرة على استيعاب الجميع، وضمان حقوق الجميع.
(*) كاتب سوري
(المصدر: موقع الجزيرة.نت بتاريخ 3 جانفي 2006)
عندما يبحث الحزب الجماهيري عن كبش فداء
تركي علي الربيعو (*)
في معظم الميثولوجيات القديمة تحرص الجماعة السياسية المؤمنة على تطهير نفسها، سنوياً، من الدنس الذي يلحقه بها أحد أعضائها أو ذلك الغريب الذي اندس خلسة في صفوف الجماعة، وفي الحالتين تحمل الجماعة أوزارها كلها الى العضو الخائن، أو الغريب المندس.
في الحال الأولى تحيط به الجماعة، خصوصاً إذا توافرت فيه مواصفات القربان كافة، فيذبح ويلتهمه الجميع، وهذا ما يسمى بـ«الأدامة» كما تشير العلوم الانثربولوجية. أما في الحال الثانية فيطرد الغريب إلى خارج الجماعة قبل أن تلحقه وتعتقله وتقطعه إرباً على مذبح الجماعة ثم تلتهمه أيضاً.
من وجهة نظر الدارسين لمسيرة العقل السياسي، لا يختلف سلوك الحزب الجماهيري كثيراً عن سلوك الجماعة الدينية الميثولوجية، لا بل أن الحزب كثيراً ما يستعير بواعث التعبير عن تجربته من الجماعة الدينية. فالنقد الذاتي الذي يرفعه الحزب الجماهيري شعاراً لا يراد له إلا تطهير الحزب من كل رأي آخر، والتسامح الذي يرفعه الحزب كفضيلة يصبح تخويناً للآخر الذي يغتنم هذه الفرصة لبث أفكاره السامة. وحتى لغة الحزب تأخذ معظم تعابيرها وشكلها من اللغة الدينية للجماعة الميثولوجية، فهي لغة آمرة تنحدر من أعلى إلى أسفل ولا تقبل بأقل من الطاعة المطلقة والخضوع الكامل، وإذا لم يخضع الرفاق فهم عصاة.
من هنا ليس غريباً أن يرى فرانتز فانون في وقت مبكر، في إطار معاينته لتجربة الأحزاب في العالم الثالث، هذا الميل للصراخ والأمر عند قادة هذه الأحزاب الذين يتصرفون ويصرخون كجندي برتبة عريف لا ينفك عن الصراخ بضرورة الانضباط في الصف. فالانضباط هو ما يميز الجماعتين، الدينية والحزبية، عن سواهما، وهذه احدى مرتكزات المجتمع الانضباطي، أي «مجتمع المراقبة والمعاقبة» كما كان يسميه ميشيل فوكو. وهنا يتحول الحزب الجماهيري، بحسب فانون، الى مصلحة استخبارات، جل هدفه مراقبة الناس ومدى ولائهم للحزب الجماهيري الذي ما انفك عن خيانة آمال هؤلاء الموالين.
الحزب الجماهيري عادة ما يرفض مراجعة منطلقاته النظرية من زاوية رؤية دينية ترى النص الحزبي نصاً مقدساً وأن كل عيب لاحق وطارئ إنما يعود الى سلوك الجماعة الحزبية، لا لعيب في النص أو المنطلقات النظرية للحزب، كما يرفض مراجعة طريقة تفكيره وعمله ورؤيته للعالم. وفي كل مرة يختل فيها التوازن في الجزب، سرعان ما يجري البحث عن ضحية تتوافر فيها صفات القربان كافة، كأن يكون أحد قياديي هذا الحزب ومن المؤتمنين على أسراره أو في موقع قيادي كبير، فيخون لمجرد خروجه على الجماعة أو على القطيع الحزبي كما تخبرنا الميثولوجيا القديمة.
من هنا يمكن فهم تلك الفورة الدينية التي عرفها مجلس الشعب السوري يوم 31/12/2005 في رده على حديث نائب الرئيس السوي السابق عبدالحليم خدام لقناة «العربية». فثمة حال دينية حماسية ترجمها المجلس في بحثه عن كبش الفداء، فأصبح الرجل فجأة مصدرا لكل الشرور والمسكوت عنه سابقاً، وغاب التحليل الموضوعي والسياسي لمصلحة نزعة خطابية خوّنت الرجل مطالبة بمحاكمته وإنزال اقصى العقوبة به، وهي نزعة تستعير من الميثولوجيا الدينية كل تعابيرها، فقد شبّه الرجل بـ«أبو رغال» وهو الشيطان الذي قاد جيوش أبرهة الحبشي ليهدم الكعبة الشريفة، ما ينطوي على دلالة كبرى، وهذا ما جمع بين خطابات مجلس الشعب والبيان الحزبي الذي دان خدام و«انضمامه الى جوقة المفسدين» و«التحاقه السافر بالمشروع الأميركي – الإسرائيلي» وبتقديمه «خدمة رخيصة للأعداء».
قد لا يتفق المرء مع ما قاله خدام الذي لا يحظى حديثه بصدقية في الشارع السوري خصوصاً في ما يتعلق بنقده للفساد ودعوته للإصلاح، وقد لا يستحق الخطاب كل هذه الضجة مع أن وراء الأكمة ما وراءها، وقد يكون حديثه مؤشرا على «تسونامي» جديد وهزة ارتدادية ستكون آثارها كارثية على البلد. ولكن ما يلفت النظر هي الحال التي عاشها مجلس الشعب، فالكل مجمع، مع أن الكل ليسوا بعثييين، على الصاق تهمة الخيانة بخدام وطلب تقديمه على مذبح الحزب والدولة اللذين يمران في أصعب ظروفهم، فمن شأن هذا الاجماع أن يطهر الجماعة الحزبية من كل الأدران التي ألحقها بها هذا «الخائن» كما وصف نائب الرئيس السابق.
ما جرى في مجلس الشعب يشير في شكل غير مسبوق الى أن الحزب الجماهيري والجماعة البرلمانية التابعة له لم يقطعا بعد حبل السرة مع الجماعة الدينية القديمة، وقد تكون هذه احدى ميزات العقل السياسي عموماً، وليس العقل السياسي السوري وحده. فكل رأي مخالف هو خيانة، وكل معارضة مرفوضة، وكل الاصوات عليها ان تسكت امام صوت المعركة المقبلة والظرف الصعب الذي يمر به الوطن، وهذه حال لا نحسد عليها، وتساهم في تغييب العقل السياسي والعقلانية السياسية لمصلحة ردود الفعل التي تتكاثر على طرفي طريق الجماعة الدينية والحزبية كفطر ذري سام يحول دون بروز نبتة الاصلاح والديموقراطية المنشودة.
(*) كاتب سوري.
(المصدر: صحيفة الحياة الصادرة يوم 4 جانفي 2006)