TUNISNEWS
9 ème année, N° 2910 du 11.05.2008
رويترز:صحفيان تونسيان ينهيان اضراباعن الطعام يو بي أي:صحافيان تونسيان معارضان ينهيان إضرابا عن الطعام إستمر 15 يوما أ ف ب:صحافيان تونسيان معارضان يوقفان اضرابا عن الطعام
الصباح:مدير تحرير «الموقف» ورئيس تحريرها يوقفان إضرابهما عن الطعام العرب:هيئات تربوية تمنع الحجاب في تونس
رويترز:غرق ثلاثة مهاجرين افارقة وانقاذ 15 اخرين قبالة سواحل تونس يو بي أي:وفاة 3 مهاجرين أفارقة غرقا قبالة السواحل التونسية قنا:مسأة المهاجرين الافارقة
الصباح:غدا في «بيت الحكمة»: يوم دراسي إحياء للذكرى العاشرة لوفاة العلامة الشيخ محمد الشاذلي النيفر أ ف ب:المخرج الايطالي تورناتوري يصور فيلمه الجديد في تونس قنا:ندوة تونسية حول الفنون والثقافات الاستشرافية قنا:اسبوع ثقافي أردني في تونس إيلاف:الصحبي عتيق: قادرون على ترشيد السّلفيين نحو الوسطيّة والاعتدال النفطي حولة :إلى روح الشهيد هشام بن جدو علا يمي مراد رقية:نطالب بلجنة تحقيق برلمانية مزدوجة من مجلس النواب ومجلس المستشارين حول أوضاع قصرهلال العامة وأساسا منها الثقافية برّا بقصرهلال يو بي أي:خبراء يدعون إلى الحد من الآثار السلبية لظاهرة الإسلاموفوبيا إسلام أونلاين نت:”البورجي 2008 “.. بانورما مساجدية محيط :المرشد العام للإخوان المسلمين في تصريحات لا تنقصها الصراحة لا نفكر الآن في تأسيس حزب سياسي ونرفض توريث جمال مبارك فــاروق جويدة: قصيدةإغضب – اغضب – اغضب الصباح:لماذا لم ينتصر العرب على إسرائيل؟ أسباب النكبة العربية من وجهة نظر كاتب تونسي سنة 1949 عبد اللطيف الحناشي:لماذا لم ينتصر العرب على إسرائيل؟ أسباب النكبة العربية من وجهة نظر كاتب تونسي سنة 1949 الشرق: وثيقة تنظيم البث الفضائي العربي مآلها إلى الزوال إعلاميون ومثقفون عرب يرفضون سعي الحكومات لإسكات الفضائيات الجادة محيط : صندوق النقد يطالب الحكومات بالتكيف مع غلاء الأسعار أنس الشابي: بل زُيِّن للّذين كفروا مَكرُهم د. هادي حسن حمودي :اسلام لا إسلاموي إسلام أونلاين نت : أقصر حرب أهلية لبنانية.. مكاسب وخسائر
(Pour afficher les caractères arabes suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe Windows (
(To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows)
أسماء السادة المساجين السياسيين من حركة النهضة الذين تتواصل معاناتهم ومآسي عائلاتهم وأقربهم منذ ما يقارب العشرين عاما بدون انقطاع. نسأل الله لهم وللصحفي سليم بوخذير وللمئات من الشبان الذين تتواصل حملات إيقافهم منذ أكثر العامين الماضيين فرجا قريبا عاجلا- آمين
21- الصادق العكاري
22- هشام بنور
23- منير غيث
24- بشير رمضان
25 – فتحي العلج
|
16- وحيد السرايري
17- بوراوي مخلوف
18- وصفي الزغلامي
19- عبدالباسط الصليعي
20- لطفي الداسي
|
11- كمال الغضبان
12- منير الحناشي
13- بشير اللواتي
14- محمد نجيب اللواتي
15- الشاذلي النقاش/.
|
6- منذر البجاوي
7- الياس بن رمضان
8- عبد النبي بن رابح
9- الهادي الغالي
10- حسين الغضبان
|
1- الصادق شورو
2- ابراهيم الدريدي
3- رضا البوكادي
4-نورالدين العرباوي
5-
|
صحفيان تونسيان ينهيان اضراباعن الطعام
تونس رويترز/ أعلن صحفيان تونسيان اليوم السبت وقف اضراب عن الطعام دخلا فيه منذ اكثر من اسبوعين للاحتجاج على محاصرة السلطات لصحيفتهما قائلين انهما قررا انهاء احتجاجهما بعد مناشدات من شخصيات حقوقية
ودخل رشيد خشانة رئيس تحرير صحيفة الموقف الناطقة بلسان الحزب الديمقراطي التقدمي المعارض والصحفي منجي اللوز يوم 26 ابريل نيسان الماضي في اضراب مفتوح عن الطعام مطالبين السلطات برفع //حصارها// عن الصحيفة والكف عن محاصرتها ماديا بمنع توزيعها داخل عدة مناطق
ونفت الحكومة اي تضييق على الصحيفة ووصفت الاضراب بانه //مؤامرة انتهازية// تهدف الى لفت نظر الصحافة الخارجية
وأعلن رشيد خشانة في مؤتمر صحفي بمقر الحزب الديمقراطي التقدمي اليوم انهاء الاضراب قائلا //استجابة للمناشدات التي وجهت لنا من عدد هام من شخصيات حقوقية في المجتمع المدني اكدوا ان صوتنا وصل للراي العام قررنا وقف اضرابنا//
واضاف ان من بين اسباب انهاء الاضراب ايضا عودة صحيفة الموقف للتوزيع بشكل عادي في الاسبوع الاخير بعد //الحصار// الذي شنته السلطات عليها وتقول الحكومة انها لاتمارس أي رقابة على صحف المعارضة وتسمح بتوزيعها معتبرة ان تطرق صحف المعارضة الى كل المواضيع هو دليل على حرية الصحافة.
وتطرح صيحفة الموقف نحو تسعة الاف نسخة اسبوعيا وتتميز بمقالاتها اللاذعة والمنتقدة للحكومة. وتوقع معارضون ان يحظى الاضراب الذي خاضه الصحفيان باهتمام الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي خلال زيارته نهاية الشهر الماضي غير ان ساركوزي لم يتطرق للموضوع واشاد بسجل تونس في مجال الحريات مخلفا صدمة عنيفة للمعارضين في تونس وارتياحا في الاوساط الرسمية.
(المصدر: وكالة رويترز للأنباء بتاريخ 10 ماي 2008)
صحافيان تونسيان معارضان ينهيان إضرابا عن الطعام إستمر 15 يوما
تونس / يو بي أي: أعلن الصحافيان التونسيان المعارضان رشيد خشانة رئيس تحرير صحيفة “الموقف” المعارضة،وزميله نجيب اللوز وقف إضرابهما المفتوح عن الطعام الذي بدآه في السادس والعشرين من الشهر الماضي.
وأوضحا خلال مؤتمر صحفي عقداه اليوم السبت أن قرار وقف إضرابهما عن الطعام جاء “إستجابة” للمساعي التي قام بها وفد من أبرز ممثلي المجتمع المدني منهم سهير بلحسن رئيسة الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان ومختار الطريفي رئيس الرابطة التونسية لحقوق الإنسان وعبد الستار بن موسى العميد السابق للمحامين وناجي البغوري رئيس نقابة الصحافيين التونسيين.
وأضافا أن هذا القرار أُتخذ أيضا بالنظر إلى عدة إعتبارات،منها “أن الإضراب حقق أهدافه السياسية والإعلامية بتسليط الضوء على الهجمة التي تستهدف صحيفة الموقف لإجبارها على الإحتجاب، ووضعه الحكومة في حرج بسبب فقدانها الحجة لتبرير وضع الإعلام المتردي في البلاد”.
وكان الصحافيان التونسيان رشيد خشانة ونجيب اللوز قد دخلا في إضراب مفتوح عن الطعام في السادس والعشرين من الشهر الماضي للمطالبة بوقف الملاحقات القضائية التي تتعرض لها صحيفتهما “الموقف” الناطقة بلسان الحزب الديمقراطي التقدمي المعارض.
وسبق للسلطات التونسية أن رفضت في حينه هذا الإضراب، ووصفته بأنه “مناورة جديدة، ديماغوجية وانتهازية لمغالطة الرأي العام، وهي مناورات أضحت من عادات الحزب الديمقراطي التقدمي “.
كما نفت أن تكون صحيفة “الموقف” تتعرض لمضايقات “سواء أكان على مستوى العمل الصحفي ،أو على مستوى النشر والتوزيع، وأن أحزاب المعارضة في تونس تصدر صحفها وتنشرها بكامل الحرية”.
يشار إلى أن تونس، التي ألغت الرقابة على المنشورات والكتب، وجعلت مسألة منع التوزيع من إختصاص القضاء وحده، توزع فيها سبعة صحف معارضة هي إلى جانب “الموقف” كل من “الوحدة” و”مواطنون”، و”المستقبل”، و”الأفق”، و”الوطن”و”الطريق الجديد”.
المصدر: وكالية يو بي أي (يونايتد برس إنترناشيونال) بتاريخ 10 ماي2008
صحافيان تونسيان معارضان يوقفان اضرابا عن الطعام
تونس (ا ف ب) – اوقف صحافيان تونسيان من اسبوعية “الموقف” المعارضة السبت اضرابا عن الطعام بدآه في 26 نيسان/ابريل احتجاجا على ضغوط قالا ان السلطات تمارسها وتستهدف تضييق الخناق على صحيفتهما.
واعلن رئيس تحرير “الموقف” الصحيفة الناطقة باسم الحزب الديمقراطي التقدمي (معارضة شرعية) رشيد خشانة “قررنا الكف عن اضراب الطعام لمواصلة كفاحنا من اجل انقاذ +الموقف+ بطريقة اخرى”.
من جهة اخرى اعلنت مايا الجريبي الامينة العامة في الحزب التقدمي الديمقراطي انه “تم تحقيق كامل اهداف الاضراب على الصعيدين السياسي والاعلامي” مشيرة الى “عودة الى الامور الى طبيعتها”على مستوى مبيعات الصحيفة التي تسحب عشرة الاف نسخة.
وقطع المضربان عن الطعام تحركهما بحبات من التمر اهدتها لهما سهير بو الحسن الرئيسة التونسية للاتحادية الدولية لحقوق الانسان.
واشادت بو الحسن الاتية من باريس “بمقاومة الديمقراطيين التونسيين الذين يعانون من الضغط”.
ووصفت الحكومة الاضراب عن الطعام الذي بدا قبل يومين من زيارة الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الى تونس بانها “مناورة ديماغوجية وانتهازية”.
واعلن حينها خشانة والمنجي اللوز اضرابا عن الطعام “مفتوحا” تنديدا “بالمناورات السياسية” ضد مجلة “الموقف” التي صودرت مرارا وتعرضت لحصار مالي وعرقلة توزيعها.
وكان الصحافيان محاطين بعدة محامين تطوعوا للدفاع عن الصحيفة وعلى رئيس تحريرها ومديرها احمد نجيب الشابي اللذين يمثلان السبت امام القضاء.
وارجات المحكمة الى الثلاثين من ايار/مايو النظر في شكاوى رفعتها خمس شركات تطالب المجلة بنحو 300 الف يورو تعويضا عن خسارات مزعومة بعد نشرها مقال حول توزيع زيت مسمم.
واعلنت هيئة التحرير في بيان ان “الموقف” اكتفت “بالتعليق” على خبر نشرته صحيفة الخبر الجزائرية في الثلاثين من اذار/مارس بشان توزيع تلك الزيوت المستوردة من تونس في الجزائر.
واعتبر ان الملاحقات بحق الصحيفة تندرج في اطار “انتهاك الراي” وفي “سلسلة من المضايقات اضطرت الصحافيين الى اللجوء الى الاضراب عن الطعام”.
ونفت السلطات قطعا ان تكون تسببت في الملاحقات واتهمت مسؤولي الصحيفة بالتهرب “من مسؤولياتهم القانونية”.
(المصدر: وكالة الصحافة الفرنسية (أ ف ب) بتاريخ 10 ماي 2008)
مدير تحرير «الموقف» ورئيس تحريرها يوقفان إضرابهما عن الطعام
صالح عطية تونس الصباح: أعلن المنجي اللوز، مدير تحرير صحيفة “الموقف” الناطقة بلسان الحزب الديمقراطي التقدمي، ورئيس تحريرها، رشيد خشانة، عن وقفهما الاضراب عن الطعام الذي كانا دخلا فيه منذ السادس والعشرين من الشهر المنقضي، “احتجاجا على الحصار الذي ضرب على توزيع الصحيفة”، على حدّ تعبير خشانة في الندوة الصحفية التي عقدها الرجلان أمس بمقر الحزب.. ويأتي قرار توقيف الاضراب على خلفية التقرير الذي توصلت إليه أسرة تحرير “الموقف” من شركة التوزيع، والذي كشف عن ارتفاع حجم المبيعات من 12 في المائة إلى ما يزيد عن 50 في المائة، الامر الذي اعتبره الحزب الديمقراطي التقدمي، مؤشرا إيجابيا، ومن ثم جاء قرار إيقاف الاضراب.. وقال رشيد خشانة تعقيبا على هذا التطور، أن قرار الاضراب اتخذ بناء على الحصار الذي مورس على توزيع الصحيفة، وعندما زال الحصار، لم يعد للاضراب أي مبرر”، على حدّ قوله.. (المصدر: جريدة “الصباح” (يومية – تونس) الصادرة يوم 11 ماي2008)
هيئات تربوية تمنع الحجاب في تونس
تونس – محمد الحمروني علق أمس كل من رشيد خشانة رئيس تحرير جريدة الموقف ومنجي اللوز مدير تحريرها إضرابهما عن الطعام الذي شناه منذ 15 يوماً استجابة لمساعي المجتمع المدني التونسي. ومثل أمس كل من أحمد نجيب الشابي مدير صحيفة «الموقف» ورئيس تحريرها رشيد خشانة أمام المحكمة بتهمة الإساءة إلى سمعة شركات وطنية، وهي الدعوى التي رفعتها خمس شركات مختصة في تعليب الزيوت النباتية على إثر نشر الصحيفة مقالا افتتاحيا تعرضت فيه إلى ما نشر بعدد من وسائل إعلام جزائرية حول فساد زيت المائدة التونسي وعدم صلاحيته للاستعمال الآدمي. وتقول هيئة تحرير صحيفة «الموقف»: إن المحاكمة تندرج في إطار سلسلة من التضييقات التي تتعرض لها الصحيفة منذ فترة، وهو ما أجبر مدير ورئيس تحريرها منجي اللوز ورشيد خشانة على الدخول في إضراب مفتوح عن الطعام منذ يوم 26 أبريل الماضي. من جهة اخرى عاد الجدل ليتصاعد في تونس حول مسألة الحجاب بعد أن ظنّ الجميع أن هذا الجدل قد انتهى بصدور الحكم عن المحكمة الإدارية خلال شهر ديسمبر 2006، والذي اعتبر طرد مدرِّسة بسبب ارتدائها الحجاب قرارا باطلا، وقد تضمن المنشور الصادر في 23 أبريل 2008 قرارا صادرا عن الهيئات الإدارية المشرفة على القطاع التربوي يقضي بمنع ارتداء الحجاب بمختلف أشكاله. ودقق القرار في تفصيل مختلف أشكال تغطية الرأس التي تلجأ إليها المحجبات، بما فيها «المناديل والمحارم والقبعات التي لا تمت بصلة لديننا الإسلامي الحنيف»، كما جاء في المنشور. وأضاف القرار «لذا فإنه يمنع منعا باتا ارتداء مثل هذا اللباس الطائفي الذي يمثل شكلا من أشكال التطرف، واستخدام العديد من الوسائل المشار إليها داخل مؤسساتنا التربوية»، ودعا إلى التصدي لكل من يرتدي أو من يستخدم الأشياء المشار إليها سواء من الإطارات التربوية أو العاملة أو الأطفال المنخرطين في نشاط المؤسسة. كما هدد المنشور المؤسسات التربوية التي لا تعمل بمقتضيات القرار بالعقوبات وفق ما ينصّ عليه القانون. وقد اعتبرت منظمة «حرية وإنصاف» للدفاع عن حقوق الإنسان أن القرار تجاوز للسلطة واعتداء على الحرية الشخصية في ارتداء اللباس، وأفادت الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين، بإيقاف ما يزيد عن تسع فتيات ونساء محجبات بينما كنّ بصدد مغادرة أحد الجوامع إثر صلاة الجمعة يوم 2 مايو، وقالت الجمعية إن أعوانا بالزيّ المدني قاموا «بمهاجمتهن في الطريق العام واقتيادهن إلى مقر فرقة الأمن بجهة صفاقس». من جهة ثانية ما زالت الردود على التصريحات التي أطلقها الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي بخصوص أوضاع حقوق الإنسان في تونس متواصلة، وبعد المنظمات الحقوقية والشخصيات المستقلة التحق وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنر بالرافضين لتصريحات ساركوزي في تونس. (المصدر: صحيفة “العرب” (يومية – قطر) الصادرة يوم11 ماي 2008)
غدا في «بيت الحكمة»: يوم دراسي إحياء للذكرى العاشرة لوفاة العلامة الشيخ محمد الشاذلي النيفر
محسن الزغلامي تونس ـ الصباح:يحتضن مجمّع «بيت الحكمة» بقرطاج على امتداد كامل يوم غد ـ الاثنين 12 ماي ـ يوما دراسيا احياء للذكرى العاشرة لوفاة الشيخ العلامة محمد الشاذلي النيفر. هذا اليوم الدراسي الذي تجتمع على تنظيمه كل من مؤسسة «بيت الحكمة» والجمعية التونسية للدراسات والبحوث حول التراث الفكري التونسي ومكتبة آل النيفر ستتوزع اشغاله على جلستين علميتين: * الاولى صباحية ويرأس اشغالها سماحة الشيخ المختار السلامي وتشتمل على مجموعة مداخلات من بينها واحدة للأستاذ احميدة النيفر حول «قضايا الفكر والمجتمع عند الشيخ محمد الشاذلي النيفر»، وأخرى للأستاذ عبد الهادي التازي وعنوانها: «محمد الشاذلي النيفر، خاتمة الذين اهتموا بصحيح مسلم من المغاربة». وثالثة للأستاذ عمار الطالبي وعنوانها: «الشيخ محمد الشاذلي النيفر وجهوده العلمية في ملتقيات الفكر الاسلامي بالجزائر». هذا فضلا عن مداخلة الاستاذ طه بوسريح التي تحمل عنوان «محمد الشاذلي النيفر محدّثا» وكذلك مداخلة الاستاذ محمد الحبيب الهيلة وعنوانها «الشيخ محمد الشاذلي النيفر المحقق». هذه الجلسة العلمية الاولى ستشتمل ايضا على مجموعة شهادات حول شخصية وفكر وعلم الشيخ العلامة محمد الشاذلي النيفر تقدمها شخصيات وطنية عرفت الشيخ الراحل وواكبت جهوده العلمية وهؤلاء هم على التوالي الاساتذة الشاذلي القليبي ومصطفى الفيلالي وزكرياء بن مصطفى والطيب السحباني. الجلسة العلمية الثانية اما الجلسة العلمية الثانية من هذا اليوم الدراسي فستكون مسائية ويرأس اشغالها الاستاذ عبد الهادي التازي وتشتمل بدورها على مجموعة مداخلات وشهادات من بينها محاضرة للأستاذ كمال عمران حول «فكرة التجديد عند الشيخ محمد الشاذلي النيفر» واخرى حول «فتاوى الشيخ محمد الشاذلي النيفر» يقدمها الاستاذ فتحي القاسمي. وثالثة للأستاذ محمد العزيز الساحلي حول «محمد الشاذلي النيفر فقيها» فيما ستكون مداخلة الاستاذ نور الدين صمود حول «الشيخ الشاذلي النيفر اديبا». اما الشهادات فستأتي على ألسنة الاساتذة فؤاد المبزع وعثمان بطيخ وكامل سعادة ومحمد اليعلاوي. ـــــــــــــــــــ الشيخ محمد الشاذلي النيفر في سطور حياته الشخصية: * ولد بتونس سنة 1330 هجرية الموافق لـ1911. * زاول الدراسة الابتدائية بالبيت والكتاب وبمدرسة السلام القرآنية ثم انخرط في المعهد الزيتوني وتحصل على شهادة التطويع 1318-1930 قبل ان يلتحق بقسم الدراسات العليا بالزيتونة. * 1354-1935 باشر التدريس من الطبقة الثالثة. * 1362-1943 باشر التدريس من الطبقة الثانية. * 1372-1953 باشر التدريس من الطبقة الاولى. * 1377-1404-1968-1981 عين استاذا مساعدا بالجامعة التونسية ثم عين استاذا محاضرا ثم ارتقى الى رتبة استاذ كرسي وبقي مباشرا للتدريس بالجامعة الزيتونية الى سنة 1413-1990. مؤلفاته المطبوعة: 1 ـ تفسير مدرسي لجزء عم وتفسير مدرسي لجزء تبارك. 2 ـ الفارسية ومبادئ الدولة الحفصية، لابن القنفذ القسنطيني تحقيق بالاشتراك (1968). 3 ـ موطا الامام مالك، بحث مستفيض عن علي بن زياد مع قطعة من رواياته للموطا. 4 ـ تقديم وتحقيق المعلم بفوائد مسلم للامام المازري (3 اجزاء). 5 ـ تقديم وتحقيق مسامرات الظريف لمحمد السنوسي (3 اجزاء) وله عدة بحوث منشورة في الصحف والمجلات. (المصدر: جريدة “الصباح” (يومية – تونس) الصادرة يوم 11 ماي 2008)
المخرج الايطالي تورناتوري يصور فيلمه الجديد في تونس
تونس (ا ف ب) – يصور المخرج الايطالي جيوزيبي تورناتوري حاليا في تونس فيلمه الجديد “ابواب الريح” الذي يتناول مواضيع اجتماعية حساسة على خلفية قصة عائلة ايطالية. وقال التونسي طارق بن عمار المنتج المنفذ للفيلم خلال لقاء صحافي مساء الجمعة “على خلفية قصة حب بين زوجين مستوحاة من حياة تورناتوري يتناول المخرج في عمله السينمائي الجديد مواضيع من التابوهات في ايطاليا في الفترة ما بين عام 1930 و1970 ويقف عند ظواهر متفشية من ابرزها المافيا”. واوضح ان “الفيلم عبارة عن لوحة زيتية مشحونة بالعواطف تشكل الوانها الزاهية والقاتمة مختلف التطورات الايجابية والسلبية التي شهدتها ايطاليا في تلك الفترة من القرن الماضي”. واضاف ان “تورناتوري باشر بتصوير مشاهده الاولية في مدينة باريا في جزيرة صقلية الايطالية مسقط راسه قبل ان يصل طاقم تقني كبير يضم تونسيين وايطاليين الى تونس حيث بدات عملية التصوير في كانون الثاني/يناير الماضي وتستمر ستة اشهر”. ويستخدم الفيلم في منطقة بن عروس في الضاحية الجنوبية للعاصمة التونسية ديكورا ضخما بتكلفة تقدر بستة ملايين دولار ضم مدنا ايطالية باكملها كانت مسرحا لاحداث الفيلم العاشر لتورناتوري الذي يعد احد المخرجين البارزين في ايطاليا. وقد احرز منذ 1987 تاريخ ميلاد فيلمه الاول “سيد الكامورا” نحو 25 جائزة في مهرجانات دولية ولا سيما مهرجان كان الفرنسي. ومن بين ابرز اعماله السينمائية “لينينغراد فيلم معلن” و”بائع الاحلام” و”سينما الجنة” و”كلهم في صحة جيدة”. واختار تورناتوري ممثلين تونسيين وايطاليين مبتدئين للقيام باهم الادوار في الفيلم الذي راى المنتج التونسي انه “من النوع الكوميدي والتاريخي الذي يولي اهمية اكبر للذاكرة الشعبية منها للوجوه السينمائية المعروفة”. من ناحيته اشار المخرج الايطالي الى انه اختار تونس لتصوير الجزء الاكبر من مشاهد الفيلم “بسبب ظروف التصوير الرائعة على جميع الاصعدة”. ويتوقع ان يكون الفيلم الذي تبلغ موازنته 25 مليون يورو جاهزا نهاية عام 2008. ومن المقرر ان يشارك في ايام قرطاج السينمائية ومهرجان كان الفرنسي في دورتيهما المقبلتين. ويعد بن عمار (58 عاما) من بين المنتجين العرب والاجانب الذين لهم بصماتهم في صناعة السينما العالمية. واوضح بن عمار انه غادر تونس وعمره ثلاثين عاما “ولم اكن اعرف انذاك شيئا عن السينما ولا عن التكنولوجيا ولم تكن لي علاقات مع اهل السينما لقد عملت وثابرت للوصول الى المستوى الذي انا فيه”. ويملك بن عمار مع رئيس الحكومة الايطالية سيلفيو برلوسكوني في منتجع منطقة الحمامات على بعد 60 كيلومترا جنوب العاصمة التونسية استوديوهات ضخمة اطلق عليها اسم “امبريوم” وتم في اطار هذا التعاون انجاز اكثر من عشرين فيلما طويلا. كما يملك اغلب المختبرات السينمائية الفرنسية. وانتج بن عمار الحاصل على دبلوم تجارة دولية سنة 1970 اكثر من خمسين فيلما بميزانية تقارب 500 مليون دولار. ومن افلامه “القراصنة من اخراج رومان بولانسكي. وافتتح بن عمار العام الماضي في منطقة قمرت في الضاحية الشمالية للعاصمة تونس اول “مركز سينمائي تونسي يحتوى على تقنيات عالية ستجعل من تونس قاعدة للانتاج السينمائي على المستوى العالمي باسعار لا تقبل المنافسة”. واوضح بن عمار ان “هذا مركز سيعطي دفعا لانتاج الفيلم المغاربي والعربي والافريقي ويشجع المنتج والمخرج الاجنبي على اقامة شراكة مع التونسيين في هذا المجال”. ويحتل هذا المركز مكان “الساتباك” الشركة التونسية للانتاج والتوزيع التي توقفت عن العمل منذ اكثر من 20 عاما. وتبلغ مساحته 51 هكتارا وتقدر موازنته بنحو ثمانية ملايين دولار. وبن عمار رجل اعمال ومستشار لمجموعة فيفندي الاوروبية وللامير السعودي الملياردير الوليد بن طلال وهو قريب وسيلة بن عمار زوجة الرئيس الراحل حبيب بورقيبة. (المصدر: وكالة الصحافة الفرنسية (أ ف ب) بتاريخ 11 ماي 2008)
غرق ثلاثة مهاجرين افارقة وانقاذ 15 اخرين قبالة سواحل تونس
تونس (رويترز) – لاقى ثلاثة مهاجرين افارقة حتفهم غرقا بينما نجحت وحدات خفر السواحل التونسية في انقاذ حياة 15 اخرا قبالة سواحل البقالطة الواقعة شرقي العاصمة تونس يوم السبت بعد تعطل مركبهم المتهالك نتيجة هبوب رياح قوية. ونقلت صحيفة الشروق المحلية عن مصادر أمنية القول ان وحدات الحرس البحرية تمكنت يوم السبت من انتشال جثث ثلاثة مهاجرين طفت على شاطئ البقالطة وانقذت حياة 15 اخرين ونقلتهم الى مستشفى بالمهدية. واوضحت الصحيفة ان كل المهاجرين من جنسيات افريقية من بينهم امرأة. وعادة ما يتدفق افارقة من الحالمين بتحسين ظروفهم المعيشية على شمال افريقيا للانطلاق من شواطئها في رحلات سرية باتجاه اوروبا. وتواصل وحدات خفر السواحل عمليات البحث للعثور على ناجين محتملين من هذه الرحلة السرية. وكثفت تونس من جهودها لكبح جماح الهجرة غير المشروعة باتجاه السواحل الاوروبية. (المصدر: وكالة رويترز للأنباء بتاريخ 11 ماي 2008)
وفاة 3 مهاجرين أفارقة غرقا قبالة السواحل التونسية
تونس / يو بي أي: لقي ثلاثة مهاجرين أفارقة على الأقل حتفهم غرقا قبالة السواحل التونسية أثناء محاولتهم التسلل خلسة إلى جنوب إيطاليا . وأفادت صحيفة “الشروق” التونسية أن فرق الإنقاذ تمكنت أمس السبت من انتشال 15 شخصا أحياء ينتمون لعدة دول أفريقية،بينهم إمرأة،عند ساحل بلدة “البقالطة” من محافظة المنستير الواقعة على بعد 150 كيلومترا شرق تونس العاصمة. وأشارت إلى أن عمليات البحث والإنقاذ مازالت متواصلة عن بقية المفقودين من المركب الذي يرجح أنه انطلق من سواحل إحدى الدول المجاورة لتونس( يقصد بها ليبيا). ورجحت أن يكون القارب الذي استخدمه هؤلاء الأفارقة تعطل في عرض البحر،فدفعته الرياح بإتجاه شواطئ بلدة البقالطة التونسية. وتعتبر هذه الحادثة الثانية من نوعها التي تشهدها السواحل التونسية في غضون أقل من أسبوعين. وكان 26 مهاجرا غير شرعي من محافظة المهدية التونسية لقوا حتفهم غرقا في الثالث والعشرين من الشهر الماضي أثناء رحلة بحرية للتسلل خلسة إلى جزيرة “لامبيدوزا” الإيطالية. وتعتبر جزيرة “لامبيدوزا” الإيطالية التي عادة ما يختارها المهاجرون غير الشرعيين،أقرب نقطة إلى الشواطئ التونسية حيث تبعد عنها نحو 50 ميلا. يشار إلى أن سواحل الدول العربية المتوسطية (تونس وليبيا والجزائر والمغرب ومصر)،تحولت خلال السنوات القليلة الماضية إلى ما يشبه نقطة عبور رئيسية للمهاجرين غير الشرعيين الأفارقة إلى جنوب أوروبا الذين يقصدون في الغالب جنوب إيطاليا وجزر الكناري الإسبانية. وبحسب بيانات إحصائية لوزارة الداخلية الإيطالية فإن نحو 16482 مهاجرا غير شرعي وصلوا الى السواحل الإيطالية خلال العام الماضي. المصدر: وكالية يو بي أي (يونايتد برس إنترناشيونال) بتاريخ 11 ماي 2008
مسأة المهاجرين الافارقة
تونس في 11 مايو / قنأ / سجلت باحد سواحل تونس ماساة انسانية جديدة لمهاجرين افارقة غير شرعيين حيث لقى ثلاثة اشخاص مصرعهم غرقا فيما تم نقل خمسة عشر شخصا من ضمنهم امرأة للمستشفى لتلقى العلاج نظرا لحالتهم الصحية الحرجة جدا.
وذكرت صحيفة /الشروق / التونسية اليوم ان امواج البحر دفعت امس بالمركب المقل لهوءلاء المهاجرين والذي اصيب بعطل الى شاطيء بلدة /البقالطة / التابعة لولاية المنستير حيث تمكنت وحدات الدفاع المدني من انقاذ خمسة عشر شخصا أحياء ينتمون لعدة دول أفريقية في حالة انهاك شديد وانتشال ثلاث جثث بعد عمليات غوص.
واضافت أن عمليات البحث والإنقاذ مازالت متواصلة عن مفقودين اخرين محتملين من ركاب القارب الذي يرجح أنه انطلق من سواحل إحدى الدول المجاورة لتونس.
وتاتي مأساة هوءلاء المهاجرين الافارقة الذين كانوا يعتزمون التسلل الى الاراضي الايطالية بعد اقل من اسبوعين من ماساة مماثلة ادت الى مصرع 26 مهاجرا غير شرعي غرقا في احد سواحل ولاية المهدية التونسية كانوا ايضا في رحلة بحرية للتسلل الى جزيرة /لامبيدوزا / الإيطالية0
(المصدر: وكالة الأنباء القطرية /قنا/ بتاريخ 11/05/2008)
ندوة تونسية حول الفنون والثقافات الاستشرافية
تونس في 11 مايو /قنا/ تواصل الندوة السنوية حول/ الفنون والثقافات الاستشرافية/ والتى ينظمها مختبر البحث فى الثقافة والتكنولوجيات الحديثة والتنمية بجامعة تونس أعمالها هنا حاليا بمشاركة عدد من المختصين بمعاهد الفنون الجميلة والمسرح والموسيقى والتراث0
وتتناول الندوة التي تهدف إلى التعريف بالواقع الثقافي التونسي واستشراف قضايا الثقافة والتنمية عددا من المحاور منها/مستقبل الفنون والثقافات ومساهمة الجهات/ و/ الفنون والثقافات والمحيط/ و/فنون جديدة.0 ثقافات جديدة/ و/ ماضى ومستقبل الموسيقى فى تونس/0
(المصدر: وكالة الأنباء القطرية /قنا/ بتاريخ 11/05/2008)
اسبوع ثقافي أردني في تونس
تونس في 11 مايو /قنا/ تنطلق هنا يوم بعد غد /الثلاثاء/ فعاليات الاسبوع الثقافي الاردني تحت اشراف وزارة الثقافة والمحافظة على التراث التونسية ونظيرتها الاردنية والذي سيتضمن مجموعة من الانشطة تتوزع بين تونس العاصمة ومدن بنزرت / شمال / وسوسة والقيروان / وسط / وتستمر لغاية يوم 18 من مايو الجاري.
وتتمثل هذه الانشطة في نماذج من الاعمال المسرحية والسينمائية و الموسيقية و الشعرية التي تختزل تطور الحركة الثقافية في الاردن حيث سيشهد يوم الافتتاح تدشين ثلاثة معارض اولها للفن التشكيلي و الصور الفوتوغرافية و اخر للحرف التقليدية بالاضافة الى معرض للكتاب وذلك في دار الثقافة /ابن خلدون/.
كما سيتم في نفس اليوم في المسرح البلدى عرض شريط وثائقي عن الاردن الى جانب عرض للازياء التراثية الاردنية فضلا عن قراءات شعرية للشاعر عصام السعدى يليه حفل موسيقي لفرقة التخت العربي التابع للمعهد الوطني للموسيقى بالاردن.
وتتواصل بعد ذلك فعاليات هذه التظاهرة يعرض شريط /قمر 14/ للمخرجة ساندرا ماضي يوم 14 مايو بدار الثقافة المغاربية ابن خلدون و التي ستشهد ايضا عرض شريط /نو شوف كاميرا/ للهيئة الملكية الاردنية للافلام يوم 16 من نفس الشهر و شريط /عربيزى / للمخرجة داليا الكورى في اليوم الموالي اضافة الى عرض عدد من الاشرطة القصيرة وهي/ابو محجوب / لعماد حجاج و/وجه بلا وجود/ لفراس طيبة و /تلوين / ليحي العبد الله.
وتقدم فرقة اليخت العربي يوم 14 مايو عرضا موسيقا في مدينة بنزرت وعرض ثاني في مدينة سوسة بعد يومين يلتقي في القيروان يوم 17 من نفس الشهر الشاعران عصام السعدى و عمر امين ابو الهيجاء مع احباء الشعر ضمن امسية شعرية.
(المصدر: وكالة الأنباء القطرية /قنا/ بتاريخ 11/05/2008)
الصحبي عتيق: قادرون على ترشيد السّلفيين نحو الوسطيّة والاعتدال
حاوره اسماعيل دبارة يربط عدد من المتابعين للشأن التونسي بين إفراج السلطات عن عدد من قيادات حركة النهضة الإسلامية المحظورة، وبين العودة القوية لنشاط التيار الإسلامي على الساحات السياسية والنقابية والحقوقية. و على الرغم من الضربة الأمنية الموجعة التي تلقتها الحركة الأصولية مطلع تسعينات القرن الماضي بعد اتهامات بلجوئها إلى العنف وسيلة للتغيير، إلا أن الجدل يدور اليوم بين النخب العلمانية في تونس حول “الخطر الإسلامي العائد” الذي قد يهدد مكتسبات المجتمع التونسي من حداثة وعصرنة تبلورت في عهد الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة وتعززت في ظلّ حكم الرئيس الحالي بن علي. إيلاف اختارت لقاء الأستاذ” الصّحبي عتيق” احد قيادي حركة النهضة في الداخل، و واحد ممن أفرجت السلطات عنهم السنة الماضية. ” الدولة الإسلاميّة ليست دولة ثيوقراطية و لا دكتاتوريّة بل هي دولة العدل والحريّة”
“عتيق” المتحصل على الأستاذية في العلوم الإسلامية من كلية الشريعة وأصول الدين وصاحب كتب “مقدمات في فلسفة التربية الإسلامية “و”مفاهيم تربوية” و”التفسير والمقاصد عند الإمام ابن عاشور” اعتبر في تصريحاته أن “الدولة الإسلامية ليست دولة ثيوقراطية ولا دكتاتورية وإنما هي دولة العدل و الحرية والشعب”. كما أكد على “الطابع الإسلامي و التجديدي لحركة النهضة ” وقال إن لها “أبعادا ثقافية وسياسية واجتماعية وهي تيار وطني يستفيد من التاريخ و التجارب ومواقفه مبدئية من الحرية و الديمقراطية”. و كشف “الصحبي عتيق” عن قدرة حركة ” النهضة” تأطير التيار السلفي الجهادي الذي بدأ في تهديد البلاد التونسية ، وترشيده نحو الوسطية والاعتدال لو تتوفر مناخات الحرية اللازمة حسب تعبيره. وفي ما يلي نص الحوار كاملا: منعت منذ أسبوعين من حضور ندوة حول المساجين السياسيّين أقامتها هيئة18 أكتوبر / تشرين الثاني للحقوق و الحريات. ألازلت تتعرض للمضايقات حتىّ بعد الإفراج عنك؟ بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله.أشكر فريق موقع “إيلاف” على جهوده الإعلامية وعلى إتاحة هذه الفرصة.أما بخصوص منعي من حضور الندوة ؛ فهذه ليست المرة الأولى التي أمنع فيها من الحضور فقد عمد “الأمن السياسي”باستمرار إلى محاصرة مكان انعقاد الندوة أو التظاهرة ومنع العديد من الإخوة من مواكبتها.وعلى قلة هذه التظاهرات السياسية فأنا ممنوع في أغلبها من المشاركة وهذا جانب من المضايقات التي أتعرض إليها فأنا أعاني من البطالة والحرمان من التغطية الاجتماعية والصحية كسائر المسرّحين من حركة النهضة ومازلنا محرومين من كل حقوقنا المدنية والسياسية. كما أني مازلت ممنوعا من التسجيل لإعداد أطروحة الدكتوراه بالمعهد الأعلى لأصول الدين بالجامعة الزيتونية رغم دراستي لمدة ثلاث سنوات بالمرحلة الثالثة أنجزت خلالها بحثي التأهل ثم التعمق في الدراسات العليا وقد وافقت لجنة الأطاريح على موضوع الدكتوراه في جانفي/ يناير 1989و تم اعتقالي سنة 1991 مما حال دوني ودون مناقشة الأطروحة وطيلة فترة السجن(16عاما و4أشهر) منعت من التسجيل في الجامعة.وإلى جانب هذا مازلت أتعرض إلى استدعاءات و مضايقات أمنية ومراقبة للمنزل ولازالت بطاقة التعريف الشخصية تحمل:”عامل يومي” كمهنة. بعد مغادرك السجن؛هل وجدت تغيّرا لافتا على الساحة السياسية التونسية؛سلطة و معارضة؟ مازالت السلطة تمارس سياسة الهيمنة والوصاية والاحتواء على مؤسسات المجتمع المدني وتمنع كل نفس ترنو للاستقلالية وما زالت مصرّة على خياراتها القائمة على الانغلاق ورفض الحوار و الإقصاء بتحالف مع اليسار الإستئصالي والعلمانية المتطرفة معتمدة على الدعم الأجنبي سياسيا وماليا وإعلاميا تحت غطاء مقاومة الإرهاب وخاصة بعد أحداث 11 سبتمبر مما وفر لها مبررا لمحاصرة الظاهرة الدينية عموما والإمعان في إقصاء حركة النهضة خصوصا ومعالجة الملف الإسلامي بالأسلوب الأمني والقضائي(محاكمة المجموعات السلفية) واستبعاد المعالجة السياسية.أما المعارضة؛ فإنها غير موحدة وضعيفة ومحاصرة ومتباينة في مسائل جوهرية كالهوية العربية الإسلامية والعلاقة بالسلطة والموقف من حركة النهضة.وأغلبها لا يخرج عن المربع الذي رسمته السلطة إلى جانب ما يعتريها من صراعات شخصية “زعاماتية” وعجز تواصلها مع أوسع فئات الشعب.وإن وجود تحالف 18 أكتوبر/ تشرين الثاني يعد نقلة نوعية في الحياة السياسية بتونس ومن أهم المكاسب الوطنية رغم العوائق المتعددة وهو خطوة تجمع لأول مرة الإسلاميين و الشيوعيين والقوميين والتحرريين في عمل مشترك من أجل تقليص استبداد السلطة والانتقال الديمقراطي وهي مدعوة لتغليب المصالح الوطنية على المصالح الحزبية والنأي بها عن الصراعات الجانبية كالزعامة أو ظلال المناسبات الظرفية (الانتخابات…) وترك مساحات أوسع للخصوصيات الفكرية. كونك أحد قيادي الحركة بالداخل من المؤكد أنك على دراية بالسجالات الدائرة داخل هيئة 18 أكتوبر بخصوص علاقة الدين بالدولة الديمقراطية. هل تحترز “النهضة” من هكذا موضوع إلى الحد الذي يجعلها تعرقل إصدار الوثيقة التي وعدت بها الهيئة منذ أشهر؟ إنّ الحوار الفكري مطلوب والإسلاميّون – في رأيي – لا يرفضون محاورة أحد بل إنّ الحوار مظهر إيجابي يدلّ على وعي وسماحة لا أدلّ عليها من قوله تعالى”قل من يرزقكم من السّماوات والأرض قل الله وإنّا أو إيّاكم لعلى هدى أو في ضلال مبين قل لا تسالون عمّا أجرمنا ولا نسأل عمّا تعملون” (سورة سبأ -24/25-) وإنّ إيجاد ميثاق ديمقراطي يطوّر عمل الهيئة ويزيد من وحدتها ووضوحها والتفاف مختلف قوى التّغيير حولها أمر إيجابي إلاّ أنّه لابدّ من مراعاة حداثة التجربة فهي تُنحت بتدرّج، وفي خضمّ هذا الحوار ينبغي تجنّب الوقوع في ” مواقفنا مبدئيّة من الحريّة والديمقراطيّة والمساواة بين الجنسين” متاهة التّفريع للمسالك الفقهيّة والدخول في تفاصيل الأحكام الشّرعيّة لأنّ إثارة الجزئيات لا يناسب المواثيق العامّة والحوار الفكري له أهداف سياسيّة وليس غرضه التّماهي أو إلغاء الخصوصيات أو توحيد المرجعيات. وحركة النهضة تلتزم بالمرجعية الإسلامية وما يعنيه من تقيد في جميع تصوراتها ومواقفها بما تضمنته النصوص الشرعية القطعية مع التوسع في غيرها من الظنّيات بالاجتهاد بشروطه المعتبرة، وتتمسك بالحرية والشورى واحترام الخيار الشعبي وبالتالي فإنها ترفض أيّ تهميش للدين أو إقصاء له ولا تقبل التنازل في ذلك وتدعو جميع الأطراف للاستلهام من هوية الشعب واعتمادها واحترام الخيار الشعبي. كيف تتعاطون مع قضية الديمقراطية التي تتبناها بعض حركات ما يسمى بـ”جماعات الإسلام السياسي” في حين ترفضها بشكل مطلق جماعات أصولية أخرى تُحسب على الإسلاميين و تعتبر الديمقراطية مخالفة للإسلام نصا وروحا ؟ الديمقراطية “قريبة من جوهر الإسلام” بتعبير الشيخ القرضاوي من حيث اختيار الحاكم والانتخاب والتمثيل النيابي والتداول على السلطة واستقلال القضاء وحرية التعبير والتنظّم …فإن الديمقراطية “هي أحسن صورة ابتكرتها البشرية لتطبيق الشورى الإسلامية ” وهذا الرأيّ هو السائد في دائرة الفكر الإسلامي المعاصر(الشيخ القرضاوي ،الشيخ راشد الغنوشي ،الشيخ الترابي ،طارق البشري ،محمد سليم العوّا ،عبد الله الحامد …) إلى جانب عدد من قدامي المفكرين من أمثال الكواكبي وخير الدين التونسي والشيخ بن عاشور القائل :” فلا ريب أن الحكومة الإسلامية حكومة ديمقراطية على حسب القواعد الدينية الإسلامية المنتزعة من أصول القرآن ومن بيان السنة النبوّية ومماّ استنبطه فقهاء الإسلام في مختلف العصور ” ويقول الشيخ راشد الغنوشي :”ليس في الإسلام عند التأمل في تعاليمه ومقاصده وتجربة تطبيقه النموذجية في عصر النبوّة والراشدين ما يمنع الترتيبات التي جاء بها النظام الديمقراطي علاجا لآفة الدكتاتورية التي اكتوى بنارها معظم تاريخ الإسلام وبقية شعوب الأرض ” ولئن كانت الديمقراطية نظاما غربيا فإنّ الإسلام لا يرفض الإضافات النافعة للبشرية. ولا أنفي وجود تيارات إسلامية تعتبر الديمقراطية بدعة وكفرا. أطراف علمانية في تونس تتهمكم بتبني مقولات الديمقراطية والتعددية والمشاركة والاختلاف وحقوق المرأة تحت ضغط الواقع فقط، دون تبنيها بشكل حقيقي أي أنكم تعتبرونها وسيلة لنشر أفكاركم و الالتفاف على المضايقات التي تستهدفكم فحسب ؟ حركة النهضة بتونس هي حركة إسلامية تجديدية لها أبعاد ثقافية وسياسية واجتماعية وهي تيار وطني يستفيد من التاريخ و التجارب ومواقفه مبدئية من الحرية و الديمقراطية وتاريخنا في البلاد والجامعة التونسية يشهد بذلك.ألم يفرض الاتجاه الإسلامي الديمقراطية للجميع في الجامعة؟ ألم يقل اليسار بعد ضرب الحركة:غاب الإسلاميون فغابت الديمقراطية ؟ ألم تكن الحركة سدا أمام الاستبداد إلى جانب الاتحاد والجامعة قبل الاحتواء والتدجين؟ أمّا الذين يشككون أو يتهمون النهضة بالعداء للديمقراطية فهم أحد فريقين:إمّا غير مطلع على مواقف الحركة وبياناتها وفكرها وإمّا استئصالي من النخب المهترئة المورطة في الاستبداد و الفساد يسعى للتشويه والإقصاء.ونحن اليوم ضحايا الاستبداد وغياب الديمقراطية والمطلوب إقناع الأنظمة المستبدة بالديمقراطية وأهمية الإصلاح الشامل وليس التشكيك في النوايا والرجم بالغيب. كيف تُطمئنون إذا النخب العلمانية التي ترى في منهاجكم و تكتيكاتكم سيرا حثيثا نحو إقامة “الدولة الإسلامية”عبر رفع شعار “الإسلام هو الحل” خصوصا وأن راشد الغنوشي رئيس حركة” النهضة” قال في حوار سابق له:”السياسة لا تقاس بالعواطف والأماني وإنما بموازين القوى” ؟ الدولة الإسلامية ليست دولة ثيوقراطية ولا دكتاتورية وإنما هي دولة العدل و الحرية والشعب و الإسلام هو محرر الإنسان والشعوب وهو نقيض الاستبداد والإسلام اليوم هو دين الأغلبية ولا إصلاح بتهميشه أو إقصائه وأنا أتبنى ما كتبه الدكتور فهمي هويدي:”لا يحسبنّ أحد أنه يمكن أن تقوم لنا قيامة بغير الإسلام أو أن يستقيم لنا حال بغير الديمقراطية إذ بغير الإسلام تزهق روح الأمة و بغير الديمقراطية التي نرى فيها مقابلا للشورى السياسية يحبط عملها بسبب ذلك نعتبر أن الجمع بين الاثنين هو من قبيل “المعلوم بالضرورة” من أمور الدنيا”.فاليوم لا بد من الإسلام لأنّ إقصاءه لم يؤدّ إلاّ إلى الكوارث(مشاريع هجينة ولائكية مرفوضة) و التبعية و التخلف الحضاري ولا بدّ من الديمقراطية لأن غيابها لم يؤدّ إلاّ إلى الاستبداد و الحكم الفردي واحتكار السلطة.وشعار “الإسلام هو الحل” شعار فضفاض والمطلوب هو تفصيل الرؤى والبرامج وتقديم الحلول في مختلف القضايا انطلاقا من الإسلام القادر على تعبئة الجماهير في معارك التنمية كما عبأها في معارك التحرير الوطني زمن الاستعمار. لطالما نوّه الشيخ راشد الغنوشي بالنموذج التركي واعتبره تمشّيا صحيحا للإسلام السياسي لكن “العدالة والتنمية”وصل اليوم إلى منعرج خطير بسبب أفكاره وخياراته فلا الجيش اطمئن لهذا الحزب و لا حتى النخب العلمانية التي تطالب بضرورة حظره كحزب سياسي. كيف قيّمتم التجربة التركية؟ حزب العدالة والتنمية أعلن نفسه حزبا مؤيدا للعلمانية التي يرى فيها حماية للدين من الدولة حتى لا تسيطر الدولة عن الدين أو لا تحاربه وهو متمسك بالمبادئ الأساسية للدولة وهي العلمانية والديمقراطية والقانون وقد نجح هذا الحزب في تحسين الوضع الاقتصادي وتحسين المعيشة وتخفيض نسبة التضخم وكسب الجماهير من جهة وكسب رجال الأعمال ولكنه يجد معارضة شديدة من ثلاثة أطراف : الجيش والقضاء والعلمانية المتطرفة وتشهد تركيا تراجعا خطيرا بل انقلابا على الديمقراطية ولكن هذه المرة عن طريق المحكمة الدستورية التي يسيطر عليها العلمانيون والتجربة التركية لها خصوصياتها فتركيا عضو في الحلف الأطلسي ولها علاقات مع إسرائيل وهي تسعى للانضمام إلى الإتحاد الأوروبي. والحكم على هذا الحزب يتراوح بين من يعتبره حزبا إسلاميا يفعل ما يقدر لا ما يريد وهذا تكليفه الشرعي اليوم و”لا يكلف الله نفسا إلاّ وسعها”وبين من يعتبره حزبا ابتعد عن الإسلام وانحرف عن نهجه وحزب العدالة و التنمية في رأيي يحاول تقديم نموذج من المصالحة بين الإسلام السياسي و الديمقراطية ولكن ضمن المواصفات التركية وضمن العديد من الإكراهات والله أعلم . بالعودة إلى تونس يقال أن حركة النهضة الإسلامية هي الوحيدة القادرة على كبح جماح التيار السلفي الجهادي الذي يهدد مكتسبات عقود من الحداثة والتنمية والبناء في البلاد؛ ما مدى صحة هذا الكلام ؟ التيار السلفي في تونس متعدد المرجعيات وهو متنوع في الفكر و السياسة و لا يمكن الحديث عن اتجاه واحد أو تنظيم بقيادات ورموز معروفة إنما هو اتجاهات وسلفيات وأعتبر ظهورها بهذا الشكل نتيجة منطقية لمحاربة الظاهرة الدينية على إثر ضرب حركة النهضة وهي رد فعل على محاصرة الإسلام وغلق المساجد و محاربة الحجاب ونشر خطاب ديني رسمي باهت وبعيد عن قضايا الناس و الأمة وهو رد فعل عن علمنة كبيرة لم تعد خافية على أحد …علمنة تجاسرت على الإسلام في ظل وضع دولي معاد للأمة وخاصة في فلسطين و العراق وأفغانستان ولبنان فبحث هذا الشباب عن دينه في الانترنت و الفضائيات والشيوخ . والنهضة قادرة على تأطير هذه الظاهرة وترشيدها نحو الوسطية والاعتدال لو تتوفر مناخات من الحرية . أما عن مكاسب الحداثة والتنمية فأنا لا اتفق معك على هذا الحكم . إن الاستبداد وخنق الحريات والإمعان في احتكار السلطة هو أخطر ما يهدد البلاد. بم تفسر عودة الإسلاميين بقوة إلى الساحات النقابية والطلابية والحقوقية، هل بتغاضي السلطة عن نشاطاتهم أم بتوفّر برنامج مدروس وصلب للقيادات التي أفرج عنها مؤخّرا ؟ ليس هناك عودة قوية على ما أعتقد.والإسلاميون يعبّرون عن حاجات المجتمع و مطالبه والتيار الإسلامي خرج من أحشاء هذا المجتمع وهو يملك الشرعية الكاملة من تاريخ الأمة وثقافتها ومن نضاله ويعبر عن طموحاتها وغيابهم هو محل التساؤل لا العكس. و تواجد الإسلاميين اليوم مازال بعيدا عن حقيقة حجمهم واليوم نحن نتعرض إلى ملاحقات أمنية وإقصاء والمنتظم القانوني لا يعبر عن الواقع ولا عن التمثيل الحقيقي للأطراف السياسية. إن غياب التمثيل الحقيقي للإسلاميين اليوم هو العلامة البارزة في الحياة السياسية فهناك تزييف داخل المشهد السياسي والجمعياتي . قيادات الخارج معزولة في منفاها وقيادات الداخل مشلولة الحركة وتشكو من التضييقات المختلفة والحرمان من العمل في الأطر القانونية.ألا زلتم متفائلين بمستقبل العمل السياسي المعارض في تونس؟ السياسة لا تعتمد على التفاؤل وإنما على الجهود والمبادرات والحراك وفهم الواقع واستشراف الحلول للمستقبل وهناك اليوم الكثير من العوائق و التحديات أمام العمل السياسي في البلاد نظرا لإصرار السلطة على سياساتها القمعية واحتكارها للرأي والانغلاق ومحاصرة كل الأنفاس الحرة ومازال عدد من قيادات الحركة ومناضليها داخل السجون ومازالت التضييقات متواصلة لمحاصرة المسرحين ومنعهم من المشاركة في الحياة السياسية.ولقد طالبت الحركة بحوار وطني لا يستثني أحدا وجوبهت بالصد وهي تسعى ضمن هيئة 18 أكتوبر/ تشرين الثاني من أجل تعديل موازين القوى لصالح المجتمع والضغط لتحقيق الإصلاح الديمقراطي. (المصدر: موقع “إيلاف” (بريطانيا) بتاريخ11 ماي 2008)
إلى روح الشهيد هشام بن جدو علا يمي
النفطي حولة بالروح بالدم نفديك يا شهيد يا شهيد ارتاح ارتاح سنواصل الكفاح يا شهيد ياشهيد على المبادئ لن نحيد هذه الشعارات رددها أهالي الحوض المنجمي يوم سقوط أول ضحايا انتفاضة الحوض المنجمي بمدينة الرديف والتي بدأت ولم تنته بعد .كانت قرية- تب الديد- التي تبعد عن مدينة الرديف حوالي عشرة كيلومتر على موعد يوم 6 ماي لاستقبال المعتمد مصحوبا بالقوة الأمنية قصد إعادة تشغيل المحطة الكهربائية التي أبى الأهالي وخاصة الشبان منهم إلا أن يغلقوها في وجه شركة فسفاط قفصه و يحولوها إلى موقع للاعتصام والاحتجاج ضد السلط المحلية والجهوية التي لم تكترث لمطلبهم الشرعي في التشغيل بل قابلت مطلبهم بالمماطلة حينا والتسويف أحيانا وفي أحسن الحالات تصدقت عليهم ببعض أيام عمل في الحظائر مقابل مبلغ لا يستحق الذكر أصلا لأنه لا يلبي حتى شراء بعض العلب من السجائر العادية واحتساء بعض مما يتيسر قليله من الشاي أو القهوة في مقهى حيهم المتواضع والبسيط جدا . فهل نكلف أبناءنا من الشباب التضحية بأرواحهم لأنهم احتجوا على طريقتهم ؟ فهل ذنب الشهيد هشام بن جدوا أنه امتنع عن تشغيل المحطة مع الأهالي وربما كان اندفاعه وحماسته من أجل التمسك بحقه في مورد رزق يكفل به عائلته المعدمة أصلا كالأغلبية الساحقة من عائلات المنطقة ؟ فهل ذنب هشام أنه فقير ومعدم وعاطل عن العمل حتى يجد نفسه وجها لوجه ضد الظلم والقهر والجور ؟ فهل يهرب من غول الجوع وهول البطالة ليجد نفسه أمام استبداد السلطة وتعنتها وانغلاقها حتى يلقى مصيره الهلاك صعقا بالتيار الكهربائي ؟ ألا يكفيه ما عاناه من صعقات إخوته الأطفال وهم يبكون جوعا أمامه وأباه عاطل عن العمل وهو الذي انقطع عن الدراسة مكرها محاولة منه ليعيل أسرته التي تعيش تحت خط الفقر ؟ إن سقوط الضحية الأولى في غمار كل التحركات التي خاضها أهالي الحوض المنجمي والتي تميزت بطابعها السلمي و المدني ينبئ بالخطر والتصعيد من طرف السلطة والحال أن اللجنة التي تشكلت تقوم بدورها الحضاري على أحسن وجه . فهذه اللجنة المنبثقة من طرف الأهالي تقود المفاوضات مع السلطة المحلية بروح وطنية ومسؤولية عالية . فما ضر لو اتجهت السلط المحلية لهذه اللجنة قبل أن ترسل قوات البوليس والتجهيزات الأمنية الهائلة؟ وخاصة أن هذه اللجنة قد حلت العديد من الإشكاليات بعلاقة بالتحركات الميدانية و وجهتها الوجهة السليمة بحيث أخذت شكلا سلميا ومدنيا بعيدا عن كل ما يمت بصلة للعنف أو عن كل ما من شانه أن يلحق أضرارا بملك المجموعة الوطنية .ومن حقنا أن نتساءل عن التسرع الذي رافق حركة السلطة المحلية في جو يسوده التوتر الاجتماعي وما انجر عن تلك الحركة من تداعيات خطيرة تمثلت في سقوط الشاب هشام شهيدا والمتضرر الآخر وما خلفه من حسرة وألم لدى الأهالي وكل المواطنين . فإذا كانت الجهة تعيش احتقانا منذ ما يزيد عن أربعة أشهر أسبابه أصبحت واضحة للعيان والتي على رأسها قضية التشغيل على خلفية التلاعب بنتائج المناظرة التي أجرتها شركة فسفاط قفصه تليها قضية الفساد المالي والرشوة والمحسوبية لبعض المتنفذين والمستفيدين من حالة الركود الاجتماعي وتفاقم البطالة والحال أن أول من يعي ذلك هي السلطة المحلية والجهوية فكيف تواجه حركة الأهالي بالقوة والعنتريات التي لا تخلف غير العواقب الغير سليمة ؟ إن المسؤولية تقتضي الالتزام بقضية المواطنين والأهالي بحقهم المشروع في الاسترزاق من خيرات بلادهم وحل كل الإشكاليات العالقة بروح وطنية . إن الشهيد هشام بن جدو سقط ضحية معركته المشروعة من اجل نيل حقه في التمتع بثروة بلاده و الحصول على شغل قار يكفل به عائلته ويمنع عنها الجوع والحرمان . فهو شهيد الشغل و الحرية والكرامة الوطنية . 11 ماي 2008
نطالب بلجنة تحقيق برلمانية مزدوجة من مجلس النواب ومجلس المستشارين حول أوضاع قصرهلال العامة وأساسا منها الثقافية برّا بقصرهلال
مراد رقية يتأكد يوما بعد يوم ،وبما لم يعد يترك مجالا للشك تعرض قصرهلال الى مؤامرة محبوكة الخيوط،مبرمجة المراحل والتي يتم انجازها بامتياز من الخارج عبر مقاطعة المدينة من كل المسؤولين الوطنيين والجهويين،ومن الداخل عبر التزام المسؤولين المحليين،سواء الاداريين(معتمدي،بلدية)،أو تجمعيين وجمعياتيين من ذوي اللون الواحد بتنفيذ مخطط الحجر الصحي (دون المرور بمنظمة الصحة العالمية)لقاء التنازل لهم عن بعض الامتيازات الشخصية،أو الصمت عن محاسبتهم على عديد التجاوزات التي قررت بعض رموز المجتمع المدني التعددي رفع أمرها الى القضاء لاتخاذ الاجراءات اللازمة،خصوصا منها قضية الصندوق الأسود للأيام التجارية القصديرية؟؟؟ وطالما أن مدينة قصرهلال التي يراد تهميشها وتجميدها والحاقها بغيبوبة متحجرة لا تخرج منها الا بمعجزة برغم غياب المعجزات في عصرنا الحالي،هذه المدينة المناضلة،المـالقة عطاء وابداعا منذ التأسيس لها نائب لدورتين متتاليتين ينتسب الى قائمة التجمع يلتزم مع الهياكل المحلية وخاصة المعتمدية بمقطعة المدينة لا قامته خارجها،وعدم ارتباطه ككل المسؤولين التجمعيين بها الا في المواعيد الانتخابية المحددة للتزكية لا للترشيح،ولها كذلك نائب بمجلس المستشارين هو الدكتور محمد حسين فنطر،رئيس لجنة الثقافة والتربية والشباب والاعلام، متولي كرسي بن علي لحوار الحضارات،عضو لجنة اليونسكو للتراث العالمي،نطالب هذين النائبين اللذين يفترض فيهما الانتساب الى قصرهلال برغم اقامة أحدهما في سوسة والآخر في تونس،نطالبهما بتكوين لجنة تحقيق وتقصي حقائق برلمانية مزدوجة من مجلسي النواب والمستشارين يكون هدفها البحث في أوضاع قصرهلال الحالية،وتقصي أسباب حصارها وتهميشها وحجب الزيارات والامكانيات عنها دون مبرر معلن؟؟؟ وطالما أن هناك نائب ثالث انتسب سابقا على القائمة الزرقاء لحركة التجديد ممثلا لجهة المنستير بما فيها قصرهلال،ونقل وجهته الآن الى ولاية زغوان يعتبر من الغيورين على قصرهلال زيارة ومتابعة لأوضاعها أكثر من متساكنيها المقيمين،فاننا نرجوه الانتساب الى ذات المجموعة الثلاثية للقيام بمهمة تقصي حقائق حول”نكبة قصرهلال”الشبيهة بنكبة البرامكة،والنظر في سبل اخراجها من هذا الوضع الكريه البغيض الماسخ القاتل الذي تعيشه والمفروض بسلطة القانون والأمر الواقع الاداري غير المعلن؟؟؟ ويمكن للبرلمانيين الثلاثة على تعدد ألوانهم واختصاصاتهم الذين على ما أعتقد لم يغيروا نسبتهم وولائهم لمدينتهم أن يطالبوا بمسائلة وزير الثقافة وحماية التراث المرشح بسبب مقاطعته لمدينة قصرهلال لمنصب المدير العام لمنظمة الألكسو في فيفيري2009 ان في مستوى مجلس النواب،أو في مستوى مجلس المستشارين لتحميله مسؤولية سوء أداء وزارته في الملف الثقافي لهذه المدينة ا التي تزخر بذاكرة متميزة،وبتراث ألفي كان من المفترض في الدكتور محمد حسين فنطر بحكم عضويته للجنة التراث العالمي لليونسكو أن يطالب المنظمة الدولية اما بادارجه تراثا عالميا،أو على الأقل وهذا أضعف الايمان بالمساعدة في المحافظة عليه عبر اقامة متحف،وانجاز مسلك سياحي ،وحث الباحثين الأثريين والتراثيين على انجاز بحوث جامعية حول هذا التراث الألفي المتميز،والذي يراد قبره والقضاء عليه دون علم أحد بتدخل وتأطير مباشر من المرشح لمنصب المدير العام للألكسو في فيفري2009؟؟؟ لا ندري ما اذا كان السادة النواب الثلاثة عل اختلاف ألوان انتمائهم وتوحد ولائهم لمدينتهم ،قادرون على الالتزام بهذه المهمة المصيرية المنقذة بامتياز،التي يمكن أن يسجلها لهم التاريخ،وان رفضوا أو صمتوا فسوف لن ينسى لهم التاريخ هذا التقاعس ،أو هذه الاستقالة المدفوعة الأجر عن اغاثة ملهوف في وضع الخطر،وقبول التنكر لمدينتهم في أحلك ظروفها على قدم المساواة مع المتآمرين عليها برباطة جأش ونكران ذات كاملين ،المتآمرين من الخارج تصفية لحساب سياسي،ومن الداخل خدمة لمصالحهم الشخصية انتهاكا لمثال التهيئة العمرانية واستفادة من الصندوق الأسود للأيام التجارية التي ضمنت شراء الضمائر وكم الأفواه محليا….وجهويا….ووطنيا؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
خبراء يدعون إلى الحد من الآثار السلبية لظاهرة الإسلاموفوبيا
تونس / يو بي أي: دعا عدد من الخبراء في الإعلام وتكنولوجيا المعلومات في ختام إجتماع عقدته المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة “إيسيسكو” في تونس، إلى الحد من الآثار السلبية لظاهرة “الإسلاموفوبيا” وكشف زيف الصور النمطية حول الإسلام والمسلمين.
وطالبوا في بيان وزع اليوم الجمعة بالعمل من أجل إيجاد قنوات للحوار مع القيادات الفكرية والإعلامية والسياسية في الدول الغربية، عبر مؤسسات المجتمع المدني في العالم الإسلامي النشيطة في مجال الإعلام وحقوق الإنسان.
ودعوا منظمة الإيسيسكو وجمعية الدعوة الإسلامية العالمية إلى تشكيل لجنة من الخبراء في مجال القانون الدولي والإعلام وحقوق الإنسان، للإشراف على المتابعات القضائية للأشخاص والمؤسسات المسيئة للإسلام ورموزه الدينية داخل العالم الإسلامي وخارجه.
كما دعوا وزارات الإعلام والتعليم العالي في الدول الإسلامية إلى إدراج مادة دراسية حول موضوع الصور النمطية حول الإسلام والمسلمين وسبل مواجهتها ضمن مقررات معاهد التدريب الإعلامي وأقسام الإعلام في جامعات دول العالم الإسلامي.
وأوصوا بضرورة إحكام التنسيق بين المنظمات الإسلامية والعربية، مثل منظمة المؤتمر الإسلامي، والمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة، والمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، والبنك الإسلامي للتنمية، ومنظمة إذاعات الدول الإسلامية،ووكالة الأنباء الإسلامية الدولية، والاتحادات والجمعيات الصحافية في دول العالم الإسلامي،من أجل إنشاء مرصد متخصص في جمع وتحليل المعلومات والأفكار والدراسات التي تتناول الإسلام وحضارته بالتشويه.
ومن جهة أخرى ، حث الخبراء في بيانهم المثقفين والإعلاميين المقيمين في البلدان الغربية على المشاركة في النقاشات العامة للدفاع عن صورة الإسلام ومحاربة الصور النمطية.
وكان الإجتماع قد خصص لدراسة سبل توظيف وسائل الإعلام والتكنولوجيا لتصحيح المعلومات حول صورة الإسلام وذلك بمشاركة مندوبين عن 12 دولة عربية،إلى جانب ممثلين عن جمعية الدعوة الإسلامية العالمية والمنظمة الإسلامية للتربية و العلوم و الثقافة “الايسيسكو”.
وعكف الخبراء خلال هذا الإجتماع على تقييم الأداء الإعلامي وتوجيهه بما يخدم الصورة الموضوعية لواقع الإسلام والحضارة الإسلامية،على ضوء نجاح بعض وسائل الإعلام الغربية في الترويج لصورة مشوهة عن الإسلام والحضارة الإسلامية،ما أدى إلى “تحريف الحقائق وتضليل الرأي العام وتأليبه ضد المسلمين.
المصدر: وكالية يو بي أي (يونايتد برس إنترناشيونال) بتاريخ 9 ماي2008
“البورجي 2008 “.. بانورما مساجدية
هادي يحمد فورة في مشاريع المساجد بفرنسا باريس- “من يريد أن يبني له قصرا في الجنة فليساهم في بناء مشروع مسجد (سان مالو).. يرحمكم الله”.. هكذا ظل بلال يردد باللغة الفرنسية هذه الجملة للزائرين أمام المدخل الرئيسي لمؤتمر تجمع مسلمي فرنسا والمعروف “بالبورجي”. ولا تعد الدعوة للمشاركة في بناء مسجد “سان مالو” المتواجدة في أقاصي الشمال الفرنسي الوحيدة في مؤتمر البورجي لهذه السنة، فإن المؤتمر يعرض لحوالي ثلاثين مشروع بناء مسجد جديد في مناطق مختلفة بفرنسا من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب لتضاف إلى حوالي 2000 مسجد تنتشر حاليا على الأراضي الفرنسية. وعن طريق مشاريع بناء المساجد التي يسعى أصحابها إلى جمع أموال بنائها تحول مؤتمر البورجي إلى أكبر مناسبة لعرض مخططات المساجد بفرنسا بما يشبه الـ”بانورما المساجدية” لآخر مشاريع المساجد وهندستها في الوقت الذي يعتبر فيه اليمين المتطرف في فرنسا وأوروبا بشكل عام أن المساجد هي المظهر الأبرز لما يسمونه بمشروع “أسلمة أوروبا”. طالع: الأسرة لا الإسلاموفوبيا.. على أجندة البورجي 2008 ومشروع مسجد “سان مالو” الذي يعتزم البدء في تشيديه يقع في مدينة “سان ماولو” الفرنسية التي تشرف على ساحل الأطلنطي في الشمال الغربي من فرنسا والتي تعرف بمينائها السياحي الشهير وبجمالها الذي يصنفها ضمن أجمل المواقع السياحية بفرنسا. ويقول “توما” الذي اتخذ له اسم “بلال” بعد اعتناقه للإسلام منذ نحو عامين والذي يجمع الأموال لصالح هذا المشروع: “نحن إلى الآن نصلي في قاعة تحت الأرض لا تتسع لخمسة عشر شخصا وبالتالي أصبح مشروع المسجد في مدينتنا أكثر من ضرورة”. ويضيف بلال الذي يعود إلى أصول فرنسية من جزر المارتينيك: “سان مالو مدينة صغيرة من حيث عدد السكان حيث تضم حوالي 160 ألف ساكن، ولا يتجاوز عدد السكان المسلمين فيها الـ200 عائلة، وأما المشرفون على مشروع المسجد فجلهم من المعتنقين الجدد للإسلام”. ويختتم المؤتمر السنوي الذي ينظمه اتحاد المنظمات الإسلامية بفرنسا أعماله اليوم الأحد بباريس بعد 4 أيام من تواصل فعالياته بمشاركة عشرات الآلاف من الأقلية المسلمة. نموذج آخر وإذا كانت ميزة مشروع مسجد “سان مالو” هي كونه الأول من نوعه في هذه المدينة السياحية فإن مشروع مسجد “فيلنايف داساك” الذي يبنى في قرية على الحدود الفرنسية البلجيكية في أقاصي شمال فرنسا “يمثل نموذجا آخر لفورة بناء المساجد في فرنسا”. “فالمسجد الذي يوجد في مفترق المركب الجامعي لمدينة ليل سيكون الأول من نوعه الذي يراعي المقاييس البيئية من حيث التكييف والتهيئة؛ الأمر الذي دفع الصحافة المحلية في مدينة ليل إلى تسميته بالمسجد الأخضر”، على قول محمد المختاري الأمين العام للمركز الإسلامي بمنطقة فيلنايف داساك المشرف على بناء المشروع. ويوضح المختاري في تصريحات خاصة لشبكة “إسلام أون لاين.نت”: “المشروع الذي يمتد على مساحة تقدر بسبعة آلاف متر والذي بلغ اليوم مرحلة متقدمة والذي من المنتظر أن يتكون من مصلى وقاعة محاضرات وإدارة ومدرسة بدأ التفكير فيه منذ سنة 2003 غير أننا اشترينا قطعة الأرض سنة 2005 في مدينة تضم 70 ألف ساكن يمثل فيها عدد المسلمين حوالي 10%”. و يتابع: “عملية التفكير في بناء المسجد بدأت من قبل عدد من الطلبة المسلمين والذين كنت أحدهم؛ حيث كنا ندرس في المركب الجامعي الذي يحيط بالمنطقة واليوم أصبح هؤلاء الطلبة الذين استقروا بالمنطقة رواد الحفاظ على الهوية الإسلامية بالنسبة لسكان المنطقة من المسلمين”. وإذا كانت ميزة مسجد “فيلنايف داساك” كونه المسجد الأخضر الأول في فرنسا والذي يبنى طبقا للمواصفات والشروط البيئية فإن مسلمي مدينة “كلورمن فيرون” في وسط فرنسا نجحوا في إقناع سكان المنطقة من أجل بناء مسجدهم الكبير بعد نقاشات مطولة واحتجاجات كبيرة مع السكان المحليين الذين رفضوا في البداية بناء مسجد في منطقة يقول المؤرخون إنها كانت أول منطقة انطلقت منها الحروب الصليبية تجاه العالم الإسلامي في القرون الوسطى. وانتهت النقاشات بالقبول ببناء المسجد بعد أن أجرى مسئولو المسجد بعض التعديلات حيث يقول عيسى فاروق أحد مسئولي المسجد الذين يجمعون التبرعات في تصريحات لشبكة “إسلام أون لاين.نت”: “قبلنا بالتقليص من ارتفاع المئذنة من 27 مترا إلى 16 مترا.. غير أن هناك أمورًا أهم؛ فالمسجد يوجد أيضا بالقرب من معمل ميشلان الشهير المختص في صنع عجلات السيارات المعروفة عالميا وبالتالي فإنه سيكون قبلة لمئات العمال المسلمين في هذا المصنع”. ومن أجل جمع الأموال لمشاريع بناء المساجد بمؤتمر البورجي يعتمد مسئولو المراكز والجمعيات وسائل مختلفة من أجل دفع الزائرين إلى التبرع بالأموال فمن اللوحات الكبيرة التي تحتوي على صورة المسجد الذي يعتزم بناؤه إلى بث الشباب والشابات بطبق من الحلوى في يد وصندوق للتبرع باليوروات في اليد الأخرى (المصدر: موقع إسلام أونلاين نت (الدوحة – القاهرة) بتاريخ 11 ماي 2008)
المرشد العام للإخوان المسلمين في تصريحات لا تنقصها الصراحة لا نفكر الآن في تأسيس حزب سياسي ونرفض توريث جمال مبارك
محيط – خاص القاهرة: أكد المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين في مصر محمد مهدي عاكف، إن تأسيس حزب سياسي لم يعد ضمن أولويات الجماعة الآن، مشيرا إلى أن مشروع برنامج الحزب ما زال قيد الإعداد. وقال عاكف لجريدة “الحياة” اللندنية: ” إذا كان الدور السياسي صعب الآن فهذا لن يؤخر العمل الدعوي الذي هو الأصل والبقية متفرعة منه، فإذا لم تستطع أن تربي رجالاً لن تستطيع أن تعمل بالسياسة، وإذا كانت السياسة في بلد ما من البلاد تحتاج إلى حزب ننشئ حزباً والدستور المصري ينص على أحقية أي شخص في إنشاء حزب”. وحول الجدل الحاد الذي أثاره برنامج الحزب عند الإعلان عنه داخل وخارج الجماعة خاصة فيما يتعلق بتولي القبطي أو المرأة رئاسة البلاد قال عاكف: ” لا نتحدث إلا برأي الفقهاء والبعض منهم رأى أنه يجوز أن تتولى المرأة رئاسة الجمهورية والبعض الآخر رفض، ونحن اخترنا الأمر الثاني ورددنا الاختلاف إلى الشعب، وبالنسبة للأقباط وتوليهم رئاسة الجمهورية أيضاً اختلف العلماء حوله فبعضهم أجازه والآخر رفضه، ونحن اخترنا الأمر الثاني ورددنا الاختلاف إلى الشعب, وهذا حقنا”. ونفى عاكف توقف مشروع تأسيس حزب سياسي للإخوان، مشيرا إلى الوقت ما زال مبكرا لرؤية البرنامج النهائي للحزب، مضيفا إن هناك أولويات، وقال “في الوقت الذي أعلنت فيه البرنامج كان له أولوية أما الآن فليس له الأولوية”. وقال عاكف: “إن الأولوية الآن لأشياء كثيرة، منها الحال الذي نعيش فيها، أليس الغلاء أولوية، تصدير البترول إلى الصهاينة أليس أولوية؟”. وحول تطلع الجماعة في الوقت الحاضر إلى المنافسة على رئاسة الدولة، قال عاكف: “عندما يكون لدي حزب نرى في ذلك الوقت هذا الأمر، فلكل وقت الظروف التي تحكمه، وأنا لست متعجلاً على رئاسة الجمهورية ورئاسة الوزراء وكل همنا الآن هو الوقوف في وجه العدوان العالمي على هذا الدين والمقاومة، موضحا إن جماعة الإخوان ليس عندها الرغبة في المنافسة على السلطة في مصر الآن، ولكن من الممكن أن يحدث ذلك في المستقبل” جمال مبارك وحول تراجع الجماعة عن ترشيح جمال مبارك لرئاسة الجمهورية، قال عاكف: “إنه كان يرحب قبل تعديل المادة 76 من الدستور المصري بجمال مبارك ويؤكد على حقه في الترشح كمواطن عادي للانتخابات الرئاسية”. أضاف عاكف “ولكن بعد أن تم تعديل المادة 76 لتصبح تفصيلا عليه، لا يمكن أن يترشح إلا اذا ترك قصر ابيه وتعامل مع الشارع”. وكان عاكف أعتبر في تصريحات سابقة له نهاية الشهر الماضي ” ترشيح مبارك الابن مرفوضا، بعدما رأيت من سياسته السيئة كالمحاكم العسكرية والاعتقالات وسجن المعارضين وغلاء الأسعار, كل هذه القرارات صادرة عن لجنة السياسات بالحزب الوطني الديموقراطي الحاكم التي يرأسها جمال مبارك وأتوقع منه الأسوأ دائما”. يذكر أن المادة 76 من الدستور المصري قبل تعديلها كانت تنص على أن يتم اختيار رئيس الجمهورية بالاستفتاء وليس بالانتخاب وذلك بعد ترشيح مجلس الشعب “البرلمان” له بناء على اقتراح ثلث أعضائه شرط أن يفوز المرشح بتأييد أغلبية ثلثي الأعضاء على الأقل. وتنص المادة بعد تعديلها في فبراير عام 2005 على انتخابات رئيس الجمهورية عن طريق الاقتراع السري العام المباشر ولكن يلزم لقبول الترشيح أن يؤيد المتقدم للترشيح 250 عضوا على الأقل من الأعضاء المنتخبين لمجلسي الشعب والشورى والمجالس الشعبية المحلية بالمحافظات. وتقول قوى وأحزاب المعارضة بمصر وفي مقدمتها جماعة “الإخوان المسلمين” إن اشتراط حصول المرشح المستقل على تأييد 250 عضوا على الأقل من أعضاء مجلسي الشعب والشورى والمجالس الشعبية “شرط تعجيزي”, حيث إن الحزب الوطني الديموقراطي الحاكم بزعامة مبارك يهيمن على الغالبية العظمى من المقاعد في كل تلك المجالس. حماس والإخوان اجتياح الفلسطينيين للحدود المصرية وحول العلاقة بين جماعة الإخوان وحركة حماس الفلسطينية، قال عاكف: ” هم منا ونحن منهم، إنهم تربوا على مبادئ الإخوان وقلنا إن الإخوان أصحاب رسالة ومنهج مكتوب والملايين من العالم ينتمون إلى هذا المنهج وعليهم أن يخدموا الوطن الذي يعيشون فيه بحسب قوانين البلد وبمنهج الإخوان المسلمين، و حماس تربت على مبادئنا وقبلوها ويتعاملون مع الصهاينة بمبادئ الإخوان، وأعلنت في أكثر من مناسبة أن الصهاينة عبارة عن عصابات احتلت أراضي ليست أراضيها وهدمت بيوتاً وطردت أبناء البلد وقتلت شيوخاً ونساء وأطفالاً وهذه العصابات ليس لها منا إلا المقاومة وحماس تنفذ ذلك ونحن معهم قلباً وقالباً”. وحول موقف الإخوان لو فشلت التهدئة بين الفلسطينيين والإسرائيليين، قال عاكف: “حماس تجاوبت مع جهود مصر للتهدئة وأبدت استعدادها لتنفيذها ورئيس الحكومة الفلسطينية المقالة في غزة اسماعيل هنية قال إن الكرة الآن في ملعب المصريين، وأنا أقول ارفعوا الحصار عن غزة ومصر أول دولة مطالبة برفع الحصار، فإذا رفع الحصار لن يحتاج قطاع غزة إلى أي مساعدات سواء منا أو من غيرنا”. وبالنسبة لموقف الجماعة لو أقدمت الحركة على اجتياح الحدود المصرية مجددا، رفض عاكف تسميته بـ الاجتياح، مؤكدا إن هذه تسمية العلمانيين الذين يقولون بأن الغزيين سيحتلون مصر، والرئيس حسني مبارك قال إنه لن يسمح بتجويع أهالي غزة وأنا أوافقه الرأي. لكن هل يتم ذلك بتصدير الغاز إلى الصهاينة؟ أليس من الأجدى أن نرسله الى قطاع غزة المحاصر، أنا أطالب بفتح معبر رفح لأن أهالي غزة لا يحتاجون إلى المساعدة هم فقط يريدون فك الحصار”. المصدر شبكة الإخبار العربية “محيط ” ( الإمارات ) بتاريخ 11 ماي 2008)
قصيدة
فــاروق جويدة
إغضب – اغضب – اغضب إغضب اغضب فإن الله لم يخلق شعوباً تستكين اغضب فإن الأرض تـُحنى رأسها للغاضبين اغضب ستلقىَ الأرض بركاناً ويغدو صوتك الدامي نشيد المُتعبين اغضب فالأرض تحزن حين ترتجف النسور ويحتويها الخوف والحزن الدفين الأرض تحزن حين يسترخى الرجال مع النهاية .. عاجزين اغضب فإن العار يسكـُنـُنا ويسرق من عيون الناس .. لون الفرح يقتـُل في جوانحنا الحنين ارفض زمان العهر والمجد المدنس تحت أقدام الطغاة المعتدين اغضب فإنك إن ركعت اليوم سوف تظل تركع بعد آلاف السنين اغضب فإن الناس حولك نائمون وكاذبون وعاهرون ومنتشون بسكرة العجز المهين اغضب إذا صليت .. أو عانقت كعبتك الشريفة .. مثل كُل المؤمنين اغضب فإن الله لا يرضى الهوان لأمةٍ كانت – وربُ الناسِ- خير العالمين فالله لم يخلق شعوباً تستكين اغضب إذا لاحت أمامك صورة الكهان يبتسمون والدنيا خرابٌ والمدى وطنٌ حزين ابصـُق على الشاشات إن لاحت أمامك صورة المُتـنطعين اغضب إذا لملمت وجهك بين أشلاء الشظايا وانتزعت الحلم كي يبقى على وجه الرجال الصامدين اغضب إذا ارتعدت عيونك والدماء السود تجرى في مآقي الجائعين إذا لاحت أمامك أمة مقهورة خرجت من التاريخ باعت كل شئٍ كل أرضٍ كل عِرضٍ كل دين ولا تترُك رُفاتك جيفةً سوداء كفنها عويل مُودعِـين اجعل من الجسد النحيل قذيفة ترتج أركان الضلال ويُـشرق الحق المبين اغضب ولا تُسمع احد فإنك إن تركت الأرض عارية يُـضاجعها المقامر .. والمخنث .. والعميل سترى زمان العُـهر يغتصب الصغار ويـُـفسد الأجيال جيلا ً.. بعد جيل وترى النهاية أمة . مغلوبة . مابين ليل البطش . والقهر الطويل ابصق على وجه الرجال فقد تراخى عزمُهم واستبدلوا عز الشعوب بوصمة العجز الذليل كيف استباح الشرُ أرضك ؟ واستباح العُهر عرضك ؟ واستباح الذئبُ قبرك ؟ واستباحك فى الورى ظلمُ الطـُغاةِ الطامعين ؟؟؟ اغضب إذا شاهدت كـُهَّان العروبة كل محتال تـَخـفـَّى في نفق ورأيت عاصمة الرشيد رماد ماضٍ يحترق وتزاحم الكـُهَّان فى الشاشات تجمعهم سيوف من ورق اغضب كـَـكـُـلِّ السَّاخطين اغضب فإن مدائن الموتى تـَضجُّ الآن بالأحياء .. ماتوا عندما سقطت خيول الحـُـلم وانسحقت أمام المعتدين إذا لاحت أمامك صورة الأطفال في بغداد ماتوا جائعين فالأرض لا تنسى صهيل خيولها حتى ولو غابت سنين الأرض تـُـنكر كـُـلَّ فرع عاجز تـُـلقيهِ في صمت تـُـكـفـِّـنـُـه الرياح بلا دموعٍ أو أنين الأرض تكره كل قلبٍ جاحدٍ وتحب عـُـشاق الحياة وكل عزمٍ لا يلين فالأرض تركع تحت أقدام الشهيد وتنحني وتـُـقبِّـل الدم الجسور وقد تساقط كالندى وتسابق الضوءان ضوء القبر .. في ضوء الجبين وغداً يكون لنا الخلاص يكون نصر الله بـُشرى المؤمنين اغضب فإن جحافل الشر القديم تـُـطل من خلف السنين اغضب ولا تسمع سماسرة الشعوب وباعة الأوهام .. والمتآمركين اغضب فإن بداية الأشياء .. أولها الغضب ونهاية الأشياء .. آخرها الغضب والأرض أولى بالغضب سافرت في كل العصور وما رأيت .. سوى العجب شاهدت أقدار الشعوب سيوف عارٍ من خشب ورأيت حربا بالكلام .. وبالأغاني .. والخـُطب ورأيت من سرق الشعوب .. ومن تواطأ .. من نهب ورأيت من باع الضمير .. ومن تآمر .. أو هرب ورأيت كـُهانا بنوا أمجادهم بين العمالة والكذب ورأيت من جعلوا الخيانة قـُدس أقداسِ العرب ورأيت تيجان الصفيح تفوق تيجان الذهب ورأيت نور محمد يخبو أمام أبى لهب فاغضب فإن الأرض يـُحييها الغضب اغضب ولا تُسمع أحد قالوا بأن الأرض شاخت .. أجدبت منذ استراح العجز في أحشائها .. نامت ولم تُنجب ولد قالوا بأن الله خاصمها وأن رجالها خانوا الأمانة واستباحوا كل عهد الأرض تحمل .. فاتركوها الآن غاضبة ففي أحشائها .. سُخط تجاوز كل حد تـُخفى آساها عن عيون الناس تـُنكر عجزها لا تأمنن لسخط بركان خمد لو أجهضوها ألف عامٍ سوف يولد من ثراها كل يومٍ ألف غد اغضب ولا تُسمع أحد أ سمع أنين الأرض حين تضم في أحشائها عطر الجسد أ سمع ضميرك حين يطويك الظلام .. وكل شئ في الجوانح قد همد والنائمون على العروش فحيح طاغوت تجبّر .. واستبد لم يبق غير الموت إما أن تموت فداء أرضك أو تـُباع لأي وغد مت في ثراها إن للأوطان سراً ليس يعرفه أحد فــاروق جويدة إغضب – اغضب – اغضب إغضب اغضب فإن الله لم يخلق شعوباً تستكين اغضب فإن الأرض تـُحنى رأسها للغاضبين اغضب ستلقىَ الأرض بركاناً ويغدو صوتك الدامي نشيد المُتعبين اغضب فالأرض تحزن حين ترتجف النسور ويحتويها الخوف والحزن الدفين الأرض تحزن حين يسترخى الرجال مع النهاية .. عاجزين اغضب فإن العار يسكـُنـُنا ويسرق من عيون الناس .. لون الفرح يقتـُل في جوانحنا الحنين ارفض زمان العهر والمجد المدنس تحت أقدام الطغاة المعتدين اغضب فإنك إن ركعت اليوم سوف تظل تركع بعد آلاف السنين اغضب فإن الناس حولك نائمون وكاذبون وعاهرون ومنتشون بسكرة العجز المهين اغضب إذا صليت .. أو عانقت كعبتك الشريفة .. مثل كُل المؤمنين اغضب فإن الله لا يرضى الهوان لأمةٍ كانت – وربُ الناسِ- خير العالمين فالله لم يخلق شعوباً تستكين اغضب إذا لاحت أمامك صورة الكهان يبتسمون والدنيا خرابٌ والمدى وطنٌ حزين ابصـُق على الشاشات إن لاحت أمامك صورة المُتـنطعين اغضب إذا لملمت وجهك بين أشلاء الشظايا وانتزعت الحلم كي يبقى على وجه الرجال الصامدين اغضب إذا ارتعدت عيونك والدماء السود تجرى في مآقي الجائعين إذا لاحت أمامك أمة مقهورة خرجت من التاريخ باعت كل شئٍ كل أرضٍ كل عِرضٍ كل دين ولا تترُك رُفاتك جيفةً سوداء كفنها عويل مُودعِـين اجعل من الجسد النحيل قذيفة ترتج أركان الضلال ويُـشرق الحق المبين اغضب ولا تُسمع احد فإنك إن تركت الأرض عارية يُـضاجعها المقامر .. والمخنث .. والعميل سترى زمان العُـهر يغتصب الصغار ويـُـفسد الأجيال جيلا ً.. بعد جيل وترى النهاية أمة . مغلوبة . مابين ليل البطش . والقهر الطويل ابصق على وجه الرجال فقد تراخى عزمُهم واستبدلوا عز الشعوب بوصمة العجز الذليل كيف استباح الشرُ أرضك ؟ واستباح العُهر عرضك ؟ واستباح الذئبُ قبرك ؟ واستباحك فى الورى ظلمُ الطـُغاةِ الطامعين ؟؟؟ اغضب إذا شاهدت كـُهَّان العروبة كل محتال تـَخـفـَّى في نفق ورأيت عاصمة الرشيد رماد ماضٍ يحترق وتزاحم الكـُهَّان فى الشاشات تجمعهم سيوف من ورق اغضب كـَـكـُـلِّ السَّاخطين اغضب فإن مدائن الموتى تـَضجُّ الآن بالأحياء .. ماتوا عندما سقطت خيول الحـُـلم وانسحقت أمام المعتدين إذا لاحت أمامك صورة الأطفال في بغداد ماتوا جائعين فالأرض لا تنسى صهيل خيولها حتى ولو غابت سنين الأرض تـُـنكر كـُـلَّ فرع عاجز تـُـلقيهِ في صمت تـُـكـفـِّـنـُـه الرياح بلا دموعٍ أو أنين الأرض تكره كل قلبٍ جاحدٍ وتحب عـُـشاق الحياة وكل عزمٍ لا يلين فالأرض تركع تحت أقدام الشهيد وتنحني وتـُـقبِّـل الدم الجسور وقد تساقط كالندى وتسابق الضوءان ضوء القبر .. في ضوء الجبين وغداً يكون لنا الخلاص يكون نصر الله بـُشرى المؤمنين اغضب فإن جحافل الشر القديم تـُـطل من خلف السنين اغضب ولا تسمع سماسرة الشعوب وباعة الأوهام .. والمتآمركين اغضب فإن بداية الأشياء .. أولها الغضب ونهاية الأشياء .. آخرها الغضب والأرض أولى بالغضب سافرت في كل العصور وما رأيت .. سوى العجب شاهدت أقدار الشعوب سيوف عارٍ من خشب ورأيت حربا بالكلام .. وبالأغاني .. والخـُطب ورأيت من سرق الشعوب .. ومن تواطأ .. من نهب ورأيت من باع الضمير .. ومن تآمر .. أو هرب ورأيت كـُهانا بنوا أمجادهم بين العمالة والكذب ورأيت من جعلوا الخيانة قـُدس أقداسِ العرب ورأيت تيجان الصفيح تفوق تيجان الذهب ورأيت نور محمد يخبو أمام أبى لهب فاغضب فإن الأرض يـُحييها الغضب اغضب ولا تُسمع أحد قالوا بأن الأرض شاخت .. أجدبت منذ استراح العجز في أحشائها .. نامت ولم تُنجب ولد قالوا بأن الله خاصمها وأن رجالها خانوا الأمانة واستباحوا كل عهد الأرض تحمل .. فاتركوها الآن غاضبة ففي أحشائها .. سُخط تجاوز كل حد تـُخفى آساها عن عيون الناس تـُنكر عجزها لا تأمنن لسخط بركان خمد لو أجهضوها ألف عامٍ سوف يولد من ثراها كل يومٍ ألف غد اغضب ولا تُسمع أحد أ سمع أنين الأرض حين تضم في أحشائها عطر الجسد أ سمع ضميرك حين يطويك الظلام .. وكل شئ في الجوانح قد همد والنائمون على العروش فحيح طاغوت تجبّر .. واستبد لم يبق غير الموت إما أن تموت فداء أرضك أو تـُباع لأي وغد مت في ثراها إن للأوطان سراً ليس يعرفه أحد فــاروق جويدة
لماذا لم ينتصر العرب على إسرائيل؟ أسباب النكبة العربية من وجهة نظر كاتب تونسي سنة 1949
بقلم: عبد اللطيف الحناشي(*) كان لهزيمة العرب (النكبة) أمام العصابات الصهيونية الغازية لارض فلسطين سنة 1948 وتأسيس إسرائيل وما ترتّب على ذلك من تشريد وترحيل آلاف الفلسطينيين الاثر الكبير في نفوس العرب جميعا ومنهم التونسيين.. وانبرت الكثير من الاقلام العربية لتحليل مختلف الاسباب التي أدت إلى تلك النكبة ومن ثم قيام الدولة الصهيونية. ومن بين أهم ما كتب في هذا المجال مؤلف المؤرّخ والمفكر قسطنطين زريق(1909-2000)، “معنى النكبة”(1) ولم يتخلّف الكتاب التونسيون بدورهم عن المساهمة في متابعة الحدث وتحليل خلفيات النكبة بكل أبعادها(2).. ورغم أهمية الكتابات الصحفية التونسية في هذا المجال غير أن مساهمة الصحفي والكاتب التونسي أحمد بن مصطفى(3) التي جاءت في كتاب مستقل أصدره باللغة الفرنسية في جوان سنة 1949 تحت عنوان “Pourquoi les Arabes n’ont pas vaincu Israël” (لماذا لم ينتصر العرب على إسرائيل؟) تعتبر من أهم تلك المساهمات التونسية بل العربية وذلك لما تضمّنه الكتاب، على صغر حجمه، من معطيات وتحليلات دقيقة وعميقة كما لم يقتصر الكاتب على إبراز العوامل الخارجية (المؤامرات كما بين الكثير من الكتاب من جيله)، بل غاص عميقا في تحليل الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية والذهنيات السائدة التي اعتبرها الكاتب من الاسباب العميقة لهزيمة العرب وانتصار الحركة الصهيونية كما تميّز الكتاب بتحديد مجموعة من البدائل “العملية”التي قد تساعد العرب على تجاوز نكبتهم. جاء هذا الكتاب في نحو 53 صفحة من الحجم الصغير وصدر عن منشورات “La Jeune Tunisie ” وتميّز بدقة المعطيات وعمق التحليل. تضمّن الكتاب مقدمة(ص5) وثلاثة “فصول”متفاوتة الحجم وهي: حرب عادلة (7-13 ): هل للصهيونيين الحق في دولة بفلسطين، الجرائم، صنيعة الامبريالية. الانتصار لا يأتي(15- 43): الاسباب الموضوعية، الاسباب الذاتية. حلّ وحيد(44-53): البدائل لتجاوز النكبة. يبدأ الكاتب في مقدمة كتابه بطرح استنتاجات مركّزة مستشرفا مستقبل المنطقة على خلفية تأسيس الدولة الصهيونية مؤكّدا أن حرب فلسطين قد وضعت مستقبل الشرق الاوسط كله في الميزان ومبيّنا أن الصهاينة كما الامبرياليتين “السوفيتية” والامريكية(4) سيمهّدون لعصر الهيمنة على الدول العربية ويشير إلى أن المرحلة الاولى من هذه الهيمنة كانت دامية أما المرحلة الثانية فستكتسي بالتأكيد طابعا سلميا يتمثل في التسرّب الاقتصادي والايديولوجي في المنطقة إلى أن يصل التسرّب ذاك إلى حدّه الاقصى لتعرف المنطقة بعد ذلك مرحلة العدوان الصهيوني المسلح مجدّا عندها سيجد العرب أنفسهم في وضعية دنيا تدفعهم ربما للتخلّي عن الصراع إذا لم يسرعوا في إصلاح أخطائهم وتجاوز ضعفهم واستخلاص الدروس من “أخطائهم الاجرامية”. لم تكن تلك الافكار “نبوّة” بل نظرة استشرافية لمستقبل المنطقة استنادا على معرفة دقيقة بالحركة الصهيونية وبطبيعتها العدوانية وعلاقاتها الدولية الامر الذي أكدته الاحداث اللاحقة إذ لم تعرف منطقة الشرق الاوسط منذ تأسيس “إسرائيل” الامن والسلام إذ تتالت الحروب والاعمال العدوانية الاسرائيلية سواء على البلدان العربية المحيطة بفلسطين أو على الشعب الفلسطيني ذاته (مصر 1956، حرب جوان 1967، حرب الاستنزاف 1970، حرب اكتوبر1973، غزو جنوب لبنان 1978، احتلال بيروت والجنوب اللبناني 1982 وصولا إلى العدوان على لبنان صيف 2006 ومحرقة غزة المتواصلة..). في الفصل الاول يناقش الكاتب ويحلّل إشكالية تاريخية وسياسية رئيسية وهي: هل للصهاينة الحق في إقامة دولة في فلسطين؟ ولمعالجة ذلك لا يهتم الكاتب بالتاريخ القديم إذ يقول أن لا فائدة من الرجوع إلى المعطيات الاثنية أو الدينية بل يكتف بتناول المسالة من فرضيتين مختلفتين تمثلان في الوقت ذاته فائدة مزدوجة: نظرية وتطبيقية تسمحان، حسب رأيه، بالوصول إلى أجوبة متماثلة ومتّسقة ولا يبقى في هذه الحالة غير البحث عن أي من الفرضيتين تنطبق على الحالة الفلسطينية. تتمثل الفرضية الاولى في ما يلي: هل يمكن لشعب أقام في دولة، بفضل المعونات والتشجيعات المختلفة المقدمة له من قبل الامبريالية ومن خلال إرهاق شعب آخر واضطهاده، أن يدعي السيادة على تلك الارض أو الادعاء بشرعية سيطرته على أملاك السكان التي تم الاستحواذ عليها من خلال وسائل وقوانين مفروضة بالرغم من إرادة أغلبية السكان؟ أما الفرضية الثانية التي طرحها الكاتب فهي: هل لاقلية “وطنية”أو أثنية أو دينية أو غيرها، أقامت في بلد ولم تتعرّض خلال وجودها لاي نوع من الاضطهاد أو الضغوطات ولم تتخذ ضدها أي إجراءات أو أحكام اعتباطية، الحق (أن سمحت لها الجغرافيا) بالانفصال عن أكثرية السكان وتكوين دولة مستقلة؟. وانطلاقا من الفرضيتين السابقتين ينطلق الكاتب في بحث الاسس التي تكوّن الامم ويقدّم العديد من الامثلة من التاريخ الحديث والمعاصر نافيا على اليهود أن يكونوا أمة بحسب مفهوم الامة ويؤكد أن هؤلاء ينتمون إلى كل القوميات وان لكل جماعة منهم خصائص سوسيولوجية ودينية وسياسية تختلف عن الاخرى تبعا للبلد الذي يستقرون فيه وهو وطنهم. ثم يتساءل الكاتب عن هدف الصهيونية: هل تأسيس دولة عرقية؟مؤكدا أن الاضطهاد الذي تعرض له اليهود لا يمكن أن يمثل إلا حجة سيئة لتبرير إقامة دولة يهودية في فلسطين إذ أن هذه الاخيرة لن تتمكن من وضع حدّ لما يتعرض له اليهود في العالم.ويقول الكاتب انه من المنطقي أن تقوم كل من الولايات المتحدة الامريكية والاتحاد السوفيتي بتعويض اليهود عما حدث لهم من قبل ألمانيا وغيرها من الدول ومنع تجدد اضطهادهم وذلك من خلال إعطائهم حقوق المواطنة كاملة بل حتى منحهم”ملجأ”على أراضيهم خاصة وان مساحة الدولتين تغطي أكثر من ثلث أراضي الكرة الارضية، غير أن الكاتب يستدرك القول بالتأكيد أن مصلحة الدولتين تدفع إلى تشجيع قيام الدولة الصهيونية في فلسطين. كما يبرز الكاتب أهم الجرائم التي ارتكبتها المنظمات الارهابية الصهيونية وأدت إلى إبادة سكان العديد من القرى والاحياء العربية في حيفا وعكّا.. وقد أكد المؤرخون الاسرائيليون الجدد(5) منذ التسعينيات من القرن الماضي واستنادا على وثائق الدولة الصهيونية حقيقة تلك الجرائم وبشاعتها من خلال قراءة نقدية للحرب كانت مغايرة تماما للقراءة الرسمية التي سادت لعدة عقود..غير أن الكاتب يؤكد أن ذكر تلك الجرائم لا يعني تحريض العرب للثّأر من اليهود، الذين عانوا الكثير من الاضطهاد، ولا يمكن للعرب بالتالي أن يماثلوا هؤلاء مع الصهاينة الذين يدعون بأنهم زعماء اليهود في كل مكان وهم في الواقع أعداءهم الحقيقيين.. ويبرز الكاتب من جهة أخرى دور بريطانيا، من خلال تقديم وقائع ومعطيات دقيقة، في إقامة الدولة الصهيونية (راس حربة الامبرياليتين كما يقول الكاتب) وفي نفس الوقت “تقسيم العالم العربي إلى دويلات عربية. يخصّص الكاتب الفصل الثاني لتحليل أسباب عدم انتصار العرب ويقول أن الهزيمة لا تعكس لا من قريب ولا من بعيد تحضيرات العرب للحرب ولا تعبر عن حقيقة موازين القوى بين الطرفين مؤكدا أن أسباب هزيمة العرب تعود لاسباب عميقة جدا وان معرفة مجمل الاسباب وتحليلها يمكن أن تسمح للعرب بإعادة الثقة في قدراتهم. ويقسم الكاتب أسباب الهزيمة إلى أسباب موضوعية وأخرى ذاتية. أما الاسباب الموضوعية فتتمثل في وجود دولة صهيونية قبل الاعتراف بها رسميا قبل وقت طويل، إذ أنها كانت موجودة، حسب الكاتب، في كل وقت منتشرة ومتنقلة في كل مكان ويقول أن هذه الدولة كانت تملك منذ البداية “برنامجا ولها حكومة تتمثل في الوكالة اليهودية” وتمكنت هذه الحكومة “بمساعدة بريطانيا بالانتقال إلى فلسطين وإرساء تنظيمات متكاملة تميزت بالنجاعة وبالعقلانية وبالانضباط في الممارسة…” ويتحدث الكاتب بإطناب وإعجاب عن النشاط التعاوني الذي أقامته الحركة الصهيونية في فلسطين وعن المؤسسات التربوية التقنية والجامعة والمكتبة وتشجيع البحوث المدنية والعسكرية ويقول أنها كانت “تبني إلى جانب مخازن القمح مخازن جماعية للسلاح والذخيرة.. لذلك فانه عندما أعطيت إشارة العدوان يوم 15 ماي كانت التعبئة عامة في صفوفهم.وباشرت كل مستوطنة زراعية وكل قرية صهيونية باحتلال القرية العربية القريبة منها، فقد كان “الهجوم متزامنا والاحتلال سريعا لقد تمكنت الحركة الصهيونية من تعبئة شعب متضامن متحمس يعمل ليلا نهارا للمعركة الفاصلة…” كما يعتبر أن من اهم اسباب هزيمة العرب هو جاهزيّة الحركة الصّهيونيّة التي “اعتمدت برنامجا محدّدا واستخدمت جميع الوسائل بهدف تحقيقه وذلك دون الاهتمام بردود فعل الاخرين..”.(6) غير أن الكاتب يستدرك القول مؤكدا انه لولا المساعدات التي تدفقت على الصهاينة في فلسطين من جميع أنحاء العالم لما تمكنوا من إنجاز كل ذلك بالاضافة إلى المواقف السياسية المساندة من قبل الدول الغربية وعصبة الامم وصولا إلى هيئة الامم المتحدة قائلا انه “باسم العدالة الدولية دفع العرب الثمن”. ويتساءل الكاتب عن السبب في عدم ممارسة هذه العدالة الاممية على بقية الشعوب المضطهدة.ثم يستعرض المساعدات العسكرية التي قدمتها الولايات المتحدة الامريكية مباشرة بعد الاعتراف بإسرائيل كالدبابات والطائرات والمدافع والذخيرة والقروض الميسرة والهبات ومراكز التدريب..ثم تحدث عن المساعدة التي قدمتها الدول الشيوعية(دول المعجزات كما سماها) والتي لا تقل قيمة وحجما عن تلك المساعدات التي قدمتها واشنطن.. كما بيّن الكاتب دور الاعلام والمال في انتصار الحركة الصهيونية “..وكان لسيطرة الحركة الصهيونية على قطاع الاعلام في العالم الغربي دورا هاما في خدمة الاهداف الاستراتيجية للحركة الصهيونية، ناهيك عن القطاع المالي..”. ينتقل الكاتب بعد ذلك إلى تحديد الاسباب الذاتية للهزيمة محمّلا الانظمة العربية السائدة آنذاك مسؤولية ما جرى قائلا أنه إلى جانب التحالف الدولي ضد العرب وفلسطين والمساند لاسرائيل “تقبع أنظمة اجتماعية في العالم العربي متأخرة، استبدادية تمارس سياسة خارجية مترددة بقيادة أفراد تنقصهم الكفاءة، يعملون بوعي أو بغير وعي منهم لصالح القوى الاجنبية”. وحمّل الكاتب مسؤولية تلك الوضعية لافراد الطبقة الحاكمة العربية الذين”..شيدوا آلاف القصور والاماكن الخاصة بهم في حين أن مواطنيهم بحاجة للمدارس والمستشفيات وقاعات السينما والمسارح…” وكان هدفهم الوحيد هو “..تنمية ثرواتهم فبدّدوا بذلك الثروات ورؤوس الاموال التي كانت من المفروض أن تستخدم بشكل أفضل للنهوض ببلدانهم..” ويقدم الكاتب تحليلا عميقا مستندا لمعطيات وأرقام عن الاوضاع الاجتماعية للعرب متخذا من مصر كنموذج: سيادة الاقطاع وعذابات العملة المزارعين والعمال (كثرة ساعات العمل برواتب منخفضة جدا..)وتدهور الاوضاع الصحية(توفي مثلا بسبب الملاريا سنة 1943 نحو 200 ألف مصري وارتفاع نسبة الامية وانخفاض نسبة التّمدرس وارتفاع نسبة وفيات الاطفال: من 650 الفا مولود يموت 450 الفا منهم قبل الوصول إلى سنّ الخامسة..). أما السبب الذاتي الثاني للهزيمة الذي يعرضه الكاتب فيتمثّل في انعدام الحد الادنى من التضامن بين الانظمة العربية وإن “..وجد (التضامن) فلا يتجسد إلا في الخطب والاحاسيس..” ويؤكد الكاتب أن انتصار أي طرف في الحرب تتطلّب توفّر شرطان أساسيان يتمثلان في القوة المادية والقوة المعنوية ويقول أن الشرط الاول كان مفقودا لدى من هبّوا لتحرير فلسطين إذ أن الحكام العرب لا يفكرون إلا في تنمية مواردهم المالية والبحث عن رفاهيتهم في الوقت الذي كانت تنتشر فيه البطالة والامراض والامية والجهل وسوء التغذية وتفتقد شعوبهم للمدارس والمستشفيات وقاعات السنما والمسارح.. وينتقد الكاتب الخطاب السياسي العربي الذي بشّر بالنصر(يقدم كأمثلة كتابات عوني عبد الهادي.. وجريدة الاهرام المصرية) قائلا أن الكلمات تصبح بلا معنى أو بلا قوة عندما تتكلم المدافع…مقابل ذلك يثمن الكاتب ما قامت به الشعوب العربية تجاه فلسطين غير أن وضعية المتطوعين البائسة وقلة التنظيم والسلاح جعل دور هؤلاء محدود جدا في الوقت الذي كان الصهاينة منظمون وكانوا يستعدّون للحرب منذ عشرات السنوات. ومن العوامل الذاتية التي أدت إلى نكبة العرب، حسب الكاتب هي “السياسة الذليلة”التي مارسها الحكام العرب الذين يتهمهم بالتذيّل للاجنبي والخضوع لارادته ويقول إننا “كعرب لن نغفر لهذه الحكومات العربية التي لم تمارس سياسة تخدم مصالح الشعوب العربية بل عملت بكل الوسائل لخدمة مصالح الامبريالية..”ويعتبر الكاتب أن خطأ الجامعة العربية يتمثّل في “قبولها لمهمة تتجاوز طاقتها، في الوقت الذي انحصر نشاطها في إلقاء عزام باشا الخطب..وكان هدفها الاساسي هو توحيد الذين يكرسون التجزئة العربية وحمايتهم من شعوبهم..” ويقول أن الجيوش العربية في ساحة المعركة كانت تفتقر للسلاح والتنظيم والمؤونة وينتقد قبول العرب الهدنة التي اعتبرها الكاتب خدعة مكّنت الصهاينة من مزيد التسلح وإعادة الانتشار للانقضاض على الجيوش العربية..ويتهم القيادة العربية بالخيانة لانها سهلت الامر على الصهاينة لاحتلال فلسطين.. يخصّص الكاتب الفصل الاخير من كتابه لتقديم البدائل التي تمكّن العرب من الانتصار على أعدائهم ويقرّ الكاتب بأنه وبرغم انتهاء الحرب وسكوت المدافع والتوقيع على اتفاقيات لوزان بين إسرائيل والدول العربية الاربعة غير أن الصراع سيستمر لفترات طويلة وذلك على جبهتين الاولى عسكرية والثانية اقتصادية مشيرا إلى ان رقعة فلسطين محدودة في حين أن الهجرة اليهودية ستتضاعف لذلك فلا بد للدولة الجديدة من التوسع على حساب فلسطين وبعض الدول العربية..ويشير إلى أن حرب فلسطين لم تكن لتحدث “..لولا امتلاك الولايات المتحدة الامريكية لجزء هام من النفط العربي وحرصها على استمرار تدفّقه ولولا حرص انقلترا على حماية حقول النفط في العراق وأنابيب نقله وقاعدتها الجوية في النجف الضرورية لحماية قناة السويس ولولا حرص الاتحاد السوفيتي على نيل حصته من الغنيمة لما قامت إسرائيل..”و يقول الكاتب أن “فهم الصراع بين الطرفين على أساس ديني هو من باب العار”..إنه من العار على العرب محاربة اليهود كيهود، يجب خوض نضال عقلاني ضدّ الاضطهاد والاستغلال بكل أشكاله ومن أي مأتى كان..”وبالتالي من الضروري “النضال العقلاني ضد الاضطهاد والاستغلال بكل أشكاله ومن أي جهة يأتي وذلك بهدف حصول الوطن العربي على الاستقلال والسعادة التي يستحقها..”. أما الشروط الضرورية للوصول إلى هذا الهدف فيلخصها الكاتب في عدة نقاط منها: ـ ضرورة أن تتوحد جميع الاحزاب والمنظمات في كل بلد عربي( باستثناء تلك التي تخدم مصالح الامبريالية أو المصالح الشخصية لفرد أو مجموعة من الافراد)وان يحدّدوا نفس المهام التي تتمثل في سعادة الشعب المادية والمعنوية وان يستخدموا نفس وسائل العمل وان يتوحدوا في تنظيم واحد وان يتبنوا المبادئ الديمقراطية في العمل.. × تحديد برنامج عمل من اجل الاستقلال الحقيقي وتطوير المستوى المادي والمعنوي للشعب وإلغاء كل أشكال الاستغلال والاضطهاد ونتائجها.. تعبئة كل الطاقات الشعبية وإيقاظ حماسهم لتحقيق هذا البرنامج..وعلى أساس ذلك تتحد كل الدول العربية في فدرالية عربية تأخذ مكان الجامعة العربية الحالية.وينادي بضرورة الوحدة الاقتصادية التي تمثل الحل الوحيد لجميع مشاكل العرب الاقتصادية والاجتماعية مؤكدا انه ليس بامكان أي دولة حاليا العيش على قدراتها الذاتية ويذكر الكاتب مساعي أوروبا في البحث عن الوحدة الاقتصادية في ما بين دولها.ويقول أن كل “مقومات الوحدة العربية متوفّرة ومنها:اللغة والامال المشتركة والعادات والتاريخ. فهل يعجز العرب على تحطيم الحدود التي وضعها الاستعمار الاجنبي…”. لا تبرز قيمة هذا الكتاب في الواقع من خلال تشريح المؤلّف للاسباب الموضوعية والذاتية التي أدت إلى “نكبة” العرب وتحديده للاطراف المسؤولة عن ذلك فحسب بل في ما طرحه أيضا من أفكار وبدائل لتجاوز النكبة وبنقده الموضوعي والجريء وابتعاده عن تقديم الاعذار والتبريرات..وهو ما يجسّد نباهة الكاتب ويبرز في الوقت ذاته فرادة الرؤية العقلانية للخطاب السياسي في تونس في تناوله للموضوع الفلسطيني.. هوامش 1ـ زريق (قسطنطين) : الاعمال الفكرية العامة، المجلد الاول، ط 2 مركز دراسات الوحدة العربية ? مؤسسة عبد الحميد شومان، بيروت 1996، كتاب معنى النكبة، صص70 ويعتبر هذا التأليف من أكثر المصادر التي يعتمد عليها المؤرخون والمفكرون الذين يتناولون اسباب النكبة العربية.. 2ـ الحناشي(عبد اللطيف):تطور الخطاب السياسي في تونس ازاء القضية الفلسطينية 1920-1955، المطبعة الرسمية، تونس 2006، صص352. 3ـ رغم المجهودات التي قمنا بها وخاصة من خلال الاتصال بالعديد من الشخصيات التي تحمل نفس لقب المؤلف غير أن من اتصلنا بهم نفوا علاقة القرابة معه أو معرفتهم به(برغم معاصرتهم له).وكان الاستاذ أبو القاسم محمد كرّو(أطال الله في عمره) قد قدّم لنا صورة شمسية للمؤلف وقال انه يعرفه شخصيا وقال انه كان يجلس أحيانا في مقهى”نزل أفريقيا”خلال السبعينيات غير أن الاستاذ لا “يعرف”بدوره شيئا عن حياة الكاتب.وفي الوقت الذي نشكر فيه الاستاذ أبو القاسم محمد كرّو على تعاونه ولطفه خلال جلساتنا معه ندعو من له علاقة أو معرفة بالكاتب أن يفيدنا ببعض المعلومات عنه وخاصة بعض كتاباته علها تفيدنا عند نشر ترجمة هذا الكتاب الفريد. 4ـ سحب الكاتب صفة الامبريالية على النظام السوفيتي قبل إطلاق الشيوعيين الصينيين هذه الصفة بوقت طويل وذلك على خلفية الصراع الايديولوجي بين النظامين الشيوعيين. 5ـ هم مجموعة من الاكاديميين الاسرائيليين برزت أواخر ثمانينات القرن الماضي، استغلوا الارشيف الاسرائيلي وخصوصا أرشيف الجيش، بعد ثلاثين عاما على قيام الدولة وفقا للقانون، وأعادوا النظر في الرواية الرسمية حول حرب 1948، خصوصا عمليات تهجير الفلسطينيين، والمجازر التي رافقت ذلك قبيل وخلال وبعد نكبة 1948، وأصل مشكلة اللاجئين الفلسطينيين… لمزيد الاطلاع حول هؤلاء المؤرخين الجدد: الحروب(خالد):”المؤرخون الجدد الفلسطينيون والاسرائيليون:وجهة نظر”، مجلة الدراسات الفلسطينية عدد 48 حريف 2001، ص.ص49-62 6ـ يؤكد احد أهم الباحثين الفلسطينيين المعاصرين ما ذهب إليه الكاتب إذ يذكر أن “الفلسطينيين واجهوا مجتمعا يهوديا كان على الرغم من صغر حجمه بالنسبة لهم متحدا سياسيا ويمتلك مؤسسات مركزية تشبه نظام الدولة ولديه قيادة جيدة وله دوافع راسخة. أنظر: الخالدي(رشيد) : “الفلسطينيون وحرب 1948 : الاسباب الكامنة وراء الهزيمة”، في كتاب : حرب فلسطين، إعادة كتابة تاريخ 1948، ترجمة ناصر عفيفي، مؤسسة روز اليوسف القاهرة 2001 ص.ص19-40. ـــــــــــــــــــــــــــــــ (*) أستاذ جامعي وباحث في التاريخ المعاصر كلية الاداب والفنون والانسانيات ـ منوبة abdellatif hannachi 2002 @ yahoo.fr (المصدر: جريدة “الصباح” (يومية – تونس) الصادرة يوم 11 ماي 2008)
وثيقة تنظيم البث الفضائي العربي مآلها إلى الزوال إعلاميون ومثقفون عرب يرفضون سعي الحكومات لإسكات الفضائيات الجادة
34 منظمة حقوقية عربية أعلنت معارضتها لتطبيق الوثيقة الوثيقة تعطي غطاء أخلاقياً للحكومات لتكميم الإعلام الوثيقة ليس لها أي قيمة قانونية لا على الصعيد الوطني ولا الدولي إبراهيم عرفات: الوثيقة جاءت لإعادة إحياء الهيمنة على الإعلام العربي تركي الدخيل: تطبيق الوثيقة على الفضائيات سيؤدي إلى هجرة الكفاءات الصحفية وضاح خنفر: الوثيقة جاءت لتجسيد هزيمة النظام السياسي العربي ولن تؤثر على عملنا
محمد فوراتي مازالت وثيقة البث الفضائي العربي التي اعتمدها وزراء الإعلام العرب منذ 12 فبراير الماضي تثير الكثير من الجدل والحبر والرفض من قبل هيئات المجتمع المدني والمؤسسات الإعلامية والصحفيين في مختلف الدول العربية. ولم يبرز للعلن مساندا لهذه الوثيقة إلا واضعوها من عرابي وزارات الإعلام العربية. وكانت جلسة الصالون الثقافي الأسبوع الماضي فرصة أخرى لترسيخ هذا الرفض لوثيقة اعتبرت عارا في سجل الحكومات العربية وخطوة غير مسبوقة في سعيها لتكميم الفضائيات والإعلام الحر الذي أصبح من سمات العصر. وقد أكد في البداية الإعلامي محمد كريشان الذي أدار الحوار أنه لم يجد ولم يلتق بأحد يدافع عن هذه الوثيقة مما يجعل رفضها محل اجماع من قبل الإعلاميين محيلا الكلمة لنخبة من الخبراء وأصحاب الشأن لتحليل أهمية هذه الوثيقة وأثرها على الفضائيات العربية والمشهد الإعلامي عموما. الدكتور إبراهيم عرفات أستاذ الإعلام بجامعة قطر أكد في مداخلته أن وزارات الإعلام العربية تأخذ تطبيق هذه الوثيقة على محمل الجد وهناك سعي لتفعيلها وتطبيقها وهو ما سينظر فيه اجتماع وزراء الإعلام العرب في اجتماعهم الشهر المقبل بالقاهرة. وقال إن هذه الوثيقة جاءت لإعادة احياء الهيمنة في الإعلام العربي. فالوثائق عادة ما تخفي هدفها الحقيقي وراء عبارات طنانة. فيجب علينا أن نقرأ ما وراء النص لنجد أن الهدف سياسي وليس تنظيما للبث أو للحد من انتشار قنوات العري كما يحاول البعض الترويج لذلك. انتكاسة لدعاوى الإصلاح وأضاف أن الوثيقة جاءت بعد أن حدثت في المنطقة العربية انتكاسة لدعاوى الإصلاح ومفهوم الحريات وهي بالتالي جاءت لتعيد كل من خرج عن الإطار إلى موقعه الذي تريده له الأنظمة الحاكمة. وأكد عرفات أن بنود الوثيقة تحمل من البند 4 إلى البند 9 حوالي 38 قيدا وضابطا على المؤسسات الإعلامية. فهناك ترسانة من القيود والضوابط إذا طبقت فلن يستطيع الصحفي العمل. إذا فالعقل السلطوي العربي أعاد إنتاج نفسه وهو ليس سهلا كما يتصور البعض فمن أعد الوثيقة أساتذة في القانون والإعلام والهدف واضح وهو إعادة الهيمنة وبعد أن سلكت الكثير من الدول العربية إلى تجريم النشر ومحاكمة وسجن الكثير من الصحفيين. كما أكد المتحدث أن الوثيقة العربية تحتوي حالة من الغموض المقصود فرغم الحديث التفصيلي عن عمل البث الفضائي فإن الحديث في محور الهوية والسيادة الوطنية جاء بعبارات فضفاضة متروكة لصناع القرار ليطبقوها على هواهم. ثم إن ما جاء من حديث عن أن الاعلام الحر ركيزة من ركائز الاعلام العربي هو محض افتراء لا يصدقه أحد والتاريخ شاهد على ذلك. أما عن نتائج هذه الوثيقة فقال الدكتور ابراهيم عرفات إن الفضائيات لا يمكن أن تعود إلى الوراء ولكنها أيضا بعد صدور هذه الوثيقة لا يمكن أن تتقدم بحرية فهناك قيود صادرة عن سلطات تملك كل مقومات القوة. ولكن مقابل ذلك هناك نخبة من الإعلاميين الشجعان المؤمنين بالحرية والحقيقة. وعلى الحكومات ان تؤمن انه لا يمكن بعد اليوم خنق الجماهير وتركها تعبر بهامش من الحرية عن قضايا دون تكميم ولا قمع. ورغم أن العديد من الدول العربية بدأت فعلا في تطبيق الوثيقة فأقفلت بعض الفضائيات وهو ما يكشف عن تسرع وارتباك في تطبيقها فإن مدى نجاحها مشكوك فيه. ولكن المؤكد أن حرباً صامتة قد انطلقت بين المؤسسات الصحفية والحكومات وبين الصحفيين ومؤسساتهم الإعلامية وان المرحلة القادمة ستشهد كرا وفرا مسرحه الفضائيات والمؤسسات الإعلامية والمدنية العربية. وسنسمع خلال هذه المعركة الكثير من الأخبار ربما يكون أغلبها سيئا. قمع للحريات أما الإعلامي المعروف تركي الدخيل فتحدث عن فرص نجاح تطبيق هذه الوثيقة. وقال في البداية إننا جميعا في هذه القاعة متفقون على رفض هذه الوثيقة وكان الاجدر أن يكون بيننا أحد واضعي هذه الوثيقة كأحد وزراء الاعلام العرب. وأضاف أن أحد واضعي الوثيقة وهو الدكتور حسن أمين الأستاذ بالجامعة الأمريكية بالقاهرة قال أن الوثيقة لم تكن وليدة اجتماع وزراء الاعلام العرب وإنما جاءت بعد تكليف خبراء باعدادها منذ بداية 2005، كما أنها جاءت بعد قراءة وترجمة قانون البث الفضائي في أوروبا وأمريكا. وقال: أضع أكثر من نقطة استفهام على مثل هذا الكلام وعلى طريقة طبخ هذه الوثيقة. واتفق تركي الدخيل مع منتقدي الوثيقة بقوله إنها تقمع الحريات وفي مواضع كثيرة من بنودها رغم حديثها في الديباجة عن حرية التعبير. كما ساق بعض التبريرات التي يسوقها مؤيدو الوثيقة مثل محاربة قنوات العري. فالكثير منهم قالوا ان الوثيقة تهدف فيما تهدف إلى ضبط قنوات العري ولكن أين هي المواد التي تتحدث عن هذه القنوات. فالمواد لا تتحدث إلا عن البرامج الحوارية والقنوات الجادة تحديداً. وتساءل الدخيل كيف يمكن لوزراء الإعلام العرب ان يتحدثوا عن تنظيم البث الفضائي وهم لا يسيطرون على القنوات المستقلة منذ زمن. أم أنهم يريدون استعادة سلطتهم التي ألغيت في الكثير من الدول العربية. ونبه إلى ان تطبيق الوثيقة بهذه الآليات سيكون طاردا للكفاءات الصحفية وللفضائيات المستقلة من المنطقة بعد ان بعثت الكثير من الدول العربية مدنا إعلامية. كما سيكون هناك طرد للمستثمرين والإعلاميين ورؤوس الأموال. كما ذكر بأن المجتمع المدني العربي عبر عن طريق 34 منظمة حقوقية ومدنية عن رفضه لهذه الوثيقة انحيازا للجماهير في حقها في برامج جادة. كما قال إن الكثير تحدث عن صياغة الوثيقة التي لم تأت بلغة اعلامية بل هي لغة أمنية وكأني بها صيغت في وزارات الداخلية وليس في وزارات الإعلام. وأشار إلى أن أغلب الدول العربية وافقت على تطبيق هذه الوثيقة باستثناء قطر، وقد أكد وزير الإعلام اللبناني أن تنفيذ الوثيقة منوط بكل دولة عربية بما يجعلها غطاء أخلاقيا للحكومات لتكميم الإعلام. ولكنه أكد في المقابل أن نجاح تطبيق هذه الوثيقة مشكوك فيه إذ ان البدائل دائما موجودة مع التطور التكنولوجي والعلمي فيمكن مستقبلا البث بالكيبل أو عبر الإنترنت. كما أن كل القرارات الصادرة عن جامعة الدول العربية كانت في معظمها حبرا على ورق وربما هذا ما سيكون مآل هذه الوثيقة. تطبيق محكوم بالفشل أما السيد وضاح خنفر مدير عام شبكة الجزيرة فقال انه التقى في المدة الأخيرة بأربعة وزراء اعلام عرب ولم يسمع منهم أو من غيرهم قناعة أو دفاعا عن هذه الوثيقة وكأنها صدرت وحصلت على الاجماع العربي بقدرة قادر. وأضاف انه لا يمكن القول بأن الوثيقة جاءت نتيجة دراسة بدأت منذ 2005، فالصياغة العامة حاولت أن تبدو صياغة موضوعية ولكن وضعها النهائي كان لتجيير الانظمة. فهذه الوثيقة جاءت نتاجا طبيعيا للحظة تجسد هزيمة النظام السياسي العربي. فهذه الحكومات لديها أزمة في واقعها وغموض في مستقبلها وهو ما جعلها تبدو متوترة وتندفع إلى قرارات لصدّ التهم عن نفسها والهجوم على الفضائيات. وأضاف وضاح: لقد مررنا بعقود هيمنة على الإعلام العربي الرسمي وهي الفترة التي ضاعت فيها فلسطين وصارت فيها الحروب والكوارث والهزائم العربية. فالهيمنة لم تنتج إلا الهزائم ولم تفلح في اعطائنا واقعا عربيا يتميز بالاستقرار. ثم إن القول بأن الفضائيات تسبب مشكلة أو عدم استقرار قول عار عن الصحة. بل الامر يفهم بالعكس فغياب الحرية في الاعلام هو الذي يسبب الأزمات. بل ان النظام العربي الرسمي واعلامه هو الذي أساء إلى الواقع العربي. ثم هذا المنطق يقول بأن المشاهد العربي من البساطة والسذاجة بحيث ينساق وراء هذا الرأي أو ذاك وهو عدم احترام للمواطن العربي الذي بلغ درجة كبيرة من الوعي. وخلاصة القول أن تحميل الفضائيات مشاكل الدول العربية هو هروب من الواقع وفشل لهذه الانظمة. وقال: إن حالة الانفتاح والحرية حتى وإن كانت مندفعة تخفف من الاحتقان والانفجار لأن نظرية المؤامرة والإشاعة تسري وتنتشر فقط عندما يغيب الإعلام الحرّ. وقال وضاح خنفر إن الوثيقة لن تؤثر على عملنا فهذه الأنظمة لم تترك أي طريقة أو شكل من الضغط لم تمارسه علينا كقناة الجزيرة وآخر ما حدث قرار الحكومة المغربية بإيقاف بث النشرة المغاربية ولكن عملنا تواصل ومكانتنا لدى الجمهور توسعت. ورغم أن هذه الوثيقة أعطت الغطاء الاخلاقي لهذه الممارسات التي تسلكها الحكومات العربية وتجعلها تتجاوز القانون والقضاء في فصل الخلافات مع المؤسسات الإعلامية فإن نجاحها محكوم بالفشل. بل إن مواصلة الضغط على المشهد الإعلامي والرأي العام ستدفع للبحث عن بدائل ستكون أكثر استعصاء على الاحتواء فهناك تطور مهول في الأنترنت وتدفقها وهناك أقمار صناعية وهناك دول مجاورة للمنطقة العربية يمكن للفضائيات المستقلة أن تبث منها. إن هذه الوثيقة أساءت أكثر للنظام السياسي العربي الرسمي. وأكد وضاح خنفر أن هذا الكلام لا يعني أن تكون الفضائيات بدون قيود أو خطوط حمراء فالجزيرة مثلا سارعت إلى صياغة ميثاق شرف اعلامي وهي لا تتجاوز بعض الخطوط الحمر مثل الإساءة للأديان والرموز الدينية والوطنية والتحريض على المذهبية أو الطائفية أو السب وغيرها. وثيقة مضادة وكانت هذه المداخلات الثلاث فرصة للكثير من الحضور وأغلبهم من الإعلاميين للتعبير عن رأيهم الذي جاء مجمعا على رفض هذه الوثيقة التي اعتبرت من قبلهم عارا على الحكومات العربية. وقال محمد مكي إن المشكلة في العالم العربي هي مشكلة حريات فهناك ردة كبيرة تراجعت فيها الإصلاحات وفي هذا الإطار جاءت هذه الوثيقة. وقد كان للاعلاميين العرب دور مشهود في التبشير بقيم الحرية والديمقراطية. ثم إن قضية الإعلام اليوم لم تعد الصحفي فقط بل هي قضية الجميع في العالم العربي. وفيما اقترح البعض إعلان وثيقة مضادة من قبل الإعلاميين والمؤسسات الإعلامية العربية سخر البعض من سعي الحكومات العربية إلى قمع الإعلام عوض الالتفات إلى مشاكل الشعوب العربية التي ترزح تحت خط الفقر والامية. وقال الكاتب علي شعبان إن الحكومات العربية انتهكت حق المواطن في الإعلام الحر بعد أن سلبت منه حق المواطنة وذكر بالأحكام الصادرة ضد الصحفيين مثلا في مصر ضد جريدة الشعب والتي بلغت 14 حكما. وأضاف أن النظم العربية فقدت شرعيتها وهي الآن تفقد حياءها. ومن جهته قال الإعلامي عبد الوهاب بدرخان إن سمعة وزراء الاعلام العرب سيئة جداً في التاريخ العربي مقترحا أن يصاغ نوع من اللجان لمناقشة مثل هذا الموضوع مع ضرورة وجود ضوابط لان الضوابط لمصلحة المواطن. وتساءل بدرخان عن القنوات الفضائية الجادة وما يمكن أن تفعله في حال تعرض بعضها للتضييق أو المنع مثل العربية والجزيرة. أما القانوني مطلق القحطاني فأكد أن الوثيقة ليس لها أي قيمة قانونية لا على الصعيد الوطني ولا العربي ولا الدولي وسوف تذهب في مزبلة التاريخ. وأكد ان الوثيقة تأتي في إطار انخراط بعض الدول العربية في المجهود الدولي لمكافحة الارهاب وهذا هو السبب الحقيقي للتسرع في اصدارها وهو امر خطير سيعرض الحريات في الوطن العربي إلى انتكاسة غير مسبوقة وتكميم للأفواه للإعلاميين. وختم بأن هذه الوثيقة رغم خطورتها ستصبح في يوم من الأيام في أحد أدراج الجامعة العربية مثل اتفاقيات الدفاع المشترك والتكامل الاقتصادي وغيرها من الاتفاقيات التي لم تجد طريقها للتطبيق. (المصدر: صحيفة “الشرق” (يومية – قطر) الصادرة يوم 11 ماي 2008)
صندوق النقد يطالب الحكومات بالتكيف مع غلاء الأسعار
محيط ـ سالي العوضي
أعلن صندوق النقد الدولي أن معالجة تحديات الغلاء يتطلب من الحكومات تكييف سياساتها مع الواقع الجديد، مشدداً على ضرورة تضافر الجهود العالمية لإعادة التوازن في العرض والطلب على السلع. وفي وقت سابق، حذر صندوق النقد الدولي من تعليق آمال كبيرة على الدور المفترض أن يلعبه تباطؤ الاقتصاد العالمي، في تخفيف الضغوط عن أسعار الطاقة والخامات والغذاء. وعزا جون ليبسكي، نائب المدير العام أن الظاهرة المحيرة المتمثلة في استمرار ارتفاع أسعار النفط والمواد الأولية والمنتجات الغذائية رغم تباطؤ الاقتصاد العالمي، إلى تعرض أسواق السلع على مدى السنوات الأخيرة لتحولات بنيوية أدت إلى اختلال العرض والطلب، مشيراً إلى أن جانباً كبيراً من الزيادات السعرية يعود إلى قوة الطلب على السلع والغذاء في الاقتصادات الصاعدة والنامية. وضع ليبسكي مسألة مواجهة تحديات الغلاء وأخطاره التضخمية المرتبطة بالاقتصاد الكلي، في صلب واجبات صندوق النقد تجاه دوله الأعضاء الـ 185، موضحاً مسئولية الدول المتقدمة وسياساتها عن ارتفاع أسعار السلع، مشيرا إلى الأثر التضخمي لكل من الدولار الضعيف وسياسات استخدام المحاصيل الزراعية في إنتاج الايثانول والوقود الحيوي، وكذلك الدور الذي يلعبه خفض الفائدة الأمريكية في تشجيع المضاربة على السلع لغرض الربح. ونقلت صحيفة “الحياة” اللندنية تحذير ليبسكي من الآثار التضخمية لتبعات السياسات التي تنتهجها الولايات المتحدة ومنطقة اليورو لإنتاج الوقود الحيوي، على أسعار المواد الغذائية الأساسية، لافتاً إلى أن تقديرات صندوق النقد تشير إلى أن الإقبال على إنتاج الإيثانول والوقود الحيوي ساهم بما يصل إلى 70% من الزيادة التي سجلتها أسعار الذرة و40% من الزيادة في أسعار فول الصويا. ومن ناحية أخري، رأي جوهانز ليتنبيرجر، المتحدث باسم المفوضية الأوروبية أن انتاج الإتحاد الأوروبي من الوقود الحيوي يعتبر ضئيلاً جداً إلى الحد الذي لا يؤثر في ارتفاع أسعار الغذاء. وأشار إلى أن الاتحاد الأوروبي يهدف لتوفير 10% من الوقود العضوي بحلول عام 2020، مؤكداً أن الأمر لا يؤثر في أسعار الوقود في الوقت الحاضر وأن الجيلين الثاني والثالث من الوقود العضوي لن ينافسا المحاصيل الغذائية. ويرى خبراء في مجال الغذاء ومكافحة الفقر أن انتشار استخدام المنتجات الزراعية في مجال إنتاج الوقود الحيوي سيؤدي إلى المزيد من الارتفاعات لأسعار المواد الغذائية الأساسية التي تضاعفت تقريباً خلال السنوات الخمس الأخيرة الأمر الذي سينعكس سلباً على مليار إنسان يعيشون تحت خط الفقر. ويحذر الخبراء من أن أزمة الغذاء الراهنة قد تضيف أكثر من 200 مليون شخص لقائمة فقراء العالم. في نفس الوقت، حذرت مؤسسات عربية وعالمية من أن تعرض هذه الأزمة، حيث ارتفعت اسعار السلع الغذائية حول العالم بنسبة 100% خلال السنوات الخمس الأخيرة، إلى إضافة أكثر من 200 مليون طفل إلى لائحة الأطفال الذين يعانون من المجاعة حول العالم، كما أعلن برنار كوشنير، وزير الخارجية الفرنسي عن تأييده انشاء “صندوق دولي مخصص للزراعة والتغذية” لمكافحة الأزمة الغذائية التي تضرب عدداً من دول العالم. وشدد ليبسكي على ضرورة النظر بجدية إلى أخطار التضخم التي من شئنها أن تعرض الاقتصاد العالمي لتحديات جسيمة ويمكن أن يحرم العالم من فرصة العودة إلى ما حققه في السنوات الأولى من العقد الحالي، النمو الاقتصادي القوي المصحوب بمستويات منخفضة من التضخم. المصدر شبكة الإخبار العربية “محيط ” ( الإمارات ) بتاريخ 11 ماي 2008)
لماذا لم ينتصر العرب على إسرائيل؟ أسباب النكبة العربية من وجهة نظر كاتب تونسي سنة 1949
بقلم: عبد اللطيف الحناشي(*) كان لهزيمة العرب (النكبة) أمام العصابات الصهيونية الغازية لارض فلسطين سنة 1948 وتأسيس إسرائيل وما ترتّب على ذلك من تشريد وترحيل آلاف الفلسطينيين الاثر الكبير في نفوس العرب جميعا ومنهم التونسيين.. وانبرت الكثير من الاقلام العربية لتحليل مختلف الاسباب التي أدت إلى تلك النكبة ومن ثم قيام الدولة الصهيونية. ومن بين أهم ما كتب في هذا المجال مؤلف المؤرّخ والمفكر قسطنطين زريق(1909-2000)، “معنى النكبة”(1) ولم يتخلّف الكتاب التونسيون بدورهم عن المساهمة في متابعة الحدث وتحليل خلفيات النكبة بكل أبعادها(2).. ورغم أهمية الكتابات الصحفية التونسية في هذا المجال غير أن مساهمة الصحفي والكاتب التونسي أحمد بن مصطفى(3) التي جاءت في كتاب مستقل أصدره باللغة الفرنسية في جوان سنة 1949 تحت عنوان “Pourquoi les Arabes n’ont pas vaincu Israël” (لماذا لم ينتصر العرب على إسرائيل؟) تعتبر من أهم تلك المساهمات التونسية بل العربية وذلك لما تضمّنه الكتاب، على صغر حجمه، من معطيات وتحليلات دقيقة وعميقة كما لم يقتصر الكاتب على إبراز العوامل الخارجية (المؤامرات كما بين الكثير من الكتاب من جيله)، بل غاص عميقا في تحليل الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية والذهنيات السائدة التي اعتبرها الكاتب من الاسباب العميقة لهزيمة العرب وانتصار الحركة الصهيونية كما تميّز الكتاب بتحديد مجموعة من البدائل “العملية”التي قد تساعد العرب على تجاوز نكبتهم. جاء هذا الكتاب في نحو 53 صفحة من الحجم الصغير وصدر عن منشورات “La Jeune Tunisie ” وتميّز بدقة المعطيات وعمق التحليل. تضمّن الكتاب مقدمة(ص5) وثلاثة “فصول”متفاوتة الحجم وهي: حرب عادلة (7-13 ): هل للصهيونيين الحق في دولة بفلسطين، الجرائم، صنيعة الامبريالية. الانتصار لا يأتي(15- 43): الاسباب الموضوعية، الاسباب الذاتية. حلّ وحيد(44-53): البدائل لتجاوز النكبة. يبدأ الكاتب في مقدمة كتابه بطرح استنتاجات مركّزة مستشرفا مستقبل المنطقة على خلفية تأسيس الدولة الصهيونية مؤكّدا أن حرب فلسطين قد وضعت مستقبل الشرق الاوسط كله في الميزان ومبيّنا أن الصهاينة كما الامبرياليتين “السوفيتية” والامريكية(4) سيمهّدون لعصر الهيمنة على الدول العربية ويشير إلى أن المرحلة الاولى من هذه الهيمنة كانت دامية أما المرحلة الثانية فستكتسي بالتأكيد طابعا سلميا يتمثل في التسرّب الاقتصادي والايديولوجي في المنطقة إلى أن يصل التسرّب ذاك إلى حدّه الاقصى لتعرف المنطقة بعد ذلك مرحلة العدوان الصهيوني المسلح مجدّا عندها سيجد العرب أنفسهم في وضعية دنيا تدفعهم ربما للتخلّي عن الصراع إذا لم يسرعوا في إصلاح أخطائهم وتجاوز ضعفهم واستخلاص الدروس من “أخطائهم الاجرامية”. لم تكن تلك الافكار “نبوّة” بل نظرة استشرافية لمستقبل المنطقة استنادا على معرفة دقيقة بالحركة الصهيونية وبطبيعتها العدوانية وعلاقاتها الدولية الامر الذي أكدته الاحداث اللاحقة إذ لم تعرف منطقة الشرق الاوسط منذ تأسيس “إسرائيل” الامن والسلام إذ تتالت الحروب والاعمال العدوانية الاسرائيلية سواء على البلدان العربية المحيطة بفلسطين أو على الشعب الفلسطيني ذاته (مصر 1956، حرب جوان 1967، حرب الاستنزاف 1970، حرب اكتوبر1973، غزو جنوب لبنان 1978، احتلال بيروت والجنوب اللبناني 1982 وصولا إلى العدوان على لبنان صيف 2006 ومحرقة غزة المتواصلة..). في الفصل الاول يناقش الكاتب ويحلّل إشكالية تاريخية وسياسية رئيسية وهي: هل للصهاينة الحق في إقامة دولة في فلسطين؟ ولمعالجة ذلك لا يهتم الكاتب بالتاريخ القديم إذ يقول أن لا فائدة من الرجوع إلى المعطيات الاثنية أو الدينية بل يكتف بتناول المسالة من فرضيتين مختلفتين تمثلان في الوقت ذاته فائدة مزدوجة: نظرية وتطبيقية تسمحان، حسب رأيه، بالوصول إلى أجوبة متماثلة ومتّسقة ولا يبقى في هذه الحالة غير البحث عن أي من الفرضيتين تنطبق على الحالة الفلسطينية. تتمثل الفرضية الاولى في ما يلي: هل يمكن لشعب أقام في دولة، بفضل المعونات والتشجيعات المختلفة المقدمة له من قبل الامبريالية ومن خلال إرهاق شعب آخر واضطهاده، أن يدعي السيادة على تلك الارض أو الادعاء بشرعية سيطرته على أملاك السكان التي تم الاستحواذ عليها من خلال وسائل وقوانين مفروضة بالرغم من إرادة أغلبية السكان؟ أما الفرضية الثانية التي طرحها الكاتب فهي: هل لاقلية “وطنية”أو أثنية أو دينية أو غيرها، أقامت في بلد ولم تتعرّض خلال وجودها لاي نوع من الاضطهاد أو الضغوطات ولم تتخذ ضدها أي إجراءات أو أحكام اعتباطية، الحق (أن سمحت لها الجغرافيا) بالانفصال عن أكثرية السكان وتكوين دولة مستقلة؟. وانطلاقا من الفرضيتين السابقتين ينطلق الكاتب في بحث الاسس التي تكوّن الامم ويقدّم العديد من الامثلة من التاريخ الحديث والمعاصر نافيا على اليهود أن يكونوا أمة بحسب مفهوم الامة ويؤكد أن هؤلاء ينتمون إلى كل القوميات وان لكل جماعة منهم خصائص سوسيولوجية ودينية وسياسية تختلف عن الاخرى تبعا للبلد الذي يستقرون فيه وهو وطنهم. ثم يتساءل الكاتب عن هدف الصهيونية: هل تأسيس دولة عرقية؟مؤكدا أن الاضطهاد الذي تعرض له اليهود لا يمكن أن يمثل إلا حجة سيئة لتبرير إقامة دولة يهودية في فلسطين إذ أن هذه الاخيرة لن تتمكن من وضع حدّ لما يتعرض له اليهود في العالم.ويقول الكاتب انه من المنطقي أن تقوم كل من الولايات المتحدة الامريكية والاتحاد السوفيتي بتعويض اليهود عما حدث لهم من قبل ألمانيا وغيرها من الدول ومنع تجدد اضطهادهم وذلك من خلال إعطائهم حقوق المواطنة كاملة بل حتى منحهم”ملجأ”على أراضيهم خاصة وان مساحة الدولتين تغطي أكثر من ثلث أراضي الكرة الارضية، غير أن الكاتب يستدرك القول بالتأكيد أن مصلحة الدولتين تدفع إلى تشجيع قيام الدولة الصهيونية في فلسطين. كما يبرز الكاتب أهم الجرائم التي ارتكبتها المنظمات الارهابية الصهيونية وأدت إلى إبادة سكان العديد من القرى والاحياء العربية في حيفا وعكّا.. وقد أكد المؤرخون الاسرائيليون الجدد(5) منذ التسعينيات من القرن الماضي واستنادا على وثائق الدولة الصهيونية حقيقة تلك الجرائم وبشاعتها من خلال قراءة نقدية للحرب كانت مغايرة تماما للقراءة الرسمية التي سادت لعدة عقود..غير أن الكاتب يؤكد أن ذكر تلك الجرائم لا يعني تحريض العرب للثّأر من اليهود، الذين عانوا الكثير من الاضطهاد، ولا يمكن للعرب بالتالي أن يماثلوا هؤلاء مع الصهاينة الذين يدعون بأنهم زعماء اليهود في كل مكان وهم في الواقع أعداءهم الحقيقيين.. ويبرز الكاتب من جهة أخرى دور بريطانيا، من خلال تقديم وقائع ومعطيات دقيقة، في إقامة الدولة الصهيونية (راس حربة الامبرياليتين كما يقول الكاتب) وفي نفس الوقت “تقسيم العالم العربي إلى دويلات عربية. يخصّص الكاتب الفصل الثاني لتحليل أسباب عدم انتصار العرب ويقول أن الهزيمة لا تعكس لا من قريب ولا من بعيد تحضيرات العرب للحرب ولا تعبر عن حقيقة موازين القوى بين الطرفين مؤكدا أن أسباب هزيمة العرب تعود لاسباب عميقة جدا وان معرفة مجمل الاسباب وتحليلها يمكن أن تسمح للعرب بإعادة الثقة في قدراتهم. ويقسم الكاتب أسباب الهزيمة إلى أسباب موضوعية وأخرى ذاتية. أما الاسباب الموضوعية فتتمثل في وجود دولة صهيونية قبل الاعتراف بها رسميا قبل وقت طويل، إذ أنها كانت موجودة، حسب الكاتب، في كل وقت منتشرة ومتنقلة في كل مكان ويقول أن هذه الدولة كانت تملك منذ البداية “برنامجا ولها حكومة تتمثل في الوكالة اليهودية” وتمكنت هذه الحكومة “بمساعدة بريطانيا بالانتقال إلى فلسطين وإرساء تنظيمات متكاملة تميزت بالنجاعة وبالعقلانية وبالانضباط في الممارسة…” ويتحدث الكاتب بإطناب وإعجاب عن النشاط التعاوني الذي أقامته الحركة الصهيونية في فلسطين وعن المؤسسات التربوية التقنية والجامعة والمكتبة وتشجيع البحوث المدنية والعسكرية ويقول أنها كانت “تبني إلى جانب مخازن القمح مخازن جماعية للسلاح والذخيرة.. لذلك فانه عندما أعطيت إشارة العدوان يوم 15 ماي كانت التعبئة عامة في صفوفهم.وباشرت كل مستوطنة زراعية وكل قرية صهيونية باحتلال القرية العربية القريبة منها، فقد كان “الهجوم متزامنا والاحتلال سريعا لقد تمكنت الحركة الصهيونية من تعبئة شعب متضامن متحمس يعمل ليلا نهارا للمعركة الفاصلة…” كما يعتبر أن من اهم اسباب هزيمة العرب هو جاهزيّة الحركة الصّهيونيّة التي “اعتمدت برنامجا محدّدا واستخدمت جميع الوسائل بهدف تحقيقه وذلك دون الاهتمام بردود فعل الاخرين..”.(6) غير أن الكاتب يستدرك القول مؤكدا انه لولا المساعدات التي تدفقت على الصهاينة في فلسطين من جميع أنحاء العالم لما تمكنوا من إنجاز كل ذلك بالاضافة إلى المواقف السياسية المساندة من قبل الدول الغربية وعصبة الامم وصولا إلى هيئة الامم المتحدة قائلا انه “باسم العدالة الدولية دفع العرب الثمن”. ويتساءل الكاتب عن السبب في عدم ممارسة هذه العدالة الاممية على بقية الشعوب المضطهدة.ثم يستعرض المساعدات العسكرية التي قدمتها الولايات المتحدة الامريكية مباشرة بعد الاعتراف بإسرائيل كالدبابات والطائرات والمدافع والذخيرة والقروض الميسرة والهبات ومراكز التدريب..ثم تحدث عن المساعدة التي قدمتها الدول الشيوعية(دول المعجزات كما سماها) والتي لا تقل قيمة وحجما عن تلك المساعدات التي قدمتها واشنطن.. كما بيّن الكاتب دور الاعلام والمال في انتصار الحركة الصهيونية “..وكان لسيطرة الحركة الصهيونية على قطاع الاعلام في العالم الغربي دورا هاما في خدمة الاهداف الاستراتيجية للحركة الصهيونية، ناهيك عن القطاع المالي..”. ينتقل الكاتب بعد ذلك إلى تحديد الاسباب الذاتية للهزيمة محمّلا الانظمة العربية السائدة آنذاك مسؤولية ما جرى قائلا أنه إلى جانب التحالف الدولي ضد العرب وفلسطين والمساند لاسرائيل “تقبع أنظمة اجتماعية في العالم العربي متأخرة، استبدادية تمارس سياسة خارجية مترددة بقيادة أفراد تنقصهم الكفاءة، يعملون بوعي أو بغير وعي منهم لصالح القوى الاجنبية”. وحمّل الكاتب مسؤولية تلك الوضعية لافراد الطبقة الحاكمة العربية الذين”..شيدوا آلاف القصور والاماكن الخاصة بهم في حين أن مواطنيهم بحاجة للمدارس والمستشفيات وقاعات السينما والمسارح…” وكان هدفهم الوحيد هو “..تنمية ثرواتهم فبدّدوا بذلك الثروات ورؤوس الاموال التي كانت من المفروض أن تستخدم بشكل أفضل للنهوض ببلدانهم..” ويقدم الكاتب تحليلا عميقا مستندا لمعطيات وأرقام عن الاوضاع الاجتماعية للعرب متخذا من مصر كنموذج: سيادة الاقطاع وعذابات العملة المزارعين والعمال (كثرة ساعات العمل برواتب منخفضة جدا..)وتدهور الاوضاع الصحية(توفي مثلا بسبب الملاريا سنة 1943 نحو 200 ألف مصري وارتفاع نسبة الامية وانخفاض نسبة التّمدرس وارتفاع نسبة وفيات الاطفال: من 650 الفا مولود يموت 450 الفا منهم قبل الوصول إلى سنّ الخامسة..). أما السبب الذاتي الثاني للهزيمة الذي يعرضه الكاتب فيتمثّل في انعدام الحد الادنى من التضامن بين الانظمة العربية وإن “..وجد (التضامن) فلا يتجسد إلا في الخطب والاحاسيس..” ويؤكد الكاتب أن انتصار أي طرف في الحرب تتطلّب توفّر شرطان أساسيان يتمثلان في القوة المادية والقوة المعنوية ويقول أن الشرط الاول كان مفقودا لدى من هبّوا لتحرير فلسطين إذ أن الحكام العرب لا يفكرون إلا في تنمية مواردهم المالية والبحث عن رفاهيتهم في الوقت الذي كانت تنتشر فيه البطالة والامراض والامية والجهل وسوء التغذية وتفتقد شعوبهم للمدارس والمستشفيات وقاعات السنما والمسارح.. وينتقد الكاتب الخطاب السياسي العربي الذي بشّر بالنصر(يقدم كأمثلة كتابات عوني عبد الهادي.. وجريدة الاهرام المصرية) قائلا أن الكلمات تصبح بلا معنى أو بلا قوة عندما تتكلم المدافع…مقابل ذلك يثمن الكاتب ما قامت به الشعوب العربية تجاه فلسطين غير أن وضعية المتطوعين البائسة وقلة التنظيم والسلاح جعل دور هؤلاء محدود جدا في الوقت الذي كان الصهاينة منظمون وكانوا يستعدّون للحرب منذ عشرات السنوات. ومن العوامل الذاتية التي أدت إلى نكبة العرب، حسب الكاتب هي “السياسة الذليلة”التي مارسها الحكام العرب الذين يتهمهم بالتذيّل للاجنبي والخضوع لارادته ويقول إننا “كعرب لن نغفر لهذه الحكومات العربية التي لم تمارس سياسة تخدم مصالح الشعوب العربية بل عملت بكل الوسائل لخدمة مصالح الامبريالية..”ويعتبر الكاتب أن خطأ الجامعة العربية يتمثّل في “قبولها لمهمة تتجاوز طاقتها، في الوقت الذي انحصر نشاطها في إلقاء عزام باشا الخطب..وكان هدفها الاساسي هو توحيد الذين يكرسون التجزئة العربية وحمايتهم من شعوبهم..” ويقول أن الجيوش العربية في ساحة المعركة كانت تفتقر للسلاح والتنظيم والمؤونة وينتقد قبول العرب الهدنة التي اعتبرها الكاتب خدعة مكّنت الصهاينة من مزيد التسلح وإعادة الانتشار للانقضاض على الجيوش العربية..ويتهم القيادة العربية بالخيانة لانها سهلت الامر على الصهاينة لاحتلال فلسطين.. يخصّص الكاتب الفصل الاخير من كتابه لتقديم البدائل التي تمكّن العرب من الانتصار على أعدائهم ويقرّ الكاتب بأنه وبرغم انتهاء الحرب وسكوت المدافع والتوقيع على اتفاقيات لوزان بين إسرائيل والدول العربية الاربعة غير أن الصراع سيستمر لفترات طويلة وذلك على جبهتين الاولى عسكرية والثانية اقتصادية مشيرا إلى ان رقعة فلسطين محدودة في حين أن الهجرة اليهودية ستتضاعف لذلك فلا بد للدولة الجديدة من التوسع على حساب فلسطين وبعض الدول العربية..ويشير إلى أن حرب فلسطين لم تكن لتحدث “..لولا امتلاك الولايات المتحدة الامريكية لجزء هام من النفط العربي وحرصها على استمرار تدفّقه ولولا حرص انقلترا على حماية حقول النفط في العراق وأنابيب نقله وقاعدتها الجوية في النجف الضرورية لحماية قناة السويس ولولا حرص الاتحاد السوفيتي على نيل حصته من الغنيمة لما قامت إسرائيل..”و يقول الكاتب أن “فهم الصراع بين الطرفين على أساس ديني هو من باب العار”..إنه من العار على العرب محاربة اليهود كيهود، يجب خوض نضال عقلاني ضدّ الاضطهاد والاستغلال بكل أشكاله ومن أي مأتى كان..”وبالتالي من الضروري “النضال العقلاني ضد الاضطهاد والاستغلال بكل أشكاله ومن أي جهة يأتي وذلك بهدف حصول الوطن العربي على الاستقلال والسعادة التي يستحقها..”. أما الشروط الضرورية للوصول إلى هذا الهدف فيلخصها الكاتب في عدة نقاط منها: ـ ضرورة أن تتوحد جميع الاحزاب والمنظمات في كل بلد عربي( باستثناء تلك التي تخدم مصالح الامبريالية أو المصالح الشخصية لفرد أو مجموعة من الافراد)وان يحدّدوا نفس المهام التي تتمثل في سعادة الشعب المادية والمعنوية وان يستخدموا نفس وسائل العمل وان يتوحدوا في تنظيم واحد وان يتبنوا المبادئ الديمقراطية في العمل.. × تحديد برنامج عمل من اجل الاستقلال الحقيقي وتطوير المستوى المادي والمعنوي للشعب وإلغاء كل أشكال الاستغلال والاضطهاد ونتائجها.. تعبئة كل الطاقات الشعبية وإيقاظ حماسهم لتحقيق هذا البرنامج..وعلى أساس ذلك تتحد كل الدول العربية في فدرالية عربية تأخذ مكان الجامعة العربية الحالية.وينادي بضرورة الوحدة الاقتصادية التي تمثل الحل الوحيد لجميع مشاكل العرب الاقتصادية والاجتماعية مؤكدا انه ليس بامكان أي دولة حاليا العيش على قدراتها الذاتية ويذكر الكاتب مساعي أوروبا في البحث عن الوحدة الاقتصادية في ما بين دولها.ويقول أن كل “مقومات الوحدة العربية متوفّرة ومنها:اللغة والامال المشتركة والعادات والتاريخ. فهل يعجز العرب على تحطيم الحدود التي وضعها الاستعمار الاجنبي…”. لا تبرز قيمة هذا الكتاب في الواقع من خلال تشريح المؤلّف للاسباب الموضوعية والذاتية التي أدت إلى “نكبة” العرب وتحديده للاطراف المسؤولة عن ذلك فحسب بل في ما طرحه أيضا من أفكار وبدائل لتجاوز النكبة وبنقده الموضوعي والجريء وابتعاده عن تقديم الاعذار والتبريرات..وهو ما يجسّد نباهة الكاتب ويبرز في الوقت ذاته فرادة الرؤية العقلانية للخطاب السياسي في تونس في تناوله للموضوع الفلسطيني.. هوامش 1ـ زريق (قسطنطين) : الاعمال الفكرية العامة، المجلد الاول، ط 2 مركز دراسات الوحدة العربية ? مؤسسة عبد الحميد شومان، بيروت 1996، كتاب معنى النكبة، صص70 ويعتبر هذا التأليف من أكثر المصادر التي يعتمد عليها المؤرخون والمفكرون الذين يتناولون اسباب النكبة العربية.. ـ الحناشي(عبد اللطيف):تطور الخطاب السياسي في تونس ازاء القضية الفلسطينية 1920-1955، المطبعة الرسمية، تونس 2006، صص352. 3ـ رغم المجهودات التي قمنا بها وخاصة من خلال الاتصال بالعديد من الشخصيات التي تحمل نفس لقب المؤلف غير أن من اتصلنا بهم نفوا علاقة القرابة معه أو معرفتهم به(برغم معاصرتهم له).وكان الاستاذ أبو القاسم محمد كرّو(أطال الله في عمره) قد قدّم لنا صورة شمسية للمؤلف وقال انه يعرفه شخصيا وقال انه كان يجلس أحيانا في مقهى”نزل أفريقيا”خلال السبعينيات غير أن الاستاذ لا “يعرف”بدوره شيئا عن حياة الكاتب.وفي الوقت الذي نشكر فيه الاستاذ أبو القاسم محمد كرّو على تعاونه ولطفه خلال جلساتنا معه ندعو من له علاقة أو معرفة بالكاتب أن يفيدنا ببعض المعلومات عنه وخاصة بعض كتاباته علها تفيدنا عند نشر ترجمة هذا الكتاب الفريد. 4ـ سحب الكاتب صفة الامبريالية على النظام السوفيتي قبل إطلاق الشيوعيين الصينيين هذه الصفة بوقت طويل وذلك على خلفية الصراع الايديولوجي بين النظامين الشيوعيين. 5ـ هم مجموعة من الاكاديميين الاسرائيليين برزت أواخر ثمانينات القرن الماضي، استغلوا الارشيف الاسرائيلي وخصوصا أرشيف الجيش، بعد ثلاثين عاما على قيام الدولة وفقا للقانون، وأعادوا النظر في الرواية الرسمية حول حرب 1948، خصوصا عمليات تهجير الفلسطينيين، والمجازر التي رافقت ذلك قبيل وخلال وبعد نكبة 1948، وأصل مشكلة اللاجئين الفلسطينيين… لمزيد الاطلاع حول هؤلاء المؤرخين الجدد: الحروب(خالد):”المؤرخون الجدد الفلسطينيون والاسرائيليون:وجهة نظر”، مجلة الدراسات الفلسطينية عدد 48 حريف 2001، ص.ص49-62 6ـ يؤكد احد أهم الباحثين الفلسطينيين المعاصرين ما ذهب إليه الكاتب إذ يذكر أن “الفلسطينيين واجهوا مجتمعا يهوديا كان على الرغم من صغر حجمه بالنسبة لهم متحدا سياسيا ويمتلك مؤسسات مركزية تشبه نظام الدولة ولديه قيادة جيدة وله دوافع راسخة. أنظر: الخالدي(رشيد) : “الفلسطينيون وحرب 1948 : الاسباب الكامنة وراء الهزيمة”، في كتاب : حرب فلسطين، إعادة كتابة تاريخ 1948، ترجمة ناصر عفيفي، مؤسسة روز اليوسف القاهرة 2001 ص.ص19-40. ـــــــــــــــــــــــــــــــ (*) أستاذ جامعي وباحث في التاريخ المعاصر كلية الاداب والفنون والانسانيات ـ منوبة abdellatif hannachi 2002 @ yahoo.fr (المصدر: جريدة “الصباح” (يومية – تونس) الصادرة يوم 11 ماي 2008)
بل زُيِّن للّذين كفروا مَكرُهم
بقلم: أنس الشابي نشر الاستاذ محمّد الطّالبي في الفترة الاخيرة كتابًا هامّا عن دار سراس للنشر عنوانه “ليطمئنّ قلبي” تناول فيه جملة من القضايا والمسائل التي تهمّ البحث العلمي في الجامعة التونسيّة ضاربًا لذلك أمثلة من مادة الحضارة الاسلاميّة في قسم اللغة العربية بكليّة آداب منوبة، وقد تعرّض الاستاذ إلى حملة شعواء من قبل تلميذه وتلامذة تلميذه تجاوزوا فيها حدود الادب واللياقة شارك فيها حتّى لصّ النصوص. نقض الدجل والمكر جملة هذه المقالات سنغفلها لانّها انحرفت بالموضوع من قضيّة عامّة إلى قضايا جزئيّة مدرسيّة لا فائدة ترجى منها وسوف نقتصر على تناول نصّين: الاوّل منهما: كتبه احميدة النيفر ومن المعلوم أنّ المذكور أسّس ما يسمّى بنحلة اليسار الاسلامي التي تدير نادي الجاحظ، وقد عرفت هذه النحلة بقدرتها على التلبيس على خلق الله فتجد قائديها يتحدثان عن كلّ شيء وعلى كلّ المنابر وفي كلّ الاوقات، يوافقون هذا ويعلّـلون خطأ ذاك. ولعلّي لا أجانب الصواب إن قلت إن مقال ” نخبنا حين تتدابر” الصادر في جريدة الصباح في 4 مارس 2004 يندرج ضمن نفس المسلكيّة التي أشرت إليها، حيث لم يشر احميدة النيفر إلى أيّ قضيّة من القضايا التي بحثها الطالبي واكتفى بالقول إن ما نشره: “ردّ قاطع على من لا يشاطره من الباحثين المعاصرين رؤيته في التعامل مع النصّ الدينيّ”. والمفهوم من هذا الكلام أن احميدة النيفر يوافق الشرفي فيما ذهب إليه من نفي للقدسيّة عن القرآن ودعوة إلى تغيير طريقة آداء الصلاة والافطار في رمضان والامتناع عن رمي الجمرات في الحجّ. هذه الاركان التي يقوم عليها الدين ويدعو الشرفي إلى نقضها يعتبرها احميدة النيفر “بحثا معاصرًا” في حين يرى في دفاع الطالبي عنها وعن الايمان “إحباطا”. وفي تقديرنا أن احميدة النيفر يحاول المشي على خطّين متوازيين أحدهما ينفي الاخر، الاوّل منهما نسجه حليفه في تغيير برامج التربية الاسلاميّة لما كان مستشارا لوزير التربية الاسبق والثاني نسجه محمد الطالبي الذي عبّر في كتابه هذا عن استهجانه لمجموعة ” الحضارة الاسلاميّة ” في منوبة ومن ثمّ إدانته لرئيسها وللبرامج التعليمية التي صاغتها بعد تحالفها مع نحلة اليسار الاسلامي. لهذا السبب بالذات جاء مقال احميدة النيفر ملتبسا لا يحمل أي موقف واضح لا من القضايا التي أثيرت ولا في أسلوب معالجتها. والثاني ردّ عبد المجيد الشرفي “الحقّ أحقّ أن يتّبع ” الصادر في جريدة «الصّباح» بتاريخ 23 مارس 2008 وهو ردّ تجاوز فيه الشرفي حدود اللياقة والادب مع أستاذه وذلك: 1) بقوله إنّه يربأ بنفسه، هذه الكلمة تشير إلى قدر كبير وكاذب من التعالي لايهام الغير بالترفع عن السفاسف, وهي كلمة لا تستعمل في ميدان البحث العلمي لانها كلمة معيارية ذاتية وليست موضوعيّة، ومن الجدير بالملاحظة أن القارئ لما كتب الشرفي يلحظ بجلاء ما عليه المذكور من غرور مرضي إذ لا يكتفي بإلغاء كلّ من بحث في المسائل التي يكتب عنها ناقلا عن هذا أو ذاك دون إشارة بل يتعمّد الاحالة على نفسه أو على تلامذته فقط، فضلا عن ترصيع جمله ببعض المصطلحات والاسماء الاعجمية التي لا تضيف شيئا للموضوع وقد وفاه حقّه في النقد الاستاذ المتميّز بحق محمد لطفي اليوسفي في كتابه “القراءة المقاومة وبكاء الحجر، السلفيّة المندسّة في آليات التفكير الحداثوي(1) 2) تعييره أستاذه بالشيخوخة والغرق فيها وفي ذلك إشارة إلى أنّ محمد الطالبي أصبح “يهرف” وهو كلام مردود لانّ الشيخوخة المصحوبة بالمساهمة في الحياة الثقافية وبالكتابة هي حمّالة للحكمة وناقلة لثراء التجربة فضلا عن أنها مبرّأة من طمع الدنيا وشهواتها وهو ما نلحظه بجلاء بيّن في كتاب الطالبي “ليطمئن قلبي”، وقد أضافت آمال القرامي لقول أستاذها إن الطالبي يشعر بالوحدة وبنكران الجميل من طرف من كانوا يسبّحون بحمده (2) وغاب عنها ما لا يجب أن يغيب عن حصيف أن مجتمعنا لا يكرّم إلاّ الاموات ولا يعترف بالجميل إلاّ لمن انقطعت صلتهم بالدنيا تمامًا. 3) قرن الشرفي أستاذه في كتابه “ليطمئن قلبي” بخالد محمد خالد ومحمد عمارة ومصطفى محمود… وهو كلام مردود من أساسه لان من ذكروا ابتدأوا الكتابة بالدعوة لتيارات فكريّة وسياسية قوميّة أو يساريّة. إلاّ أنهم انقلبوا بعد ذلك وانخرطوا في صفوف الاتجاهات الاسلاميّة بمختلف تلويناتها في حين أن المتابع لمسيرة محمد الطالبي منذ البداية يلحظ أن الرجل كان مؤمنا مع استقلال فكري في ذلك وقد واصل في نفس السياق ولم يعرف عنه إنكار لركن من أركان الدين أو تشكيك في أصل من أصوله فالمقارنة خاطئة ويقصد بها الايهام بأن الطالبي ارتدّ عن أفكاره والواقع أنه تحدّث عن المسكوت عنه وانتقل صراحة إلى مواجهة الدعاوى التي تستهدف إشاعة الفوضى الفكريّة والسياسيّة بالتلبيس والافتراء والانحراف تحت ستار البحث والدرس ولانّ الضربة كانت في الصميم وموجعة لم يجد التلميذ وتلامذته سوى كيل التهم جزافا لاستاذهم. 4) استشهد محمد الطالبي بالباحثة آني لوران بما مضمونه ” إنّ البيوت إنّما تخرب من داخلها ” فكان أن ردّ عليه الشرفي بأن المذكورة نقمت على الاسلام والمسلمين لانّها عانس الامر الذي يعني في عرف الشرفي أنه لا يقبل رأيا إلاّ لمن كان متزوّجا فيلغي بذلك كتابات عبد الرحمان بدوي وعاطف العراقي وجمال حمدان والعقاد… لا لشيء إلاّ لانّهم قرّروا البقاء في حالة عزوبية. 5) في إطار استعدائه المسلمين على الطالبي ذكر الشرفي: “مواقف له لا يرتضيها فيما نعتقد أي مسلم مثل اعتبار الانتحار غير ممنوع ولا محرّم ص29 وأن الزّهد ليس من الاسلام في شيء ص156″ وغاب عنه أنّ هاتين المسألتين ليستا من العقائد أو العبادات اللتين دأب على إنكارهما وإثارة الشبهات حولهما وهو ما سنفصل فيه القول لاحقا، ذلك أن الاطار الذي وردت فيه الاشارة إلى الانتحار والزهد لا علاقة له بالحكم الشرعي بل وردت في إطار الحديث عن الحياة بسرّائها وضرّائها وضعف الانسان الذي قد يصل به الامر إلى حدود الانتحار وعن العمل وأهميّته في الاسلام حيث اعتبر الطالبي أن الزهد الذي يستهدف الامتناع عن السير في الارض ليس من الاسلام في شيء لانه إنكار لنعم الله. فهاتان المسألتان من الفروع التي يجوز فيها الاختلاف ويصحّ فيها الاخذ والرد وليستا من الاصول التي يثاب المؤمن على فعلها ويعاقب عند تركها. 6) في العمود الثاني ذكر الشرفي وبكثير من الاعجاب والاطراء تأسيسه مادة الحضارة الاسلاميّة ضمن قسم اللّغة العربيّة, وقد كال المديح لنفسه لانه كما يقول يدرّس هذه المادة استنادا إلى مناهج لا تعرفها الجامعات الاسلاميّة كالزيتونة والازهر والقروّيين حيث: ” يقوم بعمليّة تفكيكيّة تحليليّة لا يعترف فيها بالمناطق المحرّمة” (3) وقصده أركان الايمان والعبادات. والصحيح أن هذه المادّة أمرها عجيب بحيث لا نجد لها شبيهًا في جامعات الدنيا ويصفها الاستاذ أبو يعرب المرزوقي(4) بأنّها شكل من أشكال “الدّجل” لانها “مأساة ملهاة ركحها أقسام العربيّة في الجامعة التونسيّة فعلوم العربيّة التي هي أسمى علوم الامّة ماتتْ وعوّضها شبه من التفلسف مريع قلّ أن تجد له مثيلا في الجامعات التي جعلها النقد الذاتي تتحرّر من سلطات الدجل: فبعض المختصين فيها أصبحوا فلاسفة تاريخ وبعضهم أضحى فلاسفة حضارة وبعضهم أمسى فلاسفة نقد وهم جميعا باتوا فلاسفة تشريع ولم يبق أحد في أقسام العربيّة مختصّا في علوم العربيّة…. فصار عندهم الكلام في الفلسفة جزافا دون حساب، إذ كلهم يشتركون في جرأة التطفّل على ما ليسوا مطالبين بعلمه جرأة لا يساويها إلاّ الجرأة على إهمال ما هم مطالبون بعلمه” فلا هم أتقنوا اختصاصهم الذي هو اللّغة العربية وعلومها ولا هم استطاعوا أن يضيفوا شيئا للعلوم الدينيّة لقصور في الالة. وقد أصبح هذا القسم الهجين منبرًا لاشاعة الآراء السياسيّة واستدراج الحر فاء وتصفية الحسابات واحتلال المواقع كما تسلّل المنتسبون إليه إلى كلية الشريعة وأصول الدين للتدريس فيها. يقول الاستاذ عبد الجليل الحمودي: ” وقد تحوّل هؤلاء إلى أقطاب علميّة فكلّ أفكارهم ودراساتهم وأطروحاتهم تعلو على النقد إذ لا يمكن لاي طالب يريد نيل شهادة في اختصاص الحضارة أن يتعرّض إليهم بالنقد وما عليه إلاّ الثناء على أعمال هؤلاء الاساتذة والسير على خطاهم واتباع مناهجهم”(5). أدّى كلّ ذلك إلى غياب الضبط المنهجي والروح العلميّة في هذا القسم لتعوّضه الآراء الشخصيّة وقد أشار الدكتور المرزوقي إلى هذا في قوله: “إن المنتسبين إليه يعبرون عن مواقف شخصيّة في حدود ما يضمنه حق التعبير الحر للمواطن بخصوص التشريعات التي تنتظم بها حياة الجماعة…. لكن أن يزعم البعض موقفه علما وأن يقدمه على أنه ليس موقفا شخصيا بل تأسيس النظريات في فهم التشريع الاسلامي وتأويل مضمونا ته فيجعله مادة التدريس الجامعي دون فهم لمعنى الفصل بين مجال النقاش العمومي بين المفكرين ومجاله الخصوصي لتدريس المضمونات العلميّة في الجامعات فذلك هو ما أعتبره مأساة ملهاة تجري على ركح أقسام العربية في جامعاتنا” هذا المعنى الذي أشار إليه الاستاذ المرزوقي نلحظه بجلاء فيما كتب الشرفي وتلامذته إذ تتسم جميعها بسمات، من أهمّها: أ) استهدافها الايمان بنقضه وذلك من خلال الاسرائيليات والايهام بأهميتها في الفكر الديني حيث يصبح إيمان الانسان صنوا لايمانه بالخرافات والاوهام والاساطير فقد نشر وحيد السعفي “العجيب والغريب في كتب تفسير القرآن، تفسير ابن كثير أنموذجا”(6) وهو عمل أعدّه تحت إشراف الشرفي الذي حدّد الهدف من تكليفه بهذا الموضوع قال: “ومن الواضح أنّ الحديث…. عن الجنّ وعن الهبوط من الجنّة وعن دور إبليس والشياطين والملائكة والطوفان وعمر نوح… والعديد من مظاهر العجيب والغريب التي تزخر بها والتي لم يعد لها في نفوس معاصرينا الاصداء ذاتها ولا لها في فكرهم الدلالات عينها»(7). ب) تسفيه المدرسة الدينيّة التونسيّة بالقدح في رموزها والتهوين من شأنهم ولم يسلم من ذلك حتى صاحب التحرير والتنوير يقول عبد المجيد الشرفي عن تفسير الشيخ الطاهر ابن عاشور: “إن القارئ يبحث عبثا في هذا التفسير عن حلول تستجيب لمشاكله المعاصرة…. فهو تفسير يقوم شاهدًا على ظاهرة بارزة للعيان في الفكر العربي الحديث ألا وهي تواجد عقليّة تقليدية هي وريثة أمينة لعقليّة السلف وبعيدة عن مشاغل العصر الحقيقية”(8). فى هذا الاطار كلّف الشرفي تلميذه عبد الرزاق الحمامي واسمه الحركي الاثير لديه هو علي بلحاج ( أحد عتاة الفيس في الجزائر) بالتّوسع في شتم المدرسة التونسية فأعدّ لذلك كتابًا نشرته كليّة آداب منوبة ومركز النشر الجامعي سنة 2005 تحت عنوان “الفكر الاسلامي في تونس 1965 ـ1987” سلخ فيه علي بلحاج كلّ من كتب حرفا له علاقة بالاسلام وكان منتسبا إلى مؤسسة من مؤسسات الدولة كإدارة الشعائر الدينيّة ووزارتها وديوان الافتاء وكليّة الشريعة فلم يسلم من بذاءاته لا الاحياء ولا الاموات، في نفس الوقت نجده يشيد بخصوم النظام كراشد الغنوشي وصلاح الدين الجورشي واحميدة النيفر. ولا يخفى على أحد أن عداء دولة الاستقلال ينسحب على كلّ منجزاتها ومن بينها مجلّة الاحوال الشخصية التي دأب علي بلحاج على الاشادة بها وبالطاهر الحدّاد ولكنه في حقيقته يظهر غير ما يبطن إذ يقول المذكور: “لكن الاتجاه الغالب هو تأييد هذه المجلّة والاشادة بالسياسة التي أقرّتها أو فرضتها”(9) الامر الذي يعني أن المجلّة فرضت على مجتمعها ومن ثمّ تصحّ المطالبة بإعادة النظر فيها والتخلّص منها. بهذا الاسلوب الملتوي سوّد علي بلحاج سبعمائة صفحة حدّد الهدف منها في المقدّمة بقوله “لدعم المطالبة بالحريات والديمقراطيّة وحقوق الانسان للجميع على نحو ما دعا إليه عبد المجيد الشرفي في عديد الدراسات. راجع على سبيل المثال الاسلام والحداثة وكذلك لبنات”(10). هكذا ينصرف البحث الجامعي من تطوير للمعرفة إلى شعارات سياسيّة تستهدف التجنيد.علما بأن المواقف السياسية التي أشاد بها الشرفي في الكتابين المشار إليهما نوجزها الان على أن نفصل فيها القول مستقبلا في: – عداء كلّ أنواع ومظاهر السلطة. – استهداف دولة الاستقلال وتسفيه منجزاتها واعتبارها امتدادا لاستعمار نحن اليوم مطالبون بمقاومته أي تحقيق الاستقلال الثاني حسب مصطلح المنصف المرزوقي. – التسوية بين عنف المتطرفين ومقاومة الدولة له. – تحريض المواطنين على منع أجهزة الامن من مواجهة الجريمة المنظمة انتصارا للمتطرفين. – تبرير ممارسة العنف وخرق القانون باعتباره مشكلا من مشاكل التنمية. – اعتبار المتطرفين ضحايا لسياسات دولة الاستقلال. – عداء مقيت لحقوق الانسان كما نصّت عليها النصوص الدينيّة والمواثيق الدولية بالدعوة إلى العنف والتخريب وإشاعة الكراهية بين أبناء الوطن الواحد والامة الواحدة. ت) إرشاد المتطرفين إلى المواقع السياسية والمعرفية التي يمكن أن تمثل معضلة لدى النخب كمسألة الردّة حيث نشرت آمال القرامي كتابا أعدّته تحت إشراف الشرفي عنوانه: ” قضيّة الردّة في الفكر الاسلاميّ الحديث ” نشر في المغرب تحت عنوان: “حريّة المعتقد في الاسلام؟” وقد تناولت فيه المسألة من منظور سياسي استهدف دعوة المتطرّفين إلى اتهام الدّولة بالارتداد مع تقديم ما توهّمت أنها حجج، من ذلك أنها جمعت أهمّ منجزات الاستقلال في لائحة اتّهمت فيها الزعيم بورقيبة بالكفر لانه: “بادر منذ تولّيه الحكم بتصفية الاحباس التي كانت بيد رجال الشرع وألغى المحاكم الشرعيّة ووظائف مجلس الشرع واستغنى عن المؤسسة الزيتونية وتجرّأ على مخالفة النصّ الصريح فمنذ 4 مارس 1958 سنّ المشرّع التونسيّ قانون التبنّي معارضا بذلك الحكم الوارد في (سورة الاحزاب) ثم عمد المشرّع إلى منع تعدّد الزوجات وسلّط عقوبة جزائيّة على كلّ من يتزوّج بأكثر من واحدة، وهكذا عدّ هذا الاجراء تحريما لما أحلّ الله”(11). وفي صفحة أخرى تستهدف هذه المرأة الفصل الاوّل من الدستور فتحت إشراف أستاذها وفي رحاب الجامعة التونسيّة تكتب “ولا شكّ أن القول دين الدولة الاسلام هو بمثابة شعار تبنته النخبة الحاكمة لتكسب التأييد الشعبي”(12) وهو قول يحمل تشكيكا في الدستور ويدعو بطرف خفي إلى ما تدعو إليه الجماعات المتطرفة من إقامة للدولة الدينية لان ما هو حاصل الان من رعاية الدولة للدين حسب قولها ليس إلاّ محاولة ” لكسب التأييد الشعبي”. وفي صفحة أخرى تقول هذه المرأة ” وهكذا تصبح مسألة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر لا وسيلة للمحافظة على الدين فحسب بل لتحقيق المعارضة والوقوف أمام السلطة المستبدّة”(13) هكذا يتجاوز ما سمّي قسم الحضارة الاسلاميّة بآداب منوبة حدوده المعرفيّة ليصبح محلا لممارسة العمل السياسي ونشر البيانات المعارضة للدولة والمحرّضة عليها تحت لبوس العلم، فبأموالها وفي ثنايا مؤسساتها تتمّ الدعوة إلى نقضها ومحاربتها ليصبح بذلك الامر بالمعروف والنهي عن المنكر الذي هو من أخص خصائصها مشاعا بين الناس تعميما للفوضى وخرقا للقانون. 7) في معرض دفاعه عن نفسه ذهب الشرفي إلى القول: “في الاسلام ثلاثة مستويات يتعيّن عدم الخلط بينها الاول هو مستوى النصّ التأسيسي…. والثاني مستوى تأويلات هذا النصّ وتطبيقاته التاريخية أمّا الثالث فمستوى الايمان الشخصي….”(14). في تقديرنا ان هذا التقسيم مدرسي قد يكون مفيدا لتقريب المفاهيم من المبتدئين ذلك أن المستويات الثلاثة التي ذكرها الشرفي متداخلة ولا يمكن فصل الواحد منها عن الاخر. فالمؤمن الذي هو في المستوى الثالث إن تناول نصا من المستوى الاوّل بالشرح والتحليل سوف لن يكون تناوله شبيها بتناول غير المؤمن هذا فضلا عن أن المستوى الثاني الذي اعتقد الشرفي أنه محلّ التأويل ليس كذلك لان النصّ القرآني فيه ما هو قطعي الدلالة أي الذي لا تحمل ألفاظه إلاّ معنى واحدًا صريحًا وواضحًا لا يحتمل غيره كقوله تعالى: “للذكر مثل حظ الانثيين ” أو قوله تعالى: ” كتب عليكم الصيام…”. ولانّ الشرفي يصرّح في ردّه بعدم إيمانه بما هو قطعي الدلالة في القرآن فإنّه يعمّم بالحديث عن المستوى الثاني دون تفصيل حتى يتمكّن فيما بعد من إدخال المسائل في بعضها البعض كما فعل مع الصوم. لم يكن ردّ الشرفي على الاستاذ الطالبي إلا محاولة منه للتملص والتفصّي مما جاش في نفسه وخطّ قلمه، فاختفى وراء زملائه والاطروحات التي أشرف عليها والدروس التي ألقاها علّها تنقذه من الورطة التي أوقع نفسه فيها. ولم يفلح تلامذته في دفاعهم عنه فادعاؤهم أن الطالبي كفّر الشرفي مع النفخ في المسألة حتى تأخذ حجمًا أكبــر من حجمــها لا يستند إلى شيء لان الطالبي لم يصرّح بتكفير تلميذه بل اتهمه وهو صادق في ذلك- بتهم تتراوح بين التدليس والكذب ذاكرا حججه على ذلك، فالتلامذة الذين انحرفوا بالقضية إلى التكفير غاب عنهم أننا في تونس حيث لا تحمل هذه الكلمة أية تبعات لا على المستوى الشخصي ولا على المستوى الوظيفي، فخانة الديانة ملغاة تمامًا في الوثائق الرسميّة عكس ما هو الحال في مصر حيث يجرّ الحكم بالردّة أو الكفر إلى التطليق والطرد من الوظيف وغير ذلك. وقد حاولت ” حركة النهضة ” في فترة ما تكفير وزير التربية الاسبق إلاّ أنّها فشلت في إثارة الرأي العام، ولانّها لا تعرف طبيعة شعبها ولا تاريخه فقد سقط اتهامها ووبّختها النخبة على سوء صنيعها الذي تجاوز حدود ما يسمح به الخلاف، لم يكن هذا المعنى غائبًا فيما كتب الطالبي لذا نجده في صفحات عديدة يؤكّد انّه لا يكفّر ولا يصف تلميذه بالردّة. الدجل المقنع ذهب الطالبي في كتابه “ليطمئن قلبي” في الجزء الذي خصّصه للحديث عن المنسلخين عن الاسلام إلى القول بأن هؤلاء وعلى رأسهم الشرفي استهدفوا بما كتبوا نزع القدسيّة عن القرآن وهم بذلك يهدمون الدين تحت غطاء البحث العلمي، وهو يدعوه إلى إعلان موقفه بصراحة حتى لا يلتبس الامر على المؤمنين العاديين فيحملون كلامه على محمل الاجتهاد، فدراسة الدين من طرف المؤمن به هي غيرها لدى المنسلخ عنه، تلك هي الفكرة الاساسيّة التي أفاض الاستاذ الطالبي في شرحها بكثير من التواضع والصدق. وفي تقديرنا أن الطالبي مصيب فيما ذهب إليه ذلك أنّ الهدف الذي يعمل الشرفي على بلوغه فيما سوّد هو وتلامذته تحت إشرافه ذكره في كتابه “الاسلام بين الرسالة والتاريخ” هو “ردّ الناس عمّا اعتقدوا… وفطامهم عن المألوف”(15) من خلال القدح في المقدّسات والتشكيك في الثوابت والانحراف بالمصطلحات عن معانيها والاستناد إلى الاسرائيليات والاستشهاد بالمرويّات الضعيفة والخلط بين الصحابة قبل إيمانهم وبعده، وهو ما سنبيّنه فيما يلي: I ـ الصّلاة بعد أن شكّك الشرفي في الاخبار المروية عن تحديد عدد الصلوات عقب: “المساومة الشهيرة بين الله والرّسول”(16) يقول: “والمهمّ أن النبيّ كان يؤدّي صلاته على نحو معيّن فكان المسلمون يقتدون به إلاّ أن ذلك لا يعني أن المسلمين مضطرّون في كلّ الاماكن والازمنة والظروف للالتزام بذلك النحو على فرض أنه كان فعلا موحّدًا ولم يطرأ عليه أي تغيير أثناء فترة الدعوة”.(17) الامر الذي يعني أن المسلم يجوز له أن يصلّي بالطريقة التي يراها حتى وإن كانت مخالفة لما جاء به الشرع. وهو بهذا القول يهدم السنّة الركن الثاني من أركان التشريع التي من خلالها عرف المسلم كيفية أداء الصلاة، والوضوء والحجّ… وغير ذلك، فالكثير من الاحكــام الواردة في القرآن الكريم لا تفهم على وجهها الصحيح إلاّ بالعودة إلى السنّة لانّها تقيّد مطلقه وتخصّص عامه وتبيّـــن مجمله لذا عدّها الاصوليّين في الحجيّة تالية للقرآن. ثمّ يضيف الشرفي في حديثه عن أداء الصلاة أنها: ” تبقى الصيغة المثلى لصنفين من المسلمين من يعتقد بوجوبها على نحو ما رسّخته السنّة الثقافيّة ومن تسمح له ظروفه بأدائها بالطريقة المعهودة إلاّ أن أصنافا أخرى من الناس ممّن أعرضوا عن الصّلاة أو يعيشون تمزّقا بين الواقع والمنشود ألا يحقّ لها أن تكون وفيّة لما يأمرها به دينها من دون الالتزام بما قرّره السلف في هذا الشأن بكلّ تفاصيله”(18). أن ينكر الانسان وجوب الصلاة ويمتنع عن أدائها فذلك شأنه أمّا أن يصل الامر إلى حدود الدعوة لعدم الالتزام بأدائها والتحريض على عصيان “السلف” والمقصود الرسول (صلّى الله عليه وسلّم) لانه هو الذي علّم المسلمين كيفية أداء الصلاة فذلك ما لا يمكن أن يمرّ دون التنبيه إلى خطورته وتجاوزه حدود المسموح به علميّا وأخلاقيّا، وبعد هذا لماذا يغضب الشرفي إن قال عنه الطالبي: “إن كل من يرفض أن يوجّه وجهه نحو القبلة ليس من أمّتنا وليس له أن يملي علينا كيف نضطلع بالحداثة…”(19). II ـ الحجّ خصّ الشرفي عبادة الحجّ بفقرة واحدة دعا فيها إلى الامتناع عن أداء واجب من واجباته قال متسائلا بخبث: “هل ينبغي أن يتبرّم المسلم المعاصر بالرجم ويقوم به رغم ذلك؟ ألا يحق له في هذا الحال أن يغلّب الصدق مع النفس على مجاراة ما ليس مقتنعا به تمام الاقتناع”(20) ومعلوم لدى العام والخاص أن رمي الجمرات بصرف النظر عما يمكن أن يثار حول دلالاته هو واجب من الواجبات يطلب من المؤمن فعله ويحرم عليه تركه، إذ ليس أمام الحاج إلاّ القيام به والالتزام بذلك وفق ما حدّد الشارع، أما أن يتدخّل الشرفي ليحدّد للمؤمن كيفية أدائه فريضة الحجّ وفق أهوائه هو فذلك تجاوز منه وافتراء على غيره، قال الطالبي في وصفه: “فهو حرّ في كيفيّة العبادة وكذلك من يتبعه أو أتبعه الشيطان بشرط أن لا يموّه وأن لا يقدم ذلك إسلاما أو لونا من ألوان الاسلام ونعيد أنه لو صرّح الشرفي ولم يتقنّع بقناع الاسلام ما كنّا لنعيب عليه شيئا، وما كنّا لنعرض لكتابه ولاهملناه”(21). III ـ صوم رمضان أما بالنسبة للصوم فإن الشرفي يأتي بالعجب العجاب، إذ نشر صفحات في كتابه لبنات تناول فيها آيات الصوم من سورة البقرة، حيث خلّط فيها تخليطا لا مزيد عليه، فمن الانحراف بالالفاظ عن معانيها إلى الاستشهاد بالمرويّات الضعيفة وإدخال المسائل بعضها في البعض إلى خرق ما أجمعت عليه الامّة طيلة أربعة عشر قرنا، ليقول في نهاية الامر: “على هذا الاساس يمكننا اقتراح رؤية جديدة لفرض الصوم تقوم على التخيير بين الصوم والافطار مع الاطعام”(22) فسبحان الله ولا حول ولا قوّة إلاّ به. IV ـ الاجماع هو الدليل الثالث من الادلّة الشرعيّة التي بحثها الاصوليون وصنّفوا فيها العديد من الدراسات وخلصوا فيها إلى تعريفه كالتالي: “هو اتفاق جميع المجتهدين المسلمين في عصر من العصور بعد وفاة الرسول صلّى الله عليه وسلّم على حكم شرعي في واقعة”(23) والمستفاد من هذا التعريف أن الشرط الاوّل لتحققه هو إجماع المجتهدين وهم أهل الحل والعقد الذين امتلكوا الادوات اللازمة لتحديد الحكم الشرعي في واقعة ما بحيث يخرج من هذا التعريف من لم يكن مجتهدًا كالعوام وغير المختصّين فلا عبرة بموافقة أو مخالفة غير أهل الاختصاص. أمّا الشرط الثاني فإنّه ينصّ على أنّ موضوع الاجتهاد يجب أن يكون متعلّقا بالدين وأحكامه وذلك احترازا من تعميمه وسحبه على غيره من المسائل والمصالح الدنيويّة كإقامة السدود وبناء المتاجر وقلع الاشجار وغير ذلك. وكلّ إجماع لا يتوفّر فيه الشرطان المذكوران لا يعدّ إجماعا شرعيّا أو اصطلاحيا ذاك ما قرر الاصوليّون. ولانّ الشرفيّ يستهدف إبطال الاجماع من أساسه كدليل شرعي فإنّه انحرف به إلى معناه اللّغوي الواسع لتضيع بذلك المحددات والضوابط العلميّة ويصبح الاجماع شبيها بخرج الاعمى وهو ما سنوضحه فيما يلي: قال الشرفي: “وبدونه (الاجماع) يعسر الاقتناع بوجاهة العقائد والطقوس والسلوكات الموحّدة التي يعمل رجال الدين جاهدين على فرضها على المجموعة المؤمنة”(24). ولنا على هذا الكلام اعتراضات نجملها في: – أن الاجماع لا يعتد به في مسائل العقيدة والواجبات والاحكام التي لا تثبت إلاّ بالنصّ كتوحيد الله وتصديق النبيّ ووجوب الصوم وأنصبة الورثاء… – إنّ القول: “بوجاهة العقائد والطقوس…” كلام يحمل قدرًا كبيرا من التلبيس فالعقائد إما أن يؤمن بها المرء أو يكفر وما الدعوة إلى البحث لها عن “وجاهة” إلا دعوة مبطنة لاعادة النظر فيها، فلا يسمّى الانسان مسلمًا إلاّ بعد اقتناعه بالعقائد والاركان والمسلمات التي يقوم عليها البناء الديني أمّا أن يفتش عن وجاهة العقائد فذلك فعل سابق للايمان وإن جاء تاليا فهو خروج من الدين وكفر صريح به. – القول بأن الاجماع وسيلة للاكراه والفرض، خاطئ من أساسه لان الاسلام انتشر عن طريق الدعوة ولم يحدث طيلة تاريخه أن أجبرت مجموعة على الايمان به، ولنا في بقاء الكثير من المجموعات الدينية المختلفة حيّة في ديار الاسلام كالمسيحيين واليهود والصابئة والمجوس… الدليل على صحة ما نقول. يقول الشرفي عن الاجماع بأنّه: “وجه مفضوح من وجوه الاقصاء لاوسع الفئات الاجتماعية”(25). يحمل مفهوم الاجماع في ثناياه روح الاختلاف والحوار والنقاش ولا يحمل أي معنى من معاني الاقصاء هذا من ناحية ومن ناحية أخرى لا يعتدّ بإجماع غير المختصّين في فن من الفنون، فإجماع المهندسين ليس حجّة على الاطباء، وإجماع النحاة لا عبرة به لدى القانونيين، إذ لكلّ فنّ أربابه وقول غير المختصّ في فنّ هو في حكم قول العوام. وبيّن أن المقصود من “طرد أوسع الفئات الاجتماعيّة” هو طرد الاجماع ذاته من البناء الفكري الاسلاميّ باعتباره الدليل الشرعي الثالث بعد القرآن والسنّة. يقول الشرفي بأن الاجماع “يمكن أن يحمل طاقة التجديد وملاءمة الاوضاع المستجدّة إذا كان مبنيا على أسس ديمقراطيّة ومتعلّقا باتجاهات الاغلبيّة في شؤون الحياة العاديّة من مأكل وملبس ومعاملات اقتصاديّة وأخلاق”(26). في محاولة أخرى منه لنقض الاجماع وتخريبه كأداة معرفيّة شرعيّة وتحت ستار التجديد يسند إليه الدور الذي تقوم به الاحزاب السياسيّة ذلك أن الديمقراطّية لا علاقة لها بالعلوم والمعارف التي تقوم على البحث والمقارنة والموازنة والمقايسة ولا تقوم على الديمقراطيّة. لو حملنا هذا الكلام على محمل الجدّ لاصبح في مقدورنا القول بأن الفاعل ينصب لوجود إجماع ديمقراطي على ذلك أو أن الخطوط المتوازية تتقاطع عندما يجمع ديمقراطيّا على ذلك. ألم يجمع الناس قديما على أنّ الارض مركز الكون ولكن خرج عن إجماعهم كوبرنيك وهو الذي قدّمه الشرفي بأنّه أحد الذين “قاموا بالثورات الاربع الكبرى التي عرفتها البشريّة”(27) رغم أنّه ألغى إجماعا: “يحمل طاقة التجديد”(28). وقد وصل أمر الالحاح على ” الديمقراطيّة ” بالشرفي إلى الاتيان بالعجب العجاب حتى أنّه ذهب إلى القول بأن المتصوّفة لم تتطور زواياهم حيث يقرأون الاوراد ويرتلون القرآن إلى أشكال أرقى لغياب الديمقراطيّة، قال أستاذ الحضارة الاسلاميّة بمنوبة: “وقد آل هذا التنظيم إلى ما كان منتظرا لا محالة من كلّ تنظيم يفتقر إلى قواعد التسيير الديمقراطي أن تكلـس وتحوّل التصــوّف فيه تــدريجيّا… إلى طرقيّة…”(29). ترى ما علاقة الديمقراطيّة بالصوفيّة ؟ ومنذ متى كان للانتخابات وصناديقها وفرز الاصوات مدخل في الحياة الروحيّة ؟ وكيف يا ترى أدّى غياب الديمقراطيّة إلى ظهور الطرقيّة؟ نسأل الله السلامة وحسن الختام. قولنا لا تهمّنا عقيدة الشرفي ولا إيمانه في شيء فذاك شأنه الخاص يتصرّف فيه وفق ما يرى أمّا أن ينتقل إلى الترويج لمذهبه والدعاية لمعتقده باستغلال المواقع الاداريّة وصفته العلميّة فلنا قول لانّ الفصل الاوّل من الدستور ينصّ على أن دين الدولة الاسلام. الامر الذي يعني منع استغلال مؤسسات الدولة وأموالها في كلّ ما من شأنه أن يقوّض الاسس التي يقوم عليها البناء الاجتماعي ومن بينها الاسلام، فالاندساس في ثنايا المؤسسات الرسمية تحت ستار العلم والحداثة وتخريبها من الداخل ليس إلاّ خرقا للدستور الذي هو القانون الاساسي للدولة، ولنا فيما نشر الشرفي وتلامذته وفيما صنع أدلّة تنزع القناع الذي تستّر به ونكتفي في هذا المقال بما هو ديني مغفلين ما هو سياسي إلى حين. المدرسة مؤسسة من مؤسّسات الدولة يمنع أن يتمّ الانحراف بها لغير ما وجدت له أصلا أي تكوين الناشئة علميّا ووطنيّا وذلك بأن توضع البرامج التعليميّة وتصاغ في هذا الاتجاه. إلاّ أن ما حدث خصوصا في مادّة التربية الاسلاميّة منذ بداية الاصلاح أدّى إلى إقرار برامج وكتب مدرسيّة مناهضة لسياسة الدّولة ومخالفة لخياراتها المجتمعيّة، ففي كتاب التفكير الاسلامي للسنة الرّابعة من التعليم الثانوي أي الباكالوريا نجد نصّين للشرفي أخذا من كتابه الاسلام والحداثة أحدهما في ص79 تحدث فيه عن المرأة واللافت للنظر أن الشرفي في كتابه اتخذ من الحديث عن كتيّب لشكري لطيّف ذكره في أسطر معدودات تعلّة لعرض آراء الغنّــوشي ومواقفه الواردة في مؤلّفه عن المرأة. هكذا يصبح نصّ الشرفي الذي يدرّس في المدرسة مدخّلا للاطلاع على آراء الغنوشي وجماعته، ومن الجدير بالملاحظة أن كتاب الشرفي المشار إليه أدرج ضمن الكتب المنصوح بمطالعتها ويطالب التلميذ بالعودة إليه رغم خطورته الشديدة على الناشئة لان الشرفي عرض فيه آراء عتاة المتطرّفين كحسن البنّا وعبد القادر عودة ويوسف القرضاوي وحسن الترابي وسيّد قطب الذي خصّص له ثماني صفحات كاملة عرض له فيها تفسيره في حين لم يخصّص للشيخ الطاهرابن عاشور سوى أسطر معدودات هوّن فيها من شأنه ومن شأن تفسيره أوردناها أعلاه. هل يصحّ أن يساهم في تأليف كتاب مدرسي من لا يحمل احترامــًا لنبي الاسلام بتجرّئه عليه، فقد ساهمت نائلة السليني في تأليف كتاب التربية الاسلاميّة للسنة الرّابعة من التعليم الاساسي وهي التي قال عنها الطالبي أنّها في ترجمتها للرسول (صلّى الله عليه وسلّم) التي أعدت تحت إشراف الشرفي لم تعتمد إلاّ كتاب رودنسون الذي يصف الرّسول (صلّى الله عليه وسلّم): “بأنّه كان رجلا بدويّا مصابـــًا بالجنون الديني لا يتحاشى في دعوته الاغتيال والنهب وأن قرآنه صنعه فيما يعتريه من حالات عصبيّة شاذة صراعيّة حسبها وحيا. إن اختيار الاستاذة السليني مؤلّف رودنسون من بين العشرات من المصنفات في الموضوع يستحيل أن يكون عفويا من طرف باحثة متمرّسة في مستواها العلمي وخبرتها، إن اختيارها لهذا الكتاب دون غيره يعني يقـينا أنـها تشــاطر صاحبه في تصــوّره لمن يطلـق عـليه اسم (مهومات)”(30). فكيف يمكن أن نأتمن الشرفي وتلامذته على عقيدة أبنائنا وولائهم لوطنهم وهم على ما هم عليه من تشكيك في المقدّسات ونقض للثوابت؟ ـــــــــــــــــــــــــــــــــ الهوامش: (*) سورة الرعد الاية 33 1) نشر سكربيوس تونس 2002 2) مجلّةRéalités في 24 أفريل 2008 ص51 3) المسلم في التاريخ، منشورات كليّة الاداب منوبة تونس في 1998 4) مقال”الفرائض ومنزلة الانسان الوجوديّة ” موجود في الانترنت ونشر في جريدة القدس إلاّ أننا لم نعثر لا على العدد ولا على تاريخه. 5) جريدة “الموقف” في 29 جوان 2007 ص9 مقال بعنوان “الحضارة في الجامعة التونسيّة علم بلا موضوع”. 6) نشر تبر الزمان سنة 2001. 7) الاسلام بين الرسالة والتاريخ ص45. 8) الاسلام والحداثة، الدار التونسيّة للنشر 1990 ص85 9) الفكر الاسلامي في تونس ص537 10) المصدر السابق ص17 11) نشر الفنك المغرب 1997 ص57، 58 12) المصدر السابق ص102 13) المصدر السابق ص117 14) جريدة الصباح في 23 مارس 2008 15) الاسلام بين ـ,ص 11 16) ص61 17) ص62 18) ص63 19) ليطمئن قلبي ص33 20) الاسلام بين ص65 21) ليطمئن قلبي ص75 22) لبنات ص181 23) علم أصول الفقه، الشيخ عبد الوهاب خلاف، دار القلم الكويت 1972 ط 10 ص45 24) الاسلام بين ص164 25) ” ” ص165 (المصدر: جريدة “الصباح” (يومية – تونس) الصادرة يوم 11 ماي 2008)
بقلم د. هادي حسن حمودي (*) «وللناس فيما يعشقون مذاهبُ» (حكمة من الشعر) لكن يبدو أنّه مهما تعددت مذاهب الناس في عشقهم وتحولاتهم العاطفية، فإنّهم في بعض قضاياهم لهم مذهب واحد. ونعنِي بذلك موقفهم من الاديان، إذ يبدو لنا أنّ موقفهم ذاك طريق ذو ممرّ واحد، حتى لو كان متعاكسا. فالذين يعلنون حبّهم لدين من الاديان، صدقا أم كذبا، والذين يعلنون كراهيتهم للاديان، صدقا لا كذب فيه لانهم لا يحتاجون إلى الكذب في إعلان كراهيتهم.. يتعاملون بالنمط الفكري نفسه مع الاديان. كل الناس يصفون الممارسات البشرية باعتبارها دينية، فتقرأ: الفكر اليهودي والفكر المسيحي والفكر الاسلامي.. وكل هذه التوصيفات مغلوطة ولا أساس لها من الصحة. وإذا كان المصطلحان الاولان ليسا شائعين فإن مصطلح التوصيف بالاسلامي والاسلامية شائع جدا جدا في ثقافتنا. فأنت تقرأ الفكر الاسلامي، والثقافة الاسلامية، والمذاهب الاسلامية، والفلسفة الاسلامية، والامة الاسلامية، والحضارة الاسلامية، وحزب «كذا» الاسلامي ومنظمة «كيت» الاسلامية.. وعلى الجانب الاخر من الطريق ذاته تصفعك مصطلحات الارهاب الاسلامي، والتخلف الاسلامي.. وهكذا.. وكل هذه التوصيفات مغلوطة ولا أساس لها من الصحة أيضا. ذلك لانّ من الخلل المنهجي والعلمي أن توصف الممارسات البشرية، مهما كانت، بأنها ممارسات «اسلامية» حتى لو كانت منطلقة من القرآن الكريم، إذ كثيرا ما يكون ذلك الانطلاق مؤسَّسا على رؤية فردية أو شخصية أو مبنية على رؤى وتصورات مُسبقة غير دقيقة، سواء كانت موروثة أم مكتسبة من البيئة بحيث يصعب علينا أن نتقبل وصفها بـ«الاسلامية». ذلك، أننا إذا ارتضينا، مثلا، توصيف الحضارة القديمة التي شهدتها ديار المسلمين في القرون الاربعة الاولى من ظهور الاسلام بأنها حضارة «إسلامية» فإن علينا أن نتقبل فكرة أنّ جميع النواقص والشوائب والسلبيات التي رافقتها هي نواقص وشوائب وسلبيات «إسلامية» كما علينا أن نتقبل وصف التخلف الذي أعقبها بأنّه تخلّف «إسلامي»! وهو ما سمح اليوم بوصف ممارسات معينة بأنها «الارهاب الاسلامي» أو «التطرف الاسلامي»! ويعلم الجميع أن الاسلام بريء من تلك الممارسات كما انه بريء من النواقص والشوائب والسلبيات الموروثة عن الازمنة القديمة. وبناء على هذا نعتقد بضرورة تصحيح المفاهيم السائدة وأولها مصطلح «الاسلامية». فلقد صار من اليسير على الناس أن يصفوا هيئة ما بأنها هيئة «إسلامية» أو حزبا ما بأنّه حزب «إسلامي» وجمعية ما بأنها جمعية «إسلامية» وهكذا.. وليس في هذه التسميات ضير إن توفر فيها شرطان: أمّا الاول فأن تتلاءم تماما مع القرآن الكريم وسنّة النبيّ وسيرته وأحاديثه الموثوقة التي لا تقبل جدلا. ومن غير تأويلات تأخذ النص إلى مجاهل النفس البشرية بغرائزها وأطماعها ومكوناتها الذاتية وقيمها التي تربت عليها. أما الثاني: فأنْ تؤخذ تلك التسميات باعتبارها مصطلحات فقط، حيث أن المصطلح يُمكن أن يُقبل على علاّته من غير أن يتحمّل الاسلام أخطاء تلك الهيئات أو الاحزاب أو الجماعات. فإذا لم يتوفّر هذان الشرطان فمن العسير – أو من المستحيل – أن نقبل تلك التوصيفات لاننا إن فعلنا ذلك جمعنا متناقضات شتى تحت هذا المصطلح. فلننظر، على سبيل المثال الدّالّ على غيره، إلى الحضارة التي شيّدها المسلمون، ألم تكن فيها ممارسات لا إسلامية ولا إنسانية أيضا؟ ألم تقع الفتن والحروب والمجازر بين المسلمين أنفسهم؟ ألم تشهد ديار المسلمين من صور الفقر والظلم والجهل وسائر الامراض الاجتماعية صورا جمة حتى فيما يسمّى بالعصور الذهبية للاسلام؟ فهل تأتّى ذلك من الاسلام؟ أم من تمثلات البشر وسلوكياتهم؟ مثال واحد فقط! ثم لننظر إلى توصيف الفلسفة بـ«الاسلامية» حين نريد بها ما كتبه الفلاسفة المسلمون قديما وحديثا، ألا نرى أنّها مجموعة متناقضات جُمعت قسرا تحت هذا المصطلح؟! كيف يمكن أن تكون فكرة خلق القرآن، مثلا، وفكرة قِدَمه «إسلاميتين» في الوقت نفسه؟ كيف يمكن أن نجمع مقررات الغزالي وابن رشد والفارابي وابن سينا وابن طُفيل وصدر الدين الشيرازي وأمثالهم تحت شعار الفلسفة «الاسلامية» بكل ما بين تلك الافكار والرؤى من تناقضات لا اختلافات فحسب ولا اجتهادات متغيّرة فقط؟ وقل مثل هذا في المذاهب «الاسلامية» والطوائف «الاسلامية» والصراعات التي كانت تدور بين أتباع هذا المذهب وتلك الطائفة مِمّا تمتلئ كتب التاريخ به؟ بل كيف تربط بين الاسلام وما سُمّي بالطب «الاسلامي» ومعظمه مجموعة مرويات تدخل في باب الخرافات والاساطير؟ وكيف تربط بين الاسلام وفنون العمارة وأنماط الازياء للرجال والنساء، مثلا، وهي تختلف من بيئة إلى بيئة حيث تتحكم بها ظروف البيئة والذوق الاجتماعي لا آيات التنزيل العزيز؟! إنّها ليست أكثر من كونها مذاهب «المسلمين» وطوائف «المسلمين» وفلسفة «المسلمين» ولا يصح توظيف الاسلام لاضفاء طابع القدسية عليها. فالاسلام دين مقدس يمثله القرآن وتوضيحات السنّة النبويّة الشريفة لِما احتاج إلى توضيح كمناسك الحج وكيفية الصلاة والصيام وما إليها. ولا تنسحب هذه القداسة على مرتئيات الناس أيّا كانوا. فهم بشر عاشوا في زمان معيّن ومكان معيّن وظروف معينة دفعتهم إلى تقريرات معينة لا يصحّ أخذها أخذ تقديس وتجمّد بل أخذ احترام وحوار وتجدّد. ولقد كان من الحسَن أن تُنسَب تلك المذاهب والطوائف والفلسفات إلى أول مبتدع لكل منها، كما هو شائع في توصيفها. علما أنّ الفقهاء الاوائل لم يؤسس أيّ منهم مذهبا وإنما وضع جملة أفكار ورؤى ومناهج تصورها أقرب إلى آيات التنزيل والاحاديث الشريفة، ثم خلف من بعدهم خلف تجمدوا على الجزئيات والتفاصيل وأعلنوها مذاهب متعددة وقع بين أتباعها من التنافر ما كان يؤدي إلى معارك وفتن واضطرابات. وأمامنا تاريخ الطبري وابن الاثير وابن خلدون كنماذج دالّة على ذلك. وكذا بشأن الفلسفة المسماة بالاسلامية ففي الوقت الذي تُطلق عليها تلك التسمية، نرى أن بعض الائمة والفقهاء قد كفروا من يأخذ بها ويقول بمقولاتها. لذا فإن العلم يقتضي منّا أن ننسب تلك الفلسفات للقائلين بها. فهذه فلسفة ابن رشد وتلك فلسفة ابن سينا وهكذا.. وهذه حضارة المسلمين أيام الامويين أو العباسيين وذلك هو تخلفهم بعد سقوط بغداد على يد المغول.. إلى آخر ميادين نشاطات الحياة. ونلاحظ أن القدماء أنفسهم لم يسمّوا الغزوات بالغزوات الاسلامية بل أطلقوا عليها أسماء القبائل والاماكن كغزوة بنِي المصطلق وغزوة ذات الرقاع وكذا كان موقفهم من الفتوحات اذ لم يصفوها بالفتوحات الاسلامية، بل سمّوها بأسماء المواضع والبلدان المفتوحة، مثل فتوحات الشام، وفتوحات العراق، وفتوحات أفريقيا وهكذا. وبناء على هذا لا نرى صحة توصيف شيء بالاسلامية، إلا ما كان فيه نص لا دخل للناس فيه مثل العبادات كالصلاة والصيام والحج وما إليها، حيث يمكن وصفها بالعبادات الاسلامية ومثل الاخلاق كالصدق والامانة والتعاون والتضامن وسائر القيم التي صرح بها القرآن الكريم، حيث يمكن أن توصف بالاخلاق الاسلامية، لانها ـ تلك وهذه – أحكامٌ لا دخل للبشر فيها، فإن كان ثمة تدخّل من توضيح أو بيان ففي أضيق الحدود التي لا تؤثر في جوهرها وحقيقتها وغاياتها. وهنا يجب أن نفهم معنى الاسلام، كي نضعه في مكانه اللائق به بعيدا عن اختلافاتنا واختلاقاتنا ونوازعنا النفسية، إذ لا أسهل من التجارة بالاديان حين تنغلق العقول على السائد والموروث، متجمدة على استيراد الزمان أو المكان. وحيث نعتقد أنّ الاسلام ليس كيانا جامدا، ولا صندوقا مُقْفَلا، فإنّ هذا الاعتقاد يقودنا إلى أنّه لا يرتضي للناس التقوقع في أصداف مغلقة مختبئة في أسافل المستنقعات والمياه الراكدة. ومن جهة أخرى، وعلى الصعيد الواقعي نرى تحميلا للتاريخ أكثر مِمّا يحتمل.. فإن من الافتاء على الواقع أن يُقال أن النبيّ قد أسس دولة وأقام حكومة، مثلا، بينما يؤكد التاريخ أنّه أراد بناء الشخصية السويّة وصولا إلى مجتمع «إنسانيّ» سعيد مبنِيّ على مكوّنات تلك الشخصية السويّة. وهذه هي غاية الاديان كافّة. أما بناء الدول وتشكيل الحكومات فمسائل مرهونة بالازمنة المختلفة والامكنة المتنوعة، وليس ثمة نصّ موثّق يجمّد تلك التشكيلات في صندوق مغلق لا تمرّ به نسمات التغيير والتطوير. الاسلام هو إسلام الوجه للّه. وكونه دينا محدّد المعالم في قرآنه وسُنّة نبيّه لا تزيل عنه تلك الصفة مطلقا بل تؤكّدها. ثم إن الاديان عموما، ومنها الاسلام مبنية على الايمان. ترى هل تساءلنا يوما عن معنَى الايمان باستثناء التعريف الموروث له من أنّه «اقتناع بالقلب وتصديق بالجوارح»؟ أو ما ذهب إليه بعضهم من أنّه اعتقاد بالقلب، فقط بحسب اختلاف الاقدمين؟ نحن نعتقد اعتقادا جازما أنّه من «الامان» يبدأ، وهو الامان الذي لا يتحقّق إلاّ بإسلام الوجه للّه، أيّا كان رأي المرء ودينه وعُصبته. وليس من العبث أنّ بين الامن والايمان صلة لفظية ومعنويّة، وأنّ بينهما وبين «الامّة» الجديرة بتوصيفها صلة لفظيّة ومعنويّة، مِمّا يتعارض تماما مع كل ما نقرأ ونرى ونسمع من تشدّد وغلو وقتل على الهويّة والانتماء، وتمزيق المجتمع، وفُرقة الكلمة، باسم الايمان واسم الاسلام وتحت عنوان إعلاء كلمة اللّه في الارض. ومن عجب أنّ الذين يرتكبون ذلك لا يتورّعون عن توصيف أنفسهم بالمؤمنين. ومن الاعجب والانكى أنْ يصدّقهم بعض الناس فيستنّون تلك السّنّة المناوئة لابسط القيم التي جاءت الاديان لتأكيدها. ونحن، هنا، لا نتحرّج في تقرير أنّ تلك الممارسات جميعها مضادّة للايمان ومعارضة لمعناه ومعنَى الاسلام في حدّ ذاته. كما إنّ جميع تنظيرات الاخذين بهذا النهج وشعاراتهم مجرّد مزاعم وأضاليل لا علاقة لها بالايمان ولا بأيّة قيمة حقيقية جاءت بها الاديان السماوية. إنّنا لا نشكّ، وخلافا للكثيرين، في أن التشدّد والغلوّ والقتل على الهوية جرائم لا تنطلق إلاّ من مصالح ذاتيّة مادية ضيّقة. ومن غير انتقاص من جهود المنصفين من الباحثين، نرى أن ثمة دراسات عديدة بدأت من الاخذ بفكرة الوسطية والتسامح ولكنها سرعان ما سقطت فيما حاولت الهروب منه. ففي الوقت الذي تزعم أن التشدّد والغلوّ والقتل على الهويّة جرائم لا علاقة لها بالاسلام، تناقض في الواقع السلوكي تلك المقولات مناقضة تامّة، وبخاصّة حين تعتبر الاسلام هيكلا يقف فيه كهنة وسدنة بين المرء وربه، فإذا بآرائهم هي القداسة والعصمة فلا يحقّ لايّ أحد أن يحاورها أو يناقشها. غير اننا نؤكد على ما نحن مؤمنون به أشد الايمان، ومقتنعون بصوابه أشدّ الاقتناع أنّ العلاقة بين المرء وربّه لا تمرّ عبر امرئ آخر. فقد أوصل النبيّ رسالة ربه للنّاس، فهم يتّبعونها، كلّ بحسب وعيه واجتهاده ورؤيته، مع احترامه لاختلاف الاخرين عنه ومعه. فالاسلام لا يعترف بفئة تقف بين المرء وربّه بل هناك رجال يتخصّصون بجوانبه المتعددة من تفسير قرآن وشرح حديث وما إليهما. فهم يمارسون وظيفة توعية الناس بشؤون دينهم كأية وظيفة اجتماعية وثقافية أخرى. ذلك أنّه لَمّا كان بعض الناس يحتاج لبيان الموقف في مسألة مِمّا يعرض له في حياته اليومية كتلك التي تتعلق بالصلاة والصيام والزكاة والحج وما إليها، فلا بد أن يتخصص فريق من النّاس بتلك المسائل ويقومون بدورهم الاجتماعي، وليس لهم أن يخوضوا مع الخائضين في ميادين لم يُخلقوا لها ولم تُخلق لهم، تماما كما يقوم الطبيب والمهندس والمدرس وغيرهم بأدوارهم الاجتماعية التي تأهّلوا لها. فإنه من غير المعقول أن يقوم الطبيب، مثلا، بهندسة المباني والعمارات أو تصنيع أجزاء آلات السيارات وأجهزة التلفاز والهاتف وغيرها. فان أراد القيام بذلك فعليه أن يخلع زيّ الطبيب ويتخصص في الهندسة التي يريد. وهكذا قل في سائر جوانب الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، فلكلّ جانبٍ أهلُه الميسّرون له والمتخصّصون به. فكيف نرتضي البحوثَ التي تصف نفسها بالعلمية والموضوعية وهي تبيح جعل فئة من الناس وكأنهم وكلاء اللّه على عباده، فإذا بهم يمارسون اختصاصات الاطباء والمهندسين والقضاة والمحامين والاقتصاديين والسياسيين في الوقت نفسه، ثم يضيفون على ما يمارسون صفةَ القداسة التي لا يجوز الخروج “عليها” بل لا يجيزون مجرد التفكير في الخروج “عنها” لانّها «إسلامية»! فإذا بهم الراجمون بالغيب والممسكون برحمة الله يمنعونها عن هذا ويمنحونها لذاك؟! ثم تأتي البحوث المشار إليها والتي تصف نفسها بأنّها بحوث «إسلامية مستنيرة» فتقف إلى جانب هذه الظاهرة الخطيرة. مع العلم أن نصوص الاديان جميعا ترفض توظيف رسالات السماء للمصالح الشخصية التي تؤدي، بلا شكّ ولا ريب، إلى التشدّد والغلوّ والقتل على الهوية ولمجرّد الهوى الشخصي، وذلك لان البحوث المشار إليها قد منحت تلك الفئة مكانة «مقدسة» ليست لها مِمّا لا بدّ أن يؤدي إلى نتائج كارثية سبق أن شهدناها عبر التاريخ ونشهدها في أيامنا هذه. إنّ شأن الدين، أيّ دين، هو شأن الايديولوجيا، أيّة إيديولوجيا، يمكن أن يتحول إلى إفيون مخدّر حين يصبح سلاحا بيد فئة من الغلاة المتشددين المنفّرين يوظفونه لمصالحهم الشخصية الضيقة ورؤاهم المتعصبة، فيجرّون الناس إلى الحروب والفتن والتعصّب الاعمى وزرع الفرقة بين الناس. أمّا إذا فُهم الدين حق الفهم كما أراده الخالق جل وعلا فيمكن أن يكون محفّزا للعطاء الحضاري بطلب العلم النافع وأداء العمل الصالح. تكوين الشخصية السوّيّة المؤدية لبناء مجتمع سوي واثق بنفسه وقدراته ودوره في صياغة حضارة «إنسانية» جديرة بصفتها بغض النظر عن أيّ توصيف آخر لها. —— (*) أستاذ جامعي عراقي – لندن (المصدر: جريدة “الصباح” (يومية – تونس) الصادرة يوم11 ماي 2008)
المرشد العام للإخوان المسلمين في تصريحات لا تنقصها الصراحة لا نفكر الآن في تأسيس حزب سياسي ونرفض توريث جمال مبارك
محيط – خاص القاهرة: أكد المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين في مصر محمد مهدي عاكف، إن تأسيس حزب سياسي لم يعد ضمن أولويات الجماعة الآن، مشيرا إلى أن مشروع برنامج الحزب ما زال قيد الإعداد. وقال عاكف لجريدة “الحياة” اللندنية: ” إذا كان الدور السياسي صعب الآن فهذا لن يؤخر العمل الدعوي الذي هو الأصل والبقية متفرعة منه، فإذا لم تستطع أن تربي رجالاً لن تستطيع أن تعمل بالسياسة، وإذا كانت السياسة في بلد ما من البلاد تحتاج إلى حزب ننشئ حزباً والدستور المصري ينص على أحقية أي شخص في إنشاء حزب”. وحول الجدل الحاد الذي أثاره برنامج الحزب عند الإعلان عنه داخل وخارج الجماعة خاصة فيما يتعلق بتولي القبطي أو المرأة رئاسة البلاد قال عاكف: ” لا نتحدث إلا برأي الفقهاء والبعض منهم رأى أنه يجوز أن تتولى المرأة رئاسة الجمهورية والبعض الآخر رفض، ونحن اخترنا الأمر الثاني ورددنا الاختلاف إلى الشعب، وبالنسبة للأقباط وتوليهم رئاسة الجمهورية أيضاً اختلف العلماء حوله فبعضهم أجازه والآخر رفضه، ونحن اخترنا الأمر الثاني ورددنا الاختلاف إلى الشعب, وهذا حقنا”. ونفى عاكف توقف مشروع تأسيس حزب سياسي للإخوان، مشيرا إلى الوقت ما زال مبكرا لرؤية البرنامج النهائي للحزب، مضيفا إن هناك أولويات، وقال “في الوقت الذي أعلنت فيه البرنامج كان له أولوية أما الآن فليس له الأولوية”. وقال عاكف: “إن الأولوية الآن لأشياء كثيرة، منها الحال الذي نعيش فيها، أليس الغلاء أولوية، تصدير البترول إلى الصهاينة أليس أولوية؟”. وحول تطلع الجماعة في الوقت الحاضر إلى المنافسة على رئاسة الدولة، قال عاكف: “عندما يكون لدي حزب نرى في ذلك الوقت هذا الأمر، فلكل وقت الظروف التي تحكمه، وأنا لست متعجلاً على رئاسة الجمهورية ورئاسة الوزراء وكل همنا الآن هو الوقوف في وجه العدوان العالمي على هذا الدين والمقاومة، موضحا إن جماعة الإخوان ليس عندها الرغبة في المنافسة على السلطة في مصر الآن، ولكن من الممكن أن يحدث ذلك في المستقبل”. جمال مبارك وحول تراجع الجماعة عن ترشيح جمال مبارك لرئاسة الجمهورية، قال عاكف: “إنه كان يرحب قبل تعديل المادة 76 من الدستور المصري بجمال مبارك ويؤكد على حقه في الترشح كمواطن عادي للانتخابات الرئاسية”. أضاف عاكف “ولكن بعد أن تم تعديل المادة 76 لتصبح تفصيلا عليه، لا يمكن أن يترشح إلا اذا ترك قصر ابيه وتعامل مع الشارع”. وكان عاكف أعتبر في تصريحات سابقة له نهاية الشهر الماضي ” ترشيح مبارك الابن مرفوضا، بعدما رأيت من سياسته السيئة كالمحاكم العسكرية والاعتقالات وسجن المعارضين وغلاء الأسعار, كل هذه القرارات صادرة عن لجنة السياسات بالحزب الوطني الديموقراطي الحاكم التي يرأسها جمال مبارك وأتوقع منه الأسوأ دائما”. يذكر أن المادة 76 من الدستور المصري قبل تعديلها كانت تنص على أن يتم اختيار رئيس الجمهورية بالاستفتاء وليس بالانتخاب وذلك بعد ترشيح مجلس الشعب “البرلمان” له بناء على اقتراح ثلث أعضائه شرط أن يفوز المرشح بتأييد أغلبية ثلثي الأعضاء على الأقل. وتنص المادة بعد تعديلها في فبراير عام 2005 على انتخابات رئيس الجمهورية عن طريق الاقتراع السري العام المباشر ولكن يلزم لقبول الترشيح أن يؤيد المتقدم للترشيح 250 عضوا على الأقل من الأعضاء المنتخبين لمجلسي الشعب والشورى والمجالس الشعبية المحلية بالمحافظات. وتقول قوى وأحزاب المعارضة بمصر وفي مقدمتها جماعة “الإخوان المسلمين” إن اشتراط حصول المرشح المستقل على تأييد 250 عضوا على الأقل من أعضاء مجلسي الشعب والشورى والمجالس الشعبية “شرط تعجيزي”, حيث إن الحزب الوطني الديموقراطي الحاكم بزعامة مبارك يهيمن على الغالبية العظمى من المقاعد في كل تلك المجالس. حماس والإخوان اجتياح الفلسطينيين للحدود المصرية وحول العلاقة بين جماعة الإخوان وحركة حماس الفلسطينية، قال عاكف: ” هم منا ونحن منهم، إنهم تربوا على مبادئ الإخوان وقلنا إن الإخوان أصحاب رسالة ومنهج مكتوب والملايين من العالم ينتمون إلى هذا المنهج وعليهم أن يخدموا الوطن الذي يعيشون فيه بحسب قوانين البلد وبمنهج الإخوان المسلمين، و حماس تربت على مبادئنا وقبلوها ويتعاملون مع الصهاينة بمبادئ الإخوان، وأعلنت في أكثر من مناسبة أن الصهاينة عبارة عن عصابات احتلت أراضي ليست أراضيها وهدمت بيوتاً وطردت أبناء البلد وقتلت شيوخاً ونساء وأطفالاً وهذه العصابات ليس لها منا إلا المقاومة وحماس تنفذ ذلك ونحن معهم قلباً وقالباً”. وحول موقف الإخوان لو فشلت التهدئة بين الفلسطينيين والإسرائيليين، قال عاكف: “حماس تجاوبت مع جهود مصر للتهدئة وأبدت استعدادها لتنفيذها ورئيس الحكومة الفلسطينية المقالة في غزة اسماعيل هنية قال إن الكرة الآن في ملعب المصريين، وأنا أقول ارفعوا الحصار عن غزة ومصر أول دولة مطالبة برفع الحصار، فإذا رفع الحصار لن يحتاج قطاع غزة إلى أي مساعدات سواء منا أو من غيرنا”. وبالنسبة لموقف الجماعة لو أقدمت الحركة على اجتياح الحدود المصرية مجددا، رفض عاكف تسميته بـ الاجتياح، مؤكدا إن هذه تسمية العلمانيين الذين يقولون بأن الغزيين سيحتلون مصر، والرئيس حسني مبارك قال إنه لن يسمح بتجويع أهالي غزة وأنا أوافقه الرأي. لكن هل يتم ذلك بتصدير الغاز إلى الصهاينة؟ أليس من الأجدى أن نرسله الى قطاع غزة المحاصر، أنا أطالب بفتح معبر رفح لأن أهالي غزة لا يحتاجون إلى المساعدة هم فقط يريدون فك الحصار”. المصدر شبكة الإخبار العربية “محيط ” ( الإمارات ) بتاريخ 11 ماي 2008)
أقصر حرب أهلية لبنانية.. مكاسب وخسائر
محمد مصطفى علوش
الجيش الرابح الأكبر في الأزمة الأخيرة سنة ونصف قد مضت على اعتصام المعارضة في وسط بيروت التجارية وكان الهدف حينها إسقاط حكومة فؤاد السنيورة، تطورت الأزمة بعدها وتعقدت وتداخل فيها المحلي بالإقليمي ثم الدولي، إلى أن بلغت الأزمة ذروتها مع دخول شهر أيار الجاري؛ فبادر الرئيس نبيه بري لدعوة جميع الأطراف إلى طاولة الحوار لإخراج الأزمة من عنق الزجاجة بعد أن تلاشت المراهنة على المجتمعين العربي والدولي في مساعدة اللبنانيين في إبصار النور الذي طال غيابه. حتى 5 أيار كانت الأمور تبشر بالخير، فوليد جنبلاط الزعيم الدرزي الأقوى في الأكثرية والمتهم من المعارضة بأنه رأس الحربة فيها والمحرك الفعلي لتوجهاتها كان قد رحب بمبادرة بري الحوارية، داعيا الزعيم السني “سعد الحريري” إلى تلقفها. لكن وفي لحظة غير مفهومة شكلت انعطافة خطيرة في سلوك وليد جنبلاط الذي حطم الأرقام القياسية في التلون والتقلب في المزاج ولا زال، حتى بات أشبه بلبنان الذي حقق بدوره الأرقام القياسية سواء لجهة تحطيمه رقم الحرب الأهلية الأطول في تاريخه الحديث التي استمرت زهاء 15 سنة، أو لجهة تسجيله يوم أمس رقم “الحرب الأهلية” الأقصر في التاريخ التي لم تستمر أكثر من 24 ساعة، على حد وصف رئيس تحرير جريدة الأنوار. وهذه الانعطافة جاءت مع قرارين للحكومة اللبنانية دفعا حزب الله إلى العصيان المدني، ثم مواجهة عسكرية مفتوحة مع الأكثرية في شوارع بيروت. وسواء كان حزب الله قد انقلب على الدولة منفذا فصولا جديدة من “مخططاته الخفية لاحتلال بيروت وتحويل لبنان إلى دولة تتبع ولاية الفقيه”، حسب ما تقول الأكثرية، أم أنه استبق ما كانت تخطط له الموالاة من “افتعال حرب مذهبية سنية شيعية في لبنان عبر خلق خطوط تماس في بيروت لا تلبس أن تصل إلى كامل لبنان للسيطرة على سلاح الحزب”، وفق رؤية الحزب في تحليل الصراع، فإنه -لا شك- أن ما حصل خلال الساعات القليلة الماضية أحدث واقعا جديدا لا يقدر أحد على تجاهله حيث كانت حصيلته رزمًا من المكاسب والخسائر لكل من هو معني بالملف اللبناني داخليا وخارجيا. وإذا كان الكاتب البريطاني روبرت فيسك قد اعتبر أن ما حصل في بيروت كان انتصارا لإيران ومن يسير في فلكها على الولايات المتحدة الأمريكية ومن هو متورط في مشروعها في المنطقة من خلال نسفه، فإن غيره من المراقبين يرون أنه كان للأطراف اللاعبة في لبنان محليا حصة الأسد من هذه المكاسب وتلك الخسائر. حصيلة الموالاة لو بدأنا بالموالاة فسنجد أن خسائرها تمثلت في عجزها عن مساندة الحكومة في مواجهتها مع حزب الله وقوى المعارضة، وخروجها ضعيفة متهالكة أمام تكاتف المعارضة وتصلبها، مكتفية ببيانات التنديد واستجداء الخارج، في حين عاشت -حسبما يتهمها خصومها- خدعة الدعم الخارجي والأساطيل الأمريكية التي كانت ترابض في البحر المتوسط قبل فترة بعد أن مارس معها ديفيد وولش نفس الدور الذي مارسته السفيرة الأمريكية جلاسبي في بغداد مع صدام حسين فدفعت ثمن خطأ عدم فهم المتغيرات الدولية والإقليمية. وإذا كانت جل مكاسب الموالاة ومن ورائها حكومة السنيورة هو استدراج حزب الله بتوريط سلاحه في الداخل، وإظهاره أمام الرأي العام اللبناني والعربي والإسلامي كـ”سلاح ميليشيات” ارتد على أهل بيروت التي احتضنته خلال العقود الماضية وضرورة الإسراع بمناقشة ملف سلاحه، فإنها خسرت هيبتها وظهرت هي نفسها مهزوزة متراجعة أمام صلابة حزب الله وإصراره على تراجع الحكومة عن القرارين اللذين اتخذتهما بحق شبكة اتصالاته الأرضية وبحق رئيس جهاز أمن المطار، ما عزز قدرة حزب الله وشعبيته تحديدًا داخل الطائفة الشيعية التي وجدت في ممارساته خلال الساعات الماضية دليلا إضافيا على صوابية موقفها الداعم له في خياراته السياسية والإستراتيجية. حزب الله وفق نظرية حزب الله فإن كل ما قام به كان مكسبًا صافيًا له ولحلفائه في المعارضة انسجاما مع الرؤية الافتراضية التي تقول إن قوى الموالاة كانت تعتزم -قبل أن يقدم حزب الله على استغلال المظاهرة العمالية لممارسته العصيان المدني- تصفية قوى المعارضة في بيروت ثم في الجبل والبقاع والشمال، عبر خطة موضوعة مسبقا بالتنسيق مع مخابرات إقليمية ودولية مفادها بناء صورة تقدّم للخارج ما يجري على أنه فتنة مذهبية وحرب أهلية، يتهمون المعارضة بإشعالها. وبناء عليه فقد جاءت خطوة الحزب الاستباقية لتضع في أولوياتها السياسية تثبيت ما يلي: 1- دفع الجيش اللبناني لتولي مسئولية فرض الأمن، بعد السيطرة على جميع مراكز الموالاة بمسلحيها وبأسلحتهم ومستودعاتها في جميع المناطق اللبنانية التي كانت تعد لافتعال حرب أهلية ذات طابع مذهبي. 2- جعل قيادات بيروت السنية في المعارضة وقيادات الجبل الدرزية في المعارضة المرجعية السياسية المعتمدة في التعامل مع الوضع الجديد في مناطقها بعد سيطرة الحزب. 3- إبراز خطاب سياسي عنوانه التوصل إلى تسوية توافقية للأزمة السياسية والدستورية في البلاد، واعتبار التطور الحاصل بإسقاط الانقلاب الأمريكي – الإسرائيلي تحريرا للعلاقات بين اللبنانيين من مشروع الوصاية الأمريكية، وتحميل القوى التي لا تتجاوب أو تتأخر في التجاوب مسئولية ما سوف يحدث من تطورات لاحقة بفعل تأخير المخرج الإنقاذي. على افتراض أن “انتفاضة 8 أيار” كما تسميها المعارضة لم تكن قد جاءت في إطار صفقة واسعة في المنطقة لحلحلة بعض الملفات الإقليمية العالقة، فإنه يمكن القول عندها إن ما وقع به حزب الله من انتفاضته هذه أنه أطلق العدّ العكسي لخسائره المتعددة والمتنوعة، والتي ستبدأ عاجلا أو آجلا بالظهور، ليس أقلها التشكيك بصحة مشروعه وإثارة القلاقل في العالمين العربي والإسلامي من مشروع فارسي شيعي يستهدف لبنان والمنطقة، وهذا قد يكون بداية نهاية حزب الله عربيا وإسلاميا. أضف لذلك أنّ سلاح حزب الله سيكون حديث أي حوار سياسي أو تسوية سياسية مقبلة في لبنان، لاسيما بعد أن تكرس في الوجدان اللبناني والعربي وجود وتكاثر السلاح في يد اللبنانيين جميعا من خلال المظاهر المسلحة للأحزاب اللبنانية في شوارع بيروت وصيدا وطرابلس وغيرها، وأنّ كل هذا السلاح استعمل في الداخل وقد يتكرر استعماله في أي لحظة وهذا يعني نزع صفة القدسية عن سلاح الحزب. ويعدد المراقبون أخطاء وقع بها حزب الله عن غير قصد لكن سيكون لها مفعول رجعي: رفع أنصاره صورا للرئيس السوري بشار الأسد مكان صور الرئيس الحريري أو نجله سعد بعد نزعها، الأمر الذي أحرج حلفاءه المسيحيين داخل شارعهم. ما قام به حزب الله كان حرب إلغاء، وهو نفس الخطأ الذي وقع به سابقوه؛ لأن أي حرب للإلغاء قادها أي فريق ضد فريق آخر لم تنجح طيلة فصول الحرب الأهلية في لبنان. الاعتداءات غير المبررة التي نالت المؤسسات الإعلامية التابعة للحريري والتي أظهرت مناصري الحزب وحلفاءه كجماعة من الغوغائيين. كل ذلك كفيل يوما بتحويل المقاومة في نظر اللبنانيين إلى مجموعة خارجة على القانون ومطاردة من القضاء والمؤسسات الأمنية. الجيش.. الرابح الأكبر لا شك أن الرابح الأكثر من هذه المعمعة هو الجيش الذي لم يكن له في إثارتها ناقة ولا جمل. لقد خرج الجيش اللبناني خلال الساعات القليلة الماضية بصورة المؤسسة الأكثر نضجا في نظر الشارع اللبناني الذي رأى في وجود الجيش وانتشاره ملاذا آمنا له ولمستقبله في هذا البلد. ورغم ما وجه للجيش من انتقادات لاذعة من قبل الرئيس السنيورة الذي طالب قيادته “بتحمل مسئولياته كاملة في حماية اللبنانيين وحفظ السلم الأهلي ودونما تردد أو تأخر وهو ما لم يتحقق حتى الآن”، أو من قبل سمير جعجع الذي تحفظ على الرد عن سؤال عما إذا كان العماد ميشيل سليمان ما زال مرشحا توافقيا بعد أن غمز من قناة الجيش بقوله: “كان يفترض على الجيش أن يوقف كل هذه الخروقات، بعضهم لا يمانع أن يطير البلد على أن لا ينقسم الجيش، علما بأن نظريتهم لانقسام الجيش غير صحيحة”، فإن الجيش خرج من هذه الأزمة أكثر تماسكا ونضجا وقبولا بين المتصارعين سواء عن طيب خاطر أم لا، والمرشح الأوحد لإدارة طاولة حوار تقرب المسافات بين الأكثرية والمعارضة. المتابع لأداء الجيش خلال الأزمة يدرك أنه كان ينتهج إستراتيجية تقوم على محاولة الفصل بين المتقاتلين مشكلا درعا بشريا لإشعار الفرقاء المتنازعين أنه يرغب بالإصلاح فيما بينهم من ناحية، ولإشعار الجندي نفسه بأنه يقوم بعمل مهم لشعبه ووطنه وطائفته وهو ما يعزز الحفاظ على سلامة الجنود الشخصية، وعدم تعريضهم لإطلاق نار المتنازعين، إضافة للحفاظ على سلامة المؤسسة العسكرية ووحدتها، كآخر مؤسسة رسمية موحّدة، وبهذا يكون الجيش قد استحق وبجدارة أن يكون الحضن الدافئ لجميع اللبنانيين لإدارة وحل خلافاتهم على طاولة حوار يرعاها بنفسه المصدر: موقع إسلام أونلاين نت (الدوحة – القاهرة) بتاريخ 11 ماي 2008)
عبد الباري عطوان كشفت أحداث الايام الاربعة الاخيرة حقيقة موازين القوي في لبنان، فعندما يجد قادة فريق الموالاة، مثل السيدين سعد الحريري ووليد جنبلاط، انفسهم محاصرين في مقراتهم، لا يستطيعون مغادرتها، ويستعينون بالجيش لتوفير الحماية لهم، فهذا يعني ان هناك قوة واحدة في البلاد، تملك اليد العليا، وتستطيع ان تفرض ارادتها. ولا نعتقد ان قادة فريق الموالاة لا يعرفون هذه الحقيقة، وأدق تفاصيل الاوضاع العسكرية علي الارض، مما يحتم علينا ان نطرح سؤالا محددا هو عن اسباب لجوئهم الي التصعيد فجأة، واتخاذ قرارات لا يستطيعون تطبيقها، مثل طرد العميد وفيق شقير مدير امن مطار بيروت، وازالة شبكة اتصالات حزب الله وكاميراته باعتبارها غير شرعية. الاجابة عن هذا السؤال، وتفرعاته، يمكن اختصارها في احد امرين، فإما ان تكون جماعة الموالاة علي درجة كبيرة من السذاجة، وهذا ما نستبعده، واما ان تكون جهات خارجية طلبت منهم التصعيد، واستفزاز حزب الله لجره الي حرب اهلية استنزافية داخلية، وهذا ما نرجحه. هناك اجماع في اوساط حلف المعتدلين العرب علي ضرورة تصفية المقاومة وسلاحها في لبنان، ويلتقي معه في هذا الهدف الطرفان الامريكي والاسرائيلي، ومن غير المستبعد ان يكون هؤلاء قد اوعزوا الي حلفائهم في لبنان، باعتبارهم يجسدون الشرعية الدستورية من وجهة نظرهم، للتحرك فورا، واستفزاز حزب الله لاجباره علي استخدام سلاحه وقواته في امور داخلية، حتي يقولوا ان هذا السلاح لم يكن في الاساس من اجل الاستخدام ضد اسرائيل وبهدف تحرير الاراضي اللبنانية المحتلة، وانما للسيطرة علي لبنان، وقلب المعادلة الدستورية. انهم يريدون تدويل لبنان، وايجاد ذريعة للولايات المتحدة واسرائيل وفرنسا، وربما بعض الدول العربية للتدخل عسكريا وارسال قوات، تحت ذريعة انقاذ الحكومة الشرعية التي يتزعمها السيد فؤاد السنيورة، فالبوارج الامريكية ما زالت ترابط في عرض البحر، قبالة السواحل اللبنانية، انتظارا لهذه الفرصة للتدخل الفوري. ولكنه تدخل، لو حدث، سيكون باهظ التكاليف. امريكا واسرائيل لا تستطيعان اعلان الحرب علي المقاومة في لبنان دون مبرر شرعي ، فالادارة الامريكية لا تستطيع اللجوء الي الاكاذيب مجددا بعد ان فقدت مصداقيتها، فالجبهة اللبنانية هادئة، وقوات الطوارئ الاممية تقوم بواجبها في مراقبة الحدود علي اكمل وجه، ولم تسجل اي تجاوز من قبل قوات المقاومة، بل علي العكس من ذلك تماما، سجلت العديد من التجاوزات الاسرائيلية التي تمثلت في الانتهاك المستمر للطائرات الحربية للاجواء اللبنانية. اجتماع وزراء الخارجية العرب الطارئ الذي يعقد اليوم بدعوة من مصر والمملكة العربية السعودية قطبي محور الاعتدال الذي اسسته السيدة كوندوليزا رايس وزيرة الخارجية الامريكية، هو الخطوة الاولي علي طريق تدويل الازمة اللبنانية، وتوفير الغطاء الشرعي العربي للتدخل العسكري الامريكي والاسرائيلي، كمقدمة لاشعال فتيل حرب اقليمية لجر ايران وسورية. فعندما يعلن متحدث رسمي مصري، ان بلاده لا يمكن ان تسمح لقوة تدعمها ايران بالسيطرة علي مقاليد الامور في لبنان ، فان هذا يعتبر اعلان حرب علي المقاومة في لبنان، ومؤشرا علي قرب التدخل عسكريا ضدها. فلماذا لم يقل هذا المتحدث الشيء نفسه عن الاحتلال الامريكي للعراق، والاسرائيلي لفلسطين؟ وكيف يسمح بحصار غزة، ومنع الوقود عنها، بل وبتزويد اسرائيل بالغاز باسعار مخفضة؟ لا بد من الاعتراف، ودون الاغراق في التنظير، بان هناك مشروعين اساسيين في المنطقة العربية، احدهما يعتمد خيار المقاومة وتتبناه سورية وايران وحزب الله وفصائل المقاومة الفلسطينية، وثانيهما يعتمد خيار الوقوف في المعسكر الامريكي ومخططاته في الهيمنة، وتكريس التفوق العسكري الاسرائيلي، ويضم دول محور الاعتدال العربي. خيار المقاومة، والتمسك به، هو الذي مكن حماس من السيطرة علي قطاع غزة، و حزب الله علي بيروت، لان المشروع الآخر، اي الوقوف في الخندق الامريكي، ثبت فشله عمليا، وانفضاض الشعوب العربية من حوله بالتالي. فانصار هذا المشروع الامريكي من العرب عجزوا بالكامل عن تفكيك مستوطنة واحدة، أو ازالة حاجز اسرائيلي من سبعمئة حاجز في الضفة الغربية، رغم الخدمات الكبيرة والمجانية التي قدموها لامريكا، سواء بالانخراط في الحرب ضد الارهاب، او المشاركة بفاعلية في دعم الغزو الامريكي للعراق، او ضرب الجماعات الاسلامية وحصارها. نعم حزب الله مدعوم من قبل ايران، وكذلك حركة حماس ، واذا كانت ايران سيطرت علي لبنان من خلال الاول، ووجدت موضع قدم في فلسطين من خلال الثانية، فهذا عائد الي العجز الرسمي العربي وتواطؤ الانظمة العربية مع المشروع الامريكي وعدم امتلاكها اي مشروع حقيقي لاستعادة الهيبة العربية المفقودة، ونصرة قضايا الأمة. فهناك مشروع ايراني، وآخر تركي، وثالث هندي ورابع صيني، ولا مشروع عربيا علي الاطلاق. الصراع في لبنان ليس صراعا سنيا ـ شيعيا مثلما يريد محور الاعتدال واعلامه تصويره، انه صراع بين مشروع مقاوم، وآخر مستسلم، بين من يقف في معسكر الحروب الامريكية ضد هذه الامة، ومن يقف في الخندق المقابل، صراع بين من انتصر علي اسرائيل وأذلها، ومن انهزم في مواجهاته معها. فالفلسطينيون وهم سنة بالمطلق، لا يكنون اي عداء للشيعة او لـ حزب الله ، بل يؤيدونه، باستثناء بعض القلة السلفية، وهذا ينطبق علي الغالبية العظمي من الشعوب العربية في المغرب والمشرق. ولذلك فان المحاولات الدؤوبة لشيطنة الشيعة و حزب الله لاسباب امريكية محكوم عليها بالفشل تماما مثلما كان حال شيطنة اليسار في الماضي. الادارة الامريكية الحالية هي التي تحاول نشر الفيروسات الطائفية الدخيلة، ونقل النموذج الطائفي العراقي الي مختلف انحاء المنطقة، واستخدام الأنظمة الحليفة لها لتوفير الغطاء الاعلامي والديني لها. فامريكا تحالفت مع الشيعة ضد السنة في العراق، ومع السنة ضد الشيعة في لبنان. فهي ضد كل من يقاوم سواء أكان سنيا او شيعيا. المعيار الامريكي لتصنيف الاعداء والاصدقاء هو اسرائيل ، والموقف من المشاريع الامريكية في المنطقة، فمن يحارب اسرائيل، ويعلن المقاومة كخيار في العراق، فهو عدو لدود يجب ان يعاقب ويعزل بغض النظر عن طائفته ومذهبه، ومن يقبل أن يتعايش مع اسرائيل ويغض الطرف عن مجازرها، ويساند الاحتلال الامريكي في العراق فهو الحليف والصديق الذي يستحق الدعم والمساندة. الحياد اللبناني اكذوبة صدقها من اطلقها، فلبنان لا يمكن ان يكون محايدا في منطقة ملتهبة ومستهدفة في امنها وثرواتها وعقيدتها، وكيف يكون محايدا في ظل تركيبة طائفية معقدة لها امتدادات اقليمية ودولية وقيادات سياسية فاسدة ومأجورة في معظمها، ويتواجد وسط قوي رئيسية متصارعة، احداها مزروعة بالقوة في المنطقة لا يمكن ان تعيش الا بالعدوان (اسرائيل)، وثانيتها تعتبر من مراكز القوي التاريخية والجغرافية والاستراتيجية اي سورية ما زالت اراضيها محتلة. فترات الاستقرار القصيرة التي عاشها لبنان كانت عبارة عن هدنات ومعظمها قبل قيام الدولة العبرية، وحتي فترة السنوات العشر الماضية من الهدوء كانت مصطنعة، وثمرة توافق سوري ـ سعودي، ومباركة امريكية، وعدم ممانعة اسرائيلية. الآن انهار التوافق السعودي ـ السوري وانقلب عداء سافرا، وتبخرت المباركة الامريكية، اما اسرائيل فتستعد للحرب علي امل انقاذ هيبة جيشها المسحوقة في حرب تموز (يوليو) عام 2006، وهذا ما يفسر حالة التصعيد الراهنة. ولا نعتقد ان هناك مخرجا وشيكا من هذه الأزمة الراهنة، فكرة العنف الحالية تكبر يوما بعد يوم، لان امريكا واسرائيل تريدان استمرار الاضطرابات الامنية، لجر ايران وسورية الي الحرب الاقليمية، بطريقة او بأخري، وجميع اللبنانيين ضحايا هذا المخطط الشيطاني دون استثناء. تكرار كلمات مثل حتمية العودة الي الحوار، ومناشدة العقلاء التدخل لانقاذ البلاد من حرب مدمرة هما مثل طحن الماء، فلبنان هو انعكاس صادق لتوازنات اقليمية وساحة صراع عربي ودولي للأسف. ولذلك فإن الوفاق الداخلي لا يمكن ان يتحقق الا في ظل توافق خارجي وهذا غير متوفر حاليا. فلبنان اداة نقولها بأسف شديد، وقراره لم يكن مستقلا في اي يوم من الايام، وهيبة نظامه كانت نسبية، ولذلك تبدو صورة المستقبل قاتمة، بل قاتمة جدا. المصدر: صحيفة “القدس العربي” (يومية – لندن) الصادرة يوم 11 ماي 2008)