Home – Accueil – الرئيسية
TUNISNEWS
7 ème année, N° 2214 du 14.06.2006
فخرى شليق: السجين السياسي على عون يستغيث اللقاء الإصلاحي الديمقراطي: بيــــــان إلى الرأي العام الاستاذ نورالدين البحيري: أما آن لهذه الصفحة ان تمزق ؟ نهضة.نت: حوار مع الأخ الأستاذ عامر العريض رئيس المكتب السياسي لحركة النهضة إخوان أون لاين: الغنوشي يرفض استخدام العنف لمواجهة استبداد النظام التونسي الجزيرة.نت: برنامج “زيارة خاصة”: راشد الغنوشي.. الحركة الإسلامية في تونس إسلام أون لاين: فنان تونسي: بعت الشهرة واشتريت رضا الله بحري العرفاوي: صرخة “هديل” فلسطين… يتم”القضية” عبد الجبار الرقيقي: من أجل محاسبة كل مسؤول عن كارثة قابس نصر الدين بن حديد: إلى الدكتور الجيلاني الدبّوسي: الخيانة مذلّة .. والعهر نذالة .. ولا مجال للمراوحة عبدالحميد العدّاسي: ليس من السياسة مرسل الكسيبي: سلاما سلاما سلاما د.أحمد القديدي: ماذا فعلتم بالعراق؟ توفيق المديني: اتحاد المحاكم الإسلامية يهزم أمراء الحرب في الصومال «الشروق» :الوزارة تفتح ملف الخدمة الوطنية وتتصدّى لظاهرة العزوف عن أداء الواجب الوطني الصباح: أهم الآليات لتشجيع الشباب على أداء الخدمة الوطنية «الشروق»: بعد 10 أيام على الحادث الأول: نجاة 3 نساء بأعجوبة اثر سقوط جدار آخر بقابس العربية.نت: تونسيون يلتقطون مباريات المونديال من “محطة أرضية مجهولة” “ليبيا اليوم”: ليبيا تدشن قناة تليفزيونية جديدة لمتابعة مباريات كأس العالم.. هويدا طه: ثلاثة أسئلة جراء تشفير بث مباريات كأس العالم قدس برس: وزراء الإعلام العرب اعتمدوا معايير جديدة للبث الفضائي سويس إنفو: الإفراج عن صحفي جزائري بعد قضاء عقوبة السجن عامين الحياة: الرباط: الإسلاميون يبدأون رسم خطتهم لمعركة الانتخابات الاشتراعية الحياة: مصر: نائب يطالب بإعلان الذمة المالية للرئيس أحمد تمام : الأندلس.. مرسوم بتنصير المسلمين!
Pour afficher les caractères arabes suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe ( Windows ) To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic (Windows).
|
نداء استغاثة.. نداء استغاثة.. نداء استغاثة.. نداء استغاثة.. نداء استغاثة…
السجين السياسي على عون يستغيث
في اتصال هاتفي مع أحد أقارب السجين السياسي علي عون المقيم بالسجن المدني بقابس والمحكوم بمدة 23 سنة سجنا قضي منها إلى حد الآن15 سنة, أرسل من خلاله برسالة يطلب فيها من المنظمات الدولية والحقوقية التدخل العاجل لإنقاذه من أتون المعاناة ومن الممارسات اللاإنسانية التي يتعرض لها يوميا داخل السجن والتي لا مبرر لها سوى الانتقام والتشفي, من طرف إدارة السجن, لا لسبب سوى انه سجين من حركة النهضة التي آل أبناؤها داخل السجون وخارجها على أنفسهم الدفاع عن حرمة القرآن وقداسته مهما كلفهم ذالك من تنكيل وتعذيب. وهو يهيب بكل المنظمات والجمعيات المعنية بحقوق الإنسان الالتفات إليه ودرس حالته وظروف إقامته داخل السجن وخاصة في هذه الأيام الحارة من الصيف حيث يعسر مقاومة الإكتظاظ والرطوبة وقلة التهوئة وفوق كل هذه المعاناة تضاف عقوبات أخرى نفسية و بدنية تجعل من السجين السياسي في درجة الحضيض من سلم المعاملة التي دأبت إدارة السجون التونسية على تكريسها من أجل إذلال السجناء الإسلاميين والانتقام منهم بغية تدميرهم وكسر شوكة صمودهم. فالرجاء كل الرجاء ممن قرأ هذا المناشدة القادمة من معاقل القهر والتدمير العمل على مساعدة السجين المستغيث وإخوانه الذين يشاركونه نفس المعاناة دون أن يصل إلينا صوتهم وصراخهم, وأن يمد يده بالمساعدة ويساهم في رفع المظلمة وإيقاف المعاناة التي طال أمدها واشتد وقعها. فخرى شليق/ هولندا 14 جوان 2006
بسم الله الرحمان الرحيم
اللقاء الإصلاحي الديمقراطي
بيــــــان إلى الرأي العام
حول الهجمة الشرسة التي تعرض لها الدكتور خالد الطراولي
تعرض الأخ الدكتور خالد الطراولي رئيس اللقاء الإصلاحي الديمقراطي هذه الأيام إلى هجمة شرسة ومحاولة تشويه عقيمة ومخزية من قبل أحد الفاقدين للضمير الإنساني والحس الوطني والبعد القيمي طالت شخصه وأسرته ودينه ووطنيته، وعملت على ضرب أخلاقيته ومشروعه السياسي والفكري، ولم تتورع إحدى قوائم المراسلات المحسوبة على المعارضة الوطنية عن نشر هذه الافتراءات والأكاذيب وسعت بكل جرأة إلى إيصالها إلى أكبر عدد من القراء.
ونحن في اللقاء الإصلاحي الديمقراطي إذ نعبر أولا عن بقائنا على الربوة في التعامل مع مثل هذه الأكاذيب التي غابت فيها القيم والأخلاق، وعدم النزول إلى مستنقعات الافتراء، وسواء كانت وراءه نفوس مريضة وحاقدة أو جهات لم تستسغ مشروع اللقاء الإصلاحي الديمقراطي وعجزت عن مواجهته علنا، نعبر عن استيائنا الكبير من السيد المشرف على قائمة المراسلات المعنية واستغرابنا من تبريره الواهي بأن صاحب رسالة الفتنة قد ضل يصرّ عليه حتى رضخ لطلبه في إشاحة الفاحشة في ضرب أعراض الناس والتفتين بين المعارضة، وهو عذر مرفوض شرعا ومبدأ وقيما وأخلاقا ومواطنة، ورب عذر أقبح من ذنب .
* نؤكد رفضنا المطلق الذي لا يقبل مساومة ولا استثناء في السقوط في مثل هذه الانحرافات في التجني الشخصي والاعتداء على كرامة المواطن التونسي أيا كانت درجنه الاجتماعية ومكانته السياسية ودوره الوطني.
* ندعو وسائل الإعلام بكل تنوعها وخاصة منها من تحمل راية المعارضة في هذه الصحراء القاحلة إلى التريث والرصانة ومزيد من الحرفية والرجوع إلى ميثاق الصحفي الحر والملتزم أخلاقا ووطنية، في التعامل مع الخبر والحدث.
* ننبه بعض الأطراف الفاعلة إعلاميا أن العمل الصحفي المعارض يتميز بجانب أخلاقي كاسح يتجاوز التنافس بين المواقع من أجل الأسبقية الإعلامية على حساب المبدأ الأصيل والضابط الأخلاقي والقيمي والهدف الأساسي لوجودنا السياسي وهو مقاومة الاستبداد وإعانة الأقلام الممنوعة والأصوات المكمومة على إبلاغ كلمتها ومساعدتها في الوصول إلى أكثر عدد ممكن من أبناء الوطن.
* نحيّ ونشكر كل من اتصل هاتفيا أو بالبريد أو كتب، تضامنا مع الدكتور خالد الطراولي، وتعبيرا عن رفضه لهذا السقوط الأخلاقي ومساندة لقيم الخير والعدل والإنصاف والتعامل الرصين والواعي والقيمي بين الأفراد والمجموعات. كما نثمن درجة الوعي التي عليها أغلب المواقع التونسية التي رفضت نشر الرذيلة والافتراء ونخص بالذكر مواقع تونس نيوز ونواة والحوار نت.
* نؤكد عزمنا على مواصلة المشوار رغم الطريق المملوء بالأشواك والذئاب المكشرة على جوانب الطريق، من أجل مواطنة كاملة وكريمة دون إقصاء أو تهميش أو تمييز لكل تونسي وتونسية، شعارنا في ذلك : السياسة أخلاق أو لا تكون، الإعلام أخلاق أو لا يكون، وجودنا أخلاق أو لا يكون.
وأما الزبد فيذهب جُـفـاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض (قرآن كريم)
اللقاء الإصلاحي الديمقراطي
باريس في 14 جوان 2006 الموافق ل 18 جمادى الأولى 1427
أما آن لهذه الصفحة ان تمزق ؟
الاستاذ نورالدين البحيري
الحمد لله
في الوقت الذي تزداد فيه أوضاع المساجين السياسيين تأزما تزداد تداعيات حبسهم وآثارها المباشرة وغير المباشرة تعقيدا وخطورة حتى وصل الأمر حد توجيه الإتهام لمدير سجن برج الرومي ببنزرت بتعمد تدنيس حرمة المصحف الشريف في سابقة أصيب الكثيرون من هولها بالذهول خاصة وأن بيان فرع الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان ببنزرت اتهم مسؤولا في بلد ينص فيه الفصل الأول من دستورها على أن دينها الإسلام وتتباهى فيه السلطة الحاكمة ليلا نهارا بالدفاع عن الهوية العربية الإسلامية وحماية المقدسات حتى غدا رد الإعتبار للدين ومبادئه أحد أهم الأسس التي إستمدت منه هذه السلطة شرعية وجودها وإستمرارها في الحكم .
وبترك النظر عن خطورة الحادثة (إذا ثبت وقوعها ) والتي لا يمكن أن تثير لدى كل تونسية وتونسي مهما كانت إنتماءاتهم إلا الرفض والإستهجان والإستنكار وبترك النظر عن خطورة ما أثاره بيان فرع بنزرت للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان من ردود أفعال متناقضة تراوحت بين التنديد بما نسب لمدير سجن برج الرومي وإتهام للسلطة بمعاداة الدين والمساس بالمقدسات والإعتداء على الحريات العامة والخاصة التي من ضمنها حرية المعتقد والحق في ممارسة الشعائر الدينية إلى التنديد ببيان الرابطة وإتهام هيئتها المديرة بأنها ” ألعوبة تتلاعب بها المصالح الإنتهازية ” وأنها قبلت ” بلعب دور المحرض على إثارة النعرات الدينية والطائفية ” (1) وبأنها تجاوزت الفضاء التقليدي للشبكة الدولية للمنظمات والجمعيات الحقوقية أو بعض الحكومات الغربية المتعاطفة لتمر فجأة إلى إستدراج وإستعطاف جيوش الجهاديين والتكفيريين في ما يشبه الرسالة المشفرة التي تستدعي الإرهابيين للإهتمام بالبلد وإستهدافه … (2) في حين ذهب ثالث الى الجزم بان ما أخبرت به الرابطة ليس الا جزء مما أقدم عليه تحالف الأموات من إختلاق لوقائع وترويج لإفتراءات تعدت سقف السياسة لتتنزل في سياق خطاب مشحون بالإرهاب … ( 3 )
ومهما كانت درجة خطورة ما حصل وما قيل وما سيقال فإن الأخطر من كل ذلك هو محاولة الكثيرين من أنصار السلطة ومعارضيها توظيف الحدث لأغراض سياسوية ظرفية والإنحراف نحو الشتائم والسباب ودعاوي التكفير والتخوين بما يحول دون كل حوار هادىء بحثا عن حقيقة ما حصل وأسبابه الظاهرة والخفية ومواجهة تداعياته .
ان كل عاقل يعي أن ما نسبه بيان فرع الرابطة لمدير سجن برج الرومي على خطورته ورغم الثقة التامة في مصداقية من أمضى البيان وحرفيته وجديته يحتاج إثباته أو نفيه لتحقيق جدي ومحايد بعيدا عن كل توظيف أكثر من حاجته للثلب وتوزيع الإتهامات يمينا وشمالا كما ان الواقعة ( إن حصلت ) لا تستمد أهميتها من ذاتها فقط بل ومن كونها نتاج واقع معلوم داخل السجون التونسية أين يتواصل إحتجاز المئات من الإسلاميين منذ أكثر من خمسة عشر عاما كاملة في ظروف لا إنسانية تكشفها كثرة عدد الوفايات أثناء فترة الحبس وبعدها وإتساع دائرة المصابين بأمراض مزمنة و خطيرة بعضها خبيث وعضال لا أمل في علاجه , وبناءا على ذلك فإن الواقعة موضوع الجدل سواء ثبتت أم لم تثبت ليست إلا إحدى أعراض وعلامات أوضاع أخطر من الحادثة ذاتها على بشاعتها ( او ليس هدم الكعبة أهون عند الله من قتل نفس بغير حق ).
وسواء ثبت ان مدير سجن برج الرومي ارتكب ما نسب اليه ( حسب بيان الرابطة ) تجسيدا لموقف شخصي يعادي الدين ويحقد على المتدينين( وأمثاله كثيرون ولم يعد وجودهم ونشاطهم كإفراز للمواجهة بين السلطة والنهضويين يخفى على أحد ) أو كان مجرد ردة فعل متشنجة غير محسوبة بسبب حالة غضب وإنفعال ظرفيين زادتها حدة توتر العلاقة بين السجان والسجين اللذان يعانيان من ضغوط مادية ونفسية متعددة ومتنوعة أو كان تكريسا لسياسة سجنية متسمة بالرغبة في التنكيل بالمساجين الإسلاميين وبتدميرهم بدنيا ومعنويا فإن ذلك لا يعفي سلطة الإشراف على السجون من فتح تحقيق جدي لكشف ما حصل وملابساته وأسبابه وإعلام الرأي العام الوطني بنتائجه خدمة للحقيقة ودفاعا عن كيان الدولة وهيبتها وحماية لمقدساتها قبل إحالة من أمضى البيان على التحقيق بتهمة نشر أخبار زائفة لا أحد يعلم كيف ومتى ثبت زيفها .
ان سب من أمضى البيان وتتبعه عدليا ولعن الرابطة والرابطيين والمعارضين والتخوين و التكفير و دق طبول الحرب دفاعا عن الاسلام او عن النظام لن يفيد البلاد في شيىء خاصة أن بيان فرع الرابطة و البيانات التي صدرت قبله ويمكن أن تصدر بعده والزوبعة التي أحدثها في الداخل والخارج على حد سواء لم يأتيا من فراغ بل هما عنوانان بارزان لجرح نازف أصاب بلادنا منذ أكثر من خمسة عشرة عاما أولا ولفقدان الإعلام الوطني الرسمي وشبه الرسمي والمعارض للكثير من المصداقية ثانيا وما سريان ما نسبه فرع الرابطة إلى مدير سجن برج الرومي داخل البلاد وخارجها سريان النار في الهشيم إلا دليل قطعي علىذلك بما يفرض الحاجة الماسة لتمكين الإعلام الوطني من القيام بدوره في نقل الخبر بكل حرية وبعيدا عن مقص الرقيب ومقالاته المفبركة لعله يستعيد شيئا من مصداقيته و يساهم في تبصير الناس بواقعهم بما في ذلك احوال السجون والمساجين .
وإذا كان من المؤكد أن حمالي الحطب ” محترفي زرع الفتن وصب الزيت على النار الذين يقتاتون مما يزرعون من أشواك وألغام في طريق كل خيار وطني وإصلاحي سيشحذون سكاكينهم وسيوفهم و سيعودون إن لم يكونوا عادوا بعد لترديد إسطوانتهم القديمة البائسة وسينبشون في دفاتر الماضي البعيد والقريب ليغرقوا الساحة في جدل عقيم حول الأصولية والإرهاب والإستقواء بالخارج وحول نجاح التجربة التونسية المتمسكة بالثوابت دون إنغلاق ولا تحجر وحول إلقاء مسؤولية كل ما حصل ويحصل على كاهل هذا الطرف او ذاك وحول الاستبداد القائم والاستبداد القادم وغير ذلك مما إعتاد الناس عليه صباحا مساءا فإن الثابت عندي شخصيا والله أعلم أنه وإن كان الحوار حول هذه المسائل وغيرها مما هو أخطر وأعمق أمرا مشروعا بل مطلوبا إذ لا تقدم بدون مراجعة وتقويم ومحاسبة علنا وفي إطار الشفافية المطلقة فإن المحرم وطنيا ودينيا وإنسانيا إتخاذ الخوض في تلك المسائل مطية لتأجيج الأحقاد وتعقيد الأوضاع وتأزيمها بما لا يعيق الوعي بخطورتها على الجميع ويعطل كل مسعى لحلها فقط بل ويحرم البلاد أصلا من فرصة للتدبر والتفكير الهادىء في ما حدث.
و اعتقادي أنه لو صدقت النوايا ورجع كل من أخذته العزة بالإثم إلى الحق ووضع كل طرف في السلطة والمعارضة مصلحة البلاد وإستقلالها ومكاسبها وسمعتها ومستقبلها فوق كل إعتبار لتيقنوا من ضرورة المسارعة في علاج هذا الجرح وتجفيف أحد أهم المستنقعات التي تجاوز أذى إفرازاتها العفنة المساجين وعائلاتهم إلى كل التونسيات والتونسيين حكاما ومحكومين .
ولا أظنني أخطىء القول إن أكدت أن طي صفحة هذا الملف المؤلم إن لم نقل تمزيقها لم يعد يحتمل التردد و التأجيل بعد أن فقد الجميع( ولو بدرجات متفاوتة ) القدرة على التحكم فيه حتى لم يعد أحدا قادرا على التكهن بمآلاته وبمساراته وبما يمكن أن يفرخه فجر كل يوم جديد من أفاعي وعقارب و زوابع و بعد ان إستنزف الكثير من طاقات بلادنا وإمكانياتها و أعاق كل محاولات التجاوز والنهوض و تحول الى غطاء لمشاريع القتل والخراب التي يدعو لها غلاة الإرهابيين من التكفيريين والتخوينيين والإستئصاليين سواء منهم المتحصنين بأبراج أجهزة الحكم والدولة أو بأسوار المعارضة الزائفة والصورية على حد سواء .
وإذا كان يحسب للكثيرين من أبناء شعبنا ولائهم لوطنهم وإستعدادهم الدائم رغم المحن للإنفاق مما يحبون و ثباتهم على الصبر والمصابرة والإعتصام بحبل النضال المدني السلمــي و تسلحهم في أحلك الظروف بحد أدنى من الشجاعة التي مكنتهم ولو نسبيا من مراجعة أنفسهم والإعتراف بخطأ بعض ما إختاروا ومارسوا علنا وعلى مرأى ومسمع كل العالم لا طمعا ولا خوفا بل ايمانا واحتسابا و اكراما لشعبهم ووفاءا لدماء شهدائه الابرار وتضحيات رجالاته و مصلحيه لان حب الوطن من الإيمان…فان أدنى ما يحسب لغيرهم اقدامهم في وقت خشي فيه الكثيرون من فتنة تلتهم الاخضر واليابس على تفويت الفرصة على الاستئصاليين الذين اتخذوا من بعض أخطاء وخطايا طرفي الخلاف ذريعة لمحاولة فرض مشاريعهم الهجينة المعادية للوطن والدين والحرية و إن أمل كل اللذين يحبون البلاد كما لم يحب البلاد أحد أن ينجح المعنيون بهذا الملف في التحرر من ثقافة الانتقام و التعالي على الجراح و الاحقاد ووضع مصلحة البلاد فوق كل اعتبار بما يمكنها من التفرغ لمعالجة قضايا الشعب الرئيسية ( السياسية والاقتصادية والاجتماعية ) و التأهل لمواجهة تحديات المرحلة المقبلة باقتدار و ذلك لن يكون الا عبر تجفيف كل منابع الشر وأولها ملف المساجين السياسيين وتداعيات العشرية الماضية .
المراجع :
1 – جريدة الصباح التونسية ليوم 6 جوان 2006 الصفحة عدد 7
2 – نفس المرجع
3 – نفس المرجع ليوم 7 جوان 2006 الصفحة 6
الاستاذ نورالدين البحيري
المحامي وعضو المكتب التنفيذي لمركز تونس لاستقلال القضاء و المحاماة
حوار مع الأخ الأستاذ عامر العريض رئيس المكتب السياسي لحركة النهضة
** نهضة. نت : الأخ عامر العريض رئيس المكتب السياسي للحركة السلام عليكم ورحمة اللّه. بمناسبة الذكرى 25 للإعلان عن تأسيس حركة النهضة/ الاتجاه الإسلامي سابقا الفترة نرغب في إجراء هذا الحوار معكم. – وعليكم السلام ورحمة الله تعالى وبركاته.. ومرحبا بكم.
1- أخ عامر تعتبرون من جيل الشباب داخل الحركة فكيف عايشتم حدث الإعلان عن تأسيس الحركة الحمد لله وحده اولا لابد من رفع التحية للاخوة والاخوات الذين اسسوا هذه الحركة المباركة واعلنوا عنها في ظروف معقدة ودفعوا ثمن ذلك تضحيات من اجل فرض حق التونسيين في حرية التعبير والتنظم والتفكير. لا شك ان رسالة الاعلان عن الحركة تعكس رغبة واقتناعا بالعمل القانوني والعلني كخيار سياسي واضح في فكر الحركة، باعتبارها حركة سياسية تناضل من خلال وسائل النضال الشعبي والمسلكية المدنية السلمية. ولم يغب على قيادة الحركة السياسية محدودية الاطار القانوني وضيقه بالحريات وهو في ذلك مخالف لروح الدستور ولنصه ومع ذلك تقديرا لمصلحة البلاد حرصت الحركة ولا تزال على الاندراج ضمن الاطار القانوني والعمل على تطويره من داخله. كما ان الحركة تقدمت بأطروحتها السياسية من خلال الاعلان واستمرت في تثبيته وتطويره في نفس الاتجاه حول جملة من القضايا منها. مسألة الديمقراطية فقد اكدت الحركة غير ما مرة جدّيتها فيما يتعلق بالمسألة الدّيمقراطية التّي اعتمدناها لادارة هياكل الحركة وأطرها ممّا ساهم في الحفاظ على وحدتها، واعتبرنا الدّيمقراطية بتعريفها العام والمتداول حيث لا مجال للانقلاب على الثوابت المشتركة مهما رجح ميزان القوى لهذا الطّرف أو ذلك، تحول دون الغاء التّنوع والتّعدد في بلادنا. التعايش وهي من خصائص منهج الحركة السياسي والفكري فلا يضيق افقنا لمن نختلف معه من اخواننا ولا يحول اختلافنا مع الاخرين الى حجب حقيقة اننا في سفينة واحدة ولا مستقبل لها خارج التعايش بين مختلف مكونات فضائها الوطني. يمكنك القول أن مشروع الحركة تأسس اجتماعيا على قاعدة المساواة بين الناس ورفض الميز بسبب اللون والجنس او غيره.. وهذه المساواة الكاملة تجعل الناس سواسية امام الحقوق والقانون وحق الدفاع عن البلاد والإنتفاع بخيراتها والعمل على تطويرها بقطع النظر عن الموقع وهي قناعة دينية نص عليها الكتاب وسنة سيدنا صلى الله عليه وسلم. وسياسيا اعطت الحركة النضال من اجل الحرية والتحرر ابعادا عقائدية الغت بها الهوة الفاصلة بين الدين والحرية .. لعل اهم اضافة قدمتها حركة النهضة للاطروحات الاسلامية المعاصرة تمثلت في هذا الربط الجوهري بين الدين والتحرر. التحرر بكل ابعاده الفردية والجماعية .. الوطنية والسياسية. وتزداد اهمية هذا الربط اذا اخذنا بعين الاعتبار السائد من مخلفات ثقافة الانحطاط والتي لم تسلم من التأثر بها حتى بعض دعوات الاصلاح نفسها وخاصة هذا التناقض الشائع بين الحريات والدين وارتباط الدين ـ بمفهوم انحطاطي ـ بالخضوع رغم ان العقيدة هي التي قادت اهم واغلب ثورات التحرر الوطني من الاحتلال في بلداننا….
2- عايشتم النصف الأول من عمر التجربة وأنتم طالب تخوض تجربة جامعية متميزة بما لها وما عليها ثمّ انتقلتم إلى خضم التحديات والأحداث مع المواجهة الأخيرة مع السلطة، كيف تقيمون التجربة من موقعين مختلفين في أبعادها الفكرية، الاجتماعية، السياسية والتنظيمية؟ – ليس من السهل تقييم التجربة في هذه العجالة والحوار الخاطف ولكن مع ذلك يمكن ابداء بعض الملاحظات والاستنتاجات من الواضح ان تجربة حركة النهضة مليئة بالاحداث والوقائع وهي جزء رئيسي من مكونات الساحة الوطنية وبالتالي اي ترتيب لاوضاع البلاد باقصاء النهضة لن يمر ولن يستمر. ونحن نرى ونقرا الكثير من المقالات التي تتناول النهضة بالتقييم سلبا او ايجابا وهذا يدل على أن هذه الحركة شأن وطني والاولى من ذلك واحرى ان يفكر الجميع بشكل ايجابي وسليم حول موقعها من الفضاء الوطني. لا ندع لانفسنا العصمة ونشرنا نقدا ذاتيا ولكن اعتقد ان الحصيلة العامة لتجربة الحركة الى الان هي لصالح المجتمع والبلاد ان كان ذلك من خلال الاطروحات والافكار التي قدمتها او من خلال حرصها على التعاون والواقعية وترسيخ ثقافة وروح التعايش بين الجميع داخل البلاد ومساهمة في تطوير فكر الحركة الاسلامية عامة ونشر منهج الوسطية والحوار مع الاخر.. او من خلال دعمها للنضال الاجتماعي والحركة النقابية والطلابية وبالتالي انحيازها لمصالح الشعب.. وبطبيعة الحال مساهمتها كذلك في ربط تونس بقضايا الامة وقضايا التحرر عامة. على اية حال حركتنا لاتزال في بداية تجربتها واذا تجنبت الاخطاء التاريخية فمستفبلها ومساهمتها الاوسع أمامها وليست خلفها. اشرتم في سؤالكم الى القطاع الطلابي وقد ساهم ابناء النهضة في بناء الحركة الطلابية على قواعد التنظم النقابي والتعايش السلمي بين التعبيرات السياسية المتعددة ودافع مناضلوا الاتجاه الاسلامي عن حرية العمل النقابي والسياسي وتصدوا لاي شكل من اشكال العنف في الجامعة مهما كان مصدره كما اداروا حوارا جامعيا ووطنيا حتى حول واقع الجامعة ومستقبلها وتجربة اسبوع الجامعة الثقافي والدراسي علامة بارزة في هذا الاطار. 2- خلال الـ16 عاما الأخيرة ما هي العقبات التّي اعترضتكم وإخوانكم في إدارة أزمة الحركة وأنتم بعيدون عن أرض الوطن ؟ وكيف تقيمون الوضع الحالي مع الوضع في بداية التسعينات ؟ – عندما تولى هذا الفريق القيادي ادارة الحركة في بداية التسعينات كانت الحركة تتعرض للقصف اليومي من طرف اجهزة الدولة مجتمعة وتستهدف لعملية استئصال جذري وبكل وسائل العنف فما كان ما نتداوله يوميا هو اخبار الاعتقالات وقصص التعذيب وحالات الاستشهاد تحت التعذيب وانتهاك الحرمات والبيوت كل ذلك مصحوبا بحملة اعلامية قذرة تقوم على كل انواع الكذب والمغالطة والتشويه السياسي والاخلاقي .. فكان مطروحا علينا انقاذ ما يمكن انقاذه.. كان علينا ان تتصرف كرجال اطفاء, ونحن انفسنا محدودي القدرة على الحركة فاغلبنا لا يزال في حالة تنقل وترحال بحثا عن موطن قدم لطلب اللجوء السياسي بما في ذلك رئيس الحركة الذي لا يمكنه الخروج من الجزيرة البريطانية.. تصور اخي هذا الوضع وتعقيداته الموضوعية والذاتية الى جانب اوضاع نفسية ومناخات داخلية ليست سالكة وهو امر متوقع في مثل هذه الظروف. لكن بعد توفيق الله تعالى ثم صمود اخواننا في السجون وخلال المحاكمات الشهيرة في سنة 1992 وبفضل تعاون فريق من الاخوة والاخوات الاخيار وتعاهدهم استطاعت الحركة ان تعيد ربط ابنائها بمشروعهم وقضيتهم وان تتحول من حالة الانعاش كما قيل الى حالة التعافي ثم هي اليوم طرف رئيسي بكل المقاييس احب من احب وكره من كره. وضع الحركة اليوم افضل من أي مرحلة سابقة منذ بداية التسعينات فقد اعادت بناء الكثير من علاقاتها العربية وغيرها واستطاعت ان تكتسب صداقات جديدة كما انها تمسكت بجوهر مشروعها الاصلاحي السياسي ولم تنحرف عنه رغم دفع الظروف المحيطة للانحراف دفعا وبلورت اطروحات سياسية تدعم منهج التعايش والحوار الذي تأسست عليه وساهمت في بلورة تيار الحركة الاسلامية الوسطي العريض. وداخليا التزمت بادارة حوار بين ابنائها وانجزت مؤتمرين في المهجر وهي بصدد اعداد مؤتمر ثالث. كما اتضحت لكل الجهات والاطراف والرأي العام طبيعة المظلمة المسلطة على الحركة ومساجينها الذين اصبح اطلاق سراحهم مطلبا وطنيا لا يتحفظ عليه احد وعنوان لاي انفراج سياسي في البلاد وانكشفت عورات السلطة وما كانت تدعيه من صراع ضد تيار متطرف اذ تبين ان الصراع الحقيقي بين مجتمع يتوق الى الحرية والتحرر وبين نظام منغلق من القرن الماضي وان كل ما جرى هي تصفية خصم سياسي باستعمال اجهزة الدولة وعنفها. لا شك أن عوامل كثيرة قد ساهمت في ذلك وفي مقدمتها صمود ابناء الحركة ونضالهم ولكن النتيجة بالتأكيد ان وضع الحركة اليوم سياسيا افضل من أي وقت مضى منذ بداية التسعينات. و اليوم امامنا نحن جميعا ابناء الحركة اسئلة وتحديات وواجبات كبيرة منها: – نحتاج باستمرار الى تطوير خطابنا، لتحقيق الاضافة النوعية في مضمونه بعرض الاطروحات والمقاربات، وباستيعاب المستجدات الدولية والمحلية والاشكاليات المطروحة في الساحة. – التركيز على مجال الاعلام اذ هو الوسيلة الاولى في عصرنا للوصول الى الرأي العام لا بل والتأثير على كل الاطراف…. – كيف نجنب ظاهرة التدين الواسعة الجديدة وخاصة في صفوف الشباب والنساء، مخاطر التشدد والغلو وسطحية الفهم الفقهي والفكري مما قد يسهل اختراقها ويهدد توازنها و سلامة نموها. – مطلوب منا استمرار ادارة الحوار بيننا وفي كل مكان لتحقيق الوضوح والتطوير.
3- في كلمة موجزة أي مستقبل وأي آفاق لمشروع الحركة ولوضع الصحوة بالبلاد في ظل النظام الحالي ؟ تجربة الاستئصال فشلت بالتأكيد واثبت العنف للمرة الالف انه لا يستأصل الافكار الاصيلة الواضحة وخطة تجفيف ينابيع الصحوة اصبحت اثرا كريها بمقياس التاريخ كراهة من صاغها ومن نفذها آمرا او مأمورا وليس امام الجميع اليوم الا البحث في عقد سياسي واجتماعي يعيد بناء البلاد على قواعد الحرية والحقوق والعدالة. تأكدوا جميعا بان كل استمرار في غير هذا الاتجاه مضيعة للجهد والزمن وتعميق لازمة قد تأت على الاخضر واليابس اذا انفجرت ولم تزدها الوسائل الامنية والحلول المتشنجة الا تعقيدا. أنا متفائل بمستقبل الصحوة والحرية في بلادي انشاء الله تعالى. (المصدر: موقع نهضة.نت بتاريخ 13 جوان 2006)
الغنوشي يرفض استخدام العنف لمواجهة استبداد النظام التونسي
أكد زعيم حركة النهضة التونسية الشيخ راشد الغنوشي أن الحكم العادل هو مطلب الحركة بدلاً من النظام الاستبدادي الحالي، موضحًا عدم وجود أي تفكير لدى الحركة للجوء إلى العنف كأداة من أدواتها في معارضة النظام التونسي. وقال زعيم حركة النهضة التونسية الإسلامية المعارضة- في حديث لإخبارية (الجزيرة) الفضائية خلال برنامج “زيارة خاصة” أمس الأحد 11 يونيو 2006م-: إن استخدام العنف هو فعلٌ “غشيم” لا تُقدم عليه حركة عقلانية، مشددًا على أن الحركة لا يوجد لديها أية خطط في الحاضر أو المستقبل لاستخدام العنف في تونس. وفي ردٍّ على سؤال حول تساهل الرئيس التونسي زين العابدين بن علي مع سجناء الحركة أثناء توليه وزارة الداخلية قبل قيامه بانقلاب على الرئيس السابق الحبيب بورقيبة، قال الشيخ راشد الغنوشي: إنه لا يعلم بوجودِ مثل هذا التساهل، مشيرًا إلى أن بن علي لم يقدِّم أية خدمات للمعتقلين الإسلاميين أثناء توليه وزارة الداخلية أو يساعد على إطلاق سراح بعضهم. وأشار الغنوشي إلى أن الرئيس زين العابدين بن علي لم يفِ بتعهداتِه للتيار الإسلامي بإطلاقِ سراح المعتقلين والتخفيف من القيود المفروضة على حرية عملهم السياسي. كما أكد زعيم حركة النهضة أن الفيصل بين النظام التونسي والحركة هو الانتخابات الحرة النزيهة، قائلاً إن المطلب الرئيس للحركة هو الحكم العادل بدلاً من النظام الاستبدادي الحالي. وفي ختام حديثه دعا الغنوشي الحركاتِ الإسلاميةَ إلى تبنَّي مشروع الوحدة العربية بالنظر إلى أن المشروع يعتبر مشروعًا واقعيًّا للحركات الإسلامية، وذلك على الرغم من أن بعض العروبيين قد بدأوا في التخلِّي عنه، وبرَّر الغنوشي ذلك بأن القوميةَ العربية هي القومية الوحيدة تحت المظلة الإسلامية التي لا تزال غير موحَّدة. (المصدر: موقع إخوان أون لاين بتاريخ 12 جوان 2006) وصلة الموضوع: http://www.ikhwanonline.com/Article.asp?ID=21122&LevelID=2&SectionID=211
برنامج “زيارة خاصة” الذي بث على قناة الجزيرة للمرة الأولى يوم 10 جوان 2006 راشد الغنوشي.. الحركة الإسلامية في تونس
مقدم الحلقة: سامي كليب ضيف الحلقة: راشد الغنوشي/ زعيم حزب النهضة المحظور في تونس تاريخ الحلقة: 10/6/2006 سامي كليب: مرحبا بكم أعزائي المشاهدين إلى حلقة جديدة من برنامج زيارة خاصة تقودنا هذه المرة إلى غرب لندن والذي قادني إلى هنا سؤال وحيد هل فعلا أن الرئيس التونسي زين العابدين بن علي نجح في تجنيب بلاده خطر الانزلاق إلى الأصولية الإسلامية؟ سؤال أحمله إلى رجل بدأ حياته ناصريا ثم أصبح زعيم الحركة الإسلامية في بلاده ويعيش اليوم منفيا هنا، إنه زعيم حزب النهضة المحظور في تونس الشيخ راشد الغنوشي. راشد الغنوشي: تونس هل ستبقى جزيرة معزولة في عالم كله متجه نحو التحول الديمقراطي؟ يعني لن يخطر هذا على بال أن التونسيين سيكونون في ذيل قافلة التغيير الديمقراطي أو لا يدخلون يعني لا تكون لهم حصتهم في الديمقراطية في العالم هذا فيعني تكلس السلطة على النهج التقليدي في الإدارة على أنه يعني السلطات كلها ممحورة في قصر قرطاج والبوليس هو أداة التنفيذ والسياسة ومؤسسات الدولة كلها عبارة عن يعني ديكور فارغ من السلطة فارغ من المضمون والمعارضة ديكورية، هذا أمر لن يستمر في تونس ما فيش عاقل يفكر بأنه وضع شاذ من هذا القبيل يمكن أنه تُحكَم به تونس إلى الأبد مش معقول هذا وبماذا سيذكر التاريخ يذكر هذه المرحلة أن شهدت أكبر عدد من المساجين ثلاثين ألف سجين وربما بأقاربهم يعدوا بالملايين اللي تضرروا، المهاجر عمره في تاريخ تونس بلغ عدد المهاجرين السياسيين بالآلاف عمره ما حصل هذا عمرها تونس ما كانت طاردة أبنائها من هذا الصنف، في المرحلة الاستعمارية الإعلام كان أكثر انفتاحا منه الآن.
اعتناق الأفكار القومية وتجربة مصر سامي كليب: يسكن الشيخ راشد الغنوشي حاليا في منطقة تبعد عن لندن مسافة حوالي الساعة بالقطار ولم يكن الوصول إلى بيته سهلا لولا الاستعلام في المحطة والانتظار طويلا بين صفوف البريطانيين والسياح الأجانب الذين كانوا يؤمون لندن في ذاك اليوم لحضور احتفالات زفاف أميرهم تشارلز مع حبيبته كاميلا، كان التناقض كبيرا بين صور الاحتفالات وبين التاريخ الصعب والمعقد الذي جئت أسأل الشيخ راشد الغنوشي عنه وهنا بالضبط خطر لي أن أسأله بداية عن كيفية توفيقه بين رفضه للكثير من مفاهيم الغرب ومناهضته للذين احتلوا العراق وبين إقامته في دولة كانت شريك في اقتلاع نظام صدام حسين الرجل الذي دافع عنه الغنوشي أكثر من مرة. راشد الغنوشي: المنفى لا يختاره الإنسان وإنما يُفرَض عليه فرضا وكل منفي يُحدِث نفسه بالعودة في أقرب وقت لو توفرت ظروف الحد الأدنى لهذه العودة وأنا لم أخرج من بلدي طوعا وإنما بسبب الظروف القاسية التي تعيشها الحرية ويعيشها العدل ويعيشها الإسلام ويعيشها كل إنسان كريم في تونس اليوم، تونس اليوم للأسف طاردة لأبنائها يقذفون بأنفسهم حتى في البحر. سامي كليب: في الجنوب التونسي ولد وإلى غرب لندن لجاء وبين الولادة والمنفى قصة رجل بدأ قوميا وصار إسلاميا حالما بأن يفرض يوما ما مشروعه السياسي في تونس، راشد الغنوشي الذي نراه في هذه الصور خطيبا في إندونيسيا أو محاضرا في الغرب أو مناقشاً للإسلام مع سيدات ورجال غربيين هو ابن عائلة مؤلفة من عشرة أفراد، كان والده مزارعا وعائلته ورعة وبعد حصوله على البكالوريا بالعربية صار مدرسا في جنوب تونس الذي أنجب عددا من غلاة المعارضين للرئيس التونسي الراحل الحبيب بورقيبة هناك في جنوبه راح يسمع صوت العرب من القاهرة، صوت زعيم القومية العربية جمال عبد الناصر. راشد الغنوشي: تونس مرتبطة بالمشرق العربي ارتباطا وثيقا، أذكر كلمة لسامي الجندي وهو يعني أديب سوري عاش في تونس وأحبها في مقدمته التي كتبها لكتاب تونس الشهيدة أذكر بأنه قال بأن النفس التونسية أو القلب التونسي خفاق لكل ما يحدث في المشرق يتأثر بكل ما يحدث في المشرق فنكبة فلسطين أثرت في البلاد تأثيرا كبيرا، جاءت بعد ذلك الثورة الناصرية الثورة المصرية أعطت أمل على أنها ستسترد العزة السليبة وتعيد يعني الحق لأهله فتونس كلها تتأثر بالرياح المشرقية وربما لأن الجنوب أقرب إلى المشرق ومن هناك يعني أتى الخير إلى هذه المنطقة وربما كانت تتأثر أكثر لأن أيضا التغريب ربما في الجنوب هو أقل منه في الحواضر التونسية يعني الشمالية، ربما أهم قضية يعني كانت القضية الفلسطينية يعني أهم قضية التي شحنها صوت العرب إذاعة صوت العرب وصوت القاهرة يعني القضية الفلسطينية وقد كان أخواي أكبر مني يعني يتابعان الشأن السياسي وخالي أيضا كان مسيسا، والدي رحمه الله لم يكن مسيسا كان فلاحا لم يكن مسيسا لكن خالي كان تاجرا ومسيسا وكذلك أخواي بحيث أنا كنت أستمع إلى الشأن أهم أحاديثهم كانت تدور حول البكباشي جمال عبد الناصر وأنا أتساءل ما معنى بكباشي يعني هذه الكلمات يعني كانت غريبة وبالغرابة يعني ترسخ بالأذهان وحديث عن الوحدة العربية وحديث عن تحرير فلسطين وحديث عن الاستعمار وأيضا أنا تسيست من خلال دموع والدتي شاهدتها وقد سجن أخوها شاهدتها وأنا طفل تبكي فيؤثر في الطفل أن يرى أمه أحب الناس إليه تبكي لما فكانت دائما تقول خالك يعني في السجن فمن هناك يعني دخل في نفسي موضوع الاستعمار والاستبداد والقمع والظلم فأنا أعتبر نفسي أني تسيست دخلت عالم السياسة من خلال دموع والدتي ومن خلال صوت العرب وإذاعة القاهرة. سامي كليب: في العودة إلى الانتماء حضرتك في البداية طبعا درست أو أُجبِرت على الدرس في مدارس قرآنية دفعك الوالد دفعا ولكن على ما يبدو في خلال مرورك بجامعة الزيتونة لم تكن شديد الإعجاب بشيوخ الجامعة وكنت تشكك أيضا وتطرح أسئلة يعني حول الدين حول الله حول العبادة وما إلى ذلك ولم تكن متحمسا جدا للدين الإسلامي أو ربما لهذا النوع من الممارسة الإسلامية على العكس تماما حاولت أن تبعد عن ذلك ما هو السبب في ذلك شيوخ الزيتونة أم طريقة التعليم؟ راشد الغنوشي: إغلاق جامع الزيتونة كان أعظم جريمة في حق الشعب التونسي وفي حق الحضارة الإسلامية.. سامي كليب [مقاطعاً]: طبعا في عهد الرئيس السابق الحبيب بورقيبة؟ راشد الغنوشي [متابعاً]: في عهد الحبيب يعني كان هذا أول قرار من قرارات الاستقلال إغلاق جامع الزيتونة هذا ما يمنعش هذا الاعتبار ما يعنيش أنه جامع الزيتونة لأنه لم يتعرض للأمراض التي تعرضت لها الأمة الإسلامية فهو جزء من هذا الكيان.. سامي كليب: ولكن شيخ راشد يعني لو سمحت لي تقول تخرجت من جامعة الزيتونة لا يشدني إلى الإسلام إلا بعض ما تلقيته من والدي أما فكريا فقد كنت أقرب إلى الشك والتمرد على القديم. راشد الغنوشي: هذا وصف صحيح لأنه مناهج التعليم في جامع الزيتونة كانت مناهج أصابها قدر كبير من التخلف والحياة كما وصف أحد الدارسين أظن عياض بن عاشور يعني تونس كانت قد غربت وظل جامع الزيتونة مشرقا يعني ونحن جزء من هذا تونس التي اتجهت إلى الغرب ولكننا كنا عندما ندخل جامع الزيتونة كأننا ندخل متحف تاريخي يعني نخرج إلى العالم نجد لا صلة بين ما ندرسه وبين الحياة الجديدة في تونس فقد كان جيل ممزق جيلنا كان ممزق بين حياة تغربت وبين دراسة لا تمثل جسرا بين الإسلام وبين العالم الحديث. سامي كليب: طيب بتتفضل شيخ راشد الغنوشي تقول إنه كنا ندخل إلى جامع الزيتونة كأننا ندخل إلى متحف، اليوم بعض التوانسة يقولون عنك نفس الشيء حين ندخل أو نشاهد أو نقرأ أفكار حركة النهضة نشعر وكأننا نعيش في متحف وأنها باتت من العصر القديم يعني يجب أن تحدث نفسها أن تتعاطى مع العصر الحديث أن تتبنى خطابا حدثيا جديدا يلائم المجتمع؟ راشد الغنوشي: هذا الحكم على كل حال ده ينبغي دائما ألا نلقي عرض الحائط بأي نقد يعني ينبغي أن نأخذ من كل نقد ما هو فيه أن ننظر ما هو إيجابي في هذا النقد ولكن أحسب أني أنا هنا في المهجر ليس بسبب أن فكري قد رُفِض من الشعب التونسي بل العكس هو الصحيح أنه قوبل بأكثر من اللازم لمعارضة لأنه عندما اضطر النظام البورقيبي أن يقبل معارضة حدد لها حجم أن يكون سامعوها بحجم معين يكونوا فقط جزء من الديكور. سامي كليب: في البداية قبلتم بهذا الحجم؟ راشد الغنوشي: نعم، الحركة الإسلامية مشكلتها ليس أنها معزولة عن الشعب ليس أنها معزولة وإنما مشكلها الأساسي هو أنه يعني خرجت عن الحيز المقدر للمعارضة في نظام تونسي نظام فردي بوليسي إذاً النظام التونسي يستجلب ما قبل الإصلاح الإسلامي، يستجلب الحضرات يعني الحضرة الصوفية ويشجع حركة الخرافة لأنه يريد إسلاما متحفيا لا يستطيع أن يتخاطب مع الحداثة، المشكلة أنه نحن أحسنا التخاطب مع الحداثة ولذلك لم يكن من سبيل للتعاون معنا إلا بالقمع. سامي كليب: على كل حال هذا جدل كبير وعميق وممكن أن أسرد لك عشرات الكُتاب العلمانيين أو ربما أيضا بعض الإسلاميين الذين انتقضوا هذه التجربة.. راشد الغنوشي: أنا أسرد لك عشرات من العلمانيين أيضاً الغربيين الذين شهدوا أن النهضة تمثل أملاً للحوار بين الإسلام وبين الغرب بين الإسلام وبين الحداثة. سامي كليب: طيب لنعد لو سمحت لتجربتك الشخصية يعني سنحاول أن نمر قدر الإمكان على معظم أفكارك وأفكار حركة النهضة ولكن أود يعني فقط للتعريف أكثر بك وبتجربتك العودة إلى البداية أيضاً، عام 1967 قررت طبعاً أن تهاجر إلى مصر لمتابعة الدراسة بالزراعة ولفت نظري أنك كنت قد تصبح روائياً أو صحافياً. راشد الغنوشي: نعم فهذا كنت ما أحدث نفسي يعني أحلامي كطفل كانت يعني تدور حول روائياً أو صحافياً. سامي كليب: في تجربة مصر في الواقع لم تدم طويلاً على ما يبدو في البداية استفدتم من الخلاف الحاصل بين الرئيس جمال عبد الناصر والرئيس حبيب بورقيبة رحمهم الله ولم تبقوا حضرتك وزملائك التوانسة أكثر من فترة قصيرة في تونس بعد الاتفاق اضطررتم لترك مصر بطب من السلطات المصرية رغم إنك كنت يعني مناصراً للتيار الناصري ومتأثراً بهذا التيار ما الذي حصل؟ راشد الغنوشي: تعلم أستاذ سامي إنه السياسة البورقيبية عملت على قطع تونس عن محيطها العربي وربطها بالمحيط الغربي ولذلك كان ممنوع على الطلبة التونسيين أن يرتحلوا إلى المشرق فنحن فررنا يعني، وجدنا أنفسنا حوالي أربعين طالب فارين من تونس لا لأي سبب سياسي وإنما فقط ليتابعوا تعليمهم.. سامي كليب: باللغة العربية. راشد الغنوشي: باللغة العربية يعني هذا كل ما في الأمر لأن تونس قد تغربت ولم يعد مسموح أمام بقايا الزيتونيين يعني عالم يحتضر، نحن كنا جزء من عالم يحتضر وليس بشكل طبيعي وإنما بقوة الدولة يعني يُقتَل أو يُنحَر فكنا نريد مخارج نفلت، لم يكن مسموحاً أمامناً إلا أن نتابع في كلية الشريعة وإنما كما كنت يعني في ذلك السياق أحلامي ما كانش في ذلك السياق فكنت أريد أن أتابع التعليم في الزراعة وإلا في ميدان من ميادين العلوم الإنسانية ولم يكن ذلك متاحاً فوجدنا أنفسنا حول أربعين طالب في مصر من غير تنسيق أيضاً كل واحد فكر نفس التفكير وأنه يناضل من أجل أن يُسجَل في الجامعات المصرية ولم يكن ذلك يسيراً بالرغم أني أنا واحد من الناس اللي كنت معجباً شديد الإعجاب بعبد الناصر وهناك لم نجد الناصرية كما أملنا وحلمنا، وجدنا أبواباً مغلقة حتى إننا نحن نظمنا مظاهرة أمام بيت عبد الناصر.. سامي كليب: من أجل الدخول للجامعة. راشد الغنوشي: من أجل الدخول للجامعة وحاصرنا الشرطة أذكر يعني بعض الأشياء الطريفة فالشرطة يسألوننا ماذا تريدون نقول لهم نريد أن نتعلم بالعربية العربية منهارة في تونس فهو يخاطب رؤسائه يقول يعني عايزين إيه يقولون إيه يقولوا العربية منهارة هو يفهم العربية بمعنى السيارة يعني في النهاية على كل حال سجلونا يعني. سامي كليب: ولكن بعد ثلاثة أشهر طردتم. راشد الغنوشي: وبعد ثلاثة أشهر وجدنا أسماءنا مشطوبة لأنه العلاقات اللي كانت مقطوعة مع تونس يعني ونحن استفدنا من ها القطيعة هذه، العلاقات عادت واشترطت السفارة هناك اشترطت عودة هؤلاء الطلبة فوجدنا أنفسنا أسماءنا مشطوبة ومطلوب منا شحننا لإعادتنا من جديد فصارت الشرطة تبحث عنا لتسليمنا للسفارة وعدد من زملائنا فعلاً سلموا ورجعوا إلى البلد. سامي كليب: وأيضاً تأثرت بأفكار الإخوان المسلمين على ما يبدو؟
التشكيك في الأفكار الناصرية وتبني التيار الإسلامي راشد الغنوشي: على كل حال عندما ذهبت إلى سوريا كان الجو مازال فيه فسحة في سويا يعني البعث لم يكن قد أحكم قبضته على السلطة يعني كانت مرحلة انتقالية ولذلك الجامعة كان فيها كل التيارات بما فيها التيار الإسلامي والتيار القومي، أنا أتبعت في سوريا تأثري بالتيار القومي فانتميت للاتحاد الاشتراكي يعني وقد كان يعني يناضل من أجل عودة الوحدة فكان عندنا صراع نحن الناصريين في ذلك الوقت صراع مع البعثيين في موضوع الوحدة أساساً يعني. سامي كليب: يعني فقط للتذكير أنك كنت في سوريا بين 1964 و1968. راشد الغنوشي: بين 1964 و1968 فالسنتين الأوليتين يعني أنا قضيتهم مع التيار.. سامي كليب: الناصري. راشد الغنوشي: في التيار الناصري بل عضواً ورئيساً لخلية في الاتحاد الاشتراكي والتقيت أنا.. سامي كليب: رغم أنك كنت مطرود من مصر الناصرية. راشد الغنوشي: بالرغم إن أنا كنت مطرود من مصر الناصرية ولكن ذلك لما يؤثر في توجهي العام يعني عبد الناصر كان بالنسبة لي من المقدسات التي لا أتحمل فيها يعني أي نقد أو أي نيل، المهم إنه من خلال الحوارات التي دارت في الجامعة وقد كانت حوارات ساخنة بين التيار الإسلامي والتيار القومي يعني استقرت في نفسي قناعة أن البضاعة القومية التي يحملها بضاعة غير ذات عمق عمقها محدود مجرد شعارات يعني هل الأولوية للوحدة والحرية والاشتراكية بحيث الشعارات التي بين التيارين القومي والناصري نفس الشعارات مع اختلافها في الترتيب وبحكم الدراسة الفلسفية التي بدأتها يعني أخذنا نتجاوز موضوع الشعارات ونتعمق فيها فتبينا إنه هذه الشعارات ليس تحتها شيء كثير. سامي كليب: قرأت انك لم تنتمي إلى الإخوان المسلمين في سوريا. راشد الغنوشي: لا لم أنتمي لم انتمي انتميت للتيار الإسلامي.. سامي كليب: التيار بشكل عام. راشد الغنوشي: للفكرة الإسلامي يعني لم انتمي لأي تيار إسلامي وإنما للفكرة الإسلامية.. سامي كليب: لماذا لم تنتمي؟ راشد الغنوشي: يعني لأنه لسبب أساسي هو تقديري أنه أنا عائد إلى بلدي ولا أريد أن أعود إلى بلدي بالتزام سياسي محدد نعم عائد بالتزامي الإسلامي ولكن ليس بتنظيم بالانتماء لتنظيم محدد. سامي كليب: ولكنك كنت في تنظيم الاتحاد الاشتراكي؟ راشد الغنوشي: لا هذا خرجت منه يعني هذا خرجت منه خرجت من التيار أنا.. سامي كليب: قلت أنه لم تشأ الانتماء إلى تنظيم إسلامي ولكن كنت قبله في تنظيم آخر؟ راشد الغنوشي: هذا كان في مرحلة سابقة يعني حكمتها في تقديري حكمها الحماس والاندفاع بينما وصل الإنسان بعد ذلك إلى قدر من النضج يميز بين الفكرة وبين التنظيم فأنا انتميت للفكرة الإسلامية ولكن لم انتمي لأي تنظيم تقديراً من أنه أنا عائد إلى البلد وهناك آراء ماذا يوجد هل يوجد تنظيم إسلامي فأنتمي إليه؟ إذا لم يوجد تنظيم إسلامي سأتفق سأرى مع من ننظم أنفسنا بدون أن أدخل البلد بمقررات تنظيمية سابقة يعني. سامي كليب: الغريب إنه بين أول وصول إلى مصر ثم الذهاب إلى سوريا فالخروج من سوريا والعودة إلى سوريا بين الخروج من سوريا والعودة إليها مرة ثانية قمت بجولة كرحالة إلى الكثير من الدول الأوروبية تحديداً وعملت في مختلف الوظائف يعني من جلي الصحون إلى حتى الحراسة، لم تنجح في الحراسة لفترة معينة إلى بيع أشياء معينة وخضار إلى قطف العنب. راشد الغنوشي: إلى توزيع (Posters) يعني أوراق الدعاية.. سامي كليب: إلى توزيع لدعايات البوسترت الداعية وغير ذلك ولكن الذي لفت نظري إنه باريس كانت الأصعب بالنسبة إليك وتقول هذه الجملة في الواقع.. راشد الغنوشي: هو ليس خلال الجولة باريس كانت خلال مرحلة بعد سوريا. سامي كليب: بعد سوريا المرة الثانية؟ راشد الغنوشي: بعد سوريا وأردت الدراسة هناك يعني بقيت سنة للدراسة. سامي كليب: تقول في باريس إن الجو الجنس الإباحي كان يشكل كل الضغط النفسي الكبير على طالب في مقتبل العمر مثلي وكنت كأنني قلعة تكاد الريح تجتاحها من كل مكان، كنت شديد الخوف من السقوط، طيب آنذاك لم تكن انتميت بعد للحركة الإسلامية بشكل عميق لم تكن تبنيت الفكرة الإسلامية أو الإيديولوجية ما الذي كان يمنع شاب مثلك من التمتع بمباهج الحياة؟ راشد الغنوشي: لا الحركة الإسلامية ليس هي التي تمنع الإنسان من الوقوع في المعاصي وإنما التزامه الديني.. سامي كليب: عند العاقل يعني. راشد الغنوشي: فأنا عندما انتقلت أنا أعتبر نفسي أنه يوم 15 (June) 1966 صفحة جديدة في حياتي انتقلت فيها من الحياة من الفكرة العلمانية تستطيع أن تقول.. سامي كليب: إلى الصلاة. راشد الغنوشي: إلى الالتزام الإسلامي الكامل الالتزام بالإسلام إلى أنه عقيدة وعبادة وأخلاق ومنهج حياة شامل وليس مجرد يعني جزء من حياة الإنسان فعند إذاً يعني أنا اعتبرت أن ممارسة من هذا القبيل ممارسة جنسية تخرج عن الإطار الإسلامي يعني انهيار سقوط بالنسبة لي. سامي كليب: رغم إنك تسكن في بيوت الشباب وهناك حولك يعني جو كان مؤتي لكل.. راشد الغنوشي: ما هو لم يكن هناك جو إسلامي الآن باريس فيها جو إسلامي نحن في ذلك الوقت عملت مع مجموعة صغيرة اسمها جماعة التبليغ مثلت لي نوع من الحماية يعني مجموعة صغيرة من الناس العمال البسطاء. سامي كليب: الغريب الشيخ راشد الغنوشي إنه في البداية لم تتأثر بكاتب محدد عربي مسلم وإنما ذهب تأثرك أكثر باتجاه محمد إقبال الفيلسوف والكاتب الهندي تأثرت به في البداية أكثر من غيره ما الذي دفعك نحوه أكثر من غيره؟ راشد الغنوشي: ربما عمقه الفلسفي يعني وشاعريته وجمع محمد إقبال بين العمق الفلسفي بين الشاعرية بين الإطلاع الواسع عن العالم الحديث، مناقشته للفلاسفة الغربيين الكبار وهذا البعد ضامر أو محدود في كثير من حقول الفكر الإسلامي الحديث. سامي كليب: إلى قراءتك لمحمد لإقبال قرأت أيضاً للمودوي وسيد قطب ومحمد قطب وحسن البنا والسباعي وبن تيمية والغزالي ومالك بالنبي وترجمت كتاب مالك بالنبي في السجن على ما يبدو أيضاً تأثرت بأحمد.. راشد الغنوشي: عندي كتيب حول الإسلام والديمقراطية. سامي كليب: صحيح حتى بأحمد أمين أيضاً قرأت له وتأثرت به، وضعت أطروحة حول ابن تيميه ولكن بعد الهزيمة العربية عام 1967 كنت أيضاً في سوريا آن ذاك وكنت بدأت أيضاً متأخراً بكل هذه الأفكار حاولت أن تقاتل لنصرة العرب ونصرة فلسطين أعطوك بندقية يوغسلافية غير صالحة للاستخدام كيف كان شعوركم؟ راشد الغنوشي: لا هي صالحة ولكن بسيطة يعني أمام النيران التي كانت تزلزل أجوادي مش كانت هذه البندقية في أيدينا نحن الطلبة الجامعة يعني كانت لعبة أطفال يعني ما كنا قادرين أن نفعل شيء ولكن إحنا خرجنا في مظاهرة على كل حال من أجل الحصول على هذه البندقية البسيطة، خرجنا في الجامعة في مظاهرة نطالب بحمل السلاح حتى ندافع عن البلد الذي آوانا وندافع عن فلسطين.
الاتجاه الإسلامي والصدام مع المشروع التغريبي سامي كليب:لا يحتفظ الشيخ راشد الغنوشي بشيء من صور رحلاته إلى أوروبا فأرشيفه وصوره ووثائقه ضاعت في الجزائر التي كان لجأ إليها في بداية التسعينات دعما للجبهة الإسلامية للإنقاذ وحين اُسقِط بيدي الشيخين عباس مدني وعلي بن حاج أضطر إلى الرحيل مجددا، من غربته الطوعية إلى عدد من الدول الغربية والعربية عاد راشد الغنوشي إلى وطنه تونس في نهاية الستينيات ليساهم في تأسيس حركة الاتجاه الإسلامي وهو يحتفظ هنا في لندن بصورة نادرة لأول مؤتمر صحفي لهذه الحركة. راشد الغنوشي: أعلنا في هذه الندوة عن بيان اشتهر بعد ذلك باسم بيان حركة الاتجاه الإسلامي حددنا فيه مبادئ من قضايا مهمة في ذلك الوقت أننا تبنينا الديمقراطية تبنيا كاملا بدون تحفظ ورفضنا للعنف رفضا كاملا وقبولنا بالاحتكام لصناديق الاقتراع بدون تحفظ على أحد حتى أن سألنا الصحف في ذلك الوقت لو أن صناديق الاقتراع أفرزت فوز الحزب الشيوعي اللي هو النقيض العقائدي لكم ماذا تفعلون؟ قلنا ليس أمامنا إلا أن نحترم إرادة الشعب وليس شيء غير ذلك رغم أنه حُمِل علينا إسلاميا لهذا الجواب ولكننا ظللنا مصرين عليه على اعتبار أن تونس ملك لكل أبنائها دون إقصاء ودون استثناء. سامي كليب: كان الشيخ راشد الغنوشي يحدثني عن الحركة وعن أحلام شبابه وكأنه لا يزال في العشرين من عمره فالأحلام تحطمت على صخرة الصراعات وربما وحدها زوجته التي ترافقه في منفاه اللندني والتي أعدت لنا الأطباق التونسية التي تعيدها ولو بالذكرى إلى الوطن الأم تعرف أن هذه الأحلام قد لا ترى النور، كانت تونس غداة تأسيس حركة الاتجاه الإسلامي في قبضة رجل واحد هو الحبيب بورقيبة سرعان ما وقع التنافر ثم الخصام بين راشد الغنوشي الشاب المسلم والقومي العربي وبين الرئيس الذي نسف كل الأحوال الشخصية في بلاده بغية تحرير المجتمع وتعزيز دور المرأة وتقليص نفوذ الإسلام السياسي وتغريب الوجه الثقافي لتونس، وقعت المواجهة بين بورقيبة والغنوشي. راشد الغنوشي: نستطيع أن نذكر سببيين؛ سبب يخص الإسلاميين وسبب سياسي، السبب الثاني السبب السياسي ليس خاصا بالإسلاميين فدولة بورقيبة دولة تسلطية يعني دولة مركزية الرئيس فيها يعني هو مركز الكون هو مركز الدولة هو الدولة والباقي كله يعني ليس إلا أشكالا وهياكل فارغة الحزب ومجلس الوزراء وكل هذه هياكل فارغة، مركز العالم مركز الدولة هو الرئيس والرئيس له مشروع يحمل مشروع تغريبي فالناس تصادموا الصدام في تونس كان أحيانا مع المشروع وأحيانا كان مع الشخص فنحن صدامنا كان أعتى لأنه كان مع المشروع ومع الشخص نفسه يعني نحن صدامنا في الأول بدا مع المشروع، المشروع التغريبي بورقيبة ربط تونس بالغرب، نحن مشروعنا إعادة تونس إلى سياقها العربي الإسلامي جزءا من الوطن العربي وجزء من الوطن الإسلامي، بورقيبة همش الإسلام اعتبر أن الإسلام عقبة في طريق تقدم تونس وتحضرها وأن تصبح جزء من العالم الحديث فالإسلام عقبة في نظره ولذلك أنا أستغرب من بعض الناس الذين أرادوا أن يعيدوا تسويق بورقيبة للشعب التونسي والعالم على أنه مجتهد بينما بورقيبة ملحد معروف يعني حتى محمد بنزالي يشهد بذلك، البحث التاريخي يشهد بذلك أن بورقيبة لم يكن مؤمنا بالإسلام أصلا بل كان يعتبره عقبة وهذه العقبة يتم تجاوزها بطريقة إما بالحيلة باسم الاجتهاد بهذا ندعو الناس للإفطار في رمضان لأنه الشعب التونسي في حالة جهاد ضد التخلف يجوز له أن ينتهك حرمة رمضان يعني الاجتهاد من هذا القبيل يعني إما بهذا الضرب من الحيلة أو بالإزاحة السافرة جملة، بورقيبة سخر من الجنة والنار وسخر من القرآن واعتبر أن القرآن متناقض وسخر من القصص الواردة في القرآن وهذا لا يمكن أن يفعله مسلم أصلا يعني حتى مسلم فاسق لا يفعل هذا بحيث نحن بورقيبة اطمئن إلى أن مستوى التحديث في تونس ولك أن تقول التغريب مستوى التحديث بلغ درجة ألا عودة. سامي كليب: طيب شيخ راشد الغنوشي يعني حضرتك تصف الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة الرئيس التونسي بأنه كان ملحد وبعرفك الملحد ينبغي قطع رأسه. راشد الغنوشي: لا هو المشكلة ليس أنه ملحد لو كان ملحد إلحاده لنفسه يعني نحن لسنا محكمة تفتيش نفتش في قلوب الناس هذا مؤمن وهذا ملحد لكن المشكلة هو.. سامي كليب: هل حضرتك كزعيم حركة الإسلامية اسمحي لي هل حضرتك كزعيم حركة إسلامية تقبل بأن يكون رئيس دولتك ملحدا؟ راشد الغنوشي: لا أريد أن يكون ملحدا لا أريد أن يكون في تونس ملحدا، لا أتمنى أن يكون في العالم كله ملحدا ولكن الإلحاد قائم ليس بإرادتي أنا ولكن بإرادة الله سبحانه وتعالى اللي خلق الناس أحرار وبالتالي فمنهم مؤمن ومنهم كافر فلا يستطيع أحد أن يصادر هذه الحرية التي أعطاها ربنا حرية الإنسان أن يكفر، حرية الكفر متوفرة في الإسلام ولذلك أنا لا أستطيع أمنعها ولو شاء الله لجعل الناس أمة واحدة لو ربنا أراد لجعل الناس كلهم مستقيمين. سامي كليب: طيب أنا أسألك شيخ راشد إن بعض الكتاب عاب عليك في بعض ما كتبت حضرتك إنه حللت استخدام السيف لقطع رؤوس الحكام غير المنتمين إلى الدين الإسلامي أو المتبنيين الشريعة الإسلامية أو المتبنيين المفاهيم الإسلامية ويستندون إلى كتابتك إلى كتبك أنه تقول حتى إنه يجب عدم الاستناد إلى الآيات التي لا تكفر الحاكم وإنما كانت لها ظروفها يجب الاستناد إلى حقيقة مفهومها آنذاك ما يعني أنك تؤيد ضرب الحاكم أو الانقلاب عليه أو قطع رأسه وما إلى ذلك؟ راشد الغنوشي: هذا ليس صحيح، مشكلنا مع الحاكم الأساسي ليس أنه ملحد لأنه نحن نعيش الآن التجائنا إلى حكومات علمانية أو ملحدة مشكلنا ليس هو، نحن لا نتمنى أن يكون حاكمنا ملحدا لا شك ولا نتمنى أن يوجد ملحد في العالم أصلا، نتمنى للناس الإيمان ولكن الإلحاد أمر قائم، المشكلة ليس في أن بورقيبة كان ملحدا مشكلنا أن بورقيبة كان يريد أن يفرض إلحاده على الشعب. سامي كليب:طب اسمح لي شيخ راشد إما حضرتك نسيت ما كتبت أو أنك تغيرت الآن أو غيرت مفاهيمك.. راشد الغنوشي: لا ذكرني بما كتبت. سامي كليب: يعني في كتاب الحريات العامة في الدولة الإسلامية تقول ليس رائدنا في الدولة الإسلامية لذة معرفية بل ثورة إسلامية تقتلع الطواغيت والتبعية من أرض الله لأن الطواغيت هم الحكام.. راشد الغنوشي: أنت تريد أن يبقوا الطواغيت في مكانهم؟ سامي كليب: لا إذا حضرتك كنت تنوي قلب النظام.. راشد الغنوشي: أنت مشترك معي في أنه اقتلاع الطواغيت هذا هدف كل.. سامي كليب: أنا مع حرية الإنسان. راشد الغنوشي: هدف كل إنسان حر في العالم ألا يبقى هناك طواغيت لكن هل في النص هذا أنه أنا يعني سأمارس الانقلاب عليهم سأمارس أسلوب الانقلاب؟ سامي كليب: نعم في هذه الجملة وجمل أخرى هناك دعوى للانقلاب.. راشد الغنوشي: هل فيها أني سأمارس أسلوب الاغتيال؟ سامي كليب: بس حاولتم اغتياله في إحدى ليالي عيد ميلاده. راشد الغنوشي: لم يحصل إطلاقا هذا.
دور بن علي في تصفية الحركة بتونس سامي كليب: شيخ راشد السؤال محدد يعني واليوم مر تاريخ طويل على الموضوع في ليلة عيد ميلاد الرئيس بورقيبة حصلت انفجارات في عدة مناطق في تونس واُتهِم التيار الإسلامي بأنه هو الذي وقف وراءه حتى الآن لم تنجلي حقيقة ما حصل، كنتم الأخصام الوحيدين إذا صح التعبير لهذا النظام يعني هل اليوم تُبرِئ الحركة هل يمكن أن تبرأ الحركة أم تقول أن هذا الأمر كان مبررا آنذاك حتى ولو أن حضرتك لم تعطي الأمر ربما لذلك؟ راشد الغنوشي: لا أنا لم أعتبر الأمر مبررا رغم أننا مظلومون ومعتدى علينا ولكن لم نبرر لم نعط لأنفسنا الحق يوما في أن نرد على عنف الدولة بعنف مماثل، ما فيش بوليس في العالم يستطيع أن يقول والله أنا وصلت من الإحكام وصلت أجهزتي من الإحكام أن تمنع حادثة عنف، ال(FBI) ما قدرش البوليس الأميركي ما قدرش يجنب 11 سبتمبر وغيره. سامي كليب: يعني بالمختصر لو شئت حضرتك أو حركة النهضة أن تقوم بأعمال العنف كنتم قادرين على ذلك؟ راشد الغنوشي: نحن لا نفكر في هذا. سامي كليب: لو شئت تقول إن لا أحد يمنع. راشد الغنوشي: لا نفكر في هذا ولكن ممارسة العنف ليست أمرا عبقريا هو أمر غشيم أصلا هو غشيم لا تقدم عليه حركة عاقلة. سامي كليب: اسمح لي شيخ راشد يعني سنعود إلى التجربة مع الرئيس زين العابدين بن علي ولكن فقط للعودة إلى ما حصل مع الرئيس الحبيب بورقيبة بعد هذه التفجيرات طبعا حصلت محاكمات ويروي الزميل والكاتب الصحافي صافي السعيد في كتابه القيم في الواقع بورقيبة سيرة شهه محرمة ما يلي؛ يقول إن بورقيبة ظل مصرا على قطع بعض الرؤوس لتجفيف منابع الخطر الإسلامي وفي السابع والعشرين من آب أغسطس من العام 1987 رغم أنك كنت سُجِنت قبل ذلك طبعا مرة أو مرتين يقول إنه في هذا التاريخ فُتِحت محكمة أمن الدولة وفتحت أبوابها لاستقبال تسعين متهما بقلب نظام الحكم والتعاون مع دولة أجنبية هي إيران، هرب البعض من السجن وصدرت أحكام قاسية وكان نصيب الغنوشي الأشغال الشاقة مدى الحياة ومع ذلك فبورقيبة لم يكن راضيا عن تلك الأحكام، كان يتمنى رؤية جثة الغنوشي تتدلى ما الذي منعه من أن يقتلك بورقيبة هل فعلا الرئيس زين عابدين بن علي؟ راشد الغنوشي: قدر الله الأجل ما حضرش بينما بورقيبة عمل كل شيء لأن يرى فعلا هذا المشهد وهو رجل دموي فكان يسر جدا أن يرى أعدائه تدحرج رؤوسهم بين قدميه. سامي كليب: شيخ راشد الغنوشي وددت فقط أن أسألك يعني وأمل أن يكون الجواب يعني بقدر معلوماتك بالضبط هل لعب الرئيس التونسي زين العابدين بن علي حين كان رئيسا للوزراء في خلال محاكمتكم في عهد الرئيس الراحل حميد بورقيبة هل لعب دورا لمساعدتكم في السجن أو في تهريب بعض عناصر ناهضة من السجن أو في التخفيف من المحاكمات والأحكام؟ راشد الغنوشي: لا علم لي بذلك لا أعلم شيئا من ذلك، كان وزيرا للداخلية وكان يقود المعركة مع الاتجاه الإسلامي في الشارع وفي غياهب بالمعتقلات والتعذيب كان يجري على قدم وساق وعشرات قُتِلوا تحت التعذيب ورميا بالرصاص في الشوارع فما سمعت أنا بأنه قام بمثل هذا الدور يعني. سامي كليب: وكنت تعلم بأنه يقمع التيار الإسلامي آنذاك؟ راشد الغنوشي: الجميع يعلمون يعني هذا مش اكتشاف يعني هو وزير الداخلية. سامي كليب: طيب إذاً لماذا حين وصل إلى السلطة؟ راشد الغنوشي: كان ينفذ تستطيع تقول ينفذ في إرادة بورقيبة الذي في خطاب عام في اللجنة المركزية قال يريد أن يخرج من تونس وليس فيها خوانجي واحد خوانجي بالتعبير التونسي يعني صيغة تركية هذه يعني ينتمي.. سامي كليب: للتيار الإسلامي. راشد الغنوشي: للتيار الإسلامي فهو نظر نفسه بأنه رسالته أن يخرج من تونس وليس فيها خوانجي. سامي كليب: مين بن علي؟ راشد الغنوشي: لا بورقيبة وكان الذي يقوم على التنفيذ وزارة الداخلية تقوم على التنفيذ هذا يعني.. سامي كليب: طيب كنت تعلم.. راشد الغنوشي: وكل مؤسسات الدولة ليست وزارة الداخلية فقط. سامي كليب: عال لنسلم جدلا إنه فعلا كان يقوم بذلك بن علي ولكن حين وصل إلى السلطة عام 1987 طبعا حاول الانفتاح عليكم وتغير اسم التيار إلى اسم حركة النهضة القائم حتى اليوم حتى لو كانت الحركة محظورة وكان سبب خروجك من السجن أيضا هو بقرار منه. راشد الغنوشي: ومع ذلك إحنا ما اعتبرنا لأنه ما كانش هو المسؤول عن قرار الدولة المسؤول كان بورقيبة ولذلك لما أزاح بورقيبة نحن شكرنا له هذا.. سامي كليب: لا بل وامتدحته أيضا امتدحته بشكل شخصي يعني. راشد الغنوشي: أينعم نحن شكرنا له هذا العمل وقلنا له إذا كنت تعني ما تقول من أنك أتيت لإنقاذ تونس وأن تونس تأهلت لحياة ديمقراطية حقيقية فنحن لن تجدنا إلا مساعدين وجنودا وأعوانا ولن تجدنا يعني في معارضة هذا المشروع لأنه هذا مشروعنا نحن ومشروع كل المعارضة وكل الاتجاهات السياسية من اليوسفيين إلى النقابيين إلى اليساريين إلى الديمقراطيين إلى الإسلاميين كلهم عملوا في هذا الاتجاه فإذا أنت جئت فعلا لتحقق هذا فستجدنا أعوانا لك. سامي كليب: طيب وصل بك الأمر شيخ راشد إلى حد القول إنه الرئيس بن علي فرصة لتونس يعني وفرصة لكم أيضا. راشد الغنوشي: أينعم كل المعارضة تقريبا أيدت بيان 7 نوفمبر لأنه تضمن مطالبها. سامي كليب: الرئيس زين العابدين بن علي سعى في بداية عهده للانفتاح على الإسلاميين، أطلق الكثير من سجنائهم وغض الطرف عن عملهم لكن الصِدام كان منتظرا وطبيعيا بين رجل قادم من المؤسسة العسكرية ووزارة الداخلية وراغب في فرض عهد جديد بعد رئيس قوي ومحبوب شعبيا بالرغم من الخضات وبين رجل اعتقد بأن الفرصة باتت مأتية لفرض الإسلام السياسي وربما للمشاركة في السلطة، وقع الانفصام والخصام أعلنت السلطات التونسية اعتقال عناصر إسلامية نهضوية متهمة بمحاولة اغتيال بن علي بصواريخ ستينجر واحتار الغنوشي أين يذهب فاختار الرحيل إلى الجزائر. راشد الغنوشي: نحن لم نكن نحن المصادمين نحن وقع علينا الصدام ولذلك ينبغي السؤال أن يُوجَه إلى الطرف الذي الطرف الآخر الذي قاد هذا الصدام لماذا حركة أعلنت عن تأييدها لهذا المشروع رغم أن الرجل الذي يقود الدولة الآن بالأمس كان هو الذي يقود قمع الحركة الإسلامية؟ لكن على كل حال إحنا اعتبرنا أنه هذه صفحة جديدة وذاك دور وهذا دور ومع ذلك سياق نحن دخلنا في حوار مع السلطة وتلقينا وعدا مباشرا بأنه سيُعترَف بنا ووعدنا نحن من جهتنا بأننا نحن سنهدئ الأوضاع وبأننا يعني سنعمل على تحقيق السلم الاجتماعي في البلد وهو شرط لنموها ولكن فوجئنا بعد ذلك أن المطالب التي وُعِدنا بها مثلا عودة المساجين إلى الخارجين من السجن عودتهم إلى وظائفهم لم يتم شيئا من ذلك، لم يتم الاعتراف بالنهضة، الملاحقة الأمنية استمرت للأخوة. سامي كليب: حصل حوارات بينك وبينه.. راشد الغنوشي: حصل.. سامي كليب: الرئيس بن علي آنذاك مباشرة؟ راشد الغنوشي: حصل نعم. سامي كليب: ماذا كان يقول لك؟ راشد الغنوشي: هذا الذي ذكرته لك. سامي كليب: كنا نواصل الحديث عن الرئيس التونسي زين العابدين بن علي لما حان موعد صلاة العصر والشيخ راشد الغنوشي الذي تعلم أصول القرآن على والده وفي المدارس القرآنية وراشد الغنوشي الذي تأثر بكبار المفكرين الإسلاميين لا يزال حتى اليوم ورغم سنوات منافية الطويلة يحلم بأن يرجع يوما ما إلى تونس لإحياء حركة النهضة التي نجح الرئيس بن علي وإلى حد كبير في تهميش دورها حتى ولو أن ضيفنا لا يزال مقتنعا بالعكس. راشد الغنوشي: الحكم الحاسم هو الانتخابات يعني لا تقع انتخابات وتشارك فيها النهضة ذلك هو الذي يثبت نهائيا بأنه هل بقي شيء اسمه النهضة أو لم تبقى، أنا معتقد بأن الاضطهاد لا يلغي الحركات وإنما يؤصلها، قد يحرفها عن مسارها ونحن والحمد لله لم ننحرف عن مسارنا بل صمدنا كما ذكرت لك لم ينجحوا في جرنا إلى العنف. سامي كليب: اسمح لي شيخ راشد الغنوشي بطرح بعض الأسئلة المباشرة مع أجوبة سريعة لو سمحت، هل تريد الإطاحة بنظام الرئيس زين العابدين بن علي؟ راشد الغنوشي: والله أنا أريد الإطاحة بالاستبداد يعني ما عنديش مشكل شخصي مع الرئيس بن علي ولا مع بورقيبة ما عنديش مشكل شخصي، أصلا أنا ماني مرشح نفسي لأن أكون بديلا عن أحد ولا النهضة مرشحة نفسها لتكون بديلا، كل قضيتنا نحن إنه بلادنا يعني تحكم بحكم معقول، أنا أريد الإطاحة بالاستبداد نظام الاستبداد واحتكار السلطة وتكميم الأفواه أما ما عنديش مشكل شخصي مع بن علي. سامي كليب: هل تود إقامة دولة إسلامية في تونس؟ راشد الغنوشي: بالتأكيد أريد إقامة الدولة الإسلامية يعني في المدى كأمل كل مسلم يريد للإسلام أن يحكم، لا يكون الإنسان مسلم إذا لم يرد لعقيدته أن تحكم. سامي كليب: في حال قامت الدولة الإسلامية كما تتمنى وترغب هل ستترك الحريات كما هي في تونس يعني طبعا أنا كتونسي لو كنت تونسي هل كنت سأسأل هل أستطيع مثلا الذهاب مع صديقتي إلى البحر هل أستطيع أن أذهب إلى نادي ليلي مثلا هل ستسمح هل ستبقي على كل هذه الأشياء القائمة حاليا في تونس؟ راشد الغنوشي: الإسلام كل الخير الإسلام يدعمه ويزكيه ويوسعه فالحريات لن تنتقص في دولة ديمقراطية ولا في دولة إسلامية والأشكال المطبقة لأحكام الإسلام في بعض المواطن حيث يُحَد من الحرية هذه هي أشكال مسيئة للإسلام. سامي كليب: في مكتبة الشيخ راشد الغنوشي كُتب كثيرة عن الإسلام ولكن فيها أيضا كتب أكثر عن القومية وعن الوحدة العربيتين وإذا كانت هاتان الصورتان يوحيان بأنه يركض دائما إلى الأمام فإن تجربة الغربة علمت هذا الشيخ الستيني أنه ربما حان وقت توقف الركض قليلا لإجراء مراجعة نقدية جدية للتجربة الإسلامية. راشد الغنوشي: أنا أدعو اليوم مثلا إلى أنه الحركة الإسلامية تتبنى مشروع الوحدة العربية لأنه مشروع الوحدة العربية هو المشروع الواقعي، المشروع الوحدة الإسلامية الآن مشروع غير واقعي وأنه أن تتوحد القوميات الإسلامية القوميات في داخل الإسلام موحدة كل قومية داخلها ما عدا القومية العربية غير موحدة يعني هناك من يتكلم باسم القومية التركية ومن يتكلم باسم القومية الباكستانية أو الهندية يعني العنصر الهندي وهناك الملاويين أيضا ماليزيا وإندونيسيا لكن القومية العربية هي اللي ممزقة وحدها إلى 22 دولة فبدل أنه نحن نطمح إلى توحيد كل القوميات هذه فالمشروع العملي الآن المتاح هو أن نوحد القومية العربية نوحد العرب وهذا أمر ممكن ولذلك أنا أدعو في الوسط الإسلامي إلى أن تتبنى الحركة الإسلامية مشروع الوحدة العربية، هذا المشروع الذي بدأ بعض العروبيين يتخلون عنه أرى بأنه هو المشروع الواقعي للحركة الإسلامية ولذلك أنا كنت من المؤسسين المتحمسين للحوار القومي الإسلامي الذي أنتج بعد ذلك مؤسسة المؤتمر القومي الإسلامي. سامي كليب: كان الشيخ راشد الغنوشي زعيم حركة النهضة الإسلامية المحظورة في تونس يخبرني ونحن نسير بسيارته بين المعالم الديمقراطية والتاريخية للندن كان يخبرني بأمل يوجد ربما ببعض القلق عن أن رياحا للتغيير سوف تعصف بالدول العربية فهو قلق من أميركا بقدر قناعته بأن وجودها في المنطقة سيحدث انقلابا، كان المساء يخيم على الضاحية الغربية للندن حيث يقطن زعيم الحركة الإسلامية التونسية منفيا وسألته قبل أن أودعه كيف يعيش هنا وهل يأمل فعلا بالعودة يوما ما إلى بلاده إلى تونس؟ راشد الغنوشي: أنا متفرغ على حساب الحركة يعني ومتفرغ منذ نهاية السبعينات. سامي كليب: طيب والحركة من أين لها الأموال؟ راشد الغنوشي: كل عضو في الحركة يدفع 5% يعني اشتراكه يعني مش من مرتبه من كل دخله وقد يُوظَف أكثر من ذلك نصف مرتب في السنة بالإضافة إلى ذلك وهذا نصرف منه على الجهاز جهاز الحركة يعني عندنا مقر وعندنا متفرغين في أكثر من مكان يعني. سامي كليب: إلى ما تشتاق أكثر شيء في تونس وأنت في بريطانيا؟ راشد الغنوشي: والله أشتاق إلى مسقط رأسي.
(المصدر: موقع الجزيرة.نت بتاريخ 12 جوان 2006) وصلة الحوار:
http://www.aljazeera.net/NR/exeres/7C6E7FF5-4F89-4772-BE02-2186EBEB5C47.htm
فنان تونسي: بعت الشهرة واشتريت رضا الله
محمد الحمروني (**) فضّل هجر مظاهر البذخ والحفلات والشهرة والبهرجة الإعلامية، والتفرغ للعبادة والقراءة والدعوة إلى الله، رغم أن الإسلام لم يحرم الفن الهادف. قصة فريدة يتناقلها محبّو فنه الشعبي الذي تميز به في أرجاء تونس، وتحوّلٌ ملفت للانتباه في وسط فني كثيرا ما تتوجه إليه سهام النقد. لم يكن قرار الفنان الشعبي التونسي فوزي بن قمرة باعتزال الغناء حدثا عاديا، لا بالنسبة لأصدقائه ولا لعائلته ولا لآلاف المحبّين والمعجبين؛ فقد كان بمثابة الزلزال الذي هزّ الكثيرين في صمت، وخاصة أنها التجربة الأولى في تونس التي يتّخذ فيها فنان، وهو في قمة شهرته وعزّ شبابه، قرارا بالاعتزال. اعتبر أصدقاؤه هذا التحول معجزة، في حين ظنّت عائلته أنه قرار ظرفي، أما هو فكان يعتقد أنه اهتدى أخيرا إلى الطريق الذي لطالما أراد. كيف عاش بن قمرة هذه التجربة؟ وكيف كانت ردود الأقارب والأصدقاء؟ وكيف يقضي بن قمرة أوقاته بعد أن ترك الغناء؟ هذه بعض الأسئلة التي حاولنا أن نجد الإجابة عنها لدى ضيفنا، وهو يروي لنا قصة خلاصتها قول الله تعالى: {وَالآَخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى} (الأعلى: 17). وفي تصريحات لـ”إسلام أون لاين.نت” قال فوزي بن قمرة: “أنا شاب تونسي ظهرت عليه ميول للفن الشعبي الذي يسمّى عندنا في تونس بالـ”مزود” فانخرطت فيه، وتمكنت بفضل ما منّ به الله عليّ من طاقة صوتية، وتشبّع بالإيقاعات الشعبية التونسية، حتى أنجزت في فترة قصيرة نسبيا نجاحا كبيرا. أُعجب الكثيرون بطريقتي الجديدة في أداء الأغاني والرقصات التونسية؛ وهو ما أكسبني شهرة واسعة وجعلني، بشهادة الجميع، أتربع على عرش الغناء الشعبي التونسي لعشر سنوات كاملة”. رصيد الماضي من الطاعة وعن حياته قبل ترك الغناء قال بن قمرة: “كنت أعيش ككل الفنانين المشهورين؛ عمل وشهرة وأموال وعلاقات كثيرة ومتنوعة وسفر، وعدد كبير من المعجبين والمحبين”. ويصف بن قمرة علاقته بالآخرين فيقول: “كنت متواضعا وأعامل الناس بخلق حسن، والأهمّ من ذلك أنّي كنت جادا في عملي منضبطا في حياتي وسلوكياتي الشخصية، وكنت أتلقى النقد والإطراء بنفس الروح الموضوعية؛ وهي عوامل ساعدت كثيرا على سرعة انتشاري…”. والسؤال هو: ما سر التحول الذي طرأ على حياة بن قمرة؟ من المؤكد أن ثمة ظروفا وعوامل ساعدته، وهذا ما كشف عنه مشيرا: “العوامل عديدة ولعل أهمها: ظروف التنشئة؛ لقد نشأت في بيئة تونسية متوسطة ماديا، ومحافظة على قيمها وعاداتها العربية الإسلامية، ومن بينها الحرص منذ الصغر على أداء الواجبات الدينية رغم فترات الانقطاع من حين لآخر، غفر الله لنا جميعا”. وتابع: “لم أترك الصلاة خلال الأربع سنوات الأخيرة، وبدأ ينتابني قلق كبير، وحالة من عدم الرضا عن النفس لما كنت أقدمه من غناء، وبدأت نفسي تملّ الأجواء التي كنت أعيشها، وبدأت رحلة البحث عن حلّ”. هنا أخذ فوزي نَفَسًا عميقا وتغيرت ملامحه، وبدا كأنه يستعرض في صمت شريط الذكريات الخاص بتلك المرحلة من حياته، ثم قال في صوت متقطّع: “لم تكن المهمة سهلة، وأحسست بالحاجة إلى سند ودعم من الذي يملك ناصية القلوب ويقلبها كيف شاء. وبمساعدة بعض أصدقاء الخير -الذين لن أنسى لهم مثل هذا الفضل- توجهت إلى بيت الله الحرام لأداء مناسك العمرة في شهر رمضان من سنة 2001، السنة التي تركت فيها الغناء”. عاهدت الله في مكة ويصف فوزي لحظات الحسم بين الإقبال على الدنيا أو التوجه إلى الآخرة فيقول: “لأن المعركة مع الدنيا ومع النفس ومع الشيطان لم تكن سهلة، لم أتمكن حتى وأنا في مكة من حسم الموقف، ولم أستطع اتخاذ القرار بالاعتزال وترك الغناء، ولكن الله أراد بي خيرا، وهو الذي هداني لزيارة بيته الحرام، خرجت في ليلة من ليالي رمضان الكريم –أظنها كانت ليلتي الأخيرة بمكة- إلى الحرم المكي وصليت الصبح، وبينما كنت ساجدا في الركعة الأخيرة على ما أذكر، إذا بشيء غريب يحدث بداخلي، وشعرت بقوة عجيبة تتملكني، واندفعت في الدعاء والابتهال إلى الله لكي يساعدني، وإذا بي أعاهده، وإذا بالعهد يخرج من فمي إلى رب العزة ألا أعود إلى الغناء، وظللت أدعوه وأنا ببيته الحرام أن يعينني على ما عزمت”. وعلق على هذا الزلزال النفسي الذي ظل يعانيه حتى استقر على قراره: “كان صراعا رهيبا وصعبا، وكان قرارا غاية في الخطورة، ورغم كل ذلك فإني قررت ألا أتراجع؛ فقد عاهدت الخالق سبحانه وتعالى”. واحة النفس المطمئنة وعن وضعه الآن بعد الاعتزال، يذكر بن قمرة أنه مرتاح جدا، ويشعر بسعادة لم يعهدها من قبل، وأن الإيمان فتح في قلبه ثمار الراحة والطمأنينة اللذَيْن لم تستطع أن تحققه له الأموال والشهرة. ولاحظ أن بعض الناس -ممن لم يذوقوا حلاوة الإيمان- يستغربون تركه للمال والشهرة، ويسألونه إن كان ينتابه أحيانا شعور بالندم على ما فعل. ويقضي فوزي الآن أوقاته بين العمل وحفظ القرآن الكريم، والتفقّه في الدين، والدعوة إلى الله، كما يخصّص جزءا من وقته لرعاية أبنائه وتربيتهم في بيئة سليمة ومؤمنة، كما قال وأضاف: “الحمد لله رب العالمين، تمكنت خلال هذه الفترة من زيارة الأماكن المقدسة مرات عدّة سواء للحج أو للعمرة، وأنا الآن متفرغ بالكامل تقريبا للدعوة إلى الله، وقمت في هذا الصدد بجولة في تونس، كما قمت بزيارتين إلى المغرب للدعوة إلى الله”. وردا عن سؤال حول إمكانية أن يستثمر موهبته الفنية في الإنشاد الديني، قال بن قمرة: “النيّة موجودة، وأتمنى المساهمة في أعمال من الإنشاد الديني تكون هامة وجادة، وبذل الجهد في كل ما يخدم الإسلام”. وقع المفاجأة وعن كيفية تقبل العائلة لقرار الاعتزال يقول بن قمرة: “لما عدت من العمرة، بعد أن وفقني الله على ما عزمت، اجتمعت بالعائلة وأبلغتهم أني جئتهم بهدية كبيرة لا توصف ولا تصدق، وأعلمتهم أني قررت ترك الغناء إلى الأبد بإذن الله”. كان رد العائلة في البداية شبه عادي، وكانوا يتصورون أن المسألة لا تعدو حماسة إيمانية لعائد من البقاع المقدسة، ومع مرور الوقت بدءوا يستشعرون جدية الموقف؛ خاصة عندما كانوا يستمعون إليّ وأنا أرفض عروض إحياء الحفلات سواء في تونس أو خارجها، عندها أحسوا كأن مصيبة كبيرة وقعت عليهم”. وفي هذا السياق، قصّ علينا أخوه الأكبر أحمد بن قمرة: “كانت مفاجأة كبيرة بالنسبة لنا؛ فقد كان فوزي في قمة شهرته وشبابه، وكنا نتمنى لو أخّر هذا القرار ولو قليلا، وخاصة أن عددا كبيرا من أفراد العائلة كانوا يعملون معه في الفرقة”. وأضاف أحمد: “كانت لي به علاقة وطيدة، وكنت أرافقه في كل أعماله بحكم العمل معه كضابط إيقاع في الفرقة، وأشرف معه على كل كبيرة وصغيرة فيها. وبدأ فوزي منذ سنة 1996 يُسِر إليّ برغبته في التخلي عن الغناء، وكان يكثر من الدعاء ومن طلب العون من الله لكي يساعده على أخذ قرار الاعتزال”. وختم أحمد بالقول: “أنا سعيد جدا بالقرار الذي اتخذه أخي؛ لأن ذلك هو الطريق الصحيح، وهو لم يفقد عمليا أي شيء مما كان لديه من قبل؛ فمحبّوه الآن أكثر من قبل، واحترامهم له زاد؛ لأنهم اكتشفوا فيه خصالا أخرى زادتهم حبا واحتراما له، ولم يتأثر ماديا من اعتزاله، بل على العكس رزقه الله من حيث لا يحتسب”. وفي آخر اللقاء أصر ضيفنا على أن يتوجه برسالة إلى أصدقائه الفنانين في تونس وبقية الدول العربية قائلا: “ما قيمة الفنان إذا كان مشهورا بين العباد في الدنيا وليست له عند الله أية قيمة؟ وما قيمة الفوز والنجاح في الدنيا إذا كان نصيبنا من الآخرة الخسران المبين؟”. يذكر أن بن قمرة قد وفق في الفترة من 1990-2001 إلى إقامة عشرات الحفلات، جاب خلالها مختلف أرجاء البلاد، وتمكن من إحياء ست حفلات في مهرجان قرطاج الدولي، كما أحيا بنجاح مجموعة من الحفلات بعدد من المدن الفرنسية والإيطالية والهولندية والألمانية. (**) صحفي تونسي؛ يمكنكم التواصل معه عبر بريد الصفحة: tazkia@iolteam.com (المصدر: موقع إسلام أون لاين.نت بتاريخ 13 جوان 2006) وصلة الموضوع: http://www.islamonline.net/arabic/Purification/trial/2006/06/01.shtml
“يــــــا بـــــــا”
صرخة “هديل” فلسطين… يتم”القضية” تصرُخين يا “هديل” تصرُخين: يابا…بابا تصرُخين…تصرُخين صرخة في جوف غابهْ *** تصرُخين في عبيد في “خفافيشِ” خرابهْ يسمعون همس “وحش” يُسرعون في الإجابهْ وإذا ناديتِ: يابا كانوا صُمّا…كانوا عمياً وتنادوا للخطابهْ! *** شركاء في الحصار وسطاء في “الجدار” أيهم ناديت: يابا؟! “حكماء” في “السلام” في الحلول المسترابهْ “كرماء” في التنازل عن حقوق ل “عصابهْ” أيهم ناديت: يابا؟! *** يعصرون “الأرض” ضرعا ومن الدمع “شرابا” كلما حُوصر “نهج” فتحوا لِلصِّ “بابا” أيهم ناديت: “يابا”؟! *** دَمْعَةٌ أنتِ…وأنْتِ نبضةٌ من رُوح بَابَا يا هديل نبتةَ التاريخ…يا ملحَ المقاومةِ المهابهْ لك أرض… لا تموت ولك الشّعبُ “سحابهْ” كلما شيع روحا شيع “القسامُ” “نابه” بحري العرفاوي10/06/2006 تونس
من أجل محاسبة كل مسؤول عن كارثة قابس
عبد الجبار الرقيقي- قابس لا تزال مدينة قابس تعيش على أصداء كارثة السوق الأسبوعية التي ذهب ضحيتها ثمانية أشخاص وتدور في كل أرجاء الجهة نقاشات حول أسباب الفاجعة وتسري إشاعات وتخمينات عن المركز الحقيقي للمسؤولية عمّا حدث. إنّ ما وقع بعد يوم 4 جوان هو إيقاف السيد عبد الكريم السالمي المدير الجهوي للتجهيز والسيد المقاول الذي تولّى إنجاز أشغال الجدار الذي سقط على الضحايا وبعد الإيقاف صدرت بطاقة إيداع بالسجن في حقّ الشخصين المذكورين إلى حدّ كتابة هذه الأسطر وهما يقبعان في السجن وبطبيعة الحال فإنه لا يحق لنا في الوقت الحاضر الخوض في المسائل التي تطرّق إليها التحقيق ولكنّ المحيّر في مسار تحديد المسؤوليات إلى حدّ الآن أنّه انحصر في المدير الجهوي للتجهيز والمقاول دون غيرهما من الأطراف الأخرى التي لها علاقة مباشرة أو غير مباشرة بما حدث فهل هذا يعني أن المسؤولية عن الكارثة واضحة إلى هذه الدرجة حتى تنحصر المسؤولية في بداية التحقيق في هذين الشخصين فقط ؟ وهل أن الأطراف الأخرى ذات العلاقة بريئة بكل هذا الوضوح ؟ نرجو أن يكون هذا التحقيق في أولى مراحله وألاّ يكون التركيز على الموقوفين الاثنين باعتبارهما المؤهلين أكثر من غيرهما ليكونا كبشي الفداء لأنهما حسب علمنا يفتقران إلى مراكز الضغط المالي والجهوي والسياسي. إن ما يقودنا إلى هذه التساؤلات والتخوفات وما أثار استغراب المتابعين للشأن العام في الجهة هو الاستبعاد الكلي للمجلس البلدي وما يرتبط به من أجهزة فالجميع يعلم أن الجدار الذي انهار على الضحايا الثمانية يوم 4 جوان 2006 هو السور الخارجي لمؤسسة تابعة للإدارة الجهوية للشباب والطفولة وهذا السور بقطع النظر عن ارتفاعه وعيوب بنائه وخطورته كان لا يطلّ إلاّ على حافة الوادي وهي منطقة غير مأهولة ولا يمرّ منها المواطنون عادة ولكن البلدية عند توسّع السوق الأسبوعية أنجزت أشغالا لتغطية الوادي وتبليط المنطقة المحاذية له حتى تصبح جزء من السوق مهيأ لانتصاب التجار وحركة المواطنين حتّى أنّ أجزاء السور المذكور تحمل علامات باللّون الأحمر وأرقاما تشير إلى أماكن الانتصاب والقطعة التي انهارت من الجدار تحمل الرقم 38 والتجار الذين ينتصبون كل أسبوع في السوق يدفعون أداء عن ذلك مقابل وثيقة تثبت هذا الأمر يتسلمونها من المتعهد “بلزمة االسوق” وبالتالي فإن مكان الكارثة ما كان لأحد أن يمرّ به أو ينتصب فيه لولا البلدية التي حوّلته إلى سوق وهيّأته لهذا الغرض وتجني من ورائه مداخيل مالية لصندوق البلدية. وقد أكّدت لنا مصادر كثيرة أنّ المجلس البلدي السابق قد أصدر أمرا بلديا بمنع الانتصاب في هذه المنطقة بالذات ولكن المشكلة أن هذا الأمر لم ينفّذه لا المجلس البلدي السابق ولا المجلس الحالي وإذا كان صدور هذا الأمر البلدي بسبب مخاطر السور على المواطنين فلماذا لم ينفّذ طوال هذه المدّة ؟ ولماذا استمر انتصاب التجار وحركة المواطنين في مكان يعلم المجلس البلدي أنه يشكّل خطرا محدقا بروّاد السوق ؟ ولماذا استمر ترقيم السور واستخلاص الأداء من التّجار ؟ وهل كانت البلدية عاجزة عن تنفيذ هذا القرار ؟ ولماذا لم تستنجد بالقوّة العامة لحماية المواطنين من الموت المتربّص بهم ؟ والغريب في الأمر أنه قبل أسابيع قليلة من وقوع الكارثة حدث توتّر في صفوف التّجار في القطاع المنظّم واشتكوا واحتجوا على القطاع الموازي الذي أضر بمصالحهم وطالبوا بحلول لدى السلطات الجهوية وبسرعة عجيبة وخوفا من اتساع دائرة الاحتجاج تمّ اختصار السوق الأسبوعية من يومين إلى يوم واحد وحرصت جميع أطراف السلطة على مطاردة العربات المنتشرة في المدينة وعملت على احترام فترة انتصاب السوق الأسبوعية وكان أعوان التراتيب في غاية الحزم والشدّة في تطبيق هذا الإجراء ولكن دون منع الانتصاب في المنطقة الخطرة التي صدر في شأنها قرار بلدي. هذا الحزم الذي غاب في تطبيق القرار البلدي شاهدناه يوم دعا الحزب الديمقراطي التقدمي في قابس إلى مسيرة سلمية احتجاجا على الرسوم المسيئة للرسول الكريم فقد أغلقت كل منافذ السوق الأسبوعية بالآليات ومنعوا التجار من الانتصاب والمواطنين من التسوق بدعوى إنجاز أشغال عاجلة تحتاجها منطقة السوق. فالحزم والجديّة والشدّة لا تكون إلاّ عند الضرورة الأمنية للسلطة والضرورة الأمنية تتعلق بمنع مسيرة سلمية أو تهدئة حركة احتجاجية أمّا إذا تعلّقت الضرورة الأمنية بأرواح المواطنين فإنها تتبخّر وتتأخّر إلى ما بعد حصول الكوارث وإزهاق الأنفس البشرية. إنّ المعطيات السابقة التي ذكرناها تدعّم استغرابنا الشديد من استبعاد المجلس البلدي والمصالح المرتبطة به من دائرة المسؤولية والمحاسبة القضائية هذا فضلا عن جهات أخرى قد نعود إلى الحديث عنها في مناسبة قادمة. ومن المضحكات المبكيات التي تلت فاجعة قابس أن السلطة الجهوية أمرت جميع مصالحها بالبحث عن كل ما يمكنه أن ينهار في المدينة وضواحيها وفعلا ففي قرية “تبلبو” وهي التي فقدت شقيقتين في الحادثة “جميلة” و”منال” تمّ إخلاء المستوصف المحلّي وإغلاقه ونقله إلى مقر جديد بسبب خطورة المبنى الذي طالب المواطنون منذ أكثر من أربع سنوات بإخلائه كما تمّ تهديم جدار بمقبرة القرية اشتكى المواطنون منذ مدّة طويلة من خطورته وفي نفس هذه القرية يتحدّث المربوّن والأولياء عن المخاطر المحدقة بمبنى المدرسة الإعدادية. وغير بعيد عن “تبلبو” وفي المستشفى الجهوي بقابس تمّ تهديم السور الخلفي للمستشفى هذا إضافة إلى أمثلة أخرى مشابهة والملفت للنظر في كل هذا أنّ الوقاية في بلادنا تكون بعد حدوث الكوارث مباشرة في أسلوب أقرب إلى ابتزاز المشاعر والتنصل من المسؤولية كما يمكن أن نلاحظ أن المخاطر المتربصة بالمواطنين من خلال الأمثلة المذكورة مركّزة في المرافق العامة التي يؤمها أكبر عدد ممكن من الناس (مركز شباب-سوق أسبوعية-مستشفى جهوي-مستوصف-مقبرة-مدرسة إعدادية…) وفي نفس هذا السياق وبمناسبة هذه الكارثة تناقل عدد كبير من عمال المجمع الكيميائي والمنطقة الصناعية عموما معطيات تشير إلى تدهور واضح في البنية الأساسية وإجراءات السلامة والأمان و بطبيعة الحال فإن كارثة في المنطقة الصناعية بقابس-لا قدّر الله-ستكون مروّعة وواسعة النطاق باعتبار تركّز صناعة كيميائية خطيرة فيها وكارثة كهذه إن حطّت لن تفيد معها الأساليب الممجوجة التي عهدناها. إنّ أرواح شهداء كارثة 04 جوان 2006 بقابس لن تهدأ إذا تواصل استبعاد من له مسؤولية من دائرة التحقيق والمحاسبة القضائية وحتّى إن نجحت الآلة الجهنمية في حماية من تريد حمايتهم وأفلتوا من المساءلة القانونية فإنّ دماء الضحايا ستظل مطبوعة على أيديهم وجباههم لا تغسلها أموال أو نفوذ أو عصبيّة. (المصدر: موقع pdpinfo.org بتاريخ 13 جوان 2006)
إلى الدكتور الجيلاني الدبّوسي
الخيانة مذلّة .. والعهر نذالة .. ولا مجال للمراوحة
نتّفق ولا مجال للاختلاف أن أفعال النخب [أو من نراها هكذا] تأتي ماهية وتأصيلا وممارسة بعيدة كلّ البعد عمّا يأتيه العامّة أو ما يقوم به الرعاع أو الغوغاء أو ما يطفح به تراثنا من عبارات تصف سواد الشعب أو هي الرعيّة. كذلك نتّفق ولا مجال للاختلاف أنّ النوايا لا تشفع للفعل وأنّ جهل [النخب] لا يغفر زلّة ولا يشفع لمن كان، وبالتالي لا قبل لنا سوى بالأفعال وما وقر في النفوس يعني من يرجمون بالغيب ويطالعون النجوم ويضربون في الأمر ما شاء لهم الحظّ أو أراد الزمن. أعلن الدكتور الجيلاني الدبّوسي يوم الثلاثاء 13 جوان 2006، بحضور السيّد التيجاني الحدّاد وزير السياحة، ضمن الندوة الصحفيّة التي قدّم بها مهرجان الجاز وسهرات موسيقى العالم التي ستتمّ بطبرقة أنّ المغنّي الصهيوني “أنريكو ماسياس” سيشارك ضمن فعاليات السهرات. درءا لشبهة “معاداة الساميّة” وأبواق العولمة المتعهرة [نسبة إلى العهر]، أعلنُ أنّ الإشكال لا يخصّ ديانة هذا المغنّي، فالفنّ عموما والغناء على وجه الخصوص لا يمكن أن يكون حكرًا على قوم أو ديانة أو أمّة أو قبيلة، بل يضيف كاتب هذه الأسطر أنّه أعرب في السباق [والأمر موثّق] عن إعجابه الشديد واحترامه البالغ ليهود من أمثال التونسي “جورج عدّة” والفرنسي “هنري علاّق” صاحب الكتاب المرجع “المسألة”، حين فضح ممارسات جيش الاحتلال الفرنسي في الجزائر وما مارسه زبانيته من تعذيب بحقّ من عارض الاحتلال ونادى بحقّ الجزائريين في تقرير المصير. المغنّي “أنريكو ماسياس” صهيوني باعترافه، ونرجو من الدكتور الجيلاني الدبّوسي أن يصحّح الخطأ أو يعلن في الناس خلاف ذلك، وليس الأمر نبنيه على شبهة أو تأويل أو مقاربة أو غيرها من أشكال “البين بين”، بل على تصريحات هذا المغنّي ذاته، حيث أنّه عضو فاعل وناشط ضمن منظمّة في فرنسا تعنى بالدفاع عن ما يسمّى “جيش الدفاع الإسرائيلي” وقد نزل إلى الشوارع في باريس صحبة الصهيوني الآخر “باتريك بن برويال [بن غيغي، اسمه الحقيقي]” دفاعًا عن “جيش الدفاع” هذا إثر استشهاد الطفل محمّد الدرّة، بل زايدوا ورفعوا شعار “الأطفال في المدارس”، حيث يعتبرون أنّ الفلسطينيين يضعون عمدًا أطفالهم في مواجهة “جيش الدفاع” الذي يحاول قصد جهده تجنّب “المدنيين والأبرياء” مركزًا على “المخربين”، وبالتالي يرى “أنريكو ماسياس” أنّ جريمة اغتيال محمّد الدرّة ارتكبها الفلسطينيون أنفسهم حين رموا بأطفالهم إلى الشوارع. إنّ الدكتور الجيلاني الدبوسي بدعوته هذا الصهيوني يطعن هذه البلاد أوّلا ونظامها وشعبها، بل هو بمثابة من يتبوّل فوق قبور الشهداء من الفلسطينيين والتونسيين الذين امتزجت دماؤهم في حمّام الشطّ، وأيضًا هو يضرب عرض الحائط بأبسط المرجعيات الوطنيّة والقوميّة إن لم نقل الإنسانية… في زمن استرخص فيه الصهاينة الدم الفلسطيني وصار قنص الحمام والطيور المهاجرة في أوروبا يورث من الإثم أكثر من اغتيال عوائل فلسطينيّة بكاملها على شاطئ غزّة، يطلّ علينا الدكتور الجيلاني الدبّوسي بفعلته هذه ـ ولا تعنينا النوايا أو تشفع الأماني ـ ليطرح سؤال المذلّة العربي من المحيط الهادر إلى الخليج المتفجّر لنسأله ـ ومعه نسأل أنفسناـ إن كان الأمر إلى هذا الحدّ فقط، أم أنّ في الأمر مواصلة؟؟؟ إنّني أتوجّه من هذا المنبر إلى التجمّع الدستوري الديمقراطي، رئيسًا وأمينًا عامًا وكامل الهياكل المنتخبة، بل لا أستثني عضوًا أو مناضلا أو منتسبًا، وأقول بصريح العبارة وفالق القول أنّ ما فعل ويفعله الدكتور الجيلاني الدبوسي يلزمهم من باب الأخلاق والوطنيّة، وليس المجال للمزايدة أو التنقيص من نضال هذا أو الطعن في عطاء ذاك، بل هي الأسئلة حين لا يظلم التاريخ ولا يرحم ولا ينسى كذلك… الدكتور الجيلاني الدبوسي هو عضو في التجمّع الدستوري الديمقراطي إضافة إلى مناصب أخرى، وشغل أكثر من دورة في مجلس النوّاب ممثلا لهذا الحزب، الذي يملك من المفكرين والكتّاب وأهل الدراية من وزراء وغيرهم ما يجعل تمييز الغثّ عن السمين والخيانة عن الوطنيّة أمرًا لا يقبل اللبس ولا يحتمل التأويل… الأمر على قدر كبير من الخطورة، وليس المجال كما قلنا ونعيد للمزايدة الكلاميّة أو المهاترات بأيّ صفة كانت، بل أن نضع ـ كما أقول دائمًا ـ الأمر ضمن بعد شكسبيري بحت: هو كيان من عدم، لنعيد طرح السؤال في صيغة واضحة وجليّة، بل علنيّة ومباشرة: ما هو موقف التجمّع الدستوري الديمقراطي، رئيسًا وقيادة وقاعدة من هذه الدعوة، حين يجاهر “أنريكو ماسياس” بمناصرة الصهيونيّة والدفاع عن جرائم ما يسمّى “جيش الدفاع الإسرائيلي”؟؟؟ قد يرى البعض عن جهل أو غباء أو ما بينهما أنّ فتح الأبواب مع الصهاينة يمثّل نضالا من أجل القضيّة الفلسطينيّة، وأنّ شعارات الماضي والمزايدات “القومجيّة” قادت البلاد والأمّة إلى الحضيض، فالقول إذن بإرجاع القضيّة إلى أصلها، حيث لا يمكن أن ننظر إلى القضيّة الفلسطينيّة وما تفرّع عنها إلى أنّها احتلال بيّن وليس اختلاف بخصوص الأرض بين طرفين، يحلّ الصراع بينهما التقاسم والترضية، حين نرى الصهاينة وقد تراجعوا بالكامل عن جميع التزاماتهم منذ اللقيطة أسلو وصولا إلى ما يسمّى خارطة الطريق، التي قد تمثّل في أقصاها إطارًا عامّا وليس أمرًا ملزمًا… عودًا إلى الدكتور الفاضل الجيلاني الدبّوسي، الذي عرفناه محاورًا ومتحدّثا وبليغًا، والكلّ في مجلس النوّاب لا يزال يذكر تدخلاته، ولا نعلم هل نرجع الأمر إلى جهل بالقضيّة الفلسطينيّة أو نكرانًا لها أم اعتراف منه بأنّ الشأن الفلسطيني هو بالنسبة له كمثل ما يجدّ راهنًا فوق الكواكب البعيدة التي تبعد سنوات ضوئيّة بكاملها… أمّا من ينسبون “أنريكو ماسياس” إلى الجزائر، ويحاولون من هذا الباب أن يجعلوه جارًا أو شريكًا في البعض من موروثنا الثقافي عامّة والغنائي خاصة، فالقول لهم أنّ “أنريكو ماسياس” كمثل “ألبار كامو” يعلنان الانتماء إلى الجغرافيا في قطيعة مع التاريخ والتراث وبالتالي العمق البشري. إنّ الانتماء إلى الجزائر ـ وكاتب هذه الأسطر يحمل الجنسيّة الجزائريّ ـ يعني كما يعني الانتماء إلى تونس أيضًا جملة من القيم الإنسانية الخالدة، لا يملكها “أنريكو ماسياس” ولا هو ملكها يومًا، وبالتالي يصير مولد هذا الأخير فوق أرض الجزائر كمثل مولد الطفيليّات فوق أيّ أرض، وليسر لنا أن نقيس الأمور سوى بجوهرها. يكون من المفيد أن يدلي الدكتور الفاضل الجيلاني الدبّوسي بدلوه ويعلن في البلاد والعباد أنّ “أنريكو ماسياس” لا يملك علاقة وثيقة بأقطاب حزب الليكود أو أنّ انتماءه إلى منظّمة الدفاع عن “جيش الدفاع الإسرائيلي” مجرّد كذبة أو افتراء أو وهم أو خيال… حينها سنلعق الأقاويل ونقيم الأفراح، حينها ينقلب الذئب حملا وديعًا ويفيق محمّد الدرّة من سباته ليعانق زبانيته، حينها تنبت الشمس من مغربها ويصير الغراب بلبلا. ملاحظة قبل الختم: هل من أحرار التجمّع الدستوري الديمقراطي من يمسك قلمًا؟؟؟ ملاحظة بعد الختم: نرجو من الدكتور الفاضل الجيلاني الدبّوسي ردّا أو حتى رفعًا للأمر إلى المحاكم، فما قلناه تجسيد واقع [موبوء] وتشخيص حال [عاهر] ولم نظلم أحدًا وعلى نفسه جنى “براقش” [نذكرها لضرورة المرحلة] نصر الدين بن حديد Nasrbenhadid@yahoo.fr
ليس من السياسة
كتبه عبدالحميد العدّاسي
شُنّت في أيّام خلت وأخرى تلت حملةٌ غاضبة على حركة رضيت لنفسها أن تكون في قبضة شيخ، وصفوه بالتجبّر وبالديكتاتورية الملجمة للإفواه الكاتمة للإنفاس، وعلى شيخ استعمل الحركة فضاء لتمرير سياساته – زعموا – وتنفيذ قناعاته الضاربة للمصلحة القومية والنائية حتّى عن التعاليم الإسلاميّة: فلا هو ألاَنَ القول ( من اللين ) ولا هو ورّى بالفعل لمن بيده المقاليد حتّى يحدث فيما بينهما من تجديد.
ثمّ سرعان ما أسِّستْ حركاتٌ اشتركت الأيّام في صنعها وشيّدت منابرُ ووُضِعَ لها ” شيوخٌ ” من غير طينة ذلك الشيخ. وتفاءل الكلّ بهذا الفضاء الرحب الجامع. غير أنّ حادثة واحدة جعلت جميع ” الشيوخ ” يتوقّفون فلا يتسرّعون في الرّدود، فلعلّ أحدهم نطق – لا قدّر الله – بما يحشره في نفس بوتقة ذلك الشيخ، أو لعلّه خالف بروتوكولا ” شيّخه “، أو عهدا قديما عقده، فالأيّام تُحصي ولا تنسى.
ولقد قرأت اليوم على صفحات تونس نيوز الحبيبة بيانا ” متّزنا ” لهؤلاء، جاء في بعض فقراته الهامّة : ” تندد ( أي الحركة التي أردناها بديلة لتلك الحركة ) بما تعرض له عُضوَا هيئة 18 أكتوبر، الأخوان علي بن سالم رئيس فرع الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان ببنزرت الذي وقع إيقافه في ظروف مهينة ورفعت ضده قضية عدلية ولطفي الحاجي الكاتب العام لنقابة الصحافيين الذي وقع اختطافه في الطريق العامة وسط تونس العاصمة قبل نقله إلى منطقة الشرطة ببنزرت. كما تندد بإيقاف الأخوين حمدة مزقيش ومحمد بن سعيد في إطار تداعيات البيان الذي أصدرته هيئة الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان ببنزرت بخصوص الظروف المتردية والمشينة التي يعاني منها السجناء السياسيون بمعتقل برج الرومي السيئ الصيت.“. وأنت أخي القارئ تلاحظ معي هذه الوسطيّة البعيدة عن التشنّجات المجانيّة كتلك التي كان يقترفها أنصار ذلك الشيخ، فقضيّة الإخوة في برج الرّومي متعلّقة بتردّي الظروف وليس كما روّج الوالد علي بن سالم أو الأخ لطفي الحجّي عن تدنيس المصحف الشريف، من طرف أزلام التغيير الساري في البلاد. والبيان في حدّ ذاته مناصرة لأبناء الحركة الأكتوبرية، تماما كما ناصر آخرون حركة نوفمبرية، وليس تنديدا بالوقوع في محارم الله.
بيان فيه الكثير من الإنساء للقضيّة الأمّ وتجاهل لقيمنا من طرف مجموعة تطلب سندنا، أو تبحث لنا عن حرّية ربّما ألفوا طيفها في مناطق الخواء الرّوحي أو التخمة الماديّة التي لا تزيد صاحبها إلاّ إلتصاقا بالأرض. ويأتي البيان كذلك في وقت عمل فيه الكثير على تحويل وجهة اهتمامات النّاس، تماما كما يفعل الصهاينة مع القضيّة الفلسطينية. فهذا الذي يتناول السيرة الذاتية للأفراد – في هذا الوقت بالذات – فيأكلهم دون خوف من الله، إنّما أراد تحويل الاهتمام. وهذا الذي يتحدّث عن قبيلة أصيلة في الجنوب التونسي تمكّنت بفضل احترامها لأبنائها وحبّها لهم من كسر القبضة البورقيبية المسلّطة على القبيلة (*)، إنّما أراد تحويل الاهتمام.
ولقد رأيت الأستاذ محمّد النوري، الرّجل الأمّة، يرفع صوته بما تناهى إليه من آهات الأمّ المكلومة أمّنا وأختنا نعيمة بنت عبد الله بن حسين الفضيلي أم السجين السياسي أيمن الدريدي المقيم بالسجن المدني ببرج الرومي المشؤوم وشاهد حادثة الاعتداء اللّئيم على المصحف الشريف، حيث عبّرت عن خوفها من تطوّر الضغوطات التي يتعرّض لها أيمن من قبل إدارة السجن المدعومة – لا محالة – من طرف إدارة التغيير والتي قد تصل بهم إلى التصفية الجسدية لطمس الحقيقة ووضع حدّ للغضبة التي لم يستطع كثير من المتنوّرين شهود تداعياتها.
ولقد تمنّيت أن أهمس في أذن أيمن: أن اثبت فلن يصيبك إلاّ ما كتب الله لك وهنيئا لك صفعة أو ركلة أو وخزا كهربائيّا أو شهادة في سبيل القرآن الكريم. ولقد وددت أن أكون نزيل أمّنا نعيمة لأبلّغها ما تردّد في صدري: أنعمت نعيمة ابنا صالحا، وزادك الله نعمة بتثبيته على الحقّ وثقي بأنّهم أجبن من أن يُقدِموا على فعل ما هدّدوه به. وأمّا إذا قدّر الله لابنك الشهادة – ولعلّه أهلا لها – فلن تجدي لقبا أعزّ لك من أمّ الشهيد أو فادية القرآن الكريم بولدها.
وبارك الله في الختام في جهد كلّ فذّ أو مجموعة أسّست نفسها على تقوى الله وأعاذنا الله من الفرح بالذات ومن التعامل بالمجاملة القاتلة للدّين…
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
(*): حارب بورقيبة القبيلة منذ أيّامه الأولى بحجّة العمل لتونس وحدها، ولكنّه مقابل ذلك نمّى القبليّة فكانت في الجهة وفي الحزب وفي القصر وفي المؤسّسات والوظائف.
ابتداء أجدد التحية الى أخي الفاضل الد.خالد الطراولي على تواجده المستمر في الساحة الوطنية سواء كان الأمر عن طريق الكتابة أو عن طريق البيان أو عن طريق المضي قدما في تأسيس مشروعه الحزبي والسياسي وأذكره بأنني كنت من القلائل الذين وقفوا معه في أيام محنته يوم أن أعلن عن تأسيس مشروعه الحزبي فعز النصير وقل الظهير وكثر المتسابقون الى القيل والقال…
أما في ما يخص الضجة المفتعلة حول نص منشور منذ يومين على النت تحت اسم مستعار يحمل صفة اسم “منير السهيلي” ,فأذكر بأن الوسط التونسية رفضت نشر هذا النص ولم تنشره اطلاقا, كما علمنا بأن قائمة مراسلات 18 أكتوبر امتنعت عن نشر هذا النص مدة أسبوع كامل برغم تكرر ارساله مرات عدة وقد قرر القائمون عليها نشره بعد أن ألح صاحب المقال المذكور على الارسال مدة أكثر من أسبوع,وبناء على أن قائمة مراسلات 18 أكتوبر قائمة مفتوحة وأن لكل المنخرطين فيها حق الرد ورغبة في اطلاع الأخ خالد على مضمون بعض مايروجه بعض الحاقدين فان القائمين عليها لم يروا مانعا من النشر على أن يكون حق الرد مكفولا لمن عني شخصيا بالمقال.
واذا كان الأخ العزيز د.خالد يمثل فضاء حزبيا ,فانه يفترض في الفضاءات الحزبية الرصينة عدم التشنج واصدار البيانات وكيل الاتهامات للاخرين لمجرد نص من شخص مجهول لم يعرف له من قبل سميا,وعلى افتراض أن الاخوان المشرفين على قائمة مراسلات 18 أكتوبر أخطؤوا التقدير بالنشر فانه كان لزاما على الأخ خالد بعد نشرهم لتوضيح علني على القائمة وعلى صفحات صحيفة الوسط التونسية التواضع قليلا وعدم توظيف المسألة من أجل الحديث عن حملة اعلامية ضد شخصه وبالتالي توظيف الموضوع من أجل دعاية غير مرغوب فيها.
اننا في صحيفة الوسط التونسية نجدد مساندتنا لكل الشخصيات الوطنية المناضلة ونؤكد وقوفنا مع كل الفاعلين في الفضاء السياسي من أجل غد أفضل ووطن أفسح ونؤكد للأخ الفاضل د.خالد صدق مشاعرنا في الذب عنه وعن كل وطني غيور,غير أننا لانقبل تضخيم مقال ليس لصاحبه من شأن في الفضاء السياسي غير اسمه المستعار وبالتالي استصدار بيان اشتممنا منه رائحة غير زكية وموقفا مبنيا على ردود الأفعال دون انصاف أو عدل في القول أو دفع بالتي هي أحسن كما حض على ذلك عظيم اي القران الكريم.
اننا باذن الله تعالى أكبر من أن ندخل في فخاخ نصبها البوليس السياسي التونسي من أجل افساد ذات البين وبالتالي بث روح الفرقة والشقاق بين المشاريع الوطنية في وقت اشتد فيه الخناق على نظام قبيح أراد أن يوظف كل امكانيات الدولة من أجل تمزيق النسيج السياسي والاجتماعي التونسي ومن ثم الظهور بمظهر الطرف الأكثر تنظما وأكثر تماسكا في مقابل معارضة متناحرة وممزقة ومتصارعة ولايجتمع لها لواء.
دعوانا الى الأخ العزيز خالد بالترفع عن هؤلاء الأقزام الذين لايتمعشون الا من بث روح الشقاق والنفاق وتغذية نار أطفأها الله تعالى ,وقولنا له سلاما سلاما سلاما حتى وان أخطأت التقدير في حق اخوانك وذكرانا له والى كل الأحبة داخل الوطن وخارجه بأن توازن الوسط ومهنيتها ونجاحها واشعاعها لايزايد عليهما الا منكر,ويكفي أن يعلم المغرضون بأن الوسط استقبلت بفضل من الله تعالى مايزيد عن مائة وخمسة الاف زائر في ظرف زمني لم يتجاوز الشهرين علاوة على شهادات مكتوبة وسمعية تلقتها من مختصين وأساتذة جامعات منهم من هو مشرف على أقسام جامعية بشعبة الاتصال والاعلام ,ولقد أجمعت هذه الشهادات على تألق الوسط مضمونا واخراجا وصورة مما دفع بعض المسؤولين بحقل الاعلام لدى بعض الفضائيات المشهورة الى ارسال تهانيهم المكتوبة واشاداتهم عبر بعض اقرب المقربين.
مرة أخرى سلاما سلاما سلاما حتى وان أفلح البوليس السياسي في اثارة غبار قذر لن يحرك من أشفار الوسط التونسية ولا طاقمها المجند على مدار اليوم من أجل ايصال الخبر والمقال والتحليل والتقرير المكتوب والسمعي والبصري في أبهى حلة وأجمل صورة.
لمراسلة صحيفة الوسط التونسية : info@tunisalwasat.com الأربعاء 14 جوان 2006
تونس في 13 جوان 2006
سيمنار الذاكرة الوطنية مع د. مصطفى الزعنوني حول :
الإدارة الناجعة : العنصر الحاسم للتنمية (منذ عهد الاستقلال)
السبت 17 جوان 2006 على الساعة التاسعة صباحا
كنا قد استضفنا بتاريخ 06 ماي 2006 الأستاذ مصطفى الزعنوني, وزير الاقتصاد والتخطيط أثناء عشرية المرحوم الوزير الأول الهادي نويرة, للإدلاء بشهادته حول مسيرته كرجل دولة ومسؤول عال تحمل أدق المسؤوليات على المستوى الوطني والدولي, وأنه نظرا لمسيرته الثرية وعدم تمكنه -نظرا لضيق الوقت- من إثارة أهم الملفات التي باشرها, وبحكم مسؤولياته, فقد طلبنا منه أن يكون ضيف منبرنا للمرة الثانية, ليتحدث حول الطموحات والآمال التي كانت تختلج في نفوس الاقتصاديين التونسيين منذ الاستقلال وحيث عاش مع زملائه الوضع المتردي الذي كان عليه الاقتصاد التونسي ثم أبعاد التحول الذي حصل عندما تم تبني النظام الاشتراكي وتداعيات ذلك, إلى حصول توجه الدولة إلى السياسة الليبرالية التي أعطت خلال عشرية الهادي نويرة نسبة نمو بلغ %7.3 سنويا, والدور الذي قام به في تركيز تلك السياسة التي عمل لها الهادي نويرة. ومنذئذ ظهرت الصراعات حول الخلافة وتضاربت المصالح الشخصية مع أساسيات المصالح الوطنية العليا, ونتائج ذلك على سمعة ومكانة تونس. كما سوف يتناول الأستاذ مصطفى الزعنوني برنامج الاصلاح الهيكلي ورؤيته الناضجة حول الطرق العملية لتركيز التنمية والأسباب التي أدت إلى عدم تحقيق نسبة النمو التي وصلت إليها تونس في الماضي. والسؤال الأخير الذي سوف يثيره الأستاذ الزعنوني, ما هي العوامل الجوهرية للتأثير على صيرورة ومستقبل التعليم العالي بالجامعات التونسية, خاصة بعد رجوعه منذ أسبوع من لقاء بنيويورك حول هذا الملف, ومناقشاته مع عديد الخبراء الدوليين الذين اجتمعوا لدراسة هذا الموضوع. والدعوة مفتوحة للجميع ابتداء من الساعة التاسعة صباحا في المقر الجديد بالمؤسسة المذكور أسفله. الأستاذ عبد الجليل التميمي
مؤسسة التميمي للبحث العلمي والمعلومات العنوان : المنطقة العمرانية الشمالية – عمارة الامتياز – 1003 تونس
الهاتف : 0021671231444 / 0021671751164. – الفاكس 0021671236677 البريد الإلكتروني temimi.fond@gnet.tn الموقع على الإنترنت( باللغة العربية) ; www.temimi.org (site en français) www.temimi.refer.org
ماذا فعلتم بالعراق؟
د.أحمد القديدي (*) alqadidi@hotmail.com وقفة فاتحة و ترحم واجبة على جميع العرب و المسلمين و أهل العدل و السلام من الأديان الأخرى أمام الشهداء الأربعة و العشرين في مدينة الحديثة من النساء و الولدان و الرضع والشباب بعد أن قتلهم الجنود الأمريكيون انتقاما لتفجير سيارة عسكرية على أيدي مقاومين و مصرع سائقها و لا ناقة و لا جمل للضحايا الأبرياء في هذه العملية. وقفة اعتبار يا أولي الألباب أمام هذه الفاجعة الإضافية في مسلسل الفواجع الرهيبة التي يعاني منها العراق الشهيد في غياب الضمائر و في معزل عن القانون الدولي وفي غيابات الجب العالمي الجديد حيث لا أخلاق حرب و لا أفق سلام و لا نجدة لمستصرخ و لا حياة لمن تنادي من الأشقاء و الأخوة و عيال العم. مرة أخرى فان الذي فضح هذه المجزرة الجديدة و ندد بها هم الأمريكان أنفسهم و لدى هذا الشعب من الأحرار و أنصار العدالة و الحرية الكثير، فقد أعلنت الواشنطن بوست في عدد يوم 27 مايو بأن خمسة رجال عراقيين هرعوا في سيارة تاكسي لاستطلاع الخبر في البيوت المستهدفة تم استقبالهم بوابل من رصاص الرشاشات و صرعهم الجنود الذين كانوا في أزمة هستيريا. و يتزعم عضو الكونجرس الديمقراطي جون مورثا لجنة تشكلت من برلمانيين و كبار الجنرالات الأمريكيين لاستجلاء الحقيقة حول هذه الفاجعة التي أطلق عليها الاعلام الأمريكي اسم ( ماي لاي ) العراقية، و للجيل الصاعد الذي لم يعرف ( ماي لاي) نقول بأنه اسم قرية فيتنامية تم الانتقام من سكانها في نهاية الحرب الأمريكية على الشعب الفيتنامي عام 1973 و شاع خبرها و ساهمت قرية ( ماي لاي ) في توعية الأمة الأمريكية بفداحة الحرب الجائرة، و تحت الضغط الوطني و الدولي حقق الشعب الفيتنامي أعظم انتصار على القوات الأمريكية التي انسحبت من فيتنام عام 1974 مخلفة الحقول المحروقة و المدن المدمرة. و أمام مأساة الحديثة تحركت وسائل الاعلام الأمريكية قبل سواها لتدين المجزرة و نشرت مجلة تايم جهود اللجنة المكلفة بالتحقيق و بثت قناة اي بي سي الشريط الذي صوره طالب عراقي في قسم الاعلام مباشرة بعد الجريمة. و انضم لحركة التنديد الجنرال جون باتستي الذي كان طالب في الخريف الماضي باستقالة وزير الدفاع دونالد رامسفيلد مع نخبة من أكبر الجنرالات السامين في الأركان الأمريكية. و بعد أيام من هذه الضجة الأمريكية تم يوم الخميس الماضي الاعلان عن مقتل أبو مصعب الزرقاوي، و لكن المقاومة العراقية لها من الجماعات و الأنصار ما يجعلها طويلة النفس، مع أن الفوضى التي تعم العراق اليوم لا نرى لها لا مبررات و لا أصحاب قرار و لا أهداف استراتيجية. فالعراق يدخل بالتدريج منطقة الحرب العمياء و التي تأخذ أشكال الصراعات الطائفية حينا و أشكال المقاومة العنيفة حينا و لكن في أغلب الأحيان يروح ضحيتها مواطنون أبرياء لا نفهم أسباب قتلهم بالعشرات دون أي مشاركة لهم في أي عمل عسكري أو سياسي. و الغريب أن العرب كأنهم غائبون عن الساحة لأنها لم تعد لا ساحة حوار و لا منطق و لا وفاق، بل ساحة قتل عشوائي مجنون بلا لسان و بلا عيون. فأين الأفق السياسي الذي وعد به الحلفاء قبل التاسع من أبريل 2003 ؟ و أين الوفاق العراقي الوطني الذي وعد به زعماء الطوائف و قادة الأحزاب بعد تغيير النظام الصدامي؟ أ لم يتعهد هؤلاء جميعا للشعب العراقي الشهيد و الخارج من سنوات الجمر و من الحرب العراقية الايرانية بأنهم يوم يطاح بصدام حسين سيكونون يدا واحدة لبناء العراق و اقرار اسلام و انجاز الديمقراطية و الحكم الصالح بل بتقديم نموذج الديمقراطية للعالم العربي و الشرق الأوسط الكبير والصغير انطلاقا من بغداد، حتى نقتدي بها في بلداننا و نستنير بتجربة الحريات القادمة من الجنة الغربية؟ أين نحن من هذا الحلم على مسافة ثلاث سنوات من حرب مدمرة بدأت بدك مدن العراق وقتل عشرات الآلاف من الضحايا الجانبيين كما تسميهم الدعاية الحربية و استمرت بحل الجيش العراقي وهو المؤسسة العتيدة الراسخة البعيدة عن الطائفية و تفكيك هياكل الدولة ونهب المتاحف و حرق المكتبات و تعبئة الغول الطائفي لتدمير وحدة العراق القديمة القوية. أين نحن من أمل النخبة العراقية في عراق حر و مسالم و قوي و مستقل كما كان يقول لي الصديق الدكتور غسان العطية الذي قضى زهرة شباب العمر في لندن مقاوما للظلم والاستبداد بعد أن كان سفيرا للعراق و كان بامكانه أن ينافق و يغتنم المناصب لكنه رجل عف القلب واللسان عرفته حين كان سفيرا للعراق لدى جامعة الدول العربية بتونس في بداية الثمانينات، و تبخر حلمه مع النخبة العراقية التي أصبحت تفضل المهاجر على العودة لبلاد مفتوحة على جميع المخاطر. (*) كاتب وسياسي من تونس (المصدر: صحيفة الشرق القطرية والوطن العمانية الصادرتان يوم 14 جوان 2006)
اتحاد المحاكم الإسلامية يهزم أمراء الحرب في الصومال
توفيق المديني (*) بعد أربعة أشهر من المعارك العنيفة بين قوات ” المحاكم الشرعية ” و الجبهة المسلحةالجديدة المتشكلة من أمراء الحرب ،التي أطلقت على نفسها اسم “التحالف لمكافحة الإرهاب و استعادة السلام” ، و التي خلفت ما يقارب 400 قتيلا و 2000جريحا، هاهي مليشيات المحاكم الإسلامية تعلن سيطرتها على العاصمة مقديشيويوم الإثنين الماضي ، و تستعد للسيطرة على مدينة جوهر حيث تتواجه على مشارفها قوات تابعة للمحاكم الإسلامية و أخرى تابعة لملشيات أمراء الحرب. ” التحالف لمكافحة الإرهاب و استعادة السلام” المدعوم من واشنطن ، خسر معركة مقديشيو، على الرغم من ملايين الدولارات التي دفعتها وكالة المخابرات المركزية الأمريكية لأمراء الحرب.بيد أن حسابات الولايات المتحدة الأمريكية التي تقوم على “تنظيف مقديشيو من الإسلاميين لبضعة ملايين من الدولارات” حسب شهادة خبير من المنطقة، منيت بإخفاق حقيقي.وشهد مطلع الأسبوع الحالي إعلان رئيس المحاكم الإسلامية الشيخ شريف شيخ أحمد طرد زعماء الفصائل المسلحة و ميليشياتهم من مقديشيو وسيطرة ميليشياته على كل أنحاء العاصمة، بشطريها الشمالي و الجنوبي، و هو الأمر الذي لم يتح لأي من الفصائل المسلحة منفردة أو مجتمعة طيلة سنوات الحرب الأهلية ال15 الماضية.و صار الشيخ شريف، من الإثنين الماضي ، سيد إقليم بنادر(تقع ضمنه مقديشيو)الأوحد. و بالمقابل ، فإن ميلشيات المحاكم الإسلامية تلقت دعما ماليا مهما من رجال الأعمال الصوماليين و من منظمات أصيلة من البلدان العربية، و كذلك الأسلحة.وقد استفادت أيضا من التجربة العسكرية للجهاديين الأجانب و الضباط الكبار القدامي الذين كانوا يعملون في جيش زياد بري، الرئيس الذي تمت إزاحته من السلطة في عام 1991.و من المعلوم تاريخيا أن ميليشيات المحاكم الإسلامية لم تظهر سابقا في أي من محاولات المصالحة الوطنية ال14 و التي نجح آخرها في تعيين برلمان و تشكيل حكومة و انتخاب رئيس جديد للبلاد، لكن أي من هذه المؤسسات لم تجرؤ على دخول العاصمة مقديشيو بسبب سيطرة أمراء الحرب، كل على حي من أحيائها.و ظلت الحكومة على مسافة 230 كيلومترا من جنوب العاصمة، في مدينة بيداوة، حيث مقرها المؤقت. و لم تنجح فصائل المعارضة في تحقيق مصالحة وطنية حقيقية، إذ شهدت البلاد بعد زياد بري حربا أهلية على خلفية قبلية، للإستحواذ على السلطة، و النفوذ و الأراضي و الموارد. وطالت الحرب الأهلية .. و غدت نفقاتها مرتفعة جدا و كثيرة. و يبدو أن التجار أيقنوا ، أنه لا يمكن لقبيلة بمفردها السيطرة على كامل البلاد.و لاحظوا ثانيا،أن كل اتفاقات المصالحة التي وقعها زعماء الميليشيات التي يمولونها تؤول إلى فشل و لا تنفذ. كما شعروا ثالثا، أنهم بدأوا يخسرون في هذه”التجارة” مع أمراء الحرب الذين بدأوا يؤسسون لأنفسهم تجارة خاصة بهم. في عام 1994، تبلورت لدى التجار فكرة إضعاف أمراء الحرب أو إقصائهم و إيجاد بديل مقبول لدى كل القبائل و الشارع الصومالي عموما، فوجدوا البديل في ” التجمعات الإسلامية”. و معروف أن كل الصوماليين يدينون بالإسلام و ينتمون إلى المذهب الشافعي . وهم عموما متدينون على الرغم من اعتماد زياد بري الماركسية نظاما لحكمه (1969-1991). وهكذا ، أسهم التجار في تمويل الجماعات الإسلامية التي شكلت بدورها ما بات يعرف ب”المحاكم الإسلامية” و التي ظهرت أولا في مقديشيو، حيث أسس الشيخ علي محمود الملقب ب”شيخ علي طيري” أولى هذه المحاكم، الأولى من نوعها منذ استقلال الصومال العام 1960. وصار للمحاكم الإسلامية 3000 عنصرا من الميلشيات المسلحة يطلق عليها اسم “الخيالة”، ثم استقطبت لاحقا أكثر من 11000 رجلا للقيام “بالجهاد” -كما أعلن بذلك رئيس اتحاد المحاكم الإسلامية الشيخ شريف شيخ أحمد . في البداية لم تكن لهذه المحاكم أية سلطة استثنائية أو شعبية، لكن الوضع تغير تدريجيا وتحولت المحاكم خلال 10 سنوات من “أداة” لفرض النظام والقانون إلى “سلطة بديلة” للسلطة المركزية التي ظلت مشتتة في “المكان” و”الأولويات” بسبب التنازع بين زعماء القبائل. ويتساءل المحللون الغربيون، هل سيقتصر اتحاد المحاكم الإسلامية على السيطرة على العاصمة فقط، أم إنه سيغامر للإستيلاء على مدن أخر؟حسب خبير صومالي، التوسع يندرج في مشروع العقول المفكرة التي تدير المحاكم الإسلامية من خلف الستار .إذ يحذر:” الصومال ليس إلا مرحلة.الذين استولوا على السلطة في مقديشيو لهم مشروع أوسع بكثير. المحطة المقبلة المستهدفة من الآن و حتى سنتينن ستكون اليمن ، ثم العربية السعودية”. وخلف هذا الصراع الأهلي في الصومال ، يبرز الصراع الإقليمي بين أثيوبيا و إريتريا ، اللتين تساندان فرقاء الصراع الأهلي في الصومال منذ توقف الحرب بينهما في عام 2000. أثيوبيا تقدم السلاح لأمراء الحرب، بينما تساند إريتريا الإسلاميين. من جانبها استقبلت الولايات المتحدة الأمريكية نبأ سقوط مقديشيو في أيدي المحاكم الإسلامية بقلق شديد. وتتهم الولايات المتحدة “المحاكم الإسلامية” أيضا أنها تؤوي ثلاثة على الأقل من عناصر تنظيم “القاعدة” يشتبه في أنهم كانوا وراء تفجيرات سفارتي الولايات المتحدة في نيروبي ودار السلام عام 1998 وكذلك التفجيرات التي استهدفت فندقا وطائرة مدنية إسرائيلية في ممباسا عام 2002، والمحاكم الإسلامية بدورها تنفي هذه التهمة. سقوط مقديشيو في أيدي المحاكم الإسلامية يمثل صفعة لإدارة الرئيس بوش . فهذه الأخيرة ، أقامت رأس جسر في دجيبوتي لخوض الحرب على الإرهاب ، بعد أحداث 11 أيلول/ سبتمبر 2001. ويعتبر القرن الإفريقي أحد الميادين الرئيسة لمسرح العمليات بالنسبة للقيادة المركزية ، التي تدير من ولاية فلوريدا العمليات ضد القرصنة في البحر الأحمرأو تدريب حرس الحدود المحليين مع ائتلاف متكون من ستين بلدا. بيد أن سيطرة المحاكم الإسلامية على مقديشيو لايعني نهاية زعماء الحرب الصوماليين الذين كانوا يتنازعون حول السيطرة السياسية والعسكرية على الصومال، كما أنه لا يمكن القول إنها تعني هيمنة الإسلاميين كلية على المسرح السياسي الصومالي، لكنها قد تكون بداية لصعود الإسلاميين وتراجع قوة زعماء الحرب الصوماليين. (المصدر: صحيفة “المستقبل” البيروتية الصادرة يوم 13 حزيران 2006)
بمناسبة خمسينية الجيش الوطني:
الوزارة تفتح ملف الخدمة الوطنية وتتصدّى لظاهرة العزوف عن أداء الواجب الوطني
* تونس ـ «الشروق» : كثّفت وزارة الدفاع الوطني في الآونة الأخيرة من تحركاتها من أجل الحدّ من انتشار ظاهرة العزوف عن الخدمة الوطنية وحمل الشباب والأولياء على المصالحة مع هذه الخدمة الواجبة على كل مواطن يتوفر فيه شرط الاستطاعة ولا يتمتع بحق التأجيل أو الإعفاء.
وفي هذا السياق وبمناسبة الاحتفال بمرور خمسين (50) سنة على تأسيس الجيش الوطني نظمت الوزارة سلسلة من الملتقيات الجهويّة حول الخدمة الوطنيّة. آخرها اليوم الدراسي الملتئم أمس بمقرّ المركز الوطني للاستشعار عن بعد حول الموضوع نفسه بولاية تونس والذي أشرف عليه السيد كمال مرجان وزير الدفاع الوطني وحضره السيد منذر الفريجي والي تونس وثلّة من المهتمين من عسكريّين ومدنيين. * سلوك غير مسؤول
وتحدث السيد كمال مرجان في الافتتاح عن سياسة تونس الدفاعية التي أرساها الرئيس بن علي القائد الأعلى للقوات المسلّحة والتي تنبني على قاعدة الدفاع الشامل منتقدا في الوقت نفسه وبشدّة ظاهرة العزوف عن آداء الواجب الوطني التي برزت وتفاقمت في السنوات الأخيرة وأقلّ ما يمكن وصفها أنها سلوك غير مسؤول وغير مدني وينمّ عن عدم التحلّي بالروح الوطنية.
وبيّن أن معدّل الذين يتمّ تجنيدهم في حصّة التجنيد الواحدة ويقومون بالخدمة العسكريّة الفعليّة لا يتجاوز الربع وحتى الخمس أحيانا من العدد المبرمج لكل حصّة رغم الالتجاء غالبا الى التمديد في الفترة المخصصة للحصة.
وأضاف وزير الدفاع قوله إن عزوف الشباب عن آداء هذا الواجب يقلّص نشاط الجيش في كل الميادين بما في ذلك الدفاعيّة والتنمويّة.
وأفاد أيضا أن الغاية هي دراسة هذه الظاهرة والسعي الى إيجاد الحلول وبالخصوص العمل على مزيد توعية الشباب وتحسيسه وحثّه على الإقبال التلقائي على آداء الواجب الوطني وإننا نسعى في هذا النطاق الى مزيد التعريف بالخدمة الوطنية وبالقانون المتعلق بالخدمة الوطنية وبجميع النصوص الترتيبية الصادرة في المجال. * آليات تشجيعية
وأبرز السيد كمال مرجان أن هذا القانون يُساير تطوّر المجتمع التونسي ويُضفي شيئا من اليُسر والمرونة في قيام الشبان بالواجب الوطني مشيرا الى أن الوزارة وضعت العديد من الآليات لتشجيعهم على ذلك ومنها اعتماد منظومة اعلاميّة في عمليّات الإحصاء والتجنيد وسيتم تدعيمها باعتماد بطاقة التعريف الوطنية، وفتح باب التجنيد على مدار السنة وعدم الاقتصار على مواعيد حصص التجنيد فضلا عن تحديد مدّة التكوين الأساسي العسكري لأداء الخدمة الوطنية في نطاق التعيينات الفرديّة بـ21 يوما فقط يجتازها المجنّد حسب اختياره دفعة واحدة متتالية أو على مراحل خلال أيام الأحد مثلا.
ومن الآليات التشجيعية أيضا مواصلة تحسين ظروف العيش بالمؤسسات العسكريّة من حيث الإقامة والأكل والنظافة والمرافق الصحيّة والإحاطة النفسيّة وتوفير فضاءات الترفيه. الى جانب تعزيز منظومة التكوين المهني بالجيش لفائدة المجنّدين وإعطاء الأولوية في الانتداب بالمدارس العسكريّة لمن أدّى واجب الخدمة الوطنية وتقريب خدمات المكاتب الجهوية للخدمة الوطنية من المواطن بتركيز مكاتب بكافة الولايات علاوة على تكليف لجان للقيام بعمليات التجنيد على مستوى كل معتمدية خلال أربع فترات في السنة.
وقال الوزير في الختام إن المطلوب وعي جماعي بأهمية القيام بواجب الخدمة الوطنية فالمسؤولية مشتركة بين الجميع من شبّان وأولياء وكل مكونات المجتمع كما أن التحسيس عمليّة مشتركة بيننا جميعا. * توصيات
وعموما ينتظر أن تخرج ملتقيات الخدمة الوطنية بجملة من المقترحات والتوصيات الرامية الى تفادي الثغرات القانونية والإجرائية التي أفرزت ظاهرة العزوف عن القيام بالواجب الوطني والتي من شأنها أن تحفز الشبان على آداء هذا الواجب. محمد اليزيدي (المصدر: صحيفة الشروق التونسية الصادرة يوم 14 جوان 2006)
أهم الآليات لتشجيع الشباب على أداء الخدمة الوطنية
** فتح باب التجنيد على مدار السنة ** مواصلة تحسين ظروف العيش بالمؤسسات العسكرية استعرض وزير الدفاع أثناء افتتاحه اليوم الدراسي الجهوي حول الخدمة الوطنية بولاية تونس أهم الآليات والاجراءات التي وضعتها الوزارة لتشجيع الشباب على اداء الخدمة الوطنية ومن اهمها: – اعتماد منظومة اعلامية متطورة في عمليات الاحصاء والتجنيد، ستدعم باعتماد بطاقة التعريف الوطنية – فتح باب التجنيد امام الشباب على مدار السنة وعدم الاقتصار على مواعيد حصص التجنيد – تحديد مدة التكوين الاساسي العسكري بالنسبة الى المدعوين لاداء الخدمة الوطنية في نطاق التعيينات الفردية بـــ21 يوما يقع ضبط تاريخ انطلاقها مسبقا حسب اختيار المجند ويقضيها اما دفعة واحدة او على مراحل (ايام الأحد) – انجاز بوّابة قطاعية خاصة بوزارة الدفاع الوطني تم وضعها على شبكة الانترنات، تتضمن مختلف الخدمات التي تقدمها الوزارة ومن بينها خدمات التجنيد – انجاز معلقات تحسيسية حول الخدمة الوطنية ووضعها بمختلف الفضاءات التي يؤمها الشباب. – مواصلة تحسين ظروف العيش بالمؤسسات العسكرية من حيث الاقامة والأكل والنظافة والمرافق الصحية والاحاطة النفسية وتوفير فضاءات الترفيه – تعزيز منظومة التكوين المهني بالجيش لفائدة المجندين باحداث مراكز جديدة والترفيع في طاقة الاستيعاب وتنويع الاختصاصات في جميع المستويات – اعطاء الاولوية في الانتداب بالمدارس العسكرية لمن ادى واجب الخدمة الوطنية او هو بصدد ادائها – تركيز مكاتب جهوية للخدمة الوطنية بكامل ولايات الجمهورية لتقريب الخدمات من المواطن وتعريفه بالخدمة الوطنية ومزاياها. – تكليف لجان للقيام بعمليات التجنيد على مستوى كل معتمدية وذلك خلال اربع فترات في السنة – تنظيم اجتماعات تنسيقية مع الادارة الفرعية للتجنيد والتعبئة التابعة للادارة العامة للحرس الوطني الغرض منها المزيد من احكام التنسيق بين هياكل وزارة الدفاع الوطني المكلفة بالخدمة الوطنية (ادارة التجنيد والتعبئة) وهياكل وزارة الداخلية والتنمية المحلية المكلفة بنفس المجال – مواصلة التحسيس عن طريق وسائل الاعلام المرئية والمسموعة والمكتوبة والمطلوب وعي جماعي باهمية القيام بواجب الخدمة الوطنية فالمسؤولية مشتركة بين الجميع من شبان واولياء وكل تركيبات المجتمع، والتحسيس هو ايضا عملية مشتركة بين الجميع (كل افراد المجتمع والعائلات) وكل المؤسسات المسؤولة. (المصدر: جريدة الصباح التونسية الصادرة يوم 14 جوان 2006)
بعد 10 أيام على الحادث الأول:
نجاة 3 نساء بأعجوبة اثر سقوط جدار آخر بقابس
* قابس (الشروق) هوى جدار أحد المنازل بمنطقة «سيدي أبي لبابة» بقابس، وكاد يزهق أرواح ثلاث نساء خرجن من تحت الأنقاض بأعجوبة. أمس الثلاثاء (13 جوان، التحرير) لما أشرقت شمس صباح جديد على مدينة قابس كانت أشعّتها تنذر بيوم حار لكنه مألوف. اجتمعت أمّّ وابنتها واحدى الجارات الى مجلس شاي روتيني تتبادلن فيه أطراف الحديث. تلك هي العادة منذ سنين. وفجأة وقع ما لم يخطر على بالهن، اذ تهاوى جدار المطبخ القديم الذي يجلسن الى ظله وغطى في لحظة النساء الثلاث، انتبه الجيران الى دويّ سقوط الجدار ثم تعالى من المنزل الصياح والصراخ طلبا للنجدة فهبّوا لمساعدتهن وانقاذهن آملين في بقائهن على قيد الحياة. وبسرعة قدمت سيارة الاسعاف ونقلتهن أحياء الى مستشفى المدينة. وتفيد مصادر طبية أن الأمّ لم تتضرر كثيرا، كما ان الجارة في حالة مستقرة بينما مازالت البنت بحاجة الى عناية طبية مركّزة وإن كانت حالتها لا تبعث على القلق. ومن الملاحظ تجنّد أعوان المستشفى الجهوي بقابس ممرضين وأطباء لتقديم الخدمات الطبية العاجلة للمتضررات بتفان وحرفية. كما نشير الى أن المصالح المختصة قد شرعت اثر سقوط جدار «سوق جارة» في جرد المباني المتداعية للسقوط وانطلقت في هدم بعضها. صباح امس ولما تناهى خبر سقوط الجدار الى مسامع الناس وانتشر في المدينة التي لم تلملم جراحها بعد، تباينت المواقف والتعليقات، البعض ظن ان الخبر مجرد اشاعة ومزحة اذ كثيرا ما تتحول المأساة على ألسنة الناس الى ملهاة، والبعض الآخر تملّكه الذعر ولم ينقطع عن الاستفسار. في حين علّق أحدهم ساخرا «أغضبت الارض بدءًا من مدينة قابس فتتابع سقوط الجدران يطرح أكثر من سؤال ويحتاج الى أكثر من دراسة؟». * نبراس (المصدر: صحيفة الشروق التونسية الصادرة يوم 14 جوان 2006)
الترفيع في المبلغ القياسي لبرنامج “دليلك ملك” وارد
* تونس ـ (الشروق): راجت مؤخرا أخبار مفادها أن المشرفين على برنامج «دليلك ملك» ينوون الترفيع في المبلغ الاقصى المخصص للمشاركين في الدورة الجديدة للبرنامج. مصادرنا لم تنف الخبر ولم تؤكده مشيرة الى أن كل الامكانيات واردة باعتبار أن الاستعدادات التقنية والتنظيمية لعودة البرنامج مازالت في البداية، وهناك العديد من المفاوضات والاقتراحات في هذا الشأن لكن لم يقع الحسم في أي منها. ويذكر أن برامج مماثلة في الدول الاوروبية ومنها ايطاليا تخصص مبلغا قياسيا يصل الى 500 ألف دينار وربما أفضت التحضيرات والمفاوضات في تونس الى النسج على منوال هذه الدول. حـل مؤجـل من جهة أخرى، أكدت مصادرنا أن ملف المتبارين الذين حرموا من المشاركة في آخر حلقة بقي معلقا الى هذه اللحظة، وسيقع البت في المسألة خلال الاسابيع القادمة. وقد استبدت مشاعر الحيرة بهؤلاء المتبارين الذين يعتقدون أنهم مؤهلون للمشاركة في الحلقات الاولى للدورة الجديدة دون المرور بالموزع الصوتي و»الكاستينغ» من جديد. ويبلغ عدد المعنيين بالامر حوالي 50 شخصا كانوا قاب قوسين أو أدنى من الظهور في البرنامج بصفة متبارين لكن انتهاء البرنامج أفقدهم الامل في الفوز بمبالغ مالية محترمة بعد أن تفرغوا للبرنامج لمدة أسابيع وضحوا بأوقاتهم وشؤونهم المهنية والشخصية من أجل البرنامج. * أبو نــزار (المصدر: صحيفة الشروق التونسية الصادرة يوم 14 جوان 2006)
“تونيزيانا” تحصل على قرض بـ350 مليون يورو
تونس ـ رويترز: قال متحدث باسم شركة تونيزيانا التابعة لمجموعة اوراسكوم تليكوم المصرية أمس ان الشركة حصلت على قرض بقيمة 350 مليون يورو (441.7 مليون دولار) لشراء معدات وسداد دين سابق. واشترك في ترتيب القرض سيتي بنك والمؤسسة العربية المصرفية تونس وشارك فيه عدد من البنوك التونسية والدولية. وقال المتحدث عبد العزيز الجيلاني «تستخدم الأموال في تمويل سداد دين تونيزيانا والتوسع في شراء معدات جديدة وتدعيم الشبكة». وأضاف ان القرض ينقسم الى شريحتين؛ الاولى 125 مليون يورو من بنك تونس والثانية 225 مليون يورو من البنوك العالمية. ويبلغ عدد المشتركين في خدمات الشركة لاتصالات الهاتف الجوال نحو 2.5 مليون مشترك من بين سكان البلاد البالغ عددهم عشرة ملايين نسمة. (الدولار يساوي 0.7923 يورو)
(المصدر: صحيفة الشرق الوسط الصادرة يوم 13 جوان 2006)
مغربي يفك شفرة المحطات ويبيعها لذوي الدخول المنخفضة
تونسيون يلتقطون مباريات المونديال من “محطة أرضية مجهولة”
تونس-سليم بوخذير قال مواطنون تونسيون يعيشون جنوب البلاد إنهم استطاعوا التقاط محطة أرضية تُدعى “المسار الرياضي” تبث مباريات مونديال ألمانيا 2006 على الهواء التي تبث حصرياً على قنوات شبكة “راديو وتلفزيون العرب ART. وقال المواطن حسين العريفي الذي يقطن محافظة مدنين (400 كلم جنوب العاصمة) إنه “فوجئ بمحطة أرضية تظهر له على الشاشة في بيته فور تشغيله لجهاز الإلتقاط الأرضي إسمها “المسار الرياضي” تبثّ مباريات المونديال”. فيما أوضح مواطن أخر يدعى علي الكثيري أن “هذه المحطة مجهولة مصدر البث، لكن اللهجة التي يستعملها مذيعوها تبدو ليبية” . وقال مواطن آخر إسمه عبد الستار الورغمّي إن ” إلتقط هذه المحطة بواسطة جهاز إلتقاط أرضي على الفئة “أي .هاش .آف” بكل سهولة ” مضيفا أنّ “أصدقاء ليبيين له أخبروه بواسطة الهاتف بوجود هذه القناة التي أمكن لكل هوّاة المونديال في ليبيا إلتقاطها بسهولة دون أن يعرفوا المكان الذي تبثّ منه”، على حدّ قوله. وتفوق كلفة الإشتراك بمحطات “راديو و تلفزيون العرب” الرياضية المحتكرة للمونديال200 دولار في تونس، في الوقت نفسه لم تقدم الفضائيات غير المشفرة على شراء حق بث المباريات. وفي المغرب ، قال بعض المواطنين من ذوي الدخول المنخفضة إنهم تمكنوا من ” إلتقاط محطات “آ.آر.تي” بعد أن تمكّن “خبير ” مغربي من فكّ شفرات هذه المحطات مؤخرا وترويجها بمبلغ زهيد في السوق المغربية للراغبين ، وهو أمر مخالف للقانون. وتمنع القوانين المحلية و الدولية بث أي محطة لبرامج قناة مشفرة دون موافقتها ، كما تمنع فكّ شفرات قنوات تجارية مشفّرة. (المصدر: موقع العربية.نت بتاريخ 13 جوان 2006)
.. من جهته موقع “ليبيا اليوم” (من طرابلس) الذي عاد للعمل مؤخرا بعد غياب يؤكد:
ليبيا تدشن قناة تليفزيونية جديدة لمتابعة مباريات كأس العالم..
المصدر: [طرابلس- ليبيا اليوم] دشنت السلطات الرياضية الليبية قبل يومين قناة تلفزيونية رياضية جديدة تحت اسم “المسار الرياضية” كهدية لعشاق كرة القدم اللعبة الأكثر شعبية في البلاد لمتابعة النسخة 18 لكأس العالم 2006 في ألمانيا ولاحظت تقارير واردة من العاصمة الليبية طرابلس أن الحركة في شوارع المدينة قد خفت لحد كبير بعد لمتابعة هذه المباريات . و تجمع الآلاف من عشاق كرة القدم أمام شاشات التلفزيون في المنازل والمقاهي ومختلف النوادي الرياضية والثقافية في البلاد لمتابعة العرس الكروي العالمي الذي تنقله “المسار الرياضية” على الهواء مباشرة . وكانت محلات بيع البطاقات الممغنطة للاشتراك في المحطات التي تنقل أحداث كأس العالم شهدت ازدحاما شديدا الأسبوع الماضي إلا أن هذا الازدحام تلاشى مع الإعلان عن قيام قناة “المسار الرياضية” الجديدة بنقل مباريات كأس العالم مباشرة ومجانا . يذكر أن سعر الاشتراك السنوي بنظام البطاقات الممغنطة تراوح بين 180 و285 دينار ليبي (حوالي 140 و220 دولار أمريكي). واعتبر العديد من الشباب الليبيين أن إطلاق قناة “المسار الرياضية” قد حد من جشع التجار وأتاح الفرصة لملايين الليبيين الذين لا يستطيعون دفع رسوم الاشتراك .في نظام البطاقات الممغنطة لمتابعة العرس العالمي لكرة القدم. (المصدر: صحيفة “ليبيا اليوم” بتاريخ 14 جوان 2006) عنوان الصحيفة: http://www.libya-alyoum.com/
ثلاثة أسئلة جراء تشفير بث مباريات كأس العالم
هويدا طه (*) (1) احتشاد المواطنين في المقاهي.. فرصة؟ المسألة التي تشغل بال كل من يتابع نمو الحركة المعارضة لنظام مبارك في مصر هي.. كيف تخرج حركة الاحتجاج ضد النظام من حالة (مئات) الناشطين الذين يعملون وحدهم بمعزل عن عامة الناس.. إلي حالة تصبح فيها (جموع) المحتجين بعشرات الآلاف؟ هذه هي المعضلة الأساسية.. كيف يتمكن هؤلاء الناشطون الذين يعدون بالمئات من حفز مختلف الفئات في الشعب المصري المنهك للمشاركة في ذلك الاحتجاج، وإقناعهم بأهمية تكثيف عدد المحتجين حتي يثمر النتيجة المرجوة: إسقاط العائلة الحاكمة التي أوصلت حياتهم إلي هذا الجحيم من الفقر والإذلال وضياع الكرامة.. وكشف الفساد والمفسدين.. والاستعداد لبناء مصر من جديد. حل هذه القضية لا يمكن تحميله لهؤلاء الناشطين وحدهم.. فقد قدموا أكثر من غيرهم عندما خرجوا إلي الشارع وواجهوا ـ ومازالوا يواجهون ـ قوات الأمن بصدورهم العارية.. إلا من إيمان حقيقي بضرورة التغيير كي يصير البلد الذي نعيش فيه وطنا حقيقيا.. وليس كما هو الآن.. سجن كبير. الإجابة علي (كيف) هذه لابد أن يدلي فيها كلٌ بدلوه.. فالفضائيات علي انتشارها وأهمية تأثيرها بل وأهمية الاستمرار في استغلال المتاح منها.. ليست كافية، لأنها أولا (لا تتبني) مباشرة قضية المصريين العادلة.. فهي مشغولة بالزرقاوي حيا أو ميتا.. حماسا أو كرها وثانيا لأنها لا تصل إلي كل قواعد المصريين.. فإذا كان الوصول إلي (جموع) المصريين تلك لحثهم علي المشاركة في صنع مستقبلهم ومستقبل أبنائهم هو المشكلة الملحة الآن.. فإن تجارب الأمم التي نجحت نخبتها في جذب قواعد شعوبها للخروج من السلبية والمساهمة في حركات التغيير تصب في حقيقة مؤكدة مفادها: الذهاب إلي جموع الناس وليس انتظار مجيئها ، صحيح ان إمكانيات حركة كفاية محدودة إلي حد عدم توفر ما يلزم كي تنتشر بين الناس ماديا.. أي بالعناصر والكوادر والمواد المطبوعة والمسجلة ووسائل التنقل حيث تترامي أطراف القاهرة نفسها عوضا عن باقي محافظات مصر.. إلا أن (العيشة الضنك) التي يحياها الناس قد تكون عاملا يسهل الاستجابة للخروج علي الحكومة، عدوتهم الأزلية منذ فجر التاريخ.. وهي حاليا تنتمي لنظام بدأ عده التنازلي ولا يحتاج إلا لتوحيد (الجموع) في مجابهته كي يهوي إلي دركه الأخير، والمسألة في أحد جوانبها ـ تكمن في أن (تذهب إلي) أكبر جمع من المصريين لتقول لهم ذلك ثم تتركه يتفاعل في نفوسهم في الأيام التالية، وطالما نجحت شركة ART في توصيل المصريين إلي هذه الحالة من الغضب لاحتكارها بث مباريات كأس العالم دون غيرها من القنوات.. واستعدت المقاهي لاستقبال تلك الآلاف من المصريين موفرة لهم فرصة مشاهدة ما حرموا منه في منازلهم.. فلماذا لا توضع (خطة عاجلة) للتواجد بينهم بأقصي قدر ممكن.. وبطريقة تجعل الحدث فرصة لإلقاء الحجر في مياه حياتهم الراكدة سياسيا؟ صحيح أن مثل هكذا خطة كان يجب الاستعداد لها مبكرا.. ولكن لم يفت الوقت.. فقط شيء من الذكاء في تنفيذها.. والذكاء في هذه الحالة يوجب أن ينتظر الناشطون إلي أن.. تنتهي المباراة. (2) بعد الفن والرياضة والدين.. فيم سيتاجرون مستقبلا؟ لست من هؤلاء الذين يتابعون مباريات كأس العالم ولا حتي كأس عيال الحارة كما أني لا أعرف ـ ولا يهمني حتي أن أعرف ـ الفرق بين كرة القدم وتلك الكرات الأخري مختلفة الأحجام والألوان، لكن تشفير بث المباريات هو أكبر من مجرد حدث رياضي.. حدث يثير مزيدا من الشعور بالقلق والشجن و(الاغتراب) في عالم صار كل شيء فيه قابلا للاتجار به.. حتي الفن والدين والرياضة، كثيرا ما يحتج المتحمسون لليبرالية الاقتصادية ومفاهيم (حرية السوق) بأن المنافسة هي أم الابتكار والتقدم.. وهي السبب في تطوير (السلع)، لكن البشرية ظلت ولا تزال تعاني من هذه (الحرية الشرسة الجشعة) التي تتلاعب بحاجات الناس.. فتحرم منها من تشاء وتتيحها لمن تشاء.. طالما يملك ضخ الربح ومزيدا من الربح في جيوب هؤلاء (الأحرار) كانت السلع في البدء هي بالأساس حاجات الناس (المادية).. مواد الغذاء والكساء والبناء وغير ذلك من الحاجات اللازمة للحياة كوسائل التنقل وباقي وسائل عمران الأرض، لكن هذا التطور المروع لمفهوم (الاتجار بكل شيء) توحش مع وصول التكنولوجيا إلي ما هي عليه الآن.. فوصل إلي حد الاتجار بالفن والاتجار بالرياضة والاتجار بالدين والاتجار بكل ما هو جميل.. انضم اتحاد العالم لكرة القدم أو الاتحاد العالمي أو الفيفا أو أيا كان اسمه إلي تلك (الزمرة المتوحشة) المسماة بالشركات عابرة القارات.. فراح يبيع حق مشاهدة المباريات (لطالما كان ذلك الحق مشاعا متاحا لكل البشر طوال العقود الماضية) وراح يشتريه هؤلاء (الأحرار.. أحرار في الاتجار بكل شيء).. وبدأت جموع الناس في الأرض تذهل عاجزة أمام هذا النوع الجديد من التجارة الذي لا حول لهم ولا قوة أمامه.. كان الأمر قديما: كن فقيرا فلا تأكل ولا تلبس ولا تسكن.. لكنك كنت ما زلت حينها قادرا رغم فقرك علي التمتع بذلك (الجمال المشاع البعيد عن أنف التجارة).. الآن كن فقيرا فلا تأكل ولا تلبس ولا تسكن ولا تمتع عينك وأذنك وروحك بأي فن أو رياضة أو جمال للطبيعة والإنسان أو حتي جمال الله وحنانه.. كن فقيرا فلا تكون إنسانا بالمرة. في مدينتي.. الإسكندرية.. كانت الشواطئ متاحة كمساحة شاسعة يتمتع فيها الفقراء بجمال الطبيعة بأقل قدر من التكلفة.. فأغلق معظمها أمامهم عندما هجم هؤلاء (الأحرار) علي أفضل مناطقها وبنوا فيها المنتجعات التي لا يمكن للفقراء حتي أن يمروا أمامها، تاجروا في البحر ونسيمه.. بنوا حوله جدارا عازلا فقبع الناس في بيوتهم.. فإذا بهؤلاء الأحرار في الاتجار بكل شيء يشترون أصول الأفلام المصرية التي تشكل تراثا عزيزا علي المصريين فلم يعد ممكنا مشاهدتها إلا بشراء أجهزتهم وبطاقاتهم المشفرة.. فانتظر هؤلاء المطاردون مشاهدة مباريات كرة القدم العالمية فإذا بشركة أخري اشترت حق بيعها لمن يملك ثمن تلك البطاقة المشفرة.. يحاصر الفقراء ويحرمون لا من السلع المادية فقط ولكن يحرمون حتي من أي نوع من (التمتع) يمكن أن يكون متاحا لهم.. وكأنهم لا يستحقون لكونهم فقراء أن يبتسموا أو يمرحوا أو حتي يتفرجوا.. لم أشتر تلك البطاقة لأنني لا أهتم بكرة القدم.. لكنني أفكر فيمن أعرف من أهل وجيران وأصدقاء وفي تلك (الحسرة) التي تلوح في عيونهم وهم يعجزون عن شراء تلك البطاقة اللعينة.. ثم أفكر في هؤلاء المؤمنين بحرية السوق.. وفي هؤلاء الأحرار في الاتجار بكل شيء.. وأتساءل تري بم سيتاجرون في الأجيال المقبلة؟ الماء والهواء؟ تمر سريعا بخاطري أخبار جمعتها من مراكز البحوث تشير كلها بأن هؤلاء الأحرار يفكرون (يفكرون؟ بل يخططون) لبيع قناة السويس بل وبيع نهر النيل.. أحاول الاختباء من الفكرة.. أغمض عيني وأغطي رأسي هربا.. كأنني أحاول بالانكماش تحت الغطاء حماية للقناة والنهر من البيع. يكفينا ما تحمله جيلنا من آلام بيع أشياء لم نكن نفكر يوما أنها ستعرض للبيع.. حتي الإله باعوه لكنهم يبيعونه هذه المرة لهؤلاء الفقراء العاجزين عن المتعة علي الأرض صنف آخر من التجار يبيع الدين.. السلعة الوحيدة التي يغرون بها العاجزين عن شراء الأشياء الأخري.. يتاجرون في جنات الله وكأنها (منتجعات) توفر مجانا كل ما هو عزيز علي الأرض.. الخمر والحور العين والفاكهة والأعناب والزيتون يكسبون من بيع (منتجعات الله آجلة التسليم) ما يمكنهم هم ـ الآن ـ من شراء (منتجعات الساحل الشمالي).. الفقير إذن ـ وأمام عجزه المشهود عن شراء أية سلعة أرضية ـ هل تتصورون كم يكون مغريا له ذلك العرض علي يد التجار الشرعيين؟ فقط ادفع (روحك) ثمنا لحورية واحدة.. والباقي (فري). (3) ماذا تضيف ملايين أخري إلي ملياردير؟ في برنامج ما وراء الخبر علي قناة الجزيرة نوقشت يوم الجمعة الماضي قضية تشفير بث مباريات كأس العالم وأدلي الضيوف كل بدلوه في المسألة.. تبين من النقاش أن تلك المشكلة لا تعاني منها مناطق أخري في العالم.. بقدر ما تعاني منها الشعوب العربية.. التي وقعت فريسة لواحد من هؤلاء التجار.. دفع لاتحاد كرة القدم العالمي مبلغا ضخما مقابل أن يستعيده من جيوب الناس مبلغا أضخم. لا تملك أمام تلك القضية إلا أن تفكر في هذا التاجر.. فهو من أغني أغنياء العرب.. يملك فضائيات وأراض ومشاريع في مجالات متنوعة هنا وهناك في أنحاء العالم العربي من المحيط إلي الخليج.. يخدمه قطاع كبير من المتخصصين في كل شيء حتي في الثقافة، يضيف إلي ملايينه ملايين أخري كل يوم.. تتساءل ماذا يفعل هؤلاء الأغنياء بتلك الأموال؟ هل حقا يحتاجون المزيد؟ لماذا؟ أي سلعة تلك التي تنقصهم؟ يحتاج البشر المال لتوفير مسكن ـ وليكن فاخرا ـ وسيارات ـ ولتكن فاخرة كذلك ـ ومصروفات تخدم تلك الأشياء الفاخرة وتجلب لهم كل الحاجات والأشياء اللازمة للاستمتاع بالحياة- مهما كان التصور لما هو ممتع ـ لكن إذا توفر كل ذلك.. ماذا تفعل بالأموال الزائدة؟ ماذا ينقص هؤلاء إلي درجة أنهم تحت (ضغط الحاجة) يتجهون إلي ابتزاز الناس وسرقة القليل المتبقي في جيوبهم المهترئة؟ هل هم من هؤلاء الذين ربما ترّصدهم أحمد مطر.. الشاعر الجميل.. في قصيدة عنوانها (المفتري عليه)؟ وفيها يقول ذلك المفتري عليه: رصيدي كله ليس سوي عشرين مليارا.. فهل هذا كثير؟ آه لو يدري الذي يحسدني كيف أحير.. منه مأكولي ومشروبي وملبوسي ومركوبي.. وبترول الفوانيس وأقساط السرير.. ما الذي يبغونه مني؟ أأستجدي لكي يقتنعوا أني فقير؟… يقولون ضميري ميت؟.. هل أتاهم خبر عما بنفسي أم هم الله الخبير؟ كذبوا.. فالله يدري.. أنني من بدء عمري.. لم يكن عندي ضمير . (*) كاتبة من مصر howayda5@hotmail.com (المصدر: صحيفة القدس العربي الصادرة يوم 14 جوان 2006)
تكهنات بأنّ الهدف هو التصدي لفضائيات بعينها ..
وزراء الإعلام العرب اعتمدوا معايير جديدة للبث الفضائي
القاهرة – خدمة قدس برس أقرّ مجلس وزراء الإعلام العرب، الوثيقة الإطارية لمعايير البث والاستقبال التلفزيوني والإذاعي الفضائي، في المنطقة العربية، والتي ترتكز على عدة مبادئ أهمها حرية التعبير، التي أكدوا أنها “تعد ركيزة أساسية من ركائز العمل الإعلامي العربي”، على أن تقترن تلك الحرية بالمسؤولية “بغرض حماية المصالح العليا للأمة العربية”. وتضع الوثيقة عدداً من المعايير التي يتعيّن أن تلتزم بها كل خدمة برامجية أو إعلامية وإعلانية، كما تمثل تلك المعايير منطلقاً لوضع تشريعات متنافسة ومتكاملة مع التشريعات الدولية، “حتى يتسنى التعامل مع الآخر باحترام وتكافؤ”، كما ورد فيها. وتشمل تلك المعايير “احترام الكرامة الإنسانية وحقوق الآخرين، واحترام الحياة الخاصة للفرد وحقه في الاختلاف، والامتناع عن التحريض على الكراهية والعنف والإرهاب، والتمييز على أساس العرق أو الأصل أو الدين أو النوع أو الإعاقة البدنية أو العمر أو المهنة”. وكان مجلس وزراء الإعلام العرب، الذي عقد دورته التاسعة والثلاثين في الفترة من (10- 12) حزيران (يونيو) الحالي، قد أقر أمس الاثنين مشروع “الوثيقة الإطارية لمعايير البث والاستقبال التلفزيوني والإذاعي الفضائي في المنطقة العربية”. وأكد أنس الفقي، وزير الإعلام المصري، أنّ “إقرار مجلس وزراء الإعلام العرب لتقرير اللجنة الدائمة للإعلام العربي، وتوصيات الخبراء ببلورة معايير البث التليفزيوني والإذاعي الفضائي، والإعلام الإلكتروني في المنطقة العربية (…) يُعدّ إنجازاً لاجتماع المجلس، حيث تتزايد ضرورة وجود تشريعات تحكم عمل الفضائيات في المنطقة”، وفق قوله. وقال الفقي “إنّ تكليف اللجنة الدائمة للإعلام العربي بوضع مشروع تشريعات عربية للبث سيكون بمثابة نقلة نوعية في المسؤولية الإعلامية”، معتبراً أنّ هذه النتيجة تم الوصول لها بدعم وزارة الإعلام السعودية، باستضافتها للجنة في أيار (مايو) الماضي، في ما يُنتظر أن ترفع اللجنة هذا المشروع بعد إنجازه للمجلس للنظر فيه واعتماده. وتثير معايير هذه الوثيقة، تكهنات بين خبراء إعلاميين، بأن يكون الهدف هو فضائيات عربية خاصة إخبارية واحتكارية، اشتكت عدة دول عربية من جرأتها الإعلامية، أو احتكارها ببطولات رياضية دولية، وثالثة من قنوات الفيديو كليب المتهمة بترويج مواد هابطة وذات مضامين جنسية. وتنصّ المعايير التي وردت في الوثيقة أيضاً على “الامتناع عن التحريض على الكراهية والعنف”، وعلى “احترام الأديان والقيم الروحية والأخلاقية، ومراعاة البنية الأسرية للمجتمعات وترابطها الاجتماعي”، و”الامتناع عن بث محتويات تتضمن مظاهر جنسية تتناقض مع أخلاقيات المجتمع”، كما جاء فيها. كما تنصّ الوثيقة على “إيجاد تشريعات على مستوي كل بلد لتحديد قائمة الأحداث الرياضية الإقليمية والدولية التي تكون الدولة طرفاً فيها، وتكون بالتالي حقاً عاماً لجماهير هذه الدولة لا تدخل في نطاق احتكار أي طرف وإتاحة هذه الأحداث عبر إشارة مفتوحة غير مشفرة”. وجاءت هذه الفقرة في الوقت الذي يثور فيه جدل حاد، بشأن السماح لقنوات /ART/ باحتكار بث مباريات كرة القدم، ما يشير إلى أنّ الغرض منها هو وقف هذا الاحتكار مستقبلاً، خاصة أنّ الوثيقة نصت على أن تنطبق هذه المعايير “علي كل خدمة برامجية أو إعلامية وإعلانية تبثها، أو تعيد بثها هيئة إذاعية أو تليفزيونية، أو شركات خدمات تبث للمنطقة العربية من خلال المدن الإعلامية الحرة وبأي وسيلة فضائية”، طبقاً لما ورد فيها. (المصدر: وكالة قدس برس إنترناشيونال بتاريخ 14 جوان 2006)
الإفراج عن صحفي جزائري بعد قضاء عقوبة السجن عامين
الجزائر (رويترز) – قال شهود عيان إن صحفيا جزائريا بارزا غادر سجنا يوم الاربعاء بعد انقضاء عقوبة عامين سجنا لخرقه قانونا متعلقا بتحويل الاموال الى الخارج. وصدر الحكم ضد محمد بن شيكو مدير صحيفة لوماتان يوم 14 يونيو حزيران 2004 لخرقه قانون الصرف وتحويل رؤوس الاموال بعد ان ضبطت الشرطة اموالا بحقيبة له في مطار الجزائر الدولي بالعاصمة. وقال صحفي سابق في لوماتان التي توقفت عن الصدور لاسباب مالية “غادر السجن صباح اليوم. انه طليق.” وقال صحفي اخر “انه معنا. انه متوجه نحو دار الصحافة.” وبن شيكو من ابرز منتقدي الحكومة. وكان يقضي العقوبة بسجن الحراش في العاصمة. وتعرضت الحكومة لانتقادات من جماعات حقوقية دولية اليت قالت ان السلطات تستخدم مسائل قانونية لاسكات الصحفيين. وترفض الحكومة تلك الانتقادات قائلة ان الشكاوى التي ترفعها ضد الصحافة لا علاقة لها بحرية التعبير والسياسة. وفي اول خطوة منذ توليه السلطة قبل سبع سنوات أصدر الرئيس عبد العزيز بوتفليقة الشهر الماضي عفوا عن صحفيين تمت ادانتهم بالتشهير والاساءة لمسؤولين حكوميين. ولم يكن احد من هؤلاء الصحفيين بالسجن رغم الاحكام الصادرة في حقهم. ويتمتع الصحفيون الجزائرايون بحرية اكبر مقارنة بنظرائهم في بلدان عربية اخرى. ومنذ تحرير قطاع الاعلام في اوائل التسعينيات ظهرت في الجزائر 119 صحيفة منها 43 يومية. (المصدر: موقع سويس إنفو بتاريخ 14 جوان 2006 نقلا عن وكالة رويترز للأنباء)
الرباط: الإسلاميون يبدأون رسم خطتهم لمعركة الانتخابات الاشتراعية
الرباط – محمد الأشهب يعقد حزب «العدالة والتنمية» الإسلامي المغربي مؤتمراً طارئاً في 23 تموز (يوليو) المقبل للبحث في خطة تعاطيه مع الاستحقاقات الاشتراعية للعام 2007، وكذلك تقارير حول تقويم أداء الحزب في المعارضة والتحالفات المرتقبة وتطورات نزاع الصحراء والأوضاع السياسية في البلاد. ورجحت مصادر أن يكون الموقف من الانتخابات ضمن أبرز القضايا في المؤتمر على خلفية نتائج استطلاع المعهد الأميركي الديموقراطي الذي منح «العدالة والتنمية» حوالي 47 في المئة من الأصوات المحتملة للناخبين المغاربة. لكن قيادة الحزب قللت من الاستطلاع ورأت أن صناديق الاقتراع وحدها تعكس حضور التيار الإسلامي. وشهد الحزب الإسلامي أخيراً جدلاً حول الانفتاح على الولايات المتحدة التي زارها زعيمه الدكتور سعدالدين العثماني. في غضون ذلك، بدت أحزاب الغالبية، وعلى رأسها الاتحاد الاشتراكي والاستقلال، أكثر اطمئناناً لقرار وزارة الداخلية إنهاء نمط الاقتراع بالقوائم، بعد ان انضمت أحزاب – منها «العدالة والتنمية» وبعض فصائل المعارضة -إلى الاتجاه المنادي بالعودة الى الاقتراع الفردي. إلا ان الاتفاق النهائي على نمط الاقتراع سيتبلور بعد مناقشة قوانين الانتخابات في البرلمان في ضوء عرض خلاصات لجان تقنية وسياسية عُهد اليها درس الموضوع في مجاله التنظيمي. الى ذلك، شددت السلطات قبضتها في مواجهة تحركات جماعة «العدل والإحسان» المحظورة التي تنظم لقاءات ضمن ما يعرف بـ «الأبواب المفتوحة». وتقول السلطات ان هذه اللقاءات التي تُعقد في مقرات سكنية «غير مرخصة»، ولجأت الى تشميع أعداد منها في مدن مغربية مثل وجدة والسعيدية. كما حققت مع عدد كبير من المنتسبين الى «العدل والإحسان» وأفرجت عنهم بعد ذلك. وذكرت مصادر رسمية ان السلطات أقرت خطة لتطويق النشاطات غير المرخص بها، فيما لوحظ ان «العدل والإحسان» زادت في حدة تحركاتها المتزامنة مع ما تصفه بـ «قوة 2006» التي بشّرت بها مناصريها ضمن ما يُعرف بالرؤى. لكن علماء وصفوا الأمر بأنه مجرد «بدعة» لا علاقة لها بالإسلام ومضمون العقيدة التي تحظر التكهن بالغيب. وأقرت محكمة الاستئناف في الرباط أحكاماً صدرت في وقت سابق ضد نشطاء في «العدل والإحسان» ضمنهم كريمة مرشد الجماعة الشيخ عبدالسلام ياسين وبعض أصهاره، بسبب تظاهرات وُصفت بأنها تسببت في الإخلال بالأمن العام وعرقلة السير. وبرّأت المحاكمة ثلاثة من المتهمين. وتعود وقائع القضية الى نهاية عام 2000 في تظاهرات بمناسبة اليوم العالمي لحقوق الإنسان. (المصدر: صحيفة الحياة الصادرة يوم 13 جوان 2006)
مصر: نائب يطالب بإعلان الذمة المالية للرئيس
القاهرة – محمد صلاح وجه نائب في مجلس الشعب المصري بياناً إلى رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة ورئيس البرلمان، للمطالبة بإعلان الذمة المالية للرئيس حسني مبارك ومصادر ثروته، بعدما أعلن تبرعه بأجهزة طبية لمستشفيات يصل ثمنها إلى 20 مليون جنيه. وتساءل النائب عن حزب «الكرامة العربية» (تحت التأسيس) سعد عبود عن كيفية تدبير الرئيس هذه الأموال، على رغم أن الدستور يمنع ممارسته أي نشاط تجاري خلال فترة رئاسته التي دخلت عامها السادس والعشرين. لكن رئيس البرلمان أحمد فتحي سرور رفض طلب عبود، مشدداً على «عدم خضوع أعمال رئيس الجمهورية لرقابة مجلس الشعب» الذي تنحصر رقابته على السلطة التنفيذية في مراقبة أعمال الحكومة. واعتبر أن «النائب عبود وقع في خطأ دستوري بتقديمه البيان العاجل لرئيس الجمهورية». وقال وزير الشؤون القانونية الدكتور مفيد شهاب إن بيان عبود «أتاح للحكومة الفرصة للتعبير عن شكرها للفتة الكريمة من الرئيس». غير أن وزارة الصحة نفت في بيان أن تكون الأجهزة الطبية الأربعة من المال الخاص للرئيس مبارك. وقال مسؤول في الوزارة إن الرئيس كان «وجه مجلس الدفاع الوطني بتدبير الأجهزة من الموازنة الخاصة بالمستشفى التابعة للمجلس وأن لجنة شكلت لتنفيذ توجيهات الرئيس». إلى ذلك، رفضت الحكومة اقتراحاً قدمه النائب عن الحزب الوطني الحاكم هشام مصطفى خليل، لإنشاء جهاز مستقل لمكافحة الإشاعات تابع لرئاسة الجمهورية، معتبرة أن إنشاء جهاز جديد يؤدي الى تداخل الاختصاصات وزيادة الأعباء الادارية. (المصدر: صحيفة الحياة الصادرة يوم 14 جوان 2006)
زيادة المنتجات الحلال في أوروبا
باريس – أرليت خوري يفتتح «معرض مأكولات العالم» السنوي أبوابه اليوم في بورت دو فرساي في باريس، ويتضمن للسنة الثالثة على التوالي جناحاً خاصاً بالمنتجات الحلال التي بدأت سوقها تنمو في أوروبا لتتجاوز بحسب بعض التقديرات خمسة بلايين يورو سنوياً. وتشارك في الجناح المخصص للمأكولات الحلال نحو مائتي شركة عالمية، لا تكتفي بعرض منتجاتها بل تضع كذلك خبراتها في تصرف الراغبين بالاطلاع على المواصفات التي ينبغي أن تتوافر في هذه المنتجات المطلوبة من أكثر من بليوني مستهلك في العالم. وأشار منظمو المعرض إلى أن عدد زبائن المنتجات الغذائية الحلال في أوروبا تجاوز 20 مليون شخص، بينهم سبعة ملايين في فرنسا وحدها. وقدروا نمو الطلب على هذه المنتجات في العالم بنحو خمسة في المائة كل سنة، مؤكدين أن مستهلكيها الأوروبيين ينفقون خمسة بلايين دولار في السنة على شرائها. (المصدر: صحيفة الحياة الصادرة يوم 14 جوان 2006)
(في ذكرى صدوره: 16 جمادى الأولى 931هـ)
الأندلس.. مرسوم بتنصير المسلمين!
أحمد تمام سقطت غرناطة –آخر قلاع المسلمين في إسبانيا- سنة (897هـ=1492م)، وكان ذلك نذيرًا بسقوط صرح الأمة الأندلسية الديني والاجتماعي، وتبدد تراثها الفكري والأدبي، وكانت مأساة المسلمين هناك من أفظع مآسي التاريخ؛ حيث شهدت تلك الفترة أعمالاً بربرية وحشية ارتكبتها محاكم التحقيق (التفتيش)؛ لتطهير أسبانيا من آثار الإسلام والمسلمين، وإبادة تراثهم الذي ازدهر في هذه البلاد زهاء ثمانية قرون من الزمان. وهاجر كثير من مسلمي الأندلس إلى الشمال الإفريقي بعد سقوط مملكتهم؛ فرارًا بدينهم وحريتهم من اضطهاد النصارى الأسبان لهم، وعادت أسبانيا إلى دينها القديم، أما من بقي من المسلمين فقد أجبر على التنصر أو الرحيل، وأفضت هذه الروح النصرانية المتعصبة إلى مطاردة وظلم وترويع المسلمين العزل، انتهى بتنفيذ حكم الإعدام ضد أمة ودين على أرض أسبانيا. ونشط ديوان التحقيق أو الديوان المقدس الذي يدعمه العرش والكنيسة في ارتكاب الفظائع ضد الموريسكيين (المسلمين المتنصرين)، وصدرت عشرات القرارات التي تحول بين هؤلاء المسلمين ودينهم ولغتهم وعاداتهم وثقافتهم، فقد أحرق الكردينال “خمينس” عشرات الآلاف من كتب الدين والشريعة الإسلامية، وصدر أمر ملكي يوم (22 ربيع أول 917هـ=20 يونيو 1511) يلزم جميع السكان الذي تنصروا حديثًا أن يسلموا سائر الكتب العربية التي لديهم، ثم تتابعت المراسيم والأوامر الملكية التي منعت التخاطب باللغة العربية وانتهت بفرض التنصير الإجباري على المسلمين، فحمل التعلق بالأرض وخوف الفقر كثيرًا من المسلمين على قبول التنصر ملاذًا للنجاة، ورأى آخرون أن الموت خير ألف مرة من أن يصبح الوطن العزيز مهدًا للكفر، وفر آخرون بدينهم، وكتبت نهايات متعددة لمأساة واحدة هي رحيل الإسلام عن الأندلس. محاكم التحقيق توفي فرناندو الخامس ملك إسبانيا في (17 ذي الحجة 921هـ=23 يناير 1516م) وأوصى حفيده شارل الخامس بحماية الكاثوليكية والكنيسة واختيار المحققين ذوي الضمائر الذين يخشون الله لكي يعملوا في عدل وحزم لخدمة الله، وتوطيد الدين الكاثوليكي، كما يجب أن يسحقوا طائفة محمد! وقد لبث “فرناندو” زهاء عشرين عامًا بعد سقوط الأندلس ينزل العذاب والاضطهاد بمن بقي من المسلمين في أسبانيا، وكانت أداته في ذلك محاكم التحقيق التي أنشئت بمرسوم بابوي صدر في (رمضان 888هـ= أكتوبر 1483م) وعين القس “توماس دي تركيمادا” محققًا عامًا لها ووضع دستورًا لهذه المحاكم الجديدة وعددًا من اللوائح والقرارات. وقد مورست في هذه المحاكم معظم أنواع التعذيب المعروفة في العصور الوسطى، وأزهقت آلاف الأرواح تحت وطأة التعذيب، وقلما أصدرت هذه المحاكم حكمًا بالبراءة، بل كان الموت والتعذيب الوحشي هو نصيب وقسمة ضحاياها، حتى إن بعض ضحاياها كان ينفذ فيه حكم الحرق في احتفال يشهده الملك والأحبار، وكانت احتفالات الحرق جماعية، تبلغ في بعض الأحيان عشرات الأفراد، وكان فرناندو الخامس من عشاق هذه الحفلات، وكان يمتدح الأحبار المحققين كلما نظمت حفلة منها. وبث هذا الديوان منذ قيامه جوًا من الرهبة والخوف في قلوب الناس، فعمد بعض هؤلاء الموريسكيين إلى الفرار، أما الباقي فأبت الكنيسة الكاثوليكية أن تؤمن بإخلاصهم لدينهم الذي أجبروا على اعتناقه؛ لأنها لم تقتنع بتنصير المسلمين الظاهري، بل كانت ترمي إلى إبادتهم. شارل الخامس والتنصير الإجباري تنفس الموريسكيون الصعداء بعد موت فرناندو وهبت عليهم رياح جديدة من الأمل، ورجوا أن يكون عهد “شارل الخامس” خيرًا من سابقه، وأبدى الملك الجديد –في البداية- شيئًا من اللين والتسامح نحو المسلمين والموريسكيين، وجنحت محاكم التحقيق إلى نوع من الاعتدال في مطاردتهم، وكفت عن التعرض لهم في أراجون بسعي النبلاء والسادة الذين يعمل المسلمون في ضياعهم، ولكن هذه السياسة المعتدلة لم تدم سوى بضعة أعوام، وعادت العناصر الرجعية المتعصبة في البلاط وفي الكنيسة، فغلبت كلمتها، وصدر مرسوم في (16 جمادى الأولى 931هـ=12 مارس 1524م) يحتم تنصير كل مسلم بقي على دينه، وإخراج كل من أبى النصرانية من إسبانيا، وأن يعاقب كل مسلم أبى التنصر أو الخروج في المهلة الممنوحة بالرق مدى الحياة، وأن تحول جميع المساجد الباقية إلى كنائس. ولما رأى الموريسكيون هذا التطرف من الدولة الإسبانية، استغاثوا بالإمبراطور شارل الخامس، وبعثوا وفدًا منهم إلى مدريد ليشرح له مظالمهم، فندب شارل محكمة كبرى من النواب والأحبار والقادة وقضاة التحقيق، برئاسة المحقق العام لتنظر في شكوى المسلمين، ولتقرر ما إذا كان التنصير الذي وقع على المسلمين بالإكراه، يعتبر صحيحًا ملزمًا، بمعنى أنه يحتم عقاب المخالف بالموت. وقد أصدرت المحكمة قرارها بعد مناقشات طويلة، بأن التنصير الذي وقع على المسلمين صحيح لا تشوبه شائبة؛ لأن هؤلاء الموريسكيين سارعوا بقبوله اتقاء لما هو شر منه، فكانوا بذلك أحرارًا في قبوله. وعلى أثر ذلك صدر أمر ملكي بأن يرغم سائر المسلمين الذين تنصروا كرهًا على البقاء في أسبانيا، باعتبارهم نصارى، وأن ينصر كل أولادهم، فإذا ارتدوا عن النصرانية، قضى عليهم بالموت أو المصادرة، وقضى الأمر في الوقت نفسه، بأن تحول جميع المساجد الباقية في الحالة إلى كنائس. وكان قدر هؤلاء المسلمين أن يعيشوا في تلك الأيام الرهيبة التي ساد فيها إرهاب محاكم التحقيق، وكانت لوائح الممنوعات ترد تباعًا، وحوت أوامر غريبة منها: حظر الختان، وحظر الوقوف تجاه القبلة، وحظر الاستحمام والاغتسال، وحظر ارتداء الملابس العربية. ولما وجدت محكمة تفتيش غرناطة بعض المخالفات لهذه اللوائح، عمدت إلى إثبات تهديدها بالفعل، وأحرقت اثنين من المخالفين في (شوال 936هـ=مايو 1529م) في احتفال ديني. الموريسكيون وشارل الخامس كان لقرارات هذا الإمبراطور أسوأ وقع لدى المسلمين، وما لبثت أن نشبت الثورة في معظم الأنحاء التي يقطنونها في سرقسطة وبلنسية وغيرهما، واعتزم المسلمون على الموت في سبيل الدين والحرية، إلا أن الأسبان كانوا يملكون السلاح والعتاد فاستطاعوا أن يخمدوا هذه الثورات المحلية باستثناء بلنسية التي كانت تضم حشدًا كبيرًا من المسلمين يبلغ زهاء (27) ألف أسرة، فإنها استعصت عليهم، لوقوعها على البحر واتصالها بمسلمي المغرب. وقد أبدى مسلمو بلنسية مقاومة عنيفة لقرارات التنصير، ولجأت جموع كبيرة منهم إلى ضاحية (بني وزير)، فجردت الحكومة عليهم قوة كبيرة مزودة بالمدافع، وأرغمت المسلمين في النهاية على التسليم والخضوع، وأرسل إليهم الإمبراطور إعلان الأمان على أن يتنصروا، وعدلت عقوبة الرق إلى الغرامة، وافتدى الأندلسيون من الإمبراطور حق ارتداء ملابسهم القومية بمبلغ طائل. وكانت سياسة التهدئة من شارل الخامس محاولة لتهدئة الأوضاع في جنوب الأندلس حتى يتفرغ للاضطرابات التي اندلعت في ألمانيا وهولندا بعد ظهور مارتن لوثر وأطروحاته الدينية لإصلاح الكنيسة وانتشار البروتستانتية؛ لذلك كان بحاجة إلى توجيه كل اهتمامه واهتمام محاكم التحقيق إلى “الهراطقة” في شمال أوروبا، كما أن قيام محاكم التحقيق بما يفترض أن تقوم به كان يعني إحراق جميع الأندلسيين؛ لأن الكنيسة تدرك أن تنصرهم شكلي لا قيمة له، يضاف إلى ذلك أن معظم المزارعين الأندلسيين كانوا يعملون لحساب النبلاء أو الكنيسة، وكان من مصلحة هؤلاء الإبقاء على هؤلاء المزارعين وعدم إبادتهم. وكان الإمبراطور شارل الخامس حينما أصدر قراره بتنصير المسلمين، وعد بتحقيق المساواة بينهم وبين النصارى في الحقوق والواجبات، ولكن هذه المساواة لم تتحقق قط، وشعر هؤلاء أنهم ما زالوا موضع الريب والاضطهاد، ففرضت عليم ضرائب كثيرة لا يخضع لها النصارى، وكانت وطأة الحياة تثقل عليهم شيئًا فشيئًا، حتى أصبحوا أشبه بالرقيق والعبيد، ولما شعرت السلطات بميل الموريسكيين إلى الهجرة، صدر قرار في سنة (948هـ=1514م)، يحرم عليهم تغيير مساكنهم، كما حرم عليهم النزوح إلى بلنسية التي كانت دائمًا طريقهم المفضل إلى الهجرة، ثم صدر قرار بتحريم الهجرة من هذه الثغور إلا بترخيص ملكي، نظير رسوم فادحة. وكان ديوان التحقيق يسهر على حركة الهجرة ويعمل على قمعها بشدة. ولم تمنع هذه الشدة من ظهور اعتدل من الإمبراطور في بعض الأوقات، ففي سنة (950هـ=1543م) أصدر عفوًا عن بعض المسلمين المتنصرين؛ تحقيقًا لرغبة مطران طليطلة، وأن يسمح لهم بتزويج أبنائهم وبناتهم من النصارى الخلص، ولا تصادر المهور التي دفعوها للخزينة بسبب الذنوب التي ارتكبوها. وهكذا لبثت السياسة الأسبانية أيام الإمبراطور شارل الخامس (922هـ=1516م) حتى (963هـ=1555م) إزاء الموريسكيين تتردد بين الشدة والقسوة، وبين بعض مظاهر اللين والعفو، إلا أن هؤلاء المسلمين تعرضوا للإرهاق والمطاردة والقتل ووجدت فيهم محاكم التحقيق الكنسية مجالاً مفضلاً لتعصبها وإرهابها. الألخمادو وكانت الأمة الأندلسية خلال هذا الاستشهاد المحزن، الذي فرض عليها تحاول بكل وسيلة أن تستبقي دينها وتراثها، فكان الموريسيكيون بالرغم من دخولهم في النصرانية يتعلقون سرًا بالإسلام، وكثير منهم يؤدون شعائر الإسلام خفية، وكانوا يحافظون على لغتهم العربية، إلا أن السياسة الإسبانية فطنت إلى أهمية اللغة في تدعيم الروح القومية؛ لذلك أصدر الإمبراطور شارل الخامس سنة ( 932 هـ=1526م) أول قانون يحرم التخاطب بالعربية على الموريسكيين، ولكنه لم يطبق بشدة؛ لأن هؤلاء الموريسكيين دفعوا له (100) ألف دوقة حتى يسمح لهم بالتحدث بالعربية، ثم أصدر الإمبراطور فيليب الثاني سنة (964هـ1566م) قانونًا جديدًا يحرم التخاطب بالعربية، وطبق بمنتهى الشدة والصرامة، وفرضت القشتالية كلغة للتخاطب والتعامل، ومع ذلك وجد الموريسكيون في القشتالية متنفسًا لتفكيرهم وأدبهم، فكانوا يكتبونها سرًا بأحرف عربية، وأسفر ذلك بمضي الزمن عن خلق لغة جديدة هي “الألخميادو” وهي تحريف إسباني لكلمة “الأعجمية”، ولبثت هذه اللغة قرنين من الزمان سرًا مطمورًا، وبذلك استطاعوا أن يحتفظوا بعقيدتهم الإسلامية، وألف بها بعض الفقهاء والعلماء كتبًا عما يجب أن يعتقد المسلم ويفعله حتى يحتفظ بإسلامه، وشرحوا آيات القرآن باللغة الألخميادية وكذلك سيرة النبي صلى الله عليه وسلم، وكان من أشهر كتاب هذه اللغة الفقيه المسمى “فتى أبيرالو” وهو مؤلف لكتب التفسير، وتلخيص السنة، ومن الشعراء محمد ربدان الذي نظم كثيرًا من القصائد والأغنيات الدينية؛ وبذلك تحصن الموريسيكيون بمبدأ “التقية” فصمدوا في وجه مساعي المنصرين الذين لم تنجح جهودهم التبشيرية والتعليمية والإرهابية في الوصول إلى تنصير كامل لهؤلاء الموريسيكيين، فجاء قرار الطرد بعد هذه الإخفاقات. ولم تفلح مساعي الموريسيكيين في الحصول على دعم خارجي فعال من الدولة العثمانية أو المماليك في مصر، رغم حملات الإغارة والقرصنة التي قام بها العثمانيون والجزائريون والأندلسيون على السفن والشواطئ الأسبانية، ودعم الثوار الموريسيكيين. واستمرت محاكم التحقيق في محاربة هؤلاء المسلمين طوال القرن السادس عشر الميلادي، وهو ما يدل على أن آثار الإسلام الراسخة في النفوس بقيت بالرغم من المحن الرهيبة وتعاقب السنين، ولعل من المفيد أن نذكر أن رجلاً أسبانيًا يدعى “بدية” توجه إلى مكة المكرمة لأداء فريضة الحج سنة (1222هـ=1807م) أي بعد 329 سنة من قيام محاكم التحقيق. مصادر الدراسة: * محمد عبد الله عنان –نهاية الأندلس وتاريخ العرب المتنصرين- مكتبة الخانجي – القاهرة الطبعة الرابعة 1408هـ=1987م. * عادل سعيد بشتاوي – الأندلسيون المواركة – القاهرة – الطبعة الأولى 1403هـ=1983م. * ليونارد باتريك هارفي – تاريخ الموريسكيين السياسي والاجتماعي والثقافي. (دراسة في كتاب الحضارة العربية في الأندلس التي أشرفت على إعدادها الدكتور سلمى الخضراء الجيمي). مركز دراسات الوحدة العربية – بيروت – الطبعة الأولى 1419-1998. * نبيل عبد الحي رضوان – جهود العثمانيين لإنقاذ الأندلس واسترداده – مكتبة الطالب الجامعي – مكة المكرمة – الطبعة الأولى 1408هـ=1988. (المصدر: موقع إسلام أون لاين.نت بتاريخ 13 جوان 2006)
Home – Accueil – الرئيسية