الأربعاء، 19 مارس 2008

Home – Accueil

TUNISNEWS
8 ème année, N° 2856 du 19.03.2008
 archives : www.tunisnews.net
 

 


حــرية و إنـصاف: أخبار الحريات في تونس – مداهمات ..و اعتقالات الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين: لا  للعقوبة الجماعية .. ! الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين: حملة ترهيب ..تستهدف الشباب في بنزرت ..! الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين: المساجين المسرّحون : … طالبوا بجبرالأضرار، فنالوا .. الإقامة الجبريّة..! العجمي الوريمي نموذجا.. لجنة الدفاع عن المحجبات بتونس: أستاذ يعتدي بالضرب ويمزق حجاب الفتاة أسماء الحبوبي رويترز: النمسا تعارض دفع فدية لاطلاق سراح نمساويين مخطوفين في مالي قدس برس: أطباء القطاع الخاص يفرضون تعديلا في بنود نظام التأمين الصحي الجديد الصباح: نقابة أطبّاء الممارسة الحرّة تؤكّد أنّ الأطبّاء المنخرطين فيها سيعملون بصفة عادية كامل اليوم رويترز: تونس تقدم تقريرها الدوري حول تطبيق أحكام العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية وام: شركات خليجية تستحوذ على 27 بالمائة من اجمالي أسهم ارتاس التونسية الصباح:اتجاه تونسي يمني لإلغاء تأشيرات السفر الدبلوماسية والمخصصة لـ »المهام الخاصة ».. الراية:تونسية تحرق حبيبها حتي الموت بسبب الخيانة نصر الدّين بن حديد: القاعدة النمساويّة في البلاد المغربيّة حبيب الرباعي: الدكتور الصادق شورو نموذج فريد من نوعه. الحوار.نت :الشيخ راشد الغنوشي يجيب عن سؤال الحركة الاسلامية في كتاب : » مسيرة الصحوة الإسلامية .. نقد وتقويم  » د. منصف المرزوقي :المدرستان : بين أصحاب الأسئلة وأصحاب الردود نور الدين العويديدي: منانة وديمقراطية التداول على السجون التونسية
مراد رقية: جامعة التجمع الدستوري الديمقراطي بقصرهلال تستولي  على جامع »جامع الحاج سويد »

عبد السّلام بو شدّاخ: الاستقلال وماحقّق للشعب التونسي من اعتزاز بالهوية العربية الاسلامية و كيف الاحتفال به

فريد خدومة: عربي هو

سالم حداد: الهوية في مواجهة الاستعمار قديما والعولمة حديثا (الجزء 2) العولمة بين اللبس في المفاهيم والآليات والأخطار

محمد الصالح فليس: القاضي افتخار شودري

ناجي الخشناوي: زيادة الحاكم!!!

د. أحمد القديدي: باريس تعيش اللحظة الإسرائيلية

صلاح الجورشي: لا لتوظيف الاقتصاد في المعارك السياسية

د. عبد الجليل التميمي للتجديد: على الحركة الأمازيغية أن لا تكون نزعتها هجومية وألا تذوب هويتها في هوية أوروبية أو أمريكية

عبدالحميد الحمدي: مراسلة: من- الدنمارك

العرب: اتهامات لوزيري الداخلية والإعلام المغربيين بالتأثير على القضاء

إسلام أونلاين :في العراق الجديد.. الجنس مقابل الحياة

إسلام أونلاين: مستشار للأمريكان: صدام الأقدر على إدارة العراق


(Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe Windows (

(To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows)

 


أسماء السادة المساجين السياسيين من حركة النهضة الذين لا تزال معاناتهم وماساة عائلاتهم متواصلة بدون انقطاع منذ ما يقارب العقدين. نسأل الله لهم وللمئات من الشبان الذين اعتقلوا في العامين الماضيين ف رجا قريبا عاجلا- آمين  

21- رضا عيسى

22- الصادق العكاري

23- هشام بنور

24- منير غيث

25- بشير رمضان

16- وحيد السرايري

17-  بوراوي مخلوف

18- وصفي الزغلامي

19- عبدالباسط الصليعي

20- لطفي الداسي

11-  كمال الغضبان

12- منير الحناشي

13- بشير اللواتي

14-  محمد نجيب اللواتي

15- الشاذلي النقاش/.

6- منذر البجاوي

7- الياس بن رمضان

8- عبد النبي بن رابح

9- الهادي الغالي

10- حسين الغضبان

1- الصادق شورو

2- ابراهيم الدريدي

3- رضا البوكادي

4-نورالدين العرباوي

5- الكريم بعلوش


 
أنقذوا حياة السجين السياسي المهندس رضا البوكادي أطلقوا سراح القلم الحر سليم بوخذير حــرية و إنـصاف منظمة حقوقية مستقلة 33 نهج المختار عطية 1001 تونس الهاتف / الفاكس : 71.340.860 البريد الإلكتروني :liberte_equite@yahoo.fr تونس في 19/03/2008

أخبار الحريات في تونس مداهمات ..و اعتقالات

1/ وقع يوم الخميس 13 مارس 2008 اعتقال الشاب خالد الزواري أصيل قصر قفصة من محل عمله المتمثل في تصليح الهاتف الجوال كما قاموا بحجز كل الكتب الدينية الموجودة بمنزله. 2/ وقع يوم الخميس 13 مارس 2008 اعتقال الحدث نور الدين الكافي الذي لم يتجاوز عمره السبعة عشر سنة من محل سكناه الكائن بقصر قفصة و ذلك بعد صلاة الفجر علما بأن الفرقة المختصة التابعة لمنطقة الأمن بقفصة قامت في السابق باستدعائه و التحقيق معه أربع مرات. 3/ قامت الفرقة المختصة التابعة لمنطقة سوسة يوم السبت غرة مارس 2008 باعتقال الطالب فائق وصادة أصيل منطقة قفصة و البالغ من العمر اثنان و عشرون سنة. عن المكتب التنفيذي للمنظمة الأستاذ محمد النوري


 “ أطلقوا  سراح جميع المساجين السياسيين “   “الحرية للصحفي المنفي في وطنه عبد الله الزواري“ الجمعية الدولية  لمساندة المساجين السياسيين 43 نهج الجزيرة تونس e-mail: aispptunisie@yahoo.fr بنزرت في 19 مارس 2008

المساجين المسرّحون : … طالبوا بجبرالأضرار، فنالوا .. الإقامة الجبريّة..! العجمي الوريمي نموذجا..

 

لايزال السجين السياسي السابق السيد العجمي الوريمي يتعرض إلى المراقبة البوليسية اللصيقة منذ مغادرته السجن في نوفمبر 2007 ، إذ تلاحقه باستمرار سيارة مدنية يستقلها أعوان أمن بزي مدني كما يتردد البوليس السياسي على منزله بمعدل مرتين في الأسبوع ويعترضون طريق أقربائه وزواره قرب مقر إقامته متعمدين مضايقتهم  . والسيد العجمي الوريمي الذي حوكم بالسجن بالمؤبد وقضى ستة عشر عاماً بين سنتي 1991 و 2007 ، يعيش اليوم في عـزلة اجتماعية تامة نتيجة للمراقبة الأمنية المشددة التي تحولت إلى إقامة جبرية غير معلنة. والجمعية إذ تجدد الدعوة لنبذ عقلية التشفي و الإنتقام من السجناء السياسيين المسرحين  تعتبر أن الأولوية المطلقة هي لتمكينهم كن كافة حقوقهم التي يكفلها القانون و مساعدتهم على إعادة الإندماج في الحياة الإجتماعية وتجاوز مخلفات عشريتي القهر . عن لجنة متابعة أوضاع المسرّحين           الكاتب العام للجمعية  الأستاذ سمير ديلو

 “ أطلقوا  سراح جميع المساجين السياسيين “   “الحرية للصحفي المنفي في وطنه عبد الله الزواري“ الجمعية الدولية  لمساندة المساجين السياسيين 43 نهج الجزيرة تونس e-mail: aispptunisie@yahoo.fr بنزرت في 19 مارس 2008

لا  للعقوبة الجماعية .. !

 

 
علمت الجمعية أن السلطات القنصلية التونسية ببارس رفضت تمكين التلميذة وئام الكافي  ( ابنة اللاجئ السياسي بفرنسا السيد محمد الهادي الكافي) من تجديد جواز سفرها دون إبداء أي سبب وجيه أو تبرير قانوني و اكتفت بالتعلل بأن وزارة الداخلية بتونس هي صاحبة القرار .. علما بأن وئام الكافي مولودة بتونس ( بنزرت ) في 12\02\1991 وتدرس و تقيم مع والديها بفرنسا منذ 06\06\1997 كما أن والدها السيد محمد الهادي الكافي لاجئ سياسي بفرنسا منذ 1993 أما والدتها السيدة عائشة الذوادي فهي سجينة سياسية سابقة تعرضت للإعتقال لمدة 8 أشهر و مورس عليها التعذيب و كانت حالتها من بين الوضعيات التي تبنتها منظمة العفو الدولية سنة 1995 . وقد سبق لوئام الكافي استخراج جواز سفر تونسي في بنزرت بتاريخ 15\05\1997 تحت عدد  L482676 و قامت بتجديده في القنصلية التونسية بننتار بتاريخ 03\11\2002  تحت عدد P265189 ثم تقدمت بطلب تجديد بتاريخ 21\02\2008 ( الوصل عدد 00436 ) لم يتم الإستجابة له لحد يوم 18\03\2008  والحال أن معدل الإنتظار في مثل هذه الحالة لا يزيد عن 24 ساعة … !. والجمعية إذ تجدد الدعوة للإقلاع عن ممارسة العقوبة الجماعية فهي تدعو السلطات القنصلية المعنية إلى تطبيق القانون و احترام مبدإ المساواة بين المواطنين وما  يقتضيه دستور البلاد من   تحريم لنفي التونسي خارج بلده ..! . عن الجمعية     الرئيس  الأستاذة سعيدة العكرمي  

“ أطلقوا  سراح جميع المساجين السياسيين “   “الحرية للصحفي المنفي في وطنه عبدالله الزواري“ الجمعية الدولية  لمساندة المساجين السياسيين 43 نهج الجزيرة تونس e-mail: aispptunisie@yahoo.fr بنزرت في 19 مارس 2008

حملة ترهيب .. تستهدف الشباب في بنزرت ..!

 

 
في محاولة لتكريس حالة من المراقبة الإدارية خارج إطار القانون دأب أعوان البوليس السياسي في بنزرت على ملاحقة الشباب المتدين وتحويلهم إلى مراكز الأمن وإخضاعهم لتحقيقات تتعلق بعلاقاتهم و مطالعاتهم ..و البرامج التلفزية التي يشاهدونها …! . فقد قام أعوان بالزي المدني ، دون الإستظهاربأي استدعاء رسمي كتابي ، بدعوة الشابين حمزة العوالي و رضوان بن عيسى للحضور لدى مركز الشرطة  قبل موعد جلسة المحكمة المقررة بتاريخ 17 مارس 2008 ( و التي يحالان فيها بحالة سراح)  . أما التلميذ  حاتم الطاجيني  (شقيق الشاب  الموقوف محمد الطاجيني) فقد تم حجز بطاقة تعريفه الوطنية ، لإجباره على التحول إلى مركز الشرطة بجرزونة. كما جرى إيقاف الشاب صبري الملياني يوم الثلاثاء 11مارس 2008 من قبل عون البوليس السياسي مراد العبيدي الذي حاول إكراهه على الذهاب إلى مركز الأمن بوقطفة دون أي موجب قانوني . وقد هدد رئيس مركز البحيرة والدة الشاب بشير بن فرج  باقتحام المنزل و اقتياد ابنها عنوة إن هو لم يحضر إلى مركز الأمن بإرادته . و الجمعية إذ تعاين هذا التدهور الخطير و التسارع اللافت لنسق التحرش بالشباب في مدينة بنزرت فهي تدعو السلطات المعنية إلى التوقف عن خرق القانون بإخضاع المواطنين للتحقيق دون تهمة ، و تعتبر أن إيقاف حمزة العوالي و رضوان بن عيسى قبل موعد الجلسة يشكل تدخلا في سير القضاء و اعتداء على سلطته . عن فـــــرع بنزرت طارق السوسي

 

بسم الله الرحمان الرحيم
 
لجنة الدفاع عن المحجبات بتونس
تونس في16.03.2008
 

أستاذ يعتدي بالضرب ويمزق حجاب الفتاة أسماء الحبوبي

 
بلغ إلى علم لجنة الدفاع عن المحجبات بتونس أن المدعو محسن بالشادلي وهو أستاذ مادة الرياضيات بمعهد حسن حسني عبد الوهاب بحي البساتين المنيهلة بتونس قد إعتدى بالضرب يوم الخميس 06 مارس 2008 على الفتاة المحجبة أسماء الحبوبي التى تزاول تعليمها بالسنة الرابعة شعبة إقتصاد بالمعهد المذكور , كما إستفزها بالألفاظ السوقية النابية ثم عمد إلى تمزيق حجابها بعد أن خلعه من على رأسها بالقوة , وذلك أثناء إجراءها إمتحان التاريخ و الجغرافيا .
 
ولجنة الدفاع عن المحجبات بتونس تدين بشدة جريمة المدعو محسن بالشادلي , وتطاوله على حرمة المرأة التونسية وإنسلاخه عن القيم التربوية والإجتماعية التونسية , وتقمصه دورالمنحرف بإعتماده أساليب معيبة بإستخدام عضلاته تجاه فتاة ضعيفة وتخليه طواعية عن أدواره التربوية المنتدب إليها وهو ما يمثل إنحرافا سلوكيا لا تحتمله الفضاءات التربوية من أي جهة صدر ,وعلى الإدارة الجهوية ووزارة التعليم معالجته وعدم الصمت عليه أو مباركته , ونحن نحمّل كل الأطراف المعنية إلى أعلى هرم السلطة في تونس نتائج التمادي في هذا الطريق المسدود .
 
تطالب إدارة معهد حسن حسني عبد الوهاب بحي البساتين المنيهلة بتونس برد الإعتبار للآنسة أسماء الحبوبي والإعتذار لها عن سلوك المدعو محسن بالشادلي , وإتخاذ إجراء إداريا رادعا تجاه الأخير لتجاوزه صلاحياته التربوية وإستخدامه العنف المادي واللفظي والتى لا تجوزه أي مؤسسة تربويه لمنتسبيها , وهو سلوك غريب على الفضاء التربوي حتى من القصّر ناهيك عن غيرهم .
 
تدعو الفتاة أسماء الحبوبي وكل زميلاتها المحجبات التونسيات إلى التمسك بالشجاعة الكاملة لفضح هذه الممارسات , والتجند لإبلاغ أصواتهن إلى كل المستويات الإدارية في البلاد والتظلم إلى المحاكم الوطنية والدولية وتوقيع العرائض ومراسلة المنظمات الدولية كالأمم المتحدة واللجنة العالمية لحقوق الإنسان ومحكمة العدل الدولية والمنظمة العربية لحقوق الإنسان ومنظمة العفو الدولية ومنظمة هيومن رايتس ووتش وغيرها من المنظمات والهيئات .
 
تجدد الدعوة إلى كل الهيئات والمنظمات الحقوقية المحلية والعربية والدولية إلى التدخل لصالح الفتيات المحجبات بتونس من أجل وضع حد للتمييز والعنف الذى تمارسه السلطات التونسية تجاههن , كما تطالب علماء ودعاة الأمة إلى مناصرتهن والعمل على رفع الغبن والتمييز والعنف والضغوطات التى تمارس ضدهن .
 
عن لجنة الدفاع عن المحجبات بتونس
البريد : protecthijeb@yahoo.fr


  » منظمة العفو الدولية فرع تونس

الأيّــام الدّراسـيّـة  « من أجل الكرامة الإنسانية : الحقّ في الصّحة والهجرة »

 مقرّ الفرع بتونس 21-22- مارس 2008  

 
* الجمعة 21 مارس 2008    : الافتتاح: – افتتاح واستقبال المشاركين، السيد مححد الحبيب مرسيط، رئيس الفرع  09h00                   – تقديم البرنامج، الأستاذ سامي حشيشة  

: محاضرة: »الحقّ في الصّحة » 09h45-09h15

 تقديم الدكتور خليل زاوية  

« Human Needs, Human Rights: عرض شريط:  » 10h30-09h45  نقاش

: استــراحــة10h45-10h30

: ورشة: « المُعالج في مواجهة إضراب الجوع  » : شهادة ونقاش12h15-10h45

تنشيط الدكتور جمال مسلّم     : غـــــذاء14h00-12h15  

: محاضرة : « القيم الطبية وحقوق الإنسان » 14h30-14h00

تقديم الدكتور عبد المجيد بن حميدة  

« Sermon d’Hippocrate : Réalité ou fiction: عرض شريط:  » 15h15-14h30

نقاش   : استــراحــة15h45-15h15

: ورشة: « المحظورات الثقافية والعنف وسلوكيات المعالجين  »  17h30-15h45

تنشيط الأستاذة سندس قربوج     * السبت 22 مارس 2008 :                                   

: محاضرة : « المُعالج في مواجهة التعذيب وسوء المعاملة » 09h30-9h00

تقديم الدكتورة إلهام بالحاج  

: ورشة : عرض شريط ونقاش -10h00-09h30

                               : استــراحــة10h15-10h00                      

: ورشة : »عمل الجمعيات والفئات المهدّدة » 12h30-10h15

تنشيط الدكتور محمد رضا كمون والسيد محمد بلال محجوبي     : غــــــداء14h00-12h30  

: مداخلة : »المهاجر في المنظومة الدولية لحقوق الإنسان » 15h15-14h00

تقديم الدكتور عمر البوبكري                                     : استــراحــة15h30-15h15                                                             

:مداخلة : » الهجرة المغاربية في حوض البحر الأبيض المتوسط »  16h45-15h30

تقديم السيد عبد الرزاق بلحاج زكري                             : تقييم واختتام الأيام الدراسية 17h30-16h45  


مبعوث: النمسا تعارض دفع فدية لاطلاق سراح نمساويين مخطوفين في مالي

 
باماكو (رويترز) – قال وسيط دبلوماسي نمساوي ان بلاده تعارض دفع أي فدية لاطلاق سراح مواطنين نمساويين اختطفهما مسلحون يشتبه في انتمائهم لتنظيم القاعدة في مالي.   وقال المبعوث انطون بروهاسكا لرويترز انه يتعاون مع السلطات في مالي لمحاولة تأمين اطلاق سراح السائحين النمساويين اندريا كلويبر (43 عاما) وفولفجانج ابنر (51 عاما) اللذين فقدا بينما كانا في اجازة في تونس الشهر الماضي.   وأعلن تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الاسلامي انه اختطف الرهينتين وتقول مصادر عسكرية مالية انهما محتجزان في منطقة كيدال بشمال شرق مالي. وهي منطقة في الصحراء الكبرى على الحدود الشمالية مع الجزائر.   وقال بروهاسكا في مقابلة أجريت بالهاتف من العاصمة المالية باماكو « نحن نعمل بجد للوصول لنهاية سعيدة لهذا الموقف.. ونقوم باتصالات مباشرة مع أصدقائنا في مالي .. ونحن نثق بهم ».   وطالب تنظيم القاعدة في بيان أرسله على أحد المواقع الاسلامية على شبكة الانترنت بفدية مالية واطلاق سراح 10 مسلحين محتجزين في الجزائر وتونس. وحددت القاعدة موعدا أقصاه منتصف ليل الاحد الماضي للاستجابة لمطالبها ولكنها عادت ومدت المهلة لاسبوع. وأكد بروهاسكا الذي وصف وضع الرهائن بأنه « معقد وخطير » انه قد تم تمديد المهلة. ولكنه نفى تقارير من مصادر أمنية جزائرية تفيد بأن بلاده قبلت مبدأ دفع الفدية. وكانت المصادر قالت ان المناقشات ركزت على مبلغ خمسة ملايين يورو (7.9 مليون دولار). وقال « الحكومة النمساوية لا تشارك في اتفاقات لدفع فدية من أي نوع .. فهذا هو موقفنا ». ولم يكشف عن تفاصيل بشأن مطالب الخاطفين. وشكلت حكومة مالي لجنة وزارية خاصة للتعامل مع قضية الرهائن وأجرت اتصالات بشخصيات بارزة من الطوارق في منطقة كيدال سعيا الى الحصول على مساعدتهم في اطلاق سراح الرهينتين. وقال ضباط ماليون ان المنطقة حيث يحتجز الرهينتان معروفة بانها مخبأ للاسلاميين. وأشارت تقارير اعلامية جزائرية ونمساوية الى أن الزعيم الليبي معمر القذافي يساعد في جهود الوساطة. ولم يؤكد بروهاسكا تلك التقارير ولكنه قال ان الحكومة النمساوية على اتصال بعدد من الدول في المنطقة ودول أخرى. وأضاف « يتم اجراء الكثير من المكالمات الهاتفية ». وردا على سؤال بشأن ما اذا كان يمكنه تأكيد أن الرهينتين بصحة جيدة قال « نأمل انه بالنظر لظروفهما الحالية أن يكونا بأفضل حال ممكن .. نحن نأمل في الافضل ». وفي مطلع الاسبوع الجاري قال موقع النهار الجزائري المتخصص في الشؤون الامنية ان الرهينتين محتجزان لدى جماعة يتزعمها المتشدد الجزائري عبد الحميد ابو زيد في معسكر تابع للقاعدة يبعد نحو 150 كيلومترا عن بلدة كيدال في مالي.   وقال بروهاسكا « مالي دولة ممتدة وشاسعة ويصعب تغطيتها .. ولكن الناس يلاحظون أمورا ويبلغون عنها. »   (المصدر: وكالة رويترز للأنباء بتاريخ 19 مارس 2008)


خشية من تخلي الدولة عن الخدمات الصحية

أطباء القطاع الخاص يفرضون تعديلا في بنود نظام التأمين الصحي الجديد

 
تونس – خدمة قدس برس   توصّلت نقابة أطباء الاختصاص للممارسة الحرة في تونس في ساعة متأخرة عشية أمس الثلاثاء (18/3) إلى اتفاق مع وزارة الشؤون الاجتماعية تم بموجبه تعديل بنود في نظام التأمين الصحي الجديد يقول الأطباء الخواص إنّها تحد من استقلاليتهم المهنيّة والمالية وتضرب مصلحة المريض في اختيار العلاج والدواء.   وكانت النقابة قد نظمت إضرابا عن العمل أمس الأربعاء احتجاجا على النظام الذي بدأ العمل به في تموز (يوليو) 2007. وتمثل الإضراب في غلق العيادات الخاصة والامتناع عن العمل في المصحات الخاصة باستثناء الحالات الطارئة. وكان الأطباء قد حملوا الشارة الحمراء منذ الجمعة الماضي 15 آذار (مارس)، وهو تقليد احتجاجي يضع خلاله المحتجين قطعة حمراء في مكان ما من بدلة العمل.   وقالت النقابة في بلاغ حصلت « قدس برس » على نسخة منه تم توزيعه عشية الإضراب إنّ النظام الجديد يجعل الأطباء الذين يشتغلون بشكل حر في القطاع الخاص مجرد موظفين لدى صندوق التأمين على المرض كما لا يترك للمواطنين حرية اختيار الطبيب ومسلك العلاج ونوعية الدواء.   وصرح عضو من النقابة لـ »قدس برس » « نحن مع هذا النظام الجديد للتأمين الصحي، لكننا نريده في مصلحة المريض وليس ضد مصلحة الأطباء. ونريد نظاما يتم في نطاق شراكة لا سياسة إملاء »   ونصّ الاتفاق الجديد والذي وصفه لـ »قدس برس » أحد أعضاء النقابة بأنّه تم « بعد مفاوضات شاقة وطويلة ». حيث دعت وزارة الشؤون الاجتماعية مكتب النقابة للجلوس بشكل عاجل يوم الإضراب وتوصّل الطرفان إلى اتفاق بأن يزاول أطباء الاختصاص عملهم دون التعاقد مع الصندوق الوطني للتأمين على المرض. وأنّ المرضى يسترجون مصاريف العلاج والدواء والكشوفات حتى وإن لم يكن الأطباء المباشرون لهم متعاقدين مع الصندوق.   وسيتم العمل بهذه الكيفية إلى موفى عام 2008 حيث سيبدأ التفاوض بشأن اتفاق تنظيمي جديد.   ويوجد في تونس خمسة آلاف طبيب يعملون في القطاع الخاص منهم 2640 متخصصون. وقد رفضت نسبة هامة منهم نظام التأمين الصحي الجديد، ففي العاصمة تونس والولايات الثلاث المجاورة لها لم ينخرط في النظام الجديد تسعون بالمائة من الأطباء المتخصصون. وعلى مستوى البلاد بلغت نسبة عدم التعاقد مع صندوق التأمين على المرض 66 بالمائة.   ويقسّم النظام الجديد التأمين الصحي إلى ثلاثة أنواع : النظام العلاجي في المستشفيات العمومية والنظام العلاجي في القطاع الخاص ونظام استرجاع المصاريف في القطاعين الخاص والعام.   وقد حددت السلطات التونسية نهاية الشهر الجاري آخر أجل للتسجيل في أحد الأنظمة المذكورة. لكنّ نقابة العمال حثت (الاتحاد العام التونسي للشغل) جميع الشغالين على الانخراط في النظام العمومي عبر مذكرة وزعها الاتحاد على منخرطيه.   وكانت السلطات التونسية قد سعت إلى تعطيل إضراب الأطباء. وكشف مصدر من نقابة الأطباء عن ضغوط وصفها بتهديدات تعرض لها أمينها العام ليلة الإضراب بهدف تسريب بلاغ صحفي يعلن عن إلغاء الإضراب وهو ما تم بالفعل إذ أذيع البلاغ المذكور على الساعة الثانية صباحا وأعيد بثه في الساعة السابعة ثم نشر في الصحف. وهو ما أحدث ارتباكا بين الأطباء. لكنّ مكتب النقابة دعا إلى مواصلة التحرك وتم الالتزام بالإضراب.   وحضر الوقفة التي تم تنظيمها عصر الإضراب أكثر من ألف طبيب.   ويعبّر نقابيون في تونس عن خشيتهم من أن يكون النظام الجديد للتأمين الصحي مقدمة للتفويت في الخدمات الصحية للقطاع الخاص وتخلي الدولة عن دعمها له. ويطالبون بتأهيل القطاع الصحي العمومي لتوفير الحد الأدنى من الخدمات والإمكانيات اللائقة.   (المصدر: وكالة قدس برس إنترناشيونال (بريطانيا) بتاريخ 19 مارس 2008)

 

على خلفية قرار نقابة أطبّاء الاختصاص حمل شارات حمراء: نقابة أطبّاء الممارسة الحرّة تؤكّد أنّ الأطبّاء المنخرطين فيها سيعملون بصفة عادية كامل اليوم

 
تونس-الصباح   جاء في بلاغ صدر يوم أمس (الإثنين 17 مارس) عن النقابة التونسية لأطباء الممارسة الحرة تعلم فيه بأن الأطباء المختصين والأطباء العامين المنخرطين صلبها سيستمرون في عملهم بصفة عادية بعياداتهم كامل اليوم بما في ذلك اليوم الثلاثاء 18 مارس ما عدا أيام الآحاد والعطل الرسمية مثلما تنص عليه التراتيب المعمول بها.   وأهابت النقابة في نفس البلاغ بالمجلس الوطني لعمادة الأطباء بوصفه الممثل القانوني لكل الأطباء والضامن لحقوقهم الأدبية والمعنوية أن يمارس صلاحياته في الدفاع عن شرف المهنة وحمايتها بما وصفته من « الانزلاقات الخطيرة ».   ويأتي إصدار هذا البلاغ متزامنا مع قرار نقابة أطباء الاختصاص للممارسة الحرة البدء بحمل شارات حمراء اليوم الثلاثاء تعبيرا عن احتجاجهم على عدم الاستجابة لمقترحاتها بشأن النظام الجديد للتأمين على المرض.   وتتلخص مطالب نقابة أطباء الاختصاص في اعتماد المرونة في صيغة المسار العلاجي المنسق الذي يفرض على أن يمر المضمون الاجتماعي الذي اختار صيغة الطرف الدافع على طبيب الأسرة الذي يتولى بدوره توجيهه إلى طبيب اختصاص حتى يضمن استرجاع مصاريف العلاج والأدوية. وفي اعتماد التعريفات المعتمدة في القطاع الخاص خارج إطار الاتفاقيات المعتمدة مع صندوق التأمين على المرض وذلك في جميع المجالات العلاجية والعيادات الطبية التي تتراوح بين 25 و35 دينارا.   كما تطالب نقابة أطباء الاختصاص بالاعتراف بخدمات الأطباء غير المتعاقدين مع الصندوق مقابل احترام الطبيب لقواعد شرف المهنة الطبية في مجال التشخيص الطبي وتعريفات أتعابه المعمول بها. كما تقترح أن يتم في إطار النظام الجديد للتأمين على المرض اعتماد مبدأ الخلاص المباشر لأتعاب طبيب الاختصاص دون غيره من صيغ التكفل المقترحة.   جدير بالذكر في هذا السياق أن أكثر من 970 طبيب اختصاص ينتمي معظمهم إلى نقابة أطباء الممارسة الحرة متعاقدين حاليا مع صندوق التأمين على المرض حسب آخر المعطيات المتوفرة وهذا الرقم مرشح للارتفاع خلال الأيام المقبلة وهو ما يعني أن هؤلاء الأطباء سيعملون بصفة عادية اليوم الثلاثاء ولن يشاركوا في الإضراب الذي دعت إليه نقابة أطباء الاختصاص.   رفيق بن عبد الله   (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 18 مارس 2008)


تونس تقدم تقريرها الدوري حول تطبيق أحكام العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية

 
نيويورك 19 مارس 2008 (وات) قدمت تونس يومي 17 و 18 مارس أمام لجنة حقوق الانسان التابعة للأمم المتحدة المجتمعة في دورتها 92 بمقر الامم المتحدة بنيويوك تقريرها الدورى السادس حول تطبيق أحكام العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية.   واكد السيد البشير التكارى وزير العدل وحقوق الانسان الذى تراس الوفد التونسي خلال هذه الدورة على ثوابت المقاربة التونسية في مجال حقوق الانسان.   واستعرض اهم الانجازات التي حققتها تونس للنهوض بهذه الحقوق وحمايتها وذلك بفضل ارادة سياسية ثابتة وحرص شخصي للرئيس زين العابدين بن علي تجسما بالخصوص في الاصلاح الدستورى الاخير الذى كرس كونية وشمولية وترابط حقوق الانسان.   كما ذكر الوزير بمبادرة رئيس الدولة الاخيرة والمتعلقة بتطوير الهيئة العليا لحقوق الانسان والحريات الاساسية وتعزيز مشمولاتها.   وأكد عزم تونس على مواصلة التعاون مع كافة الاجهزة الاممية لحقوق الانسان اسهاما منها في تحقيق الاهداف النبيلة التي بعثت من أجلها هذه الهياكل.   ونوه السيد /رافال ريفاس بوسادا/ رئيس لجنة حقوق الانسان بما تضمنه تقرير تونس الدورى السادس من معلومات ضافية حول مختلف أوجه تطوير الحقوق المدنية والسياسية في تونس وحمايتها مثمنا عزم تونس على مزيد التعاون مع لجنة حقوق الانسان من أجل اثراء منظومة حقوق الانسان.   ويجدر التذكير بأن لجنة حقوق الانسان الاممية هي لجنة منبثقة عن العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية ومن ضمن مهامها تلقي التقارير الدورية لكافة الدول الاطراف في العهد الدولي ومناقشتها في اطار جلسات حوار مع ممثلي الدول. علما أن اللجنة تواصل استماعها خلال هذه الدورة الى تقارير بقية الدول المصادقة على العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية.   (المصدر: وكالة تونس افريقيا للأنباء (وات – رسمية) بتاريخ 19 مارس 2008)

شركات خليجية تستحوذ على 27 بالمائة من اجمالي أسهم ارتاس التونسية

 
تونس في 19 مارس / وام / شهدت بورصة الأوراق المالية في تونس أكبر عملية ادراج في السوق الأولى منذ عشر سنوات وذلك بدخول الشركة التونسية للسيارات والخدمات / آرتاس / البورصة ابتداء من يوم امس الثلاثاء.   واستحوذت مؤسسات مالية من الإمارات والبحرين والكويت والسعودية على نسبة 27 بالمائة من اجمالي أسهم الشركة المقدرة ب /263/ مليون دينار تونسي / حوالي 240 مليون دولار امريكي/.   وتعتبر / ارتاس/ أكبر شركة يتم ادراجها في السوق المالية التونسية منذ عشر سنوات .   وفي هذا الإطار سيتم توزيع / 18ر30/ بالمائة من رأس مال الشركة بين العموم بسعر /330ر10/ دينار تونسي / حوالي تسعة دولارات امريكية/ للسهم الواحد ..وتمتد مدة الاكتتاب من 17 إلى 28 مارس الجاري.   ويتمثل نشاط شركة آرتاس في بيع السيارات الجديدة من نوعي /رينو و نيسان/ وقطع غيارهما والخدمات المتعلقة بهاتين العلامتين ..وتتصدر الشركة سوق السيارات التونسية بحصة تقدر ب 31 بالمائة من اجمالي السيارات الخاصة في تونس.   (المصدر: وكالة أنباء الإمارات (وام) بتاريخ 19 مارس 2008)


مرضى الكلى في تونس

 
تونس – واس – يخضع أكثر من 7 آلاف تونسي إلى عمليات تصفية الدم جراء الاصابة بمرض القصور الكلوي الذي ينتشر بمعدل 130 إصابة بين كل مليون ساكن تونسي وفق احصاءات حديثة صدرت فى تونس . وحسب مصادر طبية تونسية فإن 30 بالمائة من المصابين تفوق أعمارهم الـ 60 عاما أما عدد المصابين بمرض القصور الكلوي الذين لم يصلوا إلى مرحلة تصفية الدم فإنه مازال مجهولا بسبب غياب الدراسات . يذكر انه تم منذ سنة 1986 إجراء 750 عملية زرع كلى بتونس وان 3500 مصابا حاليا يحتاجون إلى تدخل لزرع كلية , وتفيد الاحصاءات بان 10 بالمائة فقط من التبرعات بالكلى تأتي من عائلات المرضى   (المصدر: وكالة الأنباء السعودية (واس) بتاريخ 19 مارس 2008)


فيما يجري التحضير لاجتماع اللجنة المشتركة مطلع أفريل: اتجاه تونسي يمني لإلغاء تأشيرات السفر الدبلوماسية والمخصصة لـ »المهام الخاصة ».. واتفاقيات عديدة على طاولة التوقيع

 
 نحو التوقيع على اتفاقية لإرساء التشاور السياسي بين البلدين..   تونس الصباح: قالت مصادر دبلوماسية، أن النية تتجه صلب الحكومة التونسية، لإلغاء العمل بالتأشيرة بين تونس واليمن..   ويجري التفكير حاليا في توخي التدرج في تنفيذ هذه النية، من خلال البدء بجوازات السفر الدبلوماسية وتلك التي تهم ما يعرف بـ « المهام الرسمية »، فيما لن تشمل الاتفاقية الجوازات العادية التي تهم تنقل المواطنين اليمنيين والتونسيين بين البلدين…   وسيتم تنفيذ هذا الموضوع بمقتضى اتفاقية ثنائية، من غير المستبعد التوقيع عليها بين مسؤولي البلدين خلال الفترة القليلة المقبلة..   وعلمت « الصباح » من مصادر مسؤولة، أن الإستعدادت جارية منذ مدة بين حكومتي البلدين، لانعقاد اللجنة العليا المشتركة في دورتها العاشرة، بتونس مطلع الشهر المقبل.. حيث سيجتمع الخبراء أواخر الشهر الجاري، فيما تلتئم اللجنة المشتركة يومي 1 و 2 أفريل بالعاصمة، برئاسة وزيري خارجية البلدين..   اتفاقيات عديدة..   وستشمل الاتفاقيات التي من المنتظر التوقيع عليها خلال اجتماعات اللجنة المشتركة، قطاعات عديدة بينها السياحة والصناعة والتجارة والبيئة، إلى جانب الإعلام والتعليم العالي والبحث العلمي والتعاون الفني والتكوين المهني، بالإضافة إلى الشباب والرياضية..   وأفادت معلومات موثوقة، أن محادثات جرت بين مسؤولي البلدين منذ فترة، حول توقيع اتفاقية لإرساء التشاور السياسي بين تونس واليمن، ستدشّن ـ بحسب مصادرنا ـ لمرحلة نشيطة من التشاور السياسي الثنائي، الذي سيشمل مختلف القضايا العربية والإقليمية والدولية التي تعني البلدين، سيما منها تلك القضايا التي يشترك البلدان في رؤيتهما لها، وبخاصة ملفات العراق وفلسطين ولبنان…   وقال سعادة سفير اليمن بتونس، حسين ضيف الله العواضي، في تصريح لـ « الصباح »، أن اتفاقية التشاور السياسي، تهدف إلى تنسيق المواقف والمشاورات بين البلدين..   في نفس السياق، ستشهد الدورة العاشرة للجنة المشتركة التونسية اليمنية، التوقيع على اتفاقيتــين تهـم الأولى، نقل الأشخاص والسلع والبضائع من خلال خفض تعريفة النقل البحري، وفتح خط ملاحي جوي بين البلدين، وتعني الاتفاقية الثانية « الاعتراف برخص قيادة المركبات الصادرة من البلدين »…   وتهدف الاتفاقية الخاصة بالنقل، التي كان البلدان وقعا عليها بالأحرف الأولى خلال الدورة الماضية بصنعاء، إلى الترفيع في نسق المبادلات التجارية بين تونس واليمن، في ضوء الأرقام المسجلة في مجال المبادلات والتي يعتبرها البلدان غير كافية، بالنظر إلى طبيعة العلاقات الثنائية، وزخم التعاون الذي يمكن أن يدفعها إلى آفاق أكثر رحابة..   زيارات متبادلة مرتقبة..   من جهة أخرى، يجري الترتيب بشكل حثيث لمشاركة واسعة وضخمة لرجال الأعمال التونسيين وممثلي القطاع الخاص، في الدورة الرابعة لمعرض صنعاء الدولي الذي سيقام منتصف العام الجاري، فيما يتم التحضير لزيارة وفد من رجال الأعمال والصناعيين اليمنيين إلى تونس، بغاية استكشاف أفق شراكة تكاملية لإقامة مشاريع صناعية مشتركة..   وكان التعاون بين البلدين، شهد كثافة من حيث الزيارات الثنائية بين رجال الأعمال ووفود القطاع الخاص والدوائر الرسمية في قطاعات مختلفة، صناعية وتجارية وخدماتية وسياحية..   يذكر أن اللجنة المشتركة، سيتولى الإشراف عليها وزيرا خارجية البلدين، السيدين عبد الوهاب عبد الله، والدكتور أبو بكر القربي..   صالح عطية   (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 19 مارس 2008)


تونسية تحرق حبيبها حتي الموت بسبب الخيانة

 
أقدمت فتاة تونسية علي حرق صديقها حتي الموت بعد أن اكتشفت « خيانته » لها وذلك في محافظة جربة (500 كلم جنوب العاصمة تونس). وذكرت صحيفة الصريح أن السيدة 30 عاما اتفقت يوم الجريمة علي قضاء السهرة مع صديقها 34 عاما بمنزله الذي يقطنه بمفرده إلا أن الأخير اتصل بها هاتفيا ليعلمها في آخر لحظة بإلغاء الاتفاق بدعوي أن والدته جاءت لزيارته وستقضي الليل عنده. وأضافت أن السيدة لم تقتنع برواية صديقها فذهبت إلي منزله، واكتشفت أنه يستضيف مجموعة من الفتيات فخططت للانتقام منه علي خيانته حيث أضرمت فيه النيران حتي الموت.   (المصدر: صحيفة « الراية » (يومية – قطر) الصادرة يوم 19 مارس 2008)

القاعدة النمساويّة في البلاد المغربيّة

 
نصر الدّين بن حديد nasrbenhadid@yahoo.fr إذا تجاوزنا حقائق الأمور على أرض الواقع، وما جدّ فعلا من وقائع، وحصرنا الاهتمام بما رشح على وسائل الإعلام بخصوص خطف السائحين النمساويين، نرى ـ دون أدنى عناء ـ تضارب كبير بين تصريحات المسؤولين الجزائريين ونظرائهم من تونس. لا تكمن المسألة ـ حين لا يمكن الحسم ـ في تصديق هذا أو تفنيد ذاك ـ بقدر ما هو سؤال تمليه جدليّة المسألة حول المرجعيّة التي اعتمدتها هذه التصريحات، حين وجب أن تكون لكلّ تصريح سياسي مرجعيّة، وأيضًا المقصد أو المقاصد، حين لا يتحدّث رجل السياسة بحثًا عن مجرّد الحديث بل لتسجيل موقف وتحصيل مصلحة.. مجرّد النظر أو هو الوقوف عند هذا التضارب ـ أو هو عدم التجانس أو عدم التوافق، إذا أردنا أن نعتمد اللفظ الدبلوماسي ـ يستوقفنا ليس فقط بخصوص ما تراه ـ أو بالأحرى ما قد تراه ـ هذه الدولة أو تلك مصلحتها، والأمر طبيعيّ ومشروع ومن ثوابت الأمور، بل ـ وهنا يكمن السؤال الخطير ـ عن الطريقة المثلى والأسلوب الأجدى في مقاومة هذا السرطان الإرهابي، كائن من كان الواقف وراءه أو بمعيّته… المتفحّص في دقائق الأمور كما المراقب العاديّ، يلاحظ، بل يتأكّد دون أدنى عناء أنّ هذه الدولة وتلك، حاولت أن تحصر المسالة في تبرئة ذاتها واعتبار أنّها لا «تتحمّل أدنى مسؤوليّة» وبالتالي «على المتضرّر أن يبحث عن جهة أخرى يوجّه إليها التهم»… من الأكيد أن سعي كلّ من القيادات السياسيّة في تونس والجزائر إلى تطويق هذا «الخلاف التأويلي» حول «جغرافيّة الاختطاف» وعدم الرغبة في التصعيد أو الانزلاق في حرب كلاميّة أو مناكفات إعلاميّة لا يمكن أن نراه سوى رغبة في عدم فتح جبهة مجانيّة، لكنّ السؤال الهامّ والأكيد يستوقفنا بخصوص المرجعيات القائمة قبل الخوض في كنه الأفعال الماثلة أو ماهيتها… إذا رجعنا بالمعادلة إلى أصلها «المعرفي» وسعينا إلى أن نطرح الأسئلة الممكنة حول الدوافع الممكنة والمنطقّية التي تدفع ما يسمّى «تنظيم القاعدة في بلاد المغربي الإسلامي»، أو من يقف فعلا وراء هذه «العلامة التجاريّة»، نجد دون أدنى عناء رغبة أو هو سعي محموم ليس فقط لتحطيم الأنظمة القائمة، بل لجعل جدلّية التدمير ذاتها تتّخذ مسار الاستئصال لما يمكن أن يؤسّس لدولة، مهما كانت الاختلافات بخصوص هذه الدولة أو تعريفاتها… تكمن قوّة هذه التنظيمات أو بالأحرى سلاحها الفاعل، في أنّها لا تطرح نفسها بديلا أو معوّضًا، بل جهاز هدم واستئصال، إن لم نقل انتقام وشفاء الغليل، ومن ثمّة لا تحتكم عند الفعل والممارسة إلى «غائيّة عقلانيّة» في الحدود الدنيا لهذا المفهوم، بل هو تراوح على مستوى الخطاب والممارسة بين الغريزة في أشدّ وأبشع أشكالها تمظهرًا من ناحية، والعاطفة التي اختزلت ولا تزال ـ عن حقّ وعن غير ذلك ـ على مدى التاريخ والجغرافيا ما يكفي من القهر والظلم والإذلال والاغتصاب والخصي والنفي والإقصاء والتهميش والاحتقار… من التبسيط أو هي السذاجة إن لم نقل أشياء أخرى، أن يتقوقع كلّ نظام داخل حدوده في مسعى لإقامة السواتر «الوهميّة»، حين جاءت المعادلة تأسيسًا وكنهًا وممارسة متجاوزة للحدود ومتعدّية للأقطار، بل يمكن القول، مع ما يلزم من مرارة ومن سخريّة سوداء قاتمة، أنّ ما أنجزه تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي من وحدة في المرجعيّة أو التنظيم أو في الفعل والممارسة بين التنظيمات الإرهابيّة «المغاريّة»، قد عجزت الأنظمة منذ أمد طويل في تحقيق البعض من بعضه، بل تحوّل الصراع مع هذا الإخطبوط السرطاني إلى سبب من أسباب تعميق الشرخ وتوسع الهوّة بين قيادات هذه الدولة وتلك، حين كان الهاجس دفع التهمة وليس تحقيق الهدف… تلك قمّة المأساة وذلك منطلق هذه الملهاة السوداء!!! من الأكيد أن دولة النمسا ستسعى عبر وساطات شتّى إلى تخليص المواطنين الاثنين بكلّ الوسائل، وأساسًا دفع فدية، لن تخرج رسمّيا من خزائن الدولة ولن يجد مراقب الحسابات لها أثرًا أو عنها دليلا، ومن الأكيد أن من يمسكون السلطة في فينّا سيسوّقون هذا النجاح في صورة الانتصار «السّاحق» على الإرهاب، ومن الأكيد أنّ الجهة التي مارست «هذا الإرهاب» ستجني عدة ملايين من اليورو، إضافة إلى هذا «الانتصار الرمزي» على ما يمثّله الغرب عمومًا ويحمل من صور متداخلة منذ النكبة، مرورًا بالنكسة واحتلال أفغانستان وسقوط بغداد وتواصل المأساة في غزّة!!! إضافة إلى ثمرة أولى سقطت قبل أوانها، من خلال ما بدا من تضارب بين التصريحات في كلّ من تونس والجزائر، لتؤسّس هذه «الجماعة» خطابها أو هي ترسّخه على «عدم شرعيّة الدولة القطريّة»… الأكيد والذي لا يقبل الجدل، يكمن في انتهاء جولة أولى من معركة طاحنة من حرب ضروس، لا يمكن لأيّ كان أن يجزم بالمسار الذي تتّخذه أو المنتهى الذي ستصل إليه، خصوصًا حين نرى هذا التضارب في ردود الفعل بين الأنظمة القائمة… ربّما نصدّق من قال وصرخ فينا من بني عمومتنا بأنّ هذا الإرهاب يستوجب «قيادة» تتجاوز المنطقة… ربّما؟؟؟؟

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله وحده. 

الدكتور الصادق شورو نموذج فريد من نوعه.

 
 بقلم: حبيب الرباعي .ألمانيا    هو رجل نسجت شخصيته بطريقة يصح وصفها بالشخصية المتميزة، عزيزة الوجود. صحيح أن الذين تستهويهم الطرافة في محاورة الآخرين، والذين تعجبهم الحركة السريعة التي يتميز بها الشباب، والذين تثيرهم شدة انفعال أي مكلف بمهة، لظنهم أنها من علامات الحزم والعزم والحماس…. كل هؤلاء وغيرهم كثير، قد لا يشاطرونني الرأي إذا قلت بأن الدكتور شورو شخصية نادرة، جمع من الخصال ما لم يجمع إلا في عدد قليل من الرجال الأقوياء في زماننا. فالجدية والأناة يمثلان سمتا ثابت في شخصيته لا يتأثران بتقلبات الأحداث. والذي جعل من جديته خلقا محمودا في نظر أغلب الذين تعاملوا معه، هو أنه يحمل في داخله منبعا فياضا من التواضع الحقيقي، لا يوجد لدى نظرائه في العلم والسمعة والمكانة الإجتماعية إلا من رحم ربي. ولو انصرفت لذكر بعض المواقف والمشاهد التي عشتها معه لِما يقرب من خمس سنوات، والتي تبرز ملامح هذه الشخصية المتوازنة لتطلب ذلك مني كتابة مقالات كثيرة، ولكن أكتفي بذكر بعض المشاهد الطريفة. بعد عصر يوم 24 ديسمبر 1987 نودي علينا للخروج من السجن، (سجن 9 أفريل)، ووقع تجميعنا في الساحة بالقرب من الإدارة. إخترت الوقوف بجانب الدكتور الصادق لما أجد في ملازمته من استفادة أكتسبها، ولو كان ذلك في صمته الذي كنت أستغله للتدرب على التأمل والتفكير، كما يفعل هو دائما. كانت لحظات الإنتظار تمر علينا ثقيلة، وكان غروب شمس ذلك اليوم أطول غروب عشته في حياتي. ولا تسل عن كثافة الخواطر التي كانت تجول في مخيلتي ساعتها. أفكر في مشهد قدومي على أهلي في ساعة متأخرة من اليل بشكل مفاجئ، وهم الذين لم يعثروا على مكان اعتقالي إلا قبل اسبوعين من ذلك التاريخ. كيف سيكون المشهد عند اللقاء بأهلي؟، وقد كانت زيارة أبي ـ الوحيدة ـ لي في السجن قبل أسبوع، عبارة عن بكاء وإيماء بالرأس وإشارات بالأيادي من وراء الحواجز الحديدية استفسارا عن حال الأهل وعن صحته إلى أن انتهى الوقت. فلقد ابتلي أبي بوفاة أخي الأكبر في سن الشباب ـ 21 سنة ـ وهاهو يطوف من مكان لآخر بحثا عن ابنه الأصغر. كيف سأصل إلى مدينتي وأنا لا أملك مليما واحدا؟ …. إلا أن أكثر الخواطر حضورا في ذهني، كان مرتبطا بالسجن الذي لم أكن قد غادرته بعد. كيف سيقضي إخوتي الأحبة ليلتهم تلك؟ مشقة في النوم، وفي الوضوء، وفي الأكل والشرب، شعور بالقهر في غرفة السجن. إذلال متعمد عندما يفرض على الجميع الوقوف والتحية للموظف المكلف بإحصاء المساجين. مهزلة في الوقت القياسي الذي فرضوه على المستحمّين، هي 7 دقائق ولا تنعم بعدها بقطرة ماء. جال في خلدي شريط الأيام التي قضيتها في تلك الغرفة، واستحضرت الظلم الذي كنت أشعر به. وكان أن عبرت عن مشاعري بطريقة جهرية فقلت بكل عفوية لأخي الصادق:  » أسأل الله تعالى ألا يعيدنا إلى هذا السجن ولا إلى غيره أبدا » فرد علي بهدوئه المعهود « إذا أدخلونا السجن من أجل الإسلام والحق فلا يهم ». لقد كان رده بمثابة الرجّة التي حصلت في كياني، فعدّلت ورتبت في ذهني بعض الحقائق. فالحقيقة الأولى: أني تناجيت بدعائي الذي قلت، مع أخ أعلم شدة التعذيب الذي لاقاه، ولا أشك في أن آثار التعذيب ـ الذي كان آخره قبل أسبوعين من ذلك التاريخ ـ ظاهرة على جسده. لقد كان ضمن من يقف معنا ساعتها، أخ لا يستطيع الوقوف إلا بمساعدة إخوانه له، وآخر يحمل جبيرة في رجله بسبب كسر خلف له سقوطا دائما، من قسوة التعذيب الذي لاقاه.. وحالات أخرى متفاوتة الخطورة. ولولا علمي بأن الدكتور الصادق لا يريد من يتحدث عمّا لاقاه هو من تعذيب، لذكرت بعض الفصول في ذلك. الحقيقة الثانية: أننا لم نبرح السجن بعد، ولم نزل تحت قبضة السجانين وهذا يعني أن أحاسيسنا ومداركنا لا زالت متؤثرة بمحيط القهر والظلم. وهذه الحقيقة لوحدة تدفع السامع للدعاء كي يؤمن عليه بطريقة تلقائية. الحقيقة الثالثة : أن طول الإنتظار ـ وقوفا ـ من العصر إلى ما بعد العشاء سبّب إنزعاجا شديدا لدى الإخوة، فصدرت عن الغالبية تعبيرات مختلفة عن الضجر الذي كانوا يشعرون به، أدت بدورها إلى استفزاز النزعة العدوانية للضباط الموجودين في المكان فعبروا عنها بثقافتهم الخاصة (سبا وشتما وضربا وسبا للجلالة …). مما حول جو الفرحة بالخروج من السجن ، إلى جو من التوتر والكآبة والضيق الذي لا يطاق. ولا بد لي هنا من القول بأن الكلام عند الدكتور شورو عزيز وفي مقابل ذلك أعتبره مدرسة في فن الإستماع والإصغاء للآخر والتفاعل الإيجابي مع من يحاوره. بعدما أدخلنا حراس السجن إلى غرفة تقع قبالة الإدارة، حيث أسمعنا أحد الضباط ما اقشعرت له أبداننا من سبب لديينا ودين آبائنا بل ولذات الله العلية ثم خرج، أطبق صمت رهيب على الجميع، عندها تكلم الدكتور ولام الجميع على ما تسببوا فيه وترجنا أن نصبر مهما طال الإنتظار. نعم لقد كان أفقهنا وأرشدنا وأعقلنا وقد كان فينا الطبيب النفساني والمعلم والعامل والمنهدس والصيدلاني والأستاذ والطالب….. ولكن الغيرة على الحرمات التي انتهكت جعلت من هذا الرجل الهادئ الرصين بركانا من الغضب على إخوانه المتسببين في هذه الحادثة، وهذا هو عين الفهم الصحيح في رفض المنكر وتغييره. فالبدء يكون بمن يليك من الموالين لمنهجك. وللمسلم في مثل هذه المواقف نموذج نبوي رائع فموسى عليه السلام بدأ بأخيه ومحاسبته محاسبة شديدة قبل الحديث مع قومه ومع السامري صانع الفتنة. الحقيقة الرابعة : أننا لسنا مجرمين حتى يكون لدينا شعور بالذنب فنقنع أنفسنا بأننا نِلنا ما نستحق. بل نحن دعاة حق وأصحاب قضية عادلة. ولم تزل كلمات الإعتذار التي قدمها لنا العديد من الجلادين الذين مارسوا أشد التعذيب ضدنا، ترن في آذاننا. الحقيقة الخامسة: أن الجامعات في تونس وخارجها تنتظر خروجه كي تستفيد من علمه وبحوثه فمقام أمثاله في العالم هو مقام المكرم المنعم الذي تفتح له الأبواب لمجرد التعبير عن نيته بالدخول. و أمر السعة والأريحية التي يعيشها فيها الأساتذة الجامعيون لم يعد غائبا على أحد. لقد كنت أنتظر من الدكتور الصادق في ظل تلك الظروف الصعبة، أن يؤمن على دعائي مباشرة. ولكن الظاهر أنه كان يعيش تلك اللحظات برؤية أخرى، وكل واحد منا كان ينظر إلى الواقع الذي كنا نعيشه معا من زاوية مختلفة عن الآخر. فأنتم تلاحظون من خلال تفاعل الرجل مع دعائي، أنه ينطلق من حقيقة أعظم وأرقى بكثير من حقائق اللحظة التي كنا نعيشها بصعوباتها وشدتها، وهي أن الإسلام العظيم والحق والمبين، يهون في سبيلهما كل عناء، ويتضاءل أمامهما كل كدر وعذاب دنيوي. فهو لا يتمنى أن يبقى في غياهب السجون والمعتقلات ولا يسعى لذلك قطعا ولكن عقلية المناضل عقلية متميزة تسمو فوق الحسابات الدنيوية الضيقة، فهو يفدي نفسه من أجل هذا الدين شعرت بإنه كان يسبَـح في عالم، مقاييسه هي مقاييس الآخرة، وآماله تتجاوز دائرة الفرح بالأهل والأبناء والأصدقاء، وأجواء الحرية، ومجالات البحث العملي ….إلى دائرة الأجر والثواب والإحتساب والإستعداد الدائم غير المنقطع للتضحية من أجل الإسلام وحقوق المستضعفين. لقد كانت مشاعري سلبية في أغلبها عن تجربة السجن وما صاحبها من ظلم وقهر، ولكن الصورة الإيجابية ـ التي ذكرني بها الدكتور صادق ـ للمحنة التي كنا فيها، بمعيار سنة الإبتلاء الماضية في حركة الحياة الإنسانية والأجر والثواب اللذان ينالهما المسلم المصابر. بمثابة الصدمة أو الرجة التي أعادت ترتيب حقائق الدنيا بمعايير الآخرة، وأحسب أن كل مناضل عاش محنة السجن أو الهجرة أو الإختفاء الطويل بحاجة إلى تذكير بهذا المعنى الذي قد يحول نسيانه ـ لا سامح الله ـ لكياننا إلى مجرد هيكل قائما فحسب. صحيح أن الغالبية العظمى من المساجين ـ إن لم أقل كلهم ـ استأنفوا نضالهم ونشاطهم الإسلامي بعد أيام قليلة من خروجهم من السجن، ولكن الخصوصية في المشهد الذي ذكرت، هو تلك النفسية المعبأة التي لم تعترف بقاعدة (أخذ الأنفاس لمواصلة النضال)، بل كانت تأخذ بقاعدة أخرى أرقى، عبّر عنها الفاروق رضي الله عنه بقوله: « الراحة للرجال غفلة » ونحن جميعا بأمس الحاجة إلى الأخذ بهذا القاعدة وخاصة الآن. أما عن أسلوب الرجل في التعبير عن آرائه فهي على النحو الذي ذكرت، فكلامه مختصر مفيد، تنتفع به دون أن تشعر بأن الذي يخاطبك يريد أن يقوم مقام المعلم والأستاذ تجاهك. إن أهم خصلتين يتميز بهما الدكتور صادق شورو ـ وأظن أن كل من صاحبه يشاطرني الرأي في ذلك ـ هما الحياء والأناة. ورد في حديث أشج عبدالقيس: قال لي النبي صلى الله عليه وسلم: إن فيك خلتين يحبهما الله: الحلم والأناة، قال: يا رسول: أنا أتخلق بهما، ام الله جبلني عليهما؟ قال: بل الله جبلك عليهما. قال: الحمد لله الذي جبلني على خلتين يحبهما الله ورسوله ( أخرجه أبو داود) وبهذا يتمايز العباد، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء. فقد يتخلق الإنسان بخلق لم يجبل عليه، فلا يدوم له، بل يزول، ويذهب، وقد يفتعل مؤداه، ما تيسر له من الوقت، فيبقى له ما بقي صبره عليه، ولكنه لا يلبث حتى يندفع لأجله، وذلك لأنه مصطنع، ليس له قرار. وكل مخلوق من البشر يتمنى: السمو، والرضا، والكمال النسبي، ولكن لا يتحقق ذلك كله، إذ كل ميسر لما خلق له ، هكذا قسم الله بين عباده الأرزاق، في: معاشهم، وألوانهم، وأفعالهم، وشمائلهم، وتصرفاتهم، ليسوا على قلب إنسان واحد، بل أشتات، فلا المال، ولا الجاه يسدان النقص في الخُلق، ولا الفقر، والخمول: يذهبان به، بل ربما رفعاه، وزيناه. إذا طاقت نفسك يوما ـ أخي القارئ لمقالي هذا ـ إلى التعرف ومجالسة إنسان شبيه بأشج عبد القيس، في حلمه وأناته، فعليك ببذل أقصى جهدك لتمكين الدكتور صادق شورو من الحرية والخروج من الأسوار التي تحول بينك وبين مجالسته والإستماع إليه، لتشهد بنفسك ما يشهد به غيرك ـ ولا نزكي على الله أحدا ـ . إنه لشرف لي أن وقفت يوما ما بجانب الدكتور شورو أمام القاضي في قضية واحدة وملف واحد ـ في 87 ـ ، وعشت معه أيام الإيقاف في غرفة واحدة ، وعملت تحت إمرته سنوات بعد خروجنا، فلم أر ولم أسمع منه إلا خيرا ولطفا ولم ألاحظ عنه إلا رحابة صدر ويدا مبسوطة تجمع الناس. ولو علم الجلادون والمحققون أني ما ذكرت أمامه جلادا أو مجرما سالت بين يديه دمائه إخواننا إلا وسأل الله لهم الهداية وتحسر عما يحول بينهم وبين معرفتهم طريق ربهم. ولو كان في قلب كبار القوم حبة خردل من إنسانية وإيمان بأن لهم موعد مع ربهم ورجوع إليه لا ريب فيه، لذهبوا على الفور سراعا وتسابقوا إلى هذا الرجل الذي لم يعمر قلبه إلا بحب الله ورسوله والخير الهداية لكل بشر على الأرض وطلبوا منه الصفح والعذر. اللهم يا ودود يا ودود يا ذا العرش المجيد يا فعال لما يريد، يا من تتدارك عبادك بالنعم والرحمات، ارحم أخي الصادق وأنعم عليه بالخروج من سجنه كما أنعمت على نبيك يونس عليه السلام بإخراجه من بطن الحوت، اللهم يا كاشف الأسرار ، يا مسبل الأستار ، يا واهب الأعمار ، يا منشئ الأخبار ، يا مولج الليل في النهار ، يا معافي الأخيار ، يا مداري الأشرار ، يا منقذ الأبرار من العار والنار ، جد علينا بصفحك عن زلاتنا ، كن لنا ، وإن لم نكن لأنفسنا ، لأنك أولى بنا ، متعنا بالنظر إلى نور وجهك ، لا تهجرنا بعد وصلك ، لا تبعدنا بعد قربك ، قد عادينا أعدائك فيك ، فلا تشمتهم بنا لتقصيرنا في حقك ، ووالينا أصفياءك لك ، فلا توحشنا منهم لسهونا عن واجبك . آمين. تحية طيبة والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.   (المصدر: موقع الحوار.نت (ألمانيا) بتاريخ 19 مارس 2008)


الشيخ راشد الغنوشي يجيب عن سؤال الحركة الاسلامية في كتاب :

 » مسيرة الصحوة الإسلامية .. نقد وتقويم « 

 
عرض / عبدالباقي خليفة    يولي المفكرالاسلامي راشد الغنوشي ، اهتماما متزايدا بالحركة الاسلامية ومسيرتها ،عاملا على تمحيص تجاربها المختلفة زمانا ومكانا ،وعلى الصعيد القيادي وجماهير الصحوة الاسلامية وشبابها الواعد . وفي الكتاب الذي يحمل عنوان « مسيرة الصحوة الاسلامية .. نقد وتقويم  » والذي صدر قبل فترة عن  » مركز الراية للتنمية الفكرية « ويقع في 224 صفحة من القطع المتوسط . يجيب الغنوشي على عددا من الأسئلة الاستراتيجية المتعلقة بالحركة بالاسلامية ومسيرتها ،وعلاقاتها الجدلية مع المحيط سياسيا واجتماعيا وثقافيا .ويسبر أغوار شبكة الأوضاع القائمة في الساحات ذات العلاقة . أسئلة استراتيجية : يجيب المفكر راشد الغنوشي عن عدة أسئلة ، قد يطرحها من هم خارج الحركة أو بعض أبنائها ممن إلتحق بها حديثا أو مضى عليه دهر داخلها دون أن يدرك كلياتها ،ومجمل قيمها وغاياتها الربانية ومرتكزاتها الانسانية الحضارية ، الهادفة لتحقيق نهضة الأمة .ومن هذه الأسئلة ،ماهية الحركة الاسلامية وماذا يعني مصطلح الحركة الاسلامية ،وماالصفات المشتركة بين فصائلها وما تقنيتها وأساليبها في التأثير علىالمجتمع . ثم ما اسهامها في تجديد الفكرالاسلامي،وما انجازاتها ،وما المشكلة الكبرى بالنسبة لها وما مقومات الحركة الاسلامية واستراتيجيتها ،وما هو واقع الحركة الاسلامية اليوم ؟وهل هي في أزمة أم صعود ،وإلى أين تسير الحركة ،وما علاقة الحركة الاسلامية بالحكام ،وهل هي علاقة صدامية ،وهل يمكن ايجاد تفاهم مشترك بينهما ،وما مدى جدوى استخدام القوة من قبل الجماعات في إقامة الحكم الاسلامي ،وماهي الاداة المنهجية للتغيير ،هل هي القوة والاكراه أو الحرية والاقناع . وهل عنف بعض الحركات الاسلامية هو رد فعل على العنف الرسمي وما دور الأطراف الخارجية في التحريض ضد السلاميين ،وهل يمكن اعتبار الصحوة الاسلامية اليوم أهم الظواهر الايجابية لعصرنا وهل صحيح أن الاسلام في حالة صحوة متزايدة وأن جاذبيته بلا منافس ،وهل صحيح أن المستقبل لهذا الدين ،وما العوامل المساعدة على ذلك وما هي العوائق الداخلية والخارجية ؟أم أن المد الاصولي في حالة أزمة وتراجع على حد زعم بعض الغربيين ،وهل يعني أن الصحوة بلا عيوب ولا مشكل ولا عقبات .   هذه الأسئلة الاستراتيجية يجيب عليها المفكر الاسلامي راشد الغنوشي في الكتاب بوضوح شديدين  » بايجاز يمكن اعتبار الصحوة الاسلامية اليوم أهم الظواهر الايجابية لعصرنا بسبب ما تقدمه من آمال متصعدة لشعوبنا الاسلامية وخاصة لفئة الشباب ، بعد أن سقط المثال الشيوعي  » ويمضي قائلا  » الثابت أن الاسلام في حالة صحو متزايد ،وأن جاذبيته وخاصة للشباب والمقهورين والمفركين الاحرار تكاد تكون بل منافس  » . ويتوقع المفكر الاسلامي راشد الغنوشي أن لا ينته القرن 21 قبل أن يكون الاسلام قد أرسى نواة صلبة لعالم اسلامي جديد ،وقبل أن تصبح شعوبه غير قابلة لان تحكم ديمقراطيا دون موافقته. وتحدث في الكتاب عن التحديات القائمة أمام الصحوة الاسلامية « يمكن اعتبار الجهل بالاسلام أعظمها سواء بين المسلمين ،وفيهم قطاع حتى من أبناء الصحوة الاسلامية أومن غير المسلمين « كما أن من أعظم الجهل بالاسلام ربطه بالتعصب والتطرف والارهاب والعدوان على على حريت الأفراد والشعوب « .و يشير إلى أن  » عملا عظيما لا يزال القيام به يمثل أعظم خدمة للاسلام ،هو الدخول بالاسلام إلى العصر « أو الدخول مع الاسلام في العصر . أما التحدي الثاني كما يقول الغنوشي فهو  » الاستبداد السياسي الذي يرزح تحته العالم الاسلامي ومطلوب من أبناء الصحوة أن يخوضوا – بحسب الوسع – جهادا لا هوادة فيه ضد الطغاة ، حتى وإن رفعوا المصاحف ، فشرالاستبداد ما تسربل بالمعاني الجميلة كالاسلامية والديمقراطية وحقوق الانسان والوحدة الوطنية كما يفعل حكام منافقون في بلداننا الاسلامية  » مؤكدا على أنه  » ليس هناك من نعمة بعد الهداية أفضل من الحرية  » أما التحدي الثالث الذي يراه المفكر الغنوشي فهو » تقديم نماذج اسلامية للحكم ،ونماذج اجتماعية وثقافية تبشر بعدالة الاسلام وتجسد قدر ما يطيق البشر أسماء الله الحسنى في الأرض ، وذلك هو التحدي العظيم والامتحان الحاسم لصالح الصحوة أوعليها … » أما التحدي الرابع فهو « العداء الغربي للاسلام وأمته « ملفتا الانتباه إلى أن الغرب بعد تخلصه من الكنيسة ، سمح بما يعد طبيعيا في الاسلام والتاريخ الاسلامي ،وهو السماح للآخرين بإقامة شعائر دينهم مسلمين بوجود مسلمين ومساجد …وجاليات اسلامية  » كما أنه من  » الثابت أن المعرفة بالاسلام لدى الغربيين في ازدياد  » و » يزيد الأمور تعقيدا دورالحركة الصهيونية التي تبث سمومها وتغلغلت منذ أكثر من قرنين في أعماق الضمير الغربي « .ويحمل الغنوشي الجهات الصهيونية في الغرب جزءا من مسؤولية التحريض ضد الاسلام  » بينما لا يجهل أحد أن أكثر الأصوليات المعارضة تطرفا وانغلاقا وعدوانية ، تلك التي تجلس على مقاعد الكنيست الاسرائيلي دينية وعلمانية « ودعا المفكر الغنوشي لبذل جهود كبيرة لفك الارتباط كما وصفه بين الأخطبوط الصهيوني والحضارة الغربية .   الحركة الاسلامية : الواقع والآفاق : تحت هذا العنوان يشير الغنوشي يقدم تعريفا للحركة الاسلامية  » نقصد بالحركة الاسلامية جملة النشاط المنبعث بدوافع الاسلام لتحقيق أهدافه وتحقيق التجدد المستمر له من أجل ضبط الواقع وتوجهه أبدا  » .مؤكدا على أن  » الدولة لم تعد اسلامية ،ولم تعد تمثل لأمة ولا الاسلام ، بل علمانية قهرية تمثل إرادة خارجية  » و » لما انقطعت الدولة … أصبح هدف الحركة الاسلامية استعادة الشرعية الاسلامية المفقودة فكانت انطلاقة حركة الاخوان المسلمين بقيادة الشهيد حسن البنا ( رحمه الله ) بعد 3 سنوات من سقوط الخلافة  » . ثم يغوص في في واقع الامة متحدثا عن التحولات التي تعيشها بعد انبعاث الصحوة الاسلامية أو جهاد الصحوة . ثم يلفت نظر الشباب الاسلامي إلى أن معجزة الرسول صلى الله عليه وسلم هي كتاب خالد بينما معجزات الأنبياء السابقين مادية مما يعني أن المعرفة والتأليف هي الرهان أو « يعني أن الاسلام يقوم على الاقناع أكثر من الإخضاع منهاجا للتعايش  » ويمضي قائلا  » ونحن نعيش اليوم في عصر القنوات الفضائية التي تريد أن تجعل الإنسان صورة مكررة لانسان الغرب « ( ضمن ما يعرف بتنميط لعالم وتغريبه ) .ويعقد الغنوشي مقارنة بين حالة الهرم والشيخوخة على أصحاب النموذج العلماني « حالة هرم تلحظها بسهولة كلما شاهدت لقاءا للعلمانيين سواء في عدد لحضور أومستوى أعمارهم بينما لقاءات الاسلاميين حاشدة ويغلب عليها العنصر الشبابي « ضاربا مثلا بتونس  » تضم السجون ما يزيد عن 30 ألف سجين ويعبر هذا الحجم الضخم من العنف عن هرم العلمانية والفجوة الهائلة التي تزداد اتساعا بين العلمانية والنخب الجديدة المتجهة للاسلام  » .   ويعدد المفكر لاسلامي راشد الغنوشي في كتابه العوامل المساعدة على انتصار الاسلام ،والتي نختصرها في هذه النقاط  ، أولا : قوة الاسلام الذاتية ، ثانيا : حالة هرم المشروع المقابل = العلمانية . ثالثا : فساد الأنظمة .رابعا :عمق الاسلام في نفوس الشعوب المسلمة . خامسا : الثروات الطائلة في العالم الاسلامي.سادسا : تقدم وسائل الاتصال . سابعا  » انتشار الاسلام في الغرب .   ويشرح الغنوشي كل نقطة من النقاط السالفة مما يستدعي قرءة الكتاب وعدم الاكتفاء بهذ العرض .ويتحدث الغنوشي عن العوائق التي تقف في وجه الصحوة الاسلامية ومنها :استمرارحالة الجمود الفكري .ثانيا فرض الشعوبية والقومية على العالم الاسلامي .ثالثا :قضية التعددية التي لا تزال من الصعوبة القبول بها داخل الحركة . ربعا : العلاقة الاشكالية بين الاسلام والديمقراطية . خامسا : قضية المرأة . سادسا الحركة الاسلامية والفن . مع شرح كاف لما يعنيه من النقاط السالفة . ويوصي الكاتب بتوثيق الصلة بالله حتى ينتصر المشروع الاسلامي  » توثيق الصلة بالله عن طريق الذكر والتلاوة وسائر العبادات وتوطيد أواصر الجماعة والانخراط في العمل الجمعياتي المنظم ،وذلك قوله تعالى  » واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا  » .    الحركة الاسلامية بين الدولة والمجتمع: وتحت عنوان حيرة الحركة الاسلامية بين الدولة والمجتمع .. بين الحزب السياسي والجماعة الاسلامية ، يقول الغنوشي  » إن التحقق بعقيدة التوحيد ايمانا وعملا على الصعيد الفردي والجماعي ، الروحي والمادي هو جوهر الرسالة الاسلامية وهو محور الجهد الاصلاحي الذي قام به كل الرسل  » متحدثا عن تجارب بعض الأنبياء في هذا الخصوص ،وخلص إلى القول بأن الرسالة المحمدية هي النموذج المتميز بين سائر الأنبياء ، شارحا ومفعلا حيثيات تلك الحقيقة في عرض لا يقارن . ويعتبر الكاتب أن  » الانقلاب الاموي كان خطوة كبرى على طريق ابتعاد الدين عن السياسة  » مستعرضا مسيرة الدعوة الاسلامية بعد التحاق الرسول صلى الله عليه وسلم بالرفيق الأعلى ، ووقوف الصديق رضي الله عنه في وجه فلول الردة ، ممن فرقوا بين الفرئض ،وكانت تلك أول محاولة لنقض إحدى عرى الاسلام ،وهو ما نشاهد أمثلة كثيرة لذلك في عصرنا . كما تطرق إلى الانقسام الخطير أو الانفصال الخطير بين الدين والسياسة « ومعنى ذلك أن العلماء بعد فتن قاسية أوشكت أن تطيح بالكيان الاسلامي جملة اضطروا إلى التنازل عن السلطة لصالح أصحاب الشوكة والقوة وبذلك كانت المعادلة أوالصفقة التاريخية كالتالي : السياسة للحكام ولهم الطاعة ما حققوا لاحكام الشريعة وللعلماء ضبط أحكام الشريعة والقضاء والتعليم والاشراف على الأوقاف ،المورد الغزير والطوعي للانفاق على حاجات المجتمع ، لكن تلك المعادلة لم تعد قائمة في الوقت الحاضر بذلك الشكل  » .ويتحدث المفكر راشد الغنوشي عن انحسار ظل الخلافة « تفرقت الجماعة الاسلامية إلى جماعات ،وانهارت نهائيا معادلة الحكم القائمة على الوفاق التاريخي بين العلماء والحكام فقامت دول لا يمثل فيها العلماء أساسا من أسس شرعيتها  » ويصف الكاتب الدولة القطرية المعاصرة التي أقامها المحتل لنفسه ،وتمخضت عن القوة والتغلب وموالاة الأجنبي ، متخذة من الدين ومؤسساته وعلمائه مجرد أدوات تستخدم عند الحاجة ،وملحقة بالاجهزة الامنية للدولة « .ويسجل الغنوشي في الكتاب مواقف الامة من الانظمة القائمة حيث « كانت محنة الاسلام وعلمائه عظيمة مع هذه الدولة فاختار بعضهم المعاضدة للحكام جريا على عادة علماء الاسلام ،بوعي أو بدون وعي ، لما حصل من تحول عميق ،بل من انقلاب جذري في طبيعة الدولة ،عما كانت عليه طول العصور،أورعاية لمصلحة عامة أوشخصية واختار البعض الآخر الخروج إلى صف المعارضة السياسية من خلال تكوين جمعيات وأحزاب سياسية …  »   وبعد استعراضه لمختلف الأفكار حول الحركة الاسلامية وطبيعتها ،ثم مناقشتها يؤكد بأنه « على مر العصور ظلت فكرة العالم الخليفة حية كالجمرة التي قد يعلوها الرماد حينا ثم لا تلبث أن تتأجج وتضرم بنارها ما خمد من فعالية الاسلام  » . ولم يغفل مفكرنا الغنوشي عن صور الخداع التي تلجأ إليها الدولة القهرية ، بينما تمارس في العلن وفي الواقع المعاش حربا ضد الاسلام الحي ، مقدما دولة مثل تونس نموذجا صارخا على ذلك ،حيث يتم حظر الحجاب ومطاردة الدعاة .   قصور الحركة الاسلامية : وحول ما يصفه ب » قصور الحركة الاسلامية  » يقول  » حققت الحركة الاسلامية انجازات عظيمة في محاولتها تحرير الامة من تراث الانحطاط وآثار الغزو الغربي المدمر فقد ظلت بعيدة عن تحقيق هذا الهدف  » إقامة شرع الله في الارض  » ويفسر ذلك القصور بأنه يعود أساسا إلى نمط التفكير داخل هذه الحركة والذي لا يزال رغم المحاولات المتكررة ونجاحه الجزئي مشبعا بمثالية عصر الانحطاط لا صلة له بالواقع إلا من خلال شخوص تجمد عنها على ضوء مقولات ومفاهيم تبلورت في عصور أقل ما يقال فيها أنها تختلف إلى حد كبير عن عصرنا « ويضرب الغنوشي أمثلة على ذلك القصور من خلال العجز عن استيعاب الواقع وفشله في تسخيره … » مؤكدا على أن قضية المرأة ليست قضية تبرج وعري واختلاط وإنما أيضا قضية اغتراب وظلم واستعباد ، متحدثا عن المنهج القرآني والمثالية والطاقة الجمالية …   وعن واقع الحركة الاسلامية ،وتحت عنوان ، الحركة الاسلامية أزمة أم صعود ؟ يرد المفكر الغنوشي على مزاعم بعض المشتغلين بقضايا الفكر الاسلامي من الغربيين أن  » المد الاصولي  » في حالة أزمة وتراجع  » فيؤكد على أن  » مد الاسلام في تصاعد كما ونوعا فعلى المستوى الاول يكاد يتساوى مع عدد النصارى ليتخطاه في القرن 21  » ويمضي قائلا  » وفي الكيف والفعالية أكثر من مؤشر يدل على أن عملية اكتشاف الاسلام في تقدم مطرد  » وعن قوة الاسلام الايديولوجية يقول  » لقد أمكن للمذهبية الاسلامية أن تدحر ايديولوجيات التغريب في أعرق مواطنها في مصر وتونس والجزائر والمغرب وتركية والسودان وندونيسة أكبر بلد اسلامي « . ويؤكد على أن اقصاء الاسلاميين أدى إلى افلاس الديمقراطية  » لطالما أدى اقصاء الاسلاميين إلى افلاسها والزج بالبلاد في كوارث الارهاب والحرب الاهلية  » . ويستعرض الغنوشي باسهاب ما وصفه بآثار الصحوة الاسلامية المباركة ،ويضيف  » يمكن أن نمضي في استعراض آثار هذه الصحوة المباركة على الصعيد الفكري ، حيث انزاحت كثير من رواسب الانحطاط عن قلوب المسلمين عودا إلى العقيدة الحنيفة الصافية من الخرافة والاوهام والبدع وفشى فكر الاجتهاد على أنقاض فكر التقليد « ويستشهد بما ذكره الشاطبي في المقاصد من أن « الدين مبني على تحصيل المصالح ودرء المفاسد « وفكر شيخ الاسلام بن تيمية وتليمذه ابن القيم في  » توافق صريح المعقول مع صحيح المنقول  » وفكر ابن خلدون في  » ارتباط أحوال الدول بأحول المجتمعات « ، وميراث ابن حزم في الرد على التقليد ، وفي رعاية الاسلام للجمال والاذواق … ثم يواصل  » إن العملية الضخمة التي بدأتها الحركة الاصلاحية بقيادة ابن عبد الوهاب أولا في الجزيرة على الصعيد العقدي في القرن الثامن عشر ،وقطعت شوطا بعيدا على صعيد التطبيقات الاجتماعية في القرن التاسع عشر على يد الأفغاني وتلاميذه وتواصلت ولا تزال في القرن العشرين مع رشيد رضا وشكيب أرسلان والثعالبي والبنا والمودودي والفاسي وبن نبي ، محققة يوما بعد يوم مزيدا من النضج والتحرر من وهدة الانحطاط والاستيعاب للحداثة والدخول بالاسلام إلى العصر قويا عزيزا ثابتا على مبادئه منفتحا على كل جديد ،مستوعبا على شروطه كل نافع ، دفعا أمته للنهوض وبسط العدل ، حاملا رحمته إلى الانسانية المعذبة  » . ولا أدري إن كنت وفقت في نقل صورة عن الكتاب الذي حيرني فيما آخذ منه وما أترك ،فلا يغني هذا العرض المجتزئ رغم طوله شيئا عن قراءة الكتاب . ورغم ما سبق فإن مفكرنا الغنوشي يشير إلى حقيقة هامة وهي أن « عملية تجديد التفكير في الاسلام لا تزال في بدايتها بما يجعل قدرته وهو على هذه الحال محدودة في استيعاب التراث البشري ومشكلات البشرية كما فعل في عصوره الاولى الزاهرة « .ومن مظاهر هذا القصور في استيعاب الواقع المحلي والدولي كما يؤكد الكاتب  » ضعف تخصصات الاسلاميين في المجالات العلمية المتعلقة بتشخيص الظواهر الانسانية كالاقتصاد والسياسة والاجتماع والصحافة والفلسفة والتاريخ والجغرافية وعلم النفس والتربية والانتربولوجيا والسينما والآداب والفنون مقابل إقبالهم على العلوم التطبيقية التي على أهميتها تغوص في الجزئيات ولا تسعف كثيرا في رسم الاستراتيجيات الكبرى  » .    الحركة الاسلامية والعلاقة مع الحاكم : يقر الغنوشي تحت عنوان الحركة لاسلامية والعلاقة مع الحاكم بأن  » الصدام هو الطابع العام للعلاقة بين الحركة الاسلامية والحكام « و »أمر واقع على وجه التغليب لا الاطلاق بسبب وجود أنواع أخرى من العلاقات تترواح بين الاعتراف المتبادل الصريح والضمني ( تركيا ) وباكستان وماليزيا وبنغلاديش وأندونيسية وطاجيكستان ولبنان واليمن و(الاردن) والكويت والمغرب وبعض الجماعات في الجزائر …فما هو موجود هنا من صدام هو محدود ،وإذن فالصدام الواسع لا يشمل كل العالم الاسلامي وإنما بعضه « .وتحدث الغنوشي في الكتاب عن المحن التي تعرض لها الاسلاميون في سجون الانظمة الطاغوتية وحتى الاستبدادية ومن بينها تونس فقط سلط على الاسلاميين حجم رهيب من النكال الاستئصالي « ولأن الدولة في هذه الحالة تتشخص في رئيسها وأسرته كملكية خاصة تغدو معها أموال الناس والأموال العامة جزءا من هذه الملكية بما يجعل ما يتسرب من بين أصابع الحاكم من الاموال وتوظيفها لصالح الناس ليست حقوقا وإنما مكرمات وهبات وعطايا  » .   وحول اختلاف الحركات الاسلامية يذكر أن « أمتنا لم تفشل في شئ كما فشلت في إدارة الاختلاف و إفراغ المبدأ الاسلامي العظيم « الشورى « من مضامينه منذ ارتفعت المصاحف تمويها وتوظيفا للدين لأغراض السياسة الاستبدادية « ويضيف في موضع آخر « كان ذلك المسؤول الرئيسي عن تحول الخلافة إلى ملك عضوض وسير الأمة من خلال ذلك في طريق الاستبداد مصدر كل شر والنقيض من كل وجه لمقصد من مقاصد النبوة ، توحيد الله والكفر بالطاغوت ، أوإقامة العدل واجتثاث الظلم « ويضيف الغنوشي « لقد فشل المسلمون في استنباط آليات للشورى تنقلها من كونه مجرد مبدأ وقيمة يعظ بها عالم جرئ حاكما مستبدا إلى كونها نظاما لكل العلاقات البشرية بما فيها علاقات الحكم وإدارة الاختلاف « .وانتقد الغنوشي ما وصفها بحق ،الثقافة القطرية « قد تكون بلغت من التمكن حدا يهدد جوهر المشروع الاسلامي « ومع ذلك يؤكد بأن  » قلب الامة لا يزل يخفق واجفا لكل ما يصيب طرفا منها بسوء ولو في أقصى الارض  » ويواصل  » لولا قيود بعض الأنظمة القطرية التي تشكل طوقا حاميا ( لاسرائيل ) لرأينا ملايين الشباب والشيوخ يزحفون إلى القدس لتحريرها ونيل شرف الشهادة تحت أسوارها  » . كما يجيب الغنوشي باسهاب في الكتاب ،عن جدوى استخدام القوة من طرف الجماعات في إقامة الحكم الاسلامي .وبعد أن يستعرض نماذج من التغيير بالقوة كما حصل للثورة الفرنسية والصينية والايرانية حيث توفرت الاجوبة التي يجب الحصول عليها ،وإلا فإن جماعات الخارجين على أنظمة العنف بالعنف  » تكون قد قدمت لعدوها الفرصة الذهبية التي يتلهف عليها وقدمت له السكين لذبحها  » .أما الأجوبة التي يطالب بها الغنوشي على أسئلة الكتاب فأتركها للقراء للاطلاع عليها بأنفسهم من خلال صفحات الكتاب نفسه . الحركة الاسلامية ومنهج التغيير : وتحت هذ العنوان يشير الغنوشي إلى أن » الحركة الاسلامية تيارواسع يعبر من جهة عن خيبة آمال الامة في المشاريع العلمانية القطرية التي لوحت لها وبشرتها بأحلام النهضة ،كما يعبر من الوجه الآخر عن عقد آمالها بالاسلام في الخروج من وهدة مآزق الحاضر وقيادتها إلى تحقيق الامال المجهضة في العدل والكرامة والوحدة واستعادة فلسطين السليبة  » .وبعد الاسترسال في ذكر النماذج المختلفة من الماضي والحاضر ومن مختلف التيارات يدعو الغنوشي إلى ضبط نظرية في التغييرالاسلامي مشيرا في نفس الوقت إلى ضحالة الفقه المتعلق بالدولةوالمتعلق بالواقع .وفي موضع آخر يدعو إلى ترتيب الاولويت وتصنيف الخصوم والبحث عن الأصدقاء وتقليل الأعداء والاقتصاد في التضحيات والتبصر بالعواقب وتوسيع مجال الشورى وتوظيف أهل الخبرة واحترام التخصص وتوزيع المهام بحسب ذلك وإرساء العدل سبيلا لا بديل عنه لتعبئة طقات الامة والتذرع بالصبروالحيلة وتفويت فرص استدرجنا إلى معارك لا ضرورة لها ولما تتوفر الفرص لكافية للنجاح فيها . وعن  » مقومات الحركة السلامية  » يذكر الغنوشي عدة نقاط يقوم بعدها بشرحها بشكل غير مخل وهي الشمول والاهتمام بالقضية الوطنية واستمداد الاسلام من صوله دون تعصب والبعد اليماني والشعبية . ثم يتحدث عن انجازات الحركة الاسلامية والمشكلة الكبرى التي تعترضها ثم الاستراتيجية والتغيير الحضاري مطالبا بتحويل عملية الجمع والتكديس إلى بناء أصله ثابت وفرعه في السماء ثم يعرض مبادئ أساسية في استراتيجية العمل الاسلامي كالموقف من التراث،والغرب ،والوقع ،وأداة التغييروالدعوة من خلال حاجات الناس ،والتربية الفكرية وتنمية الروح النقدية ،والعالمية تحقيقا لمبدأ التوحيد ،واعتماد التخطيط وروح العصر . وهي مباحث جديرة بالقراءة والتمعن .   (المصدر: موقع الحوار.نت (ألمانيا) بتاريخ 19 مارس 2008)


 

المدرستان : بين أصحاب الأسئلة وأصحاب الردود

 
الدكتور منصف المرزوقي   أن يغضب الشيخ القرضاوي للمساس بمقدساتنا فأمر طبيعي وقد كان شعورنا الطاغي …أن يريد حرية الرأي والتعبير لكن دون سلبياتها وأخطارها فهذا موقف شائع حتى في أعرق البلدان الديمقراطية .كلنا نريد الشيء دون سلبياته …الحذاء دون اهتراء …الاستهلاك دون الجهد …الحريات دون الانزلاقات . ولمّا تظهر أول سلبية نبدأ بالصراخ مطالبين بإلقاء الشيء في الزبالة ناسين أننا نلقي بالرضيع وليس فقط بحمام الماء القذرالذي غسلناه فيه .     هذه المقالة هي لمحاولة فهم ما وراء هجوم الشيخ القرضاوي على فيصل القاسم والمطالبة بعقابه هو والجزيرة من أجل حصة وقعت فيها انزلاقات حسبت على صاحب البرنامج أكثر مما حسبت على صاحبتها.   أن يغضب الشيخ للمساس بمقدساتنا فأمر طبيعي وقد كان شعورنا الطاغي …أن يريد حرية الرأي والتعبير لكن دون سلبياتها وأخطارها فهذا موقف شائع حتى في أعرق البلدان الديمقراطية .كلنا نريد الشيء دون سلبياته …الحذاء دون اهتراء …الاستهلاك دون الجهد …الحريات دون الانزلاقات . ولمّا تظهر أول سلبية نبدأ بالصراخ مطالبين بإلقاء الشيء في الزبالة ناسين أننا نلقي بالرضيع وليس فقط بحمام الماء القذرالذي غسلناه فيه .   أمر شبه طبيعي أيضا أن تحافظ ذاكرتنا على الفشل والسلبيات، لا ننسى أبدا إساءة أو إهانة . لكن بأي سهولة نمحي منها النجاحات – خاصة إذا كانت نجاحات الآخرين – أو ما منحونا إياه من دعم أو من محبة . ومن عادات البشر المستحكمة ايضا ألا نرى من الخط الطويل المتعرج إلا النقطة التي نحن بحاجة إليها لبناء موقف ما ، وآنذاك لا نتردد في اعتبار النقطة هي الخط.   كل هذا معروف ومبتذل ولا يستدعي الكتابة . لكن ما حثني عليها وصف القرضاوي للقاسم بأنه جاهل، وأنا رجل من عشاق الكلمات وتستوقفه عندما يتضح أن هناك سوء استعمال لها، أو تفويض خاص لها ، أو إضفاء معنى لم يعهد من قبل. لهذا أريد أن أتفحص معكم هذه التهمة لنعرف في ماذا يكمن جهل القاسم الذي يقابله بالضرورة علم القرضاوي بما أن علمه هذا هو الذي يسمح له بإصدار مثل هذا الحكم.   الشيخ القرضاوي يعرض منذ سنين في برنامج الشريعة والحياة علمه الغزير في خصوص كبرى وصغرى المشاكل التي تعترض المسلمين . هذا العلم بالطبع فحوى أو مادة ، توجد في أمهات الكتب منذ قرون . قد يكون الشيخ العالم أضاف لها الكثير وهو أمر لا قدرة لي على نفيه أو إثباته، لأنني مع الأسف الشديد مختص في غير العلوم التي تبحر فيها الشيخ ومعرفتي بما يدرّس لا تختلف كثيرا ،على ما اعتقد ، عن معرفته بما أدرّس.   لكن ما يسعني قوله دون خشية مراجعة من طرف أي حكم منصف أن علم الشيخ هو بالضرورة حقائق من نوع التي يرددها الوعاظ والفقهاء منذ قرون ،سواء حصل ذلك في المساجد الريفية أومن أعلى منبر القنوات والبامج الدينية المتكاثرة هذه الأيام . كونها لم تمنع أمتنا، لا من الانحطاط الأخلاقي ولا من التخلف الفكري ولا من التوحش السياسي موضوع آخر . ما يهمنا أنها معطيات لا يرقى لها الشك يسوقها لنا الشيخ العالم بكل ما يملك من طلاقة اللسان وقوة الحجة ليعلّمنا كل ما يجب علينا معرفته من شؤون ديننا ودنيانا.   لا غرابة ألا يسأل الشيخ أبدا ونادرا ما يتساءل . كيف يسأل وهو من يعرف كل الردود ومهمته تقتصر على إنارة الجهال والتائهين لأنه خلافا لهم ليس جاهلا أو تائها وكيف يكون تائها أو حائرا وهو البوصلة التي تشير إلى اتجاه الجنة. خاصية مهمة أخرى لحصة الشيخ : مواقف وتصرفات المتلقي أكان المحاور أو المستمع . فكل ما في هذه التصرفات توحي بالتسليم لصاحب السطوة. لا مكان هنا للمشاكسة ، للمعاكسة ، للتشكيك ، للجدل . فالمواقف مبنية على الإنصات والاستيعاب ومحاولة الفهم لأن الخطأ ليس من عجز الأستاذ عن التبليغ وإنما دوما نتيجة البلادة الفطرية التي فينا . هذا عالم السمع و الطاعة لأولياء الأمر منا الذين قادونا طوال قرون طويلة على طريق الحرية وجعلوا منا فعلا خير امة اخرجت للناس.   والآن لنسلّط الضوء على صاحب برنامج الاتجاه المعاكس المتهم بأنه جاهل . هنا نفاجأ بتغيير الديكور تماما بل وكأننا نقلنا من تلفزيون إلى آخر يبث من كوكب خارج النظام القمعي .   أولا لا يوجد أمام الرجل ، صحافي يبلع ريقه من فرط التهيب ليسأل الشيخ القاسم بكل احترام عن رأيه في سفالة الشارع العربي أو أريحية الحكام العرب أو شرعية البرلمانات العربية أو محاربة الشرطة العربية للفساد الحكومي. كلا نحن أمام ثلاثة اشخاص يخيل لك أنهم اصيبوا أحيانا بالهستيريا وهذا يصرخ في وجه ذاك، والقاسم يصرخ فيهما: يا جماعة ، ياجماعة، والجماعة لا تأبه بصراخه . بداهة هنا لا وجود لمونولوج يلقي فيه من يعرف من علياء علمه بفتات معرفته للمتسول السلبي . لا خضوع هنا لسطوة ولي من أولياء الأمر. إنها الحياة بزخمها ، بصراعها ، بعنفها ، بقسوتها ، ببذائتها ، ايضا بآمالها لأن وراء المعركة الشرسة بالكلمات تسليم ضمني بأن هذا العنف بالألفاظ بديل ولومؤقت للعنف بالسكاكين والقنابل.   هنا لا مجال للمونولوج الباهت وإنما للحوار الساخن . بالطبع قوام الحوار هو السؤال الاستفزازي وهو منذ سقراط أهم وسيلة لتفتيت المفاهيم …لتعريضها للمطرقة للتأكد من صلابتها …لوضعها تحت نار التشكيك حتى لا نخدع مرة أخرى بخصوص الذهب المزيف الذي يفرضه علينا منذ قرون الكاهن وفقيه السلطان والقوميسار السياسي لمزيد من إحكام سيطرة أسيادهم علينا.   هل لاحظتم أن من يلقي الأسئلة هو القاسم وليس الضيف أو المستمع . الأدهى من هذا أنه لا يتوقف من بداية الحصة إلى نهايتها عن إلقائها، يمطرضيوفه بها ، يحاصرهم بها ، يضايقهم بها ، لا يقتنع لحظة بردّ مهما كان . بديهي أنه لو لم يكن جاهلا من الدرجة الخامسة لما طرح كل هذا الوابل من الأسئلة التي تنم على قلة درايته بالشؤون البشرية ونقص فاضح في مستواه الثقافي وربما حتى الذهني . كيف يمكن للرجل أن يعيننا في شيء وهو بهذا الجهل والتذبذب والتردد والحيرة؟ كل هذا يؤكد صحة كلام الشيخ القرضاوي لأنه لو لم يكن جاهلا لكان هو الذي يردّ على الأسئلة بدل إلقائها. اليس من المعروف أن كبار العلماء من يعرفون الردود لا من يلقون الأسئلة .   كبار العلماء ؟ عن أي علماء تتحدثون ؟ الم أقل لكم أنني مهووس بدقة المصطلحات ، وأن الكلمة في العربية ملغّمة لأنها تشير إلى شيئين على طرفي نقيض. ثمة العلماء بالمعنى التقليدي القديم وهم علماء الدين وروافده من ميادين معرفية تدور في فلكه كما تدور الكواكب حول الشمس…أهل الحقيقة الجاهزة ، الأزلية، التي يؤدي التشكيك فيها إلى عظيم الأمورمن تكفير وقتل وتمثيل بالروح والجسد. ثمة العلماء بالمعنى العاصر للكلمة أي من يعنون بدراسة ظواهر الطبيعة والإنسان بصفة موضوعية دقيقة وموثقة …أهل الحقائق الضرفية المؤقتة الخاضعة للنشوء والارتقاء والتي يؤدي التشكيك فيها بالسؤال وراء السؤال وراء السؤال أحيانا إلى جائزة نوبل .   من يقدر حق قدرها عمق الهوة الشاسعة التي تفصل بين النوع الأول والثاني ؟ والآن وقد اتضحت لنا الرؤية والفوارق كيف يمكننا البت في قضية الحال أي اتهام القرضاوي القاسم بأنه جاهل. بديهي أن من منظور العلم على طريقة مشايخ الأزهر والزيتونة ، العالم هو القرضاوي والجاهل هو القاسم . في هذه الحالة الكارثة في الجزيرة هي فعلا برنامج الاتجاه المعاكس ويجب على الإدارة المسارعة بمنعه نهائيا وتقديم اعتذارها للأمة العربية للشوشرة التي أحدثها طوال أكثر من عقد ، خاصة وهو متهم من قبل الكثيرين أنه ارتكب أكبر جريمة لا تغتفر: التحريض على التفكير.   أما من منظور العلم على طريقة مشايخ ال MIT ووكالة الناسا، فالعكس هو الصحيح . لكن في هذه الحالة أليس مخيفا بل ومرعبا أن يكون القرضاوي قد اشاع كل هذا الكم الهائل من الجهل طوال أكثر من عقد هو الآخر…انه قد اشاع هذا الكم الهائل من الشعوذة وهو يوهم الملايين بأن هناك وصفات جاهزة تضمن لهم الدنيا والآخرة ,,, ربما قد يكون واحدا من الذين عطلوا مسيرة امة بأكملها نحو الاندماج في عالم يصنعه علم الناسا وليس علم الأزهر؟ في هذه الحالة ماذا لو طالبنا الجزيرة بدفع غرامة لكل ضحايا الشيخ ؟ لكن هل يمكن ان تفي كل أموال دولة قطر بالغرض ؟ اسئلة أطرحها على الهواء مباشرة الخ ….   ملاحظة : كل من سيتهمني انني كتبت هذه المقالة دفاعا عن فيصل القاسم ثمنا لدعواته الماضية وربما للتي أتلهف عليها ، فإنني سأطالب الشيخ القرضاوي بفتوى قطع لسانه وتكليف اللواء رؤوف مش عارف إيه بالعملية لما يعرف عن هذا الرجل من حبه لقطع الألسن وأكلها بالفول المدمّس.   (المصدر: موقع الدكتور منصف المرزوقي بتاريخ 19 مارس 2008) الرابط: http://www.moncefmarzouki.net

 
بالسواك الحار -8

منانة وديمقراطية التداول على السجون التونسية

 
نور الدين العويديدي  تجري الأيام بخالتي منانة دون توقف.. العظام ترق، والهزال يزيد، وقبضتها على العكاز تضعف، وجحا المنشغل بالزطلة وإبريق الشاي لا يكاد يلقي لها بالا.. يبدو العجوز من بعيد وهو في وضع انتشاء أفضل منها حالا وصحة، لكنها تصر دائما على أن عظمه « مخوّخ »، وأن الحشيش قد أصابه في عظامه مثلما أصابه في عقله. جلست منانة القرفصاء قبالة شمس الصباح وهي تطلق أول خيوطها على الدنيا فتغمر الوجود بالضياء، وتنشر في أوصال الحياة سعادة عظيمة.. بدت العجوز كأنها تتعبد الشمس أو تؤدي إليها تحية الصباح.. كانت الشمس خجولة كأنها بكر في خدرها.. وكان الهواء منعشا وحرارة الجو لم تهجم بعد.. ومنانة ترقب دجاجاتها تأكل من خشاش الأرض.. تعد الدجاجات والكتاكيت الصغيرة في اليوم مرات ومرات.. فهي تخشى الغربان أن تتخطّف الفراخ الصغيرة.. كانت بين الفينة والفينة تطلق صيحة مدوية.. هاي حرام.. هاي حرام.. فيفر الغراب بعيدا، لكنه يظل يتربص سانح الفرص. – جحا: قولي يا منانة.. آش رايك تذبحي لنا سردوك.. والله راني قرمت ع اللحم. أحست المرأة أن غرابا من نوع آخر يوشك أن ينقض على ديك هو أغلى عندها من طفل لم تنجبه.. ردت العجوز مستنكرة طلب زوجها.. – منانة: ووه يا غلبة قداش من سردوك أنا عندي.. تحب تخلي لي دجيجاتي بلا سردوك.. آش بيك يا راجل. – جحا: عندك أربعة وإلا خمسة سراديك.. استخسرتي فينا واحد يا مرا. – منانة: نذبحهولك وقت اللي يخرج ولد امباركة أختي م الحبس. – جحا: استني يا دجاجة حتى يجيك القمح من باجة. – منانة: علاش تقول هذا.. بالك توا قلوبهم تحن ويسيبوا المرابيط. – جحا: أنت تحلمي.. الإرهابيين اللي حطيناهم في الحبس إن شاء الله يموتوا فيه.. واللي يخرج حي م الحبس ما نظنو يطول البرة.. شهر وإلا اثنين ويبلع السبادري. – منانة: والله أنت وجماعتك تقول عليكم كفار.. يا لطيف ما فيكم رحمة.. سكتت العجوز قليلا ثم أضافت.. – منانة: آه نسيت نقول لك اللي هاك المسكين رضا بوكادي.. حابسينو توا 12 عام.. سمعت اللي الراجل ولى يبول في الدم.. بهذلوه وعذبوه هو ومرتو ووليداتو.. يا لطيف مرتو شدوها وعذبوها في الحبس، وطلقوها منو بالسيف وهي مش حابة تطلق.. يا لطيف هذه فعايل متاع اولاد حرام.. هذه فعايل كفار موش فعايل ناس مسلمين في قلوبهم رحمة. – جحا: يستاهل.. ياخي هو آش لزو ع السياسة.. يسكّر فمو ويشد الحيط، وياكل خبزتو مسارقة.. لو كان يسد فمو ويبعد ع السياسة ما يكلمو حد. – منانة: بالله هذا رايك.. كسرتونا روسنا النهار الكل بالديمقراطية والتغيير والتقدمية، وتقول لي اللي ما عليه كان يسكّر فمو وياكل خبزتو مسارقة.. – جحا: إيه يا للا.. اللي عجبو عجبو واللي ما عجبوش يكسر قرنو.. هذيكا الديمقراطية متاعنا. – منانة: قول لي اللي هذيكا المحقرانية موش الديمقراطية… أنتم ما تعرفوش الديمقراطية ولا تسمعوا بها سمع. – جحا: إيه هذيكا الديمقراطية متاعنا أحنا جماعة السبعة الحية.. تحبوا وإلا تكرهوا.. هذاك المقرص هذاك المعجون.. – منانة: والله ما تجوا كان أولاد حرام.. موش غريبة عليكم.. الولد أمو ماتت وهو في الحبس، وحرمتوه من شوفانها ويحضر دفينتها.. يا غلبة حتى الكفار ما يعملوش عمايلكم. – جحا: هكا أحنا واللي ما عجبوش يمشي يشوف بلاد أخرى يعيش فيها. – منانة: وانتم خليتوهم يخرجوا.. اللي طلعوا م الحبوسات خليتوهم لا خدمة ولا قدمة، ولا عطيتوهم بسبوراتهم يخرجوا لبلاد ربي الواسعة.. يرتاحوا منكم ومن مناظركم الخايبة.  **********              ********** حين انشغلت أمي منانة بالجدل مع زوجها بشأن الديمقراطية التونسية، وهي ديمقراطية لا مثيل لها لدى الأولين والآخرين.. إنها ديمقراطية التداول على السجون بين القوى السياسية، بدل التداول على الحكم.. حين انشغلت العجوز قليلا بالسياسة كاد غراب كان يرصدها وكتاكيتها ينقض على كتكوت صغير ويطير به.. لكن المرأة أنقذت الموقف في اللحظة الأخيرة، حين انفجرت صائحة: هاي حرام.. هاي حرام.. غابت قليلا تعد الكتاكيت ثم عادت إلى زوجها بين غضب وسرور.. غضب من زوج لا يكف يدافع حتى عن الشياطين، كما تقول، وسرور غامر لنجاحها في إنقاذ كتكوت صغير سيصبح بعد فترة ديكا تفخر به، أو دجاجة تبيض لها كل يوم بيضة، تسلقها أو تصنع منها عجة، في يوم جوع ومسغبة، أو تبيعها لتوفر بها بعض حاجياتها وحاجيات زوجها.. ثم عادت للسياسة مجددا: – منانة: جحا ما تقوليش علاش هاك ولد الحرام محسن بالشادلي يقطّع في الفولارة من فوق راس هاك البنية أسماء الحبوبي.. توا هذا أستاذ وإلا بزناس ولد حرام.. يعطيه عماء في قلبو فاش قلقاتو الفولارة على راس البنت.. ياخي تعدات عليه.. قلقاتو في حاجة.. – جحا: ما تخليشي يركز في التعليم.. عندو حق الراجل يكره الفولارات.. يحب يشوفو الزين.. ما يحبش يشوف الكُبّي.. – منانة: عماء في قلبو ولد الحرام.. ياخي كلب وإلا ضبّع.. كانو عازب يمشي يعرس.. ياخي جاي يقري وإلا جاي يسيّب في بلادتو.. بنات الناس مش لعبة.. والله وكان يجي قدامي اللا ما نكسرلو راسو بها العكاز.. وين حرية المرا اللي كسرتونا بيها روسنا.. المرا حرة باش تتعرى، وموش حرية باش تستر روحها كيما قال ربي وسيدي النبي.. آه يا منافقين يا أولاد الحرام.. – جحا: باهي يا للا إذا ما تعرفيش أنا انقول لك.. في بالك اللي هاك محمد البلعي عاودنا دكيناه في الحبس من جديد.. طلعناه م الحبس مزية يا خي رجع من جديد يحل في جلغتو ويتكلم في السياسة.. العاقبة ليك يا منانة يدكوك في الحبس على طول لسانك وقلة حياك. – منانة: آه إن شاء الله بعيد علي.. إن شاء الله في راسك أنت يحطوك في الحبس.. النهار الكل وانت تحشش… محمد آه عرفتو.. والله ولد قمقوم.. راجل سيد الرجال.. عمل شوية فلاحة وربي بارك له فيها.. خدم بذراعو وربي عاونو، يا خي جماعتك أولاد الحرام طمعو فيه.. في الطالع هات عاشور وفي النازل هات الشابي.. سلبوه ونهبوه.. يحبو يكونوا شركاء معاه.. هو يخدم ويكسر في راسو، وهم اولاد الحرام ياكلوا الخبزة باردة.. وكي ما طاوعهومش حطوه في الحبس من جديد.. جماعتك يا لطيف الجراد أرحم منهم.. الجراد ياكل ويفضّل، أما هوما ياكلوا الأرض ومن عليها.. يا لطيف الطف بينا. – جحا: أي يزي فكي علينا.. إيجي أعملي معاي كويس تاي.. والله ما نحط لك فيه الزطلة.. راهي وفات من عندي، بطلتها وتاب علي ربي.. راني بطلتها من هاك العام. – منانة: هاهو الكذب ع المكشوف.. قبل شوية كنت نشوف فيك تحط فيها في البراد.. تحسابني غافلة.. منانة حالفة الحرام ما يطبش فمها.. – جحا: لا ما تقولي ها الكلام.. راني بطلت الزطلة من مدة وتبت. – منانة: كذاب وستين كذاب.. أنتوما اللي يتعلم صنعة ما يبطلها.. في بالك اللي واحد من جماعتك دكوه في الحبس.. هذاك رئيس مركز شرطة قصر العدالة حطوه في الحبس على خاطر شدوه يسرق في المحكمة.. كي كان صغير شدوه يسرق ويخطف في العظام من تحت الدجاج، وكي كبر حطوه رئيس مركز شرطة، يا خي دار لهم في الحلاسة.. واللي عملوا وهو صغير كبر معاه كي كبر. – جحا: ما تقولي ها الكلام يا منانة. – منانة: والله كيما قلت لك.. أنت تعرف أنو منانة ما تكذبش. – جحا: آه شوفتي اللي الحكومة متاعنا ما تحبش السرقة.. حتى رئيس مركز شرطة كي شدوه يسرق حطوه في الحبس. – منانة: جماعتك الصغير كي يسرق يكبروها لو، والكبير يصغروها لو.. الحوتة ما تخمج كان من راسها.. السرقة والخطفة والنهب متاع الكبار عاملة العمايل، والروايح الناتنة عاملة الفضايح. **********              ********** لم تتم منانة حديثها عن سرقة الكبار حتى انقض غراب أسود على كتكوت من كتاكيتها.. جرت العجوز وراءه متعثرة في ملابسها البالية.. رمته بالحجارة، أثارت في وجهه الغبار، غمرته بالصياح.. لكنه كان أسرع منها.. أخذ الكتكوت وطار بعيدا.. عادت منانة لزوجها خائبة حزينة كأنها أم ثُكلت في بكرها.. كانت تشعر أن جحا شامت فيها.. اعتبرته مسؤولا عما حصل، فلو لا انشغالها بالحديث معه ما وقع الذي وقع.. غافلته وقلبت إبريق الشاي بعكازها، زاعمة أنها تعثرت في ملابسها حين همت بالقيام لعد الدجاجات والكتاكيت. غضب جحا وأمسك عكازه وهمّ بضرب منانة على رأسها، فولولت هاربة، لكن جحا تبعها، فتعثر في الكانون وبقايا إبريق الشاي المنكفئ على وجهه.. علقت جمرة ملتهبة بأسفل سرواله، وكاد يموت حرقا، لو لم يتدخل مراسل « آفاق تونسية » الذي أطفأ النار بما وجده من ماء وتراب.. بدا جحا أشعث أغبر مرعوبا من هول النار. أما منانة فتشاءمت مما حدث.. خسارة كتكوت واحتراق ملابس جحا.. لم تجد إلا المراسل المسكين « تفش » فيه غضبها.. صاحت في وجهه.. حثت عليه التراب، وأغلقت الباب خلفه، فعاد يجر أذيال الخيبة، وهو يفكر بجد في ترك مهنة المتاعب.. ================= المصدر: http://noureddine-2010.maktoobblog.com

احتفالا بالمولد النبوي الشريف جامعة التجمع الدستوري الديمقراطي بقصرهلال تستولي  على جامع الحاج محمد بن خليفة بوزير « جامع الحاج سويد »

 

 
مراد رقية
في اطار ترسيخ وتجسيد احتكار جامعة التجمع الدستوري الديمقراطي لكل مظاهر ومقومات السيادة بمدينة 2مارس1934 وتحييدا لكل الجمعيات القائمة وغير القائمة بما فيها « الجمعية القرآنية المحلية بقصرهلال » التي تتولى عادة الاشراف على هذه المناسبة المتميزة تنظيما وتنشيطا ورفعا للافتات  على بيوت الله بالمدينة،وخاصة على جامع الحاج سويد الذي تنتظم به احتفالات المولد النبوي الشريف ربرغم افتتاحه سنة1948 فان هذا الجامع قد بني على أنقاض « مسجد سويد »الذي كان قائما كما تشير المراجع التاريخية سنة1860،وصورة الاستيلاء أن جامعة التجمع بقصرهلال رفعت لافتتين على البابين الرئيسيين للمسجد،اللافتة الأولى ضمّن فيها »جامعة التجمع بقصرهلال تحتفل بالمولد النبوي الشريف »،والثانية ضمّن فيها »جامعة التجمع بقصرهلال تحتفل بكل نخوة واعتزاز  بعيدي الاستقلال والشباب » فما الامر،هل أن جامعة التجمع أوقعت الحجلر على »الجمعية القرآنية بقصرهلال »،وحلّت محلّها في الاحتفال بهذا العيد  الذي يصادف هذه السنة ذكرى عيد الاستقلال،وليست هذه المناسبة الأولى التي يدغم فيها عيدان مجيدان بمدينة قصرهلال ،ذلك أن يوم2 مارس2008 صادف عيد الجدّة المحتفل به لأول مرّة،والعيد الرابع والسبعون لمؤتمر2  مارس1934 فكرّس يوم 2مارس2008 الوفاء للجدة التونسية،والتنكر لعطاءات وتضحيات مدينة 2 مارس،مدينة الحاج علي صوّةالتي بلغت ذكرى مؤتمرها عمر الأجداد؟؟؟ فما هي مبرّرات استيلاء جامعة التجمع بقصرهلال على هذا المعلم الديني العريق،هل هو انفضاض المواطنين عنها واعراضهم عن مواكبة أنشطتها الاحتكارية بامتياز فأرادت أن تلحق بهم الى بيت من بيوت الله اصرار على تثقيفهم سياسيا رغما عن أنفهم،أم هي الرغبة في الاستيلاء على بيوت الله للظهور بمظهر حامي الحمى والدين بربوع قصرهلال المستباحة من الجميع ،من الخارج والداخل على السواء؟؟؟ لقد حرصت جامعة التجمع بقصرهلال الى تحقيق التصحر الجمعياتي،والتفقير الثقافي والعوز المرافقي،فهل تسعى أيضا من خلال هذه الخطوة الى تحقيق سيطرتها على النشاط الدينى بالمدينة خشية خروجه عن مراقبتها ووصولا الى توظيفه لمزيد رصّ الصفوف حول جامعة التجمع التي تحارب المدونين وتهدد أصحاب الفكر الحر في رزقهم عبر التدخل لدى مشغليهم؟؟؟ فأين الجمعية القرآنية المحلية وما هو سبب تخليها هذه المرة عن مباشرة نشاطها وتخليها عن دورها لجامعة التجمع بقصرهلال التي تسعى الى تحويل كل الجمعيات الى أدوات طيعة مدينة لها بالولاء الكامل  وصولا الى كسب الدعوات والتبريكات ليلة الاحتفال بالمولد النبوي وهي الحريصة على رفع راية مدينة قصرهلال عاليا في كل المجالات؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

 


 

بسم الله الرحمان الرّحيم

الاستقلال وماحقّق للشعب التونسي من اعتزاز بالهوية العربية الاسلامية و كيف الاحتفال به

وضع النقاط على الحروف للمحافظة على حقوق المواطنة للجميع

في ضلّ الهوية العربية الاسلامية والحريات الشخصية

الحق في الاختلاف واجب واحترام المصالح العليا للبلاد والعباد. ضرورة.

لا تقدم  بدون ضمان حرية التفكير والتعبير..

ولا تنمية اقتصادية واجتماعية وثقافية دون حد ادني من الحريات والتنمية السياسية..

« قل هذه سبيلي ادعو الى الله على بصيرة انا ومن اتبعني وسبحان الله » (سورة يوسف 108)

التمسك بالدين وبثوابت وجوهر الإسلام من أهم ثوابت النظام الجمهوري في بلادنا

(الجزء الاوّل من ثلاثة اجزاء)

 » و انّ هذا صراطي مستقيما فاتبعوه و لا تتبعوا السبل… » (الانعام 153)

 

(ان أريد الا الاصلاح ما استطعت و ما توفيقي الا بالله عليه توكّلت و اليه أنيب).( هود 88)

 

بقلم : عبد السّلام بو شدّاخ، احد مؤسسي الحركة الاسلامية في تونس

باريس في 20 مارس 2008

 

الحق في الاختلاف واجب واحترام المصالح العليا للبلاد والعباد ضرورة

يقول الله تعالى في سورة التوبة : » المؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر » (التّوبة 71) وقال ايضا جل و على في سورة الاحزاب : »إنّ المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات والقانتين والقانتات … » (الأحزاب 35)

 عبثا يحاول البعض ترهيبنا بدعوتهم للاتحاق بركب الحضارة من خلال نشرثقافة مستوردة التي لم تنجح في الكثير من البلاد و نحن نطالب بحق المرأة في الحرية بأن تختار اللباس الذي تحبّ بدون ان يفرض احدا او يمنعها من ان تختار لباس العفّة والفضيلة.

مرت هذه الايام اكثر من خمسين سنة على خروج الاستعمار المسلّح من بلادنا ثم وقع الاطاحة بالنظام الملكي ليخلفه نظام جمهوري برئيس منتخب لمدى الحياة حتّى وقع الاطاحة بهذا الرئيس الهرم برئيس أقلّ منه في العمر.

و منذ زمن غير بعيد احتفلت السلطة الجديدة بمرور عشرين سنة لتوليها مقاليد البلاد بلا منازع ولا مشارك. وهي الآن تستعدّ لانتخابات عامة معلومة النتائج بخصوص الانتخابات الرئاسية في السنة المقبلة 2009 . اذ ان الحزب الحاكم دخل في حملة انتخابية سابقة لأوانها منذ سنة 2006 اذ اعضاء اللجنة المركزية للحزب لا يزالون يلحّون في الطلب من الرئيس الحالي الذي ادرك من العمر 71 سنة للترشّح للاستحقاق الرئاسي المقبل.

الاستثمار و الفقر: لقد نجحت تونس، في الفترة الماضية، في جذب عديد الاستثمارات الخليجية والغربية، إضافة إلى الهبات والقروض من جهات وصناديق مختلفة. وهو ما جعل الملاحظين يقولون إن الحكومة التونسية تسعى لإقامة مشاريع جديدة خلال السنوات الخمس المقبلة، تراوح تكلفتها الإجمالية ما بين 50 و60 مليار دولار.

وبدأت الاستثمارات الخليجية التي تجعل الحكومة مرتاحة في الفترة القادمة عندما فازت شركة «تيكوم ديج» التابعة لشركة دبي القابضة بصفقة شراء 35 % من رأسمال مؤسّسة «اتصالات تونس»، التي بلغت قيمتها 2,72 مليار دولار.

ثم أعلنت مجموعة «بو خاطر» الإماراتية أنها ستنفّذ مشروعاً لإقامة مدينة سكنيّة وترفيهية ورياضية متكاملة على ضفاف بحيرة تونس الشمالية، باستثمارات تقدّر بنحو 5 مليارات دولار، كما خطّطت شركتا «الدار العقارية» و«صروح العقارية» الإماراتيتان، لاستثمار نحو 5,5 مليارات دولار، لتطوير ضاحية أخرى من ضواحي تونس العاصمة، من خلال مشروع سياحي وإسكاني يتوقّع أن تتجاوز قيمته النهائية 11 مليار دولار.

أما مشروع «تونس باب المتوسط»، فيعتبر أبرز المشاريع الاستثمارية الاماراتية في تونس وأهمها، ويوصف هذا المشروع الذي ستنفّذه مؤسّسة «سما دبي»، باستثمارات قدّرت بنحو 14 مليار دولار، بأنّه «مشروع القرن». وأعلن «بيت التمويل الخليجي» البحريني عن رصده نحو 3 مليارات دولار لبناء «مرفأ تونس المالي الدولي» في الضاحية الشمالية، والذي يضمّ مركزاً للتداول، وآخر خاصّاً بشركات التأمين، وثالثاً للبنوك غير المقيمة، بالاضافة إلى مركز للشركات الاستشارية المالية.

وإذا كانت هذه الاستثمارات الكبيرة التي ضخت في جسم الاقتصاد التونسي يمكن أن تنفس عن الدولة التونسية فإن السؤال يبقى مطروحا وبإلحاح: هل المواطن التونسي مستفيد من مثل هذه الاستثمارات أم إن أطرافا وفئات معينة وحدها المستفيدة؟

ولماذا تبقى نسب البطالة مرتفعة، وخاصة في أوساط الشباب المتعلم؟ ولماذا المقدرة الشرائية في تدهور مستمر والأسعار في زيادة متواصلة.

مع العلم ان الحياة السياسية تضمّ تسعة احزاب معترف بها سبعة منها ممثلة داخل البلمان و اثنين لم ينالهم الحظ و الرضى. أما الأحزاب في داخل البرلمان فهي تنقسم الى قسمين القسم الأوّل هو التجمّع الدستوري الديموقراطي الذي يملك 152 مقعد من مجموع 189مقعد في البرلمان.

الاحزاب المعترف المرضي عنها هي حركة الديموقراطيين الاشتراكيين التي لها 14 مقعد أما حزب الزحدة الشعبية فهو يملك 11 مقعد و حزب الاتحاد الديموقراطي الوحدوي فهو يملك 7 مقاعد أما الحزب الاشتراكي التحرّري فهو مقعد واحد مثل حزب الخضر والتقدم و أخيرا حركة التجديد (الحزب الشيوعي سابقا) فهو يملك 3 مقاعد. أما الاحزاب المعترف بها دون تمكينها من دخول البرلمان فهي الحزب الديموقراطي التقدّمي و اخيرا التكتـّل الديمقراطي من أجل العمل و الحرّيّات

بقي من الاحزاب الغير المعترف بها حركة النهضة وهذا رئيس حركة النهضة التونسية راشد الغنوشي الذي يقول أن الإسلاميين لا يحتاجون للقيام بانقلابات على الدول القائمة لتحويلها إلى دول إسلامية، وإنما يحتاجون إلى تفعيل دساتير هذه الدول التي تنص على أن الشريعة الإسلامية هي المصدر الوحيد أو الرئيسي للتشريع.

ويقول رئيس حركة النهضة « هناك تحديان رئيسان يواجهان الحركة الاسلامية المعاصرة، التحدي الأول هو شيوع فكر التشدد والتنطع حتى تحول بعضهم في حماقة متناهية الحركة إلى عصابات للقتل العشوائي والفتنة الاهلية. هذا التيار التكفيري والسطحي أصبح المبرر الأول لمزيد من التضييق على الاسلاميين ويقدم من طرف أعداء الاسلام على أنه الشاهد الأول على عجز الاسلاميين وتطرفهم وقصورهم.

لا تخطىء العين أن هذه الجماعات أصبحت مجالا لإختراق أجهزة المخابرات إن لم تكن صنعت بعضها. مواجهة هذا الفكر وتدارك آثاره المدمرة جبهة أخرى لا مناص للاسلام اليوم من الانتصار فيها وحماية الاسلام ومشروعه السياسي.

التحدي الثاني هو حكم الجور الذي يكاد يحول أوطاننا إلى سجون كبيرة وسجوننا إلى مسالخ آدمية مريعة. هؤلاء الحكام أصبحوا طلائع للقوى الأجنبية في محاربة ديننا وتهديد إستقلال بلادنا والحفاظ على تأخرها وتبعيتها. بل إن بعضهم أشد على الأمة والاسلام وأهله من أعدائه الصريحين، وبلغ الأمر إلى أن نزلاء سجون الظلم والتوحش في غوانتانامو ممن لم يعثر مفتشوا الدولة الأعظم المبشرة بالديمقراطية جريمة تدينهم بها بعد خمس سنوات من القمع الرهيب فقررت تسليمهم لبلدانهم رفضوا ذلك لما يعلمون مما ينتظرهم من توحش أعظم، إذ قد بلغتهم أنباء ما حل بزملاء لهم سبق تسليمهم،

 كما حصل في تونس حيث سلطت فنون من النكال على أؤلئك المساكين حتى حملوا على الأعواد إلى المحاكم لتصدر عليهم أحكاما تمتد لعشرات من السجين وهو ما حمل قاضية أمريكية على إصدار حكم بمنع تسليم أؤلئك السجناء إلى حكومة بلادهم تونس استجابة لطلبهم.

المشروع الاسلامي وبإعتباره المعبر عن طموح الأمة في الحرية والاستقلال والتوحد لا سبيل له غير أن يكون طليعة الأمة في دفع هذين الشرين.

هذه معركة متزامنة لا أسبقية لجبهة على أخرى لأن التحديين يخدم أحدهما الآخر ويتناسلان من بعضهما والله غالب على أمره ولكن الناس لا يعلمون.و »لله الامر من قبل ومن بعد »([1]).

ويقول رئيس حركة النهضة ايضا : « لا يزال المد الاسلامي في فوران وصعود. الإسلام أسرع الديانات انتشارا، وفاق المسلمون عددا اليوم أتباع أي ديانة أخرى ربما لأول مرة في التاريخ. ومن حيث الكيف هم في تحسن ملحوظ، إذ ينمو على حد سواء وعيهم بحقائق الإسلام وبالعالم حولهم. نحن على يقين أننا إزاء جيل من المسلمين أحسن إسلاما من أجيال سبقت منذ قرون، وأوعى بعصره استيعابا لعلومه وتقنياته وتحدثا بلغاته، على نحو غدا معه الغرب المتفوق ليس بحال باعثا للانبهار أو للرعب. نعم هو متغلب بتقنياته وبطشه ولكنه لا يمثل لغزا كما كانت نظرة الامة اليه خلال صدمة اللقاء الاول به في نهايات القرن السابع والثامن عشر. نقطة الضعف: أنظمة الحكم بتفتتها واستبدادها واستظهارها على شعوبها بالخارج، وتأبّيها واستعصائها عن الاصلاح ».([2])

وقال ايضا : « هناك شواهد ناطقة على وجود مؤشرات قوية على بدايات حقيقية لسياسات غربية تجاه الاسلام وحركاته وتقدير المصالح الغربية في عالم الاسلام التي ظلت منذ استقلال البلاد الاسلامية تجري من خلال أنظمة دكتاتورية مدعومة غربيا باعتبارها الضامن لتلك المصالح بل الأقل كلفة، غير أن تطورات أحداث السنوات الأخيرة حملت مراكز تنضيج وصناعة القرار في الغرب تعيد النظر في تلك الاستراتيجيا التي سوغت تحييد عالم الاسلام وبالخصوص قلبه العربي عن المسار الديمقراطي الكوني حفاظا على تلك الانظمة باعتبارها درعا للأمن الغربي وضامنا للمصالح، على الضد من ذلك تنامى الاتهام لتلك الأنظمة الدكتاتورية الفاسدة أنها المسؤول الأول عما أصاب ويصيب الغرب من تعرض أمنه ومصالحه للخطر وأنها مستنقع لتفريخ الارهاب والكراهية للغرب فهي الداء وليست بحال الدواء وأنه لا مناص من التخلص مما يسمى بالاستثناء العربي من موجة الاصلاحات الديمقراطية التي تكتسح العالم

وأنه لا مجال بعد اليوم لإصاخة السمع مجددا لتخويفات تلك الانظمة مما يسمى بالخطر الأصولي ابتزازا للمعونات الغربية وإسكاتا لكل صوت يطالب بالاصلاح، لا سيما وقد تصاعد مدّ تيار الوسطية الاسلامية شاقا طريقا وسطا نابذا على حد سواء للتطرف والارهاب باسم الاسلام – كما تفعل جماعات العنف السياسي الاسلامي- أو للتطرف والارهاب باسم العلمانية والحداثة، مفنّدا وجود علاقة بين الجهاد وما تأتيه تلك الجماعات من عدوان على أبرياء غير مقاتلين، بينما الجهاد القتالي إنما جعل لرد عدوان الاحتلال لأرض اسلامية، قال تعالى » وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين » (البقرة)، وما هو بسبيل للدعوة الى الاسلام إكراها لأحد على الدخول فيه.

قال تعالى: « ادع الى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن » (النحل). وما هو بسبيل للثأر من ظالم أو كافر من خلال الانتقام من عشيرته. قال تعالى: « ولا تزر وازرة وزر أخرى » (النجم). ولا هو سبيل لفض الاختلافات داخل مجتمعات الاسلام بين حاكم ومحكوم، ولا بين تيار وتيار فكل ذلك سبيله الجهاد السلمي. قال الله تعالى: « وجاهدهم به جهادا كبيرا » اي بالقرآن. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر ».

كما أن التيار الوسطي قبل بالأساليب الديمقراطية الحديثة طريقا الى الحكم وإدارته، كما دعا الى علاقات دولية محكومة بالتعددية والحوار وتبادل المصالح المتكافئة والتعاون الدولي على ما يحقّق منفعة الجميع، وفنّد بذلك وجود علاقة ضرورية بين الديمقراطية والعلمانية أو بين هذه الأخيرة والحداثة بمعنى الافادة من العلوم والتقنيات المعاصرة، فالاسلام دين تعددي منفتح على كل ما هو نافع وجميل مما تمخضت عنه تجربة انسانية، أوافقنا أهلها في الملة أم خالفونا، الحكمة ضالة المؤمن، كما أنه يدعو الى دولة مدنية، تقوم على خدمة كل مواطنيها على حد سواء، ومن إرادتهم العامة تستمد شرعيتها عبر ما هو متعارف من مقومات النظام الديمقراطي باعتبار آلياته الترجمة المعاصرة الأوفق للشورى الاسلامية.

وزاد من تأكيد مصداقية الوسطية الإسلامية تنامي حجم لا بأس به من الممارسة الديمقراطية الاسلامية إن على صعيد المشاركة في الحكم نيابيا (أندونيسيا والباكستان والبحرين والكويت واليمن والمغرب والاردن ولبنان ومصر….) أو على الصعيدين النيابي والتنفيذي (بنغلاداش تركيا الجزائر…)، فضلا عن الأقليات الاسلامية (تمثل ثلث المسلمين ومعظمهم مشاركون) وبالجملة فإن أكثر من ثلثي المسلمين يعيشون في ظل أنظمة تستمد شرعيتها من الانتخاب الحر، وهو ما يدرج بقايا أنظمة الحزب الواحد السافر أو المقنع في خانة الاقلية الشاذة، كما يفند دعاوى علمانية أصولية متطرفة أن الاسلاميين أعداء للديمقراطية بالولادة والطبع، وأنهم إذا حكموا فلن تسمع غير أصوات السيافين والجلادين، فلا مبادرة اقتصادية حرة ولا تعددية سياسية ولا انتخابات ولا فنون ولا آداب ولا مشاركة للمرأة، ولا علاقات دولية سلمية تعاونية!!

يبدو أننا إزاء بداية حقيقية لتطور مهم متنام في اتجاه قبول السياسة الغربية بقيادة الولايات المتحدة، بالاسلام عنصرا أساسيا في السياسة الدولية، باعتباره القوة الشعبية الأساسية التي يمكن أن تنهض بمهام التحول الديمقراطي في هذه المنطقة، والأقل كلفة لحفظ مصالحها في العالم الاسلامي وبالاخص قلبه العربي، وذلك في خضم حربها على « الارهاب » وما منيت به من فشل ذريع تلك السياسات التي أملاها النفوذ الصهيوني الليكودي المتمترس في مراكز القرار الامريكي والتي تمحورت حول الربط الظالم المحتم بين الاسلام والارهاب، بما يجعل الاسلام وحركاته العدو بالطبع للديمقراطية وللحضارة الغربية ومصالحها وقيمها.. فشل تلك السياسات في العراق وتصاعد وتيرة الكراهية للولايات المتحدة، بسبب دعمها اللامشروط للأنظمة الفاسدة وللمشروع الاستيطاني الصهيوني  قدّم الخمائر المناسبة لتخلق وتجند المزيد من الارهاب ..

كل ذلك الى جانب ولادة ونجاح نماذج اسلامية ديمقراطية معاصرة .. فرض على كثير من قوى العلمانية على الصعيدين الدولي والاقليمي في الحكم والمعارضة الاقدام على قدر يكبر أو يصغر من إعادة النظر في السياسات المعتمدة إزاء واقع اسلامي يتأكد يوما بعد يوم، ومأزق غربي أمريكي يتعمق. والسؤال عن مدى جدوى الاستمرار في إحالة ملف حركات مجتمعية واسعة وعميقة مثل الحركات الاسلامية وليست بحال هامشية وعابرة، على أجهزة الامن مدموغة جملة بدمغة الارهاب؟

أوليس التعامل المجدي مع مثلها إنما هو التعامل السياسي اعترافا بها وإدماجها في المنتظم السياسي بما يحقق استقرار الانظمة ويقدم أساسا متينا لتنمية مستديمة، بدل شن حرب عليها قد تحرف مسارها أو تدفع بأطراف فيها الى العنف بما يمثل دعما لتيارات العنف والارهاب بدل تضييق مصادره؟ »([3])

ومن الاحزاب الغير المعترف بها حزب العمال الشيوعي التونسي أوضح ذلك حزب العمال ([4]) منذ سنوات (« الحد الأدنى الديمقراطي لتحالفنا اليوم وغدا » – أفريل 2001) بالمساعدة على بلورة وعي وطني يتجاوز تلك الانتماءات وتقوم عليه وحدة وطنية صمّاء في مواجهة الأخطار الأجنبية الموجودة فعلا أو المحتملة.

وعلى هذا الأساس فان حزب العمال الشيوعي التونسي لا يفصل بين العلمانية والوطنية، بل يرى فيهما وحدة لا تنفصم، ويرى في العلمانية جزءا لا يتجزأ من مشروع النهضة الوطنية وبرنامجها المناهض للامبريالية والاستعمار الأجنبي الذي يستخدم الصراع الطائفي أو القومي أو الثقافي لضرب الوحدة الوطنية وتفتيت أبناء البلد الواحد ليسهل عليه إخضاعهم والسيطرة عليهم. وهذا الموقف الذي يدافع عنه هو الموقف الملائم لمصالح الشعوب التي تريد التخلص من التبعية والاستغلال الفاحش والاستبداد السياسي والإيديولوجي وتحقيق تحررها التام وإقامة الديمقراطية والعدالة الاجتماعية.

التكتـّل الديمقراطي من أجل العمل و الحرّيّات سبق أن دعا مجلس الإطارات الذي عقده التكتّل الديمقراطي من أجل العمل والحريات يوم الأحد 6 جانفي 2008 إلى أن تكون 2008  » سنة الحوار الوطني بين السلطة وأحزاب المعارضة وسائر مكونات المجتمع المدني من أجل وضع أسس الإصلاح السياسي المنشود ومتطلباته الدستورية والعمليّة والتي من شأنها أن توفّر الأرضية الضرورية حتّى تكون سنة 2009 موعدا انتخابيا حقيقيا تجري فيه انتخابات حرّة نزيهة وشفافّة تقطع مع سابقاتها وتعيد الأمل للنفوس وترسي لنخوة وطنيّة دائمة الجذوة وضامنة للرقيّ والاستقرار « 

و لا يختلف اثنان في أن هذه الظروف غير متوفرة و أنها لن تتوفر بالمبادرات الفردية بقدر ما يمكن توفير أفضل الحظوظ لتغييرها عبر تجميع القوى، كل القوى، المؤمنة بضرورة التغيير.

إن هذه القوى مدعوة إلى تجاوز الاختلافات الإيديولوجية و الحساسيات الذاتية و إلى جمع شتاتها و تنسيق أعمالها من أجل أن تكون انتخابات 2009 انتخابات حقيقية تتوفر فيها الضمانات الأساسية كحياد الهيئة المشرفة وحرية التنظم و الاجتماع و حق التعبير و حق الانتخاب لكل المواطنين، كما يضمن فيها حق الترشح للانتخابات الرئاسية و التشريعية بشروط معقولة و قارة و غير إقصائية.

ومن الاحزاب الغير المعترف بها المؤتمر من أجل الجمهورية ولئن اختلفنا مع الدكتور المنصف المرزوقي الرئيس السابق للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان ورئيس المؤتمر في بعض مقولاته السياسية أو بعض تقديراته للموقف العام , الا أننا نبقى مقدرين لرصيد الرجل في دفاعه ببسالة عن الحرية والكرامة والسيادة الوطنية وقيم حقوق الانسان دون تمييز أو اقصاء أو ميز عنصر أو ديني أو ايديولوجي أو سياسي كما يفعل البعض , وماأكثرهم بالجمهورية التونسية وبعض بلاد الدنيا التي ابتليت ببؤر من التوتر والنزاع على أساس من الدين أو مصالح الدنيا.

أن ما يبديه حزب المؤتمر من أجل الجمهورية من صمود وثبات ومن استماتة في قضايا الحريات والمشاركة السياسية الحقيقية , مع أحزاب أخرى تجتهد من اجل افتكاك مساحات ديمقراطية  ان كل هذا الجهد الوطني والمعارض الممانع يمثل في تقديرنا صمام الأمان في وجه دولة تريد أن تلتهم كل الفضاء العمومي وتجرد المجتمع من حقوقه المشروعة في الدفاع عن مصالحه ومصالح مواطنيه , ومن ثمة فان من واجبنا وان اختلفت تقديراتنا واجتهاداتنا أن نعمل على تماسك أطراف هذا المشهد وعلى تقارب مكوناته وعلى تذويب فوارقه في اطار حفظ المصالح الشعبية والوطنية والسيادية العليا .

ان كل مناضل في هذه المكونات وان كل وطني غيور على مستقبل تونس لابد أن يعمل على اسناد موقع أحرار هذه البلاد , حتى تعرف طريقها نحو الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية وترسيخ دولة الحق والقانون دون اقصاء او تهميش أو تغول على حساب الحريات الفردية أو العامة .

ومن ثمة فان الوقوف مع الدكتور المرزوقي وحزبه في وجه من يناوئهما رغبة في تفريغ الساحة من المناضلين والمناضلات من اجل الرفع من شأن هذا الشعب وكرامته واستقلاله , ان الوقوف معه في هذا الظرف التاريخي نضالا ومؤازرة يعد واجبا وطنيا مقدسا حتى وان اختار البعض  الحفاظ على مسافة سياسية نحترم فيها رغبة الكثيرين في الاختلاف أو الاستقلالية عن الفضاء الحزبي دون نكران الواجب الوطني بالدفاع عن كرامة شعب يتعرض الى مخاطر الالتهام من قبل الدولة.

الترشحات للانتخابات الرئاسية لسنة 2009

يسعى النظام منذ أشهر طويلة، الالتفاف على استحقاق الانتخابات العامة المنتظرة لسنة 2009 بهدف إدامة الاستبداد بالدولة والمجتمع، وسدّ كلّ المنافذ القانونية والعملية أمام التعبير الحرّ والتعددي للإرادة الشعبية فهويراهن على عزوف الشعب وضيق فسحة الأمل لدى الشباب وعلى تشتت وانقسام المعارضة السياسية.

وأننا نعتبر أنفسنا معنيون بالكامل بالاستحقاق لسنة 2009 بما هو معركة سياسية ديمقراطية وسيادية بامتياز، علينا خوضها بحمل مشاغل وهموم شعبنا في كلّ قطاع وكلّ جهة ومقارعة الاستبداد لفرض حق شعبنا في مؤسسات ديمقراطية وممثلة وفي رفض واقع الاحتكار ومشروع الرئاسة مدى الحياة. يهدف هذا التمشي الى بلورته قاسم مشترك. ببلورة الشروط القانونية والسياسية لانتخابات نزيهة وديمقراطية مع ضبط خطة النضال المشترك والمتضامن على الأصعدة الميدانية والإعلامية داخليّا وخارجيّا على كامل الفترة التي تفصلنا على موعدها.ان المساهمة في بلورة المشاغل الأساسية التي تهم الشعب وجملة الإصلاحات والمقترحات المتعلقة بحياته اليومية على الأصعدة الحقوقية و الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية والسياسية.

ولتيسيرالانخراط في الإبّان كقوّة جادّة حريّة بثقته ولها من الجاهزيّة والتمثيلية والكفاءة في إدارة شؤون الوطن من جهة إلى جانب أهمية أن نفوت على نظام الحكم فرصة جديدة لتسويقنا داخليّا وخارجيّا كمجموعات هامشية من غير ذي شأن و متطرفة ومهدّدة للاستقرار.

لهذه الاعتبارات وغيرها، نعمل في تشاور وتفاعل وثيق وبناء مع كل الشخصيّات الديمقراطية والوطنية المعنية بمسألة الانتخابات المقبلة مما يستوجب الإفصاح بأنّ إقرارنا بشرعيّة وحقّ الترشح لمن يأنس في نفسه الأهلية هو تعبير منّا على قناعتنا بنجاعة وحيوية تجسيد المعركة السياسية وإعطائها الرمزية الملموسة والعنوان المعبئ للناس.

ولا يساوي هذا الإقرار المبدئي وهذه القناعة العملية سوى الحرص على الإنكباب الجدي على هذا الأمر، حتى لا يصبح معطل للوحدة والتضامن في خوض المعركة السياسية الشاملة بكل جوانبها، مجمعين إلى حين يوم الاقتراع هذا اليوم الذي يقر الجميع بوهم المراهنة على ما سوف يفرزه من نتائج في ظلّ الشروط القانونيّة والسياسيّة الراهنة.

هذا هو تمشينا، وهذا هو اجتهادنا في جعل الاستحقاق الانتخابي، معركة سياسية شاملة وموحدة، يستوجب خوضها من الآن لإفتكاك زمام المبادرة ولتحويلها شيئا فشيئا إلى مركز لاهتمام وبمشاركة أوسع فئات الشعب و مقنع في المجتمع. وهذا لا يمكن تحقيقه ما دامت السجون في البلاد لم تفرغ من المساجين السياسيين وعودة المغتربين في ضلّ الاحترام ورفع التضييقات على سجناء السابقين.

وفي شهر فيفري2008 أعلن الأستاذ احمد نجيب الشابي ترشّحه للانتخابات الرئاسية المقبلة([5]) و قد أعلن نجيب الشابي الزعيم السابق للحزب الديمقراطي التقدمي المعارض وأحد أشد معارضي الرئيس التونسي زين العابدين بن علي عن اعتزامه الترشح للمنافسة في انتخابات الرئاسة التي تجري السنة المقبلة.

وهكذا أصبح الشابي مؤسس الحزب الديمقراطي التقدمي منذ 23 عاما اول سياسي يعلن ترشحه لمنصب رئيس الجمهورية في الانتخابات المقبلة. وقال الشابي وهو محامي عمره 60 عاما في مؤتمر صحفي عن سبب اعلانه الترشح قبل 20 شهرا من الانتخابات

« منذ اكثر من عام والحكومة تقوم بحملة منفردة والمعارضة لم تأخذ اي مبادرة..ثم ان الفرنسية سيجولين روايال مثلا بدأت حملتها قبل وقت طويل من الانتخابات » الرئاسية الفرنسية التي انتهت بفوز نيكولا ساركوزي.

ويدعو حزب التجمع الدستوري الديمقراطي الحاكم باستمرار منذ نحو عام بن علي للترشح لولاية جديدة. لكن بن علي لم يعلن حتى الان عن ترشحه.

وقال الشابي « عامل الوقت مهم جدا للضغط منذ الان على الحكومة للقيام باصلاحات سياسية واجتماعية ». ومنع القانون الانتخابي لعام 2004 الشابي من الترشح لانتخابات الرئاسة الماضية لان حزبه غير ممثل في البرلمان. لكن الشابي قال عن هذا الامر « اعتقد ان قبول ترشحي للانتخابات المقبلة سيكون مقياسا لمدى استعداد السلطة لاجراء انتخابات حرة وتعددية ».

ومضى يقول « اذا تم استبعاد حزب تميز بنشاطه السياسي وشخصية لها نضال سياسي فهذا اقرار بان السلطة لا تريد انتخابات حرة بل تسعى الى تعددية ديكور (مظهرية »). وقال انه سيبدأ حملته من الان عبر الاتصال المباشر بالمواطنين داخل البلاد والتركيز على مشاغلهم مثل البطالة والقدرة الشرائية وعرض مطالبه المتمثلة في اصلاح سياسي. وقد تنحى الشابي العام الفارط  عن منصبه كزعيم لحزبه ليتركه الى مية الجريبي لاعطاء « مثل في التدوال » على حد تعبيره.

مع العلم ان الرئيس بن علي فاز في انتخابات 2004  وهو الذي يحكم البلاد منذ 1987 بنسبة 94.4 بالمئة من الاصوات. وفي تونس تسعة احزاب سياسية ابرزها التجمع الدستوري الديمقراطي الحاكم الذي يضم اكثرمن مليونين.

معتمدا في ذلك على الله وعلى تأييد ومساندة مناضلي ومناضلات الحركة الديمقراطية والتقدمية التونسية وفي مقدمتها مناضلو الحزب الديمقراطي التقدمي والشخصيات الوطنية الممضية على « النداء من أجل بديل ديمقراطي« ، هدفه من ذلك بذل أقصى الجهد لإحداث التغيير الذي ينشده شعبنا، وفي الحد الأدنى المساهمة في إنضاج ظروفه وتعبيد السبيل إليه

فإما أن ترفع الحواجز القانونية الظالمة التي تعودت الحكومة وضعها على طريق ترشحنا وإلا فإنها تقر منذ الآن وأمام العالم بأن الشعب التونسي محروم من حرية الاختيار ولذلك تلجأ السلطة كلما اقترب الموعد الانتخابي إلى تعديل الدستور والسماح للأحزاب الممثلة بإرادة منها في البرلمان بتقديم مرشح عنها مغلقة بذلك الباب في وجه الشخصيات الوطنية و أحزاب المعارضة المستقلة.

إننّا نساند حق كل من يأنس في نفسه الكفاءة للترشح و الأستاذ أحمد نجيب الشابي لايخرج عن القاعدة العامة ولكنّنا نلاحظ أنّ الشروط السياسية والقانونية لانتخابات رئاسية وتشريعية حرة ونزيهة غير متوفرة في الوقت الحالي.

وعليه فإننّا غير مستعدين لأن نكون ضمن جبهة انتخابية أو سياسية ايا كانت في الوقت الحاضر. ن مسألة الانفراج السياسي في البلاد يعتبر مدخلا رئيسيا للدّفع للإصلاح وهو يعتبر مسألة حساسة وعاجلة وضرورية للتنمية و لتعزيز الدولة الحديثة ودوامها. 

اعتبارا لهذا الواقع و الثقل الذي يتحمله التجمع الدستوري الديمقراطي في إنجاح مسيرة الانتقال الديمقراطي التي تعيشها بلادنا منذ عقدين على الاقلّ من السنين أو فيما يصيبها من حين لآخر من مظاهر التعثر و أعراض الجمود.

من هنا لا مناص للمعارضة المسؤولة، و كلّ من يتطلّع الى لعب دور ما في المشاركة في بناء الوطن وإثراء مكاسبه و تجاوز معيقات تقدمه، بداية بالتماس طريق الحوار مع الحزب الحاكم معتمدا على أرضية توافقية و تتأسس على مبادئ وقيم و ثوابت ملزمة لجميع الفاعلين السياسين في مختلف مواقعهم في السلطة و المجتمع، من تلك المبادئ العامة و المشتركة الالتزام بهوّيته العربية الاسلامية و  بخدمة المصلحة العليا للوطن وصيانة سيادته من كل أشكال التدخل الخارجي، اضاف إلى مبدأ التعايش السلمي في كنف نظام سياسي مرتكز على مقولات دولة الحق و المؤسسات و القانون و على ضمانات مؤكدة لحقوق المواطنةالغير منقوصة بتجلياتها المدنية منها و السياسية الفردية و الجماعية.

هنا نقف و للحديث بقية في الجزء الثاني ان شاء الله

« وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِين َتَفَرَّقُواْ وَاخْتَلَفُواْ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُوْلَـئِك َلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ « ( آل عمران 104.105) و صدق الله العظيم اذ قال في سورة الاسراء :  » وقل جاء الحقّ وزهق الباطل انّ الباطل كان زهوقا » (الاسراء 81) و السّلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 باريس في 20 مارس 2008

بقلم : عبد السّلام بو شدّاخ، احد مؤسسي الحركة الاسلامية في تونس


 


[1] (المصدر: صحيفة « العرب » (يومية -قطر) الصادرة يوم 18 جانفي 2008)

[2] (المصدر: موقع نهضة.نت بتاريخ 16 أفريل 2005

[3] (المصدر: موقع نهضة.نت بتاريخ 16 أفريل 2005

[4] (المصدر: كراس « الشيـــوعـي » الصادرة عن حزب العمال الشيوعي لشهر جوان 2007)

[5] (المصدر: وكالة رويترز للأنباء بتاريخ 13 فيفري 2008)

 

 


 

عربي هو  
 
فريد خدومة  أغرب عن وجهي وابحث في المرآة عن وجه آخر يشبهني أو يشبه هذي التلاتْ  بالأمس كتبت قصيدي ورجوت الريح لينشدها ويعزف وحده في ليلي أو داخل أسوار الطينْ يا من عانقت الخوف القادم في ليلي يختال كجندي محتلٍّ هادمْ لا يعرف فن الأتيكيتْ بعثرني صبحا ومساءْ لوث نهريّ بالكوكا فصرخت في الجمع العربي وا معتصماهْ رددها من خلف الجمع غاصب محتل بشمركهْ يا عربي قومك تركوكا خلف الاسوارْ ————————– اغرب عن وجهي أو خذهُ إن شئت جففه في الشمس أو بعهُ ببعض الدولاراتْ قد ينفع عربيا غيري يرضى أن يصبح مَيْكلْ أو عبدا لله لكنْ قبلته في البيت الأبيضْ يحمل سيفا ليقاتلْ من أجل النفط أو الغازْ ما يخجل من بيع خرائط أجدادهْ عربي هو من نسل أبي جهلْ جاء ممتطيا صهوة دبابهْ يقسم بالسيف على قبر أبي ملجمْ أن الله سيدخله جنات خضراءْ  جناتك يا علج الأغرابْ منطقة خضراءْ نقصفها بسم الله القادرْ صبحا ومساءْ ………………………… أغرب عن وجهي وانظر في المرآة الأخرى من خلفك أو خلفي يطعنني بالخنجرْ يسكب في حبري سمومهْ كي أنسى حروفا معلومهْ قد تجمع في يوم أو ليلهْ فأكتبها ثورهْ قد تكتب في ورق الكراسْ أو فوق الباصْ أو خلف الجدران المنسيهْ حيث ينام الحراسْ أو يحفظها الطفل على عجل يحملها في فيهْ من فيه إلى فيكْ ومن فيك إلى شفة الغادة قبلهْ لاهثة محرقة ثورهْ قد تجمع يوما أو ليلهْ لكن من يصبرْ …………………………. أغرب عن وجهي علـّي اكتشف فيهْ الوجه الآخر للوجهِ إن صادف أن كان يخفيهْ فوجه بعتك إياهْ يرفعك فوق رقاب عباد اللهْ تضع في الصندوق على مهل ما ترضاه من الأوراقْ تعبث بالأرزاقْ يا جنديا كيف تقدست لتصير الشاهْ بالأمس تمنيت الحريهْ وتمنيت زوال الشاهْ وزوال حفيد الشاهْ وزوال حصان الشاهْ والقصر …والخيل …والبرج العاجي اليوم تصير الشاهْ فتتمنى زوال الحريهْ أو زوال جميع عباد اللهْ ……………………….. اغرب عن وجهي أو خذهُ بما فيهِ من الأخطاءْ حسينك مازال النازف صبحا ومساءْ القابض على الجمرِ الرافض للفيتو الأموي الرافض للحب الدموي الشبقي الرافض للكربلة المشروعهْ خلِّ شموعه ْ تنير دربي أو دربكْ خل دموعهْ تسقي الأرض كي تنبت من يحمي عرضي أو عرضكْ فالأرض التي تسقيها بدمي لا تنبت كرزايْ خلفك قاتل من نسلكْ يختبئ فيكْ يتكلم مثلكْ عربي هو يسحب ضاده حيث يسيرْ سبحته في اليسرى يفترش سجادهْ قبل الفجر يطويها ولا يرحلْ …………………………. أغرب عن وجهي أو افعل مثلهْ عربي هو فاوض سيده كي يعطيه الدارْ و يال العارْ فاوضه كي يرضى عنهُ ويمنحه السيجارْ فاوضه كي أصبح في ارضي غريبا أستجدي كلبه كي يحميني من ظلي أو يسمح لي بالشمس ِ أو عدّ النجمِ ولا أرحلْ أستجدي كلبه كي لا أتهم بالإرهابْ فيوصد دوني البابْ وماذا أفعل بالبابْ وهذا البوابْ يعطي مفتاح الدارْ عربي هو مثلي أو مثلكْ يفاوضْ كي لا يتهم بالإرهابْ عربي هو  لكن من نسل أبي جهلْ ………………….   باردو – تونس – 2008


الهوية في مواجهة الاستعمار قديما والعولمة حديثا (الجزء 2) العولمة بين اللبس في المفاهيم والآليات والأخطار

 
بقلم سالم حداد   ننشر فيما يلي الحلقة الثانية من مقال الصديق المناضل الأستاذ الكبير سالم الحداد حول الهوية والعولمة. قبل أن نتوضح هذه العلاقة لابد أن نرفع اللبس الحاصل بين العولمة والعالمية وعلاقة كل منهما بالهوية، فهل من مفارقة؟   أ ـ العالمية UNIVERSALITE UNIVERSALISME هي منزع إنساني يتعلق بالمبادئ والقيم والنظريات العلمية التي تلبي طموح الانسان إلى الحرية والعدالة والكرامة، وتساعده على توفير الوسائل التي بها يحقق إنسانيته، وهي تنهض على التعددية وتستند إلى قوانين المنظومة الدولية، فهي توق إلى الارتقاء من المحلي إلى العالمي يقوم على الحوار والتلاقح والتثاقف والتكامل واحترام ثقافات الشعوب. وهذا ما عمل من أجله كل الرواد من رجال الفكر والسياسة، وضمن هذا المنزع يمكن أن ندرج الأفكار الفلسفية المؤسسة للتفكير اليوناني والرسالات السماوية وصولا إلى مبادئ الثورة الفرنسية والفكر الاشتراكي ومبادئ حقوق الإنسان. فعبر هذه المحطات تحقق العديد من الإنجازات التي حملت أبعادا إنسانية أثرت التراث الحضاري البشري واحترمت هويات الأمم رغم ما يبدو عليها من تناقض ، وكانت دوما في اتجاه التطور والرقي وسعادة الإنسان. ب ـ العولمةGLOBALISATION ليست العولمة ـ كالعالمية ـ منزعا ينهض به رائد أو حركة إصلاحية أو تيار فكري بل هي نظام شمولي، يشمل المبادلات التجارية والمال والصناعة والثقافة والسياسة ويسعى إلى تحويل العالم إلى سوق واحدة تنهض بها الشركات العابرة للأوطان والقوميات والقارات. وتقف وراء العولمة وتوجهها أكبر دولة وأقواها اقتصاديا وعسكريا وإعلاميا هي الولايات المتحدة الأمريكية التي استغلت حدوث فراغين في العالم: الفراغ الأول هو الذي أحدثه انسحاب الدول الاستعمارية الأوروبية من مستعمراتها مع خمسينيات وستينيات القرن العشرين في إطار تصفية التركات الاستعمارية، فسعت إلى احتواء أنظمة الدول المستقلة الفتية. ويتمثل الفراغ الثاني في تفكك المنظومة الاشتراكية السوفيتية وسقوط حائط برلين. وبهذا الانهيار المفاجئ اختل التوازن العالمي وانتهت الحرب الباردة وقامت دولة محورية صارت تتحكم في العالم انطلاقا من مصالحها دون رادع. ومن أجل ضمان مصالحها وظفت مجموعة من الآليات، ففيم تتجلى؟  2 ـ آليات العولمة يذهب الكثير من المحللين إلى أن العولمة ظاهرة موضوعية أفرزتها الثورة العلمية ووفرة الإنتاج في الدول الصناعية العملاقة التي صارت في حاجة إلى التمدد والتوسع في كامل أصقاع العالم، وبالتالي فهي ليست ـ بالضرورة ـ إستراتيجية أمريكية. غير أن الولايات المتحدة وظفتها للسيطرة على مقدرات الشعوب، لذلك فهي أقرب للأمركة، وهي إعادة صياغة العالم حسب النمط أو النموذج الأمريكي. ويمكن ذكر بعض آلياته: أ ـ منظمة التجارة العالمية التي يتم من خلالها تحويل العالم إلى سوق واحدة تُرفع أمامها الحواجز وتزال الحدود وتلغى الجمارق ويسودها قانون المنافسة الذي يقوم على مبدإ «البقاء للأقوى» فتختل التوازنات الاقتصادية لفائدة الدول العملاقة وتنهار اقتصاديات الدول الضعيفة. ب ـ المؤسسات المالية العالمية وخاصة صندوق النقد الدولي والبنك العالمي وهي التي ستغرق دول العالم الثالث في وحل الديون التي يذهب الكثير منها في ارتشاء المانحين والممنوحين. ج ـ المؤسسات الدولية وفي مقدمتها مجلس الأمن التي لم تر أمريكا أي حرج في تسخيرها، لشرعنة اعتداءاتها السياسية. وبهذا تمزقت كل المظلات التي كانت تستظل بها دول العالم الثالث عندما تداهمها الأطماع الخارجية. وهذا ما حصل مع العراق وأفغانستان وما حصل أيضا بالنيابة مع الصومال. د ـ الإعلام بكل أشكاله ويتولى الترويج لأنماط من سلوك المجتمع الرأسمالي الاستهلاكي من حيث المأكل والمشرب والملبس والترفيه، ويستند أساسا إلى الصورة المثيرة والمغرية خاصة بالنسبة للمحرومين، وأكثر هذه الوسائل توظيفا هو الفن السابع المطبوخ في مؤسسة هوليود التي تصنع فيها الصور النمطية وهي التي تحظى فيه الصهيونية بفاعلية كبيرة تستغلها خاصة في تشويه صورة العرب والمسلمين التي تتراوح بين العنف والإرهاب. وأوضح مثال على هذا التشويه هو الصور الكاريكاتورية المسيئة للرسول التي صدرت بإحدى الصحف النرويجية والتي تناقلتها كل وسائل الإعلام العالمية وخاصة الأوروبية والأمريكية. غير أن العولمة لا تستهدف العرب والمسلمين فحسب وإن كانوا يفوزون بالنصيب الأوفر، فأخطارها تشمل كل أصقاع الدنيا: دولا وبشرا، ثروات وإمكانيات وثقافات، فأين تتجلى أبرز هذه الأخطار؟ 3 ـ أخطار العولمة شملت أخطار العولمة العديد من المجالات الحيوية وضربت العديد من الفعاليات، ويمكن الإشارة إلى أبرزها: أ ـ العولمة والدولة بالرغم من أن الدولة هي الابن الطبيعي للرأسمالية في مرحلة نشوئها في منتصف القرن السابع عشر فإنها صارت في غنى عنها بل تحولت إلى عدو لها في مرحلة العولمة، وهي النظام الشمولي الذي أفرزته الامبريالية الجديدة،التي استطاعت أن تحقق وفرة في الإنتاج تجاوزت أسواق الدول الصناعية وشركاتها العملاقة وصارت في حاجة إلى التوسع على حساب بقية دول المنتظـم الأممي. فالدولة الوطنية ـ مع العولمة ـ صارت تواجه العديد من التحديات منها : 1ـ انعدام حرية الخيار الاقتصادي: لقد كان بإمكان الدولة أن تختار نظامها الاقتصادي الذي تراوح في مرحلة الحرب الباردة بين النظام الليبرالي والنظام الاشتراكي، هذا الخيار لم يعد ممكنا في ظل العولمة التي تنهض بها الشركات الرأسمالية العملاقة المتحكمة في الاقتصاد العالمي، مما جعل الدولة مكرهة على الانخراط في نظام السوق العالمية الواحدة، فتبادر بإعادة الهيكلة الاقتصادية: وهذا يعني تحويل ملكية مؤسسات الدولة إلى الخواص سواء أكانوا من المستثمرين المحليين أو الأجانب الذين سيتولون مهمة التنمية والتشغيل. وبذلك يتحول البلد إلى سوق تجارية تنساب فيها السلع حرة دون عراقيل لا يحكمها غير قانون المنافسة، تحركها الشركات العملاقة وأجهزتها المتنوعة لا تراعي في تعاملها إلا مصالحها غير عابئة بعذاب المستغلين، فتغلق المؤسسات الصغيرة أبوابها وتسرح عمالها.  2 ـ تقلص سيادة الدولة  عندما تنخرط الدولة في السوق العالمية تصير عرضة لمجموعة من الإملاءات التي تفرضها الشركات الاستثمارية قصد الانتصاب وتشترطها المؤسسات الدولية قصد تقديم القروض، فهي مضطرة لرفع حواجزها ولفتح حدودها والسماح بحرية التوريد والتصدير، ليس هذا فقط بل عليها أن تقدم الإعفاءات الضريبية للمستثمرين وأن تتخلى عن منظومة القوانين الاجتماعية التي ضمنت الحد الأدنى من حقوق الشغالين، فقد مررت الدولة هذا التخلي تحت عنوان مرونة الشغل التي لا تعني شيئا سوى وضع مصير العامل تحت رحمة العرف انتدابا وعقابا وترسيما وطردا. غير أن العولمة لم تكتف بفرض خصخصة المؤسسات التجارية والصناعية بل إنها اقتحمت مؤسسات الخدمات الاجتماعية التي تضمن للمواطن الحقوق الأولية، ألا وهو حقه في التعليم والصحة، فأخطارها طالت الوضع التربوي والصحي للمواطن. وبالإضافة إلى التنازلات الاقتصادية والاجتماعية فإن الدولة قد تضطر إلى بيع أراضيها للشركات الأجنبية قصد الانتصاب فيها أو حتى المضاربة بها وقد تسمح بإقامة مناطق حرة تخرج عن سلطتها وقوانينها. ولعله من السابق لأوانه أن نستنتج أن الدولة الوطنية قد تتحول إلى وكالة أجنبية للدول العملاقة التي تتحكم في اقتصاد العالم. غير أن التحديات التي تتعرض لها الدولة لا تكتسي صبغة اقتصادية واجتماعية فقط بل إنها سياسية أيضا، فقد انتهت المرحلة التي كانت فيها الدول العملاقة تراهن على الفصيل الحاكم، فحرصها على حماية مصالحها جعلها تنسج علاقات مع القوى المعارضة سواء من الأحزاب أو من منظمات المجتمع المدني، وبذلك تتحول إلى مرجعية للسلطة والمعارضة في نفس الوقت فتضعف الطرفين. فالسلطة الحاكمة لم تعد قادرة على الانفراد بالقرار حتى ولو أصدرته بنفسها، فهي مضطرة إلى أن تأخذ بعين الاعتبار التحولات على المستوى المحلى والدولي، وهذا ما نلاحظه من خلال ازدواجية الخطاب في مجمل البلاد العربية، فقضية حقوق الانسان فرضت نفسها رغم المضايقات التي تعيشها المنظمات المناضلة من أجلها. وأهم مجال يمكن أن نجزم بأن الدولة فقدت السيطرة عليه أو هي على الأقل بصدد فقدان السيطرة عليه هو مجال الإعلام ، فثورة المعلومات وانجازاتها التكنولوجية التي تجسدت في شبكات الإنترنت والقنوات التلفزية، أبطلت فاعلية رقابة الدولة على أسرارها فلم تعد قادرة على احتكار المعلومة وحجبها عن الشعب، فقد صار المواطن أكثر دراية بمظاهر الخلل في مجتمعه ، وبذلك انتهت المرحلة التي كان فيها المناضلون يتعرضون فيها للمحاكمة من أجل تسريب منشور سياسي . ب ـ العولمة  والإيديولوجية  بلا شك أن تلاشي الاتحاد السوفيتي ونهاية الحرب الباردة اعتبره أنصار العولمة انتصارا للإيديولوجية الامبريالية الجديدة وهزيمة العقيدة الاشتراكية. وقد استغله المحافظون الجدد ليؤكدوا نهاية الصراع الإيديولوجي وأن النظام الرأسمالي هو الوحيد القادر على تنظيم حياة الشعوب ، بالرغم من أن العولمة ليست إيديولوجية لكنها تماثلها من حيث هي نظام شمولي يتناول الجوانب الاقتصادية والسياسية والثقافية، غير أنها ـ خلافا للإيديولوجية ـ تعمل على تسطيح الفكر ومحاربة الوعي وتهميش أصحابه وإيجاد حوافز تغري بالاستهلاك والترويج لأنماط معينة من السلوك لا يولي أهمية للأفكار والقيم. ج ـ العولمة والإنسان ولم تقتصر تداعيات العولمة على الجوانب الاجتماعية والاقتصادية بل إنها استهدفت الانسان كذات بشرية، فقد تحول من هدف تعمل مشاريع التنمية لتلبية حاجياته الحسية والروحية إلى وسيلة وقطعة غيار تستهلك ثم ترمى، بل إنه في كثير من الأحيان يتحول إلى سلعة تباع وتشترى في الأسواق، يوظف لتحقيق الأرباح الطائلة. وهذا ما جعل البعض يتحدث عن الرقيق الأبيض ونخاسة حديثة، فتشغيل الأطفال في آسيا وتهريبهم من إفريقيا إلى أوروبا قصد بيعهم أشلاء والمتاجرة بالجنس، كلها دلائل على انهيار القيم الانسانية في نظام عالمي صار همه الأول والأخير المادة ولا شيء غير المادة، الربح ولا شيء غير الربح.  وقد أيقن منظرو العولمة أن السيطرة السياسية والاقتصادية لا يمكن لها أن تستمر ما لم يهدم آخر الأسوار المنيعة التي تتحصن به الشعوب المستضعفة، ألا وهي هويتها الثقافية، ولعلهم قرؤوا ما لم يقرأه الطابور الخامس في بلداننا، لقد قرؤوا أن الهوية هي التي تصدت للاستعمار التقليدي وخاصة الفرنسي والإيطالي فشنوا عليها ما صار يعرف بالحرب على الهوية، فأين يتجلى ذلك؟وما هي أبعاد هذه الحرب؟ وكيف تبدو الهوية في هذا الصراع فهل تنهار كما انهارت حواجز الدولة وانحلت مؤسساتها وانفرط عقدها لفائدة العولمة.فكيف نظّر هؤلاء للعلاقة بين الهوية والعولمة؟ ثالثا ـ العولمة والهوية : هل هي علاقة تنافر أم تجاذب؟ حتى نتبين هذه العلاقة لا بد أن نتساءل عن طبيعة العولمة؟ هل تحمل أبعادا إنسانية تجعل الشعوب ترتاح إليها وتتقبلها أم تحمل أبعادا استعمارية عدوانية تدفع الشعوب نحو التصدي لها ؟ هل أتت لتثري هويات الشعوب وتثرى بها ؟ أم لتمحوها من الوجود لتعيد صياغة ثقافية نمطية معولمة في خدمة الإمبريالية الجديدة؟ 1 ـ العولمة ظاهرة شمولية بلا شك أن العولمة ليست ظاهرة اقتصادية وسياسية فحسب بل إنها ظاهرة ثقافية أيضا والثقافة هي ظل من ظلال العولمة الاقتصادية والسياسية، إنها تقوم بالتسويق لهما. وحتى تستطيع ثقافة العولمة أن تؤدي دورها لابد لها من أن تزيح الثقافات الوطنية والقومية التي تتحصن بها الشعوب والأمم. لذا لا غرابة أن نجد في مقدمة خططها الحرب على الهوية، فهي تقوم بعملية التفريغ والشحن، تفريغ الأمة من مكوناتها الحضارية عبر حملات التشويه والتشكيك والاستخفاف، وشحنها بثقافة الاغتراب وهي ثقافة المجتمع الاستهلاكي بما فيه من وسائل الإغراء والمتعة. (يتبع)   (المصدر: جريدة « الشعب » (أسبوعية نقابية – تونس) الصادرة يوم 15 مارس 2008)

القاضي افتخار شودري
 
محمد الصالح فليس   عزله الجنرال برويز مشرّف من منصبه كرئيس أوّل للمحكمة العليا في محاولة لفكّ الطوق عنه وتهيئة الاجواء لمرحلة جديدة من الاستبداد والقهر والتحالف مع ادارة بُوش، لا سيما أنّ المنفيّين وفي مقدّمتهم الراحلة بناظير بوتو، ونوّاز شريف قد قرّروا العودة الى البلاد لخوض غمار الانتخابات التشريعية وما أن بلغ خبر العزل الى عموم باكستان حتّى بدأت ردود الفعل تتواتر وتتصاعد احتجاجا على قرار العزل وتنديدا بلا دستوريته.   وتجمّعت كلمة المحامين والقضاة والنخب والاحزاب السياسية المعارضة للجنرال لتطلق حملة مساندة للقاضي افتخار شودري وحملة معارضة لقرار معسكر فظّ. وأصبح القاضي رمزا لاستقلال القضاء وعلامة من العلامات القويّة للتشبّث باستقلاليّة المؤسسة القضائيّة عن السلطة التنفيذية. ولم ينبئنا التّاريخ عن حالات كثيرة خرج فيها المحامون والقُضاة وجانب من المواطنين الى الشوارع للتنديد بالاجراء ودعم القاضي افتخار شودري للمطالبة بعودته الى سالف خطّته وقد أدّى تجنّد القضاة في هياكلهم ان عجزت السّلطة عن توفير قُضاة في المحكمة العليا يقبلون بإضفاء الشرعية على قرار الجنرال وانتهى الصّراع بفرض العودة المظفّرة لافتخار شودري الى ممارسة وظائفه على رأس الهيكل الأرفع للقضاء الباكستاني. وتواصلت المعركة بين الانتصار للقانون والشرعية وهمجيّة البندقيّة يرفعها حاكمٌ  استمدّ سلطته من دبّابات عسكرية حرّكها لاغتيال تسلسل سياسي سلمي مدني، ولإرضاء اطماع في باكستان وفي اماكن كثيرة من العالم. ولم تهدأ العاصفة بين القاضي افتخار شودري بما يمثّله من نزاهة وانتصار لاستقلال القضاء  ورفض للهيمنة والعجرفة، وبين حاكم فرضت عليه الانتخابات وضيّقت عليه الخناق حالة الاستنكار العامة لمجمل سياساته اذ عمد مرّة ثانية الى اعادة عزل القاضي ووضعه رهن الاقامة الجبرية في بيته تحضيرا لظروف مواتية له حتّى لا يعترض القضاء على اجراء اعادة انتخابه رئيسا للبلاد. وعاود التضامن مع القاضي المعزول إشعال جذوة التجنّد فتوسعت دوائر الاحتجاج على الجنرال بعد أن عاد للبلاد كلّ من بيناظير بوتو ونوّازْ شريف وتجنّدت الطاقات في حركة قوية للتحضير لانتخابات تشريعية تعيد للشرعية الباكستانية رونقها ونضارتها. ولم تتأخر قُوى الارتداد والتخلّف عن الاقدام على اغتيال زعيمة حزب الشعب بناظير بوتو وهي في أوْج حملتها الانتخابية فمثّل اغتيالها ضارة نفعت الانتخابات حيث مني تحالف مشرّف بهزيمة شنيعة أعادت الأغلبية الى أصحابها الذين كان أزاحهم  بالقوّة وعادت بهذا الانتصار البارز حدّة المطالبات الجارفة باستقالة مشرّف، وبرفع الاقامة عن افتخار شودري وعودته وزملائه من المعزولين الى سالف وظائفهم، وتنطلق بعد الانتخابات الاخيرة جولة جديدة من ذات المعركة التي مازالت تُقابل حاكما أخضع السلطة لجبروته ومجتمعا مدنيا حيا بجمعياته وأحزابه وهيئاته يتوثّب الى دعم علوية القانون وشرعية المؤسسات حماية لأسبقية الإرادة الشعبية. وسوف يذكر التاريخ كما في كلّ مرّة أنّ مسار العدل والاستقلاليّة قد ينحرف بفعل عوامل طارئة لمدّة من الزّمن، ولكنّه لا يمكن ان ينحرف طول الوقْت، لانّ القاعدة في الفعل الانساني تقوم على سيادة العدل والشفافية والحريّة، وما عدا ذلك من مظاهر مناقضة هي قوْسٌ عرضيّ محدود في الزمان والمكان، وأنّ المشوّّه والمتّسم بالظّلْم والانحراف استثناءٌ لا مناص له من أن يُخْلي مكانة للطبيعي من الظواهر بفضل قوّة الارادة والفعل الانسانيين.   (المصدر: جريدة « الشعب » (أسبوعية نقابية – تونس) الصادرة يوم 15 مارس 2008)

زيادة الحاكم!!!
 
ناجي الخشناوي   يحتشد ذهننا نحن التونسيّين، عمّالا أو موظفين، طلبة أو تلاميذ، متعلمين أو أميين، مدنيين أو ريفيين، تقدميين أو رجعيين…. تحتشد أذهاننا جميعا بجملة من المعتقدات التي لا تكرّس إلاّ تأخّر إيماننا بفعل المواطنة الحقيقية، ومن بين تلك المعتقدات التي تجري على ألسننا جريان الدّم في الشرايين تلك المركبات اللغوية المعلومة لنا جميعا وكأنها حقائق ثابتة وليست أوهاما مثل قولنا «عشرة الحاكم» و»زيت الحاكم» و»ضو الحاكم» و»طريق الحاكم» وكذلك «زيادة الحاكم» وهي التي تعنيني ضمن هذه الأسطر العابرة…   تعنيني «زيادة الحاكم» لأننا نعيش هذه الأيام جولة جديدة ومهمة من المفاوضات الاجتماعية حيث تجلس يوميّا إلى طاولة التفاوض، الأطراف الثلاثة بنفس النديّة والحجم وهم الاتحاد العام التونسي للشغل ممثل العمّال والعاملات بالفكر والساعد واتحاد الصناعة والتجارة منظمة الاعراف والطرف الثالث الحكومة ممثلة في مختلف وزاراتها ومؤسساتها العمومية، ومعلوم أن المفاوضات الاجتماعية التي تُجرى مرّة كل ثلاث سنوات تنظر في مستوى عيش «المواطن التونسي» وفي سبيل تحقيق الموازنة بين مستوى الدخل ومستوى العيش وغالبا ما تنتهي تلك الجلسات التفاوضية بإقرار زيادة في الاجور لعموم العمّال والعاملات، غير ان كل المنتفعين  بملاليم الزيادة تراهم في كل شبر من البلاد يتحدثون عن زيادة الحاكم!!! والحال أن الاتحاد العام التونسي للشغل هو الذي يطالب بضرورة تلك الزيادة ولأجلها يكوّن المفاوضين ويدربهم وتناضل كل طاقاته من اجل تحسين الحد الأدنى المعيشي… والحال أيضا أن الحكومة والاعراف غالبا ما يتعللون بالظرف الاقتصادي العالمي او بطبيعة تغير المناخ والطقس الذي أثرّ في  موارد البلاد الطبيعيّة.. تصوّروا طبيبا أو مهندسا أو أستاذا جامعيّا يتحدّث عن زيادة الحاكم وبالمثل تلاميذ معاهدنا وطلاّب جامعاتنا تسمعهم أيام الامتحانات يتحدثون عن تحصيل «عشرة الحاكم» على الاقل.. وكأن الحاكم هو الذي يدرس ويسهر الليالي!! و جدّتي تقول لي إنّها تكرهُ «عظم الحاكم» وأنها تحب «العظم العربي»… وكل المركبات اللغوية الاخرى التي لا تؤكد الا استفحال ذهنية فقدان صيغة المواطنة تلك القيمة المكتسبة عبر جملة من الممارسات وعبر جملة من المبادئ التي يؤمن بها الانسان ولا يمكن للمواطنة أن تُهدى أو تُعطى هكذا مثلما يتوهم التونسيون أن الحاكم يمنحهم الزيادة… ويعبّد لهم الطريق…   (المصدر: جريدة « الشعب » (أسبوعية نقابية – تونس) الصادرة يوم 15 مارس 2008)

باريس تعيش اللحظة الإسرائيلية
 
د. أحمد القديدي (*)           في انتظار الخطاب الذي سيلقيه الرئيس ساركوزي في الكنيست بالقدس بمناسبة الذكرى الستين لتأسيس دولة اسرائيل في الثامن من مايوالقادم حين يكون ضيفا على الدولة العبرية في زيارة دولة تم وصفها في وزارتي الخارجية الفرنسية والاسرائيلية بالتاريخية في انتظار تلك الزيارة فان باريس تعيش لحظة اسرائيلية بالزيارة التي أداها شيمون بيريز رئيس الدولة العبرية يومي11 و12 مارس ودشن خلالها مع وزيرة الثقافة الفرنسية المعرض الدولي للكتاب وألقى خطابا في المنظمات اليهودية بقصر المؤتمرات بفندق كونكورد لافايات وتعرض خلاله لمواجهة مع المتطرفين الصهاينة المزايدين عليه في التطرف الذين هتفوا بخيانته وقاطعوا خطابه.   ولكن الحدث الرمزي الراهن في اللحظة الاسرائيلية لباريس هو تكريس المعرض الدولي للكتاب هذه السنة للاحتفاء بالكتاب والأدباء الاسرائيليين وتكريم اللغة العبرية، وهو ما يتواكب مع احتفال الدولة الاسرائيلية بالذكرى الستين لميلادها في الأيام التي يطلق عليها أشقاؤنا الفلسطينيون نعت النكبة لأنهم فقدوا خلالها وطنهم وتم استبدال شعب أصيل بشعب دخيل لأول مرة في تاريخ البشرية وبارادة القوى الأمبريالية الغربية التي اضطهدت اليهود في كل مراحل ماضيها وأرادت التكفير عن جرائمها باهداء فلسطين لزعماء الشعب اليهودي الموزع على بلدان العالم!   ولا أخفيكم أيها القراء الكرام أني أشفق على الهيئات والمنظمات العربية التي قاطعت المعرض الدولي للكتاب في باريس احتجاجا على هذا التكريم الفرنسي لاسرائيل كأنما توحي هذه المقاطعة البائسة بأن العرب ناشرين وكتابا ومؤسسات ثقافية كانوا يشاركون فيه من قبل وكان لهم حضور! بينما كانوا على مدى السنين الطويلة غائبين تماما عن هذا العرس العالمي للفكر، وقد كنت كتبت كل عام ونقلت حيرة الزوار الأوروبيين الذين كانوا يسألونني عما يجدونه عن ابن خلدون والرازي وابن المقفع والطبري وابن منظور وحتى محمود درويش وجبران ونجيب محفوظ لدى الناشرين العرب ولكن الناشر العربي غير موجود واقتصر الحضور العربي في بعض الأحيان على (ستاند) دعائية فجة لدولة عربية أو أخرى زينته صور القائد الأوحد على جواد عربي أصيل مما لا يستسيغه لا الذوق الغربي ولا العقل الغربي! وأذكر أنني منذ سنوات كنت أزور المعرض مع صديقي الراحل وزير خارجية فرنسا (ميشال جوبير) ورأينا هذا الجناح العربي فقال لي ميشال بضحكته الدبلوماسية الساخرة: لعلنا أخطأنا فدخلنا خلية الحزب الحاكم عوض جناح في معرض الكتاب!   العلاقات الجديدة بين فرنسا واسرائيل مع المنعرج الساركوزي ليست جديدة تماما لأنها حافظت حتى مع الرؤساء الفرنسيين الديجوليين على ثوابت مصلحية مستقرة لا تتغير وانما يضع عليها شيراك مثلا بعض المساحيق الملونة الذكية ليؤكد مواصلة السياسة العربية لباريس. وصدر هذه الأيام كتاب الخبير الفرنسي في الشأن الشرق أوسطي مراسل التليفزيون الحكومي في القدس (شارل أندرلان) بعنوان (بالنار والدم: تاريخ تأسيس دولة اسرائيل) ليؤكد أن فرنسا هي التي سلحت عصابات الأرغون وشترن حين كانت تفجر فندق الملك داود وتغتال مبعوث منظمة الأمم المتحدة الكونت برنادوت، وذلك أثناء حكومة جورج بيدو بباريس عام 1947، وهذا ما يفسر كلمة شيمون بيريز عند وصوله مطار باريس حين قال: ليست هناك أمة من الأمم في الدنيا ساعدت اسرائيل وناصرتها مثل فرنسا (استجواب لصحيفة لوفيجارو 10 مارس) ثم إن فرنسا هي التي كانت وراء التسلح النووي الاسرائيلي عام 1957 وشاركت في العدوان الثلاثي على مصرعام1956 . كما رواه لي شخصيا مهندس ذلك العدوان وزير خارجية فرنسا الأسبق كريستيان بينو. يقول المحلل السياسي الفرنسي (ألن بارلويه): إن فرنسا حين تتصالح مع اسرائيل فانها تهدف الى اعادة ثقلها المفقود في التأثير على مسار السلام في الشرق الأوسط لأنها تحظى بمنزلة الدولة التي لا تعادي الشعوب العربية وتحتفظ بثقة اسرائيل. هذا الرأي للمحلل الفرنسي يهمل الأصل في هذه العلاقات وهوالتغيير الذي أحدثه الرئيس ساركوزي في الدبلوماسية الفرنسية حين انحاز أكثر للرؤية البوشية للقضية (أي رؤية الادارة الأمريكية الراهنة لا السياسة الأمريكية عموما) وهذه الرؤية البوشية أو المحافظة الجديدة هي التصور الانجيلي المغلوط لأزمة الشرق الأوسط من منظور التعصب الصهيوني الأسطوري لا من منظور التوازن الدولي الضروري للأمن العالمي! والدليل على افلاس هذه التصورات الأمريكية هو تعاقب مخططات السلام الأمريكي للقضية الفلسطينية بدءا من أوسلو إلى أنابوليس مرورا بالموؤدة خريطة الطريق. وقد كان المحلل السياسي الفرنسي المعروف (دونيس سافير) مدير ورئيس تحرير مجلة (بوليتيس) منصفا حين قال صباح السبت الماضي على أمواج اذاعة (راديوفرانس انترناسيونال) إن باريس تنظر الى نتائج المأساة وليس الى جذورها الحقيقية حين يصدر بيان الخارجية الفرنسية بعد مجزرة غزة، داعيا الطرفين الى التهدئة وضبط النفس كأنما الأمر يتعلق بمواجهة بين جيشين متساويين متحاربين عوض البحث عن مخاطر خنق قطاع غزة وتقسيم فلسطين الى فلسطينين اثنتين وتجويع مليون ونصف المليون من البشر وقصف الأبرياء من نساء وأطفال ورضع بالطائرات والصواريخ ! نعم ! والله هذا قول أحد الفرنسيين الأحرار في حق سياسة بلاده وهو مبعث أملنا نحن العرب والمسلمين بأن معركة الرأي العام في الغرب يمكن كسبها ولكن لمن تقرأ زبورك يا داود فالعرب في واد والعالم في واد ونحن ننزلق مع الأسف الى سفاسف الأمور وتفاصيلها في مجال العلاقات الدولية بينما تنجح السياسة الاسرائيلية في جر فرنسا كلها هذا العام جرا قسريا للاحتفال بعيد ميلادها الستين بفضل استخدام أداة الكتاب والثقافة.   والحقيقة المرة الأخرى التي أعرفها في باريس وربما في أغلب عواصم الغرب هي أنه ليس لدينا في سفاراتنا العربية ملحقون ثقافيون! أما اذا احتجت بعضها على ما أدعيه وذكرت بأن لديها ملحقا ثقافيا في سفارتها الى جانب الملحق العسكري والأمني فان سؤالي يصبح: كم وزع هذا الدبلوماسي المثقف من كتاب وكم من مقال صدر عن الفكر العربي والكتاب العربي في البلاد التي هو معتمد لديها؟ والله الهادي الى سواء السبيل.   (*) رئيس الأكاديمية الأوروبية للعلاقات الدولية بباريس   (المصدر: صحيفة « الشرق » (يومية – قطر) الصادرة يوم 19 مارس 2008)


لا لتوظيف الاقتصاد في المعارك السياسية
 
صلاح الجورشي (*)   كنا بورشة عن حرية الإعلام في العالم العربي، عُقدت قبل سنتين أو أكثر في مدينة الدار البيضاء. وكان من بين المشاركين الزميل «روبار مينار» الذي يدير منظمة «مراسلون بلا حدود»، وهي منظمة مختصة بالدفاع عن الصحافيين، وتعتبر من بين الجمعيات التي تتمتع بحركية واسعة ومثيرة للجدل، نظرا لبعض الوسائل التي تلجأ إليها من حين لآخر من أجل إرباك الأنظمة الحريصة على الحد من حرية التعبير والصحافة. ولهذا السبب تعددت الاشتباكات بين هذه المنظمة وبعض الحكومات، إلى حد العداء والقطيعة، خاصة في علاقتها بالنظامين المصري والتونسي. في هذه الورشة وجدت نفسي مختلفا بشكل واسع وقطعي مع زميلي الفرنسي. نحن نلتقي حول مبدأ النضال من أجل حماية الصحافيين من كل اضطهاد مباشر أو غير مباشر يمكن أن يحد من دورهم، أو يمنعهم من الوصول إلى مصادر الخبر، أو يدفعهم دفعا نحو ممارسة الرقابة الذاتية، وهي رقابة قاتلة ومدمرة للمهنة وللذات الصحافية معا. كما نلتقي أيضا حول ضرورة بناء حالة تضامن قوي وفاعل بين الصحافيين داخل كل بلد، وبينهم وبين بقية زملائهم في العالم. فحرية الصحافة والتعبير مثلها مثل بقية الحقوق لا تعترف بالحدود، ولا يمكن أن تحد منها الخصوصيات أو مفهوم السيادة. لأن الإنسان في هذا السياق هو الكائن الجوهر المتعالي عن كل الخصوصيات الثقافية والدينية والسياسية وغيرها. فالخصوصية هي التي يجب أن تتكيف مع الحرية والحق والمساواة، وليس العكس. لقد اختلفنا حول مسألة تعتبر من وجهة نظري ومن وجهة نظره أيضا مهمة وأساسية. كانت يومها الاستعدادات ماضية لعقد الجزء الثاني من قمة المعلومات التي احتضنتها تونس في أواخر العام 2005، وهي القمة التي ثار جدل كبير حول مدى مشروعية عقدها في تونس، نظرا للموقف الأكثري الذي تتخذه منظمات حقوق الإنسان مما تعتبره انتهاكات، خاصة في المجال الإعلامي. وقد انبرى يومها تيار، من بين رموزه السيد مينار، يضغط في اتجاه منع عقد القمة في تونس، معاقبةً لنظامها السياسي. بل إن أصحاب هذا الطرح يذهبون إلى أكثر من ذلك، حيث يجيزون الدعوة إلى منع المساعدات الدولية عن الدول التي يصفونها بغير الديمقراطية، أو أنهم يحرِّضون السيَّاح الأجانب على الامتناع عن زيارة الدول كشكل من أشكال الضغط، حتى لو كانت السياحة تشكل عمودا فقريا لاقتصادات هذه الدول، مثلما هو الشأن بالنسبة لتونس. أنا ضد هذا المنطق، وأختلف مع أصحابه جذريا، نظرا لما يمكن أن ينجر عنه من تداعيات خطيرة على شرائح واسعة من مواطني هذه الدول. أنا أعلم أن نوايا أصحاب هذا الأسلوب في الضغط سليمة، لأن هدفهم من ذلك تكثيف الضغط من أجل توسيع رقعة الحريات، وهو ما مورس في مراحل سابقة ولايزال ضد دول عدَّة من بينها الصين. لكن النتائج كشفت أيضا عن مدى خطورة مثل هذه الاستراتيجية على شعوب بأكملها. فالدفاع عن الحقوق والحريات يجب أن يتقيد في كل الأحوال والظروف بسقف إسمنتي صلب وقوي هو سقف عدم المساس بالمصالح الوطنية. تذكرت هذه الحادثة التي مرت عليها سنتان، وأنا أتابع بقلق شديد هذه المحاولة الثانية التي قام بها تنظيم القاعدة فيما يسمَّى بالمغرب الإسلامي. لقد وجه تهديدا قويا للسياح الأجانب في محاولة لإثنائهم عن الإقبال على تونس وبقية دول المغرب العربي المعروفة بنهضتها السياحية. والتنظيم يرمي من وراء ذلك إلى استعمال ورقة التخريب الاقتصادي، ليس فقط للضغط على حكومات المنطقة، ولكن كوسيلة إضافية لاستراتيجية العنف من أجل الإطاحة بالأنظمة التي يصفها بالمرتدة. هنا لا بد من نقطة نظام. أنا لست بصدد المقارنة بين من يطالب بالضغط على الحكومات من منطلقات ديمقراطية وحقوقية وبين جماعات العنف التي لا تتردد في اللجوء إلى كل الوسائل، بما في ذلك غير المشروعة، من أجل إقامة أنماط من الحكم مناهضة للحداثة والديمقراطية. إن الخلط بين الطرفين خطأ منهجي وجزء من مغالطة لا أقبل الانخراط فيها بأي شكل من الأشكال. وإنما الذي قصدته: أن استهداف الاقتصاد الوطني من شأنه أن يحدث من الأضرار أكثر بكثير مما يتوقع أن يحدثه من إيجابيات، إن كانت هناك أصلا إيجابيات. فالحرمان الاقتصادي لم تتضرر منه الأنظمة بقدر ما أصاب المواطنين بضربات قاتلة أحيانا، مثلما حدث في العراق. فالأنظمة تملك القدرة في النهاية على امتصاص الضغوط من هذا القبيل، في حين أن الشعوب تدفع أحيانا حياة جزء من أبنائها ونسائها. يضاف إلى ذلك أن إرباك أوضاع الجماهير لا ينتج بالضرورة ثورات ديمقراطية حقيقية، وإنما سبق أن أنتج أنظمة سياسية شرسة، أو أورث حالة من الفوضى غير البناءة كما يقال. من هذا المنطلق، توفر «القاعدة» أو جماعات العنف عموما حجة إضافية لتعميق الفجوة بينها وبين الشعوب التي ترفض العنف، ولكنها ترفض بشكل أشد كل ما من شأنه أن يؤدي إلى مفاقمة أوضاعها الاقتصادية. ولهذا كان موقفا ذكيا وصحيحا ذاك الذي أعلن عنه السيد نجيب الشابي مرشح «الحزب الديمقراطي التقدمي» للانتخابات الرئاسية المقبلة في تونس، عندما أدان عملية خطف السائحين، ورفض المساس بالاقتصاد الوطني. وهو موقف تشاطره فيه كل قوى المعارضة، بل كل المواطنين التونسيين، بمن فيهم الأشد فقرا أو الذين يعانون نقصا فادحا في الحرية والحقوق.   (*) كاتب تونسي   (المصدر: صحيفة « العرب » (يومية – قطر) الصادرة يوم 19 مارس 2008)

نص الحديث الذي أجراه السيد عبد الحكيم أحمين الصحفي بجريدة التجديد المغربية، مع الأستاذ عبد الجليل التميمي:

مؤسس المجلة التاريخية المغاربية د. عبد الجليل التميمي للتجديد: على الحركة الأمازيغية أن لا تكون نزعتها هجومية وألا تذوب هويتها في هوية أوروبية أو أمريكية

 
دعا الأستاذ المتميز بالجامعة التونسية ومدير مؤسسة التميمي للبحث العلمي والمعلومات بتونس ومؤسس المجلة التاريخية المغاربية Revue d’Histoire Maghrébine الدكتور عبد الجليل التميمي إلى احترام التوجه الإثني للحركة الأمازيغية في المغرب العربي بحيث لا تشكل « الفروقات العرقية حاجزا للاندماج الحضاري بيننا جميعا » من أجل إيجاد رؤية مستقبلية تتفاعل فيها كل القوى لإيجاد الإنسان المغاربي أو العربي عموما، وبحيث نصل إلى هوية تنصهر فيها كل الفروقات لهدف إستراتيجي كبير في هذا العالم الذي لم يعد يؤمن لا بالهوية الإثنية ولا بالهوية المحلية.   في حوار أجرته التجديد معه أثناء مشاركته في ندوة الهوية والمعلوماتية بالدوحة أخيرا، قال الدكتور التميمي إن على الحركة الأمازيغية أن لا تكون نزعتها هجومية وتغذي الفروقات بيننا جميعا وعدم ذوبان هويتها في هوية أوروبية أو أمريكية، وأوضح أن هروب الأمازيغية إلى اللغة الفرنسية يضر الأمازيغيين أنفسهم.   من جهة أخرى طالب د. التميمي الرئيس السابق للاتحاد العربي للمكتبات والمعلومات الأمة العربية بالانخراط في العولمة وتطويعها في مصلحتنا من أجل الاستفادة من قنواتها ومن سبلها، وقال « إذا لم نستفد من هذه العولمة سيجرفنا التيار ونضيع كل شيء, فنحن لا بد أن نساهم في إقناع الآخرين بحسن توظيف العولمة لصالح الأمة ولصالح الأجيال الصاعدة ».   ولمواجهة تقهقر اللغة العربية قال إنه عندما نقنع الشباب أن اللغة مبسطة يومئذ لا يخشى على العربية, لكنه أشار إلى أن الرهان الأساسي في هذا هو معرفة كيف نعمم تدريس اللغة العربية بأقصر وبأجمل وبأنجح السبل, وكيف نستحدث لغة مبسطة عن طريق كل وسائل الإعلام. وتاليا نص الحوار:   – ماهي حقيقة الهوية في عالمنا العربي؟   ليس هناك اتفاق على مفهوم الهوية, فالهوية الحقيقية هي الانتماء لصدى حضاري عميق وله مميزات ودين ولغة وتقاليد وغيرها, فهو في الحقيقية امتزاج لكل هذه المعطيات في كينونة تسمى الهوية العربية الثقافية, كل هذه الأشياء الدين واللغة والتقاليد والعادات والأصول والحضارة, كلها تشكل الجسر الحقيقي المتفاعل مع بعضه بعضا, وهو ما أطلق عليه بالهوية.   – إذا كانت هذه هي ملامح الهوية العربية, فمن الذي يحددها في ظل هذه الفوضى الموجودة حاليا في الساحة العربية؟   الذي يحددها هم الباحثون والنخب والأكاديميون، هم الذين يسعون لتأطير هذه المساقات وإيجاد أرضية مشتركة بين هذه المفاهيم المكونة للحضارة. أي أن الهوية الثقافية العربية هي هذه المفاهيم التي تنتمي إلى صدى حضاري معين, إلى إنجازات معرفية على الصعيد المكاني والزماني, وبالتي أيضا إلى اللغة, وبالتالي إلى الطابع الديني لهذه الشعوب, والذي يحدد ذلك هم علماء الاجتماع, والمؤرخون والفلاسفة أيضا وعلماء الدين، وإن كان لدي بعض الحذر, لأنهم يقولبون كل شيء وفقا للمعطى الديني. فالمعطى الديني يشكل عنصرا من العناصر وليس كل العناصر, فهناك العنصر الديني والعنصر الفلسفي والاجتماعي والتاريخي كل هذه تشكل نوعا ما نماذج تصب في هذه الرؤية المشتركة لعناصر الهوية الثقافية العربية.   – في العالم العربي هناك فئة تقول إنها في حالة صحوة, وفئة أخرى تقول إنها تعيش فترة انتقال إلى الحداثة, وفئة تقول إنها تعيش حالة ما يسمى إحياء مثل الدعوات الأمازيغية وغيرها, في هذا الإطار كيف نوحد إطار العمل من وجهة نظرك؟   هذا التوجه لا أقول العرقي ولكن الإثني لابد أن نحترمه ونحترم كل الأقليات, هذه قناعة نعبر عنها , إذ هذه الأقليات تعيش معنا في الوطن العربي منذ قرون, الأقلية اللغوية والأقلية العرقية والأقلية الدينية أيضا, فهناك مسيحيون يعيشون معنا, وبالتالي في رأيي يجب أن لا تشكل الفروقات العرقية حاجزا للاندماج الحضاري بيننا جميعا, لابد أن نتواصل لإيجاد رؤية مستقبلية تتفاعل فيها كل هذه القوى لإيجاد الإنسان المغاربي أو العربي عموما.   – ما هو السبيل لهوية موحدة إذا تعارضت مصالح سياسية مع تحديد الهوية؟   لا داعي لتوحيد الهوية, لماذا نسعى دوما إلى فرقعة كل هذه الأشياء من أجل هوية واحدة, أنا أقول المجتمع المغاربي تجمعه هوية مغاربية فيها العربية وفيها الأمازيغية وفيها البربرية، فهذه هوية مغاربية تخضع إلى عناصر تكونها من جميع العناصر المؤلفة لهذه الهوية, فأنا أنادي بهوية تنصهر فيها كل هذه الفروقات لهدف إستراتيجي كبير في هذا العالم الذي لم يعد يؤمن لا بالهوية الإثنية ولا بالهوية المحلية, لا بد أن نسعى تماما إلى إيجاد عناصر فاعلة وإيجابية ومغذية لهويتنا, هوية تحترم العناصر الأخرى, هوية تحترم بقية الهويات, وتحترم اللغات, وتحترم الأديان.   – كيف تنظرون إلى إحياء البعد التاريخي لقوة معينة ما, مثلا الأمازيغية، والدعوة إلى أن تسود في المنطقة المغاربية على حساب المصلحة الوطنية؟   أنا أنادي بالاندماج, بمعنى احترام الأمازيغية كفضاء حضاري وكمجموعة لها خصوصيتها اللغوية والحضارية, وأنادي باحترامها, ولكن يجب أن لا تكون هذه النزعة هجومية وتغذي الفروقات بيننا جميعا, فلا بد من أن يكون هناك انسجام وتواصل بين الكل, فالهدف الأساسي عدم ذوبان هذه الهوية في هوية أوروبية أو أمريكية, أما وجود هوية اندماجية مغاربية فلا بأس منها, وأن لا تسيطر إثنية معينة على البقية بمعنى الانتماء إلى هوية عربية في تمازج وتزاوج ومقاربات مغذية بعضها لبعض.    – كيف تنظر إلى إحياء الأمازيغية عن طريق كتابتها باللغة الفرنسية؟   شخصيا لا أتفق مع مثل هذا الاتجاه, أنادي بأن تدرس الأمازيغية في المدارس المغربية والجزائرية, أنادي بأن يكتب الأمازيغيون بلغتهم, لا مانع بأن يكتب الأمازيغيون أدبهم بلغتهم, عليهم أن يأقلموا هذه اللغة حتى تدرس وتكتب بها الأمازيغية في المغرب العربي, هروبهم إلى اللغة الفرنسية هذا يضر الأمازيغيين أنفسهم.   – كيف تقيم دور المعلوماتيات في تغيير الواقع العربي؟   للاستفادة من هذا التيار الجديد للعولمة, أقول لا مستقبل للأمة العربية إذا تركت العولمة جانبا,لا بد أن نطوعها في مصلحتنا ونستفيد من قنواتها ومن سبلها ومن مساقاتها, العولمة فرضت على الجميع وعلى العالم أجمع, وإذا لم نستفد من هذه العولمة سيجرفنا التيار ونضيع كل شيء, فنحن لابد أن نساهم في إقناع الآخرين بحسن توظيف العولمة لصالح الأمة ولصالح الأجيال الصاعدة, لابد أن نسعى لتوظيف هذا التيار الجديد للأجيال القادمة, لابد للشاب القطري والمصري والمغربي أن يسعى لتوظيف العولمة حتى يبني كينونة ووجودا ثابتين والتواصل مع الآخرين.   – ما هي السبل والوسائل التي تقود إلى تحقيق هذا التغيير؟   لابد من أن نتبنى رؤية جديدة للتعليم في المدرسة، ونغير آليات البيت, وآليات التلفزة, ونقنع الجيل الجديد خاصة الشباب بأن العولمة لصالح تكوينه والإنترنت يجب أن تُستخدم لصالحه ولصالح مستقبله, فضروري أن نبدأ من البداية، من السن الثالثة بحيث تعمم هذه الوسائل, وأن تقدم الدروس مجانا وتفرض على الجامعة والمدارس وندخل في دوامة جديدة من هذا التغيير, يومئذ سنستفيد من العولمة استفادة حقيقية فاعلة وإيجابية.   – كيف تنظر لدور اللغة العربية في عصر المعلوميات؟   نحن عندنا لغة رائعة ومقدسة, لا بد من تطويعها ومنحها صلاحية توظيفها على صعيد الإنترنت, معظم المواقع باللغات الأجنبية وبالإنجليزية أساسا, لماذا لا توجد مواقع باللغة العربية متنوعة وسهلة الاستعمال والتوظيف, بحيث نقنع الآخرين بالتعامل معها, وننشر أهم نصوصنا وأهم أبحاثنا بهذه اللغة, هذه وظيفة الجميع, اللغة العربية لغة رائعة, وأنا أعتقد إذا لم نمنحها هذه الدرجة من الأهمية فالخوف كل الخوف من المستقبل.   – لكن الخوف من المستقبل هو الذي يدفع الشعوب إلى تعلم اللغات الأجنبية من أجل لقمة العيش ومن أجل الوظيفة ومن أجل المستقبل؟   على الدول البترولية الغنية أن تجد الأطر والمناخات والمختبرات, وعوض أن ننزلق في حضارة الإسمنت لننزلق في حضارة العلم والمعرفة, وبناء الفكر يحتاج إلى أطر, يحتاج إلى برمجة وإلى حوارات وإلى تفعيل حتى دور الجامعات افتراضية.    – ما هو السبيل إلى حلّ إشكال تعميم العامية حتى في الإنترنت خاصة في ظل « تقهقر » اللغة العربية في واقعنا؟   الرهان الأساسي في هذا هو معرفة كيف نعمم تدريس اللغة العربية بأقصر السبل وبأجمل السبل وبأنجح السبل, وبالتالي نسهل على الآخرين ونسهل على الشباب ونستحدث نوعا ما لغة لا أقول لغة مائعة بل بالعكس لغة مبسطة خاصة عن طريق الإذاعات العربية وعن طريق التلفازات العربية وعن طريق الوسائل السمعية البصرية. عندما نقنع الشباب أن اللغة مبسطة يومئذ لا يخشى على اللغة العربية, الآن يخشى عليها فاللحن موجود, عدم استعمالها موجود, العامية تجد في المغرب العربي أرضية بشكل رهيب, حيث تجد مثلا إذاعة تونسية ضربت قداسة اللغة العربية وهمشت العربية بترويج كلام لا هو عربي ولا هو فرنسي، بل هو كلام غير لائق, هذه مسؤولية الخبراء والمربين، ومسؤولية وزارة التربية في العالم العربي وفي المغرب العربي عليهم أن يقفوا حائلا دون هذه الانتهاكات.   – ما هي رسالتك ونداؤك لوسائل الإعلام والأحزاب والحكومات؟   عليهم أن يمنحوا الثقة للعلماء المخلصين العاملين الذين ضحوا بحياتهم من أجل الدفاع عن هذه الأمة عن طريق البحث العلمي، خاصة أنهم منحوا الأمة العربية موقعا جديدا, فمثلا نحن في مؤسستنا الوحيدين في العالم العربي التي تنشر بعدة لغات, والعالم الغربي يعتبر مؤسستنا مؤسسة استثنائية ولم تعد مؤسسة عربية بل هي دولية, لو تعددت مثل هذه المؤسسات والمراكز في الوطن العربي لكان الأثر كبيرا. نحن نقول للسياسيين ورجال الأعمال انتبهوا إلى فئة معينة من الناس يعملون دون ضجيج ودون دعاية من أجل تشريف هذه الأمة, وهذه هي رسالتي للجميع, انتبهوا إلى هذا الجيل الذي ضحى من أجل هذه الكلمة.   (المصدر: مراسلة اليكترونية من مؤسسة التميمي بتاريخ 19 مارس 2008)

 

رئيس الوزراء الدنماركي يستنكر أعمال و أقوال السياسي الهولندي فيلديز

 

في تعقيب سريع  له على تصريحات السياسي الهولندي قيرت فيلديز والتي مدح فيها رئيس الوزراء الدنماركي ، أعرب السيد أندرس فوه راسموسن عن إستنكاره لأعمال فيلديز و نئى عن نفسه مديح السياسي الهولندي. و قال راسموسن في بيان صحفي وصلت نسخة منه لأخبار. دك  » أنا أستنكر و بشدة آراء قيرت فيلديز و أرفض محاولته لزج الحكومة (الدنماركية) فيها، الحكومة متميكة بحرية التعبير ، و لكنني أرغب مرة آخرى التأكيد على أننا لا نشاطر فيلديز أفكاره و آراءه » و شدد البيان على أن الحكومة الدنماركية تحترم جميع الأديان و جميع المشاعر الدينية لكافة الناس. و يأتي بيان رئيس الوزراء بعد تصريحات لقيرت فيلديز امتدح فيها أندرس فوه راسموسن حيث قال للتلفزيون الدنماركي » كنت اتمنى وجود رئيس وزراء كرئيس الوزراء الدنماركي في هولندا ، و لكن للأسف يوجد عندنا(في هولندا) جبان، لا يتمسك  بمواد الدستور التي تتحدث عن حرية التعبير، و لكنه في المقابل اختار أن ينضم إلى طالبان » و أضاف فيلديز للتلفزيون الدنماركي أنه يرى أن السياسيون الهولنديين لم يكونوا متجاوبيين كالحكومة الدنماركية. و جاءت تصريحات فليلديز أثناء زيارة قصيرة للدنمارك يوم أمس الثلاثاء، تحت حراسة أمنية مشددة. و بدوره اعتبر رئيس الوزراء أعمال و أقوال فيلديز بأنها أعمال مسيئة و قال في نفس البيان » و كذلك فأنا استنكر تصريحات قيرت فيلديز المسيئة للمسلمين ، أنا أجد هذه التعبيرات مسيئة جداً، أنها قاسية جداً لدرجة أنني لا أتمنى أن تذكر في النقاش العام بهذه الطريقة » رسومات مسيئة جديدة في الطريق في تحدي جديد لمسلمي الدنمارك أعربت جميعة  » أوقفو أسلمة الدنمارك » عن نيتها نشر رسومات جديدة على غرار الرسم المسيئ الذي رسمه كورت فيستيرقورد في عام 2005. و قال رئيس الجمعية أندرس قراوفيرس  لصحيفة البوليتيكن  » هذا الرسم أثار غضب المسلمين الشديد على الدنمارك، و لكن يوجد هناك طريقة للتعامل مع ذلك، و هي أن نستمر في عمل ما يُتعب الناس، فقط الإستمرار بذلك، حتي لا يستطيعو أن يخرجو علبة الثقاب من جيوبهم » و كشف أندرس للصحيفة أن الجمعية طلبت من فنانيين دنماركيين رسم « محمد » بنفس الطريقة التي رسمها فيستيرقورد. وأوضح أندرس أن جمعيته تقوم بهذا العمل لأن القضائ الدنماركي منعها من إستخدام رسومات كورت فيستيرقورد في الإعتصام الذي نظمته الجمعية في مدينة ألبورج( الواقعة شمال جزيرة يولاند)  يوم السبت الماضي. و شارك العشرات في إعتصام نظمته الجمعية الذي حظي بتغطية إعلامية كبيرة و عقد تحت إجراءات أمنية مشددة. ومن جانبهم قام مسلمي مدينة ألبورج بتنظيم إعتصام مضاد في نفس المكان و لم تسجل أي أعمال شغب في المنطقة.  و رفض قادة المؤسسات الإسلامية في المدينة التحدث لأجهزة الإعلام و لكنهم كشفوا لأخبار.دك انهم يعملون على تجاهل الإستفزازات. يذكر أن عدد المسلمين في مدينة ألبورج يتراوح بين 1500 و 2000 مسلم و مسلمة ، أغلبيتهم ينحدرون من أصول فلسطينية و صومالية. إجتماع بين المخابرات الدنماركية و الأئمة عقدت المخابرات الدنماركية العامة إجتماعاً يوم أمس مع بعض الأئمة في الدنمارك ، و تأتي هذه الخطوة في إطار التنسيق الدائم الذي يجري بين الأئمة و المخبرات الدنماركية و الذي بدأ في عام 2004.  هذا ما نقلته صحيفة البوليتيكن الدنماركية في عدد الثلاثاء.  ونقلت الصحيفة  عن المتحدثة بإسم المخابرات الدنماركية أنيه دالقورد نيلسن قولها بأن المخابرات تسعى لتوسيع دائرة الحوار و الإجتماعات لكي تضم بعض الأئمة الذين يحملون أفكار متشددة ، حسب وصفها.  يذكر ان المخابرات الدنماركية قدر رفعت حالة التأهب في الدنمارك الأسبوع الماضي. وذكرت الصحيفة بالعلاقة التي تجمع بعض أئمة منطقة أودنسه مع المخابرات ، حيث ذكرت أن اثنيين من أئمة أودنسه كانو على علم مسبق  بحملة الإعتقالات التي حدثت قبل عاميين. ورفضت المخابرات الدنماركية الإفصاح عن اسماء الأئمة الذين تصفهم بالمتشددين و قالت أن الحوار يجب أن يكون مبني على « مصداقية متبادلة » . يُذكر أن حزب الشعب الدنماركي اليميني قد إبدى إعتراضه على عقد إجتماعات مع الأئمة و و صف عقدها بأنه  » مضيعة للوقت » . ناصر خضر يعتبر التعاون بين الامن والائمة مضيعة للوقت      اعتبر مسؤول حزب التحالف الجديد ناصر خضر بأن التعاون القائم بين المخابرات الدانماركية المعروفة اختصارا PET  والأئمة في الدانمارك بأنه مضيعة للوقت.   ويعتبر خضر بأن هذا التعاون، الذي يأخذ أشكالا من التحدث حول أمور المسلمين، هو بمثابة « تعزيز لنفوذ هؤلاء الائمة » بعيدا عما سماه « الممثلون الحقيقيون للمسلمين » دون أن يوضح من هم هؤلاء الذين يعتبرهم الممثلون الحقيقيون للمسلمين.   وقال خضر  » لا أفهم بأنه في كل مرة تحدث فيها مشكلة فإن الجواب يكون من خلال الائمة.. إمام هنا وامام هناك.. في القضايا الاجتماعية والشبابية والارهاب.. كلها قضايا يجري بحثها مع الائمة؟ » حسبما قال خضر.   وأضاف خضر بأنه ليس هناك ضمانات لوجود أية فعالية ايجابية باشراك المسؤوليين الدينيين  وانه » يجب التركيز على  عمل شيئ لاختراق تلك المجموعات وافهامها بأننا نراقبها بعيون مفتوحة ونترك الأئمة يقومون بعملهم في المساجد.   وبدلا عن ذلك يطالب حزب التحالف الجديد المخابرات الدانماركية بأن توسع علاقتها مع المجوعات الدنيوية والاتحادات بدل الائمة.  نقلا عن: اخبار دك  مراسلة: عبدالحميد الحمدي- الدنمارك


اتهامات لوزيري الداخلية والإعلام المغربيين بالتأثير على القضاء

بلعيرج: الأسلحة المضبوطة كانت موجهة إلى الجزائر

 
الرباط – إسماعيل روحي    فاجأ عبدالقادر بلعيرج، الذي تتهمه السلطات المغربية بكونه زعيم الخلية الإرهابية، مساء أمس الأول قاضي التحقيق المختص في قضايا الإرهاب بمحكمة الاستئناف بسلا (قرب الرباط) خلال التحقيق التفصيلي من خلال كشفه أن الأسلحة التي ضبطتها السلطات المغربية بالناظور (شمال المغرب) كانت موجهة للجناح العسكري لجبهة الإنقاذ الإسلامية الجزائرية، لكن الصفقة ألغيت بعد انخراط الجبهة في مبادرة الوئام المدني التي قادها الرئيس الجزائري، عبدالعزيز بوتفليقة والرامية إلى العفو عن المسلحين الذين يسلمون أنفسهم وأسلحتهم إلى قوات الأمن. وفي سياق ذلك، اتهمت هيئة دفاع المتهمين المتحزبين الستة المعتقلين في إطار خلية «بلعيرج» كلا من وزير الداخلية المغربي شكيب بن موسى، ووزير الاتصال (الإعلام) خالد الناصري، بالتأثير على القضاء. وربط النقيب عبدالرحيم الجامعي، عضو هيئة دفاع المتهمين المتحزبين خلال مؤتمر صحافي أمس بالرباط، مشاركة موكليه الستة في التحقيق التفصيلي بحصول هيئة الدفاع على نسخ مصورة من ملف القضية، وقال «لن يكون هناك تحقيق تفصيلي مع موكلينا ما لم نتسلم نسخا من ملف القضية»، مؤكدا أنه «ليس هناك مجال لأية مقايضة، فنحن نطالب بحقوقنا المقررة في القانون، ونحن لا نطلب منحا أو امتيازات، وقاضي التحقيق ملزم باطلاعنا على الملف». وأضاف الجامعي «نحن اليوم بصدد فضح الاعتداءات التي تتعرض لها حقوق الدفاع منذ بداية البحث التمهيدي مع المتهمين قبل أن توجه لهم أي تهمة، التي ابتدأت باحتكار وسائل الإعلام بهدف التشويش على القضاء». وأشار الجامعي «نحن اليوم ندق ناقوس الخطر بالنسبة لتاريخ المغرب لأن ما يجري عودة إلى سنوات الرصاص عبر سعي وزارة الداخلية إلى خنق جميع الأصوات المعارضة». ومن جانبه، أوضح المحامي خالد السفياني، منسق الهيئة «أن الملف شابته مجموعة من الخروقات القانونية الجوهرية، حيث قام وزير الداخلية في الوقت الذي كان فيه الملف بين يدي الشرطة القضائية بعقد مؤتمر صحافي تضمن كشفا عن مجريات البحث التمهيدي من وجهة نظره وبطريقة توهم أن كل من اعتقل في هذه القضية وجدت في حوزته ترسانة الأسلحة التي عرضت على وسائل الإعلام». وأضاف السفياني «أن وزير الداخلية لاحق له في الاطلاع على مجريات البحث التمهيدي الذي تجريه الشرطة القضائية الخاضعة لسلطة الادعاء العام وحده». وانتقد السفياني تصريحات وزير الداخلية التي قال فيها إن المعتقلين في القضية ارتكبوا الأفعال المنسوبة لهم، وهو ما اعتبرته الهيئة «إصدار حكم إدانة يهدف إلى التأثير على القضاء». وأشار السفياني أن إقدام الوزير الأول على إصدار مرسوم بحل حزب «البديل الحضاري» مستندا إلى الفصل 57 من قانون الأحزاب قبل متابعة المعتقلين من طرف الادعاء العام يشكل إفشاء لأسرار البحث التمهيدي التي لا حق للوزير الأول في الاطلاع عليها ولا إفشائها عندما برر في مرسومه أن الحل جاء «بثبوت العلاقة بين هذه الشبكة وتأسيس حزب «البديل الحضاري». وأشار «أن قضية بلعيرج عرفت استغلالا غريبا ومخيفا لوسائل الإعلام الرسمية من طرف وزارة الداخلية من أجل الترويج لما سمي بالرواية الرسمية». وانتقدت هيئة الدفاع رفض قاضي التحقيق تمكينها من نسخ من محاضر الملف ووثائقه، واعتبرت أن هذا الرفض محاولة لتضييق الخناق على الدفاع، وقالت «في الوقت الذي يحرم فيه المعنيون بالملف من حقهم في الحصول على صورة من المحاضر والوثائق، توزع هذه المحاضر والوثائق على بعض المسؤولين المغاربة وعلى مخابرات أجنبية». وأشارت الهيئة أن الفصل 29 من القانون المنظم لمهنة المحاماة يعطي للمحامي صلاحيات كثيرة ضمنها حقه في الحصول على نسخ الوثائق المرتبطة بالملف. وأضافت أن الفصل 139 من قانون المسطرة الجنائية ينص على وضع ملف التحقيق رهن إشارة الدفاع وهو أوسع من الاطلاع. واعتبرت الهيئة «أن الحصول على نسخ من ملف القضية يكون عادة من كتابة الضبط المستقلة عن قاضي التحقيق الذي أقحم نفسه في العملية عندما قرر رفض طلب الدفاع بالحصول على نسخ من الملف». يشار إلى أن هيئة دفاع ما أصبح يعرف بالمعتقلين الستة في قضية «بلعيرج» تسعى إلى الدفاع على كل من المصطفى المعتصم، أمين عام حزب «البديل الحضاري» المنحل، ومحمد أمين الركالة، الناطق الرسمي باسم الحزب ذاته، ومحمد المرواني، أمين عام حزب «الحركة من أجل الأمة»، الذي لا تعترف به السلطات المغربية، والعبادلة ماء العينين، عضو حزب العدالة والتنمية المعارض، وحميد نجيبي، عضو الحزب الاشتراكي الموحد المعارض، والصحافي عبدالحفيظ السريتي، مراسل قناة المنار اللبنانية.   (المصدر: صحيفة « العرب » (يومية – قطر) الصادرة يوم 19 مارس 2008)


في العراق الجديد.. الجنس مقابل الحياة
 
عفيف سرحان   بغداد – كانت الثامنة صباحا عندما استيقظت فادية (اسم مستعار) على طرق شديد لباب منزلها، نهضت وفتحت الباب لتجد أمامها شخصا غريب الأطوار يخبرها بأن زوجها اختطفه مسلحون. فادية -السيدة الحاصلة حديثا على شهادة جامعية في علم الأحياء- نزل الخبر على مسامعها كالصاعقة، أما الطارق فواصل حديثه بالقول إنها يجب أن تدفع عشرة آلاف دولار أمريكي لإطلاق سراح زوجها. لكنه أخبرها أيضا بأنه عليها زيارة شخص ما يريد أن يشرح لها الخطوات التي ستتخذها لإنقاذ حياة زوجها. تقول فادية لإسلام أون لاين: « غسلت وجهي، ارتديت عباءتي، تركت أطفالي لدى جارتي دون أنطق بكلمة واحدة »،  وتضيف: « كنت فى صدمة شديدة.. لم يكن ببالي سوى زوجي »، ذهبت فادية مع رجلين إلى مكان قرب حي الصدر ببغداد، لكن قبل اقترابهم من المكان بدقائق، أجبراها على عصب عينيها والتمدد على مقعد السيارة الخلفي.   وتحكي فادية: « حين توقفت السيارة تغير كل شيء.. فالطريقة التى كانا يعاملاني بها تبدلت من العطف إلى العنف ». اقتيدت السيدة إلى منزل، وقبل أن يزيلا العصابة عن عينيها، أخبرها أحدهم بأن عليها انتظار قدوم الزعيم. وتقول فادية: « كنت خائفة وزاد خوفي عندما ظهر رجل قبيح المظهر، وسألني مباشرة إذا كان لدي طريقة للحصول على المال لتحرير زوجي ». وتتابع بألم: « بدأت في البكاء وقلت لهم إننا من عائلة بسيطة، وما نحصل عليه من العمل لا يكفي لسداد فواتيرنا ». بعدها اقتيدت فادية إلى غرفة مجاورة لترى زوجها يُضرب والدم يغطي وجهه، فصرخت طالبة النجدة، لكنها تلقت صفعة على وجهها ونصيحة في أذنها بأن تخرس. تقول والدموع تقطر على وجنتيها: « في هذه اللحظة بدأت المأساة الحقيقية.. الرجل القبيح قال إن هناك طريقة لتخليص زوجي وتخليص نفسي أيضا ». وبصوت متحشرج من شدة البكاء تتابع: « قال عليك أن تخلعي ملابسك وتستلقي على الأرض. قاومته بقوة لبعض الوقت لكن بعدها اكتشفت أنه ليس لدي خيار آخر.. أربعة مسلحين اغتصبوني، وبعد كل ما فعلوه من أمور مثيرة للاشمئزاز جرى اقتيادي أنا وزوجي إلى المنزل ».   وكأن ما حدث لم يكن كافيا لتحويل حياة فادية إلى جحيم، حيث طلقها زوجها بمجرد عودتهما إلى المنزل. زوجها قال إنه يفضل الموت على أن يستمر فى الزواج مع امرأة ملوثة. وتستجمع فادية الكلمات بصعوبة: « أنقذت حياته، ولم أستطع إنقاذ نفسي بعد ست سنوات من الزواج ».   مرتان أسبوعيا   هالة (اسم مستعار) هي حالة أخرى تعد مثالا واضحا على الاستغلال الجنسي المأساوي الشائع تحت وطأة الاحتلال الأمريكي للعراق منذ مارس 2003. زوجها هو الآخر كان قد اختطفه مسلحون لعدة شهور، وخلال تلك الفترة تعرضت بشكل متكرر للاستغلال الجنسي من جانب خاطفيه. تقول هالة لـ »إسلام أون لاين.نت »: « أخجل من التحدث عن مشكلتي، لكن علي أن أنبه العالم ليساعد مئات العراقيات اللائي يعشن نفس الظروف ». وبعين ملأتها الدموع تضيف هالة (31 عاما): « مرتان في الأسبوع، يأتيني بعض الرجال ليضاجعوني على الرغم من مناشدتي لهم أن يتوقفوا ويتركوني لحالي ». وتشير إلى أنه « إذا كان طفلاي بالمنزل، يتم إجبارهما على المكوث في الحمام حتى ينتهوا مني.. تمر أيام ولا أستطيع رفع عيني فى وجههما ». في مقابل الجنس يسمح المسلحون لهالة بالتحدث لزوجها المخطوف عبر الهاتف، وتوضح أن « الدليل الوحيد على بقاء زوجي حيا هو أنه كل أسبوعين يسمحوا لي بمحادثته هاتفيا ».   « مجرد حيوانات »   ولا يعتبر نشطاء حقوق الإنسان حالتي فادية وهالة استثناء، فهناك الكثير من النساء اللائي يتعرضن للاستغلال الجنسي مقابل إنقاذ حياة أزواجهن. وتقول ميادة الزهار الناشطة والمستشارة بوزارة حقوق المرأة إنه « في تاريخ العراق لم يتم استغلال النساء كما يحدث الآن ». وبحسب ميادة « فحتى تحت النظام الديكتاتوري، فإن صدام حسين كان واضحا في دفاعه عن حقوق المرأة وحمايتها، لكن الآن نحن مجرد حيوانات ». وتشدد على أن « استغلال النساء بالعراق يعد حطا من قدر حقوق جميع نساء العالم، فالعراقيات يتخلين عن أغلى ما لديهن لإنقاذ حياة أحبائهن، وغالبا لا يتم تفهم ذلك » ممن يحاولن إنقاذهم. بعد خمس سنوات من الغزو الأمريكي للبلد العربي فقدت النساء في العراق حقوقهن، بدلا من اكتساب مساحة من الحرية والاحترام، كما زعمت واشنطن وحلفاؤها لتبرير الاحتلال. ففي تقرير صدر بمناسبة الذكرى الخامسة، تقول منظمة العفو الدولية: إن العنف ضد النساء والفتيات زاد بشكل درامي، وتم إجبار العديد منهن على ترك دراستهن ووظائفهن. ويضيف التقرير أن النساء والفتيات معرضات لخطر الاغتصاب من جانب الجماعات المسلحة وعناصر قوات الأمن العراقية، كما زادت بالتبعية معدلات ما يعرف بـ »قتل الشرف » والعنف المنزلي. وبحسب مسح أجرته منظمة الصحة العالمية فى عامي 2006 و 2007 فإن 21.2% من السيدات في العراق تعرضن للعنف الجسدي.   أبيع جسدي   وبجانب الإجبار على ممارسة الجنس لإنقاذ حياة الأزواج، فإن أخريات دخلن عالم الدعارة من أجل إطعام أبنائهن. تقول هبة (اسم مستعار): « زوجي عاطل عن العمل ولدي أربعة أطفال، عملت لسنوات كمديرة منزل، لكن الأشياء أضحت باهظة الثمن، وكل ما أتكسبه شهريا لا يكفي لتلبية حاجات المنزل سوى خمسة أيام فقط ». وتتابع: « أقول لزوجي إنني أنظف المنازل، لكن في الحقيقة أنا الآن أبيع جسدي ». تذهب هبة إلى السوق المركزي كل يوم مرتدية عباءة تغطي تحتها امرأة بكامل زينتها لا يراها سوى « الزبون » المحتمل. وتقول بنبرة تتسم بالجدية: « أتقاضى من خمسة إلى ثمانية دولارات مقابل المرة الواحدة، وعادة ما أضطر إلى إقامة علاقة مع رجلين في اليوم على الأقل حتى أتمكن من شراء الطعام للمنزل ». هبة تدرك جيدا ما تفعله لكن لديها مبررا: « أعرف أن ذلك مخالف لكل مبادئي الدينية والاجتماعية، غير أنني لا أستطيع إبقاء المنزل دون مال منتظرة أن يموت أطفالي جوعا، أنا أم وأيا ما يكون ما أضطر لفعله لإنقاذ حياة أطفالي فسأفعله ».   « الدموع لم تعد تنزل من عيني، لقد أزال الاحتلال الأمريكي صدام حسين، لكنه جلب إلينا الكرب والألم والمعاناة واليأس والموت »، هكذا تختم هبة حديثها لـ »إسلام أون لاين.نت ». وطبقا لـ »يانار محمد » رئيسة منظمة حرية المرأة بالعراق، فإن العديد من النساء يجبرن على بيع أجسادهن. وتقول يانار لـ »إسلام أون لاين.نت »: « الحرب دفعت النساء لخسارة روحهن وكرامتهن، صارت حياتنا هشة، تعرضنا للعنف لم يعد يسترعي أحدا، وينظر لحياتنا على أنها جزء من الغزو الأمريكي للعراق ». وتؤكد أنها أنشات جمعيتها الحقوقية « لمحاربة الواقع المرير، ولمساعدة هؤلاء الضحايا، ومحاولة فتح أبواب جديدة أمامهن »   (المصدر: موقع إسلام أونلاين.نت (الدوحة – القاهرة) بتاريخ 18 مارس 2008)


مستشار للأمريكان: صدام الأقدر على إدارة العراق
منى الدريدي   قبل سنوات كان ينتظر حكما بالإعدام على يد نظام الرئيس العراقي الراحل صدام حسين؛ وهو ما دفعه لتأييد الغزو الأنجلو أمريكي لبلده في مارس 2003، غير أن المعارض العراقي السابق لطفي صابر يتمنى الآن لو أن صدام لا يزال حيا لـ »يقود العراق الذي تخلى عنه الجميع ».   صابر الذي كان قائدًا عسكريًّا ثم معارضًا سياسيًّا في عهد صدام، يبرر أمنيته بأن الفساد المالي والإداري والانقسام السياسي الذي يتسم به أداء الحكومة العراقية الحالية دفعه لتغيير رأيه جذريا، بحسب ما نشرته صحيفة « ديلي تيلجراف » البريطانية اليوم الإثنين.   ويضيف صابر، الذي يعمل حاليا مستشارا لقوات الاحتلال: « لا أحد من بين هؤلاء الأشخاص (أفراد الحكومة) يثق بالآخر.. لا أحد يستطيع فعل شيء لا يوافق عليه آخرون، أما صدام فكان فوق هذا، بمجرد أن يتخذ قرارا ينفذه، ومن حوله يعرفون أنه يجب تنفيذه بغض النظر عن المكان الذي يوجدون فيه لحظتها، أما الآن فالعراق سقط في الفوضى، ولا أحد يفعل شيئا؛ لأنهم يخشون المسئولية ».   وكان صابر قد قضى ثماني سنوات بانتظار الحكم عليه بالإعدام في عهد صدام؛ لمشاركته في تدبير محاولة انقلاب فاشلة عام 1996، إلا أنه نجا من الموت بعد معركة مضنية قادتها منظمة العفو الدولية.   ويقول: « بلا شك كان سيقتلني.. لكن أجد نفسي على الرغم من ذلك أتمنى لو كان صدام لا يزال هنا (بالعراق)؛ فهو فقط من يستطيع إدارة البلد الذي لا يهتم به أحد ».   وبعد سقوط نظام صدام، تولى صابر منصبا بارزا بحكومة إياد علاوي، وبعد إعدام صدام في نهاية عام 2006 رقص بعض معارضيه فرحًا، إلا أن إعدامه فجر نزيف عنف طائفي لا يزال صابر مثل بقية العراقيين يعاني مرارته.   وعن ذلك يقول: « بيتي بضاحية الأميرية التي كانت خليطًا من السنة والشيعة، لكنها الآن سنة فقط.. علي أن أنتقل لمنزل بمنطقة أخرى أكثر أمانا، أما عائلتي فهي في سوريا، ومن غير المتاح لي البقاء طويلا في بلدي ».   وبالرغم من الأموال التي وصلت العراق كمساعدات أجنبية بعد الغزو، إلا أن الحكومة فشلت في تقديم الخدمات الأساسية للمواطنين، إضافة إلى غياب الأمن، وفق « ديلي تليجراف ».   وضربت الصحيفة مثالا بأن معظم أنحاء العاصمة بغداد لا تصلها الكهرباء إلا أقل من ست ساعات يوميًّا، وأحيانًا أقل من الساعتين.   صابر يلقي باللوم على الحكومة جراء الفساد المالي والإداري: « على الأقل 12 مسئولا بالحكومة، بينهم رئيس الوزراء ونائبه ومستشار الأمن القومي، لديهم عائلات ومنازل في لندن ».   ويلفت إلى أنه خلال حفل عشاء أقامه الرئيس العراقي جلال طالباني وعدد من كبار مستشاريه على شرف أعضاء السفارة البريطانية ببغداد، كان هو (صابر) وحده من ليس لديه جواز سفر بريطاني.   وبعد حل حكومة علاوي التي خلفتها حكومة نوري المالكي، ترك صابر العمل الحكومي، ليعمل مستشارا لقوات الاحتلال في عملية تدريب الجيش العراقي.   وبالرغم من وجود نحو 140 ألف جندي أمريكي و400 جندي بريطاني في العراق، يعتقد صابر أن بلده « لم يستفد أي شيء من كل تلك الأعداد ».   وفي الأسبوع الماضي وصف الرئيس الأمريكي جورج بوش ما اعتبرها مكاسب أمنية في العراق بأنها « هشة » ويمكن فقدنها، مناشدا الأمريكيين الصبر على الأوضاع في العراق التي كانت سببا في خسارة حزبه الجمهوري السيطرة على الكونجرس بمجلسيه لصالح الديمقراطيين.   « الحال الأسوأ »   رواية صابر تتزامن مع تقريرين صدرا هذا الأسبوع عن اللجنة الدولية للصليب الأحمر، ومنظمة العفو الدولية، يؤكدان أن العراق لا يزال من البلدان الأكثر خطرا في العالم. وفي تقرير أعد خصيصًا بمناسبة حلول الذكرى السنوية الخامسة للغزو، وصفت اللجنة الدولية نظام الرعاية الصحية في العراق بأنه « أسوأ من ذي قبل ».   وبحسب التقرير لا يزال ملايين العراقيين يفتقرون للمياه الصالحة للشرب، وأبسط الخدمات الطبية، وتضطر بعض الأسر لإنفاق ثلث دخولها الشهرية (البالغة 150 دولارا بالمتوسط) لشراء المياه.   كما اختفى عشرات الآلاف من العراقيين منذ بدء الحرب، ولم يتم التعرف على العديد من ضحايا العنف المتواصل؛ لأن نسبة قليلة جدا من الجثث التي يعثر عليها تسلم إلى السلطات الطبية القضائية. ولا يعرف على وجه التحديد حجم الخسائر البشرية للحرب، لكنه بعض الإحصاءات تقدرها بـ 650 ألف قتيل مدني، أي نحو 2.5% من تعداد البلد العربي.   من جانبها ذكرت منظمة العفو الدولية أن الاعتداءات وعمليات القتل التي تنفذها الميليشيات الطائفية والتعذيب وسوء المعاملة من قبل قوات الأمن العراقية واحتجاز ما يقدر عددهم حاليا بـ60 ألف شخص، غالبا ما يمر دون محاكمة؛ وهو ما تسبب في نزوح نحو أربعة ملايين عراقي. وعلق مالكولم سمارت مدير دائرة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في المنظمة على ما رصده التقرير بالقول: « إن إدارة صدام كانت رمزًا لعدم احترام حقوق الإنسان، لكن إبداله لم يحمل قطعا أي راحة للشعب العراقي ».   (المصدر: موقع إسلام أونلاين.نت (الدوحة – القاهرة) بتاريخ 18 مارس 2008)

 

Home – Accueil الرئيسية

Lire aussi ces articles

5 juillet 2010

Home – Accueil TUNISNEWS 10 ème année,N° 3695 du 05.07.2010  archives : www.tunisnews.net    C.R.L.D.H.T: Bruxelles – Nantes – Amman

En savoir plus +

6 novembre 2009

Home – Accueil    TUNISNEWS 9 ème année, N° 3454 du 06.11.2009  archives : www.tunisnews.net    Freearabicca: Arrestation de Fatma

En savoir plus +

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.