الأحد، 11 سبتمبر 2011

فيكليوم،نساهم بجهدنا فيتقديمإعلام أفضل وأرقى عنبلدنا،تونس Un effort quotidien pour une information de qualité sur notre pays, la Tunisie. Everyday, we contribute to a better information about our country, Tunisia

TUNISNEWS

11 ème année, N°4091 du 11.09.2011  

archives :www.tunisnew .net


كلمة:الامن يفرق مظاهرة في العاصمة ضد الاستفتاء

جريدة « الأولى »:ي عدد استثنائي يلتحفُ بالسواد حِدادًا على انحسار إمكانيّات إرساء تعدّديّة إعلاميّة في تونس

الصحافة:22 ٪ سيصوّتون للنهضة و12 ٪ للديمقراطي التقدمي و10 ٪ للتكتل

الشرق الأوسط:استطلاع للرأي: أكثر من نصف التونسيين يعتقدون أن انتقال البلاد غير مفهوم

منصور الشفي واحمد بن صالح لــ«الصباح»هذه ضمانات المجلس التأسيسي.. وهكذا سيقع تمرير السلطة بعد الانتخابات

الصباح:قرار امتعضت منه أحزاب «ميسورة ماليا»إصرار الهيئة المستقلة للانتخابات على منع الاشهار السياسي بداية من 12 سبتمبر

الشيخ عبد الفتاح مورو وحركة اللقاء الاصلاحي الديمقراطي:عبر قائمات « طريق السلامة »

كلمة:المرزوقي يتهم أطرافا بالتآمر لإقصاء حزبه من المشهد الإعلامي

المشهد:في ندوة لـ”المؤتمر”: المرزوقي يعرض الموقف من الاستفتاء والتأسيسي

بناء نيوز:المرزوقي يحتج على إعطاء سلطات مفرطة لوزير الداخلية

الصباح:أستاذ القانون العام سليم اللغماني لـ«الصباح»تأجيل الانتخابات سيكون كارثة وفشلا للثورة

الرياض:مجموعة الثماني تتعهد بتقديم 38 مليار دولار لدعم الديمقراطية العربية

الصباح:افتتحه الوزير الأول45 مترشحا للمؤتمر السادس لرابطة الدفاع عن حقوق الانسان.. وحضور ضعيف للمرأة

الصباح:حملة شرسة ضد الرياضيين المترشحين لانتخابات «التأسيسي»

الصباح:فنانون على رأس قائمات انتخابية للمجلس التأسيسي عندما لا يكون المبدع بمعزل عن الحياة السياسية

الشروق:مطلبية أم تمرّد أم عجز في القيادات؟: الهاجـــس الأمنــي يعـــود

بسام بونني:هل يؤمن حقّا بالديمقراطية ؟

الائتلاف الديمقراطي المستقلّ : طريق السلامة:البيان الإنتخابي

الشروق:تفاصيل الساعات الحاسمة في ثورة 14 جانفي (الأخيرة): هؤلاء خاطبهم بن علي من الطائرة طيلة 135 دقيقة

يسري الساحلي:الشعب يريد إصلاح وزارة الداخلية

الحسين العلوي عضو المجلس الإنتقالي الليبي المكلف بالجالية الليبية في تونس لبناء نيوز الثورة الليبية .. لم تتضح معالمها بعد …

خالد زروان:على الليبيين إستئناف حرب التحرير: القذافي ومافيا الإحتلال الدولي لليبيا

عبد الباري عطوان:حتى لا يظهر بن لادن آخر

محمد عبد الحكم دياب:القذافي وارهاصات النظرية العالمية الثالثة وإعادة اختراع الكهرباء!!


Pour afficher les caractères arabes suivre la démarche suivan : Affichage / Codage / Arabe Windows) To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows)

تابعوا جديدأخبار تونسنيوز على الفايس بوك

الرابط

http://www.facebook.com/pages/Tunisnewsnet/133486966724141


الامن يفرق مظاهرة في العاصمة ضد الاستفتاء


 
نقلا عن شهود عيان ، قامت قوات الامن صباح اليوم بتفريق مظاهرة بشارع الحبيب بورقيبة دعت لها « رابطة لجان حماية الثورة بتونس الكبري » ضد الاستفتاء. هذا ومنعت قوات الامن المظاهرة لعدم حصول المشاركين على الترخيص من طرف وزارة الداخلية . و توجه عدد من المشاركين في المظاهرة الى مقر السفارة المصرية بمونبليزير للتعبير عن مساندتهم لما قام به عدد من شباب مصر باقتحام مبنى السفارة الاسرائلية بمصر مساء امس . (المصدر: مجلة « كلمة » الإلكترونية ( يومية – تونس)، بتاريخ 10 سبتمبر 2011)

<



تصدر جريدة « الأولى » يوم السبت 10 سبتمبر 2011 في عدد استثنائي يلتحفُ بالسواد حِدادًا على انحسار إمكانيّات إرساء تعدّديّة إعلاميّة في تونس بعد الثورة، وهي سابقة أولى من نوعها في تاريخ الصحافة التونسيّة. ندعوكم جميعا إلى الاطّلاع على مضامينها.. وحضور الندوة الصحفية التي تعقدها يوم السبت 10 سبتمبر 2011 بمقر النقابة الوطنية للصحفيين التونسيي

<


مكتب استشارة مختص يكشف بعد استجواب 2500 مواطن 22 ٪ سيصوّتون للنهضة و12 ٪ للديمقراطي التقدمي و10 ٪ للتكتل


 
تعيش تونس هذه الايام وفي اللحظة الحاسمة التي تفصلنا فيها الأحداث عن موعد انتخاب المجلس الوطني التأسيسي بعد 41 يوما على خطى الإعداد لانجاح هذه المحطة التاريخية، وموازاة لذلك تعيش بلادنا على خطى جملة من المتابعات والدراسات الدقيقة والتحليلية لهذه الوضعية من قبل المحللين السياسيين وايضا مكاتب الدراسات المتخصصة.
في هذا السياق كشفت دراسة ان حركة النهضة تتصدر نوايا التصويت من قبل المواطنين بنسبة 22 بالمائة يليها الحزب الديمقراطي التقدمي بنسبة 12 بالمائة ثمّ التكتل الديمقراطي من اجل العمل والحريات بنسبة 10 بالمائة. هذا ما أعلنه السيد حسن زرقوني مدير احدى الشركات الخاصة للاستشارة في مداخلة قدمها خلال الندوة التي نظمتها صباح امس جمعية نور حول «استقلالية السلط وأنواع الانظمة السياسية» واحتضنها مقر الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية.
وأضاف السيد زرقوني أنه تلي هذه الأحزاب مجموعة أخرى من الأحزاب حسب المستجوبين وتتمثل في المؤتمر من أجل الجمهورية والمبادرة والوطن بنسب تتراوح بين 3 و5 بالمائة. ولأول مرة تظهر أحزاب في اهتمام المستجوبين هي حزب العمال الشيوعي التونسي وحركة التجديد وآفاق تونس بنسبتا تتراوح بين 1 و2 بالمائة.
وتتمثل هذه النسب والأرقام حسب مقدمها في نتائج لعملية سبر آراء أجرتها شركته المختصة في المجال حول نوايا التصويت في انتخابات المجلس الوطني التأسيسي المزمع اجراؤها يوم 23 اكتوبر 2011. 2500 مواطن وقد صرّح السيد حسن زرقوني لجريدة «الصحافة» ان عملية سبر الآراء هذه هي عبارة عن عملية قياس شهري لنوايا التصويت تقوم بها شركته عن طريق استبيانات ميدانية تعتمد على استجواب عيّنات من التونسيين سنّهم تفوق 18 سنة وشمل هذا الاستجواب 2500 مواطن.
وحول الأسئلة التي تطرحها على العينة المستجوبة، اكد انها ثلاث اسئلة هي «لأي حزب او قائمة ستصوّت؟ وأي الأحزاب لن تصوّت لها؟ وهل أنت مع فكرة اجراء استفتاء للحد من مدة مهام المجلس الوطني التأسيسي؟».
وبالاضافة الى الأرقام المذكورة فقد بيّن محدثنا ان الأحزاب التي لا ينوي المستجوبون التصويت لها أبدا هي حزب العمال الشيوعي التونسي بنسبة 19 بالمائة.
كما ان 60 بالمائة من المستجوبين مع اجراء الاستفتاء و20 بالمائة منهم ضده و20 بالمائة آخرون ليس لهم رأي. وأشار المتحدث الى أنّ 60 بالمائة من المستجوبين تمكنوا من اعطاء اسم حزب او قائمة مستقلة. وحول مدى مزايا هذا النوع من عمليات سبر الاراء من مضارها في مثل هذه الفترة بالذات، اكد السيد زرقوني ان هذه العمليات ما هي الا محاولة للاسهام في رسم المسار الديمقراطي التونسي وتنوير الرأي العام حتى يتمكن من مواكبة المشهد السياسي والحصول على المعلومة التي يحتاجها لاتخاذ قراره لضمان الانتقال الديمقراطي الذي نرنو اليه.
واضاف ان اي تعتيم قد يحصل يمكن ان تنجرّ عنه مفاجآت او حتىعمليات تزوير لنتائج الانتخابات، ولكن حسب رأيه لا بد ان تتوفر عمليات سبر الاراء من اجل تحقيق الاهداف المرجوة على المهنية والجدية والشفافية.. كما انه مع الرأي الداعي الى عدم نشر نتائج عمليات سبر الاراء لمدة معينة قبل الانتخابات وقد حدد يوم 2 اكتوبر القادم اخر اجل لتقديم نتائج هذه العمليات ونشرها.
سبر آراء
أما الندوة التي قدمت خلالها نتائج سبر الاراء والتي تمحورت حول استقلالية السلط وأنواع الانظمة» فتأتي في اطار الندوات التي تنظمها جمعية نور «الجمهورية الجديدة» بصفة دورية حول اشكاليات دستورية وانتقالية. وتندرج هذه الندوات في سياق بيداغوجي من ناحية وترمي من ناحية اخرى إلى ارساء حوار بين الخبراء والسياسيين بغية اعداد التصورات والمقترحات من اجل بناء تونس الجديدة. وحسب السيد عمر الماطري رئيس اللجنة السياسية بجمعية نور، فإن موضوع الندوة يعد من المسائل التي يجب التطرق اليها في هذه المرحلة، نظرا الى أن مناقشة جوانبه ستساعد على ارساء اليات ديمقراطية مبنية على أسس صحيحة ودائمة. كما أن دراسة مسألة استقلالية السلط وانواع الانظمة السياسية ستكفل حسب ما أضافه احترام الحريات الفردية وقداسة الكرامة الانسانية. واذا كان المبدأ فصل السلط عن بعثها هو مبدأ ثابت في خدمة الحريات الا ان الاشكالية التي تبقى قائمة تكمن في مدى الفصل، خاصة كيفية تحقيق الاستقلالية بين السلط التشريعية والتنفيذية والقضائية.
وتتمثل الاشكالية تبعا لذلك في محاول التعرف على الاليات والقواعد التي من شأنها ان تساهم في تحقيق المعادلة الحساسة واللازمة بين السلط والسلط المضادة لغاية التوقي من انزلاقات جديدة تؤدي حسب رأي السيد الماطري الى الديكتاتورية والتسلط وتساهم في تحقيق نمو مجتمعي عادل في تونس.
وبالتالي، كل هذه الاشكاليات تم طرحها وتدارسها خلال الندوة من طرف اخصائيين في المجال القضائي والدستوري وثلاثة احزاب سياسية هي التكتل الديمقراطي من اجل العمل والحريات والحزب الديمقراطي التقدمي والحركة الوطنية للعدالة والتنمية، وكل منها يدافع عن واحد من الانظمة إما رئاسي او مزدوج او برلماني. وطرحت وجهة نظرها حول استقلالية السلط واعطاء مقترحات تضمن تلك الاستقلالية في ظل جمهورية جديدة. سناء بن سلامة (المصدر: جريدة « الصحافة » (يومية – تونس) الصادرة يوم 10 سبتمبر 2011)

<


عشرات الأحزاب السياسية.. والحيرة تسيطر على تونس قبل الانتخابات استطلاع للرأي: أكثر من نصف التونسيين يعتقدون أن انتقال البلاد غير مفهوم


لندن: «الشرق الأوسط» قبل أقل من شهرين على الانتخابات تظهر ملامح الحيرة على أبناء تونس، مهد الربيع العربي، في ثورة كانوا يأملون أن توفر لهم فرص العمل وتخفف حدة الفقر، لكنها تمخضت عن إنشاء عشرات الأحزاب السياسية وعملية انتقال لا تلوح لها نهاية في الأفق. وقال وليد، وهو سائق سيارة أجرة: «الإطاحة بالرئيس لم تكن سهلة، لكنها كانت سريعة وكنا متحدين.. لكن الآن أشعر بالقلق على هذا البلد. هناك الكثير من الأفكار والكثير من المرشحين ولا أحد يعرف يقينا ماذا يجب أن يفعل» حسب «رويترز». وحددت الحكومة التونسية المؤقتة 23 أكتوبر (تشرين الأول) موعدا للانتخابات التي سيطلب خلالها من الناخبين الاختيار بين 80 حزبا سياسيا لتشكيل جمعية وطنية تأسيسية من 218 عضوا تكلف بصياغة دستور في غضون عام. وستكون هذه أول انتخابات حرة في المستعمرة الفرنسية السابقة منذ استقلالها عام 1956 وستتابعها عن كثب منطقة تسعى لأن تحل الديمقراطية محل الأنظمة الشمولية. ويخشى محللون من أن يؤدي تراجع الدعم الشعبي للعملية التي لا تقدم إطارا زمنيا للانتخابات الرئاسية أو التشريعية إلى تقويض شرعية الانتقال وربما يشعل جولة جديدة من الاضطرابات في الشوارع. ويعتقد أكثر من نصف التونسيين أن انتقال البلاد غير مفهوم وفقا لاستطلاع للرأي أجرته وكالة «تونس أفريقيا» للأنباء، بالاشتراك مع معهد سبر الآراء ومعالجة المعلومات الإحصائية، نُشر في 3 سبتمبر (أيلول). ويحق لـ7 ملايين مواطن تونسي الإدلاء بأصواتهم في الانتخابات، ولم يسجل سوى أكثر من النصف بقليل أسماءهم. وقال جان بابتيست غالوبان، المحلل في شركة «كنترول ريسكس لاستشارات المخاطر العالمية»، ومقرها لندن: «هناك حالة من الفوضى.. الأمور غير واضحة لأحد في الوقت الحالي». وأضاف: «حقيقة أن عددا قليلا من الناس سجلوا أسماءهم للتصويت تظهر أن هناك إحباطا عاما بين الشعب تجاه عملية الانتقال». وأظهر استطلاع منفصل للرأي، نشرته المؤسسة الدولية للأنظمة الانتخابية، أن 43% فقط من التونسيين يعرفون أن الانتخابات المقبلة هي انتخابات الجمعية التأسيسية. وقال غالوبان: إن العدد الكبير للأحزاب السياسية التي يفتقر الكثير منها إلى مؤيدين أو برامج واضحة، إلى جانب تفشي الجريمة في العاصمة دون عقاب، قوض وضوح الهدف الذي كان يشعر به الكثير من التونسيين فور سقوط بن علي. وأضاف: «الناس يريدون أن يروا أثرا ملموسا للثورة على الحياة اليومية، وقضايا البطالة والتفاوت الاقتصادي والاجتماعي لم تتم معالجتها بعد». ومن بين أشهر الأحزاب التونسية: الحزب التقدمي الديمقراطي وحزب النهضة الإسلامي. وفي يونيو (حزيران)، انسحب حزب النهضة، الذي كان محظورا في عهد بن علي، والذي يعتقد أنه يتمتع بدعم واسع النطاق الآن من اللجنة التي شكلتها الحكومة المؤقتة للإعداد للانتخابات في لفتة احتجاج. وقال متحدث باسم حزب النهضة لـ«رويترز» إنه ليس قلقا من انخفاض مستويات تسجيل الناخبين، مشيرا إلى أنه يتوقع أن يسجل ناخبون أسماءهم في يوم الاقتراع وأن تكون نسبة الإقبال النهائية عالية. لكن الأمين العام لحزب المؤتمر من أجل الجمهورية، الذي كان محظورا سابقا، أصدر بيانا هذا الأسبوع، حذر فيه من أن البلاد لا تحتمل السماح بتعطيل العملية الانتقالية. وقال غالوبان: «إذا أدت العملية الانتقالية الرسمية إلى نزاعات تتعلق بشرعية مؤسسات الدولة فسيكون هناك احتمال لتصاعد الاضطرابات، خاصة إذا تحولت أحزاب مؤثرة مثل النهضة إلى سياسة الشارع». وتسود مخاوف من أن السلطة المؤقتة، التي يرأسها فؤاد المبزع ويتولى رئاسة وزرائها الباجي قائد السبسي، عقدت العزم على إطالة مدة الانتقال حتى تظل في الحكم. وقد تمثل هذه المخاوف تهديدا. ويقول كمران بخاري، نائب رئيس قسم شؤون الشرق الأوسط وجنوب آسيا بشركة «ستراتفور للمعلومات»، التي تتخذ من الولايات المتحدة مقرا لها: «إذا سارت الانتخابات بسلاسة ستكون هذه مفاجأة». وأضاف: «تثير فكرة أنه لم تجر انتخابات حرة ونزيهة قط في البلاد تساؤلات خطيرة بشأن إمكانية إجراء انتخابات سلسة، علاوة على ذلك، لدينا مخاوف من مجموعات المعارضة المختلفة بشأن نوايا السلطة المؤقتة التي يدعمها الجيش». وفي منطقة لافاييت بالعاصمة؛ حيث تراكمت القمامة، يقول محمد، بائع الزهور، إن الثورة التونسية اصطدمت بمشاكل، لكن لا يزال لديه أمل في التغلب عليها. وأضاف: «كان هناك وقت يمكن أن يؤدي بك الحديث عن بن علي أو الحكومة إلى السجن أو القتل. كانت الشرطة السرية في كل مكان وتسمع كل شيء». وأضاف: «مهما حدث الآن فإنه على الأقل سيكون أفضل من ذلك». وانتهى حكم الرئيس السابق زين العابدين بن علي، الذي امتد 23 عاما، فجأة حين فر في مواجهة احتجاجات شعبية انتشرت على نطاق واسع بسبب البطالة والفساد والقمع، وهو نجاح مذهل أدى إلى اندلاع انتفاضات في أجزاء أخرى من العالم العربي. (المصدر: صحيفة « الشرق الأوسط » (يومية – لندن) الصادرة يوم 10 سبتمبر 2011)

<


منصور الشفي واحمد بن صالح لــ«الصباح» هذه ضمانات المجلس التأسيسي.. وهكذا سيقع تمرير السلطة بعد الانتخابات


عبر العميد السابق منصور الشفي عن موقفه الرافض لمبدا الاستفتاء وما أثاره من جدل داخل الاوساط السياسية والحزبية. واعتبر الشفي أن طرح الاستفتاء في هذه المرحلة التاريخية والحساسة من تاريخ تونس هو بمثابة الارباك للعملية الانتخابية التي من شانها أن تكون صعبة جدا على الناخب في ظل ارتفاع عدد القائمات الانتخابية والتي تجاوز السبعين قائمة في عدد من الدوائر. واوضح المتحدث في تصريح له لــ  » الصباح  » ان التدخل في شان المجلس القادم بتحديد صلاحياته ومدة عمله هو ضد ارادة التونسيين الذين سيختارون بحرية وعن طواعية ممثليهم يوم 23 اكتوبر القادم. وبدد الشفي المخاوف السياسية المتعلقة بامكانية سطو الاحزاب المترشحة للمجلس التاسيسي على الحياة السياسية من خلال صياغة قوانين لا تتماشى وطبيعة المرحلة الانتقالية التي تعيشها تونس وفقا للموقف الذي يتبناه دعاة مبدا الاستفتاء. الضمانات ولانهاء الجدل الدائر حول امكانيات « السطو » على المجلس التاسيسي كما يروج البعض لذلك قدم الوجه السياسي احمد بن صالح سيناريوهات من شانها أن تدخل الطمأنينة حيث خلص إلى  » أن يترأس أكبر الأعضاء سنا الجلسة الأولى للمجلس التأسيسي، وذلك بمساعدة عضوين يكونا أصغر الأعضاء سنا » – فتح مباشرة باب الترشحات لانتخاب رئيس المجلس وأعضاء مكتب المجلس الذي يتضمن نواب الرئيس، وهما اثنان، ورؤساء اللجان المتشكلة لاحقا. – يقع تشكيل لجنة لصياغة النظام الداخلي للمجلس يتضمن صلاحياته ومدة عمله، ثم يعرض هذا الاطار القانوني على الجلسة العامة للمجلس للمصادقة. – يقع بعد ذلك مباشرة تشكيل لجنة تنسيقية لصياغة الدستور، تتفرع منها عدد من اللجان الفرعية لأننا نعتبر أن الدستور يتضمن العديد من المناحي والأبواب التي تستوجب نقاشا مستفيضا. – تشكيل لجان مختصة للنظر على سبيل المثال في المراسيم الصادرة قبل تشكيل المجلس، وإعادة النظر في القوانين المنظمة للحياة العامة، وكذلك لجنة لصياغة قانون انتخابي دائم للمحطات الانتخابية القادمة، وكل ما يراه المجلس ضروري باعتباره سيد نفسه. – المجلس التاسيسي يملك الشرعية المطلقة في اختيار رئيس للجمهورية ذي صلاحيات وقتية محدودة، كذلك رئيس حكومة انتقالية، تحدد مهامها سلفا، ونفضل هنا، نظرا لعدة أسباب، أن تكون رموز السلطة التنفيذية من بين الوجوه غير المتحزبة والتي عليها اجماع تام. أما بالنسبة للحكومة، فاذا حالت الظروف دون تشكيل حكومة وحدة وطنية، وربحا للوقت، وحفاظا على استمرارية الدولة، فاننا نرى أنه على المجلس أن يسمح بتشكيل حكومة تقنوقراط، على أن يقوم بدور المراقبة والمتابعة وسحب الثقة من وزير أو من كامل هذه الحكومة ان لزم الأمر. كيفية تمرير السلطة وبخصوص تمرير السلطة ووفقا لروح القوانين المقارنة يرى أحمد بن صالح أن رئيس الجمهورية هو الذي يدعو لعقد اول جلسة عامة للمجلس التاسيسي وذلك بعد الاعلان عن النتائج والنظر في الطعون المقدمة وانتهاء اجالها. وبالعودة إلى المجلس الاول فان الباي حضر أشغال الجلسة الأولى للمجلس لبضع دقائق ثم طلب منه المغادرة على اعتبار أن المجلس هو سيد نفسه وإمام هذه الوضعية فان السؤال الذي يبقى مطروحا هو كيف ستسير الجلسة الاولى للمجلس. خليل الحناشي (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 10 سبتمبر 2011)

<


قرار امتعضت منه أحزاب «ميسورة ماليا» إصرار الهيئة المستقلة للانتخابات على منع الاشهار السياسي بداية من 12 سبتمبر


جددت الهيئة المستقلة للانتخابات تأكيدها على أن قرار منع الاشهار السياسي يدخل حيز التنفيذ يوم 12 سبتمبر الجاري أي يوما واحدا بعد انقضاء الاجل الأقصى للبتّ في مطالب الترشح لعضوية المجلس الوطني الـتأسيسي وتحديد عدد القائمات المترشّحة وتركيبتها. وكان قرار منع الاشهار السياسي قد قوبل حين اتخذته الهيئة قبل عدة ايام بامتعاض شديد من قبل احزاب متيسّرة ماليا وعبرت انذاك عن رفضها لهذا القرار. وأوضحت الهيئة في بلاغ تفسيري أصدرته امس وتحصلت « الصباح » على نسخة منه، أن الدعاية الانتخابية أو الإشهار السياسي تتمثّل في استعمال حزب أو قائمة مترشحة مختلف وسائل الإعلام، عمومية كانت أو خاصة، أو الوسائط الإشهارية، سواء بمقابل ماديّ أو مجّانا، قصد تقديم مترشحين وبرامجهم الانتخابية للعموم. وقالت الهيئة المستلقة للانتخابات أن تمرير مترشّح أو قائمة مترشحة للعموم مرتين بصورة متواترة في اليوم الواحد ضمن البرامج الحوارية أو ضمن مختلف البرامج والمساحات المخصّصة لمتابعة أنشطة الأحزاب والمترشحين الحقيقيين أو المفترضين وكذلك التسويق لبرامجهم الانتخابية.. تعتبر دعاية انتخابيّة أو إشهارا سياسيا مقنعا. حجج قانونية؟ واستندت الهيئة في تبرير قرار منعها للإشهار السياسي والدعاية الانتخابية قبل انطلاق الحملة الانتخابية إلى المرسوم عدد 27 لسنة 2011 المؤرخ في 18 أفريل 2011 والمتعلق بإحداث هيئة عليا مستقلة للانتخابات. ضمان سلامة العملية الانتخابية واستنادا إلى المرسومين المذكورين فإن ضمان سلامة العملية الانتخابيّة لا يقتصر على فترة الحملة الانتخابيّة بل يمتدّ إلى الفترة التي تسبقها وهو ما يقتضي وضع إطار يسهم في الحدّ من تدخل المال السياسي وتأثيره على العملية الانتخابية بضبط مجالات تعامل القائمات المترشحة وحدودها مع وسائل الإعلام ومختلف الوسائط الإشهاريّة كما يقنّن طرق تسويق برامجها. على حد ما جاء في البلاغ. وأشارت الهيئة المستقلة للانتخابات إلى أن الأنظمة القانونية المقارنة تباينت في تعاملها مع مسألة الإشهار السياسي الا انّها أجمعت على تحجير الإشهار السياسي عبر مختلف وسائل الإعلام خلال الفترة التي تسبق الحملة الانتخابية وخلال فترة الصّمت الانتخابي وفي تاريخ الاقتراع بما يضمن المساواة بين المترشحين.. حملة انتخابية قبل الأوان؟؟ يذكر أن الحملة الانتخابية تنطلق قبل 22 يوما من يوم الاقتراع أي تحديدا يوم غرة أكتوبر المقبل. حسب الفصل 51 من مرسوم انتخابات المجلس التأسيسي. لكن عددا من الأحزاب السياسية خاصة الكبرى منها، وحتى بعض الأحزاب الوليدة الناشئة سبقت هذا الموعد وانطلقت عمليا في تنفيذ حملات مكثفة للتعريف بنفسها وببرامجها منذ عدة أسابيع عبر كافة الوسائل المتاحة ومنها استغلال الفضاءات العمومية ووسائل الإعلام للقيام بعمليات اشهار واسعة النطاق، مستغلة حجم الموارد المالية الهائلة المتدفقة عليها سواء من منخرطيها او من المتعاطفين معها او من اصحاب مؤسسات ورجال اعمال تونسيين حسب ما يدعون.. تقليد جديد لم يعهد الناخبون التونسيون او الساحة السياسية الوطنية في ظل الفترة الدكتاتورية وعقلية الحزب الواحد التي سادت لعقود.. لكن اللافت للنظر أن ظاهرة الاشهار السياسي أثارت حفيظة الأحزاب المتنافسة الصغيرة منها والناشئة والمستقلين الذين رأوا في ذلك شططا واستغلالا فاحشا لفترة ما قبل الحملة الانتخابية، ونوعا من المنافسة غير الشريفة.. مقابل ذلك لا ترى الأحزاب المتهمة بالاشهار السياسي في ذلك تجاوزا للقانون الانتخابي او مسّا من مصداقية العملية الانتخابية او تعديا على حق بقية الأحزاب الصغيرة في التعريف بنفسها، وعرفت ما تقوم به من عمليات اشهار من قبيل التعريف بالحزب وبرامجه للعموم لا غير. وذهبت أحزاب أخرى معنية بالاشهار السياسي إلى حد القول أن منع الاشهار والدعاية الحزبية أمر لا يمكن أن يكون إلا في إطار انطلاق فترة الحملة الانتخابية. مراسيم تنتظر المصادقة تجدر الإشارة إلى أن منع الاشهار السياسي ادرج أيضا في المرسوم المتعلق بالاتصال السمعي البصري، ويتمثل اساسا في منع بث المؤسسات الناشطة في الحقل الإعلامي السمعي البصري إعلانات او ومضات اشهارية لأحزاب سياسية مجانا او بمقابل مع اقرار عقوبات للمخالفين مهما كانت الفترة الزمنية لعملية البث. لكن المرسوم الذي يسمح لأول مرة بإحداث هيئة مستقلة للاتصال السمعي البصري في تونس للإشراف على المشهد الإعلامي التلفزي والإذاعي الوطني وتنظيمه ومراقبته.. لن تصادق عليه الهيئة العليا لتحقيق اهداف الثورة الا خلال الأسبوع المقبل وهو ما يعني أن دخول المرسوم حيز التنفيذ قبل الحملة الانتخابية والذي تخشاه المؤسسات الإعلامية والأحزاب على حد سواء، أمر مستبعد على اعتبار أن وقتا كثيرا سيهدر لا فقط في المسائل الإجرائية قبل أن يجد المرسوم في نسخته النهائية طريقا إلى النشر بالرائد الرسمي، لكن ايضا ما تتطلبه عملية تشكيل تركيبة الهيئة المستقلة للسمعي البصري من وقت لازم لقبول الترشحات وفرزها واختيار رئيس لها ونائب رئيس.. أية عقوبات للمخالفين؟ ومهما يكن من أمر فقد جاء قرار الهيئة المستقلة للانتخابات بمنع الاشهار السياسي خارج الحملة الانتخابية مفاجئا للأحزاب السياسية وقد يسد فراغا قانونيا سكت عنه مرسوم انتخابات المجلس التأسيسي. فهل ستمتثل له الأحزاب والقائمات المترشحة يوم 12 سبتمبر الجاري؟ لكن الهيئة لم تشر في بلاغها إلى نوعية العقوبات او الإجراءات التي قد تتخذها في صورة مخالفة احزاب او قائمات مستقلة لقرار منع الاشهار السياسي، وكيف ستمنع الاشهار السياسي، هل ستلجأ لعقوبات مالية استنادا إلى احكام مرسوم انتخابات المجلس التأسيسي الذي يقر بإحالة المخالفين على الدائرة الجناحية التي يمكن ان تصدر عقوبات مالية تترواح بين الف وخمسة آلاف دينار..؟ وهل ستقع المؤسسات الإعلامية من صحافة مكتوبة او مؤسسات اذاعية وتلفزية تحت طائلة العقوبات في صورة بثها او نشرها لمقالات تدخل تحت طائلة ومفهوم الاشهار السياسي المقنّع؟. كما لم توضّح الهيئة كيفية مراقبة الاشهار المقنّع وبأية وسيلة، وكيفية اثبات الدعاية المقنعة او المبطنة. رفيق بن عبد الله (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 10 سبتمبر 2011)

<



تدخل حركة اللقاء الاصلاحي الديمقراطي الانتخابات القادمة للمجلس التأسيسي في إطار الائتلاف الديمقراطي المستقل برئاسة الشيخ عبد الفتاح مورو عبر قائمات « طريق السلامة » وقد أسندت لها رئاسة قوائم كل من ولايتي زغوان والقيروان وفرنسا المنطقة الشمالية وفرنسا المنطقة الجنوبية. وتتزعم السيدة نجوى علي ممثلة حركة اللقاء في زغوان قائمة هذه المنطقة في قائمة طريق السلامة كما يترأس رئيس الحركة الدكتور خالد الطراولي قائمة فرنسا 2 في هذه الانتخابات الهامة. وستسعى الحركة بعون الله أن تكون عند حسن ظن الشعب التونسي في الوفاء لمطالب الثورة المجيدة من كرامة وحرية وعدالة اجتماعية والدفاع الجاد والمسؤول عن هوية البلاد العربية والاسلامية.

<



قال الدكتور المنصف المرزوقي رئيس حزب المؤتمر من أجل الجمهورية خلال ندوة صحفية عقدت صباح اليوم، أن مؤامرة تحاك ضد حزبه وحزبي حركة النهضة والعمال الشيوعي التونسي لإقصائها وتحجيمها في وسائل الإعلام خلال الحملة الانتخابية التي تسبق انتخابات المجلس التأسيسي. وطالب المرزوقي الشخصيات والمسؤولين الذين كان راديو كلمة قد ذكر أنهم عقدوا اجتماعا منذ أيام لهذا الغرض، بتوضيحات حول ما قيل عن تدارسهم سبل إقصاء هذه الأحزاب. ومن جهة أخرى، نقلت إحدى الصحف اليومية اليوم أن كلا من السيد محسن مرزوق عضو الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة والإصلاح السياسي والانتقال الديمقراطي والسيد عبد العزيز المزوغي المحامي والناشط السياسي الذين ذكرت كلمة اسميهما ضمن المشاركين في الاجتماع، أنّهما رفعا قضية عدلية ضد السيدة سهام بن سدرين « مديرة » راديو كلمة. وقال الخبر أن « هذه القضية تأتي على خلفية الخبر الذي نشره موقع راديو كلمة والذي ذكر أنّ اجتماعا سريّا عقد بمدينة حمام سوسة وجمع بين الثلاثي المذكور مع رجل أعمال مشهور ورئيس حزب المبادرة كمال مرجان لترتيب إجراءات الاستفتاء الذي تطالب به قوى سياسية وشخصيات مستقلة ». وتجدر الإشارة إلى أن السيدة سهام بن سدرين تشغل خطة رئيسة تحرير في الراديو على خلاف ما ورد في الخبر، كما أن الخبر الذي نقلته راديو كلمة يتحدث عن أن هذا الاجتماع قد عُقد لتحديد السياسة الإعلامية التي سيتم العمل بها خلال الفترة القادمة وقبيل انتخابات المجلس التأسيسي، والتي ستعمل على إقصاء عدد من الأحزاب من الساحة الإعلامية وتقليص ظهورها الإعلامي، ولم يتطرق الخبر بأي شكل من الأشكال إلى ترتيب إجراءات الاستفتاء. كما تجدر الملاحظة أن راديو كلمة لم يتلقّ أيّ ردّ أو تكذيب من الشخصيّتين المذكورتين. (المصدر: مجلة « كلمة » الإلكترونية ( يومية – تونس)، بتاريخ 10 سبتمبر 2011)

<



المشهد التونسي – خاص – علاء الدين زعتور عقَد حزب المؤتمر من أجل الجمهورية، صباح اليوم السبت، ندوة صحفية حضرها أعضاء من المكتب السياسي وأوضح خلالها موقف الحزب من مقترح الإستفتاء. كما قدّمت خلالها قيادة “المؤتمر” بعض النقاط من برنامجه الإنتخابي وتصوّره لمهام ومدّة عمل المجلس الوطني التأسيسي. المجلس التأسيسي: وقال منصف المرزوقي أن حزبه يعتبر أنّ ثلاث سنوات هي المدّة اللازمة لعمل المجلس وأنّ “الدعوة إلى تقليصها إلى ستّة أشهر أو سنة تعني توقّف الإصلاح والتشريع والإستثمار”. وأضاف أنّ “التخويف من ديكتاتورية جديدة للمجلس التأسيسي أمر في غير محلّه، بإعتبار أن أحزابًا عديدة سيتمّ تمثيلها داخله على عكس ما كان في عهد بورقيبة، حيث كان المجلس التأسيسي الأول تحت سيطرة حزب واحد.” وعبّر المرزوقي عن تخوّفه من إنتخاب مجلس تأسيسي فسيفسائي بدون سلطة. كما حذّر من أنّ تواصل الحكومة الحالية بعد إنتخابات 23 أكتوبر سيتسبّب في “كارثة حقيقية وإشعال البلاد وفي حالة من عدم الإستقرار”. و في تعليق له حول الإشهار السياسي، قال المرزوقي أن ما يجري على الساحة السياسية حاليًا من إشهار للأحزاب تناهز تكلفته المليارات من المليمات ومن سوء إستغلال للمال السياسي هو “عار و عيب”. و إعتبر أن الإشهار السياسي “ساهم في تعميق أزمة الثقة بين المواطن ورجل السياسة”. الاستفتاء: وحول مسألة الإستفتاء، جدّد عبد الرؤوف العيادي، نائب رئيس الحزب، رفض “المؤتمر” لهذا المقترح. و قال أنّه “صادر عن أطراف عُرفَت لدى الرأي العام بتحالفها مع النظام البائد وبتواطئها مع أطراف أجنبية”. و ردًا عن سؤال لـ”المشهد التونسي” حول رأي المؤتمر في العدد الكبير للقوائم المترشّحة للمجلس التأسيسي (حوالي 1700 قائمة حسب تصريح كمال الجندوبي رئيس الهيئة العليا المستقلة للإنتخابات)، أفاد سمير بن عمر، عضو المكتب السياسي، أنّه يمكن اعتبار “الإقبال الكبير على الترشّح أمرًا عاديا بالنسبة إلى شعب مُنع من المشاركة في الحياة السياسية لمدة 50 سنة”. لكنّه أضاف أنّ هذا العدد الضخم “تجاوز الحدّ المنطقي والمقبول ممّا يجعل الأمر غير بريء”. وأكّد انّ “بعض الأيادي تسعى إلى تعويم الساحة السياسية والحزبية وتشتيت المواطن وإيجاد مدخل لبعض التجمعيين و بقايا النظام البائد للعودة إلى الساحة”. واتّهم بن عمر وزارة الداخلية بتطبيق القانون الجاري به العمل على بعض الأحزاب وعدم تطبقه على أخرى، من المفترض منعها أو عدم إسنادها تأشيرات للعمل القانوني”. وتساءل عن الفائدة من حلّ التجمع الدستوري الديموقراطي ثمّ “السماح بتأسيس أحزاب تجمعية جديدة”. الأمر الذي يعكس “غياب الإرادة السياسية الحقيقية للقطع مع الماضي”، على حد قوله. قضيّة الفرياني: وحول قضية ضابط الشرطة الموقوف سمير الفرياني، أكّد محمد عبّو، عضو المكتب السياسي و محامي المتهم، أنّ تهمة الإعتداء على أمن الدولة الخارجي تلفيق ضدّ منوبه. وأنّ ما صرّح به الفرياني عن مدير المصالح الفنية ياسين التايب قج أكدته مصالح وزارة الداخلية ذاتها. إذ أفادت بتواجد التايب بالقصرين وسيدي بوزيد إلى غاية 8 جانفي الماضي. وطالب عبّو السلطات بالكشف عن الدور الحقيقي الذي كان يقوم به التايب خلال تلك الفترة. كما عبّر عن استغرابه من تواصل إيقاف الفرياني في ظلّ كل هذه المعطيات.  
(المصدر: موقع المشهد التونسي الإلكتروني ( تونس ) بتاريخ 10 سبتمبر 2011)

<



تونس –بناء نيوز – نورالدين فردي افتتح المنصف المرزوقي رئيس حزب المؤتمر من أجل الجمهورية الندوة الصحفية التى عقدها اليوم 10 سبتمبر 2011 بالتأكيد على أن « هناك مؤشرات خطيرة في تونس تهدد المسار الانتخابي مثل حالة الانفلات الأمني فنحن نستغرب سياسة جهاز الأمن في هذه المرحلة فمن جهة يتظاهرون ويحتجون ومن جهة أخرى عندما تقع اضطرابات خطيرة الخاصية البارزة هي انسحاب الأمن ». وقال إن « الحزب يحتج على قانون الطوارئ واعطاء سلطة مفرطة لوزير الداخلية رغم انه ليس محل توافق فقانون الطوارئ في حكومة شرعية مقبول أما أن يأتي من حكومة انتقالية غير مقبول ». وأكد « على رفض الحزب التام والمطلق للاستفتاء فهي ورقة أخيرة لأعداء الثورة عندما انتهت منهم كل الحيل وتواتر الأخبار عن اجتماع وقع في نزل في حمام سوسة بهدف إلى تحجيم ظهور أحزاب معينة مثل حركة النهضة وحزب العمال الشيوعي والمؤتمر من أجل الجمهورية في وسائل الاعلام هي مؤامرة خطيرة ونحن ننتظر منهم تكذيب وفي صورة عدم تكذيب هذا الخبر فإنه بات من المؤكد وجود حكومة ظل تتحكم في دواليب الدولة ». وقال إن »حزب المؤتمر من أجل الجمهورية سيذهب إلى الانتخابات وسيفرض رأيه وله ثقة تامة في الشعب التونسي الذي أزاح الدكتاتورية لن تأثر فيه الاشهار السياسي والمال السياسي المتدفق ». وأكد سمير بن عمر عضو المكتب السياسي أن « الحزب تقدم للاستحقاق الانتخابي المقبل في كل الدوائر الانتخابية وأن اختيار القوائم تم بشكل ديمقراطي ولم يتدخل المكتب السياسي إلا في حالات نادرة وضمت مجموع القوائم 217 مترشحا مقسمة على 100 امرأة بنسبة 46.1 بالمائة وعدد الرجال 117 بنسبة 53.9 بالمائة بمعدل أعمار لا يتجاوز37.4 سنة ». وبخصوص مقاربة الحزب للمجلس الـتأسيسي اعتبر عبد الرؤوف العيادي عضو المكتب السياسي أن « المجلس التأسيسي هو مرحلة تكتيكية لبناء الدولة وهذا لا يمنع المجلس من أن ينتخب رئيس الدولة وبدوره رئيس الدولة يشكل الحكومة وأن محاولة تقييد المجلس بشكل من الأشكال غير مبرر وله كل الصلاحيات لمعالجة المشاكل الاجتماعية والاقتصادية والسياسية وبالتالي فإن عهدة المجلس يمكن ان تكون من ثلاث إلى أربع سنوات. وقال إن « دعاة الاستفتاء يتخفون وراء نية الوصاية من جديد على الشعب ». وعن شكل النظام السياسي المقبل أكد محمد عبو عضو المكتب السياسي أن « المجتمع التونسي ليس مؤهلا بما فيه الكفاية لتقبل النظام البرلماني والنظام الرئاسي الذي يعطي الصلاحيات المطلقة للرئيس أتى بالوبال على الشعب التونسي. فالحل هو نظام فيه رئيس دولة منتخب من الشعب يتقاسم السلطة مع الوزير الأول مع التنصيص على المسؤولية الجزائية لرئيس الدولة أمام القانون  
(المصدر: موقع بناء نيوز الإلكتروني ( تونس ) بتاريخ 10 سبتمبر 2011)

<


أستاذ القانون العام سليم اللغماني لـ«الصباح» تأجيل الانتخابات سيكون كارثة وفشلا للثورة


باختيارنا المجلس التأسيسي اخترنا الحل الأصعب ولكنه الأنسب ـ ضعف الدولة يعرّض البلاد إلى التجاوزات والعنف… ـ«القبلية» و«العروشية» معطى تاريخي لا يمكن تجاوزه بارادة سلطوية ـ اللجوء للاستفتاء لتقييد سلطات المجلس التأسيسي مستحسن.. ولكنه ليس ضروريا ـ حذر سليم اللغماني من أيّ توجه الى تأجيل أوالغاء الانتخابات وقال في حديث خصّ به « الصباح » ان عدم تنظيم الانتخابات في أجلها سيكون كارثة بأتم معنى الكلمة وفشلا للثورة.
واعتبر أستاذ القانون العام بكلية العلوم القانونية والسياسية والاجتماعية بتونس أن الاستفتاء حول المجلس التأسيسي الذي أثار انقساما في المشهد السياسي بين مساند ومعارض ليس بالضروري رغم ما يمكن ان يتضمنه من ايجابيات، وقال اللغماني ان ضعف الدولة يعرض البلاد اليوم الى التجاوزات التي لاحظناها والى العنف الحاصل مشددا على أن انتخاب المجلس التأسيسي واعادة بناء الدولة على أساس ديمقراطي يمثل الحل الوحيد لتجاوز ما عشناه في الفترة الاخيرة.
حوار آسيا العتروس
وشدد السيد سليم اللغماني على أن القبلية والعروشية التي نعيد اكتشافها في مجتمعنا معطى تاريخي لا يمكن تجاوزه بارادة سلطوية وفيما يلي نص الحديث الذي تضمن بالاضافة الى مختلف القضايا العالقة على الساحة السياسية ما يجب أن يتضمنه الدستور الجديد.
ثمانية أشهر تمضي حتى الان على الثورة فالى أين يتجه المشهد السياسي في خضم الغموض الحاصل والجدل المتفاقم بشأن تنظيم استفتاء بالتوازي مع انتخابات المجلس التأسيسي؟
أولا علينا أن نتذكر أنه وقع اختيار أول نحو انتخابات رئاسية سابقة لاوانها على أساس الفصل 57 من الدستور القديم ولاقى هذا التوجه رفضا من جل الجهات السياسية وخاصة منها هيئات كان لها دور أساسي في الثورة مثل الهيئة الوطنية للمحامين والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان وغيرها ومع انقضاء المدة التي حددها الدستور القديم لتنظيم انتخابات رئاسية وهي ستون يوما من رحيل الرئيس المخلوع والتي انتهت في 17 مارس، ومع تصاعد المطالبة بمجلس تأسيسي الى حد اجبار حكومة الغنوشي الثانية على الاستقالة وقع اختيار الحل في انتخاب مجلس تأسيسي. وفي مرحلة أولى حظي الاختيار بشبه وفاق لكن مع مرور الايام برز في المشهد السياسي موقفان: موقف أول يدعو الى استفتاء كبديل عن المجلس التأسيسي وموقف ثان أبدى تحفظات بل تخوفا من المجلس التأسيسي وطالب بتحديد سلطاته من حيث مدة قيامه بمهته أي سن الدستـور ثم مآل الدستور الذي سيقع سنه وهل سيعرض على الاستفتاء أم لا، وأخيرا هل سيتمتع هذا المجلس اضافة الى سلطته التأسيسية بسلطة تشريعيــة موازية pouvoir constituant et pouvoir legislatif، وأخيرا هل له صلاحيات تعيين رئيس دولة وحكومة مؤقتة فترة قيامه بمهامه. وتراءى للبعض من الشخصيات الوطنية والأحزاب أن اسناد كل هذه السلطات الى المجلس التأسيسي يمثل خطرا.
الشعب صاحب الإرادة
ولكن أليست هذه المخاوف مشروعة خاصة وأن تجربة العقود الماضية تؤكد مخاطر السلطة المطلقة في البلاد؟
لتوضيح هذه المسألة لا بد من التذكير أن المجلس التأسيسي يتكون من ممثلين للشعب وهو صاحب السيادة وبالتالي الطريقة الوحيدة للحد من سلطات المجلس التأسيسي هي الرجوع الى صاحب السيادة، وقد سبق أن عبرت عن هذا الموقف منذ جوان الماضي. وفي الاسابيع الاخيرة لاحظنا انقساما في المشهد السياسي بين مساند ومعارض للجوء الى الاستفتاء. وفي اعتقادي ان اللجوء الى استفتاء لتقييد المجلس التأسيسي حل مستحسن ولكنه ليس ضروريا وهو مستحسن لتفادي المخاوف من تجاوز المجلس التأسيسي لسلطاته وقد يكون أمرا ايجابيا ان كان محل وفاق وطني لكن هذا الحل ليس ضروريا لان تركيبة المجلس ستكون بالضرورة تعددية وسيكون هناك في المجلس السلطة والسلطة المضادة وهذا التوازن سيحد بصفة آلية سلطات المجلس زد على ذلك أن المجلس لن يعمل في الخفاء بل تحت رقابة الرأي العام وعن طريق وسائل الاعلام. اذن سيكون العامل الداخلي ومعه العامل الخارجي يحولان في رأيي دون افراط المجلس في سلطاته وتحوله الى سلطة حكم. لكن هذا الامر قد يتحول الى سبب أزمة سيادية وربما إلى عائق دون الانتقال الديمقراطي ان لم يكن محل وفاق.
ولكن وجود سلطة مضادة داخل المجلس ليست ضامنا نهائيا أو حصنا ضد التجاوزات ولا يمكن بأيّ حال من الاحوال أن تحول دون تحول المجلس الى حلبة صراعات، فكيف ترد على هذا؟
باختيارنا المجلس الدستوري اخترنا الحل الانسب والاصعب في نفس الوقت، الانسب من منطلق ديمقراطي والاصعب على المستوى الواقعي ككل مجلس منتخب وتعددي ولنا مثال مصغر في مجلس تحقيق أهداف الثورة، نتوقع أن يكون داخل المجلس تجاذبات سياسية لان هذا طبيعي واللجوء الى الاستفتاء لن يجنبنا هذا. ربما أتكلم من موقفي المتفائل لكنني أعتقد أن ممثلي الشعب والمصدر الوحيد للشرعية والمشروعية سيتحلون بروح المسؤولية التي لا تحددها فقط ذاتيتهم subjectivite بل موقعهم ووظيفتهم. زد على ذلك أن أول عمل سيقوم به المجلس التأسيسي هو سن نظام داخلي يرسي قواعد اللعبة داخل المجلس. مهمة « التأسيسي »
لو حاولنا تحديد مهمة هذا المجلس وتوضيح ما يجب أن يتضمنه الدستورلعموم الرأي العام؟
المهمة الاساسية والوجودية للمجلس تتمثل في سن دستور للبلاد وهذه العملية يمكن أن تتحقق في غضون أسابيع ان كان هناك وفاق داخل المجلس لكنها لن تتجاوز في كل الحالات السنة، لانه لا بد في الواقع من نص دستور الجمهورية الثانية مكتوب وأعني بذلك أن هنالك اجماعا على أن هذا الدستور يجب أن يكون ديمقراطيا بمعنى أنه:
أولايضمن الحريات العامة والفردية المعترف بها عالميا دون تقييدها كما هو الحال في الدستور القديم بالقانون.
ثانيا يرسي نظام توازن سلط وليس المهم أن نسميه رئاسيا أو برلمانيا اذ أن النتيجة ستكون منزلة بين منزلتين واعني بذلك رئيسا منتخبا تكون سلطاته سلبية faculte dempecher ضامنا لاستمرارية الدولة والديمقراطية.
وثالثا حكومة منبعثة عن أغلبية برلمانية يترأسها وزير أول يضع ويطبق سياسة الدولة وبرلمانا ذا مجلسين مجلس يمثل الشعب ومجلس يمثل الجهات أي مجلس يمثل الوحدة ومجلس يمثل الاختلاف ويصحح المسار فيما يخص الجهات المهمشة.
رابعا سلطة قضائية مستقلة ينظمها مجلس أعلى للقضاء مستقل عن السلطة التنفيذية يسن القانون الاساسي للقضاة ويكرس مبدأ عدم نقلة القضاة بدون رضاهم inamovibiliteوقضاء دستوري يتثبت من ملاءمة القوانين والاوامر الترتيبية المستقلة للدستور وذلك بصفة ما قبلية أي قبل صدور القانون. لكن أيضا بصفة ما بعدية من قبل المواطنين عن طريق الدفع بعدم دستورية قانون أو أمر ترتيبي مستقل وأحكاما نهائية متعلقة بتعديل الدستور تحجر التعديل فيما يخص الشكل الجمهوري للدولة.
خامسا الحريات الاساسية ومدتي انتخاب رئيس الدولة وعدم نقلة القضاة. مع الاخذ بعين الاعتبار أن كل هذا يمكن الاختلاف في جزئياته ولكن لن يختلف اثنان في مبادئ الدستور وهذا ما يجعل عملية سن الدستور عملية دقيقة لكنها ليست بالغة التعقيد.
لا شك أن الباب المتعلق بالحريات وصياغة بنوده سيكون موضوع جدل لكن لا أرى طرفا سياسيا حزبا كان أو مستقلا يرجع بنا الى الوراء سواء كان ذلك في ميدان حرية المعتقد أو الاحوال الشخصية ولم يصدع أي حزب معترف به بموقف سياسي مخالف لذلك.  
تركيبة اجتماعية مزدوجة
ربما كان ذلك على مستوى الاحزاب ولكن على مستوى الاحداث فان هناك الكثير من المظاهر التي تجعلنا نعيد اكتشاف المجتمع الذي ننتمي اليه من عنف وعروشية وهرسلة في الاماكن العامة فكيف يمكن تفسير هذه المظاهر في زمن الثورة؟
الواقع أن تونس كانت تحت نظام سلطوي زمن بورقيبة ونظام دكتاتوري مع بن علي وكانت واجهة النظامين تحديثية متشبثة على مستوى الخطاب بالوحدة الوطنية. وبمرور الزمن غفلنا عن واقعنا. واليوم فاننا نكتشف أن القبلية لم تختف. نعم أقول ان بعض الجهات في تونس مازالت تعيش تركيبة مزدوجة حداثية في جانب منها عروشية أو قبلية في جانب اخر، وما اكتشفناه اليوم بحكم ضعف الدولة هو بروز ما كان مخفيا ربما بايعاز من أطراف لا تريد لتونس تحولا ديمقراطيا، القبلية والعروشية واقع لا يشكر ولا يذم في حد ذاته انه معطى تاريخي لا يمكن تجاوزه بارادة سلطوية فحسب بل بتنمية شاملة للبلاد وقطع مع رواسب نظام اقتصادي يهمش نصف البلاد ويجعل متساكنيها متشبثين بمصدر تضامني يرتكز على القرابة ويستقل بذلك عن الدولة.
في اعتقادي أن ضعف الدولة يعرض البلاد اليوم الى التجاوزات التي لاحظناها والى العنف وأعتقد جازما أن انتخاب مجلس تأسيسي واعادة بناء الدولة على أساس ديمقراطي وتبني سياسة اقتصادية عادلة هو الحل الوحيد والجذري لتجاوز ما عشناه وهذا سبب اخرللتشبث بموعد الانتخابات.
سياسيا وقانونيا ماذا يمكن أن يعني تأجيل أوالغاء الانتخابات لاي سبب من الاسباب؟
الجواب سهل للغاية وعدم تنظيم الانتخابات في أجلها الثاني في الواقع سيكون كارثة بأتم معنى الكلمة وفشل للثورة، نحن نتحدث عن أهداف الثورة وتحقيقها لكن الهدف الاول والاساسي ووسيلة تحقيق كل الاهداف الاخرى هواعادة بناء الدولة، والسبب الاساسي الذي يجعلني أقول أن تأجيلا اخرللانتخابات سيكون كارثيا وما لاحظناه في الايام الاخيرة من تصدع في رأس هرم الدولة بين السلطة السياسية المؤقتة وأطراف تنتمي الى الامن الداخلي. ان علماء السياسة يعرفون الدولة باحتكارها للضغط المسلح وكل أزمة تمس بهذه النقطة بالذات لا تهدد السلطة المؤقتة فقط أو حتى المسار الديمقراطي بل تهدد كيان الدولة وهذا ما يجعلني أعتبر أن تنظيم الانتخابات في موعدها ليس ايمانا بالديمقراطية فقط ولكنه من أوكد متطلبات الوطنية.
3 أقطاب حزبية
الاحزاب على كثرتها لم تنجح في استقطاب الرأي العام وما نلاحظه اليوم وقبل شهر ونصف على موعد الانتخابات أن هناك أزمة ثقة وحيرة عميقة لدى المواطن في تحديد خيار واضح خلال الانتخابات؟ شخصيا لا أستطيع استحضار اسماء أكثر من عشرين حزبا من بين أكثر من مائة حزب في البلاد، ومع ذلك أعتقد أن الخارطة السياسية في تونس رغم تعدد الاحزاب واضحة وهي تتركب من أقطاب ثلاثة هناك قطب حداثي ولم أقل علمانيا أي قطب متشبث بما أسميه طريقة حياة تونسية. هناك قطب ثان له مرجعية اسلامية لكنه على مستوى برنامجه السياسي متشبث بدولة مدنية وقطب ثالث مرتبط على مستوى أفكاره ورموزه بالحزب الذي حكم تونس منذ الاستقلال وان نحن ميزنا بين هذه الاقطاب الثلاثة سيكون الاختيار سهلا لان الاهم ليس اختيار الحزب أو القائمة المستقلة بل تحديد موقعنا من هذه الاقطاب الثلاثة.
لكن هناك مسألة أخرى كان ولايزال لها دورها في تفاقم حيرة المواطن وعزوفه حتى الان وهي مسألة المال السياسي التي طفت على السطح وقد تجاهلت أغلب الاحزاب التي دخلت في مبارزة لاستعراض أرصدتها المالية دون تقديم أفكار أو برامج أومبادرات تنفع البلاد والعباد أن المواطن لديه نوع من الحساسية والريبة ازاء مصادر هذه الاموال وازاء كل ما يمكن أن يؤشر الى ظاهرة الفساد المالي والسياسي فما الذي يعرقل حتى الان تقنين هذه المسألة؟
قضية المال السياسي قضية خطيرة لكن لا بد من اعطائها موقعها الصحيح من ناحية أولى لا بد لاحزاب عاشت التهميش وحرمت من الاعلام والتواصل مع المواطنين من الحصول على المال الذي يمكنها في بضعة أشهر من أن تتقدم الى انتخابات وطنية ولا يمكن أن نلوم كل حزب يبحث عن مصادر تمويل تمكنه من تحقيق هدفه المشروع وأن يعرف بنفسه وأن يؤطر المواطنين وأن يتنظم ويتمكن من وسائل حديثة لايصال صوته، لا بد اذن من مال ولكن هناك خطوط حمراء كالمال الاجنبي والمال المجهول المصدر واستعمال المال لاشتراء الذمم. ولقد وضعت مشروع المرسوم المتعلق بتنظيم الاحزاب السياسية وقد تضمن كل هذه الخطوط الحمراء وحدد سقف تمويل الاحزاب وخاصة شرط الشفافية وتمويل الاحزاب، ولكن طال انتظارنا لصدور هذا المرسوم خاصة أنه ليس له أثر رجعي retroactive كما هو الحال بالنسبة لكل القوانين. (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 10 سبتمبر 2011)

<



مرسيليا – د. ب. أ : تحصل أربع دول عربية شهدت تحركات صوب المزيد من الحكم الديمقراطي العام الحالي على مساعدات بقيمة 38 مليار دولار من الدول الأعضاء في مجموعة الثماني لمعاونتها في تنفيذ المزيد من الإصلاحات . وسوف تذهب هذه الأموال إلى تونس ومصر حيث أرغمت الانتفاضات على تغيير نظم الحكم فيهما في وقت سابق من العام الحالي والى المغرب والأردن حيث قام الملك في كل منهما بتحرير القوانين على ضوء الاضطرابات المتزايدة. وإضافة إلى الاضطرابات في دول مثل سورية واليمن ، فان هذه الحركة تعرف باسم الربيع العربي. وتأتي هذه الخطوة في الوقت الذي اجتمعت فيه الدول الأعضاء في مجموعة الثماني وهى الولايات المتحدة وكندا وألمانيا وبريطانيا وفرنسا وايطاليا واليابان وروسيا ، في مرسيليا بفرنسا على هامش قمة مجموعة السبع التي لانضم روسيا، لبحث وضع الاقتصاد العالمي. وتجرى المحادثات بحضور ممثلين من عدة دول من حوض البحر المتوسط إضافة إلى زعماء المجلس الوطني الانتقالي الليبي الذي يسعى للإطاحة بشكل كامل بنظام العقيد معمر القذافي من ليبيا، ووعدت مجموعة الثماني في بيانها الختامي بتقديم مزيد من المساعدات إلى ليبيا قائلة: « نؤكد على أهمية الدعم الدولي لمساعدة المجلس الوطني الانتقالي على تعزيز نشاطه الاقتصادي (في ليبيا)، وخاصة تشجيع صادرات النفط والغاز ». كما أقر البيان كذلك بأن « الربيع العربي » يمكن أن يؤثر سلبا على استقرار الاقتصاد الكلي في المنطقة على المدى القصير، وخاصة من خلال تراجع إيرادات النشاط السياحي، وتعتبر مساعدات مجموعة الثماني جزءا من جهد متواصل لدعم التحرك نحو الديمقراطية في المنطقة . وتم التعهد بتقديم عدة مليارات من الدولارات . وسوف تأخذ المساعدات شكل قروض ائتمانية مصرفية للتنمية ومساعدات ثنائية من دول مجموعة الثماني ومساعدات من دول عربية أخرى مثل السعودية والكويت وقطر. (المصدر: صحيفة « الرياض » (يومية – السعودية) الصادرة يوم 10 سبتمبر 2011)

<


افتتحه الوزير الأول 45 مترشحا للمؤتمر السادس لرابطة الدفاع عن حقوق الانسان.. وحضور ضعيف للمرأة


افتتح عشية أمس الباجي قائد السبسي الوزير الأول في الحكومة المؤقتة فعاليات المؤتمر السادس للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان، وافاد أن مؤتمر الرابطة تزامن مع موافقة الحكومة على قانون الأحزاب وقانون الجمعيات والتغييرات التي أدخلت على القضاء العسكري الى جانب المصادقة على اتفاقية مع الأمم المتحدة. وتقدم مختار الطريفي رئيس رابطة حقوق الانسان في مداخلته بالشكر للحكومة المؤقتة على تقديمها لدعم مادي للرابطة من أجل اعدادها لأشغال المؤتمر واعتبر أن شباب تونس قد أهدى الحقوقيين موعدا انتظروه لـ11 عاما. وأعلن الطريفي أن الرابطة قد أعادت فتح مقراتها في جميع أنحاء الجمهورية كما أكد على ضرورة انجاح المسار الديمقراطي مع عدم السماح لمن أخطأ بالهروب من العقاب وتوجه في ختام حديثه الى الحكومة المؤقتة بطلب الغاء حكم الاعدام والامضاء على بقية بروتكولات حقوق الانسان العالمية التي تنص على ذلك. ووفقا لما علمته « الصباح » بلغ عدد المترشحين لانتخابات مكتب رابطة حقوق الانسان 45 مترشحا سيحدد صندوق الاقتراع يوم غد الأحد أعضاء الهيئة المديرة التي تتكون من 25 عضوا ومنهم سيتم اختيار أعضاء المكتب التنفيذي للرابطة ويمكن أن يكون اما 9 أو 11 عضوا طبقا للاتفاق الذي سيعلن مسبقا علما وأن عدد المؤتمرين يبلغ 203 مؤتمر. وتجدر الاشارة الى أن الافتتاح قد شهد حضور عدد من الأمناء العامين للأحزاب نذكر منهم أحمد ابراهيم ومصطفى بن جعفر وشكري بلعيد… وحقوقيين وممثلي جمعيات ومنظمات محلية وأخرى أجنبية.. قائمة المترشحين في المؤتمر تمكنت « الصباح » من الحصول على أسماء 41 مترشحا لانتخابات مكتب الرابطة اتسمت بحضور ضعيف للعنصر النسائي وهم : شكري الذويبي، هشام بوعتور، زهير اليحياوي، مسعود الرمضاني، صلاح الوريمي، منجي سالم، محمد الشامخ، نور الدين فلاح، ناجي مرزوق، لسعد جموسي، فتحي الهمامي، محمد علولو، محمد عطية، حميدة الدرسي، عبد الرحمان الهذيلي، جمال مسلم، عبد المجيد المسلمي، محمد نجيب الشابي، عبد الرزاق العثمني، محي الدين لاغا، محمود الوسلاتي، رضا بركاتي، حليمة الجويني، آسيا بلحسن، محمد صالح الخريجي، أحمد القلعي، أنور القوصري، علي الزديني، بلقيس مشري، حمادي الزغبي، روضة الدريدي، الهادي بن رمضان، على بن سالم، زهير اليحياوي، لطفي الحاجي، الشادلي المغراوي، رياض الغربي، أحمد الجدغاوي، المولدي عجلاني، المنجي بن صالح. ريم سوودي (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 10 سبتمبر 2011)

<



توالت في الايام الاخيرة عديد الترشحات للمجلس التاسيسي من قبل وجوه رياضية شهيرة على غرار شكري الواعر والمنجي بحر وفوزي البنزرتي وياسين بوشعالة وصابر بن فرج وصلاح الدين الزحاف ومهدي بن غربية…هذه الترشحات فتحت بابا كبيرا للنقاش في الشارع التونسي ونقطة الالتقاء بين كل الاجيال التي تحاورت على شبكات الموقع الاجتماعي »الفايسبوك » كانت الرفض القاطع لوجودهم. افضل ما قيل عن هذه الترشحات هو ان الاتحاد الدولي لكرة القدم سيشرف على انتخابات المجلس التاسيسي! احدهم استغرب من ترشيح شكري الواعر على احدى القائمات في دائرة تونس 1 وقال: قائمة على رأسها الدكتور أبو يعرب المرزوقي وقائمة أخرى على رأسها شكري الواعر… « كان يربح شكري الواعر أنا البلاد نهج منها ». وذهب كثيرون الى تفسير تعدد ترشحات الوجوه الرياضية انها خدعة يعتمدها أصحاب الجاه من رجال الأعمال لحماية نفوذهم… إيمانا منهم أن التونسي لا يفقه شيئا في السياسة وتسيره العاطفة، معتبرين ذلك تفاهة وغباء سياسيا فالتونسي اذكى من ذلك بكثير. اللاعب صابر بن فرج نال النصيب الاوفر من الانتقادات اذ وقع تنزيل التصريح التلفزي الذي ادلى به ايام المخلوع وعدد خصاله وناشده الترشح لانتخابات 2014 واطلقوا عليه اسم المناضل كما ذكروا بحركته اللأخلاقية ضد الترجي عندما كان يلعب في صفوف النجم الساحلي. اخرون اكدوا ان الاحزاب التجمعية تستعين بوجوه رياضية مشهورة على رؤوس القائمات الانتخابية من اجل استقطاب الشباب. لذلك نشروا صورة للواعر يحمل العلم التونسي كتب عليها لن نصوت لك. وفي المقابل لم يتحدث احد عن ترشح ياسين بوشعالة بالسوء ربما لتوفر كل الشروط في هذا اللاعب اهمها الاستاذية في الحقوق. اسمهان العبيدي (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 10 سبتمبر 2011)

<


فنانون على رأس قائمات انتخابية للمجلس التأسيسي عندما لا يكون المبدع بمعزل عن الحياة السياسية


يتقدم عدد من نجوم الفن والثقافة على رأس قائمات انتخابية مستقلة أو ممثلة لأحزاب سياسية لانتخابات المجلس التاسيسي ومن بين هؤلاء نذكر مخرجة «خشخاش» و«حبيبة مسيكة» سلمى بكار على رأس قائمة القطب الديمقراطي بجهة بن عروس باعتبارها تمثل حزب حركة التجديد كما ترشحت صاحبة فضاء التياترو بتونس زينب فرحات على قائمة مستقلة تسمى «قائمة دستورنا» بتونس 2 وكان من المنتظر أن يترشح رؤوف بن يغلان على رأس قائمة مستقلة بأريانة لكنه عدل عن ذلك في آخر وقت. وذكرت سلمى بكار أنها تخوض تجربة الانتخابات لأول مرة في حياتها سواء كناخبة أو كمترشحة ، وأضافت بأن الفنان ليس بمعزل عن الحياة السياسية في بلاده ولهذا انخرطت في حزب التجديد الذي ينادي حسب تقييمها بالقيم التي ينادي بها الفنانون وهو التطور والحداثة والديمقراطية. رأس مالنا الرمزي نجوميتنا أما زينب فرحات فقد ذكرت أن ترشحها كان بناء على طلب وإجماع من طرف كل الأطراف في قائمة «دستورنا» وقالت أن المرحلة القادمة ستكون مصيرية في تونس لهذا قبلت دخول هذه التجربة وهي القادمة من تاريخ نضالي وثقافة قانونية هامة ضمن المجتمع المدني وخاصة في صفوف جمعية النساء الديمقراطيات أو الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان. وأضافت زينب فرحات أن قائمة «دستورنا» تعبر عن أفكارها وتوجهاتها في مستويات عدة منها الدعوة لبرنامج ثقافي وطني والمناداة بالعلمانية والمساواة الكاملة وتعليق المديونية التونسية. وبين رؤوف بن يغلان أنه كان ينوي بالفعل الترشح على رأس قائمة ائتلافية مستقلة بأريانة لكنه عدل عن ذلك في آخر أجل لتقديم الترشحات بعد أن أفضت دراسته إلى عدم وجود ظروف مناسبة لأنه يرفض المشاركة لمجرد المشاركة ، ورفضا منه للصمت والتعاطي السلبي مع الأحداث ، ذكر بن يغلان أنه سيكون في المقابل حاضرا في بعض المبادرات مع قائمات مستقلة أو أحزاب لتنشيط الحملات الانتخابية والدعوة إلى انتخابات نزيهة وشفافة. وفي سؤالنا عن الظروف التي حالت دون ترشحه قال بن يغلان إنها متعلقة بمسائل تمويل بالأساس وقد تراءى له أنه غير قادر على منافسة من أسماهم بالمتسلطين بالمال على السياسة برأس ماله الرمزي وهي نجوميته ، وبين في هذا الصدد أن الثورة التونسية لم يقم بها الأثرياء بل المحتاجون والجياع لكن للأسف اليوم المال هو الذي يعلو على صوت الشعب واليوم المليارات تصرف في الدعاية الإعلامية من طرف الأحزاب ليقولوا لنا إنهم يدافعون عن البطال أليس من الأحرى بهم القيام بمشاريع ومصانع لهذا المواطن التونسي الذي لا يجد عشاء ليلة أحيانا… لمين النهدي و«الحزب اللطيف» من جهة أخرى أفاد البعض من الفنانين ممن اتصلنا بهم حول الموضوع أن أحزابا سياسية طلبت ودهم لكنهم رفضوا ذلك على غرار المسرحي لمين النهدي الذي قال لنا مازحا أنه لن يغير حزبه أبدا وهو «حزب لطيف»، وحزب لطيف لمن لا يعرف المصطلح من القراء غير التونسيين هو احتفاء أو احتفال يقام في تونس بمناسبة (زواج ، شراء منزل، حفل ختان…) أما البعض الآخر من الفنانين فقد انتقدوا سياسية الأحزاب بعد 14 جانفي واعتبروها شبيهة بحزب التجمع المنحل الذي اعتمد سياسة الركوب على شعبية وجماهيرية البعض من المغنين والممثلين لتلميع صورته وخدمة أغراض القمعية وأكدوا على أن للفنان مهمة خاصة وخطاب رفيع يتطلب منه مسافة مع كل ما هو سياسي. وتجدر الإشارة إلى أن خوض فنانين ونجوم لتجربة سياسية في العالم ليس سابقة في تونس بل سبقتها تجارب عديدة في العالم آخرها الانتخابات البرلمانية بمصر في حكم الرئيس السابق حسني مبارك (ديسمبر 2010) حيث تميزت بمشاركة ساخنة لبعض النجوم المصرية التي عرفت بمعارضتها لنظام حسني مبارك مثل عبد العزيز المخيوني وسميرة أحمد. ولم يكن خروج سميرة أحمد مرشحة حزب الوفد من لعبة السياسة هادئا بل كان بمثابة الزوبعة حيث أكدت تعرضها للعنف وتعرض سيارتها للتهشيم يوم الانتخابات من طرف «بلطجية». أما خارج المنطقة العربية فإن عادة ترشح نجوم الفن لمناصب سياسية منتشرة بكثافة ولعل وصول «رونالد ريغن» إلى البيت الأبيض بالولايات وهو القادم من مجال التمثيل أكبر دليل على ذلك كي نقتصر على التجارب البادية أكثر للعيان. وحيد عبد الله (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 10 سبتمبر 2011)

<



تونس «الشروق» يتقلب الجهاز الأمني التونسي منذ ثورة 14 جانفي 2011 في دائرة خانقة من التأزم الذي بلغ ذروته حين أقدمت بعض النقابات الأمنية على محاولة عزل آمر الحرس الوطني والدخول في احتجاجات علنية ورفع شعارات خطيرة . فرفع شعار «اعتصام اعتصام حتى سقوط النظام» أصاب الكثير من المواطنين والسياسيين بالذعر لأن شعار «إسقاط النظام» لم يرفعه تونسيون مدنيون بل رفعه رجال ينتمون إلى جهاز عرف منذ الإعلان عن الجمهورية بانضباطه تسوسه «التعليمات» التي تنفذ دون نقاش لأن كل محاولة لمناقشة هذه «التعليمات» لا تعني إلا الإحالة على مجلس التأديب أو ربما العزل لكن ما الذي دفع بنقابات الأمن إلى رفع أصواتهم عاليا والدخول في مسلسل من الاحتجاجات؟هذا السؤال يحتاج إلى الوقوف على نسق الأحداث التي تواترت منذ الثورة فأكبر الاحتجاجات الشعبية التي ساهمت في هروب بن علي وإسقاط نظامه قادها الشعب يوم 14 جانفي أمام وزارة الداخلية التي تربض في شارع الحبيب بورقيبة وكانت تلك رسالة بليغة وجهها الشعب إلى بن علي ورموزه السياسيين بأن عهد الظلم قد انتهى دون رجعة. وكان الجهاز الأمني بأعوانه ومقراته أول وأكبر المستهدفين منذ انطلاق أحداث الثورة فأحرقت مئات المراكز والمناطق الأمنية ونهب ما فيها من أسلحة ووثائق لإطفاء ظمإ الغضب الشعبي الهائل الذي كاد يأتي على كل شيء لولا الهدوء النسبي الذي خيّم على البلاد منذ شهر مارس 2011. مع حلول شهر مارس بدأ الجهاز الأمني في محاولة لاسترجاع ثقة الشعب التي نسفتها الثورة وبدأ معها الحديث عن إصلاح المنظومة الأمنية وأطلقت وزارة الداخلية رسائل إلى التونسيين بأن العقيدة الأمنية ستغيير نحو الأفضل وسيكون الأمن «جمهوريا» وقد كان من الضروري الإسراع بهذا الإصلاح حتى تستوفي العدالة الانتقالية كل شروطها. ودخل رجال الأمن في مرحلة حرجة حاولوا من خلالها استعادة ثقة التونسيين في مؤسستهم الأمنية بشتى الطرق فانطلقت دورات التكوين والرسكلة وتعديل القوانين والقرارات وعزل الكثير من المسؤولين الأمنيين الذين حامت حولهم الشكوك لتورطهم مع النظام السياسي السابق وغيرت أسماء أخرى لقيادة الإدارات الأمنية في الشرطة والحرس ووحدات التدخل. إصلاح متسارعانخرطت وزارة الداخلية ومن ورائها الحكومة المؤقتة في نسق إصلاحي متسارع حيث أسندت زيادات في الأجور بمقدار 120 دينارا لكل عون وفتح باب الترقيات على مصراعيه وتحسين الوضعيات المهنية لإنصاف الآلاف من الإطارات والأعوان وأعيد أكثر من 1700 بين أعوان وإطارات من المعزولين إلى سالف عملهم وشمل قرار العودة حتى الأعوان الذين ارتكبوا جرائم مخلة بالشرف وسمح بتكوين نقابة للأمن بعد تنقيح الفصل 11 من القانون الأساسي المنظم للأسلاك الأمنية… لكن الجهاز الأمني ظل مهزوزا ومتأزما وغير مستقر على حال. بعد فترة من الهدوء النسبي التي تشكلت فيها نقابات الأمن والحرس والحماية المدنية عاد الجهاز الأمني خلال الأسبوع الماضي إلى مربع التأزم والاهتزاز حين أقدمت نقابات الحرس الوطني والحماية المدنية على الدخول في مفاوضات مع القيادة العامة للحرس لعزل مجموعة من الضباط بدعوى انتسابهم إلى ما أسموه «منظومة الفساد» وكانت تلك ذروة الصراع الحقيقي بين النقابات والقيادات الأمنية وقررت النقابتان عزل آمر الحرس الوطني على خلفية عدم انصياعه لطلبات النقابة. لكن ما خفي في ردهات هذه الأزمة التي نعتها الكثيرون بالمحاولة الانقلابية» يؤكد أن الاحتقان مرده اعتبار آمر الحرس الوطني «جسما غريبا» عن الجهاز الأمني فالرجل كان ضمن أحد جنرالات المؤسسة العسكرية رغم ما عرف عنه من انضباط وكفاءة عالية في إدارة سلك الحرس الوطني. تجاذبات الأجهزة؟وما يدعم هذا التمشي أن الجهاز الأمني لم يتناغم مع المسؤولين القادمين من المؤسسة العسكرية ولعل إقالة الجنرال أحمد شابير المدير العام السابق للأمن الوطني في شهر مارس الماضي قد تؤكد صحة الاعتقاد بأن بعض القياديين الأمنيين القادمين من المؤسسة العسكرية لم يفلحوا في التأقلم مع المؤسسة الأمنية رغم التنسيق الكامل وعلاقات التعاون بين المؤسستين في تأمين الهدوء وحماية الممتلكات الخاصة والعامة ومكافحة الشغب والتصدي لعمليات النهب والحرق التي طالت كل أنحاء البلاد تقريبا. ودون الخوض في بعض التأويلات التي يقول أصحابها إن بعض «الأيادي الخفية» تحرك النقابات الأمنية وتحرضها على العصيان والتمرد والتي تحتاج إلى إثبات فإن أحد المسؤولين الأمنيين البارزين في وزارة الداخلية اعتبر أن انتماء الكثير من الأعوان المعزولين العائدين إلى النقابات الأمنية ساهم بشكل غير مباشر في التحركات الاحتجاجية النقابية الأخيرة. غير أن ما يلفت الانتباه أن قيادات المؤسسة الأمنية تجد نفسها اليوم في وضعية حرجة فعدم قدرتهم على الخروج من نفق التجاذبات مع النقابات بالشكل المطلوب حتى يعود الهدوء إلى البلاد وتستقر أوضاع المؤسسة الأمنية يطرح أكثر من سؤال. لكن بعض المقاربات تخيلنا إلى محاولة الإجابة عن بعض هذه الأسئلة فوجود وزارة الداخلية بين خيارين اثنين أصابها بشيء من التردد في حسم المسألة الخيار الأول تلبية استغاثات المواطنين ومطالبة الشعب باستقرار أمني والايفاء بتعهدات استعادة الطمأنينة وضمان سلامة الانتقال إلى المرحلة السياسية المقبلة بأقل الأضرار والخيار الثاني قد يكون أصعب من الأول وهو إرضاء النقابات الأمنية وتلبية مطالبها المادية والمهنية في وقت زمني وجيز وإجراء تعديل جذري على القانون عدد 4 الصادر سنة 1969 المتعلق بالتدرج في استخدام القوة لحماية أعوان الأمن من المحاسبة القضائية لهم جراء استخدامهم للرصاص لتفريق المظاهرات الاحتجاجية وهو مطلب رئيسي رفعه الأعوان منذ شهر فيفري 2011 وتبنته النقابات التي اعترضت على إحالة عشرات الأمنيين أمام القضاء العسكري بتهمة قتل الشهداء. الواضح من خلال المؤشرات الراهنة أن الحكومة مطالبة أكثر من ذي قبل بتوخي إصلاح حقيقي لجهاز الأمن التونسي واتخاذ قرارات شجاعة لتشخيص مكامن الدّاء المستفحل داخل المؤسسة الأمنية انطلاقا من أن الأمن ضرورة قصوى لتأمين الانتقال الديمقراطي والواجب تحييده عن كل حسابات أو صراعات سياسية حتى يكون أمنا جمهوريا أمنا مختلفا عن أمن بن علي المسيّس إلى حدّ النخاع. 16 قرارا لتحسين الأوضاع المهنية والاجتماعية لأعوان قوات الأمن الداخلي أقدمت وزارة الداخلية ومن ورائها الحكومة المؤقّتة منذ الثورة على اتخاذ قرارات عديدة لتحسين الاوضاع المهنية والاجتماعية لأعوان قوات الأمن الداخلي استجابة للمطالب المرفوعة وتحقيقا للأمن والاستقرار بالبلاد، وتعلقت هذه القرارات بـ: 1 ـ محو جميع العقوبات الادارية للاعوان بدرجتيها الاولى والثانية (شرطة، حرس وطني وحماية مدنية). 2 ـ إرجاع الأعوان الموقوفين الى سالف عملهم. 3 ـ ارجاع الأعوان المعزولين (حوالي 3700 عون شرطة، حرس وطني وحماية مدنية) والأعوان المستقيلين (حوالي 350 من الاسلاك الثلاثة). 4 ـ اسناد مكافأة مالية استثنائية لكافة الأعوان قدرها 120 دينارا خلال شهر فيفري 2011. 5 ـ احداث منحة تكاليف خاصة قارة بالمرتب تسمى المنحة الخصوصية الامنية تراوح مقدارها الخام بين 35 و140 دينارا حسب الاصناف والرتب. 6 ـ الترفيع في منحة العمل الليلي لتصبح 3 دنانير لليلة الواحدة عوضا عن 200 مليم للساعة الواحدة. 7 ـ ترقية الأعوان المتوفين (حوالي 10 أعوان) أثناء ادائهم للواجب بصفة استثنائية ومؤازرة عائلاتهم وكذلك ترقية الأعوان المصابين باصابات بليغة بصفة استثنائية. 8 ـ ترقيات بنسبة 100 بالمائة بالنسبة للرتب الصغرى والوسطى (حوالي 6 آلاف بالنسبة للاسلاك الثلاثة). 9 ـ الاستجابة لمطالب نقل الاعوان لأسباب اجتماعية وتقريبهم من جهات سكناهم (حوالي 9 آلاف بالنسبة للاسلاك الثلاثة). 10 ـ تم التخفيض في معلوم كراء الشقق التابعة لديوان السكن بنسبة 20 بالمائة وسيتم العمل على توفير محلات سكنى اضافية لفائدة الاعوان. 11 ـ اعداد قرار مشترك خلال شهر فيفري 2011 بين وزراء النقل والمالية والداخلية يتعلق بالنقل المجاني لاعوان قوات الامن الداخلي. 12 ـ اصدار مرسوم مؤرخ في 25 ماي 2011 يتعلق بالسماح بالعمل النقابي لقوات الأمن الداخلي. 13 ـ الشروع في مراجعة القوانين الأساسية لقوات الأمن الداخلي من حيث الهيكلية والتنظيم. 14 ـ تسوية وضعية هيئة الرقباء وذلك بحذف رتبة رقيب من الصنف الاعلى وادماج اصحاب هذه الرتبة في رتبتي حافظ أمن أو عريف والتخفيض في سنوات الاقدمية المطلوبة للترقية الى رتبتي رقيب اول وحافظ أمن او عريف. 15 ـ اسناد مساعدات مادية لعائلات المتوفين. 16 ـ اسناد المصابين بطلقات نارية مساعدات مالية. ناجي الزعيري

<



بقلم بسام بونني
ما يرعبني في فصيل من قادة الرأي وصنّاعه في تونس ما بعد الثورة هو يقيني بعدم إيمانهم بالديمقراطية أو على الأقلّ بالثورة التونسية وروحها ومبادئها. ليس الأمر تخمينا منّي ولا اجتهادا بل هو تقاطع لتجربتي مع تجربة هؤلاء. في ظروف معيّنة، تعرّفت لبعض منهم عن قرب وأصغيت إليهم دون أحكام مسبقة حتّى وإن رافقتهم سيول من الاتّهامات. لكن، في كلّ تحرّك، يؤكّد هؤلاء أنّهم لا يستطيعون الانخراط في الحدّ الأدنى ممّا تفترضه مختلف فصول عملية الانتقال الديمقراطي. تردّدت كثيرا قبل الخوض في هذا الموضوع لأنّ على هشاشة وضع هذا الفصيل وافتقاده لأبسط مقوّمات المصداقية، لا يمكن أن أخفي اشمئزازي من الحملات التي على صحّة ما تقدّمه من مبرّرات في غالب الأحيان تتحوّل إلى تصفية حسابات. وهذا السلوك لا يساهم، في الواقع، في تجاوز معوّقات المرحلة لعدم خلوّ بعض المواقف من خلفيات ليست بالضرورة بريئة. أقول قولي هذا لأنّي صحفي وبحكم صفتي تلك تحكمني أخلاقيات لا يمكن تجاوزها تحت أيّ ظرف من الظروف. لا يخفى على أحد أنّ من قادة هذا الفصيل هو السيد محسن مرزوق الذي أسالت مواقفه المتعدّدة منذ الرابع عشر من جانفي وحتّى قبلها الكثير من الحبر. عرفت السيّد مرزوق منذ سنوات قليلة والتقيته أكثر من مرّة وتبادلنا أطراف الحديث حول التغيير الديمقراطي في تونس والعالم. أذكر جيّدا لقاء أجراه على قناة “حنّبعل” أيّام بن علي أعلن فيه مراجعة جذرية لمواقفه في الجامعة التونسية وخاصّة موقفه من الإسلام السياسي واعتبر استئصاله لهذا التيّار السياسي خطأ فادحا. كان التصريح في قناة خاضعة لنظام زين العابدين بن علي قويّا إلى درجة أنّ صحفيين ومحلّلين تلقّوا هذا التصريح بكثير من التفاؤل. لكن، ما إن طويت صفحة بن علي حتّى تراجع الرجل عن مراجعته وعاد إلى مربّعه الأوّل. طبعا، ليس هذا موضوعنا، وإن كان قوسا هامّا في تركيبة السيد مرزوق الفكرية. في تلك الأيّام شديدة السخونة من ثورتنا المجيدة والتي عشناها بجوارحنا، احتضنت الدوحة أشغال الاجتماع الوزاري للدورة السابعة لمنتدى المستقبل. في الكواليس، لم يكن هنالك من حديث سوى عن تونس والتونسيين وقرب سقوط نظام بن علي. وفي حين كان ينتظر المشاركون أن يتطرّق البيان الختامي للاجتماع للوضع المتفجّر في تونس، أصرّ السيد مرزوق أن تخلو الوثيقة من أيّ إشارة لما سيصبح إحدى أهمّ صفحات تاريخنا المعاصر ! بعد أربع وعشرين ساعة، تحوّل شارع الحبيب بورقيبة في تونس العاصمة إلى ملكيّة شعبية واتّجهت كلّ المؤشّرات إلى أنّ سقوط بن علي لم يعد سوى مسألة ساعات. يومها، تلقيّت مكالمة من السيّد مرزوق. لم أعهده بتلك العصبيّة وهو الشخص الهادئ الذي يحسن إدارة النقاشات والحوارات. كان يصرخ في الهاتف : “يجب أن يبقىفي الحكم وإلاّ سيكون الفراغ” ! أذهلني كلام السيد مرزوق في الوقت الذي كنت أنسّق فيه مع بعض السياسيين في تونس وخارجها بعض اللقاءات مع وسائل إعلام دولية لمزيد الضغط على نظام يعيش ساعاته الأخيرة، بعد أن حاولنا قبل يوم دون جدوى ثني رموز سياسيين وحقوقيين عن الرمي بطوق نجاة لبن علي بعد مسرحية الخطاب الثالث. انطلق السيّد مرزوق في تعداد حالات الانغلاق السياسي التي عرفها العالم في أوضاع مماثلة ووصف ما يجري في تونس ب”المأزق الخطير”. كنت أصغي غير مصدّق. طرح ما كان يعتبره آنذاك “بدائل تضمن استقرار البلاد”. إجابتي في نهاية المكالمة لم تكن لتعجب محدّثي : “الكرة في مرمى الشعب الآن”. لم يكن السيد مرزوق الوحيد الذي كان يؤمن بهذا التوجّه. فقد فاجأ الحزب الديمقراطي التقدّمي وحركة التجديد الرأي العام التونسي بترحيبهما ب”عدم ترشّح بن علي لانتخابات 2014″ واستعدادهما للإصلاح، في الوقت الذي كانت السيناريوهات تُحبك للالتفاف على مطالب شعب أنهكته أسابيع من الدماء وقضّت مضجعه حالة غير مسبوقة من تغوّل آلة القمع. تتوالى الأيّام وتتشابه. في لحظة حرجة، يقف السيد مرزوق والقوى السياسية ذاتها التي قبلت بفتات بن علي ضدّ اعتصام القصبة الثاني ومطلبها الأساسي، المجلس التأسيسي. اليوم، وأنا أشاهد دفاع الرجل باستماتة عن فكرة استفتاء يحدّد صلاحيات المجلس التأسيسي وفترة عمله، من الشرعي التساؤل : هل اقتنع الرجل ولو للحظة واحدة بفاعلية الشارع كقوّة ضغط وهو الذي يهاجم معارضيه بتهمة واهية وهي الخوف من الشعب ؟ الإجابة جاءت من الرجل نفسه حين قال في برنامج حواري بُثّ مؤخّرا على القناة “الوطنية” : “إنّ خمسين ألف شخص لا يمكن أن يمثّلوا تونس”. وكان يقصد الآلاف من أولئك الذين أسقطوا حكومة السيد محمد الغنوشي. ثمّ، هل يؤمن الرجل حقّا بالتغيير الديمقراطي الذي يستبعد فعليّا أنصاف الحلول ؟ شخصيا، أرى عودة السيد مرزوق إلى تونس جاءت في صيغة المبشّر. فخطابه فوقيّ عمودي لا يخلو من لهجة الملقّن غير المبرّرة، حتّى وإن كان قطاع واسع من التونسيين لا يمسك بكلّ آليات العملية السياسية ولا يفهم بالضرورة كلّ خطوة من الخطوات التي من شأنها أن تضع تونس على الطريق السويّ. وأظنّ أنّ الرجل يعي أنّ وضعه في تونس غير مريح بالمرّة. فقطاع واسع من الرأي العامّ سئم التأرجح في حلحلة أمّهات القضايا وتجنّب الخوض في صميم الانتقال الديمقراطي والذهاب بالبلاد إلى فرضيات غير محسوبة لخروجها عن الوفاق العامّ، سياسيا وشعبيا. ففكرة الاستفتاء، على عكس ملفّات أخرى كموعد الانتخابات أو العقد الجمهوري، لم تحظى بقبول واسع من معظم القوى السياسية والمدنية والشعبية. لكنّ إحجام الحكومة عن الحسم في موقفها النهائي والمبدئي إزاء هذه الفكرة يطرح أكثر من نقطة استفهام، خصوصا أنّنا على مرمى حجر من موعد انتخابي تاريخي سيحدّد معالم البلاد للعقود المقبلة. أعتقد أنّ السيّد مرزوق أخطأ العنوان مرّة أخرى لأنّه لم يؤمن بالثورة التونسية وهدفها الأوّل والأخير وهو إسقاط النظام. ومن لم يفهم ذلك الشعار الساحر الذي انتقل إلى شوارع دول أخرى لا يمكن له أن يفهم مزاج شعب يريد أن يقطع جذريا مع كلّ ما هو مشبوه. وقد كشفت برقية ديبلوماسية نشرها موقع “ويكيليكس” أنّ السيد مرزوق طلب من أحد الديبلوماسيين الأمريكيين أنّه في حال تغيّر النظام “لا بدّ من ضمانات للمحيط القريب من بن علي”، وهي العبارة التي فسّرها المسؤول الأميركي بأنّه يقصد “العائلة الموسّعة” للرئيس السابق. ويتابع السيد مرزوق قوله إنّه “من غير تلك الضمانات من الصعب إجراء أيّ انفتاح سياسي”. تعود تلك البرقية إلى عام 2006 أي إلى الوقت الذي كان قطاع واسع من التونسيين مقتنعا، في لحظة إحباط، أنّ المشكل لم يعد بن علي بل محيطه، من عائلة ومستشارين، وأنّ استبعاد هؤلاء من الساحة السياسية والاقتصادية قد يخفّف من وطأة الضغط المفروض على تونس والتونسيين حتّى وإن بقي بن علي نفسه في الحكم. إنّ الأيّام تثبت رويدا رويدا أنّ الشارع لا يرحم من أساء تقدير الموقف قبل 14 جانفي وبعده. (المصدر: موقع المشهد التونسي الإلكتروني ( تونس ) بتاريخ 10 سبتمبر 2011)

<



أختي المواطنة، أخي المواطن تمر بلادنا بمرحلة دقيقة وحاسمة في تاريخها المعاصر، إذ بعد أن نجحت الثورة في الإطاحة بالدكتاتورية بكل ما كانت ترمز إليه من انفراد بالسلطة وفساد في التصرف وظلم للمواطنين، أصبح من واجب التونسيين العمل على بناء شرعية جديدة تقوم على قيم المواطنة والاختيار الحر لممثلي الشعب في كنف احترام الحقوق والحريات الفردية والعامة. إن القائمات المستقلة المنضوية داخل الائتلاف الديمقراطي المستقل، اختارت عن وعي المشاركة في هذا الحدث الوطني الهام بعيدا عن أي عنوان حزبي، وحرصا منها على تجنيب هذا الاستحقاق الوقوع في الاستقطاب الأيديولوجي والعقائدي، ترفض احتكار الحقيقة، وتدين لغة التكفير والتخوين، وتؤمن بأن الاستقلالية لا تعني الاستقالة أو الحياد السلبي تجاه قضايا الوطن والشعب والثورة، بقدر ما تشكل إضافة لتونس التنوع والتعددية. ونحن إذ نؤكد بأننا لسنا في خصومة مع الأحزاب مهما كانت ألوانها وراياتها، فإننا في المقابل نتمسك باستقلالية مبادرتنا، مخلصين لناخبينا، رافضين أي نوع من أنواع الازدواجية في الخطاب أو في الممارسة. إن انتخاب المجلس الوطني الـتأسيسي يشكل خطوة هامة في اتجاه بناء هذه الشرعية البديلة. وهو ما سنعمل مع كل الوطنيين الصادقين والنزهاء والمخلصين على إنجاحها وعلى افشال كل احتمالات تزييفها أو إجهاضها .ونعتقد بأن من مصلحة تونس وثورتها ومسارها الديمقراطي التعددي أن يكون المجلس الوطني التأسيسي المنتخب يوم 23 أكتوبر هيئة وطنية قوية وممثلة لمختلف مكونات الشعب التونسي بنسائه ورجاله وجهاته وتياراته الرئيسية، وأن يعتمد الوفاق كآلية لإدارة التنوع والاختلاف، وأن يجعل همه الرئيسي وضع دستور ديمقراطي وتقدمي، يضمن الحقوق الأساسية والمساواة بين جميع المواطنين دون أي تمييز قائم على اللون أو الجنس أو الاعتقاد. وأن يعمل المجلس على طمأنة التونسيين وإعادة الاستقرار وتحقيق التآلف بين مختلف مكونات الشعب، وأن يقطع الطريق أمام مختلف مظاهر الانتكاس والتمزق القبلي والجهوي أو الانتهازية والمطلبية المجحفة، وذلك بجعل مصلحة تونس فوق كل الحسابات. وإذ نؤمن بأن المجلس الوطني التأسيسي يجب أن يكون سيد نفسه، يستمد شرعيته من الشعب مصدر السلطات، إلا أننا نلتزم بالدفاع عن ألا تتجاوز مدة المجلس سنة، وندعو كل المرشحين من ممثلي الأحزاب والمستقلين إلى التوافق على ذلك، والإعلان عنه في بياناتهم الانتخابية، اعتقادا منا بأن حماية مصالح البلاد لن تتحقق إلا من خلال التعجيل باستكمال بقية محطات بناء الشرعية الديمقراطية، والانتقال في أسرع وقت إلى تنظيم انتخابات برلمانية ورئاسية وبلدية. وفي هذا السياق ندعو جميع الأطراف إلى التحلي بالمسؤولية ، والقبول بإجراء حوار وطني قبل موعد الاقتراع يرمي إلى وضع خارطة طريق لمرحلة ما بعد انتخاب المجلس الـتأسيسي، والنظر في الإشكاليات الرئيسية وفي مقدمتها اختيار رئيس جمهورية وفاقي وحكومة انتقالية، بعيدا عن منطق المحاصصة الحزبية ومخاطر الصراع على السلطة. وإذ نقر بأن المجلس التأسيسي يتمتع بصلاحية إصدار التشريعات الضرورية للفترة الانتقالية القادمة، إلا أننا ندعو إلى أن يتم ذلك في نطاق الضرورة حتى لا ينشغل الأعضاء عن إنجاز المهمة الرئيسية التي انتخبوا من أجلها والمتمثلة في صياغة الدستور، وحتى لا يتحول المجلس إلى برلمان أو سلطة مطلقة الصلاحيات، تخلط بين الأدوار، وتؤبد ما هو مؤقت. إن قائمات « الائتلاف الديمقراطي المستقل – طريق السلامة »، انطلاقا من وعيها بأن المجلس الوطني التأسيسي ليس برلمانا يستوجب تقديم برامج اقتصادية وسياسية كما يظن الكثيرون، وتذكيرا بأن هذا الائتلاف ليس حزبا توحد أعضاءه رؤية سياسية ملزمة لهم، تعلن بأنها ملتزمة بالدفاع داخل المجلس الوطني التأسيسي وعند صياغة الدستور بالدفاع عن المبادئ والقضايا التالية : 1 – النضال من أجل صيانة استقلالية القرار السياسي الوطني وقيم النظام الجمهوري وهوية تونس العربية الإسلامية المتجذرة في التاريخ، والمنفتحة على العالم، والضامنة للحقوق والحريات، والمستوعبة للمكاسب . 2 – احترام الصبغة المدنية للدولة والمجتمع، وذلك بالفصل بين السلطات وبين المؤسسات السياسية والدينية، بما في ذلك تحييد المساجد عن الصراع السياسي. والاحتفاظ بروح الفصل الأول من الدستور في اتجاه يؤكد مدنية الدولة ويرسخ مقومات هوية المجتمع التونسي العربية والإسلامية دون المساس من حقوق جميع المواطنين. 3 – العمل على ترسيخ قيم المواطنة وفي مقدمتها الكرامة والمساواة وحرية الاختيار. والتأكيد على ضرورة صيانة الحريات الأساسية، وفي مقدمتها حرية المعتقد والتعبير والصحافة. واعتبار أن التربية والتعليم في مقدمة الوسائل الكفيلة بتغيير العقليات وترسيخ قيم التسامح والاعتدال والاجتهاد والانخراط الواعي والعميق في النهوض بالمجتمع ثقافيا وسياسيا واجتماعيا. 4 – احترام حق الاختلاف الفكري والعقائدي مع رفض أي وصاية قد تمارسها مؤسسات وهيئات دينية أو سياسية أو حزبية مهما كان لونها الأيديلوجي أو المذهبي، والتصدي للنزعات المعادية لحق التدين لما في ذلك من تعد على حقوق الإنسان . فحرية المواطن في الاختيار هي أساس المواطنة ومرتكز النظام الديمقراطي المنشود. 5 – الوفاء للأبعاد التحررية والتقدمية في فكر رموز الإصلاح والتجديد في تونس منذ مطلع القرن التاسع عشر، ودعم مشروع التحديث الذي قطع التونسيون والتونسيات أشواطا هامة في إنجازه وترسيخه على صعيدي المجتمع ومؤسسات الدولة. تحديث لا يتنكر لمقومات الحضارة العربية الإسلامية في مختلف أبعادها المستنيرة، ولا يدير ظهره للقيم الكونية. 6 – الدفاع عن تدعيم سلطات البرلمان، وذلك بالتقليل من صلاحيات رئاسة الدولة لصالح السلطة التشريعية، بشكل يحقق الفصل بين السلطات المنتخبة ويضمن التوازن بينها، ويوفر آليات ناجعة وفعالة للمراقبة والمحاسبة الشعبية والقضائية، تحقيقا للشفافية، وضمانا للاستقرار السياسي. 7 – تحقيق إصلاح استقلال القضاء بشكل فعلي، وذلك بإصلاح المنظمة القضائية، ومنع كل أشكال تدخل السلطة التنفيذية في العدالة، واعتبار القضاة وهياكلهم المنتخبة المرجع الشرعي لكل إصلاح ومراجعة، والحيلولة دون العودة إلى استغلال القضاء لتصفية الحسابات السياسية، وعدم التقيد بالقوانين، وشيوع الظلم بين المواطنين . 8 – العمل على ترسيخ الديمقراطية المحلية، وذلك بدعم اللامركزية، وتقوية السلطات الجهوية من خلال مختلف هياكلها المنتخبة، بدء من مجلس الولاية وصولا إلى العمد والبلديات، مع تمتيعها بحق التصرف في الميزانيات المتأتية من الضرائب والتمويل العمومي، وتوسيع صلاحياتها لتشمل المجالات الاجتماعية الحيوية مثل الصحة والتنمية والتعليم والنقل . 9 – التنصيص في الدستور على وضع آليات لمحاربة الرشوة والفساد والانفراد بالتصرف في المال العام، والعمل على تكريس الشفافية بمفهومها الشامل باعتبارها الشرط الرئيسي لتحسين الاستثمار ومناخ الأعمال ومعالجة معضلة البطالة في البلاد. 10 – تحقيق العدالة الفعلية بين الجنسين واحترام المكاسب التي تحققت لفائدة الأسرة التونسية في مجلة الأحوال الشخصية والعمل على دعمها قولا وتشريعا وممارسة. 11 – التنصيص في الدستور على احترام الدولة ومختلف الأطراف الشريكة في عملية التنمية للحقوق الاقتصادية والاجتماعية المنصوص عليها في العهود والمواثيق الدولية، وذلك من أجل الحد من الخلل الفادح في فرص التنمية العادلة والمستدامة بين الجهات والفئات، و ورفض كل أشكال التمييز والحيف والقهر والضيم، أو التضحية بحقوق الأغلبية من المواطنين في مقابل نمو زائف ومغشوش. 12 – التجسيم الفعلي لشعارات الثورة عبر رفع المظالم عن ضحايا النظام السابق وإعادة الاعتبار لكل الذين تعرضوا للقمع والتعذيب وإرجاع الممتلكات المنهوبة لأصحابها، وإحداث هيئة وطنية للإنصاف والمصالحة تشرف على هذا المسار الذي سيكرس المحاسبة والمصارحة مع وضع مستقبل البلاد والشعب ومصالحهما العليا فوق كل اعتبار. 13 – إعطاء أولوية مطلقة في كل سياسات المرحلة القادمة لمشاغل الشباب ومطالبهم في المشاركة والشغل والحرية، بهدف فتح الآفاق الموصدة أمامه تربويا وثقافيا وسياسيا واقتصاديا ومعالجة معضلة البطالة التي يعاني منها مئات الآلاف بمن في ذلك حاملي الشهادات . 14 – تكريس انفتاح أكبر لتونس على محيطها المغاربي والعربي الاسلامي وعلى عمقها الإفريقي والأورمتوسطي، وتنويع شراكاتها دوليا للاستفادة أكثر من فرص الشراكة الدولية الجديدة . 15 – دعم كل قضايا التحرر في العالم وخاصة في فلسطين المحتلة، والعمل على تعميق علاقات استرتيجية مع مختلف الثورات العربية والشعوب الثائرة من أجل الكرامة والتحرر والعدالة والتنمية. فلا مستقبل للتنمية في تونس اقتصاديا وسياسيا وثقافيا إلا في إطار تعميق تجذرها في محيطها العربي والإقليمي. عاشت تونس – معا لتنتصر ثورة الكرامة نعم لسيادة حقيقية للشعب مصدر السلطات الكفاءة و النزاهة من أجل الفعاليّة

<



تونس «الشروق» ظلّ الغموض يكتنف مكالمات الساعات الأخيرة بين بن علي والعديد من المسؤولين والشخصيات الرسمية ولا أحد استطاع فكّ شفرات ما كان يتمّ التخطيط له في ظرف حالك تمرّ به البلاد. فقد تضاربت الشهادات الى حد التناقــــــض بين الفاعلين في الأحداث التي جدّت يومي 14 و15 جانفــــي 2011، واستنادا الى معطيات موثوقة فإن اتصالات هاتفية جرت بين رضا قريرة وزير الدفــــــاع السابق والفريق أول رشيد عمّار رئيس أركان جيش البرّ وقائد العمليات يوم الجمعة 14 جانفي مفادها أن قريرة قد يكون طلب من الجنرال عمّار في حدود الساعة الرابعة بعد الظهر تحرير «الرهائن» من أفراد عائلة الطرابلسي الذين ألقى عليهم سمير الطرهوني القبض في القاعة الشرفية من مطار تونس قرطاج وقال له «قال لي رئيس الدولة فمه مندسّين من الخوانجية يخدموا في الارهاب شدّو عائلته في المطار وما خلاوهمش يخرجو والرئيس يطلب القضاء عليهم وضربهم بالرصاص». قبل اقلاع الطائرة إلا أن رضا قريرة ينفي حصول هذه المكالمة رغم تأكيد صحّتها من قبل بعض الشهود، لكن الثابت ان الفريق أوّل رشيد عمار رفض استخدام القوّة العسكرية ـ حسب طلب قريرة ـ لتخليص عائلة الطرابلسي تجنبا لحصول اشتباكات مع فرقة مكافحة الارهاب… أو ربّما لترك الاحداث تسير على عواهنها ليتخلّص الشعب نهائيا من عائلة الفساد. وتفيد بعض المعطيات الموثّقة أن أمير اللواء الطيب العجيمي رئيس أركان جيش الطيران قد يكون اتّصل برضا قريرة وزير الدفاع قبل اقلاع طائرة بن علي من مطار العوينة العسكري لاعلامه بأن الرئيس المخلوع سيغادر البلاد فأجابه قريرة «يا خي الطيارة لتوّة ما أقلعتش فيسع… فيسع» وهو ما نفاه قريرة بشكل قطعي ولم ينف ما قاله للجنرال العجيمي، بعد اقلاع الطائرة الرئاسية «تبّع الطيّارة بالرادار حتى تغادر المجال الجوّي التونسي واعلمني وين ماشية». ظلّ أمير اللواء الطيب العجيمي يمدّ رضا قريرة وزير الدفاع بمسار الطائرة الرئاسية وأحاطه علما بالتعديلات التي أجريت على مخطط رحلة الطائرة الرئاسية وعدم استعمال علامة النداء (TUN01) التي يرمز بها إلى رئيس الجمهورية إذا كان مستقلا للطائرة أو عبارة STS/STATE الدالة على وجود زوجة الرئيس. 135 دقيقة مكالمات إلا أن المفاجأة الكبرى جاءت لاحقا من الادارة العامة للخطوط التونسية التي كشفت عن قائمة الأرقام التي اتصل بها بن علي من الطائرة التي أقلّته إلى مدينة جدة بعد مكاتبة الشركة الأمريكية المؤمنة للاتصالات الهاتفية من وإلى الطائرة الرئاسية وتدعى شركة «Satcom direct» وتضمن مكتوب الشركة الأمريكية التأكيد على أن بن علي أجرى عدة اتصالات هاتفية بمسؤولين تونسيين استغرقت حوالي 135 دقيقة منها حوالي 13 دقيقة مخصصة للمكالمات الهاتفية الثلاث مع رضا قريرة وزير الدفاع على جواله. وقد كانت المكالمة الهاتفية في حدود الساعة السابعة و 46 دقيقة دامت حوالي 5 دقائق والثانية على الساعة الثامنة و 56 دقيقة ودامت أيضا 5 دقائق ومكالمة هاتفية ثالثة على الساعة التاسعة و 25 دقيقة ودامت حوالي 3 دقائق. لكن رضا قريرة نفى أن يكون تلقى ثلاث مكالمات هاتفية وكل ما في الأمر أن بن علي هاتفه مرة وحيدة وما ورد من مكالمات أخرى قد تكون من قبيل العطب الفني تماما مثلما نفى في وقت لاحق أن يكون قد أصدر تعليمات لإيقاف علي السرياطي وأن الوزير الأول محمد الغنوشي هو من أعطى هذا الإذن. محادثات بالتقصي عن المكالمات الهاتفية التي أجراها بن علي من طائرته والمكالمات الواردة عليه حصلت شركة الخطوط التونسية على كشف بأرقام الهواتف التي جرى الاتصال بها من الشركة الأمريكية المؤمنة للاتصالات الهاتفية من وإلى الطائرة الرئاسية واتضح أن الاتصال كان عبر ربط بشبكة الأنترنت باستغلال خدمة اتصالات الطيران العالمية swi FT64 التي توفرها الشركة الأمريكية. وعلى هذا الأساس تمت الاستعانة بالوكالة التونسية للأنترنت للاطلاع على المعطيات الخاصة بالجهاز الطرفي «Terminal» للكشف عن هوية المتلقين لتلك الاتصالات. كما اتضح أن الاتصالات الهاتفية تم تمريرها عبر شبكة اتصالية دولية تعتمد على أقمار صناعية ومحطات أرضية تابعة لشركة «immarsat» تستغلها شركة satcom direct في إطار عقد شراكة. وتبين من خلال كشف المكالمات أن بن علي اتصل بوزير الدفاع السابق رضا قريرة في ثلاث مناسبات ولا يعرف تحديدا ما تضمنته من محادثات. كما تلقى محسن رحيم مدير عام التشريفات الرئاسية مكالمة هاتفية من بن علي يستفسره إن كان علي السرياطي بجانبه في المطار العسكري بالعوينة أم لا، كما استفسره عن وصول ابنته غزوة (من الزوجة الأولى نعيمة الكافي) وزوجها سليم زرّوق الى الثكنة العسكرية بالعوينة. كما أجرى بن علي عدّة اتصالات بحاجبه الخاص بعد استماعه للخطاب الأول الذي ألقاه الوزير الأول السابق وأعلن فيه تولّيه مهام الرئيس المؤقّت، وقد طلب منه بن علي أن يوصله بالوزير الأول فسلّم هاتفه الجوال الى أحد ضبّاط الأمن الرئاسي حيث كان محمد الغنوشي يجلس رفقة رئيس مجلس النواب ورئيس مجلس المستشارين. الاتصال بالمشرفة على القصر وقد أجرى بن علي وزوجته ليلى الطرابلسي اتصالات هاتفية عديدة باحدى المشرفات على قصر قرطاج، وفي مكالمة هاتفية بتاريخ 15 جانفي 2011 جاء صوت بن علي مؤنّبا لها بسبب عدم إجابتها عن اتصالاته «ياخي آش بيك ما تهزّش التليفون.. فيسع نكرت العشرة.. هكّة» وقال لها «أنا راني باش نرجع ما فمّاش كلام، راني باش نرجع وباش تكلمك المدام جاوبها» وانقطعت المكالمة الهاتفية بعد تدخل زوج المشرفة على القصر الذي رفض قطعيا أن تنخرط زوجته في هذه المكالمات. وقد حاولت ليلى بن علي الاتصال مرّات بالمشرفة على القصر لكن دون جدوى واستخدمت أسلوب الارساليات القصيرة لكن بلا جدوى، ويبدو أن زوجة بن علي كانت تستفسر عن بعض أغراضها الشخصية وتتساءل عن حقائب وضعتها بالجناح الرئاسي الذي كانت تقيم فيه بقصر سيدي الظريف وبقصر قرطاج لكن الاتصالات بالمشرفة على القصر انقطعت تماما بعد ذلك رغم بعض المحاولات اليائسة للاتصال عبر الموزع الهاتفي لرئاسة الجمهورية. وأجرى بن علي اتصالات هاتفية بابنته سيرين يسألها عن أحوالها وعن أحوال البلاد وحاول مرارا الحصول على الملف الدراسي لابنه محمد زين العابدين حتى يتمكن من تسجيله بإحدى المدارس الفرنسية الخاصة في مدينة جدة. وانخرطت ليلى بن علي في مسلسل اتصالات هاتفية من أرقام مختلفة مع بعض المعينات اللاتي كنّ يعملن في القصر الرئاسي بسيدي الظريف وتزايدت الاتصالات بعد مشاهدتها ما كانت تعرضه القنوات التلفزية الاخبارية من أخبار وصور عن حجم الفساد الذي ارتكبته عائلة الطرابلسي وما تم اكتشافه من مسروقات في منازل أشقائها وشقيقاتها. لا يجدي البكاء وجرى اتصال آخر بين بن علي وابنته غزوة عبر برنامج المحادثة المجاني «Skype» في شبكة الانترنت وكان بن علي يستفسر بإلحاح عن أحوالها وأحوال أبنائها. واستنادا إلى بعض الشهادات الموثّقة والمعطيات الرسمية، فإن غزوة كانت تسائل أباها عن أسباب هروبه المفاجئ ومغادرته البلاد بتلك الطريقة في ظروف أمنية عصيبة، غير أن بن علي لم يطر ح على ابنته أي استفسار عمّا آلت إليه البلاد من أحداث حرق ونهب وعنف. كما تشير بعض المعطيات الى أن بن علي كان كثير التوتر خلال الساعات التي قضاها في الطائرة الرئاسية قبل الحلول بمطار جدة وكان السؤال المتداول على لسان ابنته حليمة وابنه محمد زين العابدين حول ما إذا كانت السلطات السعودية ستسمح بقبولهم على أراضيها أم لا. كما انخرطت ليلى في نوبة من البكاء. وكان بن علي يحاول بين الحين والآخر أن يهدّئ من روعها… لكن لا أحد يعلم هل كان بكاء على مغادرة تونس والارتحال الى بلد آخر أم على ضياع الممتلكات والأموال الكثيرة المنهوبة من شعب كادح ظل لأكثر من عقدين من الزمن ينتظر بفارغ الصبر التخلص من دكتاتورية مقيتة. ناجي الزعيري (المصدر: جريدة « الشروق » (يومية – تونس) الصادرة يوم 10 سبتمبر 2011)

<



لعلنا لا نأتي بجديد حينما نقول أن الوزارة التي حازت أكبر قدر من الكره و السخط الشعبي طوال السنوات الفارطة هي وزارة الداخلية و التنمية المحلية لسبب بسيط و هي تحوّلها من مؤسسة تسهر على حماية أمن و راحة المواطن إلى مجرّد عصا يرهب بها زين العابدين بن علي و العصابة الحاكمة معه كل من يتجرّأ على نقد نظام حكمه. القسوة و الفظاظة و الغلظة هي السمات البارزة التي تقفز لذهن أي مواطن تونسي إذا ذكرت أمامه كلمة « شرطي » أو « بوليسي » فما بالك إذا دعوته لزيارة مقّر الوزارة نفسها أو أحد مصالحها و يكفي أن نذكر هنا أن المواطن العادي كان غالبا ما يتردّد للذهاب لقسم الشرطة حتى لإستخراج بطاقة التعريف الوطنية وهو إجراء إداري روتيني و بسيط و مع ذلك يصبح القيام به ضربا من المجازفة و ركوب الأخطار. طبعا المعارضون ( الحقيقيون) و النقابيون و أطياف المجتمع المدني الحيّ كان لهم شرف التعرف على فرقة « فساد » (الأحرف الأولى من فرقة سلامة أمن الدولة) أو البوليس السياسي النقطة المظلمة في الأمن التونسي فالأصل هو أن تكون الشرطة عبارة عن مجموعة من أشخاص وطنيين يراقبون و يقبضون على المجرمين لكن بن علي عكس الآية و جعل من هذه الفرقة الرهيبة مجموعة مجرمين لا همّ لهم سوى الترويع و الإعتداء على المناضلين الوطنيين. هكذا كان الحال ليس فقط في داخلية تونس و لكن في كل الداخليات العربية التي كانت تجتمع في تونس بإنتظام شديد و بإنضباط كبير و بحضور كامل لجميع الدول العربية التي كان زعمائها و ملوكها يخوضون حربهم المقدّسة ضدّ الحريّة. كثيرة هي الروايات التي تشهّر بفساد الجهاز الأمني في عهد بن علي و ربما يبقى الأمر الأكثر سوءا هو تسلّط هذا الجهاز القمعي الرهيب على الحياة السياسية التونسية و بسط نفوذه الكامل و الشامل عليها إلى درجة طالبنا معها مرارا و تكرارا بفصل « الأمن » عن « السياسة » أو ما أسميته حينها « اللائكية الأمنية » فكل كبيرة و صغيرة تهمّ الشأن العام كانت تسطّر خلف أسوار البناية الرمادية في شارع الحبيب بورقيبة و هذا ما جعل السياسة و الشأن العام حقلا من الألغام إختار أغلب المواطنين العزوف عن السير فيه و آثروا السلامة أما الذين ساروا في هذا الدرب فقد كان لزاما عليهم أن يعدّوا أنفسهم لزيارات غير مرغوب فيها من قبل أعوان الأمن بالزي المدني و هرسلة متواصلة و تضييقات لا حدّ لها إضافة إلى إعتداءات متكرّرة من أشخاص مجهولين و رسائل تهديد و القائمة لا تحصى… هكذا كانت الصورة إلى حدود قيام الثورة التونسية التي جعلت بن علي يهرب من تونس تاركا وراءه وزارة بحاجة حقيقية و ماسّة للإصلاح و بحاجة لإقتراحات و تصوّرات عسى أن تسهم في تغيير الصورة القاتمة لوزارة الداخلية في أذهان الناس و تحقيق المصالحة مع الشعب. سأبدأ بإقتراحين شكليين و لكني أراهما هامين و يقطعان مع الصورة القديمة و البالية لعون الأمن. الإقتراح الأول هو تغيير مقرّ وزارة الداخلية من شارع الحبيب بورقيبة إلى مقرّ جديد في ضواحي العاصمة يكون أكثر أمنا و إبتعادا عن المحلات التجارية و السكنية إذ أن البيت الرمادي ينتصب في قلب العاصمة مجاورا لنزل و محاطا بالمقاهي و لا أرى أي فائدة في المحافظة على هذا المقرّ الذي تلطّخت سمعته كثيرا بإنتهاكات حقوق الإنسان بل هناك إلى الآن من يخفق قلبه وجلا من أيّام قضاها في هذه البناية الشامخة عندما يمرّ أمامها.يمكن تحويل المقرّ الحالي إلى مجموعة محلات تجارية تتناسب مع خصوصيات أشهر شارع سياحي و تجاري في تونس و يمكن كذلك إحداث متحف للثورة التونسية بهذا المقرّ يخلّد أحداثها و أسماء شهدائها. الإقتراح الثاني هو حذف اللون الأسود من سيارات الشرطة لما يوحيه هذا اللون من قتامة و غلظة تحيلنا إلى الأيام السوداء لحكم المخلوع إلى درجة أن المتظاهرين و أغلبهم من الشباب غالبا ما كانوا يرفعون شعار « وزارة الداخلية وزارة إرهابية » الذي يقترب من تصوير هذه الوزارة كأنها فرع من تنظيم القاعدة. يمكن مثلا إختيار اللون الأزرق مثل شرطة مدينة نيويورك أو الأحمر و الأزرق مثل الشرطة الفرنسية. طبعا هذا التغيير الشكلي هو مجرّد تغيير في الألوان لا يمسّ جوهر الموضوع لكنّ الأكيد هو أن إزالة اللون الأسود من شأنه إحداث تغيير إيجابي ملموس لدى المواطن التونسي الذي سيشعر بأن شيئا ما تغيّر فعلا في وزارة الداخلية و أن العلاقة بينه و بين الأمن لن يكون فيها بعد الآن شيء من السواد. هذا شكلا أما مضمونا فأنا أرى أن أوكد إصلاح يجب الإسراع به هو فصل « الأمن الداخلي » عن « التنمية المحلية » أي إنشاء « وزارة الأمن الداخلي » التي مهمّتها أساسا حفظ الأمن و الإستقرار و سلامة التراب الوطني و السهر على راحة المواطنين و إلحاق البلديات و الولايات و المعتمديات بوزارة التنمية المحلية لأنه لا داع من وجود وزارتين تسهران على نفس الأمر و هما « وزارة التنمية المحلية » المسقطة بعد الثورة من سماء الإصلاح الإداري و « وزارة الداخلية و التنمية المحلية  » التي تتحكّم فعليا في كافة الولايات و البلديات و المعتمديات. ما من شك أن هذا الفصل سيحدّ من تغوّل وزارة الداخلية و سيقلّص من حجم نفوذها و إمتداداتها و يجعلها متخصّصة في أمر واحد وهو الأمن الداخلي فقط أما الولايات و البلديات و المعتمديات التي يجب أن تمرّ من الآن عبر آلية الإنتخاب الشعبي و أن يحتكم فيها لصندوق الإقتراع فتتبع وزارة التنمية المحلية لأنها في الأخير تحقيق للامركزية السلطة و تقريب للخدمات من المواطن أي أنها شؤون إدارية أكثر منها أمنية و قد سمعنا وزير داخلية سابق يحاول التنصّل من تحمّل مسؤوليته في السجل الأسود لحقوق الإنسان لوزارة الداخلية في عهده بأنّه كان يهتمّ فقط بالشؤون الإدارية الخاصة بالجماعات المحليّة دون الأمور الأمنية أو « غرفة العمليات » و ما من شكّ أن هذا الفصل سيجعل وزير الأمن الداخلي يتحمّل مسؤوليته كاملة طالما أن مهام وزارته معروفة وواضحة للجميع. لقد سررنا جميعا بفتح وزارة الداخلية موقعا لها على الفايس بوك للتواصل مع الشعب و خاصة الشباب منهم و سررنا أيضا بالندوات الصحفية التي يعقدها الناطق الرسمي بإسم هذه الوزارة بعد سنوات عجاف من لغة خشبية قوامها « أفاد مصدر مأذون بوزارة الداخلية »…هذه الخطوة تحتاج إلى خطوات أخرى تتبعها لمزيد التواصل مع الشباب لتغيير الصورة النمطية المرتبطة في أذهانهم من أن أعوان الأمن هم بالضرورة أعوان قمع..يمكن تنظيم زيارات لبعض كليات الشرطة للشباب الناشط في الأحزاب أو جمعيات المجتمع المدني أو إنشاء خلية تواصل مع الشباب تردّ على إستفساراتهم و إنتقاداتهم و غيرها من طرق التواصل لبناء جسور الثقة التي تزعزعت كثيرا هذا إن لم تكن إنهدمت تماما بين المواطن التونسي و وزارة الداخلية. إن حال وزارة الداخلية يشبه حال المناطق الداخلية التونسية فهي منكوبة رغم أن على عاتقها يقوم أمن البلاد و إستقرارها و إزدهارها…هذا الوضع ليس مؤبدا و يمكن تغييره و تغيير صورة « وزارة الداخلية » في أذهان الناس لعلّنا ندخل جميعا صفحة جديدة بين المواطنين و بين من يسهر على حفظ أمنهم. يسري الساحلي laurentb201@yahoo.fr

<



تونس – بناء نيوز – علي عبد اللطيف اللافي اجرت بناء نيوز حوارا مع السيد الحسين العلوي عضو المجلس الانتقالي الليبي المكلف بالجالية الليبية في تونس اكد فيه على عظمة الثورة الليبية وعلى شجاعة وبسالة الثوار الليبيين الذين اطاحوا بالطاغية. وقال العلوي ان الثورة الليبية كانت مسلحة والقذافي هو الذي فرض على الثوار هذا النهج. وشدد على اهمية الدور الذي لعبه الشعب التونسي في شد ازر الاخوة الليبيين وهذا نص الحوار. كيف تابعتم الثورة التونسية والمصرية قبل اندلاع ثورة ليبيا؟ مند اندلاع الثورة التونسية في سيدي بوزيد ونحن نتابعها وقد ذهلنا لشجاعة إخواننا في مدن القصرين وسيدي بوزيد وقبلي وسليانة وتالة ومدنين والكاف وتصديهم لقوى الطغيان وقد مرت علينا أيام عصيبة كانت أيام طوال لم نصدق بأنها 23 يوم فقط سقط فيها النظام ثم أسرع الشعب المصري فاستلم زمام المبادرة فنال إعجاب العالم بصموده وبسالته وانتصاره العظيم كانت أيام عظيمة عشناها وكانت أيام شديدة نتمنى إلا أن نراها وان ينعم الشعبين بالحرية والكرامة والعدل والمساواة. ما هو تقييمكم لنتائج للثورتين التونسية والليبية ؟ الثورة التونسية النتائج المبدئية طيبة فقد أزالت العائلة التي كانت تسيطر على أموال ومقدرات الشعب التونسي وتحصل الشعب على حريته في الإعلام وتكوين الأحزاب وننتظر النتائج النهائية بعد نتائج الانتخابات التي نتمنى أن نكون لها مراقبين كما نود أن يكون لنا إخوة من تونس كمراقبين للانتخابات في ليبيا. الثورة الليبية لم تتضح المعالم بعد فالشعب والثوار والزاعمات التي بدأت تظهر تنادي كلها بقيام دولة مدنية قوامها الدستور والتداول السلمي على السلطة وحرية تشكيل الأحزاب وحرية الرأي وليبيا لن ترى في المستقبل أسوأ من نظام الطاغية. كيف تقيمون اوضاع الجالية الليبية في تونس؟ الليبيون في تونس هم لاجئون ونازحون وثوار والحقيقة لم أجد صعوبة في مساعدة إخواننا من الليبيين لان معظمهم كانوا يعملون في الإغاثة وعلاج الجرحى وتامين الغذاء سوى للنازحين واللاجئين أو للثوار في الجبهات .. كانوا مثلاً رائعاً ولقد ساعدهم إخوانهم من الشعب التونسي انها فعلا ملحمة رائعة. كيف تقيمون نتائج الثورة الليبية؟ الثورة الليبية ثورة فرض عليها ان تكون مسلحة و »صداميه » وهي منهجية فرضها علينا الطاغية، ولقد كان الليبيون شجعانا وواجهوا الطاغية وانتصروا عليه والنتائج ستكون عظيمة حيث أزالوا النظام برمته وهيكلته السياسية والإدارية، ونأمل من النظام الجديد ترسيخ قيم العدالة والحرية والكرامة واحترام حقوق الإنسان وعمل تنمية حقيقية تنهض بمقدرات الوطن. ما هي طموحات الشعب الليبي بعد الانتهاء من العقيد القذافي؟ الشعب الليبي يتطلع لدولة ترقى بالإنسان وتحترم عقله ومشاعره وتنهض بين الأمم وتترك الوضع البائس الذي وضعها فيه الطاغية وتنزع اسمها من الدول الفاشلة إلى الدولة الناجحة التي تخلوا فيها من مظاهر الرشوة والفساد وسوء الإدارة. أي رسالة تودون توجيهها إلى الجالية الليبية؟ أولا نشكر كل الذين عملوا لنصرة إخوانهم ومساعدتهم في كل البلاد التونسية في الإغاثة وكل الخدمات الإنسانية وأتمنى أن يرجعوا لوطنهم المحرر لكي يشاركوا في البناء وان تكون عودتهم منظمة وان يتعاونوا مع بعضهم البعض وان تعم المحبة والود والوفاق لكي نبنى ليبيا من جديد بالصدق والإخلاص.
(المصدر: موقع بناء نيوز الإلكتروني ( تونس ) بتاريخ 10 سبتمبر 2011)

<



بقلم خالد زروان تقدم دافيد كاميرون بمشروع قرار خاص بليبيا إلى مجلس الأمن من أجل -إرسال مهمة دولية للأمم النصرانية المتحدة إلى ليبيا للإشراف على الأجندة السياسية التي رسمها « أصدقاء ليبيا » -أي محتلوها- في الواحد من سبتمبر 2011: تنظيم إنتخابات، صياغة الدستور، وتخفيف العقوبات. – القرار يربط بين الأجندة السياسية ورفع الحظر على ليبيا، أي جعل رفع الحظر مقابل التقدم في تحقيق الأجندة السياسية الغربية. – كما يشترط القرار عدم رفع الحظر، ما دام القذافي حرًّا. الشيء الذي يجعل ليبيا تقع تحت إحتلال دولي عسكري وسياسي بقرارات تصدر من مجلس « الأمن » تحت تهديد العقوبات الدولية، ويجعلها تسير مجبرة منتزعة الإرادة مصادرة الخيار إلى حيث تريد الأجندة الغربية بإدارة ومراقبة النفوذ الغربي. كما أن الإبقاء على القذافي حراً وعدم اعتقاله يظهر جلياً أنه إحدى مصالح الغرب في ليبيا، كما أنه سيتم فقط رفع حظر السلاح على ليبيا، بما يوحي أن الغرب يهيء ليبيا إلى حرب أهلية طويلة. فحجة تمكين المجلس الإنتقالي الليبي من إستعادة الأمن من خلال رفع الحظر عن الأسلحة على ليبيا، حجة واهية، فالسلاح منتشر بكثرة في ليبيا وما رفع السلاح إلا لخلق سوق جديدة للسلاح في ليبيا تمكن تجار السلاح من التوجه إلى ليبيا بكل « شرعية » وتسليح أعداء المجلس الإنتقالي. – كما أن الإبقاء على حالة اللاحسم في ليبيا هي سياسة الناتو منذ دخل في المشهد الليبي، فهو كان يتلكأ ويتحكم في التقدم العسكري خطوة بخطوة بالموازاة مع التقدم في إنتزاع الوعود وأخذ العهود على المجلس الإنتقالي الليبي، ولكن التباطؤ في الحسم الآن له معاني كبيرة، ومفاده هو إرادة الناتو تأبيد حالة اللاحسم العسكري وإدخال البلاد في حرب أهلية. فرق تسد. قاعدة قديمة قدم الإنسانية. فإظهار نوايا الناتو مع الإبقاء على قوات القذافي والقذافي نفسه طليقاً من شأنه قلب الموقف السياسي ضد المجلس الإنتقالي وتشويه صورة الثوار وإدخال البلاد في دوامة العنف وسيناريوهات شيطانية غربية من تقسيم ووضع اليد على ثروات البلاد وعلى إرادة العباد، بمعنى إحتلال دولي جديد وإستعباد لأحفاد المختار. فأين ثوار ليبيا من ذلك أم أنهم يتبعون سنن المضبوعين من أمثال أحمد جبريل وغوقة يودونهم إلى المهالك؟ انبذوا اليهم على سواء، شياطين القذافي ومافيا التدخل الدولي، وافرضوا إرادكم على ارضكم واعيدوا السيادة للإسلام كاملاً غير منقوص، فإنه لا تحرير بدونه. لقد صرح مؤخراً أحمد جبريل مقرعاً لمن نادوا بإستقالة حكومة المجلس الإنتقالي وإنكفاء الغرب عن ليبيا، وهم عموم الثوار ومن يمثلهم، بأن لوح لهم بأن المعركة لم تنته وبأنهم لا يفهمون قواعد المرحلة الإنتقالية وإشترط ضمناً أن تكون هناك قواعد إنتقال،… من يضعها؟ الأمر واضح، ينتظر استصدار قرار من مجلس الإرهاب الدولي يضع له دستوراً وينظم له إنتخابات ويحدد « قواعد اللعبة » كما يسميها اللاعب اللاهي أحمد جبريل. والمعلوم أن الأجندة الغربية تقول بإنتخاب مجلس تأسيسي بعد ثمانية أشهر من إعلان تحرير ليبيا، وإنتخاب رئيس جديد لليبيا بعد 20 شهراً من إعلان تحرير ليبيا الذي لم يأت بعد ويبدو أن هذا الإعلان لن يأتي قبل أشهر أو سنوات أو عشرات السنين … فهذا الإعلان يتحكم في توقيته الناتو والغرب عموماً. وقد سبق أن أبقى الغرب على شماعة بن لادن 10 سنين! خلاصة القول، ياأهلنا في ليبيا، يا أحفاد المختار: هذه ليبيا المختار تقع تحت الإحتلال الدولي. فلا نامت أعين الجبناء. أنتم الأحرار الأخيار الذين ثرتم من أجل فرض الإرادة والتحرير، فكيف ترضون بإحتلال وإستعباد من الأنجاس الكافرين؟ يا اهلنا في سورية وفي اليمن وفي كل مكان: هذا درس عظيم، حتى تعوا معنى التدخل الدولي. التدخل الدولي= إحتلال. فأبصروا! خالد زروان

<



عبد الباري عطوان  
اذا صحت المقولة ‘بأن العبرة في النتائج’ فإن ما يمكن قوله، في الذكرى العاشرة لهجمات الحادي عشر من ايلول/سبتمبر، ان الولايات المتحدة الامريكية هي الخاسر الأكبر، سواء كان تنظيم ‘القاعدة’ هو مهندس هذه العمليات ومنفذها، أو ان جهات امريكية دخلت على الخط، وحاولت توظيفها بما يخدم مصالحها مثلما تفيد بعض النظريات التآمرية. نشرح أكثر ونقول ان هذه العمليات، او غزوتي نيويورك وواشنطن مثلما تسميهما ادبيات ‘القاعدة’، ادت الى جرّ الولايات المتحدة الامريكية الى حربين مدمرتين، الاولى في العراق، والثانية في افغانستان، تسببتا في كسر هيبتها العسكرية، واستنزافها مالياً، وقتل أكثر من خمسة آلاف من جنودها، واصابة أربعين الفاً آخرين، وزيادة الكراهية تجاهها في مختلف انحاء العالم، والاسلامي منه على وجه الخصوص. قد يجادل البعض بأن العالم الاسلامي دفع ثمناً باهظاً ايضاً من جراء هذه الهجمات، او نتيجة لها، فقد تعرض العراق للتدمير، واستشهاد ما يقرب المليون من ابنائه، وخضعت افغانستان، البلد الاسلامي، للغزو والاحتلال، وهذا الجدل ينطوي على الكثير من الصحة، ولكن علينا ان نتذكر بأن غزو العراق واحتلاله كان ضمن المخططات الامريكية قبل الهجمات المذكورة بسنوات، وبالتحديد عام 1998 عندما طالبت مجموعة من انصار اسرائيل في امريكا برئاسة البروفسور برنارد لويس وعدد من المحافظين الجدد مثل ريتشارد بيرل وبول وولفوفيتز وجون بولتون وغيرهم بتدمير العراق، في اعلان كبير نشروه في صحف امريكية، باعتباره الخطر الوجودي الاكبر على اسرائيل. وكرروا الاعلان والموقف نفسه في سنوات تالية. ولم يكن من قبيل الصدفة ان هؤلاء جميعاً، باستثناء لويس، كانوا من صقور الادارة الامريكية الذين خططوا ونفذوا الحرب على العراق، وكان لويس هو الأب الروحي لهم، وذهب الى حد المطالبة بتفكيك العراق لانه دولة مصطنعة. ‘ ‘ ‘ بعد عشر سنوات منيت الولايات المتحدة بهزيمة نكراء في العراق، وسلمت البلد الى نظام طائفي يرتبط ارتباطاً وثيقاً بإيران، التي وصفها توني بلير رئيس وزراء بريطانيا الاسبق وحليف بوش واسرائيل الاول، في مقالة نشرها امس بهذه المناسبة، بأنها، اي ايران، هي الخطر الاكبر على الغرب، وانه لو كان في الحكم لشن هجوماً ساحقاً لتدميرها. واذا انتقلنا الى افغانستان، فإن الوضع الامريكي اكثر سوءاً، فثلثا الاراضي الافغانية باتا تحت سيطرة طالبان، التي جاءت امريكا لتدميرها، ومن المفارقة ان الادارة الامريكية تتفاوض مع هذه الحركة الاصولية حالياً لإعادتها الى سدة الحكم مكرهة، مقابل تأمين انسحاب آمن لقواتها. قبل الاحتلال الامريكي لأفغانستان كرد فعل انتقامي من هجمات الحادي عشر من ايلول/سبتمبر، كان هناك عنوان واحد للقاعدة، اي كهوف ‘تورا بورا’، الآن وبفضل النفوذ الاسرائيلي ورجالاته في ادارة الرئيس بوش، اصبح التنظيم وبعد عشر سنوات من اعلان الحرب عليه، اكثر قوة، رغم اغتيال زعيمه ومؤسسه الشيخ أسامة بن لادن، في غارة نفذتها وحده كوماندوز امريكية في ‘أبوت اباد’ الباكستانية في ايار/مايو الماضي. الآن هناك تنظيم القاعدة في الجزيرة العربية بزعامة ناصر الوحيشي، بات يهدد منابع النفط واحتياطاته وطرق امداداته في منطقة الخليج والسعودية، وفرع آخر للتنظيم في الصومال، يتحكم بطرق الملاحة الدولية، وثالث في المغرب الاسلامي، على بعد مرمى حجر من الساحل الجنوبي لاوروبا على المتوسط، ولا ننسى ان فرع التنظيم في العراق بات يعيد تنظيم صفوفه ويجمع قواه مجدداً. اما التنظيم الأم في افغانستان فلم يضعف مثلما يقول خبراء الارهاب تعبيراً عن تمنياتهم، وانما يزداد قوة بفضل الانتصارات الميدانية للحليف الطالباني. امريكا وبفضل الحادي عشر من ايلول/سبتمبر، والنتائج الكارثية المترتبة عليه، باتت اكثر ضعفاً وجبناً، والدولة الأكثر ديوناً (14 تريليون دولار)، أليس لافتاً للنظر انها لم تجرؤ على التدخل عسكرياً في ليبيا، وفضلت القاء المهمة على عاتق فرنسا وبريطانيا، خوفاً ورعباً من تكرار تجربتي العراق وافغانستان؟! المسكوت عنه حالياً في الغرب هو تأثير حرب ليبيا المباشر على التنظيم وخلاياه في دول الساحل الافريقي (تشاد، النيجر، مالي، الجزائر، موريتانيا وبوركينا فاسو). فاستيلاء التنظيم على اسلحة وذخائر وصواريخ من مخازن نظام القذافي المنهار بات من الحقائق الثابتة التي تبث الرعب في نفوس المسؤولين الغربيين المتخصصين بمكافحة الارهاب، ولن نستغرب، او نستبعد، ان يتحالف الزعيم الليبي المطارد معمر القذافي مع التنظيم، او خلاياه في المنطقة لترويع الدول الاوروبية وحلف الناتو الذي لعب دوراً كبيراً في اسقاط حكمه. ‘ ‘ ‘ ان الأزمة المالية التي يعيشها العالم الغربي هي بفضل رد الفعل المبالغ فيه على احداث الحادي عشر من ايلول/سبتمبر، وليس صدفة ان مقدار العجز في الاقتصاد الغربي الذي يقدر بحوالى ثلاثة تريليونات دولار هو نفسه حجم الخسائر الامريكية والاوروبية في العراق وافغانستان. التدخل العسكري في ليبيا من قبل حلف الناتو هو احد عناوين الاستعمار الجديد، وبهدف الاستيلاء على ثروات ليبيا وودائعها المالية الضخمة (160 مليار دولار)، وليس بسبب الرغبة في انقاذ الشعب الليبي من الطاغية، فقد تعاونت بريطانيا وفرنسا مع هذا الطاغية حتى اشهر من اندلاع الثورة، وكشفت الوثائق الحقيقية عن اعتقال المخابرات الامريكية والبريطانية لمعارضين ليبيين وتسليمهم للقذافي لتعذيبهم، ومن بينهم الشيخ عبد الحكيم بلحاج قائد المجلس العسكري للثوار في طرابلس، وقائد الجماعة الاسلامية الليبية المقاتلة. الآلة العسكرية الامريكية والغربية الجبارة لم تتدخل الا في دولتين فقط في العالم العربي تحت غطاء الديمقراطية وحقوق الانسان، وهما العراق وليبيا، وليس صدفة انهما نفطيتان وسددتا وتسددان فاتورة التدخل نفطاً وودائع. الغرب يستغل غباءنا وغباء زعمائنا من خلال مخططات مدروسة، وليبيا هي النموذج، فبعد ان ضحكوا على ملك الملوك واقنعوه بتدمير اسلحة دماره الشامل، واستغلوا ابنه ولي عهده كجسر للوصول الى امواله وثرواتها، وايداعها في بنوك الغرب، انقضوا عليه مثل الذئاب لتمزيقه والقائه الى حيث يستحق في العراء مطارداً يبحث عن طوق نجاة. القاعدة كتنظيم ما زال موجوداً، وربما يأتي ما هو اخطر منه في المستقبل، طالما تواصلت عمليات الاذلال الامريكي والغربي للعرب، وطالما تجسد هذا الاذلال في ابشع صوره في الانحياز الامريكي الفاضح لاسرائيل، واحتلالها وعدوانها وتدنيسها للمقدسات العربية والاسلامية. واستمرت عمليات نهب الثروات وعوائد النفط تحت عناوين مخادعة، انهم يدمرون البلاد من اجل اعادة اعمارها من اموالنا وودائعنا. ليس صدفة، ونحن على ابواب الذكرى العاشرة لهجمات الحادي عشر من ايلول/سبتمبر، ان تؤكد الادارة الامريكية انها ستستخدم حق النقض ‘الفيتو’ في مجلس الامن ضد مشروع قرار فلسطيني بالاعتراف بدولة فلسطين على اقل من 22 في المئة من ارض فلسطين التاريخية. طالما استمرت هذه المواقف الامريكية والغربية المهينة والمذلة للعرب والمسلمين والمنحازة لاسرائيل وفجورها، سيبتعد السلام ويضمحل وسيقوى العنف والارهاب، وقد ظهر من هو اخطر من القاعدة واسامة بن لادن.  
(المصدر: صحيفة « القدس العربي » (يومية – لندن) الصادرة يوم 10 سبتمبر 2011)

<



محمد عبد الحكم دياب من المفترض حين يتطرق كاتب إلى جزء من تجربته الشخصية لتفسير زاوية من زوايا تطورات وأحداث جرت هنا وهناك، عليه عدم خلط الشخصي بالعام، ولا الذاتي بالموضوعى، من أجل أن يتمكن من إضاءة مساحات معتمة من الذاكرة التاريخية؛ إما بفعل قوة السلطة، أو إغراء المال، أو اتقاء البطش، وشاءت الظروف أن أكون على درجة من التماس مع ثورة الضباط الوحدويين الأحرار الليبية بعد شهور قليلة من يوم الأول من ايلول/سبتمبر 1969، وتحديدا في كانون الاول/ديسمبر من نفس العام. وقتها زار القاهرة وفد من الشباب الليبي للاطلاع على تجربة منظمة الشباب الاشتراكي في مصر، وكانت من التجارب التي شدت الأنظار وأثرت كثيرا في الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية المصرية. وكانت الأوضاع في ليبيا قد شغلت حيزا من تفكيري قبل ثورة الضباط الأحرار بقليل. وكان ذلك من خلال ما كنا نعلمه من الشباب الليبي الدارس في الجامعات المصرية، ومنهم الصديق والأخ الدبلوماسي المخضرم محمد المغربي، وكان رئيسا لاتحاد الطلبة الليبيين بالإسكندرية أنذاك. وتعرفت على وجه آخر أثناء مشاركتي في مؤتمر الطلبة الفلسطينيين (عَمّان في آب/أغسطس 1969)، عن طريق الناشط الماركسي جمعة الفرجاني، وكان شديد السخط على مصر بسبب عدم تمكنه من الدراسة فيها، فذهب للدراسة في موسكو. كان احتفاؤنا بوفد الثورة الليبية كبيرا؛ خاصة أن مصر كانت وقتها في حرب استنزاف مع العدو الصهيوني، وتعمل على تعزيز قدراتها الاقتصادية والعسكرية وتأمين جبهتها الغربية من ناحية ليبيا، وفيها أكبر قاعدتين أمريكية وبريطانية خارج بلديهما؛ قاعدة ‘هويلس’ في الغرب بضواحي طرابلس، وقاعدة ‘العظم’ في شرقها بجوار طبرق، القريبة من الحدود المصرية، وكان أي تغيير في ليبيا يعني تخفيف ضغط هاتين القاعدتين على عصب مصر الوطني؛ وهي في معمعة صراع الحديد والنار مع العدو الصهيوني في تلك الحقبة. لم تكن الأمة العربية قد خارت قواها رغم هزيمة 1967. واطلع الوفد الشبابي الليبي علي تفاصيل تجربة الشباب المصري وتطوراتها وأسرارها، وزار جبهة المواجهة مع العدو، ورأى عن قرب ‘كتائب خدمة الجبهة’ وغيرها، وقتها تعرفت على ‘علي فضيل’ من الجناح المدني لثورة سبتمبر، وكان آخر موقع شغله في حدود معرفتي هو مدير مكتب الرائد عبدالسلام جلود في رئاسة الوزراء وفي أمانة مؤتمر الشعب العام. وحصل الوفد على الوثائق والمشروعات والبرامج الخاصة بالإعداد السياسي والعسكري للشباب المصري؛ جُمعت في مجلدات لتكون مرجعا تحت تصرف الثوار، مع استعداد لإرسال خبراء ومختصين في ذلك المجال وغيره من المجالات الأخرى متى طلب الثوار ذلك. وفي صيف 1972 تسلمت دعوة لزيارة ليبيا لإلقاء محاضرة والالتقاء بشباب معسكر ‘الكراريم’.. القريب من مدينة مصراتة، في تجربة جمعت الشباب الليبي بأشقائه من شباب العرب، وقضيت أسبوعين عدت بعدهما إلى القاهرة، وبعد شهور معدودة كنت ضمن فريق من الأكاديميين والخبراء والإعلاميين والصحافيين معارا لليبيا بناء على طلب الجهات المعنية فيها، وعملت في مركز للدراسات والبحوث كان تابعا لوزارة الإعلام، ثم انتقلت إلى الإذاعتين المرئية والمسموعة، وانتهت فترة عملي مستشارا في أمانة الشؤون الخارجية للاتحاد الاشتراكي العربي الليبي قبل إلغائه. وأتاح عملي في ليبيا فرصة التعرف على سلوك وطريقة تفكير القذافي ونظرته إلى الليبيين والعرب والعالم. فور وصولى إلى طرابلس دعيت لحضور اجتماع مع صحافيين وإعلاميين في حضرة القذافي، وخرجت منه قلقا، واحتفظت بقلقي لنفسي، وكانت القضية المحورية في الاجتماع عن دور الإعلام والصحافة في خدمة الثورة، وأذكر أنني قلت أن الثورة حين تقوم لا تملك كوادر صحافية وإعلامية كافية للتعبير عنها، وعلاج هذا النقص يحتاج العمل على مسارين؛ إحداهما قصير الأجل لتأهيل المخضرمين من الصحافيين والإعلاميين كي يتعرفوا على الثورة وأهدافها ومشروعها للتغيير، فيتمكنون من التعبير عنها ولو بالحد الأدنى. والمسار الثاني طويل المدى؛ مهمته إعداد جيل جديد من الصحافيين والإعلاميين مؤمن بالثورة ومؤيد لها، وهذا يحتاج إلى وقت، من الممكن تعويضه بصحافيين وإعلاميين عرب يعملون في ليبيا. كلام لم يَرُق للعقيد القذافي، ورد قائلا ما معناه أن من يعمل ويحصل على مقابل أو أجر ملزم بالدفاع عن الثورة، وكان هذا الرد هو مصدر قلقي بسبب ربط خدمة الثورة بالمال، وإذا صدق هذا مع مهن عملية وتطبيقية فلا يصدق في مجالات الإعلام والفكر والثقافة، والمال قد يوفر للإنسان حياة مكتفية لكنه لا يكفي لتغيير الأفكار والمبادئ؛ والأمر أكثر تعقيدا من تصور العقيد القذافي، وبدأت صورة البراءة التي انطبعت في ذهني عن ثورة الضباط الوحدويين الأحرار تصاب ببعض الاهتزاز، وإن كانت الصورة لم تهتز بالكامل بسبب زملاء للقذافي شاركوه الثورة، وظلوا على بساطتهم وانضباطهم؛ مثل أبو بكر يونس آخر قائد للقوات المسلحة الليبية حتى ثورة 17 شباط/فبراير ببساطته وكرمه، ومصطفى الخروبي بصمته وتدينه، وعبد السلام جلود المحب للحياة وأهم رئيس وزراء فيما بعد 1969، وعمر المحيشي أول المتمردين على معمر القذافي وتميز بالاطلاع والاهتمام بالبحث العلمي، وأقرب إلى فكر حركة القوميين العرب. أما بشير هوادي فكان أقرب إلى الدراويش ورجال الطرق الصوفية، وروح القبيلة لديه غالبة، وكانت اهتمام الخويلدي الحميدي بالأمن هو الأساس، وهو من طراز خاص، يبدو غير متحمس لعروبة ليبيا. والآخرون من أعضاء مجلس قيادة الثورة منهم محمد المقريف الذي قتل مبكرا في حادث غامض ولم أتعرف عليه، وعبد المنعم الهوني شغلته العلاقات الخارجية ولم ألتق به إلا من سنوات في لندن بصحبة الأخ العزيز محمد زيان المحامي الوطني الليبي المعروف، المقيم بين مصر وبريطانيا. أما محمد نجم ومختار القروي فكان وجودهما دائما في المنطقة الشرقية بالقرب من بنغازي بعيدا عن طرابلس. وعلى ما أذكر كان مصدر الارتياح لأبو بكر يونس أنه حين تدخل بيته تجده في حضرة شعراء وأدباء ومفكرين وعلماء من كافة الاتجاهات، وفي بيته تعرفت على الشاعر العراقي مظفر النواب والمفكر السوداني المرحوم بابكر كرار، ومفكر سوداني آخر هو ناصر السِّيد، ولم يتخل أبو بكر يونس عن عاداته العربية مع ضيوفه؛ يخدمهم بنفسه على مائدة الطعام، وكان رئيسا للأركان وقتها يمكنه الاستعانة بمن يشاء من جنود وضباط أدنى وظيفة ورتبة لكنه يأبى. وأثناء الإرهاصات التي سبقت ظهور النظرية العالمية الثالثة والكتاب الأخضر؛ اتصل بي مفكر فلسطيني معرووف كي نلتقي للأهمية، وكان ذلك في 1973 قبل حرب 1973 وبعد الانقلاب الذي قام به القذافي ضد زملائه من مدينة ‘زوارة’ بالقرب من الحدود التونسية، واستولى به وحده على الحكم، وفي خطاب له هناك أعلن نقاطا خمسا ألغى بها القوانين والدستور وهياكل الدولة وبدأ ‘ثورة ثقافية’ كانت بداية العنف المفرط ضد المواطنين، وكانت علاقتي بذلك المفكر الفلسطيني، الذي رحل عنا منذ سنوات قليلة، قديمة وثقتي به عالية، ولفت نظري أن اللقاء تم على شاطئ البحر في طرابلس، ودار الحديث في الهواء الطلق، فأدركت أن الرجل يتجنب الأماكن المغلقة ربما تحسبا وحرصا من المتابعات الأمنية، المهم أن الحديث دار حول فكرة النظرية العالمية الثالثة، وطلب مني المشاركة في إنضاجها وبلورتها، وشرح بالتفصيل فكرته وهدفه من هذه المشاركة، وكان يراها تحافظ على بقاء القذافي في دائرة العروبة، قلقا من جماعات تلتف حوله تعمل على إخراجه منها، ورأى أن ذلك لو تم خسارة كبيرة. لخصت له رأيي مستشهدا بما قاله الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل؛ حين سمع بنية القذافي إصدار نظرية ثالثة، فعلق بما معناه.. أن النظرية الثالثة موجودة فيما يعرف بالطريق الثالث، وسار عليه عبد الناصر وعدد من زعماء التحرر الوطني والقومي، ونسب إليه وقتها قوله: ‘إذا كان غيرنا قد اخترع الكهرباء فلماذا نعيد اختراعها من جديد’، ومن يومها وُضِع هيكل على قائمة القذافي غير المرغوب فيهم في ليبيا. وقلت للمفكر الفلسطيني إن رأيه مبني على حسن نية كبير، وهناك بوادر تشي بأمور أخرى.. فالقذافي يتنصل من إرث عبد الناصر، بوحي من صديقه الأديب الصادق النيهوم، وبدأ في تسفيهه، وردا على محررة ‘الباري ماتش’ لما سألته عن مثله الأعلى، قال لها أنه لا يتخذ من أحد مثلا أعلى، وحين لاحقته بسؤال آخر؛ وماذا عن جمال عبد الناصر؟ قال لها إنه كان قائدا للأمة العربية أما هو ‘قائد عالمي’ والمعنى واضح.. أنه أكبر من عبد الناصر. وكانت إذاعاته المرئية والمسموعة لا تتوقف عن بث خطابات الزعيم العربي الكبير وأحاديثه، وكانت وجهة نظري وقتها أنها وسيلة استقطاب لأحباء عبد الناصر وعشاقه، ونكاية في أنور السادات بعد أن دب الخلاف بين القذافي وبينه. قلت للمفكر الفلسطيني إن الرجل غير طبيعي، ونرجسيته واضحة، والتعامل معه تحفه المخاطر، وتقلبه يستوجب الحذر والحيطة بدلا من الاندفاع والاستعجال، وثبت فيما بعد أن ما صدر عنه من كتب في الغرب أكد هذه النزعة لديه، وقد وضعته الكاتبة الإيطالية ميريلا بيانكو في مكانة الرسل في كتابها ‘القذافي رسول الصحراء’، وكذا تبنيه فرقة أبناء الله الأمريكية وتأليفه الأغاني لها ومشاركتها الأداء. بدا القذافي وكأنه من طراز خاص ‘فوق بشري’، متصورا أنه أكبر من أي شخص، وأهم من أي زعيم، وفوق الأمة، حتى لو كانت بحجم الأمة العربية.. فتعالى على الشعب واحتقر الناس، وتدنى بمكانة الأمة وقلل من شأنها حتى أعلن إنسلاخه عنها. وما زال بالجعبة حكايات وأسرار نستكملها معكم بإذن الله. (المصدر: صحيفة « القدس العربي » (يومية – لندن) الصادرة يوم 10 سبتمبر 2011)

<

Lire aussi ces articles

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.