الأحد، 18 فبراير 2007

Home – Accueil الرئيسية

TUNISNEWS
7 ème année, N° 2463 du 18.02.2007

 archives : www.tunisnews.net


الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان ـ فرع بنزرت: بـيــان الحملة الدولية لحقوق الإنسان بتونس:  متى تتوقف سلسلة المحاكمات غير العادلة ؟   الجزيرة.نت: أحكام على جماعة الدعوة والتبليغ في تونس لأول مرة      الجزيرة.نت: محكمة في تونس تمنع عقد مؤتمر رابطة حقوق الإنسان    الصباح: محاكمة 14 شخصا بتهمة الانضمام إلى تنظيم إرهابي  بترا : مؤتمر عربي حول الحقوق والحريات النقابية الصباح:التشديد في شروط استيراد وبيع أجهزة «البارابول» عبد الحميد العداسي: محاولة منع صلاة الفجر في أرض فجر الإسلام في المغرب العربي الكبير مرسل الكسيبي : تونس: تحولات متسارعة تشق المجتمع وبحث عن الخلاص بأي ثمن الطاهر الأسود: “الادارة النيومحافظة” و “المسألة الإيرانية”: حول خيار “شيعة أمريكا” صالح بشير: في الطائفية والعلمانية وضروب النظر السائدة توفيق المديني: قمة كان وتراجع الحضور الفرنسي في  إفريقيا


(Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe Windows (

(To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows  (


الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان ــ فرع بنزرت               بنزرت في 15  فيفري 2007  بــــيــــان  

      أصدرت محكمة الناحية بمنزل بورقيبة يوم 14 فيفري 2007 برئاسة القاضي: المعز بوغزالة ، حكما يقضي بسجن الشاب قابيل الناصري السجين السياسي السابق مدة شهرين نافذة بتهمة : مخالفة قرار المراقبة الإدارية. وهذه المرة الثالثة التي يحاكم فيها قابيل الناصري بنفس التهمة و من طرف  نفس القاضي. والمعلوم أن الحكمين الأولين نقضتهما محكمة الاستئناف حيث أصدرت قرارها على التوالي في الحكمين، بعدم سماع الدعوة وفقا للفصل 23 من المجلة الجنائية التي لا تحتوي فصولها على إرغام المحكوم عليه بالمراقبة الإدارية بالإمضاء في مراكز البوليس. وإضافة إلى خلو القانون من أي مسوّغ لهذا الأجراء الذي يعتبر تعسفا جائرا فقد ورد في قرار وزير الداخلية والتنمية المحلية أنه يجب على قابيل الناصري : « أن يقيم بـ19 نهج السينيغال ـ النجاح ـ منزل بورقيبة ـ بولاية بنزرت – حتى انتهاء مدة العقوبة التكميلية » فقط  ونعيد ما ورد ببيان فرع الرابطة ببنزرت السابق : أن قابيل الناصري قضي عليه بثلاثة سنوات سجن من طرف الدائرة الجنائية بمحكمة الاستئناف بتونس وبالمراقبة الإدارية لمدة خمسة أعوام (فيما عرف بقضية أريانة) وقد أطلق سراحه يوم 02 نوفمبر 2005 بعد أن قضى حوالي سنتين وثمانية أشهر من عقوبته .    وبعد خروجه من السجن تعرض لملاحقات واعتداءات مختلفة من طرف أعوان الفرقة المختصة وطلب منه الحضور يوميا بمركز الأمن للإمضاء على دفاتر بتعلة الخضوع للمراقبة الإدارية فرفض الخضوع لهذا الإجراء اللاقانوني والذي يعيقه عن كسب قوته اليومي . أن فرع بنزرت للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان :   – يندد بهذا التضارب بين القانون والممارسة والذي يندرج ضمن سياسة السلطة منذ عقدين.   –يطالب السلطة أن تحترم على الأقل القوانين التي تسنّها ريثما تقع مراجعتها لتصبح أكثر عدلا      وضرورة احترام قرارات محاكم الاستئناف في قضية قابيل الناصري.  – يكرر ندائه لوضع حد لانتهاكات البوليس لحرمة المساكن ,والأخذ بعين الاعتبار مبدأ التعامل وفق المعايير القانونية كما يذكّر السلطة أن احترام القوانين الصالحة هو أكبر ضمان لتحقيق الاستقرار الحقيقي.  – أطلاق سراح قابيل الناصري وفقا لجوهر القانون في ما يتعلّق بالمراقبة الإدارية والكف عن إرهاب عائلته وكافة متساكني الحي.  – الإسراع بسن قانون العفو التشريعي العام وإطلاق سراح المساجين السياسيين القابعين منذ أكثر من 16 سنة في السجون والذين يعانون من ظروف أقامة لا قانونية ولا إنسانية. عن هيئة الفرع الرئيس علي بن سالم  

الحملة الدولية لحقوق الإنسان بتونس International Campaign for Human Rights in Tunisia icfhrt@yahoo.com     متى تتوقف سلسلة المحاكمات غير العادلة ؟   

في محاكمة هي الخامسة من نوعها في أقل من شهر، وبعد عشرة أيام من حكم المحكمة العسكرية بسجن 8 شبان بتهمة الإنتماء لمنظمة ارهابية، بأحكام تتراوح بين 5 و8 سنوات. مثل يوم أمس السبت 14 شابا تتراوح اعمارهم بين 20 و25 سنة، أمام الدائرة الرابعة التابعة للمحكمة الجنائية بتونس العاصمة، بتهمة الإنتماء لتنظيم ارهابي. و قررت المحكمة تأجيل النظر في القضية الى يوم 24 مارس القادم. وقد شهدت المحكمة خروقات قانونية عديدة، منها رفض القاضي طارق ابراهم تسجيل تصريحات المتهمين المتعلقة بالعذيب الوحشي الذي تعرضوا له من أجل الاعتراف بالتهم المنسوبة اليهم، بالإضافة الى حرمان المتهمين من المحاكمة العلنية بطرد الصحفيين والأهالي من قاعة المحكمة دون مبرر قانوني. و إننا في الحملة الدولية لحقوق الإنسان بتونس، اذ نستنكر الحملة العشوائية ضد الشباب المتدين، وتعرضهم لأبشع أنواع التعذيب في مراكز الإعتقال ووزارة الداخلية، وترويع أهاليهم بحرمانهم من الاعلام عن مكان وسبب اعتقال أبنائهم :   – نؤكد على عدم عدالة المحاكمات التي يتعرض لها هؤلاء الشباب. ونطالب السلطة باحترام القانون ورفع يدها عن القضاء، وتمكينهم من محاكمات علنية عادلة.   – نجدد رفضنا لقانون مكافحة الإرهاب، الذي تجري بموجبه هذه المحاكمات، وتعتمده السلطة لإستجداء الدعم الدولي على حساب معاناة المئات من الشباب التونسيين وأهليهم.     – نجدد مساندتنا لأهالي المتهمين في محنتهم، ونطالب بتمكينهم من حضور جلسات المحاكمات والإطمئنان على أبنائهم، والتوقف عن ترويعهم والإستهتار بمشاعرهم.   عن الحملة الدولية لحقوق الإنسان بتونس علي بن عرفة لندن  في 18فيفري 2007   


 

أحكام على جماعة الدعوة والتبليغ في تونس لأول مرة

       

           لطفي حجي- تونس قضت المحكمة الابتدائية بتونس بسجن 11 عنصرا من جماعة الدعوة والتبليغ لمدة ثلاثة أشهر ونصف بتهمة عقد اجتماعات دون رخصة. ومن المنتظر أن تصدر قريبا أحكام جديدة ضد عناصر أخرى من الجماعة تمت إحالتهم لمحكمتي أريانة ومنوبة بضواحي العاصمة تونس. وتعد هذه المرة الأولى التي تحاكم فيها جماعة الدعوة والتبليغ منذ ظهورها في تونس في ثمانينيات القرن الماضي، فقد كانت الجماعة بمنأى عن المحاكمات التي طالت الإسلاميين منذ سنة 1981 وتواصلت إلى اليوم. ويفسر المراقبون استثناء الجماعة من المحاكمات السياسية على امتداد ثلاثة عقود خلت بطبيعة منهجها الذي يقتصر على الدعوة ولا يتدخل في الشأن السياسي. دهشة وأثارت محاكمة عناصر الدعوة والتبليغ دهشة العديد من الحقوقيين. واعتبر المحامي عبد الرؤوف العيادي -أحد المدافعين في هذه القضية- في تصريح للجزيرة نت أن “ملاحقة جماعة التبليغ دليل على توسع حملة القمع ضد الشباب المتدين، في محاولة من السلطة لإشاعة جو من الخوف حتى يهجر الشباب المساجد”. وأضاف العيادي أن “هذا الحكم ليس له أساس قانوني باعتبار أن المحاكمين لم يعقدوا اجتماعا عموميا حتى يطلبوا رخصة بل اجتمعوا في أحد المنازل الخاصة للذكر”. تأتي هذه الأحكام بالتوازي مع سلسلة من المحاكمات طالت في المدة الأخيرة عشرات من الشباب يشتبه بانتمائهم إلى “الفكر السلفي”. وتراوحت الأحكام ضدهم بين 5 و11 سنة سجنا. (المصدر: موقع الجزيرة.نت بتاريخ 18 فيفري 2007)  


محكمة في تونس تمنع عقد مؤتمر رابطة حقوق الإنسان

أصدرت المحكمة الابتدائية في تونس قرارا بمنع انعقاد مؤتمر الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان, إثر دعوى قضائية رفعها أعضاء في الرابطة من حزب التجمع الدستوري الديمقراطي الحاكم عام 2005 لإبطال المؤتمر، متهمين القيادة الحالية للرابطة بخرق القانون الداخلي. وكانت الرابطة تعتزم عقد مؤتمرها السادس يوم 9 سبتمبر/أيلول 2005 بالعاصمة تونس، لكن محكمة تونسية أصدرت حينها حكما مستعجلا بإرجاء انعقاد المؤتمر لحين إصدار حكم نهائي في النزاع. وقد وصف رئيس الرابطة مختار الطريفي الحكم بأنه قرار سياسي مغلف قضائيا، واعتبر ذلك دليلا على أن “السلطات تريد تهميش المنظمة ووأدها عبر افتعال أزمة داخلية بمجموعة من المنتمين إليها لأنه كان من الأجدر حل النزاع في مؤتمراتنا، واللجوء إلى القضاء دليل على أن السلطة تحرك خيوط اللعبة”. وتتهم الرابطة التونسية لحقوق الإنسان التي تأسست عام 1977 -وهي أقدم منظمات  حقوق الإنسان في أفريقيا والعالم العربي- السلطات بالعمل على إثارة احتجاجات في  صفوفها بهدف إضعافها. لكن السلطات ترفض هذه الاتهامات وتقول إن الرابطة تشهد أزمة داخلية. كما يصر الأعضاء المنشقون عن الرابطة الذين رفعوا الدعوى القضائية وعددهم 22، أنهم ليسوا مدفوعين من أي جهة حكومية لمنع عقد المؤتمر مثلما تدعي ذلك الهيئة المديرة للرابطة. ودلل المحامي الشاذلي بن يونس -وهو أحد الأعضاء المنشقين- على ذلك بأنه رغم  القرار القضائي الذي جاء لمصلحة المنشقين فإنهم ما زالوا مستعدين للحوار بشرط عدم إقصاء أي طرف للحفاظ على منظمة عريقة مثل الرابطة. وتعود الخلافات داخل الرابطة إلى ما قبل انعقاد المؤتمر السادس، حيث اتهم آنذاك الأعضاء المنشقون إدارة الرابطة بمحاولة تقليص الفروع التي يشرفون عليها لاستبعادهم، معتبرين ذلك خرقا للقانون الداخلي للمنظمة وتفردا بالقرار. وكانت قوات الشرطة منعت في مايو/أيار الماضي عقد مؤتمر الرابطة بعدما أعلنت الهيئة التي تدير الرابطة تحديها السلطات وإصرارها على عقد المؤتمر لعدم ثقتها بنزاهة القضاء. ترشيح بن علي على صعيد آخر دعت اللجنة المركزية لحزب التجمع الدستوري الديمقراطي الحاكم في تونس الرئيس زين العابدين بن علي (70 عاما) إلى الترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة عام 2009. ويعتبر هذا أول نداء يوجه من هيئة عليا في الحزب إلى الرئيس للترشح لولاية رئاسية خامسة. وكان مجلس المستشارين (الشيوخ) أصدر نداء مماثلا يوم 10 نوفمبر/تشرين  الثاني الماضي بمناسبة الذكرى الـ19 لتولي بن علي السلطة. وفي كلمة له بختام أعمال الدورة السادسة للجنة المركزية للحزب الحاكم السبت، دعا بن علي المسؤولين في الحزب إلى الاهتمام جيدا بمشاغل الشبان التونسيين وفتح آفاق العمل أمامهم تجنبا لخطر “التطرف”. كما دعا الرئيس التونسي إلى “استبدال الخطاب الموجه للشباب بخطاب لا تطغى عليه مثالية الماضي ولا يثقله الرضا عن الذات، وإنما يعبر بصدق وصراحة عن واقع بلادنا والعالم”. ويقول مراقبون إن الشبان يشكلون النواة الأساسية لأغلب التنظيمات الإسلامية. وتحاكم السلطات التونسية عشرات الشبان بتهم تلقي تدريبات عسكرية ضمن مجموعات سلفية ومحاولة الوصول إلى العراق لمحاربة الجيش الأميركي. تجدر الإشارة إلى أن الرئيس بن علي وصل إلى السلطة يوم 7 نوفمبر/تشرين الثاني 1987 خلفا للرئيس الراحل لحبيب بورقيبة الذي نحي حينها عن السلطة “لشيخوخته”. وقد أعيد انتخاب بن علي في أكتوبر/تشرين الأول 2004 لولاية رابعة من خمس  سنوات إثر استفتاء تم بموجبه تعديل الدستور التونسي ليسمح بولاية رئاسية خامسة. (المصدر: موقع الجزيرة.نت بتاريخ 18 فيفري 2007)

 


 

محاكمة 14 شخصا بتهمة الانضمام إلى تنظيم إرهابي

نظرت الدائرة الجنائية الرابعة بالمحكمة الابتدائية بتونس أمس في قضية تورط فيها 14 متهما تتراوح اعمارهم بين 30 سنة و23 سنة وقد احضروا بحالة ايقاف لتتم محاكمتهم طبق قانون الارهاب وقد وجهت لهم دائرة الاتهام تهم الانضمام الى تنظيم إرهابي واستعمال إسم ورمز قصد التعريف بتنظيم إرهابي وبأعضائه وبنشاطه والانضمام الى تنظيم اتخذ من الارهاب وسيلة لتحقيق اغراضه والانضمام خارج تراب الجمهورية الى تنظيم ارهابي والعمل على تلقي تدريبات عسكرية خارج تراب الجمهورية بقصد ارتكاب احد الجرائم ارهابية داخل تراب الجمهورية وخارجه، وجمع اموال لتمويل اشخاص لهم علاقة بالارهاب، واعداد محل لعقد الاجتماعات. وبالرجوع للوقائع فإنه وفي اطار متابعة انشطة العناصر السلفية الجهادية وقع ايقاف 14 شخصا خلال تاريخ 25 جانفي  2005 اشتبه أعوان أمن الدولة في انضمامهم الى العناصر السلفية، وقد تمت عملية ايقاف 7 أشخاص بالبلاد الجزائرية باحد المساجد ووقع ترحيلهم فيما اوقف السبعة الباقون بتونس، وانطلقت الابحاث  لتكشف عن هذه المجموعة وبإخضاعهم للتحريات اعترفوا بتبنيهم للفكر الجهادي السلفي. كما كشفت الابحاث ان التعارف بينهم  تم بأحد المساجد وعبر شبكة الانترنات واتفقوا على القيام ببعض الاجتماعيات في محل سكنى بالضاحية الجنوبية وعزم البعض منهم على السفر الى الجزائر قصد الالتحاق بالمجموعات الجهادية السلفية والتدرب على السلاح للقيام باعمال تخريبية بالبلاد التونسية وتمكن  7 منهم من السفر الى البلد المذكور إلا أنه  وقع ايقافهم. كما سافر آخر الى سوريا وحاول دخول العراق ولكن تم ترحيله. وفي جلسة أمس تراوحت اقوال المتهمين بين الاعتراف الجزئي والانكار للتهم المنسوبة اليهم وقال أحدهم انه يعرف بعض المتهمين ولا يعرف البقية كما اعترف بتبنيه الفكر الجهادي السلفي وقد اتصل ببعضهم عبر شبكة الانترنيت وكان هدفهم التوجه الى العراق والتحول الى الجزائر للالتحاق بالجماعة السلفية للدعوة الجهادية فيما أنكر آخر  معرفته للفكر الجهادي السلفي. وقال متهم اخر انه سافر للجزائر ليس للتدرب على الاسلحة وانما لشراء الادباش بحكم انه يعمل تاجرا، وصرّح متهم آخر انه درس باكالوريا تقنية وانشأ مشروعا ونفى أن يكون له اي نشاط ارهابي  وقال انه تخاطب مع بعض الشبان عبر شبكة الانترنيت وتحدثوا حول الوضع في العراق وفلسطين لا غير واضاف انه ذهب الى عنابة بالجزائر ولم يكن له قصد الصعود الى الجبل للتدرب على السلاح وانما كان ينوي المرور الى أوروبا للعمل هناك. كما أنكر بقية المتهمين نيتهم في التدرب على  السلاح ثم العودة الى تونس  للقيام باعمال تخريبية. وعقب الانتهاء من الاستنطاق قرر القاضي  رفع الجلسة. مفيدة القيزاني (المصدر: جريدة “الصباح” (يومية – تونس) الصادرة يوم 18 فيفري 2007)  


مؤتمر عربي حول الحقوق والحريات النقابية

القاهرة 18 شباط (بترا) تعقد منظمة العمل العربية يوم الاربعاء المقبل في تونس اول مؤتمر عربي حول “الحقوق والحريات النقابية في الدول العربية” بمشاركة ممثلين عن وزارات العمل ومنظمات اصحاب الاعمال والعمال والاتحادات المهنية والنقابية في العالم العربي. وقال مدير عام المنظمة الدكتور ابراهيم قويدر ان الهدف من هذا المؤتمر التعرف على المشكلات التي تعاني منها التنظيمات النقابية في مجال حق التنظيم واستقلالية القرار القانوني والمفاوضة الجماعية والمشاركة في صنع القرار وايجاد الحلول وتحديد المواقف التي تلتزم بها اطراف الانتاج الثلاثة لتعزيز الحريات والحقوق النقابية. واضاف ان المؤتمر سيركز على مجموعة من المحاور من بينها واقع الحريات والحقوق النقابية في الدول العربية وتأثير الحريات العامة على الحريات والحقوق النقابية ودور الحريات والحقوق النقابية في النهوض بالحوار الاجتماعي. (المصدر: وكالة بترا الأردنية للأنباء بتاريخ 18 فيفري 2007) الرابط: http://www.petra.gov.jo/nepras/2007/Feb/18/114.htm


بعد تزايد أعدادها وأنواعها في الأسواق الموازية:

التشديد في شروط استيراد وبيع أجهزة «البارابول»

كراس شروط لضمان الجودة.. وعلى كل مورّد تشغيل مهندس وفني في الالكترونيك على كل 5 آلاف جهاز يعتزم توريدها

تونس ـ الصباح يشهد قطاع توريد وبيع اجهزة الاستقبال التلفزي فوضى شديدة بات من الضروري معها مراجعة هذا القطاع وتقنينه وتنظيمه خاصة امام تضرر المحلات التجارية المختصة في بيع هذه الاجهزة جراء السوق الموازية التي احتكرت عمليات البيع تقريبا وباسعار غير قابلة للمنافسة خاصة ان المنتوجات المباعة مجهولة المصدر ولا تخضع لأي ضمان. وبهدف تقنين هذا القطاع من المنتظر ان يبدأ في الايام القليلة القادمة العمل بكراس شروط يفرض على كل الموردين وباعة اجهزة الاستقبال التلفزي التسجيل في قائمة موردي  ومزودي هذه الاجهزة ويمنع على اي مورد خارج هذه القائمة استيراد هذا المنتوج او بيعه وعلِى المزودين والباعة الحاليين التسجيل في هذه القائمة. ويفرض كراس الشروط ان يكون للمورد هوية تجارية ودفتر تجاري. كما ينص كراس الشروط على ضرورة ابرام المورد لعقد تأمين على الاجهزة الموردة الى جانب اجبارية انتدابه وتشغيله لمهندس واحد وفني واحد على الاقل عن كل 5 الاف جهاز استقبال تلفزي يعتزم توريده. وتنص كراس الشروط في نفس هذا الاطار على اجبارية توفر خدمات ما بعد البيع لدى كل مورد لهذه الاجهزة تمكن من الصيانة والاصلاح مع ضمان توفير قطع الغيار التي يجب ان لا تقل قيمتها عن 5% من القيمة الجملية للاجهزة الموردة مع التزام كل مزود بتلبية كل الطلبات الخاصة بقطع الغيار للأصناف الموردة لمدة لا تقل عن الـ7 سنوات. اضافة الى ذلك يفرض كراس الشروط على كل مورد ومزود لاجهزة الاستقبال التلفزي ان يكون منشأ البضاعة ومواصفاتها الفنية واضحا وموثقا في جذاذات خاصة بكل وحدة من المنتوج. الضمان والجودة والى جانب المواصفات الدقيقة، سيكون على كل مورد ومزوّد وبائع لاجهزة الاستقبال التلفزي توفير وثيقة الضمان للبضاعة التي يجب ان تتوفر كذلك مواصفات فنية معينة يتوفر فيها الحد الادنى من الجودة المحددة والمضبوطة سلفا. ومن بين الشروط الفنية المطلوبة كذلك ان يتوفر في هذه الاجهزة بعض الخصوصيات الضرورية اهمها حدود وطرق قيس الذبذبات والترددات وان لا تتجاوز هذه الذبذبات او تقل عن درجات محددة وان يكون اسم المصنّع وماركة الجهاز واضحين ومعروفين وان يتوفر مع الجهاز دليل الاستعمال بلغتين على الاقل من بينها العربية وجوبا. وان يتوفر كذلك دليل للصيانة والتفكيك والاصلاح. وان تكون جميع تجهيزات الآلة ومكملاتها محكمة الغلق واللف.. الى جانب عدة تنصيصات اخرى وشروط تضمن سلامة المنتوج من كل عيب او تقليد. لجنة مراقبة وبهدف ضمان تطبيق كراس الشروط وتنظيم هذا القطاع وتقنينه من المنتظر ان تتشكل لجنة فنية متكونة اساسا من وزارات تكنولوجيات الاتصال والصناعة والتجارة تتولى مراقبة عمليات التوريد والتزويد والبيع بالجملة والتفصيل. ومن مهام لجنة المراقبة التثبت من العينات الموردة ومدى مطابقتها للمواصفات ولكراس الشروط وتكون عمليات المراقبة في نقاط العبور ذاتها ركذلك في نقاط البيع بالجملة او بالتفصيل. واذا ما ثبت وجود مخالفات وتجاوز لكراس الشروط فان اجراءات ردعية تصدر ضد المخالفين من بينها الشطب من قائمة المزودين وسحب السجل التجاري ووقف النشاط لمدة معينة. سفيان رجب (المصدر: جريدة “الصباح” (يومية – تونس) الصادرة يوم 18 فيفري 2007)  


محاولة منع صلاة الفجر في أرض فجر الإسلام في المغرب العربي الكبير

عبد الحميد العداسي في خبر عاجل ظهر على طلعة الصحف الإلكترونية التونسية ( تونس نيوز والحوار.نت ) نقل الأخ سيف بن سالم، حفظه الله وأهله أجمعين، خبرا مفاده إقدام رئيس مركز الشرطة بمعتمدية الحنشة بالوسط التونسي، فجر أمس السبت 17 فيفري 2007، على منع الشباب والكهول ممّن لا تزيد أعمارهم على الأربعين عاما من الدخول إلى المساجد الكائنة في المنطقة، لأداء صلاة الفجر فيها. ولأنّه لا يبدع ولا يجتهد في فعلته تلك، فقد أعلمهم أنّه لن يسمح لمن هو دون سن الأربعين من أداء صلاة الفجر في المسجد، وأن هذه الطريقة ستطبق في كافة تراب الجمهورية. حرب معلنة على الله إذن، وحسبنا الله ونعم الوكيل…

أقول: لا بدّ من وقفة شبيهة بوقفة الشيخ رائد صلاح ثبّته الله وأصلح به الشأن، ما دام الشبه قائما كما قال أحد الإخوة وكما أرى، بين التصرّف الإسرائيلي العنصري في أرض الأقصى وبين تصرّف السلطات التونسية في أرض عقبة والزيتونة…لا بدّ من وِقفة تذكّر من بطّأ بهم الفهم بأنّ تونس بلد مسلم منذ قرابة أربعة عشر قرنا، وسيظلّ كذلك بإذن الله رغم جهد المشعوذين ومناصري الصهيونية العالمية. ثمّ أليس في هذه المحاولة دعوة صريحة إلى اتّخاذ الشباب مساجدَ هنالك في الأماكن التي لا تصلها عيون وأيادي الشرط ممّن باعوا آخرتهم بدنياه واتّبعوا من لم يزده ماله وولده إلاّ خسارا، هناك في الجبال التي يأتي منها الوبال؟! ثمّ أليس المنع في هذه الظروف، ظروف المحاكمات الظالمة والمطاردات والتضييقات، عملا إجراميا ماكرا ومبيّتا، الهدف منه زيادة خلط الأوراق ودفع البلاد إلى الهاوية وإلى المجهول؟! ثمّ أليس في هذه المحاولة سببا كافيا لينتفض أهل تونس ضدّ هذا الذي هاجمهم في أعزّ ما يملكون، دينهم الحنيف، بعد أن كان استهدفهم في أرزاقهم وفي أعراضهم وفي أجسادهم، دون مراعاة لأيّ رابط وأيّ عرف؟! الدين هو أوّل الكلّيات وأهمّها وأوجبها، ومن أجله يُجاد بالمال وبالعرض وبالنفس… والصلاة هي عماد الدّين فمن أقامها فقد أقام الدّين ومن هدمها فقد هدم الدّين. ومن حاول هدم الدّين هُدِم دون أن يجد بواكي له…

لا يمكن أن تمرّر هذه السياسة، فإنّ ما يتبعها أخبث وأنكى بالمسلمين في تونس وفي غيرها من البلاد الإسلامية. وتذكّروا بالمناسبة تذمّر بعض الآذان من الأذان الذي يوقظهم عند الفجر، أي مباشرة بعد رجوعهم من نواديهم الليلية المنجّسة. وتذكّروا منع الصلاة في المؤسّسات، وراجعوا محاولات منع الحجاب في أكثر من مرّة وفي أكثر من جهة أو ميدان، وما دار ويدور حولها… ثمّ ما هذا الفصل العنصري بين مختلف الفئات العُمْرية؟ ولماذا يقع استبعاد العناصر الفاعلة في البناء المجتمعي الحضاري من المسجد؟! وهب أنّ الشّباب خافوا وارتدعوا وأقلعوا عن الذّهاب إلى المسجد فما هو البديل لهم؟! ولماذا يقع القضاء على هذا النّشاط وهذه الحركة الصباحية المباركة؟! أمِنْ أجل تعويض ذلك بحركة ليلية ضالّة مضلّة؟! ومن الرّابح ومن الخاسر في هذه الحرب على الله (الحديث عن الربح هنا مجازي، لأنّ من كان الله خصمه هلك لا محالة، نعوذ بالله من غضب الله)؟

لا بدّ من التذكير بأنّه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق… لا بدّ من التذكير بموقف دعاة الضلال وتبرّئهم من أتباعهم يوم القيامة أمام ربّ العالمين … لا بدّ من التذكير بأنّ الإسلام في المغرب العربي بأكمله قد انطلق سنة 50 للهجرة هناك في مدينة عقبة بن نافع (القيروان)، غير بعيد عن مدينة الحنشة التي ظهر فيها هذا الدعيّ المانع للصّلاة… لا بدّ من التذكير بأنّ أهل صفاقس هم أهل غيرة على بلدهم وأهلهم، وحريّ بهم إذن أن يقفوا وقفة رجل واحد لمنع هذا التردّي وهذا الظلم الذي لا يضاهيه ظلم، فقد استنكره القرآن بقوله تعالى وعلا: ( وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن مَّنَعَ مَسَاجِدَ اللّهِ أَن يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُوْلَـئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَن يَدْخُلُوهَا إِلاَّ خَآئِفِينَ لهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ [البقرة : 114] )… فلنخوّفهم من آثار التلاعب بالحرّيات العامّة والخاصّة ومن آثار محاربة الله ورسوله، بدلا من أن يخوّفونا ويمنعونا… والله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه… والله ناصر عبده ما دام العبد ناصرا ربّه…  


تونس: تحولات متسارعة تشق المجتمع وبحث عن الخلاص بأي ثمن

مرسل الكسيبي (*) في محاولة لرصد اثار الثورة الاتصالية والمعلوماتية على مجتمعاتنا العربية,حاورنا من خلال سلسلة من اللقاءات مجموعات من الشباب التونسي المهاجر الى أوربا قصد معرفة رأيه في جملة من التطورات الاجتماعية والثقافية والسياسية التي تشهدها الساحة التونسية على ضوء ماتعيشه البلاد من تطورات تقنية لامست مجتمعاتنا اثارها من خلال عوالم الانترنيت والفضائيات والهواتف الخلوية وغيرها من أشكال التواصل الحديث. كانت جلساتنا مع مجموعات الشباب التونسي في مقاهي ومطاعم وفضاءات ثقافية عربية بأوربا ,حيث تطرقنا الى موضوعات شتى تناولت الظواهر المجتمعية الناشئة وعلى رأسها قضايا الجنس والمخدرات والجريمة وظواهر الانحراف السلوكي ,كما كانت الأجواء سانحة لمعرفة اراء هؤلاء الشباب في موضوعات الساعة المتعلقة بالشأن الديني والسياسي والأوضاع الأمنية التي عاشتها البلاد مؤخرا… انطلقت حواراتنا الهامة من موضوعات ما يتناقله التونسيون عبر زياراتهم المتكررة للبلاد من أخبار تفشي جرائم القتل والاعتداء بالعنف وجرائم الاغتصاب وانتشار ظواهر تعاطي وبيع المخدرات وغير ذلك من ظواهر حديثة بدأت تشق المجتمع منذ أواسط حقبة التسعينات وعلى رأس هذه الظواهر استشراء العلاقات الجنسية خارج اطار الزواج وميل شرائح معتبرة من الشباب وحتى قسم لايستهان به من المتزوجين الى المعاشرة الجنسية غير المشروعة . الفضائيات أحدثت  تحولا مشهودا في المجتمع : تطرق حديثنا أيضا الى ظاهرة التدين التي بدأت تبرز كظاهرة اجتماعية وثقافية مع الانتشار الواسع للصحون اللاقطة في تونس مطلع الألفية الجديدة ,وهو ماجعل محدثي يؤكدون على الدور البارز الذي لعبته الفضائيات وعلى رأسها فضائية “اقرأ” في الصحوة الدينية الناشئة ,ثم بعيد ذلك فضائية “الناس” في الأشهر الأخيرة ,حيث أصبحت هذه القناة ذات جمهور عريض يفضلها على ماسواها من القنوات الدينية , وهو ماأفرز بلا شك حالة من التدين الملحوظ في صفوف مايقارب نصف المجتمع ,الا أن هذا التدين بقي في كثير من الأحيان على عتبات الشكلية وعدم التجذر الذي يمكن ملامسته في كثير من النواحي الفكرية والسلوكية ,ولعل من أطرف الظواهر المرصودة في حوارنا المذكور هو وجود عناصر متدينة كثيرا ماعبرت عن هويتها وماضيها السابق من خلال انفلات الكثير من العبارات الفاحشة عند تعبيرها عن حالة الغضب العارم تجاه جملة من الجرائم المتفشية أو عند تعليقها على طبيعة الأوضاع السياسية في تونس أو في عموم المنطقة العربية . الاهتمام بالفضائيات السياسية والاخبارية وأحداث الحادي عشر من سبتمبر : شكلت أحداث الحادي عشر من سبتمبر حسب رأي مجموعات الشباب التونسي المهاجر بداية التحول في الرأي العام, حيث اندفع الكثيرون وبطريقة غرائبية الى متابعة القنوات الاخبارية العربية لمعرفة أسرار ماحدث ثم ماترتب عنه من تداعيات دولية كان على رأسها احتلال أفغانستان ثم العراق وماتلى ذلك من أحداث بارزة في لبنان والأراضي المحتلة. كان لاحتلال أفغانستان والعراق أثرا عميقا على المجتمع وخاصة شرائحه الشبابية حيث اعتقد الكثيرون بوجود دوافع صليبية وراء ماحدث لهذين البلدين المسلمين ,ومن ثمة بدأت تبرز في الساحة رؤية سياسية مقرونة برؤية دينية ذات طابع سلفي متأثر بالخطاب الدعوي الفضائي. لم يعرف التونسيون في الأثناء بحسب شهادة الكثيرين فعلا سياسيا معتدلا أفلح في احتضان جموع الشباب الناقم ,بل ان ما كان يتداول من أحاديث في صفوف الموجة الجديدة من المتدينين كان شديد الاحتراز من تجربة النهضة ,حيث اعتبر الجيل الصاعد من الفاعلين الشبان أن تجربتها قد ساهمت في تعميق أزمة المجتمع التونسي نتيجة ما تعرضت له البلاد من حالة فراغ ديني على ضوء فرار بعض القادة البارزين من البلاد , ومن ثمة كانت الفرصة سانحة لدى هؤلاء لإدانة أسماء بارزة في هذه الحركة واعتبارها قد تركت الشباب يتحمل مسؤولية خيارات فاشلة وغير مسؤولة قد حرضت عليها انطلاقا من مهاجرها في فترة تاريخية ما. وبالتوازي كانت مجموعات الشباب التونسي المهاجر تحمل أقدارا كبيرة من الحنق على السلطة نتيجة ماوصفوه بانعدام الافاق حيث قال بعضهم بأن مصير المتدين الفاعل في تونس هو السجن ومصير المنحرفين الفاعلين هو أيضا السجن , كما أن مصير المتعاطين في الشأن السياسي بشكل جريء من خارج منظور السلطة هو بلاشك السجن… التطرف ظاهرة انبثقت من سوء الادارة السياسية للأزمات الاجتماعية والثقافية بالبلاد : بالقدر الذي أجمع فيه المحاورون على ادانة ظاهرة التطرف والارهاب وارهاصاتها الأخيرة في تونس والمنطقة والعالم بوجه عام ,بالقدر الذي كان الكثير منهم متألما لما الت اليه الأوضاع من انغلاق أمني وانسداد سياسي ,حيث بدى المحاورون معتزين بالتجربة الغربية في ادارة الخلافات السياسية ومتباهين باقاماتهم أو حملهم للجنسيات الأوروبية برغم ما يشعر به هؤلاء من مخاطر تربوية وأخلاقية تتهدد أبناءهم ومستقبل عائلاتهم في الغرب نتيجة ضعف الوازع الديني وغياب الدور الفاعل للمؤسسة الاسلامية التأطيرية. تحدث الشبان التونسيون عما أسموه ب”الغباء السياسي” وسوء الادارة وحالة الاستخفاف بعقل المواطن في زمن ثورة الاتصالات ,حيث أكد جميعهم على أن مايحدث في العالم من ثورة اتصالية كان يفترض في الجهات الرسمية الاستجابة للحد الأدنى من التطلعات الشبابية والشعبية العامة ,وعلى رأسها جملة من التحديات الحقيقية كمشكلات البطالة وتدهور مستوى التعليم وتردي القدرة الشرائية وطموحات المشاركة السياسية الحرة وضرورات الاعلام الحر والمعاصر كما جملة من القضايا الأخرى التي باتت تؤرقهم وعلى رأسها مشكلات تفشي الجريمة وأثرها الخطير على أمن الشارع والمواطن هذا علاوة على القلق العام نتيجة تغول الدور الأمني في الحياة الخاصة للمواطنين على خلفية الهواجس السياسية والامنية المبالغ فيها على حد تعبير الكثير من التونسيين والتونسيات… التغيير مطلوب من داخل السلطة أو خارجها في رؤية الشباب التونسي : اذا كان الشبان المهاجرون لايعتقدون في قدرة المعارضة التونسية على اقناعهم بمشروع تغييري نتيجة تشرذم الطيف المعارض ودورانه حول مصالح الزعامات كما يرى ذلك الكثير من التونسيين والتونسيات المقيمين بالغرب ,فان محاوري من الشبان الذين غادروا تونس في مغامرات الهجرة السرية أو قصص زواج طريف من سائحات أوروبيات أو غير ذلك من قصص التحصيل العلمي بالجامعات الغربية ..,فان هؤلاء أبدوا قلقهم العميق من الأوضاع الحالية كما عبروا عن رفضهم للعودة في ظل الوضع الاقتصادي والاجتماعي والسياسي الحالي ,مذكرين بأن حلم الهجرة السرية بات يراود أغلب الشباب في ظل سيطرة ظواهر الرشوة والعطالة والفوارق الاجتماعية الحادة كما بروز ظاهرة النفوذ المالي والسياسي لدى شرائح اعتبروها نافذة في اكثر من قطاع اقتصادي ومالي. البعض من هؤلاء الشباب التونسي الطامح تمنى حدوث اصلاحات من داخل الدوائر الرسمية وذلك بعد أن بات الجميع في مأزق ضاغط, والبعض الاخر ارتأى أن بعض الجهات المستفيدة من الأوضاع سوف لن تقبل بالاصلاح ومن ثمة سوف تدفع باتجاه مزيد من تعميق الأزمة ,في حين تمنى آخرون وقوع عملية انقاذ مشابهة لأخرى وقعت قبل حوالي عقدين معتبرا أن دخول الجماعات المسلحة على الخط سوف يعمق من هذه الفرضية ولاسيما في ظل تداخل العامل الدولي مع العامل المحلي … وبين كل هؤلاء وأولئك من الشباب التونسي الطامح والذكي والمتذمر في نفس الوقت ذكر بعضهم بالآية القرآنية الكريمة والتي طالما رددها الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة ” إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ” . (*) كاتب وإعلامي تونسي (المصدر: صحيفة “الوسط التونسية” (اليكترونية – ألمانيا) بتاريخ 17 فيفري 2007)  


“الادارة النيومحافظة” و “المسألة الإيرانية”: حول خيار “شيعة أمريكا”

الطاهر الأسود- باحث تونسي يقيم في أمريكا الشمالية laswadtaher@yahoo.com هناك اتجاه عام بين عامة المراقبين و المحللين العرب و حتى بعض المراقبين الغربيين لمشهد صناعة القرار الأمريكي و مسألة الدور الإيراني في المنطقة يتميز بطرح الأسئلة الكبرى بكثير من المواراة والضبابية و أحيانا من خلال مسلمات غير مبررة. يتمثل ذلك تحديدا في المواقف التالية: أن التيار النيومحافظ قد “انتهى” من جهة تأثيره في صناعة القرار الأمريكي، و ذلك متماثل مع ما يُقدم بكثير من التفاؤل غير المبرر و الترديد الانتقائي لمقولة ريتشارد هاس حول “نهاية العصر الأمريكي” في المنطقة. يُضاف الى ذلك أن تقييم السياسة الأمريكية تجاه العراق و إيران يتسم بتداعيات المواقف السابقة: حيث يقع الاطمئنان الى مقولة أنه لم يعد للإدارة الأمريكية من خيارات في العراق سوى الانسحاب الوشيك و أن إيران باتت تملك الكثير من المفاتيح العراقية. أخيرا يقع التركيز على مسألة الصراع الشيعي-السني بشكل يصور المشهد الشيعي كمشهد متجانس (حيث تتموقع في مركزه إيران)، مشهد يملك صانعوه خطة إقليمية واضحة تشق بدون تعرجات المحاور العراقية و اللبنانية و الخليجية و حتى غيرها عربيا. و في نفس هذا الإطار يوجد تركيز أكبر على تفاصيل الأسئلة الصغرى أو الإجرائية و تحديدا مسألة “ما إذا كانت ستهاجم الإدارة الأمريكية إيران”. و المشكل أن معالجة هذه المسألة لا يتم من خلال محاولة استيضاح معمق للمسائل الكبرى المذكورة أعلاه بل من خلال استكشاف انتقائي و أحيانا متناقض لتقارير صحافية مثيرة حول تصريحات هذا المسؤول أو ذاك أو هذا العسكري السابق أو ذاك حول أن الهجوم وشيك أم لا.     يأتي هذا المقال لغاية طرح مقاربة مختلفة عما هو سائد لجملة من المسائل و هي أساسا: أولا، مسألة ماهية النفوذ النيومحافظ في الإدراة الأمريكية في الوقت الراهن و علاقة ذلك بماهية السياسة الأمريكية في علاقة بالنظام الإيراني و الوضع في العراق. ثانيا، مسألة طبيعة المشهد الشيعي في إطار تصاعد التجاذب الشيعي السني في المنطقة و تقييم طبيعة الدور الإيراني تجاه مسألة الصراع الطائفي. إدارة لاتزال نيومحافظة يخلط البعض بين ما يتمنى أن يحدث و ما يحدث فعلا. ينطبق ذلك على رؤية بعض المحللين لمسألة طبيعة النفوذ النيومحافظ الراهن في الإدارة الأمريكية. فبين إصدار فرانسيس فوكوياما لمقاله ثم كتابه الاعتذاريين بداية سنة 2006 حول “ما بعد التيار النيموحافظ” (After Neoconservatism) وهزيمة الجمهوريين في الانتحابات التشريعية النصفية و ما تلاه مباشرة من إقالة لوزير الدفاع دون رامسفيلد على التوالي في 7 و 8 تشرين الثاني (نوفمبر) 2006 انجرف الكثيرون في موجة من التهليل العاطفي من خلال تحاليل تبشر بـ”نهاية” التيار النيومحافظ على الأقل على مستوى نفوذه في البيت الأبيض. أتى الاستغناء  المتدرج من قبل الرئيس بوش عن بعض نجوم التيار قبل و إثر و بعد ذلك لتأكيد هذا الاعتقاد لدى هؤلاء. و يندرج في هذا الإطار إعفاء ريتشارد بيرل ثم دوغلاس فايثث ثم بول وولفويتز من مهامهم الاستشارية و التنفيذية في البنتاغون ثم القبول باستقالة سكوتر ليبي من “مجلس الأمن القومي” للمثول أمام العدالة و أخيرا التراجع عن ترشيح جون بولتون للممثلية الأميركية في الأمم المتحدة. و لكن اكتملت لدى البعض هذه “الصورة النيومحافظة” المتهاوية منذ عشية الانتخابات التشريعية النصفية عندما نشرت (3 تشرين الثاني/نوفمبر 2006) بشكل فضائحي مجلة “فانيتي فاير” (Vanity Fair) المختصة في الموضة مقالا أصبح عنوانه الساخر (Neo Culpa) دلالة على “نهاية مرحلة”. و قد حوى المقال سلسة من التصريحات لسبعة من بين رموز النيومحافظين الأكثر بروزا في مجال الكتابة و التحليل و الذين شغلوا مواقع استشارية في الإدارة الحالية (ريتشارد بيرل، دايفيد فروم، كينيث أديلمان، إيليوت كوهين، مايكل ليدين، فرانك قافناي، مايكل روبن) و هي تصريحات تقوم بنقل أعباء فشل المشروع الأمريكي في العراق على أكتاف وزارة الدفاع و حتى على عاتق الرئيس نفسه. برز من بين هؤلاء الرموز في هذا المقال و في مقالات لاحقة (الواشنطن بوست 19 تشرين الثاني/نوفمبر 2006)  كينيث أدلمان (أكثرهم أناقة) بتصريحات أكثر مباشرة من جهة النبرة النقدية حيث وصف مجمل “فريق الأمن القومي” و خاصة بول بريمر و جورج تينيت بأنهم “عاجزون” و ختم هجومه على رفاق الأمس بالقول “من البديهي أن الرئيس يتحمل المسؤولية في النهاية” خاصة بعد أن منح الأخيرين أكثر ميداليات الشرف رفعة. بدى ذلك، لبعض الراغبين في “نهاية” النيومحافظين، بمثابة طلاق عنيف بل و غادر من حيث التوقيت السياسي خاصة و أن هذه التصريحات جاءت قبيل أيام من الانتخابات النصفية. ثم أتت نتائج تقرير “مجموعة دراسة العراق” (The Iraq Study Group) المعين من قبل الرئيس نفسه (منذ الصيف) و الذي لم يحو تقريبا أي عنصر مقرب من النيومحافظين و كان يخضع لعناصر مقربة من الرئيس بوش الأب بما يعنيه ذلك من هيمنة لممثلي التيار الواقعي (من الحزبين) ليبدو بمثابة فريق العمل المشترك القادم (الديمقراطي-الجمهوري) الذي سيشرف على سياسية تنفيذية جديدة تقطع مع محاور السياسة النيومحافظة. و جاء تعيين أحد أعضائها (غيتس) كوزير دفاع جديد خلفا لرامسفيلد كمؤشر على إمساك فريق غير النيومحافظين بملف السياسة الخارجية. غير أن كل ذلك ليس كافيا للانخراط في مقولة نهاية التيار النيومحافظ. فبعد يوم فقط من نشر الواشنطن بوست للتقرير المطول (المتصل بالتقرير المختصر الذي ظهر في “فانيتي فاير”) عن تراجع رموز نيومحافظة عن دعم الرئيس بوش نشر الصحفي (المطلع بشكل غير عادي عن شؤون البيت الأبيض) سيمور هيرش في أسبوعية النيويوركر (20 تشرين الثاني/نوفمبر 2006) تقريرا مطولا كذب فيه بشكل مبكر تراجع نفوذ النيومحافظين في تقرير السياسة الخارجية. و كان التقرير (المعنون “العمل القادم”) قد كشف أن نائب الرئيس ديك تشيني لم يصبح ممسكا بمفرده بملف السياسة الخارجية برمته (أمر غير معتاد بالنسبة لخطة نائب الرئيس) فحسب بل كان يحضر منذ ما قبل الانتخابات كيف سيتصرف إزاء احتمال انتصار الديمقراطيين في غرفتي الكونغرس. و بمعنى آخر لم تكن نتيجة الانتخابات لتعني شيئا في علاقة بماهية نفوذ النيومحافظين في البيت الأبيض. أكثر من ذلك لم يكن عزل رامسفيلد في علاقة بضغوط معادية للنيومحافظين بقدر ما كان في علاقة بضغوط من قبل النيومحافظين على الرئيس بوش للتخلص من وزير الدفاع. علينا أن نتذكر هنا أن رامسفيلد قد كان دائما تحت مرمى قطاع واسع من النومحافظين بالرغم من تموقعه ضمن استراتيجيتهم العامة. حيث كان بيل كريستول و كاغان قد بدؤوا ضغوطا مكثفة عليه منذ ما قبل أحداث 11 أيلول/سبتمبر في علاقة بسياسته الدفاعية التي تعمل على استعمال أقل عدد ممكن من الجنود في استراتيجته الدفاعية و هو ما كان يعني تخفيض تكاليف ميزانية الدفاع و هو ما كان مؤشرا خطيرا و مبكرا بالنسبة للمنظرين الأساسيين للتيار النيومحافظ في علاقة بالضرر الذي يمكن أن يحدثه رامسفيلد. و كان لومهم دائما مركزا على رامسفيلد و استراتيجيته الحربية حين الحديث عن “مشاكل” الجيش الأمريكي في العراق حيث كانت الدعوة لزيادة عدد القوات الحل السحري بالنسبة لهؤلاء منذ سنة 2004. و اتخذ الضغط النيومحافظ على رامسفيلد منحى أقوى و أكثر علنية و تنظيما عندما كتبوا عريضة موجهة للكونغرس (أمضاها أقطاب التيار النيوحمافظ بالاضافة لبعض النواب الجمهوريين) بتاريخ 28 كانون الثاني/جانفي 2005 بهدف الضغط على الرئيس و وزير دفاعه للرفع من عدد القوات. و هو الخيار الذي اتجه اليه الرئيس مؤخرا بعد اقالة رامسفيلد الذي رفض دوما القبول بذلك. و هكذا تم الإتيان بشخص من تكساس موالي لآل الرئيس مثلما هو الحال مع روبرت غيتس للقيام تحديدا بمهمة رفع القوات. و على ما يبدو كان وجود غيتس أيضا مهما من زاوية أخرى و هي التقليص من ضغوط النواب الجمهوريين و بعض الديمقراطيين و تصوير تعيين غيتس كمؤشر على رغبة الرئيس في “تغيير المسار”. أما التراجع عن تعيين بولتون ممثلا أمريكيا في الأمم المتحدة فلا يمكن أن يكون مؤشرا عن تراجع للتيار النيومحافظ بما أن المرشح البديل الذي تم تقديمه أي زلماي خليلزاد هو أيضا من الأقطاب النيومحافظة. إن المسألة الأهم التي يجب التأكيد عليها أن عزل عناصر نيومحافظة من الإدارة لا يأتي في إطار تراجع نيومحافظ و إنما في علاقة إما بالإيهام برغبة جدية في المراجعة لتقليص الضغوط أو في إطار صراعات ضمن الأوساط النيومحافظة نفسها. إن نفوذ النيومحافظين المتصاعد في السنوات الأخيرة و انتقال رموز من المدرسة الواقعية الى الصف النيومحافظ مثلما هو الحال مع هنري كيسنجر (و الذي تبين خلال الهجوم الاسرائيلي في الصيف الماضي على لبنان أنه كان مستشارا دائما للرئيس و أحد مصادر الخيارات النيومحافظة للإدارة) و هي الظاهرة التي وصفها أهم منظر نيومحافظ تشارلز كراوثمر بتيار “نيومحافظ واقعي”، كل ذلك جعل من الصعب حقا فرز الشخوص النيومحافظة من غيرها و بالتالي حصر التيار النيومحافظ في شخوص محددة.  الهجوم على إيران و النفوذ النيومحافظ ليس من الصعب تصور المخاطر الكبيرة التي يمكن أن تنشأ (بما في ذلك على القوات الأمريكية نفسها) في حالة حدوث هجوم أمريكي على إيران مهما كانت طبيعته. غير أن كل ذلك لا يعني التيار النيومحافظ حيث لا يمكن أن يشكل ذلك مؤشرا على مدى إمكانية حدوث الهجوم من عدمه. و في الواقع تشكل الخطط الجدية الجاري التحضير لها للهجوم الأمريكي على إيران أهم المؤشرات الدالة على استمرار سيطرة النيومحافظين على مقاليد السياسة الخارجية. يجب التذكير بداية أن وجود غيتس في منصب وزير الدفاع لا يمكن أن يعني ضرورة توجها أمريكيا تصالحيا مع إيران (أو سوريا بالمناسبة) لمجرد أن الأخير كان أحد الداعين خلال ثمانينات القرن الماضي لسياسة “احتواء إيران” و من ثمة الحوار معها. كما علينا أن نتذكر أنه سبق للنيومحافظين تنفيذ سياستهم من خلال تطويع وجوه غير نيومحافظة أو وجوه واقعية مثلما حصل في علاقة بالعراق مع وزير الخارجية السابق كولن باول و الذي يعض على أصابعه الآن للدور الذي قام به في الجلسة التبريرية المشهورة التي قام بها في مجلس الأمن مباشرة قبل الهجوم الأمريكي على العراق. إن أهم مسألة في علاقة بمسألة “الهجوم الأمريكي المحتمل على إيران” هو معنى ذلك الهجوم و أهدافه الاستراتيجية في علاقة تحديدا بمصير التيار النيومحافظ. و قد بدى من نهاية الانتخابات النصفية أن النيومحافظين باتوا يربطون مصيرهم بـ”المسألة الإيرانية”. و كما أشار هيرش في تقريره المشار اليه أعلاه في النيويوركر كان الهم الأساسي بالنسبة لتشيني بعيد الانتخابات هو كيف سيمضي في مشروع ضرب إيران (بغض النظر عن طبيعة الضربة) إزاء الاعتراض المحتمل لغالبية من اديمقراطيين في الكونغرس إضافة الى قطاعات من الجمهوريين. كما ذكر هيرش حسب مصادره من داخل البيت الأبيض أن تشيني و مجموعته المهيمنة على “مجلس الأمن القومي” (خاصة الماسك بملف “الشرق الأوسط” دايفيد وورمسر) و حتى وزيرة الخارجية كوندي رايس وضعوا جميع بيضهم على رهان ضربة عسكرية ضد إيران. و أهم ما ورد في المقال هو أن هذا الرهان يأتي تحديدا في إطار التفكير النيومحافظ في كيفية حل الوضع في العراق بالذات. و هكذا بدى أن سياسة الهجوم على إيران أو سياسة الهروب الى الأمام الأسلوب الرئيس لتخفيف الضغط على الجيش في العراق و بالتالي بمعزل في الحقيقة عن تطورات الملف النووي الإيراني. و منذ مقال هيرش تتواصل المؤشرات على ربط النيومحافظين نفوذهم في البيت الأبيض و من ثمة مصيرهم بطريقة التعامل مع إيران (و ليس العراق). و يبدو أن الصرخة المدوية (و غير العادية بالمرة) من قبل رمز المدرسة الواقعية راهنا أي زبقنيو برزيزنسكي مستشار الأمن القومي السابق في عهد الرئيس بوش الأب و ذلك في جلسة استماع في الكونغرس (أمام لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ) يوم 1 شباط/فيفري الجاري (2007) أحد أهم المؤشرات الصادرة من خارج الأوساط النيومحافظة على التوجه الجاري الآن نحو إنقاد مشروع الاحتلال في العراق من خلال مشروع جديد في اتجاه إيران. حيث ذكر برزيزنسكي معطيات خطيرة تشير الى أن هناك تخطيط جدي نحو مواجهة المأزق العراقي من خلال اختلاق مواجهة مع إيران خاصة على أساس “تورط إيراني في الارهاب في العراق” أو حتى تحميل الفشل المتوقع للخطط الحربية في العراق على مسؤولية الإيرانيين و من ثمة تقديم الهجوم على إيران على أنه “رد فعل دفاعي”. و قد كتب جوشوا مورافشيك أحد المنظرين الأساسيين للتيار النيومحافظ في عدد شباط/فيفري الجاري من أهم نشرية خاصة بالأوساط الديبلوماسية الأمريكية “مجلة الخدمة الخارجية” (Foreign Service Journal) يدافع تحديدا عن هذه الرؤية. حيث دافع عن خطط الرئيس “الجديدة” بوصفها ستعكس مجرد “تغييرات تكتيكية” و لن تمس “استراتيجيا الدمقرطة” أي الاستراتيجيا النيومحافظة في المنطقة. و حدد “طريق النصر” في العراق بمجموعة من الخطوات على رأسها “زيادة عدد القوات في العراق” و “قصف إيران” (حدد هنا بوضوح “أنا لا أقصد هنا اجتياحا مثما فعلنا في العراق بل ضربات جوية”) و مضى هنا الى تبرير هذه الخطوة بوصفها “عمل دفاعي ضروري” بنفس معنى “الحرب الاستباقية” و التي يذكر بها كمفهوم أساسي وردت منذ تقرير 2002 حول “الاستراتيجيا الدفاعية” الأمريكية و هو ما يعني أن الهجوم الإيراني لن يحتاج بالضرورة قرارا أمميا. في نفس الإطار تأتي التصريحات المتصاعدة لـ”مختص” و “خبير” النيومحافظين في علاقة بالشأن الإيراني مايكل ليدين و الذي كان دائما يشير الى ضرورة المراهنة على “ثورة ديمقراطية” من داخل إيران و أصبح يقبل مؤخرا بإمكانية شن هجوم (محدود) على أساس أن ذلك ضروري “للدفاع عن حياة جنودنا في العراق” (أنظر الحوار الاستفزازي الذي أجراه معه موقع “صالون”  Salonالالكتروني يوم 15 كانون الثاني/جانفي 2007). للتذكير فإن ليدين مستشار دائم للبيت الأبيض و خاصة لكارل روف أقرب المقربين للرئيس الأمريكي كما أنه كان وراء السياسة الدعائية الأمريكية التي تربط إيران بـ”الشبكات الارهابية” في العراق بما في ذلك تنظيم القاعدة و قد كانت رؤاه التي تربط الزرقاوي بأجهزة أستخبارية إيرانية ( خاصة في مقال بنشرية “الناشيونال ريفيو” النيومحافظة يوم 9 حزيران/جوان 2006) محل جدل في السابق. و تتناسب هذه الخطوط العامة كما عبر عنها منظرون بارزون في التيار النيومحافظ مع السياسة الإعلامية الرسمية الأمريكية و خاصة تلك التي تستند الى مصادر استخبارية. حيث توج الأمريكيون أكثر من شهرين من الدعاية المتواصلة في علاقة بـ”وجود أدلة على تورط إيراني في العمليات الارهابية في العراق” بالندوة الصحفية في 11 شباط/فيفري 2007 و التي تم فيها عرض عبوات “مصنعة في إيران” و بطاقات هوية لـ”أعضاء في الحرس الثوري الإيراني”. و قد سبق ذلك محطة أكثر أهمية و لو أنها لم تلق رواجا إعلاميا كبيرا. يتعلق ذلك بمحاضرة ألقاها ضابط مخابرات في وزارة الدفاع عمل في العراق و هو أمريكي من أصل عربي (“منير الخمري”) و ذلك في مركز بحث مختص في “الارهاب” “جيمستاون فاوندايشن” Jamestown Foundation  و ذلك في كانون الثاني/جانفي 2007 حيث عرض لأول مرة سلسلة من المعطيات عن وثائق استخبارية سرية تشير الى حجم التغلغل الاقتصادي و الاستخباري الإيراني في بعض الأوساط الشيعية في العراق و خاصة تهريب الايرانيين لأسلحة و تدريب عناصر موالية فيه (المحاضرة في غاية الأهمية في علاقة بهذا الملف و هي متوفرة كاملة مع مصادرها على موقع “جيمستاون فاوندايشن”).          و الضغط العسكري الأمريكي على إيران هو جاري فعلا. كما أشار هيرش في تقريره أعلاه منذ تشرين الثاني 2006 فإن البنتاغون و الاسرائيليين بصدد دعم هجمات الأكراد الإيرانيين (“الحزب من أجل حياة حرة في كردستان”) عبر هجمات متواصلة على الحدود العراقية الإيرانية منذ بداية سنة 2006. كما عقد الأمريكيون اجتماعات مع قادة قبليين أكراد و أذريين و إيرانيين سنة (بلوشستان) بهدف تهديد نفوذ السلطة المركزية في طهران. و لكن أهم تحضير لهجوم قادم على أيران يكمن في محور آخر و هو تصنيع حلف شيعي موالي لأمريكا أو ما أسميه بـ”شيعة أمريكا” على مدى المنطقة (في مقابل “سنة أمريكا”) لمواجهة إيران و هي المسألة التي لا يتم التركيز عليها في معظم التحاليل حيث يتم التأكيد عادة على “حلف سني أمريكي” و على تصوير الجانب الشيعي على أنه كتلة متجانسة و متمركزة حول إيران. و هكذا يكون “الهجوم” على إيران ليس فقط بضربات موضعية جوية بل أيضا من خلال ضربات سياسية أهمها قص أجنحتها العراقية و تحديدا الأجنحة التي راهنت عليها إيران لصد الضغط الأمريكي الآتي من العراق. بداية يمكن مقاربة مسألة “شيعة أمريكا” من خلال النوايا النيومحافظة في هذا الاتجاه و خاصة في علاقة بالاستراتيجيا العسكرية و السياسية الأمريكية في العراق. علينا أن نتذكر هنا أن “المشروع الديمقراطي” الأمريكي في العراق كان قائما منذ البداية على أساس مقايضة مع أطراف شيعية أساسية داخل العراق تقوم على مبدأ ضمان مبادلة الطائفة الشيعية الموالاة للإحتلال مقابل تسليم جزء من المهام الداخلية و منح صفة “الجيش” و “الشرطة” لمليشيات شيعية. تم ذلك على وجه الخصوص (كما يكشف بول بريمر في مذكراته) مع أهم مرجعية شيعية أي آية الله السيستاني. و هكذا منذ بداية “المسار الانتخابي” كانت “الحكومة شيعية” و كانت الحملات الأمنية “أمريكية شيعية”. و يبدو أن الحملة العسكرية الأخيرة في بغداد “عملية فأس الهندي الأحمر” تأتي في ذات الإطار حيث تشير بعض المعطيات المثيرة للإنتباه الى أنها تندرج في إطار فك عزلة أحد الأحياء الشيعية (خلف شارع حيفا) و من ثمة مزيد من تطويق الأحياء السنية في إطار إعادة تشكيل بغداد ديمغرافيا في اتجاه تدعيم الطائفة الشيعية على حساب السنية (أنظر مثلا مقال فاضل الربيعي في الجزيرة نت 4 شباط/فيفري 2007). و لا أعتقد أن ذلك يندرج في إطار تهويمات مبالغ فيها لأنها ببساطة تتطابق مع تقارير أخرى تشير الى مراهنة النيومحافظين على الشيعة في العراق (و هو لا يعني طبعا أن الشيعة العراقيين جملة و تفصيلا موالون حقا للاحتلال). و أهم هذه التقارير هو تقرير في النيويورك تايمز بتاريخ 17 كانون الثاني/ديسمبر 2006 و الذي يشير الى مصادر من داخل البيت الأبيض تتحدث عن رؤية لديك تشيني و مساعديه ترى أن الحرب الأهلية الطائفية في العراق أمر مفروغ منه و أن على الولايات المتحدة أن تدعم الطرف الأكثر وجودا من الناحية الديمغرافية في العراق (أي الشيعة) و الذي يمكن معه ضمان “النصر”. و بمعنى آخر تصبح “الحرب الأهلية” الشيعية السنية الطريق لتركيز الوجود الأمريكي في العراق. و تبدو هذه الرؤية في تناسق مع رؤى أخرى نيومحافظة علنية لم تعد ترى جدوى في العمل على تفادي نشوب حرب أهلية في العراق بفعل أنها أصبحت “خيار العراق” رغم “المحاولات الأمريكية” لما تسميه بـ”توليد الديمقراطية” (كما هو الشأن مع مقال لكرواثمر في عدد 2 شباط/فيفري 2007 من نشرية الناشيونال ريفيو). إن زيادة عدد القوات تأتي في هذا الإطار لدعم خيار الحرب الأهلية و تحديدا لدعم طرف موالي على حساب آخر. و لكن الأهم من ذلك لا يستهدف تأكيد هذا التحالف الأمريكي الشيعي عراقيا الوضع في العراق فحسب بل أيضا النوايا النيومحافظة في إيران. حيث يبدو أن الإدارة الأمريكية قررت استخدام الطائفة التي تبدو الأكثر قربا من المشروع الايراني في العراق في اتجاه فصلها تحديداعن إيران بل و الأهم من ذلك تفعيلها في اتجاه خلق ضغط شيعي عن إيران يبرز للأخيرة هشاشة ورقتها الأقوى أي الورقة الطائفية بعد نهاية مرحلة ورقة “تصدير الثورة” زمن الحيوية الثورية. ملخص الصفقة الأمريكية يتمثل في تقديم العراق لشيعته مقابل قبولهم بفك الإرتباط مع إيران (كما هي الآن) و القبول بتواجد عسكري أمريكي دائم في العراق. و في الحقيقة لا يبدو أن هذه مجرد نوايا نيومحافظة بل توجد مؤشرات من على الطرف الشيعي و لو أنها ليست مكتملة بعد على القبول بالصفقة بما في ذلك فك الارتباط بإيران. “شيعة أمريكا” يجب الإقرار أنه ليس من السهل رصد التشققات في الوسط الشيعي عامة و خاصة في علاقة بمسألة كيفية التعامل مع الولايات المتحدة و مشروعها في المنطقة خاصة في ظل الاستقطاب الشيعي السني المتصاعد على مدى المنطقة. و هي تشققات في طور التشكل و غير مكتملة و لكنها تتشكل بسرعة فائقة. و يجب في هذا الإطار التأكيد على أن التعبيرات عن هذه التشققات حتى الآن تكمن في مستويات التحالفات الفقهية أكثر منها في مستوى التحالفات السياسية. غير أن هناك أيضا بعض المعطيات السياسية تشير الى نفس الاتجاه. بداية من الضروري الإشارة الى الموقف السياسي الإيراني و الذي لا يبدو أنه متجانس لا على مستوى الخطاب و لا على مستوى إمكانات الفعل. حيث أن التلاسن بين “الاصلاحيين” (و على رأسهم خاتمي) و “الوسط” (و على رأسه رافسنجاني) و “المحافظين” (و على رأسهم أحمدينجاد) مستمر خاصة في علاقة بكيفية التعامل مع أهم الحلفاء الأمريكيين في المنطقة أي الطرف الإسرائيلي (وصل التلاسن مستويات قصوى مع وصف أحمدينجاد خاتمي بـ”الخيانة” في آذار/مارس 2006 بعد أن رد خاتمي على تشكيك أحمدي نجاد بالمحرقة اليهودية). هذه صراعات حقيقية و ليست مجرد فرقعات إعلامية. و لكن يبدو تقييم الموقف الإيراني من الوجود الأمريكي في العراق أكثر تعقيدا. حيث أن أطرافا عراقية موالية لإيران تاريخيا مثل “المجلس الأعلي للثورة الإسلامية” و “حزب الدعوة الإسلامية” شاركت بنشاط في مشروع الاحتلال الأمريكي و ذلك منذ التحضير له و خلال مرحلة “مجلس الحكم” و قبل بداية الحديث عن أي “انتخابات”.  و يبدو أن كان هناك غموضا بين توجه يرى أن الاحتلال حاصل لامحالة و أنه من الضروري “البناء عليه” حتى يتم التخلص من نفوذ الأطراف العراقية “المعادية للثورة الإسلامية” (المقصود بها البعث العراقي و حلفائه) و أطراف إيرانية أخرى لا ترى مشكلا بالأساس في احتلال أمريكي للعراق متى كان ذلك لا يضر بـ”المصلحة القومية الإيرانية” و يتيح وجود حلفاء لإيران داخل العراق (الرئيس خاتمي الذي قام بجولة تليق برئيس دولة مباشر لمهامه أخيرا بما في ذلك في الولايات المتحدة أصدر تصريحات غير عدائية تجاه الوجود الأمريكي في العراق تركز على “الاستقرار” أكثر من أي شيئ آخر). و يبدو أن تصاعد المقاومة العراقية منذ بداية الاحتلال و كون ذلك تم في أوساط سنية في الغالب و بفعل العلاقة المحتملة لهذه المقاومة أو بعض أوساطها مع الرئيس العراقي الراحل صدام حسين فإن ذلك دفع الى نوع من الاجماع في الأوساط الإيرانية حول ضرورة الانخراط في المشروع الأمريكي في العراق في اتجاه تقوية النفوذ الإيراني. غير أن بعض المؤشرات الأخيرة يمكن أن تشير الى مأزق في المناورة الإيرانية. حيث أصبحت “الحكومة الشيعية” الطعم الذي يمسك به الأمريكيون شهية بعض الأطراف الشيعية المحلية. و قد ركز أهم الحلفاء المفترضين لإيران في العراق زعيم “المجلس الأعلى للثورة الإسلامية” عبد العزيز الحكيم في زيارة أخيرة لطهران على “أهمية الحوار مع الولايات المتحدة” و هو ما يبدو أنه رغبة في النأي بنفسه عن التجاذب المتصاعد أخيرا بين الطرفين. و في مستوى آخر أقل رسمية يبدو أن زعماء “المجلس الأعلى” يتبنون خطابا أكثر جرأة يجاهر بفصل بين شيعة العراق و “الجمهورية الإسلامية” حيث صرح “إمام الحسينية الفاطمية” في النجف صدر الدين القبانجي (و هو أيضا عضو في قيادة “المجلس الأعلى”) في خطبة الجمعة 9 شباط/فيفري 2007 أن إيران “تتدخل (في العراق) بشكل لسنا معه و الشعب غير راض عن ذلك”. يأتي ذلك تحديدا في إطار الحملة الأمريكية على “التدخل الإيراني في العراق”. من الضروري الإشارة الى أن “المجلس الأعلى” أكثر الأطراف المفترض أنهم مرتبطين استخباريا و سياسيا بالإيرانيين مقارنة مثلا مع “حزب الدعوة” و الذي معروف عن قياداته تفادي اللجوء لإيران (الجعفري يعيش الى الآن بين بغداد و منفاه القديم في لندن) على أساس صراعات فقهية حول مسألة “التحزب في الإسلام” بين الفقهاء الشيعة خاصة في إطار الرؤية الرسمية لفقهاء الثورة التي تحارب مسألة التحزب هذه. و آتي هنا للقسم الأهم في علاقة بالصراعات داخل الصف الشيعي و هو القسم الفقهي ذي الاستتباعات السياسية. فخلف الإجماع الفقهي-السياسي الظاهر و المرعي إيرانيا في مدينة قم توجد تجاذبات قوية قديمة داخل الأوساط الفقهية الشيعية سيكون لها تأثير مهم في علاقة بالمشروع الأمريكي في العراق و العلاقات الأمريكية الإيرانية في هذا الإطار. و من أهم محاور هذا الصراع و أكثره وضوحا من حيث تعبيراته السياسية الصراع بين الشيخ آية الله حسين فضل الله (الزعيم الروحي لحزب الله اللبناني) و مجموعة من كبار المراجع الشيعة في قم و النجف. حيث قادت مجموعة من هؤلاء (من بينهم الشيوخ و آيات الله جواد التبريزي و عبد الواحد الخراساني و  جعفر مرتضى العاملي) منذ سنة 1993 حملة فقهية على الشيخ فضل الله انتهت بوصفه بـ”الضلال” في فتوى جماعية و تأسيس موقع الكتروني خاص لمواصلة هذه الحملة (موقع “ضلال.نت”). و في الحقيقة كانت أهم محاور الجدال خاصة بطبيعة مسؤولية السنة عن “مظلومية الشيعة” حيث تتميز أطروحات الشيخ فضل الله (المتأثرة بالظرفية اللبنانية بالتأكيد) بالتقليل من أهمية بعض الأحداث التاريخية و بنزعة معتدلة تركز على الارتباط الشيعي السني فيما هو “ثابت” و الخلاف فيما هو “متحول” و هو ما تم تصويره من قبل خصومه بأنه موقف يقدم للسنة تنازلات أساسية تضر بوحدة مبادئ الموقف الشيعي (“إنكار ضرورات المذهب”) و هو ما كان المبرر الرئيسي لوصفه بـ”الضلال”. و قد كتب أحد المدافعين عن الشيخ فضل الله باسم مستعار “باباك خورمدين” (و هو على ما يبدو مصري متشيع) أحد أهم المؤلفات (بقي الكترونيا و ليس مطبوعا على حد علمي) في علاقة بهذا الصراع و خاصة في علاقة بأبعاده السياسية بعنوان “صعود السلفية الشيعية: الاحتواء الديني لإيران” و الذي بالرغم أنه يدافع عن إيران الرسمية بشكل تبريري و غير دقيق ينزهها بشكل كامل فإنه مهم من حيث أنه نظرة من داخل الصف الشيعي. و يشرح “باباك” في كتابه أن غالبية الذين قادوا الحملة على الشيخ فضل الله كانوا أساسا من فقهاء قم غير الداعمين للنظام الإيراني و تحديدا لمسألة “ولاية الفقيه”. و في الحقيقة توجد مؤشرات على تمايز هؤلاء الشيوخ تحديدا عن الخط الرسمي الإيراني (مثلا مقابل إفتاء النظام ضد التطبير في المناسبات الشيعية لأن ذلك “يشوه صورة الشيعة و الجمهورية الإسلامية” أصر التبريزي المتوفي الآن و يصر الخراساني على ممارسة هذه العادة و هو ما أدى لمصادمات مع القوى الأمنية الإيرانية مثلا في 27 آذار/مارس 2002 أدت الى اعتقال نجل الخراساني. و من المعروف إن الرجوع القوي لظاهرة التطبير في العراق تأتي في إطار دعم هؤلاء الشيوخ). كما يشير “باباك” أن من بين أهم قادة الحملة على الشيخ فضل الله شيعة خليجيون مشبوهين و تحديدا من الكويت مثل عباس بن نخي مؤسس “حزب الله” الكويتي و صاحب مجلة “المنبر” الكويتية المعروفة بمواقفها الطائفية و الذي استقر في فترة ما في لندن. المثير أن جميع هؤلاء يتميزون بمواقف متشددة في علاقة بالعلاقات السنية الشيعية و تصبح هذه المعضلة على غاية الأهمية عند تتبع طبيعة مواقف بعض الأطراف الشيعية العراقية تجاه الشيخ فضل الله بفعل ظروف الصراع الطائفي الدائرة هناك. و قد كان من بين الذين أقروا بـ”ضلال” الشيخ فضل الله من العراق رموز أساسية من “المجلس الأعلى للثورة الإسلامية” حيث أصدر مؤسس المجلس آية الله باقر الحكيم فتوى تؤيد “ضلال” فضل الله. و الأهم من ذلك كان أحد أهم رموزالخطاب الطائفي الشيعي في العراق و عضو “المجلس الأعلى” و إمام مسجد براثا جلال الدين الصغير نشطا في الصراع ضد فضل الله منذ كان منفيا في دمشق حيث كتب هناك (سنة 1997) مؤلفا صغيرا بعنوان “الامامة ذلك الثابت الاسلامي المقدس”  و ذلك “للرد على جملة من الأفكار و الطروحات التي تبناها التيار التحريفي” و يعني ذلك بشكل محدد الشيخ فضل الله و خاصة أطروحاته في العلاقات السنية الشيعية. من المهم التأكيد هنا أن جلال الدين الصغير من أبرز المحرضين المعلنين و دون مواربة على الاقتتال الطائفي في العراق و على دعم أي جهود عسكرية أمريكية في هذا الإطار كما هو واضح من خلال موقعه الالتروني “وكالة أنباء براثا”.  و هكذا لا ينبع التحريض الطائفي الشيعي ضرورة من قبل أوساط رسمية إيرانية (أو على الأقل ليس من الضرورة أن يوجد إجماع رسمي إيراني حول هذه النقطة) و لو أن ذلك لا يعني أن إيران الرسمية لا تمارس منذ فترة ليست بالقصيرة سياسة تستبدل “تصدير الثورة الاسلامية” بحملة “تبشير شيعية” تعكس بعض التعصب الطائفي خاصة في مجالات غير شيعية. إن هذه المعطيات و خاصة “شيعة أمريكا” في العراق المنخرطين تماما في تشكيل معسكر “أمريكي-شيعي” لاقتسام السلطة تشير الى ضرورة الحذر من الأطروحات الشائعة حول أن إيران تمسك ضرورة بالمفاتيح الشيعية عراقيا. و هذا الانفلات الشيعي عن البوتقة الايرانية هو الذي يمكن أن يفسر الرهان النيومحافظ على “الكفة الديمغرافية الشيعية” لتقرير مصير الحرب في العراق و من ثمة موازين القوى في المنطقة. أما إذا كان ذلك ممكنا… فطبعا لا. ليس لأن الرهان على “شيعة أمريكا” لن يؤدي إلا الى استعداد أقلية شيعية فحسب للدخول في المشروع الأمريكي بل لأن الوجود الأمريكي في العراق لن يتسطيع مهما حاول الاختفاء خلف ستار حرب أهلية خاصة إذا تورط فيها. هذا عدى عن المخاطر الكبرى لتحالف “أمريكي شيعي” معلن على حلفاء الادارة النيومحافظة الآخرين من “سنة أمريكا”. مثلما حدث في كل المغامرات العسكرية النيومحافظة في العراق و لبنان و فلسطين (عبر الحليف الاسرائيلي) فإن أي ضربة عسكرية نيومحافظة تجلب مخاطر أكبر مما سبق و من ثمة مآزق جديدة. من جهة أخرى لا يجب تصور موجبات و ظروف الصراع السني الشيعي الطائفي و انفلاته في اتجاهات عنيفة في إطار الرغبات الأمريكية فحسب. حيث لا يمكن لنا أن نغالط أنفسنا و لا ننتبه الى أن الصراع بين الطرفين كان دائما موجودا و أخذ في كثير من الأحيان طابعا عنيفا. كما أن وجود التيار القاعدي “السلفي الجهادي” بتوجهاته الطائفية المعلنة (المنبعثة من تقاليد المشهد الفقهي البدوي السعودي) و استعادته للخطاب القروسطي المناهض لـلـ”الرافضة” ساهم و يساهم بشكل كبير في تشكيل توتر طائفي هائل في المنطقة ربما لايزال يحول دون استفحاله وعي قوى كثيرة باستفادة الاحتلال الامريكي منه. كما تتحمل أطراف “سلفية شيعية” كثيرة بما في ذلك بعض أوساط إيران الرسمية التي أضحت تصدر “المذهب الشيعي” عوض “الثورة الاسلامية” مسؤولية في تأجيج التحريض الطائفي القاعدي. (المصدر: موقع ميدل إيست أون لاين (لندن) بتاريخ 17 فيفري 2007) الرابط: http://www.middle-east-online.com/?id=45346


في الطائفية والعلمانية وضروب النظر السائدة

صالح بشير (*) لا عاصم من الطائفية سوى الانضواء في نصاب علماني، يتجاوز الطائفة نحو الوطن، ويجترح الفرد المواطن، المتسامي على انتماءاته العضوية والدنيا وما قبل السياسية، والشاخص نحو وحدة جامعة، قوامها الدولة-الأمة الحديثة (أرقى صيغ الاجتماع البشري)، اختيارا عقلانيا، أي تاريخيا من صنع الإنسان لا حتمية «فرضتها» الطبيعة… يكاد الكلام أعلاه، أو ما يشبهه، يستوفي، وإن بإيجاز مخلّ أو مبتسِر، رأي حداثيينا أو عقلانيينا، ممن يلقون على مجتمعاتهم نظرة متحسرة متبرمة، تشخّص تخلفها ونزوعها إلى تفتت دامٍ متمادٍ، وتصف لها إكسير العلمانية، خلاصا نحو الأعلى والأفضل، أسوة بتجارب راسخة، خاضتها الأمم المتمدنة، وأصابت من النجاح ما جعلها تستوي مرجعا، فاستحال ذلك النجاح العملي إلى ضرب من أقنوم أو من يقين معرفيين. قد تكون المقاربة هذه سليمة من حيث المبدأ، تؤيدها مجريات التاريخ، في أوجهها السلبية (بين ظهرانينا) كما في أوجهها الإيجابية (لدى الغير)، غير أنها، في ما يخص واقع حال منطقتنا، عينيّاً وتخصيصا، تنطوي على إشكال ناجم، على الأرجح، عن الأخذ بمسلمة، دون التوقف لمساءلتها، هي تلك المتمثلة في وضع الطائفية مقابلا للعلمانية، واعتبار هذه نقيض تلك، فعليا وإيديولوجيا، وفي المماهاة، استطرادا من ذلك أو بناءً عليه، بين الطائفة والدين، وهي مماهاة يُغري بها، والحق يُقال، ظاهر الأمور. غير أن المماهاة تلك قد تكون خادعة، إذ أنها تذهل عن أمر أساسي، عن ملمحٍ تشهد به تواريخ كيانات المنطقة، أو ما كان منها فسيفسائي التكوين، من أن المنزع الطائفي كان سابقا على تديين السياسة أو تسييس الدين، ذلك الذي لم يجدّ، وإن بشيء من التبسيط في التحقيب، إلا مع انفجار ثورة إيران الإسلامية ونجاحها. لا يكاد التطابق أو التوافق بين بروز الإيديولوجيا الدينية وبين التمكّن الطائفي يصح، في الحالة اللبنانية على سبيل المثال، وهي حالة براديغمية في هذا الصدد، إلا على الطائفة الشيعية، تلك التي وُلدت سياسيا، بعد الثورة الإيرانية وبعد تمكن الإيديولوجيا الدينية، فكانت بذلك استثناءً بين الطوائف اللبنانية، ولا زالت تحافظ على استثنائيتها تلك، حيث أنها الطائفة الوحيدة التي يستأثر بالتعبير عنها وعن تطلعاتها حزب أصولي (حزب الله)، شاذ بصفته هذه بين سائر الأحزاب اللبنانية، أقلها تلك الأساسية، الممتلكة وزنا والحائزة على تمثيلية. أما في ما عدا ذلك، وفي ما يكاد يستوي قاعدة، فليس لزاما على الوجود السياسي للطائفة أن يكون دينيا ولا لاصطفافاتها أن تكون من طبيعة دينية، حتى أن مواجهة قصوى، كالحرب الأهلية اللبنانية السابقة، مع أنها تمادت عقدا ونصف العقد وذهبت في العداء شأوا بعيدا كان يُفترض فيه أن يجند الأسمى لدى كل طرف، في ما كان يلوح حرب بقاء، إنما خيضت بين أحزاب وتنظيمات، قادتها نخب علمانية، أو غير دينية على الأقل، بقدر ما هي طائفية… فلا حزب الكتائب، مع نضاليته المغالية، كان حزبا أصوليا مسيحيا، ولا الطرف الإسلامي مثلته أحزاب غير تلك «الوطنية»، اليسارية والعروبية وما إليها. فكانت الحرب تلك حربا طائفية، أو نزاع طوائف، دون أن تكون حربا دينية أو نزاع ديانات وعقائد دينية (على خلاف حروب الكاثوليك والبروتستانت في أوروبا الإصلاح والإصلاح المضاد على سبيل المثال)، وذلك فارق جوهري وحاسم، وإن لم تدركه العين بيسر، جرّاء الأخذ الكسول بعادات في التفكير بعينها. قد يكون ذلك من السمات الفارقة، والفريدة ربما، لذلك الكائن التاريخي و»الاجتماعي» البالغ الخصوصية والمتمثل في الطائفة. فهذه الأخيرة، وإن جعلت من الانتماء الديني، أو المذهبي، المادة الأولى لهويتها ولإصرارها عليها، إلا أنها لا تقتصر على الدين، بل قد تستغني عنه، معبّرا عن وجودها السياسي، إذ يمكن للمرء أن يكون طائفيا ناجز الطائفية، منافحا عن طائفته، دون أن يمنعه ذلك من أن يكون علمانيا في توجهه السياسي أو الإيديولوجي، أو وطنيا على طريقته (وبين اللبنانيين من يقدم على هذا «التناقض» الظاهري بعض أجلى الأمثلة) أو قوميا بل أمميا… وقد نجد في الدولة الطائفية الوحيدة في الشرق الأوسط، أي الدولة العبرية، حالة نموذجية في هذا الصدد. فالدولة تلك يهودية صرفة، إلى درجة الإنغلاق «العنصري»، على صعيد الانتماء الديني، ولكن تعبيراتها السياسية ليست دينية أصولية، أو أن التعبيرات تلك ليست الغالبة عليها، بل هي تتسع، إلى درجة الهيمنة والطغيان، للتيارات العلمانية (بما فيها تلك الإلحادية)، فكان لهذه الأخيرة الدور الأفعل في اجتراح الكيان وفي تمكينه. ربما عاد ذلك إلى كون اليهود المؤسسين للكيان (والذين نصفهم خطأً بالغربيين… رابطا سهلا نقيمه في أذهاننا بين الإستيطان اليهودي والاستعمار الغربي) قد وفدوا من أوروبا الشرقية والوسطى، وتلك أصقاع درجت، عبر تاريخها الحديث، على تأسيس «القوميات» على الانتماء الديني، مع بقاء ذلك الانتماء رحبا، مع أنه أساسي وحاسم، لا ينحصر في أكثر معانيه أصولية بالضرورة… وفي ذلك ما قد يمثل وجه شبه مضمر، بين مشارقنا ما بعد العثمانية التعددية، وبين فضاءات كانت مجال إمبراطوريات شرقية عتيقة أخرى سابقة في شرق أوروبا وبلقانها. كل ذلك للقول إن التلازم بين الطائفة والدين قد يكون نسبيا بقدر ما هو جوهري، ما قد يعني أن المقابلة بين الطائفية والعلمانية، واعتبار هذه نقيضا لتلك وحلا لإعضالها، ليس بالأمر اليقيني على ما اعتدنا على القول والاعتقاد. ولربما توجب، تالياً، النظر إلى الطائفية على أنها من ذلك الضرب من المكوّنات ما قبل السياسية وما قبل الحداثية التي لا يخلو منها مجتمع، بما في ذلك تلك التي بلغت شأوا بعيدا في «التقدم»… بحيث ربما أمكن تصور علمانية تتسع للطائفة، في إطار فيدرالي أو ما شابه. وليس القول بذلك هرطقة إلا في نظر المعتادين على المقاربات التبسيطية والمغالية في تبسيطيتها. (*) كاتب تونسي (المصدر: صحيفة “الحياة” (يومية – لندن) الصادرة يوم 18 فيفري 2007)  

قمة كان وتراجع الحضور الفرنسي في إفريقيا

توفيق المديني

طوت إفريقيامرحلة من تاريخها الحديث، بعد أن استضاف الرئيس الفرنسي جاك شيراك  آخر قمة بينبلاده والقارة السمراء ، التي عقدت في كان جنوب فرنسا يومي 14 و 15 فبراير الجاري،في وقت يواجه النفوذ الفرنسي السياسي والاقتصادي، لا سيما منافسة شديدة من قبلالصين المتعطشة للطاقة والنفط. و تحت شمس كانّ في الريفييرا الفرنسية، افتتح الرئيسالفرنسي جاك شيراك القمة الرابعة والعشرون لرؤساء دول إفريقيا وفرنسا، والتي شاركتفيها 48 من اصل 53 دولة افريقية. وكان  موضوع القمة “إفريقيا والتوازن فيالعالم”، وبحث ملف المواد الأولية التي تشكل موضع منافسة شرسة وحملة قوية من قبلالصين، وكيفية حماية الثروات الطبيعية للقارة، ودورها في العالم والدور الذي يؤديهعصر المعلومات في المجتمعات الافريقية،  إضافة إلى أزمات إفريقيا ، التي أحالتفرنسا إلى  دور”شرطي” إفريقيا. العادات السيئة تظل متأصلة وعنيدة… وبينماتجتهد فرنسا منذ عشرات السنين الخروج من مواجهة  حصرية وجها لوجه مع شركاء إفريقيينالذين كانوا عادة مستعمرات قديمة ، فإن الأزمات التي تعصف بالقارة الإفريقية تجبرهاعلى إعادة تفعيل دورها الذي يحيلها إلى الأزمنة الكولونيالية التي ولَّت.ففي عام 2006، أظهرت النزاعات التي  اندلعت في كل من تشاد و إفريقيا الوسطى هذه الظاهرةالكولونيالية ، التي وصفها الوزير الاشتراكي السابق للدفاع بول كيلاس ،أنها “عودةللممارسات السيئة“. في جمهورية إفريقيا الوسطى و التشاد أرسلت باريس طائراتها مننوع ميراج للقضاء على المتمردين الذين يهددون نظامي إدرس ديبي و بوزيزيه.وتعتبربارسهذه القرارات شرعية ، بالقياس إلى اتفاقية الدفاع المشترك التي تربط فرنسا بجمهوريةإفريقيا الوسطى،و باتفاق التعاون العسكري  المبرم مع تشاد.وهذه القرارات مرتبطةأيضا بحرص باريس على إظهار للعواصم الإفريقية أن فرنسا تحترم التزاماتها.فهذاالالتزام إزاء قسم من القارة الإفريقية هو الذي يسمح لفرنسا بإعلاءمطامحهاالدبلوماسية الشاملة ، و الاضطلاع بمسؤولية دولية في القارة الإفريقية، و الإسهامفي تبرير مقعدها كعضو دائم في مجلس الأمن . وفيما يتعلق بأزمة دارفور خاطب الرئيس شيراك مباشرة الرئيس السوداني المشير عمر حسن أحمد البشير قائلا: “أدعو كلالمتحاربين وحكومة السودان إلى القبول بنشر قوة سلام ووقف الهجمات واحترام السكانالمدنيين والعاملين في المنظمات الانسانية واختيار المصالحة”. وشدد على أن المجتمعالدولي والاتحاد الافريقي تعهدا “رفض حتمية هذه الكارثة الانسانية التي تهددالمنطقة برمتها”.وكانت السلطات السودانية وافقت في نهاية كانون الاول على ان تقدمالامم المتحدة مساعدة فنية ومادية الى مهمة السلام التابعة للاتحاد الافريقي فيدارفور، لكنها رفضت نشر قوة دولية. بيد أن أحداث الواقع، ومجرى التاريخ يقدمانصورة للعلاقة بين فرنسا و إفريقيا دبلوماسية.إنها علاقة  لقوة عظمى قديمة استعماريةمتورطة دائما في النزاعات الإفريقية-الإفريقية.  ويفسر المحللون إعادة الانتشارالاقتصادي الفرنسي إلى عدم الاستقرار المزمن في القارة والذي لم يكن من شأن أحداثساحل العاج إلاّ تسليط الضوء عليه. فقد عصفت بإفريقيا الغربية والوسطى، حيث الحضورالفرنسي المميّز، سلسلة من الأزمات، كما حدث في إفريقيا الوسطى وجمهورية الكونغوالديموقراطية (زائير سابقاً). فسير الأعمال فيها يضطرب بسبب الخلل القضائي والخضّاتالسياسية والفساد وصعوبات أعمال التحصيل. وقد دانت قوى المجتمع المدني في عدة بلدانإفريقية عدة “الاستعمار الجديد” لباريس، ولاسيما  الدعم المقدّم لبعض الأنظمةالاستبدادية في توغو وغابون وغيرها ،عقب الانتخابات الرئاسيةالمشكوك في نزاهتها. الرئيس جاك شيراك الذي وصل إلى قصر الإليزيه في وقت تخلت فيه فرنسا عن إفريقيامع نهاية الحرب الباردة،يستعد الآن لمغادرة السلطة في زمن مفصلي تعيشه القارةالإفريقية. لقد كانت قمة كان الأخيرة  مناسبة لشيراك ليودع فيها إفريقيا وقادتهاالذين نسج معهم طوال 40 عاما، من خلال زياراته المتكررة علاقات وثيقة وأحيانا مثيرةللجدل مثل رئيس الغابون عمر بونغو أونديمبا عميد الرؤساء الافارقة والذي يتولىالحكم منذ ,1967 وبول بييا (الكاميرون) وادريس ديبي ايتنو (تشاد) ودنيس ساسو نغيسو (الكونغو). لكن شيراك يودع إفريقيا، في زمن انتشار العولمة الرأسمالية في كافةأصقاع المعمورة، التي أجبرت إفريقيا أن تكون من جديد مسرحا للصراع ليس بين القوىالغربية العظمى فقط، مع عودة قوية للهيمنة الأميركية  ، و لكن أيضا بسبب التنافسالذي تبديه البلدان الناشئة، لا سيما الصين.فنظام العولمة الذي أسقط الموانع التيكانت تحمي الشركات الوطنية من المنافسة الدولية، كما في الأسواق الممسوكة (الأدوية)والاحتكارات أو التجمعات الاحتكارية (النقل الجوي وشبكات الهاتف الثابت)،والمساعدات العامة (البنى التحتية) وبعض الأعمال الروتينية غير المجازفة (مصارفالإيداع).، قد جعل الفرنسيون  يواجهون  المنافسة ،ولاسيما من جانب الصينيين. فقدولّى زمن كانت فيه المجموعات الفرنسية، المتواجدة بقوة في إفريقيا الفرنكوفونيةخلال الحرب الباردة، تسيطر على ما يزيد عن نصف أسواق الغابون أو ساحل العاج أوالكاميرون أو السنغال، وتحقِّق أرباحاً هائلة بدعم من شركة التأمين الفرنسية علىالتجارة الخارجية (كوفاس). وحتى أوساط ثمانينات القرن الماضي، كانت الغابون ما تزالتشكّل نصف الاحتياطي النفطي التي حقّقته شركة “إلف اكيتان”. وحتى أنّ شركة توتالنفسها، وريثة شركة إلف، تعلن أنها “طَبَّعت” وجودها في القارة الإفريقية. فهذهالشركة الفرنسية العملاقة تحقّق أكثر من نصف إنتاجها اليوميّ في القارة – أي مايعادل 000 813 برميل مكافيء من النفط (متضمناً الغاز)، أي ما نسبته 30 في المئة منمجمل انتاجها العالمي – في نيجيريا وأنغولا، خارج “المرج” الفرنسي السابق.فإفريقيا، التي تنتج حوالي 110 مليار برميل، تمسك بـ9,4 في المئة من احتياطي النفطيالعالمي (مقابل 7,6 في المئة في العام 1984). إلاّ أنّ تنويع مصادر التموين في هذاالقطاع الاستراتيجي هو أمر حيويّ. ومن هنا هجوم بكين، عبر العقود الكبيرة مندولة إلى دولة، غير الخاضعة لأيّ شروط سياسية (كما في أنغولا والكونغو برازافيل…)والجهود التي تبذلها واشنطن من أجل تأمين حصّة متنامية لها من النفط الإفريقي.وهكذا فإنّ شركة توتال، التي تبقى الشركة المشغِّلة الدولية الخاصّة الأولى فيالقارة، تواجه منافسة من الولايات المتحدة في إفريقيا الفرنكوفونية، كما في تشاد،وفي الدول المنتجة حديثاً، كما في غينيا الاستوائية. لا شك أن هذه العلاقاتالجديدة ذات الطابع الكوني التي غيرت من موازين القوى،  وسرعت من تفكك منطقة النفوذالفرنسي ، دفعت الرئيس شيراك إلى إعادة توجيه السياسة الإفريقية لفرنسا في اتجاهمتعدد الأطراف، أي نحو الأوربة الموجهة للخروج من العلاقات الفرنسية-الإفريقية.وهذاما أكدته قمة كان الأخيرة بحضور لا سابق له للمستشارة الألمانية أنغيلا ميركل التيمثلت الاتحاد الاوروبي ، بوصف ألمانيا تتولى رئاسته الدورية.

 

 (المصدر: صحيفة الخليج الصادرة يوم 19 فيفري 2007)


Home – Accueil الرئيسية

Lire aussi ces articles

6 avril 2004

Accueil TUNISNEWS   4 ème année, N° 1417 du 06.04.2004  archives : www.tunisnews.net الحياة: تونس: جمعيات حقوقية تشكو الحكومة الى “يونيسكو”

En savoir plus +

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.