الأربعاء، 2 يناير 2008

Home – Accueil

TUNISNEWS
8 ème année, N° 2779 du 02.01.2008
 archives : www.tunisnews.net
 

 


حرّية و إنصاف: في سجن صفاقس سليم بوخذير يتعرض لمضايقات بالجملة الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين: محرز الهمامي يحاكم معاقا ذهنيا بتهمة ..  تزعم خلية إرهابية ..! الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين: البوليس السياسي ، و عبد الكريم الهاروني .. متى تنتهى المضايقات ..! – من جديد .. اختطافات في و لاية بنزرت ..! الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين: من أجل حملة دولية ..لإنقاذ نورة الهاشمون..! لجنة حماية الصحفيين: تونس: الحكومة تمتنع عن إصدار جواز سفر لممثل عن لجنة حماية الصحفيين الحزب الديمقراطي التقدمي: بلاغ إعلامي الحزب الديمقراطي التقدمي جامعـة جندوبـة: بيــان إعلامي يو بي أي: حزب تونسي معارض ينتقد حكم الإعدام الصادر بحق إسلاميين سلفيين  د ب أ :تونس تعلن تهريب أسطول سيارات باتجاه معاقل «القاعدة» قدس برس: السلطة والمعارضة تتبادلان الاتهامات حول استمرار أزمة الرابطة رويترز: تراجع عدد السياح الالمان الى تونس بنسبة 6.3 بالمئة في 11 شهرا د منصف المرزوقي: آلات الدمار الشامل الثلاث والحصاة الصغيرة صلاح الدين الجورشي: تونس: ترحيل الانفراج السياسي إلى 2008؟  فوزي الصدقاوي :حوار مع الصحفي عبد الله الزواري القيادي الإسلامي المنفي في وطنه  – الجزء الثاني المولدي الزوابي: متى تقرع أجراس وعود السلطة لمتضرري الانزلاقات الارضية ببني محمد بلطة بوعوان؟ د. محمد الهاشمي الحامدي :رسالة إلى الطلاب المتدينين في تونس  سكينة عبد الصمد:صيحة إعلامية : ” إلى أين نحن ذاهبون يا أبناء مهنتي؟ ” نازك بن عزوز: إلى مواطنينا في ليبيا إحذروا البنك العربي لتونس عامر عياد: خواطر محب للوطن الطاهر القلعي: تونس نيوز…ثلاث بطاقات عبور عبد السّلام بو شدّاخ: هل نحن ذاهبون نحو التصعيد و زيادة الاقصاء. أو الانفراج و المشاركة؟ جوبا الأول : هل شيّعنا جنازة الإتحاد أم جنازة البيروقراطيّة الخائنة داخله ؟؟ محمـد العروسـي الهانـي:تمنياتنا وطموحاتنا بمناسبة حلول السنة الإدارية الجديدة 2008 زهير الخويلدي: من أجل تنظم مجتمعي بلا ديماغوجيا وبلا بروباغاندا


(Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe Windows (

(To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows)

 


 
 

أطلقوا سراح القلم الحر سليم بوخذير حرّية و إنصاف سارعوا إلى إنقاذ حياة السجين السياسي السابق أحمد البوعزيزي 33 نهج المختار عطية تونس 1001 الهاتف/الفاكس : 71.340.860 Email :liberté_équité@yahoo.fr *** تونس في 02 جانفي 2008

في سجن صفاقس

سليم بوخذير يتعرض لمضايقات بالجملة

 
يتعرض المناضل الحقوقي الصحفي سليم بوخذير عضو المكتب التنفيذي لمنظمة حرية و إنصاف المعتقل حاليا بالسجن المدني بصفاقس لمضايقات خطيرة ، و قد أخبر اليوم الأربعاء محاميه الأستاذ عبد الرؤوف العيادي الذي زاره بالسجن المذكور أنه يقضي فترة العقاب المحكوم بها ابتدائيا بسجن مضيق ( العزلة ) بمعية شخصين من سجناء الحق العام مصابين بالجرب وقع تكليفهما من قبل إدارة السجن المذكور باستفزازه طيلة الوقت ، و قد وقع حرمانه من الاتصال بأي شخص في فترة الفسحة التي وقع التخفيض فيها بدون موجب. و أضاف سجين الرأي والمناضل الحقوقي الصحفي سليم بوخذير أن الغرفة التي يقيم فيها تفتقر لأبسط متطلبات الحياة إذ ليس بها سوى مرحاض تنبعث منه روائح كريهة لرفض إدارة السجن مدهم بالمواد الضرورية للتطهير و كذلك لأن الغرفة تفتقر للتهوية و الانارة ، و قد منعته الادارة من الاغتسال لليوم التاسع على التوالي كما منعوا عنه في هذه الأيام الباردة غطاء الرأس. و يضيف سجين الرأي الصحفي سليم بوخذير أنه يوجد في معتقل للتشفي و الانتقام و يطالب بأن يوضع في سجن تتوفر فيه مواصفات السجن. و قد أجمع الملاحظون الذين تابعوا سير قضية الصحفي سليم بوخذير في الطور الابتدائي على أن التهم الموجهة إليه لا تستند إلى شهادات مقنعة و أنها محاكمة رأي واضحة لا شبهة فيها. و حرية و إنصاف : 1) تعبر عن بالغ انشغالها لهذا الوضع المأساوي الذي يعيشه الصحفي سليم بوخذير. 2) تطالب بإطلاق سراحه فورا 3) تعتبر أن حشره في السجن المضيق مع سجناء الحق العام هو اعتداء على كرامته و هو معرض للعدوى التي انتقلت إليه من جراء حشره مع السجينين المصابين بمرض الجرب. 4) تندد بسياسة التشفي و التنكيل التي يتعرض لها سجين الرأي و القلم الحر سليم بوخذير و تناشد كل الهيئات و المنظمات الحقوقية في الداخل و الخارج للتدخل من أجل وضع حد لهذه الممارسات الخطيرة و الاستفزازات و المضايقات غير المبررة. عن المكتب التنفيذي للمنظمة الأستاذ محمد النوري

“ أطلقوا  سراح جميع المساجين السياسيين “   “الحرية للصحفي المنفي في وطنه عبدالله الزواري“ الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين 43 نهج الجزيرة تونس e-mail: aispptunisie@yahoo.fr   تونس في 02 ديسمبر2008

متابعات إخبارية كشف الحساب..لقضاء ..”يكافح الإرهاب ” ..! :  محرز الهمامي يحاكم معاقا ذهنيا بتهمة ..  تزعم خلية إرهابية ..!

نظرت  الدائرة الجنائية الرابعة  بالمحكمة الإبتدائية بتونس برئاسة القاضي محرز الهمامي اليوم الإربعاء  02/01/2008 في القضية عدد 13927 التي يحال فيها كل من : محمد العقربي و مالك الشراحيلي و إبراهيم القارصي و ربيع العقربي و ميمون علوشة و مجدي الزريبي   بتهم الإنضمام داخل تراب الجمهورية إلى وفاق اتخذ من الإرهاب وسيلة لتحقيق أغراضه و استعمال تراب الجمهورية لانتداب مجموعة من الأشخاص بقصد ارتكاب عمل إرهابي خارج تراب الجمهورية و المشاركة في الدعوة إلى الإنضمام لتنظيم له علاقة بجرائم إرهابية و استعمال اسم وكلمة و رمز قصد التعريف بتنظيم إرهابي و بنشاطه و أعضائه ، و قد كانت هيئة الدفاع مكونة من الأساتذة : خالد الكريشي و عبد الرؤوف العيادي و مراد بولعراس ، و بعد مرافعات المحامين  قرر القاضي حجز القضية للمفاوضة و التصريح بالحكم إثر الجلسة علما بأن هذا القاضي يكاد يصبح مختصا في محاكمة المعاقين ذهنيا ، فبعد ” قضية سليمان ” التي حكم فيها بالسجن على محمد أمين ذياب لمدة ..عشرين عاما ..! رغم تقارير طبية سابقة تؤكد عدم مسؤوليته الجزائية ، يعيد الكرة بالإصرار على رفض طلب المحامين عرض ميمون علوشة على الفحص الطبي رغم تقرير طبي  سابق صادر عن رئيس  قسم الأمراض النفسية بالمستشفى العسكري  ( بمناسبة القضية عدد 4/11089 )  يؤكد فيه  ” ..أنه بعد الفحص في ثلاث مناسبات بتاريخ 12 فيفري 2007 و 22 فيفري 2007 و 26 فيفري 2007 ، ..كل هذه الأعراض تدل على أن المعني بالأمر مصاب بحالة هذيان مزمن منذ ما لا يقل عن خمس سنوات … تبعا لذلك و جوابا عن أسئلة الجناب فإننا نعتبر المسمى ميمون بن علي علوشة مصابا بحالة هذيان مزمن و لا يتمتع بملكات التمييز و التعقل و نعتبره غير مسؤول جزائيا ..” .. إن الجمعية إذ تسلط الضوء على ما يجري يوميا في قاعات المحاكم من انتهاك للقانون و ضرب للحقوق و الحريات تحت لافتة مكافحة الإرهاب ، فهي تهيب بالجميع أن يوحدوا الجهود لإلغاء قانون 10 ديسمبر 20030  اللادستوري و تدارك آثاره المدمرة من اعتقالات على الشبهة و محاكمات في ظل إجراءات استثنائية .

” قضية سليمان ” : بعد المتهمين ، …الدور على المحامين ..!

علمت الجمعية أن إدارة أمن الدولة و إدارة سجن المرناقية سيئ الذكر تمارسانضغوطا على المحكومين في القضية عدد 4/14502 المعروفة بـ ” قضية سليمان ” لإجبارهم على التخلي عن تكليف المحامين الموصوفين بـ ” المعارضين ” و لطلب العفو في مقابل تخفيف الأحكام ، فقد تم جلب مخلص عمار ( المحكوم بالسجن المؤبد ) إلى مقر إدارة أمن الدولة   يوم الثلاثاء 01 جانفي 2008 حيث وُعد بتخفيف الحكم الصادر ضده إذا ” أحسن التصرف ” ، كما تم نقل عماد بن عامر ) المحكوم بالإعدام من سجن برج العامري إلى سجن المرناقية سيئ الذكر و أودع في زنزانة ضيقة تفتقر لأبسط المرافق الضرورية صحبة صابر الراقوبي ( المحكوم بالإعدام أيضا )  في مخالفة  صارخة لقانون السجون المؤرخ في 4 نوفمبر 1988 الذي ينص في فصله العاشر على أنه  : ” يمكن إذا اقتضت مصلحة التحقيق ذلك أو أمن و سلامة السجين عزله في غرفة تتوفر فيها الضروريات الأساسية و الصحية  على أنه إن تعذر عزله منفردا يمنع جمع سجينين في غرفة واحدة ” . و الجمعية إذ تندد بالضغوطات المسلطة على المحكومين عقابا لهم على ما أبدوه من تمسك بالمحاكمة العادلة و فضح للتعذيب المسلط عليهم ( في محلات الداخلية و في زنزانات سجن المرناقية ) ، فإنها تعتبر أن حملة التشويه التي يقوم بها أعوان البوليس السياسي و إدارة سجن المرناقية ضد هيئة الدفاع  هي محاولة لطمس الخروقات الفادحة التي شابت القضية في كامل أطوارها و رغبة مفضوحة في إسكات الأصوات المنددة بالتعذيب و بالمحاكمات الظالمة . كما تعتبر الجمعية أن ما قام به بعض المحامين المسخرين ( من أنصار السلطة ) من تحد لقرار عميد المحامين و هيئة الدفاع بالإنسحاب ، و إصرارهم على نيابة بعض المتهمين رغما عنهم و ضد مصلحتهم ، يشكل مساسا خطيرا بشرف المهنةو تعديا على هياكلها الشرعية الممثلة . عن لجنة متابعة المحاكمات        الكاتب العام للجمعية الأستاذ سمير ديلو


 

  “ أطلقوا  سراح جميع المساجين السياسيين “   “الحرية للصحفي المنفي في وطنه عبدالله الزواري“ الجمعية الدولية  لمساندة المساجين السياسيين 43 نهج الجزيرة تونس e-mail: aispptunisie@yahoo.fr   تونس في 02 ديسمبر2008 متابعات إخبارية
 

البوليس السياسي ، و عبد الكريم الهاروني .. متى تنتهى المضايقات ..!

قام عونان من البوليس السياسي أحدهما يعود بالنظر لإقليم تونس و الثاني لإدارة أمن الدولة  بـ ” زيارة ” منزل السجين السياسي السابق عبد الكريم الهاروني ، و قد تعللا بإجراء بطاقة إرشادات حول العائلة ..! محاولين دخول المنزل و قد تصدت لهما هند شقيقة عبد الكريم الهاروني مطالبة إياهما بالإستظهار بإذن قضائي رافضة الإجابة عن أسئلتهما و بعد محاولات دامت حوالي ربع الساعة لم يجدا بدا من الإنصراف . إن الجمعية ترى الإمعان في سياسة المضايقة المتواصلة للمسرحين و محاصرة عائلاتهم بالزيارات البوليسية اليومية دليلا على انعدام الرغبة في طي صفحة المحاكمات الظالمة و ما صحبها من تعذيب و انتهاكات لحقوق الإنسان ، و تدعو جميع المنظمات و الجمعيات المستقلة للتنديد بهذه الهرسلة التي لا تعرف حدودا و لا تستثني أحدا .

من جديد .. اختطافات في و لاية بنزرت ..!

قام أشخاص يرتدون الزي المدني يعتقد أنهم من أعوان   البوليس السياسي يوم الجمعة 28 ديسمبر2007 بإختطاف السيدين  محمد أمين الملاخ و  فتحي بن عبد الجبار بالرايس  القاطنين بمدينة رأس الجبل ومنذ ذلك التاريخ وعائلتا تجهلان مصير ابنيهما و لم تفلح كل محاولاتهما في الوصول إلى أي معلومة عن مكان وجودهما  . والجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين التي نددت باستمرار بسياسة الإختطاف التي تعتبر جريمة بالمقاييس الوطنية و الدولية تحمل السلطات الأمنية مسؤولية تعرض الشابين لأي أذى وتدعوها إلى الكشف فوراً عن محل إيقافهما وإطلاق سراحهما . عن لجنة متابعة أوضاع المسرحين          نائب رئيــس الجمعية الأستاذ عبد الوماب معطر


     “ أطلقوا  سراح جميع المساجين السياسيين “   “الحرية للصحفي المنفي في وطنه عبدالله الزواري“ الجمعية الدولية  لمساندة المساجين السياسيين 43 نهج الجزيرة تونس e-mail: aispptunisie@yahoo.fr   تونس في 02 ديسمبر2008

من أجل حملة دولية ..لإنقاذ نورة الهاشمون..!

 
دخل الإضراب عن الطعام الذي تخوضه السجينة الفلسطينية نورة الهاشمون للمطالبة بإطلاق سراحها  يومه الثاني و العشرين ، علما بأنها موقوفة ” إداريا ” بدون محاكمة منذ 17 شهرا و أنها أم لستة أطفال ، و الجمعية إذ تناشد جميع الضمائر الحية في العالم التجند لإنقاذ حياة الأسيرة الفلسطينية و إنهاء مظلمة السجن المسلطة عليها ، فهي تذكر بمأساة السجينات الفلسطينيات اللاتي يتجاوز عددهن المائة فضلا عن أكثر من 350 طفلا في سجون الإحتلال . عن الجمعيـة         الرئيــــــــس  الأستاذة سعيدة العكرمي


 لجنة حماية الصحفيين
 

تونس: الحكومة تمتنع عن إصدار جواز سفر لممثل عن لجنة حماية الصحفيين

 
نيويورك، 2 كانون الثاني (يناير) 2008—شجبت لجنة حماية الصحفيين اليوم قرار الحكومة التونسية بالامتناع عن إصدار جواز سفر كمال العبيدي، وهو صحفي مستقل وممثل لجنة حماية الصحفيين في الشرق الأوسط.   في 17 تموز (يوليو)، قدم كمال العبيدي الذي يحمل الجنسية التونسية طلبا للسفارة التونسية في واشنطن للحصول على جواز سفر جديد بعد أن ضاع جوازه القديم. وأخبره ممثل في السفارة إن الجواز سيصدر خلال بضعة  أيام. ومع ذلك، فبعد مرور ما يزيد عن خمسة أشهر، وبعد اتصالات متكررة مع السفارة من قبل كمال العبيدي ولجنة حماية الصحفيين، لم يصدر جواز السفر حتى الآن.   وقد ادعى موظفون في السفارة إن جواز السفر بانتظار موافقة وزارة الداخلية التونسية. ولم يستجب السفير التونسي في واشنطن، محمد نجيب حشانة، لعدة اتصالات هاتفية ورسالة مكتوبة للمطالبة بالحصول على معلومات أرسلتها لجنة حماية الصحفيين بخصوص تقاعس السفارة عن إصدار جواز سفر جديد للعبيدي.   وقال المدير التنفيذي للجنة حماية الصحفيين، السيد جويل سايمون، “إن حرمان زميلنا من حقه بالسفر هو تصرف سقيم ينم عن الضغينة ويمثل دليلا إضافيا على ازدراء الحكومة التونسية الصارخ باستقلال الصحافة وحرية التعبير. نحن نطالب الحكومة التونسية بإصدار جواز سفر كمال العبيدي فورا، ولغيره ممن حرموا من الحصول على جواز سفر”.   تعمد السلطات التونسية بصفة متكررة للامتناع عن إصدار جوازات سفر للصحفيين الناقدين ونشطاء حقوق الإنسان، وذلك انتقاما من آرائهم الجريئة. وقد رفضت الحكومة التونسية إصدار جواز سفر للصحفي المستقل سليم بوخذير، المعروف بانتقاداته للرئيس زين العابدين بن علي وأفراد عائلته. وفي وقت مبكر من الشهر السابق، أودع الصحفي بوخذير في السجن حيث سيقضي هناك عاما كاملا على خلفية اتهامات مختلقة زعمت إنه وجه إهانات لفظية لموظف عمومي  واعتدى على الأخلاق الحميدة.   وكانت الحكومة التونسية قد احتجزت جواز سفر كمال العبيدي لمدة ستة أشهر في عام 1996 دون إبداء أسباب، ومع ذلك كان السبب الواضح هو تغطيته الصحفية لانتهاكات حقوق الإنسان في تونس.   وبينما كان العبيدي يؤدي مهمة للجنة حماية الصحفيين في القاهرة في عام 2006، تعرض لمضايقات من خلال اتصالات هاتفية قام بها رجل وصفه صحفيون مصريون ونشطاء في مجال حقوق الإنسان إنه عميل تونسي بملابس مدنية يعمل من السفارة التونسية في القاهرة.   الصحف التونسية هي ضمن الصحف التي تتعرض لأشد القيود في المنطقة. ومنذ تقلد الرئيس زين العابدين بن علي مقاليد السلطة قبل عشرين عاما، قام فعليا باجتثاث الصحافة المستقلة من البلاد. وتخلو معظم الصحف التونسية من أية انتقادات للحكومة وتقدم تغطية صحفية تمتدح الرئيس بن علي امتداحا مفرطا. وتنشط الحكومة في مضايقة الصحفيين المستقلين القليلين الذين يسعون للكتابة بطريقة ناقدة عن الحكومة—وتنشر معظم تلك الكتابات على شبكة الإنترنت أو في الصحافة الأجنبية. فالرقابة والترصّد والمضايقات والاعتداءات العنيفة على الناقدين هي من الأمور الشائعة.


الحزب الديمقراطي التقدمي 10، نهج أيف نوهال – تونس الهاتف / الفاكس : 71332194 تونس في 31 ديسمبر 2007  بلاغ إعلامي
 
على إثر الأحكام الصادرة فجر أمس الأحد 30 ديسمبر الجاري على المتهمين في ما يُعرف بأحداث سليمان، والتي  اشتملت على حُكمين بالإعدام، يُعبر الحزب الديمقراطي التقدمي عن انشغاله لما أبداه لسان الدفاع من انتقادات لسير الجلسة وتأكيده أن شروط المحاكمة العادلة لم تتوفر. ومع تجديد التذكير بموقف الحزب المبدئي  الرافض لاستعمال العنف وسيلة للتغيير السياسي، فإنه يُطالب بضمان المحاكمة العادلة والشفافة للمتهمين في هذه القضية ولسائر الشبان المُشتبه فيهم والمُعتقلين خلال السنوات الثلاث الأخيرة بمقتضى قانون مكافحة الإرهاب الصادر في 10 ديسمبر 2003. كما يُنبه الحزب إلى خطورة إصدار أحكام بالإعدام ويُؤكد مجددا على ضرورة إلغاء عقوبة الإعدام في بلادنا تماشيا مع تقديس الحق في الحياة وتطور الوعي البشري الذي تخلى عن مثل هذه العقوبات.   تونس في 31 ديسمبر ‏2007‏‏ الأمينة العامة مية الجريبي 


الحزب الديمقراطي التقدمي جامعـــــــة جندوبـــــــة مكتب الحريات العامــــــــة جندوبة في 02 جانفي 2008 بيــان إعلامي  
 
     تبعـــا للعريضة والملفات الواصلة لمكتب الحريات العامة بجامعة الحزب الديمقراطي التقدمي بجندوبة بتاريخ اليوم 02 جانفي 2008 والممضاة من طرف 21 مواطن متضرر قاطنين جميعا بدوار الدورة من عمادة بني محمد من معتمدية بلطة بوعــوان ولاية جندوبـــة والمتعلقة بالانزلاقــات الأرضية التي حدثت ولازالت تحدث بهذه المنطقة ،والأضرار بالغة الخطورة التي لحقت  بمساكنهم وممتلكاتهم ومزارعهم وعطلت مصالحهم وعزلتهم عن الانتفاع بأي مرفق عمومي لاسيما منها الضرورية، والتي يأتي في صدارتها الطريق والمستوصف ووسائل النقل وعيون الماء الصالح للشراب وغيرها … وما انجر عن ذلك من تداعيات معنوية ومادية أثرت على متساكنــي المنطقــة خاصة في غياب التفسيرات العلمية والدقيقة لطبيعة الانزلاقات والهزات ونتائجها على المستقبل القريب والبعيد وغموضها من جهة.   وأسلوب المماطلة والتسويف الذي تعاملت به السلــط مع المتضررين لاسيما على مستوى الوعود التي لم ترى إلى حد الساعة تنفيذا وخطوة عملية تنهي معاناة متضرري هذه الكارثة  والمتعلقة أساسا بنقل كافة المتضررين إلى ربوة الروماني الكائنة بمعتمدية بوسالم شريطة التوقيع على التزام مفاده “التخلي عن عقار اثر الانزلاقات الأرضية بعمادة بني محمد “بعد أن استوفت كل الإجراءات الشكلية والقانونية مع المتضررين من جهة ثانية .   وبالمعاينة تبين أن عددا كبيرا من المواطنين قد تضرر وزالوا مهددين باضرار خطيرة قد تأتي على الأخضر واليابس بدوار الدورة والمناطق القريبة منه فضلا على استياء المتضررين من الأسلوب الذي تعاملت به السلط مع قضيتهم الحياتية والتي لم تتعدى إلى حد الساعة الوعود الشفوية والتسويف المتكرر بنقلهم إلى ربوة الروماني التابعة لمعتمدية بوسالم وتسليمهم المفاتيح فور إتمام التوقيع على التزام التخلي المشار إليه أعلاه. وعليه أن مكتب الحريات العامة بجامعة الحزب الديمقراطي التقدمي بجندوبــة : 1- يعلن تضامنه المطلق مع كافة المتضررين الحاليين والمحتملين واستعداده للعمل من اجل كشف طبيعة الحادث وخطورته على حياة وممتلكات مواطني “دوار الدورة”من معتمدية بلطة بوعوان. 2-  يندد بالتعتيم الإعلامي الذي مارسته السلط المحلية والجهوية على مثل هذه القضايا الحساسة والمتعلقة بحياة المواطنين ويطالبها بتوضيح حقيقي لطبيعة الانزلاقات والانهيالات التي حدثت بالمنطقة. 3- يندد بأسلوب المماطلة والتسويف الذي لازالت السلط تتعامل به مع متضرري الانزلاقات والتباطئ الذي لا مبرر له في نقل السكان إلى ربوة الروماني خاصة إذا علمنا بوفرة البيوت الشاغرة بهذه المدينة المستحدثة. 4- يطالب السلط المعنية بضرورة تعويض المتضررين عن الأضرار المعنوية والمادية التي لحقتهم. 5- يدعو كافة مكونات المجتمع المدني والقوى الحية في البلاد إلى الوقوف إلى جانب مواطني دوار الدورة من منطقة بني محمد والمناطق المجاورة لها. رئيس المكتب رابح الخرايفي 

جمعية منتدى الجاحظ      تونس في2 جانفي 2008 اعلان
 
يواصل منتدى الجاحظ استعراض ابرز محطات الحركة الإصلاحية التونسية، وفي هذا السياق يلقي الأستاذ  سالم الحداد  محاضرة بعنوان ” الاتحاد العام التونسي للشغل  و الهوية ”     و ذلك يوم السبت 5 جانفي 2008 على لساعة  الثالثة و النصف  بعد الزوال بمقر منتدى الجاحظ.   3 نهج السوسن  حي فطومة بورقيبة باردو للاستفسار الرجاء الاتصال بارقام الهاتف التالية   0021671661028 رئيس منتدى الجاحظ صلاح الدين الجورشي

تونس تعلن تهريب أسطول سيارات باتجاه معاقل «القاعدة»

 
تونس – د ب أ  
قال مصدر مطلع لوكالة الأنباء الألمانية أمس (الثلثاء) إنّ «عصابة مغاربية منظمة متخصصة في سرقة وتهريب السيارات الفارهة بين تونس والجزائر وليبيا هرّبت أسطولاً من سيارات «ميتسوبيشي» رباعية الدفع نحو الصحراء الجزائرية التي يرابط بها تنظيم (القاعدة) في بلاد المغرب الإسلامي». وأوضح المصدر، الذي طلب عدم كشف هويته، أنّ شركات تأمين تونسية أبلغت مع نهاية العام 2007 عن سرقة 153 سيارة «ميتسوبيشي» من النوع القادرعلى السير بسهولة في المسالك الصحراوية، وأنّ غالبية السيارات تم تهريبها إلى الصحراء الجزائرية «التي يتحصّن فيها التنظيم المذكور». وأفاد بأنّ «شركات تأمين السيارات التونسية تسجّل لأوّل مرة في تاريخها وخلال عام واحد (2007) سرقة عدد كبير من نفس نوع السيارات (ميتسوبيشي) وأن ذلك كلّفها خسائر مادية بنحو 7 ملايين دينار تونسي». وقال المصدر إنّ أجهزة الأمن التونسية لم تعثرعلى أي أثر للسيارات المسروقة التي تباع الواحدة منها بخمسة وأربعين ألف دينار، ولا يستطيع شراؤها سوى الأثرياء. وأكد أنّ «القاعدة في بلاد المغرب العربي» وشبكات تهريب المخدرات في المغرب العربي تستعمل هذا النوع من السيارات للتنقل بسهولة في أعماق الصحراء الجزائرية الشاسعة الممتدة بين تونس وليبيا والمغرب وموريتانيا والنيجر ومالي.


حزب تونسي معارض ينتقد حكم الإعدام الصادر بحق إسلاميين سلفيين

 
تونس / 2 يناير-كانون الثاني / يو بي أي: انتقد الحزب الديمقراطي التقدمي التونسي الأحكام الصادرة عن القضاء التي تقضي بإعدام عدد من الإسلاميين السلفيين الذين أدينوا بالتآمر على أمن الدولة. وأعرب الحزب ،وهو حزب معارض معترف به، في بيان حمل توقيع أمينته العامة مية الجريبي تلقت يونايتد برس أنترناشونال اليوم الأربعاء نسخة منه،عن قلقه “لما أبداه لسان الدفاع من انتقادات ،وتأكيده من أن شروط المحاكمة العادلة لم تتوفر”. وأضاف الحزب في بيانه أنه إذ يؤكد رفضه المبدئي لإستخدام العنف وسيلة للتغيير السياسي، فإنه”ينبه من خطورة إصدار أحكام بالإعدام،ويؤكد مجددا على ضرورة إلغاء عقوبة الإعدام في بلادنا تماشيا مع تقديس الحق في الحياة وتطور الوعي البشري الذي تخلى عن مثل هذه العقوبات”. وكان القضاء التونسي قد حسم يوم الأحد الماضي قضية المجموعة الإسلامية السلفية التي تعرف في تونس بإسم “مجموعة سليمان”،حيث أصدرت محكمة تونسية أحكاما ترواحت بين الإعدام والمؤبد والسجن لمدة 5 سنوات ضد عناصر هذه المجموعة التي تتألف من 30 شابا.
 

السلطة والمعارضة تتبادلان الاتهامات حول استمرار أزمة الرابطة

 
تونس ـ خدمة قدس برس  
عاد ملف الرابطة التونسية لحقوق الإنسان إلى الواجهة من جديد، بعد اجتماع بين رئيس الهيئة العليا لحقوق الإنسان منصر الرويسي ورئيس الهيئة المديرة للرابطة المحامي مختار الطريفي، وقرار السلطة رفع الحصار المفروض على المقر المركزي للرابطة بالعاصمة تونس في طريق تهيئة الأجواء لعقد المؤتمر المؤجل منذ أيلول (سبتمبر) 2005. وأشاد رئيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان مختار الطريفي في تصريحات خاصة لـقدس برس بقرار السلطات الرسمية الرفع التام للحصار عن المقر الرئيسي للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، واعتبر ذلك خطوة في الاتجاه الصحيح نحو إيجاد تسوية تحفظ ماء وجه الجميع، لكنه أكد بأنها خطوة غير كافية، لكنه اتهم جهات سياسية وصفها بـ النافذة في الحكومة التونسية تعرقل التوصل لحسم ملف الرابطة، وقال لقد التقيت الأسبوع الماضي مرتين مع رئيس الهيئة العليا لحقوق الإنسان المنصر الرويسي وقدمت لها تصورا متكاملا لحل ملف الرابطة، وقد أبلغني رفع الحصار الذي كان مفروضا على المقر الرئيسي للرابطة، وهو قرار إيجابي وفي الطريق الصحيح لكنه ليس كافيا، لأن الأصل أن يشمل القرار كافة فروع الرابطة التي ظل قرار الحصار مفروضا عليها منذ أيلول (سبتمبر) 2005 ولا يدخلها أحد، ويبدو أن هناك جهات غير مستعدة للحل وغير قابلة للتقدم باتجاه حل يحفظ ماء وجه الجميع، وهي جهات نافذة طالما أنها تستطيع إيقاف حل هذه المشكلة، وهي جهات لا تستطيع أن تعيش إلا في إطار الأزمة، على حد تعبيره. وأوضح الطريفي أن الدعوة لعقد مؤتمر الهيئة المديرة للرابطة والدمج وغيرها من القضايا الخلافية كلها تستوجب اجتماعا لأعضاء الرابطة حتى من الذين يرفعون قضية ضد الهيئة المديرة الحالية في مقرات الرابطة المغلقة منذ 2005، وقد قدمنا تصورا متكاملا للتقدم باتجاه الحل، لكن نعتقد أن ذلك لا يمكن أن يتقدم إذا لم يكن هنالك تجاوب مماثل من السلطة، على حد تعبيره. لكن متحدثا باسم الهيئة العليا لحقوق الإنسان والحريات الأساسية نفى أي مسؤولية للسلطة في عرقلة الحوار من أجل إيجاد حل لملف الرابطة، واتهم جهات وصفها بـالمتطرفة داخل الهيئة المديرة للرابطة جعلت من رئيسها مختار الطريفي غير قادر على اتخاذ قرار لحل الأزمة…. وأكد المتحدث باسم الهيئة العليا لحقوق الإنسان والحريات الأساسية، وهي هيئة تابعة مباشرة للرئيس التونسي زين العابدين بن علي ـ برهان بسيس في تصريحات خاصة لـقدس برس أن رئيس الهيئة العليا لحقوق الإنسان منصر الرويسي كانت له لقاءات عديدة مع رئيس الرابطة مختار الطريفي منذ عدة أشهر، حيث تقدم الرويسي لقيادة الهيئة المديرة بمبادرة من أجل تجاوز هذه الأزمة، قوام هذه المبادرة استعداد الهيئة العليا لحقوق الإنسان والحريات الأساسية لاحتضان نقاش حر وصريح بدون شروط مسبقة بين الأطراف الرابطية المختلفة بالإمكان أن يتبعه حل لجملة الإشكالات العالقة بما فيها مشكل مقرات الرابطة ومنع الاجتماعات داخلها، على حد تعبيره. واتهم بسيس فريقا داخل الهيئة المديرة للرابطة بإجهاض تلك المبادرة، وقال لقد كان تفاعل مختار الطريفي مع مقترحات رئيس الهيئة العليا إيجابيا ووعد بمناقشتها مع أعضاء الهيئة المديرة للرابطة، ولكنه لما ذهب لنقاش هذه المبادرة تبين أن فريقا نافذا داخل الأوساط الرابطية لا يريد حل هذه الأزمة رافضا هذه المقترحات الإيجابية، وبناء على ما تبينه هذه الوقائع يبدو أن الطريفي على الرغم من وجوده على رأس الهيئة المديرة يبدو أنه غير قادر على تجاوز تأثير هذه المجموعات والدفاع عن مواقفه إلى النهاية.   وأشار بسيس إلى أنه على الرغم من فشل تلك المبادرة تجددت الاتصالات بالهيئة العليا وكان آخرها اللقاء الذي جرى بين رئيس الهيئة منصر الرويسي ورئيس الرابطة مختار الطريفي، والذي تقدم خلاله الرويسي بمقترح جاد وبناء يقضي برفع المنع عن الاجتماع في المقر المركزي للرابطة، وهي خطوة سابقة ولافتة تعبر عن حسن نية الوساطات الإيجابية، لكن الطريفي اعتمد منطق الرفض التام، متقدما بشروط لم تقدر وجود أحكام قضائية، وأطرافا رابطية مختلفة مع توجهه ليفرض شرط رفع المنع عن كل فروع الرابطة لا فقط عن مقرها المركزي كشرط للحوار، على حد تعبيره. وأعرب المتحدث باسم الهيئة العليا لحقوق الإنسان عن استغرابه الشديد لتغير المواقع، حيث تطالب السلطة بالحوار بينما ترفضه الجهات المعارضة، وقال لقد تغيرت المواقع بطريقة عجيبة بين أطراف محسوبة على السلطة تسعى للحوار، وهيئة مديرة للرابطة تحت ضغط بعض الأقليات المتطرفة ترفض هذا الحوار وترد على اليد الممدودة من خلال سياسة الإملاءات والشروط، ورغم ذلك فإن الهيئة العليا لحقوق الإنسان والحريات الأساسية ورئيسها منصر الرويسي ثابتان على موقف فتح الأبواب من أجل حلول جدية ومتوازنة لأزمة الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، كما قال. يذكر أن أزمة الرابطة قد نشأت منذ أيلول (سبتمبر) 2005 حين أصدرت محكمة تونسية حكما بمنع انعقاد مؤتمر للرابطة لحين الفصل في نزاع داخلي نجم عن اتهام فريق من أعضاء الرابطة يحسب على النظام الحاكم للهيئة المسؤولة بخرق القانون الأساسي ودمج عدة فروع يتزعمونها لزيادة نفوذ المعارضة والتفرد بالقرارات، لكن الهيئة المديرة للرابطة نفت ذلك واعتبرت أن الاتهامات الموجهة إليها ليست إلا جزءا من مخطط متكامل يستهدف عرقلة عملها وتدجينها لتصبح منظمة حكومية
 
(المصدر: موقع تونس أون لاين نقلا عن وكالة للأنباء بتاريخ 31ديسمبر 2007)


تراجع عدد السياح الالمان الى تونس بنسبة 6.3 بالمئة في 11 شهرا

Wed Jan 2, 2008 10:11am GMT تونس (رويترز) – أشارت احصائيات رسمية يوم الاربعاء الى أن عدد السياح الالمان الوافدين على تونس خلال 11 شهرا من عام 2007 تراجع بنسبة 6.3 بالمئة مقارنة بنفس الفترة من العام السابق رغم خطط حكومية لزيادة عددهم بهدف دعم سياحة الجودة ورفع العائدات السياحية. وأظهرت بيانات الديوان التونسي للسياحة أن عدد السياح الالمان خلال أول 11 شهرا من العام الماضي بلغ نحو 500 الف سائح بانخفاض 6.3 بالمئة. وأعلنت وزارة السياحة التونسية أنها بدأت منذ العام الماضي تنفيذ خطط تهدف الى استعادة السوق الالماني مكانته كأبرز مزود لتونس من السياح بعد أن سجل انخفاضا حادا منذ عام 2002. وبدأ التراجع الحاد في تدفق السياح الالمان على تونس بعد حادث تفجير معبد جربة اليهودي بتونس عام 2002 الذي أعلن تنظيم القاعدة المسؤولية عنه حيث نزل عددهم انذاك الى 613 الف سائح بعد ان كان العدد حوالي مليون سائح عام 2000. وبلغت عائدات السياح الالمان خلال اول 11 شهرا من العام الماضي 460 مليون دينار (375 مليون دولار). وتبرز أهمية السائح الالماني في أنه الاكثر انفاقا واقامة بتونس مقارنة بباقي السياح. وينفق السائح الالماني الواحد ما ينفقه سائحين فرنسيين خلال اقامته بتونس وفقا للديوان التونسي للسياحة. (الدولار يساوي 1.224 دينار تونسي)


 

آلات الدمار الشامل الثلاث والحصاة الصغيرة

د منصف المرزوقي أصدر مدعو محرز الهمامي باسم نظام سيده  في حق مجموعة من الشباب، أقل ما يقال عنهم أنهم لم يتعرضوا لمحاكمة عادلة ونزيهة، الحكم بالسجن سنوات طويلة  ،وبالنسبة لإثنين  الطلوع إلى  المشانق، قربانا للحرب ضد الإرهاب، وصك خدمات مجانية  يقدمها سيد هذا ” القاضي” لسيده هو. لا عودة حول ظروف المحاكمة فقد قالت فيها منظمات حقوق الإنسان كل ما يجب . لكن ما يجب التركيز عليه أننا أصبحنا من كثرة تعودنا على القمع لا ننتبه أننا نعيش في تونس منذ عشرين سنة سلسلة من المحاكمات السياسية لم تتوقف لحظة.  أذكر أنني قلت للهاشمي جغام ، في منتصف التسعينات ،ونحن لا نكف عن  التنقل يوميا من سوسة لتونس لحضور محاكمات الطلبة والشيوعيين والإسلاميين والديمقراطيين، وحتى أزلام النظام التائبين، أنه من الأحسن، توفيرا للوقت،  أن ننصب خيمة في قصر اللاعدالة …ولم نكن نعرف أننا في منتصف الطريق هذه المحاكمات الأخيرة هي مواصلة لقرابة عقدين من شبيهاتها …والتجاوزات هي نفس التجاوزات … وخطب المحامين هي نفس الخطب -أذكر منها خطبة عصماء توجه فيها محامي أبله أو  مستبله إلى القاضي : أنت يا  حامي الدستور الخ … فانفجرت بالضحك، والتفت إليّ الجميع بسحن غاضبة  .  وعن قضاة هذه المحاكمات حدث ولا تسل وهم ينتظرون فراغ جعبة الخطباء من الخطب. كل هذا و المحامي يعرف أن الأحكام جاهزة، والقاضي يعرف أن المحامي يعرف أن أحكامه جاهزة، و المتهم يعرف أنه راح في داهية ولو كان أكثر براءة من رضيع نزل لتوه من رحم أمه  … والجميع  يعرفون  أنها مهزلة مبكية أو تراجيديا مضحكة .   وفي هذه المسرحيات التي تدوم منذ انتصاب الدكتاتورية، ” شيح” الدفاع ريقه بلا فائدة و فقد القضاء كل وظيفة وقيمة كحامي لأساس العمران، و ضيع  القضاة كل شرف شخصي ومهني إما بالفعل وإما بالسكوت. ولم يشكل الصوت المنعزل للمختار اليحياوي إلا مزيدا من التعرية لما بلغه السلك من انحطاط سيبقى معرة في تاريخ بلادنا ولن يغسل عاره إلا عقود طويلة من الاستقامة والاستقلالية يحققها له قضاة من نوع جديد ليس شغلهم الترقية والنقلة. وهذا الجهاز المشين الذي اغتال في بلدنا كل مفهوم وقيمة لفكرة العدل والقضاء المستقل وكرامة القاضي  هو امتداد أو جزء من الجهاز البوليسي وكلاهما يشكلان الآلة الأولى التي تسحق شعبنا: آلة القمع قلت دوما أن البوليس التونسي هو حالة قد تكون فريدة من نوعها في العالم حيث هو البوليس الوحيد في العالم الذي يحمي بكل علم  الجريمة المنظمة من الشعب وليس الشعب من الجريمة المنظمة. وهذه الجريمة المنظمة هي آلة الفساد  التي بيع بموجبها أخيرا  جزء هائل من عاصمتنا لأموال الخليج وخرج هذا  الجزء فعليا  من تراب البلاد من السيادة الوطنية. لكن أين حتى هذا من مفعولها الحقيقي  أي تدميرها لقيم العمل والنزاهة والكدّ والجد في المجتمع  وهيبة  الدولة . أخيرا وليس آخرا آلة التضليل و التزييف التي تعمل في الحقل السياسي من تنظيم الأحزاب ( مخابراتيا) إلى تنظيم مهرجانات الانتخابات الرئاسية” التعددية”… إلى مهزلة 10 ديسمبر حيث نرى دكتاتورا تجندت ضده  كل منظمات حقوق الإنسان في العالم ، يخطب ويتلقى ويعطي جوائز حقوق الإنسان ،في مشاهد تثير الغثيان، ولا شك أنه سيأتي يوم ليجعل منها مخرج موضوعا شيقا لمسرحيات تتدافع إليها الجماهير لتضحك من هذا الدكتاتور الذي طالما أرعبها.                                                              * المطلوب اليوم ليس تحليل ولا إدانة هذه الآلات الرهيبة التي تدمر كل يوم أكثر فأكثر دولتنا ومجتمعنا  وإنما تدميرها هي.  ما من شك أن الخبثاء ومعهم بقية الضعفاء والجبناء الذين يتشدقون باصلاحها ، يتخذون موقفهم هذا انطلاقا من قناعتهم أننا أمام  مكينات جبارة لا تكسر ومن العبث منازلتها. ما يجهلون أن في قلب هذه  الآلات الرهيبة قوى تفكك رهيبة داخلية  لأنه لا شيء فيها  إنساني ونبيل وجميل وعظيم وإيجابي وخلاق وصحي وقابل للدوام .على العكس فيها كل مفاسد الأخلاق التي يجسدهاالدكتاتور،  ومفاسد الأخلاق هذه هي القوى الهدامة للقوى الهدامة  وهي التي ستدمر ما يدمرنا حتى ولو كان التدمير بطيئا . نحن في سياق التاريخ الذي يقضي  دوما على مثل هذه البشاعات الاجتماعية والسياسية فلو ترك الوضع على حاله دون أدنى صراع ضده لانهار من الداخل كما ينهار بيت مبني بالطوب الفاسد على مستنقع.  المشكل أن سياق التاريخ بطيء ولا بد من الحركة للتعجيل بما هو مكتوب في سجله، فالشعوب لا تستطيع تحمل طول انهيار تنظيمات مريضة وممرضة  كهذه   ولو نظرنا لحيلها  في التعجيل بخلاصها لاكتشفنا أنها تبدأ دوما بوضع الحصوات الصغيرة في دواليب آلات القهر لتتعطل شيئا فشيئا. يأتي يوم يتضافر فيها هذا العامل” الحصوي”  مع الانهيار الطبيعي الداخلي، لتنضج الأمور للضربة القاضية وإعادة البناء. إن المقاومة السلمية  التي أدعو إليها التونسيون  ليست الخروج للشارع قبل الأوان وإنما المشاركة في تدمير آلات الاستبداد الثلاثة …كل بالحصاة التي يقدر عليها. ما أعيبه على المحامين، رغم إعجابي بتفاني العديد منهم منذ عشرين سنة ، هو قبولهم الانخراط في تمثيلية الدفاع والحال أن الحصاة في المكنة هي رفض المرافعة والتجع بصمت خارج القاعة وتوزيع ملفات الطعون على الصحافيين وإصدار التقارير عن التجاوزات والنضال من أجل قضاء مستقل. نفس الشيء عن القضاء نفسه. تقول كل قوانين الاحصائيات أن أي  مجموعة بشرية ليست كلا متجانسا أي أنه يوجد في سلك القضاء مجموعة وسطية محايدة سياسيا وأخلاقيا على طرفيها أقلية سلبية يمثلها  محرز الهمامي وفي الجهة المقابلة  أقلية إيجابية  يمثلها  المختار اليحياوي. هذه الأقلية هي المطلوب منها اليوم  التحرك لإنقاذ شرفها الشخصي وشرف المهنة.  كذلك الأمر بالنسبة لسلك البوليس.إن من سربوا منهم  للصحافة بعض ملفات الفساد هم من المقاومين وعليهم اليوم التجند أكثر من أي وقت مضى ليعلم المفسدون أنهم لا يرتعون في هنشير السيد الوالد.   تبقى مسؤولية السياسيين الذين يصرون على ملاعبة النظام في انتخاباته . لمنخرطي  هذه الأحزاب أي للجزء الإيجابي منهم أقول ضعوا حصاة في مكنة الانتهازيين الذين يريدون مراقصة المزيفين لمصالح شخصية وحزبية ضيقة لا يهمهم المساهمة بهذا في تأبيد الاستبداد الذين يدعون رفضه. ولكل التونسيين أقول حصاتكم الكبرى ويا لها من حصاة ألا تساهموا  في أي انتخاب يسخر فيه من ذكائكم  ومن مصالحكم ،  وبقية الحصوات ما تجود بها مخيلتكم.  وإنها لمقاومة حتى النصر موقع المؤتمر من أجل الجمهورية www.cprtunisie.net
 


تونس: ترحيل الانفراج السياسي إلى 2008؟

 
بدأت سنة 2007 بحادِثة الاشتباك المسلّح بين الشرطة وعناصر مجهولة، وهي الحادثة التي فاجأت السلطة والرأي العام. وها هي السنة نفسها تنتهي بمُـحاكمة من بقي حيا من أولئك العناصر، الذين أصبحوا يعرفون بـ “مجموعة سليمان”، رغم أنهم يفضلون أن يُـطلق عليهم “جند أسد ابن الفورات”.   كان المحامون يأملون في تأخير القضية لمدة شهر على الأقل، للإطلاع على ملفات موكِّـليهم، لكنهم اصطدَموا بإصرار قضائي، وربما سياسي، على طَـي صفحة هذه المجموعة قبل نهاية العام أو في أقصى تقدير، مع مطلع السنة الجديدة. ويمكن القول بأن العام المنقضي، كان بامتياز عام المواجهة المتصاعدة، بين السلطة والتيار السلفي. الشاهد على ذلك، حملة الاعتقالات الواسعة، التي تمت في صفوف المتأثرين بما يجري في العراق خُـصوصا.   وبالرغم من غياب رقم دقيق لعدد الموقُـوفين، إلا أن الأوساط الحقوقية تتحدّث عن اعتقال أكثر من ألفي شخص ضمن الحملة المُـدرجة فيما يُـسمى بـ “مكافحة الإرهاب”، كما أن هناك وتيرة متسارعة لمحاكمة الكثير منهم، حيث صدرت خلال الأشهر الأخيرة أحكام قضائية، تراوح معظمها بين سنتين و12 عاما، ومنهم من تجاوز نصيبه العشرين سنة.   كما كشفت التحقيقات والملفات أن هؤلاء لا يجمعهم تنظيم حزبي أو قيادة موحدة، وإنما هم أفراد أو مجموعات صغيرة من شباب لا تزيد أعمارهم عن 26 عاما، تأثروا بما يجري في بلاد الرافدين وتفاعلوا مع خطاب سياسي ودِيني أثار حمَـاسهم، وجعل الكثير منهم يُـقرر الالتحاق بما تصوروه مقاومة مشروعة في العراق.   اعتُـقل بعضهم في سوريا وآخرون في الجزائر، وصِـنف ثالث لم يغادر تونس أصلا، وباستثناء جماعة “سليمان”، التي قرّرت أن يبدأ “الجهاد” من تونس، فإن الأغلبية الساحقة من أبناء هذا التيار غير المنظم، لم تكُـن معنِـية بالشأن التونسي ولم تفكر في مُـمارسة العُـنف ضد أيّ جِـهة داخلية، وإنما الذي شغلها وحرّكها، نفس المشاعر التي حرّكت آخرين قدِموا من بلدان كثيرة لمنازلة الأمريكان على أرض العراق.   ما أثار الحيرة ولا يزال في صفوف المراقبين، هو أنه بعد عام كامل من تاريخ القضاء على مجموعة “سليمان”، فإن الغموض لا يزال يحيط بجوانب من هذه القضية، إذ بالرغم من أن الجهات الرسمية سبق لها وأن ذكرت بأن هدف المجموعة كان التخطيط للاعتداء على سفارات أجنبية، وتحديدا سفارتي الولايات المتحدة وبريطانيا، إلا أن ملف القضية جاء خاليا من هذه الحيثيات – حسبما ذكره بعض المحامين – كما فوجئ الجميع بتوجيه تُـهمة محاولة قلب النظام، مما حوّل اتجاه القضية وأدرجها ضِـمن سياق مختلِـف عمّـا ذكره وزير الداخلية، في لقائه مع كوادر الحزب الحاكم، مما جعل البعض يعتقد بأن هناك مُـعطيات لا تزال مخفية.   وفي انتظار الكشف عن الحلقات المفقودة في هذه القضية، التي ذكّـرت التونسيين بحادثة مدينة قفصة، وإن كانت أجواء المحاكمة هذه المرة تدور في ظروف غير مسبوقة، فإن كل المؤشرات تدُل على أن مرحلة مواجهة السلفِـيين، مرشحة لكي تمتَـد في الزمان والمكان، وهناك من لا يُـخفي خِـشيته مما قد يُـفرزه الأسلوب الأمني الحاد، الذي يتم اعتماده مع أعضاء هذا التيار، وبالأخص ما يُـمكن أن ينجَـرّ عن احتمال تنفيذ أحكام الإعدام في عددٍ من أفراد هذه المجموعة.   وما يخشاه هؤلاء، هو أن تتجدّد محاولات العُـنف الموجّـه نحو الداخل، سواء بدعم خارجي أو بدافع “الثأر”، فتصاعد وتيرة العمليات المسلحة في الجزائر وبقية دول المغرب، من شأنه أن يعزز احتمالات سعي البعض لزعزعة استقرار بلد مثل تونس، التي تمكّـنت إلى حدّ الآن، من أن تكون خارج دوّامة العُـنف المنظم والمحترف.   في انتظار الانفراج!   مرت سنة 2007، دون أن يتحقّـق الانفراج السياسي، الذي طالما توقّـعته بعض الأوساط وروّجت له جِـهات من داخل السلطة أو قريبة منها، وكانت آخر محطة انتظار، هي الذكرى العشرون لاستلام الرئيس بن علي الحُـكم، حيث لم يتضمّـن خطابه أي إجراء سياسي من الحَـجم الثقيل، ممّـا خلّـف لدى الكثيرين شعورا بخيمة أمل، وبذلك، استمرّت حالة الاحتقان في أوساط شقّ من المعارضة والمجتمع المدني، حيث شكّـل الإضراب عن الطعام لمدة شهر، الذي قام به مسؤولان في الحزب الديمقراطي التقدمي، أهم مظهر له في هذه السنة.   لقد رفض الرئيس بن علي الانفتاح على هذا الصِّـنف من المعارضة، التي تقف على النَّـقيض من سياساته وتُـشكِّـك في شرعية الحُـكم القائم وتعترض على ترشيح بن علي للانتخابات الرئاسية القادمة، معتبِـرة ذلك “رئاسة مدى الحيــاة”، وبتعبير أدق، وضع الرئيس بن علي شروطا ضِـمنية لأي علاقة محتملة مع الأطراف الاحتجاجية، لعَـل في مقدّمتها، التسليم بقواعد اللعبة التي وُضِـعت منذ انتخابات 1994.   لكن، ورغم أن نفس الخطاب لم يُـغلق باب الإصلاح نهائيا، حسب اعتقاد البعض من المعارضين، إلا أن جزءً من الأحزاب المتّـهمة بكونها موالية للسلطة، عبّـر بِـدَوره عن رغبتِـه في أن يتِـم تعديل هذه القواعد بشكل يسمح لهذا الصنف من المعارضة من التخلّـص، ولو نسبيا، من هيمنة الحزب الحاكم على مختلف جوانب الشأن العام.   وقد عبّـر عن ذلك بوضوح إسماعيل بولحية، رئيس حركة الديمقراطيين الاشتراكيين، عندما انتقد صراحة (حزب التجمع الدستوري الديمقراطي) الحزب الحاكم، في برنامج تلفزيوني حواري تمّ بثه قبل أيام.   والمعلوم أن بولحية يُـعتبر من بين أكثر الشخصيات السياسية من خارج الحُـكم، مقرّبا للرئيس بن علي، مع ذلك، هناك من يفترض بأن سنة 2008 قد تشهد خُـطوات ملموسة في اتِّـجاه ترضِـية بعض تطلُّـعات الشارع السياسي والنُّـخب المتعلمة.   “الخيار الثالث”   من جهة أخرى، شهد “الحزب الديمقراطي التقدمي”، الذي يُـعتبر من بين أنشط الأحزاب المكوّنة لهيئة 18 أكتوبر، تبايُـنا عميقا في وجهات النظر حول منهج التغيير والعلاقة بالنظام، فقد أصدرت بعض عناصره القيادية عدداً من النّـصوص طيلة السنة الجارية تحت عنوان “نصوص في التنمية السياسية”، صدر آخرها في مطلع شهر ديسمبر 2007.   وقد اعتبر الموقِّـعون عليه، أن إمكانيات الإصلاح السياسي لا تزال قائمة في تونس، وخلافا لمن يعتقد بأن الوضع السياسي قد وصل إلى حدِّ القطيعة، فإن هؤلاء يؤمِـنون بوجود “تقاطعات هامة بين السلطة والمعارضة، من أجل إنهاء التنافي والبناء المشترك”.   كما أن أصحاب الوثيقة جدّدوا رفضَـهم للمعارضة الراديكالية واتهموها بـ “ضيق الأفُـق”، وذهبوا إلى حدّ القول بأن “إرساء نظام سياسي جديد على أنقاض النظام القائم، بقطع النّـظر عن عدم واقعيته، يظَـل بدوره محكوما بجاذِبية التسلط”، وأكّـدوا على أن “النجاعة السياسية تتطلب البراغماتية”، هذا الخطاب، الذي يعتبِـره البعض “استسلاميا”، يشكِّـل مؤشرا عن المأزق الذي تواجهه المعارضة في تونس، هذه المعارضة التي لم تتمكّـن مرة أخرى طيلة سنة 2007 من تغيير المعدّلات لصالحها أو جذب اهتمام الرأي العام للمعركة التي تخوضها منذ سنوات طويلة، ضد نظام الحكم.   وقد يبدو هذا الجدل الدّائر حول منهَـج التغيير، هل يكون راديكاليا أو إصلاحيا، مجرّد نقاش داخل فصيل واحد من المعارضة الاحتجاجية، لكن الاقتراب أكثر من المشهد السياسي قد يكشِـف بأن نِـطاق هذا الجدل تتجاوز دائرة حزب واحد وأن سنة 2008 قد تشهد مُـبادرات متعدّدة الأطراف، للبحث عما وصفته إحدى الصحف المحلية بـ “الخيار الثالث”، بين طريق الموالاة وطريق القطيعة.   لكن العقبة الرئيسية أمام الباحثين عن مِـثل هذا الخيار، تتمثل في مدى استعداد السلطة لتقبُّـل هذا النّـمط الجديد من المعارضة، وهل ستوفِّـر له شروط البروز والتَّـبلوُر، أم أنها ستكتفي بتوظيفه لإضعاف الجميع؟   ملف رابطة حقوق الإنسان.. يظل معلّـقا   إن شيئا ما يحدُث داخل الساحة النقابية، هذا ما يلمَـسه المراقب وهو يستعرض أهمّ التطورات التي سُـجِّـلت خلال هذه السنة الجارية، فالإضرابات العُـمالية والقطاعية، عرفت وتيرة متصاعِـدة خلال العام المنقضي، وهو ما جعل البعض يعتقد بأن سنة 2008 ستكون محكومة إلى حدٍّ كبير بتوتُّـر اجتماعي بارز.   فالغلاء في تونس، قد أصبح ظاهرة حادة تقض مضجَـع الأغلبية الواسعة من السكان، بما في ذلك الطبقة الوسطى، التي اعتبرتها صحيفة “الشروق” بأنها أصبحت مرهُـونة لدى البنوك، كما أن الخصخصة لا تزال تخلِّـف وراءها ضحايا يعزِّزون سنة بعد سنة جبهة العاطلين عن العمل، إلى جانب ما تقذف به المدارس والجامعات من كُـتل بشرية ضخمة كل عام نحو سوق الشغل.   أخيرا، استمر مِـلف الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان معلَّـقا للسنة السابعة على التوالي، ورغم أن سنة 2007 تميّـزت عن غيرها بفتح حوار متقطّـع بين الهيئة المديرة لهذه المنظمة وبين السلطة من خلال رئيس الهيئة العليا لحقوق الإنسان، إلا أن المحادثات التي تمّـت، لم تفض إلى حلول عملية لتمكين الرابطة من عقد مؤتمرها السادس، وبالتالي، إلغاء الأحكام القضائية التي تمنعها من ذلك، وإذ تجدّدت من حين لآخر الحملة الإعلامية ضد رئيس الرابطة والهيئة المديرة، إلا أن الأيام الأخيرة الماضية شهِـدت عودة الاتصال والمحادثات بين السيدين مختار الطريفي (عن الرابطة) ومنصر الرويسي (عن السلطة)، وبذلك، تجدّد الأمل في احتمال تسوية قريبة لهذا الملف، الذي لا زالت تعتبره الأوساط الدبلوماسية بمثابة المِـحرار الفعلي لقياس درجة الانفتاح السياسي للنظام.   هكذا بدا المشهد السياسي في تونس طيلة العام الذي ودعنا، فهل يُـمكن القول بأن السلطة قرّرت بوَعي ترحيل قرارات الانفراج السياسي للعام الجديد؟   الأكيد أن سنة 2008 ستمحو سياسيا حول تكثيف الاستعدادات السياسية للانتخابات الرئاسية والتشريعية، التي ستنظم خلال سنة 2009، وهي انتخابات ستكتسب، من الناحية الرمزية، أهمية خاصة للرئيس بن علي الذي يتهيّـأ لدورة رئاسية خامسة.   صلاح الدين الجورشي – تونس   (المصدر: موقع “سويس أنفو” بتاريح 02 جانفي 2008)

حوار مع الصحفي عبد الله الزواري  القيادي الإسلامي المنفي في وطنه

الجزء الثاني

 
حاوره فوزي الصدقاوي Sadkaoui.fwz@gmail.com    5.هل لكم أن تحدثونا عن محنة التسعينات من القرن الماضي في السجون التونسية كما عايشتموها وعاشها السجناء السياسيون و كيف تقرؤون أبعادها  ؟   كنتُ قد حوكمتُ في جميع محن الحركة الإسلامية وذلك في سنة 1981 وسنة1987 ثم سنة1991….ففي سنة 1981 ونحن في السجن كانت علاقتنا مع السجانين عادية كما كانت علاقتنا بعائلاتنا على ما يرام وأذكر أنه في أحد الأيام فتح علينا أحد الأعوان في السجن الباب وشرع يدفع إلينا بـ(ـالدلاع) فسألناه عن الأمر قال : أن فلاحاً من أبناء الجهة بعث إليكم بهذا الدلاع ، كانت بعض تلك(الدلاعات) قد كُـتب عليها «الإتجاه الإسلامي»والإدارة لم تر في هذا تصرفاً مخالفاً للقانون ولا مستنكراً من قبلها بل إستلمت الدلاع من المواطن وسلمته إلينا ، لكن في نظام زين العابدين بن علي تقطع عائلتك مائات الأميال دون أن تتمكن من أن تسلمك قفتك[6] للأن نظام السجن جعل للزيارة يوم وللقفة يوم ، ما الذي تغيير  من سنة 1981 إلى سنة 1991 حتى يتغيير نظام السجن ؟ فالحركة وأبناؤها وقادتها الذين حوكموا سنة1981 هم أنفسهم الذين حوكموا سنة 1991 مع أبنائها الجدد من التلاميذ و الطلبة والعمال والأساتذة بل إن السجانين أنفسهم لم يتغيروا، فالنظام وحده الذي تغيير، فـيوم كنت في سجن الناظور سنة 1981 بعث إليّ أحد تلاميذي وهو مقيم في مدينة بنزرت قفة كتب عليها( عبد الله الزواري /حركة الإتجاه الإسلامي) وقد سلمت إلي الإدارة القفة دون أن تجد أي داعِ للإعتراض أو اللإمتناع ، فقد وظفت السلطة السياسية ضدنا كل شيء فوظفت القضاء ليصدر ضدنا أقسى الأحكام الجائرة وسخّـرت إدارة السجون للتنكيل بنا والتشفي والإنتقام وسخّـرت مصالح الأمن لتصفية طرف سياسيّ معتبرٍ في الحياة السياسية بتونس . وتحولت مؤسسات الدولة في قبضة الحزب الحاكم تنـفذ سياساته . فما مورس ضدنا منذ بداية التسعينات وإلى يوم الناس هذا مخالف لكل الأعراف والقوانين وسأقدم لك بعض الأمثلة: في سنة 1981 كانت عائلتي تقيم في جرجيس فيما كنت في سجن الناظور ولم يكن بإمكان عائلتي أن تزورني نظراً لبعد المسافة(+500 كلم) غير مرة واحدة كل ثلاثة أو أربعة أشهر فسألت مدير السجن إن كان يمكن لعائلتي أن تزورني أكثر من مرة في الأسبوع إن هي أمكنها الإقامة بتونس العاصمة لمدة أسبوع أو أسبوعين ، لم يعترض بل سمح لعائلتي بالزيارة ثلاثة مرات في الأسبوع ، وقد قدرت من جهتي كسجين أن هذا التصرف ينم عن إنسانية وحكمة . كان ذلك قبل أن توجد قوانين ترتيبية للسجون وقبل أن تصبح السجون تحت إشراف الإدارة العامة وقبل أن يصبح ضباط السجن متخرجون من الأكاديمية لتسير السجون ، كان مديري السجون حينها قد ترقوا من خيط إلى أربعة خيوط إلى نجمة بيضاء ثم نجمة صفراء . في سنة 1995 وبعد ما يقرب عن تسعة أشهر لم تكن تعلم عائلتي عني أي شيء ولا بأي سجن أقيم، فآخر زيارة إلتقيتُ بهم فيها كانت في المهدية في سبتمبر1994 وكانت من  وسائل العقاب حرمان السجين من وصول رسائله إلى أهله ، فيسمح لنا بكتابتها ثم تحجز عندهم . ومن سجن المهدية تم نقلي إلى رجيم معتوق ثم إلى الهوارب والسيد فيصل الروماني الذي صار اليوم رائد كان من بين العقوبات التي هو بذاته أعلن عنها: أن رسائلي لن تصل إلى عائلتي. وبقيت أخباري مقطوعة عن العائلة من سبتمبر1994 إلى أكتوبر1995 وبعد أن ذهب فيصل الروماني و ذهب  مدير عام السجون الحاجي غير مأسوف على عهده ليحل محله مدير عام جديد هو العقيد توفيق الدبابي ، تعدلت بعض الأشياء ، فعلمت عائلتي بمحل وجودي وقدِمت لزيارتي يوم 17 أكتوبر وقدمت والدتي المسنة متحاملة على نفسها لزيارتي بسجن الهوارب ، ومع أن القانون يسمح لذوي السجين عدم التقيد باليوم المخصص للزيارة السجناء إذا كانت الزيارة الأولى فقد منعوا عائلتي من زيارتي يومها بحجة أنه ليس يوماً مخصصاً للزيارة ولم يوقروا إمرأة مسنة جاءت تزور إبنها بعد أن فقدت أخباره لتسعة شهور ودعوها للعودة في اليوم الموالي . باتت والدتي ليلتها تلك ،وهي كما أذكر ليلة ماطرة و عاصفة،  عند عتبة احدى الحوانيت في الهوارب وفي الصباح حملتْ نفسها إلى السجن لزيارتي ، كانت والدتي في جميع المحاكمات تشد أزري وتطمئنني، ولم تبكي يوما عند المقابلة ، بل إنها طلبت من مدير السجن يوم كنا في إحدى مقابلات السجن سنة1981 أن تبقى مع السجناء لتغسل لنا ثيابنا وتطهو لنا الطعام  وكنت أخرج للزيارة وقتها مع الشيخ راشد الغنوشي، فطمأنها مدير السجن: أنهم يعتنون بنا ويلبون طلباتنا وأنه ليس عليها أن تقلق على حالنا . لكن في تلك الزيارة من صبيحة يوم 17أكتوبر1995 إستقبلتني والدتي عند الزيارة باكية وأبت أن تحدثني بشيء حتى لاتنغص عليَّ  ، إلى أن روى لي شقيقي ما كان من أمر إدارة السجن من رفضها السماح لعائلتي بالزيارة وما كان من إصرار والدتي على المبيت في الطريق العام وعدم العودة قبل أن تراني وقد إغتضت لذلك وهالني أن أسمع ما تكبدته والدتي من متاعب . هذا بعض ما يمكن أن يُعْطي صورة عن وضع السجين وعائلته على عهد نظام بن علي، والواقع أن أشنع منه حصل للسجناء وعائلاتهم.  بينما في عهد نظام بورقيبة كان مدير السجن بشير الشنّوفي الذي أمضينا تحت إدارته ثلاثة سنوات سجن  قد قدِم إلينا ليودعنا باكياً معانقاً يوم مغادرتنا لسجن الناظور إلى سجن تونس . ومع أنه كان معروف بإدمانه على شرب الخمر إلا أنه كان يعامل السجناء معاملة إنسانية وقد قال لنا عند المغادرة « مرّ أمامي جميع أصناف سجناء الحق العام،لكنكم صنف آخر من السجناء ولا يمكنني أن أخطأ في حقكم ، فإن كان جماعة السياسة قد أخطؤوا في حقكم ، فليس علينا نحن كإدارة السجن إلا أن نقوم بوظائفنا كما يوجبها القانون» والغريب أن هذا الرجل لم يدرس بالجامعة ولا بأكاديمية ولا درّسوه حقوق الإنسان ولا لقّـنوه دروساً في إدارة السجون وكل ما في الأمر أن مشاعر إنسانية كانت حاضرة وقـِِيماً أخلاقية كانت تحكم سلوكه هو وأعوانه ، لم تمنعه من أن يفعل الشيء الصحيح . هذا على أيام بورقيبة أما الآن فإنه رغم كون القوانين تسمح بالزيارة الأولى في أي يوم وفي أي ساعة دون إلتزام بالضوابط القانونية ليتم بعدها تحديد يوم الزيارة المقرر لعائلة السجين وساعتها في المستقبل ، فقد جرى منع والدتي المسنة من زيارتي ، بعد أن تكبدت عناء السفر الطويل . لقد كانت تعليمات النظام لإدارة السجون لأجل تنفيذها في حق السجناء السياسيين تتمثل أساساً في التشفي والإنتقام، فالنيابة العامة في محكمة بوشوشة العسكرية ممثلة في السيد محمد قزقز طالبت في مرافعتها :« …بإبادة هؤلاء…» رغم أن الإبادة جريمة محرمة دولياً ، والواقع أن المحاكم جميعها لم تصدر أحكاماً بالإبادة في حق الإسلاميين فإن ما مورس في حقهم أيام التحقيق في مخافر الأمن وأقبية الداخلية ولاحقاً في السجون التونسية كان إبادة وموتاً بطيئاً رأينا ولا نزال نرى نتائجه القاتلة . أذكر مثالاً على ذلك، أحد إخواننا من صفاقس( حبيب الفقيه  أو حبيب العيادي) حُـكم عليه بثلاثة سنوات سجن و زجّ به في غرفة المدخنين ، فأصيب ببحة في صوته ولم يُسمح له بالمعالجة إلا بعد محاولات مضنية ، وبعد الفحوص قدرالطبيب أنه مصاب ببداية سرطان في الحنجرة ، وأوصى في تقريره أن يُنقل المريض إلى غرفة أخرى ليس بها مدخنين وكان أمله أن يكون في حصة الفحص القادمة قد تحسنت حالته بصورة ملحوظة ، فما كان من إدارة السجن إلا أن فعلت عكس ما أمر به الطبيب فاُخذ إلى غرفة مدخنين تزيد أعدادهم عن مائتي سجين،  عاد السجين إلى الفحص ثانية لاحظ الطبيب أن حالته إزدادت سوءاً وفَهم أنه نُـقـل إلى غرفة فيها أعداد أكبر من المدخنين . فأعاد الطبيب كتابة التقرير مشدِداً على ضرورة إبقاء السجين المريض بعيداً عن المدخنين، لكنه في الحصة التالية لم يتبين أن شيئاً قد تغيير، سأل  الطبيب عن مدة الحكم فقال له السجين هي : ثلاث سنوات ، فأسر له الطبيب قائلاً : واضح أنه لارغبة لهم في معالجتك ولم يبق أمامك سوى أن تقضي السنتين المتبقيتين من الحكم فالمرض في بدايته ولن يتطور خلال السنتين القادمتين تطوّراً خطيراً ،  إليك عنواني.. تعالى إليّ لأعالجك حين تغادر السجن. ولقد تطورت حالة السجين فبلغت به حداً يعجز فيها عن إسماع صوته ، فكان حين تزوره عائلته في السجن يسمعها لكنه يعجز على إبلاغها حاجته لأن بَحَة شديدة ذهبت بصوته ولايكاد أهله يوم الزيارة ، يسمعونه وسط تعالي أصوات باقي السجناء والعائلات . وحين طلب في إحدى المرات أن تمنحه إدارة السجن بضع دقائق حين تهدأ الأجواء بعد الزيارة ويكون الزوّار قد غادروا ، فتصبح العائلة قادرة على سماع صوته الخافت ،أو يسمحون له بكتابة طلباته على ورق ، فقامت الإدارة بمعاقبته بنقله إلى سجن آخر حيث قضّى بقية محكوميته ثم خرج ليعالج نفسه  . هذا مثال واحد والأمثلة كثيرة عن حالات إصابة السجناء بأنواع من السرطانات ، فإن نحن لم نعتبر الظروف السجنية سبباً رئيسياً في نشأة هذه الأمراض فلا يمكن تبرئة إدارة السجن من الإهمال الصحي الذي سمح لعدد من الأمراض أن تستفحل في الجسم وتفتك به . لو لم يكن هناك سوء نية لماذا ينقل  السجين المريض بالرغم من توصيات الطبيب ، من غرفة بها مائة سجين مدخن إلى غرفة بها مائتي سجين مدخن ، ألم يكن من الواجب إتباع توصيات الطبيب ؟ لماذا يوضع في العزلة السيد حمادي الجبالي و السيد صادق شورو والسيد علي العريض؟ إن لم يكن نكالة بهم ،لماذا لا يوضع في العزلة أيضاً سجين مريض ليس مطلوب غير حمايته من تلوث غرف المدخنين إن لم يكن رغبة مضمرة من الإدارة في إستفحال مرضه . لذلك نقول أن الإنتقام والتشفي سياسة متبعة ومبرمجة و لولم تكن سياسة متبعة لكنا شاهدنا مدير سجن متسامح وآخر متشفي ، ومدير سجن يمنع من الزيارة ومدير سجن يمكّن من الزيارة  ومدير سجن يهمل الناحية الصحية للسجناء  ومدير سجن يُعنى بصحة السجناء . لكن مايجري في كل السجون كان مبرمجاً مسطراً ومخططاً ومدروساً وليست أبداً عملية عفوية، ولم تكن هذه الممارسات مسلطة فقط على السجناء بل أيضاً على عائلاتهم.  فحين نسمع أن امرأة مسنة تزيد عن الستين من عمرها تنتقل من تونس إلى ولاية المدنين لتبيت ليلتها في فندق لتتمكن من زيارة إبنها الشاذلي النقاش في سجن الحربوب وحين يتم إكراه نساء على تطليق رجالهن ، فزوجة السجين معتوق العير حين تستقل سيارة أجرة يستوقفها رجال الشرطة في جبنيانة ويمنعونها من زيارة زوجها ويجبرونها على إعلامهم قبل أن تغادر محل سكناها قاصدة زيارة زوجها ثم يطلب منها إخبارهم بعد الزيارة بما تحدث به إليها وداوموا على ذلك مضيقين عليها غدوها ورواحها حتى قررت الطلاق فعدد من النساء لم يجدن من الطلاق حينها بد إلى أن يتغير الحال ، أما أبناء المساجين فقد تحملوا هم أيضاً متاعب ما أصاب أباؤهم فمعظم السجناء دخلوا السجن وأعمارهم بين 30 و40 سنة وتركوا أبناءهم في أعمار تتراوح بين 3 سنوات إلى 7 سنوات في حاجة إلى عطف ورعاية الوالدين بصورة متوازنة ، فما يحتاجه الأطفال في ذلك السن من رعاية وعطف وتربية متوازنة لايمكن تعويضه لهم في سن 12 سنة أو بعد ذلك وسيظل ذلك النقص مسبب لخلل سيلازم شخصيته لاحقاً ، وتلك في حقيقة الأمر الجريمة الكبرى كما نتصورها . فبُعد المسافة بين محل سكنى العائلة و السجن الذي يقيم به رب العائلة( من شمال البلاد إلى جنوبها والعكس) وقلة ذات اليد التي تعاني منها عائلات السجناء ستجعل من الفرص القليلة التي يمكن أن تعوّض للطفل عند مقابلة أبيه ما يحتاجه من عطف وحنان سوف يكون من العسير توفيرها له وإن أمكن لتلك الزيارة أن تكون بعد بضع شهور طويلة فبإجهاد وإذلال لأجل لقاء لا يزيد في أحسن الأحوال عن ربع الساعة( في « سنوات السجن الذهبية » !!! أي بعد سنة1998 أما قبل ذلك فلم تكن الزيارة تزيد عن الخمسة دقائق). ومادمتُ قد ذكرت الزيارة فلا بأس أن أجري  ثانية مقارنة  بين ما كان من نظام السجن في العهد السابق( العهد البورقيبي)، فلم تكن الزيارة مقيدة بوقت وكان يمكن أن يسمح لك بالزيارة لما يزيد عن الساعة ونصف الساعة ، ولن تنتهي زيارتك إلا إذا كان هناك شخص آخر جاء بدوره لأداء زيارة لقريبه فيطلب منك حينها المغادرة لتفسح له المجال . ففي سنة 1981 جاءنا مدير السجن وطلب منا أن ننظم زياراتنا فيختار كل واحد منا يوماً للزيارة على النحو الذي نريد بصورة توفر لنا الراحة وتحقق للإدارة ما تطلبه من سير النظام. فكان الشيخ راشد الغنوشي ومحمد الصالح نني و عليّ نوير رحمه الله يلتقون بزائريهم يوم الإثنين ومحمد الصالح كركر وصالح بن عبد الله يوم الثلاثاء ، عبد الرؤوف بن رمضان ونجيب العياري يوم الأربعاء، يوم الخميس ..؟ يوم الجمعة  جماعة بنزرت صالح الصفاقس وعلي الغالي ومحمد علي المغربي وحبيب ريحان ويوم السبت وليد البناني وبن عيسى الدمني وأنا ويوم الإثنين ، وحبيب ريحان كان يلتقي بزائريه يوم الإثنين فقط فطلب مقابلة مدير السجن شارحاً له أن عائلته كبيرة و جميعهم من بنزرت ولا يليق أن يتحدث إلى زوجته بحضور إخوته والأقارب من العائلة وسأله أن يمنحه يوماً إضافياً للزيارة تكون لزوجته وأبنائه فقط ، فوافق مدير السجن على الفور أن يجعل له يوم الجمعة يوماً إضافياً. فما الذي أنقص من هيبة إدارة السجن حين تحسن معاملة السجين ، لقد كانت الزيارة على تلك الأيام مباشرة في غرفة فسيحة ومدة الزيارة غير مقيدة بوقت فالزيارة تبدأ الساعة التاسعة ولاتنتهي الزيارة ما دام ليس هناك سجين أخرى جاءت العائلة لزيارته، وإن لم تكن هناك زيارة من قبل عائلة أخرى تستمر مقابلة العائلة الأولى مع إبنها السجين يجلسون على طاولة حيث تُبسَطُ المأكولات ويتبادل أفراد العائلة أطراف الحديث أثاء الأكل . كانت الإدارة في هذا العهد تحرص على تدمير نفسية الطفل بإبعاد والده السجين عن منطقة سكناه وكانت الزيارة تتم عبر الحواجز وهوما يسيىء إلى الطفل وهو يلتقي بأبيه وقد ضرب بينهما الحواجز من كل جانب ويشاهد أباه محجوزاً كما لو أنه حيوان في قفص يحول دونهما وأي ملامسة أومعانقة . أما الرسائل التي تساهم في تخفيف الوطأة على الأبناء والزوجة بعض الشيء ، فإنها كانت تمنع ، فـفيصل الروماني كانت إدارته لاتسمح بأكثر من رسالة واحدة في الشهر ، لاتصل إلى عنوانها، ماذا يعني هذا غير إرادة التدمير المنهجي لكل علاقة يمكن أن تساعد العائلة عن النهوض والأطفال على التماسك. على المستوى الاجتماعي كان يراد عزل أبناء الحركة عن عموم الناس، فحين يرى المواطن العادي أن حركة بحجم حركة النهضة في وقتها يتم ضربها بهذا العنف وإنتهاك حرمات أبنائها وعوائلها بمثل هذه الوحشية فإن الدرس الأول الذي سيلتقطه هذا المواطن وغيره من المواطنين هو أن دائرة العمل السياسي دائرة خطرة وأنه ليس في مقدور أحد من السياسيين أن يدرأ عن نفسه العقاب إن هو إقتحم منطقة السياسة ومارس حقه الدستوري في العمل السياسي . فالنظام فرض علينا بوسائله الأمنية والقمعية عزلة قاسية ثم ساهم فيها مع الأسف أطياف من المجتمع بدرجات متفاوتة فبعض إخواننا من بنزرت كانت كل زيارة له تتحول إلى« مَنْدَبَةٌ» إذ كان يعود إلينا باكياً لِما يصله كل مرة من أخبار التنكيل بزوجته وأبنائه ووالديه بينما طليعة المجتمع تستمر على صمتها غير مبالية في معظمها بمأساة الإسلاميين وعائلاتهم وأبنائهم فما ضَرَ المثقفين وطلائع المجتمع لو أنهم ساندوا الإسلاميين في محنتهم أو وقفوا في وجه النظام مستنكرين ما يقترفه في حقنا، ففي أوروبا يمكنك أن تجد جمعية( زوار السجون أو ماشابه ذلك) لها موقع واب(web) تُعنى بسجناء أشربوا الإجرام يقوم أعضاء هذه الجمعية بزيارتهم والإطلاع على أخبارهم ومساعدتهم على بعض شؤونهم وتتكفل بعض العائلات الميسورة بأحد السجناء و وزيارتهم في المناسبات الدينية والأعياد وليس ذلك إلا حرصاً على أن لايخرج ذلك السجين أكثر إجراماً.  وهكذا فلقد كانت السلطة جادة  في إبادتنا ولأنه لن يكون بإمكانها أن تفعل ذلك بصورة فعلية ومباشرة فهي تمارس ذلك بطرق مختلفة بإهانة السجناء والدوس على كرامتهم والتسليط عليهم أقسى الأحكام و أطولها مدداً وحشرهم في السجون بعيداً عن عائلاتهم وفي أسوء الظروف الصحية مما جعل الموت البطيء يؤدي بالمساجين في أحاين كثيرة إلى وفاتهم .   6.عمِلت السلطة على خلق فراغ حول الحركة في الساحة السياسية ولكنها أيضاً في الساحة السجنية عمدت إلى عزل السجناء السياسيين من الإسلاميين عن باقي السجناء وسجناء الحق العام على وجه الخصوص ، كيف تعايشتم مع سياسة العزل هذه داخل السجون ؟    كان النظام حريصاً على أن يبقى إشعاع الإسلاميين داخل السجون بعيداً عن مساجين الحق العام، غير أن المصائب دائماً توحّـد الممتحنين، فحين تضع الإدارة إبن الجنوب في سجن ببنزرت مثلاً فإنها تعمل على أن تقطع صلته بعائلته أولاً وبالسجناء الحق العام من أبناء مدينته ثانياً ، وهكذا يُحرَم السجين السياسي من أن تتصل عائلته به كما يُحرم من أن  يلتقي بأبناء منطقته من سجناء الحق العام الذين لامحالة سيتعاطفون معه بحكم الإشتراك في محنة السجن . ورغماً عن تلك الإجراءات ،لم يحقق النظام نجاحاً معتبراً في السجون مثلما تحقق خارجه .  وأروي حادثة من بين عشرات الحوادث المماثلة : ففي جويلية/أوت من سنة 1993 رَحّلتنا إدارة سجن المهدية ، محمد صالح قسومة وكريم الهاروني ومنوّر النصري وأنا إلى تونس وكان الأخ صادق شورو مع شكري بحرية في غرفة أخرى وتنكيلاً بهما قامت الإدارة بوضع ثلاثة من مساجين الحق العام ممن كانت تصنفهم الإدارة على أنهم الأكثر شراسة ووضاعة من بينهم سرحان العياري أو(ولد العيارية) من جهة الكرم ومنصف الدزيري وثالث نسيت إسمه وكان المقصود هو إزعاج الإخوة صادق شورو وشكري بحرية وجعل غرفة السجن عليهم جحيماً لكن بعد بضعة أيام سمعنا شكري ( هذا الذي عرف وقتها على أنه مجرم كبير) يخبر صديقاً له في غرفة أخرى أنه أصبح يؤدي فريضة الصلاة معلقاً بصوت عالي أنه« لا خوف إلا من الله» . وفي إحدى الأيام فتح الملازم الأول نبيل العيداني ( صار لاحقاً مديراً) غرفة السجن ليجد الجميع بمن فيهم سرحان ولد العيارية يؤدون صلاة المغرب في جماعة بإمامة الأخ صادق شورو . فقاموا بتفريقهم ووُضع الأخوة صادق شورو و شكري بحرية بمركز العقاب وكان الأخ صادق شورو قد أمسك يد الملازم الأول نبيل العيداني حين همّ هذا الأخير بصفع الأخ شورو ( وهي من كبرى الخطايا التي يقترفها سجين تلك الأيام سنة 1993) فهاجمه عدد من الأعوان وأوقعوه أرضاً وإنهالوا عليه ضرباً وشدوا وثاقه بالفلقة وتناوبوا على ضربه ، والواقع أن المرء  كثيراً ما يجد نفسه عاجز على فعل ما يريد لكن في واقع الأمر من ذاك العجز  ومن ذاك الضعف تُولَد القوة ، فقد حاول نبيل العيداني بعصاه الغليظة وبكل ما فيه من نذالة أن يجعل الأخ صادق شورو يتأوه فيُسْمَعَ أنينه، لكن دون جدوى فقد تماسك الأخ صادق ولم يُسْمَع له صوت رغم الضرب الشديد الذي ناله وطول الوقت الذي إستغرقه . وقد زاد مقامه عندي علواً لصموده ورباطة جأشه، فلم يكن أحد محصن في السجون التونسية سواء كانوا قيادات أو كانوا قواعد، حدث ذلك في أوجّ عهد أحمد الحاجي الذي قضت أرواح كثيرة على يديه ، الأخ الحبيب بن عمر قضى في 9 أفريل في إدارة الحاجي وسيأتي الوقت الذي يُفتح فيه هذا الملف لأن شهوداً حضروا وشهٍدوا  على هذه الجرائم. كانت بيت سبعة بسجن9 أفريل المشهورة باسم بيت الصيودة (غرفة الأسود) يُزج بها دوماً عدد من الإسلاميين لبعض الوقت ليُنغَصَ عليهم سجنهم لأن بيت الصيودة هذه لايقيم فيها غير الشواذ جنسياً من سجناء الحق العام، وسيكون من الصعب على الإسلاميين، كما تقدر إدارة السجن، أن يحتملوا التعايش مع أمثال هؤلاء الشواذ. ولقد وضع بها عدد من الإخوة من مثل : محمد العكروت ومنصف بن سالم و عبد الحميد الجلاصي و لمين الزيدي و عبد اللطيف المكي وكنت أثناء المحاكمة 1992 قد سكنتُ في غرفة ستة أي الغرفة المجاورة لهم( المسماة بإسم شهرتها بيت الصيودة) وقدعينني الإخوة الذين كنتُ معهم « كَبْرَاناً »[7] عليهم .أما كبران بيت سبعة فقد كانت الإدارة تصنفه ضمن الشواذ وكان هذا السجين يُسمى لطفي لكنه ينادى بين السجناء بـ« لطيفة ».. والإدارة ترى أن شذوذه يصلح أن يكون حاجزاً بيننا وبينه، وكان وقتها ممنوع علينا القلم والجريدة والورق والخبر و التلفاز وكان يمنع عنا كل شيء تقريباً ، وكانت الإدارة قد جعلت من هذا الشاذ صلة وصل بينها وبيننا إن جاءتنا الإدارة بالخبز أدخله هو إلى بيوتنا وإن جاءت بالماء أوبـ«الصُـبّة» جاء به إلى بيوتنا ،وهكذا الأمر مع كل الاعمال اليومية الخاصة بالسجناء .وقد كان لي يوم حديث معه ، فسألتُه عن حالته تلك التي إشتهر بها بين السجناء ، فأجابني بالقول : عمّ فلان إسمح لي.. الرجل ليس بـ …..   ثم قال : [..« الهادي بَلْهَا » كَبْرَان سقيفة بشواربه الضخمة.. هل تعدّه رجلاً..؟ فهو كل صباح..يُخرٍجُ من غرفته عشرة إلى خمسة عشر سجين يُسلِمهم للإدارة لمعاقبتهم هذا من أجل الصلاة وذاك لغيرها من الأسباب، فيتعرضون للضرب والصفع ويُعاقبُون بوضعهم في بيت الصيودة. بينما في غرفتي.. إسأل الدكتور الربيع إسأل عبد الحميد الجلاصي ، هل جاء عندي أحد منهم وأزعجناه بكلمة أو أخرجناه «للحاكم»[8] قصد معاقبته ، هل جاء إلينا أحد ولم نعطه فرشاً وثياباً وغطاءا ولم نقتسم معه الغلة ، فهل تحسب« بَلْهَا » ذاك رجلاً ، أما عن حالتي تلك فأنا مريض تماماً مثلما يكون الرجل مريضاً بالقلب وبغيره فأنا مريض بذلك الشيء..] وقد طلبتُ منه بعد ذلك أن يأتيني بالقلم والورق وخلافه فلم يتردد وجاءنا بجميع طلباتنا فمثل هذه الأعمال لم يقم بها أخرون ينظر إليهم على أنهم رجال . ولقد تأكدتُ من صحة ما أسره إليَّ هذا السجين، حين التقيت في سنة 1999 بالأخ فتحي الحزقي من سليمان وسألته، فأجابني :[ سنة 1996 على إثر الإضراب العام  شارك فيها سجناء كل أجنحة سجن تونس ، ونظراً إلى أننا كنا كثرٌ ، فقد تم زج بأربعة منا في تلك الغرفة(غرفة الصيودة) ، نقلنا إلى هناك بدون غطاء ، فجاؤوا إلينا بفراشهم وأغطيتهم وأعطونا من صابونهم المعطر ، ودَعَـونا للمشاركة في أطعمتهم ..]قال والكلام لـفتحي الحزقي : […لم نر منهم إلا خيراً ..قال: في ذلك الوقت لم يكن يُسمَحُ للإسلاميين أن يؤدوا صلاة الجماعة إلا أن صلاة الجماعة كانت تقام في« غرفة الصيودة» فحين تحضر الصلاة ينادي الكبران في سجناء الحق العام :« هيَّا يا بنات…..[ هكذا] أفسحوا للرجال لكي يُصَلُوا..» فيتوقف جميع سجناء الحق العام عن الهرج والمرج ليفسحوا للسجناء من الإسلاميين ليؤدوا صلاتهم . فمثل هذه المواقف لم يكن يَجْرُأ على القيام بها من كانت الرجولة تبدو ظاهرة عليهم . أيضا في حبس تونس هناك 9 سيلونات على اليمين ومثلها على اليسار، بصورة متقابلة ، وكان هذا السجين يفتح في غفلة من الجميع  شباك السيلون ويفتح ذاك الذي في قبالته ليفسح للسجناء فرصة الحديث إلى بعضهم البعض ويأخذ ورقة من هناك إلى هنا .ولم يكن ذلك هيّن في تلك الفترة أن يجرأ أحد فيقوم بتلك الأعمال ، إذ لو كُشف أمره وقتها لمسه من الإدارة  سوء . كان من أهداف الإدارة إذًا أن تضعنا في عُـزلة عن الحق العام لكن لم يكن نجاحها إلا نسبياً، دون أن يعني ذلك أنه لم يكن هناك «أوباش»[9] من الحق العام من كانوا يُبلِغون الإدارة بالصغيرة والكبيرة طمعاً في العفو لاسيما بعد أن خَـرجَتْ إشاعات في سنة 1992 مفادها أن فُلان محكوم بـأربعين سنة صدر في حقه  عفو بعد أن أبلغ معلومات عن حركة النهضة ، فذاك هو مجتمع السجن في أيامنا ، والواقع أن العلاقة مع سجناء الحق العام كان يمكن أن تكون أفضل بكثير لو تُركَتْ هذه العلاقة مفتوحة وحرة . جرت العادة أن يُنقل إلى غرفة الصغار من سجناء الحق العام من كان شاذاً أومن يُرَادَ معاقبته منا ممن جاوز عمره الأربعين أوالخمسين ،ولقد اُخِذتُ في سنة 1995 في  سجن الهوارب إلى غرفة الصغار، التي كان بها يومها 170 سجين ، وقد سبق أن سكن فيها الأخ حبيب لبيض والأخ حمادي الجبالي..ورغم أن الزج بنا في تلك الغرفة كان مقصوداً للتضيق علينا والتنغيص على إقامتنا كما أكد لي« الشاف سنترا »[10]عبد اللطيف الشرمِيطي،إلا أن محاولات عزلنا باءت بالفشل ذلك أن صغار السجناء رغماً عن إجرامهم فقد كانوا أكثر رجولة من كبار السجناء.  ففي 1995كنت أسكن غرفة الصغار مع محمد الكيلاني من(POCT) وقيس بن سعيد وهو من الإسلاميين كان مسؤول عن ريانة( تونس الشمالية) ، أعتقد أن محمد الكيلاني حينها كان قد نُـقل من الغرفة..وكان قيس بن سعيد قد صنع كعكة حلويات كبيرة من قطع البيسكوت وقطعناها إلى خمسين قطعة ووزعناها على الجميع وكانت الإجراءات وقتها مشددة ، إذ كان يُمنع علينا الأكل مع الحق العام ، فانتشر الخبر في صباح يوم غـد أن الإسلاميين صَنَعُوا كعكة حـلويات ووزعوها بين السجناء .  فجاء السجان عبد الرزاق بحرون ونحن في وقت الفسحة (لارية) يسأل قيس بن سعيد عن تاريخ ميلاده…محاولاً التقاط قرينة تثبتُ أن الجماعة صنعوا فعلاً كعكة بمناسبة عيد ميلاد قيس..أجاب قيس أن مولده كان في كذا من شهر فيفري..فاستغرب الرجل ، وسألني بعد ذلك وأنت متى كان مولدك قلت : كذا من شهر جوان سنة كذا.. تعجب الرجل لأن تاريخ المولدين لم يكن يوافق تاريخ ليلة أمس.. فقال : إذا كعكة الحلويات التي صنعتموها البارحة بأي مناسبة كانت إن لم تكن عيد ميلاد أحدكما .فقال قيس : لم نصنع شيئاً .. فجاء بأحد السجناء الصغار يسألهم : هل أكلت من الكعكة البارحة ؟ فيجيب : نعم أكلتُ ، فيسأله عبد الرزاق بحرون : ومن أين جاءتك ؟ والسجين يَعلم لو قال أن عم عبد الله الزواري هو من أعطاني من الكعكة ،وكنت قد وزعت فعلاً على أغلبهم شيئا منها ، فسيُعاقب هو ويتسبب في معاقبتي أنا وقيس . فيجيب بالقول: إنه أخذ قطعة من فلان وهو سجين حق عام، فيدعوا بحرون فلان هذا فيُشير عليه بعِلاّن سجين حق عام آخر وهكذا إستنطق عدداً يزيد عن عشرين دون أن يعترف أحد أنه تسلم قطعة الكعكة مني أو من قيس ، فراح يسُبُهم جميعاً ثم نَهرهم وانصرف. فالصغار هؤلاء فيهم رجولة ليست في كثير من الكبار. وأذكر أني بقيتُ وحدي في غرفة الصغار بعد أن خرَج منها محمد الكيلاني وقيس بن سعيد ، وكنا نشترك ثلاثتنا في شراء صحيفة الشروق ،رغم أنهم يقـُصون معظمها ولا يبقون منها إلا المساحات الخاصة بالأبراج والرياضة والفن ، فأخبرت رفاقي بالغرفة معز العياري( من حي الزهور) و….البجاوي ( من جهة وادى الليل) ، أنني لا أتصرف إلا في خمسة عشر ديناراً شهرياً من الحوالة ولا يحق لي أكثر من ذلك وهو مبلغ لايمكّنُني إلا من شراء بعض الحاجيات الضرورية مثل الحليب والزيت. وإن أنا اشتريتُ جريدة فهذا سيكلفني عشر دينارات بالشهر وهو ما يذهب بثلثي المبلغ المسموح لي التصرف فيه من الحوالة . لم يرق هذا الخبر لرفاقي بالغرفة لأنهم كانوا يطّلِعون بدورهم على الصحف ويتابعون من خلالها أخبار الرياضة وبعضهم يقص صور الفنانات ويعلقها عند سريره. فتحدث رفيقيْيَ إلى بقية السجناء في الغرفة وأتفقوا على أن يستمر شراء الجرائد بشرط أن يسهم كل من يطلع على الصحيفة بـوضع« سيجارة» في صندوق مقوى كان يُستعمل للسكر . فامتلأ الصندوق بالسجائر في يومين أو ثلاثة أيام . كان محمد الكيلاني الوحيد الذي يزوره أقرباءه ، يوم للقفة والزيارة معاً يوم الإربعاء ، ولم يكن قيس يُزار بالمرة أما أنا فزياراتي متباعدة بحيث المأكولات« المدنية»[11]لا تأتيني أما الحق العام فالزيارة عندهم يومية في الهوارب ،فكنتُ كلما دخلت الغرفة بعد الظهر أجد تحت سريري بين سبعة إلى عشرة صحون بشتى أنواع المأكولات التي جاءت بها عائلات سجناء الحق العام إلى أبنائهم ، وكان أحد السجناء من القيروان إعتادت عائلته أن تزوره في أخر النهار ، فإذا قدّم لي بعضاً مما في قفته من مأكولات إعتذرتُ له لوفرة ما لدي من مأكولات متنوعة ، وهكذا في كل زيارة ، فوقف مرة يسألني ، هل مأكولاتك هذه أطيب من مأكولاتي ،وأَقـْسم أن يشتكي إلى والدته ما بدا مني من رفض دائم لطبيخها ، وأصبح بعد ذلك يعلمني قبل وقت أنه عليّ أن أقبل قبل غيره بعضاً من مأكولاته .  هذه حالة سجناء حق العام من صغار السن أما الكبار من السجناء ، وقد عاينتُ سلوكهم حين سكنتُ معهم في برج الرومي بغرفة العَمَلة ، فالكبار يخافون إن تعاملوا معي أن يُبَلغَ عنهم فيحرمون من الإمتيازات الخاصة التي يتمتعون بها. لم يكن لدي إختلاط بسجناء الحق العام إذ قضيتُ كامل فترة السجن في العزلة إلا سنة1995 مع مجيىء توفيق الدبابي[12] وضعتُ في غرفة الصغار ( وهي بدورها ضرب من العزلة) أما قبلها وبعدها فقد قضيتها في العزلة أيضاً، أما المدة فقد  قضيتها مع « الإنتماء » . وفي بيت الصغار كنا سنة 1995 نتحدث عن الصلاة وكان معنا سجين من بنزرت هو : نجيب الغربي فصار يؤدي الصلاة هو وأخرين،وكانوا يؤدون صلاتهم وهم في فراشهم و في وضع النائم، خوفاً من أن يَنَالَهُم أذى من الإدارة إن تَفَطنُت أنهم صاروا يؤدون الصلاة . …….يتبع   ************************************************************* [6] القفة وهي في اللهجة تونسية سلة للتبضّع وهي عند الفرنسيين كما يسميها أصحابها (couffin)،يحمّل فيها التونسيون أغراضهم عند التسوق وإعتادت عائلات السجناء تحميل حاجيات أبنائهم فيها ، ويسمى يوم تسليم حاجيات السجناء بيوم القُـفّة تمييزاً له عن يوم الزيارة  . [7] « كَـبْرَان »caporale هو ناظر غرفة السجن ، تعينه ادارة السجن لتسيير شؤون الغرفة بمعية كبران كُـرفي ( مساعد ناظر غرفة) ، ويتعدد أنواع الكبرانات بحسب عدد الوظائف في السجن : كبران سنترا وهو ناظرالسجن ورئيس جميع الكبرانات و كبران اللارية أي ناظر الفسحة وكبران الدوش أي ناظر الحمام و كبران سقيفة أي ناظر الجناح وكبران فرملي أي ناظر المصحة وكبران كوجينة أي ناظر المطبخ.. .  [8] «للحاكم» في التعبير التونسي يوصف بالحاكم رئيس الدولة والقاضي في المحكمة و أعوان التنفيذ في مخافر الشرطة والــحراس في السجون. [9] «أوباش» والوَبْـشُ في العربية هو الرقط من الجرب يتفشّى في جلد البعير والأوباش هم الأخلاط والسفِلة وهم في العامية التونسية أحط الناس قيمة وقدراً و مقاماً . [10] الشاف سنترا : وهو المسؤول عن جميع الأجنحة في السجن . [11] المأكولات« المدنية»  يستخدم التونسي عبارة مدني بالفرنسية (civile) ليمييز بين ما له علاقة واسعة وحرة بالمواطنين وعموم الناس  وبين ما يعود إلى السلطة أي (بيليك=beylicat) مجال نفوذ الباي أو الدولة وهي غير معنى الذي تحمله عبارة public  والتي تفيد في أصولها اللاتينية شعب ،وفي السجن يمييز السجين الأكلات التي تقدم إليه من قبل إدارة السجن ويسميها (صُبة) وبين الأكلات الذي تأتي بها عائلات السجناء ويسميها أكلcivil [12] توفيق الدبابي: توفيق الدبابي هو عقيد يرجح البعض أنه في سلك الجيش و يقول البعض أنه في سلك الشرطة ،جاء بعد إقالة أحمد الحاجي على خلفية وفاة سجين حق عام في سجن صفاقس تحت إدارة عادل عبدالحميد يومئذ وقد تم تكليف السيد زكريا بن مصطفى على رأس لجنة للتحقيق في الموضوع و العقيد توفيق الدبابي الذي تولى مسؤولية الإدارة العامة للسجون والإصلاح سنة 1995  في تلك الظروف قضى قرابة العامين تحقق خلالها للمساجين بعض الحقوق.
 


متى تقرع أجراس وعود السلطة  لمتضرري الانزلاقات الارضية ببني محمد بلطة بوعوان؟

 
تسلم مكتب الحريات العامة بجامعة الحزب الديمقراطي التقدمي بجندوبة هذا اليوم الاربعاء 02 جانفي 2008عريضة أمضى عليها 21 مواطن من متساكني دوار الدورة عمادة بني محمد معتمدية بلطة بوعوان ولاية جندوبة وأفاد هؤلاء المواطنين أن منطقتهم تعرضت منذ سنة تقريبا إلى انزلاقات أو ما يشبه الهزة الأرضية أتت على مساكنهم فتشققت منازلهم، وتضررت مزارعهم وأتلفت أكثر من 5000 شجرة زيتون بعد أن تحولت من أماكنها الطبيعية ، وأغلق الطريق الوحيد الذي يخفف عزلتهم التي يعيشونها منذ عشرات السنين ،وسدت عيون الماء الصالح للشراب وعزل المساكين عن الطريق والحانوت والمستوصف كما عزل التلاميذ على المدرسة وأصبحوا يتنقلون بصعوبة اكبر واخطر من ذي قبل، فيما فضل البعض هجرة مسقط رأسه وترك أطفاله تحت وطأة الخوف باحثا عن مورد رزق بعد أن فقد شجيراته وحقله الصغير الذي يستمد منه قوت يومه وبقي الآخرون على أمل ما وعدتهم به السلط المحلية والجهوية بان تتكفل بنقلهم إلى ربوة الروماني المستحدثة بقرار رآسي بمعتمدية بوسالم  كحل لنقل المتساكنين المتضررين باستمرار من الفيضانات التي تتالت على مدينة بوسالم لأكثر من مرة (1997-2000-2003 ). وطال الانتظار !الذي تجاوز السنة لتتحرك السلط المحلية  مطلع شهر ديسمبر 2007 طالبة منهم ضرورة التوقيع على التزام جاهز تحت عنوان “التزام بالتخلي عن عقار اثر الانزلاقات الأرضية بعمادة بني محمد” واشترطت فيه السلط المعنية التخلي عن العقار المتضرر والراجع بالملكية للمتضرر عنوانا، ومساحة، وصفة ،كما اشترطت أن يفسح المجال للإدارة في التصرف في العقار الموقع عليه وهدمه دون أي شغب من المتضرر أو اعتراض ،فضلا على تعهد المتضرر بإبرام أي كتب ترغب الإدارة في تحريره لتجسيم عملية التخلي المذكور، ووقع جميع المتضررين وعددهم 55 الالتزام بالبلدية وتعهدوا تحت خوف البعض من الانــزلاقات وخوف البعض الآخر من السلط وطمع البعض الآخر “المشروع” في الانتقال إلى تجمع سكني جديد وقريب من المدينة على الأقل يخلصه من الخوف الذي أصبح لا يفارقه منذ ان وقعت تلك الانهيالات. بل وأكثر من ذلك ذكر بعض المواطنين أنهم لازالوا يعانون أشكالا متنوعة من الانزلاقات ويسمعون انفجارات بين الحين والآخركما يشاهدون آثارا لمواد غريبة أصبحت تطفو على سطح الأرض وتثير فيهم جملة من الأسئلة والهواجس المقلقة والمخيفة والتي تستدعي الخوف لا من الحاضر فحسب بل حتى من المستقبل القريب لاسيما إذا تعلق الأمر بالمسكن موطن الرأس وبالممتلكات القليلة وذلك الطابع الريفي الغابر في الزمن والمكون لشخصية إنسان تلك المناطق. ولئن قبل متضرري تلك المنطقة الحلول التي اتت بها السلطة الا ان حالة التذمر والاستياء التي يعيشها اهل دوار الدورة تحيلك حتما الى التفكير في اسباب هذا الاستياء:احدهم يقول بان تحرك السلط فور سماع خبر الانزلاق بعث فينا روح الثقة وأشعرنا باننا مواطنين وان الدولة تهتم بمواطنيها وان المسؤولين يحسون بما نحس به ،والبعض قال بان الأمر كان مؤكدا له بانه سوف لن يتجاوز الشكليات السياسية التي تقوم بها الادارة المحلية والجهوية وبعض مسؤوليها ويؤكد بان الوعد الذي تلقاه فور حدوث الحادثة مر عليه ما يفوق السنة تحول خلالها المختصون والمسؤولون ولكن والى حد اليوم لم يتلقى أي خطوة تشعره بصدق تلك الوعود وجدواها ،بكى الاخر وتذكر شجيرات الزيتون التي كان يقتات منها مؤونته لاسيما في فصل شتاء بارد فيما همس لي الآخر بان الهواء البارد وقطرات ماء الامطار اصبحت تطال منزله المتشقق جراء الانزلاقات ،احدهم تساءل أي معنى لدراسة اطفالي والعطل القسرية تتالى تباعا واي معنى لحياة ينتابها خوف دائم من خطر مؤكد انه قائم ومرتقب ؟ عزلة قسرية أحيل عليها مئات المواطنين بسبب كارثة طبيعية فهل من منقذ لهؤلاء المواطنين الذين اكدوا أن لا ولاء الا لتونس ورحبوا بكل من يرى في نفسه قدرة على إيصال نداءاتهم المتكررة للسلط المعنية،وناشدوا كل الغيورين على هذا الوطن باعتبارهم جزءا لايتجزا منه الوقوف الى جانبهم ووضع حد لمعاناتهم فمتى اذا ستقرع اجراس السلط وتتحرك للوفاء بوعودها التي قطعتها مع متضرري دوار الدورة من عمادة  بني محمد بلطة بوعوان؟. المولدي الزوابي


رسالة إلى الطلاب المتدينين في تونس بقلم: د. محمد الهاشمي الحامدي

 

بسم الله الرحمن الرحيم لندن: 2 جانفي 2008

أرجوكم يا إخوتي: فكروا جيدا في الخيار الثالث إلى كل من تصله هذه الرسالة من الطلبة المتدينين في الجامعات التونسية السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد: أكتب إليكم بدافع الحب والنصيحة وقياما بالواجب الشرعي الذي أمر به المصطفى صلى الله عليه وسلم عندما قال: الدين النصيحة، وبين أن النصيحة واجب لأئمة المسلمين وعامتهم. تحديات ضخمة لاشك أنكم مدركون للتحديات الضخمة والصعوبات الجمة التي يواجهها أكثر الطلاب المتدينين إذا فكروا في الدخول في حلبة العمل السياسي في تونس. فهم إذا ما تعاطفوا مع أي حركة إسلامية سياسية غير معترف بها، أصبحوا تحت طائلة القانون الذي يجرم الإنتماء لجمعيات سياسية غير مرخص بها. وإذا ما انحازوا لما يسمى اليوم بالتيارات السلفية المتشددة، أصبحوا أيضا في دائرة الشك وتحت طائلة المراقبة لمدرسة دينية متهمة بتبرير العنف والإرهاب. وفي حالة تبني هذا الخيار الثاني بشكل خاص، ما أسهل أن يتحول الطالب من دون أن يشعر لأداة تخريب للأمن الوطني لبلده، ومتورطا في أعمال إرهابية يرفضها الشرع والمجتمع والعالم بأسره. هذان الخياران إذن يقودان للمواجهة مع السلطة، ويضعان كل طالب في دائرة الإتهام والمراقبة، وغالبا ما يقودان للسجن أو المنفى. ميزان الشرع لا ميزان العواطف أعلم أن الملتزمين منكم بهذا الخيار أو ذاك لا يعبأون بالسجن أو المنفى ومستعدون لتقديم كل التضحيات من أجل مبادئهم وأفكارهم. ولكن السؤال الذي ينبغي على كل واحد منكم أن يجيب عليه: هل تؤدي هذه التضحيات لخدمة الإسلام والوطن؟ أرجوكم لا تتسرعوا في الإجابة. لندرس الأمر بميزان الشرع وبعيدا عن العواطف. فخيار العمل الحركي المعتدل، غير المعترف به، لم يحقق الكثير من المكاسب، ولم يصل لتفاهم مقبول مع السلطة. والملتزمون بهذا الخيار أصبحوا خارج دائرة الفعل والتأثير في المجتمع. أما الخيار السلفي المتشدد، فمنبوذ من أكثر المعتدلين في تونس وفي العالم، وأكثر من يتصدى له علماء المملكة العربية السعودية الذين تنسب إليهم المدرسة السلفية. أيها الإخوة الأعزاء: ليس الإنتماء لهذا المنهج أو ذلك واجبا شرعيا. ثقوا من هذا الأمر. وإنني أكتب لكم بعد دراسة هذا الأمر من الناحية الشرعية أولا، ثم من الناحية الوطنية والسياسية. الإنتماء للخيار الحركي غير المعترف به، أو الخيار السلفي المتشدد، ينبني في الغالب على اعتبار السلطة عدوا للإسلام، واعتبار الحزب الحاكم في تونس عدوا للإسلام. لكن هذا غير صحيح تماما. الحزب الحاكم حزب إسلامي إذا تأملتم بموضوعية وإنصاف، فستجدون أن حكومتنا مسلمة، وأن حزب الشيخ الثعالبي والزعيم بورقيبة والرئيس بن علي حزب إسلامي وطني. من هو الحزب الذي قاد حركة التحرر الوطني من الإستعمار الفرنسي وحقق لتونس حريتها واستقلالها؟ إنه الحزب الدستوري. من هو الحزب الذي بنى دولة الإستقلال، وأنشأ المدارس والجامعات والمستشفيات، وبنى الجسور والطرقات، وحمى البلاد وأمنها من كيد الطامعين والمعتدين؟ انظروا حولكم إلى دول شقيقة دخلها السنوي من النفط والغاز يقرب من مائة مليار دولار. ومع ذلك، فإن مرتب المعلم التونسي في المدارس الإبتدائية أعلى من مرتب الأستاذ الجامعي في تلك الدول. لمن الفضل في هذه الإنجازات بعد الله عز وجل؟ إنه للحزب الدستوري. انتبهوا إلى عدد المساجد التي بنيت منذ الإستقلال، ثم منذ السابع من نوفمبر. انتبهوا إلى القيمة الرمزية لبناء أول جامع في قرطاج. والأمر بتلاوة كتاب الله في جامع الزيتونة على مدار الساعة. وتأسيس أول إذاعة للقرآن الكريم في بلادنا منذ الإستقلال، وتخصيص مصلى في قصر الرئاسة بقرطاج يؤدي فيه رئيس الدولة صلواته اليومية. رئيس الدولة ليس شيوعيا متشددا معاديا للدين. إنه تونسي مسلم حاج يؤدي فروضه الدينية ويربي أبناءه على التدين. ووزيره الأول رجل متدين، والأكثرية الساحقة من مساعديه في أجهزة الدولة متدينون، لأن الحزب الحاكم هو حزب وطني إسلامي منذ تأسيسه عام 1919 ميلادية. أمر الحجاب أما أمر الحجاب فميسور معالجته بروح المحبة والنصيحة إن شاء الله، وقد بين وزير العدل، ثم وزير الوظيفة من بعده، قبل أسابيع قليلة، أن الحكومة تعترض على نمط معين من الحجاب لا على المبدأ نفسه، وأن السفساري مقبول ولا اعتراض عليه، وأي زي تقليدي تونسي مشابه. بروح المحبة والنصيحة، يقبل هذا الجواب كنقطة بداية، ونسعى جميعا لترفع الحكومة قريبا إن شاء الله كل القيود على ارتداء الحجاب وتقبل بحكم المحكمة الإدارية الذي صدر أخيرا بخصوص هذا الأمر وتتخلى عن استئنافه. والأداء الإقتصادي لحكومتنا، رغم كل المؤاخذات الممكنة، أفضل من الأداء الإقتصادي لأكثر البلدان العربية والأفريقية. ومع ذلك كله، فحكومتنا لا تدعي الكمال، وهي تعلن مراهنتها على الأجيال الجديدة، على الشباب، لتحسين الأداء، وتعلن التزامها باستشارة الشبان التونسيين حول مستقبل بلادهم. لماذا الإصرار على عداوة الحكومة؟ أسألكم بحق الرابطة الإسلامية الوطنية التي تجمع بيني وبينكم: لماذا تقطعون ما بينكم وبين الحكومة من حبال الوصل، وتختارون نهج العدواة للحزب الحاكم؟ وإذا اخترتم هذا النهج، فلم تلومون على السلطة أن تعاملكم كخصوم ومصدر خطر، وأن ترصدكم، وتضع أسماءكم في سجلات المشتبه لهم، وتعاملكم على هذا الأساس؟ لماذا تطلبون من الحكومة أن تعاملكم كأصدقاء وحلفاء وأنتم تنظّرون للعدواة معها على أساس ديني ووطني؟ أنصفوا الحكومة وأنصفوا أنفسكم. انظروا مثلا كيف تعاملت حكومات تنتسب لمدارس حركية إسلامية، سنية وشيعية، مغ مخالفيها في الرأي عندما وصلت إلى الحكم وتولت مقاليد السلطة. ادرسوا منهاج علماء أهل السنة اقرأوا ما كتبه أشهر علماء أهل السنة عن النهج الشرعي الأمثل في التعامل مع ولاة الأمر في المجتمعات الإسلامية، وستجدون أن ما أنصحكم به هو تكرار لعصارة تجارب أشهر علماء الأمة وأكثرهم حرصا وغيرة على شعائر الدين، بمن فيهم الأئمة مالك وأبو حنيفة وأحمد والشافعي. أما النهج الحالي، في معاداة السلطة، فلن يخدم الدين. وهو نهج يخالف القانون المعمول به في البلاد، وسيقود الأكثرية منكم إلى السجن أو المنفى. وسيمنعكم من تولي وظائف في الدولة مستقبلا. وسيقصر فرص التأثير الإيجابي في الحياة العامة على مخالفيكم في الرأي، لأن الطبيعة كما تعلمون طبعا لا تقبل الفراغ. ما البديل إذن؟ حان وقت طرح البدائل. وأنصحكم بواحد من ثلاثة خيارات: 1 ـ اجعلوا الأولوية المطلقة لطلب العلم، والنجاح في دراستكم الجامعية بأعلى الدرجات، لأن تلك هي مهمتكم الرئيسة الأولى والأهم في الجامعة. وآباؤكم ينفقون من ضرائبهم العامة على الجامعات التي تدرسون فيها لأن العلم نور، ولأنه مفتاح تقدم الفرد والأمة. وعندما تنجحون بتفوق، ستفتح لكم أبواب الدراسات العليا، وأبواب الوظائف المجزية ماديا ومعنويا. وعندما تكونون أفرادا ناجحين في المجتمع، فإن حالكم وحده يكون من أفضل وسائل الدعوة، ليحتذي بكم من حولكم من الجيران والأقارب والأصدقاء. 2 ـ من كان منكم راغبا ومستطيعا فليتفرغ لطلب العلوم الشرعية من مصادرها الصحيحة، وليصبر على طلب العلم، وليضع في ذهنه هدف المساهمة في إثراء حركة التجديد والإجتهاد في الفقه الإسلامي المعاصر، والمساهمة في مواجهة التأويلات المتشددة والمنحرفة للإسلام في الساحة الفكرية الإسلامية المعاصرة. واعلموا أن التفوق في العلم الشرعي لا يلتقي بسهولة ولا يتواءم في الغالب الأعم مع التحزب السياسي. أفضل للعالم أن يكون محايدا مستقلا، ويخاطب بعلمه أبناء الأمة كلها من يساريين ويمينيين، ومحافظين وتقدميين، واشتراكيين وليبراليين. 3 ـ من كان منكم مولعا بالسياسة، ميالا لخدمة وطنه من بوابة العمل الحزبي، فليبادر إلى الإنتماء لحزب التجمع الدستوري الديمقراطي. هذا حزب الحركة الوطنية، وحزب الإستقلال، وحزب بناء الدولة المستقلة. هذا حزب إسلامي وطني. ساهموا بنشاط في هياكله الطلابية والشبابية. تعرفوا من خلاله على التحديات التي تواجه بلادنا. ساهموا في خدمة المجتمع من خلال المبادرات التطوعية التي ينظمها هذا الحزب. ولا يكن هدفكم أن تحولوا الحزب لحركة حزبية إسلامية، فإن التجارب المعاصرة في كثير من المجتمعات الإسلامية بينت أن مضار الأحزاب الحركية الإسلامية أكثر من منافعها. وأفضل للإسلام أن يرتبط بجمهور الأمة، بدل أن يكون خيارا لحزب صغير من الأحزاب. حمية الشباب مع الحكمة إن حمية الشباب مطلوبة ومفيدة لبلادنا، بشرط واحد، هو أن توجه إلى الإتجاه الصحيح، الذي يخدم الإسلام والوطن الغالي ومبادئ الحرية والديمقراطية. وإذا أردتم أن تكونوا من المساهمين في خدمة الإسلام والوطن الغالي ومبادئ الحرية والديمقراطية، بدل تبديد شبابكم وأعماركم في السجون والمنافي وقيود المراقبة الإدارية، ففكروا جيدا فيما نصحتكم به. أرجوكم ألا تصدقوا أي شخص يشككم في دوافع هذه النصيحة. فقد أكون مصيبا أو مخطئا، لكنني كتبتها بدافع الحب لكم، ودافع أداء الواجب الشرعي بالنصيحة لأئمة المسلمين وعامتهم. كتبتها أبتغي بها وجه الله عز وجل، ووالله ما طلبها مني مسؤول في السلطة أو الحزب الحاكم، ولا اطلع عليها واحد منهم قبل نشرها، ولا ناقشتها مع أحد منهم. إنما هي نصيحة تعتمل في صدري وعقلي منذ فترة، وترددت في نشرها لأنني واثق أن بعض المزايدين سيتخذونها ذريعة للنيل مني والإساءة إليّ. لكنني قررت المضي قدما في تدوينها ونشرها، مقتنعا بفحواها وجدوى نشرها، محتسبا عند العزيز الرحيم ما قد تسببه لي من أذى. أرجوكم أن تدرسوا نصيحتي هذه جيدا. وأناشد من تصله منكم أن يبلغها لآخرين لم يسمعوا بها. أخيرا، أسأل الله تعالى أن يبارك فيكم أيها الإخوة الأعزاء ويحفظكم وينفع بكم. وأسأله تعالى بأسمائه الحسنى كلها وصفاته العلى أن يجعلني وإياكم ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأن يرينا الحق حقا ويرزقنا اتباعه، ويرينا الباطل باطلا ويرزقنا اجتنابه، وأن يأخذ بأيدينا إلى الحق وإلى صراطه المستقيم، وأن يحبب إلينا الإيمان ويزينه في قلوبنا، وفعل الخير والعمل الصالح، وأن يحفظ بلادنا الغالية، ويبارك في أهلها، ويرزقها من بركات السماوات والأرض، وأن يبارك في ولي أمرنا الرئيس زين العابدين بن علي ويوفقه ويسدد خطاه، ويعينه على إعلاء شعائر الدين، وخدمة الإسلام والمسلمين، ورفع راية الوطن الغالي في العالمين، وأن يرزقه البطانة الصالحة، التي تعينه على الخير وتدله عليه. إنه سميع مجيب. ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان، ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا، ربنا إنك رؤوف رحيم. آمين، آمين، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.


صيحة إعلامية : ” إلى أين نحن ذاهبون يا أبناء مهنتي؟ “

 
 سكينة عبد الصمد      وأنا أطلع  يوما على عناوين الأخبار التي توردها وكالة فرنسا للأنباء, وجدت خبرين  يخصّان  تونس , أوّلها  كان نقلا عن جريدة “الصّباح” حول  إعلان مقتل ثلاثة إيطاليين و اختفاء صياديْن  تونسيّيْن في حادث تصادم في عرض البحر قرب ميناء قليبية. أما الخبر الثاني فيعلن  تكذيب السّلطات التونسيّة لما صرّحت به  المنظمة الدوليّة “صحافيون بلا حدود” حول تعرّض نشطاء حقوقيّين تونسيّين للتعنيف لدى محاولتهم زيارة المحامي ” محمّد عبّو” في سجن الكاف. خبران من  ضمن عديد الأخبار التونسية التي علمتها كما غيري من التونسيّين عبر وكالات أنباء أو فضائيات أجنبية  لتولد في داخلي ، المرّة  تلو المرّة ،  إحباطا  شديدا و إحساسا  بعجز مخيف يهدّد  قدراتي  كإعلاميّة  تونسيّة  تطّلع من وراء الحدود على الأحداث في تونس, إعلاميّة من بين مئات الإعلاميّات و الإعلاميّين القابعين  بين جدران  قاعات التحرير في عدد من المؤسسات الإعلاميّة الكبرى و الناشئة, العريقة و الأقلّ عراقة  في انتظار ما تمنّ به علينا وكالة تونس إفريقيا للأنباء من أخبار يطغو عليها  طابع رسميّ  روتيني  مملّ  لنستنسخه  بدورنا ثم  نذيعه أو نبثه أو ننشره فنصمّ  به آذان مستمعينا و مشاهدينا أو نلمح بمرارة علامات  تأفف قرّائنا.  إلى أين نحن ذاهبون يا أبناء مهنتي الأعزّاء؟  عن أيّ مستنقع يجب أن نبحث  لنجزّ داخله  بهراءاتنا التي ملها أبناء وطننا العزيز؟ في عصر المعلوماتية و تكنولوجيات الاتصّال الحديثة و تنامي عدد الفضائيات و هي تغزو  كل  شبر من أنحاء العالم و تقتحم أرجاء  كل الفضاءات التي نلوجها  بدءا  بمنازلنا و أماكن عملنا وتنذر  بقبر إعلامنا في  دهاليز مؤسساتنا الإعلامية و تنتزع من بين أقلامنا و أفواهنا مصدح الإخبار عن الأحداث و الوقائع و شواغل مواطني عالمنا الصغير. فإلى أين نحن ذاهبون يا زملائي و رفاق دربي ؟ لقد علت صيحاتنا في عديد المناسبات و اللقاءات الصحفيّة في محاولات  حينيّة  تناشد الارتقاء  بمردوديّة  خطابنا الإعلامي        و التنديد بالرقابة المسلطة على إنتاجنا الصحفي  مكتوبا كان أو مرئيا أو مسموعا  و تصبو للحرية و الشفافية و الاستقلالية  و تردد صدى هذه الصيحات العالية المشحونة بكل الحماس الذي يؤجج أعماقنا, تردّد بين أرجاء عديد الفضاءات و على أعمدة بعض الصحف و التقارير داخل البلاد وخارجها   لتخفت أصواتنا  فيما بعد و يستسلم جلنا  كي لا أقول  كلنا  لما أسميناه  بقدرنا  في السّكوت على الرّداءة و الانصياع لأوامر أو تعليمات مسلطي الرقابة من  بين رؤسائنا المباشرين أو المسؤولين على تسيير شؤون الإعلام عموما بل  و يذهب البعض منا  لتطعيم إنتاجه أحيانا  بنكهة  ذلّ  “الرقابة الذاتية” حتى يتفادي الأذى على حساب حقّ الغير في دقّة المعلومة فيزيد الطّين بلة.  وعزاؤنا  في ذلك  أنّ  ” من  يمدك بحبل فلتلفه حوله”  أو بعبارتنا العاميّة  “اللّي يعْطيكْ حبل كتفو بيهْ”.           ومع الأسف الشديد أصبحت هذه المقولة الانهزاميّة عزاء العديد من الصحافيين المحبطين . ” عزاء”  ينمّ  عن  تدنّ  في مستوى الرّوح النضاليّة  وانحدار  مّر ومرير نحو التذلل  و هدر الكرامة و الصمت على الرّداءة  و صانعيها والعبث بقداسة رسالتنا الإعلامية،  قداسة هذه السلطة الرابعة  التي تنير وتثقف وتردع  وتؤسّس  وتبني الأجيال  و تقيم الدنيا وتقعدها. وأمام هذا التردّي المخيف الذي  يرمي بضلاله لطمس الوعي  في أوساطنا و يجرّنا إلى خنادق اللاّمبالاة والاستهتار بقدسيّة أدائنا      و الانحناء  نحو  تحميل الآخرين فقط  مسؤولية التردّي الواضح العلني والمعلن لإنتاجنا، أمام هذا الواقع المرير الذي يهدّد مستوى الوعي  في صفوف أبناء أسرتنا،  ما الذي يجدر بنا فعله يا إعلاميّي تونس العزيزة ؟ و الواقع أن وضعنا ووضعيّتنا والمسؤوليَة الملقاة على أعناقنا لم تعد تحتمل الصمت والسكوت ولا أظن أنه عادت  تكفيها نضالات فردية أو نخبويّة  لعدد من أبناء المهنة الغيورين على جلالتها الرّافضين  للانحناء تحت أي ظغط ،  في محاولات متتالية  سواء عبر الإصرار على بعث نقابة مستقلة  لم تر النّور بعد أو من خلال التعريف  ضمن المقالات والتقارير بواقع الحريّات الصحفية في تونس . محاولات جريئة يوازيها  ريب و  تخاذل  بوعي أو لاوعي من طرف المجموعة الكبرى  من الصحافيين إلى  جانب  تنامي الاختلافات والانقسامات حول الهيكل الأنسب في  الدفاع عن الحقوق المسلوبة  ليفسح  المجال  واسعا  لبروز شبح  جدار يعزل النشطاء  الحقوقيين  من أبنائنا عن  بقية  الإعلاميين الذين يتخبطون في أوحال تسوية أو تحسين وضعياتهم ، مهنيّة كانت أو ماد يّة  في غياب إطار صلب يصل بين  كل الإعلاميين  و يمكن من  الإنصات  لأصواتهم و ييسّّر تبادل المعلومات الخاصة بالمهنة و أهل المهنة بكل اختلافاتها و خلفيّاتها ، إطار أو هيكل يدعم  وحدة الصفّ  و يكفل تجميع الآراء و يؤمّن  مجالات العمل الموحّد  للتصدّي لكل التجاوزات وفرض الحريّة و الاستقلاليّة  والجرأة  التي يستلزمها الإنتاج  الإعلامي. فنحن إعلاميّو  تونس ورغم تزايد  “هجرة الصحافيين”  لا تنقصنا  الكفاءات  ولا  القدرات المهنية  ولا  الأقلام  المبدعة  بل تعوقنا  إلى جانب  ضيق  هامش  الحرية، تعوقنا  وحدة الصفّ  بعد أن أفلح صنّاع الرّداءة و القائمون على كسر العزائم والإرادات ، أفلحوا  في  تشتيتنا و شلّ  طاقاتنا . و نحن إعلاميّو تونس اليوم ملزمون  إزاء  واقعنا  المهمّش بالالتفاف والتكاتف داخل أي هيكل مهما كانت محدوديّة  صلاحيّاته في بادرة  للمّ  الشمل  والتوحّد  والسعي معا نحو تحقيق مطلبنا الأساسيّ و الشرعيّ الذي طال انتظاره “اتحاد الصحافيين التونسيين”  الذي يؤمّن لنا الحصانة  ورفع المظالم و المطالبة  بكل  الحقوق المشروعة .   والمسؤوليّة هنا تستدعي أ صحاب العزائم النضاليّة  قبل غيرهم  للتكتل والتكاتف والتجنّد والتواصل و محاولة تمرير المعلومات الخصوصيّة لجميع أبناء الأسرة الإعلامية في خطوة جماعيّة تؤسّس لانتزاع المكاسب المغتصبة  و رفع كابوس الرّقابة و الرّقابة الذاتيّة  و تمكين  إعلامنا من بصيص نور يسيّل حبر الأقلام المبدعة  و يزيل الصّدأ على مصادح البحث عن الحقيقة . 


إلى مواطنينا في ليبيا إحذروا البنك العربي لتونس ATB رد على مقال

 
لقد قرأت في جريدة “الإعلان الثلاثاء” عدد 1769 ردّكم بعنوان “البنك العربي لتونس يتعامل بكل مهنيّة مع حرفائه”. البنك لم يقل أي نوع من الحرفاء يقصد ؟ الحرفاء أصحاب المرتبات الّذين يخنقهم بالتّسهيلات في الدّفع و عندما يأخذ مرتّباتهم يبدأ في إدخالهم في دوّامة قروض الاستهلاك و الشّراء  فيجدون أنفسهم مضطرّين إلى التّعامل مع البنك رغما عنهم لأنهم تورّطوا في قروض الاستهلاك (تلفزة، ثلاجة، خروف العيد، فسح الصيف، و الأعراس وغيرها)؟ أم الحرفاء الذين يعيشون في الخارج مثلنا و يعودون إلى بلادهم بعد غربة طويلة و كلّهم إرادة أن يفعلوا شيئا مهمّا في بلادهم، و يريدون تقديم بعض ممّا تعلّموه و رأوه في البلدان الأخرى و هم لا يعرفون أنّ في بلادهم أناس مثل السّيد عدنان بوكاف والسيد عثمان الزهاق و البنك العربي لتونس الذين سيحتقرونهم و يستغفلونهم و يظنون أنّهم قدموا من جزر الواق واق، لا يعرفون شيئا و يجب معاملتهم كأناس أمّيّين . هذا ما فعله بنا السيد عدنان بوكاف و معه مساعده السيد رضا بن  عليةا (Les professionnels à l’écoute  ). أتينا و رؤوسنا ملآنة بكلام سيادة الرئيس، و ما كنّا نراه في سفارتنا و قنصليتنا في مدينة جدة، و المعاملة التي كنا نلقاها من سفرائنا وقناصلنا كجالية عزيزة و كمواطنين أوصى سيادة الرّئيس بهم خيرا منذ أول زيارة قام بها للخارج في تاريخ حكمه المجيد (وهي معلومة لا يعرفها أحد على ما يبدو في البنك العربي لتونس). معاملة تشرّف أي تونسيّ بالإنتماء إلى هذا البلد العزيز. أريد التعليق على ما قلتموه في ردّكم إلى الجريدة لأن ما قلتموه  هو كلام إشهاري لاغير حيث أدخلتم في خلد القارئ الذي لا يعرفكم و لم يجرّبكم أنّ إنتماءكم إلى البنك العربي العريق يجعلكم لا تخطؤون ويضعكم فوق المحاسبة وفوق القانون. وللعلم فإن اختيارنا للبنك العربي في تونس لم يأت من فراغ بل إنّه حصيلة تجربتنا مع البنك العربي الوطني في جدّة والذي أعطى لزوجي قرضين مبلغ كل منهما خمسون ألف دينار تونسي (150 ألف ريال)  بعد 48 ساعة فقط من تعمير الأوراق على الكونتوار. أنا شريكة السيد جمال الدين الحاجي و زوجته و أم ولديه والمديرة الإدارية والمالية للشركة التي دمرها البنك العربي لتونس. و قد كونا الشركة مع بعضنا بعدعشرين سنة من الغربة. عرفنا أن العصر هو عصر الرقمنة و بما أن إتّجاه سياسة بلادنا هو تشجيع مشاريع الرقمنة قمنا بدراسة و فتحنا حساب الشركة في البنك العربي لتونس بعد وعد صريح بقرض لتبدأ الشركة العمل. هذا الوعد لم تذكروه ونريد أن نفهم لماذا. هل أنكم بعد “إحالة صاحب الوعد على التقاعد” تريدون السكوت على ماض لا يشرفكم كبنك أو كأشخاص. ها أن السيد عدنان بوكاف وعدنا في الشارع أم في مكتبه كمدير لفرع البنك العربي لتونس. أن هذه الممارسة المشينة تضعونها تحت خانة “السرّ المهني” للبنك العربي لتونس؟ و تقولون أنكم لم تقتنعوا بالمشروع   لماذا لم يقل لنا السيد عدنان بوكاف أن مشروعنا لا يقنع إدارته و أن مطبعتنا الرقميّة لا تناسب سياسة بنكه التي لا تشجّع إلا القروض الشخصيّة و قروض الإستهلاك؟ وقتها كنّا أخذنا أموالنا و فتّشنا عن بنك آخر يفهم في الرقمنة و مشاريعها التي لا تقنع مسؤولي قسم القروض في البنك العربي لتونس، والذين يلزمهم سنة و أكثر و ثلاث دراسات وانتظار و تشرّد عائلة بأكملها و جوع و إفلاس و سجن بسبب أخطاءهم. لدينا الرسالة التي يقول فيها السيد عدنان بوكاف أنه أرجع “الشيك بدون رصيد” لأنه ينقصه موظفون فهل هذا عذر تتشرد به أسرتي وأولادي ويسجن زوجي بسببه؟ و هل « Lettre « d’affectation التي أسميتموها “ضمانا” في مقالكم تسمح للبنك باستعمالها كتوكيل عام للتنكيل بنا وكفّ أيدينا عن حساباتنا قبل أن يصل مبلغ الحساب على المكشوف إلى مبلغ الضمان إذا سلمنا بصحة هذه التسمية على ما فيها من نية التحيل. كأن أصحاب الشركة أميّين، وهو البنكاجي كما يقول لي كلّ مرّة و عندما أسأله و أطلب منه كيف فعل بنا هذا و لماذا وعدنا و أخلف؟ وبما أنّ مشروعنا لا يتماشى مع سياسة بنكه، لماذا يفتح لنا الحساب و لماذا يعطينا وعودا ولماذا يعطينا سحبا على المكشوف وهو يعلم أن مشروعنا لا يقنع. عندما طلبت منه كيف يرجع الشيكات و أين ودائعنا- الضّمان فنحن لم نصل إلى ربع مبلغها، كان يقول لي إن البنك يجب أن يدخل أموالا ليصرف على موظفيه و على كل حال هذا الحساب أقلقني والأحسن تسكيره. هل هذه هي الحرفية التي يتحدث عنها مقالكم؟ أم أن هذا أيضا من “سر المهنة”؟ نغلق الحساب و الشركة التي لم تعمل بعد و المشروع الذي لم يقتنع به البنك العربي لتونس و الذي لا يريد المخاطرة فيه. إني أعلم السيد بن تنفوس أنه لو أخذ قليلا من الوقت و قرأ القانون الأساسي للشركة أو الدراسة و تكلّم معنا باحترام لا باحتقار وكأننا جهلة لا نعرف فكّ الخط، لما سمح لمحرر المقال المذكور بنشره . كذلك كان سيعلم أن محرر المقال حرص على الإشهار الكاذب أكثر من حرصه على الحقيقة: كان سيعلم على سبيل المثال أن هذه الجملة من المقال “وقد استغرق البت النهائي في هذا الملف فترة طويلة نسبيا”، وهنا وجب توضيح ما يلي بناء على الوثائق التي أحجم البنك عن نشرها مع رده. الأمر لا يتعلق بمطلب واحد للقرض بل بثلاثة مطالب. بعد السنة الأولى من الإنتظار أعلمنا السيد عدنان بوكاف بأن “ملف القرض ضاع”. جدّدنا المطلب وأخذنا الأمر بشيئ من الفلسفة بما أننا تورطنا مع بنك يحسب مصالح الناس والشركات بالسنوات وليس بلأشهر والأسابيع والأيام. استغرق البت في المطلب الثّاني سنتين بالتمام والكمال كان البنك خلالها لا يحرك إلا أرقام الفوائد على الحساب Agio وعندما كنت أسأل السيد عدنان بوكاف والسيد رضا بن علية كانا يجيبان ” أمورنا في العنبر” أي لا يخشيان شيئا أو أحدا. المطلب الوحيد الذي تحدث عنه البنك هو المطلب الثالث مع هذين الرقمين. دخل المطلب المذكور البنك في جويلية. بتت فيه لجنة القروض في نوفمبر. وأعلمنا بالرفض شفويا في ماي الموالي. وعندما طلبنا وثيقة الرفض كي نعرف أسبابه ونتلافاها، أجابنا أحد أعضاء مجلس الإدارة بأن البنك لا يعطي للحريف وثائق أو مراسلات تحمل أخبارا غير سارّة، وذلك في إطار سياسة البنك العربي لتونس في المحافظة على الحريف. و أخيرا عندما يتكلّم المقال عن نشر أخبار زائفة فإني أود إعلام القراء بأن كل كلمة قلناها للصحافة أو للقضاء تقابلها وثيقة صادرة من البنك لا يأتيها الشك من أي ناحية. وإذا كان في حوزة البنك وثائق تفند ما قلناه بوثائقنا فإننا لا نشك لحظة في أنه كان سينشرها بلا تردد لأن الأمر في غاية الخطورة بالنسبة له كبنك تراقبه الدولة وبقية البنوك المنافسة. فما معنى امتناع البنك عن إعطاء أي وثائق والتكتم على هذا الموضوع بهذا الشكل؟ كلّ كلمة قلتها (و لم أقل كلّ شيْء) موجودة في أوراق من البنك و لمن يريد أن يرى صحّة كلامي فالملف موجود في المحكمة و كلّ الأوراق التي تدين البنك موجودة عندي. فأنا كلي ثقة في المحاكم التونسيّة رغم أن ليس لي أموال كما قال السيد عثمان الزهاق الذي يبني تفاؤله بانتصار البنك على كوننا أصبحنا فقراء مشردين بفضله و”حكمته”. وحيث أنه قال كذلك إن البنك أقوى من المواطن مهما كان، وهو الذي درس القانون، فإن الرد الوحيد على هذا هو هذه الفقرة التي تناولاتها وسائل الإعلام ومازالت بالتفسير والتحليل للسيد الزهاق وأمثاله. “ولا يظن احد انه يستطيع بحكم موقعه الاجتماعي او انتمائه السياسيى او عمله المهني او نشاطه الجمعياتي ان يملك مظلة حمائية او غطاء وقائيا يجعله خارج سلطة القانون او يمنحه حق التفصي من مسؤولياته عندما يرتكب مخالفة او يقترف جرما. اذ ان العدالة التي نحرص علي استقلاليتها ونولي مؤسساتها والقائمين عليها كل ثقتنا واحترامنا هي التي لها وحدها الكلمة الفصل في هذا المجال” وانطلاقا من واجبي الوطني فإنني أحذر بأقصى الجدية كل المواطنين التونسيين الشرفاء العاملين بالخارج من مغبة التعامل مع البنك العربي لتونس , ولعل عملية التحيل والتدليس التي لم يستطع البنك تبريرها أو التغطية عليها إلى حد الآن خير دليل على ما نقول.   نازك بن عزوز (حرم جمال الدين الحاجي) المديرة الإدارية والمالية


بسم الله الرحمان الرّحيم

هل نحن ذاهبون نحو التصعيد و زيادة الاقصاء

أو الانفراج و المشاركة؟

كيف تحقيق المصالحة الوطنية و الحوار الوطني

“قل هذه سبيلي ادعو على بصيرة انا ومن اتبعني وسبحان الله”(سورة يوسف 108)

بقلم : عبد السّلام بو شدّاخ،

احد مؤسسي الحركة الاسلامية في تونس باريس في 2 جانفي 2008

كيف نتفادى التصعيد في الحياة السياسية .

في بداية السنة الادارية 2007 ابتليت البلاد بأحداث عرفت ب”احداث سليمان” التي وقعت في تعتيم اعلامي كبير وهو الذي طبعت بها المواجهات. مما فتح المجال للتنبؤ وللاشاعات مع الملاحظ بان عمل هذه المجموعات نال بالبحث من قبيل الكثيرمن المراقبين الاجانب لهذه المجموعات القتالية و هم يجمعون على ان هذه المجموعات الصغيرة في العدد تستعمل أحدث مناهج القتال ووسائله اضافة الى ذلك انها توسع تجاربها وخبرتها الفنية بفضل امتداداتها الدولية.

و مع نهاية السنة اصدرت المحكمة الابتدائية بتونس يوم 30 ديسمبر 2007  حكمها في حق “مجموعة سليمان” القضية رقم 75910- 10. احكام قاسية التي وصلت الى الاعدام في حقّ اثنين من 31 عنصر من هذه المجموعة و التي تتراوح اعماهم بين 24 و 36 سنة والمعتقلين في الفترة ما بين النصف الثاني من شهر ديسمبر 2006 و بداية شهر جانفي من سنة 2007.

ان بعض المصادر تقول أن هذه المجموعة ليست المجموعة الاولى ولكنها المجموعة التي بلغ خبرها للعموم والتي كادت ان تنفذ خططها . وهذا يعني ان هذه المجموعة نجحت في اختراق خط دفاعي امني كان من المفروض ان لا يخترق بحسب الخطة الامنية التي تعمل بها السلطة في تونس.

وهذا يعني كذلك ان مثل الامر قد يتكرر و يبدو ان السلطة مدركة لذلك، ولعل هذا ما يفسر توسيعها لمجالات الاعتقال وشدة التعذيب. والواضح ان السلطة مدركة ان المسالة مسالة وقت. ان هذه الاحداث التي ادت لموت 12عنصر من الشباب وكذلك عدد من قوات الجيش والامن بتكتّم كامل و دون أي تحقيق. وبعد عشر ايام من الاحداث اعلن النظام انه سيطر عليها وكأن موضوع هذه المجموعة قد انتهى.

ولقد شهدت هذه المحاكمة ولأول مرة في تاريخ القضاء التونسي  الاعتداء بالضرب المبرح على المتهمين داخل قاعة الجلسة بأمر من رئيس الجلسة وأمام الجميع من محامين وأهالي المتهمين والمراقبين، لأن احد المحاكمين قد رفع صوته بالقاعة قائلا:” الله ولينا ولا ولي لكم”.

ويؤكد معظم هؤلاء الشباب تعرّضهم لتعذيب وحشي بمقرات وزارة الداخلية حيث يجري استنطاق كل المتهمين بالإرهاب وفقا لقانون 10 ديسمبر 2003 الذي يحمل عنوان “دعم المجهود الدولي لمكافحة الإرهاب ومنع غسل الأموال”.

و قد اورد مراسل روترز ان القاضي محرز الهمامي اصدرحكمه باعدام اثنين من الاسلاميين هما صابر الرجوبي وعماد بن عامر بتهم الانضمام لتنظيم ارهابي وحث السكان على العصيان المسلح والقتل بالتراب التونسي.

وصدر الحكم بالمؤبد على ثمانية اخرين و هم الصحبي النصري وفتحي الصالحي ووائل العمامي ومحمد باللطيفة وعلي العرفاوي ورمزي العيفي واسامة عبادي ومخلص عمارو بالسجن لمدة 30 عاما على سبعة متهمين بينما حكم على بقية المجموعة بالسجن فترات بين20 وخمسةأعوام.

وبعد النطق بالحكم قال المتهمون “الحمد لله” قبل ان يسجدوا على الارض. مع العلم ان الكثيرمن المراقبين الاجانب لهؤلاء الشباب من المجموعات القتالية يجمعون على ان هذه المجموعات الصغيرة في العدد تستعمل أحدث مناهج القتال ووسائله اضافة الى انها توسع تجاربها وخبرتها الفنية بفضل امتداداتها الدولية. هذا في ما يخص القدرة الفنية للشباب الذي واجه القوات التونسية. 

حمل رئيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان مختار الطريفي السلطات الرسمية جزءا من مسؤولية ظهور هذه الجماعات المتطرفة من خلال عدم فتحها باب المشاركة السياسية، وقال: “مما أسهم في تأجيج هذا الفكر المتطرف هو الانغلاق السياسي الذي تتميز به تونس الذي لا يؤدي في النهاية إلا لمثل هذه الأعمال الإرهابية، وقد نبهنا إلى ذلك منذ سنوات، وقلنا بأن الشباب عندما لا يجد إمكانية للتعبير فإنه قد يلجأ إلى هذه الأعمال غير المبررة بكل المقاييس”، على حد تعبيره.

الا ان بعض المصادر تقول أن هذه المجموعة ليست المجموعة الاولى ولكنها المجموعة التي بلغ خبرها للعموم والتي كادت ان تنفذ خططها الا بمبادرة  السلطة في الدخول معها في مواجهة مسلحة. وهذا يعني ان هذه المجموعة نجحت في اختراق خط دفاعي امني كان من المفروض ان لا يخترق بحسب الخطة الامنية التي تعمل بها السلطة في تونس.

وهذا يعني كذلك ان مثل الامر قد يتكرر و يبدو ان السلطة مدركة لذلك، ولعل هذا ما يفسر توسيعها لمجالات الاعتقال وشدة التعذيب. والواضح ان السلطة مدركة ان المسالة مسالة وقت. ان هذه الاحداث التي ادت لموت 12عنصر من الشباب وكذلك عدد من قوات الجيش والامن بتكتّم كامل و دون أي تحقيق. وبعد عشر ايام من الاحداث اعلن النظام انه سيطر عليها وكأن موضوع هذه المجموعة انتهى وكتم الاخبار عن عمليات الدفن وهوية المشاركين فيها وضحاياها.

رفع التضييقات على الرّابطة 

وقد أعلن الاستاذ مختار الطريفي رئيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان ان لقاءات وقعت بين الهيئة العليا لحقوق الإنسان ومختار الطريفي وان السلطات التونسية رفعت الحصار عن مقرها الرئيسي في العاصمة في بادرة قد تنهي أزمة أثارت اهتمام منظمات حقوقية في العالم منذ اندلاعها في سبتمبر/أيلول 2005.

وصرّحت الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان في بيان لها ان اللقاءات تجددت بين المنصر الرويسي رئيس الهيئة العليا لحقوق الإنسان ومختار الطريفي رئيس الرابطة، وأعلم الرويسي رئيس الرابطة بأنه يمكنه استغلال المقر المركزي من دون قيود. و نحن اذ نستبشر بمثل هذا الخبرالا اننا نأمل ان لا يتكررّ مثل هذا مستقبلا.

متى ترفع التضييقات على بقية المنظمات المحظورة

مع بداية العام الاداري الجديد 2008 لا يحلو لنا الاحتفال ولا الاكل والشرب واخوان لنا في غياهب السّجون. نذكر منهم على سبيل الذكر لا الحصر أسماء المساجين الذين لا تزال معاناتهم متواصلة منذ ما يقارب العقدين و هم السادة:  الصادق شورو- ابراهيم الدريدي – رضا البوكادي – نورالدين العرباوي – عبدالكريم بعلوش – منذر البجاوي – الياس بن رمضان – عبدالنبئ بن رابح – الهادي الغالي – حسين الغضبان – كمال الغضبان – منير الحناشي – بشير اللواتي – محمد نجيب اللواتي – الشاذلي النقاش – وحيد السرايري – بوراوي مخلوف – وصفي الزغلامي – عبدالباسط الصليعي – لطفي الداسي – رضا عيسى – الصادق العكاري – هشام بنور – منير غيث  – بشير رمضان نسأل الله لهم ولجميع مساجين الرأي فرجا عاجلا قريبا.

هل من منجد لهؤلاءالأموات بلا أكفان و بلا قبور؟

هؤلاء الصامدون المحتسبون الصابرون طوال السنين الطوال‘ نسال الله العلي القدير ان يفرّج عليهم قريبا‘ انه سميع عليم‘ ولا ننسى بقية اخواننا المسرّحين الممنوعين من العمل و من السفر‘ ولا ننسى المشردون في جميع اصقاع العالم‘ نسال الله تعالى ان يجمعنا و اياهم على ارض الخضراء الحبيبة‘.

هذا الوضع الذي وصلنا اليه في تونس الحبيبة هو نتيجة اخطاء ارتكبها  بعض الفاعلين في الساحة السياسية التونسية وبعض الاطراف من الوسط الاسلامي غرورا منهم من جهة. وبعض الاطراف من داخل السلطة الذين دفعوا نحوتحويل مقاليد الدولة الى ادارة القمع البوليسي الذي لا يعتمد على الحوارو لا الوفاق بين الفرقاء والشركاء في الوطن.

حتّى ان ننسى لابدّ من التذكير لاصحاب الذاكرة الضعيفة ان تصرّف النظام الجديد في نوفمبر1987 كان قد تصرّف بشكل جيّد مع الاسلاميين وهو ما دفع الاستاذ راشد الغنوشي للإطناب في مدحه. اذ سرّح النظام حوالي 2000 من المساجين السياسيين من بينهم الاستاذ راشد الغنوشي المحكوم عليه بالمؤبّد، و حفظ ما يسمى بقضية “المجموعة الأمنية” او “مجموعة الانقاض الوطني” مثلما يحلو للبعض تسميتها و هي في الحقيقة محاولة انقلابية أقدمت عليها بعض العناصر القريبة من الحركة الإسلامية.

ثم أعلن عفوًا عامًا، ظهر فيما بعد أنه انتقائي، و أعاد المساجين المسرحين إلى وظائفهم و أعمالهم السابقة . و عوّض للمحكومين بالبراءة منهم، ثم منح رخصة قانونية للإتحاد العام التونسي للطلبة و سمي الاستاذ عبد الفتاح مورو، الرجل الثاني في النهضة آنذاك في المجلس الإسلامي الأعلى، و أشرك الاستاذ نورالدين البحيري، في صياغة و التوقيع على الميثاق الوطني الى جانب الأحزاب السياسية القانونية و سمح بالمشاركة بقوائم مستقلة في الانتخابات التشريعية لسنة 1989، و رخص للسيّد حمادي الجبالي لإصدار صحيفة أسبوعية “الفجر” القريبة من الحركة الاسلامية. كل هذه الخطوات كانت ايجابية من الواجب عدم تغافلها او نسيانها.

ولكن في سنة 1990 مع احتلال القوات العراقية لدولة الكويت هذا الموقف الذي سانده الاستاذ راشد الغنوشي ،هو موقف نشاز و لا يقبل به عاقل في صلب الحركة الاسلامية تزامن مع بداية قمع الاسلاميين  بشاركة مع  و مساعدة و مساندة وقتها من العديد من “الزعماء الديمقراطيين” و “المناضلين الحقوقيين” المعارضين حاليًا وهذا امر لا يجب اغفاله او نسيانه.

وللحقيقة لانّ الحقّ مرّ كما قيل و ” قل الحقّ ولو على نفسك” و الاعتراف بالحقّ فضيلة و بصراحة و للتاريخ على قيادة النهضة آنذاك،أن لا تنسى مسؤوليتها السياسية و الاخلاقية في مبادرتها بمواجهة النظام ، وضمنيّا في مأساة المساجين السياسيين. و صدق الله العظيم اذ قال في سورة فصلت “ من عمل صالحا فلنفسه و من أساء فعليها و ما ربّك بضلاّم للعبيد” (فصلت 46) و قال تعالى في سورة الانعام “ .. ولا تكسب كلّ نفس الا عليها و لا تزر وازرة وزر أخرى ثمّ الى ربّكم مرجعكم فينبّئكم بما كنتم فيه تختلفون ” (الانعام 164) .

و على كل حال، يمكن أن نتفهّم ان من حق النظام أن يدافع عن نفسه و عن المجتمع الذي يتحمّل مسؤولية امنه وضمان الاستقرارفيه. و لكن في إطار الاحترام لحقوق الإنسان، و دون نظام العقوبات الجماعية و تعميم القمع الى الأسر بأكملها وانتهاءا بتدمير المجتمع بأكمله.

و للحقيقة التاريخية ايضا  ان النظام لم ينجح فقط في دوام حكمه طيلة عشرين عاما فحسب بل نجح ان يحقّق الاستقرار الاجتماعي. في الوقت الذي فشل خصومه ان يزيحوه او ان يشكّلوا قوّة ضغط ذات بال تجبره على اخذ مطالبهم بعين الاعتبار. وهذا ينطبق على من كانت في الثمانينات القوّة الثانية في البلاد. ان قيادة هذا التنظيم الذي فقد ما كان له عزّ و ريادة و ما بقي له الا تعداد المصابين والمرضى و المعاقين و العاطلين عن العمل. ولقد كانوا عاهدوا الله من قبل لا يولّون الادبار و كان عهد الله مسئولا قل لن ينفعكم الفرار ان فررتم من الموت او القتل واذا لا تمتّعون الا قليلا” (سورة الاحزاب 15- 16).

في حديث صريح” السبيل أونلاين نت ” مع الأستاذ شرطاني بتاريخ 25 ديسمبر المنصرم جوابا لسؤال حول وجوب اجراء اصلاحات من داخل جهاز الحركة الاسلامية من حيث الطاقم القيادي بحيث ضرورة ارجاع القيادة الى دّاخل القطر والعناية بالمسألة التربوية و تغيير الخطاب السياسي تجاه السلطة.

أجاب الاستاذ شرطاني أن الموضوع شائك والحديث فيه يطول … بخصوص حركة النهضة ومشاكلها فإن الأمر في الحقيقة يقتضي إلماما كاملا بكل مشاكله. و الحديث عن الإصلاح يبدو ممكنا من خلال مشاكل الداخل.

أما عن مسألة القيادة،يقول الاستاذ الشرطاني مسألة الشرعية تبقى مهمة فهل أن القيادة بالمهجر تتمتع وفق القوانين المعمول بها داخل الحركة بالشرعية الكاملة فالسؤال مطروح.

وهو يقرّ باحتشام ان القيادة في المهجر يمكن أن يكون مقدوحا في مشروعيتها من الناحية القانونية ، وكيف يمكن أن يكون وضع قيادة الازمة في الداخل في ظروف مازال لم يتوفر فيها الحد الأدنى من أسباب التواصل بين العناصر الفاعلة وبين القواعد التي أصبحنا لا نعلم على وجه اليقين من مازال مع هذه الحركة ومن انقلب عليها .

وإن كان الأصل في القيادة أن تكون بالداخل، إلا أن الوضع مازال لا يسمح بذلك، ولا بد من تهيئة الأوضاع بالداخل حتى يصبح قادرا على إفراز قيادة تتمتع بالحد الأدنى من شرعية التمثيل القاعدي على الأقل.

وهنا يتهرّب من الجزم، فهو يقول فإنه يمكن للقيادة أن تظل بالمهجر حتى تتم تهيئة الظروف المناسبة ليتم تسليم القيادة بسلاسة للداخل، و لكنه لا يقدّم أي سند قانوني لهذه الشرعية المزعومة.

وهنا نختلف معه لاننا نرى وجوب الدعوة لمؤتمر خارق للعادة للحركة بالدّاخل و حتى ذلك الحين فلا يحقّ للقيادة في المهجر الحسم في أي موضوع او عقد أي حلف مع أي جهة سياسية ايا كانت و ليس ثمة أكثر إلحاحا من الملف التربوي الذي لابد من البحث الجاد والسريع في ما يلزم من استعداد وإعداد له .

فلا بد من اعداد العناصر المناسبة في التربية والتكوين، وفي تشييد صرح المجتمع المسلم المنشود وكذلك لابد من الإسراع في ضبط الآليات والوسائل والإمكانيات والعناصر اللازمة للإهتمام بالملف التربوي أولا، وهو الذي من خلاله يطرح الملف الإجتماعي .

وفي الأثناء يجب أن نحافظ على مستوى منخفض من العناية بالملف السياسي والإعلامي ونبتعد عن الإستفزازات بخطاب متوازن مسؤول على قاعدة نحن قوم نقول:”للمحسن أحسنت وللمسيء أسأت”-

كما هو مروي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم -، مع التمسك بكل الثوابت التي اقرتها مؤسسات الحركة في داخل القطر و هي من ثوابت ديننا، ومع ملازمة الحذر عن أن نفتن عن بعض ما أنزل الله على رسوله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم .ّ

مع العلم انني لا الوم الاخوة الذين خرجوا من البلاد هروبا بدينهم و عوائلهم و انما لومي ينحصر على الطاقم القيادي فقط لا غير. هذا الطاقم الذي اختار تأبيد القيادة في المهجر مسؤوليته عظيمة امام الله اولا ثمّ مسؤوليته امام الاجيال اعظم . هذه القيادة ان كانت تتوهّم انها سوف تعود للبلاد غانمة نسيت او تناست ان النضال لا يكون بالوكالة من وراء البحار بل الساحة و مشاركة شعوبهم الآلام و الآمال والجوع والحرمان.

و هنا اذكّر بما حصل في الندوة التي عقدها مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية يوم الأربعاء 26/12/2007 تحت عنوان “وثيقة ترشيد العمل الجهادي في مصر والعالم: قراءة من الداخل”([1]) و قد كانت ندوة ساخنة ومثيرة، و لا سيما عندما قدم ضياء رشوان -رئيس برنامج دراسات الحركات الإسلامية بالمركز- شابا من المنتسبين إلى الجماعة ليحكي تجربته؛ حيث دخل السجن وعمره (14) عاما وأمضى في السجن (16) عاما دون محاكمة مدنية أو عسكرية ليخرج. وقد تجاوز عمره الثلاثين وليواجه المجتمع وضغوطه، وكيف أن المجتمع يخاف من التعامل معه؟، كما أنه لم يعرف فكرة التكفير حتى على الرغم من الأهوال التي تعرض لها في سجنه هو والآلاف من المعتقلين الذين بلغ عددهم ما يقرب من ثلاثين ألف معتقل لم يقدموا إلى أي نوع من المحاكمة وقضت المحاكم بصرف تعويضات عن فترة سجنهم الطويلة. و كذلك تقديم ضياء رشوان لتجربة الشاب في نهاية الندوة التي امتدت لما يقرب ست ساعات يحمل دلالات ثلاث:

الأولى: أن بعض الاتجاهات العلمانية واليسارية، التي تعترض على مراجعة الجهاديين ولا ترى فيها أي قيمة، لا يعرفون شيئا حقيقيا عن هؤلاء الجهاديين وأفكارهم وكيفية تنشئتهم والمظالم والأهوال التي تعرضوا لها في سجنهم، ناهيك عن تأثير الواقع على ظهور أفكارهم، ومن ثم فتلك الاتجاهات تتحدث عن الجهاديين ولسان حالها ينطق بعدم المعرفة من جانب، وبرغبتهم في إبقاء الحالة الإسلامية التي تتمدد في المجتمعات العربية وخاصة مصر في مربع لا تفارقه وهو مربع الإرهاب والعنف لأن ذلك يعطي شرعية للأنظمة المستبدة في قمعها وفي مواجهة الإسلاميين بشتى تنويعاتهم.

الثانية: أن هؤلاء الجهاديين سواء من الجماعة الإسلامية أو تيار الجهاد الذين بلغ عدد معتقليهم أكثر من (30) ألفا ولم يخضعوا لأي محاكمة وقضت المحاكم بصرف تعويضات لهم، تعرضوا لمظالم كبرى تستحق المراجعة من النظام السياسي وقواه الأمنية التي اعتقلت البشر على ما يُشتم من عقولهم ومظهرهم أنهم يحملون أفكارا دينية، دون أن يرتكبوا فعلا يجرمه القانون.

الثالثة: أن هناك دورا مجتمعيا وحكوميا مفقودا في رعاية هؤلاء الجهاديين العائدين للمجتمعات بعدما قضوا زهرة أعمارهم في السجون، سواء في دمجهم وقبولهم مجتمعيا أو توفير فرص عمل ورعاية اقتصادية لهم، حتى لا يدفعهم الواقع إلى الإحباط وإلى ما هو أبعد مما اتهموا به من عنف أيديولوجي.

كيف الخروج من حالة الركودو الجمود

ان الوضع في تونس لا يبشر بانفراج قريب بل ان السلطة لا تزداد الا تصلبا وهروبا الى الامام فهي لا تتصرف تصرف المطمئن لوضعه الواثق من سياسته بل هي تسلك في الناس سلوك الذي ظهره للجدار ولا منجا له ولا امل له الا الخوض في الناس ودوس أنوفهم في التراب ووطئ احلامهم واعراضهم.

ان السلطة لا تحاوراحدا داخل البلاد ومخاطبها الوحيد هي الجهات الدولية التي عليها تعتمد في مواصلة حكمها وفي ضمان استمراره اما عن المعارضة فهي في مازق حقيقي لا تحسد عليه. هذه جملة من المسائل الكثيرة التي تطرح حول الحل لما نعانيه من سجن ونفي وإقصاء. نريد أن تنتهي هذه المرحلة من الركود والجمود.

ولكن لما لا يكون الاستضعاف الذي يُوقَََعُ بنا ونحن نقاومه بأبداننا وقلوبنا وأموالنا هو طريق النصر والتمكين وكم نصر الله من مستضعفين. قال تعالى: ((وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ تَخَافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآَوَاكُمْ وَأَيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ)) (الأنفال 26). نحن مطالبون بالعمل بما تبقى لنا من جهد وعمر من أجل آخرتنا ومصلحة الإسلام والمسلمين في بلادنا. ونحن لا ننسى ما لحق بنا وبدعوتنا مع أنا نحتسب ذلك عند الله.

لقد طالت المحنة التي لم تنته المحنة بقضاء العقوبة بل اتبعتهم عقوبات اخرى اشدّ على النفس في خارج السجن اذ تتعدد الإنتهاكات والاعتداءات الى ما بعد السجن بداية بالحدّ من حرية التنقل و الحرمان من الشغل و قطع الأرزاق و المراقبة الإدارية و تكثيف المتابعة الأمنية .

و رغم هذه المعانات التي لا يتحمّلها الكثير من البشر دون السقوط في ردود الفعل اليائسة هي دليل على طبيعة الحركة الدعوية الرّافضة للعنف.

هل يمكن للسلطة أن تسترد ثقة العامة والنخب فيها وفي خطابها ووعودها بالغد الأفضل في الوقت الذي تتردد  في إتخاذ خطوات حاسمة وجريئة لا تكلفها شيئا تنقذ بها حياة الكثيرين من الموت البطيئ الذي يتهددهم في كل لحظة وتضع بها حدا لما يعاني منه اللآلاف من أبناء هـذا الوطن من تمييز وشعـور بالإضطهاد الدافع للإحباط واليأس وتحمي بها البلاد من الإنقسام والإنشطار ومن العواصف والهزات والمنزلقات وتؤهلها لمواجهة تحديات المرحلة ؟

وهل يمكن للمعارضة الوطنية وهيآت المجتمع المدني وفعالياته أن تعيد للنخب والعامة الثقة في جديتها و قدرتها على الفعل وأن تحيي فيهم الأمل في إمكانية الخروج مما هم فيه بما يهيئ الظروف الملائمة لإنخراط جماعي في المعركة من أجل تحقيق الحريات والديمقراطية؟

و لله درّ الدكتور خلد التراولي اذ قال “المعارضة مراكمة لفعل جاد ونظر جريء من أجل الصّالح العام، لا تعرف استراحة ولا ترجّلا، لأن من ترجّل مات، ومن استراح نام ولم يستيقظ، ترتوي من عين العطاء والإيثار من أجل صلاح فرد ومجموعة، في ظل منظومة من القيم، تحدد إطار حراكها وتدفع بها إلى مصاف الفعل الواعي والرشيد.”

أليس من المشروع التساؤل حول جدية السلطة للإستجابة لمطالب شعبنا المشروعة في الديمقراطية والحرية والعدالة الإجتماعية  وهي تصر على حبس المئات من أبناء هذا الشعب وشبابه لأسباب سياسية رغم أنه مر على إحتجاز بعضهم أكثر من ثمانية عشر عاما كاملة.

تعهد الرئيس التونسي في مناسبة دخول العام الجديد 2008 بتعميق مناخ الحوار والتعاون والتضامن في تونس، بهدف ترسيخ “المسار الديمقراطي التعددي في البلاد”.  وقال إن “هذا المناخ شاركت فيه كل الأطراف السياسية والمهنية والإجتماعية وسائر مكونات المجتمع المدني،ما مكن تونس من تحقيق عدة مكاسب وإنجازات في مختلف المجالات رغم صعوبة الظروف العالمية وتحدياتها الجسيمة”. متى ترفع التضييقات على بقية المنظمات المحظورة.

وأشار الرئيس التونسي إلى أن بلاده ستعمل خلال العام 2008 على إستكمال تنفيذ والشروع في تنفيذ عدة مشاريع جديدة طموحة تغطي كل القطاعات وتؤسس لمرحلة أخرى حاسمة من المسيرة التنموية الشاملة في البلاد.

إن قناعتنا في السعي للانفراج السياسي ليست صفقة مع النظام ولاهدنة ظرفية ولا مقايضة محتملة و انّما هو تمشّ سياسي تمليه التحديات الدّاخلية والخارجية المطروحة على البلاد كما تمليه تراكمات الماضي النضالية والتجارب السابقة ويبرره مشروعنا السياسي الإصلاحي. ” و انّ هذا صراطي مستقيما فاتبعوه و لا تتبعوا السبل…” (الانعام 153)

باريس في 2 جانفي 2008

بقلم : عبد السّلام بو شدّاخ،

احد مؤسسي الحركة الاسلامية في تونس  

 

[1] (المصدر: موقع “إسلام أونلاين.نت ” بتاريخ 27 ديسمبر 2007)  


 

خواطر محب للوطن

 
بقلم عامر عياد كم تبدو السنة ممتدة في بدايات الطفولة .. و كم تتقلص آمالنا كلما تراكمت السنون..  عادة عند نهايات العام.. و بدايات العام نتوقف.. على العتبة الأخيرة  نقف عادة نلتفت إلى ما كان..آو نتأسف على ما لم يكن.. تلك الأشياء تتعلق بأحلامنا و رغاباتنا و آمالنا و هفواتنا..  و هناك أشياء نحاول جاهدين أن نبقى اكبر قدر من نكهتها في الذاكرة المتسربة نحو التناسي و النسيان .. تلك انجازاتنا ننمو بها في أعين أنفسنا إن لم يكن في أعين الآخرين. ثم نلف أعناقنا و أرواحنا و عواطفنا .. نتطلع إلى العام القادم .. هناك دائما تلك الأشياء الأخرى..تفاؤلات و تطلعات تشدنا للتطلع نحو القادم.. هذا العام الجديد المتسلل إلينا بهدوء تختفي ملامح وجهه وراء المزيد من الأحلام و الرغبات و التخوفات.. نعرف انه سيحمل إلينا مزيدا من الوضوح و الانجازات والكينونة أيضا في أعيننا و أعين الآخرين.. الأهم إننا نستطيع بواقعية واعية أن نختار اتجاها واحدا للنظر، أما الماضي فقط أو القادم فقط. أن تجمدنا في الماضي الذي كان  يفقدنا الصلة باشرا قات الغد و ما يحمل من وعود.. وان انفصلنا إلى المستقبل الغامض فقط دون أن تقف أقدامنا على ارض ثابتة من انجازات الأمس تظل بلا وجهة حقيقية تباركها اضاءات الأمس و اليوم. هي تلك الوقفة التي تدعونا إلى التأمل و الاختيار المتزن. الأمس عادة محمّل بالعاطفية الطفولية تدعونا إلى استقرار المعروف و المعتاد حتى لو لم يكن الأكثر إثارة و إرضاء. و الغد يومئ من بعد بكل مغريات المجهول و نضفي عليه من تشوقاننا هالة لها جمال الأمثل و الأكمل و الأكثر إغراء وشدّا.. ..على وقع أحداث سليمان المفجعة ودعنا العام الماضي .. وعلى وقع اغتيال بنازير بوتو نودع هذه السنة.. تتشابه الأحداث..و يكون الإرهاب هو خاتمة أحداث سنة و نخاف أن يكون طابع بدايتها.. الإرهاب هذا الغول الذي لا يعرف دينا أو وطنا أصبح قدرنا الذي نعيش على وقعه في غياب معالجة ثقافية ..و اقتصار هذه المعالجة على مواجهته فقط امنيا و استخبارتيا.. لنا أن  نسال أنفسنا هل نحن محصنون فعلا ضد هذه الآفة؟ هل إن الانغلاق السياسي و محاصرة عمل الجمعيات و الأحزاب  يساعد على محاصرة الظاهرة؟ هل  إن خنق الحريات  و تدجين الإعلام و تمييعه و ارتفاع معدلات البطالة يعتبر ضمانة لمواجهة الإرهاب آم عامل من العوامل المساعدة على تفريخه و إنتاجه؟ إن المواجهة الأمنية رغم ضرورتها تبقى قاصرة و حدها على حمايتنا .. عاجزة إلا عن مزيد توليده و احتضانه. إن الضرورة و الحكمة تقتضي معالجة أخرى أكثر جذرية ..ترسيخ ثقافة الحوار و التسامح..و إعطاء جرعة جدية للانفتاح السياسي و الإعلامي لئلا يكون السلاح هو لغة التخاطب و الإرهاب هو التعبيرة و اللغة. نقف ونعرف أنها وقفة لن تطول..سرعان ما ينبلج الصباح و يأخذنا الاختيار الأخير إلى المنعطف نحو الغد.. حاملين معنا رائحة الحرية و الأمل و عبق الإرادة الصادقة في التجاوز و جعل تونس لكل أبناءها المخلصين و أغان لفصول الفرح و لمّ الشمل و صورا من أزمنة التقاطع. سرعان ما ينبلج الصباح و يعلو صوت المنادي انه يوم جديد يبتدئ به بقية العمر فلتكن خطوة نحو الأجمل و الأنقى و الأمثل.. .. ليكن بدء العمل كأن النهاية ستكون غدا و ليمن بدء السعادة كأن الحياة ستكون أبدا. عند هذا القرار الواعد ندرك الحقيقة الأشمل ..إن كل يوم ولحظة هي بدء جديد و إمكانية للخطو بمسار واعد بالفرح.. وكل عام وتونس بأبنائها بكل خير.


بسم الله الرحمان ارحيم السبيل أونلاين نت

تونس نيوز…ثلاث بطاقات عبور

 
بقلم الطاهر القلعي- سويسرا قد لايكون القصد من اثارة تجربة ملف تجربة تونس نيوز على موقع السبيل أونلاين هو الاطراء الى حد المبالغة وقد حصل في بعض المساهمات , وانما القصد هو استجلاء العبر من هذه التجربة ورصد المكتسبات التي حققها هذا الموقع , وهو في الأخير دعم معنوي وموجه من الموجهات لمن خلفهم من العاملين في المواقع والمدونات من أجل وطن يتسع لجميع التونسيين ويساهم في نهضته ورقيه الجميع على مختلف مشاربهم الفكرية والسياسية وسواء كانوا في المعارضة أو من داخل السلطة. و تونس نيوز هي مكسب حقيقي لجميع التونسيين يجب أن يبرز كمعلم من معالم الطريق الطويل… ومساهمة مني في تقصي هذه التجربة ورصد ايجابياتها ,لابد من التنويه في البدء الى أن هذا العمل هو نشاط بشري قد يصيبه الخطأ – مثل غيره من الأعمال البشرية- وسوء التقدير أحيانا. ولكن حسن النظر الصائب هو للغالب منها . ويمكن أن نلحظ أن مسيرة تونس نيوز أرادت تأكيد ثلاث رسائل أو بطاقات عبور نحو ثلاث مساحات يمكن أن تكون أرضية صالحة لاتصال جميع التونسيين ببعضهم البعض وهي : حرية التعبير, التجديد, الانفتاح… 1.البطاقة الاولى: عبور نحو حرية التعبير لقد تميز موقع تونس نيوز من خلال لسان الحال والمقال أنه مساحة حرة للجميع لممارسة حرية الرأي والاختلاف , كل ينفق مما عنده, ولكل الحق في الرد والرد المعاكس. وفي ذلك تمثل عملي لمقولات عدة حفظناها جميعا في سنوات الدراسة, من بينها على سبيل المثال: اضرب الرأي بالرأي يتبين لك بريق الصواب, وقول الإمام مالك رحمه الله :كل كلام مردود على صاحبه الا صاحب هذا القبر عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم, وقول سيدنا أبي بكر رضي الله عنه:لا خير فيكم ان لم تقولوها ولا خير فينا ان لم نسمعها… كل هذه المقولات وغيرها وجدت طريقها العملي, ولامسها كل من تابع بانصاف مانشر فيها ومداخلات أسرة الموقع-على قلتها- في مناسبات محدودة. ولأن ترسيخ قيمة حرية التعبيرهي أس للحوار المفتوح والمنصف للجميع فقد اهتمت تونس نيوز وأنصتت للجميع وبذلك كانت رائدة وأصبحت محل اهتمام الجميع , وفي ذلك يقول أحد الحكماء:”لكي تكون مهما ..كن مهتما”. 2.البطاقة الثانية: عبور نحو التجديد يقصد بمعنى التجديد لغة جعل الشيء جديداً، كما ذكره الامام السيوطي , وهو ينافي التقليد والجمود والتكرار.ونستطيع فهم التجديد من خلال المعايير أوالمؤشرات التي أوردها داني كوكس في كتابه “القيادة في الأزمات” أذكرها مختصرة وبتصرف استجلاء للمعنى: أهداف جديدة, إشارات جديدة وطريق جديد, غداً هو يوم جديد, جودة, استمتاع ببذل الجهد المثمر, مشاكل.. ولا يفهم معنى التجديد ودرجته الذي حاولت تثبيته تونس نيوز الا بفهم السياق التاريخي الذي نشأت فيه . ولرصد ظروف المولد والنشاة باختصار أقول أنه تم في وقت شهدت الساحة الاعلامية التونسية فراغا اعلاميا واضحا وان وجدت منابر فهي الى التكرار أو الانغلاق أقرب, منشدة في كثير من الاحيان للتجاذبات السياسية والحزبية المختلفة: السلطة- المعارضة , الاسلاميين- بعض القوى العلمانية, المعارضة-المعارضة… وفي ظل ضعف لغة الحوار والبحث عن المشترك بين كل هذه المكونات برز موقع تونس نيوز بخطاب تجميعي يتوخى الحيادية والموضوعية ويبحث عن الحقيقة الضائعة بين مكونات الساحة التونسية في سبيل تجلية الحقائق كما هي وكما وردت… وهذا التمشي هو لعمري خطوة موفقة نحو التجديد تحت سقف تونسي لايجامل ولا يعادي.. 3.البطاقة الثالثة : نحو الانفتاح يمكن القول أن البعد الجماهيري للموقع كان السمة المميزة للموقع . وهذا الاندياح هو في الحقيقة ثمرة لقيمة حرية التعبير والتجديد. فالناس لاتحب المكرر والمألوف وتزكو المواهب والأفكار في ظل الحرية . لقد استطاع موقع تونس نيوز فعلا أن يصل الموصول بالساحة الاعلامية ويأخذ بيد المنقطع والمجهول والمغمور, وقرأها كل مهتم بشأن الوطن الجامع , ولامست هموم قطاعات جماهرية مختلفة وفئات شعبية لم يكن يسمع لها همسا.. وقيمة الانفتتاح على الناس جميعا عبرة من عبر التجربة, ومكسب يجب على مسؤولي المواقع التونسية الأخرى تطوير وسائله والاستخدام الأمثل لها والبحث عن مداخل أخرى لرسالة الانفتاح على درب الطريق الذي رسمه فريق تونس نيوز لهم مني أفضل التحايا… [1]) “إسلام أونلاين.نت – يوم الثلاثاء 1 جانفي 2008


 

بسم الله الرحمان الرحيم والصلاة والسلام على أفضل المرسلين  الرسالة رقم 370 على موقع تونس نيوز
الحلقة الأولى بقلم محمـد العروسـي الهانـي مناضـل وطني كاتب في الشأن الوطني والعربي تونس في 02/01/2008 

في الصميم النقاط على الحروف تمنياتنا وطموحاتنا بمناسبة حلول السنة الإدارية الجديدة 2008

 
على بركة الله وعونه وتوفيقه أواصل الكتابة بأمانة عبر منبر تونس نيوز وبحرية وجرأة معهودة ومسؤولية وأخلاق عالية وبروح وطنية سامية وبكامل الكرامة والشجاعة حتى تكون الرسالة صريحة والكلمة حرة والفكرة صافية- والرأي نابع من الأعماق والوجدان وما أكتبه وأساهم به في هذا المنبر الإعلامي الحر هو نابع من قناعتي وإيماني وحبي لوطني وشعبي وبر بآبائنا وأجدادنا وزعمائنا وقادتنا وأساتذتنا وكل في علمنا وغذّانا بالروح الوطنية. وغرس في عقولنا وقلوبنا حب الخير للوطن وحب التضحية والنضال ونكران الذات والزهد في وسخ الدنيا والتعلق بالقيم السامية والمبادئ والثوابت الخالدة. وانطلاقا من هذه المعاني والقيم النبيلة يسعدني ويسرني أن أساهم بهذه المناسبة السعيدة حول السنة الإدارية 2008 ببعض الآراء والمقترحات والخواطر في إطار تمنيات وطموحات وتصورات نتمنى تحقيقها وإنجازها وتفعليها خلال هذا العام الجديد 2008 وذلك سواء على الصعيد الوطني التونسي والشأن الداخلي أو الصعيد العربي والإسلامي الذي سأخصص له حلقة خاصة وأبدا بالشأن التونسي والقضايا المحلية والجهوية والوطنية. أولا: أقترح في المستوى السياسي العام ودعم الديمقراطية سواء على مستوى التجمع الدستوري الديمقراطي بتعميم الانتخابات في مختلف هياكل التجمع من الشعبة إلى الجامعة مرورا بلجنة التنسيق إلى انتخاب اللجنة المركزية للتجمع وبالتالي انتخاب أعضاء الديوان السياسي بصفة مباشرة. ثانيا : مزيد دعم الديمقراطية في كل المراحل وتحوير المجلة الانتخابية واعتماد النسبية والابتعاد عن فكرة الديمقراطية التي تهدى أو تسند للأحزاب. الديمقراطية تفتك بالإشعاع والنضال والبرامج والولاء للوطن لا للأشخاص وبصندوق الانتخاب وبحكم الشعب وما تفرزه صناديق الاقتراع. ثالثا : مزيد دعم الإعلام المرئي والمسموع والمكتوب وإفساح المجال للرأي الآخر وجعل الإعلام مفتوح للجميع دون احتكار لجهة على أخرى. وفتح ملفات حوارية بأكثر حرية وشفافية وتشريك كل الأطراف والأحزاب والمنظمات والجمعيات والرموز. رابعا : ضرورة فتح آفاق الإعلام المرئي للمواطنين والمشاركة في الحوار المسؤول والعمل على حذف بعض البرامج التي لا تتماشى مع قيمنا وديننا وعاداتنا وتقاليد وأخلاقنا. خامسا : ضرورة إفساح المجال للإعلام الحر وتشجيع بعض الأشخاص الذين يعتزمون ويرغبون في بعث إذاعات أو محطات تلفزية على غرار ما قامت به المملكة المغربية مؤخرا بدعم وحرص من الملك محمد السادس نصره الله وحفظه المملكة الذي أعطى فسحة كبير للإعلام ولبعث محطات فضائية أو إذاعات مغربية حرة. سادسا : التأكيد على دعم الصحافة المكتوبة وإفساح المجال للإعلام الحر وفتح حوارات حرة بأكثر شفافية وحرية وجعل الصحافة مفتوحة للرأي الآخر دون إقصاء أو تهميش أو وصاية أو منع أو حذف ورقابة ذاتية سواء للصحفي العامل بالصحيفة أو المساهم الحر حتى تنتهي مسرحية التعليمات الفوقية من طرف بعضهم مثل الذي حصل عام 2003. سابعا : التأكيد على إنهاء الإقصاء والتهميش والتخوين والتصفيات لأصحاب الرأي الحر وجعل الحوار الديمقراطي هو قاسم مشترك بين كل شرائح المجتمع فلا فضل لمواطن على آخر إلا بالعمل والنضال والإشعاع والوطنية الخالصة للوطن للأشخاص والانتماء الحق للوطن وحده. ثامنا : أقترح أن تكون سنة 2008 سنة الحوار وإفساح المجال في وسائل الإعلام المرئي والمسموع والمكتوب ومنابر الحوار داخل الأحزاب لكل المواطنين دون تخوين أو رقابة أو تهميش مفرط. تاسعا : أقترح دعم فكرة بعث فضائية تهتم بالجانب الديني والأخلاقي ودعم القيم الروحية على غرار فضائيات عربية أخرى وتكريسا لمبدأ بعث إذاعة الزيتونة للقرآن الكريم التي هي خطوة إيجابية هامة لدعم الجانب الروحي والديني في بلادنا للحد من ظاهرة الانحلال والتهور الأخلاقي والعنف والكلام البذيء الذي أصبح يشكل خطرا على المجتمع التونسي وعلى أبنائنا وبناتنا في الشارع التونسي. عاشرا : ضرورة دعم فكرة التقسيم الترابي والتنظيم الإداري باعتبار أن التقسيم الترابي أصبح ضرورة ملحة لفائدة التنمية الشاملة وأداة فاعلة لدعم تطوير مظاهر الحياة وطموحات المواطن وقضاء شؤونه بسرعة وفي ظروف ملائمة. وإن سياسة تقريب الإدارة للمواطنين لها جدواها وفاعليتها ودورها لرفع مستوى عيش المواطنين في الأرياف وأن المقترحات التي قدمتها في هذا المنبر وآخرها الرسالة التي نشرتها يوم 31/12/2007 مع موفى السنة – تعتبر على غاية من الوضوح والواقعية. أحدى عشر : نتمنى خلال هذا العام الجديد 2008 أن يحصل انفراج سياسي هام يرضي كل الشرائح وينهي الصراع والأقوال والمزايدات والاجتهادات والكر والفر والجدل الذي دام حوالي 20 سنة مدة 7370 يوما ولم يمر يوما دون الحديث عن موضوع إفراغ السجون أو بالأحرى إصدار عفو رئاسي أو عضو تشريعي عام واعتبارا لما نريده لتونس من استقرار وتقدم وتطور وسلم اجتماعية وتألق في شتى المجالات السياسية والاجتماعية والاقتصادية. ونرجو أن يبادر رئيسنا زين العابدين بن علي – بدعم هذه الخطوة وينهي الصراع والمطالبة بالانفراج السياسي على مستوى العفو التشريعي العام وهذا ليس بعزيز ولا باليسير على رئيسنا وعلى مسيراتنا ونضالنا الوطني وتاريخنا المجيد طيلة نصف قرن في ظل حزب التحرير والبناء – وهذا ما نتمناه إن شاء الله. قال الله تعالى : [وتعييها أذن واعية] صدق الله العظيم. اثنى عشر : مزيد العناية بالمناضلين ودعم الطاقة الشرائية والعمل على الترفيع في المنحة المسندة لهم والتي أصبحت لا تغني ولا تسمن من جوع. وهم في حاجة ملحة للدعم المادي والعناية الأدبية والمعنوية بصفة ملموسة. ثلاثة عشر : ضرورة رفع الرقابة الإدارية على الشبان الذين زلت أقدامهم وربما بعضهم في سن المراهقة وهم تلاميذ صغار لا يفقهون السياسة وفي فترة الثورية التي يمر بها كل شاب في سن معنية. نرجو تجسيم خطاب سيادة الرئيس في الذكرى العشرين والعمل به وأعتقد أن سيادته لا يعلم ببعض التجاوزات التي تحصل بين حين وآخر. وأن المراقبة للمساكن وأماكن العمل تجاوزتها الأحداث وأن حتى بعض الشبهات أو الانتماء هو الأخر أصبح غير موجود وليس هناك مبررات لمواصلة الرقابة التي فيها إهانة وإذلال وإحباط بعد 20 سنة لا يجوز مواصلة هذه الطريقة وخاصة رئيس الدولة لا يرضى بهذا الأسلوب ولا يحبذ هذه الطريقة وخطابه الأخير في الذكرى العشرين للتحول يؤكد للرأي العام عكس ما يحصل وقد قلت مرارا أن الرئيس لا يعلم بهذه الخروقات وهو حريص على دعم الكرامة وطي صفحة الماضي والخطاب التاريخي يؤكد ما أقول. فإلى متى هذه الممارسات ومتى يقع الكف عنها حتى يشعر المواطن بالكرامة… أربعة عشر : قضية التشغيل وما أدراك ما التشغيل إن حل هذه المعضلة الشائكة لا يتم الا بقرار رئاسيي حاسم في أربعة الأجزاء. الجزء الأول منه اجراء رئاسي لدعم شفافية الانتدابات بإشراف لجنة مشتركة من رئاسة الجمهورية والوزارة الأولى. الاجراء الثاني : مراقبة الانتدابات السابقة وغربلتها وإعادة إدراجها ضمن المنظومة التي عنوانها الشافية المطلقة وعدم المجال للمحظوظية والمحسوبية والأكتاف وما شابهها من غموض في السابق. الإجراء الثالث : إفساح المجال للتقاعد المبكر في سن 55 بصفة آلية حتى يقع تعويض حوالي 30 ألف موظف خاصة في سلك التعليم الابتدائي والثانوي. الجزء الرابع : الضغط على توزيع البنزين المجاني بنسبة 50 % ومراقبة السيارات الإدارية التي تستعمل في أغراض خاصة والحد من عدد السيارات للمسؤول الواحد وقيمة هذه الاعتمادات الهامة تضع في صندوق لتمويل مشروع التشغيل بصفة عملية جريئة واضحة بإشراف الوزارة الأولى. خمسة عشر : ضرورة العناية بالعائلات المعوزة والترفيع العاجل في منحتهم التي لا تفي بالحاجة الضرورية وأن مبلغ 150 دينار كل ثلاثة أشهر هو فطور الصباح لأسرة ميسورة أو قهوة أحدهم في الصباح الباكر. ستة عشر : طلب المزيد من المساواة في الإنتفاع بالقروض الموسمية أو متوسطية الأجل حتى نقضي على التفاوتات فهناك حسبما يروي رجال في البنوك من يقترض مليار في ظرف ربع ساعة بالهاتف ودون أي ضمان والآخر يلهث وراء 20 ألف دينار ويبقى بالعام والضمانات لا تكفي وأخير يحرم من القرض. سبعة عشر : العمل على التخفيض من الأداء على الدخل السنوي للمتقاعدين بطرح 50% باعتبار أنهم ضحوا 40 سنة وساهموا بأكبر قسط والعناية بهذه الشريحة ضروري في مجال الأخذ بيد المتقاعدين ومساعدتهم عند كبرهم وكفى تضحيات قدموها. ثمانية عشر : ضرورة دعم مناطق الظل وإعطاء الأولوية في التشغيل بنسبة معنية لأبناء مناطق الظل الذين هم في حالة بطالة وإحباط وليس لهم أشخاص وشخصيات كبرى تدافع عنهم وتساعدهم ووزير التربية لا يهتم بهم وقد طرقنا الأبواب فوجدناها مغلقة والوزير لا يقبل ولا يهتم برسائل الناس في مجال تشغيل حاملي الشهائد العليا في الريف ولدينا عديد العينات. تسعة عشر : نتمنى أن تكون سنة 2008 سنة العدل في التشغيل والقروض والجمعيات التنموية والترفيع من القروض الصغرى. عشرين : التأكيد على إعطاء عناية خاصة للحصول على التأشيرة القانونية لبعث جمعية الوفاء للمحافظة على تراث زعيمنا المجاهد الأكبر الحبيب بورقيبة رحمه الله على غرار الجمعية التي تأسست بفرنسا ونحن أولى بالزعيم من فرنسا. والجمعية مؤشرا إيجابي للتفتح الديمقراطي في بلادنا وعنوان النوايا الصادقة الوفاء للزعيم رحمه الله. قال الله تعالى : ” هل جزاء الإحسان إلا الإحسان” صدق الله العظيم. محمد العروسي الهاني مناضـل وطني كاتب في الشأن الوطني والعربي

هل شيّعنا جنازة الإتحاد أم جنازة البيروقراطيّة الخائنة داخله ؟؟

 
تونس في 29 ديسمبر 2007 مع تشييعنا لسيارات الإسعاف التي أخلت الأساتذة المضربين عن الطعام منذ أربعين يوم إلى المستشفى هل شيّعنا جنازة الإتحاد أم جنازة البيروقراطيّة الخائنة داخله ؟؟ المكتب التنفيذي للبيروقراطيّة النقابيّة يمعن في الخيانة المفضوحة، يبتزّ قطاع التعليم الثانوي بتعطّيل هيئته الإداريّة ليوم كامل ، يفرض مطلب السلطة في حل إضراب الجوع بالضغط و الخديعة، يتغاضى عن العنف الذي مارسته قوى البوليس على النقابيين أثناء تجمّع أول أمس بساحة محمد علي و أثناء تشييع المضربين عن الطعام بعد إخلائهم إلى المستشفى ، ثمّ يصدر بيانا خيانيّا آخر ينحاز فيه لموقف السلطة بنعته للأساتذة المعاونين المطرودين عمدا ب”الأساتذة المتعاقدين !!” و بتحامله على المناضلين النقابيين الديمقراطيين بدعوى “التوظيف السياسي لنضالات النقابيين !!” و بتنصله من الشعارات المرفوعة خلال التجمعات و تحريضه الضمني ضد التيار النقابي الديمقراطي بدعوى الدفاع عن استقلالية الإتحاد !!      بقلم : جوبا الأول      كما كان منتظرا مارست البيروقراطيّة النقابيّة ضغوطا شديدة على النقابة العامة للتعليم الثانوي لإجبارها على حلّ إضراب الجوع  و كان ذلك واضحا منذ يوم الخميس 27 ديسمبر 2007 أي يوم التجمع العام الضّخم الذي نظّمه النقابيون و المجتمع المدني بساحة محمد علي و الذي رفعت فيه شعارات مناوئة للسلطة و البيروقراطية النقابية و مطالبة بالديمقراطية و حرية التعبير و الحقّ النقابي و الحقّ في الشغل القارّ. و فيما انقضّت قطعان البوليس على المتجمعين الذين حاولوا مغادرة ساحة محمد علي في مسيرة عبر شارع المنجي سليم مستعملة عنفا لا مثيل له ، عقد المكتب التنفيذي للإتحاد العام التونسي للشغل اجتماعا طارئا ، يظهر و أنّه بطلب من السلطة، لينقلب على النقابيين المساندين لإضراب الجوع و يتبنّى وجهة نظر السلطة و يخرج ببيان سوف يخفيه ليعيد إخراجه يوم السبت و يزيف تاريخ إصداره و ليطالب النقابة العامة للتعليم الثانوي ممثلة في كاتبها العام برفع التجمع و التنصل من الشعارات التي رفعت فيه و من ” التوظيف السياسي الذي مارسه بعض النقابيين !!”  و هو ما أسرع الكاتب العام إلى تنفيذه. كما أعلم المكتب التنفيذي النقابة العامة للتعليم الثانوي بأنّها لن تتحصل على هيئة إدارية ما لم تحلّ إضراب الجوع و ذلك رغم تنقّل ممثلي الجهات و تواجدهم بذلك التجمع. و قد انقلبت المعادلة داخل النقابة العامة للتعليم الثانوي ، منذ تلك الساعة ، إلى من يحلّ إضراب الجوع المكتب التنفيذي أم النقابة العامة ؟! و بات واضحا بأنها رضخت للإبتزاز و للأمر الواقع و لن تأخذ بعين الإعتبار رأي المضربين.       و قد شهد يوم الجمعة تعطيل الهيئة الإدارية لأكبر قطاع داخل المنظمة و ابتزازها باشتراط الإيقاف الفوري لإضراب الجوع حتى توافق المركزية النقابية على انطلاق أشغالها و هو قمّة التعدي على سيادة القطاعات على قراراتها . و مع اشتداد الضّغط وافقت النقابة العامة للتعليم الثانوي على تكوين لجنة من أعضاء الهيئة الإدارية للقطاع و أعضاء المكتب التنفيذي لتحاول إقناع المضربين بفكّ إضرابهم. إلا أنّ المضربين أصرّوا، في بادئ الأمر على المضيّ في إضرابهم لعدم حصولهم على ضمانات مكتوبة من المكتب التنفيذي ، كما كان مقررا من قبل، بحلّ مشكلتهم و عمدوا إلى إقفال الباب في وجه اللجنة. و أمام محاولة الضّغط عليهم و ظهور نوايا في إخلائهم و لو تطلّب الأمر اللّجوء إلى القوّة احتدم الصّراع بين النقابيين لساعات . و كان موقف الأغلبية مع أن يقع حماية المضربين إلى أن يتحصّل القطاع على هيئته الإدارية و يتّخذ قرارات بتحركات نضالية كافية كفيلة بتعويض إضراب الجوع على أن يرفع الأساتذة المطرودين من العمل عمدا إضرابهم من الغد بصورة طوعية و ليس تحت ضغط البيروقراطية و السلطة. كما أشار البعض إلى تشكيكه في مدى فاعلية قرار الإضراب ليوم 10 جانفي في تعويض شهر و نصف من إضراب الجوع و هو شكل نضالي متقدّم. فيما عبّر أغلبية أعضاء النقابة العامة للتعليم الثانوي و بعض الموالين لهم على أنّ إضراب الجوع تبنّته نقابتهم و يتمّ في مقرّهم و أنّ قرار حلّه من صلاحيّاتهم (!!) و على أنّهم ليسوا مستعدّين لتحمّل مسؤوليّة المخاطر التي باتت تهدّد حياتهم فيما اعترف بعضهم الآخر بأنّهم لا يستطيعون منع البيروقراطية من جلب مليشياتها و استدعاء البوليس لإخلاء المضربين بالقوة كما فعلت سابقا مع المناضل الجيلاني الهمامي. و مع تطوّر النقاش سمعنا البعض يتقمّص دور البيروقراطية النقابية و السلطة و يمثلها ليعلن للحضور بأنّ مقر النقابة لا يمكن أن يواصل احتضان إضراب الجوع و أنّ وظيفته تتناقض مع ذلك و أنّهم لا يقبلون أن يتواجد الطّلبة و مناضلي القطاعات الأخرى في مقرهم و في ساحة محمد علي، في تظاهراتهم، ليرفعوا شعارات غير التي أعدوها هم بأنفسهم ( في إشارة للقصاصات التي أعدت قبل التجمع و وزعت على الحضور لتجنب رفع شعارات ضد السلطة و البيروقراطية المتخاذلة !!) و أنّ ساحة محمد علي ليس مكان الطلبة أصلا… و قد فهم الجميع مستوى الضغوط التي سلطت على نقابة التعليم الثانوي من طرف البيروقراطية النقابية و بطلب من السلطة و أنّ البيروقراطية قد تكون لجأت إلى التهديد بفسح المجال للسلطة لتقتحم مقر الإضراب.    و قد تواصل الصراع إلى حدود الساعة السادسة مساءا حين تمكّن بعض المناضلين النقابيين، المقتنعين بأنّ السلطة و البيروقراطية النقابية قد بيّتتا العزم على إخلاء المضربين بالقوة أثناء تلك الليلة و هو ما دلّت عليه الكثافة الشديدة للحضور الأمني بمحيط مقر الإضراب، من إقناع المضربين بفتح الباب و الموافقة على فكّ الإضراب و التنقل للمستشفى. و قد تجمع بسرعة عشرات المناضلين بنهج سوق هراس لتشييع المضربين الذين حضرت سيارات الإسعاف لإخلائهم للمستشفى و رفعوا شعارات عديدة نذكر منها : ·     يسقط نظام السابع قمعي رجعي و تابع، ·     يا قربي يا جبان يا عدو الشغالين، ·     يا قربي يا وضيع حق العامل لا يضيع، ·     شغل حرية كرامة وطنية، ·     صامدين صامدين حتى ارجوع المطرودين، ·     حريات حريات لا رئاسة مدى الحياة، ·     يسقط حزب الدستور يسقط جلاد الشعب، و أمام استحالة اختراق صفوف جحافل البوليس لكثافتها ،و بعد إخلاء المضربين، عمد النقابيون إلى الجلوس أرضا في نهج سوق اهراس و امام مقر النقابة العامة للتعليم الثانوي لمواصلة رفع شعاراتهم و قد أخذ منهم التأثر مأخذه للحالة التي كان عليها المضربون و بسبب فكّ إضرابهم بدون تحقيق مطالبهم الشرعية في الرجوع إلى عملهم، فانقضّت عليهم قطعان البوليس بالهراوات و العصيّ في عنف لم تشهد له مقرات الإتحاد المركزية مثيلا منذ سنوات و استهدف المناضلون بدون تمييز نساءا و رجالا شيبا و شبانا و قد أصيب العديد منهم إصابات بليغة على رؤوسهم و في مواضع عدة مما استدعى نقلهم إلى المستشفيات فيما عمد البوليس السياسي إلى إيقاف البعض منهم أو احتجاز محافضهم و وثائقهم مشترطا إخلاء الأنهج و الساحات المحيطة بالإتحاد للإفراج عنهم و هو ما قارن النقابيون بينه و بين شروط البيروقراطية النقابية !! . و قد أرعد أعوان البوليس و أزبدوا متوعدين النقابيين بالويل و الثبور في الأيام القادمة و بأنّهم قد أعدوا قائمة في 70 مناضلا سوف يعرفون كيف يجلبونهم حتى “يأدبونهم !!” و أنهم قد قرروا منذ اليوم غلق ساحة محمد علي أمام النقابيين و اعتبارها شارعا عاما و ليس ساحة للنقابيين !! .  و لم يتمكن اجتماع الهيئة الإدارية للتعليم الثانوي من الإنطلاق إلا في ساعة متأخرة من المساء بعد أن قاطعه أحد أعضاء مكتب النقابة العامة احتجاجا على أحداث  ذلك اليوم و على الرضوخ لمطالب البيروقراطية النقابية و قد تواصلت أشغاله إلى حدود صباح اليوم الموالي. و قد اتّخذ القطاع قرارا بالإضراب طيلة يومي 16 و 17 جانفي 2008 مع تنظيم تجمعات أمام الإدارات الجهوية للتعليم و أمام وزارة التربية و التكوين في اليوم الثاني للإضراب و أخذ تعهّدا من رئيس الهيئة الإدارية  بتمكينه من هيئة إدارية في موفى شهر جانفي، إذا طالب بذلك، و مجلس وطني في الأسبوع الأول من شهر فيفري القادم للنظر في تحركات أخرى تصعيدية ما لم تستجب وزارة التربية و التكوين لمطلب عودة الأساتذة المطرودين إلى سالف عملهم. و ما أن انفضّت أشغال الهيئة الإدارية لقطاع الثانوي حتى سارعت البيروقراطية النقابية إلى إخراج البيان الإنقلابي الذي أعدته منذ يوم الخميس و زيفت إمضاءه بتاريخ يوم السبت 29 ديسمبر 2007 و أبرقت به إلى النقابة العامة و الجهات مع انتهاء التوقيت الإداري (13 س: 00)  حتى لا يطلع عليه النقابيون إلا في الأسبوع القادم. و قد أمعن المكتب التنفيذي ، الذي أصبح بطمّ طميمه تحت الأحذية الغليظة للثالوث الممثل للسلطة عبد السلام جراد / علي رمضان / محمد شندول ، في الخيانة المفضوحة و لم يعد يكترث للعواقب و يتحرك من وراء الأقنعة. فبعد ابتزاز أكبر قطاع داخل المركزية النقابية و تعطيل هيئته الإدارية ليوم كامل و بعد فرض مطلب السلطة في حلّ إضراب الجوع بالضّغط و الخديعة ،ها هو يتغاضى عن العنف الذي مارسته قوى البوليس على النقابيين أثناء تجمّع أول أمس بساحة محمد علي و أثناء تشييع المضربين عن الطعام بعد إخلائهم إلى المستشفى، ثمّ يصدر بيانا خيانيّا آخر ينحاز فيه لموقف السلطة بنعته للأساتذة المعاونين المطرودين عمدا ب”الأساتذة المتعاقدين !!”، و هو ما يشتم منه التحضير لغلق ملف الأساتذة المطرودين عمدا من العمل حتى لا تضطر البيروقراطية و السلطة لمواجهة إضرابات مئات المطرودين الآخرين الذين تمنيهم المركزية النقابية بالوعود بدون أي مسعى جدي لإرجاعهم إلى عملهم و فيهم المطرود منذ سنوات، و بتحامله على المناضلين النقابيين الديمقراطيين بدعوى “التوظيف السياسي لنضالات النقابيين !!” و بتنصله من الشعارات المرفوعة خلال التجمعات و تحريضه الضمني ضد التيار النقابي الديمقراطي بدعوى الدفاع عن استقلالية الإتحاد (!!) و هو الذي يهمّ بضربها نهائيا باستهداف الهياكل المناضلة داخل المنظمة حتى يخلو له الجو لتزكية ترشح ممثل الحزب الحاكم لدورة رئاسية أخرى.                            لقد سقطت الأقنعة عن البيروقراطية النقابية و لم يعد شيئا يسطر عورتها و كان إضراب الجوع فرصة للفرز اضطرت بعض مأجوريهم و مرتزقتهم الغير مكشوفين للظهور علنا. كما سقطت فرضية أن يكون هناك تمايز جدي بين أعضاء المكتب التنفيذي بين شقّ مفترض ديمقراطي و مناضل و غير متورّط مع السلطة و آخر انقلابي و مدافع عن مصالحه المرتبطة عضويا مع النظام البوليسي القائم و حان الوقت لجبهة النقابيين الديمقراطيين في تحمّل مسؤولياتها التاريخية في إسقاط  هذا المكتب و عقد التحالفات المبدئية الكفيلة بترجيح كفّة الممثّلين الحقيقيين للعمال و الموظفين في المؤتمر الإستثنائي القادم الذي تعمل البيروقراطية الخائنة على فرضه بالدفع إلى أزمة نقابية خانقة. إنّ النّصر يمرّ حتما عبر تجنيد كلّ القوى التقدمية و الديمقراطية داخل الإتحاد و خارجه للمطالبة بإعادة هيكلة الإتحاد على أساس كنفيديرالي يضمن التسيير الديمقراطي لهياكله و سيادة القطاعات على قراراتها و التنصّل من الإتفاقيات و العقود المشتركة التي كبّلت بها البيروقراطية النقابية الطبقة الشغيلة.  و إذا ذهب البعض من المناضلين ،الذين حضروا يوم الجمعة عملية إخلاء الأساتذة المضربين عن الطعام للمستشفيات و تأثروا بما آلت له نضالاتهم و تضحياتهم نتيجة خداع البيروقراطية النقابية و مؤامراتها ، إلى التساءل :  مع تشييعنا لسيارات الإسعاف التي أخلت الأساتذة المضربين عن الطعام منذ أربعين يوم إلى المستشفى هل شيّعنا جنازة الإتحاد أم جنازة البيروقراطيّة الخائنة داخله ؟؟ فإنّ الإجابة على ذلك السؤال رهينة معركة الديمقراطية القادمة و في كل الأحوال فالنصر للديمقراطيين و للطبقة الشغيلة هو المآل الحتميّ الوحيد لهذه المعركة داخل المنظمة الشغيلة الحالية أو داخل منظمة جديدة لأنّه لا حياة للبيروقراطية الخائنة ،و ما سيتبقى من المنظمة إذا ما أقصي التيار النقابي الديمقراطي المناضل منها عن طريق التجريد و الملاحقات الأمنية التي باتت وشيكة، بعد أن تفقد حصن المناضلين الذي تختبئ وراءه و تستعمله في نفس الوقت لمساومة السلطة على مقابل لتلجيمه و مآلها الإجهاز عليها من طرف السلطة و الأعراف بعد أن تفقد المقابل الذي تساوم عليه و بعد أن تتحول إلى كتلة معزولة من الطفيليين الذين لا جدوى منهم و لا نفعا.                                                                         جوبا الأول   المصدر نشرية :” الديمقراطية النقابية و السياسية ” عدد 110 ليوم 30 ديسمبر 2007 Liens :  http://fr.groups.yahoo.com/group/democratie_s_p/ http://groups.google.com/group/democratie_s_p/  

 


 

من أجل تنظم مجتمعي  بلا ديماغوجيا وبلا بروباغاندا

 

 
 زهير الخويلدي ” من كان مرباه بالعسف والقهر…سطا به القهر وضيق عن النفس في انبساطها وذهب بنشاطها ودعاه إلى الكسل وحمل على الكذب والخبث…وفسدت معاني الإنسانية التي له ” ابن خلدون المقدمة [1] يتعرض الناس في عصر العولمة إلى عملية دمغجة مستمرة للعقول وترويض للأجساد لم يسبق لهما مثيل وذلك نتيجة التوجيه القسري الذي يخضعون له ومن جراء توجيههم نحو الاندماج في الكلي المشترك وإجبارهم على الشراكة والدخول في عملية تواصل كوكبية شاملة بحيث لم ينجو من تداعياتها أي أحد ولم يقع استثناء أي بعد خاص من الاكتساح والاختراق، ونعني بالدمغجة تطبيق الديماغوجيا في الحقل الاجتماعي والسياسي من أجل تحقيق مجموعة من المصالح تخدم إمبراطوريات العولمة والأنظمة الشمولية والتي تتمثل في اندماج جميع شعوب العالم في نسق العولمة الشامل وخروجها عن أطرها الضيقة وابتعادها عن سياسات الانطواء على الذات والعزلة وفتح الحدود والأسواق أمام البضائع والمنتجات العالمية وتحول الدول القطرية إلى وكالات تجارية تنوب عن الشركات العابرة للقارات وتوفر فرص الاستثمار واليد العاملة الرخيصة. من هذا المنطلق يمكن أن نفترض في البدء أن زرع الأنظمة الشمولية لتقاليد الديماغوجيا والبروباغاندا كآليات متبعة في الحكم والتسيير والتنظيم للمحكومين يؤدي إلى حصد أشواك الاستبداد والتوريث والتفاوت والتمييز والإقصاء، فماذا نعني بالديماغوجيا؟ وما المقصود بالبروباغاندا؟ وماهي النتائج المترتبة عنهما؟ وكيف يمكن تفاديهما؟ ما ينبغي الانتباه إليه أن الديماغوجيا هي مفهوم سياسي وخصامي polémique يفيد معناها الايتيمولوجي الإغريقي قيادة agogos الشعب demos بالاستحواذ على وعي الناس والتلاعب بأفكارهم وأقوالهم وأفعالهم عن طريق مهارات خطابية فائقة والتفنن في الوعود الزائفة والقيام بالتفافات حاذقة قصد تحقيق أهداف معينة وأغراض أنانية في الغالب وقد استخدم الرئيس الفرنسي الحالي ساركوزي قدراته اللغوية في حملته الانتخابية وحقق فوزا كاسحا على منافسته ونحن نرى كل من الرئيس الأمريكي بوش والإيراني نجاد يستعملان هذا السلاح في جدلهما الصاخب هذه الأيام من أجل إيجاد المبرر لشن الحرب بالنسبة إلى الأول ومن أجل إقناع العالم بأن إيران بريئة من كل التهم التي توجه لها بالنسبة إلى الثاني. أما البروباغانداPropaganda  فهي كلمة إعلامية لاتينية تعني فن الدعاية، وتقوم بالعمل على نشر أخبار زائفة والترويج لمعلومات كاذبة على نطاق واسع بهدف صنع رأي عام يخدم جهة سياسية معينة على حساب أخرى وتعمل هذه الآلية على شيطنة الآخر ووضعه ضمن محور الشر والنظر إلى الذات نظرة فردوسية وتبويبها ضمن محور الصفوة الخيرة. على هذا النحو تحرص الأنظمة الشمولية Totalitaire على استخدام الآليتين معا من أجل الترويج لوجهة نظرها الرسمية والمحافظة على الحكم واستمراريته وبقاء الأوضاع السياسية على حالها وتحرم الناس من أن يكونوا مواطنين أو على الأقل أن يكونوا أفراد أحرار وتحولهم إلى قطيع من الرعايا القانعة والمسبحة الحامدة أو مجموعة من الحشود المتماثلة في تقدير الأمور والراضية بماهو موجود والتي تخشى التغيير والتطوير وتتجنب النقاش في السياسة وتبتعد عن نقد الأمور الدينية والفكرية التي تعنى بالشأن العام. وقد استخدم هتلر البروباغاندا من أجل نشر أفكاره النازية بين الشباب وصنع رأي عام ألماني مؤيد له ولذلك نجده يقول في كتابه كفاحي:” مما استرعى انتباهي وأنا أتتبع الأحداث السياسية أهمية الدعاية كأداة لتنوير الأذهان أو لتضليل من يراد تضليلهم…وقد أبرزت الحرب أهمية الدعاية وتأثيرها…الدعاية وسيلة ما في ذلك ريب أما شكلها فيجب أن تراعى فيه المصلحة أو الغاية المنشودة وقد كانت الغاية التي من أجلها حملت ألمانيا السلاح أنبل غاية يمكن أن يضعها إنسان نصب عينيه: الدفاع عن حرية شعبنا واستقلاله وتوفير خبزه وضمان مستقبله. أجل حارب شعبنا في سبيل أهداف نبيلة وقد كان مفروضا في الدعاية أن تذكي روح الكفاح في هذا الشعب” [2]. أنظروا إذن كيف قدم ديماغوجي كبير نفسه كزعيم مخلص لبلده من نير الظلم والاستغلال الذي تعرضت له من قبل الدول الغربية الحليفة وكيف تساهم الدعاية في الأنظمة الشمولية في إشعال نار الحرب والكراهية في المعمورة وتقلب الحقائق وتجعلها من أجل أغراض سامية ولتحقيق الحرية والغذاء لشعب معين. في هذا السياق تلجأ الأنظمة الشمولية العربية إلى هاتين الآليتين:الديماغوجيا والبروباغاندا لكي تستمد الشرعية المفقودة وتستعمل نظم التربية والتعليم والدين والأخلاق والعادات والتقاليد بطريقة نفعية انتهازية من أجل تحقيق هذه الغاية إذ نراها تبني المدارس والكليات والمساجد وتبث الآذان في وسائل الإعلام الرسمية وتمول الفضائيات من أجل الترويج للثقافة الإيمانية التنويمية حتى تكون جيلا تابعا لها سهل الانقياد لمشاريعها وحتى يغيب الاعتقاديون في حضرة ملكوت السماء وتهتم هي باحتكار نعم ملكوت الأرض لنفسها وللفئات والشرائح التي تبايعها وتناصرها. إن الجديد في هذا المجال هو كثرة الخبراء والأكاديميين في هذا المجال حتى يبلغ منطق السيطرة أوجه ويزداد العلم السياسي انغلاقا وتقفل العقلانية التكنولوجية أبواب رقابتها الجديدة على الرقاب الطامعة في الظفر بالحرية، فنسبة النمو الديموغرافي لفئة الديماغوجيين وصناع البروباغاندا مرتفعة عند العرب خاصة في ظل تكاثر مواسم زواج المتعة بين المثقف والسلطان. لقد ارتبطت الدمغجة والبروباغندا المستعملة وسائل الإعلام الرسمية  بتنميط الوعي وتكييف الحاجات الإنسانية وشطب الصراع بين المنشود والموجود وبين الممكن والمعطى وتحويل الدولة الشمولية إلى دولة رفاه يجد توفر للناس كل ما لذ وطاب من متع الحياة لكن ألم يتساءل فيلسوف مدرسة فرانكفورت هربارت ماركوز عن قيمة الدعاية قائلا: “هل نستطيع فعلا أن نفصل بين وظائف الاتصال الجماهيري الذي يستهدف الإعلام والإلهاء بقدر ما يستهدف في الوقت نفسه التكييف والقولبة المذهبية؟” ألم يجب بقوله:”إننا لنواجه هنا واحدا من أكثر مظاهر المجتمع الصناعي المتقدم مدعاة للأسف: الطابع العقلاني للاعقلانية” [3]. إذا طبقنا هذه النتيجة على بحثنا انتهينا إلى أن الديماغوجيا والبروباغاندا كسلاحان تستخدمهما الأنظمة الشمولية يقبلها الأفراد ويؤيدوها على الرغم من شموليتها قد تحولتا ويا للمفارقة من وسيلتين لامعقولتين إلى واقعتين عقلانيتين تجلبان الرفاه والوفرة والسعادة والاستقرار،فهل هذا يعني أن الديماغوجيا والبروباغاندا هما قدران لا يستطيع المواطن العربي أن يتحرر منهما؟ كيف يستطيع المواطن في فرديته أن يتجنب الوقوع في شراك البروباغاندا والديماغوجيا؟ في الواقع لا يمكن لمجتمع أن يقوم دون دعائم ودون وازع ولا يمكن لتنظم بشري أن يستمر دون فكرة موجهة ونظرية مؤطرة ولكن ينبغي ألا تتحول هذه الدعائم الي أبواب مقفلة  للهوية وأسوار مانعة لكل لقاء لها بالأغيار ويجب ألا تصير النظريات والأفكار ايديولوجيات متحجرة تتخذ من البروباغاندا والديماغوجيا آليتين من آليات تدعيم السلطة وممارسة الهيمنة. على هذا النحو ليس هناك من حل سوى فك عرى الترابط بين السلطة والمعرفة وتحطيم أشكال التزييف الإيديولوجي التي يتعرض لها الناس والاعتراف بأن الحقيقة المطلقة والمعنى الواحد والقيمة الثابتة هي من الأمور الممتنعة وأن ماهو موجود هي وقائع وتأويلات لهذه الوقائع بإضفاء عدة معان عليها وأن الإنسان يتميز بكونه الوحيد القادر على خلق قيمه بنفسه. من هذا المنطلق يلزم عينا أن نتوجه على التو نحو مواكبة العصر وامتلاك الوعي التاريخي والانخراط في مشروع النقد ومراجعة الذات قصد تجاوز الصدمة وتحقيق اليقظة النهائية بالتبصر وحسن الحكم على الأشياء والأشخاص وبامتلاك دربة التمييز بين الجيد والرديء وجعل الحكم الجمالي هو أساس الحكم الأخلاقي والسياسي لأن هذا الحكم هو الأكثر قدرة على توفير شروط التواصل بين الذوات في الفضاء العمومي تجنبا لكل استخدام مفرط للسلطة واحتراما للشخص في إنسانيته وتقيدا بالحكم التفكري الذي يروق للجميع دون مفهوم وتجاوزا للحكم المحدد الذي يجعل الأفعال مجرد محمولات ثانوية تابعة لجوهر ثابت. إن الإفلات من قبضة الديماغوجيا والبروباغاندا أمر ممكن بالنسبة للفرد الحر شرط تفكيك عقلية مسايرة القطيع والعزوف عن الانتماء إلى الحشد والتغريد خارج السرب بإحداث ثورة ثقافية في الفضاء العمومي الذي ينتمي إليه والتسلح بالفكر الملتزم والحذر الفلسفي الذي أقيم على أرضية التفلسف طالما أن نتفلسف هو أن نتعلم ألا ننخدع، وشرط أن يدرك أننا نعيش العصر الليبرالي الجديد وأن خيمة الحرية ينبغي أن تتسع للجميع دون استثناء وأن الليبرالية تتناقض مع الشمولية وتحرص على زرع نبتة الديمقراطية التوافقية التشاركية على مسطح المحايثة الذي جهزه العرب للسكن في المعمورة وبالتالي ألا يجب أن نستنجد بالعقلانية النقدية كحقنة مضادة للديماغوجيا والبروباغاندا حتى يسترجع معاني الإنسانية التي تخصه ويؤسس الترشد والحرية والتعدد وحق الاختلاف والصفح والمصالحة والعيش سويا Vivre ensemble؟ – كاتب فلسفي [1]  عبد الرحمان ابن خلدون  المقدمة    تحقيق سعيد محمود عقيل  دار الجيل   الطبعة الأولى 2005   ص455 [2]  أدولف هتلر  كفاحي   ترجمة لويس الحاج  بتصرف  بيسان الطبعة الثانية 1995 ص 97 [3]  هربارت ماركوز  الإنسان ذو البعد الواحد  ترجمة جورج طرابيشي دار الآداب بيروت الطبعة الثالثة ص45

 


Home – Accueil الرئيسية

Lire aussi ces articles

27 juillet 2007

Home – Accueil – الرئيسية TUNISNEWS 8 ème année, N° 2621 du 27.07.2007  archives : www.tunisnews.net Liste provisoire des prisonniers libérés –

En savoir plus +

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.