TUNISNEWS
6 ème année, N° 2109 du 01.03.2006
المجلس الوطني للحريات بتونس: بعد إطلاق سراح عدد من المساجين السياسيّين,لابدّ من وقف كلّ الذرائع لمصادرة الحريات
المرصد الوطني لحرية الصحافة والنشر والإبداع : إطلاق سراح حمادي الجبالي وسجناء الانترنت: شبان جرجيس وشبان أريانة لجنة حماية الصحفيين: الإفراج عن صحفي تونسي بعد 15 عاما ؛ في حين مازال آخر محتجزاً الهيئة الوطنية للمحامين: بيــان عـــــ30ــدد الشباب العربي البعثي- تونس: بيـــان رويترز: معارض تونسي بارز: الاسلام معطى لايمكن ان تلغيه الانظمة العربية
رويترز: الجزائر تقول انها ستفرج عن الفي مقاتل اسلامي سابق في اطار عفو قدس برس: حكم بـ 106 سنة سجنا على عصابة مهربين من تونس إلى إيطاليا لطفي حجي: مناهضو العولمة بتونس يسعون لتنظيم جهودهم العربية.نت: صحيفة تونسية… د صبري تتعرض لـ”التكفير” بعد كتابة “فاجرة” على ملصقات “ويجا” الصباح: الأسرة التونسية: الاستقلال في السّكن… انخفاض نسبة الزواج بين الأقارب… وتقلّص حجم الأسرة أبرز التحوّلات الطارئة على الأسرة الشرق الأوسط: نا تونس».. ولكن من وسط بيروت ابن الأغلب: بعد رحيل الشيخ العلامة عبد الرحمان خليف رحمه الله .. شيء من التاريخ الحبيب أبو وليد المكني: ما ضاع حق وراءه طالب – تعليق على هامش العفو الرئاسي الأخير عبدالحميد العدّاسي: البلّ تمشي على كبارها
رابح الخرايفي: ضعف أحزاب المعارضة في تونس افتتاحية الموقف: شعب في خدمة الحكومة الموقف:السلطة تُضيَق الخناق على هيئة 18 أكتوبر فتحي التوزري: أخفقت الحكومة حيث كانت تريد التميّز الهادي بريك: التخطيط للمستقبل قوة إيمان وثمرة توكل ويقين وأمل سويس إنفو : رير: ملاجئ تحتجز فيها نساء ليبيات لا تختلف عن السجون اسماعيل هنية يؤكد لـ «الشروق» : لن نعترف بإسرائيل.. ولن نرضخ لأي ضغط أو ابتزاز إسلام أون لاين: ضية الحجاب”: رسوم بفرنسا لا تمس المقدسات محمد كريشان:أطوار بهجت البشير التنجال: رايس في مضاربنا.. فأين النوق والجمال! عثمان صادق شريحة: تغول الصراع الدولي حازم صاغيّة:نماذج عربيّة؟
Pour afficher les caractères arabes suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe ( Windows ) To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic (Windows).
|
بعد إطلاق سراح عدد من المساجين السياسيّين لابدّ من وقف كلّ الذرائع لمصادرة الحريات
إطلاق سراح حمادي الجبالي وسجناء الانترنت: شبان جرجيس وشبان أريانة
الإفراج عن صحفي تونسي بعد 15 عاما ؛ في حين مازال آخر محتجزاً
* وفد أمريكي
يؤدي وفد أمريكي متكون من أربعة قادة مدنيين من ولاية وايومينغ الأمريكية زيارة الى تونس من يوم 26 جانفي الى غاية 2 مارس. وتندرج هذه الزيارة في نطاق برنامج الشراكة مع
الولاية التابع للحرس الوطني الأمريكي
الذي انطلقت فعاليته منذ سنة خلت. ويهدف هذا البرنامج الى خلق روابط متينة بين ولاية وايومينغ وتونس ويشمل عدة مجالات للتعاون في الميدان العسكري والمدني. (المصدر: صحيفة الشروق التونسية الصادرة يوم 1 مارس 2006) دورة ينظم المعهد العربي لحقوق الانسان دورة تدريبية في مجال «إدارة المنظمات والتخطيط الاستراتيجي للمنظمات غير الحكومية التونسية» وذلك في الفترة من 02/25 الى 2006/03/01 بمدينة الحمامات في «فندق جولدن ياسمين مهاري» في الجمهورية التونسية. وتهدف هذه الدورة الى تعزيز قدرات المشاركات والمشاركين في مجال الادارة و التخطيط للمشاريع والبحث عن التمويل لمنظماتهم. ويشارك في هذه الدورة 15 مشاركا ومشاركة من عدد من الجمعيات التونسية العاملة في مجال حقوق الانسان والمرأة والطفل والتنمية. (المصدر: صحيفة الشروق التونسية الصادرة يوم 1 مارس 2006)
خالد (صحافي): عائق نفسي ومادي
* تونس ـ «الشروق» السيد خالد صحافي في وكالة تونس افريقيا للأنباء منذ أكثر من 26 سنة، بحكم تجربته الطويلة تحدّث عن شواغل القطاع قائلا: «تبقى الوضعية المادية للصحفي (في بعض المؤسسات ليس كلها) في حاجة الى المراجعة والتحسين نحو الأفضل بما يتماشى وبما يستجيب لمتطلّبات العمل في اعتقادي أن الصحفي عندما يلهث وراء تحسين أوضاعه المادية فإن ذلك سينعكس سلبا على مردوديته. صحيح قد يعطيك انتاجا ولكنه لايقدر أن يعطيك ابداعا وفي غياب الابداع لا يتطوّر القطاع. الى هذا فإن الصحافي في تونس يشكو من عوائق نفسية فهو يشعر بنوع من النقص إزاء الاعلام الغربي والخارجي بصفة عامة وعلينا تجاوز هذا العائق النفسي لأنه لا شيء ينقصنا فلنا من الكفاءات والقدرات الشيء الكثير والمهم توفير الارضية الملائمة وتحسين ظروف العمل». (المصدر: ركن “مهنة وشواغل” بصحيفة الشروق التونسية الصادرة يوم 1 مارس 2006)
معارض تونسي بارز: الاسلام معطى لايمكن ان تلغيه الانظمة العربية
الجزائر تقول انها ستفرج عن الفي مقاتل اسلامي سابق في اطار عفو
الحكم بـ 106 سنة سجنا على عصابة مهربين من تونس إلى إيطاليا
مناهضو العولمة بتونس يسعون لتنظيم جهودهم
تونس – لطفي حجي
تستعد مجموعة من المنظمات غير الحكومية في تونس لإعلان المنتدى الاجتماعي التونسي تأسيا بالمنتدى الاجتماعي العالمي لمناهضة العولمة وآثار الليبرالية الجديدة على الأوضاع المعيشية خاصة بالدول الفقيرة. جاء ذلك بعد أن شهدت تونس مؤخرا اجتماعا ضم 63 ممثلا عن جمعيات حقوقية واجتماعية اتفقوا خلاله على القواعد العامة للمنتدى، وقرروا أن يكون يوم الرابع والعشرين من أبريل/ نيسان المقبل يوم الإعلان عن ميلاد المنتدى الاجتماعي التونسي. ويصادف هذا التاريخ يوم مناهضة الإمبريالية.
ومن المنتظر أن يسبق الإعلان اجتماعا تحضيريا يوم 26 مارس/ آذار المقبل للنظر في تقدم عمل اللجان التحضيرية التي تم تشكيلها سابقا ولضبط النصوص والمواقف النهائية للمنتدى.وبشأن شروط انخراط المنظمات في هذا المنتدى قال عبد الرحمن الهذيلي منسق اللجنة التحضيرية للمنتدى للجزيرة نت إن الانتماء للمنتدى يكون على أساس ما بات يعرف بميثاق (بورتو أليغرو) المدينة البرازيلية التي شهدت ميلاد المنتدى الاجتماعي العالمي، الذي يشترط استقلال المنظمات عن الحكومات، و مناهضتها لسياسات الليبرالية الجديدة.
وعن جدوى هذا المنتدى اليوم في الوقت الذي توجد في تونس منظمة عمالية كبيرة واسعة الانتشار تدافع عن حقوق العمال وتفاوض باسمهم، يرى الهذيلي أن هجمة الليبرالية الجديدة اليوم تتجاوز قدرات الاتحاد العام التونسي للشغل ودائرة اهتمامه إذ تمس دوائر أوسع تطال البطالة، والمهمشين، والهجرة السرية، والبيئة، والحريات الأساسية، والعديد من الملفات الأخرى المستحدثة مع نسق التطورات التي تشهدها المجتمعات الحديثة.
ويحرص ممثلو الجمعيات المنخرطة في المنتدى على التأكيد على أن المنتدى الجديد هو بمثابة الشبكة التي تضم الجهود النقابية والحقوقية والنسائية والاجتماعية والشبابية وغيرها، ويصفونه بأنه تجمع جديد أمام فشل التنظيمات القديمة من أحزاب ونقابات حزبية في الوقوف أمام ما يسمونه بالهجمة الليبرالية الشرسة.
وحسب النقاشات الدائرة بين المؤسسين من المنتظر أن يهتم المنتدى الجديد بمواجهة آثار العولمة على تونس من خلال الملفات التي يعتبرها ذات أولوية مثل: بحث ثغرات اتفاقيات الشراكة التي أبرمتها تونس وخاصة في قطاع النسيج الذي يعاني من صعوبات أدت إلى غلق عشرات المصانع وتسريح آلاف العمال، والهجرة السرية، وتزايد العاطلين، والحريات وحقوق الإنسان.و يأتي التحضير للإعلان عن المنتدى التونسي بعد أن تأسس المنتدى الاجتماعي المغربي وعقد دورتين، وبعد مساع في كل من الجزائر وموريتانيا للإعلان عن منتديين مماثلين.
وكان عدد هام من الجمعيات المغاربية قد عقد في نهاية شهر يناير/ كانون الثاني 2006 في مدينة بوزليقة بالمغرب جلسة عامة تمهيدا للإعلان عن المنتدى الاجتماعي المغاربي الذي حددت جلسته الأولى في شهر مايو/ أيار 2007 مع توصية بتشكيل المنتديات الاجتماعية في سائر البلدان المغاربية.
(*) مراسل الجزيرة نت
(المصدر: موقع الجزيرة.نت بتاريخ 28 فيفري 2006)
هند صبري تتعرض لـ”التكفير” بعد كتابة “فاجرة” على ملصقات “ويجا”
الأسرة التونسية:
الاستقلال في السّكن… انخفاض نسبة الزواج بين الأقارب… وتقلّص حجم الأسرة أبرز التحوّلات الطارئة على الأسرة
تونس ـ الصباح
تشير الدراسات الى ان بلادنا تعيش انعطافا حادا نحو الاندماج في الحداثة الاستهلاكية سواء كان ذلك على مستوى استهلاك السلع او الثقافة. هذا الانعطاف كان نتيجة حتمية لمختلف التحولات الاجتماعية التي عاشتها بلادنا خلال العقود الماضية.
هذه التحولات التي مست الاسرة التونسية ومختلف اشكال التآزر بين الاجيال كانت محور الحلقة الثانية من منتدى السكان والصحة الانجابية الذي نظمه اول امس الديوان الوطني للاسرة والعمران البشري والذي يعمد من خلاله الى دراسة المسائل المتعلقة بتحولات الاسرة التونسية.
تحولات الاسرة التونسية
استنادا الى المحاضرة التي القتها السيدة درة محفوظ الاستاذة المتخصصة في علم الاجتماع حول: «التعاون الاسري والانماط الجديدة للتآزر» ونتائج المسح التونسي لصحة الاسرة لسنة 2001 فان اهم التحولات التي طرأت على الاسرة التونسية تتمثل بالخصوص في استغلالية السكن عن العائلة الكبرى ذلك ان نتائج المسح تبين ان 74% من الاسر التونسية مستقلة في السكن عن العائلة الكبرى في حين ما يزال 22% من الاسر مرتبطة في السكن بأهل الزوج و4% فقط مرتبطة بأهل الزوجة.
لكن نسبة هامة من الاسر التونسية اي ما يقارب الـ 36% يبدأون حياتهم الاسرية بالسكن مع الاهل ثم ينتقلون الى مرحلة الاستقلالية عن العائلة الكبرى ويبدو هذا النزوع الى الاستقلال في السكن عن الاهل لدى الفئات الريفية اكثر منه لدى الفئات الحضرية.
التحول الثاني الهام الذي عرفته الاسرة التونسية يتمثل بالاخص في انخفاض نسبة الزواج بين الاقارب ذلك ان 58% من الاسر التونسية لا توجد فيها قرابة دموية بين الزوجين وهي نسبة في تزايد مستمر ويرجع الباحثون اسباب تقلص الزواج بين الاقارب الى التغيرات التي حدثت داخل الاسرة التونسية ذلك ان الاستقلال النسبي للاسرة النواة عم المجتمع التونسي وبدأت هذه الاستقلالية تؤتي اكلها على مستوى توجيه اختيارات الاسرة.
حجم الاسرة التونسية شهد ايضا تحولات جذرية ذلك انه ورغم المحافظة التامة على الرغبة في الانجاب لدى الزوجين خاصة عندما يكون لديهما طفل واحد لكن هذه الرغبة تخفت عندما يكون للاسرة طفلان وتكتفي المرأة مهما كان مستواها التعليمي ومهما كان تاريخها المهني بطفلين فقط في الاسرة ولا ترغب في مزيد الانجاب ويبقى جنس المولود المفضل سواء كان ذكرا او انثى مرتبطا بمدى تفتح المرأة وانخراطها في الحداثة.
التكافل والتآزر الاسري
يعد التكافل الاسري العمودي اي الذي يكون فيه للاباء واجب الاهتمام بابنائهم وايضا اهتمام الابناء بآبائهم احدى ابرز معايير اثبات مدى ترابط الاجيال ومدى استمرار مفهوم الواجب تجاه الاولياء والابناء ويتجسم هذا التكافل بالاساس على مستوى الدعم المادي ذلك ان الدراسات تثبت محافظة الابناء على الالتزام بواجباتهم تجاه اوليائهم وخاصة من الجانب المادي حتى بعد تكوين اسرهم الخاصة واستقلالهم السكني وهو ما يرسخ عقلية «الابن الاستثمار» الذي كانت الاجيال السابقة تحرص عليه.
وفي المقابل ما تزال عديد الاسر التونسية تتلقى الدعم من الاولياء سواء كان ذلك دعما ماديا قارا او ظرفيا ولكن يبقى الدعم الظرفي المرتبط بمناسبات وضغوطات حياتية معينة هو الاكثر تداولا داخل الاسرة التونسية خاصة في بداية تكوين الاسرة ذلك ان العائلة التونسية دائما تدعم ابناءها خلال السنوات الاولى للزواج هذا وتحافظ العائلات التونسية على التواصل فيما بينها وخاصة من جانب الابناء تجاه والديهم حتى وان زادت الاستقلالية في السكن لدى الابناء.
سامية الجبالي
(المصدر: جريدة الصباح التونسية الصادرة يوم 1 مارس 2006)
«هنا تونس».. ولكن من وسط بيروت

ابن الأغلب: بعد رحيل الشيخ العلامة عبد الرحمان خليف رحمه الله .. شيء من التاريخ
ما ضاع حق وراءه طالب –
تعليق على هامش العفو الرئاسي الأخير
الحبيب أبو وليد المكني
اتخذ الرئبس التونسي زين العابدين بن علي قرارا مفاجئا بالإفراج عن عدد كبير من المساجين كان من بينهم عشرات من مناضلي حركة النهضة في مقدمتهم المهندس حمادي الجبالي ، وهي خطوة لم يتأخر الجميع عن تثمينها و طلب المزيد من امثالها حتى نصحو يوما و لا يكون في بلادنا سجين راي واحد ، أولا مواطنا مهددا بفقدان حريته لأنه عبر عن راي لا يعجب السلطة او مجبرا على الهجرة بسبب حكم ظالم أو شبهة قد تعرضه إلى التعذيب و الترهيب …
هذه بعض آمالنا و أمانينا التي لا نعتقد أنها ستتحقق في ظل المعادلة السياسية القائمة ، و لعل ما يدل على صدق هذا الراي , أن عملية الإفراج هذه جاءت مثل سابقاتها في إطار حرص السلطة على إفراغ الإجراء من كل معنى سياسي . فالأشخاص الذين أطلق سراحهم بالعدد االأكبر هم مساجين حق عام ،و ليس من المستبعد أن يكون من بينهم عدد من المجرمين الذين سينتقلون للعمل مع أجهزة القمع لتنفيد ما يعرف بالمهام القذرة أما من كانوا يوصفون بمساجين الصبغة الخاصة فمن المنتظر أن يخضعوا لسياسة المحاصرة و الخنق كما هو حاصل مع اخينا عبد الله الزواري و علي العريض و غيرهما كثير …
و رغم أننا على يقين أننا في هذه الأيام متشوفون لأخبار سارة قد تأتي من ارض جامع عقبة حامعة الزيتونة تبشر بالإفراج عن بقية المناضلين و إخراجهم من تلك القبور التي صارت جزءا لا يتجزا من حياتهم . لا يمنعنا ذلك من التعبير عن الحقيقة التي علمتها لنا التجارب السابقة مع هذه السلطة المستبدة وهي أن الأمر على الأرجح ليس إلا محاولة لكسر النسق التصاعدي للنضالات التي أزمعت هيئة18 أكتوبر القيام بها قبل حلول الذكرى الخمسين للاستقلال ، بعد أن اثبتت أنها قادرة على تعككير المناسبات الرسمية على الشكل الذي تم اثناء انعقاد قمة مجتمع المعلومات في شهر نوفمبر الماضي …
فالواضح أن السلطة في تونس يقلقها أن يكثر الحديث عن انتهاكات حقوق الإنسان و المطالبة بإطلاق مئات المساجين السياسيين و لآ بد أنها تدرك أن المعارضة اليوم قادرة على تحريك جزء مؤثر من الشارع ، وهي لا تريد أن تمارس عادتها القديمة في قمع الناس و خاصة منهم الطلبةعلى الأقل في الأسابيع القليلة القادمة … و ليس ذلك كرها منها لتلك الأعمال الهمجية و لكن تجنبا للوقوع في الحرج امام وسائل الإعلام المختلفة
ورغم اننا لا ننكر أن يكون من أهم أسباب هذا القرار المفاجئ الطلب الذي تقدم به وزير الدفاع الأمريكي رامسفيلد نحسب أن عملية الإفراح هذه لم تكن إلا تفاعلا إضطراريا من السلطة مع ما أبدته هيئة 18 أكتوبر من إصرار على المضي قدما في النضال بما يتوفر من إمكانيات لتحقيبق التراكم النضالي اللازم الذي من الطبيعي أن ينتهي بتشجيع قطاعات جديدة من الشعب للالتحام بصفوف المعارضة .. فالنضال بإصرار مهما كان حجمه يحقق الانتصارات و لو كانت صغيرة و تلك أول عبرة نستخلصها في هذه المرحلة
تدرك السلطة أو بالأحرى الجماعة المتنفذة فيها “أن الغيث بيبدأ قطرا ثم ينهمر”وبالتالي فهي تحاول أن تتجنب نسقا تصاعديا في نضال الشارع التونسي بقيادة يمكن أن تحصل مع الوقت على مصداقية كبيرة تؤهلها لتصبح بديلا مقبولا في الداخل و الخارج
فالجماعة المتنفدة في السلطة فقدت القدرة على التجدد و التفاعل الإيجابي مع تطلعات الشعب منذ سنوات طويلة ، منذ أن سيطرت بعض العائلات على القرار السياسي و الاقتصادي بالتحالف مع شرائح ” من المحافظين الجدد” التونسيين الذين لا هم لهم إلا تحقيق المكاسب الشخصية بالبقاء قريبا من مواقع القرار ، و لو كان ثمن ذلك هو وضع أنفسهم في خدمة المخططات الدولية المشبوهة..
وهم يظنون أنهم بتطخيم أجهزة البوليس و ما يرتبط بها من الأتباع و إغراق المواطنين في الديون استجابة لرغبات استهلاكية ضررها أكبر من نفعها يمكنهم أن يرهنوا إرادة المواطن و صرف نظره عن الاهتمام بالشان العام ، وبمواصلة السياسة الهمجية و المحاصرة و الإذلال تجاه أبناء الحركة الإسلامية ، وممارسة خطاب التخويف و التخوين تجاه المعارضة الوطنية سينجحون في إسكات كل الأصوات و تكميم كل الأفواه .
و قد لوحظ في الأشهر الأخيرة أن الحديث أصبح متواصلا عن الخطوط الحمراء القديمة و الجديدة التي رسمتها السلطة لتحديد كيفبة التعامل مع مقومات المجتمع المدني ، فهناك التحريم المتواصل لحدوث أي نوع من التقارب مع رموز حركة النهضة رغم ما ابدته هذه الحركة من مرونة لا نجدها عند مثيلاتها من الحركات الإسلامية التي” تصول وتجول في بلدانها شرقا و غربا” ،و ذلك ليس إلا ترجمة عن شعور هذه الجماعة بأن ما اقترفته من جرائم أكبر من عفو أي حليم … و بالتالي عليها أن تؤخر يوم الحساب إلى أبعد ما يكون ، لذلك نراها تكثف من أعمالها الهمجية تجاه ضحاياها مع كل خبر يأتي من الخارج يسر به المؤمنون ، وعندما يفرض عليها قرار بالعفو على البعض منهم تعمل على إفراغ ذلك الإجراء من أي مضمون سياسي أو اجتماعي عن طريق فرض المراقبة الجهنمية و المحاصرة الفردية . و قد راينا كيف فعلت مع عبدالله الزواري و لسعد الجوهري و علي لعريض و غيرهم و قد سمعنا أحد أبواق هذه الجماعةالمتنفذة في السلطة برهان بسيس وهو يتحدث عن حركة النهضة على أساس أنها خط أحمر لأنها حسب زعمه حركة إرهابية انقلابية .
أما بقية أطراف المعارضة الوطنية فتعلم السلطة أن قوتها الأساسية تكمن في قدرتها على إقناع المجتمع الدولي بأن تونس يحكمها نظام شمولي يتخذ من شعارات الديمقراطية معطفا فظفاظا يستر به حقيقته الديكتاتورية ، و تعلم السلطة أيضا أن هذه المعارضة تحتفظ بعلاقات صداقة مع مكونات المجتمع المدني الأوروبي تستطيع بها فك العزلة عنها و تجعلها تتمتع بنوع من الحصانة ، لذلك نراها قد رسمت خطا أحمر جديدا يحرم على المعارضة ما تسميه بالاستقواء بالأجنبي ، وهي تعتقد أن مقولاتها في هذا الشأن قابلة للتسويق داخليا و خارجيا إذا ربطت ذلك بالوضع في العراق و لبنان و سورية … و يعبر عن هذا الخطاب بوضوع “القائم باعمال وكالة الاتصال الخارجي” برهان بسيس أيضا في كل مناسبة نراه فيها على شاشة التلفزة .
و نرجو أن نكون بهذه السطور القليلة قد ذكرنا بالمقومات الأساسية للنظام التونسي و طبيعة السياسة التي يتبعها منذ عقود حتى لا نتوهم مع كل قرار عفو أن هناك آفاق للحل الشامل قد فتحت و نبقى فترة من الزمن في حالة انتظار المزيد من الإجراءات الإيجابية التي لا تأتي و لكن في الأثناء يحقق النظام هدفه في المزيد من إحكام السيطرة على المجتمع ، و يكتشف ما استتر من أوراق رابحة لدينا لنجد أنفسنا قد عدنا إلىالمربع الأول الذي انطلقنا منه و تستمر الدائرة الجهنمية …
و لا يعني ذلك ابدا أننا لا نفرح بخبر إطلاق سراح سجين حتى و إن كان من سجناء الحق العام ، لأنه حدث سعيد سيعيد تونسيا إلى عائلته المشتاقة إليه ، و عندما يكون المسرح أخا عزيزا علينا نشترك معه في الراي و الأمل ، لا بد أم تكون الفرحة اكبر، بيد أن الفرحة هذه لا يجب أن تنسينا واجبنا الذي توافقنا على القيام به وهو التصدي للاستبداد و الديكتاتورية و تفويت الفرصة عليه حتى لا يحقق أهدافه اللعينة في غفلة منا ..
وعلى هذا الأساس فمن رأينا أن تتواصل تعبئة الشعب على النضال بالأشكال التي يحتملها الظرف و الرجال ” و على قدر أهل العزم تأتي العزائم … و تأتي على قدر الكرام المكارم ” و خاصة في هذه الأسابيع القليلة التي تستعد فيها البلاد لإحياء ذكرى استقلالها الخمسين ، فليس من المقبول ابدا أن تمر هذه الذكرى و خيرة من أبناء تونس تقبع في السجون المظلمة من أمثال عبد الكريم الهاروني و العجمي الوريمي و محمد صالح قسومة و الصادق شورو و الشيخ العكروت و الحبيب اللوز و محمد عبو و غيرهم كثير من الأفاضل الكرام …
و عندما يُفرض قرار الإفراج عن هؤلاء سيكون لهذا الحدث حديث آخر …
و ما ضاع حق وراءه طالب
الحبيب أبو وليد المكني
BENALIM17@YAHOO.FR
البلّ تمشي على كبارها
رابح الخرايفي: ضعف أحزاب المعارضة في تونس
ان ضعف أحزاب المعارضة في تونس يمثل أزمة لا لهـذه الأحزاب فحسب، وإنما للنظام الديمقراطي برمته، لان من شأن استمرار هـذا الضعف ، يحدث خللاً في البنيان السياسي، و يفتح الباب لقيام ” ديكتاتورية ” الحزب الحاكم ( الحزب الاشتراكي الدستوري ثم التجمع الدستوري الديمقراطي ) ، الذي هو خطر ينبغي الحذر منه ودرؤه. هذه خلاصة علمناها في دراسة القانون الدستوري، بالسنة الأولى في كلية الحقوق .
إن قوة النظام الديمقراطي تقاس بأمور عدة، بينها قوة أحزاب المعارضة التي تعمل تحت سقفه، الأمر الذي يحفظ للنظام توازنه ويوفر للمجتمع البدائل اللازمة التي تضمن له الاستقرار والنجاح، كما تؤمن إمكانية تداول السلطة سلمياً.
رابح الخرايفي
افتتاحية
شعب في خدمة الحكومة
في الأنظمة الديمقراطية تنبثق الحكومات من انتخابات حرة وشفافة يسودها التنافس ويكون البقاء فيها للأصلح طبقا لما يرده الشعب، أما في تونس فالحكومة تعتبر أنها تمنَ على الشعب ببقائها متربعة في كرسي الحكم وأن كل ما تفعله هو من كرم عطاءاتها التي يمكن أن تحجبها عن الشعب في أي وقت فيتشرد ويضيع بين سيقان القوى الكبرى.
العمل التنموي في تونس ليس واجبا تقوم به الحكومة استعدادا لمحاسبة شعبية دورية في كل استحقاق إنتخابي، وإنما هو عمل خارق تستحق عليه التنويه والعرفان بالجميل وربما حتى تقبيل أيدي من أنجزه. حصل ذلك في عدة مناسبات فتُدق الطبول الإعلامية لافتتاح جامعة أو إنجاز جسر أو إقامة مستشفى في ولاية من الولايات، وكأن العالم من حولنا لا يبني يوميا مئات الكليات والجسور والمستشفيات. وعلى هذا المنوال تم التعامل مع القسط الأول من الطريق السيارة تونس – وادي الزرقاء وكأنه أمر خارق لا يمكن أن تأتيه إلا حكومتنا العتيدة. ارتفعت المباخر بسحب من البخور الكثيف وأرعدت طبول التسبيح في البرافدا وأخواتها لتُقنعنا بأن هذه الستة وستين كيلومترا تفرض علينا ستا وستين آية من آيات العرفان.
في بلد مستقل منذ نصف قرن ويتميز بتضاريسه السهلية كان يُفترض أن يبدأ التخطيط لمثل هذا المشروع منذ نصف قرن لإنهاء العزلة التي عانى منها أهل الشمال الغربي، أو على الأقل بعد تأسيس اتحاد المغرب العربي في 1989 بحيث تكون الطريق السيارة جاهزة في بواكيرالتسعينات وليس اليوم. كما كان المفروض أن تُستكمل الطريق السيارة مساكن – صفاقس، التي لم يُشرع في شقَها إلا مؤخرا، مباشرة بعد الإنتهاء من إنشاء قسط الحمامات – مساكن أي منذ أكثر من عشر سنوات. مع ذلك ستطلب الحكومة بعد استكمال القسط المؤدي إلى صفاقس من الشعب أن يخرج في فرحة عارمة ليوقد أصابعه شمعا عرفانا للحكومة.
هذا الأسلوب الذي عفا عليه الزمن منذ أن طوى تحت إبطه جدار برلين ، ينسجم مع نظرة الحكم للشعب بوصفه ليس حرا ولا سيدا ولا يستحق سوى الوصاية، ولذلك فهو تسوسه بالعصا وليس بالقانون والعدل.
رشيد خشانة
(المصدر: صحيفة الموقف الأسبوعية، العدد 348 بتاريخ 25 فيفري 2006)
السلطة تُضيَق الخناق على هيئة 18 أكتوبر
طوقت قوات كبيرة من رجال الأمن بالزي المدني صباح الثلاثاء الماضي مقر الحزب الديمقراطي التقدمي حيث كان مقررا عقد مؤتمرصحفي ومنعت أعضاء هيئة 18 أكتوبر من الإقتراب منه ما عدا قيادات الحزب والأمين العام للتكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات الدكتور مصطفى بن جعفر. وبعدما جادل أعضاء الهيئة رجال الأمن بكون قطعهم الطرق المؤدية للمقر غير قانوني ومطالبتهم إياهم بالإستظهار بقرار منع المؤتمر الصحفي للطعن فيه لدى المحاكم المختصة، توترت الأجواء وتم الإعتداء على عدد من الشخصيات التي كانت تحاول الوصول إلى المقر وجرى سحب بعضها بالقوة إلى الشوارع المجاورة.
وفي الأثناء تم المؤتمر الصحفي بحضور ممثلي الصحافة الأجنبية فيما غابت الصحافة التونسية بسبب الأجواء المشحونة المُطبقة على الصحفيين.
لذلك كان طبيعيا أن تنطلق الندوة الصحفية من وضع الإعلاميين أمام حقيقة الحصار الذي تتعرض له حركة 18 أكتوبر والمتمثل في منع الإجتماعات في مقرات الحزبين الوحيدين القانونيين المشاركين في الهيئة وهما الديمقراطي التقدمي والتكتل. وبعد كلمة ترحيبية للسيد رشيد خشانة تولى السيد منجي اللوز تلاوة بيان الهيئة على الإعلاميين (طالع نصه ص2)، ثم تولى الأستاذ أحمد نجيب الشابي والدكتور مصطفى بن جعفر الرد على أسئلة الصحفيين. وأكد الشابي أن المنع أصبح القاعدة في التعامل مع المعارضة والترخيص هو الإستثناء، موضحا أن الإجتماع الذي تعتزم هيئة 18 أكتوبر إقامته اليوم الجمعة بالعاصمة لا يحتاج إلى ترخيص وإنما لمجرد إعلام. وأكد أننا عدنا إلى الحالة المفزعة التي كانت عليها البلاد قبل إضراب الجوع، محذرا من أن تونس أصبحت شبيهة بالحالتين الكورية الشمالية والصينية من حيث غياب الحريات.
وسئل لماذا لا تتحاور المعارضة مع الحكم، فأجاب “أي حوار والحكم يوصد جميع أبواب التحاور والإستثناء الوحيد الذي تركه هو تقديم طلب إلى رئيس الهيئة العليا لحقوق الإنسان حتى يقبل سماع المعارضة ثم ينقل بدوره ما سمعه إلى الحكومة”. وأضاف “هذه حالة مرضية ومنطلقها هو حرص الحكم على منع تشكَل قوة سياسية في الحياة الوطنية بكل الوسائل وهذا أمر مناف لمنطق الحياة”. وأكد إصرار المعارضة على التحرك السلمي الميداني للعمل على تكوين القوة التي تحقق التوازن المطلوب في الحياة السياسية.
واعتبر الدكتور بن جعفر أن السلطة لم تستخلص الدرس مما جرى في قمة المعلومات، وحذر من أن البلاد تسير في منزلق نتيجة رفض الحكومة التحاور مع المجتمع والنخب ومحاولة فرض حصار شامل على القوى التي تعارضها. وتساءل “ما الفرق اليوم بين حزب قانوني وآخر غير معترف به، فكلاهما ممنوع من النشاط؟”. وأضاف “عشنا في البداية تصنيفا بين أحزاب برلمانية وأخرى غير برلمانية ونعيش حاليا تمايزا من نوع آخر بين مواطنين لهم حق النشاط السياسي وآخرين ممنوعين منه”.
وقال إن كل أصدقاء السلطة نصحوها بتغيير أسلوبها لكنها فعلت العكس إذ نراها متمادية فيه من دون تغيير، وحذر من أن “التكتل” الذي هو عضو في الإشتراكية الدولية تماما مثل “التجمع الدستوري” سيضطر لطرح موضوع العلاقة بين الحزبين أمام هيئات الإشتراكية الدولية، بالنظر لوجود مرجعية أخلاقية مشتركة وتعهدات يخضع لها الجميع تفرض نوعا محددا من المعاملة بين الأحزاب الأعضاء.
وأفاد الأستاذ الشابي والدكتور بن جعفر أنهما محرومان من الإبحار على شبكة الإنترنت بسبب قطع خطوط التواصل عليهما، مما يحول دون الإطلاع على بريدهما الإكتروني أو الرد على المراسلات التي يتلقيانها، واستغربا من أن أمينين عامين لحزبين قانونيين يُمنع عليهما حتى التواصل مع الناس عبر شبكة الإنترنت.
(المصدر: صحيفة الموقف الأسبوعية، العدد 348 بتاريخ 25 فيفري 2006)
تأجيل قضية الدكتور المسلمي
مازال المسلسل القضائي الذي يستهدف الدكتور عبد المجيد المسلمي الكاتب العام المساعد للنقابة الوطنية للأطباء الجامعيين ونائب رئيس فرع رابطة حقوق الإنسان بسوسة والأستاذ المحاضر بكلية الطب بسوسة مستمرا فصلا بعد آخر. وصورة الأمر أن مسؤولة بالتجمع الدستوري تقدمت بشكوى ضده بعدما أجرى عليها عملية جراحية، لكن التحقيق الذي قامت به وزارة الصحة أثبت أنه لا وجود لأي إهمال أو تقصير في حقها وعندها لجأت للقضاء.
ومازالت القضية تتأجل بعد أن تم البت فيها في مرحلة أولى وفي جلسة يوم الأربعاء الماضي تقدم نحو خمسة وعشرين محام للنيابة عن الدكتور المسلمي وقرر القاضي تأجيل القضية ليوم 5 أفريل القادم.
هيئة 18 أكتوبر تدعو لاجتماع عام
دعت هيئة 18 أكتوبر إلى اجتماع عام اليوم الجمعة في مقر التكتل الديمقراطي بوسط العاصمة على الحصار الذي تتعرض له هيئات المجتمع المدني. جاء ذلك في بيان أصدرته الهيئة وننشر نصه هنا
الشيخ المجاهد عبد الرحمن خليف في ذمة الله
انتقل إلى رحمة الله تعالى فضيلة الشيخ عبد الرحمن خليف، الإمام الأول لمسجد عقبة بن نافع بالقيروان عن عُمْر ناهز 89 عامًا، بعد رحلة طويلة مع المرض. وشارك في جنازته المهيبة عصر يوم الأحد 19 فيفري حوالي 20 ألف شخص توافدوا من مختلف المدن التونسية حيث امتدت الجنازة على حوالي ثلاثة كيلومترات، لكن التلفزة التونسية اكتفت بسبع ثوان فقط للإعلام عن الجنازة.
وُلد الشيخ عبد الرحمن خليف في الخامس من شهر شعبان عام 1335 هجري الموافق ل 27 ماي عام 1917 م. وأكمل حفظ القرآن الكريم في كتاتيب القيروان عام 1931 ثم التحق بالتعليم الزيتوني سنة 1932. ونجح الراحل في مناظرة الإجازة للتدريس بالزيتونة عام 1944 ثم تحول للتدريس بالفرع الزيتوني في القيروان عام 1952 وتولّى الخطابة بجامع عقبة بن نافع بالقيروان منذ عام 1955 كما تولَّى إدارة الفرع الزيتوني بالقيروان عام 1956 .
وارتبط اسمه بالمظاهرة التي اندلعت بالقيروان سنة 1961 احتجاجا على قرار نقله من القيروان بعدما انتقد انتهاك حرمة المسجد أثناء تصوير فيلم سينمائي أجنبي في باحته. وسرعان ما تم اعتقاله ومحاكمته مع جمع من أهالي القيروان بعد المصادمات التي جرت مع قوات الأمن وراح ضحيتها عدد كبير من القتلى والجرحى. وعرف الشيخ المجاهد السجون المريرة من بورتو فارينا في غار الملح إلى برج الرومي في بنزرت.
ثم أعيد إلى خطة الإمامة بعد الإفراج عنه وانتُدب لخطة متفقِّد للتربية الإسلامية عام 1968 كما انتدب لتدريس القراءات بالكلية الزيتونية عام 1977 وحاضر في الفقه وأصوله بالمركز الإسلامي في بروكسيل عامي 1982 و1983 ثم اخْتِيرَ عضوًا بالمجلس الإسلامي الأعلى عام 1988 وانْتُخِبَ عضوًا بمجلس النواب عام 1989.
وصدر للفقيد العديد من المؤلَّفات منها كتاب “كيف تكون خطيبًا؟” و ” أين حظ الإسلام من لغة القرآن؟” و” ترتيب مناسك الحج”.
رحم الله الشيخ الذي كان أحد رجال تونس البررة ورزق أهله وذويه جميل الصبر والسلوان.
(المصدر: صحيفة الموقف الأسبوعية، العدد 348 بتاريخ 25 فيفري 2006)
منع مسيرة في قابس
قامت جامعة قابس للحزب الديمقراطي التقدمي بالإجراءات القانونية للإعلام بمسيرة سلمية احتجاجا على انتهاك المقدسات الإسلامية و لكن مسؤولي الجامعة لم يتصلوا بأي رد قانوني من الجهة المخولة لذلك.
و في الأثناء تعرض مناضلو الحزب في الجهة و شبابه خاصة إلى المحاصرة المستمرة و المضايقة.
أما اليوم السبت 18 فيفري 2006 فقد حاصرت فيالق متعددة من قوات الشرطة مكان انطلاق المسيرة السلمية و سدت المنافذ المؤدية و منعت كل من يرغب في الوصول إليه وقد وصل الأمر إلى حد الاعتداء بالعنف المجاني الذي لا موجب له على أربعة أشخاص.
و منذ الصباح الباكر سعت قوات البوليس إلى إلغاء السوق الأسبوعية و منعت التجار من الانتصاب فيها بتعلة إنجاز أشغال كما تم إجلاء سيارات الأجرة و حافلات النقل العمومي من الساحة الأمر الذي خلق حالة طوارئ و حصار حقيقي في مركز هام من مراكز مدينة قابس و الملفت للانتباه حقا هو حضور عدد هام من العمد و أعضاء الشعب و مسؤولي التجمع مما يعيد إلى الأذهان ظاهرة المليشيات و ما يسند لها من أدوار ذاق منها النقابيون و المعارضون الأمرين في أواخر السبعينات.
إن جامعة قابس للحزب الديمقراطي التقدمي تدين بشدة ما تعرض له مناضلوها من تعنيف مقصود يهدف إلى إثنائها عن أداء دورها السياسي الوطني كما تحتج بشدة على عدم الرد على إجراءات الإعلام القانونية التي قامت بها و تعتبر أن من حقها الطبيعي و الدستوري التعبير السلمي عن مواقفها و هي تعاهد مناضليها و أصدقاءها على مواصلة النضال لانتزاع الحقوق و الحريات و إرساء الديمقراطية.
كما أن جامعة قابس مقرة العزم على مقاضاة المعتدين و محاسبتهم.
عبدالجبار الرقيقي
(المصدر: صحيفة الموقف الأسبوعية، العدد 348 بتاريخ 25 فيفري 2006)
الشيخ عبد الرحمن خليف في ذمة الله
انتقل إلى رحمة الله تعالى، فضيلة الشيخ عبد الرحمن خليف، إمام مسجد عقبة بالقيروان عن عُمْر يناهز 89 عامًا، بعد رحلة طويلة مع المرض. وشارك في جنازته المهيبة عصر يوم الأحد 19 فيفري حوالي 20 ألف شخص توافدوا من مختلف المدن التونسية حيث امتدت الجنازة على حوالي ثلاث كيلومترات ولكن التلفزة التونسية اكتفت بسبع ثوان فقط للإعلام عن الجنازة.
وُلد الشيخ عبد الرحمن خليف في الخامس من شهر شعبان، لعام 1335 هجريًّا، الموافق 27 مايو عام 1917 ميلاديًّا. وأكمل حفظ القرآن الكريم في كتاتيب القيروان، عام 1931، ثم التحق بالتعليم الزيتوني سنة 1932.
وحصل على شهادة الأهلية عام 1936 من الزيتونة وشهادة التحصيل في علم القراءات عام 1938 وشهادة التحصيل في العلوم عام 1940 كما حصل على العالمية في القراءات عام 1942 والعالمية في الآداب العربية 1944
و نجح خليف في مناظرة الإجازة للتدريس بالزيتونة عام 1944 ثم تحول للتدريس بالفرع الزيتوني في القيروان عام 1952 وتولّى الخطابة بجامع عقبة بن نافع بالقيروان منذ عام 1955 كما تولَّى إدارة الفرع الزيتوني بالقيروان 1956.
و انتُدب لخطة متفقِّد للتربية الإسلامية عام 1968 كما انتدب لتدريس القراءات بالكلية الزيتونية عام 1977 وحاضر في الفقه وأصوله، بالمركز الإسلامي، في بروكسيل عامي 1982 و1983 ثم اخْتِيرَ عضوًا بالمجلس الإسلامي الأعلى بتونس عام 1988 وانْتُخِبَ عضوًا بمجلس النواب بتونس عام 1989.
شارك الشيخ خليف في عدة ملتقيات ودورات؛ لتدريب الأئمة والدعاة، بإشراف رابطة العالم الإسلامي، في إندونيسيا، وجزر القمر، وجزر المالديف، وكلٍّ من فرنسا، وبلجيكا، وهولندا، وفي عدة ندوات إسلامية عُقدت بكل من مصر، وليبيا، وتونس، والجزائر، والمغرب الأقصى.
وصدر للشيخ عبد الرحمن خليف العديد من المؤلَّفات منها: كتاب “كيف تكون خطيبًا؟”، وقد طبع بالسعودية للمرة الأولى في شهر ذي الحجة سبتمبر 1986 وكتاب ” أين حظ الإسلام من لغة القرآن؟”.. طُبع بالكويت للمرة الأولى، وكتاب ” ترتيب مناسك الحج” و طبع بتونس.
رحم الله الشيخ الذي كان أحد رجال تونس البررة ورزق أهله وذويه جميل الصبر والسلوان.
(المصدر: صحيفة الموقف الأسبوعية، العدد 348 بتاريخ 25 فيفري 2006)
منافسة بين قائمة التجمع وأخرى وفاقية في انتخابات المحامين الشبان
رغم أن المحامين مازالوا يتكتمون على القوائم الانتخابية التي ستخوض غمار انتخابات جمعية المحامين الشبان يوم 4 مارس القادم فإن المناورات انطلقت وبدأت تتوضح ملامح عديد القائمات التي ستعلن عن نفسها. و يبقى الفرز القائم لدى جمهور المحامين الشبان قائما على العاملين السياسي والمهني. فالبعض يرى أن الهيئة المتخلية التي تتكون من أنصار التجمع فشلت في تمثيل مشاغل المحامين المهنية وتخلت عن مبادئ الجمعية القائمة أساسا على الدفاع عن الحريات في القطاع وفي البلاد. ويلوم آخرون الهيئة المتخلية عن صمتها إزاء قضية المحامي السجين محمد عبو رغم انه عضو سابق في مكتب الجمعية. ولان حظوظ مرشحي الحزب الحاكم وافرة بسبب الدعم المادي والمعنوي من كل أجهزة الدولة فقد انطلقت مشاورات مبكرة للدخول بقائمة وفاقية تضم كل التيارات السياسية والنقابية المعارضة لتوجه السلطة. وعلمنا أن القائمة الوفاقية التي مازالت لم تنتهي النقاشات حولها بعد تضم في صفوفها خالد الكريشي ومنذر الشارني وسمير ديلو وليلى بن محمود وكثير بوعلاق وعلا بن نجمة وعبد الجواد الحرزي. وحاولت هذه القائمة أن تكون ممثلة للتيارات الفكرية داخل المحاماة ( يسار وإسلاميين وقوميين ) بالإضافة إلى المستقلين و ممثلي الجهات ولكنها لم تظفر بإجماع كامل حيث خير بعض اليساريين من العائلة الوطنية و أنصار المبادرة الديمقراطية تكوين قائمة مستقلة ستضم حسن التوكابري وجلال الهمامي وعطيل حمدي وشكري بلعيد ورمزي الجبابلي. و تتداول أوساط المحامين الحديث عن عدد كبير من المترشحين التجمعيين أبرزهم لطفي العربي رئيس الجمعية الحالي و محمد سعيدانة. ولم يعلن التجمع قائمته إلى حدّ الآن ربما إمعانا في المناورة والاحتفاظ بعنصر المفاجأة إلى آخر لحظة كما تبقى احتمالات ترشح تجمعيين بشكل فردي واردة. ولم تنتهي حرب القائمات عند هذا الحدّ حيث يتداول البعض قائمة رابعة قريبة من إبراهيم بودربالة.
ويعتقد أغلب المحامين أن المنافسة ستكون حامية أساسا بين قائمة التجمع الرسمية وقائمة ” التحالف الديمقراطي” كما يحلو للبعض تسميتها. ولكن وجود قائمة يسارية ثانية قد يزيد من حظوظ القائمة التجمعية بإعتبار تشتت الأصوات.
(المصدر: صحيفة الموقف الأسبوعية، العدد 348 بتاريخ 25 فيفري 2006)
تعقد وضعي بعد عودتي من العراق
سافر المواطن بوبكر بن محمد بوبكر أصيل الرديف إلى العراق سنة 2003 بحثا عن شغل وعاد منه بعد أقل من شهر، لكن تلك الزيارة القصيرة كانت كافية لإغلاق أبواب العمل في وجهه إذ ما انفكّ وضعه يتفاقم كما يشرح ذلك في الرسالة الموجهة للسلطات المعنيّة.
أنا عاطل عن العمل منذ سن السادسة عشرة من عمري وفقدت والدي فوجدت نفسي معيلا لوالدتي التي تعاني من مرض مزمن وزوجتي، وبذلك كبرت معاناتي وتضاعفت. لقد وجدت نفسي مندمجا في جملة المتطوعين للحرب الأخيرة التي دارت في العراق وكان خروجي من تونس في 27 مارس 2003 وعودتي في 16 أفريل 2003 وكان الدافع الأساسي لذلك هو العيش هناك في العراق أو الموت بكرامة بما أنني كل يوم أتمنى الموت وبأي طريقة.
وتقدمت عديد المرات إلى السلط المحلية والجهوية بطلبات للحصول على عمل يوفر لي العيش الكريم غير أن الردّ كان سلبيا وكانت عملية تطوعي تعقيد لوضعيتي خاصة وأنها أصبحت مرتكزا لعدم تشغيلي وهو ما دفع بي على الإضراب عن الطعام لمدة 10 أيام بدءا من 21 جويلية 2003 من أجل طلب حل لمشكلتي وتمكيني من شغل. وبعدها ذهبت لمؤسسة حكومية بارزة وتم استقبالي في مكتب الاستقبال والاستماع إلى فحوى مشكلتي لكن منذ ذلك التاريخ وأنا انتظر ولم أحصل على أيّ ردّ. لذا أتوجه بنداء إلى كل مسؤول عن التشغيل وخاصة السلط المحلية والجهوية للنظر في موضوعي وتمكيني من شغل يحفظ كرامتي وكرامة عائلتي.
(المصدر: صحيفة الموقف الأسبوعية، العدد 348 بتاريخ 25 فيفري 2006)
تأبين المناضل صلاح الدين الخالدي
بمناسبة أربعينية المناضل صلاح الدين الخالدي الذي توفي بمدينة قصر قفصة قام محمد الخميلي بتأبينه بحضور الاخوة منجي اللوز والمولدي الفاهم عضوي المكتب السياسي للديمقراطي التقدمي وعددا من الوجوه السياسية بالجهة:
اليوم و قد تيقن الجميع انك غادرت الأهل والأحبة والرفاق بعد طول عناء. غادرت وبريق بالعينين يحاورنا، بريق يقول ما لا تقوله الكلمات بريق يحكي المسيرة الطويلة العسيرة… نقول أنك كنت عنوان حلم الحرية التي يوفرها الشباب في عز عطائهم وكنت من هؤلاء وكان مثالك ناصعا فأسست للديمقراطية المسلوبة في فضاء الجامعة التونسية وسط السبعينات مع ثلة آلت على نفسها أن تقود المركبة ضد حكم مستبد متمترس وراء شعارات الوحدة الوطنية وبناء الدولة لكن سرعان ما افتضح زيف هذا الخطاب الخشبي وعوض البناء الوطني قمع الأصوات المعارضة ونكّل بالبعض وهجر البعض الآخر وقتل غيرهم أمثل عبد العزيز العكرمي والأزهر الشريطي الذين تنحدر منهم من حيث الأصل.. والذين آزرهم أبوك العامل بالسكك الحديدية بعد أن قاتل مع البشير بن سديرة ثم ناضل في الحركة النقابية صحبة الراحل احمد التليلي في الخمسينات وشارك في الثورة الجزائرية.
ناضلت وصمدت وبحثت عن كل فضاء ملائم للمقاومة والتعبير عما يختلج في الأعماق والتحقت بأرض الرافدين ثم غادرت سوريا ثم إلى جنوب لبنان على اثر اجتياحه من طرف الكيان الصهيوني لتعانق القضيّة الأمّ ومكثت في معتقل “أنصار” ثمانية عشر شهرا ودفعت ثمن الإيمان العميق على أيدي أعداء الأمة وأذنابهم.
فارقت ولم تفارق.. غادرت ولم تغدر ولم تغادر.. تألمت ولم تصرخ فارقت وذكراك تحاصرنا تسائلنا عن الكيف ونقطة البدء..صورتك تؤرقنا في كل منعطف…
نودعك قائلين لك إن لك في الأهل والأصدقاء والرفاق نبع يعانقك يصافح روحك يشدّ على حلمك وينهل من ذكراك.
وداعا يا من ودع دون وجع..وداعا يا من أعطى دون كلل..وداعا يا من ألهم دون خجل
عن الأهل والرفاق
محمد خميلي
(المصدر: صحيفة الموقف الأسبوعية، العدد 348 بتاريخ 25 فيفري 2006)
أخفقت الحكومة حيث كانت تريد التميّز
فتحي التوزري
شهدت تونس تحولات عميقة كان لها أثر كبير على الاستقرار الاجتماعي ونوعية الحياة ومستوى النمو البشري. أبرز هذه التحولات النسب العالية للتمدرس، وفتح المجال أمام المرأة للمشاركة في الدورة الاقتصادية وارتفاع نسبة سكان المدن وتغيّر بنية العائلة والانفتاح الكبير على الخارج.
وأدت هذه التحولات إلى تدابير جذرية في السياسات الاجتماعية والاقتصادية للتلاؤم معها، وإلى بروز ظواهر اجتماعية يصعب السيطرة عليها، كما أفرزت واقعا ثقافيا جديدا مازال يتحوّل ويتشكّل. وفي هذا الإطار سنتعرّف على مجالات هامة شملها هذا التحوّل تثير عديد التساؤلات وتطرح تحديّا فشلت الحكومة الحالية في بلورة أجوبة مقنعة وسياسات فعالة له.
المدخل الذي أخترناه يشمل المرأة، إذ هي تشكل عنصرا مركزيا في الخطاب السياسي للحزب الحاكم. فهي أحد عناوين سياستها التحديثية وانفتاحها على الغرب. ولا تزال المرأة بالرغم من الوضع المعيشي الصعب ملهما دعائيّا للخطاب السياسي الرسمي وجزءا لا يتجزّأ من ” مشروعه المجتمعي” سوف نورد ثلاثة مؤشرات تبيّن حجم التحديات وضعف الآداء السياسي: الرقم الأول يتصّل بانخراط المرأة في الدورة الاقتصادية. إذ تشير الإحصاءات الرسمية أن نسبة النساء الناشطات ارتفع من 20،3
% سنة 1989 إلى 24،6 % سنة 2003 من جملة الافراد الناشطين. هذا التزايد يؤكد طبعا أن مبدأ حق المرأة في العمل يتجسّد تدريجيّا. ففي الفئة العمرية 20 إلى 39 سنة نجد أن امرأة من بين ثلاث نساء تعمل بينما كانت هذه النسبة امرأة من بين 20 في الستينات. طبعا ليس هذا مجال تفصيل عمل المرأة على ضوء ما تشير إليه عديد الأبحاث من أن المرأة مازالت تعمل في قطاعات هشّة. ومعدّل راتبها أضعف من راتب الرجل والنسبة المتدنية للمرأة في الوظائف القيادية، فهذا موضوع آخر.
ما يهمنا هنا هو تأثير هذا الوضع الجديد على الأسرة والإجراءات المصاحبة لهذه التحولات لمساعدة الأولياء على تربية الناشئة. فإلى جانب الحق في الشغل فإن المرأة اليوم تخرج لسوق الشغل أيضا لغلاء المعيشة ولان راتبا واحدا لا يكفي للايفاء بحاجات الأسرة لكن بالمقابل ماذا قدمت الدولة للأسرة من فرص وإمكانات وتسهيلات لكي لا يتم عمل الأولياء على حساب متطلبات الناشئة وخاصة الأطفال؟ ماهي الخدمات المتوافرة حتى لا يشكّل خروج الأولياء للشغل عبئا إضافيا للأسرة؟
هذه الخدمات متعددة ومتنوعة وتشمل النقل والمحاضن ورياض الأطفال وفضاءات التنشئة والتربية والخدمات الإدارية. سنكتفي فقط بالتعرّض لرياض الأطفال لما لهذا القطاع من أهمية مصيرية للأسر التي يعمل فيها الوليان.
ففي نفس الوقت الذي تخرج فيه المرأة للشغل نجد نسبة رياض الأطفال العمومية تقلصت إلى 37
% سنة 2003 من المجموع، ونسبة دور الأطفال التابعة للجمعيات 12% وباقي رياض الأطفال الخاصّة تمثل نسبة 83،2 %.
فخلال العشرية الأخيرة انسحبت الدولة ( البلديات بالتحديد) من قطاع المحاضن ورياض الأطفال مضيفة أعباء جديدة على العائلة التونسية وهو ما من شأنه أن يهدد النموّ السليم للطفل. ولقد كانت رياض الأطفال البلدية تتميّز بكثافة التأطير وجودة الخدمات ومراقبة بشكل مستمرّ مما جعلها بحقّ فضاء تربويا جليلا استثمارا ناجحا في النموّ السليم للناشئة، على عكس المؤسسات الخاصّة التي تسعى للربحية وتتسّم بضعف التأطير وضعف الخدمات إلى جانب العبء المالي على الأسر ضعيفة أو محدودة الدخل.
إن قطاع تربية الناشئة قطاع حيوي والاستثمار في النموّ السليم للأجيال استثمارا طويل المدى يضمن للبلاد قدرات وكفاءات مستقبلية هي في أشدّ الحاجة اليها في المستقبل ولا يجب التهاون به. وهو قطاع لا يسعى للربحية ويجب أن يبقى من مشمولات الدولة تمويلا وتأطيرا ومراقبة حتى يؤدي دوره التربوي ولا نفهم انسحاب الدولة من هذا القطاع.
الرقم الثاني يتعلّق بنسب الطلاق، إذ تفيد الإحصاءات أن زيجة على ستّ تنتهي بالطلاق. ويعني الطلاق في أغلب الأحيان ضغطا نفسيا وإرهاقا وتدنيا معتملا في مستوى العيش وانعكاسات نفسية على الأطفال وخطر الاستقرار.
كثير من المطلقات سيجدن أنفسهن أمام تحديات مادية واجتماعية صعبة كالاضطرار للعمل، أو النقل من بيت إلى بيت إلى جانب الصعوبات الكبيرة في التعامل مع سلوكيات الأطفال الصعبة. ففي غياب خدمات اجتماعية متنوعة سوف تتضاعف الأعباء ويتعاظم الضغط.
الرقم الثالث والأخير يتعلّق بالزواج، إذ تفيد الإحصاءات الرسمية أن سنّ الزواج يتأخر بسنة كل أربع سنوات، فهو حاليا في حدود 29،4 سنة للبنات مقابل 32،9 للرجال. ولا يمكن أن نتصور أن مثل هذه التطورات سوف لن تكون لها انعكاسات على الأقلّ على مستوى الصحة النفسية ونوعية الحياة والاندماج الاجتماعي.
كل المؤشرات تدل على أن هذه التحولات مازالت تتعمق وسوف يكون لها تأثير كبير على المجتمع التونسي. وفي الأثناء. ونتيجة لسياسة اجتماعية ليبرالية مكشوفة تواصل الدولة تقليص خدماتها الاجتماعية بحجة تحقيق التوازنات الكبرى وتجنب العجز. وتحاول أن تدفع بجزء من مسؤولياتها الاجتماعية نحو القطاع الخاص أو الجمعيات لكن حتى الجمعيات عاجزة عن تعويض ما تفرط فيه الدولة نتيجة لضعفها وهشاشتها باعتبارها جمعيات تصنعها الدولة وليست تعبيرا صادقا عن مجتمع مدني حيّ ونابض يعاضد الدولة ويكملها. لكن بدون مناخ سياسي سليم يشجع على المشاركة ويفسح المجال لبروز مجتمع مدني حقيقي فإن هذه المسائل ستراوح مكانها وتتكاثر حتى يصعب حلّها.
(المصدر: صحيفة الموقف الأسبوعية، العدد 348 بتاريخ 25 فيفري 2006)
التخطيط للمستقبل قوة إيمان وثمرة توكل ويقين وأمل
من أكبر وأخصب دروس الهجرة النبوية الكريمة درس يعلمنا ـ نحن اليوم لحما ودما ـ أبجديات التخطيط الاسلامي الذي يدر على أصحابه من حسنات الاخرة وسعادة الدنيا في مجاله الخاص به تماما بمثل ما يجنيه من ذلك عابد الحرمين مخضبا جيده بدموعه .
صور من تخطيطه للهجرة عليه السلام :
1 ــ تهجير أصحابه رجالا ونساء تحت ضغط التعذيب إلى الحبشة مرتين ولم يكن ليلقي بهم عليه السلام وهو ” حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم ” في طاحونة عذاب أخرى بعيدة عن عينه لو لم يكن يتحلى بأمور ثلاث يغفل عنها كثير من الدعاة اليوم وهي :
ــ علمه الواسع ومعرفته الكبيرة جدا بواقعه من كل الجوانب وليس ذلك كله من وحي الغيب والدليل أنه يخطئ في تلك التقديرات أحيانا كما يخطئ كل إنسان عندما لا يكون مسنودا بوحي أو تتبدل به البيئة في مثل حادثة تأبير النخل .
ــ قيامه على حسن التخطيط والاعداد وما يتطلبه ذلك من قراءة متأنية لواقعه القريب والبعيد ومن كل الزوايا الممكنة دون إغفال الاستشارة وتولية الرجل المناسب في المكان المناسب وهو المبدأ الذي لم يحرم تخطيطه من الاستفادة من غير المسلمين بل وظف المحاربين في ذلك .
ــ تقديمة لمعطى الحرية إستفادة من أدنى هامش لها ” إن فيها ملكا لا يظلم عنده أحد ” ولم يقل ” إن فيها ملكا مسيحيا أو مسلما أو متدينا لا يظلم عنده أحد “.
2 ــ تمكين أصحابه من ثقافة إسلامية مناسبة للواقع الراهن الذي يعيشونه ويتجلى ذلك في مناسبتين وفي مظهرين :
ــ المناسبة الاولى في الهجرة إلى الحبشة وذلك حين قدم الصحابة في قاعة المحكمة بين يدي النجاشي ـ وليس لهم فريق دفاع سوى ما يؤمنون به من ” إن الله يدافع عن الذين آمنوا ” وتعويلهم على أنفسهم ـ عرضا لقضيتهم يتسم بالجمع في حكمة عجيبة بين أمرين هما : التحصن بالقرآن الكريم متلوا من ناحية وحسن إختيار ما يناسب المقام من ذات القرآن الكريم من ناحية أخرى . ما رأيك لو أنهم يومها بدل أن يقرؤوا ما تيسر من سورة مريم عليها السلام قرؤوا سورة الكافرون ؟ لم قرأ الصحابة على اللديغ الفاتحة لينالوا أجر الدنيا وطالب عليه السلام بسهمه ؟ لم لم يقرؤوا عليه سورة البقرة مثلا أو المسد أو أي سورة أخرى أو آية أخرى ؟ هل إتهم واحد منهم إخوانه يومها في حضرة النجاشي أو بعد ذلك بأنهم تساهلوا مع ذلك الحاكم الكافر على حساب الاسلام والحق ؟ نحن بحاجة إلى فقه شبيه يجمع بين الاصل وبين الفروع ويؤلف بين اليقين وبين حسن التخلص ويوائم بين الايمان بالثابت العقدي المكين في قلبه وبين حسن إخراج ذلك للناس مع مناسبة كل مقال لمقامه .
الامر الثاني ضمن الثقافة الاسلامية الواسعة التي حصنهم بها عليه السلام لمثل ذلك اليوم هو أنهم دافعوا عن أنفسهم في قاعة ذات المحكمة بالسلاح الاخلاقي فلم يذكروا التوحيد سوى مرة واحدة تقريبا بينما ظلت مرافعة الدفاع مركزة حول الخلق الكريم . أي أنهم تجنبوا ما يمكن أن يقلب المحكمة عليهم حتى مع صدقهم وإخلاصهم وكونهم على الحق المبين الذي ليس وراءه إلا الضلال وركزوا على المشترك بينهم وبين الناس . ماذا لو فعل واحد منا نحن اليوم ذلك ؟ أليس يتهم بأنه خذل عقيدة التوحيد أن تبرز أمام كافر عنيد أو حاكم عاص ؟
تلك هي المناسبة الاولى والمظهر الاول .
ــ المناسبة الثانية والمظهر الثاني يتجليان في آخر هجرة أي هجرة المدينة وبذات الثقافة التي تعلموها منه عليه السلام إنساب الصحابة المهجرين رغم ظروفهم الاجتماعية والاقتصادية السيئة في أحسن صورة تعايش مع مجتمع جديد غريب لا يشتركون سوى مع فصيل واحد فيه هو فصيل الانصار ولا يشتركون مع هؤلاء سوى في الدين . وكثيرا ما يشغب عليك المبتدؤون المتفيقهون المتشدقون كما سماهم عليه السلام بأن الدين يكفي لذلك وذلك أمر لا تحسمه النظريات بل لابد لمعافسة تغير العادات والتقاليد والتجارب الطويلة المريرة حتى يدرك أولئك وغيرهم بأن العادات والتقاليد واللغات وطرق الحياة بما دق منها من أكل وشرب وقعود وجلوس وكلام وتحية وتربية ونكاح ورضاع وغير ذلك مما لايحصى … كل ذلك قد يفرق أهل الدين الواحد . فما الحيلة ؟ الحيلة الوحيدة ليست في إخضاع العادة للعادة والتقليد للتقليد لان ذلك من باب إستنبات البذور في الهواء كما يقول الشهيد سيد قطب وليست الحيلة في ترك الدين كذلك … ولكنها في تفعيل قيم الصبر والمصابرة والتصبر والاصطبار والحلم إلى أقصى حد ممكن .
لقد كانت لي تجربة بعام واحد في تركيا ولكنها كانت ثرية جدا ولم تكن العادات والتقاليد واللغة والتاريخ واحدة بل مختلفة إختلافا بينا كبيرا وكان يمكن لمراقب عن بعد بأن يقول بأن العلاقة يجب أن تكون علاقة حميمية جدا لان الدين واحد . ذلك وهم يحمله الصغار الاغرار الذين يرقبون تقلبات الواقع بعاداته وتقاليده من خلال أجهزة البث وليس معافسة باللحم والدم ومناكفة يومية وإكتواء بنار الاختلاف .
كان الصحابة في مجتمع مختلط أيما إختلاط لاول مرة في حياتهم ولم تكن حركة المؤاخاة ولا بناء المسجد لتيسر إنخراطهم في ذلك المجتمع على أساس المواطنة المتساوية بين كل صحابي وبين كل يهودي جنبا إلى جنب … لم يكن ذلك ليتم لولا أنهم تلقنوا الدين كما تلقناه نحن اليوم ولم يكن ذلك ليتم لولا أنهم لم يتشربوا ثقافة نبوية غير مكتوبة ولا تنقلها اليوم تسجيلات وشرائط ولكنها الثقافة العملية ـ السيرة العملية أو المثال الاخلاقي النبوي العظيم ـ .. تلك الثقافة لم تكن لتنبت في أسبوع واحد قبل كتابة الصحيفة بالمدينة كما ينبت شطء أخرجه زرعه غضا طريا .
كان ذلك الانسياب دون مشكلة واحدة سجلها التاريخ نتيجة حصائل ثقافية تربوا عليها في مكة . ذلك هو التخطيط الثقافي . وكان ذلك التعايش ـ حتى كان اليهود هم أول من نقضوا ركنه ـ خلاصة ثقافة عملية لا تجدها في المكتوب ولكن عليك بقراءتها فيما تحت السطور وفي ما وراءها . ذلك كفلك من الاجتهاد التربوي تقوم به تكريما لك أن تكون إسطوانة مسجلة يوكز زرها فتنهمر ثم يوكز أخرى فتخرس .
هل سمعت صحابيا واحدا قال ـ ربما حتى في نفسه ـ فيما يشبه الاعتراض أو عدم الرضى بأنه عليه السلام عرضنا للفتنة يوم جمع بيننا وبين اليهود على قدم مساواة المواطنة حقوقا وواجبات في دستور واحد ؟ كيف ينبغي له ذلك وهو أول وأكبر وأصدق من يعلم بأنهم سيخونون العهد بعد قليل ؟ كيف يساوي بين كافر وبين مؤمن في حقوق وواجبات المواطنة ؟ إنها الثقافة الاسلامية الوسطية المعتدلة المتوازنة ولا أسميها علما لانها أوسع وأبعد من العلم وأبلغ منه في النفوس . العلم يصنع علماء ولكن الثقافة ـ وفيها جانب من العلم وإن يكن صغيرا ولكنه صحيح ـ تصنع أحسن الرجال الذين قال فيهم ” ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا وقال إنني من المسلمين “. العلم وحده لا يكفي سيما بما نصوره نحن اليوم لانفسنا علما لا فقه فيه يكاد يتجرد حتى من الخلق . العلم إن شئت قلت يقوم العقل ولكن الثقافة تثقف ـ أي تقوم ـ الخلق .
من علم الصحابة ولم يلبثوا معه في مكة سوى سنوات قصيرة جدا قضوها بين الملاحقة والتعذيب قد لا يظفرون فيها على مداها كلها ربما سوى بجلسات معدودات … من علمهم ثقافة حسن التنظم في قاعة المحكمة التي إقتيدوا لها برئاسة النجاشي بدون سابق تحضير . لا شك أن سرعة وحسن تنظمهم ضمن قائد يتكلم بإسمهم ناطقا رسميا لا يعقب عليه أحد خاصة أمام المحكمة وفي حضرة الشاهد والملإ وضمن إنضباط عجيب لم يسجل أي ردة فعل غير مسؤولة ..
لاشك أن ذلك وجه رسالة بليغة إلى رئيس المحكمة وأركانه وكل المراقبين يومها بأن هذا الفريق من الناس ليس ثلة من الصعاليك المتمردين كما تدعي قريش بل هو عينة من ثقافة عالية جدا حتى لو حصل الاختلاف معه وهو حاصل ظاهر . ترى من علمهم ذلك ؟ هل تجد في القرآن الكريم الذي لم ينزل منه يومها سوى قليل جدا أغلبه يركز على التوحيد وصفاء العقيدة ما يعلمهم ذلك ؟ لا طبعا . هل سمعوا ذلك منه عليه السلام ؟ لا مرة أخرى لان قوله في ذلك قليل جدا . من أين إذن ؟ من متون الثقافة العملية والسيرة الفعلية التي لا نولي نحن اليوم لها شأنا كبيرا .
3 ــ ضمان مساندة أقوى القبائل العربية المتمكنة بعد صد قريش أي أهل الطائف : ثقيف.
فكرة ذلك التخطيط تقوم على كون خسارة جانب قريش أقوى القبائل العربية طرا لا يعني عدم التوجه إلى من يليها ولذلك كانت هجرته عليه السلام إلى الطائف ويشير القرآن الكريم إلى ذلك مؤكدا ذات المعنى ” لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم ” والقريتان مكة والطائف . والقرية هي المدينة في القرآن الكريم . ذلك التخير هو أساس كل تخطيط حتى في بث الدين وتخير أحسن مواضعه وتلمس أفضل الوسائل البشرية والمادية لذلك ولذلك قال عليه السلام ” اللهم أعز الاسلام بأحد العمرين “. كل ذلك من باب حسن التخطيط للدعوة ولا يتعارض ذلك مع ” إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء ” لا بل لا يتعارض ذلك مع ما تلقاه عليه السلام من عتاب في شأن عبد الله إبن مكتوم ” عبس وتولى أن جاءه الاعمى …” . الصورتان في الظاهر متعارضتان : صورة التصدي للكبراء بالهداية والتلهي عن المغمورين من المؤمنين وصورة إبتغاء الاسلام في جبارين من مثل إبن الخطاب وإبن هشام ومثلها صورة التوجه إلى كبراء الطائف . تعارض الصور لو ظللت تجمعه دون مراعاة لحال وحال لبدت لك الشريعة غير ا لشريعة والسيرة غير السيرة ولكن ” من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين ” .
شبهة يمكن أن تشغب عليك : إذا كان التخطيط حسنا محكما في الطائف فلم كان الصدود عنيفا حتى إضطر عليه السلام إلى طلب اللجوء من مشرك في مكة ؟ الجواب : التخطيط الحسن والمحكم بما يتيسر للانسان من علوم ومعارف وتجارب ونصائح وشورى وإستخارة لا يفضي دوما إلى ما يأمله كل مخطط من تخطيطه وليس ذلك دوما نتيجة لخطإ في التخطيط ولكن يكون ذلك إبتلاء منه سبحانه لحكم أخرى لانه ” إليه يرجع الامر كله ” و ” إليه تصير الامور ” و ” ما تشاؤون إلا أن يشاء الله ” وليس ذلك دوما عقابا بل أحيانا يكون جزاء ونعمة . ليس هذا موضوعنا الان على كل حال .
4 ــ التفكير في مكان آمن بعيد للدعوة الاسلامية بعد أن ضاقت مكة والطائف والتخطيط لذلك عبر وسائل كثيرة عديدة لن نحصرها الان ومنها :
ــ إرسال مصعب سفيرا بكلمته الصادقة الرقيقة ولا شك أن إختيار مصعب بالذات لم يك عبثا حاشاه عليه السلام وهو رفيق رجل عرف بأنسب نسابي العرب وهو نفسه عليه السلام ينبئك عن كل إنسان فيم يصلح وفيم لا يصلح ليس وحيا بل خبرة وتجربة ومعرفة وعلما بالواقع .
ــ ترتيب بيعتي العقبة على أساس أن الاولى للاسلام والثانية للنصرة
ــ تشريك المرأة في البيعتين لتقوم بدورها سيما في الاسرة وفي النساء بخطابها الخاص .
ــ إعتماد التنظيم مرة أخرى ـ بعد تنظم أصحابه في محكمة النجاشي ـ من خلال النقباء
ــ إعتماد الشورى في تصعيد النقباء من المعنيين أنفسهم دون أدنى توجيه من أحد لاشعارهم بأن كل واحد منهم مسؤول عن هذا الدين ودعوته وأمره في كل شأن .
ــ تعبئتهم بثقافة سلوكية ـ وهي هنا قولية غزيرة كذلك ـ مفادها أن ” ما أصابك ما كان ليخطئك وما أخطأك ما كان ليصيبك ” وغير ذلك من عقيدة القضاء والقدر حسن تحمل ذهني وعملي في ساعة المصيبة والعسرة و في ساعة النعمة والنصرة وذلك هو ما ثبت الصحابة من الانصار سواء الذين وقعوا في الاسر في عقب البيعة الثانية أو الذين وصلت إليهم أنباء رفاقهم … على الاسلام والوفاء بعقد النصرة .
كان يمكن لتلك الثقافة بعقيدة القضاء والقدر لو كانت هشة أن تدمر البيعة بأسرها وتؤجج حربا في المدينة تقلب ظهر المجن لعمل مصعب قبل ذلك بعام كامل وتحكم على المدينة مهجرا بأقسى مما كان في الطائف من صد وعدوان وإغراء للسفهاء به عليه السلام .
ــ أعمال أخرى لا تحصى من مثل : تسبيق أصحابه هجرة والسماح لعمر بالهجرة علنا والافتداء بعلي ورفقه أبي بكر وإدخار مال لشراء الراحلة وإستئمان مشرك وإشراك إمرأة وراع وغيرهما في العملية والتوجه إلى عكس إتجاه المدينة والتخفي ثلاثا وبث الامل بين يدي سراقة والتدبير السري في كل المراحل والمبادرة ببناء المسجد وعقد المؤاخاة عمليا والدستور السياسي مكتوبا موثقا في أمة أمية وغير ذلك كثير لا يحصى وهو مندرج كله في حسن التخطيط وقبل ذلك في إعتماد التخطيط إبتداء .
خير من علمه التخطيط عليه السلام كتابه الكريم :
1 ــ تخطيط يوسف عليه السلام لقضية الامن الغذائي في مصر وزيرا للمالية على مدى عقد كامل ونصف إذ كان يمكن أن تحل جائحة بالبلاد تذهب بالعباد لولا أنه سبحانه ألهمه بأن يكون حفيظا عليما ومنحه القدرة على إعلان ذلك وطلب الوزارة في حكومة غير إسلامية وفي مثل هذا الموقع يتنزل قول إبن تيمية عليه الرحمة ” ليس العاقل من يدرك الخير من الشر ولكن العاقل من يعرف خير الخيرين وشر الشرين ” . وهو ما أسماه الفقهاء فقه الموازنات أبو فقه الترجيحات والتغليبات والاولويات .
2 ــ تخطيط ذي القرنين في قضية الامن العسكري تحصنا من شر يأجوج ومأجوج وهي خطة مقصدها عسكري أمني وقائي ومادتها تحديث البنية التحتية المدنية وبما يستلزم ذلك من صناعة حديدية قوية .
3 ــ شيخ الانبياء إبراهيم عليه السلام وهو يخطط في مكر إسلامي عظيم لانجاح دعوته التوحيدية الخالصة بين قومه وذلك لما تعلل بالسقم فأنفضوا عنه فإهتبل ذلك إختلافا إلى آلهتهم التي يعبدون ليهدمها ويدمرها ثم يعلق الفأس الذي إخترمها به على رأس كبير تلك الالهة . وهو في كل ذلك يخطط لجعل قومه يؤمنون بالاله الواحد الاحد الفرد الصمد لفرط ما يجدون من ضعف وهزال في آلهتهم التي لا تدافع عن نفسها لا بل لا تنطق أصلا وهي الخطة التي نجحت نجاحا باهرا جدا بتصريح المشركين أنفسهم لما أخبر عنهم ” فرجعوا إلى أنفسهم لقد علمت ما هؤلاء ينطقون ” .
ملاحظة ختامية :
كيف يكون التخطيط إسلاميا ؟ أليس التخطيط موضوعا محايدا لا دين له عندما يتعلق بالاقتصاد والسياسة والاجتماع والقوة ؟ لو كان ذلك كذلك لما قال ذو القرنين ” فإذا جاء وعد ربي جعله دكاء وكان وعد ربي حقا ” ولما عوتب عليه السلام لنسيانه قول إن شاء الله يوم وعد يهودا بإخبارهم غدا عن أسئلتهم الثلاث ـ الروح وأصحاب الكهف وذي القرنين ـ ” ولا تقولن لشئ إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله ” . أو قال غدا أخبركم إن شاء الله .المهم هو أن التخطيط يكون إسلاميا بأمرين : بذل كل الوسع لاحكامه وتوفير كل شروط نجاحه ثم التوكل على الله وتفويض الامر له لانه يرد له كله سبحانه .
نحن اليوم أمام فريقين من المسلمين : فريق يهمل التخطيط أو يهون من شأنه حقيقة أو عملا وشر خلق الله منهم من عد ذلك شغبا على الغيب في عصر يصنع فيه الانسان سحابا ويمطر مطرا ويسخر طاقة الشمس لرفاهته وصناعته وربما لا يدع كوكبا من كواكب المجرة الشمسية المعلومة وغير المعلومة إلا وطأها بقدميه بعد عقود أو قرون بإذنه سبحانه لا بل فتح بالهندسة الوراثية مجاهيل تكاد تعصف بالفطرة . وفريق يعطي التخطيط في كل مجال حقه المحقوق ولكن إيمانه بالله ضعيف جدا مشوش مضطرب مغشوش لا يكاد يثبت عند كل عاصفة علمية جديدة .
خير من يعلم هؤلاء وأولئك أبجديات التخطيط الاسلامي هو سيد البشر عليه الصلاة والسلام .
والله تعالى أعلم
الهادي بريك / ألمانيا
تقرير: ملاجئ تحتجز فيها نساء ليبيات لا تختلف عن السجون
اسماعيل هنية يؤكد لـ «الشروق» :
لن نعترف بإسرائيل.. ولن نرضخ لأي ضغط أو ابتزاز
“قضية الحجاب”: رسوم بفرنسا لا تمس المقدسات
رايس في مضاربنا.. فأين النوق والجمال!
البشير التنجال
سوسة ـ تونس
زارت وزيرة خارجية الولايات المتحدة الأمريكية مصر ودول الخليج العربي بهدف إقناع حكامها بعزل حركة حماس سياسيا بعد فوزها في الانتخابات التشريعية الفلسطينية بغالبية مقاعد المجلس التشريعي، واصفة إياها بالحركة الإرهابية التي تهدد وجود الكيان الصهيوني في فلسطين، طالبة من هؤلاء الكف عن مساعدة الشعب الفلسطيني وتجويعه لأنه اختار بصفة ديمقراطية حركة حماس .
في المقابل أعطي الضوء الأخضر للجيش الصهيوني كي يمعن في تقتيل الشعب الفلسطيني وتجريف أراضيه وتهديم بيوته ومداهمتها وأسر الأطفال والنساء والشبان أمام أنظار العالم حيث لم تصدر أية إدانة سواء من الغرب أو من جل الحكام العرب أو من الأمين العام للأمم المتحدة الذي من المفروض ألا يكون وكيلا للإدارة الأمريكية بل محايدا وساهرا علي تطبيق ميثاق الأمم المتحدة التي لا تعتبر حركات مقاومة الاحتلال حركات إرهابية وبالتالي لا يجوز للأمين العام للأمم المتحدة أن يدعو حركة حماس إلي إلقاء السلاح والاعتراف بالاحتلال الصهيوني لفلسطين دون أن يعرج علي فظاعة المأساة التي يعانيها يوميا الشعب الفلسطيني كما لم يشر في بيانه إلي الاعتداءات اليومية للجيش الصهيوني في حق الفلسطينيين.
هل صدر موقف عن هؤلاء القادة الغربيين يطالب إسرائيل بنزع أسلحتها النووية وبالكف عن تقتيل وتهجير الفلسطينيين أصحاب الأرض الأصليين؟ فلماذا لا يطالب المجتمع الدولي ـ إن وجد ـ بتجريد إسرائيل من أسلحتها المحرمة؟!
ما هذا الصلف والاحتقار الغربي الذي يدعو حركات المقاومة العربية في فلسطين وفي لبنان وفي العراق إلي التخلي عن السلاح، والذي يتهم كل الدول الداعمة لحركات المقاومة بالأنظمة الإرهابية، والتي تعمل مع حلفائها في المنطقة العربية علي محاصرة حركات المقاومة وتجفيف منابع دعمها حتي يسهل السيطرة الكلية علي العالم العربي فيقع الزج به في نزاعات عرقية ومذهبية تمهيدا لتقسيمه وسحب هويته العربية عنه كما يحدث الآن في العراق بعد الاعتداء الآثم علي المراقد وعلي كثير من مساجد أهل السنة.
إن الأهداف الامبريالية الغربية معلنة وهي السيطرة علي منابع النفط والاستحواذ علي السوق العربية، وهي لا تتورع في قتل آلاف الأبرياء في سبيل تحقيق أطماعها.
(المصدر: صحيفة القدس العربي الصادرة يوم 28 فيفري 2006)
تغول الصراع الدولي
عثمان صادق شريحة (*)
اهتمت مختلف المرجعيات المعرفية في العصر الحديث بفكرة الصراع بوصفه نشاطا منسحبا علي كافة المجالات، وتعدّ المقاربات الانثروبولوجية وذات الصلة بعلم الاجتماع أكثر المرجعيات اهتماما بفكرة الصّراع تدعمها في ذلك آليات التحليل الاقتصادي الرأسمالي والاشتراكي علي حدّ سواء، كما أنّها تفيد كثيرا ممّا توصّلت إليه العلوم السياسية من رصد لأشكال منظورة من الصراعات بين التنظيمات السياسية في مستوي القطر الواحد أو في مستوي الكتل والتجمعات الإقليمية والدولية.
وتتفق جلّ الهياكل العلمية والبحثية ذات العلاقة بالموضوع علي أن الصراع أصبح مهيمنا علي أنماط العلاقات بين الدول والشعوب، فالحصار الاقتصادي والسياسي وانتقال حاملات الطائرات من فضاء إلي آخر واستدعاء الاحتياطي من الجيوش والاحتلال المباشر والتهديد بالعقوبات من مجلس الأمن والترهيب بمنع المساعدات والتهديد بتنفيذ عمليّات ميدانية ضدّ المدنيين مظاهر مختلفة لأشكال الصراع الحضاري بين مكونات النظام العالمي الجديد.
إنّ سعي مراكز الأبحاث المتخصصة لتفكيك الآليّات المفضية إلي وقوع الصراع الحضاري انطلاقا من تجربة الأمريكيين في جامعة متشغان سنة 1959 لم يفض إلي نتائج عملية رغم إلحاحه المستمرّ علي مخاطر الصراع ليس علي القوي الدوليّة الضعيفة فحسب، بل كذلك علي القوي المتحكمة المسيطرة علي هذا الصراع، فلم يعد للحروب بمختلف أشكالها العسكرية والاقتصادية والسياسية والثقافية، منتصرون ومنهزمون، بل أصبح لها منهزمون بخسائر كبيرة ومنهزمون بخسائر أقل، ورغم حرص مؤسسات البحث المختلفة علي محاصرة إرهاصات ظاهرة الصراع وخاصة بعد الحرب العالمية الثانية التي شهدت اندفاعة أكاديمية تنظيريا وميدانيا، فإن بداية القرن الحادي والعشرين تؤكّد وجود مظاهر من الصراع العالمي منفلتة من كل رقابة، ذلك أنّها لا تخضع للمعايير السائدة في تحديد الأسباب المفضية إلي نشأتها من جهة وبيان الإجراءات الكفيلة بحلّها من جهة أخري.
لقد أدّي تنامي القوّة العسكريّة للولايات المتحدة الأمريكية بعد انتهاء الحرب الباردة وانهيار المعسكر الشرقي إلي اختلال فعلي في التوازن الدّولي، وأسهم انعدام وجود الرادع الموازي في دفع الولايات المتحدة إلي البحث عن بدائل اقتصادية بطـــــرق لا تولي أيّة أهميّة للمعايير الدوليّة التي كرّستها المنظمات العالمية وفي مقدّمتها منظمة الأمم المتحدة، فغزو بنما والصومال واحتلال أفغانستان والعراق، ومساعدة بعض الحركات السرية في أمريكا اللاتينية نتائج قصيرة ومتوسطة المدي للانهيار الاقتصادي الذي شهدته الولايات المتحدة عقب انتهاء الحرب الباردة.
(*) باحث أكاديمي تونسي
(المصدر: صحيفة القدس العربي الصادرة يوم 1 مارس 2006)