Pour afficher les caractères arabes suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe ( Windows )
To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic (Windows).
بمناسبة حلول عيد الفطر المبارك تتقدم أسرة تونس نيوز إلى جميع السيدات والسادة القراء وإلى جميع أصدقائها وأحبابها أجمل التهاني وأصدق الأماني سائلين المولى عز وجل أن يتقبل من الجميع الصيام والقيام وطيب الأعمال وأن يعيده بفضله وكرمه على جميع التونسيين والعرب والمسلمين بالخير والبركة والنصر والتأييد وأن يفرج كُـرب الجميع وأن يعجل برحمته بسراح المسجونين وبعودة المغتربين وأن يلم الشمل ويوحد القلوب ويخرج بلادنا وسائر بلاد العرب والمسلمين من الأحوال التي تردت فيها إلى أفضل حال.
وبهذه المناسبة نخص بالشكر جميع السيدات والسادة الذين بعثوا إلينا بتهانبهم الرقيقة ونعتذر لهم جميعا عن عدم القدرة على إفراد كل واحد منهم بالرد الذي يليق به.
عيدكم مبروك وكل عام وأنتم جميعا بألف بخير.
بسم الله الرحمان الرحيم
حركة النهضة بتونس
بيان
السبت 29 رمضان 1427 الموافق ل 21 أكتوبر 2006
في سياق تصعيدي خطير أقدمت السلطة التونسية على محاصرة الأخ علي العريض القيادي الإسلامي والناطق الرسمي السابق لحركة النهضة ومنعه من حضور تظاهرة الذكرى السنوية لحركة 18 أكتوبر وقامت باستدعائه والتحقيق معه كامل يوم الخميس19 من الجاري حيث تعرض للتهديد بالإعادة للسجن بعد أن كان قد قضى فيه أكثر من 13 سنة اغلبها في عزلة انفرادية كاملة
كما تقوم السلطات التونسية بمضايقات متواصلة للمعارضين من ذلك إحالة الدكتور المنصف المرزوقي رئيس حزب المؤتمر من اجل الجمهورية العائد لتوه إلى البلاد على حاكم التحقيق بدعوى التحريض على العصيان والعنف وهي التهم التي وجهت له على خلفية تدخله في قناة الجزيرة الدولية يوم السبت 14 أكتوبر الجاري.
كما أحيل الأستاذ نجيب الشابي الأمين العام للحزب الديمقراطي التقدمي ومدير جريدة الموقف على حاكم التحقيق بدعوى باطلة شكلا ومضمونا وتتعلق بافتعال تغيير عنوان مطبعة جريدة الموقف دون إعلام السلطات
وفي نفس المسار ألتصعيدي تعرض المناضل الحقوقي والسجين السياسي السابق السيد لسعد الجوهري للاعتداء بالعنف من طرف أعوان امن الدولة امام قصر العدالة عندما كان يهم بالدخول لحضور جلسة محاكمة السيد حسين بن عمر أحد الأساتذة المسقطين عمدا في مناضرة (الكاباس) أمام قصر العدالة عندما كان يهم بالدخول لحضور جلسة محاكمة السيد حسين بن عمر أحد الأساتذة المسقطين عمدا في مناضرة (الكاباس).
من جهة اخرى تتواصل الحملة الشعواء على المحجبات في كل مكان في اعتداء صارخ على حرية شخصية في اختيار اللباس وتناقض عجيب مع ديننا وتقاليدنا.
إن هذا التصعيد الخطير الذي تتجه إليه السلطة وتنفذه أجهزتها الأمنية و الإدارية بتشنج يعكس مرة أخرى عدم الوعي بخطورة الأزمة التي تهوي إليها تونس حيث تدفع هذه السياسة التصعيدية إلى مزيد تعميقها واستفحالها على كل صعيد في الوقت الذي يجمع فيه كل الوطنيين على ضرورة الإصلاح العاجل والشامل بدءا بإخلاء السجون من السياسيين وسجناء الرأي وإيقاف المحاكمات والاعتقالات والتضييقات ورفع حالة الحصار والحضر على العمل السياسي والجمعياتي وإنهاء أسلوب المعالجات البوليسية للقضايا السياسية والدينية والذي لم يأت بخير لبلادنا.
ان حركة النهضة اذ تتابع بكل اهتمام هذه التطورات الخطيرة فانها:
1– تدين بشدة إحالة الدكتور المنصف المرزوقي رئيس حزب المؤتمر من اجل الجمهورية والأستاذ نجيب الشابي الأمين العام للحزب الديمقراطي التقدمي على حاكم التحقيق بتهم مفتعلة وتطالب بإيقاف التتبعات ضدهما والتضييقات المسلطة عليهما.
2- كما تدين بنفس الشدة تعرض الإخوة علي العريض ولسعد الجوهري إلى التضييقات وتطالب السلطات بالكف عن هذه الممارسات والانتهاكات التي تستهدفهم ويتعرض لها عدد من الإخوة المسرحين من السجن.
3- تجدد تضامنها مع التونسيات في ما يتعرضن له من اعتداءات واضطهاد في الشوارع والجامعات بهدف منعهن من ارتداء الحجاب الذي نعتبره اختيارا شخصيا يجب على الجميع احترامه والدفاع عن الحرية الفردية بمبدئية ليست مشروطة او جزئية.
4- تحيي المواقف الوطنية والنضالية التي عبرت عنها الأحزاب الوطنية الجادة وأدانت بوضوح تدخل السلطات بالعنف في حرية اللباس وهي ممارسة منافية لكل منطق سوي ولحقول الإنسان الأساسية.
5- تجدد تمسكها بمطالب الحريات العامة والفردية التي التقت على أرضيتها حركة 18 أكتوبر وتدعو جميع الأطراف إلى مزيد النضال والعمل معا من اجل تحقيق هذه المطالب المشروعة.
عن حركة النهضة – تونس
الشيخ راشد الغنوشي
المؤتمر من أجل الجمهورية تهاني العيد
الاحد 22 تشرين الأول (أكتوبر) 2006. باسم رفاقي في المؤتمر من اجل الجمهورية وباسمي الخاص أتقدم بأحر تهاني العيد المبارك لسامية عبو وأطفالها ، لنساء وأمهات وأطفال الرهائن السياسيين ، لمحمد عبو ولكافة المحتجزين في سجن الطاغية ، لكل مناضلي الديمقراطية وحقوق الإنسان في تونسنا الحبيبة المنكوبة بالفساد والقمع والتزييف ، لكل مواطنينا ومواطناتنا ، لكل أخوتنا في العروبة والإسلام.
نسأل الله أن يعيد علينا مثل هذا اليوم في السنة المقبلة وقد فرج الكرب وتحررت تونس وما ذلك على الشعب بعزيز شريطة أن نتذكر أمر الله ” و قل اعملوا…..” د. منصف المرزوقي رئيس المؤتمر من أجل الجمهورية http://cprtunisie.net/article.php3?id_article=509
عودة الدكتور منصف المرزوقي إلى تونس
عاد الدكتور المرزوقي إلى تونس هذا المساء دون أن يتعرض لاي مضايقات في المطار. وقد تم إستقباله من طرف عدد كبير من الاصدقاء. كما كان في انتظاره مراسلو وكالات الانباء الدولية وعقد بهم ندوة صحفية في بهو المطار أكد فيها نيته العمل من أجل إقناع التونسيين بإنتهاج خيار المقاومة المدنية السلمية في مواجهة قمع الدولة.
كما اكد نيته الانخراط في معركة فرض الديموقراطية دون خوف من انتقام السلطة رغم التهديدات الجدية بسجنه في ظل القضية المسجلة ضده والتي تعرضه حسب محاميه الى فصول قانون مكافحة الارهاب. و اكد المرزوقي نفس هذه المعاني في تصريح لقناة الجزيرة, مضيفا انه فرض حقه في العودة والتعبير على السلطة فرضا ولا يعترف لها بمنة عدم اعتقاله . وقد تمت تغطية حدث عودة المرزوقي الى تونس بشكل مكثف من طرف وكالات الانباء ووسائل الاعلام الدولية.
عماد الدائمي مسؤول موقع المؤتمر من اجل الجمهورية
معارض تونسي يدعو الى `العصيان المدني`
تونس – ا ف ب: قال المعارض التونسي منصف المرزوقي الذي اقام في فرنسا خمس سنوات ، امس في تونس انه عاد الى بلاده للتحريض على “العصيان المدني السلمي” من اجل الديمقراطية على الرغم من ملاحقته قضائيا.
وقال لدى وصوله الى مطار تونس قرطاج الدولي “عدت لمواصلة الكفاح من اجل الديمقراطية وحقوق الانسان بكل الوسائل السلمية”.
وعاد منصف المرزوقي وهو رئيس حزب “المؤتمر من اجل الجمهورية” المحظور ، الى تونس رغم دعوته للمثول ، حال عودته ، امام القضاء بتهمة “التحريض على العصيان المدني”. واضاف المرزوقي في تصريحات للصحفيين “ان هذه التهمة لا قيمة لها وانا فخور بتحريض الناس على ممارسة حقوقهم للتوصل الى نظام ديمقراطي ليس عن طريق العنف بل عبر الوسائل السلمية”.
واوضح عبد الرؤوف العيادي محامي المرزوقي 61″ عاما” ان موكله ملاحق بسبب حديث لقناة “الجزيرة” الفضائية دعا فيه الشعب الى “العصيان المدني باستخدام الوسائل السلمية لفرض الحقوق والحريات”.واوضح المحامي ان عقوبة هذه التهمة السجن لفترة تتراوح من شهرين الى ثلاثة اعوام.واضاف المرزوقي “ان اي محاولة ترهيب ضدي او ضد رفاقي لن تنجح”.
وكان المعارض التونسي اقام في فرنسا منذ العام 2001 حيث درس الطب بعد ان طرد من كلية الطب في سوسة جنوب العاصمة التونسية.
والمرزوقي كان رئيسا للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان حتى 1994 وهو احد مؤسسي مجلس الحريات في تونس (محظور) ومؤسس حزب المؤتمر من اجل الجمهورية في 2001.
(المصدر: صحيفة الدستور الأردنية الصادرة يوم 22 أكتوبر 2006)
تونـس:
محاكمة المعارض المرزوقي ” .. و صحف تصف المحجّبات بـ”العاهرات” و الحجاب بأنه “لباس النساء العبيد”
تونس – المصريون – كتب سليم بوخذير
في تطوّر ثان بعد سحبها لسفيرها بالدوحة احتجاجا على بثّ قناة “الجزيرة” التي تحتضنها قطر لمقابلة مع المعارض التونسي الدكتور المنصف المرزوقي، استدعت السلطات التونسية هذا المعارض من مقرّه بباريس للمحاكمة أمس السبت 21 أكتوبر – تشرين الثاني 2006 ، على خلفيّة تصريحاته ل”الجزيرة” .
وقال عماد الدايمي القيادي في حزب لمؤتمر من أجل الجمهورية الذي يترأسه د. المرزوقي إنّ “الإستدعاء تضمن توجيه تهمة التحريض على العنف إلى رئيس الحزب” ، متابعا أنّ “د. المرزوقي إستخفّ بالإستدعاء الذي تزامن موعد الحضور فيه ، مع الموعد الذي قرّره مسبقا للعودة إلى تونس وقرّر عدم العدول عن قرار العودة غدا “، حسب قوله.
و كانت قناة “الجزيرة” قد أجرت مقابلة على الهواء ظهيرة يوم الأحد الماضي مع المرزوقي ضمن برنامج “منتصف اليوم” ، أطلقت خلالها المعارض التونسي انتقادات للحكومة التونسية بشأن أوضاع الحريات و حقوق الإنسان في تونس .
و إثر ذلك بيوم واحد (الإثنين 16 أكتوبر – تشرين الثاني 2006 ) سحبت الحكومة التونسية سفيرها بالدوحة .
و صرّح مصدر من “الجزيرة” أنّ “السفير ليس وحده الذي غادر احتجاجا على مقابلة المرزوقي و إنّما أيضا القائم بالأعمال” .
فيما قالت مصادر متطابقة في تونس إنّ “سحب السفير كان بسبب مقابلة المرزوقي مع “الجزيرة” وأيضا بسبب مواكبة القناة المكثفة لحملة منع المحجبات في تونس”، حسب قولها .
و أدان من جهته حزب المرزوقي سحب سفير الدوحة بسبب المقابلة ، و قال نائب رئيس الحزب عبد الرؤوف العيادي لـ “المصريون” إنّ “قطع الحكومة لعلاقاتها مع قطر خطوة جدّ خطيرة ” ، واصفا إياها بأنها “دليل آخر على ما بلغته معاداة النظام التونسي لحق التعبير وحرية الإعلام من مستوى” ، على حدّ تعبيره .
و تمنع الحكومة التونسية قناة “الجزيرة” من نقل مراسلات من تونس ، و اشتكت منظمات حقوقية ممّا وصفته ب”التحرّشات الأمنية بمراسل”الجزيرة” في تونس لطفي حجّي و مصادرة بطاقته الصحفية واحتجازه المتكرر في مخافر البوليس بسبب تقاريره المكتوبة التي ينشرها بالجزيرة ” .
و لم يتسنّ لـ “المصريون” الحصول على أي تعليق رسمي من الحكومة التونسية على هذا الموضوع رغم محاولاتنا المتكرّرة.
و في سياق متّصل واصلت الصحف القريبة من الحكومة في تونس ما وصفه الرأي العام التونسي ب”الهجمة الإعلامية على الحجاب و المحجّبات بالتزامن مع الحملة الأمنية” ، و مازال مقال نشرته صحيفة “الحدث” الأسبوعية المعروفة بقرابتها من وزارة الداخلية أمس الأول، يثير غضبا واسعا في تونس ، ووصف المقال غير الموقّع الحجاب بأنّه لباس “المومسات و العاهرات ” متابعا “أنّ الحجاب هو في المجتمعات الشرقية لباس العبيد من النساء و ليس الأحرار” ، حسب تعبير الصحيفة .
* الحكم بتغريم معارض بسبب تضامنه مع الطالبات المحجبات. . و آخرين بالسجن
و في تطور آخر دخل ناشط طلابي معارض في تونس في إضراب متواصل عن الطعام منذ 13 أكتوبر – تشرين الاول الجاري ، إحتجاجا على ما وصفه ب”مقاضاته بسبب تضامنه مع الطالبات المحجبات بكلية العلوم بتونس يوم منعنّ من الدخول بقوة البوليس”
و قال عبد الحميد الصغير (29 سنة ) من مقر إضرابه عن الطعام “لن أتوقف عن هذا الإضراب القاسي إلاّ في حالة إلغاء محاكمتي الباطلة لمجرّد تضامني السلمي مع زميلات لي منعن من حق الدراسة بسبب حق حرية اللباس” ، على حدّ قوله.
و كانت المحكمة الإبتدائية بالعاصمة تونس قد حكمت على الصغير بتاريخ 13 أكتوبر الحالي بغرامة مالية دون السجن بتهمة “الإعتداء بالعنف على أعوان أمن” .
و من جهة أخرى أعلنت نفس المحكمة حكمها بالسجن 15 يوما على المعارضين حسين بن عمر ومحمد الحفناوي ، بتهمة “التشويش و الشغب” ، على خلفية تظاهرهما الثلاثاء 10 أكتوبر –تشرين الأول 2006 بالشارع الرئيسي للعاصمة التونسية للمطالبة بـ “حقهما في العمل” كأساتذة تعليم ثانوي ، متهمين الحكومة التونسية بما وصفاه ب”تجويع المعارضين لها” ، حسب تعبيرهما.
و إتهم محامو المتهمين السلطات بما وصفوه ب “بولسة المحكمة يوم المحاكمة و منع شرط العلنية الذي ينصّ عليه القانون بمنع عديد الحاضرين من الدخول ” و إتّهم المحامي نور الدين البحيري البوليس بـ “الإعتداء بالعنف الشديد على المعارض لسعد الجوهري حين رفض الإنصياع لأوامر الامن بعدم دخول المحكمة” .
وعُرف لسعد الجوهري بإنتمائه لحركة “النهضة”الإسلامية، و كان قد سجن في 1991 قبل الإفراج عنه في 1998 حيث خرج يُعاني من إعاقة يتّهم دوائر الأمن ب”التسبّب فيها من جرّاء التعذيب” ، على حد وصفه.
وراء القضبان خالد العيوني
أوقف زوجي خالد بن محمد صالح العيوني في دولة الإمارات العربية المتحدة في شهر أكتوبر 2005 حيث كنا نتواجد هناك بشكل قانوني مع طفلينا. ووقع ترحيله إلى تونس بشبهة الصلة بالإرهاب نتيجة لوشايات مغرضة وادعاءات باطلة. أودع السجن المدني 9 أفريل بتونس ومنذ ذلك التاريخ بدأت رحلة العذاب. ولم تقع محاكمته لحدّ اليوم ولم يقع حتى تعيين جلسة لذلك.
في غضون شهر جويلية 2006 تمت نقلته إلى السجن المدني بقفصة، وهناك تدهورت وضعيته بشكل كبير ومتصاعد. وتزايدت أتعابنا كعائلة صغيرة وكثرت أسئلة أبنائه الصغار عن غياب والدهم. بدا زوجي يتعرض لسوء المعاملة والتعنيف اللفظي والمادي. واصبح يشكو من أمراض جلدية مختلفة تتمثل في بثور في كامل جسمه وبقع سوداء على وجهه. كما ان طعامه يقتصر على وجبة واحدة في اليوم تتمثل في قطعة خبز. علما وأنني آخذ له القفة عندما تسمح بذلك الظروف لكنها لا تصله. أصيب بهزال وضعف شديدين. منع من الاغتسال ومن تغيير ملابسه وتم عزله لمدة طويلة في زنزانة تنعدم فيها أبسط متطلبات التهوئة والإضاءة ومنعت عنه الصحف والكتب. هدده مدير السجن المدني بقفصة بحرمانه تماما من الزيارة إذا اخبر أحدا بظروف إقامته وعما يحدث له.
تعرض لنوبة قلبية من جراء ما يحدث له في سجن قفصة استوجبت استدعاء طبيب السجن لتفادي حصول الأسوأ. في الأسبوع الأخير تعرض زوجي للضرب المبرح من أعوان السجن (حوالي 10 أفراد) حتى أغمي عليه. وانتهى الأمر به إلى الدخول في إضراب جوع احتجاجا على المعاملة السيئة والتنكيل الذي بلغ حدا لا يطاق. لا شك أن الأضرار النفسية والصحية التي لحقت بزوجي بلغت من الفداحة الحدّ الذي يصعب معه العودة إلى الحياة الطبيعية مجددا عندما يبرئه القضاء من التهم من المنسوبة إليه كما نرجو. إننا نصرخ بأعلى صوتنا لكل شرفاء هذه الأرض ” تجندوا لغنقاذ نفس بشرية بريئة”
سارة الأزغب حرم خالد بن محمد بن صالح العيوني
(المصدر: موقع pdpinfo.org نقلا عن صحيفة الموقف الأسبوعية، العدد 378 بتاريخ 20 أكتوبر 2006)
بــــــــــــــــلاغ
تونس 22 اكتوبر 2006
اليوم العاشر للاضراب عن الطعام
في الوقت الذي يستعد فيه العالم الاسلامي للاحتفال بعيد الفطر اعاد الله علينا وعلى الامة الاسلامية باليمن والبركة يدخل اضرابي عن الطعام انا الطالب بالمرحة الثالثة عبد الحميد الصغير يومه العاشر بعيدا عن والدتي العزيزة وبقية افراد عائلتي ورحم الله الوالد
وياتي هذا الاضراب احتجاجا على محاكمتي الاستعجالية و على منعي من التعبير عن مواقفي بكل حرية
واذ ادعو الله العلي القدير ان يكون هدا العيد مباركا على الامة الاسلامية قاطبة
– اعلن تمسكي بمحاكمة عادلة – اؤكد ان مطلبي الرئيسي للاضراب هو الحصول على جواز سفر – اناشد كل الضملئر الحية للوقوف معي من اجل تحقيق مطالبي – ادعو السلطة الى مراجعة موقفها وخاصة واننا في هذه الايام المباركة
والسلام عبد الحميد الصغير
للتعبير عن تضامنكم: مكان الاضراب: نهج سيدي سفيان وسط العاصمة , عمارة عدد: 25 الطابق الثالث شقة عدد 8 الهاتف : 0021697080718 absghaier@yahoo.fr
نداء مثقفي العالم العربي من أجل دارفور
منذ سنة 2003 ورحى الحرب تدور في دارفور. وقد تسببت إلى الآن في موت 300 ألف شخص، وتشريد أكثر من مليونين، بعد تدمير حوالي 80٪ من قراهم، وهو ما يمثل ثلث سكّان المنطقة.
ورغم النّداءات العديدة التي أطلقتها المجموعة الدّوليّة، فإنّ المدنيّين يظلّون مستهدفين يوميا من قبل القوات المسلحة السودانية و الجانجاويد، أي الميليشيات المجهزة من قبل النظام العسكري بالخرطوم. كما أنّ بعض فصائل الحركات المتمردة مسؤولة هي الأخرى عن خروقات وانتهاكات لحقوق الإنسان إزاء سكّان هذه المنطقة.
ورغم أنّ الحكومة السّودانيّة وقّعت مع قسم من المتمرّدين معاهدة سلام في ماي 2006، فإنّ الاغتصابات الجماعيّة والهجمات على المدنيين و على أعضاء البعثات الإنسانية الدولية متواصلة في غربيّ السودان. وإلى اليوم ترتكب جرائم الحرب وترتكب انتهاكات فادحة للقانون الدولي في غياب أيّ عقاب للمتورّطين.
لقد أدّى النزوح الكثيف لسكان الأرياف نحو مخيّمات اللاجئين إلى اضمحلال الفلاحة المحلية. وهو ما جعل سكان المنطقة يعوّلون تعويلا كلّيّا على المعونات الغذائية. وما جعل شبح المجاعة يهدّد دارفور وينضاف إلى الخراب النّاجم عن الحرب.
ورغم القرار 1706 الصادر عن مجلس أمن الأمم المتحدة، فإنّ النّظام السودانيّ يرفض رفضا قاطعا نشر قوات دولية لحفظ السلام بدارفور. وهو ما جعل الجرائم المرتكبة في هذه المنطقة تمارس في الخلوة التّامّة.
إنّ الموقّعين على هذا النداء يستنكرون صمت العالم العربي إزاء هذه المأساة، و يطالبون الفاعلين في المجتمع المدني، و المسؤولين السياسيين بحثّ حكوماتهم وحثّ المؤسسات الإقليمية على اتخاذ مواقف واضحة من أجل وقف المعارك بدارفور، وإرغام الحكومة السودانية على إيجاد حل سلمي للخلافات على خلفيّة احترام حقوق سكان دارفور.
حرّر هذا النّداء بمبادرة من جمعية بيان الحريات
بعض الموقّعين :
أحمد أبو دحمان، كاتب (السّعوديّة)
أدونيس، شاعر، سوريا
إلياس صنبر، كاتب (فلسطين)
إيلان هاليفي، كاتب (فلسطين)
برهان غليون، باحث في السّياسة (سوريا)
البشير هلال، ناشر (لبنان)
توفيق علال، رئيس جمعيّة بيان الحرّيّات (فرنسا)
جمال الغيطاني، روائيّ (مصر)
حازم صاغيّة، صحافيّ (لبنان)
دلال البزري، كاتبة (لبنان)
رجاء بن سلامة، كاتبة (تونس)
سناء بن عاشور، أستاذة قانون (تونس)
صلاح ستيتية، كاتب وشاعر (لبنان)
صوفية بسيس، مؤرخة (فرنسا)
عبد القادر الجنابي، شاعر (العراق)
فايز ملس، أستاذ (سوريا)
فتحي بن سلامة (محلل نفسانيّ، تونس-فرنسا)
كاظم جهاد حسن، كاتب وجامعيّ (العراق-فرنسا)
ليلى صبّار، كاتبة (الجزائر)
محمّد أركون، فيلسوف (فرنسا)
محمّد حربي، مؤرّخ (الجزائر)
محمّد عبد المطّلب الهونيّ، قانونيّ (ليبيا)
نادر البزري، فيلسوف(لبنان، بريطانيا)
نادية تازي، فيلسوفة (المغرب-فرنسا)
نور الدّين السعدي، قانونيّ وكاتب (الجزائر-فرنسا)
الرجاء إرسال التّوقيعات إلى العنوان التالي: manifeste@manifeste.org
افتتاحية “الموقف” مُـحـرمــات
جيء بوزير الشؤون الإجتماعية إلى شريط الأنباء مساء الثلاثاء الماضي (17 أكتوبر 2006، التحرير) ليلقي خطبة عصماء عن مآثر “التغيير” في مكافحة الفقر.
رسميا كانت المناسبة اليوم العالمي لمقاومة الفقر، إلا أن زلات لسان الوزير الذي انتفض متهجما على “البعض” (من دون تسميتهم) ممن قال إنهم يزيفون الحقائق عن الفقر في تونس ويستخدمون أرقاما مغلوطة (مستشهدا بأرقام صندوق النقد الدولي التي ذكر أنها تقدر نسبة الفقر بأربعة في المئة فقط) أكدت أن المناسبة لم تكن سوى غطاء لـ “هجوم مضاد”.
فكلام الوزير كان ردا على الندوة التي نظمتها جمعيات أهلية من بينها جمعية النساء الديمقراطيات ورابطة حقوق الإنسان عن تأنيث الفقر، والتي أعطيت التعليمات لوسائل الإعلام بالإمتناع عن نشر أي سطر عنها. لكن هذه الندوة الصغيرة التي حضرها عشرات فقط بحكم الحصار المضروب على الجمعيات المستقلة شغلت الحكومة وأقلقتها فأرسلت أحد أعضائها إلى التلفزة ليرد بشدة وحدة على أمر يُفترض أن المشاهدين لم يسمعوا عنه شيئا.
وإذا كانت الحكومة واثقة من سياستها ومتأكدة من نتائجها فما الذي منعها من استدعاء تلك الجمعيات إلى استوديوهات التلفزة بحضور الوزير ليفحمهم برده القاطع؟ لماذا هذا الهروب الدائم والمرضي من مقارعة الحجة بالحجة؟ ثم هل أن التدخل لمنع برنامج “بدون استئذان الذي كانت تبثه قناة “حنبعل” جاء لأنه تناول الفقر من زاوية الأرقام المحرفة التي استخدمتها الجمعيات المناوئة، أم لأن الفقر موضوع محظور في الإعلام التونسي بأي عنوان كان، وكأن من العيب أن يكون لدينا فقر بينما هو مستشر في أكثر البلدان رقيا؟
(المصدر: موقع pdpinfo.org نقلا عن صحيفة الموقف الأسبوعية، العدد 378 بتاريخ 20 أكتوبر 2006)
قلق أوروبي
أعلن الناطقان باسم حزب الخضر الأوروبي (الذي يضم الأحزاب المدافعة عن البيئة في أوروبا) فيليب لامبرتس وأورليك لوناساك في بيان صحفي أرسلت نسخة منه ل”الموقف” عن قلق الحزب من عدم الإعتراف بحزب تونس الخضراء.
وقال البلاغ إن الناطقين اجتمعا مع السيد عبد القادر الزيتوني منسق حزب تونس الخضراء بمناسبة المؤتمر الثاني للحزب الأوروبي المنعقد في جنيف يوم 15 أكتوبر الجاري وأكدا أن حزب تونس الخضراء هو الحزب التونسي الوحيد المعترف به من الأحزاب الأوروبية المدافعة عن البيئة وعبرا عن القلق من استمرار وزارة الداخلية في الإمتناع عن الإعتراف بالحزب على الرغم من مرور أكثر من سنتين على تأسيسه قانونيا.
وأفادا أن الحزب الأوروبي سيرسل بعثة إلى تونس لمعرفة الظروف التي أعطيت فيها تأشيرة لحزب بديل قريب من السلطة.
(المصدر: موقع pdpinfo.org نقلا عن صحيفة الموقف الأسبوعية، العدد 378 بتاريخ 20 أكتوبر 2006)
حزب الخضر للتقدم:
نرفض اللباس الطائفي لأنه عنوان الانغلاق والتحجر والفرقة
* تونس ـ الشروق:
أصدر أمس حزب الخضر للتقدم بلاغا استعرض فيه أبرز مواقفه من القضايا الراهنة، ومما جاء في البلاغ «إن رفض اللباس الطائفي ينطلق من مبدأ التأكيد على الاجماع الوطني والمحافظة على خصوصيات الهوية الوطنية كما يتنزل في إطار تثبيت فلسفة عدم توظيف الدين في السياسة وهي القناعات التي يبني عليها حزب الخضر للتقدم رؤيته في الحفاظ على مبادئ التطور والاصلاح الاجتماعي التي راكمتها تجربة البلاد على مر العقود والأجيال تأسيسا لمجتمع الوحدة والتجانس ورفضا لكل أسباب الانغلاق والتحجر والفرقة».
كما جدّد الحزب في نفس البلاغ موقفه الداعم لوحدة واستقلالية الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان وضرورة الحفاظ عليها بعيدا عن كل أشكال الاقصاء والتهميش.
(المصدر: صحيفة “الشروق” التونسية الصادرة يوم 22 أكتوبر 2006)
مفتي مصر يهاجم تونس لمنعها الحجاب
المؤتمر.نت – اكد مفتي مصر علي جمعة أن «دار الافتاء لها مواقفها التاريخية الرافضة للاستبداد السياسي والقهر الاجتماعي وتزوير الانتخابات من خلال الفتاوى التي تحرم ذلك كله وتمتلئ بها ارفف الفتاوى». لكنه قال ان «الناس في بلادنا لا تقرأ ولا تبحث».
وعن سر غياب دور الفتاوى في هذه القضايا المسكوت عنها من الاستبداد والفساد، قال انها «أمور يحرمها الشرع وتوجب الشريعة الاسلامية محاربتها»، موضحا ان «هناك رسائل جامعية في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية في جامعة القاهرة ناقشت موقف الاسلام من الاستبداد السياسي ووضحت مدى قبحه وضرورة محاربته وبينت الحكم الشرعي فيه منذ سنوات عدة، كما ان دار الافتاء لها فتاواها الشامخة في هذا الجانب منذ عشرات السنين وحتى اليوم ومن أراد الاضطلاع فليقرأ ملفات الفتاوى التي تزخر بها مكتبة الدار».
ورفض المفتي اعتذار جريدة «الغد»، والذي جاء على لسان رئيس تحريرها وعدد من كتَّابها وقيادات حزب «الغد» عما بدر من الصحيفة التي نشرت موضوعا تسبُّ فيه بعض الصحابةَ والسيدة عائشة وتصفُهم بأنهم «أسوأ عشرة شخصيات في الاسلام».
وطالب الجريدةَ، عقب توزيع جوائز مسابقة حفظ القرآن الكريم التي أقامتها اللجنة الاقتصادية في نقابة الصحافيين المصريين بأن «تنشر ملحقًا مماثلاً مع الجريدة يحمل عنوانًا رئيسيًّا مكتوبًا فيه: تُبنا الى الله وعزمنا على عدم العودة لذلك، وتُبرز فيه الصحيفة قيمةَ الصحابة، خصوصا العشرة الذين تناولَهم الموضوع السابق بالسبِّ والاهانات، وتؤكد أن هؤلاء العشرة هم من أفضل خلق الله».
ولم تقف مَطالب المفتي عند ذلك، بل ذهبت الى ضرورة أن يؤكد هذا الملحق أن الصحافي الذي كتب هذه الاهانات «قليل الأدب» باللفظ نفسه الذي قاله جمعة. وعن مسألة فرضية النقاب، قال: «بصرف النظر عمن أثار القضية، وبعيدًا عن المسمَّيات فان هناك اختلافاتٍ فقهيةً، ولا بد من احترامِها، فالمذهب الشافعي يقول بالنقاب، أما المذهب المالكي فعلى العكس تمامًا قال انه بدعة وانه لا يُرتدى الا اذا كان عادةَ أهل البلدة أو لامرأةٍ شديدة الجمال، يُخشي منها الفتنة»، مطالبًا بأن «ترتقيَ لغةُ الحوار الى احترام الاختلافات الفقهية وعدم اثارة القلاقل، وجزم بأنه ليس فرضًا».
وحول اختلاف أيام الصيام بين بعض الدول الاسلامية خصوصا في قضية تحرِّي ليلة القدر، أكد المفتي أن «الذين صاموا الأحد (مثل مصر) هم الأصح من الذين صاموا السبت مثل (السعودية) لأنه استحالت رؤية الهلال الا بعد ظهور شمس السبت بساعتين». ونصح جموعَ الصحافيين باعانة العلماء على بناء عقول أبناء الأمة، وقال: «سينصلح حال الأمة لو وفقكم الله الى ما يحب ويرضى».
الى ذلك، شن المفتي هجوما حادا على تونس التي تمنع الحجاب الاسلامي. وقال ان «دولة عربية واسلامية تمنع الحجاب تكون بذلك خالفت امر الله ورسوله وانه بذلك يتجرأ على فرض من فروض الله وعطل فرضا لا يستطيع حاكم او محكوم ايا كانت صفته ان يعطله بحال من الاحوال».
الرأي العام
(المصدر: موقع المؤتمر.نت (اليمني) بتاريخ 22 أكتوبر 2006)
مفتي مصر يرفض اعتذار الغد عن تطاولها على الصحابة
الإسلام اليوم/ القاهرة / محمد حسين – رفض الدكتور علي جمعة مفتي الديار المصرية اعتذار جريدة “الغد” ، والذي جاء على لسان رئيس تحريرها وعددٍ من كتَّابها وقياداتِ حزب الغد عما بَدَر من الصحيفة التي نَشرت موضوعًا تسبُّ فيه بعض الصحابةَ وأمَّ المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنهم أجمعين وتصفُهم بأنهم أسوأ عشرة شخصيات في الإسلام .
وطالب المفتي ـ أثناء ردِّه على أسئلة الصحفيين ـ جريدةَ “الغد” بأن تنشر ملحقًا مماثلاً مع الجريدة يحمل عنوانًا رئيسيًّا مكتوبًا فيه (تُبنا إلى الله وعزمنا على عدم العودة لذلك) ، وتُبرز فيه الصحيفة قيمةَ الصحابة ، خاصةً العشرة الذين تناولَهم الموضوع السابق بالسبِّ والإهانات ، وتؤكد أن هؤلاء العشرة هم من أفضل خلق الله .
ولم تقف مَطالب المفتي عند ذلك ، بل ذهبت إلى ضرورة أن يؤكد هذا الملحق أن الصحفي الذي كتب هذه الإهانات “قليل الأدب” بنفس اللفظ الذي قاله الدكتور علي جمعة .
وفي سياق متصل أكد الدكتور على جمعة مفتى الديار المصرية أن البلد التي تمنع الحجاب تعصى الله ورسوله وتخالف بذلك صحيح الدين الإسلام والشريعة الإسلامية ، وقال جمعة خلال حفل نظمته نقابة الصحفيين المصرية لتسليم الجوائز لحفظة القرآن من الصحفيين وأبنائهم أن الحجاب شريعة أمر الله بها ولا يجوز محاربته .
ويأتي ذلك ردًا على إعلان تونس منع ارتداء الحجاب في المدارس مع إجبار الطالبات في بعض المدارس بتوقيع التزام بعدم ارتداء الحجاب بدعوى أنه لباس طائفي.
كما نفى جمعة أن يكون قد قبل اعتذار بابا الفاتيكان وقال إن الصحافة الغربية أساءت فهم تصريحه حول ما قاله البابا حول الإسلام والمسلمين ، وأنه لم يقبل اعتذار البابا لأنه لم يقدم اعتذارًا واضحًا وصريحًا . مشيرًا إلى أن الهجوم على الدين الإسلامي يحدث من زمن بعيد منذ الحروب الصليبية وفى عصر الاستعمار الحديث ، وأنه أجدر لنا أن نحسن إدارة معاركنا مع الغرب المتربص بالإسلام.
(المصدر: “البشير للأخبار” بموقع “الإسلام اليوم” بتاريخ 19 أكتوبر 2006)
وزير الداخلية الايطالي الحجاب مسحة جمال على المرأة
أعرب وزير الداخلية الإيطالي جوليانو أماتو عن تأييده لموقف رئيس الوزراء رومانو برودي الذي لايمانع ارتداء المسلمات في إيطاليا الحجاب وسط دعوات في أوروبا تطالب بمنعه قانونيا.
وقال أماتو في مؤتمر صحافي مشترك أمس مع نائب رئيس المفوضية الأوروبية فرانكو فراتيني “إنني أشارك برودي موقفه حول حجاب النسوة المسلمات”، مشيرا إلى تصريح رئيس الوزراء أمس الأول إلى صحيفة بريطانية اعتبر فيه أن ارتداء الحجاب أمر شخصي مستبعدا الاتجاه إلى منع ارتدائه.
وأكد وزير الداخلية التي أثارت دعوته قبل أسابيع لتوقيع المهاجرين المسلمين على وثيقة ولاء لقيم الدولة الإيطالية انتقادات بين الجالية المسلمة في إيطاليا أنه “ليس لديه أي اعتراض على الحجاب” موضحا أنه يعتقد أن الحجاب يضفي مسحة من الجمال على وجه من ترتديه.
وفيما أشار إلى ارتداء بعض الكاثوليكيات غطاء للرأس عند دخولهن إلى الكنائس قال “انني أقبل به كذلك تعبيرا عن إظهار الهوية” ولكنه اعتبر النقاب الذي يخفي الوجه تماما “بمثابة إهانة لكرامة من ترتديه”.
من جانبه عبر نائب رئيس المفوضية الأوروبية فرانكو فراتيني عن الأمل في “تحرك المسلمات ضد فهم مغلوط للهوية الإسلامية”.
ويمنع القانون الإيطالي أي شكل من أشكال اخفاء الوجه منذ سبعينيات القرن الماضي حيث شهد نشاطا للحركات الإرهابية السياسية مثل الألوية الحمراء التي كان عناصرها يتنكرون بأقنعة شتوية في أثناء اعتداءاتهم الإرهابية.
أوقفوا مهزلة … الحجاب !!
« L’erreur ne devient faute que lorsqu’on la corrige pas »
Président Jhon F.Kenedy
حكاية الغولة
عندما كنا أطفالا نلعب ونمرح ببراءة الاطفال واحلامهم كان اجدادنا وأباؤنا وأمهاتنا كلما أخطأنا الا والتجؤوا الى سلاح رادع وفتاك الا وهو “الغول” و “الغولة” … لتخويفنا وردعنا عن شغبنا…
كبرنا وفهمنا حقيقة “الغول هذه الايام هناك من عاد الى هذا السلاح … سلاح “الغولة” لبث الرعب والخوف وخلافا لايام طفولتنا اطلت علينا هذه المرة “الغولة” متحجبة في جلباب اسود مقيت ليس من تقاليدنا ولا من عاداتنا وضاربا عرض الحائط بهويتنا التونسية المغاربية من الفاعل ومن المفعول به ولماذا تظهر “الغولة” هذه الايام بالذات وما المراد من ظهورها ؟
خديجة :
كثر الحديث هذه الايام عن مسألة “الحجاب” و “اللباس الطائفي” وقرأنا وسمعنا ردود المجتمع المدني عن هذه الظاهرة … التي صمتت عنها الجماهير املا في ان تكون موجة “موضة” عابرة وما راع الجميع الا وان المسألة اصبحت حديث كل البيوت التونسية واخذت ابعادا وجب عندها على المجتمع المدني بكل فئاته التحرك والحسم…
فالخطأ لا يصبح غلطا الا اذا لم نعالجه … واذا تسامحت الجماهير على هذه الظاهرة واعتبرها عابرة فهذا لا يعني انخراط المجموعة الوطنية في مسألة “التحجب” و “اللباس الطائفي” الدخيلين عن هويتنا ومجتمعنا والغريبين عن شوارعنا وبيوتنا وبناتنا…
لهذا وجب اليوم المصارحة والحسم بالاقناع اولا وبالبيان والتبيين للوصول لليقين ثانيا و بالردع ثالثا ان لزم الامر ولا تسامح ولا تنازل ولا تراجع في مثل هذه المسائل التي تمس بذاتنا وهويتنا وتعريفنا كمسلمين سنيين على الطريقة المالكية لنصارح انفسنا ولنتسلق معا ادراج الذاكرة والعودة الى الاصل فضيلة..
وهنا سوف لن نسرد كلاما فضفاضا ولا نقدم براهين زائفة لنقول ان هذه البلاد ومنذ العهود الاولى وعهد عليسة وقرطاج لم تعرف الحجاب و لا “النقاب” ولا سواد اللون وحجتنا في ذلك المؤرخ “هيرودوت” و”تيسديد” والحجارة والمعمار والفسيفساء التي تبقى أعظم دليل عما نقول ففي مقارباته لتاريخ قرطاج يذكر الاستاذ محمد قنطر « stephane Gsell »و « Moscati » والمؤرخ الايطالي والاستاذ عمار المحجوبي ومن سبقهم من مؤرخي العهود الغابرة ان المراة في قرطاح كانت عاملة دؤوبة تطيل شعرها وتبرزه وفي ذلك دلالة عن أنها حرة وكان قص شعر الرأس دلالة على العبودية .. وكانت المرأة في المدينة والريف ترتدي ألبسة مجمل ألوانها بنفسجية مائلة اللى الاحمرار وهذه الالوان متاتية من صدف يجمعه البحارة ويكسرونه في شبه “مدبغة” ليعطي اللون البنفسجي الذي تدبغ به ألبسة النساء وهذا الصدف يدعى « Murex » ولا تزال آثار هذه “المدابغ” شاهدة الى يوم الناس هذا في مدينة “كركوان” البونيقية اما اذا ما تأملنا في فسيفساء دقة ونقوشها وكذلك نقوش مدينة مكثر فسرعان ما نشاهد لوحات جميلة فيها نساء جميلات زين شعرهن بأغصان من الزيتون او ورود… وهذا ما كان ساريا سواء كان في المدن او الارياف ولولا شعر نساء قرطاج لهلكت السفن الحربية للمدينة اثناء الحروب البونيقية اذ عمدت النساء لقص شعرهن لربط السفن بالميناء عندما احترقت الحبال التي تشدها، اما في العهد الاسلامي فكانت نساء القيروان يخرجن الى الاسواق للتسوق في مجموعات تتباهين بطول الشعر وسواده وفي ذلك دلالة عن تحرر المرأة الاسلامية وانعتاقها وشعورها بذاتها كانسانة لا آلة انجاب وتفريخ وجب خزنها وتوريتها الظلام.
ولم يذكر تاريخ تونس القديم والوسيط حادثة عن الحجاب ولا ذكر في ذلك الا في ما يخص “المومسات”و “العاهرات” اللاتي وجب عليهن ان غادرن “الماخور” الذي يشتغلن فيه ان يلبسن الحجاب ويغطين أجسامهن كليا حتى العينين لكي ييظهرن بجلاء للعامة ويعرف القاصي والداني انهن “بائعات هوى”… فتتجنبهن النساء الاخريات … وفي بعض المجتمعات المشرقية كان لزوما على العبيد من النساء لبس الحجاب وتغطية الرأس حتى تقع التفرقة بين المراة الحرة والمراى العبيد…
أما بالنسبة للعصر الاسلامي المجيد فيقول الاستاذ توفيق بن انه لا يوجد أثر دلالة للحجاب وارتدائه وفي كل ما أوتي في ماضينا…” ولم نسمع ولم نقرأ منذ فجر الاسلام عن حادثة حول الحجاب وعن ذكر للحجاب … بل كان الحجاب في الجزيرة العربية عادة من عادات المجوس والوثنيين وعابدي الاصنام…
أما خديجة رضي الله عنها فهي ام المؤمنين واول امرأة دخلت الاسلام واحتضنت الرسول وزارته ايام الشداد والاضطهاد .
خديجة رضي الله عنها كانت امراة اعمال تستقبل في بيتها التجار و تسير دواليب تجارتها وتنصح مستشاريها بما يفيد من سلع وما هو رائج اذ كانت التجارة في العهود الاولى للاسلام تقوم على النساء اللواتي يعلمن مستلزمات البيت ومستلزمات مثيلاتهن من النساء فينصحن الرحال باستيراد ما هو رائج من بلاد الشام وبمكانتهن هذه كانت السيدة خديجة سيدة قومها تسير شؤون الرجال وكان محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم احد مؤتمنيها فيذكر عن الرسول انه قال :”ما ثمة تجارة رابحة الا وخلفها نصيحة من خديجة” اوردنا المعنى والمغزى من هذا قيمة المراة في الاسلام فالاسلام لم يأت للرجال فقط ولردع المرأة وخزنها وتغطيتها بنقاب…
وفي حقيقة الامر كان الحجاب عقابا لكل امراة اخطات ولعل صورة “الصبية التائبة” في الديانة المسيحية تجسم هذا ابهى تجسيم فالصبية التي تشعر انها اقترفت ذنوبا لا تغتفر وتريد التوبة تدخل الكنيسة لتعلن عن توبتها وترتدي الحجاب والصليب اعلانا بانها كفت عن اقتراف الذنب… بهذا يكون الحجاب دلالة واضحة عن ارتكاب ذنب والاعتراف بذلك.
أما الاسلام فقد أعفانا من هذا وجعل الايمان في القلب والعفة والطهارة في الضمير والاحساس بل ان الحجاب الحقيقي للمرأة المسلمة هي التقوى واذا وضعنا عفة المراة وطهارتها وايمانها في أقذر ما في جسمها من شعر رأسها الى أعضائها التناسلية فيا خيبة مسعانا اين نضع قيمنا التي نمتاز بها واين اردناها ان تكون في شعر رأس هو بؤرة للحشرات والعرق والنتونة اذا لم ينظف كل يوم او في الاعضاء التناسلية للمراة وذكرها يوحي بروائحها اذا لم يعتن بنظافتها فهل اخترنا كمثال للعفة والطهارة هذه المنزلة! العفة والطهارة أختي المسلمة في نظافة الضمير والاخلاق والسعي للخير والبحث عن الفضيلة ولو تعلقت همة المرء بما وراء العر لناله … العفة والطهارة اختي المسلمة في القول الحسن والفعل الحسن والصدق في القول والاخلاص في العمل واجتناب الغش والكذب والنفاق والتلفيق العفة والطهارة في الاستقامة وحب الخير للغير والعفة والطهارة ايمان بأن لا فرق بين المؤمن والمؤمن الا بالعمل الصالح…
فهل عفتنا وطهارتنا في قطعة قماش نضعها على رأسنا لتصيب الشعر حرارة لا تطاق في الصيف فيصبح مخزنا للحشرات او تصيبه مياه الامطار شتاء فتصبح مصدر مرض خبيث مثل “الشقيقة” التي تصيب اليوم غالبية المحتجبات... والاسلام بعيدا كل البعد حتى يكون مصدر مصائب وأمراض للمسلمة .
وارتداء الحجاب هذا ليس فيه دلالة قاطعة عن تصنيف المرأة كأنثى وتقييمها بهذا المنحى من خلال جنسها اليس في المقاربة هذه ” تشييء” للمرأة واعتبارها كبضاعة وجدت لتحجب ووجدت لتفرخ وتقوم بالاعمال الشاقة ان في المنزل او في الشارع…
من منا يرضى ان يقيم امه او اخته او عمته او خالته كشيء كبضاعة، وجب ان تحجب على الآخرين لكي لا تجلب الانظار والعار؟ هذا هو منطق البعض اليوم!!فهل المراة وجدت للانجاب والتفريخ والمتعة فقط.؟!
أليست كائنا بشريا يحق له التساوي مع الرحل والانعتاق والاجتهاد للافادة واعطاء الاضافة تماما كالرحل أو أحسن منه ؟! ما هذا يا قوم : أنسيتم ما قامت به خديجة مع الرسول محمد وما جاهدته هذه المرأة الفاضلة لدعم الاسلام وقيامه ونشره بين النساء!!
أتتصورون أن خديجة كانت تلبس حجابا عندما كانت تصول وتجول في مكة منافسة اكبر التجار واعظمهم نفوذا وجاها ومالا وعسكرا.
ان خديجة ام المؤمنين كانت تقف لسفيان وتنازله الحجة بالحجة وتفرض عليه محمدا وتنزل الرسول المكانة المرموقة رغم قوة وبطش قريش : فهل كانت بحاجة لحجاب او لجلباب ان الايمان اخواتي هو الذي كان يحرك خديجة ويشحنها شجاعة وقوة تتحدى قشور اللباس لان خديجة امنا وام المؤمنين والمؤمنات لم تكن تعتبر نفسها امرأة انسانة حاملة لقضية ومؤمنة بها فلا يهمها الرداء والحجاب مادامت تناضل من اجل قضية سامية ورسالة خالدة.
” وهل ينفع الشاة سلخها بعد ذبحها “
فخديجة لم تتوان يوما عن الدفاع عن محمد وسل جاهلي قريش ولم تعتبر نفسها امراة شرفها في حجاب او عضو تناسلي بل تصرفت كمسلمة مجتهدة غطاؤها ايمانها وسترتها رسالة محمد وعفتها في التمسك بفضيلة اخلاق المسلمين.
هذه مغازي ومعاني دخول خديجة الاسلام عربونا على ان الاسلام اتى للرجال في شخص ابي بكر الصديق اول رجل دخل الاسلام وفي شخص سيدنا علي اول صبي دخل الاسلام وفي شخص السيدة خديجة اولى النساء التي ناضلت لتعطي للنساء المسلمات السيرة والمسيرة وتضيء بوقفتها لجانب محمد ان المرأة تتساوى في الاسلام والرجل…
ولم نعرف عن السيدة خديجة انها ارتدت الحجاب لانها تعلم ان عفة وطهارة المسلمة وايمانها في افعالها ونضالها اليومي والقيام بواجباتها والمطالبة بحقوقها … لافي قماش يوضع على الرأس دلالة على ذنب ارتكب .
خديجة لم تعتبر نفسها “بضاعة” اشتراها محمد ولا محمدا “شيأ” chosifie خديجة واعتبرها “أريكة” من اراءك البيت … فلم يلزمها بلبس الحجاب ولا ذكر لهذا لان الحجاب دخيل عن الاسلام والمسلمين وهو ذاك الغول الذي يريد أهل الفتنة تخويفنا به…فمن يدعو اليوم للحجاب؟؟؟
أهل الفتنة هؤلاء لا يخلو منهم مصر من الامصار المسلمة ولم يسلم منهم حتى اسلام محمد!!
فالمعروف عند المسلمين الاوائل ان الاسلام وعلاوة عن القواعد الخمسة هو القرآن وسيرة الرسول … لكن أهل الفتنة ارادوا المتاجرة برسالة محمد واستغلالها لنفوذ سياسي يطمحون اليه بغطاء الدفاع عن الاسلام : هذه الفتنة ابتدأت من محاكمة “ادرح” ستين للهجرة بين علي وسفيان لتمتد بتشعباتها وتضاعفاتها مع الأزمان الى ما نراه اليوم من شقاق ونفاق في لبنان و فلسطن وباكستان و أفغانستان وما يحتدم في العراق والشيشان وما هو قادم لبعض البلدان…
الحمد لله اننا في تونس حسمنا الامر من زمان وكان لهذا البلد الطيب من المفكرين والاعلام ما ابعد عنا الفتن والاقتتال من زمان: رحم الله الطاهر الحداد ورحم الله ارواح المرحوم الفاضل والمرحوم الطاهر بن عاشور ورحم الله ارواح اعلام هذه البلاد الذين غذوا بأفكارهم النيرة مسيرة الحركة الوطنية التونسية فسارت بلادنا مسار العظماء النبلاء حريصة على الدفاع وضد رسالة محمد حامية لها من الدخلاء واهل الفتن مدعمة الهوية التونسية بالدفاع عن الاسلام ولغته العربية حريصة في اتباع الطريقة المالكية شديدة الحرص على الانفتاح لدعم ركائز الهوية.. جاعلة من فضيلة مبادئ الاسلام شعارات وقادة لخوض معارك الانماء في ربوعنا من الاجتهاد الى التضامن والتكافل والتسامح وقبول حق الاختلاف شعارات لمعركة كسبنا اشواطا منها وسنسكب البقية بالتميز والامتياز وسقف البيت حديد وركنه حجر ومن النبراس نستمد البصر ..ونبراسنا ايماننا وايماننا بان الله لا يخذل الساعين للحقيقة بالحقيقة من اجل الحقيقة!!
ملاحظة :
أختي المؤمنة: الايمان في القلب والضمير وفعل الخير والتحلي بكل ماهو جميل : فالله جميل ويحب الجمال فلماذا تحجبي جمالك الذي وهبك اياه الاهك ولماذا تمقتي شبابك وانت في ربيع العمر زهرة فائحة ووردة تنشد عطر الحياة : فالاسلام دين الحسن والاحسان والجمال والله جميل ويحب الجمال فثقي ودعمي حقوقك ورددي مع الشاعر التونسي ابو القاسم الشابي : الا انهض وسر في سبيل الحياة فمن نام لم تنتظره الحياة!!
ودع غول اهل الفتنة لاهل الفتنة فهم يقبعون في مزبلة من المزابل التي تعودوا العيش فيها كالجرذان لا يخرجون الا تحت ستار الظلام ولنشر الظلم والظلامية بين المؤمنات اليافعات الطالبات للحياة!! فمن الكفر رفض الظلم والظلامية بين المؤمنات اليافعات الطالبات للحياة فمن الكفر رفض هبات الله ومن الكفر وعدم الايمان حقن وخزن الجمال لان كل شيء جميل لا بد ان ينير السبيل!!
المصدر : جريدة الحدث الصادرة في 18 أكتوبر 2006 صفحة 6
بقلم: ود الريّــس
كنت قد قدَّمْت القول في موضوع الحجاب في تونس منذ إضراب 18 أكتوبر وتناولته في محطات أخرى*. بقي أن نضيف أن وتيرة المساندة التي تحصل اليوم في المجتمع المدني التونسي أو في المهَاجر ما زالت لم ترق إلى المستوى المطلوب مع أنها تمَسُّ شريحة كبيرة جدّا من الشعب التونسي مباشرةً ومن قريب بخلاف مطالب 18 أكتوبر التي كانت – رغم ملامستها للحريات الأساسية للمجتمع التونسي – مطالب نخبوية وحزبية.
المسألة الأولى : عندما يتحدث النظام التونسي عن تشجيعه لباس الحشمة والحياء ويقدم الزيّ التقليدي التونسي الأصيل ملاذا للعفيفات في تونس فقد أخطأ مرتين. مرة حين أراد إلزام التونسيات المرتديات للحجاب بلباس معين إذا أردن تنفيذ أمر الله، وقد تحدث في هذا خلق كثير. والمرة الثانية – استخلاصا من مفهوم المخالفة – وهو أن التي لا تلبس اللباس التونسي الأصيل لا تحشم ولا تحيا. وأول اللاتي لا يحشمن ولا يحيين زوجة الرئيس وزوجات الوزراء وزوجات أعضاء التجمع الدستوري الديمقراطي (فك الله عراه) بل وكل النساء التونسيات التي لا يلبسن لا الحجاب ولا اللباس التقليدي. إذا فمن هو الطائفي الشعب التونسي أم فئة إستئصالية لفضتها أحزابها ورفاقها قبل شعبها؟؟؟
المسألة الثانية : النظام التونسي أخطأ عندما سحب سفيره من الدوحة لأنه يكون بذلك أغلق بابا من أبوابِ منفاه. إذْ كان على النظام بدل النَّظر كالأعور- وكل الدكتاتوريات عوراء لأنها لا تنظر إلاّ إلى العصى- إلى ما يضايقه من قناة الجزيرة أن ينظر كذلك إلى إمتيازات دولة قطر، إذ صارت هذه الدولة ملاذا لقدماء الدكتاتورية مثل ولد الطايع. والنظام أعور كذلك لأنه لا يرى أن المعرضة التونسية التي شردها في العالم لم تتشرد في الحقيقة وإنما سبقته لمحاصرته في الأماكن التي قد يفكر في اللجوء إليها. إذ ليس هناك بلد في العالم ليس فيه لاجئون تونسيون وضحايا تعذيب تونسيون وجمعيات حقوقية تونسية وهم سيلاحقونه كما لاحقوا وزيره القلال في جنيف. إنتهى عهد روما مستقبلة الملوك المخلوعين. النظام صار كالمنبت، لا ظهرا أبقى ولا أرضا قطع.
المسألة الثالثة : أن النظام خسر حتى أقرباء الإديولوجيا ولم تنجح فراقيعه حول النهضة والإسلام السياسي والتستّر بالدين (وهات ما كاللاوي) من ثني المعارضة العلمانية من الوقوف مواقف مبدئية. هذه المعارضة حسمت منْ هو الطائفي في المجتمع التونسي. هذه المعارضة رفضت تحالفات ملوك الطوائف لأنها قرأت التاريخ وعرفت أنها على قائمة الإضطهاد والقمع وأنّ الطرد من أندلسِ الحرية سيطال الجميع. فهذه المعارضة لم تعد تقرأ الإسم الأول فقط في قائمة الإضطهاد لتُمضي بسرعة في الأسفل. وهذا مكسب تفخر به المعارضة التونسية من بين كل المعارضات العربية قاطبة. بل إنها علت حتى على حركة فتح، رمز من رموز الكفاح الفلسطيني والعربي. وبهذا ترتقي المعارضة التونسية إلى مصاف الأستاذية. انتهى فصل الثور الأبيض والثور الأسود في مسألة الحرية.
المسألة الرابعة : أنه لا بد من تنوع أشكال المساندة وتخمير التمرّد وقهر الخوف في الشعب التونسي. إضرابات الجوع والتشبث بالحجاب جعلا النظام في حيرة ولم يدري المسكين أن أدوات القمع لم تعد تنفع. ولفرط ما تعود النظام على المتاجرة في السلع الفاسدة، لم ينتبه أنّ بضاعته تجاوزت مدة صلاحيتها و تعفنت وعليه أن يبحث لها عن سوق للخردة.
المسألة الخامسة : أن كلمة نظام لم تعد صالحة لتطلق على عصابة الفساد والطائفية والفتنة التي تستبدّ بشعب تونس.
المسألة السادسة : لا بدّ أن تكون صلاة عيد الفطر مناسبة للتعبير عن التضامن مع المُضطَهدَات في تونس وذلك بالذهاب إلى صلاة العيد شيبا وشبابا، نساءا ورجالا، صغارا وكبارا. ولا يهم إن كان العيد يوم الإثنين أو يوم الثلثاء. ولا يهم منٍِ الإمام. ولا يهم إن كانت المرأة بالحجاب أو بالسفساري أو عارية الرأس لأن كل نساء تونس حرائر وشريفات وطاهرات ويحشمو ويحياوْ **. وعلى العلماء والمشائخ والسياسيون والحقوقيون والرموز الوطنية وأهالي المساجين وأهالي المحجبات والمساجين السياسيين السابقين الدعوة إلى هذا التجمّع الحاشد. مستحضرين في ذلك ما دعى إليه الدكتور المنصف المرزوقي من النظر إلى المكاسب التي ستحقق بقطع النظر عن السبب الذي سيحرّكُنا.
لماذا صلاة العيد ؟ لأن صلاة العيد وحفل العيد هما المناسبتان الدينيتان والإجتماعيتان الوحيدتان اللتان يلتقي فيهما التونسيون بقطع النَّظر عن مشاربهم***. والسبب الأهم أن العيد يوفر فرصة سانحة لتخلص من طلب الرخصة للتجمّع ومن قيود البوليس. كما أن العيد المناسبة الأهم التي يحصل فيها تجمعات بشرية ضخمة. إذا مجرد الكثرة الغير عادية في صلاة العيد وفي ميادين التلاقي العامة سيعبّر عن رأي الشارع في صمت لكنه صمت مرعب. كما أن كثرة استعمال زمارة السيارات كثرة غير عادية يمكن أن يعبّر عن الغضب. قد تُحقَّرُ هذه الوسائل لكنها استعملت مثلا في صربيا في شكل ضرب على أدوات الطبخ في الليل عندما زوّر رئيس صربيا السابق الانتخابات في بلاده. وهذه الوسائل مهمّة لمعرفة الكثرة الرافضة مَنْ معها ولتتمتّن الثّقة بين المحْتجّين. كما أنّها ستدفع قيادات المجتمع للبروز وجمع الناس حولها.
كل هذه التحركات مشروطة بالدعوة إليها حتى تصبح نية الإحتجاج واضحة . لا بدّ أن تُصبغ هذه المناسبة بطابع احتجاجي. لذالك لابد من تمرير الدعوات إلى صلاة العيد والأماكن العامة عبر اس ام اس، و البريد الإلكتروني والدعوات الشخصية لأفراد العائلة.
محتوى رسالة يمكن الإستفادة منه (*) :
دافع عن حريتك في اللّباس. اذهب لأقربِ جامع أو مسجد منكِ أو منكَ وقِف وقفةَ احتجاج ضد منع الحجاب. الموعد: صلاة العيد. لا يهمّ إن كنتِ متحجبة أو لا، فأنتِ حرّة وأنتَ حرّ.
لا تتركوا فتيات تونس ضعافا بين يدي مُغتَصبِين وحُوش. أرسل هذه الرسالة إلى من تعرف في تونس وفي غير تونس.
المسألة السابعة : هل المسلمون في كل بقاع الأرض معنيون؟ إن مشاركة المسلمين بعضهم البعض الدفاع عن حرماتهم لا تحتاج إلى كثرة دليل ووعض. وأدنى درجات إنكار المنكر وتغييره الإنكار بالقلب والتضرّع إلى الله بالدعاء. وهذا الإنكار غير كاف وحده للتعبير على الإيمان إذا وجدت درجة أعلى منه وهي الإنكار باللسان. خاصة وأن حاشية فرعون تونس ممن إن يقولوا يَسمع بعض الناس لقولهم كأنهم خُشب مسنَّدة. لذلك لا بد من إرسال نداء إلى كل خطيب أن يخصص خطبة العيد للذود عن محارم المسلمين.
المسألة الثامنة : على المسلمين أن ينتبهوا لأن الغرب ينتظر موقفهم ليتحرك بنفسه باتجاه المنع بحجة أن الحجاب ممنوع في بلاد الإسلام فَلِمَا تحتجّون علينا في فرنسا وفي كل دول أوروبا عموما؟؟؟ وقد صرح الساسة الغربيون بذلك إبّان أزمة الرسوم عندما قالوا أن الحكومات العربية منافقة لأنها تنتهك حقوق الإنسان في بلادها وتطالب بها في أوروبا. أتمنى أن لا يغفل المسلمون هذه المرّة. لأن الغرب سيقول للأقليات المسلمة نحن لن نمنع الحجاب في الشارع ولا في المحلات الخاصة كما في بعض البلاد الإسلامية ولكن نريد منعه في الإدارة والمعاهد والجامعات فقط لأنه لباس طائفي. وطبعا تبرير الطائفية سيكون مقبولا في الغرب أكثر من تونس.
ــــــــــــــــ * والحقيقة أن من جملة ما دعاني للإنقطاع عن الكتابة ذلك الهجوم على الأسماء المستعارة عندما ركدَتْ الأمور ولم يبقَ للمهاجِمِين ساحاتُ معارك أخرى. وربما غابَ عن بعضهم أنّ بعضَ أقلامِ الأسماء المستعارةِ كان فيها من الإضافات ما أنعش الحوار على صفحات الانترنت التي تُعنى بالشأن التونسي. ولقد مثّلت مقالات كاتب هذه السطور أوّل المبادرين إلى توجيه أنظار علماء المسلمين إلى الظلم المسلط على المتحجبات في تونس وتحميلهم المسؤولية عن صمتهم تجاه ما يحدث في تونس. وبإذن الله سأواصل الكتابة بنفس الإسم تاركا للدكاترة والمشائخ السخرية والإنتقاص والبحث عن عدد أصحاب الكهف وكلبهم. والكهف أرحب من الحزب أحيانا. ** بل أنها في بعض البلدان العربية التي يعيش فيها مسيحيون تكون أعياد المسلمين والمسيحيين مناسبة للمعايدة والتهاني. *** أما نساء القصر فاقرؤوا عنهم في كتاب الصحفي قُصيْ صالح درويش: يحدث في تونس.
مقترحات أخرى من ود الريّــس لمحتوى رسالة يمكن الإستفادة منه (*) :
لا بدّ أن تكون صلاة عيد الفطر مناسبة للتعبير عن التضامن مع المُضطَهدَات في تونس وذلك بالذهاب إلى صلاة العيد شيبا وشبابا، نساءا ورجالا، صغارا وكبارا. ولا يهم إن كان العيد يوم الإثنين أو يوم الثلثاء. ولا يهم منٍِ الإمام. ولا يهم إن كانت المرأة بالحجاب أو بالسفساري أو عارية الرأس لأن كل نساء تونس حرائر وشريفات وطاهرات ويحشمو ويحياوْ . وعلى العلماء والمشائخ والسياسيون والحقوقيون والرموز الوطنية وأهالي المساجين وأهالي المحجبات والمساجين السياسيين السابقين الدعوة إلى هذا التجمّع الحاشد. مستحضرين في ذلك ما دعى إليه الدكتور المنصف المرزوقي من النظر إلى المكاسب التي ستحقق بقطع النظر عن السبب الذي سيحرّكُنا.
لماذا صلاة العيد ؟ لأن صلاة العيد وحفل العيد هما المناسبتان الدينيتان والإجتماعيتان الوحيدتان اللتان يلتقي فيهما التونسيون بقطع النَّظر عن مشاربهم. والسبب الأهم أن العيد يوفر فرصة سانحة لتخلص من طلب الرخصة للتجمّع ومن قيود البوليس. كما أن العيد المناسبة الأهم التي يحصل فيها تجمعات بشرية ضخمة. إذا مجرد الكثرة الغير عادية في صلاة العيد وفي ميادين التلاقي العامة سيعبّر عن رأي الشارع في صمت لاكنه صمت مرعب. كما أن كثرة استعمال زمارة السيارات كثرة غير عادية يمكن أن يعبّر عن الغضب. قد تُحقَّرُ هذه الوسائل لكنها استعملت مثلا في صربيا في شكل ضرب على أدوات الطبخ في الليل عندما زوّر رئيس صربيا السابق الانتخابات في بلاده. لكن شعبه أسقطوه فذهب من الرئاسة إلى محكمة العدل الدولية. وهذه الوسائل مهمّة لمعرفة الكثرة الرافضة مَنْ معها ولتتمتّن الثّقة بين المحْتجّين. كما أنّها ستدفع قيادات المجتمع للبروز وجمع الناس حولها.
كل هذه التحركات مشروطة بالدعوة إليها حتى تصبح نية الإحتجاج واضحة . لا بدّ أن تُصبغ هذه المناسبة بطابع احتجاجي. لذالك لابد من تمرير الدعوات إلى صلاة العيد والأماكن العامة عبر اس ام اس، و البريد الإلكتروني والدعوات الشخصية لأفراد العائلة.
محتوى الرسالة:
دافع عن حريتك في اللّباس. اذهب لأقربِ جامع أو مسجد منكِ أو منكَ وقِف وقفةَ احتجاج ضد منع الحجاب. الموعد: صلاة العيد. لا يهم إن كنت رجلا أم إمرأة لا يهمّ إن كنتِ متحجبة أو لا، فأنتِ حرّة وأنتَ حرّ. لا تتركوا فتيات تونس ضعافا بين يدي مُغتَصبِين وحُوش.
ساهم في الخير وأرسل هذه الرسالة إلى من تعرف في تونس وفي غير تونس.
تأملات في مفاصل الوضع التونسي
الطاهر العبيدي / صحفي وكاتب تونسي مقيم بباريس taharlabidi@free.fr إن المتأمل بهدوء في الركح السياسي التونسي، الراسب منذ عشرية ونصف، والراكد منذ بداية التسعينات في نفس المكان، ونفس الزمان ونفس المبررات، يصاب بأنفلونزا الامتعاض والحيرة، من استمرارية القمع الاستباقي المدجج بالحقد المسلح ضد الخصوم السياسيين، والذي بقي مرتهنا للهواجس الأمنية المضخمة، والملطخة بأراجيف التصدي لفيروس الإرهاب، حتى أصبحت هذه الوتريات قرضا طويل المدى، مرتفع الفوائض، ودينا في الرقاب يعطل الجميع من التحرر والانطلاق، ما خلق حالة عامة من الربو السياسي العام، انعكس سلبا على النهوض الوطني في مختلف المجالات، وبات المناخ السياسي قابعا ومنطويا في نفس الخطاب، يلوك بضاعة لم تعد صالحة للاستهلاك المحلي، وغير قابلة للتصدير الخارجي.. فواصل من السبي السياسي منذ اندلاع تلك المعركة السياسية بين النظام وبين فصيل سياسي معارض، اختلفا في الرؤى والمناهج والتصورات والمضامين، ولم تكن هذه الخصومة متكافئة من حيث العدة والعتاد والوسائل، بين نظام يملك وسائل إعلام بمختلف منابرها، وأجهزة أمن بتعدد تشكلاتها، ومؤسسات حزبية مطوّعة، وأطر إدارية بتنوع وظائفها، وإمكانيات مادية ضخمة، وبين طرف سياسي منزوع السلاح وممنوع من التواجد الإداري والقانوني، معتمدا على الإيمان بمشروعه التغييري السلمي، مستندا على ولاء قواعده، التي آمنت مبدئيا أو عقائديا أو طوباويا أو عاطفيا أو حماسيا بمبادئ وقيم وثوابت الحزب، الذي آثرت التضحية في سبيل إنجاح مشروعه.. ورغم عدم التكافئ من حيث العدة والعتاد، فإن المعركة ابتدأت بخصومة سياسية يمكن اختصارها باختلاف في التوجهات، سرعان ما تحولت إلى حرب شعواء، كانت السلطة فيها الخصم والحكم، مما خلق حالة عامة من السبي السياسي لمجتمع بات يعيش الغليان الصامت، تجاه وضع مرتبك وغير مريح، وواقع تملؤه الشكوك، ومواطنة متأرجحة بين الممارسة المعتلة على أرض الواقع، وبين بنود الدستور التي تنص على حرية الملبس والسكن والتنقل والسفر… وغيرها من الحقوق النصّية والقانونية المقضومة عند التطبيق.. الحصاد المشوّه لئن كانت السلطة تعتقد أنها انتصرت على خصومها السياسيين بالضربة التأديبية الساحقة، وهي مستمرة منذ سنوات في مواصلة دق نواقيس هذه الحرب المفتوحة، التي التهمت العديد من الإمكانيات الوطنية، بحجّة تحصين النصر الافتراضي، الذي كان حصاده في واقع الأمر فشل أخلاقي، وانهيار قيمي، وتشوّه إنساني، تفوح منه روائح السجون، وطوابير ضحايا إضرابات الجوع الفردية والجماعية، من أجل المطالبة بأبسط الحقوق المدنية، والقصف اليومي ضد كل الأصوات المنتفضة، ورفع الأسلحة الكاتمة للصوت في وجوه قوى الرفض والممانعة، بالإضافة إلى انتهاج العقاب الجماعي الاستنساخي، والقصاص التناسلي، مما جعل البلاد دون تهويل ولا تضخيم ولا تدويل يشار لها بالبنان، وموضع تسائل عن هذا النهج المتصلب، تجاه مجتمع مسالما بطبعه، يرفض ثقافة العنف قناعة، ما ينذر بتغيّر سوسيولوجي لملامح المجتمع، الذي يراكم صمتا موجعا تجاه الضغط النظامي المتواصل، الذي يساهم من حيث يدري أو لا يشعر، في تشكيل مجتمع كيماوي التركيبة، بناء على قاعدة ” كل احتكاك يولّد الانفجار” (1) واستنادا على مقولة “حذاري فتحت الرماد اللهيب ومن يبذر الشوك يجني الجراح ” (2) ” مكاسب ” في شكل مصائب إن ما ميّز هذه السنوات العجاف، هي تلك الصور البشعة، الآتية من خلف السجون الموصدة على حقائق مرعبة، التي فتحت فيها أبواب الاجتهاد على التمثيل بأعراض وأجساد الخصوم السياسيين، وبروز فقه التعذيب، تبارت فيها أجهزة أو أشخاص، بمباركة أو بصمت آثم من طرف السلطة أو شق منها، في ابتداع طرق متوحّشة في معاملة مساجين الرأي، ما خلف أثارا سيئة على فصيل كامل من عائلات وأبناء الضحايا، الذين دفعوا فواتير باهظة الثمن، وعاشوا معاناة الغبن السياسي، والقصاص الجماعي، ما يجعل التاريخ الوطني عندهم حبيس محطات معاناة السجون والمراقبة الإدارية، والحرمان من الدفء العائلي، والإحساس بالمظالم الصارخة، والشعور بالمواطنة الدونية، مما يرجّ فيهم مفاهيم العدالة، والحرية، والاستقلال، والانتماء الوطني إلى البلد، الذي لم يمنحهم أعيادا كسائر الأطفال، لأنهم أبناء مساجين، بل منحهم منذ كانوا صبية وبنات، إلى أن أصبحوا رجالا ونساء من المواطنة والانتساب لبلدهم، سوى زيارات التفتيش والمصادرة الأمنية، ومعرفة قاعات المحاكم وبكاء الأمهات، وترمل النسوة وعناوين السجون وأسماء العنابر والسيلونات، وأنواع حصص التعذيب وشتى الأمراض، التي أصابت آبائهم جرّاء رطوبة السجون، وكل مصطلحات المحنة والمعاناة، مما يغذّي فيهم الشعور بكراهية الرمزية النظامية في مختلف تسمياتها.. تأميم المعالجة السياسية إن الذي زاد الوضع السياسي اختناقا، هو استمرارية النهج اليميني للسلطة، الذي صمّ آذانه عن كل النداءات والأصوات وحسن النوايا، الداعية لطي الصفحة السوداء، والمطالبة بانفراج سياسي لتجاوز الأزمة، ابتداء بما بادر به أحد قيادات الاتحاد العام التونسي للطلبة، الدكتور عبد اللطيف المكي حين طرح عفو تشريعي عام مقابل عفو قلبي عام (3 )، وما رافق هذا التوجه من تشريح وتفكيك (4) وتفاعلات (5) ، مرورا بكل المحاولات والورقات المستنسخة والمقتبسة والمنسوجة عن المبادرة المنعرج، التي كانت الابتكار الأول قبل غيره (6)، غير أن الجناح الجلمود أمّم قرار المعالجة السياسية لصالح الجناح الأمني، الذي يمارس عملية الهروب نحو المستنقع، حتى أن المبرّرات الأمنية تحولت في نظر العامّة قبل الخاصّة إلى أراجيف، ذلك لأن الواقع أسقط نظرية جدولة الإرهاب الداخلي، بعدما تبين واقعيا وضوئيا، أن الذين اعتبروا في نظر محاضر التفتيش ومحاكم التحقيق انقلابيون على الشرعية المدنية، ورؤوس إرهاب يستحقون العذاب بلا رحمة، وقرونا من السجن توزّع عليهم بالأقساط، لم ينزلوا إلى رد الفعل، سواء حين قبض عليهم متلبسين في غرف نومهم مع عائلاتهم وأبنائهم، أو من غادر منهم السجن بعد سنوات الرماد… فما من شك أن سياسة تضخيم الخصم السياسي، وعملية الاستنفار المتواصلة، أجلت أو افترست كل الإصلاحات السياسية التي يمكن أن تكون حقنة لتلقيح الجسد السياسي، ضد تغول النهج الأمني على حساب الحقوقي الدستوري، وعلى حساب القانوني المدني الذي خلق هوّة في شكل أخاديد عميقة، بين النظام والمجتمع، وشعورا بعدم الاطمئنان النفسي والاجتماعي لدى المواطن، ذلك لان هذا السخط الأمني تحوّل إلى عدوان مقنن باسم الوطنية أحيانا، وباسم المصلحة العليا أحيانا أخرى، لم يسلم منه حتى المتفرج الفضولي على المعركة، وباتت المقولة العسكرية القائلة ” السخطة عامة والرحمة خاصة” مميزات النسيج الاجتماعي مفردات النصر والهزيمة إن المعارك والخصومات السياسية في الغالب ما تنتهي إلى نتيجتين، غالب ومغلوب، وبلغة عسكرية منتصر ومهزوم، وفي بعض الأحيان تنتهي بهزيمة المتنازعين، ويمكن للمهزوم أو المغلوب أن يحوّل الهزيمة إلى نصر، والفشل إلى انطلاق، حين يقوم بقراءة دقيقة للنتائج، ومراجعة جريئة للوقائع، وتنقيب عميق في مناطق العطب، وبحث مستفيض في كل أماكن الظل، واستبيان أفقي وعمودي للنتائج الأرضية، ودراسة الوقائع والمؤثرات، وتجليات الهزيمة في أبعادها السوسيولوجية والنفسية والحزبية والسياسية، كي تصبح الهزيمة هزيمة جولة في معركة، وليست فشلا عاما يصيب المنظومة بمختلف تشكلاتها، ما يجعل عملية الترميم كالنفخ في الخطب المبتل، ذلك لان الخسارة الحقيقية في كل المعارك السياسية حسب تقديرنا، هي الخسارة التي تحيل على التفكك والشلل العام، وارتجاج الثقة في القدرة على النهوض والاستنهاض من جديد، فالمهزوم حسب تصورنا ليس من خسر معركة، ولكن هو الذي خسر التجدد والتجديد، كما يمكن للغالب أن يجعل من النصر هزيمة، إذا ما بالغ في الهذيان الاستعراضي لمنطق العسكرة، على حساب الحكمة والرصانة السياسية، والاستخفاف بالمغلوب والمبالغة في الاعتداد بالنفس، وعدم مراعاة المشاعر الإنسانية، وأ خطر من كل ذلك هو السقوط في منطق الانتقام المجاني، والحقد الاستعراضي الذي قد ينتج ردود أفعال متحررة من كل الضوابط تكون ربما كارثية النتائج… هذا إذا أسلمنا جدلا أو افتراضا، أن المعركة السياسية في تونس، كانت حربا بالمفهوم العسكري، بين جيوش نظامية، أو بين عسكر ومتمردين مسلحين، غير أن الواقع التونسي، يختلف تماما عن كل هذه الفرضيات، ليبقى المشهد عاريا أمام حرب مكشوفة الأضلع، بين نظام مسلح ضد فصيل من رعاياه، يحملون نفس الانتماء للأرض ونفس الجنسية ونفس اللغة ونفس الملامح البيولوجية، ويختلفون معه في التوجهات، فكانت النتائج كارثية لفئة المجتمع المخالفة، وسقوط أخلاقي وقيمي مريع، لنظام مقنّع بخطاب المدنية والديمقراطية والتغيير والشرعية الشعبية… اختلاق مناطق توتر إن اللافت للنظر في هذه الحرب العبثية، من حيث امتدادها وتمدّدها على أكثر من جبهة، تجاوزت المكوّن السياسي المعتاد، لتتحول إلى صدام مع المكوّن الاجتماعي والحضاري، وحربا ضد نصوص القوانين، وضد بنود الدستور، مما ظهر جليا حالة التخبط والعشوائية، في ابتداع خنادق مفتعلة، لمحاولة استعادة البريق الأمني، الذي اعترته بعض الشقوق نتيجة للثغرات السياسية، التي مكنت بعض الأصوات من التجرأ على عصيان “السيستيم “، ما يرجّ الصورة القائلة بأن تونس مثالا يحتذى، وأنها قلعة محصّنة ضد انفلونزا الخطاب الأصولي، مما يفسّر الاجتهاد الأمني في الضرب في كل المناطق، بما فيها المحصنة بالمقدّس، لتتحول الحرب إلى صدام ضد هوية المجتمع، ابتداء بالتجرأ على المصحف الشريف ومرورا بمحاربة الحجاب، وتواصلا مستقبلا في ابتداع تشريعات أخرى، قد تكون أكثر استباحة للمقدّس وتجرأ على العقيدة.. القبعات الأمنية تحتكر السياسي إن الوضع السياسي بقي متقوقعا في الخنادق الأمنية، الموصوفة والمقنعة والمعلنة، والتي رغم تمططها وتفرعنها، لم تنجح في تفكيك الخصوم السياسيين، بل ساهمت في إحداث جدار فاصل بين الشعب والسلطة، التي تجتهد في إظهار الالتفاف الشعبي، عبر جملة القرارات الوردية، أو العزف الإعلامي، من خلال المحطات الانتخابية أو المناسبات السياسية، إلا أن هذا الرصيد الشعبي، بقي رصيدا اصطناعيا يضمر ما لا يظهر، ينتقض إيحاءا عبر التشكي والتظلم، ولا يبوح علنا عن حقيقة التذمر، من تفشي ظواهر المحسوبية العلنية، والرشوة وسوء التصرف، والجرائم الأخلاقية البشعة، وبروز كتل اقتصادية غير منضبطة، وظهور ليبيرالية اقتصادية متوحشة، ما يجعل المواطن فريسة تجتمع على نهشه كل هذه الدوائر وكل الظواهر ما ظهر منها وما خفي… ماذا ستخسر السلطة؟ ونصل إلى القول، أن منطق الحكمة السياسية يقتضي الانتباه إلى اتجاه رياح التغيير، التي تهبّ إقليميا ودوليا على المناخ السياسي العام، حتى لا تبقى تونس استثناء، تصرّ على استنشاق رياح السموم، بدل الأكسجين النقي، الذي يزيل كربون التلوث السياسي والاجتماعي، وحتى لا تبقى تونس خارج التحولات المغاربية وعلى رأسها الجزائر، التي رغم أنهار الدم المنسكبة خلال سنوات حوار البنادق، اختارت الوئام الوطني من أجل فك الاشتباك، وحقن الأحقاد.. فماذا يضرّ السلطة التونسية، إن هي أغلقت نهائيا ملف مساجين الرأي، وممّا الخوف والتحسّب، وكل هذه الحيطة، التي لا مبررات أمنية ولا واقعية لها، ولماذا كل هذا النفخ في مزامير القش والتبن، بدعوى الوقاية والحماية ضد طيف سياسي، لم تنزل قواعده ميدانيا للرد على عنف السلطة، وهم في ريعان الشباب، فكيف وهم في وضعهم الآن، بعدما خربت السجون والمعتقلات أجسادهم، وأكلت السنين أعمارهم.. إن هذا الوضع المؤلم لجزء من أبناء شعب تونس، الذين أقلهم رتبة في السلم الاجتماعي مدرّس ابتدائي، دون ذكر العديد من الكفاءات الأخرى، في اختصاصات علمية وفكرية مهمة ومتنوعة، الذين كان يمكن أن يساهموا في المشاركة البناءة للبلد، نراهم مدفونين أحياء في السجون منذ سنين وأعوام، ما يجعل الكل سلطة ومعارضة ومجتمع، وجها لوجه أمام المسؤولية الأخلاقية والتاريخية، للوقوف ضد هذه الحرب، التي ابتدأت بمعركة بيانات، لتنتهي إلى حرب استنزاف، فالسلطة في تقديرنا تملك مفاتيح غلق ” الغرف المظلمة ” من تاريخ تونس الرمادي، وذلك بمعالجة ملف المساجين معالجة جدية، وفتح أفق سياسي رحب، يستوعب الجميع دون استثناء، بما فيهم المهجّرون الموزّعون في دول العالم، والذين اكتسبوا اختصاصات وخبرات عالية في مجالات متعددة، لكي يشعّوا على البلاد، بدل أن يشعّوا على الآخرين.. ———————————– هوامش (1) قاعدة كيمياية تقول Tout frottement produit la chaleur (2) بيت من قصيدة لأبي القاسم الشابي بعنوان إلى طغاة العالم (3) انظر حوار عبد اللطيف المكي في مجلة أقلام أون لاين الالكترونية العدد الثامن / جويلية 2003 (4) انظر مقال قراءة غير صامتة في طروحات الدكتور عبد اللطيف المكّي للطاهر العبيدي تونس نيوز 1 – 9 – 2003 وموقع مجلة العصر 3 – 9 – 2003 وموقع الوحدة الإسلامية 9 – 9 – 2003 (5) راجع حوار إذاعة البحر الأبيض المتوسط مع عبد اللطيف المكي المنقول على تونس نيوز 24- 9 –2003 وموقع الوحدة التونسية 26 – 9 – 2003 (6) راجع مقال أيوب الصابر تونس: الوهم.. الواقع والمخارج تونس نيوز 8 – 10 – 2003
الصحوة والسياسة الخطــوط الحمراء:
الحجاب ليس مظاهرة سياسية ولا زيا طائفيا ! (2 من 3)
السلطة والعودة إلى سنوات الجمر
لم تغب الحملة على الحجاب ومظاهر التدين عن المشهد العام ولكنها كانت تصول وتجول في أطراف البلاد بأحداث قليلة ولكنها موجودة، يدعمها سوط “قانوني” مسلط على الرقاب منذ ثلاثة عقود، فكان منشور 108 الأداة المثلى لتذكير القاصي والداني أننا في دولة قانون، نبطش باسمه ونجلد تحت غطائه ونميت الحرية في ظل سنامه! لم تكن الحملة الجديدة إلا تضخما في الكم والكيف ولكن المبدأ والمنهج لم يغبا عن الصورة!
دخلت السلطة المشهد بعنف وأرادت ضرب الصحوة من جديد، والأسباب وراء هذا التصعيد عديدة، فحسب البعض فإن معركة الخلافة قد بدأت وبدأ معها مسلسل تحديد المواقع والأحلاف، بين صديق وعدو، وما يتبعه من ضحايا ومهمشين، ومن تقديم صكوك براءة وتفاني وحزم تجاه الظاهرة الإسلامية لأصحاب القرار وراء الحدود، وحسب البعض الآخر فإن تضخم الظاهرة الإسلامية لن يكون بمعزل عن تفاقم الحس الإسلامي لدى المواطنين وما يتبعه من تقارب وتداخل مع الإسلام السياسي الذي سوف يكون الجاني لثمرة أينعت خارج بستانه والرابح الوحيد من تنامي الظاهرة، حيث يجد لديها مخزنا لا ينبض للمنتمين إلى مشروعه.
إن جلب المواجهة إلى الحلبة السياسية وإلصاق الطابع السياسي بالظاهرة هي إعادة لسيناريو قديم نجحت فيه السلطة كما بيّنا سابقا، غير أن هذه المرة، وما كل مرة تسلم الجرة، اختلف الوضع، فالحركة الإسلامية مغيبة، والظاهرة استفحلت وضربت جذورها في بيوت من قصدير وقصور من إسمنت، لم تحملها جهة ولم تقتصر على مدينة أو قرية، وكان البعد الديني الخالص واضحا لدى أصحابها فكان التدين هو الغالب على أمرها ظاهرا وباطنا، حتى أن أغلب المتحجبات المراهقات وُلِدن بعد الصحوة الأولى، وأغلبهن لا يعرفن حتى قيادات ورواد الحركة الإسلامية!
فالحديث عن اللباس الطائفي، والتركيز على البعد السياسي مجددا هي المنهجية التي تعيدها السلطة مع بهارات جديدة، كالتركيز على البضاعة المستوردة للحجاب وعدم تأصلها ولعل أيضا عدم وطنيتها وكأن ما نحمله من لباس كان من حياكة الأجداد، ولو طبقنا هذا المنطق لنزعنا عن جلّ التونسيين ألبستهم ودفعناهم عراة في الطريق العام! أو محاولة التلويح بمستلزمات الإرهاب واستغلال الوضع العالمي الضاغط في هذه الناحية، حتى يدخل التوجس والخوف والريبة كل بيت وأسرة ويعم السواد…
المعارضة والوقوع في الفخ والإضرار بالصحوة
لعلنا نفهم هذا السيناريو الجديد القديم للسلطة في إلحاق “تهمة” البعد السياسي للصحوة، حتى تتمكن من ضربها تحت مرمى ومسمع من سكان البيت وأبناء الجيران، لكننا لم نفهم دعوة بعض أطراف المعارضة إلى اعتبار ما يجري من أحداث حول التضييق للصحوة هو مظاهرة سياسية، لأننا نرى أن هذا ما تريده السلطة وهو الفخ الذي وضعته والذي لا نريد الوقوع فيه مجددا.
ليست الصحوة مظاهرة سياسية ونقولها بكل قوة الأمين وصراحة الأخ والصديق ونرفع من أجلها عقيرتنا عاليا وندعو كل أطراف المعارضة على تأكيد ذلك وعدم المساهمة بوعي أو بغير وعي في إلحاق الضرر بأخواتنا واخواننا، طالبين كل المعارضة إلى الوقوف بجانبها ومساندتها بالكلمة المتزنة والموقف المسؤول والممارسة السلمية الحضارية، وحتى لا تقرأ أفعال البعض وتدخلاتهم وأطروحاتهم على أنها توظيف للصحوة من أجل مواقف سياسية وتسجيل أهداف والنار تشتعل على الأطراف. ولقد سبق لي منذ أكثر من خمس سنوات وفي ظل تقييم ومراجعة لهذا العلاقة بين الصحوة والحركة(1)، إلى تنبيه الحركة الإسلامية إلى هذه الأخطاء التي وقعت في تداخل الظاهرة مع الحركة وما جرته من استئصال للطرفين، واليوم كالبارحة، وإذا يبدو أن الحركة الإسلامية بتعدديتها الجديدة ممثلة في حركة النهضة واللقاء الإصلاحي الديمقراطي، قد استوعبت الدرس وبرّأت نفسها من كل تأثير مباشر للظاهرة حيث أنها كانت ولا تزال مغيبة على الساحة، فإن المعارضة “العلمانية” (2) في بعض ممثليها تبدو مصرة على إعادة هذا التداخل إلى المشهد باعتبار الصحوة مظاهرة سياسية ليس لها ارتباط بالدين وإنما هي مواجهة ومقاومة للإستبداد.
في هذه المحطة الحساسة من التحليل وهذه المرحلة الخطيرة التي تعصف بجزء كبير من المواطنين والمواطنات يجب التأكيد على النقاط التالية والتمييز بين ثلاثة مواقف حاسمة وضرورية في التعامل بين الصحوة ومحيطها :
1/ المساندة الضرورية للصحوة وأسبابها ودوافعها، من حقوق وحريات وتدين وهوية وأخلاق وقيم. 2/ استغلال حالة يقظة روحية عبادية وهي تواجه سياسة ترويع ومواجهة، والرمي بها بين مخالب الاستبداد والاستئصال، فتخسر الصحوة و لا تربح أي حركة تغيير مهما كان لونها.
3/ استثمار حالة الوعي بشروط ومنهجية ومحطات، لا تحرق المراحل ولا تبني على ردات الفعل وبكل هدوء حتى تتم نقلة حضارية بين صحوة دينية في أساسها، نحو توجهين: إما أن تقتصر الصحوة على ذاتها وتتنزل في ممارسة واعية وراشدة لا ينحبس مدرارها فقط في جانب شعائري، ليصبح منهجا اجتماعيا هادئا وصاعدا للتغيير تقع مصاحبته وترشيده. وإما أن تتفاعل الصحوة مع كل الظاهرة الإنسانية وخاصة في بعدها السياسي، ومصاحبتها إلى يقظة جماهيرية، وبلورتها إلى عصيان مدني وانتفاضة شعبية. ونحن نرى أن أوانها ومقومات نجاحها وشروط صحتها لم يحنوا بعد.
ـ يتبــــع ـ
(1) انظر في ذلك مثلا مقالنا “قراءة في العلاقة بين الاسلام السياسي وظاهرة التدين الاجتماعي” صحيفة القدس العربي 17 ديسمبر 2002. ومجلة مرايــا خريف 2002. (2) لا يحمل هذا المصطلح أي بعد سلبي وما عنيناه بالمعارضة العلمانية هي الأحزاب وأصحاب الأطروحات التي تحصر الدين في الدائرة الخاصة أو أقل ولا تعتبره مرجعية في العمل السياسي المدني. ومن هذا تعريف الدكتور منصف المرزوقي أخيرا ” نحن العلمانيون…” ليبراسيون الخميس 19 أكتوبر 2006
بسم الله الرحمان الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
السلطات التونسية تمعن فى محاربة الإسلام محنة المحجبات من محنة الإسلام فى تونس
صـــــابر- سويســــــرا
تدور رحى الحرب على الإسلام فى تونس من قبل النظام وبلا هوادة منذ سنوات طويلة ولكنها اليوم لم تعد صامتة كما أرادها ساكن قصر قرطاج بل أصبحت وبشكل غير مسبوق حديث العالم وبكل اللغات ذلك أن خبر مطاردة المتحجبات التونسيات من طرف النظام التونسى بلغ الآفاق ونال السخط والإستهجان وهذا الذى أربك النظام . لم تكن الحملة الشرسة التى يتعرض لها اللباس الإسلامى فى تونس اليوم إلا عنوانا على عداء أصيل للإسلام من قبل طغمة الحكم التى تولت كبر محاربة دين البلاد وكل مظاهر التدين فى الشارع التونسى فنصّبت على الطرقات العامة والمحلات العمومية والخاصة هذه الأيام زبانية أشربوا الحقد على الإسلام , متنمرين على الضعفاء الذين ليس لهم حول ولا طول أمام فيالق البوليس والمليشيات من عناصر الحزب الحاكم , تلك الفيالق والمليشيات التى تدين بالولاء لأفكار شيطانية هجينة منبتة عن معدن الشعب التونسى المسلم والذى وإن سادته فى الفترة الماضية مظاهر التفسخ والإنحلال بحكم التسويق الرسمي لذلك بقوة”الدولة”وكل إمكاناتها فإن شعبنا الكريم أثلج صدور كل التونسيين الغيورين على الإسلام حين عاد حثيثا أفواجا إلى دين الله تعالى فى أوبة إلى الله مباركة شطبت كل الكيد الذى حيك ويحاك ضد الإسلام فى البلد الحبيب تونس ..عاد الشارع التونسى إلى الحجاب والمساجد والسؤال عن شؤون دينه حتى على الفضائيات التى تنزلت على كل التونسيين رحمة تقيمهم من لظى التفسيخ والتغريب التى تقوده السلطة الغاشمة ومن التجهيل الدينى المتعمد والمبيت التى خططت له عقول الشر الحاكم فى تونس . كعادة النظام الفاسد والمفسد الذى إبتلى به الشعب التونسي عمد إلى تسويق الحملة على اللباس الشرعى بدعاوى باطلة لم تعد والحمد لله تجد صدى حتى لدى الغرب الذى يريد هذا النظام أن يكون تلميذه النجيب. لقد وصم النظام الحجاب الإسلامي باللباس”الطائفى” دون أن يقول إلى أي طائفة ينتمي هذا اللباس ومن هى الطائفة أصلا المقصودة , خاصة ونحن فى تونس أبعد ما نكون عن الطائفية التى يشهدها العراق مثلا أو دول عربية أخرى والتي يوجد فيها طوائف إسلامية وغير إسلامية وتمثل نسب معتبرة فى البلاد فكانت الوصفة فاشلة ومعها فشلت غرفة العمليات التى أنتجتها …فقال بأنه”لباس غريب ووافد” , فأصاب عين الكذب حين مايز بين الألبسة الوافدة ومنها ما هو صادم لقيم الستر والعفاف وما أكثرها والتى أجازها وبين اللباس الشرعي الذى منعه , والذى لم يكن وافدا على تونس بل مستجيبا لقيم الناس والملبي لحاجة الستر والعفاف التى يقصدها الدين , والناس ساعون على درب ذلك وكل القوالب فى اللباس التى تلبي شروط اللباس الشرعي والتى يتخيرها الناس لا يمكن أن توصف لا بالوافدة ولا بالغريبة , ثم أن الكذب بيّن فقد دعى النظام إلى التمسك باللباس التونسي من”فولارة ” و”سفساري”ووو… ولكنه منعهم والشاهد أن أحد التلميذات التونسيات خيرت مدير المعهد التى تدرس به بين أشكال مختلفة من أغطية الرأس أحضرتها له فأمرها بـ”الفولارة” ولم يلبث من الغد أن طردها برغم إلتزامها بمقالته لها والشواهد كثيرة لا تحصى على أن الحملة القائمة على الحجاب هى محطة من محطات الحرب على الإسلام تحت عنوان الخطة المشؤومة المعروف بخطة تجفيف ينابيع التدين , تلك الحرب التى لم تضع أوزارها وليس لها أن تفعل مادامت منابت الحقد على العقيدة الإسلامية تمسك بدفة القرار السياسى فى البلاد … ولما وجد النظام نفسه مكشوفا تماما ساوى بين” اللابسات من غير هدوم” والمتحجبات العفيفات ولكن حبل الكذب قصير ونية التلبيس على الناس ليست خافية كما وأن المقارنة لا تستقيم فالمعادن متمايزة وليست هذه المقارنة إلا تعبيرة عن تيه النظام أمام المد الإسلامى العارم التى تشهده تونس والذى لم يعد حديث همس بل شهادة يفتخر بها كل تونسى يحب الإسلام وأهله من كل جنس ومصر … فأعيته الحيلة والحجة فأراد أن يُلبس عودة فتيات تونس العفيفات إلى اللباس الشرعى بإلحاقهم إلى طيف سياسي ولكن من الواضح أنها”قديمة”لم يستطع تسويقها حتى على ألد أعداء و خصوم الإسلاميين ناهيك على أصدقائهم , فهذه الأمواج العاتية الزاحفة إلى مرضاة ربها لم ترتبط بالسياسة وليس لها إرتباط بتيار أو حزب أو حركة فعّلت توجهها الإسلامي وإنما هي عودة عارمة للإلتزام باركها الله ويسر منبتها وهى من أحد الوجوه بل من أبرزها إستجابة لوازع الهوية الإسلامية التى حاربها النظام “البن علزمي” , فهذه الصحوة نقضت عزل النظام الذى نفش ريشه زهوا بأنه دجن الإسلام وكرس مجتمعا حداثيا لم يكن إلا فى خطابه الخشبي الملمع لصورته التى تخفي وجهه الدكتاتوري القبيح , وليس خافيا هذا الفصام المركب الذى يعانية نظام الجنرال بن على بين الخطاب والممارسة منذ البيان الإنشائي الذى توج به إنقلاب 7 نوفمبر 1987 فلطالما سوق لمقولات الحداثة والديمقراطية وهو منها براء , براءة هولاكو من الإنسانية وحكم الإقطاع من الحرية , ذلك الخطاب الذى جعل كل شكل من أشكال التدين ماهو إلى إنكفاء على خيار السلطة التى تعمل جاهدة لتفسيخ المجتمع وإشاعة الرذيلة وقيم الفسق والعهر والميوعة فيه , ولكن بفضل من الله وحده كانت تلك الحرب على الإسلام خاسرة خسرانا مبينا وهذا هو الحصاد , فتيات وفتيان ولوا وجوههم قبل الله تعالى متحدين فى مهمة ليست باليسيرة بالمرة القمع الرسمي وتلك الماكينة النظامية التى تحارب الله ورسوله وكل تقي نقي لاذ بالله تعالى وإتبع رسوله صلى الله عليه وسلم , ولكنهم تجشموا الأذى فى دينهم . لقد حُشر النظام فى الزواية كما لم يحدث له من قبل مما إستدعى إستنفار ماكينته الإعلامية الباهتة , وكل جوقته الحزبية والرسمية كى تجوب البلاد طولا وعرضا للتشكيك فى اللباس الإسلامى وتعطي الدروس فى الدين وهى متلبسة يقهر المسلمين والمسلمات فى تونس …وليست تلك الممارسات القهرية المذلة التى يقترفها النظام التونسى اليوم بحق شباب وشابات تونس الملتزمين إلا مدعاة للغضب العارم والحنق الشديد على طغمة الحكم المتجبرة والتى تجاوزت كل الحدود فى محاربة الإسلام , كيف يفعل هذا فى بلد الزيتونة المعمور؟؟؟!!! والذى خربه المقبور بورقيبة وتلميذه الجنرال بن على .. إنها ممارسات مهينة لكل مسلم ليس فى تونس فقط وإنما فى أصقاع الدنيا .. كيف تجبر تلميذة على نزع حجابها ثم توضع على باب المعهد كى يتشفى منها أمام أصدقائها وصديقاتها!!! ..أين نحن اليوم؟ أفى تونس نحن أم فى رومانيا تشاوسيسكو ؟؟؟!!!لا فرق .. أين نحن اليوم ؟؟؟!!! , ماهذا الصلف فى محاربة الإسلام ومناوءة الدين .. ينزع الحجاب من على رؤوس التونسيات العفيفات فى الطريق العام وبقوة البوليس وتحلق اللحى كرها وبقوة البوليس وتداس حرمة المساجد والمصاحف بنعال البوليس القذرة.. يختطف الشباب من الشارع ومن أمام المساجد لينكل بهم فى محلات الداخلية ثم يرمون فى الشارع وليس لهم من ذنب إلا أنهم صلوا أو أطلقو اللحية أو لبسوا قميصا … يعزل الأئمة عن الإمامة فى المساجد ذنبهم أن المصلين وراءهم والمقبلين على خطبهم تزايدت أعدادهم , وينصب بدلا عنهم منفرين من الدين والمساجد وموالين للنظام ليس لهم فى أمر الدين شأن … تضرب الأطواق بأرتال البوليس على المساجد ويحاصر المصلين من نساء ورجال وصبية ويتعرضون للإستنطاق والمعاملة القاسية والمهينة لكراماتهم ثم الإقتياد لمخافر البوليس فيسامون التنكيل المادى والمعنوى … يُعَرّض بالمتحجبة فى الطريق العام وتسام الكلام البذيىء والقذف والإرهاب وينزع حجابها وهى كارهة ودموعها حرّى على خديها …أين نحن اليوم , وأين يسير هذا النظام بتونس ؟؟؟!!! .. يوزع الغضب بالمجان ويزرع التباغض والأحقاد بسخاء من لا يهمه شؤون الناس والبلاد !!! , ومتى كان له ذلك هما …لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
نجد أنفسنا اليوم بعد أكثر من خمسين سنة من الإستقلال والتغريب أمام حقيقة ساطعة وهى أن الشعب التونسى عصيّ على المشروع التغريبي , فقد حوربت هوية البلاد التونسية بالسياسة والمكر أحيانا وبالعصى والقمع أحيانا أخرى ولكن كانت تلك الحرب حرثا فى البحر وخيبة لمسعى , ولكن برغم هذا الفشل الذريع الذى لا يمكن أن ينكر مازلنا فى وضع من غير الوارد فيه أن يعترف النظام العاض بالعصى على السلطة بخطأ التوجه ليراجعه .لقد نسي الشعب التونسى”الزعيم”الذى أشفق الناس على مصير البلاد التونسية من بعده والذى بدأ الحرب على الإسلام و ورّث منشور الخزي والعار المجرّم للباس الإسلامي والمعروف بالمنشور108 لتتولى البورقيبية على يد الجنرال بن علي شؤون البلاد وتمضي فى نفس المشروع , وليعوض هذا النظام الشرعية التاريخية الغائبة لديه بعناصر أخرى ليست أقل قوة ونفوذا ألا وهى قوة البوليس , والعمالة لدوائر صنع القرار الدولي والنفوذ المالي . لقد كانت لافتة تلك الحركة التى أقدم عليها المقبور بورقيبة فى ستينات القرن العشرين حين إمتدت يده الآثمة إلى “سفسارى” إمرءة تونسية لتزيحه عن رأسها وكأنه بتلك الحركة – وهو فعلا ما يوده – كان يدشن على شاكلة إفتتاح المشاريع الإقتصادية والثقافية مشروعه السياسي والثقافي في السير بـ”الأمة التونسية”غربا .. لم يكن من عايش تلك الفترة وما حدث فيها من تفاعلات على هذا الحدث المشحون بالرمزية إلى حد بعيد ولكن يبدو أن “الزعيم”كان أمام إمرأة تونسية متواضعة سحقها الخجل من رئيس فلم تبدى مقاومة تذكر تجاه تلك الحركة من زعيم ملهم أصبغ على نفسه هالة من القداسة تمنحه التجرء على الدين ومنها الفتوى بإفطار شهر رمضان تحت يافطة “إجتهاد” لا يراعى أبسط قواعد الشرع وإنما يستند إلى هوى النفس والتعامل مع الإسلام بقواعد علمانية مفارقة للدين أصلا كما يستعين البعض كما نرى اليوم بتحليلات صحفية تفتي في الدين بغير علم وإنما تريد إسقاط نظريات فلسفية وسياسية على شرع الله تعالى فتنتج أفكارا هجينة مشوهة ليست من الدين فى شيء
هذه هى الحرب على الإسلام الذى أسس لها بورقيبة وورثها الجنرال بن على تستمر فصولها اليوم على أرض الخضراء وإذا كانت هذه الحرب تدوراليوم فى أوضاع أكثر حساسية نظرا لأن الملفات السياسية العالقة والمتفاقمة فى تونس كثيرة إضافة إلى هرم النظام فإنه ليس من التحليل الواقعي الركون إلى القول بأن النظام يريد أن يجمد الملفات السياسية الملحة فعمد إلى إفتعال الحملة على الحجاب , فالحملة ليست مفتعلة وإنما توجه لدى النظام منذ زمن وهذه الحملة الشعواء على الحجاب ومظاهر التدين ليست مفصولة عن سياق ذالك التوجه فى مناوءة الدين ومحاربة الملتزمين به , ذلك أن محاربة الظاهرة الإسلامية المتنامية لا يجب أن يعوم بهذا الشكل وإنما لا بد من الإقرار أن ذلك توجه لدى السلطة دأبت عليه فى محاربة الإسلام وعليها أن تكف عن ذلك وهي وإن لم تفعل ولن تفعل فإنها تقود البلاد إلى مصائر لا يعلمها إلا الله وحده
تحية عطرة إلى كل القابضين على دينهم كالقابضين على الجمر فى البلد الحبيب تونس , لكم الله تعالى…”وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون” والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
دونكم يا حراس .. إنها خِرْقة بيضاء !!
بقلم: أبو الزبير الأنصاري
كان أحد المشايخ المشهورين الآن – والذي عُرف بتغيّر منهجه وطريقة دعوته وطرحها – قد طرح تساؤلا في إحدى محاضراته القديمة عن موضوع عوام الغرب وعداوتهم للإسلام حيث انتشر بين الناس حب هذه الفئة وعدم الاكتراث بالولاء والبراء بحجة عدم صراحة عداوة هذه الفئة للإسلام والمسلمين ، فأجاب إجابة جميلة نختصرها بأن هذه الفئة في صدرها نار كامنة قد تتحرك وتتهيج في أول صدام مع الإسلام أو عند الإحساس بأي خطر من قبل الإسلام ، وكلام هذا الشيخ كان صحيحا للغاية فنحن نرى ذلك بأعيننا من عداوة وتضييق وتَعَدّ صارخ واضح تجاه الإسلام والمسلمين ، وما أحداث الدانمرك ومساندة أوربا وأمريكا لها عنا ببعيد .
حقيقةً .. حين سمعت بأخبار أخواتنا في تونس وما يحدث لهنّ الآن من ظلم ومحاربة من هذا النظام الظالم المارق ، وحين تسمع نداءات علماء تونس ونداءات المسلمات ، من منعهم من الخروج مُحْتَجِبَات ، وفصلهن من وظائفهن وأعمالهن ، وملاحقتهن في الأسواق والجامعات بل حتى عند أبواب بيوت الله ، وإلزامهن بكتابة تعهدات على عدم ارتداء الحجاب ، حتى وصل الأمر منع المحجبات الحوامل من دخول المستشفيات للمراجعة أو الولادة ! ومن المضحك المبكي مصادرة اللعبة ( فلة ) من الأسواق لأنها لعبة محجبة بخرقة بيضاء تمثّل دعوة للباس الطائفي !! فاضطرت أخواتنا المسلمات العفيفات القابضات على الجمر بلزوم البيوت وتطليق الوظائف والجامعات تمسكا بدينهن وطاعة لربهن .. أقول : حين سمعت هذه الأنباء تذكرت كلام هذا الشيخ والمسألة التي تطرق لها هل فعلا هذا المخبوء في قلوب عوام الغرب كان يتناصف أو يتضاعف في قلوب هذه الأنظمة ؟! فيا سبحان الله .. إحساس بالخطر = ظهور العداوة !! ، وأي خطر ظهر يا قوم ؟! إنه حجاب تغطي المرأة فيه ما أمرها ربها سبحانه ، ليت شعري لو أردنا تطبيق الشريعة ؟! ليت شعري لو أردنا رفع راية الجهاد ؟!
فهذي الخرقة البيضـاء صارت *** يخيـفُ ظهورُهـا جيشاًَ ومثلــهْ !
أأعيتكـم مجابهـة الحجـاب *** فصادرتـم حقوق الناس ، سَفَلـهْ
ولي مع هذه الأحداث بعض الوقفات والخواطر :
1- تبين ووضوح عداوة هذا النظام للإسلام والمسلمين مما لا يجعل عندنا أي اعتذار أو عذر له ولزبانيته ، فهذه العداوة الصريحة للدين توجب الكفر بالله تعالى والردة عن دينه ، قال الله تعالى : { وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ } [التوبة:65-66] فإذا كان مجرد الاستهزاء بدين الله تعالى يوجب الكفر بعد الإيمان فمن باب أولى من يحارب دين الله تعالى أو يحارب شعيرة من شعائر دينه الظاهرة المتواترة المعلومة من الدين بالضرورة أنه يكفر ولا يقبل منه اعتذار .
2- إذا كان هذا النظام الفاسد قد استباح لنفسه هذا العداء وإيذاء المسلمين ، فإني أعجب كل العجب ممن يتسمون رجال الشرطة والأمن هناك ! وهم أصلا من أبناء هؤلاء النسوة وإخوانهن وأزواجهن وآباؤهن ، كيف لمن يحمل اسم الإسلام أن يرضى بمثل هذا الكفر ! وإن والله هؤلاء الرؤساء ضعفاء في أنفسهم لا يملكون لأنفسهم نفعا ولا ضرا ، ولكن حينما سَرَتِ العبوديةُ لهم في قلوب أتباعهم واسْتَحْكم الذلّ على قلوبهم وجثم الخَوَر على صدورهم ، صار هذا “الهُبَل” مُطاعا مسموعَ الكلمة بينهم ، ولو أنّ هؤلاء الرجال رفضوا وعصوا وأضربوا عن العمل لَعَجَزَ هذا “الهُبَل” الفاسق الفاجر عن التحرك ! وهذا أقلّ الأحوال إن لم يقف الجيش والمسلمين وقفة صادقة وقلبوا النظام على رأس سيّده ، كما حدث في موريتانيا قبل سنة ونص ، وما حدث أخيرا في ماليزيا ، انقلاب من الجيش على النظام بسهولة ويُسْر ، لكنّ المصيبة والحسرة أن فُقِدَت هذه العزة وهذه الرجولة من قلوب هؤلاء القوم ، وإني لأتحسّر على الغيرة التي ضاعت فضلا عن تحسّري على ضياع دينهم وإسلامهم ، فلو كانوا يعرفون الدين والإسلام معرفة صحيحة لما سرت هذه الأمراض إلى قلوبهم ، وإني لا أجد نفسي إلا متحسرا كما تحسر الإمام الذهبي قائلا : ( آه واحسرتاه على قلة من يعرف دين الإسلام كما ينبغي ) .
3- إنه يوم السّعد للعلماء ، إنه يوم المفخرة العظيمة ، إنه .. يوم الصدع بالحق ! فيالله على هذه الكرامة التي ستُحْبَوْنَها يا ورثة الأنبياء ، إنه اليوم الذي ستقف فيه لله وفي الله ، تقوم بكتاب الله تعالى ، تحل مَحَلّ النبي صلى الله عليه وسلم ، ومحلّ الصحابة الكرام ، ومحلّ سعيد بن جبير ، ومحلّ أحمد بن حنبل ، ومحلّ شيخ الإسلام ابن تيمية ، ومحلّ محمد بن عبد الوهاب ، ومحلّ سيد قطب ، ومحلّ الشيخ عمر عبد الرحمن ، ستكون في صفهم وفي منزلتهم ، حينما تقف في وجه الظلم وتقول له : لا ! ، حينها نرفعك على الرؤوس ونلهج بالدعاء لك في السجود ، ونسأله تعالى أن يثبتك ، وسنلتف حولك ونتبعك وندافع عنك ، وهذا ليس بشيء يا مشايخنا من الأجر العظيم والوفير الذي ستناله من الله تعالى ، فإذا كان المسلم يغفر بالشوكة يشاكها ذنوبَه كلّها ، فما بالك أن تسجن لله وتوقف عن الخطابة لله وتمنع من الدروس لله وتؤذى لله ولعلك تعذّب وينتقص منك ويؤلّب عليك علماء السوء وسفهاء القوم .. وكل ذلك لله وفي لله ، وإذا استشهدت في سبيله … فسنقول سيد الشهداء !! كما أخبرنا بذلك عليه الصلاة والسلام .
4- لحرائر تونس العفيفات .. القابضات على الجمر .. تذكرن أخوات لَكُنَّ في الشيشان يوقَفْنَ في التفتيش والمدارس فيكشف عن جلابيبهن وغطائهن علج كافر نجس ، فتسيل دمعة من عيونهن حسرة وقهرا وفي قلبها : أين المسلمون ؟ ، تذكري نساءً في العراق مسجونات يُغتصبن على أيدي الصليبيين الأنجاس والرافضة المجوس ويُرْمَيْنَ في الشارع يلفحُ خوفُ العار والشنارِ قلوبَهن ، تذكّري مِحْنَةَ أخواتِكِ في فرنسا وما حلَّ بهنَّ ، وتذكري وتذكري وتذكري .. كل ذلك لتعلمي أن ما ذلك إلا حرب ومعركة ليس لأنّك تونسية ، وليس لأنك وضعت هذه الخرقة البيضاء على رأسك ، إنما لِمَا تحمله من دين وعزة وكبرياء تتزلزل لذلك أركانهم وترتعد له فرائصهم ، وأنت أختاه .. أم المثنى وخالد والقعقاع وأسامة .. لن ترضَيْ بأقل من النصر أو الشهادة .. فامض على بركة الله تعالى .. واقْبِضِ على الجمرة .. فإنها والله حياة دنيئة حقيرة وهي صَبْر ساعة .. والملتقى عند حوض النبي صلى الله عليه وسلم لتشربي منه وتروين فلا تظمئي بعده أبدا ..
عفيفةُ تونس الخضرا ستمضي*** بنهج الحقِّ ينصرهـا الكرامُ
5- أنتِ يا مَن تسمعين بهذه الأخبار والمحن ، يا من رميتِ الحجاب للدنيا ، يا من رميتيه لأجل وظيفة ونسيتِ أن الرزق بيد الله تعالى ، ألا من عودة ورجعة إلى حجابك وحيائك ؟! لن أطيل الكلام .. قوافل المسلمات المحجبات يفزن بالخير الوفير ، وهذا هو الميدان ، وأبواب الجنان فتحت .. { وفي ذلك فليتنافس المتنافسون } .
6- أخي .. عندك أخت أو أم أو زوجة أو ابنة .. كن رجلا شريفا عفيفا ، اصبر على البلاء وقِفْ وقفة الرجال ، وذُدْ عن حوضك لا تجعله يُهَدَّم ، وتذكر نداء رسول الله صلى الله عليه وسلم لآل ياسر ( صبرا آل ياسر فإن موعدنا الجنة ) .
7- جميع المسلمين ، لقد وصفنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجسد الواحد ، فإذا اشتكى أهلنا في تونس علينا أن نسهر لأجلهم ونقف معهم وننصرهم بما نستطيع ، لا تجعل الموضوع يمرُّ بسهولة ، حادث أهلك وأقاربك عما يجري ، عَرّف أصدقاءك وزملاءك بهذه المحنة ، أقل القليل أن تُدخل البغض والبراء في قلوبهم لهؤلاء الجلادين الظلمة وتدخل الحب والولاء لأخواتك وإخوانك في تونس ، فتَلْهَجُ قلوبُ المسلمين في الدعاء لهم والقيام بحق الإنكار على هؤلاء الجلادين ، وهذا أقلّ ما يمكن أن يفعله من ليس لديه موهبة أو خبرة ، أما من لديه ذلك فَلْيُسَخِّرْ موهبته لإخوانه ، فالشاعر والكاتب والعالم والداعية والتاجر والمصمم والمبرمج وأصحاب المواقع والمنشد وأصحاب القنوات الفضائية والمحللين .. عليهم ألا يقفوا مكتوفي الأيدي ، والأجر من الله تعالى .
هذا ما لدي ، وأسأل الله سبحانه وتعالى بمنّه وكرمه ، أن يرفع البلاء عن أهلنا وأخواتنا في تونس ، ويحميهن ويستر عليهن ويصبّرهن ، وأن يشل أيدي الجلادين ويكفّها عنهم ، وأن يرسل عليهم الطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم ، ويهلك القوم المجرمين .
اللهم مكّن لعبادك المجاهدين في سبيلك ، اللهم سدد رميهم واجمع كلمتهم ووحد صفوفهم واشف جريحهم وفك أسيرهم .. واجمعهم على الخير والإسلام والإيمان ، إنك ولي ذلك والقادر عليه .
(المصدر: القسم الإسلامي بمنتدى الحوار.نت بتاريخ 21 أكتوبر 2006)
في الدين والسياسة (1)
بقلم:علـي شرطــاني
تــــــونس – قفـصـــة
إشكالية الدين والسياسية ؟
حين نكتب في الدين والسياسة لا يعني ذلك اقتناعا منا بأن هناك دينا يجب التحدث عنه بمعزل عن السياسة أو أن هناك سياسية يجب التحدث عنها بمعزل عن الدين، بل إننا حين نكتب عن كل ذلك نكون محكومين بقناعة ويلازمنا يقين لا يخالطه شك بأنه لا اكتمال للدين بغير بعده السياسي، ولا صلاح للسياسة خارج إطارها الطبيعي الذي إذا تم فصلها عنه تصبح فاقدة لكل معنى من معاني الحرية الحقيقية والعدل الحقيقي والشورى الحقيقية والمساواة والإخوة الحقيقتين وكل القيم والمبادئ الإنسانية النبيلة.وعادة ما يزعم المنتصبون على تنظيم حياة الناس وإقامة الحكم فيهم، أنهم إنما يعملون على تحقيق هذه الأهداف التي تمثل محط أنظار كل الناس ومصدر اهتمامهم، وما تهفوا إليه نفوسهم، وغاية ما يطمحون إلى تحقيقه في حياتهم. فلا معنى للدين بغير سياسة ولا صلاح للسياسة خارج إطار الدين. وهي التي لا صلاح لها بدونه وهي التي بما يبدوا منها من صلاح مفسدة بدونه كذلك. إننا حين نتكلم عن الدين والسياسة أو نكتب فيهما، إنما نريد أن نعيد الأمور إلى نصابها، بعد أن بلغ الأمر بكثير من المنتسبين اعتباطا للإسلام إلى استلهام ثقافة المستعمر استلهاما لم يبق معه في نفوسهم مكانا لمراجعتها أو إعادة النظر فيها، أو مجرد الشك في اشتمالها على الخطإ أو مجانية الصواب، من حيث يقصد أصحابها أو لا يقصدون.
إن هذه الطائفة من الذين يريدون أو يراد لهم أن يكونوا مثقفين بلغ بهم الإعجاب بالفكر الغربي والثقافة الغربية حد القداسة، وقد وصل بهم الأمر في ذلك إلى حد النأي بها عن الخطإ المخل بتنظيم الحياة على أساسها، وأنه لا مكان ولا سبيل لثقافة بديلة عنها تصلح لتنظيم حياة الشعوب والمجتمعات والدول.
فهذه الطائفة من المثقفين العلمانيين إنما يفعلون ذلك لأسباب قد لا يكون من السهل حصرها، ولكننا نعلم أنهم يتراوحون في عضهم عليها بالنواجذ والاستماتة في الدفاع والذود عنها، والاجتهاد فيها مساهمة منهم في استمرارها والإبقاء عليها بين الاقتناع الصادق بها ما لم يتوفر لهم من الأسباب ما يجعلهم يقتنعون صدقا بغيرها، وبين الإصرار عليها ولو وضعت بين أيديهم كل الدلائل والبراهين العلمية والعقلية والموضوعية التي تجعلهم يقتنعون بغيرها أو على الأقل يغيرون رأيهم فيها. وقد يكون هؤلاء ممن يصدق عليهم قول الله تعالى : “إنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور”. في هذا الإطار أصبح مطروحا على ساحات الصراع والمناجزة والمناظرة أمورا عديدة، بل أصبحت كل القضايا تقريبا قابلة للمناقشة وتناول الرأي فيها. مما جعل قضية مثل قضية الدين والسياسة وقضية المرأة على وجه الخصوص، وغيرها من القضايا محل جدل كبير. فأنقسم الناس فيها إلى تيارين مختلفين اختلافا بلغ حد التناقض في أكثر من موقع من القضية الواحدة.
ويقف كل من هذين الفريقين على أرضية معينة، ويجعل لنفسه أهدافا وغايات يريد تحقيقها من خلال قناعاته وثقافته وفهمه للتاريخ والحياة والإنسان والكون ماضيا وحاضرا ومستقبلا. فالتيار التغريبي ومن خلال وقوفه على أرضية الثقافة الغربية يرى ما رآه ويراه أسياده من رواد الفكر والثقافة الغربيين، وقد يصل الولاء بهؤلاء المقلدين حدا يظلون مراوحين فيه المكان الذي عهدوا وصول أسيادهم إليه، وإن كان أولئك قد غادروه وهم لا يشعرون بتلك المغادرة، وقد يظلون كذلك أحيانا حتى وهم يعلمون أن تجاوزا ما قد حصل لبعض القضايا والمفاهيم والمسائل. فهم ملتزمون باقتفاء أثرهم والسير على خطاهم في ما يصيبون وما يخطئون فيه. وقد بدا واضحا أن التيار التغريبي في البلاد الإسلامية غير العربية والعربية الإسلامية قد ظل محافظا على كثير من المفاهيم التي تجاوزها المفكرون الغربيون أنفسهم، والفكر والثقافة الغربيتين بشكل عام، إما جهلا منهم بهذا التجاوز لعدم مواكبتهم لنسق تطور هذه الثقافة سلبا وإيجابا، أو لعلمهم بذلك، ولكن مصالحهم الذاتية الشخصية والفئوية والطبقية والحزبية والجهوية جعلتهم يتجاهلون مرحلة التجاوز والتطور والتحول والتغيير، ويصرون على المحافظة على تلك المفاهيم التي تكون قد أصبحت قديمة في القواميس العلمية والثقافية والفكرية الغربية، وحلت محلها مفاهيم حديثة وجديدة يقتضيها تطور المجتمع والحياة، أو من منطلق ذلك العلم بها تراهم يبحثون لها عن مبررات الإبقاء عليها حية صالحة، متجاهلين آخر ما وصل إليه الفكر الغربي والثقافة الغربية التين كانا نتاج تطور المجتمع والعلوم والتقنية، وعاملان مهمان في تطوير المجتمع والمؤسسات العلمية والتقنية. إلا أن انتهازية السائرين على نهج الإنتهازية منهم يحرصون على إعطاء هذه المفاهيم بعض المعاني الخاصة تكرس التغريب بمحاولة تأصيله في المحيط العربي الإسلامي وفي الثقافة العربية والإسلامية، وتكرس الإستبداد السياسي أما بمساندته أو التغاضي عنه أو المشاركة فيه والتعاطي معه، مثل مفاهيم الحضارة والثقافة والتطور والحداثة والديمقراطية والإبداع والدين والسياسة وغير ذلك من القضايا… ولذلك كان من المفاهيم المثيرة لكثير من الجدل عبر القرن العشرين وربما حتى في أواخر القرن التاسع عشر وخاصة بعد ظهور الحركة الإسلامية المعاصرة والصحوة الإسلامية التي أخذت مداها بامتدادها عبر المنطقة العربية والعالم الإسلامي والعالم كله، هما مفهومي الدين والسياسة. ومن خلالهما احتد الصراع بين مختلف الأطروحات الفكرية بخصوص ما زاد عن ذلك من القضايا، مثل قضية الديمقراطية والمرأة والحرية والاقتصاد والثقافة وطبيعة المجتمع والتراث وغير ذلك من القضايا.
وإذا كانت هذه القضايا مثارة عند المثقفين المتغربين بحكم شرب ثقافة الغرب في قلوبهم وعقولهم، وقد أصبحت أفكارهم خالية من كل تصور لأصالتهم وهويتهم وعقيدتهم وثقافتهم الإسلامية، فما سبب إصرار الكثير من الحكام العرب والمسلمين ذوي الثقافة التقليدية أو المحدودة في إحكام تطبيق هذه البدعة ذات الأصول الغربية والذود عنها، واعتبار كل منطلق من الإسلام والمطالبة بحق الوجود السياسي المنظم أو غير المنظم والمعترف به قانونيا أو غير المعترف به ليس إلا متسترا بالدين من أجل تحقيق أغراض سياسية ؟ فليس في الحقيقة لذلك سبب واحد وإنما هي أسباب كثيرة نذكر منها ما يلي :
– أولا : أن الذي لا شك فيه أن ذلك كان من جهل المسلمين بإسلامهم وقلة صدقهم مع الله وإخلاصهم له وعدم الخوف من عقابه وعدم الطمع في جزائه وثوابه، بما في ذلك ملوكهم وحكامهم بمختلف نزعاتهم وأهوائهم والشعارات الملوحين بها والرافعين لها،من قبيل الحرية والإشتراكية والوحدة والعروبة والديمقراطية والحداثة والإسلام نفسه وكان كل ذلك أحد الأسباب الرئيسية في القبول بغير الإسلام نظاما سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وثقافيا.
2- أما السبب الثاني : فهو وإن كان في الحقيقة ذرائعيا فقط، إلا أن أعداء الإسلام من مبشرين ومستشرقين وغربيين صليبين قد أوحوا إلى أوليائهم من المحسوبين على الإسلام من العرب وغير الغرب من مختلف الأعراق أن الإسلام هو السبب الرئيسي في تخلفنا وانحطاطنا. ولا فائدة بالتالي من إعادة المراهنة عليه مرة أخرى. وقد روي عن سيء الذكر الحبيب بورقيبة سابقا قوله لما وقع الحديث معه بعد سنة 1956 بخصوص طبيعة النظام السياسي للبلاد التونسية بعد مغادرة المحتل الفرنسي لها عسكريا، إن كان بالإمكان استئناف الحياة الإسلامية بها: “أنا لا أراهن على جواد خاسر”، وهم من أصبحوا عندهم محل ثقة وناصح أمين، ويملكون زمام المبادرة الحضارية والعلمية، مما يستوجب معه الأخذ بنصيحتهم واعتماد آرائهم وأفكارهم مما قد يتحقق به بلوغ المرام الذي بلغوه والمكاسب التي حصلوا عليها. وأصبحت عندهم بذلك قناعة أن ما كان سبب تخلف وانحطاط لا ينبغي أن يكون يوما سببا من أسباب التقدم والتطور والرقي والنهضة، فأوصدوا دون ذلك ألف باب. ولم يصبح عدم المجاهرة بالإساءة إلى هذا الدين إلا خوفا من الجماهير وإظهار الاحترام لمشاعرها. وما خطاب الإطراء له وتمجيده وإظهار الاعتزاز به إلا من قبيل العملة المتداولة بين الأجهزة التنفيذية والإعلامية للأنظمة الفاسدة المعادية في الأصل له يضفون بها على أنفهم مشروعية لا يستطيعون اكتسابها إلا من قدسيته.
– السبب الثالث : هو تنكرهم له وهم يعلمون أن صحة الإسلام وشموله وصلاحيته لكل زمان ومكان لا يمكن أن تجعله يوما ما من أسباب التخلف. وهو الذي تأكد تاريخيا أنه نظام كوني بعث أمة وأقام حضارة واستجمع كل أسباب النهضة الأوروبية الغربية التي أنجزت هذه الحضارة واستكملت أسباب بروزها وتفوقها، ولكن أهواءهم واستسهال إقامة نظم أخرى ولو مناقضة له كان الأهم عندهم، وكانوا الأقدر على فعله، بل لم يكونوا مخيرين في ذلك بحكم انصياعهم انصياعا كاملا لقوى الهيمنة الاستعمارية التي أوجدتهم.
4- أما السبب الرابع: فهو اختيار الانسجام مع الأوضاع العالمية والدولية ولو كان ذلك لغير صالح الشعوب والأوطان وهم في ذلك صنفين إثنين لطائفة واحدة:
أ) صنف من الحكام قد يجد نفسه غير مستطيع العمل على استئناف الحياة الإسلامية وإقامة النظام الإسلامي وإن كانت له قناعة بذلك نظرا للتحديات الجسام التي يجدها هذا الحاكم وذاك مطروحة عليه، والصعوبات التي تواجهه في معركة البناء، ولا يجد على ذلك معينا أو ناصحا أو مشجعا أو مساندا من قوى أو أطراف يطمئن إليها ويثق بها. وهذا ما تذرعت وتتذرع به وللأسف الشديد الكثير من الأنظمة في المنطقة العربية وفي العالم الإسلامي عامة.
وإذا كان ثمة من هذه الأنظمة من ملك القدرة على تحمل مسؤوليته في ذلك في ظروف تاريخية خاصة ولاعتبارات شرعية خاصة، فقد كانت تجربة تقليدية جدا ومتخلفة مكرسة للإنحطاط والتخلف والرجعية أكثر مما كان مكرسا في عصور الإنحطاط نفسها، إذا اعتبرنا جدلا أن تلك العصور قد ولت، وكانت مسيئة للإسلام أكثر مما هي مشرفة له، مثل التجربة السعودية التي أصبح ينظر إليها على أنها رمزا للتحالف مع قوى الهيمنة الإستعمارية الزارعة للكيان الصهيوني اليهودي والراعية له، وكان ينظر إلى أن ذلك يحصل وللأسف الشديد باسم الإسلام، وأن الإسلام هو الذي يجيز ذلك وعلى ذلك النحو، مما أعطى انطباعا للجاهلين بالإسلام وأعدائه وخصومه بأنه لا وجود لنظام إسلامي ولا لتصور إسلامي خارج القبول بهيمنة قوى الظلم والطغيان والإستكبار على الشعوب والأوطان. وذلك ما لم يعط لهؤلاء أنفسهم أي استعداد للقبول بأي تصور ولا بأي نظام للإسلام بعيدا عن الصورة والأنموذج الذي قدمته لهم عائلة آل سعود.
أما حقيقة الذرائعيين فهي: أنه لم يصدق منهم العزم على مواصلة جعل الإسلام نظاما سياسيا واقتصاديا وثقافيا واجتماعيا بعد الإنتهاء من معركة التحرير. ولم يكن ذلك في الحقيقة من قناعاتهم. ولم يكن لأي طرف من هذه الأطراف المتعذرة بما تعذرت به، أي تصور ينطلق من الأصول ويستوعب الواقع الحضاري الدولي الإجتماعي والثقافي والسياسي ليقيم عليه معركة البناء. بل إن الذي يؤكده التاريخ الإستعمار الغربي الصليبي أنه كان دوما ومازال يعمل بوعي وبمسؤولية كاملة على الحيلولة دون اكتساب الرموز الإسلامية والحركات والقوى الإسلامية أي أهلية تجعلهم يتصدرون قائمة القوى المهيأة والقادرة على تولى زمام الأمور من بعده، ولم يكتف ذلك فقط، بل تعداه إلى دعم القوى والرموز التي أبدت استعدادا واضحا، وخبر منها ذلك، لمواصلة المسيرة التي بدأها، والإبقاء على الأوضاع على الشاكلة والنحو الذي يريده، ويضمن استمرار مصالحه في مستعمراته بعد مغادرتها اختيارا واضطرارا سلما و حربا، وتأكد من اقتناعها بضرورة إقصاء الإسلام من إدارة شؤون الشعوب والنهوض بالأوطان.
إن الذي يؤكد زيف أعذارهم وسو نواياهم ما بدا منهم من إخلاص وأمانة للتجربة الإستعمارية في نظام الحكم والإدارة والقانون، بما يجعل الأوطان تابعة استراتيجيا للنظام الإستعماري العالمي الغربي، والشعوب مرتهنة للقوى والمؤسسات الثقافية والإقتصادية الإستعمارية، وما جعلهم يثبتون في استراتيجية عملهم السياسي والفكري الثقافي والأمني أولوية تصفية كل ما له علاقة بالإسلام، بتعلات مختلفة وبمبررات كاذبة زائفة غالبا ما يقع الإستناد فيها إلى الإسلام نفسه، عن طريق أئمة السلطة وفقهاء البلاط، وباعتماد أسلوب إسكات الأصوات الصادقة وخنقها وتكميم أفواهها، واستعمال القوة والإرهاب، وقد أورثهم الإستعمار من أسباب القوة والإرهاب ما يملكون به القدرة على القضاء على كل من يخشون تولي زمام الأمور من بعدهم، ممن قد يكونوا سببا في جعل من الإسلام والمسلمين مرة أخرى قوة تهدد مصالحهم وقلاعهم، وذلك ما يخشونه.
يقول كرزون وزير بريطانيا لعصمت أينونوا المندوب التركي “إننا لا نستطيع أن ندعكم مستقلين لأنكم تكونون حينئذ نواة يتجمع حولها المسلمون مرة أخرى فتعود المسالة الشرقية التي عانينا منها طويلا”(1)
ب) صنف من الحكام بدا أكثر صدقا مع نفسه ومع الشعوب، وأكثر وضوحا منذ البداية، وأكثر ولاء لأعداء الأمة والشعوب والأوطان، وهم أولئك الذين أعلنوها علمانية لائكية منذ البداية، وولوا وجوههم للشرق والغرب، وهؤلاء أنفسهم لا يختلف عنهم في الحقيقة كثيرا أولئك الذين زينوا المادة الأولى من دساتيرهم بالإشارة التي تبدو صريحة أن دين الدولة الإسلام. إلا أن وجه الإختلاف بينهم، أن أولئك غير ملتزمين قانونا وتشعريعا وسياسة واقتصادا وثقافة بأي حد من مبادئ الإسلام وقيمة، ويعتبرون أنه ليس لأحد الحق في مراجعتهم في ما يعتبرونه من الثوابت القارة المميزة للنظام السياسي.
أما أولئك الذين انتهجوا سياسة الإزدواجية في الخطاب والكيل بمكيالين كثيرة ومختلفة تملقا وخداعا للرأي العام الشعبي أو القومي، مستفيدين من دعم قوى الهيمنة الإستعمارية لهم، ومن جهل الشعوب بإسلامها، وقد خضعت إلى نقلة نوعية قصرية، من عصور الإنحطاط التي كان من أهم نتائجها الإستبداد السياسي والجهل وانعدام الوعي الشعبي ولو في حدوده الدنيا بمخاطر الجهل والفقر والمرض، وتعمق الهوة بينها وبين هويتها وأصالتها، وافتقارها للمضمون الثقافي الكافي الذي يجعلها قادرة على المشاركة بوعي وبمسؤولية في الوقوف إلى جانب قياداتها الروحية الفكرية، والتصدي لكل المعادين لهويتها وأصالتها، إلى عصر الإستعمار الذي وجد عندها القابلية بحكم الفراغ الذي أصبحت عليه، لتقبل بكل أوبجل ما يمليه أو يفرضه عليها من أوضاع وأفكار وثقافة، ومن تخلف الطرح الإسلامي كذلك وتقوقع جل رموز الهوية والثقافة والفكر الإسلامي، مما جعله غير قادر على تقديم بدائل مكتملة ومتكاملة وواضحة، وحتى إذا كان هناك بعض الوضوح في التصور والطرح، فلم ينجح في إقامة علاقة مباشرة بالعمق الشعبي والجماهيري وتعبئته بمضمون نظري إسلامي ملامس للواقع الموضوعي، وتقديم معالجات صحيحة لمشاكله الحقيقية. والذي يجب أن نعلمه جيدا، أن هذه المهمة صعبة جدا وتواجهها مخاطر ومصاعب كثيرة جدا نذكر منها :
1– هيمنة الفكر التقليدي الإسلامي ورموزه على الحياة العامة.
2– حضور القوى الإستعمارية بما تملكه من إمكانيات ووسائل ضغط متطورة.
3– نشاط المستغربين الذين أصبح من قناعاتهم مصارعة ومواجهة الغرب بنفس الوسائل والأدوات والمضامين التي ينتهجها في مواجهة الشعوب الواقعة تحت هيمنته على حد زعمهم، وهم لا يعلمون أو يتجاهلون أنهم قد أصبحوا بذلك مجرد استمرار له، ومنفذين لمخططاته سواء كانوا يعلمون ذلك أو لا يعلمون، أو كانوا يدركون ذلك أو لا يدركون، وسواء كانوا يقصدون ذلك أولا يقصدون
4- صدق الحركة العلمانية الناشئة مع قوى الهيمنة الاستعمار. (يتبع)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) مجلة الأمة – العدد:1 – السنة الثانية – شهر نوفمبر 1981 .
استراحة العيد
كتبها عبدالحميد العدّاسي
كنت وعدتّ الأحباب القرّاء ( من المهتمّين بالهدي النبوي ) بالجزء الثاني من تلخيص كتاب ” الأذكار ” للإمام الفاضل النووي رحمه الله، غير أنّ الظروف قد قصّرت بي فلم أستطع نقل إلاّ ما كان من أدعية السفر.
وقد رأيتها مناسبة لهذا الموسم – موسم عيد المسلمين – حيث يكثر التزاور بين المسلمين صلة للأرحام وتوطيدا للأخوّة وإصلاحا لذات البين. وقد سمّيتها استراحة العيد، سائلا الله أن تجد لديكم القبول فتحفظوا ما فيها من نِعَمٍ، نسأل الله أن يثقّل بها ميزان شيخنا الفاضل النووي. هذا وأطمع أن يُكتب لنا جميعا أجر الدّال على الخير.
وعسى أن ينتبه أصحاب التغيير إلى انتهاء شهر رمضان، فينهون بذلك حملتهم الرّمضانية على الحجاب. فلعلّهم كانوا يعتقدون – كما صرّحوا – أنّهم يدافعون عن الإسلام، ولعلّهم اختاروا بذلك رمضان طلبا لمضاعفة الأجر فيه. فكان لهم ما كان عند الله المطّلع على السرائر.
كلّ عام وانتم بخير وسلم وسلامة. وهاكم الأدعية:
كتاب أذكار السفر
باب أذكاره عند إرادته الخروج:
يستحبّ له عند إرادة الخروج أن يصلّي ركعتين. قال صلّى الله عليه وسلّم: ” ما خلّف أحدٌ عند أهله أفضل من ركعتين يركعهما عندهم حين يريد سفرا “، يقرأ فيهما بـ” قل يا أيّها الكافرون ” والإخلاص، أو يقرأ فيهما بالمعوّ ذتين. كما يستحبّ له بعد الركعتتين قراءة آية الكرسي وسورة ” لإيلاف قريش “.
يدعو فيقول:
– اللهمّ بك أستعين وعليك أتوكّل، اللهمّ ذلّل لي صعوبة أمري، وسهّل عليّ مشقّة سفري، وارزقني من الخير أكثر ممّا أطلب، واصرف عنّي كلّ شرّ. ربّ اشرح لي صدري، ويسّر لي أمري، اللهمّ إنّي استحفظك وأستودعك نفسي وديني وأهلي وأقاربي وكلّ ما أنعمت به عليّ وعليهم من آخرة ودنيا، فاحفظنا أجمعين من كلّ سوء يا كريم.
– اللهمّ إليك توجّهت وبك اعتصمت، اللهمّ اكفني ما همّني وما لا أهتمّ له، اللهمّ زوّدني التقوى، واغفر لي ذنبي ووجّهني للخير أينما توجّهت
باب أذكاره إذا خرج:
– أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه.
– أستودع الله دينك وأمانتك وخواتيم عملك.
– أستودع الله دينك وأمانتك وآخر عملك.
باب الدعاء للمسافر:
– زوّدك الله التقوى، وغفر ذنبك، ويسّر لك الخير حيثما كنت.
– اللهمّ اطو له البعيد، وهوّن عليه السفر.
ويستحبّ للمسافر التكبير على كلّ شَرف ( أي مرتفع من الأرض )، والتسبيح عند كلّ منخفض أو منحدر.
باب ما يقول إذا ركب الدّابة ( قلت: ودوابّنا اليوم كثيرة التنوّع )، ويعرف بدعاء الرّكوب:
بسم الله، الحمد لله ( الذي سخّر لنا هذا وما كنّا له مقرنين، وإنّا إلى ربّنا لمنقلبون )، الحمد لله الحمد لله الحمد لله، سبحانك إنّي ظلمت نفسي فاغفر لي فإنّه لا يغفر الذنوب إلاّ أنت. ثمّ ليضحك، فقد ثبت أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ضحك بعد أن دعا…
وهذا الدعاء، ويعرف بدعاء السفر:
الله أكبر الله أكبر الله أكبر، ( سبحان الذي سخّر لنا هذا وما كنّا له مقرنين، وإنّا إلى ربّنا لمنقلبون )، اللهمّ إنّا نسألك في سفرنا هذا البرّ والتقوى ومن العمل ما ترضى، اللهمّ هوّن علينا سفرنا هذا واطو عنّا بعده، اللهمّ أنت الصاحب في السفر والخليفة في الأهل. اللهمّ إنّي أعوذ بك من وعثاء السفر (شدّته) وكآبة المنظر (تغيّر النفس من حزن وغيره) وسوء المنقلب (المرجع) في المال والأهل.
وإذا رجع قال مثل ذلك ثمّ زاد: آيبون، تائبون، عابدون لربّنا حامدون.
باب ما يقول إذا ركب سفينة:
قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: أمانٌ لأمّتي من الغرق إذا ركبوا أن يقولوا: ” باسم الله مجراها ومرساها ، إنّ ربّي لغفور رحيم ” – ” وما قدروا الله حقّ قدره، والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه سبحانه وتعالى عمّا يشركون “.
هذا ويستحبّ الإكثار من الدّعاء عند السفر لقوله صلّى الله عليه وسلّم: ” ثلاث دعوات مستجابات لا شكّ فيهنّ: دعوة المظلوم، ودعوة المسافر، ودعوة الوالد على ولده “. قلت: انظر لو كان المسافر مظلوما.
باب ما يقول إذا رأى قرية ( قلت: ومدينة ) يريد دخولها أو لا يريده:
– اللهمّ ربّ السماوات السبع وما أظللن والأراضين السبع وما أقللن، وربّ الشياطين وما أضللن، وربّ الرّياح وما ذرين، أسألك خير هذه القرية وخير أهلها وخير ما فيها، وأعوذ بك من شرّها وشرّ أهلها وشرّ ما فيها
– اللهمّ إنّي أسألك من خير هذه القرية وخير ما جمعتَ فيها، وأعوذ بك من شرّها وشرّ ما جمعت فيها ، اللهمّ ارزقنا حياها ( أي: خصبها ) وأعذنا من وبائها وحبّبنا إلى أهلها، وحبّب صالحي أهلها إلينا.
باب ما يقول إذا نزل منزلا:
أعوذ بكلمات الله التّامّات من شرّ ما خلق. فقد صحّ عنه صلّى الله عليه وسلّم، أنّه من قاله لم يضرّه شيء حتّى يرتحل من منزله ذلك…
فإذا خاف قوما قال: اللهمّ إنّا نجعلك في نحورهم، ونعوذ بك من شرورهم
باب ما يقول إذا رأى بلدته ( أي عند رجوعه):
اللهمّ اجعل لنا بها قرارا ورزقا حسنا.
فإذا دخل بيته قال: توْبًا توْبًا لربّنا أوْبًا لا يغادر حوْبًا. ومفاده: أنّه يسأل الله توبة نصوحا وعودة إليه صادقة لا تترك معها حوبا أي إثما…
باب ما يُقال لمن يقدم من سفر:
الحمد لله الذي سلّمك، أو يقول: الحمد لله الذي جمع الشمل بك..( قلت: نقول في تونس الحمد لله على سلامتك، وهو حسن والله أعلم )
باب ما يُقال لمن يقدم من غزو: قلت: عدم وجود الغزو لا يمنع حفظ الدّعاء.
الحمد لله الذي نصرك وأعزّك وأكرمك.. قلت: سبحان الله كم فيه من نعم: نصر وعزّة وكرامة.
باب ما يُقال لمن يقدم من حج:
– قبل الله حجّك، وغفر ذنبك، وأخلف نفقتك.
– اللهمّ اغفر للحاجّ ولمن استغفر له الحاجّ.اللهمّ آمين ونسأله أن يرزقنا الاستطاعة لحجّ البيت الحرام. آمين…
بسم الله الرحمان الرحيم
و الصلاة و السلام على أفضل المرسلين
تونس في 22 أكتوبر 2006
بقلم محمد العروسي الهاني
مناضل دستوري
كاتب عام جمعية الوفاء للمحافظة على تراث الزعيم الحبيب بورقيبة
الرسالة رقم 149 على موقع تونس نيوز
رسالة تهاني بحلول عيد الفطر المبارك للجاليات العربية و الإسلامية و إلى أسرة تحرير موقع تونس نيوز من أعماق الأعماق و للمسلمين في أوروبا أجمعين
على بركة الله و عونه و توفيقه. أبعث برسالة التهنئة القلبية بمناسبة عيد الفطر المبارك بفضل العناية الإلهية و أبتهل إلى ربّ العزة أن يجعل هذا العيد المبارك عيد العزة للإسلام و المسلمين. و عيد الرحمة بعباده المتقين جزاءا الصائمين طيلة شهر رمضان . وهو شهر الشفقة و العفو و الصلح بين المسلمين. و إفراغ السجون من الذين قضوا سنين و إعادة الإعتبار للمسرحين. و العفو على المراقبين .و الصفح على المهاجرين .و الرحمة على البطالين و حذف الابحاث على العاطلين .و مزيد الصحة و التوفيق للملوك و الرؤساء المؤمنين و النجاح و العافية و الإشعاع لكل المسؤولين من المسلمين .و القوة و العزة لقادتنا المتألقين و التوفيق لمساعي المصلحين الخيرين .و الصمود و الثبات و العزة للقادة الإيرانيين. و الانسجام و التعاون و التضامن بين السوريين و الوحدة و الأخوة و جمع الشمل بين اليمنيين و الصفاء و الوحدة و الاحترام بين السعوديين و التقدم و التطور و الاستقرار بين العراقيين .و الكرامة و العيش في أمن بين الفلسطينيين .و الصدق و الصراحة و الأخوة بين اللبنانيين.. و الصبر و هدوء الأعصاب بين المصريين. و الحب و الوفاء و الرحمة و الحنان بين الجزائريين .و الاحترام و التقدير و التعاون بين الليبييّن. و مزيد الإشعاع و الحوار و الإنسجام بين المغاربة الموحدين .و الحرية و الديمقراطية و الصفح بين التونسيين. و الدعم و التشجيع و الوحدة الإسلامية بين الموريتانيين و الصمود و الدوام لإخواننا في السودان و الرفعة و العزة لأخواننا في الصومال المسلمين و الصمود و الصبر و العزم للشعب الأردني الهاشمي صاحب العزة في صلب الدعوة إلى اليقين و دحض الاستخبارات الصهيونية في بلاد المسلمين و قطع العلاقات الديبلوماسية مع دولة إسرائيل و عدم التحمس لبيع المنتوجات العدو للمسلمين و فكّ حبس المسجونين و المختطفين الفلسطينيين و الإفراج على المبعدين اللبنانيين و دعم و تشجيع سياسة قطر و الأمير اللبنانيين و نصرة حزب الله و القادة الميامين و الشيخ ناصر الدين و الوقوف إلى جانب حكومة حماس لإبعاد الإنتهازيين هذه أمنياتي في شهر الصيام للمتعبدين مع التهاني لأخواننا في أسرة التحرير العاملين و إخواننا المهاجرين التونسيين و أشقائنا اصحاب الوفاء الجزائريين و ابناء عمومتنا المغاربة المحبوبين و إلى إخواننا المسؤليين السابقين من التونسيين محمد المصمودي و محمد مزالي و بلخوجة و بنور و القديدي و الشرفي و صحابوا وفضة و المرزوقي و غيرهم من التونسيين و إلى طلابنا الأعزاء أبنائنا المغتربين و إلى أجواء الفرح و السعادة التي تغمر قلوب المهاجرين و دعما لمجهودكم الصادقة لإبراز مزايا الدين و سلوككم الحسن نحو إخوانكم الفرنسيين و تقديركم لإخوانكم الفرنسيين المسلمين و رحمتكم البارزة جعلتكم متضامنين مع الفرنسيين و دحضكم للعنف و البغضاء جعلتكم متألقين فهنيئا لكم جميعا بهذا السلوك الطيب و هو من شيم المسلمين المعتدلين الصامدين الصابرين و عودتكم للأوطان بحول الله قريبة بفضل رب العالمين و كل عام و أنتم بخير و من الفائزين و التمنيات لكم بدوام الصحة و العافية و إن شاء الله سالمين و أوصيكم دوما كما عرفتكم في المسجد الكبير مجتمعين و نحو إمامكم ملتفين و منصتين و معجبين و ليالي رمضان المعظم وصلاة العيد عندكم تشبه مساجد السعوديين و من كثرة إعجابي بمسجدكم في المنطقة الخامسة أتمنى العودة إليه و الإصغاء إلى الشيخ الإمام من إخواننا الجزائريين و هذه إنطباعاتي على الجو في بلاد الفرنسيين المساجد مفتوحة ليلا نهارا للمسلمين و المكتبة الإسلامية و المطعم و القهوة و المستوصف لخدمة أغراض المسلمين .. هنيئا لكم بحلول عيد الفطر المبارك عيد التسامح و الرحمة بين المسلمين و ألف شكر لموقع الرحمة و الحرية للمؤمنين
و الله و لي التوفيق قال الله تعالى : إنا أنزلناه في ليلة القدر و ما أدراك ما ليلة القدر ليلة القدر خير من ألف شهر صدق الله العظيم . وقال الله تعالى : وأما بنعمة ربك فحدث . صدق الله العظيم وكل عام وأنتم بخير .
بقلم محمد العروسي الهاني
مناضل دستوري
كاتب عام جمعية الوفاء
الأستاذ العياشي الهمامي ل”الموقف” :
العمل المشترك هو الذي سيفتح آفاقا أوسـع للديمقراطية
ما أن دلفنا إلى الدرج نصف المظلم الذي يقود إلى مكتب المحامي الأستاذ العياشي الهمامي في العمارة عدد ؟؟؟؟؟ بشارع مختار عطية بالعاصمة حتى استعادت الذاكرة سريعا شريط الأحداث التاريخية التي سبقت القمة العالمية لمجتمع المعلومات. كان هذا الدرج مثل خلية نحل يعج بمئات الوجوه من النخب السياسية والجامعية والنقابية من العاصمة والولايات الداخلية التي لا ينقطع ترددها على هذه العمارة آناء الليل وأطراف النهار، حاملة حزمة من الآمال إلى المضربين عن الطعام الثمانية، الذين رابطوا في مكتب الأستاذ العياشي فجعلوا منه على مدى أكثر من شهر القلب النابض للحركة الديمقراطية في البلاد. محمد النوري وحمة الهمامي وأحمد نجيب الشابي والعياشي الهمامي وعبد الرؤوف العيادي ولطفي حجي وسمير ديلو ومختار اليحياوي خطوا بصمودهم إحدى أجمل الصفحات في تاريخ النضال الديمقراطي في تونس.
تابعنا صعود الدرج وأمامنا صور الوفود الإعلامية الأجنبية التي كانت تتسابق ساحبة وراءها أجهزة التسجيل وكاميرات التصوير ناسية أن هناك قمة عالمية على بعد ثمانية كيلومترات فقط من هذا المكان. وفيما كانت الذاكرة تستحضر الرجة التي أحدثها ذلك العمل غير المسبوق وصلنا أمام جرس المكتب حاملين ثلاثة أسئلة وضعناها على مائدة المحامي العياشي الهمامي فكانت هذه الإجابات:
* لم يكن نشاط هيئة 18 أكتوبر في مستوى الآمال فهل تعزو ذلك إلى مضايقات السلطة فقط أم هناك عوائق داخليّة؟
لهيئة 18 أكتوبر وظيفتان : تنظيم تحركات ميدانية للمطالبة بحرية الإعلام وحرية التنظم الجمعياتي والسياسي وإطلاق المساجين السياسيين وسن العفو التشريعي العام من جهة، وتنظيم الحوار الوطني حول أسس النظام الديمقراطي . والواقع أن الزخم والتعبئة اللذين أحدثهما إضراب الجوع وقبول عدد هام من الأطراف السياسية والجمعيات المدنية والمناضلات والمناضلين المستقلين الإنضواء المشترك في هيئة 18 أكتوبر خلق في أواخر السنة الماضية حالة من التفاؤل والحماس بضرورة مواصلة العمل المشترك على أرضية الحد الأدنى المشار إليه. وفعلا نظمت الهيئة عدة تحركات ميدانية لعل أبرزها التجمعين اللذين دعت إليهما في فيفري ومارس 2006 لكسر حالة الحصار الإعلامي والقمعي الذي تواجه به السلطة كل تحركات المعارضة. كما أطلقت هيئة 18 أكتوبر فعاليات الحوار الوطني بتنظيم ندوتين حول المساواة في النظام الديمقراطي وهي بصدد مواصلة تنفيذ هذه المهمة.
لكن شعورا عاما يغمر عديد المناضلين والمراقبين بعدم الرضا التام عن آداء الهيئة وهو نقد مقبول وعلينا البحث الجدي في أسباب ذلك وأن لا نكتفي فقط بتعليق وهن ممارستنا السياسية على شماعة القمع الذي تمارسه السلطة وإن كان هذا القمع واقعا فعليا، إذ تمنع السلط كل تحرك باسم هيئة 18 أكتوبر مما يدفعنا إلى اللجوء إلى تنظيم بعض أنشطتنا باسم طرف قانوني من جهة، كما تشن السلطة حملة إعلامية متواصلة ضد الهيئة بالتشويه والكذب وتضع كل العوائق لمنعنا من الإتصال بالرأي العام …
* كثيرا ما تتهم الحركة بكونها تراهن على الدعم الخارجي فما هو الموقع الذي يحتله هذا الجانب في عملها؟
في بداية سبتمبر 2005 دعانا نجيب الشابي إلى الغداء في منزله وكنا قرابة 15 شخصا نشترك في الإهتمام بالشأن العام وفي الإنخراط الفعلي في النضال من أجل التغيير الديمقراطي في تونس سواء عبر النضال في جمعيات أو في أحزاب وحركات سياسية وكان محور اللقاء، إلى جانب الأكل، هو النقاش المفتوح والتلقائي حول انطلاق السنة السياسية الجديدة ومواصلة تعسف السلطة وتنظيمها للقمة العالمية لمجتمع المعلومات في الوقت الذي تمثل فيه أكثر السلط قمعا لحرية الإعلام في العالم، وعجز المجتمع المدني عن تغيير الوضع. وفي إطار تقديم مقترحات عملية للعمل السياسي والجمعياتي المشترك طرح خميس الشماري فكرة إقدام بعض رموز المجتمع المدني على شن إضراب عن الطعام لمدة محدودة بغاية لفت نظر الرأي العام الداخلي والخارجي إلى واقع الحريات في تونس.
ولقيت الفكرة في حينها القبول من الناحية المبدئية على أن نواصل نقاشها مع الأفكار الأخرى التي طرحت. وفي الأيام اللاحقة واصلنا النقاش في مكاتبنا ومنازلنا ونضجت الفكرة وتم تطبيقها، وكان النجاح السياسي المعروف لإضراب الجوع تحت شعار “الجوع ولا الخضوع”. وإثر الإضراب تم تكوين هيئة 18 أكتوبر للحقوق والحريات من المضربين عن الطعام وعدد من المناضلين السياسيين والجمعياتيين بغاية مواصلة النضال من أجل تحقيق نفس المطالب التي رفعها إضراب الجوع، مع إضافة مهمة تنظيم حوار وطني حول أسس النظام الديمقراطي حتى توضح جميع الأطراف مواقفها الفعلية من المساواة والحريات الفردية والعامة والهوية وعلاقة الدين بالدولة …. كل ذلك بالإعتماد على قوانا الذاتية وذكاء وإبداع مواطنينا ومناضلينا .
من هنا يتبين لكم أن اتهامنا بالإعتماد على الدعم الخارجي لا معنى له سوى التشويه السخيف الذي تواجهنا به السلطة إلى جانب أنها مغتاضة ومتشنجة بسبب المساندة السياسية التي لقيها الإضراب والتحركات الميدانية التي رافقته ولحقته من أحرار العالم في كل مكان، إلى جانب أن الحكومات الغربية (والتي تساند كلها الحكومة التونسية) أصبحت تجد حرجا متزايدا في الصمت على القمع المتنامي للحريات من طرفها في تناقض صارخ مع خطابها الرسمي من جهة والتزاماتها السياسية الدولية من جهة أخرى.
* هل من خطة وأفق لتحقيق المطالب التي ترفعها الحركة في السنة الثانية من وجودها؟
خطتنا التي رسمناها عند تكوين الهيئة لم تكتمل بعد ونحن مقرون العزم على مواصلة تنفيذها لذلك برمجنا تحركات ميدانية سنعلن عنها في إبانها ومواصلة الحوار الوطني حول أسس النظام الديمقراطي لغاية استكماله وتجدون في البيان الصادر عنا بمناسبة الذكرى الأولى للإضراب عن الطعام ما يؤكد ذلك . إن تونس بحاجة إلى مثابرة أبنائها على العمل الدؤوب والحازم لتحقيق الديمقراطية ونعتبر أن عملنا يندرج في هذا الإطار وأن خطنا السياسي المرتكز على العمل المشترك حول الحد الأدنى هو الذي سيفتح آفاقا أوسع للحرية والديمقراطية لشعبنا وبلادنا.
أجرى الحوار فاروق النجار
(المصدر: موقع pdpinfo.org نقلا عن صحيفة الموقف الأسبوعية، العدد 378 بتاريخ 20 أكتوبر 2006)
حظر ” خمسون” في خمسينية الإستقللال
تجمع عدد كبير من المسرحيين والمهتمين بالشأن الثقافي يوم 5/10/2006 بالمشتل تضامنا مع فاضل الجعايبي وجليلة بكار بعد منع مسرحية “خمسون” من العرض بتونس، علما بأن هذه المسرحية عرضت في مسرح الأوديون بباريس مثلما عرضت ببيروت، وقد تداول على الكلمة كل من فاضل الجعايبي وجليلة بكار لتوضيح ملابسات المنع…
ويبدو أن لجنة التوجيه المسرحي عللت اعتراضها على نص المسرحية بوجود كلمات نابية مثل ” الزح أو ربي يكب سعدك” مثلما اعترضت على تضمين آيات قرآنية في خطاب الشخصيات وعلى وجود أسماء أعلام وألقاب قد تحيل على شخصيات سياسية معروفة مثل إسم “وسيلة” وعلى بعض التواريخ التي تحيل على مناسبات وطنية. ومهما يكن من أمر فهذه الأسباب المعلنة، وقد وجهت إلى أصحاب “خمسون” قائمة من أربع صفحات في الجمل والمقاطع التي ينبغي أن تحذف من النص وهذا أمر غير مقبول، لاسيما وأن العمل المسرحي كما أكد فاضل الجعايبي في كلمته ليس وثيقة تاريخية تنقل الواقع نقلا أمينا وإنما هو عمل تخييلي، وإذا كان هذا العمل يقارب الواقع فإن هذه المقاربة تتم من خلال إعادة صياغته صياغة فنية، فلا يجوز محاسبة المبدع على كل كلمة في نصه وكأننا إزاء وثيقة لا عمل فني.
وقد عبر الحاضرون عن تعاطفهم مع أصحاب مسرحية ” خمسون” من خلال عدد من الكلمات التي ألقيت بالمناسبة والعرائض التي أمضيت للمطالبة برفع الحظر عن مسرحية ” خمسون”
فتحي النصري ( مجلة الطريق الجديد –العدد 53 –اكتوبر2006)
ثامر ادريس
على خلفية ما تشهده المرحلة الحالية من نمو عالمي للتعصب في أشكاله المختلفة، الاثني والقومي والديني والطائفي، وفي علاقة بالكوارث الإنسانية التي يشهدها العراق الموعود بالديمقراطية، وفلسطين الموعودة بالسلام مع إسرائيل، وتوظيفا للكثير من الحوادث المؤلمة والمتواترة التي أعطت صورة مشوّهة لدى العالم عن الإسلام والمسلمين قوامها الربط بين الإسلام واللاعقلانية، وبين الإسلام والعنف والتطرّف.
على هذه الخلفية ألقى بابا الفاتيكان بينيديكت السادس عشر، في ذكرى مرور خمس سنوات على تفجيرات 11 سبتمبر، يوم الثلاثاء 12 /09 /2006 محاضرة على منبر جامعة “بريغنز” الألمانية، متسبّبا في اندلاع أزمة، بتخصيصه العقيدة المسيحيّة بالمنطق والعقلانية، سالبا هاتين الصفتين من العقيدة الإسلامية التي لا تخضع إرادة الإله فيها إلى محاكمة العقل والمنطق، ومدلّلا على خطابه بتأويل لابن حزم، وسابغا على الإسلام صفة العنف مستحسنا الاقتباس من إمبراطور بيزنطي عاش في القرن الرابع عشر العبارة التالية: “أرني ما الجديد الذي أتى به محمّد… لن تجد إلاّ أشياء شريرة وغير إنسانية مثل أمره بنشر الدين الذي بشّر به بحدّ السيف”.
لا أعتقد أنّ سماحة البابا غير مطّلع على ابن رشد الفيلسوف المسلم الذي بين تهافت الغزالي بأن دافع عن قانون السببية، وحاجج ابن حزم بأن بيّن أن الله ليس بمقدوره أن يخالف المنطق… لكن المسألة أعقد من مجرّد جدل فلسفي، فالله قد اختار شعبه اليهودي، وفلسطين هي الأرض التي وعدهم بها، فهل من المنطق أن تتجرّأ المقاومة اللبنابية على إسرائيل وعلى المنطق المُتصهين؟!! وهل من المعقول أن يقاوم الشعب الفلسطيني الاحتلال !؟
كما لا أعتقد، بحكم الزاد المعرفي الذي يتمتع به سماحته، أنه على غير دراية بحقيقة الرسول الكريم محمد الذي قال عنه لامارتين الشاعر الفرنسي المشهور: “من ذا الذي يقارن أيّ رجل عظيم من عظماء التاريخ بنبي الإسلام محمد ؟!” فلا ينبغي مجانبة الصواب فسماحته يعلم أن ارتفاع عدد أتباع الإسلام اليوم في مختلف بلدان العالم، وفي أوربا وأمريكا بالذات، لم يحصل بحدّ السيف، ولا بأيّة وسيلة مادية للإكراه، كما أن سماحته على علم بأن الغالبية العظمى ممّن حكمهم المسلمون قديما قد حافظوا على دياناتهم الأصلية من منطلق الاعتقاد في الآية: ” لكم دينكم ولي ديني”. فلماذا يؤوّل سماحته الآية “لا إكراه في الدين” تأويلا مشبوها بينما هي تنصيص صريح واضح لا يحتمل التأويلات !؟
إننا نحتاج إلى الرؤى والى المواقف العقلانية، كما نحتاج، دون شك، إلى المناظرات الفكرية، وإلى تطوير الخطاب الديني ليكون مساهما بحق في الحوار بين الحضارات، دون تعصّب أو انغلاق، لكن عندما يروج أعلى رجالات الفاتيكان لموقف ينعت فيه الإسلام بنعوت جوهرية تؤجج نار الغضب والتعصّب وتغذي الميول إلى التطرّف وتزرع بذور العنف، فإنه في هذه الحالة، يعيق أسباب التجديد والتحديث الداخلي، ويسد الأبواب أمام الاجتهاد وأمام حوار حقيقي بين الحضارات . فالبابا، ومن خلال اقتباسه عن إمبراطور بيزنطي،عبارة وجدت هوى في نفس سماحته، ميّال إلى عدم التمييز بين إسلام معتدل وإسلام متطرّف، ويعيد إنتاج زعم ساد في القرون الوسطي في أوربا المسيحية ينظر إلى الدين بمنطق التماثل، لا بمنطق الاختلاف، فلا اختلافات ولا صراعات في الدين، ولا تناقض في الدين، لأن الدين واحد، وكأنه الله في وحدانيته، فهو المطلق. إن الفكر الديني الذي ينظر بعين المطلق، عادة ما يقع في التعميمات المتسرعة مرتكزا على ثنائية الخير والشر. فالـ” نحن” تمثل الخير، والـ “هم” تمثل الشر. والفكر الديني المتعصب واحد في منطقه الداخلي، فالغرب هو الخير المطلق، والشرق هو الشر المطلق، كما أن العكس صحيح في المنظور الديني الآخر. وكل فكر ديني متعصب يرى الآخر على أنه الشيطان الأكبر. وسماحته لا يفوته أنّ التطرّف يغذّي نار التطرّف الحارقة.
لسنا وحدنا من يعاني من تحوّل الخطاب الديني من خطاب للعقيدة الشخصية على أساس القيم الأخلاقية، إلى خطاب يحمل قابلية التحول إلى عمل سياسي هدفه قهر الآخرين، وتبرير استغلالهم، والتنكيل بهم، إنها دعوة خطيرة ذات نزعة متورّمة إلى التّشامل، عبر تغذية الصراع القديم بين الخير والشر، وبين الحق والباطل. ليس من المستغرب أن تكون المنطقة العربية والإسلامية منطقة حروب تشنها الإدارة الأمريكية والصهيونية العالمية، لكن الغريب هو أن يُنظر إلى العنف الذي تشنه أمريكا وإسرائيل على أنه مختلف عن “وحشية” المسلمين و”لاعقلانيتهم”، لأن جوهرهم مختلف عن جوهر الغرب الإمبريالي المُعولم، فعنفه هو ضد “أهل الحرب” وهو عنف “مقنّن” و”معقلن” ومضبوط بـ”قوانين ومواثيق مدنية ودولية”، وهو يمارس بغاية “تحقيق السلام والديمقراطية والمدنية” !!
يستدرج مثل هذا المنطق عددا لا بأس به من الأسئلة: لماذا الإسلام وحده هو المسكون بالنزعة الشريرة دون المسيحية واليهودية، طالما أن هذه الديانات، من منظور الفكر الغيبي للبابا، من أمر الله مبدأ الأشياء جميعا؟ هل أن الله قد خصّ المسلمين بروح عدوانية شرّيرة، بينما خصّ غيرهم من اليهود والمسيحيين بروح المدنية والحضارة؟ في منطق بابا الفاتيكان لا يهمّ، باسم اليهودية، ممارسة القتل والاغتيال والإرهاب، طالما أنّ ذلك لا يخرج عن المنطق الربّاني، وعن المعقولية الربّانية لـ “يهوى” الذي وعد شعبه المختار بأرض فلسطين، كما لا يهمّ أنّه باسم المسيحية، ترتكب الحماقات التي تصل إلى حدّ التصفية العرقية، كما حدث في البوسنة، لأنّ ذلك متوافق عقلانيا ومنطقيا مع العهد الجديد الذي قال به الرب.
وفي منطقه دائما، أن الإسلام مسكون بالنزعة الشرّيرة، لأنّ أتباعه لم يقبلوا باحتلال إسرائيل لأراضيهم، وحزب الله “متطرّف”، لأنّه لم يقبل بالمشيئة الإلهية كما يراها المُتصهْينون من المسيحيين. و”حماس” منظّمة إرهابية، ويجب القضاء عليها، لأنّها لا تعترف بإسرائيل، وعد وتجسيم الإرادة الربّانية… يجب القضاء عليها ولو أدّى الأمر إلى العودة بالفلسطينيين إلى ما قبل السياسة، واختزالهم في أفواه وغرائز. انّه منطق غريب، لأنّه يريد أن يظهر العرب والمسلمين، على أنّهم غير جديرين بالحرية، والديمقراطية، والمدنية.
ومنطق خطير، لأنّه يوظّف الدين من أجل الأغراض السياسية، ولأنّه يرمي إلى إضفاء القداسة على الأفعال والجرائم غير المقدسة. ومن هنا رفضُه الاعتراف بحق الكفاح للدفاع عن النفس في مواجهة جيش محتل أو للتصدّي لعنف عظيم. لذلك وجبت مقاومة هذا المنطق والتصدّي له. ونقولها بوضوح كفّوا عن تلويث المقدّس بما هو غير مقدّس، لأنّه من الخطورة بمكان أن نطيح بآخر صرح للمثالية، في هذا الزمن المعولم، والجاف، والقاسي، والوقح.
( مجلة الطريق الجديد –العدد 53 –اكتوبر2006)
محمد حرمل
ليتني كنت أديبا أو شاعرا أو مسرحيا لعلني أفيد بذلك بلادي أكثر مما أفيدها بالنضال السياسي لا أعني ذلك أبدا أني أنكر دور النضال السياسي وقد أفنيت فيه حياتي وأعتز بما قمت به لكني اعتقد أن “السبيل التي وحدها تفضي بالانسان الى أن يحقق انسانيته على أجمل صورة هي طريق الأدب”.( محمود المسعدي)فالسياسة بمختلف أشكالها ومراحلها وأهدافها تزول أما الأدب فلا يزال جيلا بعد جيل ودهرا بعد دهر وحضارة بعد حضارة.
هذه الخواطر أثارتها في نفسي الصدمة التي أحدثتها مصالح وزارة الثقافة والفنون الركحية عندما وجهت رسالة الى المسرحي الكبير فاضل الجعايبي طالبة منه ومن المجموعة الفنية العاملة معه على انجاز مسرحية خمسون ، طالبة منهم خذف فقرات كاملة من المسرحية. هكذا بصورة اعتباطية وتعسفية في محاولة غريبة للتحكم في الانتاج المسرحي وفي نوع من قتل الابداع لأي أدب خصب.وقد وقف أهل المسرح والفن وقفة حازمة دفاعا عن حرية التعبير والابداع وعن مصير الأدب والثقافة في بلادناوإني بدوري أرفع صوتي معهم في تضامن كامل لأننا لا نجد في الماضي ولا الشاهد شيئا يسمى الثقافة وهو يقوم على مبدإ “عبودية الفكر”(محمود المسعدي). ولأني أؤمن ايمانا راسخا بالبعد الثقافي الأصيل في بناء الديمقراطية والحداثة. ولأن لنا في تونس رصيد ثري وتراث حي ومتجدد في المسرح والأدب والشعر يمثل دعامة الحضارة التونسية والعربية يغذي الوعي الوطني في معناه الدائم الغريب عن التوظيفات السياسية ولأني معجب بأعمال فاضل الجعايبي والمسرحيين الموهوبين المعروفين، وقد شاهدت عدة مسرحيات منها “غسالة النوادر” و”التحقيق” و”فاميليا” و”جنون” التي تحظى دوما بإعجاب الجمهور الواسع التي تطور فيه الذوق السليم والجماليات وحرية الفكر في عصر انتشرت فيه الرداءة وتدهور الأخلاق من جهة والتحجر والتزمت بتوظيف خاطئ للدين.
إن الثروة الثقافية، مسرحا وشعرا وأدبا، لا تتحمل وصاية ولا رقابة ودور الدولة في حماية حريتها وإبداعهامن أي تدخل وحتى نحن في العمل السياسي التقدمي لا نكتفي بالتضامن والاحتجاج بل علينا أن نسعى الى تحسين العمل السياسي بالثقافة التي بدونها تبقى السياسة جافة وحسابات ضيقة وعقيمة ودوران في حلقة مفرغة.
( مجلة الطريق الجديد –العدد 53 –اكتوبر2006)
في ثقافة الفوضى كأسلوب حكم
محمد الصالح فليس
لا يتمالك المتأمل في المقومات اليومية لحياتنا الوطنية في أدق تعبيراتها من أن يصاب بذهول مربك امام المظاهر المتعددة لانتشار علامات الفوضى في حياتنا كافة بمعانيها المختلفة الفوضى بمعناها المناقض للقوانين والفوضى المعتدية على المكتسبات والفوضي القافزة على القيم والثوابت والفوضى المفاهيمية الرافضة بعناد لا مبرر له للمقاييس الموضوعية لنماء وتطور المجتمعات البشرية في أفق القرن الواحد والعشرين .
قرف فوضى الحياة اليومية
لقد كان من نتائج استشراء مظاهر الفوضى في المدن الصغرى والمتوسطة أن تشوه نموها وعجزت عن أداء مهمتها الأساسية في توفير نوعية حياة تتسم بالرفعة وبتسديد حاجيات المواطنين دون ضغوط اضافية ولا عناء، وفرضت مظاهر النمو المشوه أن ظلت الهياكل الرسمية من بلديات ومصالح التجهيز تلهث وراء حركة المجتمع تكتفي بمعاينة سمات الفوضى وترقع ما استطاعت الى ذلك سبيلا العلامات الأبرز لهذه الفوضى، ولاسيما تلك التي تدخل في تناقض كبير مع بعض المصالح أو بعض المتطلبات.
واذا كانت البلديات حلقة من حلقات السلطة لا استقلالية لقرارها ولا ابداع في تمشيها لانها تعيش على تأطير سلطة الاشراف لها وعلى تطبيق المناشير مادامت على ذمة الحزب الحاكم وسلطته، فان مصالح التجهيز لا تجد لفنييها مجالات التعبير بالقدر الكافي لأن القرار في المقام الأخير يخرج من أيديهم ليستقر بين أيدي غيرهم. وبالنتيجة فقد فقدت هذه المدن نصيبا وافرا من جماليتها ومن جاذبيتها وتحولت على غرار العاصمة الى خزان لمعاناة مريرة يزيدها قسوة عدم قابليتها لتحمل ثقل الضغوط المتعددة التي يفرضها عليها الازدحام وغياب المرافق والعجز الرسمي في التصور وانعدام الجرأة السياسية على التنفيذ الفاعل.
وطبيعي أن ينتج عن هذا الانخرام في توازن مكانات هذه المدن مع الضغوطات التي تستهدفها مزيد من اضاعة الوقت والطاقة، ومن خلالهما اهدار للامكانيات الاقتصادية وارتفاع جانب منه مجاني، في كلفة الحياة وتبديد مخز للصحة النفسية والعصبية للمواطنين بما يوسع نطاق النزعة العدائية ويؤجج الخلافات ويرسي دعائم العنف في التعامل كرد فعل على ضغوطات اليومي المعيش. ادارة مازال قطارها يمشي بفحم حجري انتصاب بدائي هنا وسير سيارات في الاتجاهات المعاكسة هناك واستهتار بالاشارات الضوئية عندما تكون في حالة اشتغال ووقوف عشوائي للسيارات بما يعطل حركة المرور ويؤذي الذوق والمنطق، وادارة تختفي وراء تعطل الحاسوب وغياب الوحدة التنسيقية بين اجزائها، ومنهج عمل لديها مختلف من موظف لآخر، وبناء فوضوي كاسح واحياء فقاعية تنبت كيفما اتفق، واحكام بطيئة لا تجد طريقها للتنفيذ. اما فصل الصيف فقد تحول منذ سنوات بامتياز الى مناسبة تتكدس خلالها كل معاني الفوضى والفلتان القيمي والحضاري بما هما اعتداء صارخ على أبسط مقومات النظام للحياة الجماعية. واذا لم تكن الادارة حريصة علىتوفير ربح الوقت للمتعاملين مع الأداء الفاعل لوظائفها واذا لم تكن حريصة على سلامة اعصابهم وأريحيتهم فما عسى تكون وظيفتها اذن؟ ألم ننفق عليها آلافا مؤلفة من الدنانير لتقويم ادائها وتحسين آليات تعاملها وجعلها في مواصفات قالوا انها عالمية؟ فماذا كانت النتيجة؟ انه دون شك الحديث الذي يتجاوز الواقع ويسبق الفعل ويهدف الى التعتيم على الهنات ونقاط الضعف حتى لا يطال النقد الاختيارات العامة ومن خلالها مهندسيها. التعليمات الشفاهية تسبق القانون
القوانين بحمده لا تتوقف عن الصدور والتنقيحات المطردة تتلاحق بنسق اسرع من السرعة، ولكنها غير ذات فاعلية مادام التطبيق في شأنها يشكو من اخلالات تضع الهياكل موضع تساؤل وتفرض التساؤل عن أهمية وجود القوانين التي لا تطبق. وتفيد مواكبة سير الادارة ان آفة التعليمات الشفاهية هي بصدد التغلب على المناشير والقوانين وخصوصها التطبيقية المكتوبة، كأن الكسل قد دب في مفاصلها وكأن اللغة الخشبية والازدواجية في الخطاب قد حققت انتصارها الساحق ففرضت نفسها أسلوبا متميزا للعمل.
إعلام هزيل ومتجاوز حضاريا ويمثل في هذا الخضم الاصرار على المحافظة المتأكدة لحالة الاعلام في بلادنا واحدة من الركائز الأساسية لاعتماد الفوضى منهجا، حتى لا تنتفض الاقلام والضمائر الحرة فتجد آفاقا للقول والتشهير وعليه فقد اختار ان يكون اعلامنا هزيلا يفتقر الى الشفافية والصدقية ويرفض احترام المواطنين، ويديره موظفون يأتمرون بدورهم بأوامر الحكام، مخيرين مدح السلطة والتهليل لخوارقها وحجب ما يزعج الحكام وضرب قيم الجرأة والانحياز للحق وللمستقبل وللقيم الوطنية. وعندما يتولى الشارع بكل مكوناته أمر الاعلام فيكرع من معين وسائل الاعلام الاجنبية ليعرف حقيقة ما يجري ببلاده، ومن خيال الاشاعة والاعلام الموازي الذي يمثل سلطة موازية لها منطقها وقوانين تحركها ولها مصادرها العلمية، ورغم كل المبالغات والتحريفات فإن جانبا منها يقع في صلب الموضوع. حريات منعدمة وانتصار للنهج الأمني
وبمنطق أشمل فان حالة الحريات العامة في انحسار متزايد ومحل مراقبة مشددة بفعل القوانين الصادرة والتي تنبع من روح متشبعة بمعاداة فتح انساق الحياة ومجالات تعبير هذه الحريات عن كينونتها على أرض الواقع وبشكل دائم لا يخضع للظرفية ولا للمزاجية الشخصية. وهي محل مراقبة مشددة من اجهزة أمنية تعرف من ومن، ولكنها لجمت نفسها بمنطق التعليمات الذي حد من فاعليتها من منظور تطبيق القانون وحماية المجتمع والبلاد من كل أنواع الاعتداءات عوض الانتصار المطلق للسلطة الى درجة أن هذه الاجهزة تحولت الى الجهة الحصرية المفوضة للرد في المجال السياسي والمواطني على طلبات واحتجاجات المواطنين فرادى ومنظمين في احزاب سياسية أو جمعيات مدنية فثقل حملها وتوسعت مهامها واختلطت دائرة اختصاصها فنال الأمن ما ناله من استشراء للجريمة بأنواعها وتكاثر للاعتداءات بأشكالها. ولن نمل من تكرار أن الوظيفة السياسية ليست قابلة للاغتيال أيا كان المجتمع وأيا كانت السلطة، وأن أي عملية تعويض لها بنية تعطيلها وقتلها ليس بامكان أي جهاز ـ ولو أمني ـ اختزالها واحتواؤها والحلول مكانها وسوف يقول مسار التاريخ بأن بلادنا خسرت على أكثر من واجهة من جراء هذا التوجه وأن السلطة ذاتها بتغييبها الوظيفية السياسية اختصارا للمسافات أضرت بنفسها قبل أن تضر بالبلاد كافة.
مجتمع يتآكل وسلطة غالقة للآفاق عديدة هي المؤشرات الدالة على الاحتقان الاجتماعي في حركية دافعة لنهج تفقير وتهميش شرائح اجتماعية اضافية أضرت بتوازنات المجتمع وافقدته مرتكزاته في ظل اختيارات اقتصادية تفتقر للجرأة في التصور وتعيش على الخوف من هيمنة الاجهزة الرسمية في مناخ عالمي تحكمه عموما الليبرالية والخوصصة والمبادرة الخاصة، فاذا انتفى الامان، وهو عمل سياسي بالاساس، وحل مكانه النهج الأمنوي بكلفته الاقتصادية الظاهرة والخفية، وهي جد باهظة وبتبعاته الاجتماعية الغامضة الاطوار فان حركة الاستثمار وحيوية الجرأة في خلق المؤسسات تصاب بالتقاعس ثم بالشلل لانعدام عنصر الثقة والطمأنينية، ومن ثمة فقد استفحلت الجريمة وراجت النشاطات الهامشية عديمة الفائدة وانتعشت الجريمة والاعتداءات مختلفة الأشكال ومع وضوح دلالات هذه المؤشرات جميعا فقد ظلت السلطة متشبثة بوفائها لنهج غلق الآفاق بشكل مفزع وخارج تماماعن منظور الجغرافيا والتاريخ بما يرفع بكل قوى المجتمع السياسي والجمعياتي المدني الى هامش الهامش. والحال أن اصلاح النظام السياسي مهمة ملحة لا مهرب منها، لأنه من غير المعقول أن نقبل بالعمل على التحديث على كل الواجهات وننكره على الواجهة السياسية بما هي قاطرة دفع أن نكوص لباقي الواجهات فبناء المؤسسات واصلاح البنى السياسية في اتجاه صوغ علاقة الحاكم بالمحكوم عبر ارساء السلطة على مبادئ التمثيلية والانتخاب والتأسيس للممارسة السياسية الديمقراطية مهمة تفرض نفسها. كما أن ارساء ثقافة سياسية جديدة تقوم اساسا على افراغ المزاعم القدسية أو شبه القدسية التي تتخفى وراءها السلطة لصيانة هيمنتها، أمر لم يعد يحتمل التأجيل، لا سيما أن نهج تغييب الجماهير منظمة في احزاب سياسية أو جمعيات مدنية مستقلة ومحترمة، نهج أثبت عجزه على دفع المشاركة الوطنية وتعبئة كافة القوى للعمل والبذل. ومن حق تونس على السلطة أن تتفاعل مع الاختلاف المستقل على أنه مكونة ضرورية، ورافد أساسي للعمل التحديثي والاصلاحي لبلادنا، وبدونه فإن كل ممهدات الانتكاس والتخلف والبقاء عالة على عتبة التاريخ ومسيرة البشرية حاصلة ومحققة. انظر في هذا الصدد ملخص الندوة الاقليمية الثالثة التي نظمها قسم التشريع والنزاعات التابع للاتحاد العام التونسي للشغل حول التقاضي في المادة الشغلية نصا وممارسة بالعدد 885 من جريدة الشعب المؤرخ في 30 سبتمبر 2006 صفحتي 2 و3.
( مجلة الطريق الجديد –العدد 53 –اكتوبر2006)
إلى جمعية الصحفيين التونسيين أمامكم خطا مهني فظيع
بقلم جمال العرفاوي
“التقى صحفي أمريكي بصحفي روسي في احد المؤتمرات أيام الحرب الباردة فتفاخر الأول بالحرية التي يتمتع بها في بلده وقال للثاني نحن قادرون على انتقاد الرئيس الأمريكي فرد عليه الثاني بكل ثقة بالنفس نحن أيضا ننتقد الرئيس… الأمريكي”
دأبت جمعية الصحفيين التونسيين على متابعة ما يحصل على الساحة الدولية من اعتداءات على المهنة والمهنيين وكان آخر بيان أصدرته مطلع هذا الأسبوع حول تعمد القوات الأمريكية بالعراق قتل الصحفي البريطاني تيري لويد.
ولئن كانت هذه المواقف مهمة لجمعية تسعى لتثبيت أقدامها في الساحة الإعلامية دوليا يبقى الأمر منقوصا إذا ما استذكرنا ما حدث في العديد من البلدان العربية لكثير من الصحفيين العرب قتل احدهم في ظروف مشينة واختارت جمعيتنا التزام الصمت والحياد السلبي.
أما على الصعيد الداخلي ولئن تمسكت جمعيتنا بمبدأ الدفاع عن منظوريها وقد لمسنا ذلك في مناسبات عدة، إلا أن ما يقوم به بعض الصحفيين التونسيين من اعتداءات على أخلاقيات المهنة ونواميسها يمر مرور الكرام ولا تأبه بمخاطره هيئته المديرة ولجنة الأخلاقيات الموكول إليها رصد ها والتنديد بمقترفيها .لقد انتظرنا كثيرا بعيد الكشف عن حصول مجموعة من الصحفيين على وصول شراءات من إحدى المغازات الكبرى بالعاصمة وطالب العديد من المنخرطين بمن فيهم عضو بلجنة أخلاقيات المهنة أن تعقد ندوة أو لقاء مع الاستنجاد بتشريعات ولوائح المنظمات الدولية والعربية لتحديد مفهوم الهدية وضبطها حتى لا تتحول إلى رشوة تبعد الصحفي عن أداء مهمته السامية وهي الكشف عن الحقيقة .ولكن مرت الأسابيع والأشهر وتبخر مجرد الحديث عن المسالة.
والآن وتحديدا يوم الخميس قامت صحيفة “الأخبار الأسبوعية” بنشر صورة المتهم في قضية مقتل قابض البريد ببنزرت وهو أمر مرفوض مهنيا وأخلاقيا ويعاقب عليه القانون. وذلك احتراما لمبدأ كل متهم بريء إلى أن تثبت إدانته. ويبدو أن هذا الأمر تكرر أكثر من مرة وفي أكثر من صحيفة في حين تلتزم الكثير أو جل الصحف المحلية الصمت حين يتعلق الأمر بقضية تورطت فيها شخصية فنية أو كروية أو حتى سياسية ولا تجرا حتى على ذكر الأحرف الأولى من الاسم وهذا يجعلنا نتساءل أن كانت هذه الصحف التي من مهامها التأكيد والدفاع على مبدأ المساواة أمام القانون لجميع التونسيين تختار نهج الكيل بمكيالين.
إن قضية المتهم بمقتل قابض البريد يجب أن تتحول إلى موضوع رأي عام يهم إلى جانب جمعية الصحفيين وجمعية مديري الصحف المجلس الأعلى للاتصال والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان. إن رمزي مواطن تونسي حتى وان اتهم بالقتل مثله مثل أي مواطن تونسي آخر له حقوق وعليه واجبات فهو مجرد متهم إلى حين تقول العدالة كلمتها. وعليه فمن مهام منظمات المجتمع المدني أن تتحرك من أجل ضمان تلك الحقوق وألا يقتصر النضال على العناوين الكبرى وعلى أسماء وهيئات بعينها.