الأحد، 17 يناير 2010

TUNISNEWS

 9ème année, N°3526 du 17 . 01. 2010

 archives : www.tunisnews.net

الحرية لسجين

 العشريتين الدكتور الصادقشورو

وللصحافيين توفيق بن بريك وزهيرمخلوف

ولضحايا قانون الإرهاب


السبيل أونلاين: شقيقة زهير مخلوف السيدة فاطمة مخلوف في ذمة الله

حــرية و إنـصاف:أخبار الحريات في تونس: سوريا تسلم تونس 3 شبان كانوا معتقلين لديها

السبيل أونلاين:مظاهرة في فرنسا بعد مقتل الشاب التونسي حكيم مادي طعنا بسكين

حــرية و إنـصاف:مريم مهدي تواصل إضرابها المفتوح عن الطعام في ظل تجاهل الشركة البريطانية لقضيتها

قناة الحوار التونسي:حوار مع الأستاذ جلال بن بريك الزغلامي أخ الصحافي المسجون توفيق بن بريك

كلمة:الهيئة المديرة لرابطة حقوق الإنسان تدعو خصومها إلى خارطة طريق نحو الوفاق

الوطن:حوار مع الصحفي الفاهم بوكدوس

زياد الهاني:من بركات التحوير : معالي “المقص” يصبح رسميا وزير

كلمة:أنباء عن اشتباك بين رئيس بلدية طبرقة ورجل أعمال

كلمة:القضاء يفصل ملف التمثيل النقابي في التعليم العالي  لصالح اتحاد الشغل

كلمة:إضرابات من أجل احترام الحق النقابي

البديل عاجل:جبنيانة :مدينة تحت الحصار

عبد اللطيف عبيد:ليكن عامنا الجديد أفضل

قناة “مدي 1 سات” تهتم بالتحوير الوزاري وتستضيف عبد الوهاب الهاني للتعليق عليه

وات :وزارة الشؤون الخارجية تنعى الفقيد الهادى العنابي

الوطن:حتى لا تغادر الدّيمقراطية مدارها:قراءة في الفكر والسلوك  ( 2 من2 )

الصباح:بعد التحوير الأخير:الطلبة، التشغيل، الكنام والتمثيل السياحي أبرز أولويات الوزراء الجدد

الوطن:الطاقة النووية ، هل هي خيارنا الأمثل ؟

البديل العاجل:قضيّة نهب الآثار وتهريبها: إلى أين؟

الصباح:محاكمة الطاهر بن عمار سنة 1958 أو استخدام القضاء لأغراض سياسية 2/2

الصباح:أسعار السمك ترتفع… والطقس هو السبب

الوطن::مناظرة “الكاتريام” بين التواصل والإلغاء نريد حقيقة الموقف

الوطن:كيف نحمي المجتمع والمجموعة الوطنية من مخاطر التحايل المحتمي بالقانون؟

الوطن:لغة الاشهار سرطان ينخر لغتنا العربية

العرب:الجزائر: حزب إسلامي يقترح قانوناً يمنع القواعد العسكرية ومكاتب المخابرات

العرب:تنديداً بالجدار الفولاذي:نشطاء تونسيون: حكومة حسني مبارك فقدت صوابها


(Pourafficher lescaractèresarabes suivre ladémarchesuivan : Affichage / Codage /ArabeWindows)To read arabictext click on the View then Encoding then Arabic Windows)


منظمة حرية و إنصاف

التقرير الشهري حول الحريات وحقوق الإنسان في تونس

جانفي2009

https://www.tunisnews.net/17fevrier0a.htm 

فيفري2009    

https://www.tunisnews.net/15Mars09a.htm 

مارس 2009      https://www.tunisnews.net/08avril09a.htm 

أفريل 2009     

https://www.tunisnews.net/15Mai09a.htm ماي  2009      https://www.tunisnews.net/15Juin09a.htm

جوان2009  https://www.tunisnews.net/20juillet09a.htm      جويلية 2009  https://www.tunisnews.net/23Out09a.htm   أوت/سبتمبر2009    

 https://www.tunisnews.net/15Octobre09a.htm 

أكتوبر 2009

https://www.tunisnews.net/22nov09a.htm 

نوفمبر2009

https://www.tunisnews.net/31Decembre09a.htm


شقيقة زهير مخلوف السيدة فاطمة مخلوف في ذمة الله


السبيل أونلاين – تونس – عاجل إنتقلت إلى جوار ربها الليلة 17 جانفي 2010 ، شقيقة الناشط الحقوقي والإعلامي السجين زهير مخلوف ، السيدة فاطمة مخلوف ، بعد معاناة طويلة مع مرض السرطان . وكان زهير مهتم بشقيقته خلال مباشرتها العلاج بمستشفي صالح عزيز بتونس العاصمة ، فقد كانت تتحول من المعمورة بنابل إلى العاصمة أين يقطن زهير (ببرج الوزير بأريانة) ليكون في إستقبالها ومرافقتها إلى حين إنهاء مواعيد العلاج ثم تأمين عودتها إلى نابل . يذكر أن يوم غدا الإثنين 18 جانفي ، موعد إطلاق سراح زهير الذي يتزامن وهاته الفاجعة ، وهو ما يستوجب تمكينه من الحضور في موكب الدفن والإذن بالإفراج عليه خاصة بعد إنتهاء مدّة العقوبة المقررة ضده  . وبهذه المناسبة الأليمة تتقدم إدارة السبيل أونلاين بأحرّ التعازي وأبلغ عبارات المواساة إلى أخينا السجين زهير مخلوف وكافة أفراد أسرته ، ونسأل الله تعالى أن يرزقهم جميل الصبر والسلوان ، ونسأله تعالى أن يتغمد الفقيدة بموفور الرحمة وواسع المغفرة وأن يتجاوز عنها ويدخلها جنات النعيم .
(المصدر : السبيل أونلاين (محجوب في تونس) ، بتاريخ 17 جانفي 2010)  

الحرية لسجين العشريتين الدكتور الصادق شورو الحرية لكل المساجين السياسيين حــرية و إنـصاف 33 نهج المختار عطية 1001 تونس الهاتف / الفاكس : 71.340.860 البريد الإلكتروني: liberte.equite@gmail.com تونس، في 01 صفر 1431 الموافق لـ 17 جانفي 2010

أخبار الحريات في تونس


1) سوريا تسلم تونس 3 شبان كانوا معتقلين لديها: سلمت سوريا إلى تونس اليوم الأحد 17 جانفي 2010 ثلاثة شبان هم حمزة الصدقاوي وسامي النابلي ويمكن أن يكون الثالث هو الشاب وحيد بن عثمان الذي أعلنت زوجته السورية أنه اختفى في غرة ديسمبر 2009، وقد علمت إحدى عائلات المسلمين الثلاثة أن ابنها تعرض لتعذيب شديد لدى اعتقاله بسوريا.  2)   اعتقال بشير المشرقي واسكندر البوغانمي: اعتقل أعوان البوليس السياسي يوم الجمعة 15 جانفي 2010 الشابين بشير المشرقي واسكندر البوغانمي واقتادوهما إلى جهة مجهولة، علما بأنهما تعرضا في السابق للمضايقة المتكررة من قبل جهاز البوليس السياسي والاعتقال في بعض المناسبات. 3)   عرض الفاهم بوكدوس أمام محكمة استئناف قفصة: يمثل الصحافي فاهم بوكدوس غدا الاثنين 17 جانفي 2010 أمام محكمة الاستئناف بقفصة للنظر في القضية المتهم فيها بالمشاركة في أحداث الحوض المنجمي سنة 2008. 4)   اعتقال الناشط الحقوقي وسام التستوري: اعتقل أعوان البوليس السياسي يوم السبت 16 جانفي 2010 الناشط الحقوقي السيد وسام التستوري واقتادوه إلى جهة غير معلومة، ولا تزال عائلته تجهل مكان وسبب اعتقاله. 5)   حتى لا يبقى سجين العشريتين الدكتور الصادق شورو عيدا آخر وراء القضبان: لا يزال سجين العشريتين الدكتور الصادق شورو وراء قضبان سجن الناظور يتعرض لأطول مظلمة في تاريخ تونس، في ظل صمت رهيب من كل الجمعيات والمنظمات الحقوقية، ولا تزال كل الأصوات الحرة التي أطلقت صيحة فزع مطالبة بالإفراج عنه تنتظر صدى صوتها، لكن واقع السجن ينبئ بغير ما يتمنى كل الأحرار، إذ تتواصل معاناة سجين العشريتين في ظل التردي الكبير لوضعه الصحي والمعاملة السيئة التي يلقاها من قبل إدارة السجن المذكور. عن المكتب التنفيذي للمنظمة الرئيس الأستاذ محمد النوري  


مظاهرة في فرنسا بعد مقتل الشاب التونسي حكيم مادي طعنا بسكين


السبيل أونلاين – فرنسا – خاص   تظاهر بعد ظهر الجمعة 15 جانفي 2010 ، في حدود الساعة الثانية والنصف بتوقيت فرنسا أكثر من أربعة آلاف (4000) شخص وذلك إحتجاجا على مقتل الشاب التونسي الذى قتل بطعنات سكين من قبل أحد زملائه خلال الأسبوع الماضي .   وحمل المتظاهرون صور التلميذ الذي قتل عن سن 18 سنة ، وكذلك الورود وقمصان مرسوم عليها صور القتيل حكيم مادي ، ورفعت عائلته لافتة مكتوب عليها “إلى أخينا حكيم..لن ننساك أبدا” ، كما رفعت لافتات أخرى .   وقال شقيقه الأكبر كريم مادي أن حكيم لم يكن يرغب في الإنتقام ، وشكر الحكومة الفرنسية والتونسية على إستعجال إجراءات الدفن ، بينما قال والده : شكرا لكم جميعا على مساندتكم لنا . حسب صحيفة “لبراسيون” الفرنسية .   وشارك في التظاهرة الصامتة زملاء حكيم وبعض أساتذته ، وكذلك عائلته وجيرانهم .   وتوفي حكيم جراء طعنات من طرف أحد زملائه العرب ، الذي عاكس شقيقة الشاب الضحية ، وحدثت الجريمة داخل معهد داريوس ميلهود بكرملين بيساتر(kremlin-bicetre) بمقاطعة “فال دي مارن” .   وأطنب المتهم في معاكسة شقيقة حكيم داخل المعهد وإزعاجها وهوما دفعها إلى إشعار شقيقها ليتصدّى للسلوك غير الأخلاقي للتلميذ الذي ينحدر من أصول عربية ويدعى إسلام.ب. و اعترض الضحية التلميذ القاتل قرب بهو المعهد ولامه على صنيعه معاتبا إياه على تصرّفه غير اللائق مع شقيقته بحضور الأخيرة ولكن المتهم غضب من عتاب زميله وطعنه في الصدر ولاذ بالفرار.   وسقط التلميذ التونسي أرضا والدماء تنزف من جسمه أمام شقيقته المصدومة وتحت أنظار رفاقه الذين اتصلوا بالحماية المدنية التي حلت بالمكان ونقلت حكيم إلى المستشفى ، أين لفظ أنفاسه الأخيرة بقسم العناية المركزة بمستشفى هنري موندور بكريتاي(créteil) بضواحي باريس متأثرا بالمضاعفات الخطيرة لنزيف دموي حاد .   وأعلن المستشفى وفاته بعد نحو ست ساعات من التدخل الطبي قبل أن يؤكد مصدر أمني الوفاة الناجمة عن طعنتين تلقاهما الضحية في الكبد والرئة أثناء معركة جدّت بينه وبين تلميذ يقاربه في السن في بهو المعهد الذي يدرسان فيه .   وألقت الشرطة الفرنسية القبض على الجاني .   (المصدر : السبيل أونلاين (محجوب في تونس) ، بتاريخ  16جانفي 2010 )  


الحرية لسجين العشريتين الدكتور الصادق شورو الحرية لكل المساجين السياسيين حــرية و إنـصاف 33 نهج المختار عطية 1001 تونس الهاتف / الفاكس : 71.340.860 البريد الإلكتروني: liberte.equite@gmail.com تونس، في 30 محرم 1431 الموافق لـ 16 جانفي 2010

مريم مهدي تواصل إضرابها المفتوح عن الطعام في ظل تجاهل الشركة البريطانية لقضيتها

 


تواصل السيدة الجزائرية مريم مهدي (42 عاما) إضرابها المفتوح عن الطعام لليوم الثامن والثلاثين على التوالي (منذ 10/12/2009) للاحتجاج على طردها من قبل الشركة البريطانية ”بريتش غاز” العاملة بالجنوب الجزائري بسبب ارتدائها للحجاب. وقد أكدت وسائل الإعلام الجزائرية تدهور الحالة الصحية للسيدة مريم مهدي التي نقلت مرتين إلى قسم الإنعاش فاقدة للوعي، وأثبتت الفحوصات الطبية أنها تعاني من انخفاض في ضغط الدم ونقص في نسبة السكر كما أنها تعاني من اضطرابات في الجهاز البولي . وترفض شركة ”بريتش غاز” تسوية وضعية السيدة مريم مهدي التي تطالب بحقها في العودة إلى عملها لأنها أمضت عقد عمل غير محدود مع الشركة البريطانية تسلمت بمقتضاه منصب مديرة قسم الموارد البشرية والعمليات والتوظيف، ويدل سجلها الحافل بشهادات التقدير أنها أمسكت بزمام الوظيفة واستطاعت أن تنال احترام إدارة الشركة، إلى أن تم طردها بسبب ارتدائها للحجاب الذي لم تكن ترتديه عند استلام وظيفتها أول الأمر. وحرية وإنصاف: 1)   تعبر عن مساندتها المطلقة للسيدة مريم مهدي في المطالبة بحقها في حرية اللباس وفي ضمان حقها في الشغل وفق مقتضى العقد غير المحدود المبرم بينها وبين الشركة البريطانية. 2)   تدين بشدة طرد الشركة البريطانية للسيدة مريم مهدي ولمئات العمال الجزائريين الآخرين. 3)   تدعو الشركات الأجنبية العاملة في الجزائر وفي الوطن العربي والعالم الإسلامي إلى احترام الهوية العربية الإسلامية.   
عن المكتب التنفيذي للمنظمة الرئيس الأستاذ محمد النوري


قناة الحوار التونسي حوار مع الأستاذ جلال بن بريك الزغلامي أخ الصحافي المسجون توفيق بن بريك


يمكنكم مشاهدة الحوار في جزئين على الصفحة التالية http://www.wat.tv/mandelaettounsi لمشاهدة الجزء الأول من الحوار http://www.wat.tv/video/-2407x_1mb72_.html لمشاهدة الجزء الثاني من الحوار http://www.wat.tv/video/-240dn_1mb72_.html  


الهيئة المديرة لرابطة حقوق الإنسان تدعو خصومها إلى خارطة طريق نحو الوفاق


حرر من قبل لطفي حيدوري في السبت, 16. جانفي 2010 دعت الهيئة المديرة للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان أعضاء المنظمة الذين لهم اعتراضات مختلفة على ما تم اتخاذه من قرارات طيلة المرحلة السابقة والذين رفعوا قضايا في هذا الشأن، إلى اجتماع بمقر الرابطة لفتح نقاش معهم.  وقالت الهيئة في بيان لها إنّها تسعى إلى أن يشكّل ذلك خطوة عملية في اتجاه إعادة ترتيب البيت الرابطي، والتوصل إلى خارطة طريق جماعية تفتح المجال أمام الحل الذي يتشوف له جميع الرابطيين، حسب تعبير البيان.  وجددت الهيئة المديرة التعبير عن استعدادها للتعاون مع مختلف الأطراف المعنية والمؤمنة بالرابطة، لكنّها أشارت إلى أنّ المؤتمر الوفاقي الذي تدعو إليه يقتضي التعاون من قبل الجميع، ويتضمن بالضرورة تقديم التنازلات الضرورية وتجنّب الزوايا الحادة، حسب وصف الهيئة. وذلك حتى يتم التوصل إلى الصيغ التي ترضي الجميع، وتحافظ على استقلالية الرابطة، يضيف البيان.  ودعا البيان الجهات الإدارية والسياسية المعنيّة إلى تقديم العون وتسهيل إنجاز المؤتمر الوفاقي المأمول، قبل نهاية شهر مارس المقبل. (المصدر: مجلة “كلمة” الإلكترونية ( يومية – محجوبة في تونس)، بتاريخ 16 جانفي 2010)
 


حوار مع الصحفي الفاهم بوكدوس


حاورته زكية الضيفاوي   على هامش الأيام الدراسية “فلنطالب بالكرامة” للفرع التونسي لمنظمة العفو الدولية التي انتظمت أيام 25 و 26 و 27 ديسمبر الجاري التقت “مواطنون” صحفي الحوار التونسي الفاهم بوكدوس، المعترض حديثا عن حكم صادر في حقه بستة سنوات نافذة على خلفية تغطيته الإعلامية لأحداث المناجم، وحاورته حول أطوار مقاضاته وخلفياتها ونتائجها المحتملة، مثلما تطرقت للوضع المنجمي إبان الحراك الاجتماعي وبعد إطلاق سراح معتقليه مساء 04 نوفمبر الماضي.
                                                          –أثار توقيت اعتراضك جدلا في الأوساط الحقوقية والصحفية باعتباره قد تزامن مع تضييق أكبر لهوامش حرية التعبير والصحافة، فلماذا الآن بالذات؟ 
 
*إن الوضع العام المتردي وعدم التناسب في ردود أفعال السلطة تجاه الحراك المجتمعي وتفرد السلطة التنفيذية بكل القرارات الهامة والثانوية والرعوانية في تصريف الشأن العام لا تجعلنا نقبض بدقة على لحظات الانفراج، وهذا ما جعل تقديمي لاعتراض على حكم ظالم في حقي ينطلق أساسا من قناعتي بضرورة مواصلة عملي الصحفي وهو فعل لا يتم في السرية أو السجن وإنما في علاقة بحركة الشارع سواء كانت حرة أو مقموعة.حبي لرسالتي الإعلامية وحده من دفعني لمواجهة ذلك الحكم رغم الأخطار المحتملة…. 
 
–ولكن ألا تعتبر أن إطلاق سراح معتقلي الحوض المنجمي يمثل خطوة هامة نحو طي الملف نهائيا؟ 
 
*إن تسريح قادة الاحتجاج المنجمي وشباب الحركة الاجتماعية في أوائل نوفمبر الماضي في ظرف قياسي ورغم الأحكام القاسية في حقهم، يمثل خطوة لا يستهان بها في سبيل تنفيس الأوضاع بالجهة والإيحاء بإمكانية معالجة الأوضاع المعيشية للأهالي المفقرين، إلا أن عدم كف التتبعات في شأني وفي حق حسن بن عبد الله والفجراوي وشربيب وسجن مجموعة المظيلة يُبقي الملف السجني مفتوحا فما بالك بإرجاع المسرحين إلى سابق شغلهم ومقاومة الفقر والبطالة والتلوث والانهيار الصحي….                     
  –هل يعني هذا أنك متشائم من مآل القضية؟
 
*إن شعور التفاؤل قائم الذات لا محالة نظرا للتمشي الحالي لسير جلسات المحاكمة وليقيني التام بأنني لم أرتكب جرما أو تجاوزا طيلة تغطيتي الإعلامية لاحتجاجات المناجم لفائدة فضائية الحوار التونسي، حيث كنت في المكان المناسب أؤدي عملا احترافيا ودقيقا وجديا كما لم تكن فصول الإحالة لتنطبق عليّ.  
   –هل يعني هذا أن هناك خلفية أخرى وراء محاكمتك؟ 
 
*بالتأكيد، فقد تزامنت الأشهر الطويلة لاحتجاجات سكان المظيلة وأم العرائس والمتلوي والرديف للمطالبة بالشغل وبتحسين مستوى عيشهم بصمت مطبق لوسائل الإعلام الرسمية وشبه الرسمية لا يتناسب مع مستوى الحدث ومع الدور الموضوعي لأي أجهزة إعلام وطنية مهما كان خطها التحريري، وهذا يعني أن هناك قرارا رسميا للتعتيم على الأحداث وعدم الإخبار عن تطوراتها وحيثياتها فما بالك عن دوافعها الحقيقية ونوعية مطالبات السكان والوقائع الدراماتيكية التي رافقتها، ممّا يحيل آليا على محاصرة مصادر الخبر والتضييق على وسائل الإعلام المستقلة.وشخصيا كانت لديّ معطيات مُؤكدة منذ شهر أفريل 2008 تتعلق بسيناريوهات الزج بي في السجن لإبعادي عن مواصلة تغطية تلك الأحداث، وهو ما جعلني لا أتفاجأ ببدء متابعتي الأمنية والقضائية في 05 جويلية 2008 .وقد جاءت محاكمة زكية الضيفاوي ورشيد عبداوي ومحمود الرداوي لتؤكد منحى معاقبة من لهم أدوار صحفية وإعلامية في علاقة بانتفاضة المناجم.كما أن القاعدة الصحفية المعروفة التي تقول أنه زمن الأحداث الكبرى يكون الصحافيون أول الضحايا تأكدت بكل وضوح في حالتي حيث لا يمكن أن يمر حدث في مثل انتفاضة الحوض المنجمي دون أن يتعرض إعلاميون على عين المكان للتضييقات والمتابعات والمحاكمات، وهو برهان أساسي على أنّ ما تعرّضت له كان محض تلفيقات.                                                        –إلى أيّ مدى كنت راضيا على حجم التضامن مع قضيتك؟  
                                           *لقد استفدت من حركة التضامن الهائلة وطنيا ودوليا مع أهالي الحوض المنجمي، كما لم تبخل عليّ كبرى الهيئات الصحفية الدولية بالمساندة على غرار لجنة حماية الصحافيين والفيدرالية الدولية للصحافيين ومراسلون بلا حدود.وإنّني أستغل هذه الفرصة لأحيي هاجر السموني المتعاونة السابقة مع مراسلون بلا حدود والباحثة في مركز الدوحة لحرية الإعلام على المجهودات الجبارة التي بذلتها في سبيل التعريف بقضيتي ولإسنادي وإسناد زوجتي طيلة المحنة التي عشتها والتي تعكس إيمانا عميقا بروح التضامن الصحفي ودفاعا مبدئيا عن حرية التعبير والتفكير وعن ضحاياها مهما كانت معتقداتهم.
      –كيف تنظر للمشهد الإعلامي ببلادنا بعد 16 شهرا من الغياب؟  
                                      *لو تركنا جانبا فترة الثمانينات فإنّ كل السنوات المتبقية عرفت تضييقا للهامش الضئيل لحرية التعبير والصحافة نتيجة التخوفات المتزايدة من الأدوار المحتملة لرسالة الصحافة في فضح تعفن الأوضاع المجتمعيّة وتفتيح عيون التونسيين على كلّ حقوقهم.وتُعتبر فترة ما قبل انتخابات أكتوبر 2009 وما بعدها من أقسى الفترات على الجسم الصّحفي كانت أهم تجلياتها كالآتي:
 
-الانقلاب على نقابة الصحافيين بعد محاصرة قاسية ومساومة على استقلاليتها.
–سجن الصحافيين بن بريك ومخلوف والاعتداء على آخرين على غرار سليم بوخذير.
–محاولة تصفية مؤسسات إعلامية مستقلة كراديو كلمة وراديو 6 و قناة الحوار التونسي.            –فتح الأبواب والتسهيلات أمام صحافة الدعارة لتقتات من كرامة ناشطات وناشطون حقوقيون وسياسيون وصحافيون… 
–استغلال الوضع المادي والمعيشي لعدد من الصحافيين الشبان وتطويعهم في خدمة بروبجندا معادية لحرية الصحافة. غير أنّ هذا المشهد على تعاسته لا يمكن أن يغطّي على التطور الملحوظ للإعلام الحزبي والمستقل والإلكتروني وعلى حالة الالتفاف حول نقابة الصحافيين الشرعيّة، كم تمثل الهيئات واللّجان الصحفية الناشئة علامة على حيوية المشهد الإعلامي في بلادنا ويقظة نخبه تجاه سياسات تدجينه وتركيعه.         وجدير بالتنويه أنّ هذه العلامات المضيئة لا يمكن أن تتدعّم دون تضامن صحفي جدّيّ وصلب يتجاوز السكتارية والزعاماتية والاصطفاف السياسي والوصاية والتمييز الفكري.   
                                     –هل لاحظت مع ظهورك بعد غياب خطوات ملموسة لفضّ المشاكل التي تسبّبت في اندلاع الاحتجاجات المنجمية؟                                                                                            
 
* إنّ معالجة الأوضاع المزمنة لسكّان المناجم تتطلّب مجهودات استثنائية بعد أكثر من نصف قرن من الإهمال والتمييز الاجتماعي والاقتصادي.ولقد ساهمت لجنة التفاوض في الرديف في إدماج أكثر من ألف عاطل في المناولات ومعالجة أوضاع العشرات من عمال البلدية والصّوقاز…كما حقّقت نضالات أهالي أم العرائس مكاسب شغلية هامة.غير أنّ الأوضاع المعيشية لم تتغير بشكل كاف وجاءت فيضانات الرديف الأخيرة لتكشف عن هشاشة تدخل الدولة في تلك المناطق المتروكة.  

(المصدر: صحيفة “مواطنون”، لسان حال التكتل الديمقراطي للعمل والحريات، (أسبوعية معارضة – تونس)، العدد128بتاريخ 18 جانفي 2010 )  


من بركات التحوير : معالي “المقص” يصبح رسميا وزير


قناة الحوار التونسي تحاور الصحفي زياد الهاني ولمتابعة الحديث اضغط على هذا الرابط
 


أنباء عن اشتباك بين رئيس بلدية طبرقة ورجل أعمال


حرر من قبل التحرير في السبت, 16. جانفي 2010 أفادت مصادر مطلعة أن خلافا نشب قبل أيام بين رئيس بلدية طبرقة وأحد رجال الأعمال بالمدينة حول بعض المسائل المتعلقة بواقع القطاع السياحي وعلاقته بالبلدية. وذكرت ذات المصادر أن الخلاف تحول إلى اشتباك بعد أن ركل رئيس البلدية رجل الأعمال الذي رفض مغادرة الجلسة المنعقدة بمقر البلدية فكان الرد في إطار ما اعتبره رجل الأعمال دفاعا عن النفس.  وقد يكون الخلاف تطور بدخول أطراف أخرى، إلى انقسام بين شق ناصر رئيس البلدية وابنه، وشق آخر انحاز لرجل الأعمال، ليتحول الخلاف إلى معركة انتهت بالإطاحة برئيس البلدية أرضا.  وعلمت كلمة أنّ رئيس البلدية قدم شكاية في الغرض.
(المصدر: مجلة “كلمة” الإلكترونية ( يومية – محجوبة في تونس)، بتاريخ 16 جانفي 2010)


 

القضاء يفصل ملف التمثيل النقابي في التعليم العالي لصالح اتحاد الشغل


حرر من قبل التحرير في السبت, 16. جانفي 2010 رفض القضاء يوم الأربعاء طعنا في قرار قسم النظام الداخلي بالاتحاد العام التونسي للشعل سنة 2002 بحلّ المكتب التنفيذي للنقابة العامة للتعليم العالي والبحث العلمي. . وكان كاتبها العام مصطفي التواتي قد رفع القضيّة منذ أكثر من ستة أعوام ولم يفصل فيها سوى يوم واحد قبل التحوير الوزاري الذي شمل وزارتي التعليم العالي والعدل. وذكر موقع جريدة “الشعب” الالكترونية أنّ التواتي أبلغ الأربعاء الماضي بهذا الحكم.  كما أفاد نفس الموقع بأنّ محكمة تونس حفظت يوم الجمعة 15 جانفي 2010 الدعوى المتعلقة بإبطال تأسيس الجامعة العامة للتعليم العالي والبحث العلمي سنة 2006 والتي تم بمقتضاها دمج النقابة العامة للتعليم العالي والنقابة العامة للأساتذة المحاضرين. (المصدر: مجلة “كلمة” الإلكترونية ( يومية – محجوبة في تونس)، بتاريخ 16 جانفي 2010)

إضرابات من أجل احترام الحق النقابي


حرر من قبل التحرير في السبت, 16. جانفي 2010 شرع عمال مؤسسة “كوفات” لصناعة الكوابل الكهربائية للسيارات ببنزرت في إضراب عن العمل يوم 15 جانفي. ويطالب عمال الشركة الذين يناهز عددهم 900 بإعادة 12 من زملائهم قام المؤجّر بطردهم تعسفيا. وفي صفاقس يواصل عمال شركة “فلورتاكس” لصناعة الدهن بصفاقس إضرابهم عن العمل الذي سيتواصل حتى 11 فبفري المقبل من أجل إرجاع مطرودين بينهم نقابيون. كما يتواصل الإضراب بمؤسسات “الجراية” لصناعة المواد البلاستيكية حتى أوّل فيفري احتجاجا على انتهاك الحق النقابي. (المصدر: مجلة “كلمة” الإلكترونية ( يومية – محجوبة في تونس)، بتاريخ 16 جانفي 2010)

تونس تستورد الحبوب من أوروبا


حرر من قبل نزار في السبت, 16. جانفي 2010 قام الدّيوان الوطني للحبوب بشراء 25 الف طن من القمح الصّلب و25 طن من الشّعير من أوروبا. وسيتمّ شحن حمولة القمح الصّلب إلى تونس في أفريل القادم بعد أن دفعت الحكومة مبلغ 248.69 دولار مقابل الطّن الواحد مع اعتبار مصاريف النّقل. أمّـا حمولة الشّعير فسيتمّ نقلها في شهر فيفري القادم، وتقدّر تكلفة الطّن بــ169.29 دولار باعتبار مصاريف النّقل، ويرجّح أن يكون مصدر هذه الحبوب تركيا أو اسبانيا. وتحتاج تونس لشراء ما لا يقل عن 600 ألف طن من القمح اللين لإطعام شعبها وتعتبر أكبر دولة مستوردة للحبوب في المغرب العربي رغم ملائمة الظّروف الطبّيعيّة ووفرة الأراضي الخصبة في ولايات الشّمال الغربي كولاية باجة الّتي بلغ منتوج الحبوب فيها 2.6 مليون قنطار تليها ولايات سليانة والكاف. ورغم توفّر العوامل الطّبيعيّة في تونس، الّتي كانت في ما سبق تسمّى بمطمور روما لما توفّره من إنتاج حبوب يكفي لإطعام جزء من شمال إفريقيا وأوروبا، تراجعت المساحات المبذورة قمحا خلال السنة الحالية إلى مستوى 222 مليون هكتار مقابل 223.5 مليون هكتار في السنة الماضية وهو ما يقف عائقا أمام القدرة على تغطية الاستهلاك المحلي. ولم تساهم التّشجيعات المقدّمة للفلاّحين في حثّهم على مزيد البذر فحوالي 60 بالمائة من الفلاحين مازالوا يعتمدون على البذر اليدوي للحبوب، ويرجع ذلك لعدم تعميم التّقنيات الحديثة على كلّ الفلاّحين واعتماد نوع من الانتقائيّة في ذلك وارتفاع تكلفة النّقل الرّاجع لارتفاع أسعار المحروقات. ويبقى من الأجدى إيجاد إستراتيجية حقيقيّة لإرجاع الشّمال الغربي مطمورا لتونس يقلّص من حدّة الحصول على الغذاء من وراء البحار وخطّة محكمة لترفيع طاقة الخزن الّتي تقتصر على 12مليون قنطار ولا تقبل المقارنة مع الاستهلاك الوطني للحبوب. (المصدر: مجلة “كلمة” الإلكترونية ( يومية – محجوبة في تونس)، بتاريخ 16 جانفي 2010
 


 

جبنيانة : مدينة تحت الحصار

 


تحوّل معهد 18 جانفي 1952 بمدينة جبنيانة إلى مسرح لأحداث أليمة يوم الأربعاء 6 جانفي حين اقتحمت قوّات الأمن حرم المعهد وداهمت كل من فيه دون تمييز، تلاميذ كانوا أو أساتذة أو حتى عملة. بدأت الأحداث بتحرّكات احتجاجيّة سلميّة شنّها تلاميذ معاهد جبنيانة الثلاثة مساندة للطلبة المساجين ظلما على خلفيّة التحرّكات على خلفيّة التحرّكات التي قادها أبناء الاتحاد العام لطلبة تونس احتجاجا على حرمان مائة طالبة من حقهن في السكن الاستثنائي بمبيت “الياسمين” بولاية منوبة. علما بأن خمسة من بين الطلبة المساجين ينتمون إلى جهة جبنيانة. انطلقت وقائع هذه التحرّكات التلمذيّة يوم الاثنين 4 جانفي وهي مازالت مستمرّة إلى الآن. ولم يتوقّع أحد أن تأخذ الأحداث هذا المنعرج المأسوي الذي آلت إليه إذ كان يفترض ألاّ تخرج الأمور عن سيطرة الإطار التربوي والإدارة مثلما كان الشأن في مناسبات سابقة. لكن السلطات الأمنية بادرت في خطوة أولى باستدعاء الأولياء وطالبتهم بضبط أبنائهم في ضوء التحرّكات الأوّلية التي قام بها بعض التلاميذ قبيل عطلة الشتاء. وجدّدت هذه الدعوة قبل انتهاء العطلة بيوم. لكنّ مجرى الأحداث اتخذ منعرجا خطيرا بداية من يوم الاثنين 4 جانفي 2010، حين فوجئ متساكنو جبنيانة بمحاصرة قوّات الأمن لكافة مداخل المدينة محاصرة. لكن، ورغم تشديد الرقابة على كافة المعاهد، جدّ تحرّك في معهد أبي إسحاق الجبنياني ومعهد 18 جانفي ثمّ عاد التلاميذ في عشيّة اليوم نفسه إلى مقاعد الدراسة بشكل عاديّ. وفي اليوم الموالي عادت التحرّكات في معهد أبي إسحاق الجبنياني. يوم الأربعاء، تجمّع التلاميذ حوالي الساعة العاشرة صباحا ورفعوا شعارات للمطالبة بإطلاق سراح الطلبة المساجين. ولمّا همّوا بالخروج من المعهد جوبهوا بمحاصرة أمنية وتعنيف، فارتدّ التلاميذ للاحتماء بحرم المعهد. وحوالي الحادية عشر والنصف صباحا اقتحمت قوّات الأمن المكان لتضرب وتهشّم كلّ ما اعترض طريقها. فكان أوّل ضحاياها عاملتان تعرّضتا للدفع بعنف مما تسبب لهما في أضرار جسدية. كما تم اقتحام منزل حارس المعهد والاعتداء على من فيه. وفي تصريح للموقف قال السيد منذر زعتور عضو النقابة الأساسية للتعليم الثانوي بجبنيانة: “يعجز اللسان عن وصف ما وقع بداية من يوم الاثنين (4 جانفي) إلى يومنا هذا في هذه المدينة… لقد تعوّدنا بمثل هذه التحرّكات التلمذيّة أساتذة وإدارة وكنّا دائما قادرين على إعادة المياه إلى مجاريها… لكنّ ما وقع كان فظيعا”. نفس الذهول والحيرة لمسناهما لدى كلّ من حاورناهم من الأساتذة والتلاميذ الذين استنكروا الملاحقات الأمنيّة، واستعمال القنابل المسيلة للدموع في مؤسسة تربويّة، واقتحام لحرم المعهد وتحطيم لأثاثه. بعض الشهود أكّدوا لنا تعرّض خمسة تلاميذ للاعتداء في هذه الهجمة إلى جانب الاعتداء اللفظي على مدير المعهد وتهشيم سيّارات بعض الأساتذة وتحطيم بلّور قاعة الأساتذة (ما يقارب 400 فصّ بلّور مهشّم(. وعن ردّة فعل السلطات المحلّية قال الأستاذ والنقابي يحيى رحيّم: “اتصلنا بالسلطات المعنيّة فأنكروا أن يكون لهم صلة بما وقع أو معرفة به منذ مدير المعهد إلى المعتمد مرورا بالمدير الجهوي للتعليم… لا أدري إن كان ردّة فعل من قبل الأمن أم تنفيذا لأوامر صدرت؟ من المسؤول عمّا وقع ومن أصدر الأوامر بهذا التدخّل العنيف غير المسبوق وغير المفهوم؟ “. يذكر أن الاقتحام تمّ في الوقت الذي كان تلاميذ الأقسام النهائيّة يزاولون دروسهم ممّا أدخل عليهم حالة من البلبلة، وأعاقهم عن متابعة الدروس. لكنّ الذّعر لم يصب التلاميذ وحدهم، فقد انتقل كالعدوى مع انتشار قوّات الأمن في شوارع المدينة التي خلت فجأة من متساكنيها. أصاب الرعب والهلع الجميع، وغدت جبنيانة تعيش على نبض الخوف ووقع الأحذية الثقيلة التي لم تنس أن تترك بصماتها على جدران المعهد وعلى ذاكرة روّاده. أما التلاميذ الذين استجوبناهم فكان الرعب يشلّ ألسنتهم… أحدهم حدّثنا بصوت مرتعش عن الشراسة التي واجهتهم بها قوّات الأمن ما إن غادروا باحة المعهد حيث تمّ الاعتداء على تلميذين ضربا، وملاحقة البقيّة إلى داخل المؤسسة التربويّة، ولم يشفع لهم احتماؤهم بأساتذتهم ولا تدخّل بعض العملة للصدّ عنهم. أحد التلاميذ ذكر أن المياه وقع قطعها عن المعهد بحيث تعذّر إسعاف من اختنقوا بفعل القنابل المسيلة للدموع التي أطلقت عليهم بكثافة. مشيرا إلى أن الاعتداءات والتهديدات والمضايقات الأمنيّة ما تزال مستمرّة ضدّ التلاميذ والأهالي في جبنيانة مما جعل المدينة تعيش تحت وطأة الحصار الأمني ذاكرا أن أحد المسؤولين الأمنيّين بالجهة هدّده بتقديمه ضمن قائمة باثني عشر اسما للمحاكمة. بعضهم تحدّث عن تلميذ نزعت عنه ثيابه وعمد أعوان الأمن إلى جلده وضربه على الملأ، وعن ملاحقة للتلاميذ الذين اختبئوا تحت طاولات الدرس وجرّهم وضربهم. وما زالت الاعتقالات العشوائيّة مستمرّة لحمل التلاميذ على توقيع التزامات. محمّد زعتور أستاذ ونقابي بجبنيانة، نفى الرواية الرسمية التي تقول بأن ما وقع هو ردّ فعل على العنف الممارس من قبل التلاميذ، حيث أفاد أنه بالاتصال بإدارة المعهد أكّدت أن التحرّكات كانت سلميّة ولا تستوجب مثل ذلك التدخّل العنيف. مضيفا أن النقابة الأساسية بجبنيانة ردّت الفعل على ما وصفه بالتدخّل الوحشي لقوّات الأمن بإضراب يوم الخميس 7 جانفي بمدينة جبنيانة وفي اليوم الموالي حضر وفد عن النقابة العامة للتعليم الثانوي وعن النقابة الجهوية بصفاقس والاتحاد الجهوي للشغل إلى جانب ممثلين عن قطاعات أخرى، ليقع إردافه بإضراب جهوي يوم السبت لمدّة ساعتين من العاشرة إلى منتصف النهار لقي نجاحا منقطع النظير حسب النقابة الجهوية للتعليم الثانوي، وساندته قطاعات مثل المتفقّدين و”السياب” وأعوان وعمّال سكك الحديد، ورفعت فيه ثلاث مطالب تتمثّل في محاسبة المسؤولين عن هذه العمليّة ورفع الطوق الأمني عن مدينة جبنيانة وجبر الأضرار التي وقعت وأهمّها الضرر المعنوي. وقد اعتبر النقابيّون انتهاك حرمة مؤسسة تربويّة أخطر من الأضرار المادّية التي تسبّبت فيها قوّات الأمن. تركنا المدينة وسؤال واحد يتردّد على ألسنة أهاليها: من المسؤول عن هذا العنف والتعنيف الذي تعرّض له أبنائنا والأضرار التي لحقت بمعهدنا؟  
 
معز الباي نشر بجريدة الموقف، العدد 529 بتاريخ الجمعة 15 جانفي 2010
 
(المصدر: “البديـل عاجل” (قائمة مراسلة  موقع حزب العمال الشيوعي التونسي) بتاريخ 17 جانفي   2010)

ليكن عامنا الجديد أفضل

بقلم : عبد اللطيف عبيد   شهدت  بلادنا في السنة المنقضية، سنة 2009، أحداثا جساما تفاعل معها شعبنا بطرق مختلفة وبدرجات متفاوتة، وها هو يستقبل سنة جديدة يؤمّل أن تكون أفضل من سابقتها في كلّ المجالات وفي مقدّمتها المجال السياسي بكل مكوناته والمجال الاقتصادي بكل عناصره. ولا شكّ أنّ أهم حدث ميّز السنة المنقضية في المجال السياسي هو الانتخابات الرئاسية والتشريعية التي جرت في أكتوبر الماضي. ولئن علّق المواطنون عامّة والطبقة السياسية والنخب الفكرية خاصة على تلك الانتخابات آمالا كبيرة لتنشيط الحياة السياسية وإخراجها من الرتابة التي تردّت فيها والسكون الذي كاد يقضي عليها بالجمود والشلل، فإنّ ما رافق الانتخابات المذكورة من المواقف المعتادة والسلوكات المتكرّرة ومن إصرار السلطة على أن تكون تلك الانتخابات، عقلية وسيرورة ونتائج، صورة طبق  الأصل  من كلّ الانتخابات التي سبقتها قد أفرغها، مجددا، من المحتوى الذي تطلع إليه التونسيون المتعطشون لديمقراطية حقيقية غير شكلية، وعاد بالبلاد  إلى نقطة البداية، وحشر الوطن ضمن زمرة البلدان التي ليس لها من الانتخابات إلاّ الاسم. وفي المجال السياسي أيضا لم تشهد بلادنا  الانفراج المطلوب، إذ لم تعرف قضية الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان الحلّ الذي يرضي الرابطيين والحريات، ولم تسلم النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين من التدخل في  شؤونها ومن التسلط غلى قيادتها، وهذا بالإضافة إلى تعديّات عديدة  استهدفت الأحزاب غير الإدارية والصحافيين والناشطين الحقوقيين والسياسيين. وفي المجال الاقتصادي عرفت السنة المنقضية  استمرار تآكل القدرة الشرائية للمواطنين بسبب تواصل نسق ارتفاع الأسعار واستمرار البطالة  وظهور بوادر تأثر الاقتصاد الوطني بالأزمة الاقتصادية والمالية العالمية، إضافة إلى استفحال  الاختلاس والرشوة والفساد ممّا لم تجد الصحف الوطنية الموالية للسلطة بدّا من الإشارة إلى حالاته المتكاثرة في عدد من فروع البنوك والشركات والمؤسسات والإدارات العمومية وغيرها. على أنه قد يكون من أهمّ ملامح الوضع الاقتصادي الصعب الذي يعيشه المواطنون تدهور أوضاع الفلاحة والفلاحين لأسباب عديدة في مقدمتها  انحباس الأمطار منذ بداية الموسم الفلاحي الحالي، وهو ما يدعو إلى إيلاء الفلاحين العناية التي هم بها جديرون، لأنهم بقوا إلى  حدّ الآن في آخر سلمّ اهتمامات السلطة. وقد كان حزبنا، حزب التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات، قد دعا في بيانه الانتخابي بمناسبة الانتخاب التشريعية إلى إلغاء الديون المتخلدة بذمة الفلاحين المتوسطين والصغار و الصغار جدّا، وهم الأكثرية، لأنها تثقل كاهلهم وتزيدهم بؤسا، علاوة على أنها قليلة جدّا مقارنة بالديون التي أعفي منها رجال الأعمال في الصناعة والسياحة والمقاولات منذ سنوات قليلة. وعلى مستوى التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات واصلنا نضالنا الدؤوب، بقدر طاقتنا وإمكانياتنا وهامش التحرّك المتاح لنا  ولعموم الديمقراطيين، من أجل الإسهام الجادّ في إرساء ديمقراطية حقيقية قوامها الحرية والعدل والمساواة والعدالة الاجتماعية. وقد كان مؤتمرنا الأول الذي عقدناه أواخر ماي الماضي تتويجا لجهود مناضلينا في مختلف الجهات ومحطّة لمواصلة هذا النضال الذي آلينا على أنفسنا أن يكون جادّا هادئا رصينا مخلصا  لوطننا وشعبنا دونما تعصّب أو تحامل  أو انتهازية أو طمع. وعسى أن تكون السنة الحالية أفضل من سابقاتها، وأن تتوفّق بلادنا إلى أقوم مسالك التنمية  السياسية والاقتصادية والاجتماعية، تحقيقا  للرخاء و الأمن والمناعة.  وكلّ عام وأنتم  والوطن بخير.

 
(المصدر: صحيفة “مواطنون”، لسان حال التكتل الديمقراطي للعمل والحريات، (أسبوعية معارضة – تونس)، العدد128بتاريخ 18 جانفي 2010 )


قناة “مدي 1 سات” تهتم بالتحوير الوزاري وتستضيف عبد الوهاب الهاني للتعليق عليه

 


برنامج : المغرب العربي في أسبوع الأحد الثامنة و النصف ليلا بالتوقيت الدولي, التاسعة و النصف بتوقيت تونس يسعدني أن أعلم الأصدقاء و المتابعين للشؤون التونسية بمشاركتي غدا الأحد 17 جانفي في برنامج  “المغرب العربي في أسبوع ” على  قناة “مدي 1 سات” المغاربية الجريئة و ذات الصدقية و المهنية العالية, للتعليق على التحوير الوزاري الأخير هذا ويبث البرنامج يوم الأحد ويعاد بثه الأحد منتصف الليل و النص دولي , الواحدة و النصف ليلا تونس. كما يبث الإثنين الخامسة و النصف صباحا دولي السادسة و و النصف تونس, ثم الحادية عشرة و خمس دقائق دولي منتصف النهار و خمس دقائق تونس, ثم العاشرة و النصف ليلا دولي الحادية عشر و النص تونس برنامج : المغرب العربي في أسبوع أخبار، ريبورتاجات، تحاليل، ضيوف، وقراءة في الصحف المغاربية .. أسبوعيا تقدم  قناة “مدي 1 سات” مجلة “المغرب العربي في أسبوع” التي تحمل كل جديد بمنطقة المغرب العربي الكبير، على جميع الأصعدة، السياسية، الاقتصادية، المجتمعية، والثقافية. هذا البرنامج يلقي الضوء على أهم الأحداث والمستجدات طيلة أسبوع. ترددات القناة الأقمار الصناعية نيل سات 101/102 7 درجات غرب 12015 Mhz عمودي 27500 أسترا 19.2 درجة شرق 11538 Mhz عمودي 22000 هوت بيرد 13 درجة شرق 10873 Mhz عمودي 27500 عربسات بدر – 6، 26 درجة شرق 11766 Mhz أفقي 27500 الباقات MAROC TELECOM TV : القناة 8NUMERICABLE : القناة 333 CANALSAT : القناة 352NOOS : القناة 57 TPS : القناة 453ADSL ORANGE : القناة 75 SFR : القناة 236ALICE : القناة 136 البث على الموقع بعيد  24 ساعة من البث الرئيسي:  http://www.medi1sat.ma عبد الوهاب الهاني awhani@yahoo.fr 0033617960037

 


وزارة الشؤون الخارجية تنعى الفقيد الهادى العنابي


تونس 17 جانفى 2010 وات تنعى وزارة الشؤون الخارجية ببالغ الاسى والحسرة المغفور له السيد الهادى العنابي رئيس بعثة الامم المتحدة لتحقيق الاستقرار بهايتي الذى وافاه الاجل المحتوم جراء الزلزال المدمر الذى ضرب هذا البلد يوم الثلاثاء الماضي وخاصة العاصمة بور او برانس وقد ظل المرحوم طيلة الايام الماضية في عداد المفقودين مع العشرات من مساعديه تحت أنقاض مقر البعثة الاممية المنهار الى أن تمكنت فرق الانقاذ من العثور على جثامينهم. وبتعليمات من رئيس الجمهورية تم تكليف السفير المندوب الدائم للجمهورية التونسية لدى منظمة الامم المتحدة بنيويورك بمرافقة الامين العام للمنظمة الاممية السيد بان كي مون يوم الاحد الى جزيرة هايتي للاشراف على اجراءات نقل جثمان الفقيد الهادى العنابي. ويعتبر الفقيد من ابرز الدبلوماسيين التونسيين الذين عملوا في منظمة الامم المتحدة لما عرف به من كفاءة مهنية عالية وخصال شخصية مما بوأه لتحمل عديد المسؤوليات الهامة في اطار جهود المنتظم الاممي لتعزيز السلم والامن وانجاز المهام الانسانية في العالم. وكان الفقيد وهو من قدماء اطارات وزارة الشؤون الخارجية قد اضطلع على المستوى الوطني بمهام بديوان الوزير الاول اواخر السبعينات كما تولى منصب رئيس مدير عام لوكالة تونس افريقيا للانباء. وفي هذا الظرف الاليم تتقدم الوزارة بأحر التعازى وأخلص عبارات التعاطف والمواساة الى كافة أفراد عائلة الفقيد وكل من عرفه وعمل معه. رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته ورزق أهله وذويه جميل الصبر والسلوان. انا لله وانا اليه راجعون. http://www.tap.info.tn/ar/index.php?option=com_content&task=view&id=12351&Itemid=38 نبذة عن مسار المرحوم الهادى العنابي رئيس بعثة الامم المتحدة لتحقيق الاستقرار بهايتى تونس 17 جانفى 2010 (وات) توفى السيد الهادى العنابي الممثل الخاص للامين العام للامم المتحدة رئيس بعثة الامم المتحدة لتحقيق الاستقرار بهايتى فى انهيار مبنى بعثة الامم المتحدة فى بور او برانس اثر الزلزال المدمر الذى ضرب عاصمة هايتى. وتم تعيين السيد الهادى العنابي على راس بعثة الامم المتحدة لتحقيق الاستقرار فى هايتى اول سبتمبر 2007 وكان قبلها يضطلع بخطة مساعد الامين العام للامم المتحدة لعمليات حفظ السلام. وقد التحق الفقيد بالمنتظم الاممى سنة 1981 حيث شغل خطة متصرف اول بمكتب الممثل الخاص للامين العام للامم المتحدة للشوءون الانسانية فى جنوب شرقي اسيا قبل تعيينه مديرا لهذا المكتب. وفى ما بين 1982 و1991 اسهم السيد الهادى العنابي فى جهود الامين العام وممثله الخاص من اجل تسوية سياسية شاملة لازمة كمبوديا ثم التحق بادارة عمليات السلام حيث شغل خطة مدير لقسم افريقيا من 1993 الى 1996 فممثلا لمكتب العمليات بادارة عمليات السلام فى جوان 1996 وقبل ان يلتحق بالامم المتحدة كان السيد الهادى العنابي مستشارا ديبلوماسيا لدى الوزير الاول. كما شغل عدة وظائف بوزارة الشوءون الخارجية. كما تم تعيينه فى سنة 1979 رئيسا مديرا عاما لوكالة تونس افريقيا للانباء. والسيد الهادى العنابي من مواليد 4 سبتمبر 1943 وهو خريج جامعة تونس اختصاص ادب انقليزى ومعهد العلوم السياسية بباريس والمعهد الجامعى للدراسات الدولية العليا بجنيف. والسيد الهادى العنابي حاصل على الصنف الرابع من وسام الجمهورية.
 
(المصدر:وكالة تونس إفريقيا للأنباء (وات)بتاريخ 17 جانفي 2010)


حتى لا تغادر الدّيمقراطية مدارها:قراءة في الفكر والسلوك  ( 2 من2 )

 


بقلم : عبد الفتاح الكحولي   بعد أن بيّن الكاتب بعض الظواهر المرضية للإحتفاء بالديمقراطية على صعيد الخطاب لدى الفاعلين السياسيين، يعرّج في الجزء الثاني عن الظواهر المرضية على صعيد السلوك.   II الظواهر المرضية على صعيد السلوك: 1 – الإستغراق في الشّعار إن نفي الواقع على المستوى الفكري يؤدي على صعيد الممارسة إلى هيمنة النزعة الخطابية العارية من كل تحليل ملموس للواقع الحيني إذ تمعن تلك النزعة في استبعاد الواقع مقابل الإحتفال المرضي بالشعار العام الذي يتحوّل عند منتج الخطاب إلى تعويذة سحرية تفعل فعلها في جمهور الأنصار مغيّبة العقل وهو ما يعني الإستئناس بالمطلقات في الممارسة السياسية . 2 – نزعة المشيخة: إن الإستغراق في الشعار العام واستبعاد كل حالة إدراكية فاعلة للواقع وتغليب “فعل السحر” على “التعقل” وعلى “الإجتهاد” الذي يتغيّا إدراك مفردات الواقع في تعقيدها ينتج علاقة عمودية بين “الباث” و”المتلقي” هذه العلاقة تنفي كل إمكانية للتواصل الأفقي بين المتحزّبين وتكرّس علاقة تقليدية تحكمها ثنائية الشيخ / المريد فالشيخ صاحب القول الساحر هو المنتج الأوحد للحقيقة المطلقة ومن ثمّ فهو المبجّل عند جمهور المريدين . إن هذه العلاقة تحوّل الفعل السياسي إلى ضرب من ضروب الترديد الممجوج لخطاب الشيخ / الزعيم وتكرّس الهدر المستمر لقيم الحداثة السياسية. 3 – نزعة العداء إن التحجر الفكري والإطمئنان  المرضي للمطلقات واستبعاد النسبي ظواهر فكرية ستنتج على صعيد الممارسة تضييقا منهجيا لمساحات التواصل بين المختلفين إذ يتحوّل الصّراع إلى ضرب من ضروب النفي المتبادل من أجل احتكار الحقيقة فتغدو العلاقة بين المختلفين تصريفا لشتى أشكال العداء. وإذا كانت الشرعية الثورية تسوّغ هذا النّمط من العلاقات العدائية بين الثورة والثورة المضادة فإن المخالف في النظام الديمقراطي هو مجرّد منافس وليس عدوّا لأن الإنتقال من “سياسة الحقيقة” إلى سياسة التلاؤم” لا يسمح بظهور مفردات العدو والعداوة بل يسمح بمفردات المنافس والمنافسة على قاعدة الإختلاف بين الأقاويل النسبية. إن الكثير من الخطابات التي تبرزُ هنا وهناك تعبّر بشكل واضح عن هذه النزعة العدائية ولا شكّ أن الثنائيات التقابلية التي لا تزال تتحكم في هذه الخطابات هي التعبير المكثف عن هذه النزعة العدائية فثنائيات المعارضة / الموالاة المناضل / شاهد الزور ، الحق / الباطل..ألخ تكشف عن أصولية فجة في التفكير تجد ترجمتها في “نظرية السّماطين” أو المعسكرين المتقابلين دون أية إمكانية للتواصل . 4 – العشوائية السياسية:Confusion politique إن الإحتكام  للمطلقات والإطمئنان للصيغ الجاهزة والقوالب الميّتة يمنعان كل إمكانية للتفكير في مفردات الواقع ورصد التحولات الهائلة التي تطرأ عليه وهو ما يعني الإنخراط في فعل سياسي عشوائي بعيد عن مقولات التشخيص والإستشراف . إن العشوائية السياسية تجد ترجمتها الفعلية في حالات التذبذب والتردّد بين طهورية الشعار والمبدأ العام من جهة وبين معطيات الواقع وحقائقه وقد يؤدي هذا التردّد إلى حالات من الإنقسام الحادّ حول مسائل قد تبدو فرعية وذات محتوى تكتيكي. إن العشوائية السياسية لا تنسجم مع الحداثة السياسية التي ترتكز على التخطيط الجيد وعلى إنتاج “السياسات” ذات المدى القصير والمتوسط والبعيد كما أنها لا تنسجم مع الديمقراطية باعتبارها النظام الذي يقيم علاقة متينة مع الواقع. ولا يعني ذلك أنّنا نعبّر عن موقف يجد مرتكزاته في مقولة ” الحل الوحيد والصّحيح” بل تصدر عن رؤية تؤمن بالتخطيط ورسم السياسات وتعهّدها المستمرّ بالنقد والمساءلة والإنفتاح على سائر الآراء وعلى المستجدات التي تطرأ من حين لآخر . 5 – الشخصنة واحتقار المؤسسة: من أخطر أنماط السلوك على مسار البناء الديمقارطي الشخصنة فالكثير من الذين يزعمون الإنتماء إلى الصفّ الديمقراطي لا يحترمون خيار المأسسة ويرون في ذواتهم المرجع أو المحور الذي يجب أن تدار حوله سياسات الحزب أو الحركة وهذه الظاهرة ناشئة عن زعم امتلاك الحقيقة وعن عدم إدراك التطورات المعرفية الهائلة التي يشهدها عالم اليوم وعن جهل بأشكال التنظيم العصري التي تُلح على أهمية المجهود الجماعي وعقلية فريق العمل والتضامن بين أفراده . إن الشخصنة  ظاهرة لا تجد مسوغاتها في النظام الديمقراطي بل تجدها في أشكال تقليدية فقدت شروط إمكان استمرارها في عالم اليوم. 6 – شبح السريّة: لئن كان للقيادات دور مهم في العمل السياسي بالنظر إلى عاملي الكفاءة والخبرة فإن ذلك لا يسوّغ بأية حال نشوء حلقات ضيقة تدير شؤون التنظيم في “الأقبية السرية” بعيدا عن الأنصار المتحزّبين فالكثير من القرارات تصدر بعيدا عن المنخرطين وخارج الجلسات العلنية التي لا يسمح فيها إلا بالخطابات والكثير من الجماعات التي تدّعي ريادة في النضال الديمقراطي لا تُطلع قواعدها على الكثير من الخطط وعلى شبكة علاقاتها وعلى مصادر قرارها ممّا يفقد تلك القواعد الإحساس بالمشاركة والقيام بدور يمنحها الرضا عن الذات في عالم يزداد فيه الإحساس بضرورة القيام بدورما. وإذا كنا ندرك إكراهات المراحل الإنتقالية وما تتطلبه من توافقات وتوازنات فإن ذلك لا يمنع التفكير الجاد في توسيع دائرة العلني والشفاف والواضح في سياق الصّراع بين القديم والجديد. 7 – النزعة الإستحواذية الفردانية إن النزعة الفردانية الإستحواذية (Egoisme possessif) تعبّر عن نفسها في مساعي تصريف التنظيم للأغراض الشخصية وتوظيف الرّصيد الرمزي أو الموقع التنظيمي للمصلحة الخاصة فالكثير من حالات الإستقالة أو اختلاق المشاكل الداخلية لا يعبّر عن ضرورات سياسية في سياق تطوير العمل الحزبي بل يعبّر عن لحظات غضب من فقدان “الإمتياز” والكثير من مظاهر السلوك المعادي للأفراد من داخل نفس التنظيم إنما يعبّر عن هذه النزعة الإستحواذية المعادية لعقلية المؤسسة ولروح التواصل والتضامن والحوار وللإيمان بالفعل الجماعي والمكاسب المشتركة . 8 – بؤس السلوك والتنظير لبؤس الوجود: إذا كانت السياسة في معناها العام فن تحقيق الممكن فإنها في تصريفها الديمقراطي ” فنّ صيانة الوجود وحفظ الحق في الحياة الحقة والفرحة” وهذا الفهم للسياسة لا ينسجم مع أنماط السلوك التي تحيل على نزعة العداء وتشريع كل الوسائل الموصلة إلى الهدف من قبيل اقتحام العوالم الخاصة للناس والشباب الذي يبلغ درجة “الإغتيال الرّمزي” و ممارسة شتى ضروب التآمر القاتلة لأحلام الآخرين النافية لحقوقهم كما أن هذا الفهم لا ينسجم مع الصورة التي تحاول بعض الخطابات رسمها للسياسي . إن كل مظاهر البؤس في مستوى السلوك السياسي هي في حقيقة أمرها صادرة عن رؤية مشوّهة لسحر الوجود وجماله ولمنزلة الكائن الإنساني في هذا الوجود. هذه بعض مظاهر السلوك السياسي المناقض للديمقراطية واستحقاقاتها على مستوى الممارسة لا نسعى من وراء توصيفها إلى اتهام طرف محدّد بل نسعى إلى تشخيص الوضع من أجل الإنخراط الجماعي في ورشة إصلاح لأدواتنا السياسية . إننا لا نتحرّك في دائرة “الحزبي الخاصّ” بقدر ما نتحرّك في دائرة المشترك وبناء مساحة من الإتفاق على صعيدي الفكر والممارسة من أجل خلق شروط أفضل للتواصل بين جميع مكوّنات المجال السياسي. إن الغاية التي تبدو مشتركة هي تطوير فعلنا السياسي عبر ثلاثة مداخل وجب التفكير الجماعي الجادّ فيها هي: –         تخليق السياسة (بناء أخلاق سياسية) –         تحديث الفكر السياسي –         تعصير أدوات العمل السياسي.  (المصدر: صحيفة ” الوطن” لسان حال الاتحاد الديمقراطي الوحدوي ( أسبوعية- تونس ) العدد120بتاريخ بتاريخ 20 جانفي 2010)


بعد التحوير الأخير الطلبة، التشغيل، الكنام والتمثيل السياحي أبرز أولويات الوزراء الجدد


تونس ـ الصباح لا أحد ينكر أهمية التحويرات الوزارية لأنها تؤسس لمرحلة مقبلة، وتبعث بدماء جديدة في شريان الحكومات. ويأتي التحوير الاخير الذي اقره رئيس الجمهورية, للإجابة على جملة من الأسئلة أولا ولتأكيد سلامة التمشي السياسي لتونس التي رفعت من شعار التحدي نقطة للانطلاق نحو العمل هو ما تتطلبه الخماسية القادمة وطنيا وإقليميا. ويقترن التحوير الوزاري الأخير بتواتر جملة من الملفات التي لا يزال بعضها عالقا ومطروحا بشدة على طاولة السادة الوزراء ومن أهمها ما سيطرح على السيد بشير التكاري وزير التعليم العالي حيث سيكون ملف اتحاد العام لطلبة تونس الأبرز خلال هذه الفترة على الأقل في ظل تأخر انجاز مؤتمر المنظمة و»الاتهامات»المتكررة للوزارة بالتدخل في شؤونه الداخلية للاتحاد. كما سيطرح ملف النظام الجامعي “إمد” وتقييم هذه التجربة من ابرز المهام المطروحة اليوم خاصة بعد فشل الجامعات التونسية في الحضور ضمن التقرير الصيني لأفضل 500 جامعة في العالم. كما سيعرف السيد وزير الشؤون الاجتماعية والتضامن والتونسيين بالخارج ملفات ساخنة خاصة تلك المتعلقة بالفشل الذريع الذي منيت به الصناديق الاجتماعية التي سجلت تراجعا في مؤشراتها خاصة فيما يتعلق بالمداخيل الشيء الذي أدى إلى بروز عجز كبير إضافة إلى «الكنام»الذي من المتوقع أن يبدأ التفاوض في شأنه بداية من هذه السنة وبين كل الأطراف. ومن أهم الملفات التي ستطرح اليوم على طاولة السيد الناصر الغربي وزير الشؤون الاجتماعية والتضامن والتونسيين بالخارج تلك الملفات المتعلقة بمحور الصناديق الاجتماعية وما تعرفه من صعوبات باتت تهدد الهيكلين بعد أن استفحلت منذ 2005. وسجلت الصناديق تراجعا ملحوظا في مستويات المداخيل وهو ما بات يهدد مستقبلها في ظلّ الصعوبات المالية المسجلة بالرغم من المراجعات والزيادات في أنظمة التقاعد والمقدّرة بـ2,5% ابتداء من غرّة جويلية 2002 والتي تحمل 1,5% منها على كاهل المؤجر و1% على كاهل الأجير. وجدير بالذكر أن نتيجة العجز بين العائدات الجملية والتكاليف الجملية بصندوق التقاعد والحيطة الاجتماعية بلغت 38 مليون دينار سنة 2006 وهي التي كانت في حدود 28 مليون دينار سنة 2005 واستقر العجز سنة 2007 حسب الارقام المالية غير النهائية في حدود دون 38 مليون دينار بقليل وذلك رغم تخلي الصندوق عن نظام الحيطة الاجتماعية لفائدة الصندوق الوطني للتأمين على المرض والذي سجل خلال سنة 2005 عجزا بـ25,8 مليون دينار. بينما حملت سنة 2006 عجزا في توازنات الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي بلغ نحو109 مليون دينار مقابل عجز عام بـ9 مليون دينارا سنة 2005. ومن الملفات الاخرى التي ستشكل محور عمل تلك المتعلقة بملف التأمين على المرض وما رافقه من لغط منذ طرح آليات عمل الصندوق والبدء في تسجيل الانخراط في منظوماته الثلاث. ومن ابرز التجاوزات الشائعة والتي ستعمل الوزارة الجديدة على تجاوزها تلك المتعلقة بعدم اعتراف المصحات الخاصة بمنظومة الطرف الدافع عند إجراء بعض التحاليل أو الأعمال الطبية التي يسمح فيها لاصحاب المنظومة الخاصة بدفع الفارق فقط وهو ما خلق نوع من الاحتجاج لدى مصالح الكنام كما أن بعض أطباء يقومون بفوترة تسعيرة عالية مقارنة بتلك المتفق عليها بين الطبيب والكنام. ويشكل تطوير أداء منظومة التشغيل محورا أساسيا يتلاءم وحاجيات طالبيه الآخذين في الارتفاع لا سيما أصحاب الشهادات العليا. وتبقى ملفات التكوين المهني وهيكلة القطاع مطلبا مرفوعا لدفع التصورات وحفز المبادرات لفائدة قطاع أصبح من ابرز روافد التشغيل. الازمة العالمية بالرغم من إقرار عديد الهياكل الدولية بسلامة تمشي الحكومة التونسية في تعاطيها مع الأزمة العالمية الأخيرة فان الوزير الجديد للمالية السيد محمد رضا شلغوم مازالت أمامه جملة من التحديات القائمة أساسا على تخطي مخلفات الأزمة بما يمكن بلادنا من المحافظة على المكتسبات أولا وتدعيمها ثانيا هذا إلى جانب المرور إلى مستوى آخر من التطور المالي والبنكي لتونس. العلاقات العربية والإقليمية سجلت الدبلوماسية التونسية جملة من النجاحات, ومن المؤكد أنها ستتدعم بوجود السيد كمال مرجان على رأس وزارة الخارجية خاصة وان بلادنا تستعد للمشاركة في القمة العربية المقبلة بالجماهيرية الليبية هذا إلى جانب دعمها المتواصل لبناء المغرب العربي وتقريب وجهات النظر بين أعضائه وتوحيد الصف العربي عموما. ومن ابرز النقاط المطروحة اليوم على طاولة وزير السياحة السيد سليم التلاتلي ضرورة تنشيط مكاتب التمثيل السياحي التونسية في الخارج والعمل على القيام بدورها من حملات إشهار والتعريف بالمنتوج السياحي الوطني. خليل الحناشي (المصدر: جريدة “الصباح” (يومية – تونس) الصادرة يوم 17 جانفي 2010)  


الطاقة النووية ، هل هي خيارنا الأمثل ؟

 


بقلم هشام بن حمادو*   أصبحت الطاقة في المجتمعات المدنية المعاصرة وخاصة الصّناعية منها هاجسا يؤرق مسؤولي هذه المجتمعات وقياديّيها ، بل إنّها كانت خلال القرن الماضي وبداية القرن الحالي السّبب الذي أشعل فتيل حروب دامية أشاعت البغض والحقد بين الشعوب. لقد شهد العالم خلال السّنوات الماضية أزمة طاقة مفتعلة نتيجة المضاربة في سوق النفط ونتيجة توقعات خيالية لبعض من “خبراء” الطاقة الذين ينتمون إلى شركات النفط المتعددة الجنسيات، ممّا ألهب أسعار برميل النفط الذي تجاوز 150 دولارا. كما زاد نفس هؤلاء “الخبراء” من مخاوف الاقتصاديين وأرباب الصّناعة بتوقعهم وصول سعر البرميل سقف 300 دولار بحلول 2010. هذا ما دفع مسؤولي الطّاقة وأرباب الصّناعة والأعمال في بلادنا إلى البحث عن بديل للنّفط كمصدر للطّاقة. كما أنشئت دراسات للتّوصل إلى الحلول المثلى التي تمكّننا من الاعتماد على بدائل طاقة تراعي قدراتنا الاقتصادية وتراعي اختياراتنا الإستراتيجية . وبعد الزيارة الأخيرة للرئيس الفرنسي ” ساركوزي” إلى تونس وقع الإعلان عن شراء تونس لمفاعل نووي لتوليد الطّاقة الكهربائية وبالتالي الإعلان على أن هذه الدراسات أقرّت وأوصت بالاعتماد على الطاقة النووية كبديل استراتيجي للنّفط . هذا الاختيار كان مفاجأة وبدا مسقطا ، فالقبول بالاعتماد على الطاقة النووية ليس بالقرار الهيّن ،فهو يتضمّن القبول بالمخاطر المصاحبة لها كإمكانية حدوث تسرّبات إشعاعية وتدميرية للبيئة البحرية والبريّة حتى و إن كانت على بعد مئات الكيلومترات . فقرار مثل هذا لم يشارك في مناقشته واتخاذه المجتمع المدني بأطيافه. لقد غاب الحوار الشامل والعام لاتخاذ قرار سليم واقتصر على حوار مغلق في دوائر قطاع الطاقة. التساؤل الذي يطرح نفسه هو: هل ألغت هذه الدراسات فرضية حصول حوادث مدمّرة للبيئة وللكائنات الحيّة ومن بينها حياة مواطنينا ومواطني دول الجوار ؟ هل اعتُبِرت معضلة التعامل مع النفايات النوويّة التي تبقى إشعاعاتها الفتّاكة سارية ملايين السنين ؟ هل يضمن – ولملايين السنين- من اتخذ أو ساهم في المصادقة على قرار اعتماد الطاقة النووية كبديل عدم حصول أي نوع من التّسربات الإشعاعية من النفايات النووية ؟ هل اعتبرت هذه الدراسات الكوارث النووية التي حصلت خلال العقود الأخيرة من بينها كارثة شيرنوبيل والتي مازال يموت من جرّاء مخلّفاتها وتأثيراتها بين عشرين ألف و ثلاثين ألف مواطن أوروبي سنويا ؟ على سبيل المقارنة تمتاز اسبانيا بمناخ شبيه بمناخ البلاد التونسية ، إلا أن 20 % من إنتاج الطاقة في اسبانيا يأتي من الطاقة الشمسية والطاقة الهوائية أي أنّ حوالي 60 مليار واط/ ساعة (1) تُولد اعتمدا على الشمس وعلى الرياح. بينما تنتج تونس في الإجمال حوالي 12 مليار واط ساعة من الكهرباء سنويا أي ما يعادل خمس إنتاج اسبانيا المتأتي من الطاقة الشمسية والهوائية . اسبانيا تحتاج حاليا إلى 300 مليار واط ساعة، ورغم ذلك ورغم ارتفاع أسعار المحروقات فلقد اتُّخذَ القرار بعدم بناء أي محطة نووية جديدة وإغلاق  جميع المحطات الموجودة حال انتهاء مدّة عملها الافتراضي . أي أن هناك قرارا استراتيجيا في اسبانيا للاعتماد في المستقبل على مصادر طاقة بديلة غير الطاقة النووية . هذا الاختيار الاستراتيجي لا يقتصر على اسبانيا فقط ، بل إنّ العديد من الدّول الأوروبية تتبنّى نفس النهج ونفس التّوجه للتخلي عن الطاقة النووية . زمن بين هذه الدول على سبيل الذكر ألمانيا والسويد وهولندا والنمسا ، وهي بلدان صناعية من الحجم الثقيل . فحاجياتنا من الطاقة لا تذكر مقارنة بحاجيات هذه البلدان . أتساءل لماذا تجاهل خبراء الطاقة ببلادنا كل هذه المعطيات ؟ بل إني أرى أنّ الدّراسات التي قام بها خبراء الطاقة تغافلت عن جميع هذه المعطيات وبالتالي ساهمت في تضليل أصحاب القرار ببلادنا بعدم الكشف عن جميع هذه المعطيات. وإضافة إلى ذلك يمكن أن يكون هؤلاء الخبراء قد تعرّضوا إلى ضغوط أثناء قيامهم بالدّراسات التي أدّت إلى اعتماد الطاقة النووية كبديل لمصادر الطاقة الحالية . من بين هذه الضغوط الإغراءات المادية وسبل أخرى تعتمدها الشركات الأوروبية والفرنسية في هاته الحالة. خصوصا وأنه بين الفينة والأخرى تطالعنا الصحف الأوروبية بفضائح فساد ورشوة خلال إبرام بعض الشركات الأوروبية لصفقات مع دول العالم الثالث أو الدول الصاعدة. مما يدعم شكوك تعرّض الخبراء إلى ضغوط أو إلى مغالطة من قبل “لوبي” الطاقة النّووية بفرنسا هو وجود إجماع في صلب هياكل قطاع الطاقة بمؤسسات الاتحاد الأوروبي على التّخلّي عن التكنولوجيا النووية الحالية التي تعتمد على مبدأ انشطار الذرّة لتوليد الطاقة الكهربائية والتوجه في المستقبل على الاعتماد على تكنولوجيا جديدة تعتمد مبدأ الاندماج النووي وذلك بحلول منتصف القرن الحالي . فالتكنولوجيا الجديدة تعتبر تكنولوجيا نظيفة لا تسبّب أي إشعاعات نووية أو نفايات مشعّة. وهذا شبب رئيسي جعل البلدان الأوروبية – باستثناء فرنسا – تتخلّى عن بناء مفاعلات جديدة. هذا الخيار الاستراتيجي الذي تنتهجه الدول الأوروبية باستثناء فرنسا سبّب للشركات المصنِّعة للمفاعلات النووية في فرنسا استحالة تسويق منتوجها في أوروبا وبالتالي أصبح وجوده في خطر،الأمر الذي حدا بالحكومة الفرنسية الحالية إلى ” إقناع ” دول الحوض الجنوبي من المتوسط ودول الخليج بشراء محطات نووية لتوليد الطاقة ؟    لذلك أدعو خبراء الطاقة وأصحاب القرار في مجال الطاقة في تونس إلى مراجعة خيارهم والتخلي عن الخيار النووي لتوليد الطاقة . فالبدائل موجودة وهي بدائل لا تؤذي البيئة إلاّ أنها تتطلّب إرادة سياسية تؤمن بها وترفض أي شكل من التدخل الخارجي في اختياراتنا وتوجّهاتنا .   المصادر : (1) مكتب الإحصاء الفيدرالي الألماني ·       مهندس تونسي مقيم بألمانيا .  
(المصدر: صحيفة “مواطنون”، لسان حال التكتل الديمقراطي للعمل والحريات، (أسبوعية معارضة – تونس)، العدد128بتاريخ 18 جانفي 2010 )

 


قضيّة نهب الآثار وتهريبها: إلى أين؟

 


كشفت بعض وسائل الإعلام في المدة الأخيرة تفاصيل كثيرة تتعلّق بالشبكة الدولية لنهب الآثار من تونس وتهريبها والاتجار بها. وكانت “وكالة تونس إفريقيا للأنباء”، أشارت، في البداية وعلى غير عادتها، في برقية مقتضبة، إلى اكتشاف هذه الشبكة. ولكنّها لم تقدّم فكرة واضحة عن حجمها وحجم أنشطتها الإجرامية. وجاء بعد ذلك مقال الصحفي منجي الخضراوي بجريدة “الشروق” اليومية الصادرة بتاريخ 15 ديسمبر ليرفع اللثام عم هذه القضيّة ويقدّم كمّا هائلا من المعلومات المستقاة حسب الظاهر من التحقيقات التي أجرتها الدّوائر القضائية. ومنذ ذلك التاريخ تتالت كتابة المقالات حول نفس الموضوع. فقد خصّصت له أسبوعية “حقائق” (باللغة العربية) حيزا هاما من عددها الـ103 الصادر بتاريخ 21 ديسمبر 2009. كما خصّصت له صحيفة “الطريق الجديد” المعارضة ملفّا في عددها الـ160 الصادر بتاريخ 26 ديسمبر 2009. 1- قضيّة من الحجم الكبير إنّ من يطّلع على ما ورد في هذه المقالات والتحقيقات يبقى مذهولا أمام حجم القضيّة وخطورتها. فالأمر لا يتعلّق بقضيّة تهمّ شخصا أو شخصين معزولين، بل بقضيّة تورّط فيها العشرات (30 إلى حدّ الآن) من الأشخاص الذين ينتمون إلى حوالي عشر جنسيات (تونسية، انجليزية، فرنسية، إيطالية، يونانية،…). كما أن هذه الشبكة لم تبدأ نشاطها هذه المدّة فقط أو قبل عام أو عامين أو حتى خمسة أعوام، بل إنها بدأت نشاطها منذ ثمانينات القرن الماضي أي منذ ما يزيد عن العشرين سنة. وليس أعضاؤها بـ”الهواة” أو “المبتدئين”، بل هم من المحترفين في مجال نهب الآثار وتهريبها وللبعض منهم شهرة عالمية على غرار “رأس العصابة”، الإنجليزي، “وليام فيورس” الذي له يد في نهب أثار العراق بعد سقوطه تحت الاحتلال الأمريكي في عام 2003. كما أن العديد من هؤلاء ليسوا مجهولين لدى الدوائر الأمنية والقضائية التونسية بل هم من “العائدين” أي من أصحاب السوابق. وإلى ذلك فإنّ نشاط هذه الشبكة لا يشمل جهة أو منطقة محددة من البلاد بل كامل التراب الوطني الذي يحتوي على ما يقلّ عن 30 ألف (30.000) موقع أثري حسب أهل الاختصاص [1]. فالجماعة يجوبون البلاد من تونس إلى سبيطلة، ومن القصرين إلى العروسة (ولاية سليانة) ومن القيروان إلى بئر علي بن خليفة (ولاية صفاقس)، ومن الحمامات إلى الجم، ومن شمال البلاد إلى جنوبها، ومن شرقها إلى غربها، دون قلق بل إنهم وجدوا أحيانا من يتعامل معهم من الوكالة الوطنية للتراث (أحد الأعوان الذي يعمل قابضا). أمّا عن الآثار التي نهبتها الشبكة أو بالأحرى العصابة فحدّث ولا حرج. إنّ الأمر لا يتصوّره العقل فكأننا بالجماعة يرتعون في “ملك السيد الوالد” ويجمّعون القطع الأثرية كما تجمع “البطاطا” ويضعونها بمنازلهم أو بمخازن مخصصة لذلك في انتظار تحويلها إلى الخارج (كيف؟ بتواطؤ مع من؟) لتباع بأسعار باهظة أو لتعرض في لندن وميونيخ وغيرها، وقد وجد المهرّبون طريقة لتبييض الأموال التي تجنى من بيع “غنيمتهم” وذلك بإدخالها في تجارة زيت الزيتون. وتعود الآثار المنهوبة، التي لا يجني منها أحيانا باعتها في تونس سوى حفنة من الدنانير لا تساوي شيئا أمام قيمتها التاريخية وأمام الأسعار التي تباع بها في الخارج، إلى كافة المراحل التاريخية لبلادنا، من عهد الرومان، إلى المسيحية المبكّرة إلى الإسلام، إلى الدولة الحسينية، إلخ. لقد قدّم الصحفي منجي الخضراوي جردا لما تمّ العثور علبيه هذه المرّة فقط لدى بعض أفراد الشبكة ووقع تسجيله في محاضر الحجز، ونحن نكتفي بنقل هذا الجرد كما هو حتى يقف القارئ عند هول المصيبة “وقد تمكّن المحققون الذين كانوا مصحوبين بقاضي التحقيق بالمكتب الثاني بالمحكمة الابتدائية بتونس من حجز المئات من القطع الأثرية من منزل متّهم واحد أصيل القيروان [2]. كما احتجزوا المئات من القطع الأخرى من مخطوطات وقناديل وتماثيل من مختلف الأشكال والأحجام وخزف روماني وقناديل بونية وأخرى بيزنطية وحجر لرأس حصان وقطع نقدية رومانية وبيزنطية وإسلامية وأواني فخارية وأعمدة رخامية لفترات وحقب تاريخية مختلفة وقبور رومانية ومزهريات وحليّ وخواتم وميدالية لرأس قيصر وقناديل من الفخار الأحمر وتحف من البلّور الخام ومن الفضّة والذهب وحجارة اسطوانية ومقابض برنزية وأساور برنزية تنتهي في أطرافها على شكل أسد ومقبض في شكل خنزير وحشي وأدوات من العاج وأعمدة من الرخام الحفصي وتماثيل كنسية لبشر ولحيوانات ورخام بعود للفترة المسيحية وتابوت من الكلس بغطائه يحمل في واجهته صورة طائر بوني وعامود اسطواني الشكل يحمل كتابة بخطّ كوفي حفصي وشرائط كوفية وأعمدة تعود إلى الفترة الحسينية ودوائر تمثّل مجسّمات ملائكة مقيّدة ودعامة باب تعود إلى الفترة الإسلامية ورأس إله و قناع من فخار ولوحات قنينة مرصعة بالبلور الخالص وكميات من المرجان الخام والمئات من القطع النقدية الرومانية ومخطوطات نادرة وكتب تاريخية وأباريق من العهد المسيحي المبكر وبيزنطية وأواني شرب وأكل لحقب مختلفة وقناديل أندلسية إضافة إلى تمثال للإلهة فينوس وأوان من العهد الوندالي… والمئات أو الآلاف من القطع الأثرية النادرة التي لا تقدر بثمن”. هذا هو الجرد الذي قدمه منجي الخضراوي وهو يغني عن التعليق. وقد أشار توفيق العياشي في الطريق الجديد إلى قطع أثرية وجدت بمنزل رجل أعمال بالحمامات، ذكر اسمه في قضية الحال. وقد قال في هذا الصدد: “وتعذر على القضاء رفع ما وجد بداخل (المنزل) من محجوزات أثرية نظرا لضخامة كمياتها وعدم توفر الوسائل الكافية لرفعها الأمر الذي دفع قاضي التحقيق إلى تأمين المحل وتعيين حراسة عليه”. ولسائل أن يسأل: إذا كانت كميات القطع الأثرية التي حجزت هذه المرّة بمثل هذا الحجم، فما هو إذن حجم كامل الكميات التي نهبت وهرّبت على مدى الأكثر من عشرين سنة الماضية؟ ومن الملاحظ أنّ التحقيق المنشور بصحيفة الطريق الجديد أشار إلى بعض السرقات حديثة العهد. فقد ذكر السيد فتحي البحري، كاتب عام النقابة الأساسية للمعهد الوطني للآثار، وهو أحد المستجوبين في هذا التحقيق، “أن كنوزا ذهبية تعود إلى حقب تاريخية مختلفة فقدت قبل سنوات من مخازن المعهد الوطني للآثار من بينها كنز حنبعل الذي يعدّ حوالي 533 قطعة ذهبية، سرعان ما وقع إنكار اكتشافها نهائيا بعد فترة من تسريب خبر اختفائه”. ويتحسّر السيد فتحي البحري على كون إدارة المعهد كانت رفضت مطلبه في الاشتغال كباحث على ذلك الكنز، قبل أن يضيف : “أنّ 57 ورقة رقّ مرصّعة بالذهب (ورق قرآني) قيمة الواحد منها بين 10 آلاف و15 ألف أورو فقدت سنة 2008 فجأة من المتحف الأثري برقادة في ولاية القيروان”. من سرق الكنوز؟ ومن سرق الأوراق القرآنية؟ ومن يقف وراء هذه السرقات وغيرها مثل تلك التي أشار إليها باحث آخر، وهو السيد صادق بعزيّز، وقد وقعت قبل سنوات بجهة القصرين (حقائق – العدد المذكور أعلاه)؟ ولماذا لم يتمّ البحث فيها؟ وألبس التكتم على هذه السرقات دليل على تورّط أشخاص “مرموقين” أو “محميين” فيها؟ 2- إهمال وتهاون لقد أثارت قضية نهب الآثار هذه مسألة الحفاظ على إرثنا التاريخي والحضاري. فالمرء لا يمكنه أن يتمالك، أمام هذه الكارثة، عن السؤال: “أين الدولة؟” باعتبارها المسؤول الأول عن حماية التراث من النهب والإتلاف. لقد كشف المستجوبون في صحيفة الطريق الجديد ومجلة حقائق وكلهم من أهل الاختصاص، مدى حجم مسؤولية الدولة في ما يحصل. فالجميع يتّفق أوّلا وقبل كل شيء على قلة العناية إن لم نقل على إهمال تراثنا. فالسيد فتحي البحري يقول: “لا وجود لجرد علمي أو أيّ نوع من الكشوفات التي تسجل المنقولات الأثرية الموجودة في مخازن المعهد الوطني للآثار أو في غيره من المعالم والمتاحف في البلاد. فلا أحد يعلم الكمية الحقيقية للآثار الموجودة في معالمنا وأنواعها وتواريخ الكشف عنها وعدد قطعها”. ويضيف متسائلا: “لماذا تتجنب الإدارات القيام بجرد وكشوفات بكمية الآثار الموجودة (…) لذلك لا نستطيع إثبات عمليات الاختفاء المفاجئ التي شهدتها عدة منقولات ومن أهمّها الكنوز الذهبية التي تبخّرت منذ سنوات من مخازن المعهد التراث ومن ضمنها كنز حنّبعل (…) فلا أحد يستطيع إنكار وجود القطع الأثرية التونسية في المتاحف وقاعات العرض العالمية لكننا لا نملك حجّة امتلاكها مادامت غير مدونة في سجلاّتنا”. ويقدم الباحث صورا أخرى من الإهمال فيقول : “من المتعارف عليه في جميع متاحف العالم ودور العرض العالمية وجود منشورات خاصّة بالمعروضات تقدّم جميع البيانات حول القطع الأثرية هذا فضلا عن قاعدة البيانات الالكترونية التي تخزن جميع المعطيات حول الآثار. فمن يتصور أن قاعدة البيانات الالكترونية في بعض المعالم التونسية ليست مشفرة بما يتيح لأيّ كان التسلل إليها والعبث بمحتوياتها، وأن إحدى العارضات البلورية في المتحف الأثري بقرطاج ليس بها قفل يحمي القطعة التي بداخلها؟” (انظر الطريق الجديد) ويلتقي الصادق بعزيّز، الباحث بالمعهد الوطني للتراث، في تصريحه لمجلة “حقائق” مع بعض ما جاء في كلام السيد فتحي البحري ويضيف أشياء أخرى فيقول “إن الخارطة الأثرية لم تضبط بعد وهي تعود إلى 30 سنة. وما لم تضبط الخارطة الأثرية وما لم تحدد المعالم والمواقع وتوظف الطاقات وتسخر الموارد البشرية المختصة فإن النهب سيتواصل”. وقد عبّر الباحث بالمناسبة عن “أسفه المتجدد من تكرار هذه العمليات المنظمة للنهب دون أن تحرك الإدارات المعنية ساكنا” لحماية الآثار التي هي “رمز الذاكرة وحمالة المستقبل لا الماضي فقط”. وفي نفس السياق يؤكد السيد منصور غاقي، الباحث في علوم الآثار: “أن الكمية الأهم من المعالم والمصنفات الأثرية مازالت مطمورة في الأرض في مختلف مناطق البلاد ويقع اكتشافها بصفة دورية عن طريق عمليات النبش سواء المقصودة أو العفوية لذلك تعتبر إمكانية المراقبة والحراسة على الثروة الأثرية محدودة قياسا إلى كثرة المعالم. وتوزّعها على كامل أنحاء البلاد وشساعة الأراضي المصنّفة على الخريطة الأثرية” (أنظر الطريق الجديد). وقد شدّد الباحث على النقص في حراسة المعالم وجميع الإطارات وخاصّة في الباحثين. وهذه النقطة أثارتها مجلّة حقائق إذ أكّدت أن عدد الحراس لا يتجاوز 66 حارسا لأكثر من 30 ألف موقع أثري. وتحدّث السيد فتحي البحري عن ظروف هؤلاء الحرّاس فذكر أنهم مجرّد عملة حظائر وقتيين لا اختصاص لهم وأنّ راتب الواحد منهم لا بتجاوز 100 دينار شهريا، علما “وأن المداخيل السّنوية مثلا للوكالة الوطنية لحماية التراث تقدّر بـ19 مليار من الملّيمات في حين أنّ الإعتمادات المخصّصة للمعهد لا تتجاوز المليار الواحد من الملّيمات” كما أشار باحث آخر في المعهد الوطني للآثار لم يذكر اسمه إلى غياب اختصاص واحد في السلامة في الـ50 متحفا الموجودين بالبلاد. أمّا من الناحية القانونية فحدّث ولا حرج. فقد توجّهت “الطريق الجديد” إلى أحد المحامين، الأستاذ عبد الجواد الحرّازي، بجملة من الأسئلة تتعلّق بمدى حماية القانون لتراثنا، فأجاب بأنّ القانون (مجلّة حماية التراث الأثري والتاريخي والفنون التقليدية الصادرة بمقتضى القانون عدد 35 لسنة 2004) “عام وفضفاض في تعريفه لمفهوم التراث، إذ لا يقدّم ملامح دقيقة لكلّ ما يصنّف كآثار…” كما أنّ التعريف المقدّم “لم يشمل المعادن والهياكل والمنحوتات والحليّ وأدوات الزينة”. وإلى ذلك فإنّ جميع المخالفات المرتكبة في مجال السرقة والاتجار في الآثار تصنّف كجنح “إذ لا يمكن في جميع الحالات أن تتجاوز عقوبة مرتكب جميع المخالفات المنصوص عليها في مجلّة حماية التراث سنة سجنا وخطيّة مالية لا تتعدى في أقصى الحالات عشرة آلاف دينار إلاّ إذا توفّر شرط “العود” (…) فإنّ العقوية تتضاعف” ويصنّف الأستاذ الحرّازي أن القانون يكتفي أيضا “بمعاقبة من يقوم بالتفويت في عقار محمي أو منقولات أثرية محمولة دون إعلام الوزارة المكلّفة بحماية التراث بخطيّة قدرها 300 دينار، وهو ما يعني أنّ جميع عمليات تداول العقارات والمنقولات المحمية التي تقدّم عليها مجموعات الاتجار في الآثار لا تتجاوز عقوية مقترفها الخطيّة الرمزية”. 3 – مظهر من مظاهر الفساد العام ذاك هو إذن رأي أهل الاختصاص في أوضاع التراث في بلادنا: جرد غائب واستثمار ضعيف وحراسة شكلية وقانون غير رادع. وهو ما فتح الباب كما نرى إلى العبث بهذا التراث ونهبه. ولعلّ السؤال الذي يفرض نفسه أمام هذه الحال هو التالي: لماذا كلّ هذا الإهمال من الدولة؟ لماذا لا تعتني الدولة العناية اللازمة بهذا المخزون النفيس، “حمّال المستقبل وليس الماضي فقط” كما قال السيد صادق بعزيّز؟ إنّ الجواب يكمن في الحقيقة في طبيعة الدولة التي تسوس بلادنا في الوقت الحاضر، فهي دولة استبدادية لا وطنية، لا تعتني بالتراث ولا تحميه، لأنها قائمة على أجهزة وأشخاص لا تربطهم بالوطن سوى علاقة نهب مسترسل، ولا يهمّهم سوى ما يكدّسونه من ثروة، بل إنّ العلم والمعرفة والثقافة هي آخر ما يمكن أن يفكّر فيه هؤلاء المافيوزيون، أفلم تفرّط الدولة ذاتها، خلال السنوات الأخيرة، في بعض الأراضي، بمنطقة قرطاج الأثرية، المصنّفة من اليونيسكو “تراث وطني” (Patrimoine national) لبعض أفراد “العائلة الحاكمة” كي يشيّدوا عليها بنايات؟ إنّ قطاع الآثار ليس هو القطاع الوحيد المنهوب في بلادنا. فكلّ شيء فيها هو الآن عرضة للنهب والاتجار: الأرض التي تباع للشركات الأجنبية بالمليم الرمزي كي تقام عليها مشاريع لا فائدة ترجى منها للشعب التونسي، والمؤسسات العمومية التي يفوّت فيها للرأسمال الأجنبي، الذي حاز إلى حدّ الآن 87% من رأسمال المؤسسات المخوصصة، وأرزاق المواطنين ذاتها التي ينهبها أفراد العائلات المتنفّذة، الخ. فكيف يمكن لقطاع التراث، والحالة تلك، أن ينجو من النهب؟ إنّ نهب الآثار وتهريبها ما هو إلاّ جزء من الفساد العام في البلاد، ولا يمثّل بأيّ شكل من الأشكال ظاهرة معزولة أو استثنائية. وما من شكّ في أن ما يزيد الطين بلّة هو الطابع الاستبدادي للدولة وما يعنيه من غياب لحريّة التعبير والإعلام وانعدام لإستقلالية القضاء وصورية المؤسسات التمثيلية الوطنية (مجلس النواب…) والمحليّة (البلديات) والجهويّة (المجالس الجهوية) وغياب للتسيير الديمقراطي في كافة المؤسسات بما فيها المؤسسة الثقافية [3]، وهو ما يؤدّي في نهاية الأمر إلى استحالة المراقبة والمحاسبة والتصحيح. وليس أدلّ على ذلك ما أثاره المستجوبون من أهل الاختصاص بصدد القضيّة الحالية من بقاء العديد من الملفّات والقضايا المتعلّقة بسرقات الآثار في العديد من الجهات معلّقة، بلا جواب، بل ذهب الأمر في ما يتعلّق بسرقة “كنز حنّبعل” إلى حدّ إنكار اكتشاف هذا الكنز أصلا ودخوله مخازن المعهد الوطني للتراث. إنّ المطّلع على تفاصيل هذه القصيّة المنشورة بالصحف التي ذكرناها لا يمكنه إلاّ أن يتساءل: أين هي الإدارة وخصوصا مصالح وزارة الثقافة التي يعود إليها الإشراف على قطاع التراث طوال العشرين سنة ونيف التي غطّاها نشاط “الشبكة” المعنية؟ وأين هو جهاز البوليس الذي يعدّ من أضخم الأجهزة في العالم مقارنة بعدد السكان؟ وأين هي “الديوانة” الحاضرة بكثافة في المطارات والموانئ والنقاط الحدودية وحتّى في المناطق المحاذية للحدود؟ وأين هو جهاز القضاء؟ إنّ الجواب على هذه الأسئلة بسيط ولا يتطلّب عناء التفكير، فكلّ الأجهزة والمؤسسات التي ذكرناها مسخّرة في الواقع لخدمة نظام بن علي والعائلات المتنفّذة التي تسنده، وليس لخدمة البلاد. فوزارة الثقافة موجودة لمراقبة المبدعين والمثقفين وتكريس التصحر الثقافي. أمّا جهاز البوليس فهو موجود لحماية نظام بن علي من الشعب ومن المعارضين والمنتقدين، وليس لحماية البلاد وملاحقة الذين ينهبونها. وكذلك الشأن بالنسبة إلى “الديوانة”، فأعوانها مهمومون دائما بالبحث عن كتاب أو جريدة أو قرص مضغوط فيها نقد لنظام بن علي. وليس أدلّ علة ذلك ممّا حصل في الأشهر الأخيرة من مهازل في المطارات والموانئ لمنع تسريب كتاب “حاكمة قرطاج” (La régente de Carthage) للصحفيين الفرنسيين “NICOLAS BEAU” و”CATHERINE GRACIET” تناولا فيه تصرّفات ليلى بن علي ومحيطها بناء على وثائق وشهادات صحفية مختلفة ومتنوّعة. وعن القضاء فحدّث ولا حرج، فهو مشغول بتوفيق بن بريك وزهير مخلوف ونشطاء الحركة الطلابية وسباب “السّلفية” وكلّ من يُؤمَر بعقابه والزجّ به في السجن. وفوق ذلك كلّه فإنّ كافة هذه الأجهزة والمؤسسات ينخرها الفساد، بل هي قلب الفساد المستشري وبالتالي لا يمكن أن تكون أداة لمقاومته في أيّ مجال من المجالات. ولا بدّ لنا من قول كلمة في ما يتعلّق بمجلّة حماية التراث الأثري والتاريخي. لقد بيّن الأستاذ الحرّازي لصحيفة “الطريق الجديد” مدى تسامح هذا القانون من ناهبي تراثنا وآثارنا وبالتالي مدى تهاون المشرّع، الذي هو جزء لا يتجزأ من نظام الحكم القائم، والذي هو لا يتمتّع بأيّ تمثيلية حقيقية لإرادة الشعب التونسي، بحماية ذلك التراث وتلك الآثار. ولا يمكن للمرء أن يدرك فظاعة الأمر إلاّ إذا قارنا مثلا المجلّة المذكورة بـ”مجلّة الصحافة” أو حتى بالمجلّة الجنائية. إنّ من ينتقد بن علي أو أحد وزرائه أو إحدى مؤسسات نظامه مثل القضاء أو جهاز البوليس أو الجيش، هو في نظر مجلّة الصحافة مُجرم أخطر بكثير ممّن ينهب تراث البلاد وآثارها ويهرّبها إلى الخارج إذْ أنّ العقوبة في هذه الحالة لا تتجاوز السنة سجنا، أو حتى مجرّد خطيّة، كما أوضح ذلك الأستاذ الحرّازي، بينما تصل العقوبة في الحالة الأولى سنوات عدّة من السجن عدا الخطايا (5 سنوات سجنا في حال “النيل من كرامة رئيس الدولة” و3 سنوات سجنا في حال ثلب أحد أجهزة الدولة !!). كما أن المواطن الذي يرتكب جريمة سرقة، ربّما بدافع الحاجة، يمثّل في نظر القانون أيضا خطرا أكبر على المجتمع وعلى البلاد من ذلك الذي يسرق آثارها بل تاريخها !!! فالحكم على مرتكب السرقة يفوق أضعاف الحكم المسلّط على من يتاجر بأملاك الدولة وتاريخ الشعب التونسي. ففي المجلّة الجنائية (باب الإعتداء على أملاك الغير القسم الثاني في السرقات وغيرها مما هو مشابه بها)، ينصّ الفصل 261 (المنقح بالقانون عدد 23 لسنة 1989 المؤرخ في 27 فيفري 1989) على “العقاب بالسجن مدّة عشرين عاما لمرتكب السرقة الواقعة باستعمال التسوّر أو جعل منافذ تحت الأرض أو خلع أو إستعمال مفاتيح أو كسر الأختام وذلك بمحل مسكون…”. 4 – إيقاف تيار النهب والفساد إنّ قضيّة نهب الآثار وتهريبها التي كشفت أخيرا تفاصيلها بعض وسائل الإعلام، تبيّن أنّ ما من مجال في بلادنا لم يطله سوس الفساد. كما تبيّن أن حماية تراثنا وتاريخنا لا يمكن أن يتولاّها نظام استبدادي واستغلالي وتابع لا همّ له سوى تأمين بقائه بكلّ الوسائل خدمة لمصالح أقليات محلّية وأجنبية نهّابة. إنّ هذه الحماية لا يقدر عليها سوى نظام وطني، ديمقراطي، نابع من إرادة الشعب، ولا همّ له سوى النهوض بتونس والارتقاء بها إلى مصاف البلدان المتطوّرة، وتوفير أسباب العيش الكريم لبناتها وأبنائها، والحرص على تعليمهم وتربيتهم وتشجيعهم على الخلق والإبداع. ولكن النضال من أجل هذه الغاية التي من شأنها أن توفّر الحلول الجوهرية للعناية بتراثنا وآثارنا وحمايتها من النهب والإتلاف وتحويلها إلى ثروة حقيقية للبلاد، لا يوفّرُ علينا النضال المباشر من أجل إيقاف تيار النّهب والفساد. وهذه المهّمة هي مهمّة كلّ الأحزاب والجمعيات والمنظّمات والهيئات الغيورة على تونس وعلى تاريخيها ومستقبلها والتي تعمل على تخليصها من الاستبداد. وما من شكّ في أنّ مسؤولية أهل الاختصاص من الأساتذة والباحثين والمثقّفين والمبدعين كي يكونوا في الواجهة الأولى. إنّ من أوكد الواجبات استغلال القضيّة الحالية للضغط على السلطات من أجل ضبط خارطة جديدة للمعالم والمواقع الأثرية ببلادنا وكم أجل توفير الاعتمادات المادية والبشرية الضرورية للمؤسسات المعنية كي تؤدّي واجبها في العناية بتلك المعالم والمواقع بما فيذلك تطوير الأبحاث وتوفير الحراسة اللازمة لها. كما أن من أوكد الواجبات المطالبة بتطوير التشريع لينال النهابون والعابثون بالتراث والآثار العقاب المناسب لجرائمهم، علاوة على الإسراع بالكشف عن مرتكبي السرقات السابقة، مهما كان مركزهم أو علاقتهم بالسلطة، والقضايا المعلّقة. وأخيرا وليس آخرا، المطالبة بالتسيير الديمقراطي للمؤسسات التي تعنى بالتراث والآثار حتى تكون المسؤولية عن اتخاذ القرارات جماعية وحتى تتوفّر إمكانية المحاسبة وتصحيح الأخطاء وتلافي النقائص. ج. ع. [1] أنظر مجلّة “حقائق” – العدد المشار إليه أعلاه [2] 1023 منقولة أثرية حسب ما جاء في تحقيق توفيق العياشي للطريق الجديد – من عندنا [3] أنظر استجواب أحد الباحثين في المعهد الوطني للآثار حول غياب انتخاب المجالس العلمية بمؤسسات البحث – (الطريق الجديد) (المصدر: “البديـل عاجل” (قائمة مراسلة  موقع حزب العمال الشيوعي التونسي) بتاريخ 17 جانفي   2010)


من الذاكرة الوطنية محاكمة الطاهر بن عمار سنة 1958 أو استخدام القضاء لأغراض سياسية 2/2


الشاذلي بن عمار صرح الشاذلي باي عند استنطاقه بـأن «سيدو» قد كذب. واكتفت النيابة بشهادة المعِينين (aides de camp) وهم علالة بن صميدة وجنرال الحرس الملكي  محمد العيد والمقدم كمال العياري الذين لم يحضر أي أحد منهم محادثات الباي مع «روجي سيدو» وإنما قيل إنهم سمعوا ذلك أو بلغهم أن الباي رفض نقلة «الوجق» ومثل هذه التصريحات كلها مشبوهة لا ترتقي إلى مرتبة الحجة التي تأسس عليها كل من الاتهام والإدانة. وهؤلاء الشهود المزعومون لم يحضروا المحاكمة ولم يكافحوا المتهم بالجلسة رغم طلب الدفاع ذلك. وبعد الاسترشاد والتدقيق أدركت أنا الشاذلي بن عمار أحد هؤلاء الشهود الثلاثة المزعومين وهو المقدم كمال العياري فطلبت منه أن يمدني بشهادته ففعل وهو ينكر إنكارا تاما أنه قد قدم مثل هذه الشهادة بل لا علم له أنه شاهد في مثل هذه القضية ولي وثيقة ممضاة من قبله يوم 28 أفريل 2007 ومعرفة بالإمضاء لدى فرع «البلمريوم» (الوصل عدد 24615) تؤكد ذلك. وأكّد لي المرحوم الباهي الأدغم وتحدث عن ذلك في صحيفة البيان في ديسمبر 1987 أن موقف الباي من قضيّة نقل «الوجق» كما ادّعاه «سيدو»: «ليس إلا دسيسة من قبل المندوب السامي الفرنسي المقصود منها بث الفتنة بين الباي والطاهر بن عمار». وبالعودة إلى الملابسات والظروف الحافّة بمسألة نقل «الوجق» لا بد من الإشارة إلى أن الوضع آنذاك كان غير مستقر بتاتا فمن ناحية هناك صراع معلن بين شق الزعيم بورقيبة وشـــق الزعيم صالح بن يوسف داخل الحزب ومن ناحية أخرى كان الفرنسيون من أصحاب الشركات والتجار والمعمريـن (Les prépondérants) في قلق كبير حول مكاسبهم وأملاكهم وقد عبّروا عن ذلك بشدة وحدة للمندوب السامي الفرنسي «روجي سيدو» الذي أراد تأجيل نقلة هذا الجهاز الأمني إلى التونسيين ربحا للوقت وتطمينا لاحتجاجات الجالية الفرنسية القلقة لا سيما وأن فرنسا في تلك الفترة تشهد أكبر أزمة سياسية وأطولها بعد تعجيز حكومة «إدقار فور» (Edgard Faure) (نوفمبر 1955) وإسقاطها (ديسمبر 1955) وعدم وجود من يقدر على تأليف حكومة تحظى ولو بأغلبية نسبية وهو ما وقع مع «غي مولي» (Guy Mollet) ويبدو أن المندوب السامي الفرنسي قد استغل هذا الوضع المتأزم في تونس وفرنسا للمناورة وادعاء أن الباي هو الذي تقدم بهذا المطلب أي عدم نقلة الوجق إلى الطرف التونسي. وأكبر دليل على أن مسألة الوجق باطلة لا تستند إلى أي أساس هو أنه لم يقع شيء من ذلك وتمت نقلة الأجهزة الأمنية إلى الطرف التونسي دون تعثر بل أسرع من المتوقع. وقد حاول رئيس المحمكة أن يجد ما يستند إليه لإثبات عدائيّة المتهم للنظام الجديد حسب قرار الاتهام ليتمكّن من الحكم عليه حكما قاسيا ولكنه لم يجد ما يعتمده لذلك الأمر المبيت فعدل عن هذه التهمة. القضيّة الجبائيّة لأن إيقاف السيد الطاهر بن عمار لا يمكن أن ينتهي لدى من دبر المكيدة ضده إلا بمحاكمة لتبرير ذلك الإيقاف وقع اللجوء إلى اختلاق قضية جبائيّة سندها تقرير أعده متفقد المصالح الجبائية بوزارة المالية آنذاك السيد أحمد الزرقاطي، المنتدب من قبل المحكمة العليا، وتتمثل التهم في هذه القضية في نقص يشوب التصاريح والأداءات المقدمة من قبل السيد الطاهر بن عمار عن السنوات التالية: التصاريح الجبائية عن سنتي 1942 و1943، والأداء عن «الباتيندة» والأنشطة التجارية (الضريبة المهنية) عن سنوات 1950  و1952 و1953، والأداء الشخصي عن سنوات 1954 و1955 و1956. وعرض رئيس المحكمة العليا هذا التقرير على السيد الطاهر بن عمار بالجلسة وطلب منه إبداء ملاحظاته فيه، فأجاب بما ملخصه: أن هذا التقرير غير صحيح لأنه اشتمل على أخطاء كثيرة تنقض تماما ما ذكره من نقص، من ذلك أنه أهمل احتساب المصاريف التي يتطلبها كل شغل، وأنه ضاعف عدد أشجار الزيتون التي يملكها السيد الطاهر بن عمار وزاد في عددها بنسبة %100 وقدر صابتها بمبالغ بعيدة عن الواقع وخيالية، كما أنه بالغ في عدد رؤوس الماشية بصورة غير معقولة… ولما طلب رئيس المحكمة العليا من السيد أحمد الزرقاطي الرد على ما بينه السيد الطاهر بن عمار من الطّعون في تقريره اكتفى بالإجابة بأنه اتبع الإجراءات والمقاييس الإدارية عند قيامه بالمأمورية، أما الأرقام الواردة بالتقرير فقد تلقاها من الإدارة بمعنى أنه لا يستطيع تأكيدها أو التحقق من صحتها، ولذلك لا يستطيع الرد على ملاحظات السيد الطاهر بن عمار. ويتضح من ذلك أن هذا الرد ينفي تماما صحة التقرير الذي تأسست عليه التهمة ويدحض المخالفات المبينة فيه وينقض التهمة من أساسها علاوة على أن مجرد الشك يكفي لإسقاط التهمة، ورغم ذلك قضت المحكمة العليا بتاريخ 8 سبتمبر 1958 بإلزام السيد الطاهر بن عمار  بدفع المبالغ المحكوم بها من أجل النقص الجبائي في الأداء الشخصي عن سنتي 1942 و1943 وفي الأداء عن «الباتيندة» عن سنوات 1950 و1952 و1953، واستثنى الحكم من ذلك سنوات 1954 و1955 و1956 لوقوع خلاصها بأكثر مما هو مطلوب. ويَرِدُ على هذا الحكم أنه بالإضافة إلى تجاهله للطعون الواقعية التي أبداها السيد الطاهر بن عمار وتمسك بها في الجلسة وهي طعون تنقض التقرير الذي استندت إليه التهمة فإن الحكم المذكور تجاهل أيضا الطعون القانونية التي تمسك بها محامي السيد الطاهر بن عمار المتمثلة بالخصوص في ما يلي: 1) عدم اختصاص المحكمة العليا في النظر في مخالفات جبائية عادية تعود بالنظر ـ على فرض ثبوتهاـ إلى لجنة النزاعات بوزارة المالية علما وأن مسألة الاختصاص الحكمي تهم النظام العام. 2) خرق قاعدة سقوط الدعوى العمومية بالتقادم، وهذا التقادم يهم النظام في المادة الجزائية. 3) خرق الحصانة البرلمانية التي يتمتع بها السيد الطاهر بن عمار باعتباره عضوا بالمجلس التأسيسي ورئيس اللجنة المالية فيه. عن خرق قاعدة الاختصاص (L’incompétence) إنّ المحكمة العليا هي محكمة استثنائية أي أنها ليست من دوائر القضاء العادي وهو قضاء الحق العام بل هي محكمة أنشئت بنص خاص لخدمة النظام الذي أحدثها وتنفيذ سياسته على حساب الحريات العامة والخاصة وتحت غطاء القانون. فهي محكمة سياسية بالدرجة الأولى من حيث موضوعها واختصاصها وتركيبتها، فاختصاصها استثنائي ذو طابع سياسي، وأعضاؤها أغلبهم ليسوا من القضاة بل من أنصار الرئيس الحبيب بورقيبة الذي أحدثها، والضمانات القضائية عندهم ليست أول همهم، ورغم ذلك فإن المحكمة الاستثنائية تخضع لقواعد الإجراءات التي نص عليها قانونها رقم 13 لسنة 1957 المتعلق بمصادرة المكاسب غير المشروعة، المنشور بالرائد الرسمي المؤرخ في 23 أوت 1957 وهذا القانون ينص على المعارضة بعدم الاختصاص. ولما كانت المخالفات الجبائية كالنقص في التصريح بالمداخيل ـ على فرض ثبوته ـ من أنظار لجنة النزاعات بوزارة المالية فإن قانون  أوت 1957 الرّاجع تطبيقه لنظر المحكمة العليا يتعلق بمراجعة بالثروات المكونة بصورة غير شرعية وهذا أمر لا ينطبق على السيد الطاهر بن عمار الذي كون ثروته بجهده وكده في خدمة الأرض منذ عقود، لذلك فادعاء النقص في التصريح عن الأداء عن سنتي 1942 و1943 ونحوه إن لم تكن مجرد مخالفة جبائية عادية فلا يمكن بحال أن تكون اكتسابا لثروة غير شرعية، لذلك من الواجب قانونا أن تتخلى المحكمة عن النظر في هذه القضية لخروجها عن اختصاصها وهو ما تمسك به السيد الطاهر بن عمار ومحاميه، والحكم في القضية رغم ذلك يُعد خرقا صريحا لأحكام القانون رقم 13 لسنة 1957 المذكور. عن خرق قاعدة التّقادم: (Préscription) نصّ الفصل 18 من الأمر (التشريعي) المؤرخ في 25 ماي 1956 على أن الدعوى العمومية في مخالفات الأداء على المداخيل تسقط بالتقادم بمضي ثلاثة أعوام من تاريخ وقوع المخالفة والقانون رقم 13 لسنة 1957 المؤرّخ في 17 أوت 1957 المتعلّق بمصادرة المكاسب غير الشرعية لم ينصّ على ما يخالف ذلك. والجدير بالذكر أن متفقد المالية السيد أحمد الزرقاطي المنتدب من قبل المحكمة العليا لجرد أملاك السيّد الطّاهر بن عمار وتقدير قيمتها صرح للمحكمة إجابة على السؤال الـــــذي ألقاه عليه السيد محمد فرحات «بأن الإدارة ليس من حقها المطالبة بالأداءات لسقوطها بالتقادم المذكور» ولي في ذلك شهادة مدّني بها السيد أحمد الزرقاطي ممضاة من قبله  يؤكد  فيها أن التقرير الذي قدمه خرق لقاعدة التقادم . ويستخلص من ذلك أن الإدارة الجبائية التي طالبت السيد الطاهر بن عمار في سنة 1958 بأن يدفع أداءً يعود إلى سنتيْ 1942 و1943 أي بعد مرور 16 و15 سنة وأداء عن سنوات 1950  و1952 و1953، أيْ بعد مرور 8 و6 و5 سنوات تكون مطالبتها مرفوضة قانونا لسقوطها بالتقادم بمرور ثلاث سنوات.ورغم كل ذلك، ورغم التمسك بالتقادم فإن المحكمة العليا خرقت القانون وقضت بإدانة السيد الطاهر بن عمار. عن خرق قاعدة الحصانة البرلمانيّة  كان السيد الطاهر بن عمار عضوا بالمجلس التأسيسي  ورئيس اللجنة المالية فيه حين أراد الرئيس بورقيبة إلحاق هذه المظلمة به لا لشيء سوى أن التاريخ شاء أن يأتي الاستقلال على يديْ السيد الطّاهر بن عمار.  وعضوية الطاهر بن عمار في المجلس التأسيسي تمنحه الحصانة البرلمانية التي من شأنها أن تعيق كل محاكمة ضده إلا بعد عرض القضية على المجلس للحصول على رفع الحصانة البرلمانية عنه. وفعلا فقد رفض المجلس التأسيسي رفع الحصانة المذكورة في قضية السيد الطاهر بن عمّار غير أن المحكمة العليا أصدرت حكمها عليه بعد أن أوقفته عدة أشهر ظلما بناءً على تهم واهية لا أساس لها من الواقع والقانون، وذلك لغاية  تحطيم سمعته ولكن دون جدوى… ولا بد من الإشارة إلى أن «الفلاّقة» ومنهم الأزهر الشرايطي وساسي لسود وغيرهم جاؤوا يوم 17 مارس 1958  إلى مقرّ سكنى الطاهر بن عمار واتصلوا بالمحامي السيّد توفيق بالشيخ ابن أخت الطّاهر بن عمّار ورئيس ديوانه سابقا وهو يهم بالذهاب إلى السجن المدني للاتّصال بخاله الموقوف وعبروا له عن تضامنهم مع السيد الطاهر بن عمار وقلقهم إزاء ما حصل له من مظلمة كما عبروا له عن استعدادهم لمقاومة بورقيبة فطلب منهم المحامي البقاء ريثما يعلمهم بقرار الطاهر بن عمار، وأبلغهم عند رجوعه من الزيارة أن الطاهر بن عمار يقول لهم: لا سبيل إلى العودة إلى العنف وهذه مسألة بيني وبين الرئيس بورقيبة  ولا مجال لإعطائها أبعادا أخرى والبلاد لا زالت تعاني من آثار الاستعمار والصراع بين أنصار بورقيبة وأنصار بن يوسف. كما لا يفوتنا أن نذكر بأن محاكمة الطاهر بن عمار كانت سببا في أول أزمة سياسية في تونس المستقلة إذ كتب يوم 8 سبتمبر 1958 السيد البشير بن يحمد كاتب الدولة للإعلام ومدير جريدة «لاكسيون» «l’Action» مقالا بعنوان «الخصومة السيئة» (La mauvaise querelle) أكد فيه «أن محاكمة الطاهر بن عمار  لا ترفع من شأننا لا في الداخل ولا في الخارج»، وهو ما جعل الرئيس بورقيبة يغضب من موقف بن يحمد الذي كان يعتبره من المقربين إليه، ودعا الديوان السياسي إلى الاجتماع لمناقشة هذا الأمر وبسط الرئيس بورقيبة الموضوع بحدة وبغضب كبير، وأخذ السيد محمد المصمودي الكلمة وأعلن «أن الديوان السياسي غير موافق على المنعرج الذي أخذته هذه القضية وتصعيد الموقف إلى حد المحاكمة وأن البشير بن يحمد قال جهرا ما كنا نقوله سرا»، وهنا دخل الرئيس بورقيبة في حالة هستيرية حتى أغمي عليه ورغم ذلك تمسك المصمودي بموقفه واستقال من الدّيوان السياسي، وهو موقف في غاية الشجاعة من الرجلين في الوقت الذي كان فيه الرئيس الحبيب بورقيبة في عنفوان سطوته، وأرى لزاما عليّ أن أحييهما وأعبر لهما عن خالص الشكر والاعتراف بالجميل. ونشير أيضا إلى الزيارة التي قمتُ بها إلى السيد محمّد فرحات سنة 1981 بمنزله الكائن بالبلفدير ولمته عن الدور الذي لعبه في محاكمة والدي ووالدتي وقلت له «جئتك لأضرب لك موعدا أمام المولى سبحانه يوم القيامة وأنت خريج الجامع الأعظم «زيتوني» تعلم أن الله يغفر الذنوب جميعا إلا الشرك بالله وظلم الناس» فأكد لي أنه لا اختيار لديه وأنه طبق تعليمات الرئيس الحبيب بورقيبة ورفيقته وسيلة اللذيْن أرادا أن يسيئا سياسيا إلى الطاهر بن عمار والغاية هي القضاء على تاريخه المجيد ومواقفه في الحركة  الوطنية. و لابد من ذكر الزيارة التي أديتها إلى الرئيس بورقيبة بدعوة منه سنة 1986 بعد سنة من وفاة الوالد وأثناء المحادثة قال لي الرئيس بورقيبة: «ما تحبّونيش..» فأجبته: «أنت أعرف الناس بأنّ والدي كان صادق المودة تجاهكم وتربط بينكما أخوة روحية قوية منذ 1930 ولكن إثر إيقاف أبي وأمي وسجنهما ومحاكمتهما كيف تريدنا أن نستمر في محبتك وهذه حقيقة مرة لم نخترها وإنما تحملناها بكل أسف وألم..» وأطرق برهة ورفع عينيه تجاهي في نظرة لا تزال مرسومة في ذاكرتي وقال: «يا شاذلي….C’est  moche la politique». وقد تبين أن محاكمة السيد الطاهر بن عمار كانت مسرحية هزلية مأسوية من أولها إلى نهايتها احتضنتها فترات عجاف من تاريخ تونس. وقد صدر القانون عدد 39 لسنة 1966 المؤرخ في 1966.05.24 بمنح السيد الطاهر بن عمار وزوجته زكية بن عياد العفو التشريعي الخاص لأنهم أ برياء مما نسب إليهما من تهم وما انجر عنها من محاكمة سياسية ظالمة وإدانة تعسفية باطلة غير أن العفو لا يمحو الأثر المعنوي المتمثل في المس بشرف السيد الطاهر بن عمار وكرامته والتاريخ والذاكرة الوطنية لا شك أنهما سينصفانه ويعيدان الاعتبار إليه.  نجل الطاهر بن عمار (المصدر: جريدة “الصباح” (يومية – تونس) الصادرة يوم 17 جانفي 2010)


أسعار السمك ترتفع… والطقس هو السبب

تونس ـ الصباح يتذمر المواطنون من أسعار السمك التي تشهد هذه الأيام ارتفاعا متصاعدا حتى بات المواطن العادي غير قادر على سد احتياجاته من هذا الصنف الغذائي الأساسي لا سيما مع ارتفاع أسعار اللحوم.. فيكفي أن تتنقل بين مختلف أسواق العاصمة ومختلف الفضاءات التجارية الكبرى حتى ترصد اختلافا واضحا في الأسعار رغم ضبط سوق الجملة ببئر القصعة لنشرية تقديرية يومية للأسعار. غلاء الأسعار يرجعه السيد نور الدين بن عياد الكاتب العام للجامعة الوطنية لصيد الأعماق والتن إلى عوامل مناخية بالأساس ساهمت في ندرة المنتوج.. فشهر ديسمبر المنقضي شهد 22 إعلاما بأحوال جوية متردية وشهد شهر جانفي إلى حد الآن 11 إعلاما.. الأمر الذي يفسر النقص على مستوى الإنتاج مما ينجر عنه ارتفاع في الأسعار. ويعتبر نفس المصدر أن أسعار السمك المتراوحة بين 8 و12 دينارا مناسبة مقارنة بالتغيرات المناخية وحالة عدم الاستقرار في الطقس التي نعيشها هذه الأيام.. فمن وجهة نظره تلعب العوامل الطبيعية دورا فاعلا في تدعيم استقرار أسعار السمك ويستشهد في هذا الإطار بما لمسه من تطور في المنتوج والأسعار المعقولة وذلك بعد عودة خليج قابس للعمل مما سمح بانتعاش في المنتوج. منال حرزي (المصدر: جريدة “الصباح” (يومية – تونس) الصادرة يوم 17 جانفي 2010)


منارات مناظرة “الكاتريام” بين التواصل والإلغاء نريد حقيقة الموقف

كمال الساكري تابع الشعب التونسي بدهشة واستغراب كبيرين قرار وزارة التربية والتكوين بالتراجع عن إلغاء المناظرة الجهوية للرابعة من التعليم الأساسي “الكاتريام” . أمّا مردّ الدهشة فيعود للإضطراب الذي طبع عددا من قرارات الوزارة منذ مدّة وإننا إذ نسجل بدايات جديدة وواعدة منذ السنة الماضية فإننا نلاحظ تعثّرا إذ توقفت حزمة الإصلاحات والمراجعات عند مراجعة البيداغوجيا المعتمدة والمعروفة بالكفايات الأساسية وإصلاح الكتاب المدرسي. وكنا قد نبهنا في “الوطن” وفي هذا الركن بالذات “منارات” إلى أن الوزارة قطعت نصف خطوة وننتظر قطع نصف الخطوة المتبقية. وفعلا لم تمرّ إلا فترة وجيزة حتى طفا على السطح ما يؤكد مخاوفنا فمن المعلوم أن السيد الوزير قد صرّح يوم 10 فيفري 2009 في ندوة صحفية “توجّه الوزارة للعدول عن إمتحان الكاتريام ” الإمتحان التقييمي للسنة الرابعة  أساسي” . وبرز هذا القرار بأن “تقييم هذا الإمتحان أنه بلا فائدة” وكان لهذا القرار الأثر الطيب لدى الجميع من مربّين لإعفائهم من أتعاب إعداد الإمتحان ومراقبة التلامذة وإصلاح الفروض كل ذلك بدون أي مقابل مادي.. ومن تلامذة لإرتياحهم من “هول” امتحان جهوي لم يروه إلا إمتحانا وطنيا “مخيفا” لتبدّل المعلّمين المراقبين وشكل الإختبار وظروف الإمتحان ! ومن أولياء لزوال تكاليف المناظرة المادية والمعنوية والنفسية.. ثم استصدرت وزارة التربية والتكوين منشورا عنوانه حول تقييم عمل التلميذ بالمرحلة الإبتدائية . وهو منشور عدد 86 الصادر في ماي 2009 وبعث به إلى كافة الجهات والهياكل المعنية وفي مقدّمتها المدارس الإبتدائية في مطلع السنة الدراسية 2009/2010 وتضمّن هذا المنشور ثلاث نقاط هامّة كانت استجابة لمطالب المربين والقوى السياسية والإجتماعية الأساسية في المجتمع لأنها عالجت جذريا عوامل تدنّي المستوى ونادت بإصلاحها وذلك فيما يلي: 1 – ملف التقييم والمتابعة: فقد نادى منشور عدد 86 بإدخال تغييرات على “ملف التقييم والمتابعة” المعتمد في إعلام الأولياء بنتائج منظوريهم بما يجعل مضامينه أكثر وضوحا . من اعتماد المعدّل واعتماد “الرتبة” لدلالتها الإخبارية وقيمتها التحفيزية..” 2 – المواد المستهدفة بالتقييم: تم إقرار تقييم التلميذ في “قواعد اللغة ومادّة المحفوظات باللغتين العربية والفرنسية والإملاء في العربية والفرنسية..”  3 – نظام الإرتقاء: راجع منشور عدد 86 نقطة الإرتقاء المعتمدة والتي تضيق تضييقا شديدا على الرسوب وتوسع في فرص النجاح إلى حدود لا يمكن قبولها إذ كيف نسمح لتلميذ يحصل على 5 معدل وينجح لذلك عاد منشور 86 ليضبط حدودا معقولة للرسوب والنجاح لا يقل عن 9  معدل في كافة الأحوال. واللافت للإنتباه أن هذه النقاط الثلاث تعتبر مدخلا جديا لإصلاح جدري لمنظومة التقييم باعتبارها أساس الإصلاح التربوي برمته. لكن ما كاد الجميع يسمع بإصلاحات منشور 86 ويشعر بعودة الإطمئنان والراحة حتى فوجئ الجميع بإلغاء الوزارة لهذا المنشور خاصة وأن قرار الإلغاء جاء بمذكرة لا بمنشور صدر بتاريخ 23/11/2009 تحت عدد 24210 وعلّلت المذكّرة الإلغاء بالآتي: “اعتبارا لما تضمّنه البرنامج الإنتخابي لسيادة الرئيس زين العابدين بن علي من قرار يتعلق بــ ” وضع برنامج جديد لتأهيل المدارس الإبتدائية” وحرصا على تعميق النظر في التدابير المضمّنة بالمنشور وإحكام الإستعداد للإنطلاق في العمل بمقتضاها فقد قرّر إلغاء المنشور عدد 86 ..” ولا نملك إلا أن نتساءل لماذا هذا الإضطراب في القرارات ؟.أما كان أجدر أن نتريث في إعلان الإصلاحات عوض أن نصدر بعضها ونتراجع عنه بعد وقت قصير. لقد تناهى إلى مسمع إطارات المدارس الإبتدائية والمربين والتلامذة والأولياء أخبارا منذ أيام قليلة تفيد بــ” تواصل العمل بمناظرة الكاتريام” وهو إذ صحّ يعني إلغاء لقرار الوزارة والتصريح الوزاري الذي ألغى العمل بمناظرة الكاتريام والذي أراح جميع المتدخلين التربويين وكافة الشعب التونسي. نرجو من وزارة الإشراف توضيحا يثبت حقيقة الموقف (المصدر: صحيفة ” الوطن” لسان حال الاتحاد الديمقراطي الوحدوي ( أسبوعية- تونس ) العدد120بتاريخ بتاريخ 20 جانفي 2010)


كيف نحمي المجتمع والمجموعة الوطنية من مخاطر التحايل المحتمي بالقانون؟

 


محمد مسيليني تابعنا كما تابع العديد من المواطنين برنامجا بثته قناة تونس 7 يوم الخميس 24/12 /2009 عرضت فيه حالة عاملة في إحدى الشركات الخاصة انقطعت عن العمل لفترة زمنية لضرورة زرع كلية فوجدت نفسها مطرودة من عملها بعد أكثر من 22 سنة عمل باشرته منذ كان سنها 14 سنة لظروف اجتماعية خاصة بها. التجأت السيدة للقضاء فحكم لصالحها بمقدار مالي حكما باتا عجزت عن تنفيذه منذ أكثر من 5 سنوات رغم عديد المحاولات. لقد بررت جهات التنفيذ هذا العجز بتغيير اسم الشركة أي أن صاحب المؤسسة قد غيّر اسم الشركة أو قرر إنهاء وجودها وبعث مؤسسة أخرى بل إنه أوضح للبرنامج أن الشركة المعنية قد أفلست وعليها ديون لصالح البنوك وبعض العاملين بالمليارات وليس لديه أموال لدفعها لصاحبة الشأن. ثم تبيّن من خلال الاتصال بمحاميه أن هناك قضايا مرفوعة ضده وصلت حد العقلة على منابات أو حصص في الشركة ومع ذلك تمكن من التفريط في معقول للإفلات من خلاص الديون. إننا بالتأكيد نتضامن مع هذه السيدة وندعو كل الأطراف المعنية بما فيها السلطة للتدخل وإلزام المعني بالأمر بدفع ما عليه لصالحها ولكننا لا نريد أن نتناول الموضوع من جانبه الاجتماعي والقانوني بل ما يعنينا بالأساس هو جانبه الاقتصادي لأنه ليس مجرد حالة معزولة وتصرّفا فرديّا ولكنه وفي ظل اعتماد سياسة اقتصاد السوق ووضع القوانين الفضفاضة بما يساعد المبادرة الخاصة بدون رقابة فعلية أو ردع نخشى أن يكون مثل هذا التصرف ظاهرة في بلادنا كما هو الحال في العديد من الدول والمجتمعات الأوروبية  والعربية. لقد أكدنا أكثر من مرة أن من مظاهر الفساد الاقتصادي والذي لا يمكن أن يجرمه القانون أو يعاقبه ويكون الناس والمجموعة الوطنية ضحية له هو استغلال البعض لعديد القوانين للثراء والاستيلاء على حق الغير بما في ذلك حق المجموعة الوطنية والدولة. الشركة أو المؤسسة تتحمل المسؤولية عن ديونها للأشخاص والمزودين والبنوك والصناديق الاجتماعية وخزينة الدولة وأقصى ما يمكن عمله في حالة إعلان الإفلاس يتمثل في بيع ما بقي من ممتلكاتها وخلاص ديونها حسب الأولوية التي يحددها القانون والغريب أن المتصرف أو صاحب المؤسسة لا يتحمل أي مسؤولية ولا يمكن المساس بأمواله وممتلكاته الشخصية ولا ممتلكات قرينه وأبنائه وأقاربه على أساس إن الشركة تتمتع بالشخصية المعنوية والقانونية وفي أقصى الحالات يمكن تتبع المعني عن سوء التصرف.                     إذا اتفقنا على أن الاقتصاد هو بالأساس علاقة بين مجموعة من الفاعلين من رأس مال وعمال ومستهلكين ومؤسسات بنكية وإدارة وإذا اعتبرنا أن أهم عنصر من عناصر النجاح في المعاملات الاقتصادية والمالية يقوم على الشفافية ووضوح المعاملات فإن أي تعامل مخالف لهذه القواعد يخرج عن نطاق الممارسة الاقتصادية ويدخل في خانة الفساد واستغلال ما يمكن أن يتوفر من امتيازات بما في ذلك القانون وحق المجموعة الوطنية للصالح الخاص وللثراء والكسب غير القانوني. إن استغلال ما يمكن أن يعتبر ثغرات في القانون وكذلك الامتيازات والحوافز الممنوحة وغياب الرقابة والردع للتهرب من سداد الديون أو تحويل الأموال إلى غير مقاصدها الأصلية بما في ذلك إفلاس شركة وفتح شركة أخرى مكانها كلها ممارسات تدخل في خانة الفساد الاقتصادي الذي يهدد سلامة المعاملات الاقتصادية ويعاقب كل من يمارس ويشتغل بشكل غير واضح وشفاف لأنه يفسد أهم عنصر من عناصر اقتصاد السوق وهو شفافية المعاملات والمزاحمة بين الجميع. لقد وضعت بعض المؤسسات الدولية قوانين وضوابط بين الدول والشركات الكبرى لضمان شفافية المعاملات بين الجميع وعملت على محاربة ومعاقبة بعض الممارسات مثل “الدانبينق” لضمان شفافية التعامل لعلمها مسبقا وظاهريا على الأقل أن سلامة الاقتصاد في شفافية المعاملات . كما أن العديد من الدول بما فيها الدول اللبرالية الكبرى تتشدد في مثل هذه المواضيع استنادا على أن المؤسسة متى سمح لها بالنشاط تصبح ملكا للمجموعة الوطنية وليست مجرد ملكا خاصا لصاحبها يتصرف فيها كما يريد وكيفما شاء. صحيح انه المستفيد الأول ولكن للعمال والمؤسسات البنكية والإدارة والمجموعة الوطنية حق فيها وفق القانون مما يفرض مراقبتها والحرص على سلامة التصرف فيها إلى درجة رفع كف يد صاحبها عنها إن لزم الأمر. غير أن هذا الأمر يتطلب وضوحا في القوانين وصرامة في المراقبة والمتابعة والردع والتزام من كل الأطراف بما في ذلك المدققين ومراقبي الحسابات. لقد وجدت الامتيازات المختلفة والمساعدات والهبات والقروض والإعفاءات من اجل دفع العملية الاقتصادية وخلق المؤسسات وفرص العمل وبذلك يكون استغلالها في غير محلها فسادا واضحا وجريمة في حق المجموعة الوطنية يجب أن يعاقب عليها القانون. انه من السهل التضخيم في قيمة الأشغال والفوترة وتحويل الأموال في الداخل والخارج والتلاعب في ضبط القوائم المالية واستغلال موارد التأهيل والإعفاءات والامتيازات وتضخيم الأجور والمنح الشخصية والعائلية ولكنها كلها ممارسات ضارّة بالمؤسسة وبالمجموعة الوطنية . البعض من الناس وفي فترة وجيزة يتحول إلى مالك قصور وعمارات وأراض فلاحية شاسعة ونزل وأسطول سيارات فاخرة ويقضي فترات راحته مع العائلة في أرقى النزل والمناطق السياحية في العالم ولكن دون أن يسأله احد عن المصدر ولا الكيفية وبعد مدة نسمع عن إفلاس شركته وعجزها عن تسديد الديون للبنوك والصناديق الاجتماعية وكل المتضررين ويكون أي تتبع قضائي دون جدوى لأنّ الشركة لم تعد تملك شيئا أما الثروة التي كسبها صاحب العمل وعائلته فهي في الحصن والصون بحماية القانون الجاري به العمل بل إن البعض يضحي بسنوات سجن لسوء التصرف ولكنه يفوز بثروة له ولعائلته ولأبنائه من بعده نتيجة استغلال المال العام وثغرات القانون الذي يفصل بين مسؤولية الشركة ومسؤولية صاحبها وممتلكاته.   البعض من المتلاعبين يتظاهر بالإيمان والتقوى والبعض الآخر يصرّ على ممارسة السياسة والعمل الجمعياتي والاهتمام بالشأن العام وهي عندهم أساليب للحماية ودفع شبهات التلاعب واستغلال المال العام ووجود سلطة نفوذ سياسي أو سلطوي أو اجتماعي لتغطية الفساد الذي يمارسه كان من الأجدر وضع أسلوب مساءلة الناس عن مصدر ممتلكاتهم وممتلكات أبنائهم وعائلاتهم أي إرساء قانون”من أين لك هذا؟” ودون تصنيف سياسي أو جهوي أو عائلي ليكون سيفا مسلّطا على رقبة الفساد وترك الحرية الكاملة للقضاء في متابعة مثل هذه الممارسات والتحفظ على كل الممتلكات أن لزم الأمر أما الاستمرار في التغاضي عن ملاحقة الفساد المقنع والواضح وعدم ملاءمة القوانين الناظمة للنشاط الاقتصادي بما يسمح بتجريم الفساد ومنع من ثبت فساده عن ممارسة النشاط والاستفادة من الامتيازات وعدم تشديد الرقابة على الشركات وعلى مدققي الحسابات وتحميلهم المسؤولية القانونية على كل تلاعب لم يكشفوا عنه هو في النهاية تشجيع لاستمرار الفساد وتوسعه. انه من غير المعقول أن يسمح لمن تسبب في إفلاس شركة ببعث شركة أخرى والتمتع بقروض وامتيازات جديدة باسم تشجيع المبادرة الخاصة والأدهى أن العملية تمر دون سؤال عن مصير حقوق ومستحقات الضعفاء والمجموعة الوطنية كأن نطبق قوانين الإعفاء أو قانون “عفى الله عما سبق”. إذا كانت شفافية المعاملات وسلامتها ووضوحها شرطا لاستمرار النشاط الاقتصادي والمالي ونموه فان مسؤولية صاحب العمل وكل ممتلكاته ومعاملاته الشخصية والعائلية لا بد أن تكون تحت القانون ويشملها مبدأ الشفافية والوضوح وإلا فإننا سنحول البلاد دون قصد إلى قاعدة تلاعب وفساد بما يتنافى والمقاصد والضوابط النظرية لاقتصاد السوق ذاتها. إننا على يقين أن السلطة والمنظمات الوطنية وفي مقدمتها اتحاد الصناعة والتجارة وعمادة الخبراء المحاسبين في البلاد التونسية وكل العاملين والمعنيين بالنشاط الاقتصادي وبعث المؤسسات مطالبون بمراجعة العديد من الأشياء بما فيها القوانين لأحكام الممارسة وشفافيتها ومحاربة الفساد والتلاعب بما يمثله من خطر على سلامة الاقتصاد وعلى المناخ الاجتماعي وحتى لا تتحول السلطة في نظر الفئات الضعيفة والمتوسطة إلى مجرد حليف لرأس المال كما هو الحال في بعض الدول العربية التي وصلت فيها عمليات الفساد إلى حدّ لا يطاق ولا يحتمل.     ” إن أي مؤسسة، متى سمح لها بالنشاط ، تصبح ملكا للمجموعة الوطنية وليست مجرّد ملكا خاصّا لصاحبها يتصرّف فيها كما يريد وكيفما يشاء”  
(المصدر: صحيفة ” الوطن” لسان حال الاتحاد الديمقراطي الوحدوي ( أسبوعية- تونس ) العدد120بتاريخ بتاريخ 20 جانفي 2010)  

لغة الاشهار سرطان ينخر لغتنا العربية


سامية زواغة أصبح كل العالم اليوم يعرف قوة الإشهار والدعاية  وأثرها على المجتمع في قوة توجيهها للرأي العام  وهذه القوة تتأكد في قدرة   نفاذ الرسالة الإشهارية  للاوعي الفردي والجمعي  وتحقيقها لغاياتها المرجوة خاصة بعد  أن تفطن القائمون على الإشهار و أصحاب الشركات إلى  أهم الوسائل التي عليهم  استعمالها  ألا وهي اللغة باعتبارها في الأصل الأداة المثلى للتواصل و بناء الأوطان ليستنسخوا  لغة جديدة وغامضة تكون أداة هدم وتخريب  وحاولوا دسّها ضمن اللغة الوطنية كما هو الشأن في بلادنا فصرت لا تتخطى شارعا أو نهجا في كل المناطق والجهات إلا ولغتنا الجميلة تنتهك وتحتضر كل يوم على واجهات المحلات التجارية والفضاءات الترفيهية  وعلى الحيطان وفي وسائل النقل العمومية والخاصة و في الملاعب  وعلى السيارات وعلى الملابس بشكل  ملفت ومفزع  ثم اتسع مجال عمل هذه الشركات فانتدبوا إطارات جديدة تحذق قواعد المهنة و تعلم هؤلاء  أن على المعلن أن يجلب اهتمام المتلقي باستعمال لغة يحبها. فظنوا أن اللغة “الفرنكوأراب” التي يتخاطب بها بعض الشباب، هي الأنسب في الإشهار. وهكذا انتشرت وازدهرت شيئا فشيئا لغة إشهار دخيلة، بدأت تظهر في معلقات حائطية كبيرة، ثم احتلت مساحات في الصحافة بأنواعها. والغريب في الأمر أن اللغة العربية الفصحى كانت لغة الإشهار في عهد الاستعمار، عندما كانت الأمية مستفحلة في الأغلبية الغالبة من التونسيين، بينما نراها (أي اللغة العربية) تتقهقر الآن في مجال الإشهار، عندما أصبح كل الأطفال يتعلمونها. وممّا يبعث على الانزعاج، أن هذه اللغة، البعيدة عن العربية وعن العامية الفاقدة للهوية  لم تقتصر على ميدان الإشهار، وإنما احتلت بقوة بعض وسائل الإعلام من صحف رسمية يومية وأسبوعية  بدأت بشيء من الاحتشام, ثم تربّعت على عرش إذاعاتنا، واكتسحت أخيرا جل قنواتنا السمعية والمرئية وخاصة تلفازات القطاع الخاص  ولسنا هنا للإنتقاص من شأن لغة من اللغات  لدعم اللغة العربية فهي في غنى عن ذلك ، بل لنشير للمعضلة التي يعيشها الشعب التونسي  بسبب اللغة الفرنسية . اللغة التي فُرضت في الإدارات والمدارس والكليات  نراها الآن تخرج لتفرض نفسها على واقع الشارع والمحيط التونسي كله بدعوى الانفتاح والحداثة وهي المغالطة الكبرى التي يتعرض لها الناس  في الوقت الحالي,بحيث أصبحنا رغما عنا محاصرين صباحا ومساء وفي كل الأطر والفضاءات  بمضامين لغوية غريبة عنا  وهذا ما يدعو لرفع الأصوات الحرة والتنبيه لخطرهاته اللغات على الواقع والبلاد . وشركات الإشهار العاملة في بلادنا سواء الفرنسية أو التونسية  المفرنسة وآلاتها وتابعيها من التونسيين يقومون بدفع الشيء الكثير سواء في التجهيزات والملصقات أو في الوسائل السمعية والبصرية مع دفع الضرائب المستحقة ، وهذا ما يُعمل به في جميع بلدان العالم  إلا أن هذا الحق في الإشهار للمنتوجات المعروضة يمكن متابعته  إذا ما أخل بحقوق المستهلك ، فما عسانا نقول إذا ما استهتر وأخل بمقومات ومعنويات شخصية المستهلك نفسه.  وما نحمله على الإشهار والإعلام الناطق باللغة الفرنسية في تونس هوإكتساحه للشارع التونسي عبر المعلقات واللافتات والكتابات المرسومة على الملابس وكافة المنتجات الزراعية والصناعية التي يقتنيها الناس يوميا … أنه يمس الشخصية الثقافية التونسية في سياقها التاريخي في الأساس ، وذلك بمحاصرته وبتنحيته جانبا للغة الوطنية المحلية  بعامل قوة المال الأجنبي والتونسي التابع وتثبيت اللغة والثقافة الإستهلاكية الغربية المسايرة لهذا المال، فتعمل على فرض واقع الإزدواج سواء في المعايير أو التقييم في الذات التاريخية التونسية لتصبح كحالة واقعية مرضية لابد من معايشتها فتزيد في تعميق شرخ الإنفصام في الشخصية التونسية جراء اثار الاستعمار الباقية ، ولهذا السبب فهو خطر على مصلحة الوطن الجامع لأنه يؤدي إلى التفسخ اللغوي و التربوي والاجتماعي وبالتالي إلى  تفكيك روح المواطنة والإنسلاخ عن الذات الجامعة لكل المواطنين والنأي بهم عن المناعة التي تنشدها كل أمة تسعى نحو بنية سليمة تطمح لبناء نفسها هذا البناء الذي لا يقوم ويشتدّ إلا بتثبيت اللغة الوطنية  وهو الشيء الذي لا يمكن لأي شعب حرّ السكوت عن انتهاكه وإفساده  ، لأن قدسية اللغة الوطنية جزء من قدسية أرض الوطن  ، وما تسمية الأوطان لدى المجموعات البشرية عبر التاريخ بلغاتها المحلية إلا دليل على قدسية هذا الربط . إلا أن الضرر البالغ الذي تحدثه اللغة الاجنبية بالاضافة الى الإنفصام في اللغة والثقافة  لا يمكن حصره وتقدير آثاره السلبية المدمرة للمجتمع  في ظرف وجيز لأنه يدخل في مسار زمني لا يتوقف ،أي في مسار تاريخي حضاري . شأنه شأن عملية التربية تحتاج إلى وقت لتثبيت المفاهيم والمعايير في اللاوعي  و لهذا السبب بالضبط تكمن خطورة التغلغل اللغوي الفرنسي على المواطنة في المجتمع  ، لأنها تجعل الإنسان  يستأنس به كاستئناس المريض بعاهة السرطان . لذا من الواجب علينا في هذه المرحلة  أن ننظم حملات توعوية لفائدة مواطنينا حول أهمية لغتهم العربية تماما مثل الحملات التي تنظمها الحكومة عن طريق  وسائل الإعلام  في مواجهة الأمراض المزمنة والأوبئة الفتاكة وان نبدأ بتعريب العديد من الأجهزة المرتبطة بحياتنا اليومية بدءا من الهاتف الجوال إلى أسماء المنتجات المطروحة في فضاءاتنا التجارية واللافتات المنصوبة على واجهات المحلات  وعلى اغلب البضائع التجارية من لباس وغيره … هذا من جانب المواطن أما من جانب الحكومة لما لا ننسج على منوال بلاد متقدمة وقوية كفرنسا في إصدارها منذ سنوات  لقانون حماية لغتها فنعمل بجدية في مسار تعريب المحيط في كل مجالاته التربوية والإدارية والإعلامية … بما يمكن اللغة العربية من التواجد في كل أوجه الحياة اليومية لان الاستعمال اليومي للغة هو الذي يمنحها الحصانة وان لا يقتصر استعمالها اليومي على بعض شيوخ الدين والمغرمين القلائل باللغة العربية من النخب المثقفة لأننا في غياب  هذه الإجراءات الرادعة والتشريعات سنجد أنفسنا أمام تفسخ لغوي عويص يصعب بل  يستحيل إصلاحه فيما بعد . (المصدر: صحيفة ” الوطن” لسان حال الاتحاد الديمقراطي الوحدوي ( أسبوعية- تونس ) العدد120بتاريخ بتاريخ 20 جانفي 2010)  


الجزائر: حزب إسلامي يقترح قانوناً يمنع القواعد العسكرية ومكاتب المخابرات

2010-01-17 الجزائر – حسين بوجمعة  أبدت حركة النهضة (الإسلامية)، تفاؤلا بإمكانية قبول مكتب المجلس الشعبي الوطني (الغرفة السفلى لبرلمان الجزائري)، مشروع القانون الذي يدعو إلى منع إقامة قواعد عسكرية ومكاتب أمنية واستخباراتية أجنبية في البلاد. وقال محمد حديبي أحد نواب حركة النهضة في البرلمان الجزائري، في تصريح لـ «العرب»، «إن مكتب البرلمان الجزائري في اجتماعه الأول، لم يرفض مشروع القانون وإنما قرر فقط، تأجيل موعد اتخاذ القرار النهائي، لكون الموضوع في حاجة إلى استفاضة كبيرة من النقاش ومعالجة المشروع من كل الجوانب». كما اعتبر حديبي، «أن القرار الذي اتخذه رئيس البرلمان الجزائري عبدالعزيز زياري، لاجتماع مكتب البرلمان الجزائري لمناقشة مشروع قانون منع إقامة القواعد العسكرية والمكاتب الاستخباراتية بالجزائر، في نفس اليوم الذي قام فيه وزير الخارجية الجزائري مراد مدلسي باستدعاء السفير الأميركي بالجزائر ديفيد بيرس لتقديم احتجاج على قرار واشنطن وضع الجزائر ضمن قائمة البلدان التي يتعرض رعاياها إلى تفتيش دقيق بالسكانير، عند دخولهم التراب الأميركي، يحمل دلالات سياسية كبيرة». وبعد أن توقع النائب الإسلامي، أن يكون موعد اجتماع مكتب البرلمان الجزائري لمناقشة المشروع مرة ثانية قبل إحالته على مجلس الحكومة، لإبداء ملاحظاته عليه، قبل نهاية شهر يناير الحالي، أبى إلا أن يشير إلى أن مشروع القانون المقترح من قبل نواب حركة النهضة وعدد من نواب أحزاب الموالاة والمعارضة على حد سواء، كان قد تم إيداعه لدى أمانة مكتب البرلمان، شهر يوليو الماضي، أي قبل أكثر من 5 أشهر، لكن بعد صدور القرار الأميركي الأخير، أسرع مكتب البرلمان إلى مناقشته، وهو ما يؤكد -برأيه- اقتناع السلطات الجزائرية أخيرا بضرورة حماية سيادة الجزائر بمثل هذه القوانين. خصوصا وأن الولايات المتحدة، لم تخفف من ضغوطها على الجزائر للقبول باستقبال قواعد عسكرية على أرضها، بحجة مواجهة ما يعرف «بتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي». وشدد النائب عن حركة النهضة الإسلامية، أن حزبه تلقى إشارات إيجابية من السلطة العليا للبلاد، ومن نواب الأحزاب الفاعلة التي تشكل الحكومة (جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي وحركة مجتمع السلم الإخوانية) من أجل تمرير المشروع، لكون الجميع اقتنع أن هذا القانون من شأنه تعزيز السيادة الوطنية الجزائرية على أراضيها، في ظل وجود فراغ قانوني في التعاملات الدولية الحديثة. مشيرا إلى أن هذا القانون في حال النجاح في تمريره سيكون الأول من نوعه في كل البلدان العربية. من جانبه، قال الأمين العام لحركة النهضة فاتح ربيعي، في تصريحات صحافية: «إننا مصرون على سن قانون يمنع إنشاء قواعد عسكرية أجنبية ومكاتب استخبارات أجنبية في بلادنا.. سواء تعرضت الجزائر لضغوط بخصوص هذه القواعد والمكاتب أم لا فنحن نعتقد أن الأمر حساس والقانون ضرورة». (المصدر: صحيفة “العرب” (يومية – قطر) الصادرة يوم 17 جانفي 2010)

تنديداً بالجدار الفولاذي نشطاء تونسيون: حكومة حسني مبارك فقدت صوابها

2010-01-17 تونس – محمد الحمروني  شن نشطاء حقوقيون وسياسيون هجوما عنيفا على النظام المصري بسبب بنائه للجدار العازل على حدوده مع غزة، ومحاصرته لأهلها بدعوى المحافظة على أمنه القومي. واعتبر هؤلاء النشطاء أن النظام الرسمي العربي برمته –إلا من رحم الله– متورط في محاصرة الفلسطينيين لغزة في مقابل الهرولة لتقبيل الأيادي الإسرائيلية والأميركية. وأكدوا أن الشعوب العربية والإسلامية وفي مقدمتها الشعب المصري تتحمل المسؤولية عما يجري للغزّاوين من حصار؛ لأنها ركنت إلى الخوف من الأنظمة التي تحكمها وتهاونت في نصرة الشعب الفلسطيني. جاء ذلك خلال يوم تضامني عقده يوم أمس بالعاصمة تونس الحزب الديمقراطي التقدمي (معارض معترف به) وهو من أبرز الأحزاب السياسية التونسية، وتضمن اليوم عرضا لشريط وثائقي عن الجدار العازل (الفولاذي) وتدخلات لعدد من الوجوه السياسية والنقابية والإعلامية البارزة في تونس. وشددت ميّة الجريبي الأمينة العامة للحزب الديمقراطي التقدمي على أن الدفاع عن غزة جزء من معركة كبيرة عناوينها عدَّة تبدأ من مناهضة الجدار الفولاذي ولا تنتهي عند معركة الحريات في البلاد العربية. وقالت الجريبي: إن اليوم التضامني مع غزة، الذي دعا له حزبها، والتنديد بالجدار الفولاذي تعبير عن سخط التونسيين العارم ورفضهم الشديد والقاطع لممارسات الحكومة المصرية تجاه الغزاويين، وهي ممارسات يرفضها الشعب المصري ويبرأ منها مثلما ترفضها كل الشعوب العربية والإسلامية. وأوضحت أنه –وهذا من غرائب الأمور- لم يعد مطلوبا من النظام الرسمي العربي مساندة القضية الفلسطينية ولا دعمها.. بل المطلوب منه كف يده عن أهلنا في غزة ورفع حصاره الظالم عنها. وبعد الصمود الأسطوري لأهل القطاع، أضافت الجريبي، ووقوفهم ببسالة وشجاعة نادرتين في وجه الهجمة العسكرية الإسرائيلية، وبدل أن تهب الدول العربية إلى تضميد جراح الغزاويين سارعت بعض الدول العربية إلى إطباق الحصار على القطاع فما كان من أهل غزة إلا أن أبدعوا سبلا كثيرة لكسر هذا الحصار من بينها الإنفاق. ولأن صمود أهل غزة فاق كل التوقعات انخرط النظام المصري في هذا الحصار، إلا أن حملة التضامن الدولية حطمت الطوق المضروب على أهل غزة ورفعت القضية الفلسطينية إلى مستوى القضية الإنسانية العامة. لذلك رأينا، كما قالت الجريبي، كيف كان رد السلطات المصرية عنيفا تجاه قافلة شريان الحياة التي شارك فيها نحو 1400 متضامن دولي. وركزت بقية التدخلات على الواجبات التي يمليها حصار غزة على العرب والمسلمين جميعا، وما يفرضه عليهم الصمود الأسطوري لأهل غزة من مساءلة للنفس ومحاسبتها عن تقصيرها في نصرة المحاصرين في القطاع. وردا على سؤال: كيف يمكن أن ننصر غزة؟ أكدت أغلب الردود أن نصرة غزة تبدأ بالنضال من أجل إحلال الديمقراطية في البلدان العربية وفرض أنظمة وطنية منتخبة من قِبَل شعوبها؛ لأن الأنظمة العميلة والتي تستمد شرعيتها من وراء البحار، على حد تعبير أحد المتدخلين، لا يمكنها أن تنصر غزة ولا أن تقف بوجه الإرادة الأميركية المتصهينة. فلو كانت الحكومة المصرية ممثلة لإرادة الشعب المصري ما كانت قافلة شريان الحياة لتتعرض لما تعرضت له، ولا أن تخضع الحكومة المصرية إلى الإملاءات الإسرائيلية وتنخرط بهذا الشكل (المجنون) في حصار الشعب الفلسطيني بدعوى الحفاظ على أمنها القومي. وفي سياق حديث حكومة مبارك عن أمنها قال أحد المتدخلين إن الحكومة المصرية فقدت صوابها بعد أن فقدت البوصلة وأضاعت محددات الاتجاه، فمبارك وأركان حكومته باتوا يجدون أمنهم في تل أبيب ويرون في المقابل في قطاع غزة تهديدا لأمنهم القومي فأي خبال هذا؟ تساءل أحد الحاضرين.  (المصدر: صحيفة “العرب” (يومية – قطر) الصادرة يوم 17 جانفي 2010)  

 

Home – Accueil الرئيسية

 

Lire aussi ces articles

28 février 2011

Home – Accueil-الرئيسية في كل يوم، نساهم بجهدنا في تقديم إعلام أفضل وأرقى عن بلدنا، تونس Un effort

En savoir plus +

24 mai 2011

TUNISNEWS 11 ème année, N°4018 du 24.05.2011 archives : www.tunisnews.net AFP: Tunisie: le gouvernement maintient les élections au

En savoir plus +

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.