الأحد، 14 سبتمبر 2008

Home – Accueil

 

TUNISNEWS
8 ème année,N°3036 du 14.09.2008
 archives : www.tunisnews.net 


نشطاء حقوقيون : عـــــــــــــــريضة

الأساتذة المطرودين عمدا: رسالة بمناسبة العودة المدرسية

كلمة : شهيد جديد في الحوض المنجمي يدفن مع رصاصته ويدفن معه اسم قاتله

كلمة : مسعود الرمضاني محاصر

النفطي حولة : في سبيل اطلاق سراح ابناء اهالينا في الحوض المنجمي

النفطي حولة : هل من بوادر انفراج لحل قضية الأساتذة المطرودين عمدا ؟

سليم بوخذير: الجزيرة – تونس: المعادلة المستحيلة، مرّة أخرى

مراد رقية:رسالة من تلاميذ الأستاذة زكية الضيفاوي الى أستاذتهم المعتقلة

عبد الكريم الحرباوي : الرد على  جمال الدين أحمد الفرحاوي (إلى اللذين غادروا الوطن)

كمال بن يونس : موعد الصباح: إلى وزير التربية.. ورئيس منظمة التربية والأسرة

الصباح:غدا العودة المدرسية:أخصائي نفساني:الأولياء مدعوون إلى تجاوز أسوار المدارس والمشاركة في كل تفاصيل الحياة المدرسية

قدس برس : ربع سكان تونس يتوجهون غدا إلى مدارسهم ومعاهدهم

العرب: تراجع عدد التلاميذ فى المدارس التونسية

 قدس برس : تونس: جامعة الزيتونة تستحدث مدرسة للدكتوراه في العلوم الدينية وحوار الحضارات

الصباح : أمام احتداد المنافسة على شعب علمية سامية وارتفاع عدد الطلبة : ظاهرة هجرة الطلبة التونسيين إلى الخارج في تزايد مستمر

المنصف  زيد : نبتت فينا القصيدة  

 

خالد شوكات: بورقيبة والقرآن

برهان بسيس : البعـد الآخـر : إلـى المـدارس…

أبوجعفرلعويني : “حرب على الإسلام” أم إرهاب نظام”

د.خــالد الطــراولي : بنك الزيتونــة الإسلامــي : البعــد السيـاسي

‘الملتقى الفكري للإبداع’ : الإسلام والعلمانية والحداثة.. رؤية اجتهادية مغايرة

  مصطفى الخلفي : الأحزاب الإسلامية والوعي الاستراتيجي

محمد الحافظ الغابد:الأزمة الموريتانية.. هل إلى الخروج من سبيل؟

طارق الكحلاوي : الأزمة الاقتصادية الأميركية ومفارقتها السياسية


 

(Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe Windows (

(To readarabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows)


أسماء السادة المساجين السياسيين من حركة النهضة الذين تتواصل معاناتهم ومآسي عائلاتهم وأقربهم منذ ما يقارب العشرين عاما بدون انقطاع. نسأل الله لهم  وللمئات من الشبان الذين تتواصل حملات إيقافهم منذ أكثر العامين الماضيين فرجا قريبا عاجلا- آمين 

 

21- هشام بنور

22- منير غيث

23- بشير رمضان

24- فتحي العلج 

 

16- وحيد السرايري

17- بوراوي مخلوف

18- وصفي الزغلامي

19- عبدالباسط الصليعي

20- الصادق العكاري

11- كمال الغضبان

12- منير الحناشي

13- بشير اللواتي

14- محمد نجيب اللواتي

15- الشاذلي النقاش

6-منذر البجاوي

7- الياس بن رمضان

8-عبد النبي بن رابح

9- الهادي الغالي

10- حسين الغضبان

1-الصادق شورو

2- ابراهيم الدريدي

3- رضا البوكادي

4-نورالدين العرباوي

5- الكريم بعلو


نشطاء حقوقيون : عـــــــــــــــريضة

   

بنزرت في 30 أوت 2008   نحن النشطاء الحقوقين بولاية بنزرت، الممضون أسفله وعلى إثر الإيقاف الذي تعرض له المناضل الحقوقي السيد طارق السوسي العضو المؤسس للجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين بـ« تهمة نشر أخبار زائفة » على خلفية التصريحات التي أدلى بها يوم 28 أوت 2008 لقناة الجزيرة في نشرة الحصاد المغاربي ، نشهد وعلى مسؤوليتنا الخاصة، أن ما جاء في بيان فرع بنزرت للجمعية الدولية للمساجين السياسيين بتاريخ27 أوت 2008 ممهوراً بتوقيع السيد طارق السوسي موافق للوقائع التي عاينّاها خلال يومي 22 و23 أوت 2008 والتي أبلغ فيه عن الإختطافات التي تعرض لها شباب بنزرت السبعة الواردة أسماؤهم بالبيان المذكور، مطابق للحقيقة وأن ما أدلى به من تصريحات في ذات الموضوع لقناة الجزيرة في التاريخ المذكور أعلاه يوافق واقعاً شهدنا ونشهد على حدوثه .   الإمضاءات   الرقم            الإسم                     واللقبالصفة   01         رشيد همام                 يناشط حقوقي  
02          محمّد مقنين                ناشط حقوقي   03          رحاب بوجمعة            ناشطة حقوقية   04          ندى السيفاوي             ناشطة حقوقية   05          مكي الرواحي             ناشط حقوقي   06          علي المنصر               ناشط حقوقي    07          لطفي حجي               الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان-فرع بنزرت   08          حسان الصفاقسي          P.D.P   09          سعاد القوسامي             P.D.P  
 
10         آسيا النفاتي                     ناشطة حقوقية  
11        ياسين البجاوي                PDP       
12      محمد الحبيب الحمدي           PDP     13          خالد بوجمعة                PDP  


                                                                                                    رسالة بمناسبة العودة المدرسية

 

2008    تونس في 15 سبتمبر نحن الأساتذة المطرودين عمدا يهمنا أن نتوجه إلى عموم الأسرة التربوية بمناسبة العودة المدرسية بالرسالة التالية: زملائنا زميلاتنا الاعزاء: تعودون اليوم إلى ممارسة مهمتكم التربوية النبيلة يحدوكم العزم و المثابرة، و لكننا في هذه المناسبة العزيزة على كل مربي لا نكون بينكم للمرة الثانية و هو ما من شانه ان يشعرنا بالمرارة و الحسرة و الغبن لما تعرضنا له من اقصاء دون أي مبرر.  زميلاتنا زملائنا الكرام: إننا اذ نتذكر العودة المدرسية اليوم فلقناعتنا التامة انه لا حياة و لا مستقبل لنا خارج المعاهد بينكم في قاعات الأساتذة، و هو حقنا الذي دافعنا عنه و إياكم طيلة سنة كاملة غير أن تعنت سلطة الإشراف و رفضها للحوار مع الطرف النقابي على الرغم من تبني الاتحاد العام التونسي للشغل لقضيتنا هو ما يؤخر عودتنا و انضمامنا إلى أسرتكم الكريمة، الأمر الذي زاد من الاحتقان و تدهور العلاقة بين وزارة التربية و الطرف النقابي. و إننا إذ نتوجه إليكم اليوم بالتهنئة بمناسبة العودة المدرسية فلنشكركم أيضا لوقوفكم إلى جانبنا في محنتنا و تجندكم أيام إضرابنا عن الطعام مطالبينا بعودتنا إليكم.  الأخوة اعضاء النقابة العامة للتعليم الثانوي: بعد تهنئتكم بالعام الدراسي الجديد  يسرنا أن نتوجه إليكم بهذه الرسالة شاكرينا المجهود الذي بذلتم طيلة السنة الفارطة من تاطير للاضرابات القطاعية و إضراب الجوع الذي خضناه  تحت إشرافكم إضافة إلى جلسات التفاوض المتكرر مع وزارة التربية و التي ابدت فيها تعنتا و لم تقدم أي مبرر لطردنا.  اننا اليوم على استعداد تام للتضحية و النضال مجددا بكل الطرق المشروعة و تحت يافطة الاتحاد العام التونسي للشغل من اجل حقنا في العودة الى عملنا، و بهذه المناسبة ندعوكم ان تضعوا بين يدي الوزير الجديد ملفنا كاملا، فنحن وان كنا على أتم الاستعداد للنضال المباشر فإننا لا نقفز على الحل التفاوضي، و لكننا نريده تفاوضا جديا يؤدي إلى انهاء معاناتنا دون مماطلة او تسويف. السيد وزير التربية و التكوين: ها إننا نتوجه إليكم للمرة الثالثة طالبين انصافنا و التعامل مع ملفنا بعيدا عن التاويلات المغرضة راجينا ان تكون هذه السنة سنة عودة الحقوق لاصحابها بعد ان ذقنا مرارة الظلم، يحدونا في ذلك الأمل في ان تفتحوا ملف طردنا و تأمروا با صلاح ما ارتكب في حقنا من ظلم.     . و إلى أن تفعلوا تقبلوا فائق التقدير .  
الأساتذة المطرودين عمدا: – محمد مومني أستاذ فلسفة – على الجلولي أستاذ فلسفة – معز الزغلامي أستاذ إنجليزية لمراجعة ملف طردنا و يوميات إضراب الجوع ال 39 يرجى الدخول إلى مدوناتنا: -1- مدونتنا الأصلية المحجوبة في تونس و نطالب بإطلاق سراحها من اجل الحقيقة http://moumni.maktoobblog.com/ – 2- مدوناتنا البديل http://3profexclu.blogspot.com/ http://moumni2.maktoobblog.com/ -3- مدونتنا باللغة الإنجليزية و قريبا بلغات أخرى http://professors-expelled.blogspot.com/

شهيد جديد في الحوض المنجمي يدفن مع رصاصته ويدفن معه اسم قاتله

 

 
 
 
 الصحبي صمارة  توفي أمس السبت 13 سبتمبر الجاري بالمستشفى الجامعي بصفاقس (300 كلم جنوب شرق العاصمة تونس) الشاب عبد الخالق بن مبارك بن أحمد عميدي عن سنّ تناهز 28 عاما وذلك تأثّرا بإصابته بطلق ناريّ في التحرّكات التي شهدتها معتمدية الرديّف من ولاية قفصة جنوب البلاد. وأصيب عبد الخالق برصاصة في كتفه يوم 7 جوان أثناء قيام وحدات التدخّل بإطلاق النار على مسيرة سلميّة كانت تجوب شوارع معتمدية الرديّف خلال التحرّكات الاحتجاجية التي قام بها أهالي مناطق الحوض المنجمي على أوضاعهم الاجتماعية الصعبة.  وقال الأستاذ الهادي ردّادي أحد أبرز المحامين في الجهة والذي تابع ملفّ معتقلي الحوض المنجمي وسجنائه في اتصال هاتفي مع كلمة “إنّ الرصاصة التي أصابت الشاب عبد الخالق يوم 7 جوان كانت عميقة إلى درجة أنه لم يتمّ انتزاعها إلى حين وفاته وقد مكث في المستشفى الجامعي بقفصة طيلة هذه الفترة ولكنّ إصابته قد أثّرت على مواضع حسّاسة في جسده”. وكانت قوات الشرطة قد أطلقت النار بشكل شبه عشوائي حتّى أنّ أغلب الإصابات كانت في ظهور المصابين وفي مناطق خلفية من أجسادهم بما يعني أنّهم كانوا في حالة فرار جرّاء إطلاق النار المصحوب بقنابل مسيلة للدموع حجبت الرؤية على الجميع. وأكّد شهود عيان أن القتيل الشاب ظلّ ينزف لساعات طويلة قبل أن يتمّ حمله مع بقية المصابين إلى المستشفى الجهوي بقفصة ومن ثمّ نقله إلى مدينة صفاقس لإجراء عملية جراحية فشلت في نهاية المطاف في إنقاذه من الموت. ولم تفتح السلطات التونسية تحقيقا جدّيا أو علنيا في المسألة بل تعاملت معها، حسب ما أفادت بعض وسائل الإعلام المقرّبة من الحكومة، على أساس أنّ العملية كانت مشروعة لأنّها تندرج في إطار الحفاظ على النظام العام. وقال البشير التكّاري وزير العدل في تونس في ندوة صحفية انعقدت بوكالة الاتصال الخارجي عقب هذه الأحداث أنّ الأمن أطلق النار ردّا على هجوم بالزجاجات الحارقة بعد أن أكّد أن المتظاهرين قاموا بصنع زجاجات المولوتوف. واعتبر التكّاري آنذاك أنّ العملية قانونية وأنّه تمّ التنبيه على المتظاهرين قبل إطلاق النّار وهو ما نفاه بالمرّة أهالي المنطقة وأهالي المعتقلين وعائلات المصابين. كما لم يتمّ إحضار أيّة مواد حارقة أو زجاجات المولوتوف التي ادّعت السلطات أنّه تمّ تصنيعها طيلة جلسات المحاكمات. وعاشت مدينة الرديّف، وهي أهم مدينة منتجة للفسفاط بالبلاد التونسية، والمدن التي تجاورها أشهرا من الاحتجاجات على رداءة الظروف الاجتماعية وانعدام مواطن الشغل واستشراء الفقر المدقع رغم ما تساهم به من نصيب كبير في العائدات المالية للحكومة من إنتاجها للفسفاط، وقد قابلتها السلطات التونسية بحملة اعتقالات واعتداءات واسعة ضمّت المئات من الشباب الذين تستمرّ محاكمتهم منذ أشهر. وقالت مصادر مطّلعة أنّ عملية إطلاق النّار جاءت لإيقاف مسيرة سلمية عبّر فيها الأهالي عن غضبهم من الحصار الذي عاشته مدينة الرديّف طيلة 6 أشهر أي منذ بداية التحرّكات في 6 جانفي الماضي إلى أن بلغت الأوضاع مستوى من إهانة الأهالي والاعتداء على حرماتهم حيث بادرت قوّات الشرطة باقتحام المنازل ليلة 6 جوان الماضي وافتكاك أمتعة المواطنين وخلع أبواب الدكاكين والاعتداء بالعنف على المتساكنين بما وسّع دائرة الاحتجاج صبيحة يوم 7 جوان وهو ما ردّت عليه قوات الشرطة بإطلاق مكثّف للنار وللقنابل الغازية ممّا أدّى إلى مقتل الشاب الحفناوي المغزاوي (25 سنة) على عين المكان وإصابة أكثر من 20 آخرين بطلق ناري منهم الشاب عبد الخالق بن مبارك بن أحمد عميدي الذي توفّي يوم أمس. ميدانيا أصدرت الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان بيانا يوم أمس تقدّمت فيه بتعازيها إلى عائلة الشهيد وجدّدت فيه مطالبتها السلطات التونسية بتكوين لجنة وطنية محايدة للوقوف على أسباب وفاة الشابين الحفناوي المغزاوي وعبد الخالق عميدي وجرح عديد المواطنين والظروف التي حفّت بإطلاق النّار على المتظاهرين. وتساءلت الرابطة عن أسباب التباطؤ اللاّمتناهي في التحقيق قضائيا في تلك الأحداث المأساوية مذكّرة أنّه لم يتمّ إلى الآن توجيه أي اتهام لمن أطلق النار ولم يتمّ فتح بحث في الموضوع رغم خطورته. وشدّد البيان على ضرورة تحلّي القضاء بكلّ الاستقلالية والحياد الضروريين لإظهار الحقيقة وتحميل كلّ طرف لمسؤوليته وطالبت في الختام بإطلاق سراح جميع المساجين في أحداث الحوض المنجمي. هذا وقد قامت السلطة بتغيير والي قفصة ومعتمدي مناطق الحوض المنجمي والرئيس المدير العام لشركة فسفاط قفصة في خطوة سياسية وليست بالقانونية إذ لم يتمّ فتح تحقيق في القضيّة ولا محاسبة أيّ كان حسب القانون. فيما سعت السلطات إلى ترويج إشاعات تتعلّق بإيقاف مسؤولين أمنيين عقب تلك الأحداث ومعاقبتهم غير أنّه لم يتمّ الإعلان عن شيء من هذا القبيل وهو ما تتميّز به السلطات في تونس التي تخجل من تطبيق القانون على المذنبين من أجهزتها وعناصرها مخافة أن تأخذ العدالة مجراها وأن يتعوّد المواطنون على المطالبة بتطبيق القانون على الجميع. (المصدر: موقع كلمة الإلكتروني ( تونس) بتاريخ 14 سبتمبر 2008)  


مسعود الرمضاني محاصر

 

الصحبي صمارة     أصدرت اللجنة الوطنية لمساندة الحوض المنجمي بيانا عبّرت فيه عن مساندة منسّقها مسعود الرمضاني رئيس فرع الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان. وطالب البيان برفع الحصار المفروض على الرمضاني منذ بداية الصيف المنقضي والذي بلغ محاصرة الحيّ الذي يقطن فيه بأكمله وأكّد البيان عن تضامن اللجنة، التي تضمّ في صلبها وجوها حقوقية ونقابية وطنية، مع الرمضاني مطالبا السلطة برفع الحصار الجائر عليه واحترام حياته الخاصّة وحقّه في السفر والنشاط.  ويتعرّض الرمضاني وهو أستاذ تعليم ثانوي وناشط نقابي وحقوقي إلى عديد المضايقات من طرف أجهزة الشرطة والشرطة السياسية على خلفية نشاطه الحقوقي بجهة القيروان. وقد تكثّفت محاصرة الرمضاني اللصيقة منذ أشهر عقب الإعلان عن تشكيل لجنة وطنية لمساندة أهالي الحوض المنجمي منذ بداية التحرّكات الاحتجاجية لأهالي هذه المنطقة في جانفي الماضي. هذا ويرابط عدد من عناصر الشرطة بالزي المدني ليلا نهارا أمام منزل الرمضاني، حيث بلغت إجراءات الحصار حدّ استقدام رافعة لإصلاح الأعمدة الكهربائية لمراقبة منزله عن كثب ومعرفة إذا كان موجودا بداخله. ومنع الرمضاني عديد المرّات من التنقّل إلى العاصمة تونس أو زيارة أقاربه أو أصدقائه في الولايات المجاورة للقيروان كما تعرّض في شهر جوان المنقضي إلى الإيقاف من طرف عناصر الشرطة السياسية في محطّة سيارات الأجرة بالعاصمة تونس وتمّ الاعتداء عليه بالعنف المادّي واللفظي وإجباره على العودة إلى القيروان. وكان الرمضاني قد منع في وقت سابق من دخول معتمديات الحوض المنجمي المنتفضة ولم يتسنّ له القيام بدوره كمنسّق للجنة الوطنية لمساندة أهالي الحوض المنجمي إلاّ تحت الترهيب حيث يضطرّ في كثير من الأحيان إلى تغيير طريقه للوصول إلى المنطقة. ولقي الرمضاني في هذا الإطار مساندة ودعما معنويا من قبل عديد الحقوقيين والنقابيين إزاء ما يتعرّض له. يذكر أنّ عائلة مسعود الرمضاني تعيش تحت وضع حصار ومراقبة يومية رغم نشاطه الحقوقي المعلن والقانوني في صلب الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان. (المصدر: موقع كلمة الإلكتروني ( تونس) بتاريخ 14 سبتمبر 2008)


بسم الله الرحمان الرحيم

“إنا لله و إنا إليه راجعون”

“يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية”        

انتقلت إلى رحمة الله تعالى السيدة ربح والدة أخينا فتحي الهمامي السجين السياسي السابق… و السيدة ربح بلغت الثمانين من العمر و قد عانت طويلا من المرض…. و قد حظي أخونا فتحي بالحضور قرب والدته ساعة انتقالها إلى الرفيق الأعلى الليلة على الساعة العاشرة و النصف إثر صلوات التراويح… أخونا فتحي متزوج و له من الأبناء أربع كلهم في سن الدراسة.. و قد قضى سنة كاملة داخل السجون التونسية و رغم كونه لم يصدر في شأنه حكم تكميلي بالمراقبة الإدارية إلا أنه أخضع إليها مدة طويلة طويلة ظلما و تعسفا.. و تنقل الجنازة إلى مقبرة الدندان مع صلاة العصر.. تغمد الله تعالى الفقيدة في واسع رحمته و فسيح جناته و رزق كافة ذويها جميل الصبر و السلوان…   لتقديم التعازي:   الأخ فتحي الهمامي: 0021696233038 جرجيس في: 14 أوت 2008   عبدالله الــــــــــــــــزواري


 

في سبيل اطلاق سراح ابناء اهالينا في الحوض المنجمي

بقلم النفطي حولة :
 14 سبتمبر – ايلول -2008 بدات تتوالى علينا اخبار اطلاق سراح بعض من الشباب الموقوفين تعسفا في الاحداث التي جدت في بلدات الحوض المنجمي وخاصة  في مدينة الرديف  التي شهدت توترا شديدا ادى الى اطلاق النار وفرض حالة الطوارئء بنزول الجيش الى الشوارع لاول مرة بعد انتفاضة الخبز من القرن الماضي بتاريخ 3 جانفي1984 . وقد بلغ عدد المسرحين  من ابناء الحوض المنجمي الى حد كتابة هذا المقال اكثر من عشرين موقوفا  .  واذ نسجل هذا بارتياح فاننا ندعوا  كل القوى الديمقراطية وعلى راسها الاتحاد العام التونسي للشغل لممارسة دوره كاملا من اجل اطلاق سراح البقية وخاصة اعضاء اللجنة التي قادت المفاوضات طيلة الازمة اولئك الذين تعلقت بهم تهم جنائية خطيرة.  ومن بين اعضاء اللجنة اساتذة ومعلمين  وغيرهم من النقابيين ومن ضمنهم من قاد وناضل في صفوف الاتحاد العام لطلبة تونس ايمانا منه بمشروعية النضال في صلب للمنظمة النقابية الطلابية المستقلة  وهو المناضل حفناوي بن عثمان الذي حوكم  سابقا من اجل الدفاع عن حقه في الانتداب بوزارة التربية والتكوين بعد ان اسقط عمدا في مناظرة الكاباس  .فهؤلاء الموقوفون على ذمة التحقيق  ذنبهم الوحيد انهم اطروا تلك النضالات المشروعة تاطيرا حضاريا سلميا بعيدا عن العنف والمصادمات وقد نجحوا في ذلك نجاحا  باهرا الشيء الذي اقنع السلطات المحلية والجهوية بان تعترف بدورهم في المفاوضات  والحوار . ولقد توصلوا الى عدة حلول لعدة ملفات  باعتراف الطرفين هذا مما يدل على ان هؤلاء الاخوة هم من خيرة النقابيين المؤمنين بالحوار السلمي سبيلا لفض كل المشاكل العالقة  والذين ضحوا بوقتهم وصحتهم  وراحتهم من اجل قضية عادلة و مشروعة  وهي الحق في الشغل دون محابات ولا محسوبية ولا رشاوى. بل من بينهم الاخ حفناوي بن عثمان الذي هو بدوره من اصحاب الشهائد المعطلين عن العمل  ولما حلت اللجنة ملفه كبقية اصحاب الشهائد االعاطلين عن العمل وتحصل على مشروع في المناولة وهو في بداية  عمله لم يحد عن الطريق الذي رسمه لنفسه في النضال من اجل القضايا العادلة لجماهير امته وفضل الالتزام مع بقية زملائه في اللجنة التفاوضية  فكان عضوا ناشطا لم يتاخر يوما في  المساهمة بارائه البناءة في سبيل حل الازمة الى اخر لحظة ايقافه  وهو يتابع  بروح مسئولة  كل ما يحصل من تطورات  على الساحة المحلية والوطنية ويحاول جاهدا  بمعية زملائه الخروج من الازمة بروح وطنية مخلصة. ولا ننسى ذكر بقية المعتقلين  كالاخت زكية الضيفاوي  ومن معها من اساتذة ومعلمين الذين حوكموا من اجل مساندتهم لقضية ابناء الحوض المنجمي  وهم يطالبون باطلاق سراحهم  في تحرك سلمي مدني بمدينة الرديف يوم 27 جويلية الفارط. اننا نطالب باطلاق سرحهم  والكف عن التتبعات العدلية و القضائية في شانهم ايمانا منا بان الحل يكمن في الاسلوب التفاوضي السلمي  لللازمة الاجتماعية الخانقة التي بدات تلوح في الافق  وربما كانت في بلدات الحوض المنجمي هي البداية  باعتبارها ناقوس الخطر الذي  يسبق العاصفة   ذلك لان الوضع الاجتماعي  يشهد احتقانا ملفتا للانتباه سواء في ملف التشغيل حيث سجلت البطالة ارقاما قياسية او في ملف  الاسعار حيث شهدت ارتفاعا مهولا  لا يزال في تصاعد مستمر حتى بعد ما انخفض سعر البترول. ان الواجب الوطني يحتم على كل المنظمات المستقلة  والقوى الديمقراطية والتقدمية القيام  بحملة وطنية من اجل اطلاق سراح ابناء اهالينافي الحوض المنجمي لسببين اثنين على الاقل : اولا: ان قضية اهالينا في الحوض المنجمي هي قضية عادلة وهي قضية كل ابناء تونس الباحثين عن شغل -ثانيا :  ان الحل الامني هو حل  فاشل باعتراف الجميع باعتبار قضية التشغيل هي قضية وطنية يجب ان تحظى بالاولوية اللازمة.            صدر في ناصريون اون لاين وفي مدونتي تحت العنوان التالي : nafti1952.maktoobblog.com 

 

هل من بوادر انفراج لحل قضية الأساتذة المطرودين عمدا ؟

بقلم :النفطي حولة :
 13 سبتمبر-ايلول -2008 مرت سنة كاملة على الطرد  التعسفي للأساتذة  محمد المومني و علي الجلولي ومعز الزغلامي ومازالت القضية تراوح مكانها. فهل من مؤشر جديد يبشر زملائنا بحلحلة ملفهم  وإعادة النظر فيه؟ خاصة على ضوء التغيير الذي حصل في وزارة التربية والتكوين بعد ما وقع تعيين الوزير الجديد .وللتذكير فان قضية زملائنا المطرودين عمدا ليست سوى قضية الحق في الشغل  الذي يعاني منه الألآف من شبابنا المتحصلين على الشهائد العليا وغيرهم .                                           وهي ذات القضية التي دفعت بأهالي بلدات الحوض المنجمي للتحرك في سبيل ضمان لقمة العيش الكريم التي أصبحت الشغل الشاغل للعديد من أبناء تونس .                                            وهي القضية التي حركت أهالي ماجل بن عباس وفريانة من ولاية القصرين   .                       وهي القضية التي سقط ضحيتها الشهيدين حفناوي المغزاوي  وهشام العلايمي  .                     وهي القضية التي حوكم من اجلها العديد من أبناء الحوض المنجمي . وهي القضية التي اعتقل من اجلها عشرات الشبان من قفصة والقصرين . وهي القضية التي تظل مرفوعة  في السنوات القادمة ما لم تجد طريقها إلى الحل  وتجد الأذان الصاغية . إنها قضية الشباب بامتياز وخاصة أصحاب الشهائد الذين يبحثون عن الشغل  وتصد في وجوههم الأبواب.                                                فهي القضية التي تدفع بأبنائنا إلى الهجرة السرية  فيتعرضون لمصاصي الدماء من المتاجرين بالأرواح البشرية فيلقون حتفهم في البحر غرقا أو في أحسن الحالات يجدون أنفسهم عرضة للإيقافات التعسفية في محتشدات الغرب العنصرية ومن يصل منهم إلى ضفة المتوسط يعيش على وقع المطاردات الأمنية ويمارس عليه أبشع أنواع الاستغلال الفاحش لليد العاملة و ربما يجد نفسه بين عصابات المافيا الدولية التي تفعل به ما تشاء بهدف الربح  ولا شيء غير الربح .                     إن قضية الحق في الشغل  وفي الحياة الكريمة هو من ابسط الحقوق في دولة القانون والمؤسسات  اللذان يحتم عليها توفيرهما لكل مواطن .                                                            فما هو ذنب زملائنا المطرودين عمدا حتى يحرمون من حقهم في الشغل ؟                           فهل  نحاسبهم على النوايا الوطنية الصادقة التي دفعت بهم بكل تلقائية النقابي الغيور للدفاع على المطالب المادية والمعنوية للأساتذة ؟                                                                 فهل نحاسبهم على دخولهم في الإضراب الذي تقرر ليوم  11افريل 2006 وكأنهم قاموا بجريمة نكراء علما وان حق الإضراب مكفول دستوريا ؟                                                          ولنفترض أنهم اخطئوا مرة أولى هل نحاسبهم بقطع الأرزاق ؟ ولنفترض أنهم اخطئوا ثانية ألا يتسع صدر تونس التي ضحي في سبيل مناعتها وحريتها   الشهداء الأبرار للصفح والتسامح ؟               ولنفترض أنهم اخطئوا ثالثا ألا يمكن أن تكون سلطة الأشراف اكبر من الضغائن والأحقاد وتسعى إلى تجاوز المشكل  وحله خاصة وهو يتعلق بمصير ومستقبل شبابنا الذي بذلت في سبيله المجموعة الوطنية الجهد الكبير ليتعلم وينجح ؟                                                                  ألا يمكن أن تستفيد من علمهم وخبراتهم الأجيال اللاحقة ؟                                            إن الفرصة لا تزال تسمح  بطي صفحة الماضي  . فلنؤمن إيمانا راسخا  بالتجاوز وإمكانية الإصلاح  لأننا دعاة  خير لبلادنا  وأبنائنا . فأحسن ما نهديه لأبناء تونسنا العزيزة هو الشعور بالأمن والاستقرار الاجتماعي والذي يتجسد بالنية الصادقة  في خلق بوادر الانفراج والسعي قدما بالأفعال من اجل تنقية الأجواء.  

                                     

 

الجزيرة – تونس: المعادلة المستحيلة، مرّة أخرى

كتب سليم بوخذير * (تونس) : بتاريخ 9 – 9 – 2008  أعاد إعتقال السلطات التونسيّة للناشط الحقوقيّ التونسي المعروف طارق السوسي وتقديمه للمحاكمة على خلفيّة مقابلة بثّتها له قناة “الجزيرة”، موضوع علاقة الحكومة التونسيّة بقناة “الجزيرة” إلى سطح الأحداث وطرح الجدل من جديد حول هذه العلاقة التي أسالت مِدادا وافرا في السابق .   هذه المرّة لم “تُلوّح” فقط الحكومة التونسيّة بإعتقال ناشط ظهر في “الجزيرة” ليتحدّث بطريقة لا تُعجبها و إنّما مرّت إلى الإعتقال فعلا ، وتحوّل ضيف المقابلة بعد أقل من 24 ساعة من بثّها إلى ضيف لدى السجون .  وكان السوسي تحدّث في المقابلة عن7 شبّان وقع إعتقالهم في مدينة بنزرت التونسية ،فحضر الأعوان بالزيّ المدني ليأخذوه وهو المُعاق أصلا من دون حتّى أن يُمهلوه ليأخذ عُكّازيه معه .   لم تكن المرّة الأولى التي تُعبّر فيها الحكومة التونسيّة عن رفضها لطرح “شؤون تونسيّة” على قناة “الجزيرة” بطريقة لا تهضمها ، ولكنّها المرّة الأولى التي يكون فيها إعتقال ضيف المقابلة هو الحلّ الذي يلقى طريقه نحو التجسيم .   في مناسبات سابقة لوّحت الحكومة فقط بفكرة إعتقال ضيف من ضيوف مقابلات “الجزيرة”، و لكنّها سرعان ما تراجعت ، فعلى إثر بثّ مقابلة مع المعارض التونسي الدكتور منصف المرزوقي ضمن فقرة “ضيف المنتصف” على “الجزيرة” يوم 14 أكتوبر – تشرين الأوّل 2006 ، أحالت االسلطات التونسيّة قضيّة ضدّ تصريحاته إلى المحكمة مُلوّحة باعتقاله فور عودته إلى تونس ، و في النهاية تراجعت عن إعتقاله حين وصل . لكن على إثر تلك المقابلة بالذات أقدمت الحكومة التونسية على خطوة أخرى عُدّت سابقة في علاقة الحكومات العربيّة ب”الجزيرة”، فببساطة هي قطعت فورا تمثيلها الديبلوماسي في دولة قطر في محاولة للضغط على “الجزيرة” التي هيلا تتقيّد بأجندة أي دولة بما في ذلك قطر وإنّما بأجندتها هي المتمسّكة بإستقلاليّتها كوسيلة إعلام مٌحايدة ، وهو ما خلق أزمة بين البلديْن سرعان ما إجتهد الديبلوماسيين لحلّها وإذابة الجليد نهائيا بين البلديْن . لا داعي طبعا للتذكير بأنّ الخطاب الإعلامي الجديد الذي إنفردت “الجزيرة” بإشاعته في المشهد الإعلامي العربي الحديث ، شكّل نُقلة نوعيّة أعادت للخبر الصحفي قدسيّته وللتعليق حرّيته ، وبأنّ هذا الخطاب الإعلامي المُحايد الذي يطرق كلّ المناطق المحظورة سابقا في محيط الأحداث العربية (المحلّية و المشتركة) ، قد أغضب الحكومات .   و لكن بعد أكثر من 10 سنوات من ولادة مشروع “الجزيرة” ، نستطيع القول إنّ الحكومات العربيّة في علاقتها ب”الجزيرة” 3 أصناف : – صنف “نادر” إجتاز “عُقدة” الإعلام الحرّ وإختار قبول “الجزيرة” بكلّ خصوصيّاتها و إعطائها الضوء الأخضر لتعمل بحرّية ، و ينتمي إلى هذا الصنف لبنان بإمتياز .   وصنف ثان من الحكومات يسمح ل”الجزيرة” بفتح مكاتب على أرضه و بثّ تغطيات منها و لكن مع “حراسة” المراسلين و تسليط تضييقات عليهم “عند الحاجة” و إن لزم الأمر إعتقالهم مثلما حصل يوما لسعيد عبد الغني في مصر التي تنتمي إلى هذا الصنف من الحكومات .   و أمّا الصنف الثالث فتمثّله حكومات أخذت الطريق من قصيره كما يُقال، ورفضت أصلا إعتماد مراسلين ل”الجزيرة” على أراضيها ، بل و”بذل قصارى الجهد” في العلن والخفاء من أجل منع مشاركة متحدّثين ل”الجزيرة” عن شؤونها .  في هذا السياق يرى عديد المراقبين أنّ تونس إحتلّت المرتبة الأولى في حجم التضييقات التي حاولت ضربها ضد الإخبار التي تبثّها “الجزيرة” عنها والتي هي أصلا ضئيلة .   أوّلا أبتْ الحكومة التونسيّة للعام الخامس على التوالي إعتماد مراسل “الجزيرة” الصحفي لطفي حجّي ولم تكتف بذلك ، فتقارير منظّمات صحفيّة دوليّة بارزة تتحدّث عن مضايقات أمنيّة تعرّض لها حجّي وصلت حدّ الاعتداء عليه بالعنف ، على خلفيّة أخبار مكتوبة يرسلها إلى “الجزيرة” .   ثانيا تمتنع الحكومة التونسيّة عن السّماح ببثّ عبر الأقمار الصناعيّة لمقابلات مع عديد ضيوف”الجزيرة” من تونس، ممّا يضطرّ القناة إلى الإكتفاء بمُصافحات قصيرة وخاطفة عبر الهاتف من تونس ، مهما كانت أهميّة الحدث .   و لكن وفيما توقّعت الحكومة التونسيّة أنّ يُنهي كلّ هذا التضييق على “الجزيرة”، ما يصفه البعض ب”الصّداع” الذي قد تُسبّبه لها إذاعة بعض الأخبار ، لم ينجح في رأي الملاحظين هذا الأسلوب في منع الأخبار التونسيّة من الحضور في نشرات “الجزيرة” بالطريقة المُحايدة التي لا تعجب في العادة الحكومات ، كما لم يمنع “الجزيرة” من إفتكاك إعجاب التونسيين بحياديّتها البالغة وحرفيّة محرّريها .   لقد جلب الضغط الكبير مثلا الذي حاولت الحكومة التونسيّة ممارسته على إثر بثّ مقابلة د.المرزوقي في 2006 ، بالغ التعاطف الدولي لهذا المعارض التونسي ، فيما أرادت الحكومة بضغطها جلب التعاطف معها في ما تصفه ب”حملة قناة”الجزيرة” عليها” .   والآن وقد إعتقلت السلطات التونسيّة الناشط السوسي بهدف تغييبه عن أضواء الإعلام الدولي ، يتكرّر السيناريو تقريبا فقد تحقّق العكس وأطلقت الحكومة التونسيّة بإعتقاله حملة دوليّة بدأت تتّسع للمطالبة بالإفراج عنه وحضر إسمه بوفرة في مساحات الإعلام الدوليّة بعد سجنه حيث أريد تغييبه .   لسائل أن يسأل إذن : من الأذكى ؟ هل الحكومات التي سمحت ل”الجزيرة” أن تعمل على أراضيها و إختارت الردّ ضمن برامجها على كلّ وجهات النظرالمُخالفة لها في الرأي؟ أم تلك الحكومات التي حاربت “الجزيرة” علنا على حياديّتها وصنعت ضوضاء من حيث لم تقصد هي في غنى عنها حول ملفّاتها الحقوقيّة وإنتهاكها لحرّية التعبير التي تكفلها المعاهدات الدوليّة التي وقّعتها ؟ • كاتب و صحافي تونسي *( المصدر : صحيفة “المصريّون” (يوميّة – مصر) بتاريخ 9 سبتمبر 2008 ). * الرابط :http://www.almesryoon.com/ShowDetails.asp?NewID=53703&Page=5


رسالة من تلاميذ الأستاذة زكية الضيفاوي الى أستاذتهم المعتقلة

حضرة  الاستاذة العزيزة حضرة المناضلة والحقوقية الفاضلة ابنة القيروان،عاصمة الثقافة الاسلامية يسرنا ويسعدنا ويشرفنا أن نتوجه الى أستاذتنا العزيزة الفاضلة في يوم الاثنين15 سبتمبر2008 بهذه الكلمات القليلة التي من الأكيد لن توافيك حقك ،والتي نتمناها بلسما وشفاء لك في هذا اليوم المتميز ذي المعنى  المضاعف فهو يوم العودة المدرسية الذي ننتظره بفارغ الصبر للقاء أساتذتنا ومربيينا الأعزاء الأفاضل ومن بينهم أنت التي غرست فينا حب الوطن والتعلق بالحرية والديمقراطية وتكريس علوية القانون وسيادة الحقوق علوية القانون وسيادة الحقوق في بلادنا التي بادرت الى حماية حقوق المرأة عبر مجلة الاحوال الشخصية،فلماذا نحرم من لقائك والتواصل معك وأنت التي غرست فينا فرادة مكانة المرأة التونسية وتميزها عبر مرحلة الكفاح التحريري وعبر مرحلة البناء والتشييد. يوم15 سبتمبر2008 هو ذات اليوم الذي سوف تعيد فيه المحكمة النظر في ملفك ، فما هي ياترى التهم الموجهة اليك بعد اعتقالك أيتها المربية المثالية الفاضلة،هي تهم واهية الغرض منه تشريع وتبرير الاعتقال  الاعتباطي،ان المناضلة الحقوقية والرابطية الرائدة الأستاذة  زكية الضيفاوي هي متهمة بحب الوطن والغيرة على مكتسباته،بل أكثر من ذلك ببساطة شديدة الذوبان في حب الوطن والوقوف الى جانب الحق الواحد غير المتعدد،هي سجينة الرأي القيروانية التي آلت على نفسها الربط بين ما تدرسه بين جنبات قاعة الدرس عبر حصص التاريخ المتناولة لقيم المواطنة والمساواة والحرية والديمقراطية وتكريس الحقوق ورفض الظلم والجبروت؟؟؟ ان تلاميذ الأستاذة زكية الضيفاوي يرسلون اليها  بهذه التحية الرمضانية في مفتتح هذه السنة الدراسية وانهم سوف يكونون في انتظارها للالتحاق بهم لتواصل معهم رفع لواء المعرفة الكارهة للظلم ،المطالبة عاليا بالدفاع عن الحقوق عموما وحقوق المدرسين والمربين المطرودين والمعتقلين وصولا الى تكريس دولة القانون والمؤسسات،وهم يطالبون المسؤولين خاصة وزير التربية والتكوين  وكذلك وزير العدل وحقوق الانسان وهم من رجالات وخبراء القانون  باطلاق سراح المربين المعتقلين في أثناء أحداث الحوض المنجمي حتى يلتحقوا بأسرهم وبقطاعات عملهم التي هي في أمس الحاجة اليهم والى وطنيتهم الغامرة لبناء تونس الرقي والتقدم وكره الرداءة التلقائية والمفروضة  على السواء؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

الرد على  جمال الدين أحمد الفرحاوي (إلى اللذين غادروا الوطن)

 

عندما كنا في تونس، قال بعضهم ” مغادرة تونس خيانة ،” اليوم أصبحت العودة ذلة وانحناء. لا ،يا عنتره، أيصح هذا الكلام  يا  رمز الوفاء و يا صاحب الشهامة. أتحتقر وتسب الناس الذين دفعوا الكثير بسبب  أخطاء النهضة. على كل حال كلمات  جميلة  ولكنها دون المستوى.  ومن اللائق لك أن تتحمل المسؤولية وتعتذر. يبدو أن الحركة و بإطلاق سراح السجناء قد فقدت أهم أسلحتها. واليوم تكتشف الحركة المهجرين لتملأ بهم حقيبتها السياسيه. أو أنها عميت على الملفات الأخرى, التي تترحها الأحزاب لخوض المعارك السياسيه النزيهه.  أم أننا بحاجة إلى المزيد من الألم وسنوات الغربه حتى نعترف بأخطائنا؟ الله يهديك يا أخي عنتره. عبد الكريم الحرباوي ميونخ في 14.09.2008

 

موعد الصباح: إلى وزير التربية.. ورئيس منظمة التربية والأسرة

يكتبه: كمال بن يونس   مع افتتاح السنة الدراسية وعودة أكثر من مليوني طفل وشاب الى المدارس الاساسية والاعدادية والثانوية تبرز مشاكل بيداغوجية وأخرى اجتماعية انسانية بالجملة.. رغم الجهود الجبارة التي بذلها الاف الموظفين والموظفات من قطاع التربية والتعليم خلال الصائفة لضمان افتتاح العام الدراسي الجديد في احسن الظروف.. مع مفتتح كل عام دراسي تبرز مشاكل الاكتظاظ في بعض قاعات الدراسة والمدارس والمعاهد في عدد من الاحياء والمدن الجديدة.. حيث شيدت العمارات العملاقة والفيلات الفخمة والمقاهي والمحلات التجارية العصرية.. ونسي الجميع أن الاطفال والشباب في حاجة الى مدارس ومعاهد وقاعات رياضة وتثقيف..   مع مفتتح كل عام دراسي تبرز مشاكل الجداول المدرسية.. التي تكثر فيها ساعات فراغ التلاميذ.. لان بعض الادارات تحرص على ترضية المربين والمربيات ولو كان على حساب بقاء الاولاد والبنات في الشوارع طوال ساعات يوميا..   مع مفتتح كل عام دراسي تطرح مشكلة تكديس بعض التلاميذ المتفوقين والاساتذة الناجحين في بعض الفصول.. فيدفع كثير من التلاميذ المتفوقين والمتوسطين الثمن.. لانهم يجدون أنفسهم “ضايعين” وقد يخسرون مستقبلهم المهني بسبب عدم التوازن في توزيع التلاميذ والاساتذة بين الاقسام.. لتقديم حظوظ متساوية (أو على الاقل متشابهة) للغالبية الساحقة من التلاميذ..   مع مفتتح كل عام دراسي يجد بعض الاولياء والمربين والتلاميذ أنفسهم مع ادارات حازمة في الحرص على الانضباط.. مرنة في حصص الحوار مع الاولياء والمربين.. مستعدة للتعاون مع الاولياء ومنظمات التربية والاسرة والجمعيات المماثلة.. خدمة لمصلحة التلاميذ والاسرة التربوية.. مقابل ادارات منغلقة على نفسها.. تتسبب سنويا في مشاكل بيداغوجية وتربوية بالجملة..   فعسى أن يبادر السيد وزير التربية الجديد وأعضاده ومسؤولو منظمة التربية والأسرة بتنظيم زيارات تفقد فجئية دورية للمدارس والمعاهد.. مع لقاء الاولياء والاداريين والمربين للتعرف على مشاغل القطاع ومقترحات التجاوز أفقيا وعموديا.. تكريسا لشعاري تحسين المستوى العلمي والتربوي والأخلاقي للتلاميذ.   (المصدر: جريدة الصباح ( يومية – تونس) بتاريخ 14 سبتمبر 2008 )  

 

غدا العودة المدرسية: ملفات ثقيلة.. لا بد من فتحها  الغيابات المدرسية.. العنف.. الإدمان.. الدروس الخصوصية.. غياب فضاءات المراجعة..

أخصائي نفساني: الأولياء مدعوون إلى تجاوز أسوار المدارس والمشاركة في كل تفاصيل الحياة المدرسية

  تونس الصباح: ملفات ثقيلة وعلى غاية من الأهمية لا بد من فتحها منذ أول أيام السنة الدراسية وعلاجها بجدية متناهية..  وهي تتعلق بمسائل عديدة تشغل بال جميع عناصر الأسرة التربوية من تلاميذ ومربين وأولياء وقيمين ومرشدين بيداغوجيين ومتفقدين ومختصين في خلايا الإنصات والإرشاد ومهتمين بالطب المدرسي وغيرهم.. ومن بين هذه المسائل ما يتعلق بالغيابات المدرسية.. والعنف.. والإدمان.. والدروس الخصوصية  والكثير من السلوكيات المنافية لقواعد الحياة المدرسية.. فهي ظواهر تبعث على الانشغال..   ولئن شهد بحث هذه الإشكاليات وغيرها خلال السنوات الدراسية الأخيرة نسقا تصاعديا.. فإن النتائج التي تم تحقيقها لم ترتق إلى المستوى المطلوب.. بل يبدو أن الوضع قد ساء أكثر من الماضي وأصبح الكل يشعر بوجود أزمة حقيقية تعانيها المؤسسة التربوية.. فالمربي يتذمر من سوء سلوك التلميذ وعدم جديته وضعف مستواه التعليمي.. والتلميذ يشتكي من كثرة غيابات الأستاذ ومن تهاونه في إبلاغ المعلومة للتلميذ بمراعاة قدرته على الاستيعاب.. في حين تلقي الإدارة باللائمة على الأولياء وتتهمهم بالاستقالة وعدم إيلاء الاهتمام اللازم لمشاغل أبنائهم فهم لا يهتمون إلا بالنتيجة النهائية ولا يزورون المدارس والمعاهد إلا خلال فترة الامتحانات.. أما الأولياء فيعيبون على المؤسسة التربوية عدم توفير فضاءات كافية لاحتضان أبنائهم وقت الفراغ وحمايتهم من أخطار الشارع كما تراهم يتذمرون من تهافت المربين على الدروس الخصوصية ويعتبرون أن ذلك جشع ليس في محله واستنزاف لمقدراتهم الشرائية وميزانياتهم العائلية..   وأمام تفاقم هذه الأزمة فإن المهتمين بالشأن التربوي مدعوون اليوم وأكثر من أي وقت مضى إلى بذل مجهودات أكبر لنفض الغبار عن تلك الملفات ومعالجة كل إشكالياتها بتفان وجدية وسرعة حتى لا يستفحل الأمر ويتعكر الوضع أكثر مما هو عليه الآن..   ولا شك أن الأمر لن يستقيم إلا بتشريك جميع عناصر الأسرة التربوية لأن التجربة قد بينت أن استقالة أي عنصر منهم تسبب في إفشال أي جهد إصلاحي..   “على طاولة واحدة.. يجب أن يجلس الجميع.. من مربين وتلاميذ وأولياء وقيمين ومختصين في الإحاطة بالأطفال والمراهقين لمعالجة جميع قضايا المدرسة بكل جدية وجرأة “.. هذه هي إذن النصيحة التي توجه بها الدكتور عماد الرقيق الأخصائي في علم النفس والمهتم بمشاغل الأطفال والمراهقين.   المناشير وحدها.. لا تكفي   لا شك أن الدكتور عماد الرقيق محق في قوله لأنه لا يمكن حل تلك المسائل بمجرد قرارات إدارية أو مناشير تحذر مثلا من الدروس الخصوصية أو من الغايابات المدرسية أومن إتيان سلوكيات منافية لقواعد الحياة المدرسية.. بل تبين بالكاشف أن عدد الذين يخترقون تلك الضوابط في تزايد مستمر من سنة إلى أخرى..    فإذا نظرنا على سبيل المثال إلى قضية الدروس الخصوصية نجد أن المناشير الوزارية لم تمنع عديد المربين من التخفي وراء جدران غرف نومهم لتقديم تلك الدروس لتلاميذهم بل يصل بهم الحال إلى الضغط على تلاميذهم نفسيا ويدفعونهم دفعا لكي يواكبوا تلك الدروس حتى يضمنوا لأنفسهم النجاح أو التفوق إن أرادوا وإلا فإن الفشل هو مصيرهم المحتوم.. وتحد مثل هذه الدروس الخصوصية من مبدأ مجانية التعليم وتتسبب في اتساع الهوة بين أبناء المترفين وأبناء الفقراء من حيث القدرة على تحصيل المعارف والعلوم.   وإذا نظرنا إلى قضية العنف المدرسي نلاحظ أن الظاهرة آخذة في الانتشار لتكتسح جل المدارس والمعاهد بكل ولايات الجمهورية.. وأن ضحاياها هم من التلاميذ والمربين والقيمين دون استثناء.. وإذا نظرنا إلى بعض أسباب العنف نستنتج أن أهمها يعود إلى الإقصاء.. فالتلميذ يرفض كل الرفض أي إقصاء أو تهميش له وأثبتت التجارب أنه متشبث بالمدرسة ولا يرغب في مغادرتها مهما كانت الأسباب وفي هذا الصدد بينت دراسة حول السلوكيات المنافية للحياة المدرسية أجراها المركز الوطني البيداغوجي سنة 2005 أن ثلاثة أرباع التلاميذ ممن شملتهم عقوبات مجلس التأديب نتيجة إتيانهم سلوك عنيف هم من الراسبين..   وفي ما يتعلق بالسلوكيات الخطيرة التي تهدد الناشئة فإن الأيام التحسيسية  والتظاهرات التثقيفية الصحية والمناشير وجهود المختصين في الطب المدرسي لم تحل دون تفشي ظاهرة التدخين التي أصبحت تثير القلق إذ تجاوزت نسبة التلاميذ المدخنين داخل الوسط المدرسي 30 بالمائة إضافة لمن يدخنون خارج المدرسة.. كما لم تسلم المؤسسات التربوية من آفة المخدرات التي اكتسحت الأسوار وخربت أجساد عديد التلاميذ.. إضافة إلى تعود الكثير منهم منذ الصغر على المشروبات الكحولية والكلفرة وغيرها..      ونظرا لأهمية هذه المسائل فإن المؤسسات التربوية مدعوة منذ أول يوم من أيام السنة الدراسية إلى فتح الأبواب إلى جميع الأولياء والمنظمات والجمعيات والمربين المتقاعدين والمهتمين بالشأن التربوي من جامعيين ومختصين في علم النفس والاجتماع التربوي وغيرهم والقيام بكل المساعي لتشريكهم في مشاغل الحياة المدرسية..   دور رئيسي للأولياء   لئن اعتبر الدكتور الرقيق أن جميع أفراد الأسرة التربوية لهم نفس المسؤولية في معالجة مشاكل المدرسة فإنه يرجح كفة الأولياء باعتبارهم الأكثر قربا من أبنائهم وبالتالي الأكثر قدرة على معرفة مشاغلهم ومشاكلهم وإنتظاراتهم.   وأفادنا الدكتور أن الأولياء يجب عليهم أن يدركوا أولا أنهم جميعا معنيون بأزمة المدرسة وأن أبناءهم تهددهم عديد الظواهر الخطيرة الآخذة في الانتشار بسرعة لا توصف جراء الانفتاح على الغرب وانتشار الفضائيات..   وقال إن الفضائيات تروج سلوكيات سيئة وهي سريعة الانتشار وتنقل عدوى الانحراف والإدمان.. ودعا الأولياء إلى المواظبة على زيارة المؤسسات التربوية واستشارة المربين والإداريين ومتابعة جداول أوقات أبنائهم ومعرفة كل تحركاتهم وأين يقضون أوقات فراغهم وفيما يستثمرونها.. ومن النصائح التي قدمها العارف بشؤون الأطفال والمراهقين إلى الأولياء هي إسراعهم بتسجيل أبنائهم في نوادي ثقافية ورياضية ومكتبات عمومية ودور شباب ودور ثقافة فهي أفضل بكثير من قضائهم أوقات الفراغ في الشارع.. فالولي على حد قوله مدعو إلى دخول أسوار المدرسة والمشاركة في كل تفاصيل الحياة المدرسية.   وبين أن المؤسسة التربوية مدعوة إلى توفير فضاءات للمراجعة حتى لا يقضي التلميذ ساعات الفراغ يتسكع في الشوارع ويحتك بالمنحرفين.. كما يتعين عليها توفير الإطارات الكفأة المؤهلة علميا إلى معالجة مشاكل الأطفال المهددين بالانحراف والذين يعانون من صعوبات في الإدماج لأن هؤلاء يمكن أن ينقلوا بعض السلوكيات الخطيرة إلى غيرهم من التلاميذ.. أما المربي فيجب عليه على حد الدكتور الرقيق أن يضطلع بدوره التربوي الحقيقي وأن لا يقتصر على الدور التعليمي وتقديم الدروس.. فهو القدوة والمثال الأعلى الذي يجب أن يكون لكل تلميذ من تلاميذه..   غدا يعود آلاف التلاميذ إلى مقاعد الدراسة وغدا تدب الحياة من جديد في آلاف المدارس والمعاهد.. فهل سيتم فتح أبوابها إلى الأولياء والمهتمين بالشأن التربوي وتشريكهم في علاج مشاكل الحياة المدرسية؟   سعيدة بوهلال   (المصدر: جريدة الصباح ( يومية – تونس) بتاريخ 14 سبتمبر 2008 )  

ربع سكان تونس يتوجهون غدا إلى مدارسهم ومعاهدهم

   

تونس – خدمة قدس برس تفتح المدارس والمعاهد في تونس عامها الدراسي الجديد غدا الاثنين (15/9)، وتفيد أرقام رسمية أن مليونين و 85 ألف تلميذ سيدخلون تلك المدارس والمعاهد، يشرف عليهم نحو 134 ألف معلم ومعلمة. ومن المقرر أن تنطلق الدراسة في الجامعات في مواعيد مختلفة، ابتداء من الأسبوع الجاري، لتستقبل الجامعات عند اكتمال دوامها 370 ألف طالب، 60 في المائة منهم إناث. هذا وقد تراجع عدد التلاميذ في مراحل التعليم المدرسي الثلاث الأساسي والإعدادي والثانوي، بحوالي 45 ألف تلميذ، وهو وضع نتج عن تراجع الولادات خلال العشرية المنقضية، بسبب سياسة تحديد النسل التي شجعتها الدولة التونسية منذ الثمانينات من القرن الماضي.   (المصدر: وكالة قدس برس انترناشيونال بتاريخ 14 سبتمبر  2008)

 

تراجع عدد التلاميذ فى المدارس التونسية

   

تونس- العرب: قال حاتم بن سالم وزير التربية التونسى ان العام الدراسى الجديد سيشهد تراجعا بحوالى 45 ألف تلميذ وتلميذة، بالمقارنة مع الموسم الدراسى الماضي. وعزا الوزير التونسى هذا التراجع إلى ما وصفه بتقلص نسبة الولادات خلال العشرية الماضية، وانعكاس ذلك على عدد التلاميذ الجدد. ولكنه أشار بالمقابل إلى ارتفاع عدد التلاميذ المسجلين فى مراكز التعليم المهنى إلى 45 ألفا و501 ،مقابل 37 ألفا و639 تلميذ وتلميذة خلال الموسم الدراسى 2007 /2008، أى بزيادة بنسبة 21 %. ويبدأ اليوم الإثنين فى تونس العام الدراسى الجديد ، حيث سيتوجه أكثر من مليونى طالب إلى مقاعد الدراسة بمختلف مراحلها وسط اهتمام رسمى وشعبى كبير. وأضاف وزير التربية التونسى ، ان المدارس الإبتدائية والإعدادية والثانوية ستستقبل خلال العام الدراسى الجديد “2008/2009″، مليونين و85 ألف و 700 تلميذ وتلميذة، مقابل مليونين و 125 ألف و 831 تلميذ وتلميذة خلال العام الدراسى الماضى . وأشار إلى أن العام الدراسى 2008/2009 “سيعرف جملة من التجديدات على مستوى المناهج والمحتويات ووسائل التبليغ ، وأن البرامج والكتب الدراسية ستشهد استقرارا خلال السنوات القادمة بما يمكن من تقييم نتائج عملية الإصلاح التربوي”. واعتبر أن الهدف من مختلف البرامج والإصلاحات التى اعتمدتها بلاده “هو الإرتقاء بجودة المنظومة التربوية التونسية إلى مستوى المعايير الدولية”، لاسيما وأن قطاع التربية والتعليم يحظى بكل الإهتمام فى تونس. وتراهن تونس التى تخصص نحو 20 % من موازنتها لقطاع التربية والتعليم، أى حوالى 5 % من إجمالى الناتج المحلي، على التعليم لتطوير مواردها البشرية التى تعتبرها ثروتها الأساسية لمواجهة تحديات التنمية.   (المصدر: جريدة العرب (يومية – بريطانيا) بتاريخ 14 سبتمبر  2008)

تونس: جامعة الزيتونة تستحدث مدرسة للدكتوراه في العلوم الدينية وحوار الحضارات

   

تونس ـ خدمة قدس برس   كشف أكاديمي في جامعة الزيتونة في تونس النقاب عن استكمال الاستعدادات لإحداث “مدرسة الدكتوراه في العلوم الدينية وحوار الحضارات” تنبثق عنها ثلاث اختصاصات ماجستير في الشريعة الإسلامية وأصول الدين والحضارة الإسلامية، وأكدأن ذلك يأتي في إطار بحث سبل تعزيز الثوابت العربية والإسلامية ومواجهة مختلف التحديات. وأوضح مدير الدراسات والتربصات، المدير المساعد بالمعهد العلي لأصول الدين في جامعة الزيتونة الدكتور الصادق كشريد في تصريحات خاصة لـ “قدس برس” أن استحداث مدرسة الدكتوراه في العلوم الدينية وحوار الحضارات” يأتي في إطار مواكبة جامعة الزيتونة لمتطلبات الحياة المتطورة والمتحركة باستمرار لمواكبة العصر والتلاؤم مع المستجدات، وقال: “نحن في إطار مواكبة العصر والتلؤم مع المستجدات نقوم بمراجعة البرامج والمناهج أكثر من مرة، وكان آخرها مراجعة بمناسبة دخول الجامعة في منظمة “امد”، حيث يدرس الطالب عندنا مختلف المواد الشرعية بالإضافة إلى المواد الإنسانية بما فيها من فكر وفلسفة ونطق وعلوم وأيضا حوار الحضارات والأديان. وكان من نتيجة هذه المراجعات إحداث “مدرسة الدكتوراه في العلوم الدينية وحوار الحضارات” التي ستنبثق عنها ثلاث اختصاصات ماجستير في الشريعة الإسلامية وأصول الدين، والحضارة الإسلامية وهناك منهجية لبحث تخصصات أخرى”، على حد تعبيره. وأوضح كشريد أن الهدف من استحداث هذه المدرسة يندرج في سياق ترسيخ الانتماء العربي والإسلامي لتونس، وقال: “بطبيعة الحال الهدف من استحداث هذه المدرسة في جامعة الزيتونة يأتي في سياق تعزيز هوية تونس العربية والإسلامية، لتكون قادرة على مواجهة التحديات، وهو أمر يتنزل في إطار المواكبة لما هو موجود ولما يمكن أن يحدث، ولذلك فنحن على مستوى الإطار التدريسي  وبالتنسيق مع وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية يشد الرحال مجموعة من الأساتذة لعدد من الدول العربية والصديقة لتعريف المسلمين بمبادئ الإسلام وتوجيهاته، وبطبيعة الخطاب الديني المستنير الذي يسعى للتحرير والتنوير”. ونفى كشريد أن يكون طموح الانفتاح على باقي الثقافات والحضارات مهددا لهوية تونس الإسلامية، وقال: “جامعة الزيتونة هي أخت لباقي الجامعات التونسية وهي جزء من المجتمع، وكل ما يحدث فيها من مراجعات وإثراء للبرامج والمراجع يتنزل في إطار محافظة تونس على هويتها العربية والإسلامية وتعزيز انفتاحها على محيطها الخارجي العربي والإسلامي والدولي من أجل ترسيخ قيم الأمن والاستقرار والمحبة والتواصل، ولذلك كل المواد والمراجع سواء العربية أو الإسلامية أو غيرها تنصب في هذا الإطار، وطلابنا يدرسون حوار الحضارات وتاريخ الأديان وغيرها من المواد المتخصصة التي تراعي الثوابت الدينية وتحافظ على الانجازات التي تحققت في تونس منذ أن دخل إليها المسلمون، حيث لا مجال للمساومة في هويتنا العربية الإسلامية كما لا مجال للقطيعة مع من حولنا، فنحن ساهرون على التقريب بين المذاهب وضد أن تقوم أي فتنة على أساس عرقي أو ديني أو ما شابه ذلك”. وقلل الأكاديمي التونسي من أهمية نشاط الجمعيات التبشيرية في تونس، وقال: “نحن نشعر بطمأنينة وليست لدينا أي مخاوف على هويتنا العربية والإسلامية، صحيح أن هناك بعض الحالات الشاذة، لأن تونس تعتبر جزءا من العالم، والإعلام الوطني يحفل بنقاشات حولها مثل زواج المسلمة من غير المسلم، وغيرها ولكنها تبقى حالات شاذة ولم تتحول إلى ظاهرة نتيجة تمسك التونسيين بدينهم وهويتهم العربية والإسلامية، ثم بسبب الزخم الإعلامي الموجه لتعزيز قيم الانتماء العربي والإسلامي، وعلى رأسه إذاعة الزيتونة ثم تأسيس قناة الفردوس التلفزيونية، إضافة إلى التوجهات العامة وما تقوم به جامعة الزيتونة من تعزيز للخطاب الديني الذي يزداد نموا وترشيدا من حين لآخر. والتونسيون في يقظة تامة من من مثل هذه الحالات الشاذة وغيرها من المظاهر، ونحن مع الحوار بين الثقافات والحضارات والأديان السماوية، وندواتنا في جامعة الزيتونة يحضرها ممثلون عن مختلف الديانات، ولذلك ليست لدينا أي مخواف على هوية البلاد العربية والإسلامية”، على حد تعبيره.   (المصدر: وكالة قدس برس انترناشيونال بتاريخ 14 سبتمبر  2008)

أمام احتداد المنافسة على شعب علمية سامية وارتفاع عدد الطلبة: ظاهرة هجرة الطلبة التونسيين إلى الخارج في تزايد مستمر

   تونس-الصباح:  أمام الارتفاع الكمي لعدد الناجحين في الباكالوريا سنويا الذي وصل خلال السنة الجارية إلى قرابة 70 ألف طالب، وارتفاع عدد الطلبة الجملي الذي يناهز حاليا 370 ألف طالب، وأمام ارتفاع نسبة الناجحين في امتحانات الباكالوريا بمعدلات مرتفعة (30 بالمائة معدلاتهم تفوق 14 من 20)   
 يخير عدد من الطلبة التونسيين خصوصا من المحرزين على شهادات الباكالوريا بمعدلات حسنة أو فوق المتوسط ولم ينالوا حظهم في الحصول على الشعبة أو الاختصاص العلمي الراغبين فيه، إلى مواصلة دراساتهم العليا بالخارج في اختصاصات علمية تشهد ارتفاعا في الطلب عليها من قبل الطلبة الجدد على غرار الشعب الهندسية والتجارية والعلوم الطبية وشبه الطبية وغيرها.   ورغم أن تكاليف الدراسة بالخارج هي الأخرى تشهد ارتفاعا متواصلا خاصة مع عدم التمتع بمنحة حكومية، مما يضطر عائلة الطالب الراغب في الدراسة بالخارج إلى إنفاق مبالغ طائلة نظير تكاليف الدراسة والإقامة، إلا أن ظاهرة هجرة الطلبة التونسيين إلى الخارج في تزايد مستمر، فقبل سنوات كانت الظاهرة تشمل أساسا خريجي التعليم العالي الراغبين في مواصلة الدراسة بالمرحلة الثالثة في إحدى الجامعات الأوروبية أو الأمريكية، لكن في السنوات الأخيرة تزايدت نسب الناجحين الجدد في الباكالوريا الباحثين عن فرص لاستكمال دراستهم العليا بالخارج وخاصة بجامعات فرنسية وأمريكية (خاصة في اختصاصات هندسية وعلوم تجارية) وفي جامعات أوربا الشرقية على رومانيا وأكرانيا وروسيا (خاصة في اختصاصات طبية وشبه طبية..).   ومعلوم أن معظم الطلبة التونسيين الذين يتوجهون للدراسة بالخارج يستقرون ببلدان الإقامة عند التخرج خصوصا في صورة حصولهم على فرص عمل مغرية تتلاءم وتكوينهم الجامعي..   يذكر أنه تم اتخاذ إجراءات جديدة في ما يتعلق بالطلبة الراغبين بالدراسة بالخارج إذ يتم إعلام هؤلاء  مسبقا بضرورة الحصول على شهادة عدم ممانعة للدراسة بالخارج من قبل وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والتكنولوجيا يتم من خلالها إعلام الطالب على عدم آلية اسناد معادلة الشهادات الأجنبية والإقرار بصعوبة تشغيل خريجي الشعب الطبية وشبه الطبية في السوق التونسية.   أما عن الطلبة الممنوحين من قبل الدولة خاصة منهم الراغبين في الدراسة بمدارس هندسية فرنسية بعد نجاحهم في مناظرات القبول فقد تم اتخاذ اجراءات جديدة بشأنهم تهدف إلى إلزامهم بالتعهد بالرجوع الى تونس والعمل لمدة لا تقل عن 10 سنوات بعد التخرج بمؤسسة تونسية وذلك بعدما تبين خلال السنوات الأخيرة ان أغلبهم لا يعودون بعد تخرجهم من المعاهد العليا الفرنسية، كما يلتزم اولياء المعنيين بالتوقيع على وثيقة تعهد بالتضامن معهم وإرجاع مبالغ المنح المسندة اليهم في صورة عدم ايفائهم بهذا الالتزام.    معادلة 2400 شهادة سنويا   يذكر انه يتم سنويا في تونس معادلة أكثر من 2400 شهادة أجنبية معظم أصحابها أتموا دراسات المرحلة الثالثة أو الدكتوراه بالخارج. علما وأن عدد الطلبة التونسيين الدارسين بالخارج ما انفك يزداد ويتابع جزء كبير منهم دراساتهم العليا بجامعات بدول أوربية خصوصا منها دول أوربا الشرقية على غرار رومانيا وأوكرانيا وروسيا، وفي اوربا الغربية خصوصا بالجامعات الفرنسية التي تضم لوحدها أكثر من 10 آلاف طالب تونسي. فضلا عن تواجد طلبة تونسيين بالولايات المتحدة وبكندا وبعض الدول العربية بنسب أقل.   معادلة الشهادات الأجنبية   ويتوقع أن يقارب عدد الشهادات الأجنبية المعادلة والتي تمت دراستها من قبل اللجان القطاعية للمعادلات بوزارة التعليم العالي والبحث العلمي والتكنولوجيا إلى موفى شهر أوت المنقضي ما يقارب 1800 ملف. علما وأن علوم الهندسة تأتي في مقدمة نوعية الشهادات الأجنبية المعروضة للمعادلة، تأتي بعدها العلوم الاقتصادية، ثم اختصاص العلوم الطبية وشبه الطبية. وبنسب أقل اختصاصات العلوم القانونية والآداب والحضارة، والعلوم الإنسانية والاجتماعية والدينية، والعلوم الأساسية، واختصاص الهندسة المعمارية والتعمير والفنون الجميلة. مع الإشارة أن معظم طلبات شهادات المعادلة التي يدعى أصحابها إلى إجراء تكوين تكميلي في اختصاص العلوم الطبية وشبه الطبية.   تطور في الشهادات الهندسية والطبية    ويتبين أيضا من خلال قراءة في نوعية طلبات معادلة الشهادات الأجنبية المعروضة سنويا على اللجان القطاعية وجود تطور ملحوظ في شهادات علوم الهندسة والعلوم الاقتصادية والعلوم الطبية وشبة الطبية التي يفوق عددها ال60% من مجموع ملفات المعادلة. مقابل تراجع في شهادات العلوم الإنسانية والباكالوريا.   يذكر أن المعادلة هي المطابقة بين الشهادات والعناوين المسندة من قبل منظومة تربوية لبلد أجنبي للشهادات والعناوين المسندة من قبل المنظومة التربوية التونسية اعتمادا على جملة من الشروط كمتطلبات التسجيل وعدد سنوات الدراسة ومحتوى البرامج وإجراءات التقييم. ويخضع نظام المعادلات في الجمهورية التونسية إلى نصوص ترتيبية تضبط الهياكل المؤهلة لإسناد المعادلات والمعايير المعتمدة في ذلك. يجب التأكيد على أن مختلف النصوص المنظومة للتعليم العالي سواء من حيث الأهداف والهيكلة أو من حيث نظام الدراسات و تنص الامتحانات على ضرورة معادلة الشهادات الأجنبية بالشهادات التونسية ويعتبر هذا التنصيص ركيزة قانونية لطلب المعادلة.   54% من الطلاب العرب فى الخارج   لا يعودون إلى بلدانهم   جدير بالذكر في سياق متصل أن التقرير العربى الأول حول التشغيل والبطالة الذي صدر مؤخرا كشف أن نحو 20% من خريجى الجامعات العربية يهاجرون للخارج مما يشكل استنزافا للثروة البشرية العربية. وقال التقرير – الذى أطلق مؤخرا فى الجامعة العربية – إن نحو 50% من الأطباء العرب و23% من المهندسين و15% من العلماء يهاجرون إلى أمريكا وكندا..وأن 54% من الطلاب العرب الذين يدرسون فى الخارج لا يعودون إلى بلادهم..مشيرا إلى أن 34% من الأطباء فى بريطانيا هم من العرب. وأن 75% من المهاجرين العرب ذوى الشهادات العليا يستقرون فى بلدان غنية هى الولايات المتحدة وكندا وبريطانيا.   رفيق بن عبد الله   (المصدر: جريدة الصباح ( يومية – تونس) بتاريخ 14 سبتمبر 2008 )  

نبتت فينا القصيدة

     

عندما يصعد الموج الئ  المنتهى وتسقط أوراق ا لخريف ما بيننا   عندما نبكي دموعا ونبكي دماء عندها تنبت فينا القصيدة تهز القلب والروح و الكون سوى يعصرنا الشيطان والكلمات يناجينا الحجر والمطر يبكينا النجم والشجر  وتدع لنا أمي في القبر وحيدة رحل كل شيء  وتبخر ولم يبق غير النباح  و شماتة حمراء  و أخوة في الكره فريدة  ليرحل كل شيء  ليرحل الشيطان  وأصحاب الخرافة والجريدة  لترحل الأوراق البغيضة  ولتبقي أنت يا قصيدة يسكن فيك دمي وروحي اسقك  طفولتي والذكريات لتبقي أنت    يا عمري  في القصيدة حتى ولو جعلوك وسخا في الجريدة   المنصف  زيد    Septembre 2008  

 بورقيبة والقرآن  
خالد شوكات* اعتاد البورقيبيون في تونس خلال السنوات الأخيرة، على الاجتماع في مقبرة “آل بورقيبة” في قلب مدينة المنستير مرتين في السنة على الأقل، يوم ذكرى ميلاده في الثالث من أغسطس/آب، ويوم ذكرى وفاته في السادس من أبريل/نيسان، وذلك لقراءة الفاتحة على روح الزعيم الرئيس الذي صنع رحمه الله “أمة من غبار”، وبث في التونسيين روح الأصالة والحداثة معا، فعادوا بعده شعبا طموحا ودولة واعدة ومشروعا عظيما للمستقبل. وقد اخترت في هذا الشهر، شهر رمضان المبارك، الذي هو شهر القرآن، أن أتحدث عن علاقة الرئيس بورقيبة بكتاب الله، حيث كان لقاء البورقيبيين الأخير في ذكرى ولادته الأخير قبل أسابيع، مناسبة لحديث مستفيض بينهم عن هذا الموضوع، ومواضيع أخرى ذات صلة، ترسخ في مجملها بين أتباعه صورة بورقيبة “المجدد” المؤمن بضرورة الاجتهاد والتأويل المعاصر وتسخير الإسلام في خدمة معارك التنمية والتحديث. أخبرني الأستاذ محمد بن نصر الوالي السابق (المحافظ) على زمن الرئيس بورقيبة، قصة تستحق أن تروى، مفادها أنه سأل في أحد لقاءاته الزعيم عن كيفية التعامل مع القرآن، فكان أن أجابه بما جاء في القرءان نفسه، موصيا إياه باتباع الآية الكريمة “هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هنّ أم الكتاب وأخر متشابهات فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله, وما يعلم تأويله إلا الله، والراسخون في العلم يقولون آمنا به, كلٌٌّ من عند ربنا وما يذّكّر إلا أولو الألباب” (آية 7 من سورة آل عمران). لقد كان الزعيم بورقيبة مدركا لحقيقة المشكلة التي واجهها المسلمون منذ وقت مبكر جدا في تاريخهم، لعله يعود إلى سقيفة بني ساعدة، في كيفية التعامل مع النص المقدس، وقد انقسموا في صراعهم حول هذه المسألة إلى عشرات الفرق والطوائف، ولا يزالون، غير أن المهم ذكره هنا، هو أن هناك خطان بارزان يمكن بتسطيرهما تلخيص الصراع، أحدهما خط عقلاني تطور مع المعتزلة وما يزال يفرز تجليات مختلفة إلى اليوم، وإليه بالمقدور نسبة المجاهد الأكبر، وخط نصي حرفي ظاهري ما فتئ يفرز دعاة للانغلاق والتطرف والعنف حتى الساعة، وإليه تنتسب هذه الجماعات المستهينة بالدم والعرض والإنسان. والفرق الذي وجدته وأنا أقلب صفحات من السيرة البورقيبية، بين الزعيم التونسي الخالد وكثير من دعاة الحداثة في العالم العربي، أنه كان واعيا بحقيقة مكانة الدين في المجتمعات العربية والإسلامية، وأنه لم يكن مستعدا لترك الدين لمن يتطلع إلى تسخيره في مشاريع رجعية مضادة لروح العصر ومصالح المجتمع، و ما تزال الرؤية البورقيبية هي الأصح، حيث ثبت باستمرار أن معاداة الدين والتخلي عن وظيفة تأويله، لن يخدم إلا مصالح الجماعات المتطرفة والمنغلقة. لقد تعرضت السيرة البورقيبية على امتداد عقود، خاصة فيما يتعلق بصلة الزعيم بالإسلام، إلى حملات تشويه وتضليل متعاقبة، سواء من أطراف داخلية أو خارجية، وهو ما حرم ربما ملايين العرب والمسلمين، ومن بينهم أجيال التونسيين الجديدة، من الاستفادة من مدرسة إصلاحية عظيمة، لعلها فتحت آفاقا رحبة أمام الفكر والفقه الإسلاميين، أكثر بكثير ممن يزعمون نصرة الدين وهم من يشتري بآيات الله ثمنا قليلا. ومن الأمور التي يجب أن تذكر في هذا السياق، أن الزعيم بورقيبة كان واحدا من أبرز الملمين بعلوم القرآن والسيرة النبوية والفقه من أبناء جيله، وكان يحفظ الكثير من آيات الله، بل لعله كان حافظا لجلها، غير أنه كان مطلعا بشكل عميق أيضا على العلوم الإنسانية الغربية، متسلحا في تعامله مع الثقافتين بروحه النقدية والعقلانية الفذة، ومؤمنا بأن الحكمة ضالة المؤمن أينما وجدها التقطها. وأذكر في هذا المجال قصة أخرى تؤكد هذا المنحى، أخبرني بها الدكتور أحمد القديدي الذي تولى مسؤوليات رسمية بارزة أيام حكم الرئيس الخالد، مفادها أنه كان يوما في حضرة بورقيبة إلى جانب عدد كبير من المسؤولين، ولم يكن ساعتها معروفا لديه، وعند تطرق الرئيس إلى أحد المواضيع وأراد الاستشهاد بآية قرآنية، نسي جزءا منها، فتدخل الدكتور القديدي على غير وارد مذكرا بما نقص. وقد انقضت أسابيع بعد الحادثة، فلما شغر منصب رئاسة تحرير صحيفة العمل، الناطقة بإسم الحزب الحاكم، قال المجاهد الأكبر لرئيس وزرائه الأستاذ محمد مزالي، إن أفضل من قد يشغل هذا الموقع، هو ذلك الذي ذكرني بما نقص من الآية، فإبحث لي عنه، وقد كان الدكتور القديدي فعلا واحد من أفضل رؤساء تحرير هذه الصحيفة التي اشتق الزعيم إسمها من القرآن الكريم. وإن قارئ سيرة الزعيم الرئيس بورقيبة، سيعثر لا محالة على حقيقة كبرى وخيط واضح مستديم انطلق منذ اللحظة الأولى التي قرر فيها خوض غمار العمل السياسي أواخر العشرينيات، متطلعا إلى بث روح الحياة والاستقلال في شعب استكان إلى المستعمر، إلى أن التحق بالرفيق الأعلى، وفحوى هذه الحقيقة رحمه الله وأسكنه فراديس جنانه، أنه كان متدبرا للقرآن مستشهدا على الدوام بآياته، أليس هو من اتخذ لنفسه ورفاقه وحزبه وبلده شعارا دائما، الآية القرآنية “وقل إعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون..” (الآية 105/سورة التوبة). لقد استهل بورقيبة الحياة السياسية بمقال دافع فيه عن الحجاب باعتباره حينها مقوما من مقومات الهوية التونسية، التي كانت مهددة بمشاريع المستعمر الفرنسي البغيضة، وما فتئ بعد ذلك يستشهد بالآيات المحكمات من القرآن كلما واجه المشروع التحرري خطب من الخطوب، ومن ذلك ختمه رسالته المشهورة إلى الباي (الملك) في بداية الخمسينيات من القرن العشرين، والتي حظه فيها على الوقوف إلى جانب الحركة الوطنية والصمود في وجه الاستعمار وعدم اليأس من نصر الله، بالآية الكريمة ” أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله ألا إن نصر الله قريب” (الآية 214 / سورة البقرة). و قد تسلح المجاهد الأكبر بالآيات المحكمات كذلك، حين انتقلت البلاد كما وصف هو من الجهاد الأصغر (معركة التحرر من الاستعمار) إلى الجهاد الأكبر (معركة التنمية والتقدم في ظل دولة الاستقلال)، حيث كانت الآيات القرآنية سلاحه الأساسي في مواجهة أصوات الرجعية والتخلف، وسنده مجموعة من علماء الإسلام المستنيرين الأفذاذ من قبيل “العاشورين” محمد الطاهر ومحمد الفاضل رحمهما الله. ومن معارك الزعيم الأولى، معركة تحرير المرأة، وقد كان عنوانها الرئيسي تشريع منع تعدد الزوجات، إذ بادر إلى الاستشهاد بالآية الكريمة ” ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم” (الآية 129/سورة النساء)، وهي آية يقول بعض الفقهاء أنها نسخت غيرها فيما يتعلق بباب النكاح وأحكامه، وقد سن المجاهد الأكبر بهذا التشريع سنة حميدة سبق إليها، شكلت مطمح التقدميين في سائر أنحاء العالم العربي والإسلامي إلى هذا الوقت، وله بلا شك أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم الدين، لأن الله لا يضيع أجر من أحسن عملا. لقد حاول الشكلانيون في تونس وخارجها النيل من صورة الزعيم المجدد، مركزين على أحداث ظاهرية في سيرته تخالف العادات البائسة لا جوهر الدين، ومكرسين طريقة سطحية في التعامل مع النص الإسلامي، ومروجين لنمط من التفكير الفاسد شائع لم ينقطع، و موروث غير ممحص ولا مقدس، أنتجه بشر كسائر البشر، لعلهم اضطلعوا بمسؤولية في زمانهم، تماما مثلما أراد المجاهد الأكبر أن يكون المعاصرون مسؤولين في زمانهم. وثمة أمران يخصان كاتب هذه الأسطر في نظرته لشأن البورقيبية الفريد، جدير بي أن أذكرهما كخاتمة لمقالي هذا، أولهما أنني وقفت على عبقرية التأويل البورقيبي للإسلام وعلى سبق الزعيم بورقيبة إلى كثير من الخلاصات والنتائج التي أدركها اللاحقون من المفكرين المجددين من العرب والمسلمين، وثانيهما أنني أدركت أيضا مدى استفادة الزعيم بورقيبة من سيرة من أنزل الله على جوفه القرآن الرسول محمد (ص)، سواء في مرحلة الدعوة والثورة أو مرحلة البناء والدولة، استفادة المتبصر النافذ إلى أعماق ومقاصد الرسالة القرآنية، ومن أعلاها شأنا الوثوق من نصر الله متى كان العمل لصالح خلقه مخلصا.      


البعـد الآخـر إلـى المـدارس…
   بقلم: برهان بسيس
وأخيرا أطلّت العودة إلى المدارس بعد عطلة تستمر منذ سنوات أكثر من ثلاثة أشهر.  جزء من النقاش حول قضية التعليم في بلادنا يتصل بهذا التوزيع اللامتوازن لنظام العطل على مدى السنة الدراسية فنحن من أكثر بلدان العالم ارتفاعا في عدد أيام العطل المدرسية وكأنّ رهان الوقت الأكبر لفائدة التعليم لا يهم بلدنا ولا يشغل أولويات قضايانا التنموية.
يعود الألمان إلى المدارس بداية شهر أوت، يلتحق بهم الانقليز بعد منتصفه أما إذا تأخّرت عودة الفرنسيين فتكون بداية شهر سبتمبر، هل التلميذ التونسي محتاج لساعات تعليم أقل من زملائه الألمان أو الانقليز؟! بالتأكيد لا ولكننا بحاجة إلى توزيع أكثر توازن إذ لم نقل ساعات وأيام أكثر للعلم والتعلم نحتاج إلى توزيع أكثر توازن على مدى السنة يسمح بيوم عطلة في الأسبوع عدى الأحد تكون مخصصة للأنشطة الثقافية يقتطع من أيام عطلة الصيف الطويلة التي تبلد الأذهان وترتد بآلاف الأطفال التونسيين إلى حالة الأمية الفجّة التي تموت فيها كل المعارف المكتسبة في غمرة التسيّب الصيفي الشامل.   لا يمكن لنظام تعليمي يحمل على ظهره مسؤولية مستقبل البلد ورهاناته التنموية الثقيلة أن يعدّل اشتغاله على حالة الطقس أو عادات الخمول الصيفي أو تقلّب الفصول والمناخات، يرتاح صيفا وخريفا ليدخل بعدها دوّامة ضغط متواصلة في مسارعة جوفاء للزمن بحثا عن اتمام البرامج أو توفير الوقت لفائدة الأنشطة الجانبية التي أصبحت اليوم أساسا رئيسيا لنجاح العملية التعليمية ضمن المنظومات الحديثة للتربية والتعليم.   ندخل غدا سنة دراسية جديدة بنفس المطامح العامة لفائدة صورة متطوّرة لنظامنا التعليمي تقوم على ضرورة فتح نقاش وطني حول مستقبل المدرسة العمومية في تونس، تلك المدرسة التي تعدّ مفخرة دولتنا الوطنية والمصنع الذي تخرّجت منه النخب والكفاءات التي تتولى مهام البناء في مختلف مجالاته، هذه المدرسة العمومية التي بدأ الشكّ يحاصر صورتها والثقة تتراجع في أداءها ونجاعتها وقدرتها على مسايرة حاجيات البلد في مستوى تخريج الكفاءات القادرة على النهوض بمتطلبات التنمية بالمستوى والفكائة المطلوبين.   ومن حقنا أن نفاخر بأننا من الدول القليلة التي راهنت على التعليم وأفردت له الاستثمار الأكبر من ميزانيتها وهذا الفخر بالذات هو ما يجعلنا حريصين على بقاء الصورة الناصعة للمدرسة العمومية التونسية المتفوّقة التي يتكامل دورها مع المدرسة الخاصة محافظة على نفس مقادير النجاعة والكفاءة وحسن التأطير خدمة لصورة تعليم ديموقراطي يقوم عليه  مكسب التوازن  الاجتماعي الذي منح تونس ولا يزال مقوّمات استقرارها وتنميتها.   من المفهوم أن اتجاهات العصر تنحو في اتجاه استقرار ثنائية العمومي والخاص في معظم التجارب التعليمية في العالم ولكن هذه الثنائية – لا ينبغي أن تكون انسيابا فوضويا على حساب الأصل الذي تمثله المدرسة العمومية حاضنة الفئات الأوسع من أبناء الشعب ونحن إذ نعاين حرصا دقيقا على ضمان هذا التوازن بالنظر لما توليه الدولة من اهتمام وتسخير امكانات واستثمارات ضخمة لفائدة التعليم العمومي فإننا نعتقد أن الدفاع عن مكاسب هذا التعليم ليس مسؤولية الدولة وحدها بل مسؤولية كل المتدخلين في العملية التربوية وأولهم نساء ورجال التعليم من معلمين وأساتذة منحت لهم العائلات التونسية أبناءها أمانة في أيديهم، بتفاؤل ندخل هذه السنة الدراسية الجديدة وفي العقول طموحات لمزيد ترسيخ تقاليد الحوار والتواصل وقناعات بأن كل الظروف قد تهيأت لفائدة نجاح تتقاسم جهوده جميع الأطراف وتستفيد منه بهيّة وحيدة هي تونس.     (المصدر: جريدة الصباح ( يومية – تونس) بتاريخ 14 سبتمبر 2008 )  

“حرب على الإسلام” أم إرهاب نظام”
 
كتبه :أبوجعفرلعويني أقتبس على طريقة ابن الوطن: احد مؤسسي الحركة الاسلامية في تونس ,كما يزعم ويحلوا له, وقد عرفه جميع من قرأ له في حلقات متواترة ,يهاجم فيها المسؤلين بحركة النّهضة التّونسيّة. لاشكّ أنّ نظام السّابع من نوفمبر87, أنّه خدع غالبية الشّعب التّونسي الذي صفّق له ,وحلم بحرّية قرأ وسمع عنها بعدما عانى الأمرّين, منذ ما يسمّى بالإستقلال56, قلبت فيها الموازين والعادات والتّقاليد والمفاهيم, وجُرّبت النّظريّات المستوردة ,الإشتراكية والشيوعية والرّأسمالية, وحُيّد الإسلام وتعاليمه حتّى كادت تونس لا يعرف لها لون, دون أن تنزع عنها صفة الخضراء ,وذهبت خضرة الزيتونة والنخلة والصّفصاف والحلفاء ,وأعني بهذا الجهات التي تنتمي إليها هاته الأشجار والنّباتات, والزيتونة شجرة ميمونة,والنخلة شجرة طيّبة بشهادة الخالق عزّ وجلّ, فحوربت اللّغة العربية وشجّعوا العامّية , وبقيت الفرنسية لغة الإدارة والتّعامل ,وتوسّعت أكثر في المدارس والجامعات والشّارع ,حيث كانت تدرّس ابتداءا من السنة الثالثة أساسي منذ الإستقلال,فبجّلها الشّرفي المقبور منذ التغيير البارك , وصارت تدرّس ابتداءا من الفصل الثاني أساسي,وتغوّلت العلمانية (الماسونية)وأخرجت رأسها بعد الإنقلاب , ثمّ انطلقت الحملة العشواء على التّديّن(الإسلام)خاصّة وأتباعة,وتجفيف المنابع وترهيب الملتزمين من الشّباب والشّابّات وتحويل الوجهة في الجامعات ,بتوفير كلّ ما يلزم لذلك,وفتح الباب على مصراعيه لعبدة الشيطان والتّنصير والتّبصيروالحفلات, حتّى صارت تونس قبلة للغناء والطّرب وما يترتّب عنه من عري ومجون وإباحية وخمور وتعاطي المخدّرات,كلّ هذا مسموح به إلاّ التّديّن والأخلاق الحميدة ,ومن شذّ عن ذلك فيتّهم بالإرهاب أو تلفّق له تهما لا يتورّع النّظام عن إلصاقها في كلّ من تسوّل له نفسه برفض هاته الأساليب, وشتّان بين ما يجري في أوروبا المعادية للإسلام من حرّية للعبادة والدّعوة ,وما يجري في بلد كان منارة للإسلام ,وأبناؤه علماء تشدّ إليهم الرّحال للتّعلّم ,أمّا المساجد التي وضع النّظام عليها يده,فقد صارت أماكن لتسويق سياسات كرهها النّاس ,وأوكارا للتّجسّس والإصطياد غير آمنة الجانب, كما يجب وينبغي أن تكون,ونزعوا عنها صفة القدسية لأّنّها بيوت الله أماكن للعبادة والتعليم, وتنصب أمام أكثرها الأسواق أو تحت جدرانها,ورغم المناشدة باحترام هاته الأماكن ,يصرّ العمدة على بقائها رغم وجود أماكن أوسع تحتمل الإنتصاب فيها,وشخصيّا أعتبرذلك سياسة مقصودة ومعنيّة ومتّبعة من طرف السّلطات والنّظام الحاكم, وقد قرّروا السنة الفارطةعبر منشور 2007أن يقتصدوا في المياه على حساب الوضوء والإنارة ,بينما تهدر في المسابح والمساحات الخضراء للڤولف,والنّزل التي تستباح بأبخس الأثمان للسّائحين على مختلف مواردهم,وإليكم صورة من هاته السّياسة المنحرفة, وهي نبذة ومثال صغير لما يحدث في تونس اليوم طولا وعرضا, فكيف نسمّي  هؤلاء الذين يصرّون على هاته الأساليب التي لاتخفى على أحد,بأنّها حرب مفتوحة على الإسلام والمسلمين؟

 
بنك الزيتونــة الإسلامــي : لنضع النقاط على الحروف! [3]   [البعــد السيـاسي]
د.خــالد الطــراولي  ktraouli@yahoo.fr   3/ في قضية الكفاءة والرقابة الشرعية تعتمد الممارسة البنكية الإسلامية على بعدين أساسيين : معرفة مزدوجة لمتطلبات وتقنيات العمل البنكي في مفهومه السائد، ومعرفة الوسائل والتقنيات التي أفرزتها النظرية المصرفية الإسلامية، ووجود لجنة مراقبة شرعية دائمة للعمليات البنكية التي يباشرها البنك في معاملاته. ولعل التجربة المصرفية الإسلامية عموما قد قاست في فترات من مسارها من ضيق سوق الكفاءات في هذا المجال وقد عاد عليها في بعض الأزمنة والأمكنة ببعض التعقيدات والأضرار. والإطار التونسي يبدو غير مهيأ بالصفة المناسبة والكاملة للتعاطي مع التجربة بكل نجاح رغم وجود كوادر طيبة وممتازة في الناحية العلمية والعملية للمصرفية التقليدية، ولعل بعث معاهد مختصة في مجال الصيرفة الإسلامية أو فتح نوافذ واختصاصات في الجامعات الاقتصادية أو إجراء تربصات خارجية عاجلة يمثل إحدى الحلول. رغم أننا كنا نحبذ ان يكون هذا المنحى سابقا للتجربة وخاضعا لبيداغوجية تعليمية واضحة قبل أن يحتمي بأهداف اقتصادية أو سياسية عاجلة. ولعل هذه النقطة أساسا تمثل حساسية الموقف وإسقاطاته على واقع سبقه تهيأ وتلهف في مستوى التلقي، وغاب أو تهمش في مستوى الإرسال، حيث تبدو هذه التجارب مجزأة ولا تدخل في مسار شامل وعام يبني التجربة على مد وعطاء مع الجمهور ويكون تلبية لنداء الروح قبل نداء المادة. أما عن لجان المراقبة الشرعية فإن التمكن التأصيلي والشرعي في هذا الميدان يمثل أداة هامة وضرورية لنجاح التجربة وتأكيد مصداقيتها عند الجماهير، فعامل الثقة والطمأنينة مكسب أساسي في نجاح التجربة وهذا يتطلب الانغماس الكلي في المعرفة الشرعية وتأطير المجموعة الكفئة فيه. غير أن هذا البعد يبقى حبيس الإرادة السياسية في تكوين هذه الجهات العلمية المختصة، ورغم أن استدعاء المشرع الخارجي يمثل حلا في هذا المجال إلا إن ابن البلد يبقى قيمة مضافة على أكثر من باب، فهو وليد الواقع المعني وهو يستطيع الاغتراف من فقه مالكي ثري في باب المعاملات والمصالح المرسلة. المنحــى السياسي: هل غابت السياسة ؟ لم تسع الورقة للتحدث بعمق عن البعد السياسي للمسألة وهو من المعلوم بالضرورة، ولعلنا سوف نخصص له مقالا في المستقبل القريب يخص دخول ظواهر جديدة على المشهد العام في تونس بداية من إذاعة القرآن الكريم إلى بنك الزيتونة الإسلامي إلى تلفزيون حنبعل الفردوس، ولا نخال المشهد الجديد إلا إحدى التعبيرات السياسية في منهجية عامة للتعامل مع الظاهرة الإسلامية إجمالا، وتستوجب وقفة أساسية وهامة لما لها من تبعات في خصوص مقاربتنا للظاهرة الإسلامية في بعدها الشعائري والسياسي، ولمنهجية التغيير وما يلفها من قضايا نوعية تخص المشهد السياسي في كل مناحيه.  فلا يمكن تنحية التجربة المصرفية عن واقعها الذي تتنزل فيه ولا انبتاتها عنه، فالتثمين والترحيب يبقيان نسبيين إذا لم تتنزل التجربة في واقع مهيأ سياسيا واجتماعيا وثقافيا لاستقبالها، نثمن ونصفق بملئ أيدينا ونهلل بملئ أفواهنا إذا رأينا التجربة تعيش حريتها كاملة كما يعيش كل الوطن حريته كاملة دون إقصاء أو تفرد. لا نستطيع أن نكون صادقين ونحن نرحب بتجربة إسلامية في الصيرفة وفي نفس الوقت يقدم بعض الأطراف لمواجهة الصحوة الإسلامية في مظاهرها العبادية البسيطة من مثل وضع خمار على الرأس، وبقاء منشور يمنع حرائر الوطن من حرية الاحتشام بدعوى اللباس الطائفي! أجفاننا لا تطاوعنا ونحن نرى السجون تفرغ من أصحاب الرأي أو تكاد ممن أطالوا الإقامة جورا، لتمتلأ من جديد بشباب غر! لا نستطيع أن نكتب تثمينا في الباب الاقتصادي ونتوارى عن ذكر محطات خائبة في المسار العام للبلاد، فالوطن واحد وكل لا يتجزأ، والإنسان ذلك المجهول، ظاهرة معقدة ولكنها متجانسة تحفل بالروحي والمادي على السواء ومن فهم الإنسان فهم رسالته وفقه كل شيء ولا يسقط في المطبات “وفي أنفسكم أفلا تعلمون”…فالحرية والكرامة باب يدخل منه الإنسان قبل بنكه وإذاعته وتلفزته! لا نريد من نقدنا لا تقربا ولا تذللا، لا درهما ولا دينارا،  وليس أيضا مبالغة أو افتراء من أجل مكاسب سياسية عاجلة أو آجلة، ولكنه داعي الوطن ومصلحته العليا ورضاء الله والضمير أولا وآخرا. ولذلك تبقى منهجيتنا في التعامل مع هذا الحدث ومع غيره خاضعة لمنظومة من القيم والأخلاق التي تتجاوز منطق السياسة الضيق والحسابات الذاتية لترسو على سطح الوضوح والشفافية وقول الحق. لذلك لن تجدنا نثمن ونصفق ونهلل إذا رأينا صلاحا ونغمض العين ونتلعثم إذا رأينا اعوجاجا أو انحرافا، بل هي الحقيقة من كل جوانبها ومن كل أطرافها. يقيننا أن التجربة المصرفية الإسلامية في تونس بادرة طيبة ولا ينزع عنها إيجابيتها إذا كان الدافع ربحيا، أو شخصيا خالصا، ولا ينقص من تأثيراتها المرجوة الدافع السياسي الذي يندرج حسب ظننا في المنهجية الجديدة التي تبنتها السلطة في التعامل مع الظاهرة الإسلامية عموما بعد فشل تجارب المواجهة وتجفيف منابع التدين التي هيمنت في التسعينات من القرن الماضي. لكننا نؤكد مجددا أن الظاهرة الإسلامية لا تقتصر على بعدها الشعائري العبادي الممثل خاصة في الصحوة ولكنها تلامس بابها السياسي المدني والممثل في الحركة الإسلامية بأطرافها المتعددة وخاصة حركة النهضة واللقاء الإصلاحي الديمقراطي ولا يمكن معالجة الحراك الإسلامي بتجزئته واستبعاد بعض أطرافه. وإنا نعتبر جازمين أن الواقع التونسي مؤهل لقبول تجربة إسلامية سياسية متعددة، وأن تونس في بقائها خارج مربع التعامل الإيجابي مع الإسلام السياسي كما هو الحال في بلدان الجوار، يفرط فرصة لدى السلطة أولا في وجود أطراف معتدلة يمكن محاورتها، واللقاء الإصلاحي الديمقراطي يطرح في هذا الباب أجندة مراحل ومحطات تتفهم المواقع والأشخاص والظروف المحيطة، وهي فرصة أيضا للصحوة حتى لا تنحرف نحو منازل المغالاة والتطرف، وهي في النهاية فرصة لتونس العزيزة لجمع كل أبنائها تحت مظلة الرحمة والتفاهم والعمل الجماعي من أجل الصالح العام. ختــاما لقد أصبحت التجربة المصرفية الإسلامية [1] واقعا وبديلا يطرح اليوم في ظل الأزمة العالمية للإئتمان، ولعل تعاظم ودائعها وتكاثر منشئاتها وتبني تقنياتها الاستثمارية من قبل العديد من البنوك التقليدية خير حجة وبرهان للإمكانيات العريضة التي تحملها التجربة. وإن كانت تونس لم تفتح بعد ذراعيها للمصرفية الإسلامية فإن دخول بنك الزيتونة الإسلامي على الخط وخاصة تبنيه من أفراد متمكنين داخل السلطة يعطي دفعا محترما لهذه التجربة في انتظار توسعتها غير أن العامل السياسي والإرادة المرتبطة به تبقى المحدد الأولي والرئيسي لنجاح التجربة أو ضمورها وهو بعد كان الأولى تجاوزه وترك الباب الإقتصادي والجدوى والفعالية التنموية هو المحدد النهائي للبقاء أو العدم، في ظل إطار عام مهيئ  لتقبل معادلة التعدد والتنوع سواء كان اقتصاديا أو سياسيا. ـ انتهـــى ـ هــوامش [1] يمكن الرجوع إلى بعض كتاباتي حول البنوك الإسلامية والتجربة التنموية الاسلامية على موقع اللقاء ركن اللقاء الإقتصادي www.liqaa.net  لمن أراد التوسع في ذلك ومراجعة محاولاتي المتواضعة في الاجتهاد في المسألة ومنازل النقد والتجاوز في مستوى النظرية والتطبيق. (المصدر: موقع اللقاء الإصلاحي الديمقراطي  www.liqaa.net  بتاريخ 14 سبتمبر 2008)  

الإسلام والعلمانية والحداثة.. رؤية اجتهادية مغايرة

   

فاطمة حافظ          
الكتاب: في العلمانية والدين والديمقراطية.. المفاهيم والسياقات المؤلف: رفيق عبد السلام مركز الجزيرة للدراسات: 2008. مسألة العلمانية واحدة من المسائل الكبرى المطروحة أمام الفكر الإسلامي المعاصر بما تفرضه من تحديات وتساؤلات. وعلى الرغم من كونها خضعت لمقاربات كثيرة فإن غالبية ما سطر في هذا المجال تشوبه آفتا الاختزال والأدلجة، ولعل هذا ما دفع الباحث ‘رفيق عبد السلام’ للإقدام على اختيار هذا الموضوع الهام في أطروحته لنيل درجة الدكتوراة، التي قدمها لجامعة وستمنستر تحت عنوان ‘الإسلام والعلمانية والحداثة’. وبحسب رفيق، لم يكن الغرض من الدراسة تتبع مواطن الالتقاء ومواضع الافتراق بين الإسلام والعلمانية – كما نحت كثير من الأدبيات – بقدر ما استهدفت إعادة التفكير في المفاهيم النمطية الشائعة وفي مقدمتها مفهوم الإسلام على نحو ما تصوره الأدبيات الغربية، ومفهوم العلمانية واقترانه الحتمي بمفاهيم الحداثة والعقلانية والديمقراطية. فالإشكال الأساسي المطروح الآن هو: هل يمكن أن تشكل ممانعة الإسلام للعلمنة مناسبة لإعادة التفكير في نظريتي العلمانية والحداثة؟ وهل هناك إمكانية للتفكير في الإسلام بعيدا عن المفاهيم والصور النمطية الغربية؟. معالم قراءة مغايرة وقد تفردت قراءة رفيق للعلمانية بعدة خصائص يمكن إجمالها على النحو التالي: قراءة معرفية: لم تشبها شائبة تغليب الأيديولوجي على المعرفي؛ إذ ظلت مشدودة في منطلقاتها وغايتها وأدواتها إلى الأطر المنهجية، ومبتعدة بالقدر ذاته عن التوظيف الأيديولوجي، وهو ما يفسر توقف صاحبها أمام عالم الأفكار وعدم تجاوزه إلى عالم الأشخاص. قراءة تمحيصية: اختبر صاحبها المقولات والمفاهيم العلمانية الأساسية وبرهن على محدوديتها وضعف مقدرتها التفسيرية. قراءة تفكيكية: استهدفت نقض البنى المعرفية والتاريخية التي تأسست عليها المقولات العلمانية. قراءة تفصيلية مدققة: لم تقع في أسر التعميمات المخلة واستخدام التوصيفات الشائعة، وإنما بحثت في اختلاف النماذج التاريخية وتباين التأويلات المتعلقة بها. هي باختصار قراءة اجتهادية ومغايرة بذل فيها صاحبها جهدا غير منكور ولم يشبها سوى الإطناب في العبارة والتكرار في بعض المواضع. مقاربة في المفهوم في مقاربته لمفهوم العلمانية ينطلق رفيق من حقيقة أن المفاهيم ‘ليست بالأمر المحايد وإنما هي حاملة لرهانات ومصالح كثيرة’ (ص 17)، ليقرر وجود حالة التباس دلالي واسعة تقترن باستخدام المفهوم، سببها خضوعه للخطاب الأيديولوجي العلماني بأكثر من خضوعه للتحقيق العلمي الجاد. ولعل هذا ما حدا به للتنبيه إلى صعوبة الاطمئنان إلى وجود تعريف محايد للمفهوم مشتق من الكتابات العلمانية. وبدوره لم يشأ رفيق أن يتوقف طويلا أمام الدلالات النظرية لمفهوم العلمانية إلى حد أنه لم يقم بوضع تعريف لها، بل لم يرجح أحد تعريفاتها، مبررا ذلك بأن التعريفات تتفاوت بتباين الحقول المعرفية واختلاف زوايا النظر. فالسياسي يعرف العلمانية بأنها فصل الدين عن الدولة، أما عالم الاجتماع فيركز على انعكاسات العلمنة على السلوك الاجتماعي. من جهة أخرى ليس هناك علمانية واحدة وإنما هناك علمانيات متعددة هي نتاج تجارب تاريخية متفاوتة، بحيث يتعذر معها تبني تعريف يجمع شتات هذه العلمانيات. إلا أن هذا التعدد لم يحل دون أن يميز رفيق بين نوعين أساسين منها، وهما: العلمانية الجوهرية: وهي فلسفة ورؤية للكون ذات نزعة عدمية إلحادية تستهدف انتزاع المقدس من حياة البشر واحتلال المساحات التي كان يشغلها. والعلمانية الإجرائية: وهي مجرد إجراءات تستهدف تنظيم الشأن العام بعيدا عن دائرة المقدس حفظا له من التوظيف السياسي. وهي بهذا المعنى لا تستهدف الإطاحة بالمقدس والحلول محله وإنما تستهدف تحديد مساحاته وضبط دوائر اشتغاله. المسار التاريخي للعلمانية ومن الإطار النظري إلى المسار التاريخي يتتبع رفيق الملابسات التاريخية التي رافقت صعود العلمانية في الغرب، كاشفا عن بعض الحقائق التي يتم التغافل عنها – بوعي أو دون وعي – في الأدبيات العلمانية، ومنها أن العلمانية لم تكن نتاجا عقلانيا هادئا ساقه بعض المفكرين الغربيين بقدر ما كانت حلا عمليا فرضته أجواء الحروب الدينية التي شقت أوروبا في القرنين السادس عشر والسابع عشر، والتي انخرطت فيها الكنيسة بقوة؛ ما جعل من العسير عليها أن تنهض بوظيفة الوحدة مجددا بين الأطراف الأوروبية. ومن هنا نشأت الحاجة إلى بروز نظام جديد يجمع الشمل الأوروبي على أساس غير وحدة الدين، وفي ظل هذه الأجواء تخلقت العلمانية لتكون الإطار الناظم الجديد للوحدة الأوروبية. وبالتزامن مع صعود العلمانية وفي أتون الحرب الدينية الطاحنة تأسس مفهوم ‘التسامح’ على يد بعض المفكرين الغربيين، بغرض معالجة الانقسام الحاصل داخل الكنيسة وبين الطوائف المسيحية المتنازعة. أي أنه صيغ بالأساس بحيث يتعاطى مع مشكلة الانقسام الأوروبي ولم يكن مصمما بحيث يشمل الديانات غير المسيحية. وإلى ذلك يرجع رفيق فشل محاولات العلمانيات الغربية -انطلاقا من مفهوم التسامح -التعاطي مع الإسلام والأقليات المسلمة في أوروبا، كما أخفقت من قبل في حل المشكلة اليهودية. الدولة والدين في التجربة الغربية من الحقائق التي يحرص رفيق على التأكيد عليها أن تجربة فرنسا في العلمانية ليست إلا واحدة ضمن تجارب علمانية عديدة في أوروبا، وبالتالي ليس هناك ما يدعو لتبني النموذج الفرنسي العلماني كما يدعو غلاة العلمانيين؛ ذلك أن موقف الدول الغربية من الدين يتراوح بين ثلاثة أوجه: الأول: خيار مصادمة الدين والاستيلاء عليه بقوة الدولة كما هو حال فرنسا اليعقوبية والدول الشيوعية، وهو أنموذج تسلطي لا تكتفي الدولة خلاله بإضعاف الدين ورده إلى دور العبادة أو المجال الخاص، وإنما تسعى إلى انتزاع جذوره تماما بإزاحته كلية من وسائل الإعلام والمؤسسات التعليمية. الثاني: خيار الانفصال الوظيفي بين الكنيسة والدولة، والالتزام بحيادية الدولة إزاء الشأن العام، كما هو حال الدول الإسكندنافية. ويشكك رفيق بقوة في التزام الدولة الحياد؛ مستندا إلى أن الدولة القومية الحديثة ذات نزعة تدخلية قوية، ومن الطبيعي أن تسعى للسيطرة على أدوات التعبير الرمزي والديني. الثالث: خيار الربط الوظيفي بين الكنيسة والدولة كما هو متبع في بريطانيا وإيطاليا واليونان وإلى حد ما الولايات المتحدة الأمريكية، التي فصلت دستوريا ولكنها ربطت واقعيا بين الجانبين. وهذا النموذج يمنح دورا متقدما للكنيسة والدين في إدارة الشأن المدني ويميزه حالة من الوفاق والتناغم بين الدولة والكنيسة حين تسمح الدولة بتواجد الكنيسة في المجتمع المدني على حين تسبغ الكنيسة نوعا من الشرعية على الدولة. كيف نقرأ حركة العلمنة ؟ على ضوء التفاوت في النماذج العلمانية يحاول رفيق أن يقرأ واقع حركة العلمنة ذاهبا إلى أن ثمة مسافة تفصل بين النظريات العلمانية وواقع الدين في المجتمعات الغربية التي لم يختف منها الدين كلية، وإنما ظل حاضرا على هيئة تعبيرات مؤسسية كالأسرة التقليدية، أو في مناسبات خاصة كحدث وفاة البابا يوحنا الثاني، الذي كشف عن وجود عدد من الطقوس والتقاليد الكنسية الشعبية كان يظن أنها دفنت إلى غير رجعة. وعلى هذا يستنتج رفيق أننا إذا شئنا فهما دقيقا لحركة العلمنة فإن هناك عددا من النقاط يجب أن نضعها في الاعتبار وهي: أولا- ينبغي ألا تقرأ حركة العلمنة من خلال الأدبيات العلمانية التي تشدد على انتصار المادي على الديني وتبشر بعصر ما بعد الدين، إذ لو كانت هذه القراءة صحيحة لاختفت الكنيسة تماما من المشهد الأوروبي. ثانيا- من التعسف قراءة واقع الدين في الغرب أو في أي بلد آخر من خلال نافذة الدولة أو من جهة ادعاءاتها النظرية ومدوناتها التشريعية، إذ يمكن لدولة ما أن تكون بالغة المفاصلة بين الدين والمتدينين، ويكون المجتمع على غير ذلك، وتركيا مثال واضح في ذلك. ثالثا- الإيمان الديني ليس متساوقا بالضرورة مع التعبير المؤسسي؛ إذ يمكن للمؤسسة الدينية أن تكون في حالة تراجع وتهميش في حين ترتفع معدلات التدين في الدائرة الاعتقادية الفردية، والعكس صحيح كذلك، إذ يمكن للمؤسسة الدينية أن تكون قوية ومتماسكة ولكن بالتوازي مع ذلك يشهد الدين نوعا من الضعف والتراجع. ويخلص رفيق من هذا كله إلى أنه من غير الدقيق اعتبار الغرب علمانيا خالصا كما أنه من الخطأ النظر إليه بحسبانه مسيحيا متدينا وإنما يتوجب قراءته من خلال الوجهين معا إذا شئنا أن نفهمه فهما صحيحا. تحديات العلمنة في العالم الإسلامي في الجهة المقابلة يحاول رفيق مقاربة المشروع العلماني في العالم الإسلامي الذي يتعرض منذ قرابة ثلاثة عقود لتحديات عديدة جسدتها الثورة الإيرانية 1979 وما تلاها من صعود تيارات الإسلام الجهادي، وفي هذا الصدد يسجل رفيق أن أشد الفئات ممانعة للمشروع العلماني هي أكثر الفئات ثقافة وأفضلها تعليما – وليست الفئات التقليدية – أي أن تهديد المشروع يأتي من قبل القطاعات التي يفترض أن تكون في طليعة قاطرة تبني العلمانية. ولا يفوت رفيق كذلك أن يذكر بأن الأطروحات العلمانية ليست جديدة على العالم الإسلامي، فقد تبنتها شرائح واسعة من المثقفين العرب في مطلع القرن الماضي وعولت عليها كثيرا، لكنها اكتشفت لاحقا في أجواء التوسعات العسكرية الغربية و’النفاق الغربي’ خطأ المراهنة على هذا الخيار وضرورة تجديد صلتها بمنابعها الثقافية الأصلية. أما الملاحظة الأكثر جوهرية التي يسجلها رفيق فهي انفكاك عرى التلازم بين العلمانية والحداثة في مخيلة الفئات الممانعة للمشروع العلماني؛ فهي قد أخذت بنصيب وافر من الحداثة ونهلت من معينها ولكنها في المقابل تجري عمليات مستمرة من المواءمة بين منجزات الحداثة ومقتضيات الحفاظ على الهوية، الأمر الذي يدحض الادعاء العلماني القائل بأن العلمانية والحداثة صنوان لا يفترقان وأنه لا يمكن بلوغ التحديث إلا مع تبني النهج العلماني. في العلاقة بين الإسلام والعلمانية على ضوء تلك التراجعات التي أصابت المشروع العلماني في العالم الإسلامي خضعت علاقة الإسلام بالعلمانية لمقاربات عديدة من قبل بعض الباحثين العلمانيين الغربيين ممن حاولوا استشراف مستقبل المد العلماني، والذين ذهب بعضهم إلى القول بأن الإسلام ممانع بالكلية للعلمنة لطبيعة جوهرية كامنة فيه، وفي الجهة المقابلة يراهن البعض الآخر على أن هذه الممانعة مؤقتة؛ إذ ليس بمقدور الإسلام صد موجة العلمنة؛ إذ العلمانية – برأي هؤلاء – هي نهاية التاريخ الذي سيتخلى حتما عن مرجعياته الدينية تماما. أما المقاربة الثالثة فيشدد أنصارها على أن التجربة التاريخية للإسلام عرفت نوعا من العلمانية، وإن كانت طبيعتها تختلف عن نظيرتها الأوروبية، وذلك بالنظر إلى ذلك التمايز الوظيفي الذي كان قائما بين الدولة الإسلامية التي استأثرت بالمجال السياسي وبين مؤسسة الفقهاء التي بسطت نفوذها على الفضاءين الديني والاجتماعي. هذه المقاربات – كما يراها رفيق – تشترك في ‘أنها لا تقرأ الإسلام من خلال مفاهيمه الأساسية ومقولاته الداخلية، بل غالبا ما تخضعه لنماذج نظرية جاهزة ومفاهيم نمطية ضاربة الجذور وممتدة العروق في الموروث المسيحي والاستشراقي’ (ص 92)، وأنها لا ترى فيه إلا مفهوما جامدا وكتلة منغلقة على ذاتها تقف على طرف نقيض مع العلمانية، وليس هذا صحيحا ‘فالإسلام دين متحرك في الفهم وفي خطوط الممارسة وكذلك الأمر بالنسبة للعلمانية والحداثة. ولذلك فليس من المستغرب أن نجد أثرا لبعض المفردات المحسوبة على العلمانية أو الحداثة داخل الإسلام نفسه، وإن لم تتسم باسم العلمانية والحداثة، كما أنه ليس من المستغرب أن نجد لبعض المفردات والعناصر اللصيقة بالإسلام أشباها ونظائر في فضاء العلمانية والحداثة وإن لم تتسم باسمه’ (ص 103). وتأسيسا على ذلك يذهب رفيق إلى أن بعض الآليات السياسية التي تدعي العلمانيات تمثيلها واحتكارها يمكن أن تشتغل ضمن أرضية أخلاقية دينية ربما بصورة أفضل من تأسيسها على أرضية علمانية دهرية بما في ذلك قضايا مثل: الديمقراطية وما شابه. تقليص العلمانية سبيل التقارب ويخلص رفيق إلى أن جوهر الخلاف بين العلمانية والإسلام لا يعود إلى ما تنادي به العلمانية من مطالبات اجتماعية وسياسية، أو إلى كون الإسلام يدعو إلى إقامة دولة لا تعرف الفصل بين الديني والسياسي بقدر ما يتعلق بالأسس الفلسفية التي يقوم عليها كل منهما، فبينما تستند العلمانية إلى تصور دهري غير متجاوز لا يؤمن بالغيبيات، وترى في المادي والدنيوي مصدرا للقيمة والمعنى؛ فإن الإسلام والديانات التوحيدية عامة تشدد على فكرة الخلق والتجاوز باعتبارهما مصدر القيمة والمعنى. وإذا ما فهمت العلمانية على هذا النحو (المتشدد) فهنا تبدو صعوبة – بل واستحالة – أن يتعايش معها الإسلام وأن يقبلها المسلمون، أما إذا أعيد تعريفها – أو بالأحرى تقليصها – بحيث تشير إلى الشئون الدنيوية والنشاط الإنساني في هذه الحياة الدنيا دون إضافة قيمة معيارية فهذا لن يكون – حسب رأيه – موضع إشكال. وهنا نجد لزاما أن نشير إلى أن هذا الطرح لا يخص ‘رفيق’ وحده وإنما هو طرح بدأ يسود في أوساط بعض المفكرين من ذوي التوجهات الإسلامية وأبرز رموزه المفكر عبد الوهاب المسيري، ويرى هذا التيار إمكانية وجود مساحات التقاء بين الإسلام والعلمانية، أما عن مدى نجاعة هذا الطرح فإن المستقبل هو الكفيل بتقرير ذلك. (المصدر: مجلة ‘الملتقى الفكري للإبداع’ (اليكترونية – لبنان) بتاريخ 9 سبتمبر 2008) الرابط:http://www.almultaka.net/ShowMaqal.php?module=0ef9fbb12db446f1d7c9d7ae4f5a3f92&cat=8&id=563&m=16c4c791fa2f65cca3816aae3ed125a6

الأحزاب الإسلامية والوعي الاستراتيجي

   

مصطفى الخلفي    سيكون من المفيد ونحن نعيش هذه الأيام أجواء الذكرى السابعة لتفجيرات الحادي عشر من سبتمبر، وتطورات الانتخابات الأميركية، أن نقف عند عطب مستحكم بنسبة مقدّرة عند قطاع من الأحزاب الإسلامية، ويتعلق بمسألة التنبه للمتغيرات الاستراتيجية التي يشهدها محيط هذه الأحزاب القريب والبعيد، ومدى تطويرها لأدوات تمكنها من الرصد الاستباقي أو على الأقل المواكب لما تشهده المنطقة من تغيرات متسارعة وتحولات استراتيجية، وتؤثر في بعض الحالات على مجمل برامجها السياسية، وعلى تحالفاتها وعلاقتها الداخلية والخارجية. وهنا لا نتحدث عن انتقال هذه الأحزاب إلى مرحلة التأثير الإرادي في مسار هذه التحولات، فتلك مرحلة لاحقة لمرحلة تطوير قدرات الرصد والتحليل لما يجري من تطورات. لا يعني هذا أن الوعي بذلك غائب، بل إنه، على الأقل منذ حوالي 30 سنة، حاضر، ونظمت لذلك ندوات ولقاءات تحت مسميات شتى، أبرزها الدراسات المستقبلية والتخطيط الاستراتيجي، إلا أن الانتقال من الفكرة إلى الممارسة، وتحويل ذلك إلى مؤسسات متخصصة وفعالة لم يتحقق بالشكل المطلوب، دون بخس حالات جهود فردية هنا وهناك قدرها. وهنا يمكن الوقوف عند عناصر في التفكير الاستراتيجي يمكن استخلاصها من حصيلة سبع سنوات على مرور تفجيرات 11 سبتمبر، على الصعيد الأميركي. إذ نجد أن التفكير في مستقبل السياسة الأميركية في المنطقة العربية، في ظل تعدد مواقع تدخلها بدءا من العراق وانتهاء بالصحراء الكبرى، مرورا بجل دول المنطقة العربية مضافا إليها كل من باكستان وأفغانستان وإيران، هذا التفكير يعتبر أن التغير في الإدارة الأميركية لا يحمل معه تحولا، بل إن الاستمرارية هي الأساس، معتمدا في ذلك على خطب الحملات الانتخابية. والواقع أنه بنظرة على الماضي القريب، نجد أن هذه السياسة وإن بقيت ثابتة في خياراتها الاستراتيجية الكبرى، إلا أنها عرفت تقلبات متتالية وحالات مد وجزر وأوضاع نجاح وهزيمة، بحيث أن السنوات السبع التي تلت 11 سبتمبر أكدت لا نمطية السياسية الأميركية في المنطقة، وحصول قدر من المفاجأة في قراراتها، فضلا عن كون مقارنتها بمرحلة كلينتون تجعل الباحث يقف عند أوجه التباين الكبيرة. وهذا ليس سوى مؤشر يفرض على الأقل تجاوز النظرة السطحية التعميمية، والانتقال إلى ملاحقة تفصيلات هذه السياسة بحسب كل بلد وبحسب كل مرحلة، بل وبحسب نوعية القائمين على ملفاتهم سواء في وزارتي الخارجية أو الدفاع أو الكونغرس، واستيعاب نوعية المدخلات المؤثرة فيهم لمصلحة قرارات معينة، سواء المدخلات المرتبطة بلوبي الشركات أو جماعات الضغط الأيديولوجية كالإنجيليين أو المؤيدين لإسرائيل أو المحافظين الجدد، فضلا عن مراكز الأبحاث ومؤسسات توجيه الرأي العام. على الصعيد الصيني-الروسي، أكدت الفترة الماضية أن التوجه الصيني نحو إفريقيا والتوجه الروسي نحو استعادة المكانة في المجال الآسيوي القريب، يحمل معه نشوء مجالات توتر جديدة كامنة أو ظاهرة مع الولايات المتحدة، مع ما يعنيه من مراجعة للموارد الأميركية المخصصة للسياسية الخارجية، سواء المباشرة أو غير المباشرة، وهو ما يقدم مؤشرا جديدا يحتاجه التفكير الاستراتيجي في منطقتنا، وهو أن اعتماد مقولات الأحادية القطبية الأميركية مع أقطاب ملحقة أقل ما يقال عنه أنه مضلل، ولا يسعف في توقع مآلات السياسية الأميركية، ولعل الحالة الإيرانية أبرز تأكيد على صدقية نسبية القوة الأميركية في العلاقات الدولية. وفي المجال الأوروبي، نجد أن صعود اليمين الأوروبي، مع الاستثناء الإسباني، أدى لبروز توجهات جديدة أكثر تفاعلا مع السياسة الخارجية الأميركية، لكن دون تماه معها، وهو ما بلغ أوجه مع مشروع الاتحاد من أجل المتوسط، كتعبير عن تبلور سياسات جديدة، والذي قوبل بحملة ليبية مضادة استقوت بتحسن العلاقة مع الولايات المتحدة الأميركية، وهو الآخر مؤشر على معطى ثالث يحتاجه التفكير الاستراتيجي، وذلك عودة قديمة للمقولة التقليدية بأن المصالح هي الأساس، فلا أصدقاء ولا أعداء دائمون بل المصالح هي الدائمة. أما على الصعيد العربي والإسلامي فيكفي التنبه إلى حالة الاختلال المتنامية في التوازن الاستراتيجي في المنطقة وخاصة في الخليج، وما يرافقها من إنهاء فترة التعايش مع البروز السياسي للأحزاب ذات الخلفية الإسلامية، والتوجه نحو سياسات لتحجيم اندفاعة الحركات الإسلامية المعتدلة، مع الإخراج الجديد لمنطق العصا والجزرة في حالات دول كالسودان وإيران، بل وحتى داخل العراق نفسه، فضلا عن التجربتين اللبنانية والفلسطينية. ورغم أن خلاصات السنوات الماضية المرتبطة بالتفكير الاستراتيجي متعددة، فإن أهمها يتمثل في أهمية التنبه للفاعلين الجدد في ساحة العلاقات الدولية بالمنطقة، وأولهم هذه الحركات والأحزاب نفسها، والتي لم تعد تأثيرات قراراتها وسياساتها تبقى حبيسة دوائر محدودة وضيقة، بل تمتد إلى خارج الحدود. ما سبق من أفكار مجرد دعوة للأحزاب الإسلامية للانخراط في مرحلة تقييم عميق للسنوات الماضية من التوتر في العلاقة بين الغرب والعالم الإسلامي، لعل ذلك يوجه برامجها نحو الفرص القادمة والتهديدات المتنامية.   (المصدر: جريدة العرب (يومية – قطر) بتاريخ 14 سبتمبر  2008)

الأزمة الموريتانية.. هل إلى الخروج من سبيل؟

   

محمد الحافظ الغابد    موريتانيا الدولة العربية الإفريقية جنوب الصحراء، عرفت خلال السنوات الأخيرة العديد من المحاولات الانقلابية الفاشلة، تُوِّجت في العام 2005 بانقلاب عسكري ناجح، تمخضت عنه مرحلة انتقالية قادت إلى انتخابات على المستوى المحلي والتشريعي والرئاسي، ونالت إعجاب العالم، ولقيت تسويقا واسعا على المستوى الإعلامي.. وراحت العديد من الأطراف في الداخل والخارج تنظم قصائد الشعر في مديح الديمقراطية الموريتانية. ولم تنشغل الطبقة السياسية الموريتانية خلال الأيام التشاورية 2005 ببلورة ضمانات حقيقية للشفافية، كما تغاضت عن العديد من الخروقات المؤكدة لدعم العسكر لبعض المرشحين -كما حدث لسيدي ولد الشيخ عبدالله مع الجنرالين عزيز وغزواني، وأحمد ولد داداه مع أعلي ولد محمد فال وولد العالم وولد بوبكر وغيرهم- كما لم تطرح الطبقة السياسية رؤى جادة للحياة الدستورية، إذ كانت التعديلات التي أجريت على الدستور 2006 طفيفة وشكلية. وأرجع العمل بدستور يؤسس للدكتاتورية والهيمنة الفردية، إذ إن مؤسسة الرئاسة في هذا الدستور تهيمن على جميع المؤسسات التي تدور في فلكها بصورة تحكمية تنافي ما يتطلع إليه الشعب الموريتاني من تطور، وما يعرفه من تحولات سريعة تتجه لمراكمة خبرة ديمقراطية راسخة، ولم تستجب النخب المنشغلة بالصراعات السياسية على العوائد والفوائد بالعمل على تأسيس ما ينفع الناس ويمكث في الأرض. وظل النظام الفردي الاستبدادي كامنا في النظام السياسي الموريتاني، مسنودا بثقافة سياسية تعتمد أساليب احتواء الحكام وتوجيههم بما يخدم مصالح اللوبيات الحركية الضيقة المتعددة في موريتانيا -ذات المنازع القبلية والجهوية- وبدأ السباق الخفي بين هذه المجموعات التي تدرك بصورة جيدة التعددية التي يعرفها رأس السلطة منذ انتخابات مارس 2007، فاتجه بعضها للتحالف الاستراتيجي مع سيدي ولد الشيخ عبدالله، لاعتبارات أيديولوجية وقبلية وجهوية وحتى طرقية، بينما اتجهت العديد من المجموعات القومية المهزومة في الانتخابات الماضية، وكذا قوى يمين اليسار، إلى الجنرالات وبدأت تغريهم بالحليف الذي دعمه الجميع ولكنه لا يستجيب للنصائح السياسية. وبدأت روائح الفساد تفوح من العديد من تعيينات الرئيس المنتخب العائلية والجهوية من جهة.. وامتعض الموريتانيون من جهة أخرى من النفوذ المتعاظم لحرم الرئيس التي بدأت تتصرف كما لو كانت هي الرئيس المنتخب! هذه العوامل مجتمعة قادت خلال الأشهر الأخيرة إلى أزمة سياسية كان ينبغي أن تحسم بالطرق الديمقراطية بالحوار والنقاش، لكن ولد الرئيس المنتخب دفع دفعا من طرف حلفائه اليساريين لحلها بطريقة استفزازية من خلال الإقالة الجماعية لقادة الجيش والأمن الذين أوصلوه للسلطة، حيث قادت هذه الخطوة غير المحسوبة لأخطر أزمة سياسية تعرفها البلاد حاليا. ومن المؤكَّد أن موريتانيا ستعرف مزيدا من تفاقم الأوضاع السياسية والاقتصادية الصعبة، خصوصا إذا أصرت الأطراف الداخلية على تشكيل رافعة قوية للتدخل الخارجي، وبدأت الإجراءات المتعلقة بتنفيذ تهديدات المنظمات الدولية التي لوحت بحصار لا تتحمله موريتانيا ذات الوضعية المعيشية الصعبة من جهة، والتركيبة الاثنية الهشة، حيث لا تزال ندوب الجروح الغائرة في جسد الوحدة الوطنية من جرَّاء خياطة الجروح العرقية والاثنية لعقود على القيح والدم، من جهة أخرى. سبل الخروج من الأزمة يمضي الوقت وتتجه موريتانيا إلى وضعية صعبة جدا تتطلب حنكة ومرونة سياسية لا يبدو أن الجنرال محمد ولد عبدالعزيز، الحاكم العسكري الجديد في موريتانيا، يملكها، وهو الذي أدخل البلاد أزمة سياسية كبيرة من خلال ما سماه ردة الفعل: «الانقلاب» على عجز الرئيس المخلوع وسياساته غير الحكيمة التي كادت تؤدي إلى كارثة، على حد وصفه. لكن ولد عبدالعزيز ربما لا ينظر لشهر من ممارساته السياسية بنفس الروح النقدية التي كان ينظر بها إلى سياسات الرئيس «الذي حصلت عليه موريتانيا عبر المسار الانتخابي»، واعتبر من طرف الجنرال ولد عبدالعزيز نفسه رئيسا من النوعية غير الجديدة إن لم نقل الرديئة، والكلام دائما للجنرال. الأزمة السياسية الحالية خطيرة، ومن أبرز مخاطرها أنها ستفتح باب الانقلابات العسكرية على مصراعيه، إضافة إلى الانقسام الداخلي الباعث على تكريس الصراعات التي تستهوي كل طرف إلى الاستقواء بالخارج، والخاسر الأكبر هو موريتانيا وسيادتها التي ستذهب ضحية للصراعات البيزنطية بين الساسة الأغبياء الساعين للاستفراد بالمجد، واستعادة الشرعية بالارتهان للفرنسي والأميركي! يصر القادة العسكريون في نواكشوط على رفض تحديد جدول زمني لتسليم السلطة للمدنيين بصورة فورية، مع أنهم أطلقوا وعدا بتنظيم أيام تشاورية بعد شهر رمضان مباشرة، وأكدوا سعيهم لعودة الشرعية في أقرب الآجال على لسان الجنرال محمد ولد عبدالعزيز -عدة مرات- مع تأكيده رفضه التام لعودة الرئيس سيدي ولد الشيخ عبدالله. بينما يصر الاتحاد الأوروبي بقيادة فرنسا -المستعمر السابق لموريتانيا- على عودة الشرعية الدستورية مجسدة في الرئيس المخلوع سيدي ولد الشيخ عبدالله وهو الاتجاه نفسه الذي سار فيه الاتحاد الإفريقي والجامعة العربية بصورة أقل. ويمكن أن نوجز السيناريوهات المستقبلية للخروج من الأزمة الحالية في الآتي: 1- أن يتراجع الجميع عن خطوات الأربعاء السادس من أغسطس (مرسوم الاستقالة ويتراجع الجنرالات عن الانقلاب)، ويعاد الرئيس المنتخب سيدي ولد الشيخ عبدالله بشروط، من أبرزها: تشكيل مجلس للرئاسة يكون فيه ممثلون عن المجلس العسكري والقوى السياسية وبعض الحكماء. ويمارس هذا المجلس صلاحيات الرئيس الدستورية ويتخذ قراراته بالإجماع. ويشرف مجلس الرئاسة هذا على انتخابات رئاسية مبكرة في أقل من ستة أشهر، مع خروج سيدي والجنرال محمد ولد عبدالعزيز معا من الرئاسة مع الاحتفاظ بالبرلمان من دون حل. 2- أن يرفض العسكريون أي تجاوب مع المطالب الداخلية والخارجية وتشتد حالة التخندق والاصطفاف السياسي.. وهو ما سيدفع باتجاه فرض عقوبات وحصار اقتصادي وسياسي ربما يفضي لحدوث العديد من الانقلابات العسكرية والتدخل الأجنبي، خصوصا أن الدول الغربية بحاجة لمقر للقواعد العسكرية والتواجد في هذه المنطقة الحيوية، حيث سيشكل انعدام الاستقرار مدخلا مناسبا للتدخل الأجنبي الأمني والعسكري. 3- أن ينجح العسكريون في إقناع الأوروبيين والشركاء الأجانب بالاعتراف بهم مع طول الفترة، خصوصا في ظل هدوء الأوضاع -في ظل قبضتهم وتجبيرهم للتأييد الشعبي- مع إجراء انتخابات شكلية يتم من خلالها انتخاب الجنرال ولد عبدالعزيز رئيسا شرعيا! خصوصا إذا نجحوا في تحصيل بعض التقدم على المستويين الاقتصادي والاجتماعي، والمضي قدما في بسط الحريات ومعالجة بعض الملفات العالقة كملف اللاجئين. 4- البحث عن حل وسط يقضي باستقالة سيدي ولد الشيخ عبدالله وتنحي ولد عبدالعزيز طواعية عن السلطة وإسناد الرئاسة للعقيد ولد أعلي ولد محمد فال الذي اكتسب مصداقية من خلال الإدارة الناجحة للمرحلة الانتقالية خلال الفترة (2005/2007). وتبقى الأزمة الموريتانية مفتوحة على كل الاحتمالات، مع أن العديد من المخاطر تبقى تهدد موريتانيا بصورة فعلية، من أبرزها انعدام الاستقرار في ظل استمرار وضعية استثنائية تكرس انقساما سياسيا مستجلبا للأدوار الأجنبية.   (المصدر: جريدة العرب (يومية – قطر) بتاريخ 14 سبتمبر  2008)


 
الأزمة الاقتصادية الأميركية ومفارقتها السياسية
طارق الكحلاوي مما لا شك فيه الآن أن الأزمة الاقتصادية الأميركية تبدو أكبر بكثير مما كان متوقعاً لدى الكثيرين. ومنذ أقل بقليل من العام، صدّرت مجلة «الإيكونوميست» (عدد 15 نوفمبر 2007) صفحتها الأولى بعنوان مثير لا يتلاءم مع خطها التحريري الحذر عادة: «الاقتصاد الأميركي الضعيف». واللغة التقريرية التي اتسم بها تحليل «الإيكونوميست» آنذاك صدمت البعض، لكن مثلما تم التشديد في الأخير لا يبدو من السهل توقع أزمات اقتصادية كبيرة في الولايات المتحدة. تم التذكير بتوقع «جمعية هارفارد الاقتصادية» العريقة قبيل أزمة 1929، عندما أرسلت للمشتركين فيها بشكل جازم «أزمة قوية تبدو خارج التوقعات». وكذلك هو الشأن مع توقعات معظم الخبراء الاقتصاديين العام 2000 عندما توقعوا محدودية فترة الانحسار الاقتصادي في الوقت الذي تفاقمت فيه إثر ذلك مباشرة. المعطى الأساسي الذي ميز توقعات «الإيكونوميست» وجعلها أكثر تشاؤماً كان بالتحديد عدم ثقتها في مردودية ما تبقى من الصناديق الائتمانية السكنية التي انهار غالبها دفعة واحدة بين ربيع وصيف العام 2007. وفي الوقت الذي بدت فيه السوق مستقرة، لاحظت «الإيكونوميست» استمرار هبوط نسبة الاستثمار السكني. بالإضافة إلى ذلك، بدا جمود نسب الاستهلاك مثيراً للقلق حتى مع نمو اقتصادي فاق %3. وهو ما كان يعني تزايد تعقيد وضع الاستثمار السكني. الارتفاع المتسق لأسعار النفط كان المؤشر الآخر على محدودية احتمالات تزايد نسب الاستهلاك. الصناديق الأساسية التي تبقت في المشهد الائتماني السكني عند صدور توقعات «الإيكونوميست» في خريف 2007 كانت الشركتين الأكثر ثقة في السوق، «فريدي ماي» (Freddie Mae) و«فريدي ماك» (Freddie Mac). وعندما قررتا في ربيع 2008، في سياق مغامر لتنشيط السوق والذي كان السبب في انهيار الصناديق الائتمانية الأخرى، تخفيض مقاييس إسناد القروض شن مسؤولو الإعلام فيهما حملة مركزة للتأكيد على غياب المخاطرة في قرار ممثل. غير أن ما كان خافياً عن العيان آنذاك هو التراجع الكبير في ثقة المستثمرين، المتكونين أساساً من بنوك آسيوية، في أسهم الشركتين. ولم يتم استدراك مستوى الثقة حتى عندما حاول الكونغرس طمأنة المستثمرين بأنه سيتدخل لدعمهما. وهكذا، لم يكن الصيف الملتهب الأسعار والذي زاد في صعوبات المقدرة الشرائية إلا الوقتَ اللازم لانكشاف هزال المقترضين الجدد للشركتين، ومن ثمة النذير بسقوط ما تبقى من الاقتراض السكني في الولايات المتحدة. تدخل وزارة المالية الأميركية من خلال ضخ الموارد المالية الفيدرالية لدافع الضرائب الأميركي في الشركتين حاز الإجماع ودعمته مختلف الأطراف. إذ لم يكن من الصعب توقع الانهيار المالي الواسع في حالة انهيار «فريدي ماي» و«فريدي ماك». لم يكن ذلك التصديق الوحيد لتوقعات «الإيكونوميست». في نفس عدد ذلك الخريف، أشارت الأخيرة أيضاً إلى أرقام تبرز الهزال المالي للقوى الاقتصادية «الصاعدة»، خاصة منها الآسيوية، وهو ما يعني عجزها عن امتصاص أي صدمة تصيب الاقتصاد العالمي في حال انهيار السوق المالية الأميركية. وبمعنى آخر، لا يزال هناك شعور طاغٍ بأن ضمان استقرار الاقتصاد الأميركي شرط أساسي لضمان استقرار الاقتصاد العالمي. وهكذا، لم يكن من المستغرب أن تقفل الأسواق المالية الرئيسة في العالم معاملاتها يوم الاثنين الماضي (8 سبتمبر) بمعدلات أكثر ارتفاعاً إثر إعلان قرار وزارة المالية الأميركية مساء الأحد. إذن، الأزمة الاقتصادية الأميركية لا تبدو قصيرة الأمد. ومثلما أشارت افتتاحية «نيويورك تايمز» في ذات يوم الاثنين، فإن تدخل المال الفيدرالي قرار استعجالي ضروري غير أنه ليس الحل. للأزمة الراهنة عوامل سياسية لا يمكن التغافل عنها. كانت الحصيلة الاقتصادية السلبية لعهدتين متواصلتين لإدارة الرئيس بوش نتاجاً، من جملة عدد من العوامل الظرفية والبنيوية، لفلسفة اقتصادية جمهورية ترفع أدوات الرقابة الفيدرالية والتشريعية عن الشركات الكبرى. وهكذا مع الأزمة البطيئة التي تزامن بدؤها مع دخول الرئيس بوش إلى البيت الأبيض وسيطرة الجمهوريين على الكونغرس، تم إفساح المجال لمختلف الشركات الائتمانية لكي تغامر بشكل فوضوي نحو اكتساح أكبر عدد ممكن من المقترضين مقابل تخفيض مقاييس الائتمان، وهو ما ضاعف من مخاطر العجز عن سداد الديون. وكان المجال الأكثر خطورة لهذه المعادلة المختلة مجال الاقتراض السكني بسبب اتساعه الكمي. كانت ستكون هناك أزمة بإدارة جمهورية أو بدونها، غير أن الأخيرة ساهمت في مفاقمتها. وطبعاً لم يساهم في تجاوز الأزمة هبوط قيمة الدولار وارتفاع أسعار الطاقة التي ترجع أيضاً جزئياً لسياسات نفس الإدارة التي أضرت بالاستقرار في منطقة استراتيجية للطاقة العالمية كما هي المنطقة العربية. ولعل المؤشر الاقتصادي الأكثر خطورة في الحصيلة الاقتصادية لعهدة إدارة الرئيس بوش مديونيتها القياسية والتي ترجع، من دون كل القوى الدولية، إلى القوى السياسية الأكثر منافسة لنفوذها. إذ من بين المقرضين الكبار للولايات المتحدة كل من الصين وروسيا. وهكذا من بين كل التداعيات الممكنة للأزمة الراهنة، سيكون من المستغرب أن أحدها خسارة أوباما لاستطلاعات الرأي أمام غريمه الجمهوري ماكين، رغم أن الأخير يبعث بما يكفي من المؤشرات الدالة على رغبته في الاستمرار في سياسات الإدارة الجمهورية المغادرة. ومثلما أشارت نتائج الاستطلاعات المنشورة هذا الأسبوع، كان للأداء الانتخابي المثير للجدل لسارة بالين المرشحة الجمهورية لموقع نائب الرئيس دورٌ في رفع أصوات ماكين، خاصة بين صفوف نساء البيض. وحتى شعار «التغيير» الذي تميزت به حملة أوباما نجح ماكين في تعويمه من خلال تبنيه. يذكّر ذلك بإحدى الحقائق الأكثر إيلاماً في أي سياق انتخابي أميركي، فمثلما أشار توماس فريدمان في مقاله الأسبوعي في «نيويورك تايمز» (10 سبتمبر) فإن الانجذاب العفوي المؤقت بعيداً أحياناً عن التفاصيل والحقائق هو ما يحدد التفوق الانتخابي. بالرغم من حروب الإدارة الجمهورية المتأزمة وحصيلتها الاقتصادية الضعيفة، تبرز المفارقة السياسية عبر استطلاعات الرأي: المنافسة الجدية المتصاعدة بل المتفوقة أحياناً للمرشح الجمهوري. • أستاذ «تاريخ الشرق الأوسط» بجامعة روتجرز  tkahlaoui@gmail.com (المصدر: يومية “العرب” القطرية: 14 سبتمبر 2008)

 

 

Home – Accueil الرئيسي

Lire aussi ces articles

16 juillet 2006

Home – Accueil – الرئيسية TUNISNEWS 7 ème année, N° 2246 du 16.07.2006  archives : www.tunisnews.net AISPP: Faire-part du décès de

En savoir plus +

12 septembre 2010

Home – Accueil TUNISNEWS 10 ème année,N° 3764 du 12.09.2010  archives : www.tunisnews.net  Liberté et Equité: Eclaircissements sur les circonstances

En savoir plus +

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.