الأحد، 22 أبريل 2007

Home – Accueil الرئيسية

 

TUNISNEWS
7 ème année, N° 2525 du 22.04.2007
 archives : www.tunisnews.net


الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان ــ فرع بنزرت: بـيـان

اللجنة العربية لحقوق الإنسان: نزع الجنسية والترحيل في البوسنة والهرسك

الحوار.نت: حــصــاد الأســبــوع

د.عبد المجيد النجار: تونس: خيارات الحوار والانتحار

خالد: المصالحة..كلمة حق..ولكن

بوعبدالله بوعبدالله: فكرة المصالحة بين عناصر الإنارة والأسماء المستعارة

أبو أنيس: إلى أخي و حبيبي الهاشمي – كلام جميل, كلام معقول…لكن…

أبو عمر: تونس الثابت الوحيد في المتغيرات

عبدالحميد العدّاسي: نداء

 بطاقات من هند الهاروني  إلى عبد الكريم الهاروني

سليم الزواوي: الإسلاميون والمرأة: مواقف جديدة في وعاء قديم

الوحدة: محمد صالح الهرماسي يحاضر في منتدى الجاحظ: “العرب و المستقبل”

د.أحمد القديدي: صخرة سيزيف العربي

عادل الحامدي: أقوم المسالك في إعادة رسم العلاقة بالممالك

الأستاذ الهادي المثلوثي: دولة الحزب الواحد ليست لجميع أبنائها

شوارد: الهاشمي يؤكد مصداقية توجهاته الإعلامية ويعلن التحدي

القدس العربي: المغرب: استمرار ملاحقة المشتبه بهم في التفجيرات وتظاهرات الدار البيضاء مخيبة للآمال

اف ب: كيف يصنع فقه الموت الانتحاريين في المغرب

القدس العربي: بلخادم: واشنطن ارتكبت خطأ جسيما بحق الجزائر

محمد الحجام: في معني التصريحات الامريكية بعد احداث الجزائر والمغرب


(Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe Windows (

(To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows  (


 

الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان ــ فرع بنزرت (LTDH) بنزرت في 21 أفريل 2007 بـــــيــــــان
يواصل أعوان سجن باجة (القرديانات) التنكيل بأشكال متنوعة ضد الشاب أيمن بن بلقاسم الدريدي (20 سنة) المحال بمقتضى قانون مكافحة الارهاب، لإجباره على التراجع على ما تقدم به الى وكيل الجمهورية من تصريحات في خصوص تعذيبه سابقا من قبل أعوان سجن برج الرومي ومديره

المسمى « عماد  العجمي »

المتهم بتدنيس المصحف الشريف. وبعد أن سجلت عائلة السجين قضية في التعذيب لدى المحكمة الابتدائية ببنزرت في 17 ماى 2006 تحت عدد 2006/11018 ، إزداد الانتقام شدة ليس ضد السجين المذكور فقط وإنما شمل جميع أفراد عائلته . فبعد أن أذاقوه في سجن برج الرومي أصنافا من التعذيب الجسدي  والنفساني ، ُسلَِط الانتقام على عائلته الفقيرة بمنعها من زيارته في السجن مرار عديدة، فبعد عناء السفر وتكاليفه من ريف  قرية أم  هاني 6 كم جنوب منزل بورقيبة وبعد الانتظار لـساعات طوال أمام باب السجن و تحت حرارة الشمس خلال أشهر جويلية وأوت ، أو تحت عواصف أمطار ورياح فصل الشتاء ، يقال لهذه الام الشاقية تارة : « ولدكم معاقب وممنوع عليه الزيارة »  وتارة أخرى : « ولدكم يرفض المجئ  لزيارتكم‼ » ( تاريخ أخر منع زيارته بسجن باجة كان  يوم 21 أفريل الجاري، وكذلك مُنعت عنه القفة). ففي سجن  برج الرومي ببنزرت حشر الشاب أيمن في جناح مكتض يكاد الأكسيجين ينقطع منه بسبب كثرة الإزدحام والتدخين ، إضافة إلى قلة النظافة ، ثم سلطوا عليه مجموعة مساجين الحق العام ممن ليس لهم ضمير،واضعين أنفسهم تحت خدمة وتعليمات السجان الذي  يضمن لهم الحماية فيما يتصرفون فيه من أخلاق منحطة إلى أبعد الحدود. فالانتهاكات والاعتداءات ضد أيمن لا تنقطع ليلا ولا نهارا وبمباركة إدارة السجن ذاتها وجهت ضده تهم الاعتداء بالعنف على المقيمين معه وقضت المحكمة الإبتدائية ببنزرت بتغريمه.

وفي خطة نقل المساجين بعيدا عن عائلاتهم ، وخاصة ذوى القضايا السياسية ، نقل السجين الشاب  أيمن الدر يدي من سجن برج الرومي ببنزرت إلى السجن المدني بباجة . وهناك بدأت مرحلة جديدة من أصناف التعذيب ضد السجين لإجباره على التراجع عن شكايته المذكورة أعلاه . وتتوقع عائلة الشاب أيمن: ان هذه الحال ستزداد ضراوة  واستفحالا ضد إبنها، ما لم يتراجع عن إفاداته بخصوص تدنيس المصحف الشريف من قبل مدير سجن برج الرومي ببنزرت المذكور أعلاه ، فى 4 ماى 2006 ، وهي تتوجه بندائها الى المؤسسات والمنظمات والأحزاب من أنصار الإنسانية لإنقاذ ابنها البرئ مما عُلّق به من تهم باطلة وملفقة ‼ إن فرع الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان ببنزرت : –       يحمّل السلط المعنية كامل مسؤوليتها لكونها المسؤولة الأولى لما يجري من تعذيب ضد السجين المذكور الذي لُفقت ضده عدة قضايا كاذبة من وحى قانون مقاومة الإرهاب وغسيل الأموال – وهو قانون مُسقطٌ ومُسلطٌ على الشعب التونسي المسالم. –       يطالب بإطلاق سراحه والمئات من الشباب أمثاله ضحايا التعسف والاستبداد . –       يوجه ندائه لوضع حد لإيقاف سياسة القمع:  قبل فوات الأوان. عن فرع الرابطة ببنزرت الـرئيس علي بن سـالم  


الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان– فرع بنزرت Ligue Tunisienne pour la Défense des Droits de l’Homme – section de Bizerte  75
 شارع  فرحات حشاد  بنزرت 7001 بوقطفة – الهاتف 72 43 54 40 بنزرت في  21 افريل 2007 بـــــــــيــــــــــان  
تعلم الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان – فرع بنزرت، أن الايقافات في صفوف الشباب متواصلة في أغلب ربوع البلاد التونسية . ومما تأكد لدى فرع الرابطة ببنزرت، أنهم يتعرضون قبل إحتجازهم لدى البوليس  الى مضايقات وأبحاث في مراكز الشرطة ثم يطلق سراحهم، ثم يعاد إستدعائهم ثانية وثالثة، وبعدها يصبحون في عداد المفقودين. وإن بحث الاولياء عن أبنائهم من مركز بوليس إلى أخر قيل لهم:  أنه لا وجود لهذا الاسم لدينا وأننا لم نستدعه. بهذه الطريقة أوقف البوليس منذ مدة ويواصلها ليومنا هذا مجموعة من الشبان وصلنا منهم بعض الاسماء هم :    أولا : أيمن الحامدي  سنه 23، طالب في كلية العلوم ببنزرت،أصيل سيدي بوزيد ، لم تتمكن عائلته إلى حد الآن من محل إحتجازه. ثانيا : فوزي الشعيبي ، سنه 24 ، طالب في كلية العلوم ببنزرت ، أصيل سيدي بوزيد ، ولا علم لعائلته أيضاً بمحل إحتجازه . ثالثا : يوم  الاربعاء 11 أفريل 2007 صباحا ،  داهم  جمع من البوليس بالزي المدني منزل السيد رابح الطاجيني وبعد التفتيش أوقفوا إبنه الشاب  محمد الطاجيني ولما لحق الوالد الى  مركز البوليس ، أنكرت الشرطة أن يكون إبنه محمد  موقوفا  لديهم ‼.. وبعد أيام  بلغ إلى علم العائلة أن إبنها موقوف في سجن المرناقية بتهمة : تبني الفكر السلفي
إن الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان – فرع بنزرت  –  تستنكر هذه  الانتهاكات  التي ينفذها  بوليسٌ درج على الإدعاء أنه ينتمي إلى دولة قانون . –  تطالب السلطة أن تتراجع عن تصرفاتها الخطيرة وأن تتوقف عن ممارسة القمع المجاني –  تعيد نداءها بإلغاء قانون  مقاومة  الارهاب الذي نتيجته إذلال المجتمع  وانتهاك  مواطنته . –  تتوجه بندائها  لسن قانون للعفو  التشريعي العام  وإطلاق  سراح المساجين السياسيين وقد مر على سجنهم أكثر من خمسة عشر سنة يعنون  الموت البطيء ، وإطلاق  سراح  مئات الشبان المبرمج  محاكمتهم من خلال مسرحيات  قضائية  والحال أنهم أبرياء من كل القضايا الملفقة  ظلما  وعدوانا ضدهم . –  تنادي  بالرجوع  إلى الدستور التونسي – ريثما يتطور الى الأفضل، والإلتزام بالمواثيق الدولية قبل فوات الأوان عن فرع  الرابطة  ببنزرت الرئيس على  بن  سـالـم  


اللجنة العربية لحقوق الإنسان

نزع الجنسية والترحيل في البوسنة والهرسك

تعرب اللجنة العربية لحقوق الإنسان عن استنكارها لعمليات نزع الجنسية التي نالت أكثر من  400 مواطنا بوسنيا من أصل عربي. ضمن سياسة “المساهمة الفاعلة في الحرب على الإرهاب” التي تحاول الحكومة البوسنية تقديم نفسها بها في المحافل الأوربية والدولية.
وكان اتفاق دايتون الموقع في ديسمبر 1995 قد نص على إخراج كل المقاتلين الأجانب، وهذا ما تم تنفيذه تباعا. ولم يتعرض “مجلس تنفيذ اتفاق السلام” لكل الحالات الحاصلة على الجنسية قبل توقيع الاتفاق سواء  بداعي الخدمة في الجيش البوسني أو الزواج  من بوسنيات أو العمل الإغاثي. باعتبار هؤلاء قد أصبحوا من أبناء البلاد ونال العديد منهم أوسمة بوسنية أو ترقيات في الرتب العسكرية. 
ويكفل قانون الجنسية في البوسنة والهرسك في الفصل 13 حق الحصول على الجنسية “إذا كانت ترجى منه مصلحة للبلاد”. ومن الملاحظ أن كل الأسماء المعنية كانت في العمل الإغاثي أو في القوات النظامية. وكثير منهم متزوج من بوسنيات وأولادهم يحملون جنسية واحدة هي الجنسية البوسنية. كذلك هم مشمولون بالفصل العاشر من قانون الجنسية (الفقرة آ) الذي يتحدث عن إمكانية الحصول على الجنسية إن استمر الزواج لخمس سنوات، وقد مّر على معظمهم أكثر من عشر سنوات.
إن اللجنة العربية لحقوق الإنسان تطلق ناقوس الخطر لأن تجربتنا مع الحكومة البوسنية منذ أحداث 11 سبتمبر تجربة سيئة في ملفات حقوق الإنسان. فقد رحلّت السلطات البوسنية أسامة فرج الله والشريف حسن السيد إلى مصر في 6/10/2001، وهما يقبعان في السجن بحكم من محكمة استثنائية بالسجن لعشر سنوات وسلمت الحكومة ستة مواطنين من أصل جزائري إلى السلطات الأمريكية وتم نقلهم إلى غوانتانامو  وهم (شلنة الحاج، آية إيدير مصطفى، صابر الأحمر، بومدين لخضر، بو ضلعة الحاج، وبلقاسم بن سايح). وقد برأ القضاء البوسني ساحتهم جميعا من أية شبهة في 8/1/2002. كذلك رحّلت السلطات البوسنية طالب اللجوء السياسي بدر الدين الفرشيشي في 29/8/2006 إلى تونس وهو في السجن ينتظر محاكمة عسكرية. وكل هذا مناف لأصول منع الترحيل المنصوص عليها في الفصل 60 و 64 من الدستور البوسنوي وفيه خرق فاضح للاتفاقية الأوربية لحقوق الإنسان والحريات الأساسية التي صدقت عليها البوسنة والهرسك في 12/7/2002.
إن سياسة الحكومة ووزارة الأمن البوسنية القائمة على الترحيل العشوائي والاعتباطي بدعوى “تنظيف البلاد من الإرهابيين الإسلاميين” تنال مواطنين وعائلات بوسنية تعيش في الحياة المدنية منذ عشر سنوات كأي مواطن بوسني. وهي تخالف تصديق البوسنة على اتفاقية حقوق الطفل وتوقيعها العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والاتفاقية الأوربية لحقوق الإنسان والحقوق الأساسية واتفاقية مناهضة التعذيب، ناهيكم عن المخالفة الواضحة لنصوص الدستور الذي يحظر الإبعاد لدول تمارس جريمة التعذيب وتتعرض فيها حياة المبعد للخطر.
إن اللجنة العربية لحقوق الإنسان تطالب الحكومة البوسنية باحترام دستورها التزاماتها الدولية، ووقف الترحيل الاعتباطي ونزع الجنسية خارج القضاء. مع ما ينجم عن ذلك من تضحية بمئات العائلات بدعوى الحرب على الإرهاب وحرمان الضحايا من حق النقض والاعتراض. في إجراءات أمنية خارج نطاق القضاء
باريس في 22/4/2007   


 

حــصــاد الأســبــوع

ليوم الإثنين 23-04-2007

E-mail: info@alhiwar.net   Site: www.alhiwar.net

1) علمت

السيد عبدالمجيد الجوادي ( لا شك أن هذا اللقب يذكركم” بطلا” آخر) مدير معهد أحمد أمين بالمروج الرابع    و ” المربي الأول” به رأى أن يستعمل ما يخوله له “القانون” المدرسي أو التراتيب المدرسية من صلاحيات، إذ عمد يوم 11 أفريل الجاري إلى طرد مجموعة من التلميذات من معهده لمدة ثلاثة أيام و هي الفترة القصوى التي يسمح له ” القانون” بتسليطها على من يشاء دون المرور بمجلس التأديب..

و بعد أيام وصل نص المكتوب التالي أحد الأولياء:

 من مدير معهد أحمد أمين بالمروج الرابع

إلى السيد:………ز…………..…… ولي التلميذة:…….إ ز………………….المرسمة بالسنة     3 آداب 1

و بعد: 

يؤسفني إعلامكم بأنه سلطت على ابنتكم عقوبة الرفت لمدة 3 أيام تبدأ في 12 أفريل 2007      و تنتهي في 14 افريل 2007 للسبب التالي:

الامتناع عن التخلي عن ارتداء الزي الطائفي الخارج عن المألوف.

هذا و ألفت نظركم إلى أن هذه العقوبة سجلت بملفها و أرجوكم دعوتها إلى الانصباط و احترام التراتيب المدرسية حتى لا تكون عرضة لعقوبة أشد.

و السـلام

(ملاحظة: الكلمة المغطاة بالأسود هي الطائفي)

علما بأن إحدى التلميذات متحصلة على أرفع معدل في قسمها و أسندت إليها شهادة .. و حصل أن وقع توزيع الشهادات على اصحابها أثناء أيام رفتها، و عند استئنافها الدراسة دهبت إلى الإدارة قصد تسلم شهادتها، فقالت لها ” المربية بية…” لن تأخذي شهادتك إلا بعد تغيير الزي”

لم تكن هذه التلميذة متنقبة و لم تكن تلبس تشادور و لم تكن تضع خمارا على رأسها…. كانت تلبس قميصا يستر عنقها و ” مارسياز” تغطي شعرها..

2) تدبرت:

“المؤمن بشره في وجهه و حزنه في قلبه”

3) سمعت:

بدأت التعزيزيات الأمنية تتوافد على الجنوب الشرقي  من مختلف ولايات البلاد استعدادا ” للغريبة” و هو احتفال يهودي بجزيرة جربة ( الحارة الصغيرة أو الرياض تحديدا) و يعتبر اليهود أن هذا المعبد يعد الأقدم لدى الطائفة في إفريقيا (570ق .م.) علما بأن السلطة التونسية قد سمحت للإسرائيليين من زيارة جربة عبر رحلات مباشرة من فلسطين المغتصبة” أي دون حاجة للمرور عبر مطارات اروبية كما كان الشأن في أول الأمر…أي بعد اتفاقية 1993 بين الصهاينة و الفسطينيين…

4) رأيت:

رأيت عون أمن بزيه الرسمي يوم السوق الأسبوعية ببلدة الموانسة قرب جرجيس يلاحق الملتحين  و يطلب منهم ” إزالة الأوساخ العالقة بلحييهم”…

عون الأمن هذا لم ير من الأوساخ إلا التي على وجوه بعض الشباب، أما الأنهج و الساحات والمقاهي  و الشواطئ و الإدارات  و الأسواق و الأخلاق و الصحف و الإذاعة و التلفزة     و دور العرض السنمائي و…. فهي في غاية النظافة…

5): قرأت:

“الفرقان الحــق”

أولا/ وصف الكتاب:

هو: عبارة عن كتاب يقع في ثمانية وستين وثلاثمئة ورقة (368)، ويتألف من عدد من الموضوعات، كل موضع جعل تحت اسم خاص، كهيئة سور القرآن الكريم، وبلغت تلك الموضوعات (أو السور ): سبعا وسبعين، مع مقدمة وخاتمة، ومن الأمثلة على أسماء تلك الموضوعات(أو السور) التي تضمنها هذا الكتاب: الفاتحة، المحبة، المسيح، الثالوث، المارقين، الصَّلب، الزنا، الماكرين، الرعاة، الإنجيل، الأساطير، الكافرين، التنزيل، التحريف، الجنة، الأضحى، العبس، الشهيد، الأنبياء، … . كما أن الموضوعات (أو السور) مقسمة إلى مقاطع مرقمة، كهيئة الآيات القرآنية. ومن الملفت للنظر أن محاولة مشابهة القرآن الكريم واضحة تماما، حتى طريقة خط الكتاب، تشابه رسم المصحف العثماني، ولذا قال د. أنيس شورش: “إن الكتاب مشابه للقرآن من حيث الأسلوب والجوهر… لكنه يحتوي على رسالة الإنجيل“. وقد سماه الواضعون له باسم: الفرقان الحق، وكتب باللغة العربية، وترجم إلى اللغة الانجليزية. ويزعم واضعوه أن هذا الكتاب وحيي من الله تعالى إلى من دعوه بالصفي، كما ورد ذلك نصا في الكتاب: “ولقد أنزلنا الفرقان الحق وحيا، وألقيناه نورا في قلب صفينا ليبلغه قولا معجزا بلسان عربي مبين، مصدقا لما بين يديه من الإنجيل الحق صنوا فاروقا محقا للحق، ومزهقا للباطل، وبشيرا ونذيرا للكافرين” (التنزيل:5، 4/ ص:325. وقد صدر علنا في الولايات المتحدة الأمريكية عام 1999م.، عن دارواين بريس          وأوميجا، واستغرق العمل عليه سبع سنوات من عام 1991م. ثانيا/ القائمون عليه. ينسب هذا الكتاب بشكل صريح وعلني إلى جماعة إنجيلية (بروتستانتية) تقع في ولاية تكساس الأمريكية، ولهم موقع الكتروني باسم: مركز المحبة الإلهية. وأما الواضع الحقيقي لهذا الكتاب فهو د. أنيس شورش، أحد نصارى العرب من فلسطين، وكان ممن هاجر إلى أمريكا للعيش فيها، وله جهود كبيرة في التنصير، ومحاربة الإسلام ونبيه صلى الله عليه وسلم. ويقال: إن الإدارة الأمريكية تدعم هذا المشروع وتقف وراءه، على أن وزارة الخارجية الأمريكية قد نفت ذلك، على موقعها الالكتروني في الشبكة العالمية.

 عن ‘ناصر الماجــــد”

6) نقلت: 

الألوان الإسرائيلية للجيش الفرنسي

جان-ميشال شتايبلر

من ” قضية سويس 1956″

جان-ميشال شتايبلر

مارس 1997

استعدادات عسكرية

في الواحد من سبتمبر 1956 انعقد اجتماع سري عند لويس مانجن في باريس و صم كل من كريسنيان بينو برقس مونوري الجنرال شال و آبل توماس الذي سيكون ,,, المدني في العملية التي بدأ رسم معالمها بمساهمة بريطانية.. فالانقليز يقدرون بالفعل أن ملازمة الصمت بعد تأميم قناة السويس من قبل عبدالناصر و منع السفن الاسرائيلية من عبوره  تمثل نهاية امبراطريتهم و تاثيرهم في الشرق الأوسط.. و ينوون الاحتجاج باتفاقية 1955 التي تسمح لعساكرهم باحتلال منطقة القناة حيث احتفظ بعتاد في حالة نشوب حرب تهدد حرية الملاحة في هذا الشريان البحري الحيوي..

مع ان الفرنسين و الانقليز لا ينوون ربط مسألة قناة السويس بالنزاع العربي الإسرائيلي كي لا تغامر بمواقعهم في العالم العربي.. و منذ شهر اوت أكد الناطق الرسمي باشم الخارجية البريطانية موقف  بلاده:” هذه المسألة مستقلة تماما عن النزاع العربي الإسرائيلي، و كل محاولة لإقحام اسرائيل تزيد حل الأزمة تعقيدا”. بينما يقول شيمون بيريز الذي كان يرافق في هذه الفترة قولدا مائير:” شرح لي الفرنسيون ان عليهم أن يواجهوا ضرورات متناقضة. عليهم أن يواصلوا الحرب في الجزائر و في نفس الوقت عليهم حل مسألة قناة السويس بأسرع وقت دون أن يكسروا عرى المشاركة مع بريطانيا العظمى.” و نقل شمعون بيريز أبعد من ذلك ان الحكومة الفرنسية تؤكد علنا أنها ليست تابعة في ذلك الحكومة الإسرائيلية.

و بعد شهر من ذلكو في اليوم الأول من اكتوبر انعقد اجتماع سري آخر و دائما عند مانجن و ضم الجنرالات \ال و إيلي و العقيد سيمون و الجنرال موشي دايان الذي عرض مخططه  لغزو سيناء.. و توجهت في نفس الليلة نفسها لجنة إلى تل أبيب قصد دراسة الدعم الذي يمكن أن تقدمه فرنسا…

و اتفق على ان سلاح الجو الفرنسي يعمل على توفير غطاء جوي لتأمين المجال الجوي العبري و هو ما يسمح للطيران الإسرائيلي من التعامل مع المطارات المصرية أولا ثم لإسناد قوات موشي دايان على الميدان..من أجل ذلك مهرت أسراب المطاردات من نوعي “ميستار4 ” و ” سابر 86″ في قاعدتي ” ديجون”  و ” سان ديزيي” بنجمة داوود..كما أن وحدات اخرى مجهزة  تزود قوات جيش الحرب الأسرئيلي العاملة في سيناء و اخيرا تنشر البحرية الفرنسية ” كارسنت” و ” سيركوف”و “بوفي” مقابل الشواطئ الفلسطينية لحمايتها..

و في يوم 22 أكتوبر نزل دافيد بن غوريون و موشي دايان في “فيلا كوبلي” من طائرة دس4 التي أهداها الرئيس ترومان إلى الجنرال ديغول و التي ذهبت إلى تل أبيب لاستقدامهما.. و انطلقا بعدذلك نحو ” سافر” اين كان في انتظارهما “قي مولي” و ” سالوين لويد”.. و من أجل التستر على التواطئ الكامل مع الدولة العبرية اقترح وزير الخارجية البريطانيةعلى الوزير الأول الإسرائيلي السيناريو التالي: ” تهاجم إسرائيل مصر فتوجه فرنسا و بريطانيا نحذيرا يطالب من طرفي النزاع الانسحاب 10 أميال من قنال السويس، فتستجيب اسرائيل و من المحتمل جدا أن لا يستجيب الرئيس المصري و عندها تجد بريطانيا و فرنسا  سببا للغنزال في منطقة القنال استنادا إلىفقرات اتفاقية 1955..و بعد رفض أولي قبل بن غوريون السيناريو اخيرا..

كل العالم يعلم ان الشرق الأوسط سيشتعل. و لاحظت محطة رومة لوكالة المخابرات المركزية الأمريكية عمليات تراسل غير عادي و فككت بعض الشفرات….. أذن للقاعدة الأمريكية ب”شاتورو” بتوفير خزانات إضافية لل ف86 و قطع غيارلسلاح الجو الفرنسي و غادرت الفرقة العاشرة للمظليين للجنرال ” ماسو” الجزائر في سرية تامة بالتاكيد و لكن لا يمكن أن يتم ذلك دون ان يتفطن إليه أحد..و في يوم 15 أكتوبر أعلم الرئيس إيزنهاور بأن إسرائيل دعت جنود الاحتياط و صادف أن كان الملحق العسكري الأ مريكي في مطار اللد فاكتشف مندهشا طائرات ” سابر ف 86″ و عليها نجمة داوود و الحال أنه يعلم أن بلاده لم  تزود اشرائيل بهذه الطائرات, كانت هذه الطائرات متوقفة على مدرج المطار المدني لعدم توفر أمكنة لذلك في المطارات العسكرية و عند اقترابه منها لاحظ ان الفنيين يتكلمون الفرنسية..

و في 27 أكتوبر قدمت فرنسا 200 سيارة ” دودج 4 x4..” إنها تنقذ الموقف” هكذا صاح موشي دايان الذي كان في ليلة الفاصلة بين 29 و 30 أكتوبر يدفع بقواته في سيناء حسب مبادئ الحرب الخاطفة.. و لنستمع إلى أوري دان و هو صحفي مقرب من ” الموساد” و كان وقتها ملازم مظلي: ”  و عثرت على ضابط فرنسي هو العقيد سيمون. كان يلبس زي المظليين و تغطي رأسه قبعة حمراء. و لم يكن زي الضابط هة الذي أثار اهتمامي إنما المدفع الذي يصحبه… في هذا الصباح المشمس من يوم 29 أكتوبر كان العقيد يشرح كيفية استعمال المدفع عيار 106 الذي لا يتراجع إلى الوراء وهو من صنع أمريكي… و علمنا وقتها عن طريق المترجم أن طائرات الشحن الضخمة الفرنسية ستقلع من قبرص لتلقي مدافع من هذا النوع في الأماكن التي سننزل بها بالمظلات.. و تبين بعد ذلك أن فرنسا قد خالفت التزاماتها مع الحلف الأطلسي في هذه النقطة بالذات.. لكن في تلك الفترة لم تكن باريس لتعبأ كثيرا بالولايات المتحدة و الحملة الرئاسية للجنرال إيزنهاور… إن وجود العقيد سيمون  يطمئن القلوب..     و من جهة أخرى كان من على متن طائرات النقل الفرنسية وقع إلقاءنا وراء الخطوط المصرية… و لكن هذا لم يكن يمثل إلا الجزء الأكثر بروزا للعلاقات الإسرائيلية الفرنسية إنها قمة جبل الجليد.”

الهجوم:

بدأ موشي دايان هجوم هعلى سيناء في 30 أكتوبر بعد أن دمرالطائرات المصرية على الأرض.. و كما كان منتظرا في السيناريو ..أعلنت فرنسا و بريطانيا تحذيرهما للمتنازعين.. و بطلب من عبدالناصر دمرت سوريا أنابيب البترول باستثناء “تابلاين” المملوكة ل “أرامكو”، وهو ما يبرز إرادة القاهرةفي تحاشي الأمريكيين…و أعرب الملك سعود عن تضامنه بقطعه إمدادات البترول في اتجاه أروبا.. لكن القوات الفرنسية لم تستطع الصمود أمام الجيش الإسرائيلي الذي حقق أهدافه في 3 و 4 نوفمبر…..

جان-ميشال شتايبلر www.michelcollon.info

7) دعــــــاء

” اللهم علمنا ما ينفعنا و علمنا ما ينفعنا و زدنا علما تنفعنا به”

 

عبد الله الزواري

 الجمعة  20 أفريل 2007

(المصدر: موقع “الحوار.نت” (ألمانيا) بتاريخ 23 أفريل 2007)

 


 

إعتداء على مدرس

 

فريانة في 21/04/2007

 

 

في يوم الجمعة 20/04/2007 حينما أكمل الأخ حسين عبيدي معلم تطبيق بالمدرسة الابتدائية الأحواش أعلم بما يلي :

 

علي الساعة منتصف النهار طلب منه مدير المدرسة وحارسها كل على حده أن يعود في الساعة الثالثة عشر ليساعدهما على تنظيم التلاميذ وذلك لحضور منشط ألعاب سحرية . ففعل ذلك وفي الوقت المحدد حضر العديد من تلاميذ المدرسة الإعدادية بالأحواش وهم غرباء عن المؤسسة التي يشتغل بها و أساؤوا الأدب حتى أنه مدى المدير برقم الشرطة ليتصل بهم لحل المشكل خاصة و أنهم بدؤوا يقذفون المدرسة بالحجارة .

 

وعند الدخول إلى القاعة تسلل منهم تلميذان إلى القاعة . و عنذ انتهاء العرض رفضا الخروج بعد أن اعتديا على أحد التلاميذ بالمدرسة فدفعهما و أخرجهما من باحة المدرسة بعد أن قالا له كلاما مشينا . على علمه أن الموضوع توقف حينها لكن ما راعه إلاّ و شخصان يلتحقان به إلى مقر سكناه و يبرحانه ضربا على مرأى و مسمع جميع الحاضرين و خاصة زوجته و أبناؤه .

 

اتصل مباشرة بمركز الشرطة بالمدينة لتقديم شكوى في الغرض و في داخل مقر الأمن يفاجأ بدخول نفس الشخصين صحبة شخص ثالث تبين نعد ذلك أنه نسيب لهما و كرّروا نفس الاعتداء لكما و ركلا على مرأى و مسمع عون الأمن الذي اكتفى بمسك أحدهم ثم تركه بعد ذلك حرا طليقا . تحامل ألأخ حسين على نفسه و الدماء تكسو و جهه و ثيابه و قصد المستشفى المحلي بفريانة حيث قابل الطبيب الدي حرر في شأنه شهادة طبية بـ 15 يوما . وهو الآن طريح الفراش .

 

مراسلة خاصة

 

(المصدر: موقع الحزب الديمقراطي التقدمي بتاريخ 22 أفريل 2007)

 


 

تونس: خيارات الحوار والانتحار

د.عبد المجيد النجار – أستاذ جامعي مقيم بباريس

إن يعجب المرء من شيء مما يجري في أرض الخضراء فإنه لا يجد أدعى للعجب من أزمة الحوار فيها، ومصدر هذا العجب هو تلك المفارقة الصارخة بين الدواعي التاريخية والثقافية والمصلحية لأن يكون الحوار البنّاء بين مكوّنات المجتمع السياسية والثقافية هو الصراط المستقيم الذي تستوي عليه العلاقات، وتُحلّ به المشكلات، وتُفرج الاحتقانات، وبين الواقع الجاري الذي يعاني فيه الحوار أزمة خانقة، تتراكم بها التوتّرات، وتتباعد بها الشقّة بين الأطراف المكوّنة للمجتمع، ويرتبك بها مسار التنمية في مستوياتها المختلفة، وهي أزمة لا تتمثّل فقط في انسداد شبه كلّي لمسالك الحوار ابتداء، ولكنها تتمثّل أيضا في اعوجاج منهجي تجري عليه بوادر حوار في فرص نادرة تحدث أحيانا، مما يؤذن بأنّ حوارا لو توفّرت ظروفه وتجمّعت أسبابه فإنه قد لا يثمر شيئا، بل قد ينتهي إلى نتائج سلبية يكون الصمت أفضل منها.

إنّ المجتمع التونسي يتوفّر على مخزون من مقدَّرات الحوار المثمر قد لا يتوفّر عليه غيره من المجتمعات المشابهة، فهو مجتمع ورث الانفتاح على ثقافات وحضارات تواردت عليه من شرق ومن غرب عبر العصور في حركة لا تهدأ، ابتداء بالمدّ الفينيقي وانتهاء بالمدّ الاستعماري مع موجات متتالية فيما بينهما في اتّجاهي الأخذ والعطاء، وهو ما من شأنه أن يجعل هذا المجتمع مطبوعا على قابلية عالية للانفتاح على الآخر، والسماع إليه، والتعاطي معه، وتلك كلّها من دواعي الحوار وشروطه وأسبابه.

وقد كانت الثقافة في المجتمع التونسي طيلة تاريخه ثقافة حوارية صنعها طراز التعليم الذي كان سائدا فيه ويحمل لواءه جامع الزيتونة المعمور كما أشار إليه ابن خلدون في مقدمته، وكما نقل عن معاصره الإمام الأكبر شيخ جامع الزيتونة محمد بن عرفة الورغمّي من أنه بالرغم من إمامته في العلم والتعليم كان يعود كلّ مساء إلى بيته بكتب يقضي الليل في النظر فيها، فكلّمته زوجته في ذلك عاتبة عليه، فقال لها قولته الشهيرة: كيف أنام وأنا سأصبح بين أسدين: الأبّي بعقله والبسيلي بنقله، إشارة إلى طالبين من طلاّبه كانا يترصّدانه في الدرس بالحوار الدائم، وكانت الثقافة تجري على ذلك السمت الحواري.

وفي العصر الحديث بُني التعليم على أساس من الحوار، وهو ما خبرته عيانا في مراحله الثلاث التي مررت بها في عملي الوظيفي، وكانت تلك إحدى ميزات التعليم في عهد الاستقلال، وهي الميزة التي جعلت خرّيجي هذا التعليم يتفوّقون منهجيا أينما حلّوا بجامعات العالم ومؤسّساته العلمية، وقد وقفت أيضا من ذلك على عيّنات كثيرة في جامعات مختلفة مشرقا ومغربا.

فإذا ما أتينا إلى الواقع الذي يعيشه المجتمع التونسي سياسيا وثقافيا وإيديولوجيا وجدنا احتقانا على تلك المستويات كلّها، ووجدنا تناقضات ومشكلات تتراكم بمرور الأيام، وليس لها من حلّ إلاّ في حركة حوارية نشيطة تجري بين الأطراف ذات العلاقة، سواء على مسرح السياسة أو على مسرح الفكر والثقافة، لتُفكّك بهذه الحركة الحوارية عُقَد الاحتقان السياسي والثقافي إلى عناصرها الأولية، وتوضع على بساط البحث وتداول الرأي، ليقع الانتهاء فيها إلى مساحات من الاتّفاق، وتحرّر مساحات الاختلاف على بيان. وتلك داعية جليّة من الدواعي المصلحية العملية لدوران الحوار وسيرورته بين الأطراف.

إنّ هذه الأسباب المتعدّدة الداعية إلى قيام حوار مثمر في تونس لا يقابلها في الواقع إلاّ أضدادها من الانغلاق والانكماش والترافض والإقصاء، وهو مكمن العجب الذي أشرنا إليه أعلاه، إذ الأسباب في حكم العادة تفضي إلى مسبّباتها، والدواعي تلد نتائجها.

في تونس نظام حاكم يستند إلى حزب قديم تربّى وربّى أجيالا على الرأي الواحد فيما يشبه احتكارا للحقيقة صدقا مع النفس على سبيل التوهّم، أو حفاظا على المكاسب التي تلدها في العادة السياسة الأحادية، كما يستند إلى قبضة أمنية غليظة تعمد إلى تسوية الصفوف على أساس ذلك الرأي الواحد، وإلى إنجازات قد تكون محلّ نزاع في درجتها ولكن لا تنازع في أصل وجودها، وهو بهذه المستندات لا يأبه كثيرا بالرأي المخالف، ولا يقيم له وزنا، بل قد لا يرى له أحيانا حقّا في الوجود؛ وهو مرتاح إلى وضعه هذا فلا يرى داعيا لحوار مع آخرين قد لا يحصل منه في حقّه كما يرى سوى شيء من الصداع؛ ولذلك فهو يبدو غير معنيّ بهذا الحوار الذي يراه غير ذي موضوع ما دامت تلك المستندات القويّة قائمة.

وقد تعالت منذ زمن أصوات تدعو النظام الحاكم إلى إدارة الحوار في قضايا عديدة من قضايا المجتمع المختلفة التي تتراكم مضاعفاتها وتشتدّ احتقاناتها، وما فتئت تلك الأصوات تنبّه إلى خطورة تلك القضايا، وتنذر بخطير مآلاتها إن لم تفكّك عناصرها بالحوار، ولكنّ الجواب كان دوما مشتقّا من منطق النعامة، حتى إذا ما نشب العنف المسلّح في أطراف العاصمة قبل ثلاثة أشهر كان ذلك مصداقا لتنبيه المنبّهين ونذير المنذرين الذين تعالت أصواتهم بأنّ البديل عن الحوار هو العنف الأهوج، ولكن يبدو إلى حدّ الآن أنّ الدرس لم يقع استيعابه، ومع ذلك فإنّ الأمل ما زال فيه شيء من الفسحة لولا خوف حقيقي من أن يعاجَل هذا الأمل بابتلاء آخر أشدّ قسوة لا يصيب المتقاعسين عن الفهم خاصّة وإنما يصيب الناس كافّة، إذ الفتنة عمياء لا تختصّ مرماها وحده بالإصابة، والسنن الاجتماعية ماضية فيما يشبه سنن الطبيعة لا تعرف المحاباة للنوايا الحسنة، ولا الاستكانة للقبضات الغليظة.

ما ضرّ هذا النظام لو فتح مع معارضيه من مختلف الاتجاهات حوارا جدّيا، يحسن فيه الاستماع، وله أن يحسن بعد ذلك الجواب، وتكون الحجّة فيه هي سيّدة الموقف فيما يُستمع إليه وفيما يُجاب عنه، ألا توجد في تونس مشكلات حقيقية تطلب حلاّ مهما ادُّعي من إنجازات تحقّقت ومكاسب حصّلت؟ ماذا يمكن أن نسمّي وضع أولئك المساجين الذين قضوا من حياتهم سبعة عشر عاما في أقبية الهلاك، يأكل الزمن أعمارهم حتى يوشك أن ينهيها بالعدّ التنازلي، ويقضم الموت أجسامهم جزءا فجزءا حتى يوشك أن يأتي عليها كما أتى على آخرين من قبلهم، وتحرق الأحزان أكباد أمهاتهم وآبائهم وأزواجهم وذرياتهم حتى توشك أن تطرحهم حطاما، فإذا المشهد يسفر عن مأساة يضاعف من شدّتها ما يقول البعض فيها من أنها ليست إلا عقابا مستحقّا على إجرام اقتُرف في شأن الحقّ العام؟

ماذا يمكن أن نسمّي هذا الإعلام المنغلق المنخنق الذي أصبح لا يدانيه في الرداءة إعلام؟ ماذا يمكن أن نقول في هذا الاحتقان السياسي الذي تستحكم حلقاته يوما بعد يوم فتخنق الأنفاس وتوشك أن تترك الأرض السياسية أرضا مواتا؟ وماذا يمكن أن نقول في هذا التقلّص الرهيب في آمال الشباب الذي هو مستقبل الوطن حتى أصبحت غاية تلك الآمال أن يركب البحر في قوارب الموت؟ أليست هذه وغيرها مشاكل تستحقّ أن يكون في شأنها حوار تتضافر فيه الجهود للبحث عن مخرج يجنّب البلاد مآزق مظلمة لو استمرّت على هذه الوتيرة من الاستفحال؟

وإلى جانب هذا الرفض للحوار من قِبل القيّمين على شؤون البلاد وهو المسؤولون قبل غيرهم على الدفع إليه وتيسير سبله يأتي رفض آخر من قِبل فئة الاستئصال، تلك التي ترفع شعارَ ” لا حرية لأعداء الحرية”، وهو شعار لا ينطبق إلا عليها هي دون غيرها، فهذه الفئة تزعم أنها هي القيّمة على لائحة المكوّنات للمجتمع التونسي، فتدرج فيها من له حقّ في أن يشمله الحوار، وتطرد منه من ليس له حقّ فيه، والحال أنها في الميزان الشعبي ليس لها مثقال ذرّة من مصداق، وعلى كلّ حال فإنه من بشائر المستقبل أنّ هذا الضرب من الرفض الاستئصالي ينقرض شيئا فشيئا بانقراض الفئة الداعية إليه.

وبالإضافة إلى هذا الوجه من أزمة الحوار المتمثّلة في ضيق مساحاته وانسداد أبوابه ثمّة وجه آخر منها يتمثّل في اعوجاج منهجي فيه حينما تبرق بوارق منه، وكأنما طول غيابه عن الساحة أنسى الناس دروبه الصحيحة، وذلك ما يهدّد الآمال في حوار مستقبلي قد تتوفّر ظروفه بأن يتوه هذا الحوار في مسارب مغلقة فلا تكون له ثمار، بل قد يصبح جزءا من الأزمة وقد أريد به أن يكون جزءا من الحلّ.

ولنضرب لذلك مثلا بما حدث في نطاق ما عرف بهيئة 18 أكتوبر من حوار أفضى إلى إصدار بيان مشترك في 8 مارس 2007، ففي حين كان الجميع يشكو مرّ الشكاوى من انعدام الحرية السياسية والفكرية والإعلامية، ومن مصادرة الإرادة الشعبية من قِبل فئة محدودة هي الفئة الحاكمة، ومن التبعية السياسية والاقتصادية للقوى الخارجية، وكان الجميع يعلّق على هذه الطامّات كلّ المشاكل التي تحدث في البلاد، فيصبّ عليها اللعنات بدون حساب، في حين كان ذلك استُبعدت كلّ هذه القضايا من قائمة الحوار ليقع القفز عليها إلى حوار في التسوية بين الرجل والمرأة في الميراث، وإلى مجلة الأحوال الشخصية هل توضع في مرتبة القداسة فيحرم فيها كلّ قول، أم هي عمل بشري يخض للمراجعة.

ليس الخلل المنهجي في أن تكون هذه المسائل محلا للحوار، ولكن الخلل في قلب هرم الأولويات، وهو الذي يذكر بمنطق تلك العجوز التي يجرفها السيل وهي تمدح المطر الذي نتج عنه ذلك السيل، ويظهر هذا الخلل في صورة أبشع حينما يتبيّن أنّ تلك القضايا الكبرى التي يُصوّب اللعن إلى الخطإ الواقع فيها، وتُعلّق عليها كلّ المشاكل ليست أو ليس بعضها على الأقلّ محلّ اتفاق بين هؤلاء المتحاورين، وهو الأمر الذي سيعيد الأوضاع حينما يقع في المستقبل انفتاح إلى المربّع الأول الذي اعتبر سبب المشاكل، وهو ما يقتضي منهجيا أن يتّجه الحوار أولا إلى هذه القضايا ليقع الاتفاق فيها على رأي يُنطلق منه إلى غيره حتى الوصول إلى تلك المسائل التي بُدئ بها في الحوار في مسار منكوس بحسب ما نقدّر.

وحتى لا يكون هذا الحديث جزافا لنضرب المثل بقضية الخيار الشعبي ومدى مشروعيته وإلزاميته، إنها القضية الجوهرية في النظام الديموقراطي الذي ينشده الجميع، ومع ذلك فإنّ إشارات كثيرة تصدر من هنا وهناك توحي بأنّ هذه القضية الجوهرية ليست محلّ اتفاق سواء كان ذلك بسبب موقف مبدئي أو بسبب حسابات ظرفية تتناقض مع مصالح من لا يصطفّون وراء هذا الخيار، وعلى سبيل المثال ورد على ألسنة بعض المشاركين في هذه الهيئة وعلى ألسنة من هم في صفّهم الإيديولوجي في مناسبات عدّة نكير شديد يكاد يبلغ درجة التكفير السياسي لمرشح في انتخابات 1989 اقترح أن تعرض مجلة الأحوال الشخصية على الخيار الشعبي بالاستفتاء عليها، وبقطع النظر عن الموقف من هذه المجلة فإنه يحقّ التساؤل: ماذا يحمل هذا النكير الشديد من دلالة غير دلالة الموقف السلبي من الخيار الشعبي؟ وماذا سيكون الموقف أيضا حينما يقترح أن يُعرض غدا على الاستفتاء الشعبي على سبيل المثال علاقة الدولة بالدين وأشباهها من القضايا ذات الوزن الثقيل؟ إنها أسئلة تؤكّد فيما نرى أنّ بارقة الحوار التي ظهرت في نطاق هذه الهيئة قد سارت في منهج معكوس، وهو ما يمثل وجها من وجوه أزمة الحوار يتطلّب التصحيح.

إنّ الحوار الذي ننادي به، ونحذّر من مغبّة التمادي في تجاهله والاستهتار به، كما ننادي بأن يكون سالكا المسلك المنهجي الصحيح يبدأ فيما نرى بأن يشترك فيه جميع المكوّنات السياسية والفكرية في البلاد، بعيدا عن أيّ نوع من أنواع الإقصاء، فكلّ التونسيين شركاء في الوطن، يتساوون في الواجبات والحقوق، بعيدا عن أن يرى من هو في موقع التمكّن السياسي أنّ معارضيه ليس في الحوار معهم سوى مضيعة للوقت، فإنّ فتنة التمكّن كثيرا ما تعمي الأبصار عن مشاهد لا تُرى إلا من خارج هذا الموقع، وبعيدا عن أن يرى من هو في المعارضة أنّ صاحب السلطان بتصرّفاته المتلاحقة لا ينفع معه حوار إلا أن يكون سعيا من أجل إسقاطه، فإنّ الابتلاء بالقهر قد يعمي الأبصار هو أيضا عن مشاهد لا تُرى إلا في مرآة صقلها محكّ الواقع وعركتها فتنة السلطان، والأمر في كلّ من هذا وذاك يحتاج إلى قدر كبير من الصبر، ونبض عال من الوطنية.

فإذا ما استوى الأمر على هذا النحو من القبول المتبادل لأطراف الحوار ابتدأ حلقاته الأولى بالنظر في الواقع من أجل تقييمه، التزاما بالموضوعية في أقصى درجاتها الممكنة، فيسطّر ما هو أبيض بخطوط بيضاء، وما هو أسود بخطوط سوداء، بعيدا عن أن تُضفى على هذا الواقع ألوان المناظير التي تصنعها فتنة التمكين أو الإحساس بالقهر، فيكون إذن سواد كالح من خلال هذا، وبياض ناصع من خلال ذاك، وهو ما يحتاج أيضا إلى قدر كبير من الصبر على الحقّ أن يُعترف به للخصوم، والصبر على الخطإ أن يعترف به فاعله، ولكنّ الوطنية الحقّ كفيلة بأن تروّض النفوس على كلّ من هذا وذاك.

وحينما تتبيّن مناطق السواد في صفحات الواقع لدى الجميع ينتقل الحوار إلى المداولة في طرق العلاج، وهو الأمر الذي ينبغي أن يبدأ الحوار فيه بالأسس الكبرى الموجّهة للحلول العملية الجزئية، وذلك من مثل تحديد صاحب الأمر في اختيار المستقبل من هو، أهو الشعب وليّا على نفسه؟ أم هي فئة منه تتولى الولاية عليه؟ وتحديد آفاق الحرّية التي يعشقها الجميع، ويدّعي وصلا بها كلّ الأطراف بلا استثناء، هل آفاق هذه الحرية مفتوحة بدون حدّ، أم هي محدودة بخطوط معينة، وإذن فما هي تلك الخطوط؟ حينما يدور الحوار في مثل هذه القضايا المفصلية فإن الحوار فيما هو مندرج فيها من التفاصيل سيكون حوارا أيسر، وأدعى إلى التوافق لسيره في المسار المنهجي الصحيح، ويصبح إذن سنّة ماضية وثقافة شاملة تدخل بها البلاد إلى حلّ المشاكل التي تتضاعف كلّ يوم أسبابها.

إذا لم يتمّ هذا الحوار، واستمرّ الأمر على ما هو عليه من الانغلاق فما هو البديل؟ الجواب فيما نرى واضح وضوح الشمس، يكشف عنه منطق المجتمع وسننه الماضية، وهو منطق لا يتخلّف، وسنن لا تأبه بالمستهترين والمتغافلين، كما تكشف عنه إرهاصات واقعية تنبّه المستهترين والمتغافلين بين الحين والآخر كأنما تقطع عنهم الأعذار وتحذرهم إن لم يقيموا لها وزنا من سوء المصير، ومن بين الإرهاصات وأقربها زمنا تلك الشرارات التي اشتعلت منذ أشهر في حواشي العاصمة، وشرارات أخرى أشدّ اشتعلت منذ أيام قريبا من الحواشي الغربية لبلادنا وقد زُعم أنّ علاقة ما تربط بين هذه وتلك، وهي شرارات تطايرت من عمليات انتحارية مجنونة، ما إن تنشب حتى تلتهب وتدخل البلاد والعباد في أتون من الفتنة لا يبقي ولا يذر، وإذا كنا ندعو الله أن يجنّب بلادنا هذا النوع من الجنون، فإننا لا سيرورة الأمور قد لا يبعد أن تنتهي إليها، وحادثة جربة منذ سنوات قريبة من مؤشّرات ذلك، خاصّة وأن هذه الأنواع من الجنون لا ينفع في ردّها قبضة أمنية، ولا شطارة سياسية، ولا حسن نيّة، وإنما يدفعها فقط فيما ندّعي مسار الحوار الذي يقدر وحده على أن يفكّك متفجراتها الموقوتة، فهل تكون بلادنا أمام أحد خيارين: الحوار أو الانتحار؟إذا كان ذلك فلنبادر إذن بالحوار قبل أن تأتي مرحلة الانتحار، فإنه لا تقدم نفس على الانتحار في مثل هذا المقام إلا بسبب اليأس من الحوار، ولنضع أنفسنا تحت قوانين المجتمع وسننه، فإنها تحطم من يعاندها ويسخر منها. وقديما كان لحذام بصر حديد أنذرت به أهلها من غزو وشيك أبصرته عن بعد، فلم يأبهوا لقولها فدار عليهم بعد برهة الهلاك، وذهب ذلك مثلا سائرا في قول القائل:

إذا قالت حذام فصدقوها فإن القول ما قالت حذام . .

والله ولي التوفيق

(المصدر: موقع “الحوار.نت” (ألمانيا) بتاريخ 22 أفريل 2007)


 

المصالحة..كلمة حق..ولكن

بقلم: خالد

الحديث الدائر حاليا في بعض المواقع حول المصالحة في تونس ليس جديدا لا في شكله ولا في مضمونه. حيث يدور الحديث في بديهيات وتمنيات، بين مجموعة قليلة، في دائرة شبه مغلقة، بعيدا عن التأثير وعن المعنيين باتخاذ القرار في هذا الأمر.طبعا المصالحة كمبدأ عام لا خلاف حوله من حيث مشروعيته وأهميته الوطنية والدينية، لكن الحوار ليس على المبدأ ولكن حول تنزيله على الوقائع.

الحديث عن المصالحة..أسطوانة قديمة:

سبق وأن دار نقاش حول المصالحة بنفس الطريقة:مقال على الإنترنت ثم مجادلات حماسية بين موافق ومعارض ثم (رجع إلى بيته فرحا مسرورا) ثم صمت من جديد..وتتواصل الأوضاع في تونس على حالها إن لم تزدد سوءا…

وهذه بعض الأمثلة على ذلك:

– ما كتبه الدكتور خالد الطراولي منذ سنوات وما أحدثه من نقاش استمر لأسابيع ثم نسي الأمر-رغم جدية الطرح ومصداقيته- ولم يتغير شيء.

– ما أعلنه الأخ عبد اللطيف المكي من (مبادرة العفو القلبي) وما صاحبها من حوارات على الإنترنت لكن سرعان ما خمدت الجذوة وبقيت الأمور على حالها.

– ما رافق إطلاق سراح عديد القيادات الإسلامية في مرات مختلفة: إطلاق الأخ علي العريض وثانيا مع إطلاق الأخ حمادي الجبالي وأخيرا مع إطلاق الأخوين اللوز والعكروت:في كل مرة يحدث (ارتياح نفسي) و(توقعات عريضة بانفراج سياسي) سرعان ما يخبو ليس جراء (تصريحات) أو (مقالات متشنجة) بل بسبب أعمال تقوم بها السلطة هي في حقيقتها مواصلة لسياساتها القديمة وكأن لسان حالها يقول:لا تفرحوا كثيرا ولا تتوقعوا كثيرا..فنحن هنا (لقتل الفرح) و(وأد الأمل)…

ولذلك فهم الجميع الرسالة وما عادوا يتوقعون أشياء كثيرة من إطلاق سراح بعض السجناء، فيكتفون بالارتياح على رفع المعاناة الإنسانية لسجين مسرح ولعائلته من ورائه،ولا شيء أكثر من ذلك بعد أن فقدت آليات التحليل والتوقع السياسي معناها وجدواها في المشهد التونسي الذي لا يتأسس على منطق محدد يمكن البناء عليه. ولعل (المرحوم) أرسطو لو عاد للدنيا لفقد صوابه ولتنكر لـ(منطقه الأرسطي) ولعاود البحث عن منطق جديد يفهم به ما يحدث في تونس..

تلك الأمثلة وغيرها تدل على أن المصالحة لا يكفي لإنجازها (نوايا طيبة) أو(مقالات شاعرية في الحنين للوطن)، بل هي وليدة إرادة سياسية لدى صاحب القرار ووليدة تطور طبيعي للأوضاع وللحراك السياسي والاجتماعي والثقافي في تونس.

الحديث عن المصالحة.. وصمت المعنيين بالأمر:

في كل المرات السابقة يترافق مع الحديث (الإعلامي الافتراضي) عن المصالحة (صمت رهيب) من طرف السلطة ومن طرف قيادات الحركة الإسلامية.وهو في حقيقة الأمر (صمت ناطق) بالنسبة لمن يعرف أبسط أبجديات السياسة.من جهة السلطة فهي دائما صامتة إعلاميا في الداخل والخارج حول الملف الإسلامي،وتكتفي بالتحدث بالأعمال وليس بالأقوال وذلك -على سبيل المثال لا الحصر- بمواصلة التنكيل بالمسرحين من السجون وملاحقتهم أمنيا ومراقبتهم، وتضييق أبواب الرزق عليهم، وحرمانهم من السفر ومن الاتصال بالإعلام، وبتهديدهم بإعادتهم للسجن، والتنكيد عليهم في أفراحهم، وبمواصلة قمع مظاهر التدين مثل الحجاب والصلاة في المساجد للشباب ومحاصرة الكتاب الإسلامي..وغيرها كثير ومعلوم…فهل هذا صمت؟؟؟وهل هناك أفصح من هذه (الأقوال) العملية؟؟؟.بالتالي فإن القول بأن صمت السلطة الحالي عن (الدعوة الجديدة) للمصالحة هو (صمت مثير للاهتمام) قول بلا معنى:فمتى كانت السلطة تتكلم حتى يعتبر صمتها الحالي جديدا أو لافتا؟.وحتى لو تكلمت السلطة فإن العبرة بالأفعال لا بالأقوال. ولا أعتقد أن السلطة ستتكلم هذه المرة –مثل بقية المرات- ولو تكلمت فلسان حالها ربما قال: أنا لا أهتم لـ(لعب العيال) -بالتعبير الشعبي المصري- ،أو لعلها تقول مثلما قالت سابقا:أنالا ألتفت للموتى..

وبالنسبة لقادة الحركة الإسلامية فان صمتهم عما يقال عن المصالحة هذه المرة وفي المرات السابقة لا يمكن تحميله دلالات أكثر من إرجاعهم المحك للعمل، وأن المعنيَ بالمصالحة هو السلطة وليس ما يكتب عنها،وأن السلطة لو أرادت المصالحة أو الحوار لبادرت إليه بطرقه المعتادة: فقيادات الحركة في الداخل وفي الخارج عناوينهم معروفة وتلفوناتهم مكشوفة.فليس على الحركة ومسئوليها إذن أن يعلقوا على كل ما ينشر بقطع النظر عن مدى مصداقية ما يكتب أو مستواه.

(الدعوة الجديدة) للمصالحة..ما الجديد؟؟؟

بعيدا عن قراءة النوايا التي لا يعلمها إلا الله ويعلمها أصحابها:ماذا حصل من مستجدات في الساحة حتى يطلق نداء جديد للمصالحة؟.هل هناك مؤشرات لسيسات جديدة من طرف السلطة- بعد أحداث سليمان- مثلا ؟هل تم إطلاق سجناء آخرين من النوع الثقيل؟هل هناك تصريحات من رموز السلطة توحي بأن صفحة جديدة ستفتح؟.المُشاهد حاليا أن السلطة لم تغير في سياساتها القديمة ولم تخفف منها ولو شكليا، بل يمكن القول أنها ازدادت شراسة.لن أعدد الأمثلة على ذلك فالمتابع يعلم ما يحصل.لكن سأكتفي بمثال جديد وبسيط أورده موقع الحوار.نت على نفس الصفحة التي (تعج بالدعوة الجديدة) للمصالحة: وهو خبر إنذار مقر الحزب الديموقراطي بالإغلاق!!و الحزب الديموقراطي حزب معترف به قانونيا،ومشهود له بالاعتدال،وقادته أبعد ما يكونون عن شبهة التطرف أو الإرهاب أو الأصولية،وتقوده الآن سيدة محترمة كانت قد حضرت مؤخرا لندوة نظمتها إحدى الأجهزة الحكومية وقد استبشر المستبشرون حينها بأن (عهدا جديدا) قد دخل(العهد الجديد)!.هذا الحزب الآن مهدد بأن يجد نفسه في (الشارع) بعد غلق مقره!!.ورئيسته المحترمة لم يشفع لها أنها من (الجنس اللطيف) أن تُعامل بلطف من طرف السلطة فـ(لا لطف في السياسة)!! وهذا الشعار هو آخر (المنتجات التونسية) التي تحتاج للترويج!!.ولم يشفع لها أنها امرأة أن تعامل بـ(التمييز الإيجابي) من طرف السلطة(راعية حقوق المرأة) فـ(لا تمييز في القمع)!!..وهذا منتج آخر من (المنتجات التونسية)!.بعد هذا ما الجديد في الساحة يفسر هذه الدعوة للمصالحة؟.هل مجرد مرور(عشرين سنة) على السلطة التونسية بثوبها الجديد له معنى في هذا المجال؟قد يكون…وقد لا يكون…لأن مناسبات كثيرة مرت ولم يحدث ما يحلم به الحالمون:مرت 50 سنة على الاستقلال وتوقع المتوقعون ولم يحدث شيء..ومرت الذكرى 60 والذكرى 70 لتأسيس الحزب الحاكم ولم يحدث شيء..ومرت الذكرى 10(للتغيير) ولم يحدث شيء..ومرت الذكرى15 ولم يحدث شيء..ومرت كثير من المناسبات والأعياد والمحطات السياسية المهمة كالانتخابات لعدة مرات أو المؤتمرات الدولية أو القمة العربية في تونس ولم يحدث شيء…وبالتالي فالارتهان للمناسبات أو(للأرقام السحرية) فضلا عن كونه خلل جوهري في الممارسة السياسية التونسية ينقلها من باب التعامل في السياسة بالعقل إلى باب التعامل معها بعقلية(حظك اليوم)!!فضلا عن ذلك فهو أيضا توقع وترقب لا تسنده سوابق تاريخية أو مؤشرات واقعية..فإذا كان الأمر ظنيا جدا وتخمينيا جدا وتكهنيا جدا فمن الظلم اعتبار من يعارض هذه الدعوة المجنحة بأنه متشائم أو أنه يعارض مبدأ المصالحة..فهناك فرق بين مبدأ المصالحة كمبدأ وبين (المحاولة التطبيقية) أو الدعوة لها -على افتراض أن هناك محاولة فعلية وأنها جادة-.فهل أن الفقيه عندما يقول أن الصلاة باطلة قبل دخول وقتها وقبل توفر شروطها لدى المصلي هل قوله ذلك يعد رفضا للصلاة كفريضة؟؟.فالمصالحة إذن مطلوبة لكنها تحصل إذا توفرت شروطها الموضوعية وتوفرت الإرادة لدى الأطراف المعنية.

ومع ذلك فلا أحد يمنع أحدا من إطلاق أي دعوات أو أمنيات في المصالحة أو في أي موضوع آخر، سواء كانت هذه الدعوة واقعية أم حالمة،جدية أم هزلية،بدوافع موضوعية أم بدوافع ذاتية،ذات مصداقية أم معدومة الجدية،فالكل حر فيما يكتب أو يقترح أو يطالب أو لا يطالب.لكن المشكل أن تتحول أي دعوة من هذا القبيل إلى معركة من غير معترك بما يشبه مجموعة من (المتخمرين) في (حضرة عيساوية) في قاعة مظلمة بلا تهوئة يتصايحون ويتناوشون وهم يحسبون أنهم (سيأتون بالأسد من ذيله)، والحقيقة أن (الجنازة حامية والميت كلب)!! (حاشا من يقرأ).. كما يقول المثل التونسي الظريف..

المصالحة.. والخطاب الناعم:

محاولة تصوير أن المصالحة جاهزة.. وكل شيء مرتب ..وعلى أهبة الانطلاق..وأن أعلى هرم السلطة في وضع الاستعداد للمصالحة.. وما ينقص إلا تغيير الخطاب من طرف التيار الإسلامي: أقل ما يقال في هذا أنه تبسيط مخل لتعقيدات أي عملية سياسية في أي بلد في العالم فضلا عن تعقيدات الوضع السياسي والاجتماعي والثقافي في تونس منذ الاستقلال إلى الآن..لن أدخل في تحليل الخطاب السياسي للحركة ومدى اعتداله أو تشدده،ولن أتحدث عن موقع الخطاب- رغم أهميته- كجزء واحد من منظومة العملية السياسية المركبة ،كما أترك جانبا ملف الحركة الإسلامية برمته وأتساءل:لماذا لا تتصالح السلطة مع حركة الديموقراطيين الاشتراكيين وهي التي سعت في تقسيمها وتهميشها؟هل هناك أكثر اعتدالا من هذه الحركة؟لماذا لا ترينا السلطة نموذجا من نماذج المصالحة مع هذه الحركة التي كان يضرب بها المثل في الاعتدال والانتشار في الساحة التونسية؟أين هي الآن وقد قسمت إلى كم فصيل واعتزل السياسة قادتها التاريخيون كالمستيري ومواعدة؟.لماذا لا تتصالح السلطة مع الحزب الديموقراطي فتسمح له بالنشاط الحر،ولجريدته بالصدور بدون متاعب ولفروعه أن تنشط بلا هرسلة وتعيد له مقره ؟لماذا لا تتصالح السلطة مع الرابطة التونسية لحقوق الإنسان وهي المنظمة القانونية التي لا تعتمد في عملها طريقة التصعيد أو المواجهة بل تنتهج –بحكم طبيعة عملها-أسلوب التعاون والتنسيق مع السلطات المختصة ؟لماذا لا تتصالح السلطة مع القضاة ومع المحامين ومع أساتذة الجامعات وغيرهم من قطاعات الشعب التونسي؟هل كل هؤلاء متشددون وخطابهم متشنج؟؟.بل وداخل الساحة الإسلامية لماذا تحاكم السلطة الآن عناصر جماعة التبليغ؟هل هؤلاء خطابهم السياسي متشدد أيضا وهم الذين لا يشتغلون بالسياسة أصلا؟لماذا لا تتصالح السلطة مع السادة الفضلاء عبد الفتاح مورو والفاضل البلدي وبن عيسى الدمني وباقي المجموعة التي ميزت نفسها عن حركة النهضة إبان احتدام المواجهة؟؟هل هؤلاء أيضا خطابهم السياسي متشدد؟؟

إن موقف السلطة العدائي من كل هؤلاء والقطيعة معهم لدليل على أن المشكلة ليست في الخطاب السياسي وليست في الحركة الإسلامية وليست في المعارضة بكل ألوانها، بل المشكلة الأساسية في تصلب السلطة وتشددها في الممارسة رغم خطابها (الناعم)..

إذن هذا هو محك المصداقية والجدية لأي دعوة للمصالحة:إذا بدأت السلطة في التصالح مع كل هؤلاء- لأن ذلك هو الأيسر لها على الأقل ظاهريا مقارنة بالمصالحة مع الحركة الإسلامية باعتبار أن ملف اولائك مع السلطة أقل تعقيدا لأسباب سياسية وفكرية- عندما يحصل ذلك أو شيء منه على الأقل يصير أمامنا وقائع ملموسة ومؤشرات حقيقية على الجدية وعلى بوادر الإرادة السياسية في التصالح. وقتها تصبح الدعوة للحركة الإسلامية أن تعدل من خطابها أومن مواقفها-على افتراض أنها متشددة- إلى مواقف أكثر ليونة ونعومة دعوة لها معنى. بل وعندها يكون من واجب الحركة لا أن تستجيب لدعوات الآخرين بل أن تبادر وتتجاوب من تلقاء نفسها مع المستجدات الإيجابية الجديدة.أما في غياب المستجدات العملية أو المؤشرات الواقعية فلا يمكن اعتبار دعوة التصالح بالشكل الذي تطرح به الآن إلا قفزا على الواقع وتغليبا للأمنيات والأحلام الرومانسية على المعقولية السياسية،وقد تعطي نتائج عكسية إذا فهمتها السلطة على أنها دعوات ضعف واستجداء.

مسألة أخرى وقعت فيها هذه الدعوة الجديدة للمصالحة وهي الانحياز: تطلب من الطرف المعتدل-الحركة الإسلامية بشهادة أصحاب دعوة المصالحة أنفسهم- أن يترك التشدد وتنتقده أو تلمح ببعض الانتقادات(حول بيان 18 أكتوبر)!! وتسكت عن الطرف المتشدد –السلطة- تخاصم الجميع و(تساوي) بينهم في إجراءاتها التعسفية ولا تنتقده ولكنها تؤجل ذلك وتعد بتبليغ ملاحظاتها النقدية للسلطة بكل أدب عند الالتقاء بها فيما لو حصل اللقاء ..(استني يا دجاجة…)!!.طرف ننعته بأنه معتدل وندعوه للقبول بالمصالحة ونوجه دعوات المصالحة من خلال مواقع إلكترونية قريبة منه، ومع ذلك وفي نفس الدعوة ننتقده ونشترط عليه اشتراطات وننعته بأنه الطرف الأضعف!!!.أما الطرف الآخر فنمتدحه ولا نوجه إليه أي انتقادات ونتأدب غاية الأدب عند الحديث عنه ولا نشترط عليه أي اشتراطات ونصفه بأنه الطرف الأقوى!! هل هذا أسلوب من يريد إنجاح دعوة المصالحة ؟ والغريب أنه ليس هناك أي صدى أو وجود لهذه الدعوة في إعلام السلطة؟فما معنى هذا؟هل وُجهت هذه الدعوة للسلطة ولإعلامها لكنها أهملتها أم أنها لم توجه لها أصلا؟؟وفي الحالتين ما مغزى ذلك؟؟؟مجرد أسئلة…

إن المطالبة بإيقاف (اللغة المتشددة) كشرط ضروري وقبلي للوصول للمصالحة ليس أمرا بديهيا في أدبيات السياسة كما يتم تصويره في بعض المقالات.فحتى في النزاعات بين الدول أو بين فصائل من دولة واحدة وقد يكون هذا النزاع مسلحا، تجد هؤلاء الأطراف يتفاوضون ويتقاتلون في نفس الوقت!! ويكون وقف القتال أو وقف العدائيات -كما يسمونه -أحد بنود تلك المفاوضات. ولم يقل أحد أن البداهة تقتضي وقف القتال أو العدائيات أو الحملات الإعلامية قبل الحوار أو المصالحة ومن جانب واحد!!! ونحن في تونس لم نصل إلى حد التقاتل والحمد لله، والأمر بالتالي أيسر من ذلك والمسألة كلها( كلام في كلام).

لذلك أستغرب من أمر هذه الطريقة في التفكير:لا مؤشرات على انفراج ولا مبادرات ولا دلائل على تغير في السياسات ولا اتصال ولا حوار ولا مفاوضات ولا بوادر للتصالح ثم يقولون أوقفوا (اللغة المتشددة) لأننا (نحن) –طرف ثالث-ندعو للمصالحة بدون تكليف من أحد ولا رصيد من الواقع بل مجرد أمنية عامة وحنين رومانسي،ومن لا يستجيب لهذا فهو متشنج و استئصالي وضد الصلح كمبدأ قرآني!!هل هذا كلام معقول؟؟؟.

قائمة المصالحات..(تونس الجميلة) في ذيل القائمة!!:

تونس جميلة ولا شك..بطبيعتها وأرضها وبحرها وموقعها وبمناخها المعتدل..وستكون تونس أجمل لو عاد حكامها إلى رشدهم الأول وبيانهم الأول ولعامهم الأول بعد 7 نوفمبر..عندها ستكون تونس بالفعل أجمل وسيعود إليها اعتدالها الإنساني إلى جانب اعتدالها المناخي..وما يحدث الآن في تونس هو تراجع مريع عن تونس التي نعرف وعن تونس التي نحب بل وعن موقع تونس الريادي تاريخيا في مجال الإصلاح والتجديد والتصالح..فجارتنا الجزائر رغم عشرات الآلاف من القتلى ورغم التقاتل ورغم السلاح إلا أنها خطت خطوات نحو المصالحة والوئام رغم وجود العثرات والثغرات. فالجزائر قبل المصالحة وبعدها وحتى إبان الحرب الأهلية تشهد انتخابات رئاسية تعددية عالية المصداقية، وأحزاب حقيقية حاضرة في الساحة،وتكتلات برلمانية غير مصطنعة تمثل مختلف توجهات المجتمع.وفي الجزائر صحافة حرة نشيطة ساخنة وشعبية،وفي الجزائر أحزاب إسلامية قانونية وبرلمانية في الحكومة وفي المعارضة.وفي الجارة الأبعد المغرب تمت في عهد الملك الحالي المصالحة مع الشعب بمبادرة ملكية: فاعترف بانتهاكات حقوق الإنسان وكشف الحقائق للرأي العام وقدم التعويضات للمتضررين منذ الاستقلال مع أن كل ذلك قد يحسب ضد والده الراحل لكن(من خلف فما مات)، وأحسن ما يترك المرء بعده(ولد صالح يدعو له).وما حصل في المغرب مفخرة للعرب وشجاعة تحسب للملك الشاب.وفي المغرب أيضا مصالحة مع شطر كبير من التيار الإسلامي الذي يحتضنه حزب العدالة والتنمية متمثلة في مجموعة من منسوبي تنظيم (الشبيبة الإسلامية) التي اتُهمت بأحداث عنف في السبعينات. وهؤلاء هم الآن برلمانيون و قياديون في حزب العدالة المرشح لدى بعض التحليلات لرئاسة الحكومة بعد الانتخابات القادمة.والمأمول أن تعدل حركة العدل والإحسان من بعض مواقفها وتنضم للمنتظم السياسي والقانوني.أما عن الجارة الأخرى في أقصى الغرب موريتانيا فحدث ولا حرج: فقد تفوق هذا البلد الصحراوي، الصغير في عدد سكانه الكبير بأصالته وعزيمته وثقافته الدينية والأدبية، تفوق هذا المجتمع التقليدي وتجاوزأدعياء الحداثة المغشوشة من حكام العرب فسطر نموذجا ديموقراطيا تصالحيا لا يقصي أحدا: لا الإسلاميين ولا أتباع الحزب الحاكم السابق ولا بعض الانقلابين العسكريين الذين -للمفارقة- أسسوا حزبا ورشحوا قائدهم للانتخابات الرئاسية.وما يلاحظ أن هذه التجربة الفتية جاءت نتيجة انقلاب عسكري تخلى أصحابه عن السلطة طوع إرادتهم بعد أن قادوا مصالحة وطنية وأرسوا قواعد متينة لتحول ديموقراطي واعد.وفي جارتنا الجنوبية ليبيا مصالحات ومراجعات لا بأس بها نتمنى لها الديمومة والنجاح:مصالحة مع الواقعية السياسية،ومصالحة مع الرأسمال الوطني،ومصالحة مع الجوار الإفريقي،والأعجب من ذلك مصالحة مع التيار الإسلامي الإخواني المعتدل بعد أن كان رموزه في السجون وحكم على بعضهم بالاعدام وهاهم اليوم أحرار وقد تم تعويضهم عن الأضرار التي لحقتهم وإعادتهم لمواقع عملهم في الجامعات وغيرها، ولهم الآن بعض الأنشطة وحضورعلني نسبي.وفي اليمن وقعت حرب أهلية وقصف بالطائرات والصواريخ بين الشمال والجنوب، ثم تمت المصالحة وهاهو الحزب الاشتراكي الجنوبي -المتهم بتسببه في تلك الحرب- حزب معترف به ويعمل داخل منظومة الأحزاب المعارضة التي من ضمنها التجمع اليمني للإصلاح الحزب الإسلامي المعروف والممثلين جميعهم في البرلمان.وفي لبنان حرب أهلية مدمرة دامت 15 سنة بين فرقاء تقسمهم السياسة والطائفة والدين، لكنهم في الأخير تصالحوا وأعادوا الإشعاع الديموقراطي والثقافي للبنان وأسسوا لمقاومة بطولية أمام العدو الإسرائيلي.ورغم المخاطر الحالية فإن روح القبول بالآخر المتأصلة في الثقافة اللبنانية وتجارب العيش المشترك ستدفعهم على الأغلب للمحافظة على مصالحتهم التاريخية.وفي فلسطين وبعد عام من التنازع بين الفصائل وصل حد التقاتل الداخلي بينما العدو يتفرج وهو يضحك،تم التوصل لمصالحة بفضل مرونة حماس وبفضل قبول فتح-الحزب الحاكم السابق- بالواقع الجديد لما بعد الانتخابات.هذه أمثلة وغيرها كثير:فأين تونس الجميلة من هذا ؟؟.أرأيتم كم نحن متخلفون عربيا على مستوى التصالح والإصلاح؟؟والمؤسف أنه لا يزال كثير من التونسيين يحملون فكرة استعلائية مغلوطة مفادها أن تونس في رأس قائمة الدول العربية!!إن الريادة ليست لافتات توضع أو شعارات ترفع بل هي جهود وأعمال تقدم ونماذج تطرح وتضحيات تبذل..و مع ذلك فتونس لم يحدث فيها قتال ولا حرب أهلية، وتونس ليس فيها أديان مختلفة ولا طوائف متناحرة ولا مذاهب متشاكسة: فالتدارك إذن ممكن والتصالح فيها أيسر لو توفرت الإرادة الصادقة.

(المصالحة الآن الآن) ..هل هي حقا دعوة متفائلة؟؟:

التفاؤل مسألة نفسية معنوية لا غنى للإنسان عنها..وهي سمة أساسية من سمات شخصية المؤمن المتوازن..مصدر التفاؤل لديه إيمانه بالله والسعي لمرضاة ربه وعمله للآخرة..فالتفاؤل سمة ثابتة في الشخصية ومصادرها مستمدة من ثوابت العقيدة وليس من متغيرات الواقع..والتفاؤل هو تلك الروح الإيجابية التي يحملها المؤمن ويعيش بها الواقع: بحلوه قبولا وتطويرا وذلك هو الشكر، وبمره مواجهة دون هلع أو جزع وتغييرا وإصلاحا وذلك هو الصبر..فالتفاؤل روح معنوية ضرورية وليست أدوات تحليلية أو إجراءات عملية..وبالتالي فإن التفاؤل لا يعني التعامي عن سلبيات الواقع أو تزيينه أو تزييفه.إن تحليل الواقع عملية عقلانية بالأساس وأي إدخال للأبعاد النفسية العاطفية –على أهميتها- خاصة عند التحليل والتخطيط عملية بالغة الضرر.لكن بعد التحليل والتخطيط يتدخل التفاؤل فيساعد على الدفع نحو الفعل الإصلاحي والمثابرة عليه وعلى الصمود أمام العقبات والعراقيل وعلى تحمل المصاعب وعلى عدم استعجال النتائج قبل أوانها.

ويقوي التفاؤل في النفس الإنسانية -بالإضافة للمعاني الإيمانية- حزمة من المفاهيم الإسلامية المهمة: مثل مفهوم تأسس الاجتماع البشري على مبدأ التدافع،ومفهوم أن الأيام تداول بين الناس،ومفهوم أن التغيير سمة الحياة إذا تم الأخذ بشروطه،ومفهوم مأجورية العامل نجح أو لم ينجح إذا ما بذل أقصى الوسع في الاجتهاد،ومفهوم أن العبرة ليست بالكثرة أو العدد بل بالوعي والفاعلية،ومفهوم التعامل مع الواقع بالبصيرة والحكمة والعلم وليس بالظن أو الهوى أو التخرص أو الأماني …وغيرها من المفاهيم الموجهة والمؤطرة للنفسية المتفائلة.

إن التفاؤل لا تناقض بينه وبين الربط العقلاني للأشياء بأسبابها،ولا تناقض بين التفاؤل وبين توقع أشياء عند وجود مؤشراتها وعدم توقعها وبالتالي عدم استعجالها أواللهاث ورائها إذا غابت شروطها.ولا تناقض بين التفاؤل والتمسك بالحقوق والدفاع عنها وتقديم التضحيات من أجلها.ولا تناقض بين التفاؤل والتمسك بالمبادئ والصبر على النضال من أجلها مهما ظهر في الواقع من مثبطات.بل من يفعل ذلك هو المتفائل حقا.وحتى لا يقال هذا تنظير وتفلسف سأعطي مثالا واقعيا ملموسا وجديدا ومبهرا وله علاقة مباشرة بموضوع المصالحة ويجسد ما أقوله تجسيدا حيا:وهو ما قاله الأخ السجين كريم الهاروني-فرج الله كربه-حين بلغه مطالبة بعض الصحافيين المقربين من السلطة بإطلاق سراحه من باب الإنسانية حسب ما نقله والده ونشرته جمعية مساندة المساجين السياسيين في بيان لها أنسخه بالحرف، قال الهاروني: (مش مشكل متاع إنسانية و لا عطف من أحد .احنا مساجين سياسيين في قضية سياسية وانت تعرف الحقيقة ،و نحن نعرفو الحقيقة). إنه يضع شعارا ذهبيا:المصالحة على قاعدة الإصلاح . ومن يقول ذلك ؟:رجل سجين !!! رجل محكوم بالمؤبد، وقضى إلى حد الآن أكثر من 16 سنة في السجن،أغلبه سجن انفرادي،مع التنكيل والتجويع والتمريض والقتل البطيء،مع الحرمان من وسائل الثقافة والعلم والإعلام وهو المهندس الأول ورئيس منظمة طلابية كانت تعد عشرات الآلاف من الطلاب،وقد بلغ الآن أواخر العقد الرابع من العمر ولم يتزوج بعد وكان خاطبا عند دخول السجن، وحاليا ليس هناك بوادر لانفراج سياسي أو وعد بإطلاق سراح وهو(لا يأتي إلا بغتة) كما هو معلوم عند المساجين،ومع كل ذلك لا يتعجل الهاروني الخروج من السجن بأي ثمن، ولا يطلب العفو ولو فعله لخرج لتوه-ولو فعله لربما قد نجد له عذرا-،ولا يكتفي بالامتناع عن ذلك بل يترك كل ذلك جانبا ويركز على بيان أن قضيته وقضية المساجين وقضية الحركة الإسلامية وقضية البلاد هي قضية سياسية مصيرية وليست قضية إنسانية.ليست قضية سجين يطلق أو مهاجر يعود -على أهمية ذلك- فكل ذلك حدث ويحدث وسيحدث، لكن لب الموضوع هو القضية السياسية التي لم تحل إلى الآن. الله…الله..الله.اللـآآآآآآآـه…ما هذا يا كريم ياهاروني!!!.من أين تأتي بهذه الروح المعنوية الرائعة المبهرة العالية المتعالية الصامدة الإيجابية المتفائلة المطمئنة المخلصة للبلاد وللمبادئ وللحقوق ولقضايا الشعب وحرياته والمتمسكة بالحركة الإسلامية ومبادئها ومجاهداتها ونضالاتها وتاريخها ومستقبلها؟؟؟.وكيف حافظت يا هاروني على هذه الروح المعنوية وعلى البوصلة الفكرية والسياسية رغم ما تعانيه في السجن مما هو معلوم لدى الجميع ، في حين فقد العديد -ممن يفترض فيه أنه حر وليس سجينا- أقدارا من هذه الروح ومن هذه البوصلة:فتشوشت أذهان وتذبذبت أفكار وانقلبت موازين واختلت أولويات وضمرت مرجعيات.. لقد أخجلتنا من أنفسنا ياهاروني..هل أنت السجين أم نحن؟؟من السجين الحقيقي:من سُجن جسده لكن روحه وعقله وفكره وآماله طليقة محلقة تستعصي على الإذلال والإخضاع ، روح وعقل وفكر وآمال طليقة محلقة تغادر أقبية السجون لتعانق رحابة المستقبل المشرق وتلتحم بنبض حركة الأمة من طنجة إلى جاكرتا،أمة سائرة نحو النهوض بخطى ثابتة ؟هل أنت السجين يا هاروني أم السجين من سجنته دنيا يصيبها أو امرأة ينكحها أو خوف يكبله أو مصالح يتعجلها أو وجاهة يتملقها ؟؟؟ 

ومن المتفائل؟أنت يا هاروني بهذه الروح الصامدة وبهذا الوعي المواكب لحركة التغيرات رغم التغييب والدفن في غياهب السجن أم من يدعو بدعوات تكتفي بظاهر من الواقع السياسي ولا تقرأ اتجاهات حركة الأحداث المحيطة بنا؟؟.وما هي الجهة الأقوى:هل هو السجين الهاروني و الأرضية التي يقف عليها وينطلق منها وينتمي إليها روحا وفكرا وحركة، أم السجان الذي فشل رغم سلطته وسطوته في انتزاع طلب للعفو من سجناء ليس لهم سلاح سوى إيمانهم وإرادتهم وتفاؤلهم ومبدئيتهم ووعيهم فساهموا بصمودهم البطولي في هزم سياسات الاستئصال والتجفيف؟؟؟. إذن وبهذا الفهم من الأقوى: السجين أم السجان؟الجلاد أم الضحية؟؟؟.

المصالحة.. هل تحتاج إلى وسيط؟؟؟:

تعلمنا التجارب أن المصالحات تحتاج في بعض الأحيان إلى وسيط..وفي البعض الآخر لا تحتاجه.أهم ما تحتاجه المصالحة: الإرادة السياسية . وهذه الإرادة عند الكيانات السياسية ليست وليدة الضغط على (زر) محدد (كن فتكون)، بل هي نتيجة لتفاعل مضن وطويل لعدة عوامل سياسية وثقافية واجتماعية ونفسية.ويبدو أن الحركة الإسلامية قد قطعت أشواطا مهمة في هذا الاتجاه لكن كل المؤشرات تدل على أن السلطة لا زالت بعيدة كل البعد عن اكتساب هذه التفاعلية الدافعة نحو اكتساب ثقافة وإرادة التصالح.وعندما تجهز السلطة وتحزم أمرها فلن تحتاج في الغالب إلى وسطاء باعتبار أنها ليست (خجولة) أو(جاهلة) بالأشخاص المعنيين من الطرف الآخر أو بكيفية الوصول إليهم.وحتى لو توفرت بوادر حوار وكان لا بد من وسيط ففي مثل هذه الحالات عادة ما يقع توسيط شخصيات محايدة وتتمتع بمقبولية لدى الطرفين المتحاورين، ولديها الاستعداد لمثل هذا العمل، وهذا ما أراه نادرا جدا في الساحة التونسية في حدود ما أعلم.فسنوات الجمر في تونس فرزت الناس إلى ثلاثة أصناف:إما تابع للسلطة لا رأي له،وإما معاد لها مناضل ضدها،وإما منسحب من السياسة عازف عنها.وإن وجد هذا الوسيط فالمطلوب أن يكون وسيطا مساعدا ومسهلا لعملية الحوار والتفاوض لا أستاذا ولا مستعرضا لقناعاته، وإلا صار هو بنفسه طرفا يحتاج بذاته إلى وسيط!!.و الوساطات الجادة والناجحة غالبا ما تكون بعيدة عن أضواء الإعلام وضوضاء المجادلات البيزنطية تطبخ على نار هادئة بصبر ومكابدة ونكران ذات إذ المقام مقام المصلحة العامة.وعلى كل فإن آخر اتصال تم بين السلطة وبين الحركة الإسلامية قبل سنتين أو ثلاثة تقريبا تم بمبادرة من السلطة وباتصال مباشر وبدون وساطات.وهذا دليل آخرعلى أن الكرة في ملعب السلطة وأن الأمر ممكن لو توفرت لديها الإرادة.

(المصدر: موقع “الحوار.نت” (ألمانيا) بتاريخ 21 أفريل 2007)


أسئلة للدكتور النجار” والأخ خالد

د. محمد الهاشمي الحامدي

السلام عليكما ورحمة الله وبركاته

* * *

عزيزي الدكتور عبد المجيد النجار

قلت رضي الله عنك وعني وعن القراء الكرام في مقالتك المنشورة يوم 22 ـ 4 ـ 2007 ما نصه: ” إنّ الحوار الذي ننادي به، ونحذّر من مغبّة التمادي في تجاهله والاستهتار به، كما ننادي بأن يكون سالكا المسلك المنهجي الصحيح يبدأ فيما نرى بأن يشترك فيه جميع المكوّنات السياسية والفكرية في البلاد، بعيدا عن أيّ نوع من أنواع الإقصاء، فكلّ التونسيين شركاء في الوطن، يتساوون في الواجبات والحقوق… فإذا ما استوى الأمر على هذا النحو من القبول المتبادل لأطراف الحوار ابتدأ حلقاته الأولى بالنظر في الواقع من أجل تقييمه، التزاما بالموضوعية في أقصى درجاتها الممكنة، فيسطّر ما هو أبيض بخطوط بيضاء، وما هو أسود بخطوط سوداء… وحينما تتبيّن مناطق السواد في صفحات الواقع لدى الجميع ينتقل الحوار إلى المداولة في طرق العلاج، وهو الأمر الذي ينبغي أن يبدأ الحوار فيه بالأسس الكبرى الموجّهة للحلول العملية الجزئية، وذلك من مثل تحديد صاحب الأمر في اختيار المستقبل من هو، أهو الشعب وليّا على نفسه؟ أم هي فئة منه تتولى الولاية عليه؟ وتحديد آفاق الحرّية التي يعشقها الجميع..”.

ثم قلت حفظك الله أنه “إذا لم يتمّ هذا الحوار، واستمرّ الأمر على ما هو عليه من الانغلاق فما هو البديل؟ الجواب فيما نرى واضح وضوح الشمس، يكشف عنه منطق المجتمع وسننه الماضية، وهو منطق لا يتخلّف، وسنن لا تأبه بالمستهترين والمتغافلين، كما تكشف عنه إرهاصات واقعية تنبّه المستهترين والمتغافلين بين الحين والآخر كأنما تقطع عنهم الأعذار وتحذرهم إن لم يقيموا لها وزنا من سوء المصير، ومن بين الإرهاصات وأقربها زمنا تلك الشرارات التي اشتعلت منذ أشهر في حواشي العاصمة، وشرارات أخرى أشدّ اشتعلت منذ أيام قريبا من الحواشي الغربية لبلادنا وقد زُعم أنّ علاقة ما تربط بين هذه وتلك، وهي شرارات تطايرت من عمليات انتحارية مجنونة، ما إن تنشب حتى تلتهب وتدخل البلاد والعباد في أتون من الفتنة لا يبقي ولا يذر، وإذا كنا ندعو الله أن يجنّب بلادنا هذا النوع من الجنون، فإننا لا سيرورة الأمور قد لا يبعد أن تنتهي إليها، وحادثة جربة منذ سنوات قريبة من مؤشّرات ذلك، خاصّة وأن هذه الأنواع من الجنون لا ينفع في ردّها قبضة أمنية، ولا شطارة سياسية، ولا حسن نيّة..”.

سؤالي الأول لك هو: ماذا لو قال لك قائل، إن الحوار الذي تطلبه بعيد المنال، ميزان القوى لا يتطلبه أو يفرضه، والسلطة في وضع مريح وليس هناك ما يجبرها عليه، علما بأنها ترى في ملف الحركات الإسلامية ملفا يحكمه القانون الذي يمنع تشكيل أحزاب دينية. فهل ترى أن على الإسلاميين التونسيين عامة الإنتظار إلى أن يتحقق هذا الحلم المثالي، أم لديك خيار بديل تقترحه؟

وماذا لو قال لك قائل إن خيار “العنف والإنتحار” الذي أشرت إليه خيار معزول تماما في تونس، ومحاصر، ولا فرصة له، بأدلة كثيرة واقعية وملموسة. وأنه إن حصلت بعض الأحداث المعزولة هنا أو هناك فإن نتيجتها المباشرة ستكون تقرية الأطروحات الإقصائية الإستئصالية التي تطالب بالمزيد من الضغط على الإسلاميين بمدارسهم المختلفة.

في هذه الحالة، أليس الأفضل، البدء فورا بالنظر في خيار تسوية مع السلطة، دون المثال الذي تطمح إليه، ولكن بحد أدنى يؤذن ببدء فك الإشتباك المؤلم بين الطرفين وتطويق آثاره على التدين والمجتمع، بالتفاصيل التي شرحتها في مقالتي “أرضية الصلح والوفاق وخطة فك الإشتباك قبل السابع من نوفمبر”؟

* * *

سؤال للأخ خالد

* * *

أشرت حفظك الله في مقالتك المنشورة يوم 22ـ 4 ـ 2007 إلى حركة الديمقراطيين الإشتراكيين والحزب الديمقراطي والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان ولعدة منظمات مهنية ولجماعة التبليغ والشيخ عبد الفتاح مورو وبنعيسى الدمني، ثم قلت ” إذا بدأت السلطة في التصالح مع كل هؤلاء- لأن ذلك هو الأيسر لها على الأقل ظاهريا مقارنة بالمصالحة مع الحركة الإسلامية باعتبار أن ملف اولائك مع السلطة أقل تعقيدا لأسباب سياسية وفكرية- عندما يحصل ذلك أو شيء منه على الأقل يصير أمامنا وقائع ملموسة ومؤشرات حقيقية على الجدية وعلى بوادر الإرادة السياسية في التصالح. وقتها تصبح الدعوة للحركة الإسلامية أن تعدل من خطابها أومن مواقفها-على افتراض أنها متشددة- إلى مواقف أكثر ليونة ونعومة دعوة لها معنى..”.

ماذا لو رد واحد من أنصار السلطة بأن كثيرا من الأحزاب التي ذكرتها لها رخصة قانونية ومقرات رسمية، وأن الشيخ مورو لم يطلب تشكيل حزب سياسي، وإن حركة النهضة ملف تم التعامل معه في ضوء القانون الذي يمنع تكوين أحزاب على أسس دينية ويمنع الإنضمام لجمعيات غير مرخص فيها؟

ثم قلت حفظك الله أنه “عندما تجهز السلطة وتحزم أمرها فلن تحتاج في الغالب إلى وسطاء باعتبار أنها ليست (خجولة) أو(جاهلة) بالأشخاص المعنيين من الطرف الآخر أو بكيفية الوصول إليهم“.

سؤالي لك بارك الله فيك: ماذا يفعل الإسلاميون خاصة، والتونسيون عامة، إذا لم تتصل السلطة بحركة النهضة؟ وماذا يفعلون إذا لم تتحقق المطالب التي قدمتها في مقالتك؟

هل الأفضل هو البقاء على ما هو عليه الحال الآن، والتصدي لكل من يدعو للصلح لأنه لا يستجيب للمواصفات التي قدمتها للوساطة، وانتظار ما تكشفه الايام في المستقبل وما تحمله من غيب لا يعلمه إلا الله تعالى؟

أم الأفضل أن يطرق الإسلاميون بأنفسهم أبواب الصلح والوفاق، في السر والعلن، ويقدموا بعض التنازلات، ولا يتوقف مسعاهم إلا بإقناع الطرف الآخر، التونسي أولا وأخيرا، بأن الصلح ممكن، والوفاق أفضل، لكل الأطراف وللحالة الدينية والوحدة الوطنية في البلاد؟

مع خالص الدعاء لكما ولكاتب هذه السطور وقراء المقالة بالتوفيق، والسلام عليكما ورحمة الله وبركاته.


 

فكرة المصالحة بين عناصر الإنارة والأسماء المستعارة

بوعبدالله بوعبدالله

 

طرح الأخ الحامدي موضوع المصالحة فتتالت بعض ردود الفعل منها مع ومنها ضد , من خلال عناصر واضحة في هويتها وطرحها. واردت ان ابدي بعض الملاحظات حول هذه المسالة لكن بداية، أنا أحترم كل الذين يكتبون بهويات واضحة ولا يختفون وراء اسماء مستعارة سواء كانت مع او ضد ما طرح الحامدي. لكن ما جلب انتباهي هو ان اصحاب الهويات المختفية او المستعارة وان اختلفوا في التوجهات اتفقوا في السب والشتم والأسلوب غير النبيل والمحترم مما يؤكد لي شخصيا ان من يختفي وراء هذه الأسماء ذكورا كانوا او ايناثا يجمعهم الخوف والطعن في النوايا, وليس من الضرورة ان نصدق انهم من اتباع النهضة او السلطة  لأني استبعد ان يصل التدني – سب وشتم –  الى هذا المستوى . ولا نصدق ان هذه الأسماء التي يختفون وراءها هي بالفعل تعكس الإسم على المسمى.

 

الإستعارة في نظري لها اسباب منها:

 

1- الإنفصام وضعف الشخصية فهذا الشخص في العلن وفي حضور الأخرين يعجز عن التعبير عن الراي الذي يتبناه,  فتراه يساير ما هو منتشر او عليه الجماعة وهو يبطن عكس ذلك خيفة  .  ثم يعبرعنه تحت اسم مستعار حتى يتجنب المواجهة  او الطرد او الطعن او لإثارة الفتن

2- هو يظهر ما لايبطن لذا يستعمل واجهتين لأننه لا  يمكن ان يخفي هويته بحضور الأشهاد الذين يعرفونهز ونفس الوقت لا يقدر على مواجهتهم الا خفية .

3- الخوف ممن يحيطون به –ان كان من الجماعة- يعبر عنه بانه خوف من السلطة وكانه اخطر من يوجد على الأرض او انه يقول كلاما اكثر مما يقوله من هو بالداخل ,اي يريد ان يبرز نفسه بانه عنصر خطير تتبعه السلطة اينما كان, اي يريد ان يجعل من خوفه بطولة

4- يكره اسمه الذي اطلقه عليه ولديه لمعرة او غيرها.

لكن هذا كله  لا مبرر له لدى من يتعامل بصدق مع الأخرين ويريد ان يشارك ويفيد لا ان يزايد ويهدم  خصوصا ان كان يقيم خارج البلاد . حيث تتوفر اسباب العلاج من مصحات وامن .

ثم ماذا يقول اصحاب الأسماء المستعارة؟؟ هم لا يقولون ولا يطرحون  شيئا اطلاقا وخلاصة حديثهم ثلب وشتم  متبادل وطعن في النوايا.

 

وقبل الولوج في موضوع المصالحة الذي يطرحها الأخ الحامدي  وجب ايضا ان نحدد وضعية بعض الأطراف التي نظن انها معنية بالمسالة اي السلطة والنهضة والإسلاميين عموما.

 

وضع النهضة عموما لم يعد كما كان ويستحيل ان يعود كما كان من ناحية التاثير في مكونات المجتمع ومن ناحية الأنصار والأتباع.  اما من ينظر او يتصور – سواء كان من السلطة او النهضة – ان النهضة سنة 2007 هي نفسها نهضة الثمانينات من ناحية الشعبية والأنصار والفكر  فهذا في سبات وحلم ان لم نقل غفلة . لم تعد كما كانت لأن عناصرها او افرادها يعيشون اليوم نوعا من التباين في التوجهات والسياسات الذي يستحيل معه اللقاء في جماعة واحدة. ونظرة سريعة على مواقف بعض مؤسسيها ورموزها وقياداتها / الأخ رئيس الحركة  والأخ فاضل البلدي  والأخ عبدالفتاح مورو والأخ حمادي الجبالي والأخ منصف بن سالم  والأخ الهادي بريك  والأخ علي لعريض  والأخ عبدالله الزواري .  وهذا الإختلاف يتجلى بوضوح في الصف او اي اتباع هذه الجماعة . فمنحة السجن والغربة مكنتهم من يتعارفوا جيدا على بعضهم بعضا الأمر الذي استحال في اطار التنظيم بسبب الملاحقات الأمنية والسرية التي كانت من اهم اسباب ما حصل . ومن المؤكد لو ان السلطة سمحت لهم منذ زمان باللقاء والعمل في اطار القانون لتحقق منذ الثمانينات ما تحقق اليوم من تنوع ومراجعات وشطب لبعض المواقف والتصرفات والسياسات والغائها بالكلية من قاموس الجماعة ,  ولاختار كل واحد من ابنائها التوجه الذي يجد فيه نفسه بدل ان يتكتلوا جميعا في قالب واحد يضم المتناقضات في التوجهات والسياسات  او المواقف الشرعية بالتحديد الأمر الذي جلب المصيبة. قد تجمعنا فكرة شرعية واحدة لكننا نختلف في كيفية انجازها فنصل الى حد التناقض والتباين  فيما بيننا . فيستحيل عقلا  –  من وجهة نظري – ان يكون في جماعة واحدة من يكفر السلطة ويرفض الترحم على بورقيبة مع من لا يكفرها ولا يعتبر بورقيبة كافرا بل يراه مصلحا. ومنهم من يرفض مجرد طلب الحكم ومنهم من يصر على الوصول اليه. و منهم من يريد طي صفحة الماضي والحديث مع السلطة ومنهم من يرفض ذلك و يطالب بالقصاص والإنتصار لدم الشهداء ويرى ان هذه السلطة لا خير فيها وجب مقاومتها. ومنهم من يرى ان الحركة كانت على حق في مسارها وسياستها مع السلطة ومنهم من يرى ان الحركة او بالتحديد قيادتها اخطأت عندما دخلت في مواجهة.ومنهم من يرى لا سمع ولا طاعة الا فيما تشاورنا فيه ومنهم من يرى السمع والطاعة في كل الحالات ومنهم ومنهم ….. لكن ورغم كل هذا الكيان كاسم ” النهضة ” لايزال قائما. واني ارى ان كتب لها النجاح كتيار-  لا كإسم-  فسينجح الطرف الذي هو اقرب للتصور الذي تضعه السلطةلهذه الجماعة وكيف يجب ان تكون.

 

اما وضع الإسلاميين عموما فهو ايضا شهد تنوعا فكريا غذته مدارس خارجية اي ليست تونسية  وان كانت ميزة هذه الظاهرة انها شبابية –  وهذا ما تفتقده السلطة والنهضة معا – متنوعة في مكوناتها. رغم صغر سنها اي سن الشباب فهم يمثلون المستقبل  ونحن الماضي وهذا ما قد يعقد امور التلاقي  بيننا –  اي عامل العمر –  واكاد اجزم انه لا احد من هذا الجيل الجديد قد يستهويه الإنتماء للنهضة ولا للسلطة لذا هو يبحث عن بديل بعيد عنهما وان كان من خارج الوطن .  فاليوم لم يعد لبعد المسافات معنى ولم يعد مستحيلا.  فمن اليسر ان يلتقي الإسلامي التونسي الذي اغلقت في وجهه الأبواب مع الجزائري او المغربي او الموريطاني او الليبي خصوصا وان الساحة اصبحت تشهد تكتلات او تجمعات ذات صفة مغاربية تجمع عناصر من اقطار متنوعت. في حين هذا الأمر كان من المستحيلات في عهدنا فنحن ابناء قابس مثلا لم تتح لنا ولا فرصة كي نلتقي باخواننا ابناء جندوبة او الكاف الا في السجن او اوروبا حيث تم التعارف . وهذا الجيل الجديد تيسرت لديه وسائل الإتصال لذا هو يحمل كل اطياف التوجهات الإسلامية, يختلفون في التفكير واسلوب التعامل مع السلطة , لكن جميعهم متفق ان الأفاق مسدودة في البلاد وان السلطة اغلقت كل الأبواب في وجوههم فلجاو لما وراء الحدود وهنا في نظري الخطر. فنتج التنوع في المذاهب شيعة وسنة و التنوع في التوجهات بين ابناء المذهب الواحد  سلفي , جهادي,  صوفي ,  جماعة التبليغ , جماعة حزب التحرير…. صدري ايراني حزب الله … , ازدهرت الساحة الإسلامية ونمت بهم ونمى معها الإختلاف, لكن لنحذر فهم ينمون في سرية.

 

وضع السلطة: في تعاملها مع الإسلاميين الى الآن لم يظهر اي بديل عن القبضة الحديدية بالرغم انها بالأمس كانت في اختلاف مع طرف اسلامي واحد او اثنين ابرزها و النهضة فهي اليوم مع اطراف قد تختلف كثيرا عن توجهات النهضة وادبياتها.لكن جميعهم وجدوا انفسهم  مضطرين  للعمل السري كما اضطرت النهضة قبلهم . والسلطة تتحمل جزءا هاما  من  المسؤولية بدفعها الإسلاميين للسرية وما جلبته السرية وستجلبه من مخاطر . وقد عاشت تونس مصائب العمل السري فلنحذر من اعادة نفس الأسلوب في التعامل . فانا ارى ان تتيح لهم  العمل جهارا نهارا حتى تكسب الأمن لها وللشعب مع امكانية صدهم عن الوصول للسلطة باي اسلوب آخر غير السرية اي تحقق السلطة بقاءها في السلطة باسلوب آخر غير الدفع للسرية.

البعض من أطراف السلطة يفكر بعقلية ان الإسلاميين كلهم صنف واحد وجميعهم شر على البلاد وجب محاربتهم .

 

وطرف آخر يرى ان اي كبت يولد الإنفجار وان تعاملهم مع النهضة كانت فيه شدة وقساوة آن الأوان كي  تزول تماما بدل ان تزول تدريجيا.  فلم يعد هنا اي مبرر لها خصوصا بعد المراجعات التي قام بها عدد كبير من ابناء الجماعة لهم تاثير في الساحة سواء منهم  من هو خارج الجماعة الآن باي شكل من الأشكال او داخلها ينتظر ان يفرج الله عليه. اقول هذه المراجعات كانت في شكل افراد – يسعون للتقارب والتلاقي مع السلطة –  ولا يمكن ان تكون في شكل جماعي  وعلني الا اذا اتاحت السلطة لهم هذا لأن هذه المراجعات انتجت  تغيرات وقناعات جديدة في العمل  منهجا واسلوبا وهيكلة حتى تزيح مخاوف السلطة  وتقرب الإسلاميين من الشق الهام في السلطة , هذا الشق الذي تعامل مع ملف النهضة في بعض جوانبه من دون اي “بهرج” فتم اطلاق سراح عدد من المساجين وتم السماح لعدد من النساء الحصول على جوازات سفر للإلتحاق بازواجهن  , ثم بعد ذلك سمح لعدد من المحاكمين بالحصول على جوازات سفرهم   وفتح باب التسوية الفردية لبعض الملفات, ثم جاءت فرصة للحوار المباشر . استبشر معظم الإسلاميين بهذه الأعمال لكن بقيت قلة قليلة منهم ليس لها اي وزن او تاثير يذكر  تنظر الى السلطة  انها كلها شر وهذه القلة لا وزن لها  فبمجرد رفع الستار ستجد نفسها بين امرين لا ثالث لهما  اما اتباع الأغلبية او الإندثار.

 

ثم ان السلطة تدرك مع غيرها من مكونات المجتمع  مدى حجم التغيرات التي حصلت في المجتمع – بالرغم من ان النهضة لا ناقة لها ولا جمل فيما حصل –  فبالأمس مظاهر التدين كانت بارزة عند قلة من المتدينين تحديدا و  اليوم هي بارزت في كل مكونات المجتمع. ثم العمل على صرف الناس عن الدين انتج تمسكا بالدين . ثم ان تفكير المجتمع التونسي قد تطور واتسع وتنوع بحكم الإحتكاك الشديد بين عناصره وتداخلها في بعض قطريا او مع من هو خارج القطر .   فان كان في عهدنا يمكن الحديث عن هذا قابسي وهذا سوسي فاليوم مدينة قابس قرابة نصف سكانها ان لم يكن اكثر من سيدي بوزيد وقبلي وقفصة ومناطق اخرى  ونفس الحال ينطبق على سوسة وعلى جميع الولايات حيث تداخلت وتشابكت مما افرز هذا التنوع في التفكير . فان كان في زمن الإتجاه الإسلامي يوجد قطب جامعي واحد او قطبين فاليوم يكاد نجد في كل ولاية قطبا جامعيا. وان كانت علوم الدين تاخذ من شخص او شخصين فاليوم في كل بيت مدارس وشيوخ ….اما خارج القطر فانظر الى عدد الإخوة العرب في تونس الذي هو في ازدياد وانظر الى عدد التوانسة خارج بلدهم فهو في ازدياد فهذه الحالات هي فرص للتلاقح ما توفرت للسابقين .

 

بقي سؤالي للأخ الحامدي من بيده هذا الأمر؟؟

 

الأخ الحامدي يتحدث عن دعوة للمصالحة ونحن نحتاج الى مبادرة تحدد ماهو المطلوب من الأطراف المعنية.  فالأخ الحامدي يتحدث عن دعوة  للمصالحة ولا يتحدث عن مبادرة . لذا اساله هل يملك الأخ مبادرة كاملة, فالأغلبية الساحقة من الإسلاميين  تريد طي صفحة الماضي تماما. وعلى الأخ الحامدي ان يبين لنا من هي الأطراف المعنية بهذه المصالحة السلطة ام النهضة؟ ام السلطة والنهضة معا ام اطراف اخرى ؟

وما هو المطلوب من هذه العناصر او الأطراف المعنية ؟ اي ماهي الخطوات التي يجب عليهما او على احدهم ان يخطوها.

 

اذا حددت لنا هذه المسائل  يمكن ان نقول ان هناك مبادرة.

 

والله الموفق لما فيه الخير

 


 

إلى أخي و حبيبي الهاشمي:

كلام جميل, كلام معقول…لكن…

 

أخي الحبيب‘ أنت لا تعرفني حتما. فأنا باختصار رقم من سلسلة طويلة من الارقام  التي اكتوت بنار الجنرال            (صاحب النفس الطيبة الذي يحب الكلمة الطيبة ويقدرها). فقد كنت طالبا بالجامعة التونسية عندما ارتكبت حماقة كلفتني غاليا. حماقتي كانت أني صدقت أنه” لا ظلم بعد اليوم ” فرحت أمارس الكلمة الطيبة مع البر و الفاجر. وقد كنت مطمئنا أن الكلمة الطيبة تلين الحديد. و لما قال الشيخ راشد الغنوشي كلمته الطيبة” جدا جدا” في الرجل الذي    ” يقدر الكلمة الطيبة” تلك الكلمة التي دونها التاريخ مرة ضد قائلها ومرة لصالحه :”ثقتنا في الله وفي بن علي كبيرة” كانت كلمة صادقة من رجل أخاله صادقا ولا أزكي على الله أحد. قوبلت تلك الكلمة بكل التنكر و الجفاء والعنف. لقد كان جزاء إيماني بتلك الكلمة الطيبة تجنيد بالصحراء أولا  فسجن لمدة 12 سنة وما تخللها من تشف و تدمير ثانيا ثم ما تبعها من  نفي و تهجير و تشريد حاليا في أقصى الارض.

أخي الهاشمي إني ورغم ما عشته من تعذيب وتدمير و قسوة وإجرام  طيلة سنوات طويلة من السجن و القهر فإني كنت و لا زلت أأمن بالمصالحة  و التعايش بين الفرقاء ومستعد أن أطوي صفحة الماضي جملة و تفصيلا بشرط أن يقبل الطرف الآخر الاعتراف بي كمواطن تونسي مختلف عنه . لقد كنت طيلة سنوات السجن أنتظر أن يلتفت بن علي للحوار والمصالحة  فيوقف النزيف ولكن للاسف كان كل يوم يزداد تطرفا و تصلبا وإقصاء. فبن علي يرفض حتى مجرد وجودنا في البلاد و كأنها ملكه الخاص. فقد صرح مرارا أنه وما دام حيا لن يقبل بوجودنا كإسلاميين مهلا بلغنا من الإعتدال و الوسطية.

بعد خروجي من السجن و ما يعنيه سجن التسعينات من إذلال و تشف, خلت أن السلطة ستقابل صمتي عن التعذيب و عدم مطالبتي بمحاسبة و معاقبة الجلادين المجرمين بمعاملني معاملة تونسي متسامح  ولكن ما حدث هو أنهم واصلوا مسلسل التشفي و الانتقام (مراقبة أمنية يومية, حرمان من مواصلة الدراسة, حرمان من الشغل, منع من السفر, مضايقات أمنية يومية لم تراع حتى ليلة زفافي …ما إلى ذلك مما سمعت عنه ولا شك ويعرفه كل من عاش في تونس.

خلال سنوات  أربع بعد السجن ذقت من العذاب ألوانا رغم أني لم أطالب بحقوقي كتونسي ولم أمارس أي ،نشاط سياسي أو حتى ثقافي. فقد امتدت الايادي الآثمة لكل جوانب حياتي فأحالوها جحيما وكأنهم لم يشفوا غليلهم مني بعد كل السجن و التعذيب. ولما طالبت بحقي في جواز السفر قابلوا ذلك بمزيد من التنكيل وقد سمحت لنفسي أن أراسل الرجل دو النفس الطيبة” كي يتدخل و يضع حدا لعذاباتي وقد أغدقت عليه من الكلام الطيب و المديح ما يلين الجبال. لكنه بطيبته أرسل لي زبانيته إلى بيتي مهددين متوعدين بإعادتي إلى السجن إن أنا أصررت على حقي . وحتى لما حكمت المحكمة الإدارية لصالحي وقالت بصريح العبارة أنه على وزارة الداخلية تمكيني من جواز السفر حالا قالوا لي بالحرف الواحد هذا الجواز تونسي وأنت لست تونسي لتحصل عليه و كما ذهبت للمحكمة لتشتكي إذهب وابحث عمن يعطيك الجواز. ولم أحصل على جوازي إلا بعد ثلاث سنوات و بعد إضراب عن الطعام دام 45 يوما.

بربك هل هذه العقليات تعي معنى الاختلاف؟ هل يمكن للجلاد أن يتصالح مع الضحية ؟ هل ينطبق كلامك الحلو الجميل على هؤلاء المجرمين؟

إن المشكلة ليست فينا نحن الإسلاميون. المشكلة هي عقلية الآخر الذي يتصرف في البلاد و كأنها دار السيد الوالد ولا يقبل أن يشاركه فيها أحد.

إني على يقين أخي الهاشمي أن جل الإسلاميين مستعدون لطي صفحة الماضي بكل عذاباتها و آلامها. بشرط أن يعيشوا بكرامة متساوين في الفرص أحرارا في انتماءاتهم  و أفكارهم  أحرارا في عباداتهم  وعلاقاتهم. فهل صاحبك ذو النفس الطيبة مستعد لقبولنا ؟ هل أن وزارة الداخلية مستعدة لإتلاف كل الملفات الأمنية التي أعدتها لكل نفس إسلامي منذ نشأة الحركة الإسلامية في أواخر الستينات و تحينها كل يوم مسجلة فيها الانفاس؟ هل هم  مستعدون للإعتراف بآدميتنا و أننا تونسيون و لم نأت من المريخ ؟ إسألهم بربك فإن أجبوك و جنحوا لمصالحة حقيقية فلن تجد من يجادلك بعد ذلك.

إن كلمة مصالحة في اللغة العربية على وزن” مفاعلة” أي اشتراك طرفان في الفعل أما إن كانت من طرف واحد فإنها إستسلام  وذل و هوان وهو ما لا يرضاه مسلم لنفسه ولا لإخوانه. فهل التجمعيون و الإنتهازيون سيتفاعلون و يقرون بحقنا في الوجود و المشاركة ؟

إن قبلوا بذلك ولا أظنهم يفعلون فإني أكاد أجزم أن أغلبية الإسلاميين من ضحايا إرهاب السلطة طيلة سنوات الجمر سينسون الآلام و سوف  ينخرطون بكل إخلاص في بناء صورة أفضل للوطن الذي حبه من حب ديننا.

 لماذا نحن مستعدون أن نتجاوز و نصفح؟ بكل بساطة لان ما قدمناه من تضحيات هي ضريبة ضرورية لحب الوطن وهو قانون أساسي لسنة التدافع. ولأن ما قدمناه لا نبتغ به سوى مرضاة الله تعالى و جزاء حسنا في الآخرة إن شاء الله. أما من ظلمونا فإننا نقول حسبنا الله و نعم الوكيل إن حسابهم إلا على ربي إن شاء غفر و إن شاء عذب.

 

أبو أنيس– أقصى الأرض


تونس الثابت الوحيد في المتغيرات

 

طالعت كما طالع كثير من التونسيين بصفة خاصة السجال الدائر بين مجموعة من بني وطني حول المصالحة و الإصلاح و حول العفو و المغفرة و لئن كانت كثير من المقالات قد اتسمت بالواقعية و التحليل السياسي النزيه إلا أن كثيرا منها اتصف بالسطحية و كثرة التفاؤل حتى فقد واقعيته و أصبح أقرب ما يكون إلى تحكيم النوايا و ما تخفي السرور.

و لأن الشأن يهمني حيث حكم علي كغيري بالهجرة الإجبارية و بالحرمان من خضرة تونس و نقاوة هوائها و ملاحة بحارها فأردت أن أدلي بما يخالج صدري من محنة فراق الأحبة و الوطن عسى أمثالي أن يجدوا في ذلك  من يقاسمهم الآلام و الآمال.

و أود أن أبين في البداية أن كل من حرم من بلده هو ضحية و ليس مذنبا حتى و إن أخطأ في تصرفاته أو تقديراته لأن شأن البلد هو شأن عام و ليس خاص و لا يحق أحد أن يزايد على وطنيته أمام الآخر إلا إن كان ممن يتاجر بذلك و كما قال شهيد القرآن لمعدمه “نحن نموت من أجل لا إلاه إلا الله وأنتم تقتاتون منها”، و لا أعتقد أن أحدا من هؤلاء قام بذنب في البلاد يستحق عقوبة حرمانه من العيش وسط عائلته و وطنه ما يقارب من العشرين سنة.

إن سياسة الصلح و المصالحة هي ثقافة قبل أن تكون عمل، و قناعة قبل أن تكون اضطرارا، و لأن عبر مسيرة السلطة في تونس منذ 7 نوفمبر و يومها أسوأ من غدها في علاقتها بالمجتمع المدني و بالمعارضة السياسية و لم تدرج يوما في برامجها دراسة أو تعلم هذه الثقافة بل بقيت سجينة أفكارها و قناعاتها بأنها أكبر دولة ديمقراطية في المنطقة و ذلك ما حجب عنها سياسة المراجعة و التقويم و سحب من مخيلتها المصالحة و الصلح بل جعلها تعتقد و تجزم أنها على الطريق الصحيح و غيرها قد خرج من الحظيرة و وجب عليه العودة إليها متى اقتنع بغيه وتاب إلى رشده.

و إن من يطالب المعارضة و خاصة الإسلامية منها  بضرورة التنازل عن بعض مطالبها و النزول بسقفها إلى حد أدنى للوصول إلى طريق المصالحة كان كمن جاء بالقاتل و القتيل أو السارق و المسروق له ليتفقا على حل وسط للخروج من القضية، و قد يقول البعض أن النظام التونسي ليس قاتل أو سارق و الإسلاميون ليسوا ضحايا و حتى لا ندخل في جدال عقيم فانه مم هو معلوم من الواقع التونسي بالضرورة  أن الإسلاميين لم يتورطوا في جرائم قتل أو سطو أو اعتداء على أملاك الغير أو إرهاب أو أي جريمة أخرى ضد البلاد و بالتالي فما بقي دون ذلك يدخل في باب الاجتهاد السياسي و الفكري الذي لا يبلغ درجة الجريمة  على عكس النظام الذي تروي لنا سجونه ما عاناه نزلائها و تحكي لنا بلاد العجم و ما حل بها من فلذات أكباد نساء و رجال تونس.

و حيث ما وليت وجهك ففي أنحاء بلاد العرب و العجم إلا ووجدت أن أهلها كانوا في يوم ما في صراع و لم يمر عليهم ذلك كثيرا حتى اقتنعوا أن بلادهم يمكنها أن تسعهم جميعا فتنازل بعضهم لبعض و قبلوا بمبدأ المشاركة و المغالبة و ما الجزائر أو المغرب أو الأردن أو حتى مصر من ذلك ببعيد إلا بلدنا الحبيب تونس الذي كشر عن أنيابه لمعانقة أبناءه حتى يخيل إليك أنهم ليسوا أبناء وطن واحد.

إن الواقع الداخلي للبلاد و كذلك الواقع العالمي  اليوم هو في صالح النظام ليزيد من قبضته على البلاد بعلة محاربة الإرهاب  و لكن سنة الله في الخلق سارية و إذا بلغ الشيء ضده فحتما سينقلب إلى ضده و لأن سنن الله لا تحابي و لا تجابي، و نحن إذ نذكر بأن الظلم مؤذن بخراب العمران فإننا من باب الحرص على بلادنا التي أخرجنا منها و ليس لشماتتنا في النظام الفاسد بها لأن عند ذلك لن يسلم الصديق و لا العدو، فالضغط يولد الانفجار و انفجار العصر هو العمليات التفجيرية و لا تقتنعوا بما قاله البعض بأن بلادنا محصنة من ذلك لأنه ببساطة من المستحيل إيقاف أحد يريد أن يموت و خاصة إذا انطلق ذلك من عقيدة يؤمن بها.

انه من غرائب الأمور أن يأتي أحد في مرحلة يعيش فيها النظام التونسي أيامه الأخيرة قبل سقوط ورقة التوت عن عورته و في أيام تذكرنا بآخر أيام سلفه ليقنعنا بضرورة التنازل عن المطالب التي نعيش عليها منذ ما يقارب من عشرين سنة و هي مطالب بسيطة يتفق عليه الإسلامي و العلماني المعارض المعترف به و الذي لا يأمل في ذلك كالعفو العام و عودة المغتربين و رفع الوصاية عن الشعب ليس إلا و ليس فيها استقالة النظام أو تسليم الحكم أو … أو ….

و إن هذه المطالب البسيطة و السهلة الممتنعة لدى النظام لا يمكن بوجه من الوجوه أدبيا أو أخلاقيا أو حتى سياسيا التراجع عنها أو التساهل بها لأنها أساس القضية و إلا خنا المساجين و الشهداء في ما لحق بهم،  و إني أختم كلامي هذا بأثر عن الرسول صلى الله عليه و سلم مفاده “اطلبوا الأمور بعزة الأنفس”، و من يضمن لي هذه الأمور البسيطة أضمن له عودة المغتربين كلهم إلى الحضيرة دون شرط  و لا وصاية…

 

أبو عمر – ايطاليا

 


 

نداء

 

كتبه عبدالحميد العدّاسي

 

علم فرعنا أن أعوان من الحرس الوطني مصحوبين بعناصر من فرقة الأبحاث والتفتيش قد داهمت منازل كل من السادة:

·        علالة البعزاوي

·        يحي البعزاوي

·        الطاهر بن مبروك

·        فتحي البعزاوي

 

بمنطقة الشراردة – ولاية القيروان – وذلك في الليلة الفاصلة بين 12 و13 افريل ما بين الساعة الثانية والثالثة صباحا وذلك على خلفية شكوك حول انتمائهم لحركات أصولية. ولما لم يجد الأعوان أي شئ مخالف يسبب هذه المداهمة اكتفوا باستدعاء بعضهم- شفويا –  إلى منطقة الشرطة بالقيروان حيث اخلي سبيلهم. وقد تسببت هذه المداهمات الليلية في ذعر عائلاتهم وإزعاجهم، ومنهم زوجة السيد يحي البعزاوي  الحامل.

وفرعنا الذي يستنكر كل المضايقات التي يتعرض لها المساجين السابقين، يندد بهذا الأسلوب  العنيف والمخالف لأبسط حقوق الإنسان  في التعامل مع المواطنين ويدعو السلطة إلى احترام حقوق  المواطنين وحرمة سكنهم والكف عن ترويعهم وترويع عائلاتهم.

عن هيئة الفرع

مسعود الرمضاني

 

جزء من بيان الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان (فرع القيروان) بتاريخ 21- 04- 2007، أردت إعادته – وأنا أرى تمسّك التونسيين (حسب ما تنقله وسائل الإعلام الرسميّة أو المرسّمة)، بسيادة الرّئيس صانع التغيير، رئيسا دائما للبلاد، حيث أفيد بأنّ الجميع قد فقد حلاوة العيش وهو يتصوّر (مجرّد تصوّر) إمكانية ابتعاد سيادته عن سدّة الحكم نهاية هذه الدورة، تفرّغا منه (ربّما) لإعداد حقيبة سفره إلى الدّار الآخرة، بعيدا عن صخب الدنيا ودهاليز السياسة العفنة وتأثيرات الجاه والسلطان، حيث دعوا سيادته من الآن إلى الترشّح (وهم يؤمّلون فوزه في بلدنا الديمقراطي) إلى انتخابات الرّئاسة سنة 2009 – لألفت الانتباه إلى أنّ هذا الفعل المذكور في البيان أعلاه أمر طبيعي في العرف العسكري، وإجراء روتينيّ يقصد منه التأمين التامّ للمحيط الذي ينزل به كلّ عسكري وفي المكان الذي تُبنى به كلّ قاعدة (أعني قاعدة عسكرية)… نفعله – نحن العسكريون – وقت السلم كما نفعله بصورة مكثّفة وقت الحرب وعند حالات الطوارئ. وسيّدي أمير اللواء(*)، زين العابدين بن علي، إنّما تصرّف بطبيعته العسكرية المخزونة فيه (رغم السنوات العشرين بقرطاج ) لمّا أعطى الأوامر أو رضي بالسكوت عن أوامر أعطِيَت إلى فرق الأبحاث والتفتيش التي جابت بعض أحراش القيروان وأماكن أخرى من أرض القاعدة العسكرية التونسية. ولعلّه في قادم الأيّام يُكثر من هذه الاجراءات الروتينية، لأنّه إنّما تكثر (الاجراءات) بكثرة الوساوس، وأنا أنبّه إلى طبيعة كثرة الوساوس لدى كبار السنّ وأصحاب الرّتب الكبيرة، وأطلب من “التونسيين الماسكين بتلابيب الرّجل” أن يتفهّموا منه ذلك ويترجموا حبّهم الفيّاض له بالسكوت والستر. كما أدعو إخواننا في المنظّمات الحقوقية إلى اجتناب الألفاظ الجارحة من قبيل “المداهمة” و”الذعر” و”الإزعاج”: فالسيّد أمير اللواء وأعوانه لا يداهمون وإنّما هم يستكشفون بهدف الاطمئنان على الرعيّة،  وطبيعيّ أن يعمل العسكر في أوقات يصعب على المواطن العادي العمل فيها، فنحن (العسكريون) نعلم أنّ عدوّ التونسيين لا يهاجمهم إلاّ في هذه الأوقات الصعبة (الفاصلة بين النّهار والليل، الفاصلة بين الليل والنّهار، الثلث الأخير من الليل)، فلماذا هذا الذعر إذن، والأمر لم يكن إزعاجا – كما أسيئ فهمه – وإنّما هو محاربة لما قد يُزعج. أليس في أمثالنا مثل يقول: اللّي خاف نجا؟! … ثمّ لماذا لا يتدرّب التونسي على مثل هذه المناورات الليلية لتأمين نفسه بنفسه ضدّ مَن قد يتخفّى تحت بعض المسمّيات، سيّما وقد وقع في تاريخنا الحديث اغتيالات سياسية وقعت بالعاصمة الآمنة تونس ضدّ شخصيات عربية مسلمة مرموقة؟!

 

أنا حقيقة أتألّم لهذه الأخت الحامل زوج السيّد يحيى البعزاوي، وأسأل الله أن يحفظها ويحفظ جنينها وزوجها وأولادهما وأهلهما والتونسيين أجمعين، ولكن أليس من الصالح أن يلتفّ التونسيون أكثر حول قيادتهم الرّشيدة فيساندوها في بسط الأمن، وذلك بإقناع النّفس أوّلا بعدم وجود أمنٍ مطلق ثمّ بعدم وجود قدرة مطلقة لدى الأمنيين، ليتّخذوا بعد ذلك الاجراءات اللاّزمة للتصدّي وبقوّة زاجرة داحرة لزوار الليل غير المرغوب فيهم… إنّي على قناعة من أنّه إذا أخذ التونسيون بالأسباب فقاوموا من يتربّص بأمنهم وأمن بلادهم سيكون هناك خنوس وانكماش لكلّ مسيئ متمعّش من الغفلة التي قد تكون تسرّبت إلينا من خلال شعارات أحدثت فينا بعض التواكل…

 

بقي أنّه يمكن للتونسيين أن يتراجعوا عن عزمهم ترشيح محبّهم فيعفوه من مواصلة مهمّته الحسّاسة، إذا ما ألْفُوا في أنفسهم عدم القدرة على تحمّل مثل هذه التصرّفات التي نراها طبيعية وواقعية – كما أسلفت –، ذلك أنّه من العسير الجمعُ بين حبّ الشخص وإلزامه في ذات الوقت على ترك ما يراه هو صوابا… أعني – بعبارة أخرى – أنّه على التونسيين أن يختاروا بين رئيسهم وعاداته العسكرية أو ما يعبّر عنه إخوانُنا المدنيون بـ”المداهمات”. أو أن يُعفوا الرّجل من هذا الحمل الثّقيل (سيّما مع كبر سنّه وعدم قدرته الميدانية) ليستريح من مهامّه ويتخلّصوا هم من عاداته!…

ــــــــ

(*): لا تضارب عندما أبدو شبه “غير منضبط”، لمّا أتكلّم في المجال الإجتماعي أو السياسي أو الإنساني بحضرة صاحب التغيير، وأستعمل هنا “سيّدي” إحتراما وتقديرا لسيادة أمير اللواء. فلكلّ مقام مقال… ولعلّ هذه تهدم ما فعلته تلك، إن كانت قد فعلت، فإنّ كبارنا كثيرا ما يغفرون لصغارنا!…  

كما أعتذر لحضرته عن استعمالي الرتبة التي تركته عليها، فلعلّه قد ارتقى في السلّم الرتبي تماما كما ارتقى في السلّم الوظيفي، وأنا أجهل ذلك تماما…


السّلام عليكم من هند الهاروني

البطاقة الأولى:
بسم الله الرّحمان الرّحيم و الصّلاة و السّلام على نبيّنا محمّد و على آله و صحبه أجمعين الى يوم الدّين الكرم الغربي في 20 محرّم 1428 الموافق ل 8 فيفري 2007 أخي العزيز كريم، السّلام عليك و رحمة الله و بركاته و مغفرته و رضاه . وصلتنا رسالتك و كم هي معبّرة و صادقة و مؤثّرة تدخل العقل و القلب معا و الحقيقة أنّ رسائلك كلّها تحمل هذا الطّابع لأنّك صادق. ندعو الله العليّ القدير أن يبارك لنا فيك و “يعطيك على قد قلبك” و الله يرحم والدتنا العزيزة الغالية السّيّدة  و الحمد لله . كثير هم الّذين يعبّرون دائما على محبّتهم لك واحترامهم لشخصك و يذكرونك بالخير كلّه و يدعون معنا

البطاقة الثّانية :

بأن يفرّج الله كربك و يعيدك الينا “ردّا جميلا” في هذه الأيّام القليلة و المعدودة باذن الله فنفرح بعد طول   غياب و ستفرح زينب كثيرا برسالتك الحكيمة و الباعثة في النّفس السّعادة و الرّاحة و الفخر, و هي بدون شكّ لن تنساها ما حيت هي و أخويها و نحن معها, و في هذه الفرصة، أدعو لك يا أخي الحبيب كريم “ان شاء الله فرحتك” و ربّ يرزقك بأبناء و بنات، ذرّيّة صالحة و محبّة لك و لعائلتنا و لأحبابنا و أصدقائنا و اخواننا فأنت يا أخي العزيز أهل لكلّ خير و في هذه الفرصة أيضا ندعو لاخواننا معك في سجن المرناقيّة أن يفرّج الله كربهم أيضا و يبارك لهم

البطاقة الثّالثة :

في ذرّيّتهم و زوجاتهم و الله “يفرّح قلوبكم” و لن ننسى أبدا ختمهم للقرآن الكريم مع الدّعاء عند و فاة والدتنا السّيّدة رحمها الله اضافة الى تعظيمهم لك و لنا  للأجر و مواساتهم لك في هذه المحنة جزاهم الله عنّا خير الجزاء و جعله في ميزان حسناتهم. آمين و كذلك ندعو لكلّ من كان بجانبك ليقدّم لك العزاء و يواسيك و الله يبارك لهم في والديهم و يرحم الّذين توفّوا منهم و يدخلهم جنّة الفردوس الأعلى كما ندعو لوالدتنا رحمها الله. أخي العزيز و الصّديق الحميم كريم، في هذه الرّسالة يسعدني أن أبعث اليك رسالة “زينوبة” اليك يا”أحنّ” خال و “أعزّ” أخ و “أوفى” صديق و سترى فيها البعض من عبارات فرحتها و محبّتها لك (في ورقتين صغيرتين)ا

البطاقة الرّابعة :

والله يوفّقكم جميعا و يوفّقنا أيضا لكلّ ما يحبّه ويرضاه, كما أنّك ستجد 3 صور لأبناء أختنا العزيزة التّوأم , كريمة بارك الله لها و لنا فيهم أتقدّم اليك يا أخي العزيز باسمي و باسم كلّ العائلة فردا فردا بأخلص معاني الحبّ و التّقدير و الاحترام, ونحن في انتظار عودتكم الينا جميعا بفارغ الصّبر و نحن نراه قريبا جدّا باذن الله  تعالى !ا و الى اللّقاء القريب باذن الله.

أختك هندة الّتي تحبّك كثيرا و كلّ العائلة الّتي تعزّك كثيرا أيضا*فردا-فردا* -كما أرسلت اليك صورة والدتنا الغالية السّيّدة رحمها الله في هذه الرّسالة-


الإسلاميون والمرأة: مواقف جديدة في وعاء قديم

سليم الزواوي بعيدا عن منطق التشكيك في النوايا و بمنأى عن البحث في الخلفيات السياسية، يمكن القول بكامل القناعة الفكرية بأن الإسلاميين لم يطوروا إلى الآن وعيهم بقضية المرأة و مطالبها العادلة في الندية والمساواة، هذا بالرغم مما أبرزه بعضهم من حرص على إدخال تعديلات كبيرة في الموقف من عديد المسائل ذات الصلة كالموافقة على مجلة الأحوال الشخصية و اعتبارها من المكاسب التي يستوجب المحافظة عليها، بالإضافة إلى تأييد مطالبة القوى التقدمية في دعوتها للتنصيص على المساواة التامة بين الجنسين في صلب الدستور. في الحقيقة هذه المواقف على ايجابية ما يبدو من ظاهر منطوقها لم تتأسس على منطق يجعلها نتائج منسجمة مع مقدماتها، إذ لا علم لنا بأي تأسيس نظري مسوغ لهدا التحول في الموقف، اللهم اذا كان مجرد مجاراة للواقع بعد طول ممانعة يعد عند البعض انجازا حتى و ان لم يكن مستصحبا بقناعات عميقة، فالجماعة إياها ما تزال تنظر لقضية المرأة من زاوية ما تسمح به المنظومة الدينية ولا تسمح به وذلك بالاعتماد على آلية القياس الفقهي، من هنا فحقوق المرأة ليست حقوقا إنسانية يقتضيها العقل وتحتمها المصلحة، وانما هي حقوق شرعية ينشئها التسليم المسبق بمرجعية النص في حال وجوده واضحا وصريحا أو استنباط المجتهد طبقا لآليات الاجتهاد و التأويل الموروثة عن القدامى، و لعله لهذا السبب امتنع الإسلاميون عن الاعتراف بحق المرأة في المساواة في الإرث مع الرجل و هدا ما ينسجم تماما مع مقدماتهم الأصولية التي تكرس أولوية النص الديني كمصدر للتشريع على غيره من المصادر، فالعقل المنتج للأحكام عندهم ظل محافظا على بنيته القديمة حتى وان كانت مواقفهم المعلن عنها مؤخرا تحمل في مضمونها المباشر مسحة من التجديد. قد لا يكون الأمر متصلا بمواقف تكتيكية بقدر ما يتعلق بإشكاليات ومصاعب موضوعية، فالفكر الاسلامي برمته لم يحدث بعد نقلته النوعية التي ترشحه لأن يكون جزءا من الفكر الانساني الحديث والمعاصر، ولعله لن يهتدي الى ذلك يوما ما الا متى خرج عن الغيتو الاسلامي نفسه واستنبطه في بعده القيمي ومداره الروحي منفتحا به على الانسانية وأفقها الكوني. (المصدر: صحيفة “الوحدة” (أسبوعية – تونس)، العدد 543 بتاريخ 21 أفريل 2007) الرابط: http://www.elwahda.org.tn/wehda.php?link=10&id_article=1608


محمد صالح الهرماسي يحاضر في منتدى الجاحظ: “العرب و المستقبل”

سليم الزواوي في إطار نشاطه المتواصل استضاف منتدى الجاحظ في أواخر الأسبوع المنصرم القيادي في حزب البعث العربي الاشتراكي والمفكر القومي المعروف الدكتور محمد صالح الهرماسي، وقد كان موضوع الندوة الفكرية بعنوان: العرب والمستقبل وفيها توقف الأستاذ الهرماسي عند ملامح المشروع المستقبلي الذي يأمل أن يخرج الواقع العربي من أزماته المزمنة و يفتح أمام الأمة العربية الأفاق والإمكانيات لتحقيق النهضة المنشودة في إطار مرجعية حضارية منفتحة على عطاءات الحداثة بمواردها العلمية الكونية وغير منقطعة عن الموروث العقلاني الذي تزخر به الثقافة العربية الإسلامية. انطلق الأستاذ الهرماسي بتقديم صورة عن واقع الأمة العربية التي يروم العبور بها إلى المستقبل بوصفه حالة ارتقاء نوعي في كل مجالات الحياة. هذا الواقع موسوم بالسلبية في جل مظاهره ماعدا حالة المقاومة في العراق و فلسطين وفي بعض الساحات العربية التي ارتفعت فيها موجات الاحتجاج و الرغبة في الإصلاح و التغيير و تنامى فيها الوعي بضرورة التساند العربي والقومي. الصورة القاتمة التي يرسمها الأستاذ الهرماسي للواقع العربي يمكن اختزالها في أعراض ثلاثة: ـ استمرار التجزئة و الاحتلال في أرجاء الوطن العربي. ـ فشل مشاريع التنمية و التحديث على جميع الصعد. ـ اشتداد قبضة الاستبداد و ما رافقه من قمع للحريات بوجهيه المحلي والعالمي السياسي والديني. لم تتوجه عناية الأستاذ الهرماسي في مداخلته صوب البحث عن الأسباب المنتجة للواقع العربي المأزوم، غير أن تركيزه الشديد على الجانب الثقافي سواء في تشخيص عوامل الفشل العربي أو في اقتراح مداخل للعبور إلى المستقبل يخلف انطباعا قويا لدى المتلقي بالأهمية الإستراتيجية التي تحظى بها الثقافة بوصفها الأداة الأخيرة المتبقية و المتاحة لإعادة بناء المشروع النهضوي التحرري الديمقراطي و التقدمي كعنوان مكثف لشعارات و مهام المستقبل المنشود. هذا المشروع المستقبلي للنهوض بالوضع العربي يتوقف تحققه في نظر الأستاذ الهرماسي بتوفر شرطين وقاعدة انطلاق: يتمثل الشرط الأول في وجود إرادة المستقبل أي توفر الدافع المحفز للهمم وذلك للقيام بمهمات النهوض وتقديم التضحيات اللازمة التي تتطلبها عملية الإقلاع الحضاري خصوصا و أن العوائق عديدة والتحديات ضخمة وجبارة، أما الشرط الثاني فيتعلق بالتخطيط للمستقبل وذلك من خلال التملك المعرفي لمعطيات الماضي والحاضر لاشتقاق صورة عن مستقبل متجاوز لما تراكم من أخطاء و مستوعب لما ترسخ من دروس التجارب السابقة. إرادة المستقبل و التخطيط الجيّد له شرطان ضروريان لكن غير كافيين لوضع العرب على سكة الإقلاع والارتقاء النوعي ما لم يستندا إلى مرجعية ثقافية لا تتوضح معالمها إلا عبر الإجابة الصحيحة عن سؤال الحداثة وعلاقتها بالهوية القومية و الخصوصية الثقافية. هكذا يبقى المستقبل العربي مرتهنا لإشكالية ثقافية ازدادت مع ظاهرة العولمة تفاقما و إلحاحية، و الإجابات المقدمة إلى الآن لا ترضي الأستاذ الهرماسي، خصوصا تلك الإجابات الحاسمة في اتجاهها نحو القطيعة مع التراث لحساب الحداثة وحدها باعتبارها متماهية كليا مع الكونية المطلقة أو الإجابات النقيضة الداعية إلى الانكماش على الذات والانسحاب من العالم، بعيدا عن هذا الاستقطاب المرضي الذي يرفضه الأستاذ الهرماسي بشدة عارضا توجها مغايرا في بناء المرجعية الثقافية للأمة العربية، هذه المرجعية لا تبنى في نظره إلا بوعي نقدي تجاه الآخر الغربي و قبالة الذات وموروثها التاريخي، حتى تكون المحصلة العامة لهذا النقد المزدوج ايجابية في رسم ملامح مشروع حضاري مستقبلي عنوانه الأكبر: الانخراط في حداثة تستثمر فاعلية العقل الواعي بحدوده كما تستند إلى هوية ثقافية غنية برصيدها القيمي والروحي. تلك هي أبرز الأفكار الواردة في مداخلة الأستاذ محمد صالح الهرماسي. وقد عاود التأكيد عليها أثناء تفاعله مع أسئلة الحاضرين و تعقيباتهم واستفساراتهم التي كانت في غالبيتها متجاوبة مع الطرح العام الذي اندرجت فيه المحاضرة رغم تحفظ البعض على طابعها الثقافوي وإهمالها للجانب السياسي الذي يغطي حاجة أساسية وحلقة ضرورية من حلقات المشروع العربي المستقبلي، في الحقيقة لم يكن المحاضر غافلا عن ذلك فإشكاليات المستقبل لا تحل بوصفات سياسية أو بشعارات إيديولوجية وإنما بالعودة إلى الفكر والثقافة من أجل التأصيل ومن اجل بناء راسخ و متين. (المصدر: صحيفة “الوحدة” (أسبوعية – تونس)، العدد 543 بتاريخ 21 أفريل 2007) الرابط: http://www.elwahda.org.tn/wehda.php?link=14&id_watania=1469

 

صخرة سيزيف العربي

د.أحمد القديدي

 

لفت نظري هذه الأيام رسم كاريكاتوري على صحيفة ( الحقائق ) الصادرة بلندن للفنان المبدع ماجد بدرة، رسم فيه مواطنا عربيا يدفع صخرة أكبر و أثقل منه من سفح الجبل الى قمته كتب عليها الرسام عبارة ( الوفاق الوطني ). و قد كان الرسم أروع وأفصح و أبلغ من مقال، جسد صعوبة بل استحالة السعي وراء الوفاق الوطني في بلداننا العربية، فكلما دفع سيزيف العربي المسكين صخرة الوفاق بصدره وذراعيه نحو القمة الا و تهوي من جديد نحو السفح، و هكذا دواليك منذ نصف قرن من الصدام المرير بين الدولة العربية الحديثة التي جاءت بها مرحلة الاستقلال و بين شرائح من المجتمع العربي تريد تقويض البناء من أساسه لا اصلاح الخلل فيه أو محاورة النخب الحاكمة بالتي هي أحسن.

 

 و هذه الحال العربية مع الأسف متواجدة في أغلب بلاد العرب باختلافات طفيفة في الحدة و الشدة و اللين و الغلظة و القوة و الدفع، لكنها صراعات أهلية مفتوحة لا نرى لها في جل الحالات حلولا ترضي الجميع. وبصراحة لا أرى لنفسي شخصيا و لقلة من المثقفين الوطنيين العرب غير هذا الرسم للتعبير عن المعاناة التي نلقاها من هنا وهناك كلما دعونا  للحوار المسؤول و للوفاق الضروري، بغاية رأب الصدع الذي أصاب مجتمعاتنا منذ انحياز بعض مكونات المعارضة المتشددة الى العمل العنيف أو القول المهدد، في بلاد لم تتهيأ لقبول انتفاضات مجهولة العواقب و وخيمة النتائج، في مجتمعات لا تدرك نوايا المتشنجين، لأن الأغلبية تشعر بالأمن و بالاستقرار ضمن أطر الدولة الحديثة، بالرغم من النقد الطبيعي لبعض مظاهر الضيم أو البطء في تحقيق المأمول.

 

و لقد ساد منذ عقود من العصر الحديث منطق موسى و فرعون ، كأنما امتلك بعض الناس فجأة عصى موسى عليه السلام و أصدروا حكما جائرا و باتا على النخب الحاكمة بأنها هي فرعون و أنها هي الطاغوت، و لكن دون الاستماع حتى لقول الله تعالى الذي أمر موسى و أخاه هارون بأن يقولا  قولا لينا. و هذا المنطق الخاطىء هو الذي نشأت عنه ردود الفعل العنيفة من قبل الماسكين بدفة الحكم و التي صعب بعدها ايجاد حلول عقلانية لأزمة سوء التفاهم العميقة و القاسية و الطويلة.

 

و طالما فوجئت بسهولة و عبثية التصنيفات التي يقوم بها البعض من الشباب للناس من حولهم، كأنما المطلوب أن نوضع في قوالب جاهزة من الشعارات  و الانتماءات والايديولوجيات لا نخرج منها، و الا وجهوا الينا تهما جاهزة هي الأخرى بالنفاق والمروق و التذيل، خاصين أنفسهم بالطهارة و العصمة و احتكار الحق، بينما الواقع السياسي في بلاد العرب جميعا واقع أكثر تعقيدا و تشابكا و تنوعا من الأحلام الطوباوية. فالخير ليس له ضفة واحدة و الشر ليس له الضفة الأخرى. و ليس هناك جناح انفرد بالأبيض الناصع و جناح أصابته لعنة الأسود القاتم. و انك تجد الصالح في كوادر الدولة و وزاراتها و في هياكل الأحزاب الحاكمة كما تجد الصالح لدى المختلفين مع التوجهات الرسمية، بنفس النسب، مما لا ينفي تواجد الطالح هنا و هناك أيضا. و سر التقدم هو الاختلاف بدون حقد، و التباين بلا ضغينة، و توخي سبل الكلمة الطيبة من أجل الاصلاح، دون قطع شعرة معاوية، لسبب عقلاني بسيط هو أنه لا بديل عن هذه السبيل و لا مناص من هذا النهج القويم. و اننا نريد أن نستلهم من تجارب الأمم التي تقدمت علينا في الفكر السياسي، و بلغت بالترفع عن الأحقاد شأوا بعيدا من التقدم والرفاه و الأمان. و بلدان الاتحاد الأوروبي في مقدمتها بحيث نرى نماذج من ادارة الاختلاف و التنوع تدعو للاعجاب و التقدير، فالمملكة البلجيكية مثلا تتشكل عرقيا وثقافيا و لغويا من ثلاثة شعوب، طالما شنت الحروب على بعضها البعض في محطات عديدة من تاريخها، ثم استقرت أحوال المملكة على فيدرالية متوازنة ومتحضرة لم تمس من جوهر الانتماء لبلاد واحدة و راية واحدة و مصير مشترك. كذلك الأمر في بلاد سويسرة حيث تتعايش شعوب ثلاثة أيضا لتصنع مستقبلها وتحقق أعلى نسب النمو و الدخل الصافي في العالم. و لعل نماذج ألمانيا وأسبانيا وايطاليا لا تختلف كثيرا من حيث اعتماد الحوار و الوفاق لحل الصراعات والاهتداء الى السلام المدني و الدخول بثقة الى التاريخ.

 

 و لعل بعض القراء يردون علي بالقول بأن هذه الأمم متقدمة و نحن متخلفون و لا وجه للمقارنة، و هنا يكمن الخطأ الشائع في تقدير العرب، لأن بعض البلدان الأوروبية مثل اليونان و البرتغال و أسبانيا لم تلتحق بالاتحاد الأوروبي الا بعد حل أزماتها الداخلية و اقرار الوفاق المطلوب منها أوروبيا منذ ثلاثة عقود فقط، فتحولت من الانغلاق الى الديمقراطية و تضاعف معدل نموها الاقتصادي أربع مرات بعد أن كانت هذه البلدان الثلاثة لا تختلف في شيء عن أية بلاد عربية أو نامية.  ففي  حين ضيعنا نحن فرصة الوحدة العربية، اغتنمت هذه البلدان فرصة الوحدة الأوروبية فشكلت عملاقا جديدا بعملة موحدة و سياسة خارجية و دفاعية مشتركة. فالأمر يتعلق اذن بالارادة السياسية و الوعي الحضاري لا بواقع الحال و نسبة النمو و نقص الامكانات.  فالتردد في اجراء المصالحة بين مختلف شرائح المجتمع هو سبب من أسباب التخلف، و عوض البدء بالخطوة الأولى على هذا  الطريق المستقيم بلا عقد و بدون خلفيات، نتوه في وضع الشروط و المزايدة اللفظية و اتهام المختلفين عنا بأشنع الصفات، فنضيع فرصة جديدة سانحة و نوصد الباب دون الكلمة الطيبة لنعود الى نقطة الصفر و ننتظر ربع قرن اخر من المعاناة و تفاقم المأساة.


 أقوم المسالك في إعادة رسم العلاقة بالممالك

عادل الحامدي (*) فتحت لي الباب وفي وجهها بسمة محسوبة تتوائم فيها الحنو والمكر، فأسرعت إلي التهالك علي الكرسي غير مبال بقائمة المطالب التي في انتظاري، وعلي رأسها إنجاز المرحلة التالية والأخيرة من المهمات اليومية الجليلة والمتمثلة في جلب المظنون فيهما من المدرسة: أحمد وأخت أحمد.
قالت لي: إقرأ، قلت: ما أنا بقارئ، قالت: إقرأ، قلت ما أنا بقارئ فأنت تعلمين أنني جئتك من القدس وأن لدينا في القدس صحيفة القدس التي بين يديك، وكل ما هو غير مقدس من صحف أبناء موسي وعيسي ومحمد عليهم جميعا أزكي السلام وأطيبه، ما تركت فيها حاجة ولا داجة إلا قرأتها، ومع ذلك ما الخبر يا أم أحمد؟ فقالت: إن نانسي تقابلت مع الأسد. فعجبت لأمر الله قائلا لصاحبتي: أعلم أن أباك كان ملكا لم يعزله إلا ملك الموت، وأعلم أن أمك ملكة تعتزل الحكم عن طوع رغم أن قومها يعزلون.. غير أن ذلك كله لا يشفع لك عندي في أن نتحدث عن نانسي عجرم في يومنا هذا وقد بلغ الجهد من كلينا مبلغه، فضحكت من جهلي كعادتها قائلة: كلا يا سيادة الصحافي الغافل فالأمر لا يتعلق بالفاتنة العربية نانسي عجرم وإنما استرعت فضولي زيارة هذه السياسية المخضرمة لسورية في هذه الأيام الشرق الأوسطية العصيبة، وأقصد نانسي بيلوسي رئيسة الكونغرس الأمريكي….
في محاولتها اليائسة لاستدراجي إلي الحديث قالت الزهراء في مستهل المسلسل الخطابي اليومي: أنتم معشر الأزواج كالمال يصوم أبد الدهر عن الكلام ولكنه يؤثر أبد الدهر في كل ما حوله.. وفيما صاحبتي تهذي علي الهواء، أخذت أهذي علي الورق… إذ كل منا يهذي علي طريقته…
العالم العربي وأمريكا، هذه العلاقة الفوقية الأبوية والتي محتواها التعامل بين الامبراطورية وبين دويلات، عفوا بين نخبة النخبة من المجتمع السياسي العربي، وكثيرا ما تختصر هذه العلاقة في شخص الرئيس ومن حوله.. أليس من حق شعوب المنطقة وقد آلت الأوضاع العربية إلي أدني درجات الإنحطاط والتخلف والتراجع السياسي والاقتصادي والثقافي، حتي أن بلدا مثل مصر وقد مر علي معاهدة سلامه مع إسرائيل ربع قرن ولديها من الأطفال الجوعي والمتشردين في القاهرة وحدها مليون طفل يتسكع جوعانا علي قارعة الطريق، مع أن المعاهدة وما تلاها من علاقات بين مصر وإسرائيل تم إرساؤها بإشراف وتمويل من الولايات المتحدة نفسها، هذا دون الحديث عن الأوضاع في شمال إفريقيا في بلد بترولي مثل الجزائر، ودون الحديث عن الدولة الأم ونقصد بها العربية السعودية والتي تورطت في علاقة حميمية مع الولايات المتحدة، وخصوصا منذ نهاية الاتحاد السوفييتي، وتحديدا بعد حرب التحالف ضد صدام الذي خاض حربا بالوكالة عن العرب والغرب مع إيران…
هل أن هذه العجوز الأمريكية التي عرفت بجرأتها في الحق ومعارضتها الشديدة الواضحة لحرب فيتنام، بعد كل هذا الصبر والمصابرة تفاجئنا هذه المرأة الأمريكية التي ترأس مجلس النواب الأمريكي، تخرج علينا بزيارة مفاجئة تكاد تكون استثناء في التاريخ السياسي الأمريكي الحديث لتتفاوض مع أحد رعاة الرومان الجدد الذين وضعت عليهم علامة شطب من الجناح اليميني الصاعد الهابط، حتي أنه أصبح من الممنوعات في المجال العربي والأوروبي علي السواء، فتتحول سورية بتاريخها وجغرافيتها إلي حارس ممنوع من الكلام علي حدوده الجنوبية، مهمته ليبقي علي قيد الحياة أن يعسعس جنوده بكرة وعشيا علي المتسللين من صعاليك العرب الذين ما زالوا يحلمون بأن هذه العشرين خرقة كانت في يوم من الأيام امبراطورية تمتد أراضيها من جاكرتا إلي غرناطة…
هل أن زيارتها زيارة التفافية أوحت بها مصالح الولايات المتحدة الأمريكية وكرامة الأمريكيين التي أهدرها كل من بيرل ورامسفيلد بمؤازرة نائب الرئيس الذي كثيرا ما يخلط بين صيد الأرانب وصيد الرجال، أم هي التعقل والحكمة التي لم يعدمها كثير من الساسة الأمريكان، ومنهم الرؤساء المتعاقبون لأمريكا، إذ لم نشهد في الخمسين سنة الأخيرة مثالا للعنجهية والكبرياء والغطرسة في التعامل مع أنظمة عربية ضعيفة ومهترئة تستمد مقومات وجودها من علاقات انتهازية خالية من كل ما عرف من روابط بين الدول، يحكمها المزاج المتقلب للأخ الأمريكي الأكبر، ولما تقتضيه مصالح الفئات العربية الحاكمة التي لم يعد يربطها بالجماهير العربية إلا الوسائل الأمنية والأجهزة الاستخباراتية والأحزاب الفوقية التي اختطفت من مختلف مكونات المجتمعات العربية كل الوسائل القانونية والمالية والتقنية والجمعياتية مجردة بذلك إياها من كل وسائل الدفاع المدني عن مقوماتها الوطنية وصون المصالح الحيوية الدنيا لاستمرار حياة كريمة ومتطورة…
ما أخشاه أن تكون زيارة المرأة الأمريكية الجريئة ليست إلا مجرد التفاف علي المستنقع العراقي أملته مصالح حزب صاعد وليس بادرة جادة لإصلاح هذه العلاقة ومسارعة إلي معالجة ما أفسدته الحرب الظالمة وما جنته الأيدي الأمريكية غير المتعقلة علي مصالح كل العرب ومطامحهم، وقبر أحلام شبابهم مع ضياع الكثير مما تكنه هذه الشعوب من احترام ومحبة للشعب الأمريكي الذي لم تستعد قواته العسكرية علي أوطاننا إلا في السنوات الأخيرة مخيبة بذلك كل تطلعات مستضعفي المنطقة إلي حياة سياسية يكون فيها للمواطن العربي حق التقرير في من يحكمها. فإذا أملت الظروف العربية البائسة علي الحكومة السعودية والحكومة السورية وغيرهما من الحكومات العربية تعاملا دونيا مع الولايات المتحدة الأمريكية، فلا شيء يؤمن لهما أن لا تستعملانها، كما لو كانت الدول العربية من اللواتي لا يرجون نكاحا، وكأن ليس وراء هذه الحكومات شعوبا تحس بالكرامة وتقبل الموت كما رأينا في العراق، ليس من أجل حب البقاء ولكن من أجل كبرياء هذه الشعوب وأنفتها… والتاريخ يشهد بأن استحمار هذه الشعوب رفض وبأعنف الطرق عبر كل المراحل التاريخية وضد التتار القدامي والجدد…
هل هي توصيات بيكر الحكيم ومن ثمة سعي لإصلاح هذه العلاقة الظالمة والمجحفة علي حد سواء بحقوق هذه الحكومات التابعة، فضلا عن ازدرائها بكرامة الشعوب العربية ونكرانها لأبسط قواعد التعامل الإنساني المتحضر، خصوصا وأن خطاب الإدارة الأمريكية حتي وهو يمارس التطرف العسكري ضد حلفائه ظل يعزف كثيرا علي أوتار المدنية والقيم الإنسانية النبيلة، في حين أن ما جري في العراق كان شهادة وفاة لهذه القيم وخازوقا لوأدها علي رؤوس الأشهاد. لهذا أري أن تكبد العربية السعودية لمصاريف القمة العربية الأخيرة يهون كثيرا أمام التحديات الصارخة والخطيرة التي تجابهها المنطقة. وإذا كان خطاب العاهل السعودي قد خرج جرأة وموضوعا عما عرفت به الديبلوماسية السعودية من تحفظ بل واحتشام وتواضع، فإن ما يخشاه المرء أن النقد الذاتي للقيادة السعودية والذي لم تألفه جماهيرنا في الخليج، قد تفرغه أيامنا المقبلة من المحتوي الصارم واللاذع الذي ورد في خطاب القمة. ولا أحد يستطيع أن يسفه لب هذه المبادرة غير الطرف الإسرائيلي المتمانع علي الدوام، وأخطر منه القرار الأمريكي المراوغ دائما والذي يأبي أن يتجرد من أجل نفسه ومن أجل حلفائه في المنطقة ليحمل كل الأطراف علي تقديم التنازلات المطلوبة عربيا وإقليميا ودوليا.
وقد دفعني إلي الشك كالعادة في النوايا وفي الخطب غربها وشرقها، ما صرحت به وزيرة الخارجية الأمريكية بعد القمة من أنها ستعمل علي إنجاز دويلة فلسطينية قابلة للحياة، كما لو أن الشعب الفلسطيني لا يستأهل أكثر من قطعة جغرافيا عائمة في حالة إنعاش مستمر. وللتذكير فإن الإخراج السعودي للقمة علي أرض سعودية وبأموال سعودية ليس هو الأول الذي يبقي حبرا علي ورق، فقد سبق للأرض اللبنانية أن استضافت نفس المبادرة والتي كان وراءها الطرف السعودي علي أرض لبنان الديمقراطي سنة 2002، ويومها كان من جملة من وافق علي مبدأ الاعتراف بالدولة العربية كل من الزعيمين العربيين المتشددين: العقيد معمر القذافي وصدام حسين، أقول العملاق صدام حسين نفسه، والفارق الوحيد اليوم هو أن ثمة ماردا في المنطقة أصبح من العوامل الدافعة لما يمكن أن يحصل من تطور نوعي في المنطقة العربية، وأقصد تحديدا قيام دولة فلسطينية وعاصمتها القدس الشريف تعيش جنبا إلي جنب مع دولة إسرائيلية غير دخيلة علي المنطقة العربية… (*) كاتب وإعلامي تونسي يقيم في بريطانيا (المصدر: صحيفة “القدس العربي” (يومية – لندن)، الصادرة يوم 21 أفريل 2007)  


 

دولة الحزب الواحد ليست لجميع أبنائها

بقلم الأستاذ الهادي المثلوثي.
لا يستقيم مفهوم دولة القانون والمؤسسات دون ممارسة ديمقراطية حقيقية تتجلى فيها حقوق الإنسان الكاملة. ومن أبسط هذه الحقوق حرية التفكير والتعبير والتنظم المدني والسياسي حتى يستكمل المواطن شروط اكتساب المواطنة والانخراط في منظومة الحقوق والواجبات الكافلة للانتماء الوطني والالتزام بدستور البلاد وتشريعاتها وقوانينها. ولكن حين تصبح الدولة ملكا لحزب بعينه أو لفئة دون أخرى فإن المواطنة تفقد شروطها وخصائصها ويفقد العقد الاجتماعي مفهومه وتنتفي الشراكة بين القوى الاجتماعية والسياسية المكونة للمجتمع وقد تتحول إلى احتكار لصالح الحزب الحاكم أو الفئة المهيمنة على مقدرات البلاد، فيسود الظلم والحرمان والقهر والمنع وهذه أمور تتنافى مع منظومة قيم ومبادئ المواطنة وحقوق الإنسان ومفهوم المجتمع المدني والحياة الديمقراطية والتعددية الفكرية والسياسية وتضرب في الصميم دولة القانون والمؤسسات.
فكم نحتاج من الزمن حتى نصبح مواطنين شركاء في الوطن وفي الحياة الفكرية والسياسية ونتساوى أمام القانون لنمارس حرية التفكير والتعبير وحق الانتماء إلى جمعيات مستقلة وحق التنظّم في أحزاب يحميها القانون ضمانا للتعددية والديمقراطية الحقيقية ؟.
لا جواب، طالما أن الدولة احتكار للحزب الواحد ومن والاه في الرأي والنهج السياسي: ديمقراطية على القياس وتعددية مشروطة وبالتالي حياة سياسة قائمة على مصادرة الإرادة كسبا للتأييد المطلق والتسليم بالأمر الواقع المحكوم بهيمنة الحزب الحاكم والوارث للسلطة والمؤتمن على الدولة ومصيرها. في ظل هذه العقلية الحزبية الأبوية لا بد أن تكون حرية التفكير والتعبير مزعجة لأصحاب السلطة ولا بد أن تشكل استقلالية الجمعيات والمنظمات والأحزاب خطرا على المؤسسة الحزبية المتفردة بإدارة وتسيير الدولة. وعليه لا مكانة لحرية الصحافة والإعلام ولا منبر للرأي المخالف وللنقد الهادف ولو كان مجرد موقع على شبكة الانترنت. فسياسة المنع والقمع وغلق المواقع أمر بديهي لتكميم الأفواه وخنق الأصوات لطمس الحقائق بفرض الخطاب الواحد والرأي الأوحد، فلا صوت يعلو على صوت الحزب الحاكم ولا معارضة لسياساته ولا شريك له في التقرير والتسيير والاستئثار بالسلطة واحتكارها.
فالشكوى من عدم الحصول على تأشيرة لتكوين حزب سياسي أو جمعية مدنية والاحتجاج على غلق موقع واب على الانترنت أو منع تظاهرة أو التضييق على نشاط معارض لا تجدي نفعا ولا تقيم الحجة على خرق الدستور والقانون لأن العقلية السائدة تقوم على منطق التملك والمسؤول المؤتمن على المصلحة العليا للبلاد وما لها ومن فيها. وإن كان لا بد من معالجة لما نحن فيه من مآزق اجتماعية وسياسية فالحل الجذري يكمن في تخليص الدولة من مختطفيها وتحرير السلطة من محتكريها حتى يأخذ الدستور مكانته وتأخذ القوانين مجاريها الطبيعية ويسترد الشعب سيادته ويحرر إرادته وينال كرامته ويمارس حقوقه في إطار مواطنة مكفولة بدولة القانون والمؤسسات. هذا هو الحل وسيبقى حلما إن لم تلتق الإرادات الحرة والواعية للقوى الحية في جبهة وطنية واسعة ومتماسكة لتحرير الدولة من العقلية الاحتكارية وطواغيتها وبذلك فقط تكون الدولة لجميع أبنائها والسياسة فيها شراكة والتعددية الحزبية ضمانة للديمقراطية وحصانة للمجتمع المدني وآلياته التنظيمية.
بقلم الأستاذ الهادي المثلوثي، تونس في 22/4/2007.
 
(المصدر: موقع “الحوار.نت” (ألمانيا) بتاريخ 22 أفريل 2007)

  الهاشمي يؤكد مصداقية توجهاته الإعلامية ويعلن التحدي

 

نص حوار صحفي لمجلة “شوارد” الالكترونية السعودية مع الدكتور محمد الهاشمي الحامدي رئيس قناة المستقلة، أجراه الدكتور محمد السعيدي رئيس قسم الدراسات الإسلامية في كلية المعلمين بمكة المكرمة.

* * *

الدكتور محمد الهاشمي الإعلامي المعروف ومدير قناة المستقلة يخص مجلة شوارد بحوار مثير ومختلف، تجربة ثرية ورائعة للهاشمي نضعك في ثناياها لتتعرف عن كثب على توجهات الهاشمي الإعلامية وأهداف قنواته التي أسهها فماذا يقول الهاشمي؟

في بداية الحوار أود أن أحيي مجلة “شوارد الإلكترونية”، وأهنئ القائمين عليها بمناسبة صدرور عددها الأول، وأدعو لهم بالتوفيق والنجاح.

س –بعد ظهور قناة المستقلة لم نعد نسمع بصحيفة المستقلة فهل لها وجود حتى الآن ؟

ج ـ اضطررنا لوقف اصدار جريدة المستقلة لأسباب مادية بحتة، وراينا توجيه كل الموارد المتاحة لتمويل القناة الفضائية.

س – حققت قناتكم أكبر نجاح في أول تجربة عربية للإعلام العفوي والحر فكيف تلخصون أسباب هذا النجاح ؟

ـ أظن أن ذلك يعود بعد فضل الله عز وجل وتوفيقه، إلى المدى الواسع من الحرية الذي تتيحه برامج القناة، وثقة المشاهد العربي بأن قناة المستقلة وشقيقتها، قناة الديمقراطية، تسعيان بصدق لنشر قيم الحرية والعدالة ومبادئ حقوق الإنسان في المجتمعات العربية.

كما يعود ذلك إلى أصالة وجرأة الكثير من الموضوعات التي نطرحها للمناقشة بحرية كاملة، وهي موضوعات نادرا ما تطرح في الفضائيات المنافسة.

أعترف أنني معجب بتجربة هيئة الإذاعة البريطاينة وتقاليد الإعلام البريطاني عموما، وأحاول نقل حصيلة هذه التجربة للمجتمعات العربية. ربما يكون لهذا التوجه أيضا علاقة بالصدى الواسع والمشجع لقناتي “المستقلة” والديمقراطية” في العالم العربي.

س – من أبرز أعمال قناتكم خطواتها الجريئة في محاولة التكاشف الحقيقية بين السنة والشيعة فهل وصلت بهذه التجربة إلى نتائج إيجابية ولصالح من ؟

ـ الحوار السني الشيعي موضوع يقدره الحريصون على التجديد الفكري في العالم الإسلامي، والمؤمنون بأهمية التعددية، وبقيم التسامح.

هذا العام ظهرت نتائج محسوسة وملموسة، أهمها طبعا إعادة تصميم موقع المرجع الأعلى للشيعة سماحة آية الله العظمى السيد علي السيتاني بعد أن خصصنا عدة حلقة لمناقشة فتاوى وأطروحات منشورة في موقعه على شبكة الانترنت، وموافقة عدد من رموز علماء الشيعة على أن بعض ما هو موجود ومنشور في المواقع التابع للمرجع الأعلى للشيعة يحسن ألا تنشر في الموقع.

هذا المثال يدل على أننا نتقدم تدريجيا نحو إقناع الجهات الفاعلة والمؤثرة في الحوار السني الشيعي بمراجعة تراثها القديم واجتهاداتها المعاصرة أيضا، لتتواءم مع أصول الدين والمنطق، ومع مبادئ العصر وقيمه، وأركز هنا بوجه خاص على قيم التسامح التسامح والقبول بالتعددية وحق الإختلاف.

في الوسط السني أيضا، وفي الوسط السلفي، أدت الحوارات إلى وعي متزايد بأن العالم متعدد، وأن الوحدة الإسلامية المنشودة تحتاج أحيانا لاجتهادات جديدة، وأن آراء بعض مشاهير العلماء السابقين والمعاصرين ليست مقدسة.

تأتينا رسائل كثيرة لمشاهدين استفادوا من هذه الحوارات، وربما ساهمت تلك الحوارات في صياغة نظرتهم لأمور كثيرة مهمة في حياتهم.

قناة المستقلة التي أتاحت المجال لهذا الحوار ليست منحازة، وإنما تريد المساهمة بجدية وقوة في دفع حركة التجديد الفكري والديني داخل المجتمعات العربية والإسلامية وفي نشر مبادئ التسامح وحقوق الإنسان.

س – تعد قناة المستقلة في نظر البعض مشاركا فاعلا في السياسة العراقية فهل اتخذت القناة موقفا محددا مع طرف دون آخر وما هي سياستها في اتخاذ المواقف السياسية ؟

ج ـ المبدأ الأول لقناة المستقلة عند تعاطيها مع الأخبار العراقية، أو العربية والدولية، أو الحوارات الفكرية والتاريخية، هو التمسك بالحياد، وإتاحة الفرصة لوجهات النظر الرئيسية ذات الصلة بموضوعات النقاش، وترك الأمر للمشاهد ليحكم بحرية على ما يعرض من آراء وأطروحات.

س- ما الفرق المنهجي بين قناتي الديمقراطية والمستقلة ؟

ج ـ قناة المستقلة تتوسع في موضوعاتها الفكرية والثقافية والإجتماعية. أما قناة الديمقراطية فتركز على ما يتصل بالتقدم الديمقراطي في العالم العربي.

س – أين قضية فلسطين في قناة المستقلة والديمقراطية ؟

ـ خلال اليومين الأخيرين خصصنا برامج للتعليق على حوارات مكة المكرمة بين الفصائل الفلسطينية والدور السعودي في ترتيب هذا الحوار.

س – يشعر المشاهد لكم بحياديتكم التامة فأين نجد آراءك الشخصية وفكرك المستقل ؟

ج ـ في كتبي، وأهمها “محمد صلى الله عليه وسلم للقرية العالمية”، وهو قراءة معاصرة في السيرة النبوية، وفي كتاب مودة أهل البيت عند أهل السنة، وهو كتاب مشترك مع العلامة الدكتور عائض القرني يصدر خلال هذا الشهر، وفي دعوتي التي نشرتها قبل خمسة عشر عاما تقريبا حول ضرورة التوافق على الميثاق الإسلامي للعدل والشورى وحقوق الإنسان.

تبنيت أيضا فكرة الحوار بين الثقافات والحضارات وأسست لهذا المبدأ مجلة الديبلوماسي عام 1996. وأؤمن بالحوار بين الأديان، وأعبر عن ذلك من خلال تقديمي لبرنامج “آل إبراهيم” في قناة المستقلة.

أحاول كمواطن في القرية العالمية، معتز بدينه وعروبته، أن أساهم في حركة التجديد الإسلامي، وفي ترسيخ مبادئ الحرية في العالم الإسلامي، وفي التقريب بين شعوب العالم على اساس مبادئ السلام وتبادل المنافع والإحترام المتبادل، تجسيدا للآية القرآنية الكريمة: “يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا”.

س- لك اطلاع كامل كما يظهر بالحراك الثقافي بين التيار الإسلامي والتيار الليبرالي في المملكة العربية السعودية فبصفتك صاحب تجربة ثقافية وحوارية عريضة كيف ترى مستقبل هذا الحراك ؟

ج ـ النخب السعودية، بمختلف اتجاهاتها، تحمل إرثا فريدا. فمن بلادها انطلق خاتم الأنبياء والمرسلين يبلغ رسالة الخالق عز وجل للعالم بأسره، يناصره جيل فريد نجح فيما عجزت عنه شعوب أخرى كثيرة في مشارق الأرض ومغاربها، جيل نجح في أن يكسب قلوب الشعوب التي احتك بها وعقولها، وبذلك فتح القلوب لا الجدران، ونشر أنوار التوحيد والمساواة والحق والحرية والعدالة ومكارم الأخلاق في بلدان كثيرة.

كم يدفع الناس اليوم لو أرادوا نيل شرف الإنتساب لمثل هذا الإرث؟ كنوز الدنيا كلها لا تكفي.

إن قوة الدولة السعودية، منذ تأسيسها قبل نحو ثلاثة قرون من الزمن، هي استحضارها لذلك الإرث الفريد وتبنيها له.

واليوم، هناك تحديات جديدة وأفكار وأطروحات جديدة تواجه النخب العربية المسلمة في كل مكان.

ما أرجوه فيما يخص النخب السعودية هو أن تستحضر هذه النخب دائما عظمة هذا الكنز وهي تدير السجال بينها من أجل مستقبل أفضل، وأن تساهم في حركة التجديد الفكري الإسلامي ولا تعيض فقط على اجتهادات العلماء السابقين.

ولئلا أغضب أحدا، أقول إن النخب السعودية تفعل ذلك، وملاحظتي هذه للتذكير فقط، لتذكير القلة القليلية التي تبدو متبرمة من هذا الإرث أو مستهينة به أو مستكينة بالكامل للتقليد.

س – ما هي الرسالة التي أردت أن تقدمها من خلال كتابك القرية العالمية ؟

ج ـ حاولت أن أبين أن للإسلام معجزته الأولى وهي القرآن الكريم، ثم لديه أيضا معجزة الإنسان الذي نزل عليه الوحي وكلف بتبليغ الرسالة، معجزة سيدنا وإمامنا محمد صلى الله عليه وسلم. كان بشرا رسولا، خاطب الدنيا كلها، وجسد أرفع مكارم الأخلاق، وانفتح على أهل الكتاب، وأكد المساواة التامة بين البشر، ووقف بقوة في وجه العنصرية، وحرر المرأة، وجعل العدالة واجبا دينيا، وأقر التعددية في العالم، ودعا للتعايش السلمي بين شعوب المعمورة.

كتبت سيرة النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم لكل باحث عن الحقيقة في العالم، وأسعى الآن لنشرها بعدة لغات أجنبية.

الدكتور محمد الهاشمي الحامدي  

سيرة ذاتية

ـ مؤسس ورئيس قناة المستقلة الفضائية وقناة الديمقراطية الفضائية في لندن، ومؤلف كتاب “محمد صلى الله عليه وسلم للقرية العالمية”.

ـ من مواليد 1964 ميلادية في محافظة سيدي بوزيد، جنوب القيروان، وسط الجمهورية التونسية.

ـ نال شهادة الإجازة في اللغة والآداب العربية من كلية الآداب بجامعة تونس عام 1985.

ـ أكمل دراساته العليا في كلية الدراسات الشرقية والأفريقية بجامعة لندن ونال منها درجة الماجستير عام 1990 متخصصا في الآداي العربية والتاريخ والدراسات الإسلامية المعاصرة.

ـ نال درجة الدكتوراه من قسم دراسات الشرق الأوسط في كلية الدراسات الشرقية والأفريقية بجامعة لندن عام 1996 متخصصا في مجال الدراسات الإسلامية المعاصرة.

ـ عمل في الميدان الإعلامي منذ عام 1983. بدأ مسيرته الإعلامية في صحف “الرأي”، و”المغرب العربي”، و”الصباح” التونسية، ثم انتقل إلى لندن وأشرف على تحرير صفحة الدين والتراث اليومية بجريدة الشرق الأوسط لعدة سنوات.

ـ أسس جريدة المستقلة الاسبوعية في يناير 1993 وأشرف على تحريرها منذ ذلك الوقت لعدة سنوات.

ـ أسس مجلة الديبلوماسي الفصلية للحوار بين الثقافات والحضارات عام 1996 وأصدر منها ستة أعداد باللغتين العربية والانجليزية، كما نظم باسمها مؤتمر لندن للحوار بين الثقافات والحضارات في يونيو 1996، بمشاركة مفكرين وعلماء بارزين من مختلف أنحاء العالم.

ـ أسس قناة المستقلة الفضائية في لندن عام 1999.

ـ أسس قناة الديمقراطية الفضائية في لندن عام 2005.

ـ نشر عدة كتب بالعربية والأنجليزية، أحدثها كتاب “محمد صلى الله عليه وسلم للقرية العالمية”، وهو قراءة معاصرة في السيرة النبوية، وكتاب آخر قيد الطبع مع الدكتور عايض القرني عنوانه “مودة أهل البيت عند أهل السنة”.

ـ شارك في العديد من الندوات الفكرية والمهرجانات الثقافية العربية والعالمية، ونشر في عام 1992 مقالة موسعة دعا فيها لإجازة الميثاق الإسلامي للعدل والشورى وحقوق الإنسان.

http://www.shaward.com/shaward/modules.php?name=News&file=article&sid=85

 

 
(المصدر: مجلة “شوارد الإلكترونية”  بتاريخ 22 أفريل 2007)
 

الامن يطوّق القنصليات الغربية والمواقع السياسية والسياحية بالعاصمة الاقتصادية

المغرب: استمرار ملاحقة المشتبه بهم في التفجيرات وتظاهرات الدار البيضاء مخيبة للآمال

الرباط ـ القدس العربي ـ من محمود معروف: الحشود التي تجمعت بالدار البيضاء مساء الخميس 19 أبريل للتنديد بالتفجيرات الانتحارية التي عرفتها المدينة لم تكن بالحجم الذي كان يتوقع من مدينة يبلغ عدد سكانها اكثر من خمسة ملايين نسمة تشكل نبض الاقتصاد المغربي. فبدل الالاف الذي كان الحديث عنه، كان المحتشدون في الساحة الرئيسية بالمدينة بالمئات وبدل حشد سياسي لم يمثل بالتجمع علي مستو عال الا حزب العدالة والتنمية الاصولي المشارك بالبرلمان وعلي درجة اقل الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية اليساري والحزب الرئيسي بالحكومة وفي ظل غياب بارز لمنظمات المجتمع المدني. واذا كان منظمو التجمع اعادوا ضآلة عدد المشاركين الي مقاطعة منظمات لعدم تصدرها التجمع وكون الخميس يوم عمل، فان منظمات من المجتمع المدني قالت ان المنظمين لم يكونوا في مستوي تنظيم فاعلية يجمع الشعب المغربي علي المشاركة بها لان الارهاب يهدد الجميع.
كان عدد المحتشدين في ساحة محمد الخامس في الدار البيضاء لا يتجاوز الفي شخص ويرددون الهتافات التقليدية التي تسمعها بكل المظاهرات والجماعات المغربية مع تبديل الاسم المقصود بالتأييد او الادانة ولان الاحتجاج ضد الارهاب فان اسمه كان المردد علي السنة المحتجين ارهابي يا جبان، المغرب ارض الامان و ارهابي سير بحالك، المغرب ليس لك و نعم للاسلام ولا للاستئصال والتكفير و بالروح بالدم نفديك يا مغرب . كما رددوا اسم مفتش الشرطة ابراهيم النيدبية الذي قضي حتفه في تفجير حي الفرح بالدار البيضاء يوم 10 نيسان/ابريل الجاري.
اجهزة الامن كان لها عمل اخر يتواصل منذ التفجير الانتحاري الاول الذي وقع يوم 11 اذار (مارس) الماضي في محل للانترنت بحي سيدي مومن المهمش بالمدينة وذهب ضحيته منفذ التفجير عبد الفتاح الرايدي وجرح شريكه يوسف الخودري وثلاثة من رواد النادي. عمل اجهزة الامن هو البحث عن نشطاء اخرين (تقدرهم الجهات الامنية بالعشرين ناشطا) تقول التقارير انهم علي علاقة بالرايدي ومجموعته وحين كان المحتجون يتجمعون بالدار البيضاء كانت اجهزة الامن تطوق احد احياء بوسكورة (احدي ضواحي الدار البيضاء) وتلقي القبض علي يوسف مساعد الذي وصفته مصادر امنية بـ ارهابي ينتمي الي العصابة المسؤولة عن تفجيرات 11 اذار (مارس) و10 نيسان (أبريل) الجاري بالدار البيضاء. وأضاف المصدر أن مساعد تم توقيفه بمحل سكناه دون أن يبدي أي مقاومة تجاه افراد الشرطة ولم تكن بحوزته أي متفجرات لحظة اعتقاله. وقالت وكالة الانباء المغربية أن اعتقال العباسي زعيم شبكة الرايدي ومساعده الأسبوع الماضي، مكن من تحديد هوية جميع أعضاء المجموعة، واكتشاف مخابئهم والأوكار التي كانوا يصنعون فيها المتفجرات.
وافادت صحيفة التجديد المقربة من حزب العدالة والتنمية ان السلطات الأمنية بالدار البيضاء اعتقلت أكثر من 40 شخصا مشتبها بهم في أعقاب حادثي حي الفرح وشارع مولاي يوسف، في اطار التحقيقات الجارية للكشف عن مدبري الخلية التي انطلق منها الانتحاريون. وقالت ان يجري البحث عن العديد من المشتبه بهم المطلوبين في أعقاب تفجيرات الدار البيضاء أخيرا، وأضافت المصادر ذاتها أن عمليات البحث والتعقب تأتي في اطار الحملات الوقائية ضد اعتداءات ارهابية تبقي محتملة، قد يلجأ اليها بعض ممن هم في لائحة المبحوث عنه. وتكثف الاجهزة الأمنية بالدار البيضاء ومند مغربية اخري ومنذ تفجير 11 اذار (مارس) الماضي، من اجراءاتها الاحترازية وتعمد الي تشديد الطوق الأمني واستغلال أكبر قدر من المعلومات الكافية في اطار البحث الجاري حول مجموعة الأشخاص، سواء المشتبه بهم أو من هم في لائحة المبحوث عنهم. وتضرب الأجهزة الأمنية بالدار البيضاء بطوقها الأمني، علي مجموع القنصليات الأجنبية لكل من الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وبريطانيا،بالاضافة الي أماكن العبادة كالكنائس، والمؤسسات الحكومية التي تعرف بدورها، بحسب مصادر مطلعة احترازات أمنية لم تعهدها من قبل، عن طريق استعمال آلات للتفتيش يتم بها مراقبة أجساد المواطنين بشكل شامل، من الرأس الي القدمين بواسطة رجال الأمن بالزي الرسمي وبحضور ضابط للشرطة وبأوامر مباشرة من النائب العام. وتخضع الفنادق السياحية وسط العاصمة الاقتصادية للبلاد زوارها والمرتادين عليها الي اجراءات أمنية مشابهة ومشددة كلفت بالقيام بها شركات خاصة في هذا الشأن، تحسبا لكل ما يمكن ان يهدد سلامة زوارها.
من جهة اخري قررت محكمة من الدرجة الاولي ارجاء النظر في قضية ناشطين اصوليين متشددين اعتقلوا علي خلفية تجنيد شباب مغاربة للقتال ضد القوات الامريكية بالعراق. وقررت غرفة الجنايات الابتدائية بملحقة محكمة الاستئناف بسلا الجمعة مواصلة الاستماع لـ22 متهما أعضاء خلية ما يعرف ب خلية محمد رحا (بلجيكي من أصل مغربي) الي 11 ايار (مايو) المقبل المتابعين من أجل الاشتباه في ارتباطهم بحركة اسلامية متطرفة لها صلات بالمجموعات الناشطة بالحدود العراقية. وتتابع هذه الخلية التي يوجد من بين أعضائها بلجيكي آخر من أصل مغربي بتهم تكوين عصابة اجرامية لاعداد وارتكاب أعمال ارهابية لها علاقة بمشروع جماعي يهدف الي المس الخطير بالنظام العام وجمع وتدبير أموال بنية استخدامها في ارتكاب أعمال ارهابية . وفككت اجهزة الأمن في شهر تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي السنة الماضية من تفكيك خلية ارهابية قيد التشكيل تتكون من 22 عنصرا يشتبه في ارتباطهم بحركة اسلامية متطرفة تقيم روابط وثيقة بتنظيم القاعدة.
وقالت تقارير الشرطة ان محمد رحا الذي دخل المغرب في شهر ايلول (سبتمبر) الماضي قام رفقة خالد أزيك الذي دخل المغرب في شهر حزيران (يونيو) من السنة الماضية بربط اتصال ببعض المغاربة الأفغان سابقا من بينهم اثنين كانا من بين معتقلي قاعدة غوانتانامو. وندد عبد الحميد أمين رئيس الجمعية المغربية لحقوق الانسان في افتاح المؤتمر الثامن لجمعيته الذي يعقد بالرباط ويختتم الاحد بالارهاب بكل اشكاله وادان مرتكبيه واعلن تضامن جمعيته مع الضحايا وذويهم، داعيا الي الكشف عن أسبابه واتخاذ الاجراءات العميقة الكفيلة باجتثات جذوره. (المصدر: صحيفة “القدس العربي” (يومية – لندن)، الصادرة يوم 21 أفريل 2007)

 

كيف يصنع فقه الموت الانتحاريين في المغرب

الدار اليضاء (المغرب) ـ اف ب: الله وحده يعلم اذا كان ولداي سيدخلان الجنة ، هكذا تؤكد بحذر رشيدة والدة عبد الفتاح وايوب الرايدي اللذين فجرا نفسيهما بحزامين ناسفين في 11 اذار/مارس الماضي و10 نيسان/ابريل الجاري في الدار البيضاء. ولكن لسان حال هذه السيدة ذات الواحد وستين عاما التي تقيم في كوخ لا تتجاوز مساحته خمسة امتار مربعة بحي سكويلا في ضاحية سيدي مومن الفقيرة بالدار البيضاء يقول انها تميل الي الاعتقاد بانهما حصلا علي الشهادة التي كانا يتمنيانها. ولا تدين ما قام به عبد الفتاح (23 عاما) وايوب (19 عاما) وتكتفي بالقول لقد فقدتهما . اما شقيقهما الاصغر نبيل (14 عاما) فهو يعرض بزهو الصورة الوحيدة التي يمتلكها لعبد الفتاح وهي صورته لحظة خروجه من السجن بعفو ملكي في ربيع 2005 بعد ان اعتقل لمدة عامين في اعقاب تفجيرات 16 ايار/مايو 2003 في الدار البيضاء.
في هذه الصورة يقف عبد الفتاح مبتسما ورافعا المصحف الي اعلي بيده اليمني وهو يرتدي جلبابا قصيرا ويحمل لحية طويلة. وتروي الام ان عبد الفتاح تزوج بعد خروجه من السجن بفترة وجيزة واقام في الرباط وانجب طفلا عمره الان اربعة شهور ولكنه لم يره لانه جاء الي الدنيا بعد ان قرر والده التواري عن الانظار والانتقال الي العمل السري منذ ان بدات الشرطة في البحث عنه مجددا في تموز/يوليو الماضي. اعتنق عبد الفتاح مثل شقيقه ايوب والانتحاريين الاربعة الاخرين الذين لقوا مصرعهم في تفجيرات الدار البيضاء الاسبوع الماضي ما بات خبراء الحركات الاسلامية يصفونه بـ ثقافة الموت او فقه الموت .
ولم يعد، براي علماء السياسة والاجتماع وعلماء النفس، الفقر والتهميش كافييين لتفسير انتشار هذا الفقه الجديد الذي وضعه تنظيم القاعدة بل ان تقاطع عوامل عدة علي المستوي المحلي مع الاختلالات علي المستوي الدولي افرز هذه الظاهرة التي باتت عابرة للدول . ويقول استاذ العلوم السياسية والاجتماعية بجامعة عين الشق في الدار البيضاء محمد طوزي ان مدينة متروبوليتانية الطابع مثل الدار البيضاء تفرز بالضرورة مظاهر عديدة للعنف الحضري مثل السرقة بالاكراه والمخدرات والاغتصاب والدعارة فضلا عن الهجرة غير المامونة التي يسميها المغاربة ب +الحريق+ لان المهاجرين غير الشرعيين علي متن القوارب الصغيرة يحرقون انفسهم ويحرقون المسافات .. ولكن الظاهرة المثيرة برايه هي كيف يتجه هذا العنف الحضري الي الانخراط في ما يعرف بفقه الموت اي العمليات الانتحارية. ويري طوزي ان ظهور فقه الموت هو نتاج التقاء العنف الذي تفرزه مدينة مثل الدار البيضاء مع التطورات التي عرفتها الحركات السلفية الجهادية والنموذج الذي باتت تشكله الان حرب القاعدة في العراق .
ويقول انه مع انحسار دور حركات الاسلام السياسي التي تم تدجينها داخل النظم السياسية القائمة فان الفاعلين المحليين لا يتحكمون في اليات تنشاة الشباب وانما يصبح المؤثرون فعليا هم شيوخ الحركات السلفية الجهادية عبر مواقعهم علي الانترنت وعبر الصور التي تعرضها التلفزيونات يوميا للعمليات الانتحارية في العراق وافغانستان . ويشير الي ان غياب اي تاطير سياسي من خلال حركات الاسلام السياسي التي تم تدجينها داخل النظم السياسية خلق فراغا سدته الحركات السلفية الجهادية الوهابية التي تتبني الان فقه الموت . وتنشط علي الساحة السياسية في المغرب حركتان اسلاميتان هما حزب العدالة والتنمية المنبثق عن حركة التوحيد والاصلاح وجمعية العدل والاحسان ذات الطابع التربوي والنزعة الصوفية. ويعتبر طوزي ان كليهما يعمل من داخل النظام السياسي ولا يشكل بديلا ولذلك فان تاثيرهما يبقي محصورا في حدود الطبقة الوسطي والشريحة الدنيا من الطبقة الوسطي وليس لهما القدرة علي تاطير شرائح كبيرة من الطبقات الاجتماعية الادني .
ويشير خبير الحركات الاسلامية محمد ظريف ان الحركات السلفية الوهابية بدات في الظهور في المغرب في النصف الاول من ثمانينات القرن الماضي بتشجيع انذاك من السلطات التي كانت تخشي مدا شيعيا بعد قيام ثورة الخميني في ايران عام 1979. ويؤكد ان بعض الحركات السلفية في المغرب تاثرت في ما بعد باسامة بن لادن وتنظيم القاعدة الذي نجح في خلق ظاهرة الاستشهاديين واشاعة ثقافة جديدة للموت بعد ان قدم النموذج في اعتداءات 11/9 في الولايات المتحدة. ويضيف ان هذه الثقافة لا تكتفي فقط بتوظيف الدين من خلال ابراز منزلة الشهداء عند الله وانما تجعل للموت وظيفة اجتماعية اذ تعتبر ان الامة التي لا تستطيع التضحية بارواح ابنائها لا تستحق الحياة . اما استاذ الطب النفسي في جامعة الدار البيضاء عمر بطاس فيعتقد ان المحرك الاساسي ل الاستشهادي هو الشعور بالانتماء الي مجموعة معنية والتماهي فيها وان الفكر السلفي القائم علي فكرة العزلة عن المجتمع والتبرؤ منه يساهم في الاعداد النفسي للانتحاريين من خلال تسهيل انسلاخهم عن محيطهم. ويؤكد ان هشاشة الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية والشعور بالتهميش يمكن ان يكون عاملا يساهم في اقناع الشباب بفكرة التماهي في مجموعة ما ويتم توظيف الدين وفكرة الشهادة للدفع باتجاه فكرة الانتحار الارادي . (المصدر: صحيفة “القدس العربي” (يومية – لندن)، الصادرة يوم 21 أفريل 2007)


بلخادم: واشنطن ارتكبت خطأ جسيما بحق الجزائر

الجزائر ـ يو بي أي: قال رئيس الحكومة الجزائرية عبد العزيز بلخادم أن الولايات المتحدة الأمريكية ارتكبت خطأ جسيما بحق الجزائر عندما أعلنت عن احتمال وقوع تفجيرات إرهابية جديدة بعد تلك التي وقعت في 11 من الشهر الجاري والتي أدت إلي مقتل 33 شخصا. وكان بلخادم يتحدث أمام مرشحي حزبه (جبهة التحرير الوطني) في الإنتخابات التشريعية المزمعة في 17 من الشهر المقبل الخميس بالعاصمة الجزائرية. وقال بلخادم ان ما أقدمت عليه السفارة الأمريكية في الجزائر يعتبر خطأ جسيما بحق الجزائر غير مستبعد بأن يكون هذا التصرف مناورة .
وكانت السفارة الأمريكية وجهت إشعارا إلي رعاياها في الجزائر تشير فيه إلي تقارير وصفتها بغير المؤكدة تفيد أن مسلحين ربما خططوا لتنفيذ هجمات جديدة ضد مكتب البريد المركزي الجزائري وسط العاصمة الجزائرية وضد مقر التلفزيون الحكومي بأعالي العاصمة يومين بعد تفجيري العاصمة. وردت السفارة علي احتجاج الحكومة بقولها في بيان آخر أنه من واجب سفارة الولايات المتحدة الأمريكية في الجزائر بحكم القانون الأمريكي وسياسة وزارة الخارجية إبلاغ الرعايا الأمريكيين بالجزائر بأي معلومات تعتبر موثوقة عن أي خطر بإمكانه تهديد حياتهم وممتلكاتهم . وقالت هذه السياسة هي نفسها في العالم كله .
وقال بلخادم نحن لا نقبل التدخل في شؤوننا الداخلية ولم يحدث من قبل أن تبادر سفارات بالتحذير في بلد يعتمدها، وهذا الأمر مرفوض وغير مبرر مهما كانت دوافعه . واعترف بمرور المجتمع الجزائري بفترة تراخي أمني بفضل نتائج المصالحة الوطنية التي أتت ثمارها واستطاعت ان تجمع الجزائريين حولها وهذا التراخي هو الذي فتح الطريق أمام الإرهابيين لتحقيق مبتغاهم وهو زرع الرعب والإرهاب في أوساط المجتمع . وبخصوص عملية التعرف علي هوية الإنتحاريين الذي شنوا هجومي 11 نيسان (أبريل) قال بلخادم لم نتوصل بعد لنتائج نهائية والتحريات مستمرة . وكشفت الداخلية الجزائرية قبل يومين أن منفذي التفجيرين جزائريون.
وكان تفجيران استهدفا مقر رئاسة الحكومة ومحافظة للشرطة وأديا الي مقتل 33 شخصا بين المدنيين ورجال الأمن وجرح 57 آخرين في حصيلة غير نهائية. وأعلن تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي مسؤوليته عن التفجيرين، زاعما أنهما خلفا مقتل 53 شخصا علي الأقل وعدد كبير من الجرحي لم يحدده. وقال التنظيم في بيان أن التفجيرات التي أطلق عليها اسم غزوة بدر المغرب الإسلامي نفذت بشاحنتين تحمل 700 كيلوغرام من المتفجرات لكل شاحنة، في حين أعلن التنظيم أن الشاحنة الثالثة استهدفت مقر الشرطة الخاصة بباب الزوار أيضا وكانت محملة بـ500 كيلوغرام من المتفجرات. وسبق لهذا التنظيم أن تبني تفجيرات عدة ضد مراكز للشرطة وشركات نفط اجنبية بعد اعلان انضمامه الي تنظيم القاعدة الأم بزعامة أسامة بن لادن قبل أكثر من ثلاثة أشهر. (المصدر: صحيفة “القدس العربي” (يومية – لندن)، الصادرة يوم 21 أفريل 2007)

في معني التصريحات الامريكية بعد احداث الجزائر والمغرب

محمد الحجام (*) غريبة حقا هاته الاحداث المسماة عمليات إرهابية بالمغرب، وبشكل أوضح غريب هو الإرهاب في طبعته المغربية، شباب يفجرون أنفسهم وعمليات اعتداء غير واضحة الأهداف والمعالم، تعقبها وفرة في التفسيرات والمعطيات حول الأهداف التي كان ينوي المقتولون او المنتحرون او المنفجرون او المتفجرون او المعتقلون القيام بها، بالإضافة إلي المحجوزات من أجهزة الحاسوب والهواتف النقالة والمواد القابلة للاستعمال في صنع المتفجرات. وكثيرة هي التفسيرات والتعليقات الصحافية والرسمية والتي تكاد تجمع علي كون الظاهرة محلية الصنع وتأثيرات الخارج لا تتجاوز البعد الإيديولوجي. بعض المفكرين استبعد عامل الفقر والبطالة في إنتاج الظاهرة لأن هذا الفقر والبطالة يعرفه المغرب مند عقود. كتاب صحافيون ومعلقون رسميون قالوا إن الإرهابيين لجأوا إلي تفجير أنفسهم حتي لا يبوحوا للبوليس بزملائهم، وآخرون قالوا بأنهم فضلوا تفجير أنفسهم بدل الاستسلام. المعتقلون والمتابعون بعد التحقيق والمحكومون يجمعون علي كونهم ينتمون لتنظيمات إسلامية غير متطرفة او إرهابية، وبالتالي فالأحكام الصادرة ضدهم غير منصفة، ويطالبون بإعادة التحقيق ورفع الظلم عنهم.
عائلاتهم وذووهم يشهدون بسلامة واستقامة سلوك أبنائهم.
خمس عمليات شهدها المغرب في هذا الشأن: أولاها عملية فندق أطلس أسني بمراكش في عهد إدريس البصري، قيل بعدها إن الفاعلين شابان أوعز إليهما بهذا الفعل في إحدي المدن الفرنسية بارتباط مع المخابرات الجزائرية من اجل عدم ترك المغرب خارج دائرة الإرهاب وأن الشابين المنفذين اعتقلا في طريقهما إلي الجزائر قرب الحدود. الثانية: أحدات 16 ايار (مايو) بالدار البيضاء، حيث انفردت أسبوعية الأسبوع الصحافي للزميل مصطفي العلوي بنشر رسالة من توقيع جماعة الصراط المستقيم تعلن مسؤوليتها، وتوضح أن رئيس الخلية التي كلفت بضرب أهداف محددة كان من عناصر الجنرال العنيكري (مدسوسا) وهو الذي حور وبدل الأهداف، حيث كان مخططا ضرب مجموعة من عناصر المخابرات الأمريكية التي كانت بمهمة بالمغرب بفندق فرح وقتل قاض بمطعم كازا اسبانيول، وضرب معبد لليهود به لوبي صهيوني، إلا أن العنصر المدسوس حور الأهداف وضرب الأبرياء في المطعم، والمعبد حين كان فارغا وواجهة الفندق وركب سيارة مرسيدس وتم التستر عليه، واختفت البندقية، وأن التنظيم لا يستهدف قتل المسلمين والأبرياء.
الثالثة: تفجير شاب لنفسه في يوم 11 آذار (مارس) الفارط بعد إثارة غضبه من طرف صاحب مقهي الانترنت الذي منعه من استعمال الحاسوب، وفرار مرافقه. الرابعة: في بداية الأسبوع الثاني من شهر نيسان (ابريل) قتل شاب في مطاردة الشرطة له بعد ضبط مكان إقامته هو وزملاؤه بحي الفرح وتفجير الباقين لأنفسهم في عملية مطاردة البوليس لهم التي دامت طيلة النهار منذ الساعات الأولي للفجر. الخامسة : يوم السبت 14 نيسان (ابريل) تفجير شابين لأنفسهما واحد أمام القنصلية الأمريكية والثاني أمام المركز اللغوي الأمريكي القريب منه بشارع مولاي يوسف بالدار البيضاء.
هذا هو الإرهاب في طبعته المغربية.
ومعلوم أن ما أصبح يصطلح عليه إرهابا هي أعمال قتل منظمة ومحسوبة وذات أهداف ضد أعداء التنظيمات ذات المرجع الديني والتي توحدها القاعدة علي أرضية أن أعداء الإسلام لم يعد ينفع معهم سوي العنف والعمليات الاستشهادية الموصلة لضرب أهداف أمريكية وصهيونية وعملائهم وإلحاق الأذي بهم (أي ما يماثل العنف الثوري في الإيديولوجية الماركسية). وما يجري في العالم الآن ليس كله من صنع هده التنظيمات الدينية المؤمنة بالعنف/ الاستشهاد، بل كثيرة هي التفجيرات وأعمال القتل التي تكون وراءها أجهزة استخباراتية وتنسب للحركات الإسلامية وخصوصا القاعدة ، كما تأكد ذلك جليا في العراق أو كما صرح بعض ضباط الجيش الجزائري في المنفي بتورط المخابرات العسكرية الجزائرية في عدة عمليات إبادة تقوم بها وتنسبها للجماعات الإسلامية، كما أن اغلب العمليات الكبري لم يكشف التحقيق النهائي فيها للعالم، مما يجعلها موضع غموض لحد الآن، رغم استغلالها امنيا بسن حملات تمشيط واعتقالات ومداهمات، ناهيك عن الاستغلال السياسي لإعادة ترتيب خرائط التناقضات بخلق وقائع وأوضاع جديدة.
ومهما يكن فلعبة الإرهاب غير مفصولة عن لعبة المخابرات، إلا أن ما يجري في المغرب ليس إرهابا أو عنفا ثوريا وليس تخطيطا مخابراتيا بالمعني الاحترافي، إنها أعمال تحتاج إلي تفسير لأنها ضعيفة في اخراجها مهما كان مصدرها. وما دامت الحملة العالمية ضد الإرهاب تقودها أمريكا والصهيونية وأصبحت خاضعة لاتفاقيات وتنسيق وخطط مشتركة ملزمة لأغلب الدول رغم تباين وجهات النظر بين أوروبا وأمريكا خصوصا بعد الفشل الأمريكي المتزايد في العراق وأفغانستان وفلسطين، يبقي من الضروري استحضار هذا البعد لتلمس ولو نبراس لفهم ما أصبح يجري في المغرب العربي.
يوم السبت 14 نيسان (ابريل) حذرت السفارة الأمريكية بالمغرب في بيان علي الانترنت من خطر كبير قد يستهدف المصالح والمواطنين الأمريكيين والأهداف الغربية الأخري . ودعت السفارة رعاياها إلي اليقظة ، وقالت إنه علي المواطنين الأمريكيين أن يتابعوا بانتباه التطورات الأمنية ويبقوا متيقظين في الحفاظ علي أمنهم الشخصي . في نفس الوقت قررت القنصلية الأمريكية في البيضاء إغلاق أبوابها أمام العموم باستثناء الأمريكيين حتي إشعار لاحق بهدف تحسين الأمن وطلبت من مواطنيها الاتصال بالسفارة أو القنصلية لتلقي النصائح الأمنية.
تحذير المصالح الأمريكية في المغرب جاء بعد تحذير مماثل صدر في الجزائر من جانب السفارة الأمريكية وأثار رد فعل عنيف وغاضب من جانب الحكومة الجزائرية، غير انه يجب تسجيل ملاحظة هنا وهي أن البلاغ الموجه في المغرب لم يصدر بعد بدء عمليات التفجير الذاتي الإرهابي التي انطلقت في 11 آذار (مارس) في مقهي الانترنت بل بعد شهر تقريبا من ذلك وهو ما قد يفسر علي أنه جاء كمحاولة من الخارجية الأمريكية لتخفيف الغضب الجزائري علي ما اعتبر تدخلا أمريكيا في شأن داخلي.
وكانت السفارة الأمريكية في الجزائر قد وجهت مباشرة بعد الهجوم بسيارة ملغومة علي مقر الحكومة الجزائرية ومقر الشرطة الرئيسي القريب من مطار العاصمة تحذيرا للرعايا الأمريكيين حول احتمال شن هجمات جديدة بالجزائر العاصمة، بعد تلك التي أوقعت عشرات القتلي والجرحي وتبناها تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي. وجاء في التحذير الذي نشر علي موقع السفارة علي الانترنت ان هناك معلومات عن إمكانية استهداف البريد المركزي ومقر التلفزيون. رد الفعل الجزائري كان قويا علي البلاغ الأمريكي حيث استدعت الخارجية الجزائرية القائم بالأعمال الأمريكي وطلبت توضيحا حول تحذيرات السفارة. ووصف بيان للخارجية الجزائرية التحذير بـ غير المقبول ، وبـ مبادرات متسرعة وغير مسؤولة بالنظر إلي متطلبات التعاون في مكافحة الإرهاب طبقا للقانون الدولي . كما أبلغت الخارجية المسؤول الأمريكي بوجوب احترام سيادة البلد والالتزام بمبدأ عدم التدخل في شؤونه الداخلية ، مشيرة الي أن الجزائر تتوقع من جانب كل شركائها احترام الحقوق والواجبات بتوازن . كما وصف وزير الداخلية نور الدين يزيد زرهوني التحذير الأمريكي بأنه استخفاف بعقول الجزائريين، واعتبر أنه ينم عن وجود مخطط لدي الولايات المتحدة، متسائلا من لديه مصلحة في إثارة الخوف؟ ، وهو سؤال قال إنه لا حاجة لبيان رسمي لمعرفة جوابه. وكانت الصحافة الجزائرية قد شنت بدورها هجوما قويا علي السفارة الأمريكية واتهمتها بزرع الخوف.
قال الاستاذ خالد السفياني ان هذه التحذيرات الصادرة من القنصليات والسفارات الأمريكية والتي تتحدث عن ضربات حقيقية ستهدد المصالح الأمريكية في كل من المغرب والجزائر تثير أكثر من تساؤل، والتقدير عندي أن المخابرات الأمريكية تحضر لشيء ما، ذلك أن الإعلان عن أماكن مضبوطة ومحددة والادعاء بأنها ستكون مستهدفة يعني أحد أمرين، إما أن الإدارة الأمريكية تمتلك معلومات مؤكدة وفي هذه الحالة ينبغي أن تسارع إلي إعطائها للبلد المعني، وإما أن الأمر يتعلق برغبة أمريكية في خلق عدم الاستقرار في منطقة بالمغرب العربي، وبالنسبة للمغرب فلن يكون ابدا فريسة للإرهاب، ولن تنال منه هذه الحوادث الإرهابية وسيبقي مستقرا أحبت الإدارة الأمريكية أم كرهت .
من جانبه قال محمد ضريف إن الإدارة الأمريكية تعودت علي إطلاق دعوات تحذير إلي رعاياها، وهو نفس السلوك الذي تلجأ له دول أخري كلما تعرضت البلدان التي يعيشون فيها للتهديد أو بلغتها معطيات تشير إلي أن مصالحها قد تكون معرضة للتهديد ولو لم تكن متأكدة تماما من صحة هذه المعلومات، أما بالنسبة للتوظيف والاستثمار السياسي للأحداث الإرهابية فهو وارد بقوة، فالولايات المتحدة الأمريكية تريد أن توجه رسالتين سياسيتين: الأولي إلي الاتحاد الأوروبي عبر دفعه لتبني المقاربة الأمريكية لمحاربة الإرهاب مقاربة عولمة الخوف خاصة بعد ظهور مقاربة أوروبية مخالفة ترجع أسباب العنف في كل من العراق وأفغانستان إلي الاحتلال الأمريكي، والرسالة الثانية هي الضغط من أجل محاصرة القوة الاقتصادية الصينية التي بدأت تغزو الأسواق في المغرب العربي.
أما الأستاذ الجامعي عبد الصمد بلكبير بدوره فقال: التحذير الذي وجهته القنصليات الأمريكية ينبغي أن يوجه إلي الإدارة الأمريكية ومطامحها ومطامعها في المنطقة، واعتقد أن تفكيرها في المغرب العربي وشمال إفريقيا ورهانها علي مقدراته وخيراته يأتي كتعويض عن هزائمها الماحقة في كل من الشرق الأدني والشرق الأوسط، وأؤكد أن الاستعمال المغرض وغير البريء للأخطار الإرهابية لا يقصد منه فعليا مواجهة الإرهاب وإنما الاستفادة من ذلك لتأكيد مواقعها في المنطقة وتوسيع مصالحها علي حساب حلفائها في الأطلسي . ولذلك وجب الربط استراتيجيا بين الخطرين: الإمبريالي من جهة ووجهه الثاني المتمثل في الإرهاب، ومن ثمة فالإستراتيجية الأقوم والأنجع في المواجهة هي تلك التي تواجه الخطرين والتهديدين معا في نفس الوقت .
قبل البحث عن نوايا أمريكية واستغلالها لأحداث خاصة تقع في المغرب والجزائر يجب أن نسجل هنا أن المصالح الأمريكية أو رعايا واشنطن سواء في المغرب أو الجزائر لم تستهدف من طرف الإرهابيين منذ اختلال الاستقرار الأمني في المنطقة لأسباب مختلفة ومن جانب أطراف متعددة. منذ هجمات 11 ايلول (سبتمبر) 2001 في نيويورك وواشنطن وشروع إدارة الرئيس بوش في حربها ضد ما تسميه الإرهاب واستغلالها ذلك لشن حروب ضد العراق وغيره، استغلت الإدارة الأمريكية كل عملية عنف مهما كانت خلفياتها لتخدم مصالحها ولتجند دولا بكاملها لخدمة أهدافها أو لتبني القواعد وتجند الجيوش ولتستعدي العالم ضد جهات حتي وإن كانت لا تملك أية علاقة من قريب أو بعيد بالعمل الإرهابي. كما استغلت واشنطن العمليات الإرهابية لتبرر خرق حقوق الإنسان والتعذيب واختطاف وسجن الأبرياء وإقامة السجون الطائرة والتدخل في شؤون الدول والمس بسيادتها. إن بلاغات الولايات المتحدة العلنية بعد احداث المغرب والجزائر وتهويلها للأمور لا تشكل سوي محاولة استغلال غير أخلاقية وبشكل لا يخدم مصالح البلدين. (*) مدير جريدة ملفات تادلة ـ المغرب (المصدر: صحيفة “القدس العربي” (يومية – لندن)، الصادرة يوم 21 أفريل 2007)


Home – Accueil الرئيسية

Lire aussi ces articles

1 août 2006

Home – Accueil – الرئيسية TUNISNEWS 7 ème année, N° 2262 du 01.08.2006  archives : www.tunisnews.net Amnesty International: Action urgente pour

En savoir plus +

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.