الأربعاء، 22 أغسطس 2007

Home – Accueil الرئيسية

TUNISNEWS
8 ème année, N° 2647 du 22.08.2007
 archives : www.tunisnews.net
 

 


المجلس الوطني للحريات بتونس: البوليس التونسي يستولي على أموال محوّلة عبر Western Union للسيّدة عبّو بتواطؤ من مصالح البريد الأستاذ محمّد نجيب الحسني:عون أمن يدهس عمدا بسيّارة إدارية شابا و طفلا  فيردي أولهما قتيلا و يبقى بحالة سراح منجية العبيدي: بمناسبة إطلاق سراح مجموعة من مساجين النهضة – طوبى لكم ايها الصابرون! مصطفى عبدالله الونيسي: توضيح  د.عبد المجيد عمر النجار في حوار قصير خاطف مع الحوار.نت صــابر: ردا على الدكتور النجار  .. خطابك مفاجىء وطرحك يحتاج المراجعة د. محمد الهاشمي الحامدي: أخي الدكتور النجار: التواضع فضيلة كبرى عبدالحميد العدّاسي: أنا حقّا شديد الرغبة في الرّجوع إلى بلدي سلوى الشرفي: إلى عبدالحميد العدّاسي اقرأ من فضلك اقرأ د. نورالدين بوفلغة:د. سلوى الشرفي “حاطبة ليل” ابو حيدر:ما بين سلوى وبين نجلاء نصر الدّين بن حديد: في الأخلاق والسياسة وأصول الممارسة الصحفيّة… محمد العروسي الهاني:الذاكرة الشعبية والحس الوطني أسمى من الأذاء والمظلمة وأثارها ومخلفاتها ووقعها في النفوس الطاهرة عادل القادري:سلطان الطرب يحتقر جمهوره التونسي أم أسيل : الصيد في الماء العكر الهادي بريك: في الذكرى الأولى لرحيل أبي بدر رمز الجهاد بالمال في عصرنا الحاضر د. شيماء الصراف: آفات مثقفي اليوم د. أحمد القديدي: لماذا هم يصنعون ونحن نستهلك؟ محمد كريشان  :الفساد الانتخابي وات: تألق تونسي في مسابقة دولية للقران الكريم بطهران

وات: الرئيس زين العابدين بن على يقرر إجراء حركة في سلك الولاة

وات: الرئيس زين العابدين بن على يقرر إدخال حركة جزئية في سلك الكتاب العامين للجان التنسيق صحيفة “الحياة” :بعد أن تراجعت خسائر القطاع من 70 الى 30 مليون دولار … تونس تخصص أكبر شركات التأمين جريدة “الصباح” :للمرة الثالثة على التوالي:نقابة السوق الماليـة تلوّح بالإضراب بعد فشل المفاوضات مع الإدارة جريدة “الصباح” :في آخر تطور لأزمة الاتحاد العام لطلبة تونس:اقتحام مقر المنظمة الطلابية وإلحاق أضرار بتجهيزاته جريدة “الصباح” :حسب مسح للبعثة الاقتصادية الفرنسية:عدد المؤسسات الفرنسية يناهز 1100 في تونس حاليا جريدة “الصباح” :في دراسة جديدة للمرصد الوطني للشباب:تنامي الظواهر السلوكية المنحرفة لدى الشباب جريدة “الصباح” :الحركة الوطنية التونسية ومطلب الاستقلال (1881-1956): (2 من 4) من تقرير حسن كروم بالقدس العربي: الإخوان المسلمون موقع “إسلام أونلاين.نت”:الفقي يرحب بالإخوان السياسية ويتخوف من حماس الدينية موقع سويس إنفو:القاعدة تقول ان أحد مقاتليها استهدف متمردا سابقا بالجزائر موقع الجزيرة.نت´:مزراق يستبعد موافقة الحكومة الجزائرية على حزبه الجديد  اموقع الجزيرة.نت´:لحكومة السودانية تصادر صحيفة حزب الترابي  صحيفة “الحياة” :سيف الإسلام يطالب بـ«دستور» لليبيا: الشريعة والقذافي والأمن «خطوط حمر» موقع سويس إنفو:معسكرات صيفية لفتح وحماس تمزج بين الترفيه والسياسة د.عصام نعمان: :سؤال المخاض في أمريكا وإسرائيل: ما العمل لمواجهة مقاومة الشعوب؟

 


(Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe Windows (

(To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows  (


المجلس الوطني للحريات بتونس
تونس في 21 أوت 2007

البوليس التونسي يستولي على أموال محوّلة عبر Western Union للسيّدة عبّو بتواطؤ من مصالح البريد

 

قامت منظمة الخط الأمامي مساء الجمعة 18 أوت بتحويل مبلغ قدره 3700 دينار لفائدة سامية بن حمّودة عبّو لتغطية مصاريف تذاكر السفر والتأشيرات وطوابع السفر لمحمد عبّو وزوجته وأبنائهما وذلك بعد دعوتهما من قبل المنظمة المذكورة للقيام برحلة إلى أوروبا. وقد تم إعلام سامية عبّو بإجراء التحويل عبر الهاتف (وهو بلا شكّ تحت التنصّت) كما تلقّت الرقم السرّي الذي يخوّل لها السحب عبر إرسالية هاتفية قصيرة. ولكنّها فوجئت عند اتصالها بمركز البريد الرئيسي بتونس العاصمة يوم 21 أوت أنّ التحويل المالي قد وقع سحبه صباح السبت المنقضي على الساعة 8 صباحا و5 دقائق. وتعتزم سامية عبّو القيام بشكوى من أجل التحيّل والاستيلاء على أموال عمومية والتزوير. وهذه ليست المرّة الأولى التي يقع فيها الاستيلاء على أرصدة لنشطاء من المجتمع المدني. وكانت الضحيّة الأخيرة لسرقة مشابهة الصحفي عبد الله الزواري الموضوع قيد الإقامة الجبرية في جرجيس منذ 2002. فقد حصل معه سيناريو الاختلاس نفسه، وذلك بعد أن تم إبلاغه هاتفيا من قبل أحد أصدقائه المقيمين بلندن يوم 10 جويلية الماضي على الساعة الثامنة مساء، أي بعد غلق مكاتب البريد، بتحويل مبلغ لفائدته بواسطة Western Union. ولكنّه عندما اتصل بمكتب البريد صبيحة اليوم المالي على الساعة 8 و45 دق وجد أنّ أمواله قد سحبت من قبل شخص انتحل صفته واستظهر بالرقم السرّي وقيمة المبلغ ومصدره على الساعة 8و24 دق.وقد تقدم عبد الله الزواري بشكوى في التزوير والتحيّل واختلاس رصيد لدى محكمة الناحية بجرجيس يوم 14 جويلية ولم يتم النظر فيها إلى غاية اليوم. يذكر أنّ Western Union كان قد أسند إلى البريد التونسي جائزة الأوسكار “الامتياز” بعنوان “أفضل مقدم خدمات بريدية ومالية في إفريقيا لسنة 2006” في شهر ماي الماضي. والمجلس الوطني للحريات: –       يعتبر أنّ مثل هذه الأعمال المنحرفة المرتكبة من قبل موظفين بالقطاع العمومي تشكّل ضربا لنزاهة ومصداقية المؤسسات التونسية وخروجا على دولة القانون. –       يندّد بالاعتداءات على الحياة الخاصّة بالتنصّت على الاتصالات الهاتفية لنشطاء المجتمع المدني من قبل البوليس السياسي. –       يستهجن هذه الممارسات التي تهدف إلى حرمان المدافعين من كلّ الموارد، ويطالب السلطات التونسية بمعاقبة الجناة. عن المجلس الناطقة الرسمية سهام بن سدرين


ملتقى الشباب الديمقراطي التقدّمي

 
ينظم مكتب الشباب بالحزب الديمقراطي التقدمي ملتقى يجمع شباب الحزب بمصيف “الصنوبر” ببرج السدرية أيام 24، 25، 26 أوت الجاري ويكون البرنامج كالتالي: البرنامج  

 
 
9:00
10:30
13:00
 
20:00
21:30
 
الجمعة
24
 
 
 
17:00الاستقبال
 
18:00الافتتاح
من طرف الأمينة العامة مية الجريبي
 
العشاء
 
تاريخ الحزب ومساره
تقديم رشيد خشانة
 
السبت
25
دور الشباب في معركة الحريات
تقديم أحمد نجيب الشابي
التنمية والحكم الصالح ومشاغل الشباب
تقديم د. عزّام محجوب
 
الغداء
مساحة حرة
 
العشاء
 
سهرة ثقافية
 
الأحد
26
ورشة استغلال وسائل الاتصال الحديثة
تنشيط د. أحمد بوعزّي
برنامج العمل الطلابي
تنشيط ماهر حنين
 
الغداء
14:30
الاختتام والمغادرة
 
 


 الكاف في: 21/08/2007

عون أمن يدهس عمدا بسيّارة  إدارية شابا و طفلا  فيردي أولهما قتيلا و يبقى بحالة سراح

 
في الليلة الفاصلة بين 20 و 21 من شهر أوت 2007 و لمّا كان الشاب وجدي بن علي العبيدي البالغ من العمر 19 سنة ممتطيا درّاجة نارية بها إنارة برفقه إبن خالته الطفل حمزة العيساوي التلميذ البالغ من العمر 15 سنة، عائدين من حفل زفاف أحد أجوارهم الكائن بمنطقة الخليج من عمادة الفالتة معتمديّة قلعة سنـان من ولاية الكاف. و بوصولهما على مقربة من منازل أجوارهم غير البعيدة على سكناهم قبلة وادي ملاّق، لاحقتهما سيّارة أمن تابعة لأعوان فرقة حرس حدود الفالتة كانت بمعيّتهم في حفل الزفاف و دهستهما عمدا و بشدّة و هما ممتطيان الدرّاجة إلى أن صعدت بالكامل فوقها،  فأردت وجدي طريحا ساكنا بلا حراك رأسه مهشمة و عظام صدره و فخذه مكسّــرة، و حمزة جريحا. و قد حدث كلّ ذلك على بعد قرابة 05 كلمترات من الحدود الجزائرية و في وسط مكان آهل بالسكّان التونسيين من جهاته الأربعة، و على مرأى كلّ من شقيق الهالك الطفل زياد البالغ عمره 15 سنة و إبن عمّه رمزي البالغ من العمر 25 سنة، اللذين كانا بدورهما عائدين من حفل الزّفاف ممطتيين درّاجة نارية أخرى. فتملّكهما الهلع من هول ما رأت أعينهما، و فر رمزي خوفا من نفس المصير و بقي زياد ينتحب شقيقه الملقى بلا حراك تحت السيّارة، فأتجه إليه أحد أعوان الأمن و أعتدى عليه لكما و لطما مبرحا إلى أن سلّم و كفّ عن النحيب.  و بقي وجدي طريح في مكان دهسه ساكنا بلا حراك لمدّة قاربت النصف ساعة، ثمّ حمل في نفس السيّارة الصادمة بمعيّة حمزة الجريح و زياد المعنّف إلى مركز الحرس بالمكان،  و بقي في الإنتظار إلى أن حملوه فيما بعد بواسطة شاحنة تابعة لإتصالات تونس إلى المستشفى المحلّي بقلعة سنان حيث وصل إليه في غيبوبة من المرحلـة الثالثة. و أعلم أعوان الأمن الإطار الطبّي بالمستشفى بأنّهم وجدوه ملقى بطريق عمومي و لا يعلمون سبب جراحه و غيبوبته. فتمّ توجيهه إلى المستشفى الجهوي بالكاف أين لفظ أنفاسه الأخيرة في الساعات الأولى من صبيحة يوم21/08/2007. أمّا الطفلين حمزة و زياد ( عمر كلّ واحد منهما15 سنة) فقد أقتيدا إلى حرس قلعة سنان و تمّ الإحتفاظ بهما في المخفر رهن الإيقاف إلى الغد حيث أطلق سراحهما بعد منتصف النّهار. وفي اليوم الموالي أرسل  رئيس مركز حرس المرور بتاجروين برقية إلى وكيل الجمهورية بالمحكمة الإبتدائية بالكاف ضمّنها ما يلي: “تبعا للتعليمات الصادرة عن النيابة العمومية بالكاف و المتعلّقة بالبحث في حادث مرور بدني جدّ بمسلك فلاحي و تمثّل في مداهمة سيّارة إدارية تابعة لوزارة الدّاخلية بدراجة نارية صغيرة” (عادة تسمى  هذه الحوادث حادث مرور قاتل لا حادث مرور بدني) مبيّنا بأنّ الحادث “أسفر عن أضرار بدنية تمثّلت في إصابة سائق الدرّاجة برضوض و كسر على مستوى الصدر و جرح عميق بالفخذ نقل على إثرها لمستشفى قلعة سنان أين تلقّى الإسعافات و منه تمّ توجيه للكاف أين توفّي”، و أرجع أسباب الحادث إلى أنّ مداهمة السيّارة للدرّاجة من الخلف راجعة لسير الأخيرة بدون إنارة خلفية !! و ختم في الأخير بأنّه تولّى البحث في إطار حادث مرور عادي .  و لم يقع  إيقاف السائق القاتل .    و قد كلّف ذوي الهالك محاميا عنهم فرفع شكوى من أجل القتل للسيد وكيل الجمهورية بالمحكمة الإبتدائية بالكاف في صبيحة نفس اليوم، بيد أنّ نائبه رفض التأشير على توصّله بتلك الشكوى المتضمّنة وسائل إثبات للقتل العمد غيّبتها برقية الإعلام بحادث مرور بدني !! معلما المحامي بأنّه أصدر قرارا منذ حين في فتح بحث تحقيقي من أجل القتل العمد مع سابقية الإضمار كلّف به مكتب التحقيق الثاني، فترجّاه المحامي إعتبار شكواه توضيحا و إفادة و إضافتها إلى أوراق البحث للتحقيق الإستعجالي في وسائل الإثبات التي تضمّنتها، لكنه لم يفعل رغم خطورة الحادثة التي تعلّقت بها الشكوى. و في الأثناء إتصل المحامي بمكتب التحقيق و أعلم نيابته عن المتضرّرين و أطلع على الملف التحقيقي عـ21247/1ـدد فوجده متكوّنا من برقية الإعلام بحادث مرور بدني  و بقرار صادر عن قاضي التحقيق في إنابة رئيس فرقة الأبحاث و التفتيش للحرس الوطني بتاجروين لمباشرة التحقيق بدله مع المتهم بالقتل زميله في العمل و في نفس مرجعه الترابي، دونما أمر بإيقافـه و لا حتّى بالإحتفاظ به. يذكر و أنّ أهالي منطقة الفالتة و الخليج يتذمّرون من تجاوزات مماثلة و خطيرة يأتيها نفس أعوان الأمن و لم تمض مدّة طويلة على دهسهم لمواطن من نفس المنطقة في ظروف شبيهة ما سبب له كسرا  في فخذه. و إنّ محامي المتضرّرين  نفسه سبق أن  تعرّض للإحتجاز لمدّة قاربت الساعة و النصف مع التهديد بإطلاق الرصاص عليه من نفس الأعوان العالمين بشخصه و بصفته المهنيّة كما يذكر و أنّه تعرّض في نفس المنطقة يوم الأربعاء الفارط الموافق لـ15 من نفس الشهر إلى الإحتجاز من قبل أعوان نفس الفرقة الأمنية و أعلمه عونين بأنّهما يعرفان  هويّته و صفته المهنية و لكنّهما مع ذلك مصرّين على أنّ يقدّم لهما إضافة لأوراق السيّارة و رخصة السياقة ما يفيد بأنّه محاميا و ما يفيد بأنّه تونسي الجنسية، و ظل محجوزا في إنتظار إستعادة وثائقه قرابة الساعة و النصف لأنّه غير حامل لمثبت الجنسية و لا لمثبت الصفة المهنية. الأستاذ محمّد نجيب الحسني ـ المحامي

 


 

بمناسبة إطلاق سراح مجموعة من مساجين النهضة

 

طوبى لكم ايها الصابرون!

 

بقلم: منجية العبيدي

 

 

افرايت الليل الطويل كيف تتروح نسماته الاخيرة بعبير الشجر وتتندى ازهاره في نسيم البحر”!  محمد سعيد العريان

 

أمن الكهف خرج هؤلاء؟

أم تخرجوا من اعرق اكاديمية للصبر بامتياز؟!

أمن عبق التاريخ أطلوا ام من ضياء المستقبل بزغوا؟!

ومالي لا ارى وهنا ولا سأما ولا اعياء؟!

وما لهم ..ما لهم لا يطاطؤون ولا ينحنون؟!

احترت كيف أجمع شتات الموضوع وأحشد خواطره واصنف عباراته ..احترت من اين ابدا الحكاية وكيف ارويها فكثيرا ما تتسارع الاحداث في اذهاننا وتتسابق الافكار وتتراكض الذكريات فتفيض علينا بحرقتها ودموعها .. وعطرها وشذاها.. تتسابق وتتناثر ويدفع بعضها بعضا  فتتعطل لغة الكتابة ولغة الكلام..

“..المعنويات مرتفعة وعازمون جميعا على مواصلة النضال على درب التحرر مهما كانت العراقيل, وكما قال الشاعر:

اذا كانت النفوس كبارا     تعبت في مرادها الاجسام.”

 

هكذا تكلم احد ابرز المسرحين الجدد في حوار له ربما بعد ساعات من توديعه قضبانا حديدية مقيتة وسراديب مظلمة حزينة شهدت ملحمة التحرق و التقلب على جمرالالم والوجع انتصارا للحرية والكرامة الانسانية ما يناهز العقدين من الزمن.. لكل من المسرحين  حكاية خاصة مع مستنطقيه وجلاديه وسجانيه .غير ان الجميع بلا استثناء وربما بدرجات متفاوتة نسبيا عاشوا ولا ريب تجربة ليل طويل شديد الظلمة حالك السواد يلفه صقيع يغطي الاجساد والقلوب فيدميها ويبكيها..

عندما كان هؤلاء يستنطقون ويعذبون باحدث الوسائل المستوردة واكثرها بشاعة ووحشية..كان من هم خارج القضبان تائهين في الارض هائمين على وجوههم في ارجاء البلاد وقد تقطعت بهم الاسباب ..بلا سند ..بلا ماوى ..بلا عزاء .. بلا نصير ..بلا عنوان..شبح الخوف يخيم على البلاد..والعسس..العسس كالجراد في كل الازقة والشوارع ..في كل المدن والقرى .. يتعنترون في البلاد شمالا وجنوبا ..وشرقا وغربا .. تخالهم وقد زرعوا في محطات النقل العامة مواطنين كادحين مثلك ينتظرون قطارا او حافلة او سيارة اجرة لينصرفوا الى اعمالهم ويكسبوا قوت عيالهم فياخذك احدهم على حين غرة .. يقتحم عليك سكينتك ويامرك – وفي صوته نبرة من مصيرك ومصير امك وابيك واخوتك والناس جميعا معلق بيده – يامرك باخراج هويتك . 

تعلم ولا شك ان القانون يفترض ان يحميك ان انت رفضت وعليه كما يبدو في هيئة المواطن العادي ان يطلب مايريد بلياقة وادب ولك  ان تستجيب او لا تستجيب ..تعلم ذلك علم اليقيم بيد انك  لا تجرؤ على التفكير..مجرد التفكير في  رفض طلبه.. يقول لك مستنكرا عند تفتيشك ويا لعجب ما يقول : ” ويحك ..الا تعلم ان هذا المصحف الذي تحمله في حقيبتك ممنوع ؟!” ويامرك مشيرا الى صندوق نفايات في المحطة بان تلقي بالمصحف في القمامة (حصل معي هذا في محطة للحافلات في صائفة 1992) . وسط هذه الاجواء المشوبة بالرعب والحذر راحت عائلات كثيرة تبحث في ثنايا مكتباتها عن مصحف \ شبهة تتخلص منه فتدفع الضرر عن اكبادها!!

 

وحرس الليل وما ادراك ما حرس الليل .. يتنصتون على النوافذ والابواب.. يعدون عليك الخطوات  والانفاس ..يقتحمون خلوتك ولا يراعون حرمة لاي من اهل بيتك.. يتلذذون بتخويف الطفل الصغير والتنكيل بالشيخ الهرم وتعرية المراة الطاهرة وما يحلو لهم الا ان يباغتوك بقفزة من على سطح بيتك فى الهزيع الاخير من الليل مثل كابوس ارعبك فافسد عليك  نومتك  او صداع فظيع الم بك فجاة وانت نائم فايقظك وارقك..

 

يلاصقونك كظلك اينما حللت وكيفما كنت دونما استئذان ولا اعتذار ولسان حال الواحد منهم يقول كما قال فرعون فاراه الله اياته الكبرى ” انا ربكم الاعلى”!

 

كنت ترى الاخ يفر من اخيه وكانك امام علامة من علامات الساعة .. ومن زينت له نفسه ان ينكل  باحد انتقاما منه وتشفيا فيه لسبب ما فتكفي الوشاية به على انه “خوانجي” لينعطف مسار حياته كلها وتتلاشى امنياته وتتبخر احلامه فتنقلب اوهاما! وان دفعت بك الاقدار الى قافلة الموقوفين ترى العجب العجاب ..تحس انك امسيت خارج العصر بل خارج التاريخ ..طائرا جريحا مكسور الجناح  تتقاذفه وحوش بلا ادمية .. ينهالون عليك لطما وضربا انى شاؤوا ومتى وكيف اشتهوا .. يتداولون حصص التعذيب بتفان متناه كما يتداول الاساتذة الكبار حصص التدريس للطلبة .. يحطمون عظامك..يكسرون ظهرك ..يحرقونك بالسجائر في مواضع شتى من جسدك..يصبون عليك ماء النار ..يجردونك من ثيابك فتجد نفسك فجاة كما ولدتك امك على مراى من رفاق الدرب ..

يعرونك ان كنت امراة..يكتفونك بشعرك الطويل.. يجهضونك تحت التعذيب ويستميتون من اجل اغتصابك..

 

قد تطلب منهم ان ظل فيك بقية من نفس ودماؤك تتلوى على الكراسي والنوافذ والابواب والجدران ..تطلب ان يخبروا اهلك بمكان وجودك فهم ولا شك هائمون في حيرة من امرهم ..يتحسسون اخبارك ولا من مجيب.. ان فعلت وطلبت سخروا منك ولطموك وكانك تجرات على ذكر احدهم بسوء..كل شيء ممنوع ..الكلام ممنوع..السكوت ممنوع ..القيام ممنوع ..النوم ممنوع.. النظر ممنوع.. القلم ممنوع..الكتاب ممنوع.. النفس ممنوع.. الامل ممنوع.. وما يسمح لك بغير الالم في قصر الضيافة ذاك!

 

اذا وسعتك رحمة المولى وفك الله ايقافا ربما امتد لشهور طويلة لا ترى فيها ضوء الشمس ولا نور القمر ولا يسمح لك فيها بغيار واحد للملابس دونما احترام لابسط قواعد الايقاف التحفظي..اذا امروك صباحا بالاستعداد لحضور جلسة محاكمتك بعد ساعة او يزيد رقص قلبك رقصة قلوب الاطفال في يوم العيد..يهنؤك الجميع على خروجك لا بل اخراجك من حالة اللاقرار الى القرار وكيف لا وانت الى حد لحظتك تلك لا تعلم شيئا عن مصيرك فلينطقوا بها ويريحوك من الجحيم ولو بجحيم اخر!!

تودع مركز الايقاف ..لا بل ربما حملوك على كرسي متحرك فانت تعجز عن المشي ولا تقوى على الوقوف وعلى الجلوس جراء التعذيب..ياخذونك فتحس وكان قطعة من قلبك ابت الا ان تعلق داخل القضبان مع رفاق الدرب..عبثوا بكم وجرموكم ونفذوا الحكم قبل ان تنطق به المحكمة.. وهل ثمة ما يمنعهم؟! لم لا وهم يملكون زمام كل شيء في البلاد؟! حتى المحكمة يملكون مفاتيحها كلها!

ينفطر الفؤاد على من قاسمتهم الوجع والانين والحرمان والم الفراق.. تتمنى لو ان لك جناحين فتطير بهم جميعا وتحلق بهم عاليا فهم ميالون الى السمو تواقون للتحرر فتعيد كل طائر منهم الى عشه وفراخه التى ما زالت بعد لحما طريا لم ينبت له ريش الجناح ولا يقوى على الفرار بعيدا بعيدا حيث لا جحيم ولا جوع ولا بكاء ولا دموع تعكر صفو الطفولة..

تدرك ولا شك انك تنقل من معتقل الى اخر ربما تمنيت فيه لو ان امك لم تلدك ومع ذلك تدندن وانت في طريقك الى المحكمة :”يا نسمة الحرية !” تقتنص من زمن الرداءة ذاك لحظات تطل فيها من ثقب سيارة السجن الضيقة..تتلمح وجوه الناس ..تفتش عن ابتسامة تعيد اليك ثقتك بالنفس والناس والكون..تفتك سويعات قد لا تكتمل دقائقها ترى فيها العالم عن قرب..تتلمس الواقع الحزين..تستمع الى حكاوى المظلومين..

والمحامون..من يدافعون عنك.. يتخبطون كطيور ذبحت لتوها..يملكون دلائل براءتك كلها ..يقولون انك ما حملت سلاحا ولا عذبت ولا شردت احدا ولا نكلت باحد وانما انت ببساطة حلمت وبكل الوسائل السلمية بالكرامة والحرية والانسانية لك ولشعبك وما ياتي من اجيال..يقولون انها عناصر تحتاجها حاجتك للماء والغذاء والهواء..يتعاطف معك المحامون..تجف حناجرهم ويستميتون باستحياء في الدفاع عنك ولكن..لا حول لهم ولا قوة ..مساكين.. ضاعت سنين العمر في دراسة القانون وفقه حقوق الانسان ولما فهموه ارادوا اعلاءه فنكص المستهترون جميع راياته واضحى القانون يستصرخ الناس في الشرق والغرب ان هلموا.. انظروا..تبصروا..اهذا عدل؟! اهذا انصاف؟! من يغيث هؤلاء المستضعفين؟ من يقول كلمة الحق فيهم؟ من يقول انهم نبض الشارع وانهم الشمعة التي تذوب لتنير ليل الخضراء؟!

 

 ينادي المحامون ومعهم الاحرار والشرفاء ولكن هيهات! يموت الاباء كمدا على اكبادهم الذين بدد المستكبرون احلامهم.. تنوح الامهات..تبكي الزوجات..يتيه الابناء وسط الزحام..ما الذي يجري يا امي؟ افي علم نحن ام في حلم؟ اكابوس هو يا امي ام مرض عضال ابتلى اجسامنا؟!

الكل يرجف..الموقف رهيب..اكثر من نصف سكان البلاد تضرر بشكل او باخر..

 

وفي الضفة الاخرى من المتوسط كنت ترى عددا لا يتجاوز اصابع اليد احيانا يتظاهرون لابسط الاسباب بل واكثرها طرافة على الاطلاق.. والشرطة تهيء لهم المكان والزمان وتحرسهم فلا هراوات ولا قنابل مسيلة للدموع ولا رصاص ولا ايقاف ولا تعذيب ولا ترهيب ولا سجن ولا تشويه..ثم ينصرف كل الى بيته ويخلد الى نوم عميق بلا كوابيس ولا عسس ولا حرس ليل!!!

يمزقك الاحساس بالغيرة ويغطيك الخجل من راسك حتى قدميك..فاولئك الذين يعذبون ويعتقلون ويقطعون الاوصال بنو وطنك وابناء جلدتك وسمعتك من سمعتهم..

اما الاعلام فحدث ولا حرج..كرتونات توجهها الدولة وتفصلها على مقاسها فلا مكان فيها لمقاس او لون اخر..وسحرة فرعون ينتقون فقط ما يزينهم ويعرضون ما يجملهم ..يشوهون من يريدون ولا يبرؤون احدا تجرا على العيش كانسان..والمواطنون الكادحون لا يفقهون ما يجري..يرون الاشياء بعيون السلطة وراديوهاتها وشاشاتها وصحافتها المدجنة تعرض امامهم كائنات “مخربة”.. “مفسدة”.. “مجرمة”..”خارجة عن” القانون بل عن العرف وعن التاريخ..

لم تكن “الجزيرة” قد ظهرت للوجود ولم تكن الانترنيت قد غزت البيوت ولم يكن للخليوي اي وجود والفوضى ضاربة اطنابها!!

وانت تحمل الى السجن من قاعة المحكمة بعد “الادانة” يؤسسون بك لمرحلة لئن خلتها جديدة من حيث تغير المكان والمعطيات باعتبارك الان سجينا يقضي حكما نافذا الا ان مشاهد المكان الجديد وعذاباته لا تختلف بحال عما سبقه..يخيل اليك حينها ان الزمن قد توقف فلن تعرف بعد اليوم قياسا للزمن الا من خلال طوابير العد الصباحي وما يسمح به من زيارات الاحبة..تدرك ان الليل المطبق سيطول وان نور الصبح لن ينبلج الا بقدرة قادر…فالاصحاب تبعثروا وقسموا الى ثلاث فئات : فئة اولى باغتها “حماة الحمى” فكبلوها وكمموها وزجوا بها في زنازين مظلمة قضى منهم من قضى وظل من كتب الله له عمرا جديدا يصارع الموت البطيء.. وفئة ثانية اجتثت من ارضها اجتثاثا كاملا فباتت كنبتة انتزعت بقسوة من تربتها الخصبة وما فتئت الى يوم الناس هذا تحاول التاقلم في ترب جديدة في اماكن شتى من بلاد العالم ..اما الفئة الثالثة فهي منبثة في السجن الكبير بامتياز..تقبض بحق على الجمر..يقلبها “حماة البلد”  فتظل تصطلي الى ان يطمئن الحماة الى انها احترقت او تكاد..

 

.. ومضت الايام والشهور والسنون والجميع يئنون في صوت حزين يتوجع .. من لم يعش تجربة قضبان حديدية تطبق على الانفاس ينبعث منها انين الوجيعة وتفوح منها راحة الموت ..من لم ينتسب لمدرسة يوسف فما احس ألما ولا جرب قهرا فاليوم فيها بالف عام والشهر بالف الف عام والعام يعادل الدهر كله !!ومن لم تقطع اوصاله في وطنه ويعش ذليلا حزينا غريبا بين ابناء جلدته يتمنى على جمعيات الرفق بالحيوان ان تهب لنجدته..

من لم يعش ذلك فما توجع في حياته وما بكى.

.ومن  لم يذق مرارة التهجير واوجاع الغربة فما تنهد ولا اكتوى..

يمر العيد تلو العيد وهو بعيد يتعطش لكل جديد ..

يسال الاهل هل من فقيد او وليد..

يقضي احبته فلا يملك ان يودعهم الوداع الاخير ..

لا شيء يربطه بالتراب الجديد عدا كونه لا يكبل بسلاسل من حديد

من يصر على قول ما يريد..

فوالله لحفنة من تراب الوطن اغلى واطيب من عطور الدنيا كلها ولكن…

 

“ام حسبتم ان تدخلوا الجنة ولما ياتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم الباساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين امنوا معه متى نصر الله الا ان نصر الله قريب.” (صدق الله العظيم)

 

آية ربما تاهت معانيها وسط الزحام في زمن بلغ فيه الجدب الانساني مداه حتى ان البعض راوده الشك – وقد خلق الانسان عجولا- في قول من اعلنوها ورددوها دونما سام او ملل ” لن نساوم ..والى اخر نبض في عروقنا سنقاوم..” وبات هم من زج بهم في سراديب الموت هو الصراع من اجل البقاء وكابدوا ما كابدوا باجسادهم المنهكة العليلة وصمدوا صمود الابطال .. لم تتزحزح ثفتهم بالله قيد انملة ..بينما انطلقت طائفة ممن هم خارج السجن الكبيرتحمل قضية طيور الحرية والمعذبين في ارض الزيتونة تجوب بها الشرق والغرب ..تعرف بالمحنة وما كان يسمع عنها غير القليل القليل..تروي قصة ابطال دفعوا حياتهم ثمنا للحرية وآخرين يموتون موتا بطيئا ابت هممهم العالية ان تبيع او ترضى باي خلاص فردي لايمانهم بسنة العسر واليسر وبان الحرية باهظة الثمن لا توهب وانما تؤخذ غلابا..

اما اسرهم المثقلة بجراحات الماضي والحاضر والتي اخذت بذنب القرابة او النسب فباتت شريكة في “الجريمة” وهدفا للانتقام والتشفي في ابشع تجلياته فمنعت المراة من دخول المستشفى وهي في حال مخاض لوضع ما في بطنها وعدم الطفل الصغير جرعة الدواء ..وصار من افنى عمره في طلب العلم يجوب الازقة بعربة الخضار عله يؤمن ما يسد به رمق عياله..اما اللباس فوضع له “حماة البلد” مقاييس تحل ما تحل وتحرم ما تحرم  ولنساء الخضراء معه حكاية طويلة..

استفاد المبعدون من بروز محطات فضائية كسرت النمط السائد من الاعلام الكرتوني المسبح بحمد الحاكم في بلاد العرب لتنطق بلسان الشعوب المنهكة..ومن ثورة الانترنيت التي حولت العالم باسره الى قرية صغيرة لم تعد تخفى فيها خافية..فسقطت الاقنعة وابصر الناس وادركوا ما كانوا يجهلون وتدربت اذانهم على سماع الراي والراي الاخر قبل ان يحكموا..

ومن رحم الغرب خرجت اصوات ربما اختلفت معك في ايديولوجياتها ومرجعياتها الدينية الا انها تتفاعل معك انسانيا وتتبنى قضيتك حتى النخاع.. نفذت الى ما وراء الديكور السياحي المنمق فسمت الاشياء باسمائها وصارت عامل ضغط وقوة تحرج المستكبرين وتنتصر لمناضلي الحرية والكرامة..

وتقلص الخوف  وخرجت البلاد شيئا فشيئا من حالة الصمت الرهيب ..وتعالت اصوات داخل البلاد وخارجها تحترم انسانية الانسان وتؤمن بحقه في الدفاع عن الفكرة ولسان حالها يردد ما قاله الفيلسوف الفرنسي :”قد اختلف معك في الفكرة لكني مستعد للموت من اجل ان تقول الكلمة”.

هو واقع نرويه لا باطل ندعيه..وعندما نقلب صفحاتها ندرك ان المحنة طال امدها وان الوجع قد امتد ملء الارض وان العتمة خيمت علينا جميعا..

 

واليوم .. تطل علينا طائفة من المسرحين ..اهل كهف جدد يمسكون بتلابيب الواقع ويتلمسون تغييراته فما عرفوه من اعلام كرتوني هزيل ما عاد يؤتي اكله ..وهم يتابعون لاول مرة في حياتهم فضائيات  بلسان عربي جدير بالاحترام وصفحات الكترونية غيرت مجرى عالم المعلومات.. ويتعرفون لاول مرة في حياتهم ايضا على اداة صغيرة تتنقل مع الانسان انى مشى وتصله متى شاء بمن شاء..ناهيك انهم ودعوا عالمنا هذا في قرن ثم عادوا اليه في قرن جديد قلبت احداث بارزة فيه وجه الكون كاحداث الحادي عشر من سبتمبر التي قلبت موازين الفكر والسياسة والاقتصاد  ثم سقوط بغداد واحتلال العراق الذي فتح جرحا جديدا في جسم الامة المثقل اصلا بالجراح..

يطل علينا هؤلاء من بين الحطام وكانهم خرجوا لتوهم من زمن غير الزمن او تخرجوا من اعرق مدرسة للصبر..

نخالهم انكسروا فاذا هم هم لم يتغيروا ..

اجسادهم منهكة ..

قلوبهم تبكي على من تركوا وراءهم..

بيد ان عزيمتهم كالصخر لا تهد ولا تتزحزح..

يستشرفون المستقبل ويتطلعون الى غد افضل.

.بل ان اسقف مطالبهم تشعرنا بالخجل من انفسنا نحن “الطلقاء”..

لم يفرطوا..

لم يبيعوا..

لم يساوموا ..

والاروع من ذلك كله انهم لم ينحنوا ولم يطاطؤوا!!

تفاؤلهم يبعث الامل في نفوسنا ويوحي بان النصر ات لامحالة وان من بقي من ابطال الحرية في سراديب الموت سيحررون بنضالنا وصبرنا وثباتنا واصرارنا ووحدتنا وان المبعدين سيعودون معززين مكرمين غير متنازلين  من اجل فسحة سياحية وانما ليلتئم شمل الاحراروالشرفاء من جديد فلا يعلنوا توبة عن نضال صادق ابتغوا به النصر للكرامة والحرية والانسانية ولا يطلبوا صكوك غفران ممن استولوا على خيرات البلاد وجثموا على صدور العباد.. سينجلي الليل..يرونه بعيدا ونراه قريبا..وكل من بذل شيئا من وقته وجهده وماله ما يقارب العقدين من الزمن يدرك ان المفرج عنهم لم يسرحوا لسواد عيونهم وانما بضغط متواصل واحراج لا ينتهي من الداخل والخارج وان لم نقدر ذلك فلتوصد كل الهيئات والمنظمات الحقوقية ابوابها ولنوقف كل الاحتجاجات وليتب المساجين عن الاضرابات ولنشطب مفردة” النضال” من معاجمنا اللغوية ونخلد جميعا الى سبات عميق ..

ولئن طويت قريبا صفحة السجناء ثم المبعدين وخفت محنة ابناء النهضة ومناصريها فان المعتقلات التى افرغت من النهضويين تملا الان بشباب في عمر الزهور دفعهم عنف الدولة والفراغ الذي تركته حركة مثلت فيما مضى حصنا منيعا ضد التشدد والغلو..دفعهم ذلك الى الهاوية.. واليوم تبدا محنتهم واهليهم وتقع على عاتقنا جميعا مسؤولية فهم ما يجري علنا نخفف بذلك وطاة الظلم ونرسي بسفينة الخضراء الى بر السلام والوئام والامان..

نحتاج كما هائلا من الجهد والعمل..  نحتاج ان نفخر بهممنا العالية.. نحتاج الا يفقد اي منا احساسه بانه العضو الذي اذا اشتكى تداعى له سائر الجسد  بالسهر والحمى ..نحتاج الا يستهين احد بما يبذل من اجل حياة كريمة لنا ولاهلنا في بلادنا  ..وقبل ذلك وبعده نحتاج ان نشد على ايادي  من قبضوا على الجمر لسنوات طويلة فضربوا اعذب واروع امثلة للصبر..نحتاج ان نهمس  في اذانهم جميعا : طوبى لكم ايها الصابرون ..طوبى لكم والف طوبى!!!

 

منجية العبيدي – لندن

 


 

بسم الله الرحمان الرحيم توضيح
 
إنّ ما أريد بيانه هو أني إثر عودتي من تونس التي يسر الله سبحانه أن زرتها بعد غياب دام 26 سنة اطلعت  على الحوار السريع الذي أجرته الحوار نت مع نائب رئيس حركة النهضة  التونسية واستبشرت خيرا لأني ظننت لأول وهلة أن الحركة في هذه المرة قد أرادت أن تُذكر مبكرا بالتوجهات و الخيارات السياسية العامة من بداية السنة السياسية كما هو شأن كل الحركات السياسية الجادة والمسؤولة ولكن عند قراءة الحوار وجدته حوارا فارغا، مُصطنعا لا فائدة منه إلاّ إذا كان القصد منه تصفية بعض الحسابات مع أفراد استعصوا على التنظيم  لأنهم كانوا دائما أحرارا  وأبوا أن يبقوا أسرى ورهائن لحسابات تنظيمية ضيقة، و حتى لا يبقى القراء الكرام ضحية لهذه المغالطات كان لا بد من تفنيد هذه المغالطات التي وردت في الحوار. وحتى يعرف القراء حجم المغالطة كان لابد من التذكير بالسؤال و الجواب ثم التعليق عليهما. الحوار نت:  شيخ وليد تناهى إلينا في المدة الفارطة بأن عددا من أبناء الحركة رجعوا إلى تونس برغم أنهم محاكمون غيابيا بسبب انتمائهم للحركة و ذلك على مدى السنوات  المنصرمة القليلة. هل يمكن أن تنير قراءنا حول هذه القضية؟ أعني كم عدد الذين رجعوا و ما هي علاقتهم بالحركة قبل و بعد رجوعهم و ما هو موقف الحركة منهم و ما هو تعامل السلطة معهم و كيف توصلوا إلى تسوية أوضاعهم و هل هم على خلاف فكري أو سياسي أو تنظيمي مع الحركة أم لا الخ….. – أريد أن أن أتوجه من خلال هذا البيان لمن يريد معرفة الحقيقة، أما أولئك الذين لا هم لهم في هذا الحوار، الذي وصفوه بالسريع ، والذي أجرته الحوار نت مع نائب رئيس حركة النهضة إلآّ الدفاع عن مصالحهم الحزبية الضيقة و محاكمة النوايا فنوكلهم إلى رب النوايا و ما تُخفي الصدور. الجواب: ( نورد الجزء الذي يهمنا من الجواب و لمن أراد الإطلاع على الحوار كاملا فليعد إليه في الحوار نت) : “.. أمّا عودة الإخوة المنتظمين الذين عادوا إلى تونس، وفق تسويات فردية ، كما بلغنا ، عبر الإطار الأمني في السفارات ،فهم قلة قليلة جدّا عرفنا منهم الأخوين مصطفى الونيسي وعمر النمري، و لم يْؤسسا اختلافهما مع الحركة على أساس فكري، بقدر ما هو لوضع عائلي خاص لم تقرهما الحركة عليه لأن للجميع أوضاعا عائلية خاصة تفاقمت خلال هجرة امتدت مع البعض لأكثر من ربع قرن…”. الـــرد 1)-  ورد في السؤال بأن عددا من أبناء الحركة رجعوا إلى تونس برغم أنهم محاكمون غيابيا بسبب انتمائهم للحركة و ذلك على مدى السنوات المنصرمة القليلة. و هذا ولا شك توظيف رخيص من طرف السائل أو الصحافي إن شئتم مبني عن جهل لا يليق برجل إعلام يدعي أنه يريد إنارة القراء، و شكرا لكم على إتاحة الفرصة لي لأنيركم و أنير قراءكم خاصة  بالمعطيات الصحيحة التي غابت عنكم أو تجاهلتموها ، و لعلمكم إن كنتم لا تعرفون أني على مدى السنوات المنصرمة القليلة لم أحاكم لأني استفدت من دروس الماضي ، بل أكثر من ذلك ، لقد كنت معارضا للخطة التي فرضتموها على أبناء الحركة في أوائل التسعينات و جمدت و ضعي التنظيمي احتجاجا على تهوركم و زجكم لأبناء الحركة و الكثير من الأبرياء في معركة هي خاسرة مسبقا، و من سوء حظنا  جميعا كانت النتيجة ما توقعته ، و لكن هكذا هي القيادات الفاشلة هي دائما ضعيفة الذاكرة لا تريد أن تتذكر وتعتبر، و لا تطيق أن يُرد  الاعتبار للمخالفين في الرأي و لو كانوا صائبين. 2) ادعى نائب الحركة أن عودتنا تمت عبر الإطار الأمني في السفارة التونسية ، و هذا أيضا افتراء لا أساس له من الصحة لأن حصولي على جواز السفر لم يتم عبر الإطار الأمني ، بل تمّ بالطرق العادية التي يتحصل بها كل مواطن تونسي على جواز سفره، و ما ذهب إليه نائب الحركة إنّما هو اتهام باطل و نوع من الوشاية الرخيصة  التي لا تليق بقيادي جاد ومسؤول . 3) أمّا عدد العائدين فهم كُثُر و على كل حال فأول الغيث قطر ثم ينهمر . 4) أمّا عن خلافنا مع قيادة الحركة فهو قديم و معروف و لا فائدة من  إخفائه ، و ما هذا الحوار الذي أخرجتموه إلاّ دليلا على ذلك، ولا يعدو أن يكون مسرحية سيئة الإخراج تقاسم الأدوار فيها المحاور والمحاور(السائل والمسؤول) لتهميش الرأي المخالف و تشويهه و عزله، وهذا النوع من السلوك المتخلف غدا معروفا و ما هو في الأخير إلاّ نوع من الإستبداد والإستقواء بالإمكانيات الضخمة والمتعددة لتشويه من خالفكم الرأي و التي و فرها المستضعفون من دماءهم و لكن لغير هذه المهمة القذرة. ألم يكن أجدر بكم أن تستعملوا ذكاءكم  و المال العام لعزل خصومكم الحقيقيين الذين استعملوكم و جروكم إلى هذا المستنقع الآسن الذي بقيتم تتخبطون فيه. 5)أذكر أيضا الإخوة القائمين على هذا المنبر الإعلامي أن لا ينخرطوا في مثل هذه الأدوار المشبوهة و أن يلتزموا الحياد خيرا لهم و لموقعهم ، فإن الإعلام مسؤولية و شهادة أمام رب العالمين . 6) و أذكر أيضا أن في العودة للبلاد وربط الصلة بها ولو كانت منقوصة فوائد لا يعرفها إلاّ من عاشها ، وفي هذا المقام أثني ثناء موفورا على مقال الدكتور النجار (عودة المهجرين بين الواقعية والوهم) الذي أتبنى كل ما ورد فيه. 7) و أخيرا أطالب الأخ وليد أن يسحب ما ورد في الحوار من مغالطات، فذلك خير له. أسأل الله تعالى أن يُرينا الحق حقا و يلهمنا إتباعه ، وأن يرينا الباطل باطلا و يلهمنا اجتنابه. يوم الإربعاء 22 أوت 2007 مصطفى عبدالله الونيسي ـ باريس، فرنسا


د.عبد المجيد عمر النجار في حوار قصير خاطف مع الحوار.نت

 

 
عبد المجيد عمر النجار في حوار قصير خاطف مع الحوار.نت. حاوره : الهادي بريك ـ الحوار.نت ـ ألمانيا. الدكتور عبد المجيد عمر النجار : ـــ من مواليد عام 1944 ببني خداش من ولاية مدنين بتونس. ـــ متزوج وأب لعدد من الأبناء وجد لعدد من الأحفاد. ـــ نال شهادة الدكتوراه عام 1981 من الأزهر الشريف في العقيدة الإسلامية. ـــ له عدد كبير من الكتب والمؤلفات فضلا عن الدراسات والمقالات والمحاضرات. ـــ نائب الإمام القرضاوي في رئاسة المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث. مكلف بالبحوث. ورئيس هيئة التحرير في المجلة العلمية الدورية الصادرة عن المجلس. ـــ عضو بالإتحاد العالمي لعلماء المسلمين. ـــ أستاذ العقيدة والفلسفة في عدد من جامعات العالم سابقا منها تونس والإمارات العربية المتحدة ـــ يعمل الآن أستاذا بالكلية الأروبية للعلوم الإنسانية بفرنسا ومديرا لمعهد باريس التابع للكلية. نص الحوار:
الحوار.نت : دكتور عبد المجيد مرحبا بك ضيفا كريما. الدكتور النجار : أهلا وسهلا، وشكرا على هذا الاتصال
الحوار.نت : دكتور عبد المجيد ـ إطلع القراء المتابعون لبعض المواقع الإلكترونية على مقالك الذي يحمل عنوان ” عودة المهجرين بين الواقعية والوهم ” فحصل إلتباس لدى بعضهم بسبب أنه قبل يومين فحسب صدر عن نائب رئيس حركة النهضة موقف يبدو مخالفا لما ذهبت إليه. فهل من توضيح شاف لهذا الإلتباس؟
الدكتور النجار: الرأي الذي دوّنته في المقال المشار إليه هو رأي شخصي توصلت إليه بعد تأمل في مسألة عودة المهجرين، وهو رأي ليس له ارتباط بالحوار الذي أجري مع نائب رئيس حركة النهضة إلا من حيث اشتراكهما في جزء من الموضوع، وإلا فإنه قد كتب قبل صدور ذلك الحوار وإن يكن قد نشر بعده، فهو في الحقيقة ليس ردا عليه وإن يكن ما جاء فيهما يشتمل على بعض الاختلاف. وقد توصلت إلى هذا الرأي قبل أكثر من سنة ونصف ودونت فيه مذكرة مفصلة مؤصلة اطلع عليها جملة من المنشغلين بهذا الأمر، وذلك في نطاق الحوار الدائر حول قرار سابق لحركة النهضة فيه. أما نشر المقال في الوقت الذي نشر فيه فمن دوافعه الرد على مقال سابق نشر من قبل أحد المهتمين بالموضوع، وقد تعرض فيه للرأي الذي أرتئيه وذكرني بالاسم فوجب البيان.
الحوار.نت : دكتور عبد المجيد ـ هل يمكن أن تطلع قراءنا الأكارم على أهم مرتكزات وأسس الحوار حول هذه القضية بما يضبطه بسقف متين أعلاه وحدة صف المهجرين وأدناه حرية كل واحد منهم في تصريف رأيه بما يناسبه وأثر ذلك على واقع ومستقبل الحريات بالبلاد؟
الدكتور النجار : لعل هذا ليس من شأني وإنما هو من شأن الأطر القانونية إذا كان الأمر يتعلق بحركة من الحركات أو بتنظيم من التنظيمات فيما تضبطه لمنتسبيها من ضوابط عليهم الالتزام بها. أما أنا فأرى أن من دوري أن أجتهد في مثل هذه القضايا، وأبدي رأيي فيها بما أراه صالحا للوطن، ومسؤوليتي أن أؤصل ما أراه على الحجة قصارى ما أستطيع، وبمثل هذا تتطور المواقف وتثرى الرؤى وإلا فإنه يكون الجمود وتفوت المصالح. ولا يخفى عليك أن من ينتسب إلى حركة من الحركات أو تنظيم من التنظيمات عليه أن يفرق بين الالتزام العملي بمقررات من انتسب إليه، وبين التأمل والتفكير في القضايا ذات العلاقة بها، وأن يجتهد في اقتراح حلول لها، ولا يُستثنى من ذلك القضايا التي تصدر فيها إلزامات عملية، وإلا فكيف تتطور مواقف الحركات وكيف ترشد تفاعلاتها مع مستجدات الأحداث. وإذا نزلنا هذا على ما سألتني عنه فإن المقال يجيب عليه، إذ أرى أن ما اشترطت من شروط لعودة المهجرين هي الحد الذي ينبغي أن يتوحد عليه الجميع وخلاصتها أن تكون عودة محفوظة الكرامة غير مشروطة بإدانة الماضي جملة ولا بمصادرة المستقبل، كما أرى أنّ ذلك يجب أن يستثمر في سبيل الرفع من سقف المكاسب وتوسيع مجال الحرية، بل يجب أن يستثمر في سبيل مدّ جسور الوئام الوطني، وهي وإن كانت خطوة منقوصة فإنه استثمار لممكن صغير قابل لأن يُثمّر فيصبح ممكنا كبيرا، وذلك فيما أرى خير من الوقوف الانتظاري لزمن قد يطول. هذا هو رأيي الشخصي الذي لا أغيره إلا إذا تغيرت معطياته، وكل ذلك مندرج في نطاق الملاحظة التي أشرت إليها في الفقرة أعلاه.
الحوار.نت : دكتور عبد المجيد ـ كيف تنظر إلى تسريح الدفعة الأخيرة من المساجين السياسيين بمناسبة الذكرى الخمسين للإعلان عن الجمهورية في يوليو تموز المنصرم وما هو مطلوب في رأيك من جانب الحركة ومن جانب السلطة لطي الملف كله في أسرع وقت سيما أن كل المراقبين يجمعون على أن الأزمة إمتدت أكثر من اللزوم وبدون لزوم.
الدكتور النجار : إطلاق سراح المساجين في دفعتهم الأخير أمر إيجابي وهو خطوة إلى الأمام، إلا أنها خطوة متأخرة ومنقوصة، وقد ذكرت في سؤالك أن الأزمة وأنت تشير إلى السجن امتدت أكثر من اللزوم، وأنا أقول أنها لم يكن لها لزوم أصلا حتى تمتد إلى زمن لازم أو غير لازم، فمأساة السجن التي وقعت وما حف بها أحسب أنها أكثر منطقة مظلمة في تاريخ تونس الحديث؛ ولهذا فإنني أطالب بإنهاء هذا السجن المأساة حالا أو في المحطة المقبلة بعد شهرين على الأقل. كما أرى أن الملف الحزين الذي أشرت إليه ينبغي أن يشرع في طيه، وذلك بانفتاح الأطراف على بعضها، ومد جسور الحوار بينها، ولا شك أن الطرف الأقوى يتحمل المسؤولية الأكبر في هذا الشأن، فإذا ما خطا الخطوة الجدية الأولى فأعتقد أن مرحلة جديدة ستبدأ، لأن الطرف الثاني فيما أحسب مستعد تمام الاستعداد كما عبر عن ذلك مرارا، ولكنه ينتظر إشارات أكثر وضوحا وجدية، وأعتقد أنه لو بدأ الحوار فسيكون الطريق أسهل مما يُظن، خاصة وأن المناخ المحيط بأرض الخضراء عن يمين وشمال هو مناخ حواري توافقي، فلماذا نتخلف عن الركب وقد كنا سباقين.
الحوار.نت : شكرا للدكتور عبد المجيد النجار على ما أولانا به من حوار سريع خاطف.
 
(المصدر: موقع الحوار.نت ( ألمانيا) بتاريخ 22 أوت 2007)

 

بسم الله الرحمان الرحيم

ردا على الدكتور النجار  .. خطابك مفاجىء وطرحك يحتاج المراجعة

 

إنحاز الدكتور عبد المجيد النجار في مقاله المنشور أمس الثلاثاء الموافق لـ 21.08.07 على صفحات تونس نيوز إلى تأييد عودة المنفيين السياسيين التونسيين إلى بلادهم تحت الشروط المطروحة من قبل السلطة في تونس , وقد ساق لذلك أسبابا رآها منطقية لإختيار هذه الطريقة في حل جزئي لقضية المهجّرين حتى وإن كانت تحت شروط ,  إضافة إلى أنها غير عادلة 

وقد أخذنى بعض العجب من طرح الدكتور النجار والذى أعتبره إجتهادا سياسيا خاطئا وليعذرني الدكتور النجار على هذه الجرءة

يبدو أن الدكتور النجار يريد أن يراجع النظام وكأنه يفاوضه مباشرة على شروطه لتحسينها  كي تكون في الحد الأدني مقبولة أكثر وهذا تطلع من قبله نقوله تحليلا ولا نجزم به يقينا , وهي دعوة مفتوحة بطريقة غير مباشرة لأصحاب الشأن أن يحسّنوا شروط العودة  لتكون الخطوة الأولى في حل جذري قد يأتى وقد لا يأتي بحسب رأي الدكتور , وقد إعتبر الدكتور النجار أن هذه هي الحدود الدنيا المطلوبة لعودة المهجّرين , وأنها هي الحل في ظل واقع لايستطيع تحقيق كل ظروف العودة المظفرة كما سماها , وقد بدى الدكتور وكأنه يتلمس حلا لموضوع المنفيين تحت طائلة الحل المطروح من قبل السلطة وهو ” الخلاص الفردي ” , وهى خطوة صغيرة كما يرى على الطريق المتدرج لحل المشكلة برمتها , بل أكثر من ذلك فقد إعتبر هذه ” الخطوة الصغيرة ”  شأنها شأن قضية المساجين الذين وقع حل قضيتهم بالتقطيع ومن بقي منهم يُنتظر أن تحل قضيتهم على نفس الشاكلة , وهذا مثير فعلا  , فكيف تستقيم المقارنة ؟  وهل أن وضع المساجين كوضع المنفيين ؟ .

لقد طرح الدكتور النجار ظروف العودة نجملها في النقاط التالية :

– أن يُعامل العائد من قبل السلطة كمواطن تونسي محفوظ الكرامة , وأن لا يتعرض لمعاملات مهينة من قبل أجهزة الدولة

– أن لا يُجبر العائد على التبرُىء من ماضية وإلزامه بعدم العودة إلى أي نشاط سياسي

– على العائد ( إن صدر منه خطأ )  أن يقرّ به ويعتذر عنه ( وهذا أمر لم أفهمه حقيقة وأرجو من الدكتور النجار أن يوضحه لنا , فلا أعلم إن كان يتحدث عن أخطاء شخصية , أو أخطاء في أجتهادات سياسية , أو غير ذلك  ) وقد تحدث في موضوع الإعتذار دون أن يعطي مثالا للإخطاء الممكن الإعتذار عنها , وقد خص العائد ويبدو أنه أشار إلى السلطة كطرف عليه واجب  في الموضوع دون أن يسميها

وقد أضاف الدكتور النجار مبررا آخر لصوابية ” العودة المنقوصة ” وهو إنقطاع المهجّرين عن بيئتهم الإجتماعية  التى ضحوا من أجل خدمتها  وهم مهددون بالقطيعة معها نظرا لغايبهم الطويل عنها  ولعلهم بالعودة إلى تلك البيئة يقدمون أنفسهم للناس من جديد بما يخدم قضيتهم وتوجهاتهم المعتدلة .

وبعد ذلك أسهب الدكتور النجار في إستخلاص الأوهام والأحلام من رؤوس المنفيين بحل عادل مشرّف لعودتهم  إلى وطنهم ,ليدعوهم صراحة إلى تبني خيار ” الخلاص الفردي ”  كحل لهم ليس لهم خيار أمام قبوله ورفضه , بل وبشرهم بإنتظار سيدوم عقودا في إنتظار حل عادل وشامل لقضيتهم قد لا يأتي أصلا إن لم يبادروا بتبنى هذا الخيار

ما من شك فإن طرح الدكتور النجار كان مفاجئا من رجل فكر وسياسة كان عليه أن لا يبلغ هذا المبلغ من  اليأس في قراءة الواقع وإستسهال أنصاف الحلول والتى بدى لي فيها وكأنها يسابق إلى عقلنة موضوع العودة وتبريره  بالصيغة المطروحة الآن قبل أن يخرج عن طوق الضبط كما حصل في موضوع عودة النساء والأطفال والذى إستدركه قرار من حركة النهضة بعد أن فُرض كأمر واقع

قضية العودة عن طريق ” الخلاص الفردي ” أصبحت معروفة بين المهجرّين , وقد جرّب البعض ذلك وهي لا توفر المقتضيات التى طلبها الدكتور النجار , وليس واردا أن يُحسن النظام  شروطها  , ذلك أن السلطة التونسة تقبل فقط من يشطب تاريخه من التنظيم الذى إنتسب إليه وناضل في صفوفه يوما , ولا مانع من أن يجتهد أكثر ويتبرأ منه أصلا , وأن يتخلى عن أي نشاط  سياسي بما يعنى أنه يتحول إلى معارض سابق للسلطة , وفي مقابل ذلك ليس من الواضح  حجم مساحة الحرية التى ستتوفر له شخصيا عند دخوله وخروجه للبلاد أو أثناء تواجده فيها وماهي قائمة الممنوعات التى لا يجب الإقتراب منها ليأمن على نفسه من غضب السلطة ؟

 الخلاص الفردي عُرض على المساجين منذ أوائل التسعينات في السجن , فقد كان مطروحا عليهم أن يكتبوا رسائل للسلطة , أو أن يمضوا على تعهدات يتبرؤون فيها من أي إنتماء سياسي  وأن يتخلوا عن السياسة أصلا وأن يعودوا إلى المجتمع تحت طائلة التوبة منهم والعفو من السلطة , فلماذا لم يبادر الدكتور النجار إلى حثهم على قبول ذلك ليخففوا عن أنفسهم البقاء في السجن كل هذه السنوات الطوال؟ , ومن بقي منهم في السجن فليعرض عليهم الخلاص الفردي الآن ولينتظر ردودهم !!!  , أجزم أنهم لن يقبلوا بذلك 

إن المقارنة بين وضع المساجين والمهجّرين لا يستقيم من أكثر الوجوه , فإذا كان المساجين داخل السجن محكوم فيهم ,  ذلك أن خروجهم من السجن على جرعات متباعدة قرار السلطة وإختيارها في حل قضيتهم بهذه الطريقة التى تراها لنفسها غير مكلفة سياسيا على وجه الخصوص وقد تكون لها حسابات أخرى كثيرة ,  وليس لهم في ذلك حول ولا طول وليس لهم خيار بين الرفض والقبول , فإن للمهجّرين ظروف أخرى مختلفة , كما أنهم هم المبادرين بطلب ” الخلاص الفردي ” لمن أراد منهم ذلك . قد يقول القائل أن الهجرة لا تقل معاناة عن السجن وهذا فيه وجه من وجوه الحق , فالإغتراب عن الوطن والأهل محنة لا شك في ذلك ولكنها أبدا لن تكون كالسجن أو ظروف ما بعد السجن ونحن نتحدث عن تجربة

لعل خطاب الدكتور النجار إتسم بالتشائم في النظر إلى قضية المهجّرين وعودتهم فهو قد ضرب حولهم طوقا من اليأس قد يعمر عقودا في إنتظار حل عادل ومشرف لقضية المهجّرين , وهو الخطاب الذى لا نجده عند الكثيرين من إخواننا بالداخل والذين رغم جراحهم النازفة فإننا لا نرى أنهم وصلوا إلى هذه الدرجة من اليأس لإنفراج الوضع بالبلاد بإرادة السلطة أو بالرغم عنها

هناك أسئلة إستنكارية لا يمكن تجاوزها وهي :

ماهي الضرورات التى تجيز لمن هرب من البلاد خوفا على دينة وحياته قبل بضعة سنوات وتظلم للدولة التى يقيم فيها لتمنحه الإقامة وكل ظروف الرخاء المالي والإستقرار الأسري أن يُقدم على العودة إلى البلاد تحت شروط غير عادلة لسلطة فرّ من جبروتها ومن دون أن يشهد الواقع الذى تركه مكرها أي إنفراج ؟  أم أن الإقامة والمال أغروه فأراد أن يحول نفسه من مهاجر في سبيل قضية إلى مهاجر في سبيل دنيا يصيبها ؟

لماذا تتوقف مباردات السلطة تجاه المهجّرين ولا تتعداها إلى من هم بالداخل والذين بادروا هم بمخاطبها في رسالة لم يذكر عنها الكثير فكان الرد مزيدا من التضييق والمحاصرة ؟

هل فكر من هو مقدم على ” الخلاص الفردي ” في مدى الضرر الذى سيلحقه بملف طلبات اللجوء في دولة الإقامة وما يمكن أن يجده إخوانه الوافدين الجدد في طلبات اللجوء السياسي , أم أنه لا يفكر إلا في نفسه ولا يفكر في من يفر من البلاد في نفس الظروف التى خرج هو فيها أو أشد ويعتبر أن هذا الحق يُستعمل لمرة واحدة فقط أما غيره فليدبر أمره ؟ ,  هذا وأن طالبي اللجوء السياسي من التونسيين ما زالوا يتوافدون على البلدان الغربية وإن كانوا بأعداد أقل من السابق والأسباب مختلفة ولعل أبرزها هو عجز الكثيرين عن مغادرة البلاد

هل أن الهجرة في سبيل قضية عادلة مسقوفة بوقت متى تعدته أصبحت عبثا , وجب التخلص منه لأن الهجرة تبعد الإنسان عن الواقع الذى سعى إلى تغييره والتضحية من أجل ذلك فمتى حدثت القطيعة معه عن طريق الهجرة أصبحت قضيته غائبة وبالتالى عليه  أن يعود تحت أي ظرف ؟ أليس من هاجر المئات ومن بقي الآلاف ؟

ماذا يمثل عدد المهجّرين في مقابل أعداد الموجودين داخل البلاد من الذين ما يزالوا يعيشون ظروف صعبة  ؟

إن المقياس العادل للوضع في البلاد ليسوا هم المهجّرين وعودتهم , بل هم من بالداخل وأوضاعهم وتعاطي النظام معهم , كما أن قطيعة المهجّرين مع وطنهم ليست قطيعة تامة وإن بدت نظريا كذلك وذلك من وجهين , الأول هم من بالداخل والذين يمثل وجودهم بالبلاد تمثيلا بين الناس للمهجّرين وللمساجين  أيضا , كما أن ذكر المهجّرين بين أهليهم وذويهم ومحيطهم الإجتماعي حاضرا  , بل لعل الكثيرين منهم أكثر حضورا معنويا من بعض الموجودين بالداخل وذلك لأن المغترب يذكر في بعض الأحيان أكثر من غيره , أما القول بغياب تأثيرهم في الواقع الإجتماعي في الوطن  فعلينا أن نسأل عن مدى تأثير من هم بالداخل في واقعهم الإجتماعي  , وهو بالتأكيد تأثير حاضر وموجود وهو ما يعني أن رسالة المهجّرين بلغت عبر من هم بالداخل لأنهم بريد الفكرة وذخيرة المشروع

ثم أين المبادىء والمثل في الصبر والمرابطة على الحق إنتظارا لأن يفتح الله بإحدى الحسنيين للمهجّرين ومن هم بالداخل سواءا بإنفراج الأوضاع جزئيا بأكثر من سقف الخلاص الفردي أو كليا على المدى القريب أو المتوسط , أو البقاء على عهد الذين قضوا تحت التعذيب أو تحت مخالب المحنة

إن العودة  عن طريق ” الخلاص الفردي ” عودة متعجلة وإن كان لها مكاسب فهي مكاسب شخصية بحتة , أما العودة الحقيقية فهي عودة المشروع السياسي إلى البلاد بشكل كامل أو جزئي والذى ناضل وضحى من أجله من هم بالداخل ومن هُجِّروا من وطنهم وهذا أكبر الضمانات لمن سيعود على حياته وأمنه , لأن حرية الفكرة والتنقل بها والدعوة إليها هي المؤشر البيّن على سلامة الأجواء , أما إذا بقيت الفكرة مطاردة فإنه لا أمن لأحد على نفسه لأنه معرض للإعتقال تحت أسباب لا تحتاج السلطة لتبريرها . ماذا ستحقق هذه العودة لهذا المشروع ؟ هذا إذا إفترضنا أن من يعود يفكر بأن له قضية ومشروع ناضل من أجله ولم يتخلى عنه… لا شيء غير منافع ذاتية لا تتبرأ من تهمة الأنانية ,  قد يجد العائد عزاءا لعودته أنه رأى  الأهل والناس والوطن وهذا هو مكسبه , فهل أن عوته تغير من الواقع شيئا ؟  بالتأكيد لا , إضافة إلى أن تلك العودة رسالة خاطئة ومضللة إلى الكثير من الأطراف سواءا بالداخل أو بالخارج , تعطيهم الإنطباع بأن الوضع في البلاد يشهد إنفراجا أما الحقيقة فهي غير ذلك تماما , فالمقياس ليس تمكن بعض المهجّرين من العودة إلى البلاد تحت شروط وإنما قياسا للظروف التى يعيشها المسرّحين وبقاء بعض المساجين وراء القضبان وتعاطي النظام مع الوضع الداخلي والذي لم يغير من تعاطيه الأمني معه , فحتى من قضى أكثر من عقد ونصف في السجن وخرج أخيرا لم يهنأ بالخروج , فالبوليس ما يزال يلاحقه في كل زقاق وحارة

إن غياب الرؤية الذى تُشتق منها خطة عمل للمهجّرين تفيد الداخل سواء كانوا أفراد أو جماعات أو الوطن بعامة هي التى تدفع إلى العطالة والعجز وهو ما يجر إلى التسليم للأمر الواقع وليس العمل على تكريس واقع الأمر . وواقع الأمر أن يكون الحل لقضية البلاد وهي تحقيق إنفراج جزئي أو شامل هو الغاية التى لا يجب أن ينحني دونها من يعتبرون أنفسهم أصحاب مشاريع فكرية وسياسية  , وفي المهجر مقومات لا يمكن أن تتحقق تحت أي ظرف فى تونس في المدى المنظور وهي مساحة الحرية والرخاء المالي النسبي المتوفر للمهجّرين وغيرها من الأسباب , وهو ما يوفر لهم أرضية لإنشاء مشاريع إعلامية وإقتصادية تفيد الداخل وبقاءهم ورقة ضغط على السلطة حلها يتطلب أثمان سياسية منها , ولكن هذا لم يتحقق وأسباب ذلك لا نريد الدخول في تفاصيلها لأن هذا ليس مقامها  ولكن يكفي أن نشير إلى غياب الإنسجام والتوافق الذين أنتجا أجواء غير صحية لا تساعد على الإبداع  والتضحية ونكران الذات وبالتالى النجاح في إستثمار الهجرة وجعلها حالة صحية تكون عونا للداخل لا عونا عليه

إن عودة المنفيين إلى بلادهم هي حق مشروع لهم  , وإن شوقهم العارم  للأهل والوطن أقاسمهم فيه , ولكن ليست هذه هي القضية والتى لا جدال فيها لأنها حق مبدئي لا لبس فيه , ولكن لماذا الهجرة ثم العودة  فقط بسبب الحنين إلى الوطن دون أن ترفع أسباب منشأ الهجرة ؟

لقد كان طرح الدكتور عبد المجيد النجار مفاجئا تماما في تبنيه موضوع ” الخلاص الفردي ” والدعوة إليه وتيئيسه من أي حل آخر ممكن لقضية المهجّرين , وهو ما لم يكن منتظرا من أمثاله . إن الأزمة التى تعيشها البلاد والمهجّرين جزء منها تحتاج إلى أكثر ترو في طرح الأفكار على النت بدل البحث عن قنوات أخرى مأمولة النتائج سواءا لدى السلطة أو غيرها وقد يعذر فيها الإنسان حتى مع الفشل لأنه يسعى إلى نتيجة من الفكرة والمسعى أما إستعراضها على النت  فليس من حل من وراءها مأمول غير الخلاف والإختلاف .

لقد وجدت نفسي مدفوعا إلى الرد على مفاجئة الدكتور النجار في ما ذهب إليه فى مقاله الأخير المعنون بـ ” عودة المهجرين بين الواقعية والوهم ” ,  ولست  على إستعداد للدخول في مهاترات مع أي كان حول الموضوع , وهو ما أحجمت عنه سابقا في مواضيع أخرى طرحت على النت , وما دفعني للنشر هو أن الكلام نشر وقد أردت أن أسجل الرد الذى كتبت كما فعل الدكتور النجار أي بالنشر , وأتمنى أن لا يكون ردى قد أزعجه فهذا ما لم يكن قصدى

 

والله من وراء القصد وهو الهادي إلى سواء السبيل

 

صــابر : سويســرا

 


بسم الله الرحمن الرحيم

 

أخي الدكتور النجار: التواضع فضيلة كبرى

 

د. محمد الهاشمي الحامدي

 

أخي الدكتور عبد المجيد النجار

 

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

 

قرأت قبل قليل الحوار الذي أجراه معك موقع “الحوار نت”، وقلت فيه مبررا نشر مقالك الأخير عن عودة المهجرين، ما يلي:

 

“أما نشر المقال في الوقت الذي نشر فيه فمن دوافعه الرد على مقال سابق نشر من قبل أحد المهتمين بالموضوع، وقد تعرض فيه للرأي الذي أرتئيه وذكرني بالاسم فوجب البيان”.

 

أخي الدكتور النجار: صاحب المقالات الذي تشير إليه بعبارة “أحد المهتمين بالموضوع” هو الأخ الدكتور خالد الطراولي، وهو كاتب وناشط سياسي تونسي معروف ومشهور، ورئيس لتنظيم سياسي معلن منذ عدة سنوات.

 

أكان ينقص من قدرك لو ذكرته باسمه، ولو جاءت الفقرة كما يلي:

 

“أما نشر المقال في الوقت الذي نشر فيه فمن دوافعه الرد على مقال سابق نشر من قبل الأخ الفاضل الدكتور خالد الطراولي وفقه الله، وقد تعرض فيه للرأي الذي أرتئيه وذكرني بالاسم فوجب البيان”.

 

من جهة أخرى كنت أود لو اعتذرت للإسلاميين التونسيين الذين جادلت من قبل ضد مساعي الصلح بينهم وبين الحكومة التونسية.

 

ألا تذكر أنك كتبت قبل نحو ثلاثة أشهر تعارض دعوتي لمصالحة بين الحركة الإسلامية والسلطة تبدأ بوقف الإسلاميين لخطاب التصعيد، وتشمل تسوية لملف المعتقلين وإدماجهم في سوق العمل، وتمكين الحركة الإسلامية من جمعية ثقافية، وتمكين أنصارها من العمل ضمن أحزاب سياسية قانونية قائمة، وتسوية موضوع الحجاب وكل ما يتصل بالحريات الدينية.

 

ترفض عرضا كهذا من قبل، وعروضا سابقة للتفاعل مع أعمال ومبادرات رعاها رئيس الدولة، وتصر على ضرورة أن يكون الحوار على مائدة واحدة بين جميع الأطراف دون شروط مسبقة كأنك كسبت معركة كبرى ضد السلطة، ثم ينتهي بك الأمر مدافعا عن حوار بين النظام والحركة الإسلامية بواسطة المحققين من رجال الأمن، وتقول في ذلك مخاطبا العائدين لأرض الوطن من المهجرين الإسلاميين: “ولتستثمر الفرص المواتية لذلك إلى أقصى حدّ ممكن، بما في ذلك على سبيل المثال فرصة استجوابك من طرف الشرطة في نطاق الترتيبات المشار إليها، فقد تناهى إلى الأسماع من خلال روايات متعددة أنّ الجيل الجديد من هؤلاء أضافوا إلى الأسئلة الأمنية ( بترتيب أو بغير ترتيب) أسئلة تطلب إبداء الرأي في حلّ المشكلة العالقة برمتها، ولا تهمّ في هذا المقام خلفية السؤال بقدر ما تهمّ فرصة الجواب”.

 

إلى مثل هذا وأكثر يؤدي قصر النظر وسوء التدبير والخضوع لغرائز البغض والعداوة لإخوة الأمس.

 

ولو كان العقل سيد الموقف لكتبت مرحبا بإجراءت الرئيس بن علي عام 1998 ولأسهمت في وضع حد لمحنة الإسلاميين منذ ذلك التاريخ.

 

ولكن قدر الله وما شاء فعل.

 

ولا حول ولا قوة بالله العلي العظيم.  


أنا حقّا شديد الرغبة في الرّجوع إلى بلدي

 

كتبه عبدالحميد العدّاسي

 

لو كان لهذا النّظام الظالم بعض مروءة الحجّاج، لاستجاب لدكتورنا الفاضل “عبدالمجيد النجّار” – حفظه الله وبارك فيه وفي نسله – وهو يردّد بطريقته الخاصّة “أما آن لهذا الفارس أن يترجّل!… نعم أنا أختلف مع الدكتور في بعض الإجراءات العمليّة، غير أنّي معه في كلّ ما ذهب إليه من التفكير في إيجاد حلّ لإنهاء أزمة التونسيين من المهجّرين وغيرهم ملاحظة: لا يمكن أن يحتمي بعضنا، مهما كان، بفكرة حريّة التعبير، فيغفل عن حسن الأدب وعن التأدّب مع رؤوسنا… والشيخ النجّار من رأس الرّؤوس….

 

تلك هي الكلمات التي علّقت بها في منتدى الحوار.نت على مقال الشيخ الفاضل الدكتور عبدالمجيد النجّار الوارد تحت عنوان:”عودة المهَجَّرين بين الواقعية والوهم “، وقد رأيت في هذه السانحة التوقّف عند بعض الأفكار أو النّقاط التي قد تكون مساعدة لنا في تناول مثل هذه المواضيع الواقعة في مجملها تحت تأثير الحبّ (حبّ الأهل والوطن والرّبوع) والعاطفة الجيّاشة، اللذان قد يفقداننا مزيّة التدقيق في مختلف زوايا قضيّتنا…

  

كثيرة هي المرّات التي أردّ فيها على محاوريّ بالقول: بأنّ حبّ تونس وأهلي فيها، يدفعني إلى قبول قطع آلاف الكيلومترات مشيا على الأقدام – إن طلب منّي ذلك – لزيارتها، رغم الحالة الصحيّة التي أنا عليها (فرّج الله عن الجميع)، ولكن هل يمكنني – مع وجود كلّ هذا الحبّ – القبول بما يُمليه النّظام التونسي على التونسيين مِن صَغار مقابل التمرّغ في المحاضن؟!… أجد نفسي غير مستعدّ لذلك لأمور منها:

 

1 – أعتبر أنّ أبناء تونس المهجّرين، ورغم ما يتعرّضون له من فتن تطالهم وتطال أبناءهم (سيّما على المستوى التربوي والأخلاقي)، هم على خير كثير وفي آلاء عظيمة، مقارنة بإخوانهم التونسيين الذين ظلّوا في البلاد بسبب السجن المضيّق أو الصغير أو الكبير، وعليه فإنّ أيّ تفكير في بلورة وضعية تسبق بلورة وضعية إخواننا بالدّاخل إنّما هو عمل فيه الكثير من الأنانية وفقدان الصواب. فبدل أن نفكّر في الرّجوع مستغلّين صفة المواطنة (ولا شيء غيرها) التي ماانفكّ النّظام التونسي البخيل يلوّح بها، علينا أن نطالبه أوّلا بتمكين إخواننا “المساجين الرّهائن” منها… حتّى إذا استوفَوا حظوظهم وعوّضناهم عن بعض ما دفعوه – ولم ندفعه – فكّرنا في الالتحاق بهم لنعيش سويّة هذه المواطنة التونسية الباهظة الثمن…

 

2 – أقول مرّة أخرى بأنّ مصطلح “المواطن” أو “المواطنة” ليس مغريا – إذا توقّفت مع تعريفه عند المسؤول التونسي – كي نبذل فيه ماء الوجه ودماء الأبدان وحياة النّفوس… فإنّي أشهد الله ثمّ أشهدكم على أنّ هذا اللفظ يعني عند كثير من المسؤولين: “الرّعاع وسقط المتاع”… وقد سمعت بعضهم يقول لبعض: ارتق بنفسك! أيرضيك أن تكون مواطنا؟! (هكذا)

وإذا كانت هذه الشهادة أو هذا الرّأي لا يستهوي البعض، فلنتركه وللننظر إلى وضعية المتساكنين التونسيين في بلدهم (اجتنبت لفظ المواطنين) لنرى ما لهم من حقوق وما عليهم من واجبات؟! ومَن يخدم مَن؟! أهو الحاكم الذي انتخب للغرض أم هو المواطن الذي سخّره الحاكم لأغراضه باستعمال الوطنيّة؟!

وعليه فلا يمكن لعاقل أن يرضى بالعيش في تونس بصفته “مواطنا”… لا بدّ أن نثور جميعا على هذه الوضعية، فلا نعيش في تونس إلاّ بصفتنا تونسيين متساوين في الحقوق والواجبات، يكون أكثرنا ضيقا في العيش الحاكم المنتخب، وذلك بسبب كثرة سَهَره على راحة النّاس… أمّا أن تكون “المواطنة” ورقة مزايدة أو مناقصة يستعملها هذا الحاكم الذي فقد وطنيته – في أصله – بالمتاجرة بوطنه وبأبناء وطنه، فهذا ما يجبُ ألاّ يكون!…

 

3 – على فرض أنّ الكثير من الإخوة المهجّرين قد غنموا تجارب عملية وشهادات علميّة وفهم متقدّم لمعاني الحريّة والمجتمع المدني وغير ذلك من المزايا، فإنّ كلّ ذلك لن يشفع لهم في ظلّ الفكر السائد لدى النّظام التونسي ولدى البعض من مثقّفي الجهالة، ولن يمكّنهم بالتّالي من المشاركة الفعّالة أو غيرها في إصلاح المفسَد أو ترميم المخرَّب. ويكفي إلقاء نظرة على المخزون الهائل من الكفاءات العلمية والفكرية داخل البلاد لتتأكّد من أنّ قضيّتنا ليست في النقص بقدر ما هي في الإبغاض والكره… أعني إبغاض وكره الإصلاح الذي قد يعرّي المفاسد قبل الموت، وهو ما يفسّر التشبّث بالحكم حتّى الموت…

 

4 – يظلّ السؤال قائما حول ماهية هذا الرّجوع، أهو رجوع نهائي؟! وفي هذه الحال، لا بدّ من أخذ كلّ التحوّطات والإجراءات الضامنة للإستمرارية في العيش بالبلاد، من حيث الجانب المادّي (مورد العيش، ونحن نرى الضيق والحرقان في كلّ يوم) ومن حيث الجانب الحقوقي والأدبي (حرّية التنقّل، إمكانية النصح والتدخّل لإصلاح بعض الشأن، حريّة التعامل مع الآخرين والاتّصال بهم…)… أم هو رجوع وقتي؟! وفي هذه الحال، لا بدّ من ضبط الغرض والفائدة والإيجابيات والسلبيات، ولقد رأينا من سلبياتِه المُدمية للقلب تذمّر أطفال منّا (بالداخل) حرموا آباءهم ونساء منّا حرموا أزواجهم وأناس منّا حُرموا لقمة العيش وماء البحر وفيء الشجر… ثمّ أليس في هذا الرّجوع شهادة مجانية لهذا النّظام الظالم المعتدي العنيف، بالإنصاف ورحابة الصدر وعدم وجود قضيّة أصلا بينه وبين المعارضة – إسلامية أو غيرها – إلاّ ما كان من بعض المواقف الخاصّة مع بعض “المتنطّعين”؟!… فهذا عطفه وحنوّه واضح على الأبناء والنّساء والرّجال على حدّ السواء!… وإذن، فما هذه “الطرّهات” التي تردّدها بعض اللجان الحقوقية أو بعض المواقع الإلكترونية؟!… ثمّ أليس من حقّ بلد الإقامة وهو يراك تتردّد على بلد قلت عنه سابقا أنّك لا تجد الأمان فيه، أن يراجع وضعيتك بتراتيب قد تصل إلى حجب جواز سفرك ووقف المساعدة عنك (إن كنت من المنتفعين بها)؟!…

 

أقول: قضيّتنا كانت ولا تزال المطالبة بالحريّة لنا ولغيرنا من إخواننا وأخواتنا التونسيين، فإذا تحوّل هذا الغرض إلى زيارة تطفئ وهج الحنين إلى الوطن فلا أقلّ مِن أن يقع التفكير في تعويض مَن فقد أباه أو أمّه أو زوجه أو ولده(*)… وحسبنا الله ونعم الوكيل…

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

(*): لا أحسب أنّ أحدا منّا يفكّر في هذه الفرضية التي ذهبت إليها (التعويض)، ولكنّي وضعتها لأبيّن أنّ الأمر يستدعي منّا الكثير من التوقّف!…

 


 

إلى عبدالحميد العدّاسي

اقرأ

من فضلك

اقرأ

سلوى الشرفي

 

أطالع منذ بضعة أسابيع ردود فعل على كتاباتي، و رغم إيماني بأهمية الحوار، فإني لم أتمكّن من التعليق عليها لأن مضمونها لا يسمح بتأسيس حوار.

 فبعضها يتألف من سلسلة شتائم و تهم، لا أعتبر أنها تخصّني بقدر ما تخصّ المتفوّهين بها. فهي تؤشّر على فقر فكري و معرفي يجعل صاحبه غير قادر على بناء نص حواري حجاجي، و بعضها مسلّي مثل إقحامك لأمك و أختك و إمرة خالك و حماة عمتك في نصك الأخير. و لو تركت كريمات العائلة و شانهنّ و ركزت على النص الذي كنت بصدد شتم صاحبته و تقييم شهاداتها الجامعية، لما كنت توقفت مع حمار الشيخ.

و مشكلة الذين ينقدون على طريقتك أنهم لا يفقهون ما يقرؤون، و هي مسألة خطيرة أدّت تاريخيا و حاليا إلى بروز تيارات التكفير و التقتيل. و قد أوصلك منهجك الخاص في النقد إلى تكفيري فعلا. و هي تهمة تحفزّني على محاولة فهم آليات اشتغال الفكر التكفيري.

و قد أحصيت من خلال نصّك ثلاث عناصر تساهم في صناعة هذا الفكر و هي:

1) عدم فهم ما يقال أو ما يكتب

2) الخلط بين الكافر و ناقل الكفر

3) عدم القدرة على التفريق بين الرأي الخاص للباحث و نتائج بحثه

فالقضية و ما فيها أنني قمت بدراسة نصوص الفتاوى و الاستفتاءات الواردة على مواقع إلكترونية بهدف الوقوف على اهتمامات مسلم اليوم و طريقة تفكيره و قمت بتصنيف مختلف أنواع السائلين. و هو بحث سوسيولوجي تقليدي تم نشر نتائجه على ثلاث حلقات (و حلقة لاحقة هذا الأسبوع) على موقع الأوان، أوردت نشرية تونس نيوز، مشكورة، حلقة منه ردّ عليها عبد الحميد العدّاسي بالطريقة الغريبة التي أشرت إليها.

فهو يستهلّ نصّه كالآتي: “ كثير من التناغم يُلحظ بين جَهلة العالم الإسلامي (…) الذين ابتلينا بهم في الفضاء الافتراضي (الإنترنت) بتساؤلاتهم الرّكيكة المعبّرة عن جهلهم وخوائهم الفكري والمعرفي وعدم حيائهم وغياب أدبهم، وبين الدكتورة التونسية سلوى الشرفي (…) وهي تنقل عنهم أو تضع لهم استفتاءاتهم لمعرفة هذا الدّين”

فهو يعتبر إذن أن دراستي لظاهرة اجتماعية قوليّة هي تناغم مع من نعتهم بجهلة العالم الإسلامي. و هكذا يصبح مثلا المحلّل في مخبر طبّي، عند البعض، حاملا لأمراض مرضاه.

و يضيف صاحبنا:” فقد تابعت باستغراب شديد ما ورد على لسان هذه الدكتورة “الجسورة” فيما نقلت صحيفة تونس نيوز الغرّاء عنها من موقع الأوان بتاريخ 20 أوت 2007، حيث لم تتدّخر جهدا في الاستهزاء بالرّسول الكريم صلّى الله عليه وسلّم وبحِبّه عائشة أمّ المؤمنين رضي الله عنها، ولم تقصّر في التشكيك في كمال القرآن: ففيه (كذبت وخسأت) الأخطاء النحوية وأخطاء الرّسم وفيه التعدّي على الآخرين من غير المسلمين وفيه النظرة الدونية للمرأة بالمقارنة مع الرّجل، إلى غير ذلك من الأمور السافلة التي حشت بها مقالها، ما يجعل كلّ مسلم (مهما قلّ تديّنه) يجزم بأنّ هذه المرأة لا تعرف الله ولا تؤمن به”

و هنا أسأله هل أن سلوى الشرفي هي القائلة مثلا “إن هذان لساحران جاؤوا…” ؟ و هل هي من تسبّبت في عدم وقوف قسمة ميراث معيّنة على أربع و عشرين قيراط ؟ و هل هي من ادّعت أو حتى سألت عن مدى صحة زواج الرسول بعائشة في سن التاسعة  حتى تتّهمها بالتشكيك في كامل القرآن، أم أنها لم تقم سوى بإيراد تساؤلات توجّه بها مسلمون إلى مفتي إلكتروني ؟

هل تغافلت على رؤية المعقّفين و هل تعاميت عن المراجع المذكورة بوضوح، أم أنك تعمدت ذلك رغبة في إلصاق تهمة التكفير بي ؟ و هي تهمة مردودة لأن ما ورد في بحثي على لسان مسلمين هي حقائق وردت في القرآن الكريم و في الحديث،  و لأن ما وصفته أنت بالخطأ اللغوي أو الحسابي، لا يعتبر خطأ. و قد حبّر فيه الأوائل ما حبروا، و شرحه لنا أهل الذكر مذ كنا أطفالا و لم يعد الأمر في حاجة إلى تفسير. و تفسير الأمر خارج أصلا عن موضوع الدراسة التي قمت بها و التي كانت تهدف إلى الوقوف على طبيعة مضمون ما يطلبه المستفتون.

هذا ما عنيته عندما تحدثت عن عدم تمعّنك في ما تقرأ. و هو ما جعلك تكفّر و تجهّل و تشكّك في شهاداتي. و الحقيقة أن تهمة التّجهيل أصبحت مضحكة لفرط تواترها على الأساس المذكور. و أعلم أنني سأظل جاهلة حتى و إن قمت بإرسالك نسخة من شهادة في أصول الدين و في الفقه (القانون الإسلامي) لأنك لن ترضى عنّي طالما لم يوافق رأيي رأيك و علمي علمك. و هذا هو مربط الفرس.

كما أنني لا أستغرب من خلطك بين الرأي الخاص و نتائج بحث. فقد تعودنا أن نتلقى من الباحثين المبتدئين نصا أقرب إلى خطبة شعبة حزب سياسي من بحث علمي، ثم مع التأطير يتعلّمون و يضحكون من أخطائهم السابقة. لذلك أظلّ متفائلة و لا أندب حظ هذه الأمة المتعثّر و أواصل السيّر.

لكنّني أعترف أن لدي شيء من الفضول، أريد فقط أن أعرف ما للذي أغاضك في نصّي حتى تخرج من عقالك و تقول:” تأثّرت بمقالتها لأنّها تحمل صفة أحملها (تونسية)، ولأنّها – بوصفها امرأة – تسيء كثيرا إلى أمّي وزوجي وأختي وعمّتي وخالتي وجارتي ومعلّمتي وأستاذتي ومحاميّتي وزميلتي في الشغل وإلى المرأة التي أرى وألاقي في الشارع أو أشاهد على الشاشة، ممّن لم تشكّ يوما في أنّها شقيقة الرّجل وأنّها الأقدر منه في كثير من الميادين”

شخصيا كنت أشتغل على البحث بكل برودة أعصاب و بأقصى حيادية ممكنة، حتى قرأت هذا السؤال الموجّه إلى المفتي: “ بالنسبة لمجفّف الشّعر التي تستعمله النساء ما هو حكمه الشرعي؟ هل هو جائز و لا حرج في استعماله ؟ ” ثم ““ما تفسيركم لقوله تعالى :

 ” فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ؟ فهل يحرّم على من بإمكانه نكاح أكثر من أربعة ؟ “

لم أنفعل مثلك و لم أندب حظ أمي و جارتي و معلمتي، فقط ضحكت طويلا و كانت فرصة لآخذ استراحة، ثم عدت إلى البحث. فقد تعودنا يا أخي على ما هو أدهى و أمرّ.

إذا كان هذا ما عكّر صفوك و جعلك تندب حظ نسائك بكل هذه المرارة، فعذرك مقبول. لكن هوّن عليك يا أخي و اضحك قبل فوات الأوان، فلكل مكفّر مكفّر و إنهم لقادمون، و بالنسبة إليهم فكلنا كفّار.

و أخيرا نصيحتي أن تكفوا على إلصاق التهم دون تثبت لأن الناس أصبحوا قادرين على الذهاب إلى المعلومة مباشرة. و قد قرأت لأحدكم ما معناه أن محمد الشرفي قد أحرق مكتبة والده و تساءلت كيف يمكن أن يخطر ببال إنسان أن يقوم أستاذ جامعي بحرق كتب. صحيح أن تاريخنا يعج بالمتزمتين الذين أحرقوا كتب ابن رشد مثلا، غير أن محمد الشرفي ليس منهم بالتأكيد، بل هو على العكس تماما. فلولاه لضاعت فعلا مكتبة المرحوم الشيخ الشرفي و لنخرها السوس. فقد اعتنى الأستاذ محمد الشرفي بها و جاء بمختص في مداواة الورق و حفظها في مكتبته مع أمهات الكتب و استفاد منها طلبته و أبناء العائلة ثم وهبها إلى الجامعة التونسية.

و القافلة تمضي…


د. سلوى الشرفي “حاطبة ليل”

 
بعيدا عن الاتهامات والاتهامات المتبادلة تعالوا نقف وقفات مع النص الاخير  للكاتبة د. سلوى الشرفي: في البدء أحب التاكيد على لفظ حاطبة ليل لأن هذا الحشو الذي سربته الكاتبة بدون بناء علمي لا يمت الى كتابة المقال بصلة, فضلا عن التسلسل الشائن وسوء التخلص الذي ان دل على شيئ, فانما يدل على تسرع الكاتبة في القاء عبواتها الناسفة لكل شيئ,اقصد سلة مهملاتها التي انتهى عمرها الحضاري والايديولوجي وظلت كالغريق يبحث عن قشة لعلها تنقذه!   للاسف انت تقرأ د. سلوى الشرفي المرة تلو المرة, وكلما تبصرت في اقوالها, كلما تكثفت لديك القناقة فتجنح الى ان تستبعد امكانية الخطا العفوي ,الذي يخطئ فيه الابرياء,  فيعتذرون عندما ينبهون عليه.  لكن هيهات لسلوى أن تعترف أصلا بخطئها بلهى أن تعتذر عنه. لماذا؟ لأن الخطأ المتخذ منهجا لديها يستبعد امكانية خطئها بالعفوية. كل كتاباتها تنادي ” يكاد المريب أن يقول خذوني ” اما والحال تلك فلا بد من الوقوف مع كلامها ولو بالماحات خاطفة والحكيم بالاشارة يبصر. الايراد الاول: العنوان – خطاب الفتوى على الانترنت: الذمي والمرأة في مرآة الاستفتاء والافتاء! المطلب الاول: “لغة أكلوني البراغيث” والا ما الجامع بين الذمي والمرأة أهي مقابلة بين اللفظين او تعارض او تشابه ينفيه الحال وتستحيل معه اللغة الى خبط عشواء, ثم اذا كان” للفتوى” خطاب وسلطة فما هو خطاب المستفتي غير وضع الاسئلة المعقولة وغير المعقولة الشرعية وغير الشرعية المنطقية وغير المنطقية بالضبط مثل هذا العنوان الذي يشتكي الى الله والى اللغة ظلم سلوى.” ويا سلوى دوحي بحمد” المطلب الثاني : المرجعية الفقهية والحضارية يا سلوى هل تعرفين أنه في الزمن الذي نعيش لا يوجد ذمي واحد على البسيطة, كما لا يوجد من المؤلفة قلوبهم الا من عاش في صدر الاسلام الاول, كما الشيوعية والطبقة الكادحة تحولة الى امبريالية تشرب الكوكاكولا وتلبس الليفيس وتأكل الهامبرغر… الايراد الثاني: أزمة الخلط بين المصطلحات اقصد عن قصد! الشعار القرآني, تؤمن بهذه الاية, يقولون القرآن شعارنا!!! الى أي بحر تعبرين يا سلوى!!!  ومن يسأل في عالمنا اليوم بصيغة اذا راى ولي الأمر مصلحة في ذلك!  تداخل في المصطلحات ركيك جدا ينم على ان السؤال مصطنع بخلفية تجمع بين التراثي في اللفظ والمعاصرة في الطرح لتعميق فكرة أن القرآن متناقض او زماني… الفئة الثالثة التي أزعجك طرحها في تفسير او تأويل قول الله تعالى: الم. غلبت الروم… هوما يؤكد على أنك لم تراجعي مرة ولو مرة واحدة تفسير هذه الآية طبعا لن يعجبك ذلك أبدا… أما بالنسبة لعلم المواريث فهو رياضيات المسلمين ولقلة ما اشتغل بها القرآن لم ترد الا في آيتين يتيمتين في كتاب الله. وأهل العلم بالمواريث يدلونك عل حل هذا الالغاز فلا تتعبي نفسك انه ليس مزادا علني للمضاربة من يأخذ ماذا , واعرف سوء تخلصك من هذا الموضوع وما تلمزين اليه اذ: لا شاغل في ذهنك الا دونية المرأة بالنسبة للرجل في أحكام الاسلام. الايراد الثاني   التدليس الفاضح: تقول الكاتبة: ” ويطرح المسلم المتمرد أسئلة, تتدرج في اسلوبها الجريء (طبعا هي تقصد الجريئ  لكن خانها الرقن) من النفاق الى الرفض الواضح وحتى الرغبة في الصدام” لم اسمع بمسلم يكذب على الله فيقول أن الله أحل زواج المسلمة بالكتابي! راجعي قبل أن تدسي مثل هذه الفاضحات… وهذا الامر فيه تعنت شديد يذكرني بكتاب كليلة ودمنة حينما فشل مؤلفه –لدواعي زمانه- في النقد المباشر أجرى ما يريده على ألسنة الحيوانات والفاهم يفهم! تحريف للقرآن: كما لم أجد مسلما يجهل نقل آية خطأ من سورة المائدة: – يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء, بعضهم اولياء بعض…-أية 51 اوردتها سلوى: -يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء لكم- لا يوجد في قرآننا آية كهذه !!! كل هذه التلبيسات جعلتها د. سلوى مقدمة بين يدي القنابل الغبية التي أمطرت بها من بعد القرأن والسنة والاسلام والمسلمين… تقول المحترمة سلوى! “لقد تكونت لدي فكرة من قراءاتي للقرآن الكريم وهي ان الدين الاسلامي ينظر للأنثى نظرة دونية فيها شيئ من الاستنكار لمقارنتها بالذكر وذلك لما يلي”. وهنا بيت القصيد:استشهاد بآية من سورة الزخرف ثم الطور فسورة النجم…! عجيب والله أي قراءة قرأتها للقرآن والله لو ان طالبا في الابتداية قرأ هذه الايات لعلم القصد منها والمخاطب فيها…والاناث المعنية لا تستنقص ولو لغة ولو مجازا انما تستنكر على من يستنكر مثل د. سلوى التفريق بين المذكر والمؤنث لا غير فسبحان الله. ثم تمطرك د. سلوى بوابل من الاستفهامات ,حمالة الاوجه ,وهي لا شك مجمعة بطريقة منتقاه تخدم أغراضا شتى. تدور حول المرأة في مجملها لكن لتجعلها مثل ما هي  في ذهن د.سلوى. ثم حسبك كلمة الختام عند د. سلوى ” أليس من الغريب أن يواصل البعض في بداية القرن الحادي والعشرون، التنظير لمجتمع يفرق بين مواطنيه ويضطهد الناس على أساس الفوارق البيولوجية والدينية والمرتبة الاجتماعية والأصل القبلي، مما يظهرنا في شكل شعوب عنصرية؟” هذه الخاتمة هي عود على بدء لتؤكد لك أن صاحبة كل هذه الاسئلة اللهم خلا بعض الاسئلة المقتضبة التي استعارتها. أما أسئلتها هي فقد نبهت القارئ منذ البدء أنها ستنقلها رغم طولها. وهذه الاشارة اللغوية كافية للتنبيه لمن يفهم العربية فهي قرينة لاسئلتها هي… د. سلوى الشرفي ما الدليل : الدليل انها تبنت كل الطرحات التي عقبت عليه في الختام ” التنظير لمجتمع يفرق بين مواطنيه” , فقد قسمت الناس الى فئات كثيرة في مقالها اضطهاد! ويضطهد الناس على أساس الفوارق البيولوجية :”جاءتنا رسالة من قارئ يقول إن زوجته ماتت وتركت ورثة معه يشاركونه في الميراث وهم اثنان فقط، أخت شقيقة للزوجة وأم الزوجة، ومع ذلك فإن توزيع التركة على الزوج والأخت والأم يأتي بنتيجة غريبة لا يعرف كيف يتصرف معها لأن للزوج نصف التركة، وللأخت الشقيقة النصف الآخر من التركة، أي لا يبقى شيء للأم مع أنها تستحق السدس… فكيف يتم حل هذا الإشكال؟”, لقد تكونت لدي فكرة من قراءاتي للقرآن الكريم وهي أن الدين الإسلامي ينظر للأنثى نظرة دونية فيها شيء من الاستنكار لمقارنتها بالذكر وذلك لما يلي والدينية: لقولها:لماذا لا يجوز للمرأة المسلمة أن تتزوج من كتابي إذا كان الله قد أحل لها ذلك فكيف يحرّمه البشر؟ فهل إرادة البشر أقوى من إرادة الله في موضوع زواج المسلمة من كتابي؟” والمرتبة الاجتماعية وقد ورد في مقالها:”ما هو حكم تولي المرأة القضاء؟» “ما حكم عمل المرأة في محل الحلاقة؟» «ما هو حكم عمل النساء كمضيّفات؟» «هل يجوز للمرأة أن تسوق السيارة؟ والأصل القبلي، مما يظهرنا في شكل شعوب عنصرية؟” «حكم ذهاب المرأة إلى المشغل النسائي الذي به عاملات كافرات «هل يجوز للرجل الأجنبي مخاطبة المرأة في التليفون أو بصورة مباشرة؟. والذي ترجح عندي أن هذا المقال هو عصارة  رؤية سلوى الشرفي للقرآن وحضارة الاسلام بين الماضي والحاضر ورفضها للكل جملة وتفصيلا , في عقائه, عباداته, معاملاته البينية ومعاملات غير المسلمين في الحكم في القضاء في السياسة وفي كل مناحي الحياة وضروبها. الا أنها رفقا بمشاعرنا نحن المسلمين” منصوبة على الاختصاص”   فقد اضطرت الى هذه الجولة الفلكية في الزمان والمكان, في التاريخ وفي الجغرافيا, لتخرج علينا بمقدمة ساخطة ممنهجة ثم حشوة منقولة من مكان ما فيها اسئلة وجودية وشرعية وايديولوجية…انهت بعدها كلامها الذي يجب أن يبقى في ذهن الفارئ ومفاده: بعد التخلص من المقدمة الحشوة الاولى: «لقد تكونت لدي فكرة من قراءاتي للقرآن الكريم وهي أن الدين الإسلامي ينظر للأنثى نظرة دونية فيها شيء من الاستنكار لمقارنتها بالذكر وذلك لما يلي: “جاء في سورة الزخرف الآية 18 “وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثا …”. جاء في سورة الطور الآية 39 “أم له البنات ولكم البنون”. وجاء في سورة النجم الآيتين 21 و22 “ألكم الذكر وله ألأنثى”، وفي الآية 27 “إن الذين لا يؤمنون بالآخرة ليسمون الملائكة تسمية الأنثى”. الحشوة الثانية: ونخرج من الجسم لنصل أخيرا إلى منعها من التعامل والتعايش مع بنات جنسها: “حكم ظهور المرأة بملابس تظهر مفاتنها أمام بنات جنسها” «حكم الذهاب إلى الكوافيرة الكافرة” «حكم ذهاب المرأة إلى المشغل النسائي الذي به عاملات كافرات ” وتوحي بعض الأسئلة بأن المرأة كائن غير أرضي لا يعرف مدى قدرته وأحقيته في استعمال حتى مجرد أدوات صنعتها المخلوقات الأرضيّة التحلية: أليس من الغريب أن يواصل البعض في بداية القرن الحادي والعشرون، التنظير لمجتمع يفرق بين مواطنيه ويضطهد الناس على أساس الفوارق البيولوجية والدينية والمرتبة الاجتماعية والأصل القبلي، مما يظهرنا في شكل شعوب عنصرية؟ أترك القارئ الكريم مع تصنيف صاحبة هذا المقال واحتفظ أنا برأيي في كل ما علقت عليه وأقول ما قاله الامام أحمد: تفصل بيننا الجنائز. ويعني بذلك عندما نموت سترون كم من ماش وراء جنائزنا للتشييع وعندما تموتون سنرى كم من مشيع لكم.!!! د. نورالدين بوفلغة
 

 

ما بين سلوى وبين نجلاء

 
ابو حيدر – طالب تونسي في كندا نجلاء طالبة تونسية تعيش في المهجر منذ بضع سنوات و هي من الطبقة فوق المتوسطة في تونس , كبرت نجلاء في ظل أبوين يساريين غير متدينين ومع الوقت اصبحت شبه ملحدة و غير معترفة باي مظهر من مظاهر الإسلام …. و لكن هذا لم يمنعني انا (  المتدين المؤمن بتحكيم الإسلام في المجتمع المسلم) من ان اكون احد اصدقائها إضافة إلى زمالتنا في الجامعة و  كنا نتعاون في الامور الحياتية ( من إيجاد شغل و تدبير مصاريف مادية ….) بما اننا اولاد بلد واحد … كما جمعتنا حوارات طويلة حول الدين و الاخلاق و الحرية وصلنا بعدها إلى انني لن اتخلى عن <<إسلامي>> و هي لن تتخلى عن افكارها بان الدين هو اسلوب لتحجيم القدرات البشرية و طريقة لاستغلال الناس عبر إشغالهم بامور ميتافيزيقية غير موجودة و ممارسات و طقوس عبثية … لكن كل هذا لم يخدش من صداقتنا شيئا رغم ان مواضيع النقاش و النقد كانت تطال مقدساتي من إلاه و قرأن و رسول بل بالعكس فقد اعتبرتها نقاشات مفيدة لي ان جعلتني ابحث عن ردود على بعض الشبهات التي لم اتعرض لها من قبل  بدون ان احس تجاهها باي مشاعر حقد او كره بسبب ما تطرحه من افكار فانا لم احمل في حياتي ضغينة تجاه من يخالفني في العقيدة إذا كان يعاملني بالمثل و إذا كان يناقشني باسلوب علمي بعيد عن التهكم و الإستهزاء لكني وجدت نفسي عندما اقرا مقالا لدكتورة تدعى سلوى لا اعرف لماذا احس بالغثيان و الإشمئزاز رغم ان تطرحه هو مكرر و مستهلك و هي لم تات << بالصيد من وذنو >> و لكن نغمة السخرية و الإحتقار التي تحملها تجاه معتقدات مليار من البشر لا تشي باي مستوى اخلاقي دونا عن فكري و تجعلني اتذكر سلمان رشدي ( صاحب الوجه و الأيات الشيطانيين) الذي كتب أياته لينفس عن حقده على الإسلام فجاء كتابه خاليا من اي قيمة ادبية او علمية كما شهد المنصفون من النقاد غير المسلمين و هذه النوعية من البشر لا تريد لا الحوار و لا التعايش رغم دفاعها الكاذب عن قيم الحرية و المساواة و الحمدلله انها لا تستطيع العيش إلا في العوالم الإفتراضية لانها لو اظهرت افكارها للعلن في واقعها الحياتي فلن تقابل إلا بالتجاهل و الإحتقار ماعدى في اوساط المعقدين امثالها الذين لا يستحقون  ان يقول لهم احدنا إلاسلاما…سلاما… عن علي(عليه السلام) انه قال :« وآخر قد تسمّى عالماً << دكتورا >>وليس به ، فاقتبس جهائل من جهّال، وأضاليل من ضلاّل.. يقول أقف عند الشبهات وفيها وقع ، و يقول أعتزل البدع وبينها اضطجع ، فالصورة صورة انسان ، والقلب قلب حيوان »


في الأخلاق والسياسة وأصول الممارسة الصحفيّة…

 

تبلغت شخصيّا ما نال زميلي وصديقي العزيز زياد الهاني من ثلب وشتم على صفحات موقع «مغاربيّة» وساءني أيضًا صمت البعض وسكوت العديد أمام هذا الفعل. سواء جاء هذا الصمت وتنزّل هذا السكوت من باب «الغباء المستفحل والمستديم والمتزايد» في الساحة الإعلاميّة في تونس، أو من باب «الشماتة الصامتة».

لا يسع المرء سوى التعبير عن أعلى درجات القرف من هذه الممارسات، حين تصبح الأخلاق القوميّة والعروبيّة والإسلاميّة و«المقاوميّة [نسبة إلى فعل المقاومة] من الأمور التي تدعونا أو لا تترك لنا فرصة النزول إلى «حادث بسيط» كهذا الذي أقدم عليه هذا الموقع.

أيضًا، وفي تجاوز لعقليّة «المؤامرة الدائمة والمتواصلة»، وحين يحصر المرء من باب الالتزام الأخلاقي رؤيته في الأمور الماديّة الماثلة أمامنا راهنًا وعبر التاريخ، يجوز أن نسأل ـ في غير براءة ـ عن روابط هذا الموقع الذي يموّله البنتاغون بـ«المنجزات الحضاريّة» لهذه الوزارة في العراق وما حققته من «خدمات جليلة» للشعب الأفغاني وما أولته ولا تزال من كرم للصهاينة «المسالمين»، ضحايا «الإرهاب العربي والإسلامي»… دون أن ننسى «التّاريخ الحافل بالورود» في أمريكيا المسمّاة لاتينيّة وغيرها من جمهوريات الموز وممالك النفط والأشياء الأخرى…

يجوز ـ من باب الأمانة العلميّة والأخلاقيّة ـ أن نسأل القائمين عن هذا الموقع ممثّلين في من يراسلهم عن علاقة هذا الفعل بأبجديات المرجعيّة الصحفيّة في الولايات المتّحدة الأمريكيّة وما توليه القوانين في هذا البلد لمثل هذه التصرّفات…

أسئلة عابرة عن «الضمير الأمريكي» سألها ذات يوم قادة من يسمّونهم «الهنود الحمر»، حين كانوا يجلسون في «محمياتهم» يعانون الفقر والجوع والإبادة «القانونيّة والشرعيّة»…

إضافة إلى ما يجب أن نصدر من تنديد بمثل هذا الفعل وهذه الممارسة، والقول بوجوب حصر الفعل في مستوى الخلاف في الرأي، نطرح هذه الأسئلة برسم الإجابة…. من يتبرّع لهذه المهمّة؟؟؟ أم حضور الرجولة «الصحفيّة» مرتبط فقط بسيف «معاوية» ودنانيره الرنّانة الذهبيّة؟؟؟؟

نصر الدّين بن حديد

 

 

بسم الله الرحمان الرحيم                                         تونس في 2007/08/22

والصلاة والسلام على أفضل المرسلين

                                                        بقلم محمد العروسي الهاني

الرسالة رقم 281                                               مناضل دستوري

على موقع تونس نيوز        لن أنساها أبد الدهر               رئيس شعبة الصحافة الحزبية سابقا

 

الذاكرة الشعبية والحس الوطني أسمى من الأذاء والمظلمة

وأثارها ومخلفاتها ووقعها في النفوس الطاهرة

إن يوم 22 أوت 1990 يوما ليس كسائر الأيام الأخرى اقترن هذا اليوم بمظلمة ليس لها مبررات ولا أسباب فعلية واضحة وحصلت المظلمة في عنفوان الشباب والسخاء والعطاء والبذل والتضحية والتألق والإشعاع والعمل الدؤوب والنضال الوطني بمفهومه الشامل والواسع ورغم ذلك حصلت المظلمة التي لا تمحى من ذاكرتي وذاكرة أسرتي وأهلي مظلمة من الوزن الثقيل مسّت المعنويات الأدبية  ومسّت خبزة الأبناء الذين هم في سن الدراسة الابتدائية والثانوية والجامعية 8 أبناء ذكور وإناث كلهم في مراحل التعليم على مختلف درجاتهم مسّت الأسرة كلها : ولولا فضل الله ورحمته ورعايته وجوده ولطفه والحمد لله رب العالمين لتزعزعت أركان الأسرة خاصة في مجال التعليم لكن فضل الله أشمل ورحمته أكبر مما يتصوره العقل ومهما كان التخطيط البشري الذي يسعى للإساءة والأذاء والتعجيز والحقرة والسعي حتى مسّت الخبزة.. الحمد لله في الكون الواحد الأحد رب العزة رب العالمين يرزق عبده ويفتح الأبواب الواسعة عندما يغلقون بابا بقتح الله سبعون باب.

ومرت الأيام والأشهر والسنون وتخرج عدد من الأبناء بعد إتمام دراستهم العليا دون رسوب وتحصلوا على شهائدهم العليا وأصبحوا والحمد لله في مراكز العمل الهامة عوض الله كل شيء وواصلنا المسيرة النضالية بروح عالية ومعنويات قوية مرتفعة وعزيمة الصابرين وقوة المؤمنين بالله ورسوله وكتابه العزيز ولم تفل في عزيمتي الفولاذية مخططهم ولا أساءتهم وأذائهم ولم أحمل في قلبي حقد عليهم ولم أفكر يوما في لومهم أو التحامل عليهم ولم ولن أذكر أفعالهم ونواياهم نحوي.. رغم اللغب بخبزة الأبناء… اعتبرت هذه المظلمة هي عابرة وظرفية ولم أخلط الأوراق كما يفعلون ويقولون اليوم في المنابر الإعلامية وبعضهم يتحامل على رمز الأمة وقائد مسيرتها وتقدمها ونهضتها الزعيم الحبيب بورقيبة رحمه الله. لماذا أخواننا يحملون الحقد على الزعيم لمجرّد خلاف في الرؤيا والمنهج والطريق الموصل للهدف ؟ لماذا لم يكونوا مثلي أرفع وأسمى من التفكير في بعض التجاوزات الظرفية ؟ لماذا لم تسمو بهم الروح الوطنية العالية إلى تجاوز العقدة والمحنة مهما كان أسبابها ؟ لماذا يعتبرن أن بعض الإشكاليات هي من إرادة القائد وربما بعض التجاوزات لا يعلم بها ومحسوبة عليه ؟ وهذا ما حصل لي يوم 22 أوت 1990. كنت أحرص على تنزيه الرئيس والهرم السياسي كنت أقول الرئيس لا يرضى بهذه المظالم كنت أقول لا بد أن أواصل مسيرتي النضالية دون توقف.. كنت مصرّا على مواصلة النضال والنشاط، كنت لا أعبء بما حصل لي، كنت وفيّا لوطني وشعبي لأبعد الحدود، كنت حريصا دوما على أن تكون المعنويات مرتفعة ومكتوبي ليس فيه دينار في فترة من الزمن، كنت أظهر أمام أهلي وأصدقائي وزملائي وأحبابي بمعنويات كبيرة وعزة النفس، كنت أرفض مساعدة أقرب الأصدقاء حتى لامتطاء سيارته والركوب مجانا، كنت عفيفا عزيزا حتى أن احدهم من كبار المسؤولين قال لي لماذا حصلت لكم مظلمة ولم أسمع بأنكاستها المادية قلت له الكرامة قبل الخبز يا أخي العزيز..وقلت له رب ضارة نافعة المظملة كانت سببا في نجاح أبنائي وبناتي والحمد لله تعالى. وقلت أشتدّي أزمة تنفرجي. وقال الله “عسى أن تحبوا شيئا وهو شرا لكم وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون”    صدق الله العظيم

المظلمة أصبحت نصرا بفضل الله. قال تعالى “ومن يتقي الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب

                                                                 صدق الله العظيم

 

محطات لا بد من ذكرها

و أودّ أن أستعرض محطات تاريخية أخرى لا تخلو من التجاوزات والمظالم والإساءة….

وصبرنا وصمدنا وفوّضنا أمرنا إلى الله ففي يوم 19 مارس 1981 عشية الإحتفالات بعيد الإستقلال 20 مارس 1956 الذكرى 25 ربع قرن على تاريخ أمجادنا ونخوتنا في هذا اليوم الوطني يأتي قرار مدير الحزب الاشتراكي الدستوري المنجي الكعبي بإحالتي على شركة سياحة الشباب التابعة للحزب في إطار تصفية المناضلين بعد محاولة إبعادي  بطريقة هزلية من رئاسة شعبة الصحافة الحزبية يوم 1981/02/19 من طرف أخونا الطاهر بلخوجة وزير الإعلام اَنذاك … للتخلص من المناضلين الأوفياء ودامت هذه الحملة إلى عام 1984  عندما علم الرئيس الزعيم الحبيب بورقيبة رحمه الله أوقف هذه المهزلة والمظالم وقرّر الزعيم بورقيبة تعيين السيد الهادي البكوش مدير الحزب وتم تنصيبه يوم 1984/03/16 في حفل مشهود لم تعرفه دار الحزب من قبل وفرح المناضلون بهذا القرار الحكيم وانتهت المهزلة والمسرحية التي أضرت بعدد هام من المناضلين بطريقة التشفي والحقد والتصفية وفي عام 1984 وقع إعادة الإعتبار  لعدد من المناضلين والحمد لله. رفعت المظالم وتنفسنا الصعداء وفي سبتمبر 1984 وقعت دعوتي لتحمل مسؤولية إدارية سياسية هامة حتى يوم 1990/08/22 تاريخ المظلمة الثانية التي بقت من 1990 إلى فيفري 1994 وعندما علم الرئيس زين العابدين بن علي بالمظلمة أذن بتسوية الوضعية الإدارية وقد طالبت التقاعد المبكر وواصلت النضال السياسي غير متأثر بما حصل لي والجروح الدامية التي خلفتها المظلمة والأثار المادية والمعنوية كما أسلفت في بداية المقال. و في عام 2001 وأنا في عنفوان النشاط السياسي والحزبي والاجتماعي والحماس الفياض مع التمسك بالصراحة والحوار والوفاء وفي ذكرى  وفاة المجاهد الأكبر بورقيبة الزعيم الراحل يوم 6 أفريل 2001 أذن الرئيس بن علي إحياء الذكرى الأولى في دار التجمع بالقصبة وبعد محاضرتي الأستاذين الحبيب بولعراس والشاذلي القليبي حول مسيرة الزعيم بورقيبة أخذ الكلمة السيد ابراهيم خواجة وزير المواصلات والهاتف سابقا وشرع بأسلوبه المضحك في ذكر سلبيات بورقيبة ونرفزته والجماعة شائخة والقهقهة ملأت القاعة وخاصة معارضي بورقيبة والتفت يمينا وشمالا فوجدت القاعة تحولت إلى مشاهدة مسرحية المكي وزكية للفكاهي الأمين النهدي فتأثرت ونهضت من مقامي وبصوت مرتفع وبحماس طالبت المشرف على إدارة الحوار إنزال ابراهيم خواجة حالا لأن المناسبة التي نحييها هي مناسبة خشوع وترحم على روح زعيم عملاق في حجم التاريخ والحمد الله في القاعة مناضلون ومقاومون بورقبيون وقفوا معي وأنظموا لصفي وفعلا تم إنزال الوزير السابق والأغلبية من الحاضرين تأثروا بهذا الموقف وأعجبوا به ما عدى قلة قليلة منهم الامين العام للتجمع وبعد هذا الموقف أذن حالا بالتشطيب على اسمي من الحضور والمشاركة في منتدى الفكر السياسي واللجان القارة للتجمع التي كنت عضوا بارزا فاعلا في كل الأنشطة وخاصة اللجنة السياسية التي ترأسها الأستاذ محمد جغام وزير الداخلية وعضو الديوان السياسي للتجمع اَنذاك وعضو في لجنة الإعلام والثقافة والتكوين السياسي لمؤتمر الامتياز لماذا هذه المهزلة الثالثة لأني وفيا للزعيم بورقيبة الذي كان له دور الريادة في تحرير الوطن وبناء الدولة ؟ وفي عام 2003 واصل هذا المسؤول تجديد لهجة الترهيب والترغيب نتيجة إصراري على مواصلة الكتابة في الصحافة ولكن لم يفلح وأخيرا أوصى الصحف بعدم نشر مقالاتي في الصحف المحلية فاخترت طريق الإعلام الإلكتروني في موقع تونس نيوز وهذا المقال 281 في ظرف عامين والحمد لله أغلق الأخ المذكور باب ففتح الله بابا أوسع وأشمل وأعمق. وفي كل هذه المراحل والمهازل المضحكة رئيسنا لا يعلم بهذه التجاوزات المخجلة والمسرحيات المضحكة والهزلية والتي لا تحترم الرأي الحرّ وأصحاب الإرادة والعزائم والصبر والمثابرة وعدم الخوف وسياسة الترهيب والترغيب زادتني إصرار على مواصلة النضال والاصداع بالرأي الحر مهما كان الثمن والحمد لله وجدت المنبر الإعلامي المناسب واكتشفت مؤخرا أيضا منبر المستقلة منبر الحوار الحر الديمقراطي.

 قال تعالى :”ولنصبر على ما أذيتمونا وعلى الله فليتوكل المتوكلون” صدق الله العظيم

 

محمد العروسي الهاني

مناضل دستوري

     

 

 


 

سلطان الطرب يحتقر جمهوره التونسي

 
حفل جورج وسوف في قرطاج يوم 18 أوت (أغسطس) 2007 كان مفاجأة سيئة بكل المقاييس باستثناء الحضور الجماهيري الغفير الذي لا علاقة له بالتألق والامتياز الذي وصفت به الحفل بعض وكالات الانباء والصحف العربية. فقد قدّم ” سلطان الطرب” عرضا فنيا مخيّبا لانتظارات محبيه والمتعطشين للفن الأصيل، ويبدو أن الحالة الغريبة التي كان عليها أبو وديع في تلك السهرة الروتانية المنقولة مباشرة للملايين والتي غصّ فيها المسرح الأثري الشهير بآلاف المعجبين والمعجبات من كل الأعمار والفئات، جعلته عاجزا عن مقابلة الجماهير وفاء بوفاء وحبا بحب. بل إنه تجاوز في مرات عديدة حدود اللياقة و الاحترام، وكذلك حدود ما عرف عنه من مزاجية، وليس صعبا أن نحدس سبب تلك الحالة الغريبة البادية على الوجه المرهق لجورج وسوف. من ناحية الأداء الغنائي، وعملا بالمثل التونسي الذي يقول “إذا أحبوك ارتاح” فقد ارتاح فعلا جورج وسوف الذي تراجع صوته كثيرا، من مشقة الغناء، ما دام الجمهور يحفظ عن ظهر قلب كل أغانيه القديمة والجديدة وأغاني وردة وأم كلثوم التي تعود على تأديتها كذلك، كما استند إلى فرقته الموسيقية التي نالها منه ما نال الجمهور من تهجمات مجانية، لتكملة بعض الجمل المتقطعة… ولكن المشكلة لم تكن في توجيه الفنان المصدح (الميكروفون) إلى الجماهير والاستماع إليهم عوض أن يستمعوا إليه، فقد أصبحت هذه اللقطة غير المحبذة مكررة لدى أغلب الفنانين العرب المعروفين، وإنما في الطريقة المتغطرسة التي تعامل بها السلطان مع عشاقه، فقد كانت كلها ازدراء واحتقار إلى درجة أنه ركل بقدمه إحدى الهدايا المرمية إليه  في وجه صاحبها وكاد يركل بقدم أخرى طفلا صغيرا صعد للحصول على “ توقيع” من نجمه المفضل. أما الطربوش الأحمر المطرّز باسم تونس الذي أهدي له على الركح فقد لاحظ السلطان بسخرية سوداء أنه ينبغي غسله (كذا) قبل أن يلبسه،  كما لم يكف خلال الفترة القصيرة (ساعة وخمسون دقيقة) التي وقف فيها مثمولا على الركح عن توجيه الأوامر والنواهي بيد متعجرفة إلى الواقفين، إعجابا واكتظاظا واستعدادا للرقص،  أما تعبيرات وجه السلطان  فلم تخل في أغلب الوقت من تكشير واشمئزاز لا مبرّر لهما على الإطلاق، إلى جانب تفوهه بعبارات لا محلّ لها من الإعراب حتى من باب  “الخروج عن النص”. ولم تكن خاتمة الحفل مسكا على الإطلاق فقد أكمل السلطان بصوت متهدج “وصلاته” المتقطعة  غير الموصولة بمقطع من أغنية عبد الحليم حافظ ” أي دمعة حزن” و الدمع الحزين هو فعلا ما كان يحتاج إليه في النهاية الجمهور التونسي الوفيّ والمخدوع، لينفس عن صدمته التي لم ينجح في تغطيتها بالتصفيق والرقص. ليلتفت السلطان بطريقة مفاجئة ويعطي الجمهور ظهره مودعا وكأنه شارلي شابلن في ختام فيلم ساخر، بعد أن أعلن للجمهور أنه سيراه ” بكره وبعد بكره ” حيث برمجت له سهرة أخرى لإرضاء أعداد أخرى غفيرة من محبيه الذين لم يتمكنوا من حضور السهرة وقد كانوا في اعتقادنا محظوظين بعدم حضورها، ويمكن القول إنه لولا حب الجمهور المفرط للسلطان و لو كان غيره الذي أتى ما أتاه ، لما انتهت السهرة على خير، بعد الغارة التي قام بها على عشاقه المصدومين فيه. ولكن الأكيد أنهم كالعادة سينسون بسرعة وسيغفرون له كل الإساءات التي بدرت منه إزاءهم وإزاء الفرقة الموسيقية المغلوب على أمرها معه في ليلة يصعب نسيان سوئها وعجبها. وهكذا هي دائما حال السلاطين والزعماء العرب، يكفي أن تعطيهم الجماهير حبها في البداية ليأخذوا ذلك الحب صكا على بياض… ويفعلوا بها بعد ذلك ما يشاؤون… فلاتلومنّ إلا نفسها… أو… تخلع السلطان عن عرشه ولو كان صوته ذهبا خالصا… وليس أن ترفع، كما فعل بعض الحاضرين في قرطاج، لافتة مكتوب عليها “السلطان ديما سلطان يا ابن الكفرون” !!. عادل القادري( جريدة الوحدة )

 

 

الصيد في الماء العكر

 

بقلم : أم أسيل   وأنا أتصفح بعض المقالات  تعجبت ، تألمت ، حزنت .. فقلت :

 

 

أخي لا تكن معول هدم

وكن صرحا للبنـــــــــاء

 

فان كنت شيعيا أو سنيا

شيوعيا أو قوميا فلا تكن

من الغوغـــــــــــــــاء

 

ولا تكن مثل الذئاب

فالذئب شيمته الغدر

ولا الهيجـــــــــــــــاء

 

ولا تكن أدنى من الكلب

فالكلب يعرف بالوفــــــــــــاء

 

ولا تكن مخلب قط

في خاصرة تــــــــــونس

 الخضراء

 

ولا تكن خبا فالخب لا

ينجب الرجال والنســــــــاء

 

وكن رفيعا فالرفيع شيمته

أن يكون من الشرفـــــــــــاء

 

ولا تنتهز فرصا ولا تكن

صائدا في العكر وللإسفاف

صاحب ولاء

 

فان كنت تروم مجدا أو ثوابا

فالوضاعة هي الرمضـــــــــــــــاء .

 

ملاحظة : اعتذر للقراء الكرام عن هذا النوع من التعبير الذي ليس أسلوبي  وليس منهجي وإنما يفرض الواقع على احدنا  أحيانا أن يكاشف بعض الناس بما يفهمون ويفعلون ” وكم من دواء يتجرع وان كان مرا ” .

 


في الذكرى الأولى لرحيل أبي بدر رمز الجهاد بالمال في عصرنا الحاضر.

 
في مثل هذا اليوم من العام المنصرم : 10 شعبان 1427 هجرية رحل فارس الجهاد بالمال الشيخ المرحوم عبد الله علي المطوع المكنى بأبي بدر في الكويت بعد عمر ناهز ثمانين عاما. كان رئيسا لجمعية الإصلاح الإجتماعي بالكويت ورئيس مجلس إدارة مجلة ” المجتمع ” المعروفة. قال عنه الإمام القرضاوي : الشيخ أبو بدر ـ رحمه الله تعالى ـ هو أول من ساند دعوتي لإنشاء مؤسسة خيرية عالمية تقاوم التنصير وذلك بعد المؤتمر الشهير بولاية كولورادو الأمريكية المنعقد عام 1978 ميلادية بميزانية ألف مليون دولار أمريكي وبشعار هو ” أنفق دولارا واحدا تنصر مسلما واحدا ” وإنبثق المؤتمر عن تأسيس معهد ” زويمر ” ومازال إلى يوم الناس هذا يحمل لواء مشروع التنصير المسيحي ويفتن آلافا مؤلفة في مواطن الجوع والخوف والحروب والكوارث الطبيعية في إفريقيا وآسيا من المسلمين عن دينهم مستغلا حاجتهم إلى الطعام والشراب والأمن والمسكن والملبس ومحو الأمية. قال الإمام القرضاوي : لما أعلنت في بعض الملتقيات قبل سنوات عن تأسيس الهيئة الخيرية الإسلامية العالمية وكنت متخوفا من عدم توفر المال اللازم لمواجهة حملات التنصير المستعلية بثرواتها الضخمة ومساندة أكبر وأغنى الدول الغربية لها .. جاءني إلى المنصة المرحوم أبو بدر وهمس في أذني قائلا : لا تحجم توكل على الله سبحانه وأنا أتبرع لهذه الهيئة بمليون دولار أمريكي ( أي جزء من ألف جزء من ميزانية المؤتمر التأسيسي للتنصير ) وإشترط علي عدم ذكر إسمه ثم ضم إلى ذلك عمارتين من عماراته وقفا لهذه الهيئة الخيرية ولكن ما لبث الناس أن عرفوا إسمه ولم يكتف بالجهاد بماله بل كان ضمن الهيئة التأسيسية للمؤسسة الناشئة الوليدة فكان يطوف بلاد الخليج عرضا وطولا ليجمع المال الكافي ويقنع الأثرياء والحكام بمساندتها. ومعلوم أن المؤتمر التأسيسي الأول لأعنف حملة تنصيرية يشهدها العالم المنعقد عام 1978 ضم الطوائف المسيحية الثلاث التي توحدت ضد الإسلام على ما بينها من خلافات تاريخية ومعاصرة حادة جدا وصلت حد الحروب الدينية التي شهدتها أوروبا قبل قرون في الفترة التي سبقت ما سمي بعصر الأنوار في أروبا ولعل خير من جمع لفيفا من الحقائق التاريخية الموثقة بلغة عصرية ميسرة هو الشيخ المرحوم محمد الغزالي في كتابه القيم عظيم النفع ” التسامح بين المسيحية والإسلام “. إقرأ هذه القصة الواقعية التي رواها الإمام القرضاوي من خلال معاينة مباشرة : قال الإمام : في إحدى زياراتي القديمة إلى جنوب السودان طلبنا من عسكري سوداني رفيع المستوى تنظيم زيارة إلى بعض القرى النائية فحملنا بسيارة ” جيب ” إلى هناك فلما رأى الناس السيارة فروا مذعورين إلى بيوتهم ولما سألنا العسكري عن سر ذلك أخبرنا بأنهم فعلوا ذلك لأنهم رأوا سيارة لأول مرة في حياتهم فترجلنا على بعد مئات الأمتار حتى لا نروعهم بسيارتنا ثم حصل بيننا وبينهم شيء من الطمأنينة وفجأة سمعنا ناقوسا يدق فظننا أن صوت الناقوس يخبر التلاميذ والطلبة ومعلميهم بموعد إستئناف الدرس بعد راحة القيلولة ولما سألنا أهل القرية أخبرونا بأنه لا وجود لمدرسة ولكن هذا الناقوس يخبرنا بأن ” أبانا ” قدم وسرعان ما هرعوا إليه وتركونا قائمين دون أن نستوعب المسألة بما فيه الكفاية ثم إتبعنا أثرهم فإذا برجل قادم يوزع الحلوى بكلتا يديه على الأطفال ومع الحلوى بسمات يحتضن بها الصبيان ومراهم يفرقها على أهل القرية يحتاجونها للوقاية من بعض الأمراض. قال : تحدثنا بعد ذلك مع هذا الرجل فأخبرنا أنه أصيل بروكسل من بلجيكا وأنه هناك منذ ثلاثين عاما كاملة فلما سألناه عن آخر مرة عاد فيها إلى موطنه الأصلي قال : منذ ثلاثين عاما لم أعد ولو مرة واحدة ثم قال لنا كلمات ظلت ولن تزال محفورة في ذاكرتي حتى ألقى ربي .. قالها بلهجة الغاضب والواثق معا : ” أنا ميلادي هنا وحياتي هنا وعملي هنا ورسالتي هنا وأهلي هنا وموتي هنا وقبري هنا “. ثم علمنا بعد ذلك أن الرجل يزور أربعين قرية مرتين كل أسبوع على إمتداد تلك العقود الثلاثة حتى أصبح صوت ناقوسه على مشارف كل قرية إيذانا بإنبلاج صبح الفرحة لدى الصغار والكبار على حد سواء ولا يعرف بين الناس سوى بإسم ” أبينا “. ثم قال الإمام القرضاوي معلقا على هذه القصة المؤثرة المعبرة : أين المسلم الذي يهجر بلده الأم اليوم لنشر الدعوة الإسلامية في القرى والأرياف النائبة البعيدة أو في الحواضر والعواصم وقلبه يخفق بمثل ما يخفق به قلب ذلك المنصر المثالي ” ميلادي هنا وحياتي هنا وعملي هنا ورسالتي هنا وأهلي هنا وموتي هنا وقبري هنا “؟ المؤمن مجاهد أو لا يكون : إذا كان بعض الرجالات في تاريخنا قد شوهتهم أحقاد هؤلاء وأطماع أولئك حتى هلك فيهم من هلك من مثل الإمام علي عليه الرضوان والإمام إبن تيمية رحمه الله سبحانه وفي الرجال الكبار يختلف الصغار دوما كما يقولون فإن بعض قيمنا ومفاهيمنا الإسلامية كذلك قد تعرضت لشيء من ذلك ومنها قيمة الجهاد. لقد ترسخ في أذهان المسلمين أن الجهاد في الإسلام هو القتال بالسيف وآلات القوة ورغم خطإ ذلك فإن كثيرا ممن تحرر من ذلك الخطإ تحكيما لمحكمات القرآن الكريم والسنة النبوية لا يزال يعد الجهاد بالقوة المادية أفضل أنواع الجهاد مطلقا دون تمييز بين مسلم وآخر ومكان وآخر وزمان وآخر وحالة وأخرى فلا تجد من الأئمة والوعاظ والخطباء والدعاة إلا قليلا نادرا ممن يحرض على الجهاد بالمال المقدم دوما على الجهاد بالنفس أما الجهاد بالكلمة ـ أصل الجهاد طرا في الإسلام تاريخا وقيمة ـ فهو في نفوس كثير من المسلمين مضيعة للوقت وإهدار للجهد بل هو صنو الجبن وقرين الهلع. لكأن فقهنا الإسلامي لم يعمر يوما بفقه مراتب الأعمال وفقه الموازنات والأولويات أو لكأن الظروف التاريخية هي التي تسير الدنيا والإنسان فيضحى هذا بها مجاهدا بسيفه لأنه ولد وعاش في أرض محتلة أما مؤمن الأطراف بتعبير سمير أمين ( بخلاف مؤمن المركز ) فهو محروم بالطبيعة من فضل الجهاد أو هو في أحسن الأحوال ذيل من ذيول الجهاد لأنه ولد وعاش في بلاد لا يكون الجهاد فيها إلا بالمال أو بالكلمة. إنها النظرة التجزيئية التبعيضية البغيضة التي تسكن العقول فتحولها عن رسالتها أو تجعلها قاصرة سلبية حتى وهي مؤمنة وبذلك يلفى المؤمن نفسه حين يأتي ربك أو بعض آيات ربك ممن لم يكسب في إيمانه خيرا ويسوى مع من لم يؤمن أصلا كما جاء في الذكر الحكيم. لذلك فإن المؤمن لا يكون إلا مجاهدا حتى لو كان مقعدا أكمه ضريرا أميا لا يتسنى له قضاء حاجته البشرية دون مساعدة أما المؤمن غير المجاهد ولو بقلبه فيما سمي بالمقاومة السلبية فلا وجود له إلا في فقه الإنحطاط أو فقه العولمة الجديد ولا تتحرر أرض ولا ينقذ مسلم من براثن التنصير ولا تنهض أمة ولا تتقدم دعوة إلا بتكامل كل جوانب الجهاد : جهاد الكلمة وجهاد المال وجهاد اليد فمن عدم كل ذلك ـ وهي حالات نادرة جدا جدا جدا ـ فهو مجاهد بقلبه وبذلك لا يكون المؤمن أبدا إلا مجاهدا في سبيل الله الذي لا يحاسب الإنسان يوم القيامة على نوع جهاده أي على ما ليس له حيلة في إختياره فهو فيه مسير ليس مخيرا ولكن يحاسب المؤمن في جهاده على أمرين هما : إخلاصه في جهاده و طلب الحكمة في جهاده أي على أداء قلبه وأداء عقله فهما دون غيرهما من معايير كمية يحددان سعر جهاد المؤمن يوم القيامة. اللهم إرحم شيخنا أبا بدر رحمة واسعة وإجعل منه قدوة حسنة لكل من آتيته مالا يجاهد به في سبيلك لإعلاء كلمتك ونشر دعوتك وبارك له في عقبه وقيض من بعده من عبادك الذي إصطفيت لمقاومة التنصير مجاهدين مخلصين حكماء رشدا. الهادي بريك ـ ألمانيا.

 


 

لماذا هم يصنعون ونحن نستهلك؟

 
د. أحمد القديدي (*) ان الخبر القادم هذا الأسبوع من واشنطن بشأن التزام الولايات المتحدة بتعزيز التفوق النوعي الاسرائيلي العسكري والصناعي والتكنولوجي بمبلغ خيالي من الخزينة الأمريكية يصل الى 30 مليار دولار ليس خبرا عاديا على الأقل بالنسبة للعرب لأن الغاية المعلنة بدون تزويق دبلوماسي هي الابقاء على حالة العجز والتبعية العربية الى أجيال قادمة بقطع النظر عن أية حلول تطرح للصراع العربي الاسرائيلي. أي في الواقع تعزيز موقع المنتج المتفوق لاسرائيل ودعم موقع المستهلك السلبي للعرب. ولعل هذا الخبر هو الذي دفعني الى أن أخصص بعض مطالعات اجازتي الصيفية لمحاولة فهم سر من أسرار العرب المعاصرين زادني رغبة في فك ألغازه ما يجري هذه الأيام من عقد صفقات مثيرة للجدل بين فرنسا وليبيا في مجال الطاقة النووية المدنية وما يدور من حديث حول صفقات تسليح متطور بين الجزائر وعدة دول غربية أو روسية، وكذلك عقود اقتناء الطائرات الجديدة من مؤسسة ايرباص بين دول خليجية والاتحاد الأوروبي. كما أن عيالي وأجزم أن عيالكم من الجيل العربي الصاعد أصبح يلح علينا في السؤال حول وقوف العرب دائما في طابور المستهلكين وخلود الغرب في صفوف المنتجين والتحاق القوى الجديدة به في التصنيع والابداع وغزو أسواقنا مثل الصين والهند والبرازيل، بل اننا يجب أن يصيبنا على الأقل نوع من الخجل والاستحياء حين نعلم بأن دولة صغيرة جدا وليس لها موارد طبيعية أو ثروة معدنية مثل فنلندة في شمال أوروبا هي التي تزود تغطي معظم احتياجات المواطن العربي من هاتف نوكيا الجوال من المحيط الى الخليج وبأن اليابان التي بدأت نهضتها مع أسرة مايجي الحاكمة في نفس لحظة انطلاق نهضتنا العربية على أيدي محمد علي في مصر في أواسط القرن التاسع عشر، هي التي تحتل اليوم مرتبة الصدارة في تصنيع وترويج السيارات متجاوزة لأول مرة في التاريخ أسطورة جنرال موتورز الأمريكية! واليابان تبيع في الولايات المتحدة من سيارات تويوتا أكثر مما تبيع في اليابان ذاتها، وسيكون الأمر كذلك في الاتحاد الأوروبي بعد أربعة أعوام حسب المرصد الصناعي والتكنولوجي التابع لمنظمة الأمم المتحدة. وهكذا فان العالم العربي يبقى بكل المقاييس خارج التوقعات ولا أحد من العارفين والمخططين للمستقبل يقرأ له حسابا على الأقل لجيل كامل قادم! وهذا يعني بالنسبة لمراكز الدراسات المستقبلية النزيهة أن العرب بدأوا يخرجون من التاريخ بدون ادراك لأن التاريخ هو الابداع والشراكة في مسيرة الحضارة لا الاكتفاء باستهلاك منتوجات الأمم الأخرى. ولأني انقطعت خلال هذا الصيف عن متابعة الحدث في حرارته رأيت أن أحاول اكتشاف مفتاح هذا السر الذي يسميه أرفق المحللين بنا بالاستثناء العربي (هذا المصطلح لكاتب افتتاحيات نيوزويك فريد زكرياء) بينما سماه المفكر البحريني العربي الفاضل محمد جابر الأنصاري بالخلل، أي الخلل الحاصل بين الواقع والعقل العربي، وتعمق في فهمه وتفكيك ألغازه قبل أربعين عاما المفكر الجزائري طيب الذكر رحمه الله تعالى مالك بن نبي حين قال بأن خطأ العرب منذ الحصول على استقلال دولهم هو الاعتقاد بأن نهضتهم لا تكون سوى باستيراد أنماط الغرب الغالب، بينما النهضة تكون باطلة ومزيفة اذا ما جلبنا أدوات نهضة الأمم الأخرى حتى لو كانت هي الأقوى، لأنه بكل بساطة تحمل كل حضارة وتختزن آلياتها الخاصة بها والتي يطلق عليها الغربيون اسم الميكانزم وهذا الميكانيزم هو الذي يعتبر محرك النهضة، ويفسره مالك بن نبي بكونه حصيلة العناصر الثلاثة في كل حضارة على حدة ألا وهي الانسان والزمن والتراب، أي العلاقات الجدلية التفاعلية (أنترأكتيف) ما بين البشر ونمو مداركهم عبر العصور مع مستحقات الجغرافيا. ومن هنا ندرك طروحات مالك بن نبي ومن قبله عبد الرزاق السنهوري ومن بعدهما كل جيل التأصيليين مثل طارق البشري ونجم الدين أربكان وعلي عزت بيغوفتش ومهاتير محمد، تلك الطروحات المؤمنة بأن لا نهضة للعرب والمسلمين عامة سوى بتطوير المخزون الاسلامي واعمال العقل والاجتهاد فيه بدون انبهار مضلل بميكانيزم تقدم الغرب أو اليابان والصين. والسر في تقدم هذه الأمم هي أنها لم تتخل عن ميكانيزماتها الخصوصية الأصيلة بل انطلقت منها كما يؤكد لنا ذلك الدكتور مسعود ضاهر في كتابه القيم بعنوان: النهضة العربية والنهضة اليابانية: تشابه في المقدمات واختلاف في النتائج أو المفكر الأمريكي ليستر ثارو في كتابه: الصراع على القمة، حول المنافسة الاقتصادية بين الولايات المتحدة واليابان. فالتقدم الاسلامي العربي في الطب يجب أن ينطلق من الرازي وابن سينا وابن الجزار والتقدم في المعمار يجب أن ينطلق من قصر الحمراء وقصر يلدز والبيت العربي الأصيل الى اخر قائمة مجالات التقدم والتفوق مثل التربية والقانون والثقافة بدون أن نوصد أبواب عقولنا أمام تجارب الأمم الأخرى. لكن هذا المنعرج يبقى رهن ارادة سياسية ورهن وعي المجتمعات المدنية العربية المسلمة. ولله الأمر من قبل ومن بعد. (*) كاتب وسياسي من تونس (المصدر: صحيفة “الشرق” (يومية – قطر) الصادرة يوم 22 أوت 2007)

الفساد الانتخابي
 
محمد كريشان (*) تحذير العاهل المغربي محمد السادس في خطابه أمس من استخدام المال لشراء أصوات الناخبين في الانتخابات البرلمانية التي ستشهدها بلاده في السابع من الشهر المقبل تحذير هام للغاية، وجاء في وقته، خاصة وقد ترافق مع دعوته الحكومة إلي السهر علي نزاهة الانتخابات والالتزام باستقلالية القضاء. مثل هذا التحذير لا يكتسب المصداقية اللازمة إلا إذا شرع فعلا في تطويق مظاهر سلبية من هذا القبيل ومحاسبة مرتكبيها وهو ما تذكر التقارير الصحفية الواردة من الرباط أنه بدأ عمليا خاصة في ضوء البيان المشترك الأخير بين وزارتي الداخلية والعدل المغربيتين الذي أعلن أنه يجري التحقيق حاليا في معظم القضايا التي رفعت ضد استخدام الأموال لشراء الأصوات وتجاوز السلطة واستخدام إمكانات الدولة والمجموعات المحلية في الدعاية الانتخابية التي بدأها بعضهم حتي قبل الأوان (رسميا تبدأ الحملة الانتخابية في 25آب (أغسطس) وتنتهي في السادس من أيلول (سبتمبر) عشية الاقتراع). الشرط الثاني الضروري لإعطاء دعوة العاهل المغربي المصداقية الحقيقية هو إفساح المجال أمام مراقبين أجانب للإشراف علي سير الانتخابات وهو ما قبل به المغرب لأول مرة في تاريخه في انتظار أن تتيح لهم ظروف العمل والتحرك اللازمان اللذان بدونهما لا معني حقيقيا لقبول مراقبين أجانب بات وجودهم في السنوات الماضية في أكثر من انتخابات في العالم صمام أمان لمنع التزوير والحد من التجاوزات وإعطاء النتائج النهائية ثقة المجتمع الدولي ومنظماته غير الحكومية المعنية بالتنمية السياسية والحكم الرشيد. وقد شرعت الرباط فعلا في التنسيق مع هؤلاء المراقبين وبحث ظروف عملهم خلال الزيارة التي قام بها بعضهم إلي المغرب من التاسع إلي الخامس عشر من هذا الشهر. ولتجاوز أن يكون وجود المراقبين الدوليين في الانتخابات المقبلة مجرد لفتة تجميلية لهذا الموعد الهام الذي يجري كل خمس سنوات، ستكون الرباط بالتأكيد أمام التزامات لم تعهدها من قبل ولم يألفها بالخصوص من تعود في السنوات الماضية علي استسهال اللعب بالنتائج وخرق القوانين مع التأكد من أنه محمي من الأجهزة ومحصن من العقاب. وربما هذا ما دفع المجلس الاستشاري المغربي لحقوق الإنسان أن يهيأ الرأي العام لهؤلاء الضيوف الجدد وأن يستنفر أجهزة الدولة حتي تتعامل مع المراقبين الدوليين بالأريحية اللازمة وذلك حين أكد قبل أيام قليلة أن بإمكان هؤلاء المراقبين دخول مكاتب الاقتراع التي يريدون بكل حرية والبقاء فيها يوم التصويت كل الوقت الضروري، مهيبا بكل المشرفين المحليين علي إدارة الانتخابات التعاون مع هؤلاء بما يليق بسمعة بلدنا وثقتنا في النفس مؤكدا أن وجود المراقبين الدوليين بات أمرا مألوفا وعاديا حتي في أعرق البلدان الديمقراطية(..) وذلك من أجل الإسهام في تحسين الأداء وترسيخ الممارسات الديمقراطية وتوطيد دولة القانون في البلدان المعنية . أما فيما يتعلق بالحد من ظاهرة المال السياسي وشراء الأصوات فإن المغرب عازم علي ما يبدو هذه المرة علي التدخل الصارم للحد منها وقد وصل الأمر إلي حد قول وزير العدل المغربي إن وزارته ستستعين بجميع الطرق التي يكفلها القانون، بما في ذلك التنصت الهاتفي، لملاحقة كل من يشتبه في أنه مفسد للانتخابات من خلال شراء ذمم الناخبين أو تبييض أمواله في المجال السياسي. المؤشرات والتصريحات الآتية من المغرب عن انتخاباته المقبلة تبدو مطمئنة لكن العبرة في نهاية المطاف تبقي في التطبيق وهو ما سيقف المغاربة علي مدي صدقيته يوم السابع من الشهر المقبل والنتائج التي ستفرزها الصناديق. (*) كاتب وصحافي من تونس (المصدر: صحيفة “القدس العربي” (يومية – لندن) الصادرة يوم 22 أوت 2007)

آفات مثقفي اليوم

د. شيماء الصراف / باحثة في الحضارة الإسلامية عضو هيئة تحرير مجلة تواصل باريس لعلي لم أكن لأكتب في هذا الموضوع لولا أن جلب انتباهي، في تصفحي كتب التراث، ما كتب عن “آفات العلماء” والتطابق المدهش بين آفاتهم بالأمس واليوم، هذا إذا تجاوزنا المصطلحات ووضعنا مثقفي اليوم مقابل علماء الأمس . لعل بعض فقرات هذا المقال ستحمل القارئ على الابتسام ؛ فهو لابد أن يتذكر أو يعرف فرداً أو أكثر له بعض هذه الآفات التي تتضخم أحياناً جاعلة من صاحبها شخصية كاريكاتورية ولكن المقال على الأخص مؤلم لأننا نعرف أهمية الدور القيادي الذي تلعبه أو الذي تستطيعه النخبة المثقفة في المجتمع والذي جعل البعض منها تفقد مصداقيتها لدى الناس بسبب من هذه الآفات ،في الوقت الذي تعاني مجتمعاتنا اليوم الكثير والكثير من البلاء . وابتداءً نقول أن كلمة مثقف ـ دون أن نبحث متى ظهر كمصطلح دال على فئة معينة ـ تُطلق على أصناف عديدة من الناس واستعمالها شائع ومتداول فهي تـُطلق ـ في العموم ـ على حملة الشهادات الجامعية فما فوق، كذلك على من يتمتع بقوة الحجة وذلاقة اللسان ( 1) ، يـُُطلق وصف مثقف على الشخصيات السياسية فعلاً أو تنظيراً وهو أمر مرتبط أشد الارتباط بالصفة السابقة، أيضاً على  مؤلفي الكتب أياً كانت صفتها، النـّقاد والمُحللين، الصحافيين..الخ. إن آفات المثقّفين موضوع حديثنا،  ليست وقفاً على مجتمعاتنا ولا هي نتاج العصر الحاضر وهذا أمر بديهي، فالنفس البشرية واحدة في كل زمان ومكان، إنما ميزة الأقدمين في مجتمعاتنا انهم جاهدوا في تخليص أنفسهم منها باعتبارها من شرور النفس وآثامها وأيضا باعتبار ما تحدثه من ضرر على المجتمع لذا كتبوا بالتفصيل عنها. هناك أمر أساسي نقوله في البدء وهو أن آفات المثقفين لها منطلق وأرضية واحدة : هشاشة النفس وضعفها، إعوجاجاتها الأخطبوطية ، اضطرابها وارتباكها . إن هذه الآفات هي أحد أوجه داء العظمة وأبرز تجلياته في الأنا التي لا تتوقف عن التضخم . لقب:” دكتور”.الحالة الخاصة/العامّة في مجتمعات اليوم تظهر الآفات بأشكال مختلفة ومتنوعة عند ” مثقف اليوم”، ولعلها تبرز أكثر ما تبرز عند حملة الألقاب العلمية وخصوصاً الإنسانية منها فهي تخلق لديه شعوراً وقناعة أن شهادته ولقب” دكتور” يؤهلانه للخوض في كل المواضيع دون استثناء حتى وإن كان جاهلاً بها أو لا يعرف عنها إلاّ النزر القليل فنرى من كان اختصاصه بالاقتصاد مثلاً يطلق الآراء يميناً وشمالاً في السياسة والتاريخ والشعر والفلسفة … فلقب دكتور تـُّرس يتترّس به . تكون أحكام “المثقفين” قطعية لا تقبل الجدل ولا النقاش، ثم هم ينظرون شزراً وتحمر أوداجهم وتنتفخ غضباً إنْ انتـُقدوا أو نـُبّهوا على أمر ما، أمّا إنْ خـُوطبوا بدون ذكر لقبهم العلمي فهو إهانة وحط من قدرهم .كذلك  يتظاهر عجب ” المثقفين” بأنفسهم حين تراهم لا ينظرون في وجه من يخاطبهم بل هم يغضّون أبصارهم تجبّراً وتكبراً .إن من ينظر اللّقاءات والندوات وعلى الأخص السياسية منها على محطّات التلفزيون والفضائيات يرى العجب العجاب من سلوك هؤلاء “الدكاترة” وفي كل الأحوال يفضّل مُعِد ومُقدّم البرنامج الذي سيدير النقاش ويهمّه النجاح واستقطاب المشاهدين، أن يستضيف  هذا النوع من الشخصيات  فلقب ” دكتور” سيمنح الشخص نوع من التزكية لدى الجمهور ولوحظت حالات يُخاطب الضيف ب “الدكتور” وهو لا يملك اللقب العلمي، كذلك يُقدّم ” المثقف الدكتور” على انه صاحب خبرات واختصاصات في هذا المجال أو ذاك وهو لا يمتلكها من بعيد أو قريب ، ثم تبدأ المعارك والخطوب ، منازلات أسلحتها، لدى الأطراف، تعابير  مشمئزة متعالية وأصوات حادة تتعالى لدرجة الصراخ، كلمات وجُمل تحاول النيل من الآخر على انه لا يعدم منهم من يتخذ لباساً آخر : الهادئ، المبتسم المُتعاقل ولكن هذا الدور قليلا ما يخدع أحداً. نرجع فنقول والكلام الآن يتناول مثقفي الحاضر والماضي إنهم  يـُكثرون من قولة “أنا” وقديماً كان الورعون من الناس يستعيذون بالله من قولة “أنا”. إنهم يـُكثرون من مدح أنفسهم وتزكيتها مباشرة أو بطرق ملتوية وهو داء قديم قال فيه الله تعالى :” ألم تر إلى الذين يزكّون أنفسهم بل الله يزكّي من يشاء” (آية 49 النساء) . إن ” المثقفين” يستاءون ممن يقاطعهم في الكلام وليس هذا من الحفاظ على آداب الحديث ولكنه العُجب بأنفسهم ومن ثم لهم الحق أن يستمرّوا في الكلام كيفما شاءوا وأن يقاطعوا كلام الآخر متى شاءوا . ويـُعبّر الإمام أبي حامد الغزالي [ ت 505هـ ـ1111م] ” عن هذا الأمر بدقّة:” ومن العلماء من يستفزه الزهو والعـُجب فإن وعظ عـَنف وإن وُعظ أنـَف”، إن رأي الإمام الغزالي يـُطابق قول عمر  بن الخطاب (رض) :” ثلاث مهلكات: شح مطاع وهوى متبع وإعجاب المرء بنفسه” ، إن اعتبار العـُجب بالنفس “تهلكة” ينم عن معرفة دقيقة بها ذلك أنها:” فضلة من الحـُمق صرفتها(أي الحماقة ) إلى العُجب”. كلام العالم الماوردي يحلل الإمام الماوردي آفة العُجب وعلّة وجوب تجنّبها: ” فأما ما يجب أن يكون عليه العلماء من الأخلاق التي بهم أليق ولهم ألزم، فالتواضع ومجانبة العجب لأن التواضع عطوف والعجب منفر وهو بكل أحد قبيح وبالعلماء أقبح لأن الناس بهم يقتدون،(كذلك) لأن العجب نقص ينافي الفضل…وقال بعض السلف: من تكبّر بعلمه وترفّع وضعه الله به ومن تواضع بعلمه رفعه الله به .وعلة إعجابهم (بأنفسهم ) انصراف نظرهم إلى كثرة من دونهم من الجهّال وانصراف نظرهم عمن فوقهم من العلماء فإنه ليس متناه في العلم إلاّ وسيجد من هو أعلم منه إذ العلم أكثر من أن يحيط به بشر، قال الله تعالى:” وفوق كل ذي علم عليم” . وفي رأي الماوردي أن إعجاب المرء بما يحمله من علم واكتفائه به دليل على قلّة تحصيله وتقصيره فيه ،أمّا إدراك العجز عن الوصول إلى نهاية العلم وبـُعد غايته فهو أمر،بذاته، صاد عن العجب. يضرب الماوردي بنفسه مثلاً لما تقدم من حديثه ، يقول: “ومما أنذرك به من حالي أنني صنّفت في البيوع كتاباً جمعت فيه ما استطعت من كتب الناس وأجهدت به نفسي وكددت فيه خاطري حتى إذا تهذب واستكمل وكدت أعجب به وتصورت أنني أشد الناس اضطلاعاً بعلمه حضرني، وأنا في مجلسي، أعرابيان فسألاني عن بيع عقداه في البادية على شروط تضمنت أربع مسائل لم أعرف لواحدة منها جواباً فأطرقت مفكّراً وبحالي وبحالهما معتبرا، فقالا: ما عندك فيما سألناك جواب وأنت زعيم هذه الجماعة ؟ فقلت : لا، فقالا : واهاً لك ” ، وهذا تعبير عن الأسف يحمل لوماً خفياً . يذهب الأعرابيان ويستفسران عن أمرهما عالماً آخر فيجيبهما بما أقنعهما فانصرفا راضين بجوابه حامدين لعلمه. يخلص الماوردي إلى نتيجة من مثاله هذا فيلتفت لنفسه متحدثاً عنها ولها، يقول :” فكان ذلك زاجر نصيحة ونذير عظة، تذلل بهما قياد النفس وانخفض لهما جناح التعجب، توفيقاً مـُنحته ورشداً أُتيته، وحقٌّ على من ترك العُجب بما يحسن أن يدع التكلف لما لا يحسن، فقد نهى الناس عنهما واستعاذوا بالله منهما” . الماوردي يمتلك صفات العالم الحقيقي : التوصل إلى معرفة بعض خبايا النفس، التواضع . هلك من ترك قولة لا أدري جاء في تفسير ابن كثير القرشي الدمشقي” قالت عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها للرسول (ص) أنها تريد سؤاله عن أمر فيجيبها (ص) ” إن كان عندي منه علم” . واستنادا للحديث الشريف ظهرت لاحقا مقولة هلك من ترك قولة لا أدري  التي اعتمدها الأولون، ولا نكاد نجد لها أثراً في عصرنا. وتركها هو آفة من آفات مثقفي اليوم كما الأمس ونتيجة من نتائج عجبهم بأنفسهم وغرورهم وزهوهم؛ فهم يعتبرون قولة لا أدري نقيصة بحقهم، ويبرز هذا الأمر بوضوح تام في لقاء مع “المثقف” أمام جمهور أو في التلفزيون والراديو،فحين يُسأل عن أمر يجهله أو لا يعرف عنه إلاّ أقل القليل تراه يتكلم كلاماً عاماً غامضاً عاماً غير مفهوم فيـُدخل الجوهر في الرؤية والمضمون في المنظور والقضايا في الأبعاد … ولا يعرف المُتلقي عن ماذا يجري الحديث وأين المشكلة والحل، ومنهم من تبلغ به الجرأة أن يجيب بمعلومات خاطئة تماماً. وهم يكثرون من استعمال المصطلحات والإشتقاقات اللغوية التي لا تـُناسب المقام ولا المقال لكي يوهموا بتمكنهم من الموضوع، وهم يتكبدون كل هذا الجهد والمشقة ليتجنبوا قولة : لا أدري ، يجري التسابق على الإشتقاقات اللغوية الغريبة بالأخص من “المثقفين” في الكتابة فالجرائد والمجلات والكتب تحفل بها ،إن اللغة العربية لغة قوية مرنة تستجيب لمتطلبات العصر زماناً ومكانا،ولكن ما يقومون به لا يتم للضرورة ولا بالرجوع إلى قواعد اللغة العربية إنما عن هوى فردي واجتهاد ذاتي وتراها في أحايين كثيرة تضرب الإذن كالحجارة لبشاعتها، فالعربية لغة رقة وجمال. وفي كل الأحوال فإن هذا السلوك ـ من غموض القول والإشتقاقات اللغوية ـ من جانبهم يـُدخل القارئ  في متاهات لا نهاية لها ولا نعرف، في المحصّلة، من هو الضحية هل هو القارئ أم الكاتب نفسه الذي عجز عن إيصال ما يريد قوله إلى الناس، هذا إذا قدّمنا حسن النيّة فربما كان الكاتب نفسه لا يعرف ماذا يريد أن يقول. هناك أمر آخر إن فقر لغتهم وقلّة  ما يمتلكون من مفردات تجعلهم يلجئون إلى ما هو شائع الاستعمال من التعابير في فترة ما في مجتمع من مجتمعات الغرب وذلك بعد ترجمته إلى  العربية ، إن الأوربي يستعملها في مكانها أمّا مثقفنا فيبدو استعمالها نشازاً في جملته ، والأمثلة على ذلك كثيرة يلاحظها ويعرفها من يقرأ نتاجاتهم المكتوبة أو يسمع كلامهم عبر أجهزة الإعلام. نقول فقط : إنْ لم يوجد مقابل في لغتنا نستعمل الكلمة الأجنبية، فاللُّغات تتلاقح فيما بينها وهو أمر حضاري صرف، وهذا يصْدُق على المصطلحات العلمية فهي غير معنية على الإطلاق بكلامنا هاهنا: الطب، الهندسة وغيرها فهي تـُعرّب وتصبح جزءاً من لغتنا . وبقدر ما ذمّ علماؤنا الأقدمون الأساليب المعقدة في الكلام والكتابة والتطويل والإعادة والتكرار ـ  بلاء مثقفي مجتمعاتنا اليوم ـ واصفين فاعلها بالعي والجهل، امتدحوا وضوح الأسلوب وبساطته  اللذين يؤديان إلى سرعة فهم الموضوع من الآخر. فشعارهم مقولة: خير الكلام ما قلّ ودلّ. إن موقف علمائنا من التبجح والإكتفاء بما يحمله الشخص من علم وتركه قول لا أدري موقف صارم حديّ للغاية ، فقد اعتبروا أن هذه الآفات عوامل هدم للشخصية الإنسانية تنعكس سلبياً على المجتمع، وقول عبد الله بن عباس بليغة في موضعها:” من ترك قولة لا أدري أُصيبت مقاتله” (2) . لقد اعتـُبر عدم خوض العالم فيما يجهله، جزءاً من تكوينه وواجبه العلمي، فقد ورد عن الشعبي أن قولة: ” لا أدري” هي نصف العلم (3)، والأمر واضح فالالتزام بهذا القول وتطبيقه يعني مواصلة التعلم . وقيل:” من العلم أن لا تتكلم فيما لا تعلم بكلام من يعلم، فحسبك جهلاً من عقلك أنْ تنطق بما لا تفهم” . فتنة الإجتهاد إن ترك قولة: لا أدري ، ليس لي به علم، الله أعلم …يزداد خطرها أضعافاً مضاعفة إن تعلق الأمر بفتوى في دين أو دنيا، فقد تكون النتيجة حدوث فتنة في المجتمع. جاء في الحديث :” من سُئِل فأفتى بغير علم فقد ضلّ وأضل ” .وصف الرسول (ص) من يتستر على جهله ويعطي جواباً لمسألة دون معرفة متحصلة تكون له سنداً في فتواه ب” الضال” الذي يضل غيره من الخلق.إن العلم الذي أشار إليه الرسول الكريم لا يتوقف فقط على معرفة أحكام الشريعة بنواحيها المتعددة من سياسة واقتصاد واجتماع ، حفظها وترديدها بل، وهو المقصود والأهم، العلم بكيفية التطبيق ويعني هذا الإطلاع على ظروف المجتمع  وأحواله في الزمان والمكان ووجوب ملائمة الفتوى لها وتسهّيلها لحياة الناس فيه . وسار علماؤنا الأقدمون على هذا النهج تطبيقاً وتنظيراً؛ فالإمام الغزالي يحث العلماء على عدم التكتم على جهلهم بهذا الأمر أو ذاك ” لأن تقلد خطر الإجتهاد عظيم”، وعلى العالم ” أن لا يكون مسارعاً إلى الفتيا بل يكون متوقفاً ومحترزاً….” ثم يذكر الغزالي إن الفقهاء الذين يقولون : لا أدري، إنْ سُئل أحدهم، أكثر من الذين يجيبون بأدري، ويعدِّد منهم : سفيان الثوري، مالك بن أنس، أحمد بن حنبل، الفضيل بن عياض ،بشر بن الحارث (4) . والأمر ليس عن عدم معرفة فهم من هم ،ولكن عن تقىً وتقوى، لأن شعور أحدهم بذرّة شك في أمر ما من المسألة يجعله يترك الجواب / الفتوى ويجيب بكلمة لا أدري . سلوكهم في الاجتماعات والمناظرات فيما بينهم يظهر هنا مفهوم القطيع؛ ” فالمثقفون” يتحركون كجماعات، الواحدة منها تحمل نفس الأفكار والعقائد، وهم في لقاءاتهم وما أدراك ما هي؟ خصوصاً السياسية منها يجترّون نفس الآراء والأفكار ثم تراهم وفي جلسة واحدة يهدمون العالم ويعيدون بنائه ثم ينصرفون إلى بيوتهم ليناموا ملئ العيون والأجفان فقد قاموا كما يعتقدون، بواجبهم تجاه أُمّتهم وشعوبهم وربما تجاه العالم بأسره، ولا تعتقد بعد هذا أن الصفاء يسود علاقاتهم أو حتى لقاءاتهم، فالواحد منهم يأتي حاملاً كل ما ابتلاه الله به من آفات العُجب والغرور،ويبدأ قوله وفعله على أساس منها، إن هذا هو الحال اليوم الحاضر الذي نعيشه، والحالة نفسها كانت بالأمس في الماضي . مع الجمهور يقول الإمام الغزالي “…. وأنت تعلم أن حرصهم على المحافل والمجامع ليس لله وأن الواحد منهم يخلو بصاحبه مدّة طويلة فلا يكلمه وربما يقترح عليه فلا يجيب” ، فإن ضمّه “مجمع لم يغادر في قوس الاحتيال  منزعاً حتى يكون هو المتخصص بالكلام ….وفي حضور الجمع ما يـُحرِّك دواعي الرياء ويوجب الحرص على نصرة كل واحد نفسه مُحِقـَّاً كان أو مبطلاً ” . أما إذا حفل اللقاء أو المناظرة كما يسميها الأقدمون، ب “مثقفين” ذوي آراء واتجاهات مختلفة وخصوصاً في عالم السياسة، فهنا سنرى العجب، والداء مُشخَّص منذ القديم ، فالبعض يحضرها، كما يقول الغزالي ـ وحديثه عن علماء عصره ـ لأجل ” الغلبة والإفهام وإظهار الفضل والشرف والتشدّق عند الناس وقصد المباهاة والممارات (الجدال) واستمالة وجوه الناس” ، ومن ثم يصفها بأنها ” منبع الأخلاق المذمومة عند الله”، وفي هذه الجلسات يكون الجدل والنقاش أحيانا كثيرة، مقصودين لذاتهما وليس للتوصل إلى نتيجة أو حل للموضوع أو المشكلة المطروحة، فهَمُّ ” المثقف” استعراض ما يمتلكه من معلومات ـ إن كان يمتلك ـ والمباهاة بها، وهنا تصدق الآية الكريمة بحقهم :” ما ضربوه لك إلاّ جدلا بل هم قوم خصمون” ( الزخرف، آية 58). والغالب على هذه المناظرات وأهلها التعصب للآراء، فواحدهم دائماً على حق والآخر أو الآخرين على باطل وصدره ضيقا لا يتسع لرأي مخالف أو حجة تناقض ما ذهب إليه وإنْ أنت ناقشته واضعاً نصب عينيك الآية الكريمة “وجادلهم بالتي هي أحسن” فلا تعتقد ـ عزيزي القارئ ـ بنفع ذلك فصاحبنا ” المثقف” لن يفسّر الأمر إلاّ على انه استهداف لذاته، تعدٍ عليه وطعن به. يـُفرِّق الأقدمون بين شكلين من التعصب كلاهما مذموم بسبب وحدة النتيجة:  التعصب للحق والتعصب للباطل .يشخِّص الإمام الغزالي الأمرين بدقّة ويرسم صورة متكاملة من فعل ورد فعل، يقول في الأول “…فإنهم (العلماء) يبالغون في التعصب للحق وينظرون إلى المخالفين بعين الازدراء  والإستحقار، فتنبعث منهم (أي المخالفين) الدعوى بالمكافأة والمقابلة والمعاملة، وتتوفر بواعثهم على نصرة الباطل، ويقوى غرضهم في التمسّك بما نـُسبوا إليه، ولو جاءوا (أي العلماء) من جانب اللطف والرحمة ونصح في الخلوة، لا في معرض التعصب والتحقير، لنجحوا فيه ولكن لمّا كان الجاه لا يقوم إلاّ  بالإستتباع ولا يستميل الأتباع مثل التعصب واللعن والشتم للخصوم، اتخذوا التعصب عادتهم وآلتهم (سلاحهم) وسمّوه ذبّاً ( دفاعاً) عن الدين ونضالاً عن المسلمين وفيه ـ على التحقيق ـ هلاك الخلق ورسوخ البدعة “. وفي التعصب للباطل يقول الإمام الغزالي:”…فانظر إلى مناظري زمانك اليوم كيف يسوّد وجه أحدهم إذا اتضح الحق على لسان خصمه وكيف يخجل منه وكيف يجهد في مجاحدته بأقصى قدرته وكيف يذم من أفحمه طول عمره….” . إن لكل شيء نهاية وما كانت تنتهي به اجتماعات التعصب للحق أو الباطل واحدة، وما كان يحدث في زمان الغزالي يحدث اليوم وغداً ويبقى أبد الدهر في مجتمعاتنا، فهو يقول : إن تعصبهم هذا يجُرّهم إلى ” الخصام المؤدي إلى الضرب واللكم واللطم وتمزيق الثياب والأخذ باللحى وسب الوالدين والقذف الصريح” (5) . وليس لدي تعليق ولا إضافة على كلام الغزالي وكيف ؟ وبعد، فإني اختم مقالتي هذه بأمرين الأول: أخاطب به مثقّفينا، وخصوصاً فئة المتكلمين باسم الدين، وفئة السياسيين، ليلتفتوا إلى أنفسهم. هناك العديد من الأسئلة ينبغي عليهم التحري عن أجوبة/حلول :ماذا يريدون؟ ما هو هدفهم؟ جماعات كانوا أم أفرادا ، هل هو العمل من أجل المجتمع ؟ حريّته/تحرره، تطوّره، تقدّمه، ليبدءوا بأنفسهم إذا :تحريرها من قيود مشوِّهة بل ومهينة لهم فرضوها على أنفسهم بأنفسهم. الثاني:  بما افتتح به الجاحظ كتابه ” البيان والتبيين”، يقول: “اللهم إنّا نعوذ بك من فتنة القول كما نعوذ بك من فتنة العمل، ونعوذ بك من التكلف لما لا نُحسن كما نعوذ بك من العُجْب بما نحسن، ونعوذ بك من السّلاطة والهذر كما نعوذ بك من العي والحصر . وقديماً ما تعوذوا بالله من شرِّهما وتضرّعوا إلى الله في السلامة منهما” (6) . الحواشي 1 ـ وقد حذّر الرسول الكريم من هذا الأمر؛ أن يبلغ الشخص بطريقة عرضه، غايته الغير عادلة والمشروعة قال (ص) :” إنما أنا بشر وإنكم تختصمون إليّ ولعل أحدكم أن يكون ألحن بحجته من صاحبه فأقضي له على نحو ما أسمع فمن قضيت له بشيء من حق أخيه فإنما أقطع له قطعة من النار” وكلمة “اللَّحن” لها عدّة معان. والمقصود منها في الحديث : الفطنة، ومن ثم الإستطاعة على التلاعب بالألفاظ وتنميق الحجج . 2 ـ مقاتل الإنسان ( واحدها مقتل)، هي المواضع التي أذا استـُهدفت من جسد الإنسان قتلته. المعنى المجازي هنا : ضرب علم الشخص فما عاد ينفع لشيء. عبد الله بن عباس: ابن عم الرسول (ص)، صحابي، يُدعى ب ” حبر الأُمة ” لعلمه. ت68 هـ /687 م 3 ـ الشعبي عامر بن شراحيل، من التابعين. ت 103 هـ / 721 م. مُحدِّث، فقيه، شاعر.نشأ ومات في مدينة الكوفة. 4 ـ سفيان الثوري، يُوصف بأنه: سيد أهل الحديث وسيد أهل زمانه في علوم الدين والتقوى. ت 161 هـ /778 م. ولِد ونشأ في الكوفة، مات في البصرة .  ـ الإمام مالك بن أنس، إمام دار الهجرة، مؤسس المذهب المالكي. ت 179هـ /795 م. مولده ووفاته في “المدينة” المنوّرة . ـ الإمام أحمد بن حنبل، مؤسس المذهب الحنبلي. ت 241 هـ / 855 م .مولده ووفاته في بغداد . ـ الفُضيل بن عياض، ثقة في الحديث، وكان الإمام الشافعي من بين من أخذ عنه ،ت 187 هـ/803 م. وُلِد في سمرقند، أصله من الكوفة، سكن مكة وبها مات، شيخ الحرم المكّي في زمانه. ـ بِشر بن الحارث، من ثقات رجال الحديث ومن أكابر الزهّاد الورعين ، ت 227 هـ/841 م .من أهل مدينة مرو، سكن بغداد وبها مات. 5 ـ القَذْف : السب ، رمي المرأة بالزنا . المعنى المقصود هنا : سب الرجل بنسبة فعل الزنا إلى زوجته أو أمه… . 6 ـ السلاطة: حدّة اللسان والصخب .   ـ الهذر: كثرة الكلام في خطأ .   ـ العي: الجهل ، مرادفة لكلمة حصر.   ـ الحَصَر: ضرب من العي، وهي: العجز، خلاف البيان ، عدم القدرة على الكلام .  المصادر ـ إحياء علوم الدين، الإمام أبو حامد الغزالي. ـ أدب الدين والدُّنيا، أبو الحسن الماوردي. ـ العقد الفريد، ابن عبد ربه الأندلسي. ـ البيان والتبيين، أبو عمرو الجاحظ . ـ ألأعلام، الزركلي . ـ لسان العرب، ابن منظور.


تألق تونسي في مسابقة دولية للقران الكريم بطهران

 
تونس 21 أوت 2007 (وات) – أحرز الشاب التونسي لطفي الجويني المرتبة الرابعة في الدورة الرابعة والعشرين للمسابقة الدولية لحفظ القران الكريم وتلاوته التي انتظمت مؤخرا بالعاصمة الإيرانية طهران. وتعد هذه المرتبة مشرفة إذ شارك في المسابقة الدولية 53 متسابقا مثلوا مختلف البلدان العربية والاسلامية. ويشغل المترشح التونسي إطارا بوزارة الشؤون الدينية بخطة إمام خمس في المسجد العتيق بمنزل بورقيبة. وتجدر الإشارة إلى انه تجسيما للرعاية الرئاسية بالقران الكريم تسهر وزارة الشؤون الدينية على تاطير المترشحين التونسيين في هذه المسابقات وتقيم لفائدتهم في المعهد الأعلى للشريعة بتونس دروسا في حفظ القران الكريم وحسن تلاوته وتفسيره على ايدى أساتذة متخصصين في علوم القراءات والتفسير. (المصدر: وكالة تونس افريقيا للأنباء (رسمية) بتاريخ 21 أوت 2007)

الرئيس زين العابدين بن على يقرر إجراء حركة في سلك الولاة

 
قرطاج 22 أوت 2007 (وات) – اتجه اهتمام الرئيس زين العابدين بن علي لدى اجتماعه صباح الأربعاء بالسيد رفيق بلحاج قاسم وزير الداخلية والتنمية المحلية إلى سير نشاط مختلف هياكل الوزارة وبرامجها خلال الفترة القادمة. واطلع رئيس الدولة في هذا السياق على تقدم تنفيذ برنامج العطلة الآمنة مؤكدا بهذه المناسبة على إحكام تدخلات الأطراف المعنية بالمرور ومزيد تفعيل دور النسيج الجمعياتي للوقاية من حوادث الطرقات والتقليص من فواجعها وخسائرها الاجتماعية والاقتصادية. واهتم سيادة الرئيس كذلك بجدول أعمال الندوة الدورية القادمة لولاة الجمهورية مؤكدا بالمناسبة على أهمية دور الجهات في تحقيق أهداف وتوجهات المخطط الوطني الحادي عشر للتنمية. وأعلن وزير الداخلية والتنمية المحلية من جهة أخرى أن سيادة الرئيس قرر إجراء حركة في سلك الولاة تم بمقتضاها نقل ولاة بمثل خطتهم وهم السادة / محمد بن سالم من ولاية باجة إلى ولاية صفاقس كمال الصمعي من ولاية صفاقس إلى ولاية باجة كمال بن علي من ولاية مدنين إلى ولاية منوبة نجيب برك الله من ولاية القيروان إلى ولاية مدنين ياسين بربوش من ولاية توزر إلى ولاية القيروان كما قرر سيادة الرئيس تعيين السيدين محمد رضا بلحاج واليا على تطاوين وصلاح رمضان واليا على توزر.  
(المصدر: وكالة تونس افريقيا للأنباء (رسمية) بتاريخ 22 أوت 2007)

الرئيس زين العابدين بن على يقرر إدخال حركة جزئية في سلك الكتاب العامين للجان التنسيق

 
قرطاج 21 أوت 2007 (وات) – اجتمع الرئيس زين العابدين بن علي ظهر الثلاثاء بالسيد الهادى مهني الأمين العام للتجمع الدستورى الديمقراطي الذي قدم لسيادة الرئيس تقريرا حول نشاط التجمع خلال الفترة المقبلة وخاصة الاستعداد للأحداث الوطنية والسياسية المرتقبة. ومن جهة أخرى أعلن الأمين العام للتجمع أن الرئيس زين العابدين بن علي قرر إدخال حركة جزئية في سلك الكتاب العامين للجان التنسيق عين بمقتضاها السادة محمد شكرى بن عبدة كاتبا عاما للجنة تنسيق تونس المدينة نوفل المرشاوى كاتبا عاما للجنة تنسيق المنزه. عبد الرؤوف الكلابي كاتبا عاما للجنة تنسيق بن عروس محمد الطاهر الخماسي كاتبا عاما للجنة تنسيق الكاف عبد الباسط بن محمد عبد الصمد كاتبا عاما للجنة تنسيق قبلي محمد التائب كاتبا عاما للجنة تنسيق تطاوين. (المصدر: وكالة تونس افريقيا للأنباء (رسمية) بتاريخ 21 أوت 2007)

بعد أن تراجعت خسائر القطاع من 70 الى 30 مليون دولار …

تونس تخصص أكبر شركات التأمين

 
تونس – سميرة الصدفي      باشرت تونس خطوات تخصيص «الشركة التونسية للتأمين وإعادة التأمين» (ستار)، الأكبر محلياً في القطاع، ضمن خطة التخصيص التي أطلقتها في 1986. وأظهرت إحصاءات حديثة أن خسائر شركات التأمين التونسية تراجعت من 91 مليوناً (70 مليون دولار) في 2004 إلى 58 مليون دينار (40 مليون دولار) في 2005 ثم إلى 42 مليون دينار (30 مليون دولار) العام الماضي. وعزا التقرير السنوي هذا التراجع إلى تحسين مؤشر قطاع التأمين على السيارات، الذي يشكل أكثر من 35 في المئة من نشاط التأمين. وستخصص «ستار» بإدراج 30 في المئة من أسهمها في السوق المالية. وتزامنت هذه الخطوة مع بيع 30 في المئة من أسهم مصانع الشركة التونسية للزجاج في المنطقة الصناعية في جنوب العاصمة تونس. وتتنافس ثلاث شركات على الصفقة، وهي مجموعة «سان غوبان» الفرنسية، التي سبق أن اشترت مصنعي زجاج في الجزائر، و «الشركة المغربية لاستثمار الزجاج» (سيفام)، وشركة إيطالية لم يُكشف اسمها. وبلغت عائدات التخصيص لـ 205 مؤسسات أكثر من 5.5 بليون دينار (4 بلايين دولار)، غالبيتها ناتجة من بيع 51 في المئة من أسهم شركة الاتصالات الوطنية، لمجموعة «تيكوم ديج» الإماراتية. وحل القطاع الصناعي في المرتبة الثانية من حيث الإيرادات. وما زالت هناك مؤسسات كبيرة معروضة للتخصيص في مقدمها مصانع «الشركة الوطنية لإطارات السيارات» (ستيب)، التي دمرتها التجارة الموازية وورش «الشركة الوطنية لتجميع السيارات» (ستيا). وترتبط خطوة تحرير قطاع الخدمات، باتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوروبي الموقع في 1995، والذي يقضي بإنشاء منطقة للتبادل الحر في 2012، ويشكل تحرير الخدمات المرحلة الثانية من الاتفاق بعد تحرير تبادل المنتجات الصناعية في المرحلة الأولى. كذلك تعتزم الحكومة بيع حصتها في كل من «الشركة التونسية السعودية للاستثمار الإنمائي» (ستوسيد)، و «بنك تونس والإمارات» بعدما باعت حصتها في «البنك التونسي الكويتي» المقدرة بـ 50 في المئة من رأسمال المصرف. وتحولت المصارف الثلاثة في السنوات الأخيرة من مصارف تنمية إلى مصارف تجارية. وفي الإطار ذاته استكملت تونس تخصيص «البنك الفرنسي التونسي» في ثالث خطوة من نوعها، بعد تخصيص «الاتحاد الدولي للبنوك» في 2004، و «بنك الجنوب» العام الماضي، وهما مصرفان تجاريان كانت تسيطر المؤسسات العامة على غالبية رأس مالهما. (المصدر: صحيفة “الحياة” (يومية – لندن) الصادرة يوم 22 أوت 2007)

للمرة الثالثة على التوالي: نقابة السوق الماليـة تلوّح بالإضراب بعد فشل المفاوضات مع الإدارة

 
تونس/الصباح طالب الاتحاد الجهوي للشغل بتونس والجامعة العامة للبنوك، السلط المعنية بـ «التدخل السريع لمعالجة الوضع الاجتماعي المتوتر» داخل هيئة السوق المالية. وقال بيان صادر عن الهيكلين النقابيين، تلقت «الصباح» نسخة منه، ان الطرف النقابي عمل على ايجاد الحلول الملائمة لفض عديد المسائل العالقة صلب هذه المؤسسة، غير ان الطرف الاداري «واصل تعنته ورفض مطالب اعوان الهيئة وموظفيها»، على حد تعبير البيان. مطالب اساسية.. وتتلخص مطالب العاملين والموظفين بهيئة السوق المالية، في جملة من النقاط، بينها احترام الحق النقابي، والتطبيق الفوري لكل ما تم الاتفاق بشأنه في محاضر جلسات موقعة بين النقابة وادارة الهيئة، سيما فيما يتعلق بالترقيات والقروض ومنح عيد الاضحى وغيرها، الى جانب تفعيل دور اللجنة التي عهد اليها صياغة القانون الاساسي وتفعيل دور اللجنة المتناصفة.. وتطالب النقابة في نفس السياق، باعادة النظر في المقاييس المعتمدة لمنحة الانتاج، وتمكين كافة الاطارات في التكوين بصورة عادلة وشفافة، وفقا لبرنامج متفق عليه بين الاطراف الاجتماعية. ولوّح الجانب النقابي بشن اضراب قانوني يومي الخامس والسادس من شهر سبتمبر القادم في صورة استمرار الادارة في تجاهل المطالب النقابية. ملفات.. ومقترحات وكانت انعقدت قبل فترة غير بعيدة، جلسة عمل حضرها ممثلون عن ادارة السوق المالية وتفقدية الشغل والجامعة العامة للبنوك والنقابة الاساسية لهيئة السوق المالية بالاضافة الى السيد بلقاسم العياري، الامين العام المساعد للاتحاد العام التونسي للشغل. وجرى التفاوض خلال هذه الجلسة حول جملة من الملفات الاساسية بينها الترقيات والقرض الشخصي والقانون الاساسي وغيرها. وعلمت «الصباح» من مصادر نقابية مختلفة، انه تم مد ادارة السوق المالية بقائمة اسمية من 22 موظفا لم تشملهم الترقيات لمدة تتراوح بين 3 و7 سنوات، واثر نقاش مستفيض وجدل بين الادارة والجهات النقابية اقترح السيد خالد التهامي ممثل التفقدية العامة للشغل والمصالحة ترقية نصفهم على ان تكون للبقية اولوية الترقية خلال اعمال اللجنة الاستشارية المتناصفة للمؤسسة في شهر ديسمبر القادم. وبخصوص القرض الشخصي اقترح المتفقد العام للشغل شرط التأمين على الحياة عوضا عن شروط الضمان المسبق الذي طالبت به الادارة عند اسناد القرض. وفيما يتعلق بالقانون الاساسي تم اقتراح تفعيل اللجنة المشتركة بين النقابة والادارة لصياغة القانون الاساسي.. مفاجــأة.. غير ان الطرف النقابي، فوجئ برفض رئيسة هيئة السوق المالية لهذه المقترحات.. وقال احميدة العياري الكاتب العام للنقابة الاساسية للهيئة في تصريح لـ«الصباح» انه بالاضافة  الى تعنت الادارة ورفضها المقترحات النقابية والمقترحات التوفيقية التي قدمها ممثل تفقدية الشغل، «عمدت رئيسة الهيئة الى نقل عشوائية تعسفية للعديد من الموظفين والاطارات كرد فعل على تمسكهم بمطالبهم». واوضح العياري ان هذا المناخ الاجتماعي المتوتر من شأنه ادخال الاضطراب على سير العمل صلب البورصة، التي تحتاج الى جهود كبيرة لتنشيطها وحفز المستثمرين والناشطين في السوق الماليـــــة، دعما لاقتصـــــاد البــــلاد. وحمل العياري رئيسة هيئة السوق المالية «مسؤولية فشل المفاوضات والتداعيات التي يمكن ان تنجر عن ذلك» على حد قوله. تحرك صلب الموظفين.. وفي تطور لافت علمت «الصباح» ان اعوان وموظفي هيئة السوق المالية، وقعوا على عريضة تطالب ادارة المؤسسة بايجابية اكبر في التعامل مع ملفاتهم ومطالبهم. ونصّت العريضة التي حصلت «الصباح» على نسخة منها، على امتعاض الموظفين واستيائهم من الطريقة التي تعاملت بها الادارة مع مطالبهم وحقوقهم. وتعد هذه اول مرة، يتحرك فيها الموظفون والاعوان بهذا الشكل، مما يعني ان المناخ الاجتماعي شديد التوتر صلب هذه المؤسسة. من جهتها حاولت «الصباح» الحصول على تصريح من رئيسة هيئة السوق المالية لكن الاتصالات التي اجريناها لم تسفر عن نتائج تذكر. الجدير بالذكر ان هذه المرة الثالثة التي قد تلجأ فيها النقابة الاساسية لهيئة السوق المالية، للاضراب وهو ما بات يستوجب تدخلا من الاطراف المعنية في الحكومة والقيادة النقابية لانهاء هذه الازمة ووضع حد لحالة الاضطراب السائدة في اوساط الموظفين واعوان هيئة السوق المالية. صالح عطية (المصدر: جريدة “الصباح” (يومية – تونس) الصادرة يوم 22 أوت 2007)

في آخر تطور لأزمة الاتحاد العام لطلبة تونس: اقتحام مقر المنظمة الطلابية وإلحاق أضرار بتجهيزاته

 
تونس-الصباح:اتصلنا بـبيان صادر عن الاتحاد العام لطلبة تونس يعلم فيه عن حصول اعتداء على المقر المركزي للاتحاد وذلك خلال الليلة الفاصلة بين يومي 16 و17 أوت الجاري وحسب البيان فقد “قام الجناة بخلع الباب الرئيسي وتهشيم أبواب كل من مكتب الأمين العام ومكتب  الاعلامية، كما تم الاستيلاء على عدد كبير من وثائق الاتحاد سواء منها المرتبطة بالتسيير الإداري أو المالي”. وقد خلف الاقتحام حسب ما ورد بالبيان أضرارا كبيرة بتجهيزات المقر. وأدان المكتب التنفيذي للاتحاد في ذات البيان الذي تلقت “الصباح” نسخة منه، ما وصفة بـ”الاعتداء الوحشي والهمجي وللتعاطي الانتقامي مع المنظمة الطلابية.” معتبرا أن “هذا الاعتداء لن يزيد المكتب التنفيذي إلا إصرارا على مواصلة المسار التوحيدي للاتحاد العام لطلبة تونس.” وأضاف “إن ما تعرض له مقر الاتحاد يعكس عقلية انتقامية تعبر عن إفلاس من ورائها ويؤكد نجاعة ونجاح المسار الموحد للمؤتمر القادم للمنظمة الطلابية.” وقد استفدنا وفق ما صرح به عضو من المكتب التنفيذي للاتحاد أنه تم رفع قضية في الغرض لتتبع الجناة قضائيا، وأكد أن عملية الاقتحام “تورط فيها طرف سياسي فقد أغلبيته داخل المنظمة الطلابية وهو يقف حاليا ضد المسار التوحيدي للمؤتمر القادم للاتحاد.” وتأتي هذه المستجدات على خلفية ما يتعلق بالأزمة التي تعيق الإعداد لمؤتمر توحيدي لاتحاد الطلبة، والتي ازدادت استفحالا بعد نشوب خلافات حالت دون تطبيق الاتفاق الحاصل منذ بداية شهر أفريل الماضي بين مختلف التيارات الطلابية الممثلة داخل ما يسمى بـ”اللجنة الوطنية المشتركة للتحضير للمؤتمر الموحد” التي تشكلت لمناقشة سبل عقد مؤتمر موحد تشارك فيـه جل الحساسيات والاتجاهات الطلابية. وكان تيار طلابي يتزعمه خمسة أعضاء من المكتب التنفيذي الحالي للمنظمة الطلابية انسحب من عضوية اللجنة المذكورة بتعلّة عجزها عن تنفيذ اتفاق أفريل خصوصا في ما يتعلق بإنجاز الانتخابات الجزئية المتبقية وانجاز مؤتمر توحيدي. ومنذ ذلك الوقت تهدد المجموعة المذكورة بعقد مؤتمر الاتحاد مع نهاية شهر أوت الجاري. رفيق بن عبد الله (المصدر: جريدة “الصباح” (يومية – تونس) الصادرة يوم 22 أوت 2007)

حسب مسح للبعثة الاقتصادية الفرنسية عدد المؤسسات الفرنسية يناهز 1100 في تونس حاليا

 
تونس-الصباح تشير نتائج آخر مسح لعدد المؤسسات ذات رأسمال او مساهمة فرنسية منتصبة في تونس والذي اعدته البعثة الاقتصادية الفرنسية بتونس الى تواجد نحو 1.1 ألف مؤسسة ناشطة ثلثها في شكل فروع لمؤسسات منتصبة بفرنسا و10% من هذه الاخيرة ذات رأسمال 100% فرنسي، حيث توفر المؤسسات ذات رأسمال او مساهمة فرنسية ما يناهز 102 ألف فرصة عمل. واضاف هذا المسح الى ارتفاع طفيف لعدد الفروع الفرنسية المنتصبة في تونس مقارنة بسنة 2004 حيث تفسر البعثة الاقتصادية الفرنسية الفارق بين عدد الفروع المنتصبة في تونس والتابعة لمؤسسات أم فرنسية الى اهتمام الفرنسيين الخواص بالاستثمار في تونس. وبلغ عدد المشاريع الفرنسية المنجزة في تونس خلال العام الماضي 169 بين مشاريع توسعة وبعث مؤسسات جديدة حيث ارتفع تدفق الاستثمارات الاجنبية المباشرة الفرنسية على تونس السنة الماضية بنسبة 58.3% مقارنة بسنة 2005 ومكنت من بعث اكثر من 4.6 آلاف فرصة عمل جديدة. وتقدر الاستثمارات الفرنسية الجملية المنجزة في تونس بما يناهز 1.14 مليار دينار 77% منها منجزة في قطاع الصناعات المعملية (895 مؤسسة) خاصة في صناعة النسيج (32% ) وصناعة الكهرباء (17%) فيما يأتي القطاع السياحي في الدرجة الثانية من حيث اهمية الاستثمارات الفرنسية في تونس. وتمثل فرنسا الشريك التجاري الرئيسي لتونس بتسجيلها خلال سنة 2006 اكثر من 9.44 مليار دينار من المبادلات مسجلة نموا بـ11%  مقارنة بسنة 2005 حيث استأثرت السوق الفرنسية بـ32.2% من الصادرات التونسية متمثلة بدرجة اولى في منتوجات صناعة الميكانيك والكهرباء وصناعة النسيج والجلود بينما تؤمن فرنسا 22.7% من الواردات التونسية اغلبها مواد تجهيز وقماش. كما تمثل فرنسا السوق السياحية الاولى لتونس والسوق المالية الرئيسية لرفع الاموال. نبيل الغربي (المصدر: جريدة “الصباح” (يومية – تونس) الصادرة يوم  أوت 2007)

خاص بالصباح: في دراسة جديدة للمرصد الوطني للشباب تنامي الظواهر السلوكية المنحرفة لدى الشباب

 
تونس ـ الصباح مواصلة لمنهج الدراسة والتحليل والمتابعة والتقييم التي يعتمدها المرصد الوطني للشباب انطلاقا من دلالات تسميته «المرصد» وكذلك تماشيا مع الاهداف التي بعث من اجلها وفي اطار سلسلة من الدراسات الخاصة بمواضيع تهم الشباب انتهى المرصد مؤخرا من انجاز دراسة تهم «الظواهرالسلوكية الجديدة لدى الشباب: من التشخيص الى استشراف آليات الوقاية» وقد حصلت «الصباح» على نسخة من هذه الدراسة وسنحاول في هذه الورقة التطرق الى اهم نتائجها. بالاضافة الى الاجراءات المتخذة في اطار مزيد التعمق في هذه الدراسة بعد التأكيد على ذلك خلال عرض نتائجها في جلسة عمل وزارية في شهر افريل الفارط. قبل ذلك وفي اطار التذكير باهداف انجاز هذه الدراسة نشير الى انه تم ضبط 4 اهداف اساسية لدراسة الظواهر السلوكية الجديدة لدى الشباب: اولا لتحديد انواع الانحراف وتحليل اسبابه وثانيا للمساهمة في تحيين الآليات الموجودة والخاصة بالوقاية من الانحراف وثالثا من اجل ضبط مؤشرات القصور في الوظيفة التربوية للمؤسسات الاجتماعية ثم اقتراح مناهج وقاية واحاطة وتقديم توصيات ومداخل علمية يمكن ان توظف كآليات للوقاية من الانحراف. وقد شملت عينة العمل الميداني 50 شابا وفتاة ممن تتراوح اعمارهم بين 15 و18 سنة وينتمون الى اقاليم تونس الكبرى والشمال الشرقي والشمال الغربي ممن تورطوا في افعال مخالفة للقوانين افضت الى ايداعهم بالمؤسسة الاصلاحية. وبالاضافة الى تقنية الاستمارة تجدر الاشارة الى انه تم الاعتماد على تقنية المقابلة نصف الموجهة والتحاور مع المستجوبين الى جانب محادثات مع ممثلي الوزارات المعنية على غرار وزارة العدل وحقوق الانسان ووزارة الشؤون الاجتماعية ووزارة الشباب ووزارة شؤون المرأة والاسرة والطفولة والمسنين. تشخيص الظاهرة افضت نتائج دراسة الظواهر السلوكية الجديدة لدى الشباب الى ان الظواهر السلوكية المنحرفة لديهم متعددة و متنوعة غير ان تناميها يبرز بالخصوص في مجالات جرائم السرقة والعنف والمخدرات والجرائم الاخلاقية وظاهرة التشرد وجرائم الكحول فضلا عن الجرائم المرتبطة بالتظاهرات الرياضية بالاضافة الى ما يتضمنه الوسط المدرسي من بعض مظاهر السلوك الانحرافي. في المقابل تشير الدراسة  الى ان تشخيص ظاهرة الانحراف في صفوف شبابنا بقدرما يدعونا الى مزيد الاهتمام بهذه الظاهرة والعمل على الاحاطة بهذه الفئة من الشباب فانه لا يدعو الى التهويل والحيرة. في هذا السياق تورد الدراسة انه استنادا الى المعطيات الاحصائية الصادرة عن وزارة العدل وحقوق الانسان تشير الى ان نسبة القضايا المتعلقة بالاطفال واليافعين ومن هم دون سن العشرين لا تمثل سوى 2% من مجموع القضايا التي تم فصلها خلال السنة القضائية 2003-2004 والتي بلغت حوالي 12 الف و273 قضية في مجموع 614 و864 قضية. اسباب الانحراف تنتج السلوكيات المنحرفة لدى شبابنا عن عوامل معقدة ومركبة تشمل ما هو صحي نفسي وما هو اجتماعي مادي وحضاري. وتشير نتائج الدراسة في هذا السياق الى وجود اسباب ذات علاقة بالحياة الاسرية على غرار تواضع ظروف مستوى عيش الاسر والخلافات الزوجية واعتماد العنف لفض النزاعات والنزاعات بين الاباء والابناء وضعف فرص التواصل والحوار داخل الاسرة. توجد كذلك اسباب ذات علاقة بالحياة الدراسية من قبيل الانقطاع المبكر عن التعليم واللجوء الى منطق الزجر في طريقة التعامل مع الخروقات داخل السياق المدرسي مما يؤدي الى ارتفاع نسبة المنحرفين المفترضين (délinquants potentiels) وتعسر مهمة التأهيل المدني لهذه الشريحة من المجتمع. وفي باب الاسباب الاقتصادية والاجتماعية نجد عدم توصل مسالك التكوين المهني الى استيعاب المسرحين من التعليم وصعوبة الحصول على شغل بسبب قلة المؤهلات المهنية وتدني المستوى التعليمي الى جانب قلة وجود الجمعيات المختصة  القادرة على الاحاطة والتأهيل مقابل وجود شبكات لاستقطاب الفتيات الجانحات حال الافراج عنهن ووجود كهول يستغلون بعض الاطفال في التسول او البيع الممنوع او الجنس ويخضعونهم لضغوطات ومعاملات زجرية يصعب غالبا على الحدث تجاوزها. اشكاليات في التعامل مع الظاهرة تشير نتائج دراسة السلوكيات الجديدة لدى الشباب الى ان التعامل مع الظواهر المنحرفة يتطلب جهدا كبيرا وبالرغم من المجهودات المبذولة والامكانيات التي وضعتها الدولة فان عديد الاشكاليات تحول دون تحقيق الاهداف المنشودة ولعل من اهمها: ـ اضطلاع قضاة التحقيق بالقضايا الخاصة بالاطفال الى جانب القضايا التحقيقية الخاصة بالرشد بما يشكل عبءا ثقيلا يوثر سلبا على ادائهم. ـ كثافة القضايا الجزائية تحول دون تطبيق العقوبات البديلة باعتبارها تابعة لمجال التفريد العقابي الذي يتطلب تمعنا في شخصية المتهم وتثبتا من مدى ملاءمة تلك العقوبة له. ـ عدم تمكن الشرطة العدلية من التعهد بمختلف حالات الجنوح باعتبار اتساع مشمولاتها ومحدودية امكانياتها وبالتالي فان عملية التعهد تتم غالبا عن طريق اعوان غير مختصين. ـ ضعف التنسيق والتكامل في الادوار بين الاطراف المتدخلة في مجال الاحاطة بالاحداث ورعاية صنف الشباب المقصود بهذه الدراسة في ظل غياب قطب مركزي ينسق ويوجه ويحكم ويدعم الاطراف المعنية ماديا وفنيا وهو ما يجعل المؤسسات المكلفة بالاحاطة في حاجة اكيدة الى «مرجعية تقييمية». ـ افتقاد بعض الهياكل الاجتماعية والتربوية المعنية بادماج الاطفال الى مشاريع بيداغوجية مؤسساتية توجه تدخلاتها وتضبط اهدافها العامة والعملية بما يضمن حقوق الطفل في الحماية الاجتماعية والقضائية. ـ صعوبة معالجة ظاهرة الادمان على  المواد المخدرة اذ ان المؤسسات المتوفرة لا تستجيب في وضعها الحالي للصيغ الخصوصية اللازمة ولا توفر للمدمنين امكانية الانتفاع بالخدمات الضرورية. متابعة نتائج الدراسة وفي اطار تعميق النظر في نتائج الدراسة وفقا لما اذن به رئيس الدولة وما تمخضت عنه جلسة العمل الوزارية الخاصة بالدراسة ينتظر ان يتم العمل على مزيد التنسيق بين الاطراف المعنية من خلال احداث فريق عمل صلب المرصد الوطني للشباب يتركب من ممثلين عن وزارات الداخلية والتنمية المحلية والعدل وحقوق الانسان والشؤون الاجتماعية والتضامن والتونسيين بالخارج والتربية والتكوين وشؤون المرأة والاسرة والطفولة والمسنين. سيتم كذلك العمل على التعمق في دراسة بعض ظواهر الانحراف لدى الشباب قصد تشخيصها والوقوف على اسبابها واستشراف آليات الوقاية منها..  منى اليحياوي (المصدر: جريدة “الصباح” (يومية – تونس) الصادرة يوم 22 أوت 2007)

الحركة الوطنية التونسية ومطلب الاستقلال (1881-1956): (2 من 4)

كتاب «تونس الشهيدة» ليس من تأليف الثعالبي الشخصي بل ثمرة مجهود جماعي

 
كنّا نشرنا في عددنا ليوم أمس الحلقة الأولى من الدراسة المطوّلة للأستاذ محمد لطفي الشايبي حول الحركة الوطنية التونسية ومطلب الاستقلال والتي كشف فيها الكاتب وثائق تاريخية نادرة عن الحركة الوطنية وذلك لأوّل مرّة. وفي ما يلي ننشر الحلقة الثانية من الدراسة.  II- ميلاد الحزب الحرّ الدستوري ومطلب الاستقلال (1918-1933): لقد سبقت ميلاد الحزب الحرّ الدستوري التونسي سنة 1920 عدّة اجتماعات ضمّت عناصر النخبة التونسية وفي مقدّمتهم الشيخ عبد العزيز الثعالبي بمقهى فرنسا بتونس ومقرّ النادي التونسي (Le Cercle Tunisien) بداية من شهر مارس 1919 أدّت إلى تأسيس الحزب التونسي33. ونتبيّن من خلال مراسلات الشيخ عبد العزيز الثعالبي (باريس) مع محمّد باش حامبة (جنيف-برلين) في الفترة المتراوحة بين 19 سبتمبر 1919 و25 أفريل 1920 أنّ تبادل الرأي شمل العديد من المواضيع المتعلّقة بنشاط الحزب التونسي نذكر منها مشروع نشر ” مجلّة تونس” باللغتين العربية والفرنسية، ضرورة إقحـام التونسييـن اليهود فـي العمل الوطني والمطـالبة بإدراج مطلب الاستقـلال ” بدون أيّ لُبْس في كتـاب الحزب : تونس الشهيدة، مطـالبها”34. ويتّضـح أن الطريقـة التـي انتهجهـا محمّد بـاش حـامبة أثنـاء إدارتـه لمجلّة المغـرب (La Revue du Maghreb) بسويسرا من سنة 1916 إلى 1918 ومطالبته باستقلال تونس والجزائر35 شكّلت مضمون جلّ الرسائل التي وجّهها إلى الشيخ عبد العزيز الثعالبي بباريس36، فقد كان موقفه صلبا إزاء المعتدلين أمثال حسن القلاتي ومحمّد نعمان محذّرا الشيخ الثعالبي بأنه ” لا يقبل أي تغيير في المبدإ الذي إلتزم به أي الاستقلال التام وتغيير نظام الحكومة (إلغاء الملكية)” (رسالة تحمل تاريخ 23-31 جانفي 1920). وعلى أيّة حال فإنّ مطلب الاستقلال أي حقّ الشعوب في تقرير مصيرها حسب ما نادت به مبادئ الرئيس الأمريكي ولسن التحرّرية التي هزّت آمال الوطنيين سرعان ما انهار إثر المستجدّات التي شهدتها الساحة الدولية والتي حصرت حقّ الشعوب في تقرير مصيرها في حلّ مشكلة القوميات الأوروبية فحسب مع حفاظ الامبراطوريتين الاستعماريتين الفرنسية والانقليزية على مكانتهما بدون أيّ مساس. وقد أورد أحد قادة الحزب الحرّ الدستوري البارزين في مذكّراته ملخّص الرسالة التي بعثها إليه الشيخ عبد العزيز الثعالبي في شهر فيفري 1920 والتي تشير ” إنه لم يعد الآن في الإمكان المطالبة بإلغاء نظام الحماية. فذلك قول لا يسمع له اليوم أحد إنّما يجب أن نطالب بإعلان الدستور التونسي، وأخذ زمام الحكم بأيدينا، وإدارة بلادنا بأنفسنا وتكتفي فرنسا بالإشراف والحماية الخارجية، كما هو منطوق ومفهوم معاهدة 1881″37. ويتّضح أن أعضاء اللجنة التنفيذية للحزب الحرّ الدستوري – الذي تأسّس في شهر مارس 1920 وأعلن عنه في شهر جوان – قد لمسوا التغيير الحاصل في موازين القوى بفرنسا لفائدة الأحزاب اليمينية في الانتخابات التشريعية (نوفمبر 1919). وتركّزت جهودهم على ترسيخ دعـائم الوطنية التونسية والمطالبة بدستور، وقد لاحظ البـاحث الأمريكي (Stuart Schaâr) حالـة الغليان السيـاسي والاجتمـاعـي التي خصّت الإيـالة التونسية إثـر الحرب والتـي ولّدت مـا عبّر عنه بالثقـافة السيـاسية الجمـاهيرية (Mass political cultural) 38. وهي دليل على تنامي الوعي الوطني كنتيجة لتفاعلات الحركة الأدبية والمسرحية والصحفية والجمعياتية التي شهدتها هذه الفترة 39. وإذا رجعنا إلى كتاب ” تونس الشهيدة” الذي اعتبرته السّلط الاستعمارية عملا مناوئا يهدّد حضورها في البلاد التونسية فإنّنا نجد أنفسنا مقيّدين بظروف تأليفيه وكثرة منتقديه. فتفحّص تقرير قاضي التحقيق بارون (Baron) – الذي مسك ملف اعتقال الشيخ عبد العزيز الثعالبي ووجّه إليه تهمة التآمر ضدّ أمن الدولة- ومذكّرات الصادق الزمرلي ومراسلات الشيخ الثعالبي مع رفاقه المحفوظة في المركز الفرنسي للأرشيف الديبلوماسي بنانت يجعلنا نعدّل بعض ما جاء حول دور الشيخ عبد العزيز الثعالبي في كيفية طرح مسألة المطالبة بالاستقلال علما أن كتاب ” تونس الشهيدة” لم يكن من تأليفه الشخصي بل أنه ثمرة مجهود ثلّة من رفاقه نخصّ بالذكر منهم علي كاهية والصادق الزمرلي وحمّودة المستيري وأحمد السقّا وحسن القلاتي والصادق التلاتلي40، إذ كان الشيخ عبد العزيز الثعالبي يتلقى تقارير ومذكّرات وملاحظات رفاقه – والتي لم تكن دائما منسجمة- ويسعى إلى صياغتها في مؤلف يمثل توجّه الحزب الناشئ حينذاك كما أشار إلى ذلك محمّد باش حامبة في رسالتيه المؤرّختين : الأولى في 16 نوفمبر 1919 والثانية في غرّة جانفي 1920. كما تؤكّد الرسالة المطوّلة (08 صفحات) التي وجّهها الشيخ محمّد الرياحي عضو الحزب التونسي إلى الشيخ عبد العزيز الثعالبي بباريس بتاريخ 17 فيفري 1920 أن كتاب ” تونس الشهيدة” كان محلّ نقد من العديد من رفاق الشيخ بتونس وتبرز مرّة أخرى مكانة محمّد باش حامبة في تحديد طرق عمل الحزب وبرنامجه. فقد ورد في الرسالة ما يلي: “(…) والآن أبشّرك أنّ تلك الهيئة الممثلة لجميع طبقات التونسيين اجتمعت للمرّة الثانية يوم الاربعاء العاشر من الشهر الجاري بزيادة السادة: فرحات بن عيّاد، صالح ابن العجوزة، أحمد الصافي، في محلّ اجتماعها الأوّل وبعد تلاوة محضر الجلسة الأولى وموافقة الثلاثة الذين لم يشهدوها على المحضر المذكور. “وقعت المداولة في ضرورة تعيين مجلس إدارة لهيئة المجتمعين فتقرّر إرجاء تعيين ذلك إلى أن يقع تحرير برنامج مدقّق لهذه الهيئة أو الحزب وحالا تشكّلت لجنة لإحضار البرنامج المذكور تتركّب من خمسة أشخاص وهم: الشيخ (أحمد بن محمّد) بورقيبة (رئاسة) أحمد الصافي، أحمد السقا، محمّد نعمان، محمّد الرياحي، كما تقرّر أن الجلسات التي تنعقد قبل إحضار البرنامج المذكور تسند في كلّ مرّة لشخص غير الذي أُعْطِيَتْ له سابقا وبمقتضى ما ذكر أُسْنِدَتْ رئاسة جلسة اليوم -العاشر- الجاري للسيّد أحمد حفيّظ وإثر فتح الجلسة نطق الصديق فرحات (بن عياد): أنه توجد أربع مكاتيب ثلاث منها وصلت من الشيخ عبد العزيز الثعالبي لبعض الأصدقاء والرابع مرسل من أخينا محمّد باش حامبة للشيخ عبد العزيز وجّهه الشيخ لتونس ليطّلع التونسيون على فكر الرّجل ويقدّرون وطنيّته حقّ قدرها وهذا الأخ الرياحي يتلوها عليكم إن قبلتم ذلك فأجابوا جميعا حبّا وكرامة. “فتلوت عليهم أوّلا مكتوب الأخ باش حامبة وكان له من التأثير في نفوس القوم ما لا أقدر على وصفه ولو كنت من أعظم البلغاء ثم تلوت عليهم كتابيْك للأخ فرحات المؤرّخين في 19 و26 من الشهر المنصرم وكتابك لي المؤرّخ في 20 منه فكانوا يهتفون عند تلاوتها بهذه العبارات: خدمة جليلة قام بها الشيخ؛ تونس مُدينة لإقدام هذا الرّجل البصير؛ قد فتح لنا هذا البطل طريق الوصول للسيادة وأزال ما فيه من كبير العقبات فهل نحن مجتازونه برباطة جأش متكاتفين ملتفين حول بعضنا. وعند انتهائي من التلاوة نطق حسن (القلاتي) بقوله: “إنّ أخينـا باش حامبة حذّر الشيخ من دسـائس “بريزون” (Dr.Bruzon) وأمثالـه وحثّه علـى الاعتمـاد على شـارل جيد (Charles Gide) والأخيار من رجال جمعية حقوق الانسان. وأنا لا أنكر ما لشارل جيد من القيمة الفائقة والمبادئ الصحيحة العادلة وأنّه أحسن عامل لإفادة التونسيين، لكنّي أقول أنّ “بريزون” (Bruzon) وإن كان من أضداد الاشتراكيين لكنّه رجل مخلص للتونسيين أيضا وقد كانت له علاقة متينة بفقيد الوطن أخينا علي باش حامبة. وقد بعث لي أخيرا هذا الرّجل الذي أعتقد إخلاصه كتابا شرح فيه فكره الخاص في كتاب “تونس الشهيدة”… وشرح لي بأنّ الكتاب رغما عمّا فيه من الحقائق التي لا تقبل الخدش فإنّه حرّر بلهجة قويّة فوق الحدّ. وأنّ مطالعه يشعر ببساطة تامّة أن الهيئة التونسية المحرّرة له ترمي لغاية واضحة وهي أنّ حكومة فرنسا يجب عليها أن تنفض يديها من البلاد التونسية وتنجلي عنها. وبذلك خسر التونسيون كثيرا من أحبّائهم في فرنسا الذين كانوا في استعداد تامّ للدّفاع عنهم، ثم قال حسن وإنّي أشاطره في هذا الفكر وأعتقد أنّ هناك أغلاطا في القسم التاريخي من الكتاب وشططا في بعض المطالب المدرجة فيه. “الرياحي (محمّد) : قوّة اللّهجة أمر ضروري في تأليف كهذا سواء أزعجت بريزون (Bruzon) وأترابه أو أغاظتهم. على أنّ مغتصبي الأمم لا يأملون (هكذا) وجود الملايين من المغتصبين. أمّا الأغلاط التي تشيرون إليها فإني أرجو منكم تشخيصها. “حسن (القلاتي): نعم توجد أغلاط ولكن أيضا هي تستدعي شروحا لا تسعها جلستنا هذه. “السقا (أحمد): بيّن لنا ولو شيئا قليلا منها. “حسن (القلاتي): يا أخي هناك بعض أغلاط على أنّي أعترف بأنّ مؤلّفي هذا الكتاب قاموا بخدمة عظيمة نحو وطنهم يستحقّون عليها مزيد الشكر. “نعمان (محمّد): الكتاب ثلثه قابل للنقد وثلثاه لا يمكن لأيّ أحد أن يخدش فيهما بحرف واحد. “صالح ابن العجوزة : من الواجب أن نبيّن الخطّة التي نتّبعها نحو الكتاب إذا حدّثنا في شأنه أحبابنا من الفرنساويين وغيرهم هل نحبّذه وننتقده في آن واحد وهذا ليس بمعقول أم نتبرّأ منه وهو عين الخذلان والتفرّق الذي جئنا هنا لإزالتهما. أم ندافع عنه بكلّ قوانا حسب الواجب الوطني المقدّس. “أحمد الصافي: لا يوجد تونسي عنده شيء من الإحساس ينازع في أنّ الشيخ عبد العزيز قام بخدمة جليلة نحو وطننا المنكود بكتاب “تونس الشهيدة” ويجب علينا أن نعتبر هذا الكتاب كالحجر الأوّل في أساس هيكل حزبنا. “حسن (القلاتي) : إنّي أعتقد أنّ هناك شيء من الغلط في الكتاب كان يسهل على الشيخ أو على أحبابه الذين طالعوا الكتاب قبل الطبع التقصّي فيه. واعتقادي هذا لا يحطّ من قيمته خصوصا إذا لاحظنا أنه لم ينزل من السّماء. “الرياحي (محمّد): بيّن أخي هذه الأغلاط وأرَحْنا من عناء هذه المناقشة على أنّي أظنّ أنّ الغلط الذي تَعْنُونَه بحضور في -1- تنويه الكتاب بحالتنا قبل الاحتلال واستحسانها -2- وفي طلب تَتَوْنَسْ الفرنساويين الذين ينتخبون للمشاركة في مجلس الأمّة التونسي. وأني جازم بأنّ هذين الأمرين يصعب جدّا التسليم باعتبارهما من نوع الغلط وقبيل الشطط لوجود أدلّة حيّة من التاريخين الماضي والحاضر تشهد بمعقوليتهما. “الجميّل (الطيب): إذا كانت كتب التاريخ التي اعتمدها الشيخ في تحرير القسم التاريخي من الكتاب سطّر أصحابها حوادث بلادهم قبل الاحتلال باستهتار أو غلط فالمسؤولية عليهم لا عليه. “الشيخ بورقيبة (أحمد بن محمّد): أرى أنّنا أطلْنا المناقشة في موضوع الكتاب وفي وسعنا أن نتركه على حدة ونشتغل بالمسائل التي اجتمعنا لأجلها. “الرياحي (محمّد) : كيف يمكن ذلك والكتاب هو الأثر الوحيد الذي يمكننا بواسطته إقناع الأمّة بأنّنا أهل لوضع ثقتها فينا ومدّ يد مساعدتها لنا خصوصا إذا علمنا أنّ ما جاء في الكتاب هو عين فكر الأمّة وعقيدتها وأنه أيقظ شعورها وأنهضها للمطالبة بحقوقها فلنتحدّ ونعمل لصالح وطننا بِخُلُوصِ نيّة. “غالب المجتمعين: هذا شيء ضروري ونحن على اتفاق تام فيه. “الرياحي (محمّد): حيث أنّنا متفقون فهذه هي ساعة العمل وهذا أخونا الأستاذ الثعالبي في باريس يطلب من الأمّة التونسية الإصداع بفكرها الناضج وقرارها البات. وأنّي أرى أحسن وسيلة لإبراز رأي الأمّة إنجاز مشروع العرائض الثلاث التي أشار لها الشيخ في مكاتيبه. فهل تسمحون لي بتلاوتها وتبتّون الرّأي فيها. الكلّ بلسان واحد : شنف أسماعنا. فتلوْت عليهم عريضة الأمير ثم عريضة السّفير ثم العريضة باسم الأمّة الفرنساوية وفي أثناء التلاوة تحمّس القوم وعمّ وجوههم البِشْر وأجمعوا بعد إتمام قراءتها على أنها آية من آيات الأقلام وأنّها فصل الخطاب وأنهم مستعدّون لإمضائها كلّ الاستعداد. وإثر ذلك رُفعت الجلسة بنيّة عقدها بعد إحضار البرنامج والإتيان بالبعض من إخواننا اليهود (مثل طيبي وبسيس وبشموط). “مولاي الأستاذ هذا ما أمكنني الآن عرضه عليك ورجائي أن يسرّك ويرضيك. أمّا البرنامج فإنّني أحقّق لك أنه لا يكون بقدرة الله إلاّ قبسة من تعاليمك. ثق بذلك يا سيدي لأنّ الإخلاص رائدنا والله على ما نقول وكيل (…)”41. إنّ هذا العرض المطوّل للرسالة يفرض نفسه بحكم المعلومات المصدرية التي احتوتها والمتعلّقة بظروف تأسيس الحزب الحرّ الدستوري التونسي والعمل الدعائي الذي سبقه من جهة وتحديد البرنامج وبالخصوص مسألة المطالبة بالاستقلال من جهة أخرى وتتجلّى كما أشرنا إلى ذلك سابقا أنّ الاتفاق حول ما تمّ صياغته في ” تونس الشهيدة” من تحاليل ومطالب لم يكن محلّ إجماع بالرغم من المجهود التوفيقي الذي بذله الشيخ عبد العزيز الثعالبي بين التيار المعتدل الذي يمثّله حسن قلاتي والذي يضع نشاط الحزب في إطار الحماية وليس خارجها والتيار الراديكالي الذي يمثله محمّد باش حامبة والذي يطالب جهرا بالاستقلال وإلغاء النظام الملكي. وكان الحلّ التوفيقي يتمثل في المطالبة بدستور كما ورد في كتاب “تونس الشهيدة”: ” إذا كانت الوصاية المفروضة على بلادنا ترمي حقيقة إلى هدف وحيد ونزيه للغاية ألا وهو الارتفاع بنا إلى “مستوى الشعوب القادرة على أن تحكم نفسها بنفسها” كما يطيب للحكومة والبرلمان بفرنسا الإعلان عنه وكما تصرّح بذلك معاهدات الحماية، فإن على فرنسا أن تقوم بواجبها الحتمي وذلك بأن تعدّل تعديلا جوهريا وبدون تأخير النظام المسلّط علينا والذي لم يتواصل إلى اليوم إلاّ على حساب كرامتنا وبواسطة القهر والارهاب والظلم وهي وسائل عادية محتومة بالنسبة للنظم المقامة على التعسّف والاستبداد (…)”42. علما أن ما ورد على لسان حسن القلاتي في خصوص استعمال كلمة “مؤلّفي الكتاب” يدعم فرضية التأليف الجماعي لكتاب “تونس الشهيدة” من جهة ويؤكّد اتفاقا مبدئيا أساسه أنه ليس بالإمكان إلغاء الحماية في ظروف ما بعد الحرب العالمية الأولى من جهة أخرى. ولذلك يجب التركيز في هذه المرحلة من الكفاح الوطني على المطالبة بدستور يضمن حقوق التونسيين ويمكّنهم من تسيير شؤون بلادهم باستثناء السّياسة الخارجية التي تعود بالنّظر، بمقتضى معاهدة الحماية الممضاة بقصر باردو إلى الحكومة الفرنسية. ورغم أنّ هذه المطالب التي تقتصر على إرساء الاستقلال الداخلي تمثل تراجعا في برنامج الحركة الوطنية التونسية الذي ورد في كتاب ” تونس الشهيدة” فقد تمّ تعديلها في شهر جوان 1920 تحت ضغط الجناح الإصلاحي للحزب في اتجاه أكثر مرونة واعتدالا. فأصبح بذلك برنامج الحركة الوطنية ولمدّة عدّة سنوات ينحصر في المطالبة بإصلاحات في نطاق الحماية. وتتمثل هذه الإصلاحات في النقاط التّسع التالية: أوّلا: مجلس تفاوضي مشترك بين التونسيين والفرنسيين، يملك حقّ وضع جدول أعماله. ثانيـا : حكومة مسؤولة أمام هذا المجلس. ثالثـا: الفصل بين السّلط التشريعية والقضائية والتنفيذية. رابعا: قبول التونسيين في جميع الوظائف العامة إذا استوت الكفاءات. خامسا: التساوي المطلق في المرتّبات بين التونسيين والفرنسيين. سادسا: إحداث مجالس بلدية في جميع المراكز التونسية يكون انتخابها بالإقتراع العام. سابعا: مشاركة التونسيين في ابتياع الأراضي الدولية المخصّصة للمعمّرين. ثامنـا: حرية الصحافة والاجتماع والتجمّع. تاسعا: التعليم الإجباري العام. غير أنّ هذا التراجع الذي اعتبره البعض تكتيكيا لم يمنع الإدارة الاستعمارية من إلصاق التهمة للحزب الحرّ الدستوري بأنّ ” الهدف من تكوينه هو الوصول إلى كسر قيود العبودية التي تكبّل تونس حتى يصبح الشعب التونسي شعبا حرّا ينعم بكلّ حقوقه. (…) هذه هي مبادئه وغايته. إنّ أساس البرنامج يعتمد نشاطا حثيثا موجّها نحو تلك الغاية وهي في المحلّ الأوّل، إنشاء دستور يعطي هذا الشعب حقّ حكم نفسه بنفسه حسب القوانين التي أقرّها المحسنين الأكثر إنصافا وقَبِلَها العالم المتحضّر”43. وهكذا يتجلّى أن الحزب الحرّ الدستوري التونسي سواء رفع شعار الاستقلال -ولئن كان بعيد المدى- أو لم يرفعه فإنّ الإدارة الاستعمارية تعلم أنّ الغاية التي ينشدها والطرق التي يتوخّاها تصبّ في نفس المطمح ألا وهو الانعتاق والظفر بالاستقلال. وتأكيدا لافتراضات الإدارة الاستعمارية، فقد تمكّن الحزب الحرّ الدستوري التونسي من القيام بعمل دعائي واسع النطاق عبر صحافته الناطقة بالعربية التي رسّخت مفاهيم الوطنية وسيادة الدستور. فإضافة إلى عودة صحف قديمة إلى الظهور منذ رفع قرار المنع (1 فيفري 1920) مثل “المنير” و”مرشد الأمّة” و”الصواب” و” المشير”، تأسّست صحف جديدة مثل “النديم” (12 فيفري 1921) و”لسـان الشعب” (28 ديسمبــر 1920) و”الوزير” (5 أفريـل 1920) و”الاتحـاد” (15 أوت 1920) و”العصر الجديـد” (21 ماي 1920)… وقد بلغ عدد الصحف التونسية الناطقة بالعربية ثلاثين سنة 1921. وكان جلّها يساند أطروحات الحزب الحرّ الدستوري سيّما أنّ الكثير من مديريها مثل محمّد الجعايبي (” الصواب”) والطيب بن عيسى (” الوزير”) والشاذلي المورالي (” المنير”) وأحمد توفيق المدني (مجلة “الفجر”) كانوا أعضاء في اللجنة التنفيذية للحزب. ونكتفي بالإشارة إلى بعض المقالات الصادرة بجريدة ” الصواب” والتي أكّدت على أهمية ” الدستور” وحدّدت مفهوم الوطنية. ففي العدد المؤرّخ في 30 جويلية 1920، يعرّف محمّد الجعايبي الدستور على النحو التالي: “يسألونك عن الدستور قل هو ضمانات وكفالات تنالها الأمم فتحميها من يد العدوان وتصونها من عبث الإطلاق وتجعل بينها وبين كلّ ظلوم غشوم سدّا لا تفعل فيه معاول الجور والارهاب. بل هو قانون أساسي يحدّد سلطة الحكومة ويمثّل نفوذ الأمّة ويرسم ما لها وما عليها من الواجبات كما يقرّر واجبات الملك وما هو مفروض عليه وأنه أن جرى مع تيّار القانون والنظام يكون غير مسؤول أو ملوم وحسبه أن ينفذ ما ارتآه الشعب تحت مسؤوليته بالإقتراع والتصويت ويكون قيّما على إدارة الأمّة حارسا للقانون حاميا للشرع العزيز (…)44”. وفي مقالة أخرى بتاريخ 12 جويلية 1924، يتناول محمّد الجعايبي حقيقة الذاتية التونسية وكيفية تطوّرها عبر التاريخ: “(…) من المعلوم أنّ البلاد التونسية قد تعاقبت عليها أمم كثيرة وأداروا شؤونها غصبا وقسرا بحيث أنها عاشت في أكثر أدوار حياتها مغلوبة على أمرها لكنها في كلّ فترة وهت فيها قوة المتغلب وتلاشت وحدته حكمت نفسها بنفسها وجمعت قواها لتأييد قوميتها وحفظ كيانها من عبث العابثين. “وأراني في غنى عن سرد التقلبات والحوادث بتبسيط في هذا الباب بل نكتفي بسلطة الرومان عليها فإن هذه السلطة بالرّغم من كونها عاشت طويلا وباضت وفرخت بشمال إفريقيا لم تستطع الدوام ولم يكن بوسعها قطّ ابتلاع الذاتية التونسية أو إبادة الجنسية الوطنية. “وبالرّغم من كون الأمة العربية والعنصر التركي تجمعهم مع سكان هذه البلاد رابطة الدين والمعتقد فإنهما لم يتمكنا من ابتلاع الذاتية التونسية ولم يقضيا على جنسيتها الأصلية وذلك أقوى دليل على ضعف أثر البيئة الأدبية وإن طال زمان الاختلاط. “ومن جهة أخرى فإنّ تأثير البيئة المكانية أيضا من أسباب الإخفاق إذْ نَقْلُ جِنْس من الأجناس إنسانا كان أو حيوانا أو نباتا من مسقطه إلى بلد مخالفة عن بلده فنى ولم يتحول كما أشار إلى ذلك الدكتور -قوستاف لوبون- وقال أن عشرة أمم فتحت مصر فكانت مصر مقبرة الجميع. “وهذا هو السر في ضياع جنسيات الفاتحين لتونس وتلاشيها وبقاء الجنسية التونسية برمتها فمحاولة الاندماج وتكوين دومينيون كما يحلم به قلاتي والضاربون على نغمة الحكومة فهو خور وهذيان (…) التونسيون وطنيون قبل كلّ شيء يودّون أن يكونوا سعداء في بلادهم أحرارا من كل قيد ليسوا بمذمومين ولا مدحورين ولا محرومين من إدارة شؤون بلادهم تحت رقابة مستقيمة ومخلصة. هذا ما يراه الشعب التونسي ويتطلع إليه بلهفة وشوق وهو أمر لا مندوحة عنه ولا مفرّ منه ما دام الاندماج من الخيالات المستحيلات والتونسيون وطنيون قبل كلّ شيء”45. ولئن فشلت قيادة الحزب الحرّ الدستوري التونسي في الحصول على مبتغاها لتحقيق الإصلاحات المنشودة حسب ما ذكرته النقاط التسع، فإنها تمكّنت من إثبات مرجعية متينة للوطنية التونسية والتي تعدّ من محدّدات النضال السياسي لفترة العشرينات من القرن الماضي. ذلك أنّ هذه المرجعية صمدت أمام ما انتاب الحزب من وهن إثر الإنقسام الداخلي (تأسيس الحزب الإصلاحي سنة 1921 ثم الحزب الدستوري المستقلّ سنة 1922 وهجرة الثعالبي إلى الشرق سنة 1923) والدسائس التي حاكها المقيم العام لوسيان سان46. وهي أيضا المرجعية التي ستتفاعل مع مستجدّات حرب الريف في المغرب الأقصى ونموّ العمل الجمعياتي من جهة وتحوّلات منعرج الثلاثينات من جهة أخرى47. ويبرز ذلك بالخصوص من خلال التقاء نشاط “جمعية قدماء الصادقية” عن طريق ناديها الأدبي (1925) الذي جمع ثلّة من المثقفين المشعّين أمثال زين العابدين السنوسي وعثمان الكعّاك ومصطفى آغة والشيخ الفاضل بن عاشور والشاذلي خير الله والطاهر صفر و”جمعية الشبان المسلمين” (1928) و”جمعية المستقبل التمثيلي” (1927) من جهة وتأسيس كلّ من “جمعية نجم شمال إفريقيا” (1926) و”جمعية طلبة شمال إفريقيا المسلمين” (1927) بباريس من جهة أخرى واللّتين كان لهما تأثير لا فقط على الأوساط الطلابية التونسية بفرنسا بل وصل صداهما إلى تونس وكانا محلّ مراقبة من قِبَل السلطات الاستعمارية48. وكانت المطالبة باستقلال تونس وبقية بلدان المغرب العربي أثناء أشغال مؤتمر “الرابطة ضدّ الاضطهاد الاستعماري والامبريالية” المنعقد ببروكسال بين 10 و 15 فيفري 1927 الحدث السياسي البالغ الأهمّية في تطور الخطاب الوطني التونسي49. وممّا زاد في انعكاسات هذا المطلب على الأوساط الوطنية التونسية أنه صدر عن أحد قادة الحزب الحر الدستوري المبعدين إلى فرنسا، الشاذلي بن خير الله بن مصطفى عضو اللجنة التنفيذية ومؤسّس جريدة Le Libéral (29 نوفمبر 1924-16 جانفي 1926) وأوّل رئيس لجمعية “نجم شمال إفريقيا” (1926-1929). وكان برنامج المطالب التي قدّمها باسم الجمعية نيابة عن بلدان المغرب يشمل مواصلة المجهود لتحقيق الاستقلال التام والتحرّر من ربقة الاستعمار وكذلك المطالب الخاصة المتعلقة بكلّ بلد. وكان القسم المتعلّق بتونس على النحو التالي: – استقلال الإيالة التونسية ورحيل جيش الاحتلال الفرنسي. – تكوين قوّة عسكرية تونسية. – اعتماد اللغة العربية لغة رسمية. – حجز البنوك وخطوط السكك الحديدية والموانئ والمصالح العمومية التي تسيطر عليها الشركات الأجنبية ووضعها على ذمّة الأمّة التونسية. – حجز الملكيات الفلاحية الكبرى التي تسيطر عليها الشركات الرأسمالية الخاصة والرجعيين أعوان الاستعمار. أمّا برنامج المطالب المتأكّدة فقد شمل: – إقرار برلمان متكوّن من نوّاب تونسيين منتخبين (…). – الاعتراف بحقّ الانتخاب لكافة التونسيين البالغة أعمارهم أكثر من 18 سنة. – مسؤولية الحكومة التونسية وكافة الموظفين الفرنسيين أمام البرلمان التونسي. – الفصل بين السلط التنفيذية والتشريعية والقضائية (…). – حقّ انتداب التونسيين في الوظيفة العمومية (الإدارة). – حقّ التونسيين في اشتراء الأراضي المعدّة للتعمير. – إلزام الجيش التونسي بالدفاع فقط على حرمة الوطن التونسي وتأطيره من قِبَل ضباط تونسيين واتخاذه العلم شعاره الأوحد (…). – إقرار إجبارية ومجانية اللغة العربية. – مراجعة كافة التراخيص المسندة إلى الأجانب من قبل البرلمان. – إقرار الحقّ النقابي (…). – إلغاء نظام الخمّاسة. – إسناد القروض (بدون فائدة) إلى صغار الفلاّحين. – المساواة في الأجور بين التونسيين والأجانب. – إلغاء نظام الأوامر العلية وتعويضه بالقانون. – إلغاء الضرائب التي لا تحظى بموافقة الشعب50. ما من شكّ، يعدّ الجهر من جديد بمطلب الاستقلال وإدراجه ضمن استراتيجية نضال مكوّنات الحركات الوطنية الجزائرية والتونسية الأساسية حينذاك (الحزب الحرّ الدستوري التونسي ونجم شمال إفريقيا) دليلا آخر على تفاعل هذا المطلب مع تحوّلات الظرف الداخلي (الأزمة العامة التي ستعصف بالإيالة في مطلع الثلاثينات) والخارجي (نموّ حركة مناهضة الاستعمار في أوساط اليسار الفرنسي من جهة ورابطة الدفاع عن حقوق الانسان من جهة أخرى)51. ويتجلّى ذلك بالخصوص من خلال تحاليل الصحافة الوطنية التي شهدت قفزة نوعية في طريقتها لمعالجة المشاكل الناجمة عن الأزمة العامة التي هزّت الإيالة في مطلع الثلاثينات وتوظيفها لصالح القضية الوطنية52. وقد ورد في البرنامج الأساسي الذي صادق عليه مؤتمر الحزب الحرّ الدستوري المنعقد في 12 و13 ماي 1933 ما يلـي: “(…) يُعلن الحزب أنّ الغاية التي ترمي إليها أعماله السياسية هي تحرير الشعب التونسي وتمتيع البلاد التونسية بنظام سياسي قار منيع يكون دستورا يحافظ على الشخصية التونسية ويتحقق به سيادة الشعب وذلك بإيجاد: 1- برلمان تونسي متركب من أعضاء يقع تعيينهم من طرف الشعب بطريق الانتخاب العام ولهذا البرلمان الحرية المطلقة في اختيار المسائل التي يريد البحث فيها في جلساته مع كامل النفوذ التشريعي. 2- مسؤولية الحكومة لدى هذا البرلمان. 3- التفريق بين السلط التشريعية والتنفيذية والعدلية. 4- تعميم العدلية التونسية على كافة قاطني القطر التونسي. 5- الاعتراف بالحريات العامة لجميع التونسيين بدون استثناء. 6- تصيير التعليم الابتدائي إجباريا بالنسبة لكافة أفراد الشعب. 7- حماية حياة البلاد الاقتصادية. وبصفة عامة السعي في كلّ ما يقتضي رفع الشعب التونسي من هاوية الانحطاط المادي والأدبي الذي يتخبط فيه حتى يكون له شأن بين الأمم الراقية التي تملك زمام نفسها”53. (المصدر: جريدة “الصباح” (يومية – تونس) الصادرة يوم  أوت 2007)

 

الإخوان المسلمون  
 
وإلي الإخوان المسلمين، وقيام جريدة البديل اليسارية المستقلة بالتركيز عليهم واستنكار الضربات الموجهة إليهم، وواصل رئيس تحريرها زميلنا وصديقنا الدكتور محمد السيد سعيد هجومه قائلا أمس: قرر عدد من الخبراء الأمنيين أن حملة القبض الأخيرة ضد الإخوان عادية، ولا أعرف معني لكلمة عادية سوي أن لدينا نظام حكم قمعي اعتاد القبض علي خلق الله بسبب ودون سبب. تدفع غريزة البطش الي توجيه ضربات دورية للإخوان دون سبب أو ذريعة محددة، وهدف هذه الضربات هو إحداث شلل دوري في الحركة وإثارة الاضطراب في هيكلها التنظيمي وإبقاؤها في حالة دفاع دائم عن النفس بما يمنعها من العمل علي مزيد من التوسع سواء في العضوية أو النشاط، وتدل الشواهد المتاحة علي أن نظام الحكم بدأ يرفع من سقف طموحه فيما يتعلق بالإخوان، إذ أضاف هدفا آخر وهو دفع الحركة للانكماش وربما للانقسام وتحضيرها في المستقبل لضربات جهازية، لتحقيق هذا الهدف استهدفت الضربات البوليسية إضعاف القاعدة المالية للإخوان وحرمانهم لفترات طويلة من بعض أفضل عقولهم السياسية والتنظيمية والدعائية، وإثارة فزع حقيقي في صفوف أجيالهم الشابة ووسط الأنصار والأجيال الشابة، وفضلا عن ذلك فالضربة الأخيرة لها أهدافها الخاصة التي ترتبط بالتوقيت، إذ شهد الصيف الحالي انفجار عدد كبير من المشكلات المستفحلة والمؤثرة علي الحياة اليومية للمصريين وفقرائهم بالذات: العطش، الزيادة الرهيبة في الأسعار وخاصة في المواد الغذائية والطاقة أزمة المبيدات السامة وغياب وتلوث الأسمدة واشتعال السوق السوداء للتجارة في هذه المواد المهمة للفلاحين ومأساة التعذيب . كما نشرت البديل في نفس العدد وعلي صفحة كاملة حديثا مع النائب الأول للمرشد العام صديقنا الدكتور محمد السيد حبيب قال فيه: ـ أعتقد أن 3 أهداف وراء هذه الحملة: الأول إرباك الجماعة وإعاقتها عن تنفيذ مخططاتها خلال الفترة المقبلة مما يؤدي إلي تقييد حركتها وسط الجماهير، والهدف الثاني هو التغطية علي فشل الحكومة في التعاطي مع المشكلات التي يعاني منها المواطن المصري وإلهاء الرأي العام بعيدا عن الأزمات الطاحنة التي تمر بها الحكومة، أما الهدف الثالث والأهم فهو توجيه رسالة تحذير للجماعة قبل الإعلان عن برنامج الحزب والذي أصبح مادة خصبة للحديث والنقاش. ـ عصام العريان من العناصر التي لها وزن وثقل داخل الجماعة وهم يعتقدون أنهم باعتقال مثل هذه العناصر الهيكلية يضعون العراقيل أمام الجماعة لمنعها من الحركة لكن هذا غير صحيح. فالعمل داخل الجماعة يسير بشكل مؤسسي ولا يتأثر بضربة من هنا أو هناك فنحن عازمون علي السير في طريقنا بإصرار وثبات وتحد وأؤكد أن برنامج الحزب سيعلن عنه في الموعد المحدد له من تقرير حسن كروم بالقدس العربي21 -08-2007


الفقي يرحب بالإخوان السياسية ويتخوف من حماس الدينية

 
القاهرة- قال الدكتور مصطفى الفقي رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشعب (الغرفة الأولى بالبرلمان): إنه لا يتفق مع من يصفون جماعة الإخوان المسلمين بـ”الجماعة المحظورة”، معربا عن أن الإخوان مرحب بهم للمشاركة في اللعبة السياسية على أرضية سياسية وليست دينية. لكنه اعتبر أن التوجه الديني لحركة المقاومة الإسلامية في فلسطين “حماس” يشكل “تهديدا حقيقيا لمصر”. جاء ذلك خلال زيارة وفد من مساعدي أعضاء الكونجرس أمس الثلاثاء إلى لجنة العلاقات الخارجية في المجلس. فردا عن أسئلة الوفد قال د.الفقي، القيادي بالحزب الوطني الحاكم: “جماعة الإخوان المسلمين سياسية، ونحن لا نستطيع أن ننكر ذلك، وأنا لا أتفق مع وصفها بأنها جماعة محظورة مع أني لا أتفق مع توجههم السياسي، وضد الخلط ما بين الدين والسياسة”. وأضاف: “لكني أؤيد حقهم في التعبير عن آرائهم، وأن تكون لديهم حرية سياسية كاملة لأنهم في نهاية الأمر مصريون”. وتشغل الجماعة 88 مقعدا في مجلس الشعب المكون من 454 نائبا، وقد تم انتخاب نوابها بصفة “مستقلين”، حيث تعتبر السلطات الجماعة محظورة. ورحب د.الفقي بالإخوان “للمشاركة في اللعبة السياسية، ولكن ليس على أرضية دينية بالطبع، فهناك مواجهة أمنية بينهم وبين الحكومة من وقت لآخر”. وأعرب عن قناعته بـ”أننا يوما ما سنبدأ من جديد ونتفهم بعضنا البعض.. لا نستطيع أن نستمر في لعبة القبض عليهم ثم إطلاق سراحهم، لا.. بل يجب أن نجلس سويا كمصريين، ونفكر في المستقبل، وأن نحترم الدستور”. وتقول الجماعة إنه تم اعتقال 550 من أفرادها خلال الأشهر الأخيرة. ولفت إلى نجاح تركيا في دمج الإسلاميين، معتبرا أن “النموذج التركي جذاب رغم أن مصر تختلف عن تركيا، فالدين في مصر له جذور عميقة حتى قبل الإسلام، وإذا سألت أحد المصريين عن هويته سيقول لك: “أنا مسلم” قبل أن يقول لك: “أنا مصري”. ليست وردية “الصورة في مصر ليست وردية فيما يتعلق بالديمقراطية.. عملية التحول الديمقراطي تسير بشكل تدريجي.. وضع الديمقراطية في مصر تحسن عما قبل”، بهذه العبارات قيم د.الفقي الحراك الديمقراطي في مصر. واعتبر أن “الديمقراطية في مصر شهدت تقدما كبيرا خلال العقدين الماضيين، وتحققت المشاركة السياسية من جانب المواطنين إلى حد كبير، وظهرت كلمات كثيرة اهتمت بها الحكومات مثل حقوق الإنسان والشفافية والمصداقية وكانت عنوانا في التعامل مع المواطنين”. وأشار إلى بعض الاتهامات بشأن حدوث انتهاكات لحقوق الإنسان في مصر، قائلا: “إن هناك أمورا تحدث في مراحل التحول، ولكن الحكومة تقف بحزم إزاء هذه الانتهاكات”. حماس.. تهديد حقيقي ومتناقضا مع ترحيبه بالإخوان على الساحة السياسية، قال د.الفقي: “نشعر أن التوجه الديني لحكومة حماس يشكل تهديدا حقيقيا للحدود المصرية”. وحماس بحسب المادة الثانية من ميثاقها هي “جناح من أجنحة الإخوان المسلمين في فلسطين”. وسيطرت الحركة على قطاع غزة منتصف يونيو الماضي، ورد الرئيس الفلسطيني زعيم حركة التحرير الوطني “فتح” محمود عباس بحل حكومة الوحدة الوطنية برئاسة إسماعيل هنية، وتشكيل حكومة في الضفة الغربية المحتلة برئاسة الدكتور سلام فياض. وتعتبر حماس حكومة فياض غير شرعية، ما أدى إلى وجود سلطتين في غزة والضفة. وأقر د.الفقي بأن “الحكومة المصرية تميل لجانب فتح أكثر من حماس مهما تحدث الجانب المصري عن أنه يقف في المسافة نفسها مع كل الفصائل الفلسطينية”. معاهدة السلام وأكد رئيس لجنة العلاقات الخارجية أن “مشكلة فلسطين هي مشكلة مصرية أيضا، لأن ما يجري هناك يؤثر مباشرة على مصر”. وأضاف أن “مصر ربما تطلب مستقبلا مراجعة اتفاقية السلام مع إسرائيل لنشر مزيد من الجنود لحماية الحدود في ظل الأوضاع المضطربة في فلسطين”. وتنص الاتفاقية على بقاء سيناء منزوعة السلاح. وشدد على ضرورة هذه الخطوة بقوله: “قد تستيقظ يوما وتجد 100 – 200 ألف فسلطيني عبروا إلى سيناء لأننا ليس لدينا جنود لحماية الحدود، ونجد أنفسنا جزءا من الأزمة”. وأكد أن “اتفاقية السلام لا تمنع أن نطلب من الجانب الإسرائيلي مراجعتها لتعزيز الوجود العسكري المصري في سيناء في ضوء المستجدات التي حدثت منذ 14 من يونيو الماضي”، حين سيطرت حماس على قطاع غزة. وتطرق د.الفقي إلى ثقل مصر في إفريقيا، مقرا بأن الدور المصري في القارة السمراء أصبح ضعيفا، وتراجع في جميع المجالات لصالح جنوب إفريقيا التي حلت مكان مصر في مواقع كثيرة، مشيرا إلى أن مصر تحاول الآن تنشيط دورها الإفريقي من خلال الدور الذي تلعبه في السودان والصومال. والتقى الوفد الأمريكي أيضا بالسفير محمود بسيوني رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشورى (الغرفة الثانية بالبرلمان). وينهي الوفد يوم الجمعة المقبل زيارة لمصر تستغرق أسبوعا. (المصدر: موقع “إسلام أونلاين.نت” (الدوحة – القاهرة) بتاريخ 22 أوت 2007 نقلا عن وكالات الأنباء)

القاعدة تقول ان أحد مقاتليها استهدف متمردا سابقا بالجزائر

 
الجزائر (رويترز) – قال تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي ان أحد مقاتليه مسؤول عن هجوم بقنبلة استهدف متمردا اسلاميا بارزا سابقا في الجزائر وان الهجوم نفذ دون الحصول على موافقة قيادة التنظيم. وأضاف التنظيم انه لم يخطط لاستهداف مصطفى كرطالي أحد مؤسسي الجبهة الاسلامية للانقاذ المحظورة حاليا والذي كان في وقت ما أحد الاعضاء البارزين بجناحها العسكري لانه لم يشارك في هجمات ضد مقاتليه. وأصيب كرطالي بجروح بالغة في 14 اغسطس اب عندما انفجرت قنبلة في سيارته بينما بدأ التحرك بها عقب خروجه من مسجد في بلدة الاربعاء على بعد 30 كيلومترا جنوبي العاصمة الجزائر. وقال تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي في بيان نشر على موقع على شبكة الانترنت يستخدمه الاسلاميون “أقدم أحد جنودنا على استهداف مصطفى كرطالي دون استشارة القيادة ولا موافقتها.” واضاف البيان “ان حادثة التفجير التي استهدفت مصطفى كرطالي والتي لم نأمر بها وتمت دون علمنا هي خطأ لا نقره ونتحمل أمام الله تعالى ثم أمام أمتنا المسلمة تبعاته الشرعية.” وكان كرطالي قد استسلم للسلطات في عام 2000 بموجب عفو. وأيد القيادي المتمرد سابقا عفوا اخر عن متمردين أصدره الرئيس عبد العزيز بوتفليقة العام الماضي في اطار خطة أوسع للمصالحة الوطنية تهدف الى وضع حد للعنف. وقال بيان التنظيم “لا نرى استهداف هذا الصنف من الناكلين عن الجهاد تحت غطاء الهدنة والمصالحة الا من ثبت بالبينة تورطه في حرب وقتل المجاهدين.. فحكمه حينها القتل.” واندلع تمرد اسلامي في عام 1992 عندما ألغى الجيش الذي كان يخشى حدوث ثورة على غرار الثورة الاسلامية في ايران انتخابات تشريعية كانت الجبهة الاسلامية للانقاذ على وشك الفوز بها. وقتل ما يصل الى 200 ألف شخص منذ عام 1992 في الصراع بالجزائر. ويقدر خبراء أن عدة مئات من المسلحين لا يزالون يقاتلون في جيوب شرقي العاصمة الجزائر وفي مناطق بالصحراء جنوبا. ويقول خبراء أمنيون ان أغلب هؤلاء المسلحين ينتمون لتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي الذي كان يعرف في السابق باسم الجماعة السلفية للدعوة والقتال. وكان التنظيم قد قال في بيان نشر على موقع على شبكة الانترنت الشهر الماضي انه يخطط لحملة مسلحة ضد من وصفهم بالكفار والقوات الحكومية في منطقة المغرب العربي. ودعا المسلمين الى الابتعاد عن الاهداف المحتملة. (المصدر: موقع سويس إنفو (سويسرا) بتاريخ  أوت 2007 نقلا عن وكالة رويترز للأنباء)

مزراق يستبعد موافقة الحكومة الجزائرية على حزبه الجديد

  

 
                             تسعديت محمد-الجزائر استبعد القائد السابق للجيش الإسلامي لجبهة الإنقاذ المحظورة مدني مزراق موافقة وزارة الداخلية الجزائرية على الترخيص للحزب الجديد الذي أعلن قبل ثلاثة أيام عن نيته تشكيله. وفي تصريح للجزيرة نت، قال مزراق إنه قد آن الأوان لإعادة تنظيم صفوف جبهة الإنقاذ تمهيدا لدخولها المعترك السياسي وممارسة حقوقها السياسية المشروعة، متهما “التيار التغريبي” داخل النظام بالعمل على عرقلة رجوع الحزب إلى الساحة السياسية. ونفى القيادي الإسلامي أن يكون الإعلان عن تشكيل حزب جديد جاء نتيجة عقد صفقة مع الحكومة، رغم حصوله عام 1997 على اتفاق رسمي بأحقية العمل السياسي يبقى الاختلاف على الصيغة والأسلوب. وبرر مزراق تأجيل الحديث عن تشكيل حزب جديد بانشغال الأعضاء بتسوية المشاكل الإدارية والاجتماعية والقضائية لناشطيه، مشيرا إلى أن محاولات هؤلاء العودة إلى ممارسة السياسة بانخراطهم في أحزاب أخرى باءت بالفشل. وحمل القيادي بالجبهة مسؤولية هذا الفشل للسلطة والأحزاب التي قال إنها راهنت على مناضلي الجبهة دون الرغبة في عودة الحزب المحظور “خوفا على مستقبلهم السياسي” مشيرا إلى أن ذلك كان الدافع وراء إصدار أعضاء الجبهة بيانا في فبراير/ شباط الماضي بالانسحاب من الانتخابات التشريعية الأخيرة. دروس وأوضح مزراق أن أعضاء الجبهة يصبون الآن كل اهتماماتهم على تنظيم قواعدهم بغية الوصول لتنظيم مؤتمر للخروج ببرنامج واضح ونظام داخلي دقيق وقيادة منتخبة، قبل طلب الاعتماد من وزارة الداخلية. وأضاف القيادي الإسلامي أن مشروع الحزب الجديد سيكون مكملا لمشروع الجبهة بتصحيح الأخطاء السابقة، وإضافة ما تعلموه من الحياة السياسية والعسكرية. وقال مزراق إنه وفي حالة رفض الحكومة للترخيص للحزب فإن أعضاء الجبهة سيمارسون نشاطاتهم السياسية عبر الولايات، وعقد تحالفات مع بعض الأحزاب. ورأى القائد السابق للجيش الإسلامي المحظور أن بعض قوانين المصالحة الوطنية جاءت هلامية، مطالبا في الوقت ذاته بمنع كل من استعمل الدين لأغراض سياسية وكان له مسؤولية في الأزمة من ممارسة العمل السياسي. وحسب مزراق فإن “الدولة لم تحدد بعد هؤلاء الأشخاص والجبهة تمتلك أربعة ملايين مناضل.. فمن الإجحاف أخذ الكل بذنب البعض”. كما اعتبر أن عودة الجبهة إلى الساحة السياسية ستخلق جوا تنافسيا بين الأحزاب يساعدها على التطور. ويتوقع أن يستقطب الحزب الجديد -في حال تأسيسه- أكبر عدد من المواطنين المتعطشين لما أسماه المشروع الإسلامي. توقعات ومن جهته اعتبر المحلل السياسي حسين بولحية في تصريح للجزيرة نت أن محاولة أعضاء الجبهة تأسيس حزب جديد “أمر لا طائل منه باعتبار أن السلطة غير مستعدة في الوقت الحاضر لتقبل وجود حزب سياسي سواء تعلق الأمر بقيادات الحزب المحظور أو قيادات الجيش الإسلامي أو من طرف أولئك الذين شملهم قانون السلم والمصالحة”. وحسب استقرائه للواقع السياسي، يستبعد بولحية حصول الحزب الجديد على موافقة الحكومة. (المصدر: موقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 21 أوت 2007)

الحكومة السودانية تصادر صحيفة حزب الترابي

  

                     عماد عبد الهادي – الخرطوم صادرت سلطات الأمن السودانية الثلاثاء 21 أوت 2007 صحيفة “رأى الشعب” الناطقة باسم حزب المؤتمر الشعبي المعارض الذي يتزعمه الدكتور حسن الترابي. ولم يعلن جهاز الأمن أسبابا لمصادرة الصحيفة التي نقلت تصريحات لوزير الداخلية الزبير بشير طه أعلن فيها أن مجموعة تم اعتقالها الأسبوع الماضي كانت تستهدف الوجود الأجنبي بالبلاد. وأعلن رئيس تحرير الصحيفة يس عمر الإمام أن الخبر قد نشر في جميع  الصحف الصادرة أمس الاثنين. واعتبر الإمام الإجراء بأنه حملة مكشوفة ومبيتة لمصادرة الحريات بالبلاد، وأن هذا الإجراء يمثل انتهاكا للدستور والقانون ولجميع المواثيق الدولية. وقال إن الحكومة ماتزال تستهدف صحيفته وصحفا أخري مناوئة لها، مطالبا الصحافة السودانية بالتكاتف لأجل حماية مكتسباتها مما سماه الإجراءات التعسفية التي تمارسها أجهزة الحكومة. ووصف أمين الدائرة العدلية بالحزب كمال عمر الإجراءات الأمنية ضد صحيفة حزبه بالانتكاسة، والعودة إلى المربع الأول مصادرة الحريات الصحفية وحقوق الإنسان. وأشار عمر إلى أن المؤتمر الشعبي سيقاضى جهاز الأمن والحكومة، وأنه يسعى إلى تشكيل جبهة عريضة للدفاع عن الحريات والوقوف ضد ممارسة الحكومة. (المصدر: موقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 21 أوت 2007)

سيف الإسلام يطالب بـ«دستور» لليبيا:

الشريعة والقذافي والأمن «خطوط حمر»

 
طرابلس – الحياة     قدّم سيف الإسلام القذافي، نجل الزعيم الليبي، تصوراً لمشروعه الإصلاحي في ليبيا، داعياً إلى إعداد دستور يقوم على مبادئ «البيان الأول للثورة» التي قادت والده العقيد معمر القذافي إلى الحكم قبل 38 عاماً. وحدد «أربعة خطوط حمر» لا يمكن تجاوزها في أي عملية تطوير لتطبيق نظرية «الديموقراطية المباشرة وسلطة الشعب» التي ينبني عليها النظام السياسي في ليبيا، وهي تطبيق الشريعة الإسلامية، وأمن ليبيا واستقرارها، ووحدة البلد، ومعمر القذافي نفسه. وقال سيف الإسلام في تجمع ضم آلاف المؤيدين في بنغازي (شرق ليبيا)، مساء الإثنين، إن البيان الأول للثورة هو «أهم وثيقة في أي عمل دستوري يوضع في ليبيا». وقال: «منذ 38 سنة ومن هذه المدينة (بنغازي) عرف الليبيون معمر القذافي للمرة الأولى من خلال البيان الأول (للثورة). والبيان الأول هو الذي نسير عليه نحن، وهو الذي لا بد أن نرجع له وأن لا ننحرف عنه». وحدد في كلمته التي نقلتها «وكالة الجماهيرية للأنباء» الرسمية «أربعة خطوط حمر لا يمكن تجاوزها في أي عملية تطوير لتطبيق نظرية الديموقراطية المباشرة وسلطة الشعب… وهي: تطبيق الشريعة الاسلامية والقرآن وحدوده، وأمن ليبيا واستقرارها، ووحدة ليبيا الترابية، ومعمر القذافي». وقال: «الديموقراطية المباشرة وسلطتنا نحن لن نفرط فيهما، وليبيا لن تتجه إلى نظام وراثي ولن ترجع إلى الملكية ولا نريدها أن ترجع ديكتاتورية. فهذا موضوع انتهى. ونقول الآن على الهواء مباشرة ويسمع العالم وقد سبق أن قلناه: إننا متجهون إلى الأمام لترسيخ نظامنا الديموقراطي الحالي وسنطبقه ونرسخه في شكل أفضل وفي شكل أكثر فاعلية». وقال «إن التحدي القادم هو تحدي وضع حزمة من القوانين سواء سميت دستوراً أو مرجعية»، مشدداً على أن الشعب هو الذي يطورها ويضع تفاصيلها، و «عندما يقرها جميع الشعب الليبي في صيغتها النهائية تصبح هي العقد الاجتماعي الخاص بالشعب ونلتزم به جميعاً». ونقلت وكالة «فرانس برس» عنه: «حدث خلل في تطبيق سلطة الشعب، الأمر الذي ترتب عليه هيمنة القبائل الكبيرة على المناصب الحكومية على حساب القبائل والتجمعات الصغيرة وبالتالي أصبح من الضروري أن نتوصل الى حل بدستور أو صيغة نتفق عليها». واقترح أن يكون المصرف المركزي مؤسسة مستقلة عن الحكومة، وكذلك الوسائل الإعلامية. ودعا إلى «تأكيد استقلالية» المحكمة العليا من خلال جعل قضاة معينين مدى الحياة. وأشار إلى ثلاثة موضوعات «تهدد ليبيا وأمنها الوطني» أولها يتعلق بـ «الذين يدّعون الجهاد وبدلاً من أن يقاتلوا في العراق أو في فلسطين فإنهم يقومون بعمليات تفجير ضد الناس الآمنين»، في إشارة إلى عمليات تقوم بها جماعات مسلحة قد تكون مرتبطة بتنظيم «القاعدة». وأضاف أن الخطر الثاني مصدره «الهجرة غير الشرعية» من خلال تدفق مهاجرين أفارقة إلى ليبيا في طريقهم إلى أوروبا. أما الخطر الثالث، كما قال، فهو «التآمر مع أطراف خارجية سواء خلف الحدود أو خلف البحر ضد الوحدة الوطنية لليبيين». وتحدث عن مشروع «النهر الصناعي العظيم»، قائلاً: «في ليبيا عندنا نوعان من المياه: مياه النهر الصناعي لنا نحن الشعب الليبي، ومياه البحر لمن ينوي سوءاً للشعب وللبلد. والذي لا نعجبه نحن الليبيين ولا يعجبه الشعب الليبي ولا يعجبه معمر القذافي فليشرب مياه البحر». من جهة أخرى، وصل مساعد وزيرة الخارجية الاميركية لشؤون الشرق الاوسط ديفيد ولش مساء أمس إلى طرابلس في زيارة تستمر ثلاثة أيام، هي الأولى لمسؤول أميركي منذ تسوية قضية الممرضات والطبيب البلغار. وقال المسؤول في الخارجية الليبية أحمد الفيتوري الذي استقبل ولش إن الزيارة «تهدف إلى تعزيز التعاون وتوطيد العلاقات بين البلدين وتحديد موعد لزيارة وزيرة الخارجية الأميركية كوندويزا رايس إلى ليبيا». وأضاف أن ولش سيلتقي اليوم وزير الخارجية عبدالرحمن شلقم، كما يتوقع أن يلتقي أيضاً مسؤولين في «مؤسسة القذافي للتنمية» التي يرأسها سيف الإسلام القذافي قبل أن يغادر ليبيا الخميس. (المصدر: صحيفة “الحياة” (يومية – لندن) الصادرة يوم 22 أوت 2007)

معسكرات صيفية لفتح وحماس تمزج بين الترفيه والسياسة

 
مخيم المغازي (قطاع غزة) (رويترز) – لا تقتصر أنشطة معسكرات الصيف لأطفال قطاع غزة على السباحة وكرة القدم. ففي معسكر ساحلي تديره حركة المقاومة الاسلامية (حماس) يتسابق الاطفال الى البحر حاملين معهم الاعلام الخضراء للحركة التي سيطرت على القطاع خلال اقتتال مع حركة فتح التي يتزعمها الرئيس الفلسطيني محمود عباس قبل شهرين. وفي معسكر آخر تديره فتح العلمانية فان الاعلام الصفراء هي الغالبة ويؤدي الفتيان والفتيات رقصة الدبكة الشهيرة معا وهو اختلاط لا يقبله الاسلاميون. كما أن هناك صورة للرئيس الفلسطيني الراحل وزعيم فتح ياسر عرفات. تمثل السياسة والافكار الدينية جزءا من أنشطة كلا المعسكرين تماما مثل الالعاب الترفيهية والرياضية. ويجري تقسيم الاطفال في معسكر فتح الى مجموعات مع اطلاق أسماء على كل منها تعتبرها فتح لمدن فلسطينية بما في ذلك ميناء حيفا وهو الان جزء من اسرائيل ومدينة القدس وتدرس هذه المجموعات التي تضم نحو 300 طفل تاريخ فتح ويغنون أغنيات في مدح الحركة و”شهدائها”. وقال يزيد النحوي وهو طفل في معسكر فتح انه يتعلم مع أطفال اخرين ان “فتح ستتنهض مرة أخرى.” وفي معسكر حماس الذي يحضره 60 طفلا قال المنظم حسين الطلاع ان الرسالة التي تريد حماس توصيلها هي رفض التجزئة. وقال “نحن نعلمهم أننا نرفض أي تجزئة لفلسطين سواء باتفاقيات أو بالقوة.” وأضاف “الاحتلال الذي استولى على أرض فلسطين سوف نقتلعه بأيدينا.” وفي حفل سمر في فناء بمعسكر حماس بدأ الاطفال يغنون نشيدا يقول “حمساوي ما يهاب الموت.. حمساوي كرمال (من أجل) الدين.” وضحكوا عندما أطلق أحد الاطفال دعاء من تأليفه هو. وقال “اللهم اجعل طائرات اليهود بالون ودباباتهم كرتون واقطع عنهم الموبايل فون” ورد عليه باقي الاطفال قائلين “امين”. ونفى الطلاع مزاعم فتح بأن الاطفال في معسكرات حماس يتلقون تدريبات عسكرية. وتقول جماعات اسرائيلية ان معسكرات الصيف في غزة مرتع خصب لكراهية اسرائيل. وقال أحمد الحاج علي المشارك في معسكر حماس وعمره 16 عاما “نحن نتعلم كيفية المشية الصحيحة مثل الكشافة.. وأيضا نتلقى محاضرات دينية.” وتربط اسرائيل وحلفاؤها من الغرب بين حماس وبين التفجيرات الانتحارية والهجمات الصاروخية التي تطلق على الدولة اليهودية وقرروا عزلها بسبب رفضها نبذ العنف وقبول اسرائيل. ولكن علي ردد نفس تقييم زعماء حماس للوضع الجديد في قطاع غزة.  وقال علي “الاوضاع أكثر أمنا اليوم.” وفي معسكر فتح المجاور يغني الاطفال الاغنيات التي تشيد بمقاتلي فتح الذين لقوا حتفهم في صراعهم مع حماس قبل شهرين.  وتقول الاغنية “أسود بنتحدى الاعصار احنا الفتحاوية.. مثل الطلقة وزي النار لعيونك يا حرية.”  من نضال المغربي (المصدر: موقع سويس إنفو (سويسرا) بتاريخ  أوت 2007 نقلا عن وكالة رويترز للأنباء)

سؤال المخاض في أمريكا وإسرائيل: ما العمل لمواجهة مقاومة الشعوب؟

 
د.عصام نعمان أمريكا وإسرائيل في مخاض. السبب؟ إخفاق استراتيجيا الأولي في العراق وأفغانستان، والثانية في فلسطين ولبنان. في غمرة المخاض الطويل، تجري إعادة نظر شاملة في استراتيجيات الماضي. القاسم المشترك بين المخاض الأمريكي والآخر الإسرائيلي سقوط مدوٍ لنمط تقليدي في الحرب التي عرفها العالم منذ قرون. فالحرب كانت تقوم وتتواصل بين دول، وتتوقـف وتنتهي بمعاهدات صلح أو إستسلام بين حكومات. اليوم إختلف الأمر. الحرب أصبحت تندلع، غالبا، بفعل طرفٍ ليس دولة بالضرورة وإن كان الطرف الآخر المستهدف دولة أو حكومة في غالب الأحيان. الولايــات المتحدة لا تواجه في العراق وأفغانستان دولةً أو حكومة. إنها تواجه، في الواقع، شعباً من خلال تنظيمات للمقاومة المسلحة منبثقة من صفوفه. هذه المقاومـة الشعبية المسلحة دخلت في العراق عامها الخامس وفي أفغانستان عامها السابع، وليس في الأفق ما يشير إلي انهما تعبتا أو تعتزمان التوقف. إسرائيل كذلك لا تواجه في فلسطين ولبنان دولة او حكومة. انها تواجه، في الواقع، شعباً من خلال تنظيمات للمقاومة منبثقة من صفوفه. عمر المقاومة في فلسطين من عمر إسرائيل نفسها، تطغي في نضالها أحيانا أساليب المقاومة المدنية وفي أحيان أخري أساليب المقاومة المسلحة. غير ان الدولة الصهيونية أخفقت في التغلب علي كلا المقاومتين في كل الأحيان. كذلك الأمر في لبنان، إذ تواجه إسرائيل منذ منتصف الثمانينات مقاومةً شعبية مسلحة، دقيقة التنظيم، جيدة التسليح، وشديدة المهارة في أساليبها القتالية. الأمر نفسه يتكرر، بمستويات متفاوتة من التنظيم والتسليح والقتال، في بلدان إسلامية أخري. لكن النمط يبقي هو ذاته: تنظيمات للمقاومة الشعبية في مواجهة جيوش نظامية لدول أو مجموعة دول وحكومات. حكومتا أمريكا وإسرائيل أدركتا أخيراً فشل الإستراتيجيـات القائمة علي أساس تصدي الجيوش النظامية، عموما، بأساليب الحـرب التقليدية لتنظيمات المقاومة الشعبية. كما فشلت إدارة بوش، خصوصا، في مواجهة تنظيمات المقاومة الشعبية بممارسة ضغوط سياسية علي الحكومات المحافظة الموالية لها من اجل تقبّل إصلاحات ديمقراطية محددة لتجميل وجوهها القبيحة. المخاض يتخذ في كلٍ من الولايات المتحدة وإسرائيل شكل ندوات للمناقشة وورش عمل للبحث والتقرير. في غمرة المخاض، تطفو علي سطح المناقشات ظواهر لافتة. ففي واشنطن يشكو الرئيس بوش من نائبه ديك تشيني ومن بيروقراطية لم تساعده علي تنفيذ إستراتيجيته الداعية لنشر الديمقراطية. بل هو يشكو، تصوروا، من الرئيس المصري حسني مبارك الذي نجح علي ما يبدو في إخضاعهم لعملية غسل دماغ ! ما يعنيه بوش ان مبارك، كما سواه من الملوك والرؤساء العرب والمسلمين، رفضوا الإصلاحات الديمقراطية التجميلية بدعوي انها تُضعف أنظمتهم السلطوية وتقوّض الإستقرار في بلدانهم. المخاض يتخذ في إسرائيل شكل مناقشات عامة في الصحف والتلفزيونات كما في هيئة قيادة أركان الجيش الإسرائيلي. الهدف؟ تقويم أسس البرنامج الطويل الأمد للجيش الإسرائيلي الذي يتناول أساساً حاجات الأذرع المختلفة للسنوات العشر المقبلـة و العقيدة الأمنية الواجب إعتمادها بعد ان انهارت العقيدة السابقة التي إعتمدت مبدأ الحسم الجوي ولم تصمد في الإختبار في الحرب الأخيرة علي لبنان ، بحسب ما نقلت الإذاعة العبرية العامة عن ضابط كبير. غير ان المخاض الطويل لا يتناول غايات كل من الدولتين وأغراضها الإستراتيجية حيال دول العالم، لاسيما البلدان العربية والإسلامية، بل إستراتيجيات المواجهة ومقاربات العمل الميداني ضد هذه البلدان ليس إلا. فالغايات والأغراض الإستراتيجية ما زالت علي حالها بل لعلها ازدادت إتساعا وحدّة. ها هو ذا المتحدث الرسمي بإسم البيت الأبيض طوني سنو وضع قبل أيام في محاضرة أمام مركز هيودسون للدراسات جمهوره أمام معادلة حادة مفادها ان الإنسحاب من العراق سيعني أننا لا نريد ان نبقي القوة الأعظم في العالم. إنني انصح الأمريكيين، مواطنين وسياسيين، ممن يطالبون بانسحاب قريب بإستبدال تساؤلهـم من كيف نغـادر العــراق؟ بـِ كيف نفوز ونبقي في العراق؟ . وجاءت التصريحات المنسوبة إلي وزير الدفاع روبرت غيتس حول سحب تدريجي للقوات الأمريكية إعتباراً من أول السنة القادمة بأنه تأكيد لتطوير سياسة بوش الداعية إلي خفض عديد القوات الأمريكية إنما مع إبقاء قسم فاعل منها في قواعد عسكرية خارج المدن العراقية. فـي إسرائيل، أعاد وزير الحرب ايهود باراك تأكيد المذهب العسكري الإسرائيلي التوسعي. أعلن ان إسرائيل ستتزود بأنظمة فعالة مضادة للصواريخ في غضون أربع إلي خمس سنوات. ففي حال نشوب نزاع، علي إسرائيل نقل الحرب إلي معسكر العدو والانتصار بشكل واضح مع أقل ما يمكن من الخسائر في الصفوف الخلفية . باراك لم يتحدث عما ستفعله إسرائيل إذا ما تمكّن العرب، كما حدث في حرب تموز العامَ الماضي، عندما نقلت المقاومة اللبنانية بصواريخها الحرب الي قلب الكيان الصهيوني. بل هو لم يعلّق علي تهديد سيّد المقاومة حسن نصرالله في خطابه لمناسبة الذكري الأولي لحرب تموز (يوليو) عن مفاجأة كبري أعدتها المقاومة إذا ما شنّت إسرائيل الحرب مجدداً علي لبنان، مفاجأة سيكون من شأنها إحداث تغيير مصيري في الحرب والمنطقة. حوار الإرادات هذا بين قادة العدو وقادة المقاومة يقودنا إلي سؤال آخر بالغ الأهمية هو: ما ردّ تنظيمات المقاومة الشعبية في البلدان العربية والإسلامية علي ورش العمل وندوات إعادة النظر بإستراتيجيات كلٍ من أمريكا وإسرائيل؟ لعـل السيد حسن نصر الله كان البادئ في توفير الجواب المطلوب ولو بصورة غير مباشرة. فالسلاح ـ المفاجأة الذي لوّح به في خطابه الشهير ينطوي، كما يبدو، علي فعالية عظيمة بدلالة قوله إنه من شأنه إحداث تغيير مصيري في الحرب والمنطقة . بكلام آخر، سيكون لإستعمال السلاح ـ المفاجأة آثار وتداعيات إقليمية. ذلك يعني، بالضرورة، أن لفعالية السلاح المشار اليه من جهة ولمستعمليه من جهة أخري أو للإثنين معا صلة إقليمية ما. هذا التعليل يطرح بدوره سؤالاً آخر مهما : هل ثمة تنسيقٌ تنظيميٌ بين قوي المقاومة علي الصعيد الإقليمي؟ لعل صحيفة ذي إنديبند نت البريطانية قدمت، بصورة غير مباشرة، قبل يومين إجابة أولية عن ذلك السؤال. فقد نسبت إلي مقاتلين في جيش المهدي بزعامة السيد مقتدي الصدر قولهم إنهم تلقّوا تدريبات علي تكتيكات حرب العصابات المتقدمة علي يدّ حزب الله في جنوب لبنان. كما نسبت إلي الصدر نفسه قولــه: نقيم روابط رسمية مع حزب الله، ونتبادل معه الأفكار ونناقش معه الوضع الذي يواجهنا في البلدين. ومن الطبيعي ان نعمد إلي تحسين أنفسنا من خلال التعلّم من بعضنا بعضا. وسنستمر في مناقشة خطط إسرائيل المستقبلية في الشرق الأوسط لأننا جزء من أي شيء يحصل في المنطقة . إذا كانت امريكا وإسرائيل من جهة وتنظيمات المقاومة الشعبية في البلدان العربية والإسلامية من جهة أخري لا تكتفي بخوض الصراع ومعالجة أدواته وتطويرها علي الصعيد المحلي بل تتجاوزه أيضاً الي الصعيد الإقليمي، فهل تعالج الحكومات العربية والإسلامية هذه المسائل والتحديات علي الصعيد الإقليمي أيضا؟ نعم، انها تفعل ذلك بدليل الموقف الذي اتخذته أخيراً السعودية من سورية. فهي لم تكتفِ بالإمتناع عن حضور الإجتماع الأمني الذي عقدته اخيراً في دمشق الدول المجاورة للعراق بحضور وفد من الولايات المتحدة بل ردّت بحدّة لافتة علي تصريحات لنائب الرئيس السوري فاروق الشرع. غير ان المهم في هذا كله ما أورده مجلس الوزراء السعودي لاحقاً في تفسير او تبرير ردّ المملكة إذ شدد علي ان التحالفات الإقليمية التي يعقدها العرب يجب ان تكون مسخرة لدعم وحدة الصف العربي لا أداة من أدوات شقه وإضعافه . هذا الكلام الموّجه الي سورية (التي تستطيع إعتماده بحرفيته كردّ علي السعودية!) يدّل بوضوح علي ان السعودية تواجه تنظيمات المقاومة الشعبية كما الإرهابية علي الصعيدين المحلي والإقليمي. ولن يطول بها الزمن قبل ان تنظم، بالتعاون مع حكومتي مصر والأردن وسواهما ورش عمل لإعادة النظر بالخطط المعتمدة حاليا ضد تلك التنظيمات ووضع أسس مغايرة ومتطورة في مواجهتها. أجل، المخاض الجاري هذه الأيام في أمريكا وإسرائيل ومعظم البلدان العربية والإسلامية يبحث في جوابٍ معاصر عن سؤالٍ قديم: ما العمل لمواجهة مقاومة الشعوب؟ (*) كاتب لبناني (المصدر: صحيفة “القدس العربي” (يومية – لندن) الصادرة يوم 22 أوت 2007)


Home – Accueil الرئيسية

Lire aussi ces articles

14 janvier 2007

Home – Accueil – الرئيسية TUNISNEWS 7 ème année, N° 2428 du 14.01.2007  archives : www.tunisnews.net CNLT: Morts suspectes dans les

En savoir plus +

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.