الأحد، 16 يوليو 2006

Home – Accueil الرئيسية

TUNISNEWS
7 ème année, N° 2246 du 16.07.2006

 archives : www.tunisnews.net


الحملة الدولية من أجل حقوق الإنسان في تونس: الى متى سياسة الموت البطيء  والقتل العمد؟ رسالة من عدد من الخريجين الذين تم إسقاطهم عمدا في مناظرة الكاباس إلى قيادة الإتحاد العام التونسي للشغل اجتماع بالقيروان  تضامنـا مع مكونات المجتمع المدني

حزب العمال الشيوعي التونسي: بـيـــان افتتاحية « صوت الشعب »:البربريّة الصهيونية والصّمت العربي والدّولي سانا: فعاليات تونسية.. إدانة العدوان الإسرائيلي على لبنان وغزة رويترز: مرشح سابق للرئاسة في تونس يُـضـرب عن الطعام في سجنه رويترز: مصر تطالب باستعادة ألات طبوغرافية أثرية من تونس الموقف: قطعوا عنه الماء لأنه معارض الموقف: قرقنة بين الأمس واليوم الشرق الأوسط: نسخة مغاربية من «ستار أكاديمي» لدول المغرب العربي تنطلق في أكتوبر توفيق المديني :الاختراق الصهيوني الكبير للمغرب العربي عبدالله الزواري: معـذرة سيـدي سامية الجبالي: الهجرة إلى الخارج.. إشكاليات للدرس أبوبكر الصغير: تونسيّون… رمـوز الإصلاح الامجد الباجي: مصر والكرامة المهدورة د.أحمد القديدي: الغرب يصحو على خطر العدوان الاسرائيلي برهان بسيس: الفارس.. بالعمامة السوداء محمد بن رجب: مـن حـق إسرائيـل الدفـاع عــن نفسهـا عماد الدين الحمروني:  تعقيب على مقال مستقبل الاسلام السياسي في تونس صالح بشير: مسألة عهد بوش والبوشيّة: وظيفة الأيديولوجيا


 
Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe ( Windows ) To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic (Windows).

 

 لمشاهدة الشريط الإستثنائي الذي أعدته « الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين »  

حول المأساة الفظيعة للمساجين السياسيين وعائلاتهم في تونس، إضغط على الوصلة التالية:

 

 

 

الحملة الدولية من أجل حقوق الإنسان في تونس

International Campaign for Human Rights in Tunisia

 

الى متى سياسة الموت البطيء  والقتل العمد؟

 

توفي يوم أمس السبت 15 جويلية، السجين السياسي السابق السيد الهاشمي المكي، اثر مرض عضال أصيب به اثناء اعتقاله في السجون التونسية طوال 15 سنة. وكانت بداية المرض مع حالة تسمم حرم خلالها من العلاج، في تجاوز صريح للقانون ودون رادع من ضمير انساني أو حس أخلاقي أو ديني.

 

واليوم، وبعد موت العشرات من المساجين السياسيين-آخرهم السيد الهاشمي المكي- وفقدان الشيخ الحبيب اللوز البصر باحدى عينيه، فيما يتهدد العمى عينه الأخرى،نتيجة الإهمال والحرمان من الرعاية الصحية الضرورية، يتعرض السيد محمد العكروت رئيس حركة النهضة سابقا، والمحكوم بالمؤبد، لنفس السياسة الانتقامية، مما اضطره لشن اضراب عن الطعام منذ السابع من شهر جوان الماضي، للمطالبة بالرعاية الصحية اللازمة وحقه في العلاج.

 

كما علمت الحملة الدولية من اجل حقوق الانسان في تونس، وبعد أسابيع من المداهمات الليلية والاختطاف الفجئي لمواطنين دون علم ذويهم، أن المختطفين يتعرضون الى التعذيب الشديد في مراكز الاعتقال، فقد أجبر السيد نوفل ساسي المختطف منذ يوم 14 جوان على الوقوف مكبل الساقين لمدة اربعة ايام متتالية، تداول خلالها على تعذيبه أكثر من جلاد.

 

 كما تعرض يوم الاثنين الماضي، السجين السياسي السابق السيد حسونة بن محمد بن عبدالله النايلي، الى اعتداء بالعنف في منطقة الحرس بسوسة، فقد على اثره القدرة على السمع بسبب حصول ثقب في طبلة الاذن اليسرى.وقد حصل الاعتداء عندما كان السيد حسونة النايلي، الذي قضى في السجون التونسية حوالي 15 سنة بسبب الانتماء الى حركة النهضة، بصدد تسجيل حضوره في منطقة الحرس بسوسة، امتثالا لسياسة المراقبة الادارية، التي يخضع لها منذ خروجه من السجن.

 

إن الممارسة اليومية للسلطة، القائمة على ارهاب المواطنين عبر سياسة الاختطاف والمداهمات الليلية، والإمعان في التنكيل بالموقوفين باخضاعهم لعمليات من التعذيب الممنهج، بالاضافة الى التجاهل الكامل لمطالب السجناء السياسيين في الرعاية الصحية وحق العلاج،  يكشف عن اصرار السلطة على تجاهل نداءات المنظمات الحقوقية، واعراضها عن صوت العقل، ومضيها في تجاوز القانون وسياسة الانتقام والتشفي الى ما لا نهاية.

 

وإننا في الحملة الدولية من أجل حقوق الانسان في تونس

 

– نستنكر وبشدة سياسة الاهمال الصحي والتجاهل لحق السجناء في العلاج والرعاية الصحية، ونعدها قتلا بطيئا متعمدا، مخالفا للقوانين والمواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الانسان

 

– نطالب السلطة بالاستجابة لمطالب السيد محمد العكروت، وتمكينه من العلاج اللازم قبل فوات الأوان

 

– نطالب السلطة بالكف عن سياسة الإختطاف وتعذيب المعتقلين، وتجاهل مطالب ذويهم بمعرفة أسباب الاعتقال ومكانه.

 

– نطالب بفتح تحقيق جدي حول الإنتهاكات وعمليات التعذيب في مراكز الاعتقال، و محاسبة كل من يثبت تورطه في ممارسة هذه الاعمال المخالفة للقوانين والمواثيق الدولية.

 

– نناشد الضمائر الحية والمنظمات الحقوقية الوطنية والدولية، وقوى المجتمع المدني، إيلاء قضية المساجين السياسيين في تونس الأولوية القصوى، لما بات يتهدد حياتهم من خطر محقق نتيجة الاهمال المتعمد، وسياسة القتل البطيء وطول المحنة. 

 

الحملة الدولية من أجل حقوق الإنسان في تونس المنسق علي بن عرفة لندن  في 16جويلية 2006

 

 


 

الأخ الهاشمي المكي في ذمة الله

إنا لله وإنا إليه راجعون

 
بقلوب حزينة ولكنها راضية بقضاء الله وقدره تلقينا نبأ وفاة الأخ الهاشمي المكي السجين السياسي السابق, وقد وافاه الأجل بعد صراع مرير مع المرض الذي أصابه وهو في السحن.   والأخ الهاشمي حوكم ضمن محاكمات أول التسعينات بخمسة عشر سنة سجنا قضاها متنقلا بين السجون التونسية لغاية شهر مارس 2006. حيث أطلق سراحه بعد أن خاض إضرابات جوع متعددة  وبعد أن استفحل المرض في جسمه وأصبح ميئوسا من علاجه.   ونحن إذ نتقدم بأحر التعازي لأهل أخينا وإخوانه راجين من الله تعالى أن يتقبله في الشهداء وأن يرزقنا وإياهم الصبر والسلوان.   وإنا لله وإنا إليه راجعون.   حركة النهضة بتونس الشيخ راشد الغنوشي    لتقديم التعازي يرجى الاتصال  : 0021672631460   –  0021620953139   (المصدر: موقع نهضة.نت بتاريخ 16 جويلية 2006 على الساعة الواحدة ودقيقتان بتوقيت لندن)


 

رسالة من عدد من الخريجين الذين تم إسقاطهم عمدا في مناظرة الكاباس

إلى قيادة الإتحاد العام التونسي للشغل

 

 

تونس في 16/07/2006

 

 

السيد الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل

السادة أعضاء المكتب التنفيذي للاتحاد العام التونسي للشغل

 

يهمنا أن نتوجه إليكم بهذه الرسالة المفتوحة قصد شرح وضعيتنا التي أصدرنا بصددها عديد البيانات وذلك منذ إعلان النتائج النهائية لمناظرة الكفاءة في الأستاذية – دورة 05/2006 ، حيث نود تذكيركم أننا أعضاء ومناضلون سابقون بالإتحاد العام لطلبة تونس و الحركة الطلابية، ظللنا نتعرض منذ سنوات تخرجنا إلى الإقصاء من قوائم الناجحين في هذه المناظرة فضلا عن استثنائنا من كل أشكال الانتداب الأخرى، و لما تمكنا في الدورة المنقضية للمناظرة المذكورة من النجاح في الاختبارات الكتابية، و بعد إنجاز التربصات التكوينية فوجئنا بإسقاط أسمائنا عنوة من قوائم الناجحين نهائيا رغم إجرائنا للاختبارات الشفوية باقتدار.

 

لقد اتصلنا مرارا بمقر وزارة التربية و التكوين، و لما لم نتمكن من مقابلة أي مسؤول بحكم منع أعداد كبيرة من البوليس لنا من ولوج أبواب الوزارة، تقدمنا بعديد المطالب قصد الحصول على كشف الأعداد و تقارير لجان الامتحان لأننا نطعن في صحة و شفافية المناظرة أصلا بحكم تعرضها لتدخل قسري من جهة غير ذات اختصاص علمي، هي الجهات الأمنية التي ظلت تستهدفنا و تحرمنا من حقنا في النجاح و الشغل.

 

 

الأخ الأمين العام

الأخوة أعضاء المكتب التنفيذي

 

اننا نتوجه اليكم بهذه الرسالة، فلوعينا بقيمة دور منظمتكم في الدفاع عن المطالب العادلة لكل أبناء الشعب التونسي وعلى رأسها الحق في الشغل باعتباره احد اهم شروط المواطنة الحرة و الحياة الكريمة.

 

اننا واعون بانكم لن تتأخروا في تبني هذا الملف و الدفاع عنه رفضا لمنطق التصفية السياسية والأمنية وانتصارا للحق و العدل.

 

الامضاءات:

– البشير المسعودي ( 37 سنة) أستاذية فلسفه 1999

– محمد المومني ( 33 سنة ) أستاذية فلسفة   وباحث في ماجستير الفلسفة.

– جيلاني الوسيعي ( 36 سنة) استاذية عربية 1999

– الحسين بن عمر (30سنه )الأستاذية في الإعلامية 2001  وشهادة الدراسات العليا المتخصصة في نظام الإتصالات والشبكات 2003

– علي الجلولي ( 33سنة ) أستاذية فلسفة 2001

– لطفي فريد (32 سنة ) أستاذية فلسفة 2002

– محمد الناصر الختالي (26 سنة ) أستاذية فلسفة 2005

– حفناوي بن عثمان ( 33 سنة ) أستاذية عربية 2005

 

 


 

اجتماع تضامني مع مكونات المجتمع المدني

 

نظم الاتحاد الجهوي للشغل بالقيروان اجتماعا تضامنيا مع مكونات المجتمع المدني يوم الاحد 16 جويلية، تعبيرا من نقابيي الجهة على مساندتهم لهم فيما تعرضوا له من مضايقات وانتهاكات من قبل السلطة .وقد حضر الاجتماع إلى جانب نقابيي الجهة  ثلاثة عضوات من جمعية القضاة الشرعية هن السيدات القاضيات كلثوم كنو ووسيلة الكعبي وليلى بحرية والأستاذ عبد الستار بن موسى عميد المحامين وأعضاء من الهيئة الوطنية للمحامين   والأستاذ مختار الطريفي رئيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان والسيد عبد الرحمان الهذيلي عضو الهيئة المديرة وهيئات فروع الرابطة ببنزرت وقبلي وجندوبة والمنستير ومدنين وسوسة والمهدية كما حضرها نقابيون من جهات الوسط  منهم بالخصوص السيد عبد الستار منصور الكاتب العام للاتحاد الجهوي بالمهدية وعدد هام من المحامين .

وقد استهل الجلسة السيد حسين العباسي الكاتب العام للاتحاد الجهوي للشغل  الذي أكد على ان مكان الاتحاد الطبيعي هو مع المجتمع المدني وان الاتحاد، عبر تاريخه، كان دائما  إلى جانب الحق في القضايا الوطنية والى جانب الاستقلالية ، وانه أيام المحن والأزمات التي عرفها الاتحاد  في فترات عديدة وجد في المجتمع المدني كل المساندة والدفاع عن قيادته و مناضليه  .

 كما أشار إلى ان  المجتمع المدني لا يطمح ان يتحول إلى حزب سياسي  يسعى للسلطة، بل انه قوة ضغط من اجل توازن بين الدولة  والمجتمع كما أشار كذلك إلى ايجابية  تكثيف مجالات التنسيق بين مكونات المجتمع المدني والاتحاد ومنها التحضير   للمنتدى الاجتماعي التونسي والندوة التي وقعت أخيرا بنزل اميلكار مساندة للفلسطينيين بين الاتحاد العام التونسي للشغل و الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان وعمادة المحامين و كذلك تمكين المحامين من عقد جلستهم العامة بالنزل.

ثم تناولت الكلمة السيدة وسيلة الكعبي عن جمعية القضاة الشرعية التي ألقت كلمة مؤثرة  تجاوب معها كل من في القاعة حول أهمية استقلالية القضاء و وضع الجمعية . فقد أكدت ان أهم ما كانت تريد الجمعية تحقيقه هو استقلالية الجمعية حتى تستطيع الدفاع عن المطالب المهنية للقضاة وتستطيع ان تقوم بدورها دون ضغوط ، إلا ان الاستقلالية لا تعني أنها ترفض الحوار مع سلطة الإشراف ، بل ان الجمعية كانت منذ البداية تطمح إلى إرساء حوار جدي مع الوزارة حول  مطالب القضاة ، مؤكدة ان مساندة الجمعية للمحامين لم يكن فقط بدافع حماية المحامين من التجاوزات الأمنية بل كذلك دفاعا عن حرمة المحكمة التي يجب ان لا تنتهك تحت أي مبرر ليبقى للقانون هيبته   . ثم  استعرضت السيدة الكعبي ما تعرضت له الجمعية من مضايقات بدءا بافتكاك مقرها وتنصيب جمعية بديلة، إلى نقلة القاضيات إلى أماكن بعيدة عن عائلاتهم مع ما يرافق ذلك من معاناة يومية ، إلى منعهم من حقهم في السفر حيث رفضت وزارة العدل السماح لهم بالخروج ، ورغم المعاناة  و المجهول الذي ينتظر هؤلاء القضاة – التأديب ، قطع المرتب ، وحتى ربما العزل –   فان السيدة الكعبي أكدت ان الجمعية متمسكة بقضاء مستقل يحترم فيه القاضي والقانون والمواطن.

أما الأستاذ مختار الطريفي  فقد أشاد بالاتحاد الجهوي الذي كان دائما سندا للرابطة وللفرع بالجهة وحيى جمعية القضاة وأكد على أهمية استقلال القضاء لا بالنسبة للمجتمع المدني ونشطائه   فحسب بل كذلك للمجتمع ككل ، ثم أعطى لمحة عما تتعرض له الرابطة من مضايقات منها ما تحاول السلطة إعطائه غطاء قانوني  كمنع  القضاء المؤتمر من الانعقاد وتأجيل التصريح بالحكم  لجلسات متتالية ومنها ما لم تكلف السلطة  نفسها إعطاء « مبرر  » قانوني مثل غلق مقرات الفروع ، وقد حيى رئيس الرابطة  الفروع التي تحتفظ بمقراتها رغم العبء المادي الثقيل . ثم تساءل كيف تتحدث السلطة عن الرابطة  « كمكسب وطني   » ثم  تمنعها من أي نشاط  وتخنق تحركاتها حيث يحاصر المقر المركزي ويمنع الرابطيون من الحضور ويقع الاعتداء على  المناضلين ؟  هل في موكب عزاء للمرحوم عادل العرفاوي في المقر المركزي ما يدعو إلى  تدخل البوليس ومنع الضيوف من الدخول ؟ ثم أضاف ان الرابطة مكسب وطني بنشاطها وحركيتها واستقلالية قرارها.

أما  الأستاذ عبد الستار بن موسى فيرى ان « لا قضاء مستقل دون محاماة مستقلة » ، موضحا ان السلطة تحاول تكبيل المحامين للتضييق على نشاطهم مبرزا ان هناك 36 قانون للحد من  صلاحيات المحامي ، شعار السلطة دائما « تجويع المحامي حتى يصبح مطيعا « ، ثم أضاف ان الهيئة الوطنية  أرادت ان يكون لتونس معهدا للمحاماة حتى يتكون المحامي تكوينا قانونيا ومهنيا متطورا  ، لكن ما تريده السلطة من المعهد ان يكون « مصفاة ، لا يتخرج منه إلا الموالين » وعبر عن ارتياحه لنجاح الجلسة العامة الأخيرة المنعقدة في 08-07-2006 والتفاف المحامين حول  هيئتهم ومطالبهم.      

 

(المصدر: مراسلة من السيد مسعود الرمضاني بتاريخ 16 جويلية 2006)


حزب العمال الشيوعي التونسي 

بـيـــان

 

يتواصل لليوم الخامس على التوالي هجوم القوات الصهيونية على لبنان الشقيق مخلفا وراءه عشرات القتلى ومئات الجرحى من المدنيين الأبرياء، ودمارا لا يقدّر في البنى التحتية والمرافق العامة للبلاد.

 

وكما هو الحال في الهجوم على غزة والضفة فإنّ هجوم الكيان الصهيوني على لبنان يحظى بدعم مباشر ووقح من قبل الإمبريالية الأمريكية خاصة، عدوّة الإنسانية، التي تحتلّ العراق وتقتل شعبه وتدمّر مقدراته وتسعى بكل الوسائل إلى بسط هيمنتها المطلقة على المنطقة وثرواتها النفطية.

 

كما أنه يحظي بتواطؤ الرجعية العربية التي لم يتردّد محورها المصري-السعودي-الأردني في تحميل مسؤولية العربدة الإسرائيلية إلى المقاومة في فلسطين ولبنان وهو ما يضفي شرعية على العدوان ويشجّع على الاستمرار فيه.

 

أما اجتماع وزراء الخارجية العرب المنعقد بالقاهرة فإنه لم يتمخّض إلاّ عن قرار بائس لدعوة مجلس الأمن للاجتماع « للعمل على إعادة إحياء العملية السلمية » ولم يجرؤ على اتخاذ أيّ إجراء ملموس لصدّ العدوان الهمجي على غزّة ولبنان ونجدة الشعبين الفلسطيني واللبناني.

 

وفي تونس اكتفى نظام بن علي، بالتعبير عن « انشغاله العميق » و »الدعوة إلى ضبط النفس وتغليب منطق الحوار » و »وقف دوّامة العنف »، إلى غير ذلك من العبارات التي تشي باصطفافه وراء الإدارة الأمريكية وتؤكد تنكره للقضايا العربية ولهثه الدائم وراء التطبيع مع الكيان الصهيوني.

 

إنّ حزب العمال الشيوعي التونسي إذ يدين البربرية الصهيونية ويعبّر عن تضامنه المطلق مع الشعبين اللبناني والفلسطيني، يتوجه إلى كل الشعوب والقوى الثورية والتقدمية في العالم من أحزاب ونقابات ومنظمات من أجل إسناد هذين الشعبين ومقاومتهما الوطنية الباسلة.

 

كما يتوجه إلى الجماهير العربية كي تخرج عن صمتها وتتحدى حكامها الرجعيين، الذين لا هاجس لهم سوى الحفاظ على عروشهم، وتنظم الدعم اللازم لحركة التحرر الوطني في فلسطين ولبنان والعراق وتتصدى للتهديدات التي تستهدف سوريا وإيران.

 

وهو يدعو الشعب التونسي إلى الربط مع تقاليده في مساندة القضايا العربية العادلة التي يعمل نظام بن علي على قبرها، وإلى الخروج إلى الشارع لإدانة العدوان الصهيوني على غزّة ولبنان والتعبير عن التضامن مع الأشقاء الفلسطينيين واللبنانيين.

 

– المجد للمقاومة في فلسطين ولبنان والعراق.

– الخزي والعار لأنظمة العمالة والفساد والاستبداد.

– تسقط الإمبريالية والصهيونية وأنظمة الخيانة الوطنية.

 

حزب العمال الشيوعي التونسي

16 جويلية 2006


البربريّة الصهيونية والصّمت العربي والدّولي

 
صعّدت قوات الاحتلال الصهيوني من هجمتها القمعية الشاملة ضد الشعب الفلسطيني في الأيام الأخيرة مما ينذر بحدوث كارثة إنسانية حقيقية في الأراضي المحتلة. و يأتي هذا التصعيد الخطير مع تواصل الصمت الدولي والعربي تجاه الجرائم الفظيعة المرتكبة في حق شعب أعزل يواجه الاحتلال الغاشم بإرادة من حديد.   لقد استغل الكيان الصهيوني حادثة « الجندي الأسير » ليتجاوز كل الخطوط الحمراء، فأقدم على تنفيذ عملية واسعة النطاق تهدف إلى إسقاط الحكومة الفلسطينية المنتخبة انتخابا ديمقراطيا وإلى تحطيم البنى التحتية في اتجاه تشديد الحصار على الشعب الفلسطيني وتحويل الأراضي المحتلة إلى سجن مضيق وإلى مقبرة جماعية، في محاولة يائسة لخلق الأجواء المناسبة لفرض الحلول الاستسلامية. لقد بدأ الصهاينة عدوانهم باختطاف نواب من المجلس التشريعي الفلسطيني ووزراء و مسؤولين حكوميين وقصفوا مقرات السلطة الفلسطينية وقاموا بتحطيم الجسور والطرقات ومحطات توليد الكهرباء وخزانات المياه وسدوا جميع المنافذ لمنع دخول الوقود والمحروقات والدواء… وجرفوا الأراضي ونسفوا المنازل وتمركز الجيش في عدة مناطق مما يؤكد أن العملية البربرية ما تزال في بداياتها وأن الصهاينة مقدمون على ارتكاب جريمة فظيعة في حق شعب كامل. وقد بدأت بوادر الكارثة الإنسانية تبرز، إذ أعلن المسؤولون الفلسطينيون أن مخزونات الغذاء والدواء والمحروقات ستنفذ قبل يوم 12 جويلية الجاري، ليجد الشعب الفلسطيني نفسه بعد ذلك بلا ماء ولا كهرباء ولا غذاء ولا دواء… وهو محاصر بالجيش الصهيوني المدجج بالسلاح يمطره بالقنابل برا وبحرا وجوا! ولنا أن نتخيل حجم الكارثة خاصــة وأن عمل السلطة الفلسطينية يكاد يكون مشلولا بفعل الحصار وخطف المسؤولين الحكوميين وعدم وجود أموال في الخزينة لخلاص رواتب الموظفين.   ورغم شدة الهجمة الصهيونية واتساعها، ورغم تواصل التهديدات بأن ما حصل الآن ليس سوى « بداية الغيث » وأن ما ينتظر الفلسطينيين سيكون كارثيا في الأيام القليلة القادمة، ورغم الصمت الدولي والعربي، رغم كل هذا، فإن الشعب الفلسطيني أثبت مرة أخرى أنه شعب عنيد ومناضل ولا تنفع معه لغة العقاب الجماعي والقتل الجماعي والحصار والتجويع والتهديد… وجاءت عملية « الجندي الأسير » لتزيد من وحدة هذا الشعب والتفافه حول مقاومته الباسلة. لقد تمكنت المقاومة من خلال أسر الجندي الصهيوني ومطالبتها بمبادلته بأسرى فلسطينيين من المسك بزمام المبادرة وإعادة الاعتبار إلى روح المقاومة وتسليط الضوء على قضية العشرة آلاف أسير فلسطيني الذين تعتقلهم السلطات الصهيونية في ظروف لا إنسانية من بينهم نساء وأطفال وشيوخ.   إن الكيان الصهيوني ما كان ليتجرأ على ارتكاب جريمة إنسانية بهذا الحجم لولا الدعم الدولي الذي يلقاه وخاصة من الولايات المتحدة الأمريكية ومن حلفائها الامبرياليين في أوروبا وآسيا. كما أن الصهاينة ما كانوا ليمضوا بعيدا في اعتداءاتهم لولا التواطؤ والصمت العربيين.   إن الأنظمة العربية لا يهمها سوى الحفاظ على كراسيها، وعندما تتصاعد اعتداءات الصهاينة ضد الشعب الفلسطيني فإن أول ما تفكر هذه الأنظمة هو اتخاذ كل الاحتياطات الأمنية لمنع الشعوب العربية من الاحتجاج. ويتزامن ذلك عادة مع بعض « المبادرات الدبلوماسية » الهادفة إلى إثبات الولاء للامبريالية الأمريكية من ناحية ونزع فتيل التوتر من الشوارع العربية القادرة في بعض الأحيان على التحرك وتحدي الحصار الأمني.   وقد بات واضحا اليوم أن نظام بن علي أصبح أكثر من أي وقت مضى في مقدمة الأنظمة العربية العميلة من حيث الولاء للامبريالية الأمريكية الراعية الأولى للكيان الصهيوني واستعداده اللامشروط للانخراط في كل ما تطرحه هذه الامبريالية من مشاريع استعمارية خدمة لمصالحها ومصـــالح الصهاينة. ولم يعد يخفى على أحد أن الدكتاتوريـة النوفمبرية العميلة لم يبق لها سوى التمسح على أعتاب البيت الأبيض لضمان الحماية والدعم بعد أن ضاقت أمامها سبل المناورة وافتضحت في الداخل والخارج.   إنه لمن المؤسف حقا أن يتعرض الشعب الفلسطيني إلى هذا الهجوم الصهيوني الشامل والشارع التونسي لا يحرك ساكنا! إن الواجب القومي يدعو الجميع إلى تحمل مسؤولياته والعمل على استنهاض الهمم وإحياء الروابط القومية التي تجمعنا بالشعب الفلسطيني. لقد عمل نظام بن علي كل ما في وسعه لعزل الشعب التونسي عن محيطه القومي و الدوس على كرامته الوطنية وضرب حقه في مساندة إخوانه في فلسطين والعراق. وهو يعتمد في ذلك على ترسانة بوليسية هائلة في الداخل ودعم امبريالي صهيوني في الخارج.   إن الشعب التونسي قادر على كسر أغلاله وتحدي الحصار البوليسي الغاشم والخروج إلى الشوارع لإيصال صوته إلى إخوانه في فلسطين وفي العراق وتوجيه رسالة واضحة إلى طغاة العالم.   (المصدر: افتتاحية « صوت الشعب »، اللسان المركزي لحزب العمال الشيوعي التونسي، العدد 247 بتاريخ 7 جويلية 2006)
 


حركة الديموقراطيين الاشتراكيين:

انشغال وتضامن مـع لبنــان وفسلطـيـن

 
 اصدرت حركة الديموقراطيين الاشتراكيين امس بيانا حول التطورات الاخيرة في لبنان وفلسطين وجاء في البيان: «تتابع حركة الديموقراطيين الاشتراكيين بانشغال وقلق عميقين تطور الاوضاع في لبنان الشقيق جراء الاعتداء الاسرائيلي السافر النابع من سياسة الغطرسة ومنطق القوة المعادي لكل القيم الانسانية والقوانين الدولية بتواطؤ مكشوف من الولايات المتحدة الامريكية المتزعمة لدمقرطة الشرق الاوسط والتي تضرب بكل قيم الحداثة والحرية بانحيازها الى الطغمة الاسرائيليــــــة.   واذ تجدد حركة الديموقراطيين الاشتراكيين تضامنها ووقوفها مع الشعب اللبناني الشقيق ومع القضية الفلسطينية فانها تناشد اصحاب القرار والقوى الحية في امتنا العربية وانصار السلم في العالم للتحرك العاجل لوقف العدوان وردع عربدة اسرائيل الرامية الى توسيع رقعة الحرب وتهديد الاستقرار في كامل منطقة الشرق الاوسط وما ينجر عن ذلك من ويلات وتهديد لشعوب البحر الابيض المتوسط.   هذا وقررت حركة الديموقراطيين الاشتراكيين امام تواصل الاعتداءات الاسرائيلية بدون رادع في فلسطين ولبنان فتح جميع  مقراتها لمتابعة الاوضاع تعبيرا عن مناصرة الشعب التونسي لاشقائه ضحايا الهجمة الاسرائيلية.   (المصدر: جريدة الصباح التونسية الصادرة يوم 16 جويلية 2006)
 


فعاليات تونسية.. إدانة العدوان الإسرائيلي على لبنان وغزة
 
تونس/سانا – نددت الجمعية التونسية للمحامين الشباب بالعدوان الاسرائيلى على لبنان وقطاع غزة فى الاراضى الفلسطينية المحتلة محملة قوات الاحتلال الاسرائيلى مسؤولية التصعيد العسكرى فى المنطقة.   واعلنت الجمعية فى بيان لها اليوم تضامنها ومساندتها للشعبين اللبنانى والفلسطينى داعية المجتمع الدولى الى التدخل الفورى لوقف العدوان الاسرائيلى على لبنان وفلسطين .   كما دان الاتحاد العام التونسى للشغل العدوان الاسرائيلى على لبنان وقطاع غزة وحيا نضال المقاومة الوطنية المشروعة فى لبنان وفلسطين المحتلة حتى تحقيق التحرير ودحر الاحتلال .   واكد الاتحاد فى بيان له تضامنه ووقوفه الى جانب شعب وعمال لبنان وفلسطين فى مواجهة العدوان الاسرائيلى المفتوح عليهما.   وشجب البيان بشدة الانحياز الامريكى الفاضح ودعمه للعدوان الاسرائيلى على الشعوب العربية داعيا الجامعة العربية الى التحرك الفعال لدعم صمود شعبنا فى فلسطين ولبنان والعراق واتخاذ المواقف التى تتطلبها المرحلة لمواجهة هذه التحديات .   بدوره قال المنجى الخماسى امين عام حزب الخضر التونسى للتقدم انه لا يمكن فصل ما يجرى فى لبنان عما يجرى فى كامل المنطقة موضحا ان المجموعة الدولية وضعت على محك حقيقى لابراز مواقفها الصحيحة والتخلى عن سياسة الكيل بمكيالين .   وحذر الخماسى فى تصريح له من تدهور الاوضاع فى المنطقة داعيا الى وقف العدوان الاسرائيلى على لبنان والاراضى الفلسطينية المحتلة والعودة الى طاولة المفاوضات وتطبيق القرارات الدولية ذات الصلة بالصراع العربى الاسرائيلى لتحقيق السلام العادل والشامل فى المنطقة.   (المصدر: وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) بتاريخ 15 جويلية 2006)

أفراد الجالية والسياح التونسيون بلبنان بخير

 
* تونس (وات): في ظل الاحداث الجارية في لبنان تعلم وزارة الشؤون الخارجية أن المصالح المركزية بالوزارة ومصالح سفارة الجمهورية التونسية ببيروت تتابع عن كثب أوضاع أفراد الجالية والسياح التونسيين بلبنان وأنه لم يصب أحد منهم بأذى. وقد تم احداث خلية خاصة بمقر وزارة الشؤون الخارجية لمتابعة تطورات الوضع. وللاسترشاد يمكن الاتصال بالرقمين التاليين: 71782464 ـ 71847500.   (المصدر: موقع وكالة تونس إفريقيا للأنباء بتاريخ 15 جويلية 2006)

 

 وراء القضبان

نورالدين العرباوي  
يقبع السجين السياسي نورالدين العرباوي في السجن منذ 1991 تاريخ إيقافه بتهمة الإنتماء إلى  » حركة النهضة ». وهو من مواليد 10 نوفمبر 1960 بتالة. تخرج من شعبة علم النفس بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بتونس سنة 1984 ثم انتقل إلى فرنسا لمواصلة دراسته من أجل الحصول على شهادة الدكتوراء لكنه فوجئ بمنعه من السفر ومن تجديد جواز سفره بعد عودته إلى الوطن في العطلة الصيفية لسنة 1986. عمل كأخصائي نفساني ببعض المؤسسات المهتمة بذوي الاحتياجات الخصوصية إلى غاية إيقافه. صدر له كتاب بعنوان: التربية والتعليم بتونس سنة 1990.   حوكم بالمؤبد في المحكمة العسكرية سنة 1992 في محاكمة أجمعت كل المنظمات الحقوقية الدولية والوطنية على بطلانها. وسلطت على زوجته التي لم يقض معها في عش الزوجية أكثر من شهرين من التضييقات ما أضطرها بعد سنوات من الصبر إلى الانفصال عنه. عانت عائلته وعلى رأسها والده ووالدته الأمرين وهي تتنقّل بين سجون 9 أفريل والناظور والرومي والمهدية وأخيرا القصرين حيث يقيم منذ شهور.   خاض العرباوي عدة إضرابات عن الطعام من أجل تحسين وضعيته ومن أجل رفع المظلمة المسلطة عليه وعلى إخوانه. وقد أثرت الظروف المزرية للسجون التي قضى فيها أكثر من 15 سنة على صحته وأصيب بعدة أمراض مزمنة. وهو الآن يعاني من أمراض الربو والتهاب الجيب. وتقول عائلته أن وضعيته الصحية الآن حرجة جدا وتطالب بالإفراج عنه فورا قبل فوات الأوان.   (المصدر: صحيفة « الموقف » الأسبوعية، العدد 368 بتاريخ 14 جويلية 2006)

 

مرشح سابق للرئاسة في تونس يُـضـرب عن الطعام في سجنه

 
تونس (رويترز) – كشف أقارب مرشح سابق للانتخابات الرئاسية في تونس يوم الاحد انه يخوض اضرابا مفتوحا عن الطعام لليوم الحادي عشر على التوالي في سجنه بالعاصمة التونسية احتجاجا على عدم نقله للمستشفى للتدواي قائلين إن حياته أصبحت مهددة بشكل جدي.   وابلغ مصطفى شقيق عبد الرحمن التليلي الذي ترشح عام 1999 للانتخابات الرئاسية التي فاز بها الرئيس زين العابدين بن علي باغلبية ساحقة رويترز عبر الهاتف « علمنا منذ ثلاثة ايام ان عبد الرحمن بدأ منذ السادس من الشهر الحالي اضرابا مفتوحا عن الطعام بعد ان رفض مسؤولو السجن السماح بعلاجه في مستشفى مدني ».   وأضاف مصطفى « ان صحة عبد الرحمن الذي يعاني من مرض السكري تدهورت بشكل سيء للغاية وأصبحت مقلقة جدا وهو مهدد بالموت بين اللحظة والأخرى ».   ويقضي عبد الرحمن التليلي، الأمين العام السابق لحزب الاتحاد الوحدوي الديمقراطي المعارض وعمره 64 عاما عقوبة بالسجن لمدة تسع أعوام منذ سبتمبر أيلول 2003 بتهمة استغلال صفته عندما كان مديرا عاما بديوان الطيران المدني والمطارات والإضرار بالإدارة.   وقال شقيقه ان عائلته تطالب منذ عامين باستمرار مسؤولي السجن وعديد المسؤولين الاخرين منهم وزير العدل السماح له بالتداوي خارج السجن بطلب من طبيبه لكن دوى جدوى.   غير ان مصدرا حكوميا نفى في تصريح لرويترز « هذه الادعاءات « وقال إن « التليلي يقضي عقوبته في ظروف عادية وهو محل متابعة طبية مستمرة وعادية ».   وأضاف نفس المصدر أن التليلي خضغ لفحوص طبية منذ 48 ساعة أظهرت أن وضعه الصحي عادي وانه يتمتع بكافة الحقوق التي يضمنها القانون لنزلاء السجون.   (المصدر: موقع سويس إنفو بتاريخ 16 جويلية 2006 نقلا عن وكالة رويترز للأنباء)

 

مصر تطالب باستعادة ألات طبوغرافية أثرية من تونس

الأحد، 16 يوليو 2006 – 17:42

 

القاهرة (مصر) – رويترز : طالب المجلس الأعلى للآثار في مصر السلطات التونسية بإعادة ألات طبوغرافية أثرية محتجزة في مطار قرطاج الدولي منذ عام 2003 .

 

وقال زاهي حواس الأمين العام للمجلس يوم الأحد في بيان إنه أرسل خطابا إلى النائب العام المصري بخصوص اتخاذ الإجراءات الكفيلة باستعادة هذه الألات التي إعتبرها « ذات قيمة تاريخية وأثرية عظيمة وتعد نادرة مما يستوجب استردادها والمحافظة عليها« .

 

وأشار إلى أنها خرجت من مصر بطريقة غير مشروعة ، وأضاف أن الأثري المصري محمود عباس سبق أن توجه إلى تونس بناء على دعوة رسمية وسجل في تقرير « أثرية تلك الألات » وتمت مخاطبة السفير التونسي بالقاهرة بخصوص إعادتها مع تحمل مصر كافة التكاليف ، وإلى الان لم يأت رد بالموافقة.

 

وقال البيان إن تقرير عباس أثبت أن تلك الألات الطبوغرافية ترجع إلى الفترة الخديوية من عهد أسرة محمد علي والتي بدأت بتولي الخديوي إسماعيل الحكم في مطلع عام 1863 .

 

وقال ابراهيم عبد المجيد مدير إدارة الآثار المستردة إن هذه الألات منها ثلاث ركائز خشبية مساحة كل منها 150 سنتيمترا منقوش على إحداها « صنع تفتيش الطبيعيات بالقاهرة رقم 206« .

 

وأشار إلى وجود ثلاث ألات تصويب مسجل عليها مصادر صنعها وهي منظار من المعدن الأصفر طوله 25 سنتيمترا وله إطار خشبي توجد داخله بوصلة في حالة جيدة قطرها 15 سنتيمترا ، وكتب داخل البوصلة « صناعة بلبريك الأكبر بشارع منبرناس 81 باريس » ، وعلى جانبي الإطار الخشبي للبوصلة ميزانان مائيان طول كل منهما 5.5 سنتيمتر مع مفتاح لضبطهما.

 

وأضاف أن الألة الثانية هي منظار طوله 35 سنتيمترا ذو قاعدة من المعدن الأصفر مكتوب عليها « ج سوسمان لصناعة النظارات ممول العائلة الخديوية بالقاهرة » ويوجد أسفل المنظار ميزان ماء مهشم الزجاج.

 

وقال إن الألة الثالثة هي منظار من المعدن الاصفر طوله 50 سنتيمترا مثبت فوق قاعدة بداخلها بوصلة قطرها عشرة سنتيمترات ، والمنظار محمول على عامود من النحاس الأصفر على شكل حرف تي من جزءين يحمل كل منهما ميزان ماء.

 

(المصدر: وكالة رويترز للأنباء بتاريخ 16 جويلية 2006)

 

كرامة الصحفي الحـرّ

كرامة سليم بوخذير .. هو ليس عنوان مقال جديد أو بيان ، و إنّما هو إسم ملاك طاهر حلّ ركبه في دنيا الصحفي التونسي سليم بوخذير الأسبوع الفارط، فاختار له من الأسماء « كرامة » نُصرة لكرامة والدها ولكرامة وطنها ولكرامة كلّ شريف في البلد أو خارجه .

أرقّ التهاني من أسرة تحرير « تونس نيوز » للصحفي الحر بقدوم كرامة .. ولتكن طالع خير وبركة عليه وعلى عائلته الكريمة بإذن الله  ..


في مؤتمر نقابة التعليم العالي:

اعتداءات بالعنـــف ضـــد الرافضــين لانعقـــاد المؤتمـــر

 
علمنا أن مؤتمر نقابة التعليم العالي والبحث العلمي المنعقد أمس السبت 15 جويلية شهد اعتداءات بالعنف ضد الرافضين لانعقاده حيث تعرض النقابي أحمد المعروفي المتزعم للتيار المستقل إلى اعتداءات بالعنف الجسدي في جو مشحون بالتوتر والعنف اللفظي والتجاوزات من كل صنف. وشهدت قاعة المؤتمر فوضى عارمة لا تليق بمنزلة الأستاذ الجامعي ولا بالأسرة الجامعيـة.   (المصدر: جريدة الصباح التونسية الصادرة يوم 16 جويلية 2006)


في المؤتمر التوحيدي لنقابات التعليم العالي:

«المعروفي» يندد بمنعه من الدخول الى النزل ويحمل المسؤولية لكل النقابيين…

 
* تونس ـ الشروق:   ندّد أحمد المعروفي الكاتب العام للنقابة الأساسية بالمعهد العالي للغات بتونس بمنعه من الدخول الى نزل أميلكار لتقديم طعن لرئاسة المؤتمر التوحيدي لنقابات التعليم العالي الذي انعقد صباح أمس.   وقال «المعروفي» لـ «الشروق» انني أحمل مسؤولية تعنيفي والتعامل معي بخشونة وشدة من طرف حراس النزل لكل مسؤول نقابي، وأضاف قوله، تم الاعتداء علي بالرغم من صفتي النقابية وأدعو رئاسة المؤتمر الى تحمل المسؤولية.   وقال انني مناضل نقابي طلبت فقط أن أتكلم باسم مؤسستي وتم اقصائي من الدخول لتقديم طعن.   وأضاف انني سأطالب بحقي ولابد من تجند النقابيين والتصدي لعقلية الاقصاء التي تمت ممارستها في المؤتمر. وكان المعروفي أصر على الدخول الى النزل لتقديم طعنه ضد حرمانه من نيابة مؤسسته في المؤتمر التوحيدي.   ولاحظ عدد من النقابيين الحراسة المشددة التي ضربت حول المؤتمر التوحيدي لنقابة التعليم العالي حيث لم يسمح بالدخول الى النزل الا لنواب المؤتمر.   س ـ ل   (المصدر: صحيفة الشروق التونسية الصادرة يوم 16 جويلية 2006)


عجز الميزان التجاري التونسي يرتفع الى 1.52 مليار دولار

 
 تونس ـ رويترز: أظهرت أحدث الأرقام الرسمية أن عجز المبادلات التجارية لتونس اتسع بنسبة 32 في المائة خلال الأشهر الستة الأولى من هذا العام مقارنة بنحو 19 في المائة العام الماضي لتصل الى ملياري دينار (1.52 مليار دولار أميركي).   وأشارت أرقام نشرها أمس مركز الإحصاء التونسي أن واردات البلاد زادت بنسبة 16 في المائة الى 7.19 مليار دولار بينما نمت الصادارات بنسبة عشرة في المائة لتصل الى 5.66 مليار دولار.   (المصدر: صحيفة الشرق الأوسط الصادرة يوم 15 جويلية 2006)


« القدس العربي » تهدد بالتوقف عن التوزيع في تونس

 
 في اليوم الذي أعادت فيه بعض الصحف الرسمية نشر مقال دعائي منشور في مجلة مغمورة اسمها « الوفاق العربي » تحت عنوان « تونس اكتسبت صورة البلد المعتدل المستقر » كانت صحيفة  » القدس العربي » تنشر افتتاحية تعلن فيها عزمها على التوقف عن التوزيع في السوق التونسية بسبب كثرة المصادرة.   وإذا كانت الشهادة التي افتخرت بها الصحف الرسمية ونشرتها في مكان بارز آتية من مطبوعة تكتب وتنجز وتوزع في تونس بأموال دافعي الضرائب ولا يسمع بها احد فإن  » القدس العربي » هي واحدة من ثلاث صحف عربية مرموقة تعيش كلها علاقات متوترة مع الرقيب التونسي.   فبعد « الحياة » التي توقفت عن التوزيع في تونس منذ سنوات هاهي « القدس العربي » تستعد لاقتفاء خطاها، أما « الشرق الأوسط » فآثرت الابتعاد عن الشأن التونسي لتفادي الاحتكاك مع الرقابة. إنها الصورة الإعلامية المشرقة لتونس في مرآة الإعلام العربي، وهذه الافتتاحية نموذج حي لها.   (المصدر: صحيفة « الموقف » الأسبوعية، العدد 368 بتاريخ 14 جويلية 2006)
 
 

عـرقـلانـيـة
 
العرب يملكون ما يكفي من السلاح لردع أي اعتداء.. ولهم كذلك ما يكفي، وأكثر، من الأعداء!   مع ذلك فان هذا السلاح رابض في إصطبلاته.. فلا يخرج إلى النور إلا لاستعراض عضلاته.   فلا هو في فلسطين ولا هو في لبنان ولا هو في بلاد دجلة والفرات!… لماذا؟ لان سلاح العرب عاقل ولا يحب المغامرات.   محمد قلبي  


قطعوا عنه الماء لأنه معارض

 
عطية عثموني – سيدي بوزيد  
هل سمعتم بالقاعدة المتداولة في جهة سيدي بوزيد « النعجة المعارضة لا تستحق العلف ». هذا هو الاسلوب الذي تسعى من خلاله الشعب الدستورية بجهة سيدي بوزيد لإحكام قبضتها على الأفراد، وهي بذلك تتعامل مع المواطنين لا كبشر بل كرعايا أو قطيع. وتجلى هذا السلوك في أتعس تجلياته على إثر المقال الذي أصدره السيد محمد فوزي حجلاوي بجريدة « الموقف » عــ365ـدد والذي أكد فيه أن مدير المدرسة الإبتدائية بقطرانة الشمالية فرض عليه القيام بغسل الأواني التي استعملتها الشعبة الدستورية في مناسبة من مناسباتها السياسية، ولما رفض القيام بهذا العمل لفق له ملفا إداريا. ولكن الأمر لم يقف عند هذا الحد هذه المرة إذ بمجرد صدور المقال المذكور استنفرت شعبة قطرانة الشمالية كل إمكاناتها لمعاقبة الحجلاوي.   كيف لا وهم يتحكمون في المنطقة تحكما كاملا؟ كيف لا وهم يعتبرون أنفسهم أوصياء على كل المواطنين وعلى وعيهم وتفكيرهم، فكيف يتجرأ محمد فوزي الحجلاوي على نقد ممارسات الشعبة ومن يلوذ بها؟ إن ما قام به يعتبر جريمة في شرع هؤلاء. لقد تعرض إلى تهديدات مختلفة بل إن أحدهم قال له بالحرف الواحد « لو كان ما جيتش قريبي راني حطيتك في الحبس » تصوروا ! يبدو أن هذا الشخص يتوهم أنه يملك مفاتيح السجون في تونس وهو يمثل الامن والإدارة والقضاء وكل أجهزة الدولة بيده! تصوروا إلى أي مستوى بلغ وهم السلطة الزائف عند هؤلاء. لكن تهديده لم يبق في هذا المستوى اللفظي بل تجاوز ذلك إلى حد قطع الماء عن كاتب المقال في هذا الصيف الحار إذ بعد مشاورات بين السيد مدير المدرسة والشعبة الدستورية والجمعية المائية بجهة قطرانة الشمالية تم الإتفاق على قطع الماء عن المدرسة، مما تسبب في قطع الماء عن السيد الحجلاوي حارس المدرسة عقابا له على ما فعله! وقد إتصل بمختلف الجهات الإدارية والنقابية والسياسية وإلتزم بدفع الفارق الذي يستهلكه خلال العطلة الصيفية حتى يمكن أبناءه من مواجهة الحر والقيظ في هذا الصيف ولكن السيد المدير وبالتحالف مع الجمعية المائية والشعبة رفضوا مطلبه هذا وتركوه يواجه مصيره وعائلته. ومحاولات التضييق الذي مارسته الشعب الدستورية في جهة سيدي بوزيد قد طال عديد الأحرار من أساتذة ومعلمين وموظفين وغيرهم فلم يكن السيد الحجلاوي وحده ضحية هذه الممارسات بل إن مناضلي الحزب الديمقراطي التقدمي بالجهة كانوا أيضا ضحايا السلوكات الإستفزازية كتلك التي مورست ضد الأخ محمود الغزلاني كاتب عام جامعة الحزب وكذلك ما تعرض له الأخوان وحيد براهمي وحسين عكروتي من تضييقات وتهديدات.   (المصدر: صحيفة « الموقف » الأسبوعية، العدد 368 بتاريخ 14 جويلية 2006)

قرقنة بين الأمس واليوم

 
أبو أيمن   يبعد أرخبيل جزر قرقنة 18 كلم عن مدينة صفاقس ويتكوّن الأرخبيل من جزيرتين رئيسيتين : مليتة والشرقي ويتميّز بامتداده فوق رصيف قارّي ضحل وشاسع يمتدّ شمالا من رأس كبودية بالشابة وجنوب المحرس . وهو مفصول عن الجزيرة بقناة تسمى البحر الحي عمقها عشرين مترا المعدّل السنوي للأمطار 200 مم فيما يبلغ عدد السكان 14000 ساكنا ويتضاعف عددهم في الصيف.   تطورت حركة النقل بين مدينة صفاقس والجزيرة وارتفع عدد السفرات في اليوم وأنجزت عدّة مشاريع وتمّ تعبيد الطريق الرئيسي وإحداث شبكة متطورة للهاتف القار وتعميم الكهرباء والماء وحماية قرية مليتة من الفيضانات وإنجاز شبكة للتطهير في الرملة أولاد بوعلي وإحداث ميناءين بكل من العطايا والقراطن ومراسي للقوارب الشراعية. وبفضل تطوّر حركة النقل وتأهيل أسطول الصيد والنقل والتبريد ووجود مصانع للثلج للحفاظ على جودة السمك تمّ ترويج أغلب المنتوج في أسواق مدينة صفاقس وتونس عن طريق وسطاء وقلّ العرض في الجزيرة والتهبت الأسعار ولم يعد بإمكان المواطنين تناول وجباتهم المفضّلة من السّمك وتغيرت عاداتهم الغذائية .   ربة بيت صرّحت لجريدة « الموقف » قائلة هذه السنة الأسعار مرتفعة. القرنيط بـثمانية دنانير للكلغ والصبارص بـ 50 دينارا ونعجز عن تناولها. وتحسرت على الماضي حيث كان القرنيط ينشر في حبال طويلة حتى يجفّ. وأضافت هذه السنة التجأنا للدجاج رغم مرضه. ارتفع مدخول البحارة وبرزت ظواهر سلبية مثل الجشع والأنانية واستعملت أدوات محرّمة بكثافة لمدّة عقود من الزمن. والكيس شباك يبلغ طوله 12 م ويثقل بالسلاسل من تحت وبالخفاف من فوق ومن خلفه كيس بسعة العين 12 مم وتستعمل هذه التقنية بنواة من الخشب لفتح الكيس مع ساريتين حديديتين على كلّ جانب للمركب التي لها قوّة محرّك تبلغ 115 حصان وطولها 13 م وعند عملية الجرّ بسرعة كبيرة تنغرس السلاسل في القاع ويرتفع الخفاف ويفتح الكيس فمه ويلتهم كل ما يعترضه من أسماك من مختلف الأحجام والصدفيات والطحالب والرخويات مما يترك قاع البحر بلا حياة. صحراء جرداء لا يعيش فيها إلا السرطان ويصعب أن تعود إليه الحياة وتمّ القضاء على البحيرة أي الترش حيث يتوالد السمك ويتكاثر ويضع بيضه وهي غنية بالأعشاب والأوكسيجين والدفء في الشتاء. وهكذا تراجعت مداخيل البحارة وتكثّف هذا النشاط ولم يعد للبحار غير السرقة بوعي تام بمخاطرها على البيئة والأجيال القادمة . السلطة تعاملت مع الظاهرة بحذر تام خوفا من توتر علاقاتها بالصيادين والأهالي وعالجت المخالفات بمرونة كبيرة وحدثت عديد الانتفاضات الأهلية في قرى سيدي منصور بصفاقس ومليتة بقرقنة مطالبة بإطلاق أبنائها المحتجزين.   قدّم مهندس باحث بوحدة تقنيات الصيد تقريرا إثر رحلة بحرية لتقييم تقنية الصيد تسمى الريتسا « الكيس » وذلك يوم 17 أكتوبر 2000 . وأكد أن هذه التقنية تشكّل خطرا على البيئة والثروة البحرية وتعتبر جريمة كبرى تستهدف الاقتصاد الوطني وتهدد استراتيجية الدولة فيما يتعلق بالاستغلال المحكم للثروات الطبيعية. وقدّم تقييما لنشاط مركب قام بثلاث عمليات جر تبيّن خلالها أن 74% من المنتوج متكوّن من أسماك صغيرة الحجم ويرقات ومكونات أخرى للثروة السمكية قد وقع إتلافها اضطراريا في البحر لعدم قيمتها لدى البحارة مثل التريلية البيضاء ( 3 كغ وحجمها 5 صم) و الصبارص (0.5 كغ من الصبارص وحجم الواحدة 2 صم) والمنكوس 1.8( كلغ وحجمها 2 صم) . ومن خلال هذا الجدول نكتشف حجم الضرر الذي أصاب البحر فقد تقلّص إنتاج عديد الأنواع مثل الملو والنداس والقشاش والبوري والوراطة. والخوف أن تنقرض تماما. ولاحظ المهندس أن حوالي 20 مركبا تتعاطى الصيد في تلك المنطقة بنفس الوسائل. وفي شهر أفريل 2006 رفض بحارة القراطن المشاركة في سباق الزوارق الشراعية السنوي واتهموا السلط بالتقاعس والتسامح وتهربها من ظاهرة الصيد العشوائي. وفي حديثنا مع البحارة كشفوا لنا أن أعوان الحرس الوطني لا يعملون بحزم وأن الرقابة مفقودة وتوجد عادات سيئة مثل المحسوبية واستغلال النفوذ إذ تتمّ التغطية على النشاط المحرم .   كما أعلمنا البحارة أن مراكب الشابة و سيدي منصور واللوزة تنشط في المياه القريبة من الجزيرة وتستعمل نفس الأسلوب وكثيرا ما وقعت معارك بين البحارة حول مواقع الصيد وسرقة المنتوج. قال بحار لجريدة « الموقف » عمره ثمانين سنة انه يستيقظ فجرا ويدخل البحر شبه عار في البرد القارس مع ثلة من أصدقائه ويعود خائبا. وأضاف أن أملاكه تعرضت للسرقة مثل القارور والدراين والشرافي و لم يعد العمل في البحر مشجعا وقد يهجر جميع العاملين هذه المهنة . إنها فوضى تحدث يوميا بسبب تراجع المداخيل وتقلّص الإنتاج وتحول البحر إلى غابة لا يعيش فيها إلا القوي وصاحب النفوذ. والمؤلم أن هذا النشاط المحرم أضرّ بكامل السواحل من الشابة إلى الصخيرة وانعكس سلبا على البحارة ولم تعد الوسائل التقليدية تنتج مثل الشرافي، وتعرض أصحابها لخسائر فادحة، علما أن بناءها مكلف جدا (حوالي 7000 دينار) .   لقد تمّ تأسيس مجمع للصيد البحري وهو يقوم بدور إيجابي في الإحاطة بمنخرطيه من البحارة وتأطيرهم وتحسيسهم بأهمية الثروة السمكية واستعمال أدوات لا تضرّ بالبحر. وهناك تجربة فريدة يقوم بها المجمع وذلك بإقامة محميات في الجزيرة بالاستفادة من عديد التجارب العالمية للمحافظة على البيئة حيث يتمّ صنع حواجز اسمنتية توضع في البحر ويستحيل على مستعملي الكيس الاقتراب منها وهذه التقنية استعملت في اليابان منذ القرن 16 وحققت نجاحا باهرا في الارجنتين وفرنسا واسبانيا. ويشترك البحارة في وضع هذه القوارب الثقيلة بحماس في عديد القرى مثل العطايا وأولاد قاسم بهذا المشروع قد يعود الأمل للبحارة. وهناك ستة آلاف بحار يعملون في البحر في الجزيرة فيما يبلغ عدد مراكب الصيد المزودة بمحرك 500 مركب و1800 قارب تعمل بالقلاع والمجداف. وقد عملت الدولة على مساعدة البحارة مثل تزويدهم بالشباك وتنويع موارد الرزق مثل التشجيع على تربية الأغنام والأبقار وحفرت آبار لسقي الأراضي وحثت المواطنين على العودة إلى الأرض وإحيائها ولكن التجربة لم تعمر طويلا حيث فشل مشروع تربية الأبقار وتكبّد الفلاح خسائر كبيرة خصوصا في سنوات الجفاف نظرا لارتفاع تكاليف العلف وأغلق مجمع الحليب الوحيد . ويوجد في الجزيرة خمسة نزل تعمل أشهر قليلة في السنة ويتعرض أصحابها إلى أزمة مالية خانقة وهي مهددة بالغلق .   في الماضي كانت العزلة وشحّ الموارد سببا في الهروب والهجرة واليوم الانفتاح الفجئي على المدينة معد لتهديد مواردها القليلة بالنضوب وخطر الهجرة والهروب قائم .   يقول الشاعر برهان السويسي وهو بحار متمسكا بالبقاء :   يا قرقنة مهما صعب العيش   في مليتة أو القراطن أعيش   يا اميمتي الفقر فيك عيش   وانت المال لو جاعت الأعيال .   (*) المراجع ׃ رسالة ختم الدروس أعدها المرحوم منير القبايلي حول أثر البحر في الأشعار والأغاني الشعبية بقرقنة٠   (المصدر: صحيفة « الموقف » الأسبوعية، العدد 368 بتاريخ 14 جويلية 2006)

 

نسخة مغاربية من «ستار أكاديمي» لدول المغرب العربي تنطلق في أكتوبر

 
الرباط : «الشرق الأوسط»   أعلنت شركة الإنتاج العالمية «كروي آند كروي» عن نسخة مغاربية من برنامج تلفزيون الواقع الشهير «ستار أكاديمي»، ستنطلق في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، لتضاف الى النسختين الفرنسية واللبنانية.   وسيفتح البرنامج في وجه المشاركين المنتمين لدول المغرب العربي فقط، مثل المغرب والجزائر وتونس وليبيا، بالإضافة الى المهاجرين المغاربيين في أوروبا.   ولن يختلف مضمون البرنامج عن النسختين الأجنبية والعربية، فعلى مدى ثلاثة اشهر ونصف الشهر، سيعيش المشاركون في مسكن مشترك، يتلقون فيه دروسا لصقل أصواتهم، وتعلم طريقة الوقوف على الخشبة، ومواجهة الكاميرات والجمهور بتأطير من أساتذة متخصصين من المغرب العربي. وسيتمكن المشاهدون من التصويت لاختيار افضل المشاركين عن طريق الرسائل القصيرة sms.   وسيشارك في احياء «برايمات» البرنامج، نجوم غناء مغاربيون وعالميون على مدى 14 أسبوعا مدة البرنامج. وسيلتقي المشاهدون يوم الجمعة من كل أسبوع مع سهرة «البرايم»التي ستنقل مباشرة، ومدتها 120 دقيقة، فيما ستبث فقرات يومية مدتها ساعتان تنقل حياة الطلاب اليومية في الأكاديمية. وستنتقل لجنة اختيار المرشحين في منتصف يوليو(تموز) الحالي الى تونس، لزيارة مدن تونس، وسوسة، وصفاقص، ثم ستواصل جولتها في المغرب في مدن الدار البيضاء ومراكش وطنجة، قبل الانتقال الى مدن وهران وقسطنطينة في الجزائر.   اما الشروط التي وضعها المنظمون لقبول المشاركين في البرنامج فهي ان تكون أعمارهم ما بين 18 و30 عاما، وان يجيدوا الغناء، ثم استعدادهم لقضاء ثلاثة اشهر متواصلة من التدريب في الأكاديمية. ويسهم في اعداد فقرات البرنامج حوالي 850 شخصا، بينهم ملحنون وكتاب كلمات، وموسيقيون، وتقنيون، ومصممو استعراضات.   (المصدر: صحيفة الشرق الأوسط الصادرة يوم 15 جويلية 2006)
 

الاختراق الصهيوني الكبير للمغرب العربي

 
هذا هو « الفصل السادس: الاختراق الصهيوني الكبير للمغرب العربي « من الكتاب الجديد الذي أصدره الكاتب والباحث التونسي توفيق المديني المقيم في دمشق بعنوان  « اتحاد المغرب العربي بين الإحياء والتأجيل » ، وهو الفصل الذي اتخذت منه الحكومة التونسية حجة لتقديم شكوى رسمية من خلال سفيرها في دمشق السيد الهادي بن نصر إلى وزارة الإعلام السورية، وإلى اتحاد الكتاب العرب، إذ اعتبرت الحكومة التونسية الحديث عن التطبيع مع الكيان الصهيوني يسيء إلى العلاقات السورية التونسية. و لم يكتف السفير التونسي بذلك، بل أصبح يحرض السفراء المغاربيين في العاصمة السورية للقيام بإجراء مماثل.   وبالفعل مُـنـع الكتاب من التداول حتى إجراء التعديلات عليه، لا سيما فيما يتعلق بالفصل المتعلق بالتطبيع مع الكيان الصهيوني، والفصل  الذي يتحدث فيه الكاتب  عن الشيخ راشد الغنوشي بوصفه رمزا للحداثة في العالم العربي و الإسلامي  .   الكتاب : المغرب العربي بين الإحياء و التأجيل الكاتب: توفيق المديني الناشر:اتحاد الكتاب العرب- دمشق – جويلية 2006   الفصل السادس:

الاختراق الصهيوني الكبير للمغرب العربي

  إذا كانت مثل هزيمة حزيران / يونيو 1967 ، و توقيع اتفاقيات كمب ديفيد عام 1978 ، و معاهدة السلام المصرية مع الكيان الصهيوني عام 1979، قد شكلت اتجاها ً تاريخيا ًبالغ التعقيد نحو التسوية للصراع العربي – الصهيوني ، فإن اتفاقيات أوسلو عام 1993 ، ومعاهدة وادي عربة الأردنية –الصهيونية عام  1994، قد دفعت الدول العربية إلى الترويج لمقولة مفادها أن التطبيع و السلام مع الكيان الصهيوني أصبحا وشيكين للغاية و تاليا يتعين على الدول العربية ، و لا سيما منها المغاربية ، الإسراع في الرهان على  » الكعكة الصهيونية  » قبل فوات الأوان . و منذ توقيع اتفاق أوسلو بين الحكومة الصهيونية وقيادة  منظمة التحرير الفلسطينية، قدمت الحكومات في دول المغرب العربي ، ذلك الإتفاق و كأنه النصر الحاسم للقضية الفلســــــــطينية و مفتاح  » الدولة الفلسطينية المستقلة  » الذي كان مفقودا ً و تم العثور عليه ، وفقا ً لســـياسة  » خذ و طالب  » التي اعتمدها القادة  المغاربيون في عملية الانتقال من مرحلة الاستعمار إلى مرحلة الاستقلال .   1-القضية الفلسطينية في وعي الأحزاب المغاربية   قبل تحليل التزام  الدول المغاربية تطبيع علاقاتها مع الكيان الصهيوني ، علينا أن نبحث في نشاط الحركة الصهيونية العالمية داخل البلدان المغاربية التي تعيش بين ظهرانيها جاليات يهودية ، و في وعي القضية الفلسطينية في العقل الجماعي المغاربي .   على صعيد تونس ، انتقل عدد اليهود في هذا البلد العربي من نحو 50 ألف نسمة أواخر القرن الماضي إلى أكثر بقليل من 100 الف نسمة مطلع الخمسينيات من القرن العشرين . و ينقسم اليهود  في تونس الى طائفتين : الأولى  » الغرانة  » و يعود أصلها الى مدينة  » الغرنة  » الإيطالية (1)، بحيث  يحمل يهود هذه الطائفة الجنسية الإيطالية ، أما الثانية فهي طائفة  » التوانسة  » التي ينتسب أعضاؤها إلى سلالة قديمة سكنت البلاد منذ القدم أو وفدت إليها من بلدان إسلامية أخرى ، و يحمل اليهود  » التوانسة  » الجنسية التونسية .   و كان نشاط الحركة الصهيونية العالمية في تونس ملموسا ً ، و يكشف عن ذلك العدد  الكبير للجرائد التي أصدرها القياديون الصهاينة مثل الفرد فالنزي او فيليكس علوش او  ريني كوهين في الفترة الممتدة من مؤتمر بال 1897 حتى اوائل الخمسينيات ، و هو عدد يفوق الثلاثين جريدة ، و معظمها ناطقة باللغة الفرنسية . لقد تقلصت  » جماهيرية  » الحركة الصهيونية في تونس أواخر الثلاثينيات . و يرجع ذلك إلى سببين أساسيين : الانتفاضة العربية الكبرى في فلسطين . و وصول  » الجبهة الشعبية  » إلى السلطة السياسية في فرنسا . و قد انقسم من جراء وصول اليساريين الفرنسيين إلى الحكم عدد كبير من الصهاينة إلى فريقين : فريق ضرب بقناعته الصهيونية عرض الحائط و انتهج سبيل الاشتراكية : و فريق انكفأ عن صهيونيته باليمينية واختار  » أهون الشرين  » أي  » الصهيونية الاشتراكية  » ناسجا ً بذلك على منوال اليهودي الصهيوني ليون بلوم زعيم  » الجبهة الشعبية  » الفرنسية و العضو في  » الوكالة اليهودية العالمية ».   في مواجهة النشاط و التغلغل الصهيونيين ، لم يكن للأحزاب الشيوعية المغاربية عامة ، و الحزب الشيوعي التونسي خاصة ، تحليلات نظرية معمقة حول طبيعة الحركة الصهيونية العالمية و مشروعها لإقامة الكيان الصهيوني ، و ارتباطها العضوي بالمراكز الرأسمالية المتقدمة في الغرب ، على الرغم من رفعها شعارات صحيحة مثل عروبة فلسطين اعتبار الصهيونية أداة في أيدي الامبريالية البريطانية ، و انتفاء الطابع القومي عن الحركة الصهيونية . و لهذا السبب ، و بحكم نشأة الأحزاب الشيوعية المغاربية التي اضطلع فيها اليهود بدور رئيس ، و تبعيتها المطلقة للاتحاد السوفييتي ، أيد الشيوعيون في منطقة المغرب العربي قرار تقسيم فلسطين ، و بالتالي اعترفوا بشرعية اغتصاب فلسطين من جانب الكيان الصهيوني وتشريد شعبها . و قد اعتبر الحزب الشيوعي التونسي قرار التقسيم ضربة قاصمة للامبريالية البريطانية و حلفائها العرب المنضوين تحت لواء منظمة  » الجامعة العربية  « . و يقول في تبريره لهذا لموقف :  » … إن الامبريالية الانغلو- سكسونية لم تنجح في السيطرة على فلسطين وفي إجهاض انعتاقها التام إلا التفرقة بين العرب و اليهود في فلسطين « (2). إن الحزب الشيوعي ، و بعد أن كان ينفي نفيا ً قاطعا ً  » أمة يهودية  » مجاراة لموقف ماركس و لينين في هذه المسألة ، أصبح يرى في المجموعات التراكمية  من المستوطنين الصهاينة الذين يحملون صفات بلدانهم الأصلية و ميزانها ،  » قومية يهودية في طريق النشوء و التطور « (3). و هذا الموقف يعكس إلى حد كبير مواقف الحزبين الشيوعيين في كل من الجزائر و المغرب .   و انطلاقا ً من قاعدة الاعتراف بقرارات الشرعية الدولية التي أملاها النظام الدولي الثنائي القطبية ( الولايات المتحدة الأميركية و الاتحاد السوفييتي سابقا ) عقب نهاية الحرب العالمية الثانية ، كان موقف الأحزاب الشيوعية المغاربية من القضية الفلسطينية يتطابق كليا مع موقف القيادة المتنفذة داخل منظمة التحرير الفلسطينية ، باعتبارها المرجعية الفلسطينية المعترف بها في العواصم المغاربية ، و إن كانت هذه المرجعية لا تتجاوز حركة  » فتح  » و النهج السياسي الذي يكرسه ياسر عرفات في داخلها و على مستوى المنظمة ككل .   و كان مبدأ  » القبول بما يقبله الفلسطينيون  » هو التبرير الذي تسوقه الأحزاب الشيوعية المغاربية و غيرها من الأحزاب الأخرى الحاكمة و غير الحاكمة في المغرب العربي لمباركتها اتفاق أوسلو الذي أبرم في 13 ايلول / سبتمبر1993 بين الحكومة الصهيونية السابقة برئاسة اسحق رابين و قيادة عرفات ، و بالتالي لتأييدها  » التطبيع  » بين الكيان الصهيوني  والأنظمة المغاربية . و قد أصدر الحزب الشيوعي التونسي بيانا مطلع سنة 1996ساند فيه موقف الحكومة التونسية الخاص بإقامة علاقات دبلوماسية بين تونس و الكيان الصهيوني .   أما موقف الحزب الحاكم في تونس من القضية الفلسطينية ، فيمكن النظر إليه من زاوية الأيديولوجيا التي حكمت مسيرة هذا الحزب منذ تأسيسه عام 1934 إثر الانشقاق الذي حصل في الدستوري ( القديم )، و حتى قيادته للحركة الوطنية التونسية من الثلاثينيات و حتى حصول تونس على الاستقلال السياسي (1955-1956 ) . فالحزب الحر الدستوري الجديد بزعامة الحبيب بورقيبة كان يدافع عن فكرة  » الأمة التونسية « نظرا ً لعدائه الشديد لفكرة الأمة العربية ، و لم يكن ينطلق في تعامله مع ما يجري في فلسطين من القانون العام الذي يقرر أن مصير تونس ارتبط منذالقرن السابع للميلاد بمصير الأمة العربية ككل ، و انطلاقا ً من إيمانه أن ما تتميز به تونس من خصوصية في الإطار العربي هو دليل على وجود  » أمة تونسية  » قائمة بذاتها، فإنه يعتبر القضية الفلسطينية و قضايا العروبة إجمالا ً قضايا غير رئيسة (4)، و لذلك فإن مساندة الحزب للقضية الفلسطينية كانت من باب التضامن و ليس من باب الانتماء إلى أمة عربية واحدة . و هو يعتبر أن القضية الفلسطينية هي قضية الشعب الفلسطيني أساسا ً ، و بصفة ثانوية قضية بقية العرب . و هو يرى أن عرب المشرق ، أي عرب دول المواجهة مع الكيان الصهيوني ، مطالبون أكثر من غيرهم من العرب بالوقوف إلى جانب الفلسطينيين .   و كان التطبيع التونسي – الصهيوني يعود إلى بواكير  الخمسينيات ، عندما دشن الحبيب بورقيبة وهادي نويرة ومحمد مصمودي وقياديون آخرون في « الحزب الحر الدستوري الجديد » اتصالات مع الدولة الصهيونية من خلال سفرائها في باريس. وحاول التونسيون إقناع الكيان الصهيوني والحركة الصهيونية بدعم معركتهم من أجل الاستقلال، إلا أن الصهاينة كانوا يدركون أن مصالحهم مع فرنسا لا يمكن التضحية بها من أجل كسب ود الحكام المقبلين في تونس.< /P>   و بنت الدولة التونسية موقفها من القضية الفلسطينية على أساس قرار تقسيم فلسطين الصادر عن الأمم المتحدة و المعروف بالقرار الرقم 181 . و انتهج الرئيس التونسي السابق الحبيب بورقيبة سياسة خارجية معادية للقومية العربية و العروبة ، بحكم الخلاف المستحكم بينه و بين الزعيم المصري الراحل جمال عبد الناصر ، حتى أن الرئيس التونسي أعلن في خطاب له في أريحا عام 1965 اعترافه بقرار التقسيم و طالب الفلسطينيين بالاعتراف بالأمر الواقع  والقبول بـ » دولة فلسطينية  » في الضفة الغربية و قطاع غزة ضمن سياسة  » خذ و طالب « .   و قد اتهم بورقيبة في حينه من قبل الأنظمة الوطنية و التقدمية و الأحزاب اليسارية  والقومية العربية بـ » خيانة  » قضايا الأمة العربية ، خصوصا ً عندما أكد مقولته الشهيرة  » إننا مع ما يختاره الفلسطينيون لأنفسهم  » في إشارة واضحة إلى رفع وصاية الأنظمة العربية على الفلسطينيين ، و هي المقولة التي طورتها قيادة عرفات لاحقا في إطار استغلال التناقضات العربية الرسمية ، و أطلقت عليها مصطلح  » القرار الفلسطيني المستقل « .   و يمكن أن نجد في مؤتمر المغرب العربي الذي انعقد في القاهرة في شباط/ فبراير 1947 ، و في الوثائق التي أعدتها الأحزاب المغاربية لمؤتمر الاشتراكيين العرب في الجزائر عام 1967 ، و في مواقف العاهل المغربي الملك محمد الخامس و من بعده الملك الحسن الثاني ، توجهات سياسية بشأن الاعتراف بالقرار الرقم 181 ، و بالتالي إيجاد تسوية للصراع العربي-الصهيوني وفق قرارات الشرعية الدولية .   2-المغرب و التطبيع مع الكيان الصهيوني   منذ أن بدأ العمل على إسقاط الحاجز النفسي و السياسي بين العرب و الكيان الصهيوني ، أدى العاهل المغربي الراحل  الحسن الثاني كعادته دورا ً فاعلا ً في المبادرة باتجاه « اسرائيل » على الصعيد العربي . و نظرا للعلاقات التاريخية المتميزة ، علاقات  » الحماية والولاء » المتبادلة بين العرش المغربي و اليهود ، و التي ظلت قائمة منذ سقوط الأندلس و حتى اليوم ، إذ يوجد 700 ألف « إسرائيلي » من أصل مغربي و يحتفظون بجنسيتهم المغربية و يكنون للملك الحسن الثاني المحبة و الاحترام ، فإن العرش المغربي يشكل ربما مباشرة بعد الخزانة الأميركية ، اللوبي الانتخابي الأكثر تأثيرا داخل الكيان الصهيوني .   و قد استغل الحسن الثاني هذا  » المخزون التاريخي  » المشترك بين العرش المغربي و اليهود ، لإقامة علاقات وثيقة بين المغرب و « إسرائيل » منذ الستينيات ،  و هو كلف جهاز الاستخبارات الصهيونية  » الموساد  » بإعادة بناء جهاز الاستخبارات المغربية . كما اضطلع « الموساد  » بدور مهم في عملية اختطاف المهدي بن بركة من باريس عام 1965 . وتعود قنوات الاتصال المباشرة بين الملك الحسن الثاني والدولة العبرية إلى ما قبل اعتلائه العرش، إذ أقنعه الصهاينة بكونهم كشفوا مؤامرة ضده بوصفه وليا ً للعهد في كانون الأول/ديسمبر 1959، وهذا ما يفسر إقباله على تطوير التعاون معهم بعد توليه مقاليد الحكم عام 1961، خاصة في المجال الأمني، أسوة بالعلاقات التي كانت تقيمها إسرائيل آنذاك مع شاه إيران.   واعتبر محللون أن المكتب الذي افتتحه « الموساد » في المغرب منذ تلك الفترة شكّـل تمهيدا لمكتب التمثيل الدبلوماسي الذي فُتح في أواسط التسعينيات، علما أنه كان يدير أيضا ً مكتباً  سريا ًفي تونس في الفترة نفسها لتنظيم تهجير اليهود التونسيين إلى فلسطين.وكلف الملك الراحل المخابرات الصهيونية « الموساد »بتكوين كوادر استخباراته، لا سيماحراسه الشخصيين، وكان ضابطا الاتصال مع « الموساد » هما الجنرال محمد أوفقير، الذي تولى لاحقا منصب وزير الداخلية قبل أن « يعدمه » الملك في أعقاب محاولة انقلابية فاشلة، والجنرال أحمد الدليمي، قائد المنطقة العسكرية الجنوبية لاحقا ً والذي قضى أيضا ً في حادث غامض.   وتمثلت أهم حلقة للتعاون بين الجانبين في ترتيب اختطاف المعارض المغربي البارز مهدي بن بركة من باريس يوم 29 تشرين الأول/أكتوبر 1965 واغتياله بتنسيق مباشر بين الملك الراحل ورئيس الحكومة الصهيونية آنذاك ليفي أشكول، وبواسطة خلية ضمّـت كلا من أوفقير والدليمي (اللذين نفذا العملية) مع رئيس « الموساد » مائير أميت.لم يكن هذا التعاون سريا ً، إذ أماطت صحيفة « بول » الصهيونية اللثام عن تورط « الموساد » في اغتيال بن بركة في عددها الصادر في 11 كانون الأول /ديسمبر 1966 (مع أنها متخصصة في الصور الخليعة)، لكنها تحفظت عن إعطاء التفاصيل متعللة بأن « هناك تحقيقا ً جاريا ً في الموضوع، يمكن أن يؤدي إلى إسقاط حكومة أشكول ».واللافت أن ثلاثين ألف نسخة من العدد جُمعت من الأسواق باتفاق بين الموساد والحكومة، وأحيل كاتبا المقال على المحكمة بتهمة إفشاء أسرار الدولة، فقضت بسجنهما سنة واحدة، مما برهن على شدة ضيق الرسميين الصهاينة من إفشاء سر بذلك الحجم.   غير أن الأهم من التعاون الإستخباراتي الذي كُشفت تفاصيله في الأيام الأخيرة، هي الموافقة الرسمية المغربية على التعاون في مسألة الهجرة، إذ كان الهدف الرئيس للصهاينة هو تهجير 250 ألف يهودي مغربي إلى فلسطين للسيطرة على الأراضي المنتزعة من سكان البلد، وانطلقت الهجرة بوتيرة كثيفة اعتبارا ً من سنة 1948، واستمرت إلى 1975، لكنها كانت سرية في المرحلة الأولى قبل أن تصبح علنية ورسمية لاحقا ً.   ولعبت الاتصالات بين الحكومة المغربية والمؤتمر اليهودي العالمي دورا ً أساسيا ً في تنظيم تلك الهجرة، لكنها اتخذت بُـعدا ً سياسيا ً أكبر مع الدور الذي لعبه الملك الحسن الثاني في الصراع العربي-الصهيوني من خلال التقريب بين أنور السادات وميناحيم بيغن، ثم من خلال إقناع الدول العربية بالاعتراف بالكيان الصهيوني في مؤتمري فاس الأول والثاني (1981 و1982) من خلال القبول بتسوية على قاعدة القرار الأممي رقم 242.   وفي المغرب، كما في تونس، لعب رموز الطائفة اليهودية دور الجسر بين الحكومتين بواسطة الصداقات المتينة التي حافظوا عليها في الكيان الصهيوني . وفي هذا السياق، تبنى الملك الحسن الثاني ومن بعده الملك محمد السادس، الأمين العام لمجلس الجماعات اليهودية في المغرب سيرج بيرديغو، الذي تولى منصب وزير السياحة (1993-1995)، وأندري أزولاي الذي كان مستشارا ً خاصا ً  للملك الحسن، والذي يحتفظ بعلاقات حميمة مع كبار الزعماء الإسرائيليين، وقد استقبل في مناسبات عدة مجموعات من رجال الأعمال الإسرائيليين في المغرب ممن وُجهت لهم الدعوات بصفتهم تلك.   و كان الملك المغربي من أكثر الحكام العرب إلحاحا ً على التطبيع العربي-الصهيوني ، و لذلك عمل النظام المغربي على إقناع قيادة منظمة التحرير بلعب الورقة الفلسطينية منفردة ، وسهل تنظيم لقاءات أميركية-فلسطينية ، و فلسطينية –صهيونية ، بحيث استخدمت قيادة عرفات  » السنترال  » المغربي في اتصالاتها بالقيادات » الإسرائيلية » .   كذلك كان ملك المغرب « عراب » الاتصالات التي سبقت زيارة الرئيس انور السادات ، و كان في صلب اتفاقيتي كمب ديفيد مهيئا ً و متصلا ً و مؤيدا ً . و حفل تاريخ الملك الحسن الثاني باللقاءات مع زعماء الصهيونية العالمية و الكيان الصهيوني ، ألم يستقبل رئيس الوزراء الصهيوني اسحق رابين في المغرب (1986 ) ، و وزير الخارجية السابق موشي دايان (1968)و زعيم حزب العمل شمعون بيريز في 1979 و 1981 ؟ ألم يستضف المؤتمر اليهودي الذي حضره الكثير من الصهاينة  » الاسرائيليين  » عام 1984 ؟   و استفاد حزب العمل « الاسرائيلي » من علاقاته الوطيدة بالملك الحسن الثاني لاستخدام الورقة المغربية للتخفيف من تأثير الناخبين اليهود من أصل مغربي الذين يصوتون لمصلحة تكتل « ليكود ».   و قد أعلن في الأول من أيلول / سبتمبر 1994 عن فتح مكتب اتصال في تل أبيب  وغزة (سلطة الحكم الذاتي الفلسطينية ) و في الرباط ,في محاولة مدروسة و متفق عليها بين الحسن الثاني و سلطة عرفات لجر المزيد من الأنظمة العربية الى انتهاج سياسة  » التطبيع « مع الكيان الصهيوني .   وكان الملك محمد السادس تبنى يهودا من معسكر آخر، أبرزهم المعارض السابق أبراهام سرفاتي الذي اختاره مستشارا له بعدما أمضى سنوات طويلة في سجون والده.   هذه الرسائل الموجهة إلى الكيان الصهيوني تدعمها رسائل خطية نقلها في مناسبات عدة وزير الخارجية محمد بن عيسى في لقاءاته المتكررة مع نظرائه الصهاينة . وأثمرت تلك الاتصالات الدائمة تكثيفا ً للعلاقات الرسمية على جميع الصعد، التجارية والسياحية والأكاديمية، وصولا ً إلى مجالات صغيرة ودقيقة مثل الزيارات المنتظمة التي يقوم بها عناصر من اليهود السلفيين المتشددين المنتمين إلى حركة « لوبافيتش » إلى الميناء الصغير في مدينة « أسفي » على المحيط الأطلسي جنوب الدار البيضاء، للتأكد من مدى مطابقة المنشآت المعدة لحفظ السمك « الكاشير » للتعاليم التلمودية، قبل تصديره للجاليات اليهودية في أمريكا.والأرجح أن شالوم لن يزور المغرب للسياحة، وإنما ستكون محادثاته، على ما أكدت مصادر مغربية، لبنة أساسية في استئناف العلاقات الدبلوماسية بين الحكومتين. »العلاقة مع إسرائيل ستستمر » والظاهر، أن العلاقات الموريتانية – الإسرائيلية تُعتبر لدى الجانب الإسرائيلي نموذجا ً للمستوى الذي ينبغي أن يصل إليه التطبيع مع العواصم المغاربية الأخرى.   وعلى الرغم أن المغرب  أغلق مكتب الاتصال « الإسرائيلي » في الرباط في 23 تشرين الأول /أكتوبر عام 2000، والمكتب المغربي في تل أبيب عقب إندلاع الإنتفاضة الفلسطينية الثانية ، تطبيقا لأحد قرارات القمة العربية التي عقدت في القاهرة ،  إلا أن الإتصالات لم تنقطع بين البلدين. فقد التقى وزير الخارجية الصهيوني سيلفان شالوم  في الدار البيضاء  في 2 أيلول /سبتمبر 2003 نظيره المغربي  محمد بن عيسى ،إذ قال شالوم للصحفيين: »إ ن المغرب يمكن أن يشكل جسرا ً بين الإسرائيليين و الفلسطينيين … و إنني على ثقة بأن المغرب على إستعداد للقيام بدور مركزي في عملية السلام و أن الجانبين سيقبلان ذلك ». و اعتبر شالوم أنّ  » الوقت قدحان لأن يقيم المغرب و إسرائيل علاقات أوثق ».   و كانت أطراف سياسية مغربية ربطت  بين التقارب الأخير بين المغرب الكيان الصهيوني ، وبين المأزق السياسي، الذي وضعت فيه الولايات المتحدة الأمريكية المملكة المغربية في مجلس الأمن الدولي، فيما يخص قضية الصحراء الغربية؛ حيث تزامن ضغط الولايات المتحدة من داخل المجلس، للدفع باتجاه إرغام المغرب على قبول مخطط التسوية، الذي اقترحه جيمس بيكر، والذي يرفضه المغرب، لأنه يبذر بذور انفصال الأقاليم الصحراوية، وبين الإغراءات بتطوير العلاقات المغربية « الإسرائيلية »، مقابل تليين الموقف الأمريكي من موضوع الصحراء. ويرى مراقبون وناشطون سياسيون مغاربة أن التزامن بين التوتر المغربي الأمريكي، على خلفية موقف واشنطن في مجلس الأمن الدولي من قضية الصحراء، والحركة الدبلوماسية بين الرباط وتل أبيب، في الفترة الأخيرة، ليس تزامنا ًعرضيا ً، وأنه يأتي في سياق استغلال الطرفين المغربي و »الإسرائيلي « لما حدث كل بما يخدم مصالحه الخاصة.   وفي هذا الظرف السياسي العصيب، التقى وزير الخارجية المغربي محمد بن عيسى، بنظيره « الإسرائيلي » سيلفان شالوم، في لندن في بداية آب 2004 ، في إقامة سفير المغرب بالمملكة المتحدة. وفي حين لم تسلط وسائل الإعلام والمواقف الرسمية المغربية الكثير من الضوء على هذا اللقاء، إلا أنه يعكس في حد ذاته   وجود ضغوط  تمارس على المغرب، للدفع بعلاقته أكثر في اتجاه الدولة العبرية. وقد تجلى ذلك من خلال استقبال العاهل المغربي محمد السادس للحاخام الأكبر لليهود الشرقيين ذي الأصول المغربية على هامش احتفالات عيد العرش. وأشار الحاخام « الإسرائيلي » في تصريح له للقناة المغربية الأولى إلى أن عنوان لقائه بالعاهل المغربي كان تقوية العلاقات بين المغرب و »إسرائيل ».   وأمام الصمت المغربي الرسمي يترقب الرأي العام خطوات عملية، تدعم هذه المؤشرات في الشهور المقبلة؛ وما سيكون لها من تأثير على ملف الصحراء الغربية، وعلى المواقف الأمريكية المستقبلية؛ خصوصا ً وأن الولايات المتحدة الأمريكية تمتلك مفاتيح الصحراء، وتبدي تقاربا ًكبيرا ً مع الجار الجزائري، الذي يعتبر الخصم الحقيقي للمغرب في هذه القضية الشائكة، التي رهنت المنطقة طيلة العقود الماضية، وقوضت حلم إنشاء وتفعيل وتقوية مشروع المغرب العربي الموحد.   3- تونس والتطبيع مع الكيان الصهيوني   تعود علاقات تونس الرسمية مع الكيان الصهيوني إلى فترة بعيدة . وتجد هذه العلاقات سندا ً قويا ً في موقف الرئيس بورقيبة الذي كشف عنه في خطابه الشهير في أريحا سنة 1965 والذي دعى فيه إلى الاعتراف بالكيان الغاصب وتقاسم الأرض معه ، وكان ذلك في ذروة المد القومي العربي ، وبالرغم من أجواء الحرب المخيمة على المنطقة . وأما أول لقاء مباشر وعلني لسياسي تونسي مع صهاينة ، فقد كان في الثالث من تشرين الأول / أكتوبر 1985 عندما لم ينسحب وزير الخارجية التونسي الباجي قائد السبسي ، كما تعودت الوفود العربية في الامم المتحدة أن تفعل ، وبقي لمناقشة ممثل الكيان الصهيوني حول مبالغ مالية يسددها الكيان الصهيوني لتونس تعويضاً عن الأضرار التي تسببت فيها الغارة الصهيونية على الحي السكني الذي يقطنه مناضلو منظمة التحرير الفلسطينية في حمام الشط ( ضواحي العاصمة تونس ) .   و شهدت العاصمة الأميركية واشنطن بعد بضع سنوات من ذلك ،لقاءً مدويا ً ومصافحة حارة بين وزير الخارجية التونسي السابق الحبيب بن يحيى ونظيره الصهيوني شمعون بيريز في أيلول / سبتمبر 1993 . ولم يكن هذا اللقاء للمطالبة بتعويضات مالية أو ما يشبه ذلك، بل جاء ليدشن رحلة ساخنة من العلاقات الودية بين الدولتين . ثم جاءت سنة 1994 لتكون  سنة الاعتراف المتبادل بين الدولتين ، وسنة إقرار مبدأ تبادل التمثيل الدبلوماسي بين العاصمة تونس وتل أبيب . وقد علق شمعون بيريز على هذه الخطوة بالقول  » أعتبر هذا إنجازا ً من الدرجة الأولى وأعزو أهميته إلى الإعلان عنه . . إذ ليس هناك أسرار  » . . وأضاف أنه يعتبر  » تونس موطئ قدم مهم جدا ً للدبلوماسية الإسرائيلية في شمال أفريقيا  » .   بعد هذا الحدث شهدت العلاقات التونسية الصهيونية طوال سنوات ثلاث متتابعة تناميا ً سريعا ً فاق كل التوقعات ، فقد غدت تونس قبلة مفضلة للصهاينة ، من دبلوماسيين ورجال أعمال وسواح ومصطافين . وقد شهدت سنوات 1994 و 1995 وبداية 1996 قمة المد في العلاقات التونسية الصهيونية ويظل البعد الخفي من العلاقات بين الدولتين أهم بكثير مما هو علني منه ، فنظام تونس المتخوف من ردود فعل المعارضة المتنامية داخليا ً ومن الرفض العربي للهرولة نحو الكيان الصهيوني جعله يحرص كثيرا ً على أن يبقى أكبر قدر من علاقاته الصهيونية سريا .   بداية البرود وعودة الجليد للعلاقات   مثل سقوط حزب العمل الصهيوني في الانتخابات النيابية التي جرت في أيار / مايو  1996 صدمة حقيقية للمراهنين على الحصان الصهيوني في تونس  . وبعد المراهنة على علاقات استراتيجية وأبدية كان لابد من التراجع والمراجعة . لقد اتجهت الدبلوماسية التونسية خلال السنوات الثلاث الماضية لنسج خيوط علاقات استراتيجية مع الكيان الصهيوني مولية وجهها شطر الكيان الصهيوني وعازفة عن كل ما هو عربي وإسلامي . وكان المبرر الخارجي لهذا التحالف الاستراتيجي الاندراج في مسار السلام باعتباره خيارا ً دوليا ً . إلا ان سقوط بيريز وحزبه وصعود المتطرف اليميني بنيامين نتنياهو قلب المعادلة ووضع السياسة التونسية في ركن زاوية ضيق . . لقد لفظ السلام أنفاسه ولم يبق منه سوى هيكل عظمي نخر ، تحرص أميركا على كسائه أجمل الحلل . وعادت أجواء الحرب والتهديد بها تخيم على المنطقة ولم يجن نظام تونس من تحالفه مع الصهيونية الدولية ما كان يحلم به من دعم مالي خيالي ، وهنا مربط الفرس بالنسبة له . فقد غلب الشح اليهودي الوعود والأحلام . وأكلت أرصدة الحسابات الصهيونية الخاصة ومجيء صهيوني متطرف إلى الحكم خيوط علاقات ظن جهلا ً أنها لن تبيد .   استقبلت تونس شالوم كوهين يوم العدوان على جنوب لبنان مساندة لبيريز حتى لا يخسر الانتخابات . واعلن في أجواء الانتخابات عن تنظيم زيارة لرئيس الحكومة الصهيوني لتونس دون أن يكذب قصر قرطاج ذلك حتى يطمئن الصهاينة إلى انفتاح أبواب العالم العربي في وجوههم . . ولكن بيريز بالرغم من ذلك سقط سقوطا ً مدويا ً . . وجاء نتنياهو وطلبت أميركا من العرب أن يعطوه فرصة ليكون رجل سلام . وتحمس نظام تونس لذلك كثيرا ً . واستقرت العلاقات التونسية الصهيونية في المستوى الذي تركها عليه بيريز ، إلا أن أولويات حاكم تل أبيب الجديد ليست السلام ولا فتح علاقات جديدة مع الدول العربية أو تغذية وتطوير العلاقات السابقة وإنما الأمن وتوسيع الاستيطان . فلم تجد تونس ما تستفيده من هذا الرجل ووجدت نفسها تنفق كل يوم من رصيدها العربي والإسلامي الأمر الذي دفع العلاقات التونسية الصهيونية إلى طور جديد . .  إنه طور البرود وعودة الضباب ليغطي سماء العلاقة بين البلدين .   لقد بدأ ذلك منذ أشهر وتدعم بتغيير طرأ على رأس الدبلوماسية التونسية ، فبعد بن يحيى ذي الميول والثقافة الأميركية جاء الزواري ليتولى وزارة الخارجية والمعروف عن الزواري ثقافته الفرنسية ، وهناك حديث عن ميولات عربية تميز الوزير الجديد .   فمنذ شهرحزيران / يونيو 1996 وقع تعليق المؤتمر التأسيسي للمنظمة السياحية المتوسطة وكان مقررا ً أن تستضيفه تونس بمشاركة صهيونية . وفي نهاية سنة 1996صرح وزير الخارجية التونسي أن العلاقات التونسية الصهيونية مجمدة أو في حكم المجمدة بسبب السياسة الاستيطانية الإسرائيلية . وفي بداية السنة الجديدة 1997 رفضت تونس استقبال الملتقى المتوسطي المنبثق عن ندوة برشلونة ، وكان ذلك بعد صراع شديد بينها وبين المغرب على استضافة هذا الملتقى ، إلا أن تونس أخيرا قررت الامتناع عن استضافته استجابة لضغوط سورية بعدم استقبال أي ملتقى أو ندوة أو مؤتمر في أي دولة عربية يشارك فيها الكيان الصهيوني . . ثم جاء قرار تونس بعدم استقبال حقوق الطفل في منطقة الشرق الأوسط لمشاركة الكيان الصهيوني فيه . وأما ما هو أخطر من ذلك وأهم منه عزل الملحق الدبلوماسي الصهيوني في تونس شالوم كوهين من قبل وزارة الخارجية التونسية حتى اضطر إلى الرحيل عن تونس هو ومرافقوه بعد طول مكوث في نزل « الهلتن » في العاصمة تونس.   عودة البرود للعلاقات التونسية الصهيونية وحدوث حركة غير عادية في علاقات تونس العربية في الأشهر الأخيرة في مقابل ذلك ، سواء على الصعيد المغاربي من خلال التحسن في علاقات تونس بالمغرب وتطور العلاقات مع ليبيا وزيارة ولد الطايع الرئيس الموريتاني إلى تونس أو في العلاقة مع مصر من خلال زيارة الرئيس مبارك إلى تونس أو زيارة الجنزوري الوزير الأول المصري وعقد اتفاقيات اقتصادية وسياسية وأمنية مع تونس اعتبرها بعض المحللين اتفاقيات استراتيجية ، يعبر عن وجهة جديدة للدبلوماسية التونسية .   هذه الوجهة قد تكون مرتبطة بمزاج وزير الخارجية الجديد وهذا مستبعد . . أو قد تكون نتيجة لضغوط عربية مكثفة في ظل انشغال الكيان الصهيوني بقضاياها الداخلية وتراجع أولوية السلام في ظل مناخات الاستيطان والاستعداد للحرب مع العرب . بيد أن هذا التراجع عن أحضان الكيان الصهيوني لم يكن خيارا ً استراتيجيا ً، بل هو  مجرد تراجع تكتيكي لا غير اقتضته الظروف . فمتانة العلاقات التونسية مع اللوبيات الصهيونية في الغرب حتى الآن ، ومواصلة النظام لسياسة الأرض المحروقة في علاقته بالمعارضة عامة والإسلامية منها خاصة والاستقواء في ذلك باللوبي اليهودي في الخارج . . أمور تشكل قليلا ً أو كثيرا ً في جدية التوجه العربي للنظام التونسي ومراجعته لسياسة الهرولة .   والنظام يراجع خيار الهرولة ، سواء كان هذا التراجع استراتيجيا ً ، وذلك مستبعد، أو كان تكتيكيا ً ، وهو الأرجح . يجب أن يكف عن سياسة تخوين المعارضة واتهامها بالمزايدة . فقد أثبتت الأيام صحة خيارها في تدعيم التوجه العربي في تونس وتثبيته كحقيقة لا تقبل الجدال . كما أثبتت خطأ سياسة النظام وتذبذبها و لا مبدئيتها . فتونس عربية ولا يجب أن تكون إلا نصيرا ً للقضايا العربية العادلة . وسياسة الهرولة والارتماء في أحضان الكيان الصهيوني خطأ لا يغتفر ولا يجب أن يتكرر تحت أي علة .   المعلوماتية طريق عودة التطبيع بين تونس و الكيان الصهيوني   مع أن العلاقات التجارية والأكاديمية تطورت في نسق سريع خلال السنوات العشر الماضية، إلا أن  التونسيين قرروا  إقفال مكتبهم في تل أبيب في أعقاب اندلاع الانتفاضة الثانية عام 2000 استجابة لقرارات القمة العربية. وعبر مسؤولون صهاينة عدة عن رغبة حكومتهم بمعاودة تنشيط العلاقات الثنائية مع تونس إلى أن  وجهت الحكومة التونسية دعوة رسمية لرئيس الوزراء الصهيوني أرييل شارون لحضور افتتاح قمة مجتمع المعلومات التي تقام في الخريف المقبل ما أثار ردود فعل قوية في أوساط مختلفة ولا سيما النقابات العمالية المحامين وأحزاب المعارضة. والأرجح أن واشنطن نصحت شارون بعدم تلبية الدعوة مخافة أن تؤدي زيارته الى تسميم الوضع الداخلي أيام قمة المعلومات فكلف وزيري الخارجية والاتصالات قيادة الوفد الصهيوني إلى القمة(5).   وتقبل العالم العربي إعلان الزيارة  الذي كشفت  عنه صحيفة « يديعوت أحرونوت » الصهيونية ، و الذي مفاده أن رئيس الوزراء الصهيوني سيلبي الدعوة الشخصية التي تلقاها من الرئيس التونسي زين العابدين بن علي للمشاركة في مؤتمر « المعلوماتية والتعاون الدولي » الذي نظمته تونس في تشرين الثاني / نوفمبر 2005، بمزيد من الذهول و الدهشة و الاستنكار..   وكانت تونس  استضافت أوساط شهر تشرين الثاني/نوفمبر مؤتمرًا يعنى بالمعلوماتية والتعاون الدولي في قضايا مختلفة بينها إدارة الإنترنت، حقوق الإنسان، الأمن، حماية المعلومات وغير ذلك. ووجهت دعوات إلى قادة من جميع أنحاء العالم للمشاركة في أعمال المؤتمر. وقرر عدم   توجيه دعوة لشارون  من قبل الرئيس التونسي في أعقاب المستجدات الأخيرة على الحلبة الشرق أوسطية من العدم . فقد كان وزير الخارجية الصهيوني يدير  في الأشهر الأخيرة اتصالات سرية مع نظيره التونسي عبد الباقي هرماسي بهدف تجديد العلاقات الدبلوماسية بين البلدين والتي انقطعت مع اندلاع انتفاضة الأقصى. واجتمع الوزيران قبل ثلاثة أشهر في لاهاي وناقشا  هذا الموضوع.و في سياق الإشارات العربية لتدفئة العلاقات العربية مع الكيان الصهيوني التي لم تعد مقتصرة على القيادة المصرية ، أجرت تونس إتصالات  في الفترة الأخيرة لدعوة  وزير الخارجية الصهيوني  سيلفان  شالوم لتونس لزيارتها . وقد أعد التونسيون  له جولة في مسقط رأسه قابس على البحر الأبيض المتوسط. و كان شالوم  قد أبدى مرارا ً رغبته في زيارة هذه المدينة. و كان شالوم يأمل من خلال الإتصالات  إعادة فتح الممثلية « الإسرائيلية « في تونس  وإستئناف العلاقات بين الدولتين.   و كانت صحيفة « هآرتس » « الاسرائيلية « (6)ذكرت ، أن الرئيس التونسي زين العابدين بن علي، أمر بتسهيل إجراءات دخول « الإسرائيليين » الراغبين بزيارة بلاده إلى الأراضي التونسية. وقالت أن هذا القرار اتخذ بناء على طلب من الحاخام الأكبر لفرنسا يوسف سيتروك ورجل الأعمال اليهودي الفرنسي بيير بيسنانو. وأشارت « هآرتس » إلى أن الرجلين زارا تونس مؤخرا ً واجتمعا إلى الرئيس بن علي. ونقلت الصحيفة عن بيسنانو قوله أن الرئيس بن علي استجاب لطلبهما وأبلغهما أنه منذ الآن لن يطلب من حملة جوازات السفر « الإسرائيلية » إيداع جوازاتهم عند دخول البلاد، كما كان معهودا ً حتى اليوم ، وإنما الدخول كباقي المواطنين الأجانب.   وأوضحت « هآرتس » أنه ليست هناك الآن علاقات دبلوماسية بين « إسرائيل » وتونس كما ليست هناك رحلات جوية مباشرة. ويمكن ل »لإسرائيليين » الراغبين في زيارة تونس طلب تأشيرات دخول من السفارات التونسية في أرجاء العالم. وقالت الصحيفة أنه بعد لقاء بن علي بكل من سيتروك وبيسنانو أصدر أوامره بترميم المقبرة اليهودية العتيقة في تونس العاصمة. وبحسب « يديعوت أحرونوت » فإنه سيسبق زيارة شارون إلى تونس حدث تاريخي آخر، إذ ستقلع في 24 مايو 2005 أول رحلة جوية من مطار « بن جوريون » الدولي في تل أبيب إلى مطار جزيرة جربة التونسية. وسوف يكون على متن الرحلة التابعة لشركة « كرتجو » التونسية حجاج يهود سيزورون الكنيس الشهير في الجزيرة وسيعودون إلى إسرائيل بعد أسبوع. ولن يحتاج المسافرون إلى تأشيرات دخول إلى تونس.   وقال جوزيف سيتروك كبير حاخامات فرنسا في كلمته في الملتقى الدولي الذي عقد بتونس بشأن حوار الأديان التوحيدية الرئيسية يومي 8و9 كانون الأول / ديسمبر 2004 ، أنه يأمل في إحلال سلام حقيقي بين الحضارات والأديان من خلال حوار فعلي لأنه السبيل الوحيد لوقف هذا الاختلال السياسي والحضاري الذي يشهدة العالم .وأضاف أن الانفتاح يبدأ بالتعرف على الآخر واحترام عقيدته وقبوله بخصوصياته الثقافية دون تعصب.و أشاد بالحكومة التونسية قائلا ً: » نعلم أن الحكومة التونسية عملت الكثير للمساهمة في إيجاد حل للخلاف الإسرائيلي- الفلسطيني »  وأضاف  « أن الوقت قد حان للخروج  بموقف علني  واتخاذ مبادرات جريئة » ونسب لمخاطبيه من التونسيين ترحيبهم بهذه الدعوة وتأكيدهم له بأن » برنامجا ً في هذا المضمار قد وضع بعد ».   لا شك أن مثل هذه المواقف للحكومة التونسية تستفز مشاعر الشعب التونسي الذي كان  ولا يزال متمسكا ً بهويته العربية الإسلامية ، و بمواقفه الوطنية و القومية المناهضة لخط التطبيع مع الكيان الصهيوني . . فزيارة شار ون التي تم إلغاؤها تفاديا لإحراج الحكومة ، تتعارض والمواقف المبدئية الثابتة لجميع التونسيين من منظمات و أحزاب  و حكومة و مختلف الهيئات الوطنية و الشعبية دون استثناء ،التي ترفض أي شكل من أشكال التطبيع ،و لم تتوان يوما ً عن دعم نضال شعبنا الفلسطيني من أجل إنهاء احتلال أراضيه و إقامة دولته الوطنية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.كما تعتبر هذه الزيارة مسا ً بمشاعر شعبنا الذي يذكر العدوان الهمجي على حمام الشط سنة 1985 و والجرائم التي ارتكبها شارون في حق شعب و عمال فلسطين من اغتيالات و قصف للمدنيين و تهديم للبيوت و اعتقال لآلاف من الفلسطينيين.   و إذا كانت الدبلوماسية التونسية نشيطة جدا ً على صعيد قبولها و تعاطيها مع سياسة التطبيع مستغلة الضعف الرسمي العربي ، و الضعف الراهن للحركة الشعبية العربية ، فإن السياسة الخارجية للحكومة التونسية كان من الأجدر بها  أن تعبر و الحال هذه عن المواقف الوطنية و القومية للشعب التونسي من القضية الفلسطينية و قضايا التحرر العربي عامة  ، لا أن تكرس سياسة  الانشقاق في « الجسم العربي » إلى شظايا غير متآخية ، أي تكريس سياسة افتراق العرب عن العرب المتناقضة كليا ً مع سياسة التضامن العربي التي كانت تراعي الحد الأدنى من صون الحق العربي.   و من الجدير بالذكر أن الميثاق الوطني التونسي الذي التزم به الحكم إزاء الشعب نص على أن السياسة الخارجية لتونس يجب أن تكون محل وفاق وطني وأن تعبر عن هوية الشعب ومصالحه . بيد أن هذه الدعوة تعد دوسا ً جديدا ً لهذا الميثاق وخروجا ً عن الوفاق الوطني الذي قام في المجتمع التونسي منذ إنشاء دولة « إسرائيل » والمتمثل في نصرة كفاح الشعب الفلسطيني العادل من أجل التحرر والانعتاق ورفض كل علاقة مع الكيان الصهيوني .   كما أن الحكم التونسي قد أقدم  بهذه الدعوة الانفرادية على قطع  كل القواسم المشتركة التي كانت تربطه بالمجتمع في ميدان حساس كميدان العلاقة بالكيان الصهيوني، وأنه تنكر بهذه الخطوة لتضحيات الشهداء من أجل استقلال تونس وتمسكها بانتمائها العربي والاسلامي. فالحكم  فضل بهذه الدعوة  الاستنجاد باللوبيات الصهيونية بوصفها قلب  رضا الإمبراطور الأمريكي  امتصاص الضغط  الداخلي والخارجي المتزايد من أجل الإصلاح عن الانفتاح على قوى المعارضة في الداخل، و شراء بقائه في السلطة مقابل التنازل عن القضايا الوطنية و القومية .   الكيان الصهيوني يستغل قمة المعلوماتية لتعزيز علاقاته مع الأنظمة العربية   شكلت  زيارة شالوم إلى تونس الذي كان مرفوقا ً بوالدته التي تلقت دعوة خاصة من الحكومة التونسية، نقلة نوعية في مسار التطبيع يُرجح أن تؤدي الى توسعة العلاقات في مجالات مختلفة طبقا ً لما أكده رئيس الطائفة اليهودية عضو مجلس المستشارين التونسي روجي بيسموث، إلا أن شالوم أعلن سلفا ً أن التونسيين اعتذروا عن عدم استئناف العلاقات الديبلوماسية في الأمد المنظور بسبب المعارضة الشديدة التي تلقاها خطوات التطبيع لدى الرأي العام.   فمع تونس، تكثفت المبادلات التجارية وتطور تبادل الزيارات بين رجال الأعمال، وتوسع التعاون الأمني، ولا سيما لتبادل الخبرات في مجال مكافحة الإرهاب، وبات شبه مألوف تنظيم مؤتمرات دولية في منتجعات سياحية مقفلة بمشاركة وفود صهيونية ، وآخرها مشاركة وفد صهيوني في المؤتمر الدولي للكشافة في منتجع الحمامات، والمشاركة المرتقبة لوفد صهيوني آخر في مؤتمر نوادي « الليونز »، الذي تستضيفه تونس أواخر الشهر الجاري.   غير أن مقياس توسع العلاقات التونسية – الصهيونية هو من دون شك طقس « الزيارة » السنوية لكنيس « الغريبة » في جزيرة جربة، الذي يعتبر أقدم معلم يهودي خارج فلسطين.. والحال هذه ، قام الوزيران سلفان شالوم وداليا ايتسيك في زيارة لتونس ، عشية انعقاد القمة  العالمية حول مجتمع المعلومات .و كتب  يوآف شتيرن- في صحيفة (هآرتس) الصهيونية الصادرة يوم 16/11/2005، ما يلي :قافلة السيارات الفارهة التي تحمل الوفد « الاسرائيلي » لتونس شوشت الهدوء السائد في جزيرة جربة الوادعة. القافلة شقت طريقها من المطار عبر الطريق الذي يجتاز أرضا ً رملية وعلى جانبها صفوف من أشجار النخيل، مباشرة نحو قلب الحي اليهودي في الجزيرة، حيث كان المئات من أبناء الجالية اليهودية العريقة بالانتظار.   بعد أن وصلوا إلي جربة وجدوا اكتشافا ً محليا ً: أحد أبناء الجالية من أقارب المستشار القضائي للحكومة، ميني مزوز، واسمه حاي مزوز (40 عاما ً)، سمع بمكانة قريبه الرفيعة في البلاد، إلا أن ذلك لم يقنعه بالهجرة إلى « اسرائيل » حسب قوله. أنا أفضَل مواصلة عملي هنا ، وإذا هاجرت إلى « اسرائيل » فسأضطر للتخلي عنه .   الناس في جربة يدَعون أنهم الجالية اليهودية الأقدم في العالم خارج أرض « اسرائيل »، وتعدادها اليوم 1000 نسمة. وزير الخارجية سلفان شالوم دخل إلى الكنيس المحلي مصحوبا ً بأنشودة المزامير مديح القدس . كهول الجالية قدموا مع طرابيشهم الحمراء وسراويلهم الطويلة الواسعة التي كانت لها أيام زاهرة في الماضي. المصلون أمسكوا بأكياس تحمل كتب التوراة.   الجالية اليهودية في جربة مقسمة إلى مجموعتين كما يحدث في كل مكان في العالم: الحي الكبير حيث تقطن الأغلبية، و الحي الصغير حيث يوجد الكنيس القديم الذي أقيم حسب التقاليد المتعارف عليها فور تدمير الهيكل الأول. المعتقدات تقول أن في هذا الكنيس حجراً من الهيكل المقدس. الحاخام الأكبر ليهود تونس، حاييم بيتان، من سكان جربة حصل بالأمس على بوق مفتخر كهدية من سلفان شالوم وقام على الفور بالعزف فيه.   عملية التحضير للزيارة استمرت أياما طويلة، الاجراءات كانت مشددة بما فيها حظر دخول المسلمين إلي الحي اليهودي حتى وإن كانوا من سكان المكان. قوات الأمن التونسية لم ترغب بالمخاطرة متذكرة العملية التي تمت في جربة من قبل تنظيم القاعدة حيث تضررت السياحة في تونس لمدة طويلة، والطريق المجاور للكنيس أُغلق منذئذ وهناك حراسة دائمة حوله.   جالية تونس هي آخر جالية يهودية في العالم العربي تعيش كجالية فعالة ومتنامية.والناس هناك لا يهاجرون إلى « اسرائيل » لأنهم يربحون بصورة جيدة وأفضل مما سيكون فيما لو هاجروا.وتحتفل الجالية بالأعياد اليهودية وتأكل الطعام الحلال، وجهاز التربية اليهودي تقليدي ومن خلال الصفوف التعليمية الخاصة بالجالية، ولكن التعليم يبقي محدودا ً ودينيا ً، أما من يرغب بالتعليم الأكاديمي العلمي فعليه أن يدرس في مدارس المسلمين العامة.   وبعدما تراجع عدد « الزوار » الصهاينة إلى بضع عشرات في مطلع العقد الحالي بسبب المخاوف الأمنية التي رافقت الانتفاضة الثانية، والانفجار الذي تعرض له كنيس جربة يوم 11 نيسان / أبريل 2003، والحرب التي شنها التحالف على العراق، لوحظ أن أعداد السياح قفزت إلى أكثر من أربعة آلاف في الســـــــــنتين الأخيرتين، من ضمنها قسم كبير أتى مباشرة من الكيان الصهيوني . وفي صيف عام 2005، حلت أعداد كبيرة من السَياح الصهاينة في جنوب تونس لتمضية الإجازات في جربة، وأقيمت لهم جولات سياحية في مناطق عدة وسط رقابة أمنية مشددة.   وعبّـر مسؤولون صهاينة عن رغبة حكومتهم بمعاودة تنشيط العلاقات السياسية مع تونس، ولعب « اللوبي » التونسي القوي في وزارة الخارجية « الإسرائيلية » دورا ً بارزا ً في تسريع خطى التطبيع، وفي المقدمة الوزير شالوم نفسه والسفير الصهيوني في باريس نسيم زفيلي، الذي زار تونس في أواخر التسعينيات لما كان أمينا ً عاما ً لحزب العمل في ظل رئاسة بيريز، وكذلك السفير الإسرائيلي الحالي في القاهرة شالوم كوهين المولود في مدينة نابل، والذي عمل رئيسا ً للمكتب الإسرائيلي في تونس منذ فتحه إلى إقفاله (المؤقت).   وكان لافتا ً أن شالوم وقف أمام عدسات المصورين مستهلا ً مؤتمرا ً صحفيا ً عقده في شهرايلول / سبتمبر 2005 في مقر الأمم المتحدة بعد الاجتماع مع نظيره التونسي عبد الوهاب عبد الله، متباهيا ً بكونهما ينحدران من بلد واحد. وكان شالوم المولود في مدينة قابس التونسية يرتبط أيضا ً بعلاقات صداقة متينة مع الوزير السابق حبيب بن يحيى، المنحدر من بلدة المطوية التي لا تبعد عن قابس سوى عشرة كيلومترات. أما زفيلي، فأقام نشاطات مشتركة في باريس مع نظيره التونسي، من أهمها ندوات للاحتفال بشخصيات ثقافية يهودية تونسية.   و  انتهزت الحكومة الصهيونية فرصة انعقاد القمة العالمية حول مجتمع المعلومات لتدفع بتونس نحو تطبيع العلاقات مع الدولة العبرية على خلفية الانسحاب الصهيوني من قطاع غزة في أيلول (سبتمبر) الماضي.وقد أعرب وزير الخارجية الصهيوني سيلفان شالوم عن أمله الكبير في أن تساهم زيارته الحالية لتونس للمشاركة في القمة العالمية حول مجتمع المعلومات في تحسين علاقات بلاده مع بقية الدول العربية.   ويمكن القول أن الخشية من رد فعل الرأي العام الذي يعارض بشدة أي تطبيع مع الكيان الصهيوني ، يشكل أهم عقبة أمام تطوير علاقات كاملة على الطريقة الموريتانية، خصوصا ً منذ أن وجدت تونس نفسها في خط المواجهة بعد انتقال مقرات القيادة الفلسطينية إليها من بيروت اعتبارا ً من سنة 1982، ولم يتوان الصهاينة عن شن غارة على تلك المقرات في ضاحية حمام الشط مطلع شهر تشرين الأول / أكتوبر 1985 قادها رئيس الأركان الجنرال ايهود باراك شخصيا ً من الجو، مما أسفر عن استشهاد عشرات التونسيين والفلسطينيين. وأصدر مجلس الأمن للمرة الأولى في تاريخه قرارا ً بإدانة الغارة الإسرائيلية، وطلب دفع تعويضات لتونس، لكن القرار لم يُنفذ حتى اليوم.   وكذلك، تلعب الطائفة اليهودية في تونس، وفي مقدمتها رئيسها رجل الأعمال روجي بيسموث، الذي عُين أخيرا ً عضوا ً في مجلس المستشارين (الغرفة الثانية للبرلمان)، دورا ً مهماً في دفع مسار التطبيع الثنائي واستئناف التبادل الدبلوماسي، إلا أن شالوم أعلن سلفا ً أن التونسيين اعتذروا عن معاودة العلاقات الدبلوماسية في الأمد المنظور بسبب المعارضة الشديدة التي تلقاها خطوات التطبيع لدى الرأي العام.   4-موريتانيا و التطبيع مع الكيان الصهيوني   أقامت موريتانيا علاقات دبلوماسية كاملة مع الكيان الصهيوني في عام 1999.وشكلت زيارة وزير خارجية موريتانيا ولد عبدي إلى الكيان الصهيوني منذ بدء الانتفاضة الفلسطينية الباسلة  أول استجابة عربية للحرب العدوانية التي يخوضها شارون ضد الشعب الفلسطيني، وأول خرق عربي لقرار وقف الاتصالات السياسية مع تل أبيب الذي اتخذته لجنة المتابعة العربية في اجتماع عملها في القاهرة. كما أن تلك الزيارة تعكس في حد ذاتها عمق التغلغل الصهيوني في قلب موريتانيا، وتكشف عن خطأ الحكم في موريتانيا الذي بلغ استفزازه  لمشاعر الأمة العربية ذروة التحدي، لكنه لم يكن إلا كذلك دائماً .   وقد صدرت انتقادات شديدة لتلك  الزيارة من قبل معارضين في نواكشوط، فوصفها الناشط الإسلامي محمد جميل ولد منصور بأنه  » تشريع للأعمال الهمجية وأعمال الإبادة التي يتعرض لها الفلسطينيون ».  كما أثارت زيارة ولد عبدي ردود فعل سلبية في صفوف المعارضين خصوصاً  » اللجان الشعبية  » مثل  » اللجنة الموريتانية ضد التسلل الصهيوني في موريتانيا  » و » اللجنة الشعبية المعارضة لتطبيع العلاقات بإسرائيل « ، واعتبرت « اللجان » أن زيارة الوزير الموريتاني تشكل  » خيانة للقضية العربية المسلمة » وقرارات القمم والمنظمات العربية .   ورغم أن عدة أوساط عربية انتقدت زيارة وزير خارجية موريتانيا  » لإسرائيل « ، باعتبارها حسب مصدر مسؤول في الجامعة العربية  » جاءت في توقيت غير مناسب على الإطلاق وغير مرغوب فيها عربياً « ، إلا أن الذين سكتوا عن خطأ الحكم في موريتانيا في بداياته يصعب عليهم أن يعترضوا على تفاقمه الآن.   فبالرغم من نأيها جغرافياً، وابتعادها سياسياً، وصمتها إعلامياً، وتجاهلها قومياً، إلا أن موريتانيا أرادت ان تتهافت مع المتهافتين على مائدة العدو فتثبت جدارتها، لا في انضمامها الفعال إلى الأمة العربية ولا وقوفها الصلب – ولو إعلامياً – مع الشعب الفلسطيني الذي يتعرض للمذابح والتشريد والاقتلاع ومحو الهوية والتآمر على قضيته بهدف تصفيتها كلياً، ولا في تطوير صناعتها أو تحسين زراعتها أو تنمية خدماتها، أو انتهاج سياستها على آفاق الحرية، الخ، ليس في كل ذلك، بل في تهافتها على التطبيع مع الكيان الصهيوني حصراً.   وباركت الحكومة الموريتانية إتفاق أوسلو ، مثلها في ذلك مثل باقي الدولة المغاربية الأخرى، التي أصبحت تروج لفكرة مفادها أن خط التطبيع مع العدو الصهيوني هو الخط السالك الوحيد بالنسبة للعرب. وجاءت الاتصالات الموريتانية – الصهيونية ضمن هذا السياق السياسي حيث جرى أول اتصال رسمي بين وزير الخارجية الموريتاني السابق محمد سالم ولد لكحل ونظيره الصهيوني آنذاك شمعون بيريز في 18 حزيران 1995 في مدريد، برعاية وزير الخارجية الإسباني السابق خافيير سولانا.  كما التقى الوزير الموريتاني نفسه مع نائب وزير الخارجية الصهيوني السابق موسى بيلين في عمان، في الاتصال الثاني من نوعه بعد ثلاثة أسابيع من لقاء مدريد، وشارك وزير الخارجية الأردني السابق عبد الكريم الكباريتي في اللقاء الذي تم بناء على طلب الوزير الموريتاني السابق  ولد لكحل .   زيارة شالوم إلى موريتانيا   أولت وسائل الإعلام الموريتانية والعالمية أهمية كبيرة لموضوع زيارة وزير الخارجية الصهيوني سيلفان شالوم إلى موريتانيا، إذ استقبل بالتظاهرات المنددة بدولة » إسرائيل » والداعية إلى قطع العلاقات الدبلوماسية معها، حيث استخدمت الشرطة الغاز المسيل للدموع لتفريق مئات من الطلبة الذين تظاهروا في جامعة نواكشوط واعتصم مئة شخص أمام السفارة الفلسطينية، بينما كان وزير خارجية موريتانيا محمد فال ولد بلال يستقبل سيلفان شالوم في المطار. وقد تمت الزيارة  تحت دخان المواجهات بين الطلاب والشرطة العميق. ونظمت القوى المعارضة للتطبيع أمام السفارة الفلسطينية شارك فيه عدد من زعماء أحزاب المعارضة منهم أحمد ولد داداه الامين العام لتكتل القوى الديمقراطية، أبرز أحزاب المعارضة وعدد من الاسلاميين. واعتبرت المعارضة الموريتانية أن زيارة شالوم لنواكشوط حققت نتيجة ايجابية واحدة هي أنها أيقظت الشارع الموريتاني من سباته وجعلته يتململ محتجا ً على ما تسميه تدنيس أرض موريتانيا الطاهرة . يقول أحد أقطاب المعارضة رب ضارة نافعة.. فشالوم حرك الخنجر في الجراح وأيقظ شعبا ً عشعش اليأس في شغاف روحه .   واعتبر شالوم أن موريتانيا قد تشكل « جسراً » بين « إسرائيل » والعالم العربي. وقال « إن لموريتانيا دوراً رئيساً تلعبه في الشرق الأوسط ونعتمد على علاقاتها لتحسين الأمور بيننا وبين العرب »، وأضاف « لا مشاكل لدينا مع الدول العربية في الخليج وشمال أفريقيا ولا نرى لماذا لا نبدأ علاقات مع هذه الدول ».وأضاف شالوم:  إن زيارته لموريتانيا، الأولى التي يقوم بها والثانية على مستوى وزراء الخارجية الإسرائيليين، »مهمة لبلد رفض أن يقطع علاقاته مع « إسرائيل « في بداية الانتفاضة (أيلول/ سبتمبر 2000) على عكس مصر والأردن والمغرب وقطر وتونس فجميع هذه الدول استعدت ممثليها حينها ».   ومنذ انطلاق قطار التطبيع بين موريتانيا و »إسرائيل »مع بداية سنة 1994 وحتى اليوم. يتساءل المحللون :أين وصل التنسيق الأمني والسياسي والاقتصادي بين نواكشوط وتل ابيب؟ وهل أن السفارة الصهيونية في نواكشوط التي لا يزورها زائر، دخلت هي بأساليبها إلى البيوت الموريتانية؟ والأخطر: هل أصبحت موريتانيا نقطة انطلاق للمشروع الصهيوني في غرب إفريقيا؟   إن ازدياد حدة توتر العلاقة بين الشعب الموريتاني ونظامه هو الذي جعله يخلق الذرائع للبحث عما يجنبه الضغوط الدولية. و قد بات من المتعارف عليه أن  النظام يتذرع بهذا التطبيع لتخفيف حدة الضغوط الدولية  التي يواجهها في مجال حقوق الإنسان والتي نجم عنها التوتر بينه وبين المنظومة الدولية بشكل عام والتي تحمل لواءها الولايات المتحدة إلى حد بعيد. فبدلا أن يطبع النظام الموريتاني علاقاته مع الكيان الصهيوني ، كان من الأجدر به أن يقوم بمصالحة وطنية مع شعبه، و يخفف من حدة وطأته وضغطه على المواطنين ،و يخفف من إحكام  قبضته، ومن تكميم الأفواه، ومصادرته الآراء، وتجريد المواطنين من حقوقهم التي تكفل بها الدستور، كحق التجمع وحق التظاهر وحق التعبير.   وكان رجال الأعمال الموريتانيين من أهم الأطراف التي دفعت ولد الطايع لربط العلاقات مع الكيان الصهيوني وللتطبيع بهذا الشكل الذي يرفضه الشعب الموريتاني بكل أطيافه العربية والإفريقية. وقد تجلت أولى مظاهر هذه العلاقات في المشاريع الزراعية ،إذ وصل مستشارون وخبراء صهاينة للعمل في المشاريع الزراعية التي أقامها رجال أعمال في ضواحي روصو (عاصمة الجنوب الموريتاني).. وطبعا كان هؤلاء الخبراء والمستشارون ينامون في السنغال بعد مداومتهم في الضفة الموريتانية لأنهم يخافون من الشعب الموريتاني الذي يمقتهم.   إن مسألة التبادل بين موريتانيا و »إسرائيل » هي بالتأكيد على أشدها دون أن يعلم عنها الشعب الموريتاني شيئا ً‘ بحكم طبيعة أجهزة الأمن الاستخبارية التي تعمل خارج القانون والدستور. وتكلف زيارات الصهاينة لموريتانيا الميزانية الموريتانية أكثر مما تكلفه زيارات رؤساء الدول، لما يبذل فيها من تدابير وتحضيرات ترهق ميزانية الدولة لاستقبال المستشارين الصهاينة، وعلى كل حال فهي زيارات تعكس عمق التبادل والتواصل.   وعلى المستوى الإفريقي شهدت علاقة النظام مع بلدان القارة الإفريقية نوعا ً من الفتور والتذبذب، فقد تقلص الدور الموريتاني في إفريقيا ومنظمتها الإقليمية .وفي هذه العزلة التامة بدأ النظام يفكر في مخرج من أزماته القاتلة، (ملفات ساخنة في مجال حقوق الإنسان، مساعدات اقتصادية مشلولة، ضغط من البنك الدولي، فساد إداري وسياسي، حالة اجتماعية مزرية).. أما دواعي النظام لقرار التطبيع، فدوافعها مرتبطة  بملفات حقوق الإنسان والوضع الاقتصادي، وسياسة الاستسلام العربية التي شجعته على إقدامه على التطبيع، إذ لم يعد هناك من ضمير جمعي عربي حيال الموقف من الكيان الصهيوني،ولم تعد توجد زعامات عربية قوية تفرض رأيها، فتولد نوعا ً  من الإحساس والاعتزاز الزائد بالذات عند بعض الدول الهامشية أو بعض الدول الصغيرة بمفهوم المعطيات والإمكانات كما الحال بالنسبة لموريتانيا في المغرب العربي وغيرها.   ولعل بعض أهداف النظام تم تحقيقه حين امتدت اليد الأمريكية لتشطب اسم موريتانيا  مؤقتا ً – من قائمة الظنينة بملف حقوق الإنسان، وتلغي بعض الديون المستحقة،  وتثني على نموذجها الديمقراطي، والسلمي.. إلخ.   من النادر جدا ً أن يكون الموريتانيون مجمعين على موقف ما في  شؤون حياتهم السياسية الداخلية، كما هم عليه الآن  في حالة العلاقات الدبلوماسية المقامة مع الكيان الصهيوني..فتلك العلاقات تشكل قطيعة نفسية فظيعة في مخيلة الموريتاني مهما كانت أصوله العرقية أو مشاربه الثقافية. فالعداء الفطري للكيان الصهيوني يشكل إحدى السمات المميزة للموريتاني بغض النظر عن موقفه الشخصي من النظام السياسي الحاكم أو غيره، فتأثير الواقع اليومي للقضية الفلسطينية وتطورات الساحة الدبلوماسية في الشرق الأوسط خصوصا ً على الموريتاني أمر مباشر يملي عليه مواقف تزيده تشبثا ًبالمساندة الطبيعية والتعاطف التلقائي مع الأشقاء. فالمهادنة مع الكيان الصهيوني في نظره خيانة والتحالف مع أمريكا تقاعس أو استقالة من واجب المساندة الفعلية للقضية الفلسطينية التي تغذي رموزها، مسميات الأحياء والقرى الموريتانية.   إن موريتانيا يمكن أن تصبح بسهولة نقطة انطلاقة الأخطبوط الصهيوني في إفريقيا فهي من خلال أرضها الشاسعة ومن خلال اندفاع وانغماس نظامها وضعفه، ومن خلال وجود لوبي حاكم ،يمكن أن تكون نقطة ومددا ً للصهاينة بدلا ً من أن تكون انطلاقة ومددا ً للثقافة العربية الإسلامية. فأصبحت موريتانيا تلعب دورا ً معاكسا ً وخطيرا ً يضر ببعض الدول المجاورة أو البعيدة على حد السواء، وهذا الدور هو تنمية خطر صهيوني خارج إطار المراقبة.   5-الجزائر و التطبيع مع الكيان الصهيوني   شكلت المصافحة التاريخية بين الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة و رئيس الوزراء الصهيوني إيهود باراك على هامش جنازة الملك الراحل الحسن الثاني في تموز/يوليو 1999، إنطلاقة قوية لمسار التطبيع بين الجزائر و « إسرائيل ». ففي  ربيع عام 2002 تأسست » جمعية جزائرية للصداقة مع إسرائيل » ، و أعرب السيد محمد برطالي رئيس « الجمعية الوطنية للصداقة الجزائرية – الإسرائيلية » عن الأمل أن توافق الحكومة على طلب الاعتماد الذي أرسل إلى وزارة الداخلية.و أضاف : »إننا نعتقد بأن للرئيس بوتفليقة مواقف إيجابية من إسرائيل. و لمسنا هذا في تثمينه للدور الثقافي الذي لعبه اليهو د في قسنطينة و استقباله لوفود يهودية خلال زيارته لكل من أوروبا و أمريكا و دعوته للفنان( المغني  الفرنسي اليهودي الحزائري الأصل) « أنريكو ماسياس »إلى زيارة الجزائر.   و يعتقد مراقبون أن ظهور أشخاص يدعون إلى إقامة علاقات صادقة مع الكيان الصهيوني  قد يكون محاولة « إسرائيلية » جديدة لاختراق المشهد السياسي الجزائري، علما ً أن عددا ً من كبار المسؤولين في الدولة الجزائرية سبق لهم أن زاروا الكيان الصهيوني، كوزيرة الإتصال و الثقافة خليدة تومي في 1995 و 1996، وو فد الإعلاميين في عام 2000.   و في هذا السياق ذاته  شكل حضور الجزائر  في الندوة الأولى  لرؤساء أركان الدفاع بلدان حلف شمال الأطلسي و رؤساء أركان  بلدان الحوار المتوسطي التي انعقدت في شهرتشرين الثاني/ نوفمبر 2004 في بروكسيل في بلجيكا بمشاركة ست دول عربية هي  إلى جانب الجزائر  كل من مصر و الأردن و المغرب و تونس و موريتانيا, فضلا عن الكيان الصهيوني، خروجا عن تعهد الرئيس عبد العزيز بوتفليقة في حملته الرئاسية بعدم التطبيع مع الكيان الصهيوني.و الندوة التي  حضرها رئيس أركان الجيش أحمد قايد صالح ، هي الثانية التي تشارك فيها الجزائر على  الرغم من الوجود الصهيوني، حيث كان رئيس الأركان السابق محمد العماري شارك في لقاء مماثل ضم « إسرائيل « أيضا ً.   وفي أعقاب انتهاء الحرب الباردة بدأ حلف الأطلسي السعي لتعزيز وجوده في الشرق الأوسط لكن هذه المساعي لم تلق نجاحا ً يذكر لاسيما أن كثيرين في العالم العربي يرون الحلف منظمة تهيمن عليها الولايات المتحدة وتريد التدخل في شؤونهم.وكانت المحادثات على العشاء جزءا ً من حملة جديدة للحلف المكون من 26 دولة للتغلب على هذه الشكوك وتزامن مع تحركات أوسع تقودها واشنطن لتعزيز الاصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية في الشرق الأوسط وافريقيا.   وقال الأمين العام لحلف شمال الاطلسي ياب دي هوب شيفر للصحفيين بعد المأدبة التي استمرت ساعتين في وسط بروكسل « هذا طريق له حارتان. انه ليس فرض موقف على الآخرين. »واضاف قوله « انه عن السبل السياسية للعمل معا وتبادل معلومات الاستخبارات والأهم هو بناء الثقة … ولا شك اننا يجب ان نعمل لتحسين صورة حلف الاطلسي في المنطقة. » ولم يتفق على صفقات معينة لكن دي هوب شيفر قال ان السبعة سيكون لهم الحرية للمساعدة في البعثات القائمة لحلف الاطلسي مثل عملية مكافحة الإرهاب التي تراقب السفن في شرق البحر المتوسط.   وتمخض عن تلك الندوة اعتزام قوات أربعة بلدان مغاربية إجراء مناورات في   مطلع العام الحالي مع قوات من الحلف الأطلسي وقوات « اسرائيلية » والتي تردّد أنها كانت السبب الرئيس وراء غضب القذافي وتنازله عن رئاسة الاتحاد المغاربي . وهذا الأمر ليس جديداً تماما.ً فالبلدان المعنية وهي الجزائر وتونس والمغرب وموريتانيا تقوم بمناورات عسكرية دورية مع جيوش بلدان أعضاء في الحلف منذ زمن بعيد. لكن الجديد هو أن تتم هذه المناورات تحت خيمة « الأطلسي » تنفيذاً للشراكة التي بنيت في قمة اسطنبول الأخيرة وأتت تتويجاً لما سمي بـ « الحوار المتوسطي » الذي انطلق قبل عشر سنوات وشمل، إلى جانب البلدان المغاربية، كلاً من « اسرائيل » ومصر والأردن.   لكن الجديد في المناورات المغاربية – الأطلسية المقبلة هو إدخال « اسرائيل » على خط « الشراكة » بوصفها أحد أركان « الحوار المتوسطي » مع الحلف منذ انطلاقه، وكانت مشاركتها في اجتماعي وزراء الخارجية ورؤساء الأركان الأخيرين إلى جانب ممثلي البلدان المغاربية ظاهرة أمام عدسات المصورين بل كادت تعتبر أمراً مألوفاً. إلا أن ذلك الانعطاف يشكل بلا ريب نقلة في العلاقات المغاربية – « الإسرائيلية » التي لم تصل بعد إلى مستوى إجراء مناورات مشتركة على رغم كل أنواع التطبيع التي كرست على الصعد السياسية والاقتصادية والرياضية والثقافية. وتبدو البلدان المغاربية كما لو أنها تتنافس على التقارب مع الدولة العبرية للتقرّب من واشنطن ونيل حظوة لديها مع أننا بعيدون جداً عن التسوية العادلة والشاملة للملف الفلسطيني التي كانت تقدّم على أنها شرط مسبق للتطبيع.   إن  الهاجس الأول من وراء هذه « الشراكة » أمني بالدرجة الأولى ، أي يصب في خدمة الأمن الأمريكي بالتلازم مع الأمن الصهيوني. فالشراكة التي تريدها الولايات المتحدة الأمريكية  وكذلك الإتحاد الأوروبي مع البلدان المغاربية، سواء تعلق الأمر بالمشاريع الأمريكية التي كان آخرها « الشرق الأوسط الكبير » أو لدى الاتحاد الأوروبي أيضاً الذي أحلّ « سياسة الجوار  » محل مسار برشلونة الأورومتوسطي منذ قمته السنوية العام الماضي في بروكسيل، تحتوي على    كلمة سرواحدة  هي الأمن: أي مكافحة الإرهاب  والهجرة غير المشروعة في علاقات الأميركيين والأوروبيين على السواء مع الضفة الجنوبية للمتوسط .   6-ليبيا والتطبيع مع الكيان الصهيوني   يرتدي التطبيع بين ليبيا و الكيان الصهيوني  شكلا ً مختلفا ً عن البلدان المغاربية الأخرى. فهو، وإن كان وقودا ً للتقارب مع واشنطن، إلا أن العقيد معمر القذافي يتعاطى معه بحذر شديد مخافة أن يقضي على شعبيته في أوساط عودها على الخطابات القومية الملتهبة.   على الرغم أن ليبيا اعترضت رسمياً على المناورات المشتركة مع الصهاينة، إلا أن المؤشرات تشير  إلى حدوث تقارب بين ليبيا و الكيان الصهيوني ، بعد تعهد الزعيم الليبي  معمر القذافي  في نهاية العام 2003، التخلي  عن الأسلحة غير التقليدية في خطوة رحبت بها الولايات المتحدة الأمريكية. و كان وفد من اليهود الإيطاليين من أصل ليبي  زار طرابلس في تشرين الأول/أكتوبر الماضي ، و التقى مسؤولين ليبيين. و كانت صحيفة « معاريف » (7)ذكرت، أن الرئيس الليبي استقبل مجموعة من اليهود الإيطاليين. و في السياق عينه ، قال نجل الرئيس الليبي سيف الإسلام، إن طرابلس  » ماضية في التغيير  والإصلاح و لا رجعة إلى الوراء من أجل الاندماج في المجتمع الدولي » مؤكدا ً أن « ليبيا اليوم ليست ليبيا الأمس ». وكان سيف الإسلام معمر القذافي وعد « الإسرائيليين » الذين هاجروا من ليبيا بمنحهم تعويضات على العقارات والأموال التي تركوها في ليبيا.   ومنذ تجسيد السياسة الخارجية الليبية  القطيعة مع ماضيها الثوري الملتزم بقضايا الأمة العربية ، و قضايا التحرر الوطني في العالم الثالث ، تسارعت و تيرة التطبيع بينها و بين  الكيان الصهيوني سريعا ً. ومن المؤشرات على هذه السياسة الجديدة : بعد زيارة وفد اليهود من أصول ليبية ، سربت أوساط إعلامية حصول لقاء في وقت سابق من هذا العام بين العقيد القذافي ورافايلو فلاح رئيس « جمعية يهود ليبيا »، وبداية الاتصال بين وزير خارجية « اسرائيل » سيلفان شالوم و »مسؤولين ليبيين »، وتصريح سيف الاسلام القذافي إلى جريدة « الأهرام » المصرية حول « عودة اليهود الليبيين المرحّب بهم في بلدهم »، ودعوة نائب رئيس الكنيست موشي كحلون من حزب الليكود للقيام بزيارة طرابلس يرافقه وفد من اليهود الليبيين، بعد اللقاء العام الذي يعقده يهود ليبيا في روما قبل نهاية العام المنصرم ، ولو أن نائب أمين الخارجية الليبي حسونة الشاوش أوضح أن كحلون « إذا وجهت الدعوة إليه فإن ذلك قد يكون باعتباره من أصل ليبي أو من ممثلي اليهود الليبيين، وليس بصفته الرسمية »… هذه كلها مؤشرات توحي بأن طرابلس عاقدة العزم على المضي قدما ً في ركبها قطار التطبيع كي لا يفوتها.. ومن المعروف أن رافايلو فلاح هو الذي استقبل « الحجاج » الليبيين الذين زاروا القدس قبل سنوات. ويبلغ عدد اليهود الليبيين نحو 140 ألفاً، بينهم 130 ألفاً في الكيان الصهيوني ، والباقي موزّع على دول أوروبية، وفي إيطاليا بشكل خاص. وكان نحو 38 ألفاً من بينهم قد غادروا البلاد بعد حرب 1967.   ويتولى الموقع الخاص بيهود ليبيا على الانترنت نشر التقارير حول أهمية تنظيم الليبيين اليهود في الكيان الصهيوني تحت سقف واحد في طلب التعويضات. وخصص الموقع مساحة واسعة للشرح عن وضع اليهود في ليبيا ومن ثم السماح لهم في الوصول الى الكيان الصهيوني وذلك في قرار صدر في 19 كانون الثاني (يناير) 1949. وكما يذكر الموقع فإن اليهود باعوا ممتلكاتهم قبل الوصول الى الكيان الصهيوني في أول دفعة في نيسان (ابريل) 1949 وخلال ثلاث سنوات وصل الى الكيان 32 ألف يهودي ثم توالت الهجرة الى « اسرائيل « بمعدل 600 يهودي كل شهر. وقد حرص الكثيرون، بحسب ما نشر الموقع، على بيع ممتلكاتهم. ويخصص الموقع زوايا نشرت فيها مقالات عن طبيعة العلاقة التي كانت سائدة بين مسلمي ليبيا واليهود. وبحسب أحد كتاب الموقع، فإن اليهود كانوا يسيطرون على الاقتصاد في ليبيا. وأشار كاتب آخر الى ان « العرب فرحوا جداً لهجرة اليهود لأن ذلك أتاح للكثيرين السيطرة على الاقتصاد ».   وصدر قانون ليبي بتاريخ 27 تموز 1970 يقضي بتعويض ليبيين من يهود وغيرهم صودرت أملاكهم. أما في ما يتعلق بالعلاقات مع « اسرائيل »، فقد سرَّبت أوساط إعلامية أن اللقاء الذي تم في وقت سابق من هذا العام بين العقيد القذافي ورافايلو فلاح رئيس « جمعية يهود ليبيا »، وبداية الاتصال بين وزير خارجية اسرائيل سيلفان شالوم و »مسؤولين ليبيين »، وتصريح سيف الاسلام القذافي إلى جريدة « الأهرام » المصرية حول « عودة اليهود الليبيين المرحّب بهم في بلدهم »، ودعوة نائب رئيس الكنيست موشي كحلون من حزب الليكود للقيام بزيارة طرابلس يرافقه وفد من اليهود الليبيين، بعد اللقاء العام الذي يعقده يهود ليبيا في روما قبل نهاية العام الجاري، ولو أن نائب أمين الخارجية الليبي حسونة الشاوش أوضح أن كحلون « إذا وجهت الدعوة إليه فإن ذلك قد يكون باعتباره من أصل ليبي أو من ممثلي اليهود الليبيين، وليس بصفته الرسمية »…   ويلعب رئيس المنظمة العالمية لليهود الليبيين رامي كحلون دورا ً مهما ً في إنضاج التطبيع، وكشفت صحيفة « جيروزاليم بوست » في عددها الصادر يوم 3 آذار/مارس 2005 أنه حاول الحصول على دعوة من السلطات الليبية لزيارة ليبيا بدعوى الاطلاع على بيت أهله ومناقشة مسألة « تعويض اليهود عن ممتلكاتهم ».لكن السلطات فضلت إرجاء الزيارة، ربما خوفا من ردود الفعل في الداخل، خصوصا ًأن ليبيا تطالب « إسرائيل » منذ سنوات بدفع تعويضات لأسر ضحايا الطائرة المدنية التابعة للخطوط الليبية التي أسقطها سلاح الجو الصهيوني فوق صحراء سيناء عام 1973.   وعلى رغم ان التصريحات التي أطلقها القذافي حول التعويضات لليهود الذين طردوا من بيوتهم في ليبيا، ما زالت مجرد تصريحات ويرى بعضهم انها ليست أكثر من ترويج إعلامي، فإن الليبيين في الكيان الصهيوني يتناولون الموضوع بمنتهى الجدية ويكثفون هذه الأيام من نشاطهم لضمان طرح قضيتهم في شكل قانوني. ولدى مجموعة كبيرة من اليهود الليبيين في الكيان الصهيوني مستندات ووثائق رسمية تثبت ملكياتهم، وفي هذه الأيام تنشغل مجموعة منهم، معظمهم من رجال القانون، بتجميع الوثائق التي تثبت حقهم في الممتلكات في ليبيا لتكون وثائق معتمدة في الملف الذي يعده « التنظيم من اجل يهود ليبيا » لرفعه إلى السلطات الليبية والمطالبة بدفع التعويضات عن ممتلكات وبيوت ومؤسسات تربوية واجتماعية وكنس وأراض. ويقول وجهاء الجالية ان ممتلكاتهم في ليبيا تقدر بنحو 500 مليون دولار إضافة الى مئة مليون دولار أخرى للمنشآت العامة اليهودية كالمعابد والمقابر.   وفاتح مسؤولون أمريكيون نظراءهم الليبيين في شأن ضرورة التطبيع مع الدولة العبرية، وبناء على تلك « النصائح » توجه مسؤول ليبي، لم يتسن التعرف على هويته، إلى الكيان الصهيوني سرا ً لإجراء مفاوضات حول التعويضات لليهود. وكانت « جيروزاليم بوست » أكدت في العدد المذكور أن مسؤولا ليبيا ً زار الكيان الصهيوني « للإعداد لأمر دبلوماسي ما ». وطبقا للرواية الصهيونية ، فإن ثلاثين ألف يهودي غادروا ليبيا منذ استقلال البلد عام 1952، وتركوا وراءهم « عقارات وممتلكات »، مما يدل على ضخامة المطالب الماليةالصهيونية . ويقول يهود ليبيون ان الحكومة الليبية « كانت الحكومة العربية الوحيدة التي أتاحت نشاطات للإسرائيليين على أراضيها لتنظيم هجرة اليهود وحددت فترة لذلك هي فترة ما قبل كانون الأول (ديسمبر) 1952 عندما صدر قرار في منع دخول السفن الاسرائيلية الى ليبيا ».   وأكدت المصادر أن المسألة أثيرت في لقاء ثلاثي جمع في جزيرة جربة التونسية القريبة من ليبيا في أواسط التسعينيات أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية آنذاك محمود عباس (أبو مازن) مع وفدين، أمريكي وليبي، كانا يدرسان احتمالات رفع العقوبات الدولية التي كانت مفروضة على ليبيا. لكن أبومازن كذب تلك المعلومات في حينه، مؤكدا ً أنه لا يعقل أن يتوسط بين الكيان الصهيوني وليبيا، بينما هو محتاج كفلسطيني لمن يتوسط بينه وبين الكيان الصهيوني.وهذه كلها مؤشرات توحي بأن طرابلس غير مقصّرة في هذا المضمار.   و كان الزعيم الليبي معمر القذافي فاجأ  العرب واليهود عندما أعلن استعداده، في خطاب ألقاه بمناسبة الذكرى الخامسة والثلاثين لثورة الفاتح، دفع تعويضات لليهود الليبيين الذين أجبروا على ترك منازلهم.  و إذا كان صحيحا ً  أن دخل ليبيا السنوي من النفط بات يقترب من العشرين مليار دولار بعد ارتفاع أسعار النفط ، إلا أن هذا لا يعني توزيع هذا الدخل في مسلسل للتعويضات بدأ بصندوق ضحايا لوكربي ويوتا ولابيل (الملهي الالماني) وصولا ً إلى اليهود الليبيين وأملاكهم. فالليبيون أولى بهذه الأموال، وأحق بالتعويضات عن سنوات الحرمان الأخيرة. الأرجح أن الزعيم الليبي يريد شيئا ما، لعله تحييد اللوبي اليهودي في الولايات المتحدة واوروبا واستمالة الغرب، مما يعني انتصار الجناح الليبي الذي يطالب بالاتجاه شمالا ً، والاندماج في الاقتصاد الأوروبي وادارة الظهر للعرب والأفارقة معاً، باعتبار الطرفين مستودعا للتخلف والأمراض السياسية والاجتماعية.   قصارى القول، أن ليبيا ستبقى على ما يبدو « الحلقة الأضعف » في التطبيع المغاربي –الصهيوني بالنظر لانهماك الليبيين في ورشة الإصلاحات الداخلية التي تحث عليها واشنطن للقبول بعودة الحكم الليبي إلى المجتمع الدولي، لكن لا أحد يضمن ألا يفاجئ العقيد القذافي المراقبين بخطوة غير متوقعة … على طريقته المعتادة.   7- » التطبيع  » للاندماج في الاقتصاد الدولي   يشهد المغرب العربي تهافت الحكام المغاربيين على إسماع زوارهم و وزرائهم انه لا بد من التوصل إلى اتفاقات ثنائية مع « إسرائيل » ، وأن  » التبادل الحر  » معها صار شرطا ً أساسيا ً لتكريس العلاقات مع أوروبا الغربية و الولايات المتحدة الأمريكية ،  و التنعم بحسنات  » التبادل الحر  » مع أوروبا التي تستأثر بالأساس بمعظم تجارة دول المغرب العربي ، و الالتحاق جزئيا ً بالقطارالأمريكي   كانت دول المغرب العربي تنظر الى النظام الشرق أوسطي الجديد كفرصة للتطبيع مع الكيان الصهيوني و انتزاع بعض المكاسب و الاستثمارات الاقتصادية من الدول الصناعية الغربية و الغنية باسم عملية السلام و في سياقها(8) .   و كانت نتيجة الحرب الباردة بين القوتين العظمتين قد حسمت بانتقال العالم من القطبية الثنائية الى نظام القطب الواحد بزعامة الولايات المتحدة ، و توجت بانتقال حالة الصراع من المنافسة السياسية و العسكرية الى الاقتصاد ، مما عزز التوجه نحو إنشاء التكتلات الاقتصادية العملاقة . و بادرت الولايات المتحدة الى انشاء منطقة تجارة حرة مع المكسيك و كندا  » نافتا  » ، و توجهت الدول الأوروبية الغربية لتطوير منطقة تجارة حرة بينها للارتقاء بمستوى الاتحاد الأوروبي طبقا لاتفاقية  » ماستريخت  » للوحدة السياسية و الاقتصادية . و كمحصلة لانتهاء الحرب الباردة ، انتهت فعليا ً مرحلة منح المساعدات السهلة لدول الجنوب . و منها دول المغرب العربي (تونس ، الجزائر ، المغرب و موريتانيا ) ، إذ أنفقت مليارات الدولارات خلال الأربعين عاما الماضية بهدف استقطاب الأطراف لأحد القطبين ، و قد انتهت الحاجة إلى ذلك ، و أصبح الاستمرار بالاعتماد على المصادر المالية الخارجية الرسمية و الحصول عليها و استقطاب رؤوس الأموال الأجنبية و زيادة القدرة على كسب العملات الأجنبية ، مرتبطة ارتباطا وثيقا ًً بإقامة العلاقات الديبلوماسية مع الكيان الصهيوني ، باعتباره يقوم بدور الوسيط المالي بين المنطقة العربية و العالم الرأسمالي . و تصر الحكومات الغربية و المؤسسات الدولية ( مثل صندوق النقد الدولي ) على أن الشرط الرئيس لحصول الدول المغاربية على المساعدات  والاستثمارات يتطلب منها  » التطبيع  » مع الكيان الصهيوني .   و يعتبر  » البعد الاقتصادي  » للتسوية مداعبة لحلم صهيوني قديم تحدث عنه تيدور هرتزل في روايته السياسية اليوتوبية ، إذ أشار إلى أهمية قيام  » كومنولث  » عربي-يهودي بين « إسرائيل » و الاقتصاديات العربية ، بحيث يجري خلق مصالح اقتصادية متبادلة تسمح بدخول « إسرائيل » في النسيج الاقتصادي العربي لتصبح « إسرائيل » مثابة  » سنغافورة الشرق الأوسط « . و تأتي خطط اوروبا القديمة-الجديدة لمنطقة المغرب العربي في هذا السياق ، إذ تطمح اسبانيا لأن تضطلع بالدور القيادي في المنطقة بالنيابة عن الاتحاد الأوروبي . و أصبح الاتحاد الأوروبي أقسى بكثير خلال السنوات الأخيرة على صعيد الشروط التي يضعها للتعاون الاقتصادي ، مشددا ً الربط بين شروطه ، و هي التطبيع مع الكيان الصهيوني ، و شروط صندوق النقد الدولي .   و يأتي تطبيع علاقات تونس و المغرب و موريتانيا مع الكيان الصهيوني و إقامة العلاقات الديبلوماسية معه في إطار انخراط هذه الأطراف ، كل من جانبه ، في علاقات دونية مع « إسرائيل » ، و تكريس الاتجاه التنافري القائم بين الدول العربية ، و ما ولده من رد فعل معاد لفكرة القومية العربية و للقضية الفلسطينية ، خصوصا ً أن سياسة  » التطبيع  » هذه التي تصدرها كل من تونس و المغرب ، تعمل على التأسيس لتداعيات سياسية و ثقافية تسرع  تآكل فكرة الهوية العربية/ الاسلامية ، و تروج لفكرة الانخراط في النظام الشرق أوسطي قيد التشكيل ، إذ إن دخول الدول العربية فرادى فيه يساهم في بلورة هذا النظام الشرق أوسطي على الأقل في مجال  » التطبيع  » الاقتصادي و السياسي .   و يبرر المسؤولون التونسيون و المغربيون و الموريتانيون إفساحهم في المجال أمام الكيان الصهيوني لكي يخترق و يغزو الأسواق المغاربية ، بأنهم يعلقون آمالا كبيرة على الوفود السياحية الصهيونية لزيارة المناطق السياحية التونسية و المغربية . و على  الصهاينة الأثرياء من أصل مغاربي لجلب أموالهم الوفيرة و استثمارها في بلدهم الأم و الاستفادة من خبرتهم والتجارية ، و كذلك توفير إمكانات لتدفق الاستثمارات  » الإسرائيلية  » إلى كل من تونس المغرب ، و على الانخراط في الاستقطاب الاقتصادي الصهيوني الذي يسعى إلى قيام  » السوق الشرق أوسطية  » باعتبار قيامها احتمالا ً تاريخيا ً قائما ً في ظل غياب البديل القوي المؤسسي لقيام سوق عربية مشتركة .   واكتشفت دول المغرب العربي ، و لا سيما تونس و المغرب ، شراسة المنافسة الصهيونية التي لا حدود لها . فقد بادر الكيان الصهيوني إلى ترتيب علاقاته التجارية و الاقتصادية مع الاتحاد الأوروبي الذي استجاب لكل مطالب « اسرائيل » ، في حين لا تزال أقطار المغرب في وضع تفاوضي غير متكافئ مع الأوروبيين و هي مفاوضات ستفضي في أفضل الحالات إلى اتفاقات مجحفة بحق البلدان المغاربية . كما أن دول المغرب العربي أصبحت تعاني من تداعيات المنافسة « الاسرائيلية » المدمرة على اقتصاداتها في مجالات السياحة و الزراعة  والخدمات التجارية و المالية و غيرها ، و التي بدأت تلحق أضرارا ً بالغة بالمجالات الاقتصادية في أقطار المغرب العربي .   و هكذا فإن الازدهار الاقتصادي الذي بشر به الحكام المغاربيون و خبراء صندوق النقد الدولي ، لجلب أموال الصهاينة الأثرياء لاستثمارها في أقطار المغرب العربي ، قد تبخر في فضاء الرهانات الخاسرة بسبب  » التطبيع  » مع « إسرائيل » . و أصبح خط التطبيع من وجهة نظر الدول المغاربية المتناقضة جذريا ً مع مفهوم الدولة الوطنية هو الخط الذي يشرع تكثيف العلاقات العربية مع الكيان الصهيوني ، باعتباره  » الخط الواقعي  » المنسجم مع السياسة الأميركية / الصهيونية التي تريد فرض السلام الأميركي-الصهيوني على الأمة العربية ، لتكون إسرائيل نواة النظام الشرق أوسطي الذي لا يزال في بداية تشكله و الذي يبنى حاليا بالاستناد الى المعادلات الدولية و الإقليمية التالية :   أولا : القبول بالهيمنة الأميركية على وظيفة القيادة في  » النظام الدولي الجديد  » و في مختلف المجالات ، من السياسة إلى الاقتصاد مرورا ً بالثقافة و العلوم و التكنولوجيا .   ثانيا : القبول بالدور القائد « لإسرائيل » للنظام الشرق أوسطي ، باعتباره دورا ً ضروريا ً لتطوير  » تجارة حرة  » إقليمية تكون محركتها « إسرائيل » نفسها ، لدفع صادراتها إلى المنطقة العربية ، و اقتحام أسواق الخليج و أسواق المغرب العربي و تحولها قبلة اقتصادية لعموم النشاط الاقتصادي الإقليمي بالنظر الى حجم اقتصادها الكبير و حجم صادراتها و مستوى  » التكنولوجيا المتقدمة فيها  » و تفوقها النووي و المعلوماتي ، و شراكتها الاستراتيجية الاقتصادية و السياسية و العسكرية و الحضارية مع المراكز الرأسمالية المغربية عامة ، والولايات المتحدة الأميركية خاصة .   ثالثا : إعادة هيكلة الاقتصادات العربية و إعادة قولبتها في إطار جديد للتقسيم الامبريالي للعمل ، إذ إن عمليات الخلخلة و كذلك عملية الخضوع للتقسيم الإقليمي و الدولي للعمل ، تشكل مدخلا ضروريا ً لإقامة السوق الشرق أوسطية في ظل ضعف البنية الصناعية  والتنظيمية للرأسمالية العربية التابعة و الهامشية ، و تطور الرأسمالية الصناعية و المالية الإسرائيلية و الرأسمالية الصهيونية العالمية ، الأمر الذي يجعل  » الرأسمالية العربية مرشحة في أحسن الأحوال لدور junior partner ) ) في إطار السوق الشرق اوسطية و الترتيبات الاقتصادية الشرق أوسطية الجديدة ، على حد قول الدكتور محمود عبدالفضيل .   من هنا ، و على الرغم من الضجيج الذي يثيره إعلام الدول المغاربية حول المشاريع الكثيرة المزمع تنفيذها بفضل التطبيع مع « إسرائيل » ، فإن هذه الأخيرة لن تحمل أي امل في التقدم الاقتصادي و الاجتماعي للدول العربية ، بل إنها معدة لتامين وجود « إسرائيل » قوية ومتفوقة ، لأن الإبقاء على « اسرائيل » قوية و قادرة على التدخل و التأثير يمثل في نظر الولايات المتحدة أعظم ضمانة ضد الانقلابات و التغيرات غير المرغوب فيها ، و التي يمكن أن تطرأ  وتهدد الأوضاع السياسية و الاجتماعية في دول المغرب العربي و المشرق العربي على حد سواء .   الخاتمة   على الرغم من التجميد الرسمي للمكاتب التمثيلية في الدولة العبرية في أعقاب القمة العربية في القاهرة عام 2000، إضافة لإغلاق المكتبين الصهيونيين في كل من الرباط وتونس، تكثفت العلاقات التجارية والسياحية والثقافية والأمنية المغاربية –الصهيونية بشكل غير مسبوق خلال السنوات الأخيرة، حتى أن أحد المصادر، الذي رفض الكشف عن هويته، اعتبر أن العلاقات لا ينقصها سوى رفع العلم فوق المكاتب التمثيلية التي عادت لتعمل بوتيرة أعلى مما كانت عليه في العقد الماضي، أسوة بنشاط السفارة الإسرائيلية في موريتانيا، ولم يكن هذا الجزء الخافي من جبل الجليد غائبا ً عن المراقبين.   فعندما أعلن شالوم منذ أشهر أن عشرة بلدان عربية ستطور علاقاتها مع إسرائيل قريبا، اتجهت الأنظار إلى العواصم المغاربية لأن كثيرين كانوا يُدركون أن ثمرة التطبيع « أينعت وحان قطافها ».و تعتبر جولة شالوم المغاربية استكمالا ً للقاءات  التي عقدها وزير الخارجية الصهيوني مع وزراء خارجية كل من تونس والمغرب وموريتانيا على هامش الاجتماعات السنوية للجمعية العامة للأمم المتحدة التي نُظّمت في نيويورك في شهر أيلول/سبتمبر الماضي، إلا أنها المرة الأولى التي يقوم فيها وزير صهيوني بجولة علنية من هذا النوع منذ اندلاع الانتفاضة الثانية في سبتمبر 2000، مما يؤكد أن طريق التطبيع الصهيوني مع عواصم مغاربية باتت شبه سالكة.   ويخطئ من يعتقد أن التطبيع مع الكيان الصهيوني كفيل بتحسين أوضاع الحكومات المغاربية  داخليا ً وخارجيا ً بل أن المبادرات التي تقوم بها الدبلوماسيات المغاربية في قضية الشرق الأوسط لا يمكن أن تكون سوى دور ظرفي  سرعان ما يفقد جذوته بمجرد أن تفتح أبواب منطقة الخليج والمغرب العربيين في وجه الوجودالصهيوني ..   لذلك لا يمكن أن يكون التطبيع مع الكيان الصهيوني بديلا عن الإصلاح السياسي  في منطقة المغرب العربي ، بل أن الصلح مع الداخل هو ملاذ الأنظمة العربية الوحيد في وجه أخطار التهاوي والسقوط  بعد أن أضحى إصلاحها على رأس أجندةالولايات المتحدة الأمريكية.   والحال هذه، فإن الهرولة المغاربية باتجاه الكيان الصهيوني  تصبح غير مبررة، و لن تجني منها البلدان المعنية شيئاً لأن الصهاينة لا يقدّمون هدايا لأحد.وتدل هذه العلاقات المغاربية – الصهيونية النشطة الى أن الكلام الذي يقال في القمم العربية والاجتماعات الوزارية في وادٍ والسياسات الفعلية في وادٍ آخر. وهي سياسات خفية تصاغ وتنفذ في ظل التكتم والتستّر الشديدين لأنها مقطوعة عن الداخل ولا تعكس سوى الاستجابة للضغوط الأميركية والابتزازالصهيوني . واستطراداً فالدول المغاربية لم تعد ترى أن أي من  درجات الخلاف  يفصل بينها و بين الكيان الصهيوني ، ماداما يعملان كليهما  لمصلحة الولايات المتحدة الأمريكية، و مادامت أهدافهما موحدة على صعيد مكافحة مايسمى الإرهاب، لتحقيق أهداف السياسة الأمريكية.- الصهيونية الشرق أوسطية، التي تنص على تفتيت الدول العربية القائمة إلى دويلات طائفية و عرقية و إثنية الخ…و استهلاك قواها في حروب داخلية و تدمير قواها المنتجة، و إنهاكها في صراعات أليمة تحول دون الدفاع عن حقوقها ووجودها، و تجعلها تنشد الأمان في أحضان السياسة الأمريكية – الصهيونية.   و في مثل هذا التطبيع يصبح الكيان الصهيوني حكما ً في النزاعات المغاربية، وبذلك لا يكون طرفا ً مقبولا ً من العرب فحسب،بل يصبح أيضا ً طرفا ًمرغوبا ً بالصداقة معه و التحالف بحيث يتم الاستقواء به ضد أي طرف عربي  آخر من خلال إدماجه الضمني أو المعلن في صلب الخلافات العربية، و ضمن ميزان القوى الداخلي في المنظومة العربية .   الهوامش:   (1)-الهادي التيمومي –دور القضية الفلسطينية في تعميق الوعي القومي العربي في المغرب العربي: مثال تونس – بحث منشور في كتاب تطور الوعي القومي  في المغرب العربي لمجموعة من الباحثين ، صادر عن مركزدراسات الوحدة العربية، الطبعة الأولى نيسان /أبريل 1986.   (2)-L avenir de la Tunisie-13decembre1947   (3)-L avenir de la Tunisie-14Aout 1948   (4)-حول المصادر و المراجع المتعلقة بمواقف الحزب من القضية الفلسطينية و الحركة الصهيونية انظر: الهادي التيمومي ، النشاط الصهيوني  بتونس  بين 1897 و 1948، تقديم محمود درويش (تونس 1982).   (5)-رشيد خشانة – التطبيع التونسي  الإسرائيلي يعود إلى الخمسينيات -صحيفة الحياة الصادرة يوم 6 تشرين الأول/أكتوبر 2005.   (6)- صحيفة هارتس في عددها الصادر يوم 28 كانون الأول/ديسمبر  .2004.   (7)-معاريف ،في عددها الصادر  يوم 12تشرين الأول/ أكتوبر 2003   (8)-انظر مقال توفيق المديني : المغرب  العربي و التطبيع، دراسة  منشورة في مجلة  شؤون الأوسط تاريخ أيلول 1996.


 
بسم الله الرحمان الرحيم تنبيه هـــــــــــام  
 إن كل تطابق جزئي أو كلي بين زعيمنا هذا القادم من عصر ما قبل الحضارة و البعض من الزعماء المعاصرين – أو جلهم    بل كلهم- إنما هو من باب ما يروجه  » المناوئون المغرضون » الذين  » يصطادون في الماء العكر » و الذين لم يتورعوا عن الاستقواء بقوة الحق و العدل…و الذين ضمرت فيهم الروح الوطنية بما هي تمجيد  للزعيم الأوحد و تسبيح بحمد القائد الملهم و إذعان لشهوات المؤتمنين على مكاسب مجتمعاتنا و رغباتهم و طاعة عمياء لحماة الدين و الدنيا معا…فتراهم لا يتورعون عن ذكر الزعماء الأشاوس ببعض ما فيهم  مما اشتهر عند الناس و ملأ الآفاق و علمه القاصي و الداني، أما ذكرهم كل ما فيهم فإني لا أحسبه مناسبا لأن فيه نزع ما تبقى من برقع المروءة و الحياء الذين يتستر تحته أغلب الناس تبريرا لتواطئهم المعلن أو الخفي مع الطواغيت و الجبابرة، و لتخلفهم عن واجب الانتصار لمجتمع في خطر، و لركونهم إلى الظلمة  و المستبدين فيحيدون بفعلهم هذا عن سبيل المؤمنين المخلصين الذين يقتفون سنة قائد المجاهدين و حبيب الفقراء   و المستضعفين… لذلك فإن كل تطابق مع زعيم مشهور أو مغمور إنما هو من باب توارد الخواطر – لا بل – الحقائق، و ليس بالضرورة متجها إلى زيد أو إلى عمرو ممن ملأت صورهم الشاشات كما ملأ ضحاياهم السجون و المعتقلات و تتالت تضرعا و خفية عليهم اللعنات  …  
 
معـــــذرة سيــــــــــــــدي  
توطئة   انتشرت أخبار عن صعوبات متنوعة تؤرق السيد الأمريكي تكاد تثنيه عن بعض مشاريعه و خططه و عمله ببعض القوانين التي سنها في ظروف معينة فأصاب ذهول شديد زعيما قادما من عصر ما قبل التحضر مكنته وسائل مختلفة، لا تمت للتمدن و لا للتحضر بصلة، مكنته من التسلط على شعب مسالم فحكمه بالحديد و النار و ولغ في دماء الصفوة من بنيه فمنهم من قضوا نحبهم تحت التعذيب و منهم من شردوا برا و بحرا فرارا بمعتقداتهم أو نجاة بأنفسهم و منهم من نخرهم و لا يزال ينخرهم الموت البطيء في أقبية السجون و المحتشدات أو بالأحرى في فضاءات التشفي و الانتقام. فكانت هذه الهمسات التي أراد بها أن يفرج بها من كرب سيده و ولي نعمته و استهلها بموجز عن سيرته مذكرا بخدماته التي ما انفك يقدمها طيبة بها نفسه…   سيدي بـــــــــــــــــوش:   عشت دوما في خدمة بلدكم العظيم، منفذا بإخلاص لا مزيد عليه ما يشير به علي موظف الاستخبارات المركزية في تلك العاصمة التي تعرف، و كان لي أن أفخر بذلك و لا أزال محدثا بالنعمة التي أسبغها علي أسلافكم في البيت الأبيض… من أجل أوراقكم الخضراء، بل من أجل رضاكم عني و من أجل تمديدكم لي بمواصلة تمسحي على أعتابكم.. من اجل ذلك قمت بأقذر الأعمال و أخسها، من خيانة للأوطان و من تقديم القرابين تلو القرابين من المناضلين- عفوا المناوئين- على مذبح الإذعان و الخنوع لإرادتكم و إرادة ذوي الحظوة لديكم…  قمت بكل ذلك و كان لي شرف السبق إليه…و لم تكن لي من غاية في مختلف المواقع التي شغلتها سواء كانت عسكرية أو أمنية أو دبلوماسية أو سياسية إلا مزيد إحكام قبضتكم على بني جلدتي و سلخهم عن حضارتهم التي لا يزالون يفاخرون بها و يرنون إلى تألقها من جديد، ولم أتوان قط عن مزيد التضييق عليهم و إرهاقهم و إعناتهم و تحميلهم من الآصار و الأغلال ما تنوء بحمله الجبال الرواسي.. لم أترك فرصة تمر دون أن أذيقهم من العذاب ألوانا و أهوالا، و لم يمكني ذلك من مراجعة مختلف صور التعذيب التي كان يدرسها لنا أولائك السادة النبلاء من رجال مخابراتكم في بداية مشواري تحت إمرتهم… بل تمكنت من ابتكار أشكال أخرى من التعذيب لا أحسب أني سبقت إليها، و لو أني كنت سجلت براءات اختراعها لكانت خزائني تضاهي خزائن كبار تجار السلاح أو المخدرات بفضل الحاجة الملحة لكثير من زملائي إليها لكسر شوكة المنادين بالإصلاح و ما إلى ذلك من الشعارات التي يرددها هؤلاء الببغاوات من المثقفين و الإعلاميين و الحقوقيين، أما إذا اعتبرتها حقوقا محفوظة لي لا يجوز نسخها جزئيا أو كليا دون موافقتي لدفع لي سادة قوانتنامو و أبوغريب و بوكا و أبوزعبل و النقب و عسقلان  و مجدو و عوفر… الملايين على استعمال أشكال قد سبقتهم جميعا إليها، و قد أزودهم بأكثر منها تطورا و أنكى و أقسى لوأد أي نفس تحرري،  و اعترافا بجميل صديقي شارون – عجل الله فرجه- علي فإني لن أبخل عليه بها و إن كان يستنكف من استعمالها…   سيدي بـــــــــــــوش:   أنا أقر بأن طول بقائي حيث أنا لم يكن إلا بفضل رضاكم عني و تقديرا منكم لخدماتي التي قدمتها و لا زلت أقدمها و التي أقدر أن لا يقدر أحد – على كثرتهم – على تقديمها مثلي ، و سأبقى أقدمها ولاء و وفاء و إخلاصا لكم و لكل من سبقوكم       و اعترافا بجميلكم علي و جميلهم.. و عهدا مني لكم، سيـــــــــــــــــــــــــــدي بوش، أن لا أرفع  » الكرباج » عن أظهرهم حتى أسوقهم أذلاء خاضعين خانعين إلى ما تخططون و ترسمون، و أسوق بعضهم إلى أبوابكم مضطرين مقهورين، لكن ويحي و ويلي من الذي ن يصبرون     و يصابرون و يرابطون فلا تنكسر لهم إرادة و لا تلين لهم قناة فلا يكونون من الأذلاء الخانعين و لا من المضطرين المكرهين… فهؤلاء سأعمل فيهم تدميرا و تجويعا و تجهيلا وتشريدا و تغريبا…فأرجو أن لا تأبهوا للأصوات التي قد تنبعث من هنا أو هناك لتدافع عنهم و تنافح عن حقوقهم، لأني و ببساطة شديدة لا أومن بحقوق لغير المستظلين بفضلكم المسبحين بحمدكم…   سيــــــــــــــــدي بوش:    تعودت منذ ما يقارب الخمسين سنة من الخدمة أن انحني دائما أمام سيادتكم انحناءة الخادم المطيع أو العبد الذليل الذي ينتظر أمر سيده فيأتمر، لكن أرجو أن تسمحوا لي هذه المرة – وهي مرتي الأولى و الأخيرة ما سعدت بالبقاء في خدمتكم   و إن كان تجاوز مدة بقاء نوح في قومه داعيا و هاديا- اسمحوا لي أن أبسط بعض النصائح أو قل التجارب التي جربت فصحت  و استنجد بها في أحرج الأوقات ففرجت الكرب و يسرت العسر…   و إلى اللقاء في… جوان 2006   عبدالله الــــــــــــزواري abzouari@yahoo.fr
 

الهجرة إلى الخارج.. إشكاليات للدرس

 
بقلم سامية الجبالي   يرى الكثير من المختصين أن الاهتمام بمشكلة الهجرة في تونس والمهاجرين يجب أن يتصدر قائمة الأولويات سواء كان ذلك على مستوى دراسة واقع الهجرة في تونس وأنواعها أو على مستوى النظر في التحولات الديمغرافية والاجتماعية للمهاجرين التونسيين.   غياب دراسات من هذا النوع أدى إلى تهميش كبير لهذه الفئة الهامة من المجتمع التونسي ذلك أنه واستنادا إلى إحصائيات رسمية تهم المهاجرين التونسيين المقيمين في أوروبا سنة 2005 فإن عددهم وصل إلى حدود الـ930 ألف مهاجر وهو عدد ما ينفك يتطور سنة تلو الأخرى ذلك أنه بالنظر إلى سنة 2004 ارتفع عددهم بحوالي  45 ألف مهاجر في سنة واحدة.   وفي السياق ذاته تؤكد إحصائيات ديوان التونسيين بالخارج أن أوروبا ما تزال ومنذ السبعينات الوجهة الرئيسية والمفضلة للمهاجرين التونسيين وبالذات فرنسا التي تضم حاليا أكثر من 57 في المائة من عدد المهاجرين إلى أوروبا ثم تأتي إيطاليا في المرتبة الثانية. أما البلدان العربية فهي لا تستقطب سوى 120 ألف مهاجر تونسي منهم أكثر من 85 ألف بالمغرب العربي وتبقى الهجرة إلى دول الخليج الأكثر تنظيما باعتبارها تخضع إلى اتفاقيات التعاون الفني.   أما الوجهات الجديدة للهجرة التي تزدهر منذ سنوات فهي الهجرة إلى الولايات المتحدة الأمريكية وكندا وهي هجرة نخبوية ذلك أنها تهم أساسا الطلبة وأصحاب الشهادات العليا وهو ما يطرح على السطح إشكالية هجرة الأدمغة التي تؤرق العديد من بلدان العالم النامي التي أصبح عدد كبير منها يتخصص في تصدير الكفاءات العليا إلى البلدان الأكثر تقدما… الإشكالية المطروحة في هذا السياق هي أساسا هذه القناعة التي أضحت راسخة لدى الطلبة التونسيين والتي تؤكد أن الجنة لا تكون على أرض الوطن وأنها تنتظرهم هناك… وهو وضع ساهمت عديد المعطيات في تكريسه وخاصة منها الضغط الذي يشكو منه سوق الشغل وتطور صنف البطالة الذي تعاني منه ليصنف ضمن بطالة أصحاب الشهادات العليا.    مشاكل هجرة التونسيين تتجاوز إشكالية هجرة الأدمغة إلى إشكالية أعمق وأشد خطورة والمتمثلة أساسا في الهجرة غير الشرعية فالإحصائيات تشير إلى أن ايطاليا الوجهة الرئيسية لهذا النوع من الهجرة تؤم اليوم أكثر من 112 ألف تونسيا وهي في ذلك تحتل المرتبة الثانية على مستوى هجرة التونسيين إلى أوروبا على الرغم من أن الهجرة إلى هذا البلد تعد حديثة .    الملفت للنظر في هذا الأمر هو أنه على الرغم من أن الإشكالية مطروحة واتخذ المشرع إجراءات هامة فان الدراسات والإحصائيات الرسمية عن هذه الظاهرة تبدو شبه غائبة وما يتوفر من معطيات نستقيه غالبا من وجهة النظر الأوروبية التي تعتبر تونس احد المعابر الرئيسية للمهاجرين.   مسألة ثانية تطرح وبإلحاح في هذا السياق وتهم خصوصا تحديد خصوصيات الجيل الحالي للهجرة ذلك أن الهجرة التونسية أدركت جيلها الثالث وهو ما يصطلح على تعريفه بـ »ظاهرة تشبيب المهاجرين » ذلك أن بعض الإحصائيات تشير إلى أن نسبة البطالة في صفوف الشبان ممن تصل أعمارهم إلى 24 سنة تبلغ 25 بالمائة من مجموع العاطلين عن العمل من المهاجرين التونسيين…   عدد من الإشكاليات التي ولئن طرحت على مستوى أكاديمي فإنها لم ترق إلى مستوى الدراسات المعمقة التي تشخص الواقع والتحولات علميا وتحدد الحلول والآليات الكفيلة بحلها.   (المصدر: صحيفة « الجريدة » الالكترونية، العدد 35 بتاريخ 15 جويلية 2006)

تونسيّون… رمـوز الإصلاح

 
بقلم أبوبكر الصغير   بلا شك إنها مفاجأة لها دلالات ومعاني كثيرة. إنها تعكس فعلا وواقعا ما ترسّخ من صورة عن تونس اليوم، كمنارة إصلاح وحداثة وتطوّر. سنحتفل بعد أيام بمناسبة تاريخية مهمّة، أتمنى أن تأخذ حظها من الاهتمام الذي يناسب قيمة الحدث، إنها الذكرى الخمسون لصدور مجلة الأحوال الشخصية، التي تعدّ أول قانون يوضع في بلد عربي وإسلامي ينتصر فعلا وواقعا وممارسة للحقوق الكاملة للمرأة. إن هذه المجلة لم تأت صدفة، أو نتيجة قرار سياسي اعتباطي، بقدر ما كانت وليدة فكر نيّر، ورؤية حداثية متطورة، أسس لها مفكرون تونسيون أعملوا العقل في شؤون الدّين والدّنيا على غرار المصلح الكبير الطاهر الحدّاد.   في أحد أخطر مواقع الانترنات العربية، وهو موقع جديد، ظهر في واشنطن بالولايات المتحدة الأمريكية، يحمل اسم « آفاق » قدّم له أصحابه بأنه أول موقع متخصّص في خدمة قضية اللّيبرالية والإصلاح، وأنه حلقة وصل بين اللّيبراليين والإصلاحيين العرب وجمهور المتلّقين، نجد في هذا الموقع ومن الصدف أو المفارقات، أن أبرز شخصيتين تعرضان فيه ويتم التعريف بهما، الأولى في باب « الاصلاحيون – شخصية الأسبوع » والثانية في باب « قاموس الإصلاح »، تونسيتان : الشخصية الأولى هو المثقف البارز العفيف الأخضر، أما الثانية فكانت المصلح الكبير خير الدين التونسي (1810-1890).   أطنب الموقع أو أصحابه، أو من يقف وراءه، في الحديث عن هاتين الشخصيتين البارزتين. فخير الدين التونسي يعدّ أحد الأعلام المصلحين الكبار في العالمين العربي والإسلامي. في مقاربته لعملية الإصلاح يرى خير الدين، أنها لابد أن تقوم على ركيزتين أساسيتين هما : الأولى ضرورة التجديد والاجتهاد في الشريعة الإسلامية بما يتلاءم مع ظروف العصر وأحوال المسلمين، والثانية ضرورة الأخذ بالمعارف وأسباب العمران الموجودة في أوروبا لأنها طريق المجتمع إلى النّهوض. يضيف الموقع : إن الفكر الإصلاحي عند خير الدين التونسي، يقوم على أساس تحقيق العدل والمساواة في حكم الرّعية، ورفع مظاهر الظلم والتعسف عن كاهلها، واحترام حقوقها الإنسانية من خلال نظام حكم يقوم على الشورى وتعدد المؤسّسات… أما المفكر اللّيبرالي العفيف الأخضر، فلقد وصف في التقديم بكونه « سبينوزا العرب ». قدم الموقع لمحة عن حياته إذ ولد عام 1934 في عائلة فلاحين فقراء، ودرس بجامع الزيتونة ثم بكلية الحقوق، وباشر مهنة المحاماة بين سنتي 1957 و1961 ثم تخلى عن مهنته وسافر إلى باريس ومن هناك إلى المشرق العربي حيث أقام فترة في بيروت. يضيف الموقع أنه منذ عام 1979 يعيش العفيف الأخضر في فرنسا، ويسكن شقة متواضعة بأحد ضواحي باريس الفقيرة. وبسبب المرض لم يعد قادرا على الكتابة بنفسه مما يضطره إلى الاستعانة بالآخرين ليملي عليهم ما يريد كتابته. وأشاد موقع « آفاق » مطولا بأطروحات وأفكار المفكّر التونسي الأخضر.   تجدر الإشارة إلى أن من وصفه الكاتب العربي الكبير شاكر النابلسي « بمحامي الشيطان » أي العفيف الأخضر، يعد اليوم وفي نظر كل النخب العربية أبرز رموز الفكر النيّر في عصرنا الراهن. يكفي العفيف فخرا انه يحسب له أوّل من ترجم « مانيفستو » الحزب الشيوعي السوفياتي إلى العربية، وانه كان أوّل من بادر بالتأسيس لمدرسة فكرية متكاملة عاش على وقعها نهاية الستينات وبداية السبعينات الشارع العربي، وتحديدا من هناك في عاصمة التنوير العربي وقتها « بيروت ». كانت هذه المدرسة تنعت « بالجلسات العفيفية ». كان من روادها كبار المثقفين والسياسيين العرب وجزء هام من القيادات الفلسطينية التي كانت مقيمة في بيروت على غرار السيد ياسر عبد ربه.   إن تونس مازالت وستواصل في تقديم رموز مصلحين من شأنهم أن يدفعوا بعالمنا العربي والإسلامي إلى آفاق أرحب، يكون فيها العقل وحده سيّدا على كل شأن.   يكفي القول أن ما طرح تونسيا في السنوات الأخيرة من مقاربات في التعاطي مع مستجدات مختلفة موصولة بقضايا الإصلاح على غرار: المسألة الدينية، وتطوير المشهد السياسي، ونظرة شمولية لتغيير المجتمع، كانت بلادنا سبّاقة في ذلك رغم الانتقادات التي وجهت إليها وقتها. حتى نرى اليوم بلدان عربية تسير على المنوال التونسي، وتقنع بأنه المنهج الأفضل والأصلح… وتطبق تلك المقولة الفرنسية : « من الأفضل حتى وان كان متأخرا… من أن لا يتم القيام بذلك… أبدا ؟ ».   كلمة النهاية : « ربما لم يكن الآخرون يعرفون عنك الكثير.. ليدركوا أنك تسير فعلا في الطريق الصّحيحة   (المصدر: « مساحة حرة » بصحيفة « الجريدة » الالكترونية، العدد 35 بتاريخ 15 جويلية 2006)


مصر والكرامة المهدورة

 
عندما قرررت مصر الخروج من دائرة المواجهة مع اسرائيل كانت ذرائع قياداتاتها انذاك ان الحرب على اسرائيل تكلف بلادهم غاليا وان كواهلهم لا تقدر على تضحيات يتحملونها وحدهم خصوصا وانهم ليسوا على استعداد لقبول الخيانات العربية المتعددة وكل الضربات في الظهر التي تتلقاها من تلك الانظمة التي كانت تدفعها الى الحرب في العلن بينما يكثفون من علاقاتهم ومساندتهم للكيان الصهيوني . ثم دخلت مصر في مرحلة مهادنة وسلام مع اسرائيل . نحن اليوم نقترب من ثلاثين سنة على هذا السلام . فماذا حققت مصر خلال جيل كامل. لا شئ قام حسني مبارك باشتراء خردة ساتيليت نصف مستعمل من الكوريين واطلقوا العنان لعشرات القنوات التلفزية التافهة هذا كل ما انجزوه على مدى ثلاثين سنة .اخرجوا لنا شارع محمد على على التلفزات . هل يمكن لمصر ان تفخر بانها تمتلك اليوم نظام ابداعي تكنولوجي يمكن ان تعاند به الدول المتقدمة . هل يدعي المصاروة انهم اقتحموا الاسواق العالمية وافتكوا مواقع متقدمة .هل يدعون انهم عدلوا ساعة اياديهم على التقدم في العالم مثلما فعلت البلدان الاسوية مثلا. هل قاموا بازاحة كل مظاهر الفقر وانجزوا نظاما سياسيا مبني على معطيات الشفافية وسيادة القانون .مصر اليوم فقدت كل شئ . كرامتها وعزة نفسها ونظافتها وقدراتها الحقيقية على التقدم . تكدس هائل للجهل والفقر وتفاقم مظاهر التخلف وازدياد الفساد والرشوة وسرقة الاموال العمومية ونظام سياسي مغلق يعيش على الاعانات الامريكية والخليجية المسمومة . لقد افقدها سلامها مع اليهود كل شئ كل هذا الوقت لم يكن صالحا الا لتكديس مزيد من التخلف ومزيد من التقهقر الى عهود كادت مصر بفضل اصلاحات محمد على ان ترتفع فوقها ولكنها اهدرت كل ذلك بمجرد ان ادخلت الثعلب القذر اسرائيل الى مضاجعها. لقد فقدت مصر انفتها وعزة نفسها وبانت كل تلك الحضارة الفرعونية التي يتباهون بها امام العالم مجرد تكدس هائل وعملاق لمقابر موتى خلف مقابر موتى بحيث بات من المؤكد ان هذه البلاد لم تكن شيئا اخر غير مقبرة الدنيا وتاكد الدور الذي لعبته عبر التاريخ القديم وحتى الاسلامي في قبر مظاهر الحضارة في المنطقة واختزالها في صناعة قوية لتحنيط الموتى . حتى ان احد فراعنتها ترك لنا نصا يفتخر فيه بانه انجز ما لم ينجزه الملوك السابقون بان تمكن من الضغط على تكلفة بناء اهراماته . فمن يقدر مثل المصريين على دفع معاليم باهضة مقابل كل هذه التفاهة. اليوم مصر ليست شيئا اخر غير كاباري للجنود اليهود والامريكان الذين ياتون لتدمير المنطقة والمصريون يعودون الى تكنولوجيا كتاب الاموات لتعدادهم من جبهات فلسطين ولبنان والعراق وهم ينتظرون البقية . الامجد الباجي

 

الغرب يصحو على خطر العدوان الاسرائيلي

 
د.أحمد القديدي (*)   
مابين باريس و لندن ومدريد وبروكسل و مونتريال تابعنا هذا الأسبوع افتتاحيات الصحف واراء المثقفين و أصحاب القرار في الغرب مكتوبة أو معبر عنها في البرامج الحوارية للتلفزيونات و هي جميعا تحمل لهجة مختلفة عن التي عودتنا عليها وسائل الاعلام في أوروبا و أمريكا من الانحياز الجهول و أحيانا الأعمى لمواقف اسرائيل. فالخطاب الغربي بدأ يتحمل المسؤولية التاريخية و يعيد النظر في السياسات الاسرائيلية التي تؤدي بالعالم كله الى محنة الحرب ، بل و لسنا نبالغ اذا أكدنا بأن القضية الفلسطينية العادلة بدأت تجد الاذان الصاغية و الضمائر الحية و العيون اليقظة لدى الرأي العام الغربي الذي طالما زورت الدعاية الصهيونية العاتية أمامه الحقائق و دلست التاريخ و تلاعبت بالثوابت و الأرقام و الوقائع حتى تنجح في عمليات تضليل و غش ممنهجة هي الأكبر و الأعمق في العصر الحديث.   و على سبيل المثال نقرأ على صحيفة ليبراسيون الباريسية أقسى ادانة للعدوان الاسرائيلي الأخير والمتواصل على شعب قطاع غزة و على جنوب لبنان بقلم رجال شرفاء من الغرب اشتركوا في التوقيع على هذا البيان النزيه و هم السادة جون يار ديبوا رئيس الرابطة الفرنسية لحقوق الانسان وبرنار رافنال رئيس جمعية التضامن الفرنسي الفلسطيني و جون ماري فاردو رئيس اللجنة الكاتوليكية من أجل التعاون و جوستاف مسيح رئيس المركز الدولي للتنمية و جون بيار ريشير رئيس جمعية الاغاثة الكاتوليكية وباتريك بيجو الناشط الحقوقي المعروف. اجتمع هؤلاء الشرفاء ليوجهوا رسالة أمينة و بليغة و غاضبة للعالم بعنوان التصعيد الخطير للعدوان الاسرائيلي، و حتى يدرك القراء العرب نوعية الخطاب الموجه للرأي العام الغربي من قبل نخبة غربية رأيت أن أستعرض بأمانة أهم المحاور الواردة في هذا البيان الذي يقطر صدقا و لوعة لما يكابده الشعب الفلسطيني ثم اللبناني و يتميز بقوة الاقناع بالحجة الدامغة و البرهان التاريخي و تحميل الحكومات الغربية مسؤولية وضع حد لهذا العدوان ليس لفائدة فلسطين و العرب بل لفائدة السلام و ليس من منظور الانحياز للحق الفلسطيني والعربي فحسب بل و أيضا لانقاذ العالم من تبعات هذه العجرفة الاسرائيلية.   يقول الموقعون على البيان:ان غزة تعيش تحت الارهاببعد اجتياح القطاع من قبل قوات اسرائيلية تقذف بالاف القنابل يوميا على الأبرياء و العزل، و في هذه الحرارة الخانقة يعيش نصف سكان القطاع المليون و النصف محرومين من الكهرباء و الماء الصالح للشراب ومن الصرف الصحي منذ تدمير المفاعل الكهربائي الوحيد الذي يغذي القطاع. و يضاف الى هذا العذاب بطالة الاف العمال المحاصرين في بيوتهم بسبب العقوبات الاقتصادية الفعلية المفروضة على الشعب و الفقر و البؤس.   فالغزاويون يواجهون محنة جديدة ! و الحجة التي تقدمها حكومة اسرائيل للعالم هي احتجاز الجندي جيلاد شاليت. و كأنما نسيت اسرائيل بأنها تمارس منذ سنوات عمليات الاغتيال التي استهدفت مدنيين أكثر من استهدافها مسلحين و ذهب ضحيتها أبرياء بالمئات وضعت اسرائيل في مواجهتهم الاف المجندين اليهود يكابدون هم أيضا ويلات و تبعات الواقع المرير لتمديد الاحتلال غير الشرعي للأراضي الفلسطينية و اخضاع شعب فلسطين بالقوة. فكيف تدعي اسرائيل اليوم بأنها تحرص على انقاذ حياة جندي واحد؟   و لم تبق الصحافة البريطانية تغرد كلها خارج سرب الحق فقرأنا للمحلل السياسي المعروف ماسياس موسبيرغ في صحيفة الغارديان مقالا يدعو اليهود و العرب الى قبول مبدأ الكنفدرالية مثل النظام السويسري و وضع حد للاحتلال و التقتيل الذين تستعملهما الدولة العبرية سياسة دائمة.   و في يوم 7 يوليو و في بلجيكا كتب رئيس تحرير صحيفة لكسبرس جاك جيفيرس افتتاحية عادلة بعنوان: مصير اسرائيل قال فيه:ان الهجوم الاسرائيلي على غزة واعادة احتلالها و تدمير منشاتها من أجل اختطاف جندي واحد يعتبر في نظر القانون الدولي عقابا جماعيا لشعب كامل، و ممارسة لعملية تصفية الحكومة الفلسطينية المنبثقة عن حماس بصورة نهائية، وهي الحكومة المنتخبة ديمقراطيا والتي تعاني خنقا اقتصاديا رهيبا منذ توليها الحكم. و لننظر الى الحقيقة كما هي أي ان اسرائيل لا تريد السلام مع جيرانها و لا تعتمد سوى على قوتها العسكرية لاخضاع الفلسطينيين و رسم الحدود الاسرائيلية بعد اغتصاب أوسع قدر ممكن من الأرض الفلسطينية. و نحن أمام برنامج ايهود ألمرت القاضي بحرمان شعب أعزل من حقوقه و رمي شبابه في السجون و وضعه تحت رحمة المدافع وتكبيده أقسى المعاناة في تحد صارخ للقانون الدولي و الأخلاق السياسية. و يضيف هذا الاعلامي البلجيكي القدير قائلا: ان قليلا من أصوات الغربيين ارتفعت لتدين هذه الممارسات التي تهدد صورة الغرب و السلام العالمي.   و في باريس و في يوم الاربعاء 22 يوليو قضت محكمة النقض بتبرئة ساحة المفكر و عالم الاجتماع الشهير المرشح لجائزة نوبل الأستاذ ادغار موران وهو ينتمي للطائفة اليهودية! برأته من تهمة معاداة السامية و الدعوة للكراهية بين الأعراق بعد أن رفعت المنظمات الصهيونية ضده قضية على اثر نشره لرأي حر على صحيفة لوموند ىبتاريخ 4 يونيه 2004 تحت عنوان اسرائيل- فلسطين: السرطان ضمنه تنديدا عنيفا و أمينا بالطغيان الاسرائيلي المعول فقط على قوة السلاح.   هذه بعض النماذج من التحول المبارك الذي نسعى مع اخوة مثقفين نعيش في الغرب لتعزيزه في مواقف و أفكار النخبة الغربية التي تتعامل مع الأحداث و بدأت تصحو على المغالطات الاسرائيلية. ولكن هذا المنعرج لا يعفي العرب من رسالة التبليغ ودعم الحق و نصرة الأشقاء الذين يعيشون اليوم ويلات الارهاب الرسمي في فلسطين و لبنان. فكيف نكون نحن العرب أكثر تفهما لاسرائيل من الغربيين؟   (*) كاتب وسياسي من تونس   (المصدر: مجلة « الوسط التونسية » الالكترونية بتاريخ 14 جويلية 2006)

الفارس.. بالعمامة السوداء

 
بقلم: برهان بسيس   اشتعل لبنان ومعه تصاعدت نذور الحرب الإقليمية الشاملة التي تهيئ نفسها للانضمام لقائمة الحروب العربية الإسرائيلية المتعاقبة عبر العقود.   عملية الوعد الصادق المنجزة باتقان وبطولية من حزب اللّه أزعجت هيبة الردع العسكري الاسرائيلي الذي أخرج من جرابه قدراته التدميرية التقليدية ومضى إلى لبنان بنفس العقل والسلوك اللذان دخل بهما البلد سنة 82 ضاربا مدمرا مخربا محاصرا عبر البر والبحر والجو.   عملية حزب اللّه تزامنت بشكل مقصود معه حصار غزة والضغط العسكري الإسرائيلي على المقاومة الفلسطينية واختيار التوقيت منسجم تماما مع مرجعية المقاومة اللبنانية التي لم تتوقف للحظة عن الاصداع بتجذّر صراعها مع إسرائيل وهويتها المقاتلة كجزء من المقاومة العربية للمشروع الصهيوني في المنطقة.   ورغم ذلك تبقى قضايا التوقيت مجالا لتأويلات شتى هي تأويلات من يريد أن يمارس التذاكي السياسي في أوقات لا تحتمل معادلة المواقف النظرية بين ذكاء وحماقة بقدر ما تتطلب التركيز على معادلة الأرض التي اشتعلت بين الصمود والمقاومة أو الطعن والخذلان.   فجأة طلعت بعض العواصم العربية بتحاليل الواقعية والعقلانية والتفكير الاستراتيجي لتنزل بياناتها أكثر وقعا وإيلاما من حمم النار الإسرائيلية النازلة على رؤوس الأبرياء اللبنانيين من المدنيين العزّل في صياغة بدت مع بعضها أكثر تهجّما وسخطا على المقاومة من الموقف الأمريكي نفسه حيث يحفظ للتصريحات الأمريكية على الأقل انشغالها بخطورة التصعيد العسكري للحليف الاسرائيلي وقوّته المبالغة في مقابل التنديد التقليدي بحزب اللّه والمقاومة في حين خلت بعض البيانات العربية حتى من استنكار العدوان الإسرائيلي الذي ردّ كما قال الأمين العام لحزب اللّه على استهداف الدبابة والجندي والموقع العسكري باستهداف الجسر ومولدات الكهرباء وسكان القرى وغيرها من الأهداف المدنية.   باب التحليل والتنظير في مثل هذه الأحداث واسع وفسيح ولهواته مادة ثرية لرصد خيوط المشهد ومده إلى حدود كوريا الشمالية ثم المرور به من إيران وملفها النووي والتعريج به على فزّعة الكمّاشة الشيعية المخيفة لبعض الأنظمة العربية السنيّة وصولا إلى تنقلات دمشق بين حلقات التحالف الإقليمي وضمور حضورها ضمن المحور السعودي المصري لفائدة علاقة استراتيجية أقوى مع طهران وانعكاس كل ذلك على قرار حزب اللّه اللبناني وعملياته الميدانية.   الأكيد أن مادة دسمة تسمح لهواة التفكير الاستراتيجي خاصة منهم المغرمين حديثا بمفاهيم جديدة  كالواقعية والموضوعية والعقلانية أن يعيدوا رسم تقاطعات المشهد وخلفية الاشتعال اللبناني بأكثر من طريقة ومنهج ولكني أعتقد أن صوت الرصاصة والقنبلة حين يدوّي يفسد بالضرورة الهدوء المطلوب للتفكير وحينها يضعنا ضجيج المعركة أمام خيارين لا ثالث لهما إما أن نكون مع أنفسنا، مع مشاعر شعوبنا أو ضدّ أنفسنا مع صقيع عقل بارد يضرّ نفسه وهو يجتهد لكي يكون موضوعيا فإذا به أقرب إلى دائرة الخذلان.   لا بأس من شيء من الوجدان، هل تستطيع أي قوّة على الأرض أن تنزع من قلوب ملايين العرب والمسلمين إعجابها العفوي التلقائي – غير مدفوع الأجر – بالمقاومة اللبنانية ورمزها حسن نصر اللّه، تلك لسوء حظ البعض مشيئة الشعوب ومشاعرها دون أن يكون في الآمر سرّ معقّد: إننا في حاجة دوما إلى فارس وها هو يأتينا هذه المرّة بعمامة سوداء.   (المصدر: ركن « البعد الآخر » بجريدة الصباح التونسية الصادرة يوم 16 جويلية 2006)


مـن حـق إسرائيـل الدفـاع عــن نفسهـا

 
بقلم: محمد بن رجب   تلك هي الكلمة القصيرة التي صنعتها بريطانيا التي ساعدت على قيام الكيان الصهيوني في فلسطين في الاربعينات. وتلك هي الكلمة السحرية التي تحولت الى سياسة «دولية» روجت لها بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية منذ أن نشأت دولة اسرائيل على حساب الشعب الفلسطيني. ولو راجعنا سجلات التاريخ سنجد أن بريطانيا وأمريكا استعملتا هذه الكلمة المفتاح عام 1948 واعتمدتها كل الدول المساندة لاسرائيل عام 1967 وعام 1973.. وعند اجتياح بيروت وفي كل العمليات الاجرامية التي قامت بتنفيذها إسرائيل ضد الفلسطينيين. إسرائيل هي المسكينة دائما.. وإسرائيل هي المعرضة لخطر التدمير دوما. أما العرب فهم الوحوش الذين يرفضون اليهود.. وهم العنصريون الذين يكرهون إسرائيل ويسعون إلى تقويض كيانها. إسرائيل مسكينة لا حل لها إلا الدفاع عن نفسها.   وبما أنها مسكينة فلا  بد من تقوية جانبها بالسلاح والعتاد والمال والمراكز العلمية حتى تصبح القوة الضاربة في المنطقة العربية، ثم في كامل الشرق الأوسط.   ولأنها مسكينة فلا بد من تحييد الدول العربية المعتدلة حتى تصبح سندا لها بالصمت ولو كان مريبا.. ثم سندا لها بتبادل السفراء وفتح الأسواق امامها.   ولأنها مسكينة ومن حقها ان تدافع عن نفسها فان الدول التي ترفض كيانها.. أو التي ترفض التعاون تصبح محور شر ولا بد من تدمير محور الشر، ومن أجلها كان يجب أن تنتهي العراق.. ومن أجلها يجب إسكات الصوت اللبناني.. ومن  أجلها يتم التخطيط لتدمير سوريا.. ومن اجلها يتحرك «محور الخير» المتمثل في الولايات المتحدة وبريطانيا لإنهاء القوة الإيرانية مهما كان الثمن الذي ستدفعه شعوب المنطقة.   ولأن إسرائيل مسكينة والعرب يتحركون لضربها وإزالتها فان الولايات المتحدة ومعها كل حلفائها لاعادة ترتيب الجغرافيا السياسية لبناء شرق أوسط جديد تكون فيه إسرائيل «نجمة» ساطعة والبقية مجرد أفلاك في خدمتها وحمايتها.   وفي كامل تلك المسيرة كان العالم بأسره وبشكل أو بآخر يساند  المقاومة الفلسطينية أو على الأقل يعتبرها اغلب الدول شرعية لتنفيذ الشرعية الدولية وإجبار إسرائيل على القبول بدولة فلسطينية إلى جانبها.   لكن مع الأيام تأكد للجميع أن هذه المساندة لم تكن غير لعبة تافهة صنعتها القوى المساندة لاسرائيل لتلهية  الرأى العام العالمي والرأي العام العربي والإسلامي بالخصوص، فما أن تأكد للولايات المتحدة أن إسرائيل اصبحت في مأمن من العراق وفي مأمن من سوريا بعد تحييد الاردن ومصر واضعاف المواقف السياسية العربية والإسلامية لكامل البلاد العربية، حتى أصبحت المقاومة الفلسطينية ارهابا.   وأول ما فعلته اسرائيل علنا وأمام كل العرب هو سجن الزعيم ياسر عرفات دون أن يتحرك عربي واحد لنصرته ثم قتلوه، ولم يطالب عربي واحد بفتح تحقيق في الأمر.   وأصبحت إسرائيل تتجول في كامل فلسطين المحتلة وفي الأرض «المحررة» التي تديرها السلطة الفلسطينية لتغتال الزعماء الفلسطينيين الواحد بعد الآخر ولتغتال خيرة الشباب الفلسطيني بدعوى أنهم إرهابيون.   تفعل إسرائيل كل ذلك ولا حركة عربية واحدة مفيدة.. أما الولايات المتحدة فهي تعيد إلى الأذهان كلمة واحدة:   «من حق إسرائيل أن تدافع عن نفسها»   واليوم تشن إسرائيل حربا مدمرة على لنبان وعلى المقاومة الفلسطينيــــــــة لتحرير جنديين إسرائيليين وتشترط تدمير كامل المقاومة اللبنانية تماما كما تفعل في غزة لتدمير الحكومة الفلسطينية المنتخبة ديموقراطيا.   والغريب أن العرب يساندون هذا الخيار لانهم «اقتنعوا» أخيرا بأن المقاومة الفلسطينية والمقاومة اللبنانية إرهاب.   والسؤال الآن:   هل يمكن اليوم تحديد مفهوم للمقاومة؟   كيف يمكن لشعب أن يتحرر من المحتل إذا لم يقاوم.   أمريكا تقول للجميع بأن المقاومة في العراق.. وفي لبنان.. وفي فلسطين إرهاب فكيف يمكن إذن تحرير العراق.. وتحرير فلسطين.. وكيف يمكن ابعاد الخطر الاسرائيلي على لبنان؟!   مسكينة إسرائيل لأن جنديين ضاعا منها في لمحة بصر بعمل غير محسوب تتحمل مسؤولياته كاملة المقاومة اللبنانية التي يجب الآن محاسبتها لا فقط إسرائيليا وأمريكيا.. وغربيا.. بل أيضا عربيا.   مسكينة اسرائيل فمن حقها أن تدافع عن جنديين ولذا على لبنان أن يدمر تماما وإذا ما تكلمت سوريا فــــإن الحرب عليها قادمة لا محال ألم يصرّح بوش أن سوريا هي المسؤولـــــة                (المصدر: جريدة الصباح التونسية الصادرة يوم 16 جويلية 2006)
 
 


بسمه تعالى  تعقيب على مقال مستقبل الاسلام السياسي في تونس

 
الاخوة الكرام في تونس انيوز بعد اطلاعنا على مقال السيد علي بن سعيدحول مستقبل الاسلام السياسي في تونس راينا من واجبنا توضيح الاتي اولا نطالب الاخوة الذين يكتبون في تاريخ الحركة السياسية في بلادنا و خصوصا الاسلاميون منهم الالتزام بالموضوعية و الحدود الشرعية وعدم الالتجاء الى الاساليب الغير اخلاقية مع من نختلف معهم في الموقف السياسي او في النهج العقائدي ثانيا عدم ذكر معلومات غير دقيق و لا موثوقة لقد تعرض السيد علي بن سعيد في مقاله الى بعض الشخصيات الاسلامية التونسية ووصفها بانها صنيعة اجهزة امنية مثل الاستاذ زياد كريشان و الشيخ محمد مبارك بعداش و الشيخ الدكتور التيجاني السماوي  وهذا عار عن الصحة فالاستاذ زياد كريشان صحافي تونسي مرموق و مسؤول و يتحلى بالوطنية الصادقة قد نختلف معه في خطه السياسي ونهجه النقدي للحركة الاسلامية و لكن لا يجرنا هذا الى الادعاء الباطل الذي لا غاية منه الا  التجريح و التشكيك اما الشيخان المبارك بعداش و السيد تيجاني السماوي فهما من المؤسسين الاوائل للجماعة الاسلامية الى جانب الشيخ راشد الغنوشي و من الرجال الصادقين في دينهم ووطنيتهم و من العاملين في الحقل الاسلامي منذ بداية السبعينات من القرن الماضي ارجو من السيد علي بن سعيد ان يتقي الله وان يتحرى في ما يكتب ان  مدرسة اهل البيت سلام الله عليهم هي مدرسة عريقة و اصيل وجدت في بلادنا تونس منذ القرن الاول للظهور المحمدي ان تراثنا و تاريخنا يحكي لوحده اصالة هذه المدرسة و انتمائها لارض تونس الخضراء و ما لى السيد علي بن سعيد مراجعة تاريخ بلاده ان انتشار التيار الموالي لاهل بيت النبوة منذ بداية الثورة الاسلامية المباركة بقيادة الامام روح الله الموسوي الخميني قدس سره و الى يومنا هذا ليس من عمل اجهزة امنية تونسية او اجنبية بل لان المسلم في تونس يميز بين الحق و الباطل و يجد في فكر مدرسة الرسول الاعظم و اهل بيته الطيبين الطاهرين صلوات الله عليهم اجمعين الاجوبة الشافية و الكافية لفهم عقيدته و هويته الاسلامية اننا نفخر بانتمائنا الى هذه المدرسة مدرسة ابائنا و اجدادنا في تونس منذ اكثر من الف واربعمائة عام و نفخر بالعلاقات المميزة بين الجمهورية التونسية و الجمهورية الاسلامية بايران و ندعوا الى تمتين العلاقة بين الشعب المسلم بتونس و الشعب المسلم بايران ان تيار اتباع مدرسة اهل البيت عليهم السلام هم وطنيون احرار لا ياتمرون و لا يلتزمون الا بكتاب الله و سنة رسوله  وال بيته الطيبين الاطهارسلام الله عليهم اجمعين ملتزمون بالثوابت الوطنية و باختيارات شعبهم و اهلهم في تونس ان الاختلاف بين الاطراف السياسية في بلادنا امر مشروع و لكن لا يجر   اختلافنامع الاخرين الى تخوينهم او التشكيك في وطنيتهم  فالرجاء من السيد علي بن سعيد مراجعة ارائه و معلوماته  و ان يسعى لوحدة الصف الاسلامي و ان يجعل قلمه في خدمة الاسلام و المسلمين مع الشكر السيد عماد الدين الحمروني
 

مسألة عهد بوش والبوشيّة:

وظيفة الأيديولوجيا

 
صالح بشير (*)        «نهاية ديبلوماسية الكاوبوي» أعلنت مجلة «تايم» الأميركية في عدد لها أخير، ناعية في الآن نفسه تأثير «المحافظين الجدد» وانفرادهم، توجيهاً إيديولوجيا إن لم يكن قرارا وإنفاذا، بالسياسة الخارجية للإمبراطورية لبعض سنوات خلت، بدت لنا دهرا، بالنظر إلى جسامة ما خلفته وما ستخلفه من تبعات، قد يكون بعضها مبرما لا رجعة فيه وقد يستغرق تلافي بعضها الآخر أمدا سيطول لا محالة.   ينطبق الاحتمالان هذان، سيناريو قاتما أو سيناريو أقل قتامة، على العراق مثالا صارخا، كما ينطبقان على أوجه عدة في الحياة الدولية بعد أن فعلت فيها البوشية فعلها. وما قد يؤكد أفول تأثير «المحافظين»، وإن لم يكن الأفول ذاك بالأمر المستجد (على غير ما قد يوحي تناول مجلة «تايم») أن بعض أساطينهم ودهاقنتهم أضحى ينحو منحى أقرب إلى سلوك المعارضين وخطابتهم، ويستهدف بنقده اللاذع وزارة الخارجية الممسكة بزمام أمورها كوندوليسا رايس، تلك التي يؤخذ عليها ما اعتبر فتور حزمٍ في معالجة قضايا وملفات كذلك الإيراني والكوري الشمالي، وتراجعا في معالجة تلك المخاطر أو ما كان من قبيلها، لم تجن منه الولايات المتحدة غير شعورها بأنها أضحت «أقل عزلة»، على ما أشار أحد الكتاب من المحافظين الجدد، ساخرا مستهزئا بطبيعة الحال.   لكن واقع الحال يوحي بأن المستهزئ ذاك قد يكون مبالغا، أو أنه ربما صير إلى تأويل انسحار نفوذ جماعته وتياره على أنه أفول للإمبراطورية الأميركية وسطوتها الكونية في ذاتهما، في ضرب من التماهي هو من شيم أصحاب الرؤى الإيديولوجية (وتلك مواصفات ليس المحافظون الجدد بمنأى عنها)، توتاليتاريةِ المنبع أو المنزع، يسلّمون بتوحد بين نظرتهم هم للمصلحة العليا وللدولة وبين تلك المصلحة العليا وتلك الدولة. إذ لو تخفف ذلك المنتقد من جانب من الضغينة الذاتية، يخالط موقفه ويلابسه، لاطمأن على الأرجح إلى أن الولايات المتحدة لا تزال قوة «أحادية الجانب» في تعاطيها مع شؤون العالم، وأنها لم تأت في ذلك الصدد من تغيير سوى المتعلق بالأسلوب وبالطريقة، وهو تغيير، قد يبقى والحالة هذه، في عمقه وفي نهاية مطافه، محدودا وموضعيا، لا يستوي حصانة من العودة، في مستقبل الأيام، إلى البوشية الفجة الفظة، كما عهدناها في السنوات القليلة الماضية.   خذ مثلا قضية معتقل غوانتانامو. فقد بدا، في الأيام الأخيرة، بأن الإدارة الأميركية ثابت إلى رشدها، وقررت التقيد باتفاقات جنيف في ما يتعلق بمعاملة نزلاء ذلك المعتقل، وإن اكتفت ببند منها محدد، هو «البند الثالث مشترك» (مشترك لأنه وارد في الوثائق الأربع التي تكوّن اتفاقات جنيف)، القاضي بتحريم المعاملة القاسية والمهينة للمعتقلين وممارسة التعذيب والعنف في حقهم.   هي خطوة محدودة وجزئية، طالما أنها لا زالت تحجم عن إسباغ صفة «أسرى الحرب» على معتقلي غوانتانامو، أي تقصر عن نسبتهم إلى وضع قانوني معلوم ومعترف به، وتُبقي عليهم غُفلا من تلك الناحية القانونية، إذ تسترسل في اعتبارهم «مقاتلين أعداء»، وفق تسمية انفردت السلطات السياسية والعسكرية الأميركية باختراعها وبإنفاذها، واضعة أولئك المعتقلين خارج كل إطار حقوقي، على نحو ناجز أو شبه ناجز، يخضعهم إلى تعسف جلاديهم وإلى استنسابهم، ربما خشية من تحول «المواجهة مع الإرهابيين من ساحات الحرب إلى قاعات المحاكم»، على ما صرح مسؤول أميركي، دون أن يفهمنا ما الذي تتوجسه قوة تعرضت إلى اعتداء كذلك المتمثل في الحادي عشر من أيلول (سبتمبر)، ذريعة الحرب الأفغانية وترحيل مقاتلي «القاعدة» والمتواطئين معهم إلى غوانتانامو، من انتقال المواجهة إلى قاعات المحاكم.   غير أن الخطوة تلك قوبلت بالترحاب، وإن شابه تحفظ متفاوت الدرجة. إذ اعتُبرت منزلة أرقى من اللاقانون ومن التعسف المطلقين، أو بدت إنفاذا أو بداية إنفاذ لذلك الوعد الغائم، وغير الملزم، الذي تفوه به الرئيس بوش أثناء القمة الأوروبية-الأميركية الأخيرة في فيينا، عندما أعلن عن رغبته في «طي صفحة معتقل غوانتانامو»، أو أن الترحاب ذاك من باب الواقعية، والمفاضلة بين القليل وبين اللاشيء.   لكن ما يبقى لافتا، بصرف النظر عن كل ذلك، وما من شأنه أن يكون مطمئنا لمنتقدي وزارة الخارجية من المحافظين الجدد أن الولايات المتحدة، تصرفت، في «تنازلها» هذا، على نحو أحادي الجانب. إذ هي لم تفعل ذلك التزاما تلقائيا بالقوانين والتشريعات الدولية أو استجابة لما أضحى، أو لما يُفترض أنه أضحى، قيماً تشكل الضمير العالمي، بل نزولا عند رأي أو حكم صادر عن هيئة أميركية، محلية، هي المحكمة العليا… ما يمثل امتدادا لتقليد أميركي، لم يخترعه بوش الإبن، ذلك الذي يجعل الولايات المتحدة تأنس في نفسها صلاحية التشريع باسم العالم وبرسمه، وتعتبر تشريعاتها جابّة للتشريعات الدولية أو تحظى بالأسبقية عليها. وفي ذلك ما قد يدعو إلى التذكير ببعض بديهيات، أولها أن الإنفرادية مكون بنيوي من مكونات السطوة الأميركية، تلك القوة الجامعة، على نحو قد يكون فريد، بين وعي محلّي مغرق في محليته وكونية إمبراطورية قد تكون غير مسبوقة، وأن الأمر سيظل كذلك ما لم تقم في وجه الولايات المتحدة كوابح من قوة ومن نفوذ مضاد، لا مجرد قيم يجري التبشير بها أو التذكير بها ولا تمتلك أنيابا.   يبقى مع ذلك ملمح لافت في هذه الإمبراطورية، هو مدى «انتهازيتها» الإيديولوجية، وانتقالها السريع أو تقلبها بين الأخذ بنظرية «صدام الحضارات» كما صاغها صمويل هنتنغتون، واستوت، لبعض الوقت، إنجيلا يأخذ به المهتمون بشؤون العالم، وبين اعتماد «أفكار المحافظين الجدد» (خصوصا أثناء الحرب العراقية)، حتى اعتماد كتاب وضعه المتطرف الإسرائيلي ناثان شارنسكي مرجعا أثيرا من قبل الرئيس بوش خلال حملته الإنتخابية الأخيرة… ربما عاد ذاك إلى تغير جوهري طرأ على طبيعة وعلى وظيفة الإيديولوجيات، مفاده أن هذه الأخيرة ما عادت نظرة للعالم تتسم ببعض من ثبات، بل أضحت مجرد تسويغ لسياسات وتعبيرا عنها في هذه اللحظة وفي ذلك الآن، فأدركها، بدورها، منطق «التسويق»…   (*) كاتب تونسي، إيطاليا.   (المصدر: ملحق « تيارات » بصحيفة الحياة الصادرة يوم 16 جويلية 2006)

 


Home – Accueil الرئيسية

 

Lire aussi ces articles

26 avril 2006

Home – Accueil – الرئيسية TUNISNEWS 6 ème année, N° 2165 du 26.04.2006  archives : www.tunisnews.net Omar S’habou annonce la naissance

En savoir plus +

20 janvier 2009

Home – Accueil   TUNISNEWS 8 ème année,N° 3164 du 20.01.2009  archives :www.tunisnews.net   Liberté et Equité: Nouvelles des libertés en

En savoir plus +

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.