الأحد، 10 أغسطس 2008

TUNISNEWS
8 ème année, N°3001 du 10.08.2008
 archives : www.tunisnews.net 

الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين: رفض القضاء الإفراج عن فيصل بن سعيد.. فلماذا ترفض الديوانة الإفراج عن أموال زوجته

الطاهر العبيدي :  تونسيون ينتفضون في المنفى: حوار مع  السيد نورالدين ختروشي منسق مبادرة طلب العودة حق واسترداده واجب

معز الجماعي:الديمقراطي التقدمي يتضامن مع أهالي الحوض المنجمي

الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان : بــيــان مــشــتــرك

البديـل عاجل:  أخبــــــــــــــــــــــار البديـل عاجل:  الهياكل الصورية وتوظيف القضاء

 الصحبي العمري: رسالة مفتوحة الي صديقي الاستاذ محمد عبو  الصحبي العمري:رسالة مفتوحة إلى سيادة الرئيس زين العابدين بن علي

أ.ف.ب :تونس تستضيف مؤتمرا دوليا بمشاركة خبراء اسرائيليين

موقع مسلم : احتجاج فلسطيني على “تطبيع جغرافي” في تونس

تونس تستضيف المؤتمر الـ31 للاتحاد الجغرافي الدولي ومشاركة إسرائيل تثير جدلا

الصباح:في لقاء فكري للحزب الاجتماعي التحرري: لا يمكن صيانة المكاسب التي تحققت للمرأة دون تطوير الثقافة الاجتماعية

الصباح: بسبب عدم رضاهم عن نتائج التوجيه الجامعي: بعض الطلبة الجدد يحولون وجهتهم نحو التكوين المهني

وات: انطلاق عملية الاقتراع بالجهات لانتخابات التجديد النصفى لأعضاء مجلس المستشارين

الصباح:قبل إعلان الصيغة النهائية في سبتمبر القادم: هذه العناصر الأولية للميثاق الوطني للشباب واقتراحات بعض المشاركين عبر الأنترنات

الصباح: في الجيارة: 8 سنوات سجنا من أجل تحويل وجهة ومفاحشة

أحمد الورغمي : منذر صفر رجل كألف وألف كأفّ

قدس برس: عالم اجتماع: التونسيون غير مكترثين بلغتهم العربية

العرب : حياة عمامو: القرآن الوثيقة الأساسية في ماضينا

برهان بسيس : البعد الآخـر: مرة أخرى.. أصولي معتدل!؟

زهير الخويلدي : كان الشاعر محمود درويش ما سوف يكون

توفيق المديني : دواعي الحرب الروسية – الجورجية في أوسيتيا الجنوبية

منير شفيق : حزب العدالة والتنمية.. والعلمانية

نوال السباعي: هذه الحالة الفلسطينية بين الإسلاميين وغير الإسلاميين

د. أحمد الخميسي : رحيل سولجينتسين ..أسطورة المواجهة


(Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe Windows (

(To readarabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows)


أسماء السادة المساجين السياسيين من حركة النهضة الذين تتواصل معاناتهم ومآسي عائلاتهم وأقربهم منذ ما يقارب العشرين عاما بدون انقطاع. نسأل الله لهم  وللمئات من الشبان الذين تتواصل حملات إيقافهم منذ أكثر العامين الماضيين فرجا قريبا عاجلا- آمين 

 

21- هشام بنور

22- منير غيث

23- بشير رمضان

24- فتحي العلج 

 

16- وحيد السرايري

17- بوراوي مخلوف

18- وصفي الزغلامي

19- عبدالباسط الصليعي

20- الصادق العكاري

11- كمال الغضبان

12- منير الحناشي

13- بشير اللواتي

14- محمد نجيب اللواتي

15- الشاذلي النقاش

6-منذر البجاوي

7- الياس بن رمضان

8-عبد النبي بن رابح

9- الهادي الغالي

10- حسين الغضبان

1-الصادق شورو

2- ابراهيم الدريدي

3- رضا البوكادي

4-نورالدين العرباوي

5- الكريم بعلوش


 “ أطلقوا  سراح جميع المساجين السياسيين “   “الحرية للصحفي المنفي في وطنه عبدالله الزواري“ الجمعية الدولية  لمساندة المساجين السياسيين 43 نهج الجزيرة تونس e-mail: aispptunisie@yahoo.fr   تونس في 10 أوت 2008

رفض القضاء الإفراج عن فيصل بن سعيد.. فلماذا ترفض الديوانة الإفراج عن أموال زوجته  ..! :

 

لا تزال زوجة السجين فيصل بن سعيد  ( أصيل مدينة عوسجة من ولاية بنزرت ) تعيش وضعية اجتماعية  مزرية بعد أن قامت مصالح الديوانة التونسية بحجز أموالها عند مغادرتها التراب التونسي رفقة أبنائها الستة (سفر 06/01/ 1999 ، خديجة 03/01/2002 ، عمر عبد الرحمان 09/09/2005 ، زينب 27/07/1995 ، سلمان 06/01/1999  ، زيد 20/01/1997 ) بعد زيارة لسجن برج الرومي حيث يعتقل زوجها ( الذي سلمته السلطات الإيطالية سنة 2005 ) ، علما أنها تحمل الجنسية المغربية ( جواز السفر 778079 U  ) و تقيم بإيطاليا  حيث تخضع للعلاج  بقسم الأعصاب بمستشفى  (” ospectali dicircolo Fonazione”) ، و قد تم حجز أموالها بميناء حلق الوادي و تم تفويت موعد السفر عليها و على أبنائها ، و قد قامت السيدة حفيظة رفاع ( من مواليد مدينة الخريبقة بالمغرب الشقيق ) بالإتصال بالسفارة المغربية أين تلقت وعودا ( لا تزال تنتظر تنفيذها ) بالتدخل للإفراج عن أموالها المحجوزة . و إذ تطالب الجمعية بتسوية وضعية عائلة السجين فيصل بن سعيد بما يقي أبناءه الحاجة و العوز  و يراعي الحالة الصحيية المتدهورة لزوجته ، فإنها تدعو الإدارة إلى معاملة المواطنين على قدم المساواة  و تنبه إلى خطورة سياسة العقوبة الجماعية التي تطال عائلات المساجين المحاكمين على خلفية ” أمنية ” .. ! عن فرع بنزرت  طارق السوسي


 

تونسيون ينتفضون في المنفى

حوار مع السيد نورالدين ختروشي منسق مبادرة طلب العودة حق واسترداده واجب  

* سنحكي مرويات التغريبة التونسية… * نعتقد أن عودة أخرى أكثر كرامة وأقل شبهة… * النواة الأولى من المناضلين  التي ساهمت في صياغة النص… *المبادرة لا علاقة لها بأجندة أي طرف سياسي، سواء كانت حركة النهضة أو غيرها… *نحن مستعدون في الوقت المناسب للحوار… * المبادرة تتعامل مع العائدين على أنهم رصيدا لمشروع التغيير… *نحن طرف من المجموعة الوطنية يدفع ثمن إرادته…  
حوار الطاهر العبيدي / باريس taharlabidi@free.fr منذ عشرات السنين بلغت حد 26 سنة، تلك هي بعجالة حصيلة أعوام النفي والحرمان من رؤية البلد والأهل للكثير من التونسيين الذين يعيشون في الشتات، منتشرين في المنافى وموزعين في دول العالم، ممنوعين من العودة إلى أرض الوطن، نتيجة صدور أحكام قضائية حضورية أو غيابية ضدهم بسبب آرائهم السياسية، حيث تمكنوا من الفرار من تونس بطرق تشبه الأفلام، ووراء كل منهم قصّة تترجم بصمات رحلة المغامرة والمتاعب والفراق والانتصار على الزمن، ورغم مرور كل هذه الأعوام، فإن السلطة التونسية ما تزال توصد الأبواب في وجه أبنائها المهجّرين اضطرارا والمستقرين منذ سنوات في المنافي الأوروبية والمقاطعات الأمريكية، وأغلبهم حقق نجاحات علمية وفكرية واقتصادية معتبرة كان يمكن أن تشعّ على البلد، ولئن كانت السلطة التونسية قد سمحت في المدة الأخيرة لبعض الأفراد  من زيارة البلد، فإن البعض الآخر يعتبر هذه التسوية ذات أفق أمني ومن قبيل الحل الفردي، الضمانات فيها هشّة، مما جعلهم ينتفضون على واقع المنفى الذي طال بشكل درامي، والمطالبة بحل هذا الملف، عبر إطلاق مبادرة تحمل عنوان طلب العودة حق واسترداده واجب والتي جمعت حولها الكثير من المهجّرين التونسيين من كل بلدان العالم، لمعرفة ملامح هذا الفعل، اتصلنا بالسيد نورالدين ختروشي منسق مبادرة طلب العودة حق واسترداده واجب لنسترشد منه تفاصيل هذه المبادرة.  
لماذا جاءت المبادرة في هذا التوقيت، ثم ألا تعتبر متأخرة من حيث الفعل السياسي؟ المبادرة وليدة واقعها، ومقوم شرعيتها تستمدّه من حاجة الواقع الموضوعي لها، وفكرة العودة طرحت على الساحة المهجرية في أكثر من مناسبة، سواء في شكل تحاليل ونصوص ونداءات، أو في صيغة مقترحات عملية. والمبادرة استفادت من ذاكرة العودة، فهي محصلة قراءة    تراكمية في تلك الذاكرة، وقد حرص المبادرون على توسيع دائرة الحوار لتشمل العائدين، واستفادت من رأيهم في الموضوع، وبعضهم عبّر عن مساندته للمشروع واستعداده للتعاون معنا، والمبادرة تتعامل مع العائدين على أنهم رصيدا لمشروع التغيير في المستقبل المنظور، ما لم تتحول مواقع العائدين سياسيا إلى دائرة دعم  خصوم الانفتاح السياسي ببلادنا، فروح الانفتاح المسئول على الجميع هي بطانة المبادرة وجوهرها الأساسي، وستبقى تلك الروح تطارد منطق التخوين والإقصاء والتهارج، حول قضية يرفض غالبية المعنيين بها تمثلها كمنطقة فرز بين من ينتمي للدائرة النضالية وبين من خرج منها أوعليها.   المبادرة تعبير تاريخي مباشر على تفاعل قراءات متعدّدة ومفتوحة في موضوع العودة، يجمعها حرص مشترك على أن تكون العودة بداية لمرحلة جديدة، عنوانها الأساسي الاستفادة من تجربة مهجرية عميقة، يحرص المبادرون على أن تكون رصيدا في حساب الوطن و طموحه المشروع في حياة عامة أكثر انفتاحا وتعددا. ما هي تحديدا الملامح السياسية لهذه المبادرة، التي تحمل عنوان مطلب العودة حق واسترداده واجب فهناك من يرى أن مطلب العودة هو أولا وأخيرا مطلبا حقوقيا فكيف تفهم علاقة الحقوقي والمطلبي بالسياسي في المبادرة؟  هذا سؤال دقيق ومشروع  يضعنا مباشرة في مربع تقاطع مختلف زوايا التعاطي مع الموضوع، لذلك أستسمحك الإطالة في الإجابة                                                   الطريف والشيق هنا أن كل المقاربات هي بالضرورة مقاربات سياسية، فمن يتمثل المبادرة على أنها حقوقية مطلبية فاعليتها مرتبطة في مدى القدرة على تحمل درجة الصفر السياسي، يدخل على المبادرة من باب المناورة السياسية . ومن يتعاطى مع المبادرة على أنها أداة جديدة لفتح جبهة تهارج مع السلطة هو أيضا قد تمثل المبادرة على قاعدة المناورة. ومن جاء للمبادرة ليمارس نواسه الحاد بين المهادنة  والتجذر السياسي يتعاطى مع المبادرة كورقة امتحان أبيض لن يفشل فيه مهما كانت النتيجة               وفي جميع الحالات  نحن أمام منطق استعمالي ووظيفي أساسا وأنا أرى أنه من الطبيعي أن تستغرق السياسة مختلف الرؤى  فعنوان العودة هو موضوعا ونهاية في قلب الهم السياسي                                                                الجميع يعي أن موضوع عودة المهجرين التونسيين هو موضوع سياسي بالدرجة الأولى مرتبط مصيره بإرادة سياسية هي بالضبط محل الرهان الاستراتيجي من وراء تلك المقاربات                                                               محظور إستراتيجية الصفر السياسي في التعاطي مع المبادرة هو في تقاطعها مع إستراتيجية السلطة ونزوعها إلى تجويف الملف بامتصاص دلالته  السياسية وطمسها فالسلطة تميل في جل الحالات إلى  تحويل المهجّر إلى مهاجر وترميه بقسوة في أخدود الانتقام من حميمية الوفاء للذاكرة النضالية                         أما محظور إستراتيجية الكل سياسي فهو في ممكن إعادة إنتاج فشل دائم  تكرره المعارضة الوطنية في امتحان التناوب بين منطق المبدأ والقيمة ومنطق المصلحة والنجاعة عندما يتعلق الأمر بإستراتيجية أرضيتها الأساسية حقوقية وتضميناتها المباشرة سياسية  المبادرة تعي جيدا أن هناك قليلا أو كثيرا من الحقيقة في خطاب الطرفين وهي تسعى إلى تركيب جديد لحقيقة أخرى تعكس جدلا بنّاءا  بين رؤيتين في أسلوب التعامل مع المرحلة يتجاوز لحظة الجدل التائه الذي ساد حينا من الدهر في أوساط المهجرين المبادرة ستسعى للانتقال بمفعول الفرز من دائرة الحكم القيمي إلى فضاء النجاعة السياسية المباشرة والمتمثلة في إدارة المتاح لإنجاز الممكن في موضوع العودة وضمن ذلك المسار ستصنع المبادرة ديناميكيتها الخاصة وسيكون الكثير أو القليل من السياسي من منتوجها الخاص وبما يخدم أهدافها   وأولوياتها وأجنتدها الخاصة لعل عدم تعجلنا في هيكلة المبادرة ،وانحيازنا لفكرة تنشيط مرحلة بينية، تبدأ بالتجميع وتنتهي لحظة الاتفاق على خط المبادرة وإستراتجيتها يعكس وعيا حادا لدى المبادرين بضرورة تنضيج الحوار حول هوية المشروع ومسار تنزيله ومن حسن حظ المبادرة أن اجتمعت   عليها نخبة وطنية مصممة على توظيف كفاءتها في استنبات الأسلم والأنجع لتحقيق العودة على أرضية ضوابطها التي نصص عليها بيان المبادرة يمكن أن تفخر المبادرة أنها أقنعت جزءا من النخبة المهجرية المستقيلة من المجال السياسي منذ سنوات عديدة بالانخراط مجددا في قلب الهم العام من خلال عنوان العودة الذي يعكس في تضمينه السياسي مركب التحول الممكن تونسيا نحو نظام سياسي أقل انغلاقا وتلك الكفاءات الوطنية مطروحا عليها أن تمارس واجب الأمل حتى وإن اضطرت لأن تضرب بعصاها الحجر    مقوم القوة الأساسي للمبادرة هي في كفاءاتها المتعددة   التجارب والمواقع وطموحها لا يتعدى في النهاية إقناع  الجميع بأن  مكان هؤلاء الطبيعي هو أرض الوطن وبقدر ما نحرص على استقلالية المبادرة والشفافية والشورى داخلها وبين المنخرطين فيها سنحرص على إدارة حوار عميق وهادئ ومسئول حول كل المحاور المتعلقة بموضوع حقنا في عودة لوطننا نريدها آمنة وكريمة ترفع المظالم وترد الحقوق  يتساءل البعض من وراء هذه المبادرة، وهل النص صيغ بصورة فردية، أم كانت هناك لجنة صياغة، أم هو مساهمة كل الموقعين، وهل هناك جهات وراء هذا المسعى؟ المبادرة تقف وراءها ذاكرتها، فهي كما ذكرت محصلة نصوص عديدة نشرت حول العودة. أما كيف بدأت؟ فالحكاية بسيطة، حيث وجه السيدان عماد الدايمي وسليم بن حميدان نداءا للمهجّرين  للإتحاد حول حق العودة،  وقد اتصلت بهما وعرضت عليهما فكرة المبادرة، وتوسّعت دائرة الحوار والتشاور حول المقترح، لتشمل النواة الأولى من المناضلين  التي ساهمت في صياغة النص، وهم تحديدا ودون ترتيب مقصود السادة: سليم بن حميدان – سيف بن سالم – عماد الدايمي – الطاهر بوبحري – عبد العزيز شمام – عزالدين شمام  – الطاهر العبيدي – عادل الحمزاوي  – فتحي الفرخ – رياض بالطيب – نورالدين ختروشي. وقد أجريت على البيان العديد من التحويرات كان آخرها قبل نشره، والطريف أن بعض الصياغات أقترحها مناضلون لم يوقعوا إلى اليوم على المبادرة.  لقد  حاول الجميع وإلى آخر لحظة إقناع الأصدقاء بشرعية المبادرة وجدواها، تلك هي قصة البداية في عفويتها وبساطتها ،نرويها ليس فقط للرد على من يتصوّر أن المبادرة وليدة مكر بليل، بل وأساسا لحساب الشفافية مع كل الموقعين على المبادرة وكل المعنيين  بها، بل وأيضا وخاصة لحساب الأمانة مع الذاكرة والتاريخ.  هناك من يعتبر هذه المبادرة نوعا من الالتفاف على حالة  التململ، وآخرون يرون أن حركة النهضة وراءها  لتعطيل ملف عودة المنفيين بصورة فردية، بعد أن بدا يتجاوزها من خلال رجوع بعض عناصرها بصورة فردية، والجدل القائم حول كيفية إدارة الأزمة؟ هذه أحكام تخص طرفا سياسيا لا أشارك أصحابه ذلك التقييم، والمبادرة لا علاقة لها بأجندة أي طرف سياسي سواء كانت حركة النهضة أو غيرها، حيث انطلقت  بقرار فيه كثيرا من الاستقلالية، وفيه كثيرا من الإرادة  في العمل المشترك مع جميع المعنيين بملف عودة المهجّرين. ومن الطبيعي أن يكون أبناء حركة النهضة حاضرين، فتلك الحركة هي حمّالة الجرح الوطني في هذه المرحلة، ومن الطبيعي أن يكون حجم تضرّرها من محنة التهجير أكبر من غيرها. النص ابتدأ بشكل تصعيدي، حيث شبّه الواقع الحالي بمرحلة الاستعمار، حين وقع نفي زعماء الحركة الوطنية، أليس هذا نوعا من الاستفزاز السياسي المجاني للسلطة، ونوعا من تأبيد الصراع كما بدا للبعض؟  أبدا هذا تأويل متعسّف ومتسرّع …. نحن نمثل حلقة وصل مع محنة المنفى التي عرفتها مختلف أجيال النضال الوطني في مراحله المختلفة، فقد مرّ على مرارة المنفى مارّة من كل أطياف النضال الوطني، سواء في مرحلة التحرير أو في معركة البناء التي مازالت السلطة الحالية تحتكر إدارة يومياتها، ونحن طرف من المجموعة الوطنية يدفع ثمن إرادته وإصراره على ممارسة حقه في المشاركة المستقلة والمسئولة في تلك المعركة النبيلة، معركة بناء بلادنا وصياغة مستقبلها، وكان القدر أن جمعنا في دائرة المنفى ،وكان يمكن أن نكون في دائرتي الشهداء أو المساجين، فالظلم واحد ومصادره متعددة والثمن واحد والدافعون أجيال. أغلبية الموقعين على هذه المبادرة هم من الإسلاميين أو المتعاطفين معهم، كما لاحظنا غياب إمضاءات العديد من كوادر حركة النهضة المنفيين، فما هي دلالات ذلك؟ أما أن أغلبية الموقعين من حركة النهضة فذلك دليل صدقية وتمثيلية المبادرة، لأن أغلبية المهجّرين من أبناء تلك الحركة،  وهي  مفتوحة على جميع المهجّرين فلا يوجد أحدا في المبادرة بغير صفة المهجّر، أما في ما يخص غياب إمضاءات من كوادر حركة النهضة، فهو دليل على أن المبادرة مازالت في حاجة إلى مزيد من الحوار والتوضيح ،للإقناع بجدواها  ونحن نجدد دعوتنا لهؤلاء السادة للانضمام للمبادرة، فحاجتنا لخبرتهم وكفاءتهم أكيدة. هناك من المهجّرين من عادوا هذه الأيام إلى تونس، بعد عشرات السنوات التي قضوها في المنفى، ولم يتعرّضوا للأذى، مما يجعل هذه المبادرة نوعا من الإحراج السياسي للطرف الموجود في السلطة، والذي كما يقال يرغب في طي هذا الملف؟  لم يتعرضوا للأذى ليس لأنهم عادوا، ولكن لأنهم لم يعودوا للعمل العام، فمعاناة أصدقاءهم من معارضة الداخل نتابع يومياتها بأسف ومرارة، وهي يوميات تؤكد لنا أن أصحاب المصلحة في استمرار قوس الانغلاق السياسي واحتكار الحياة العامة بقوة العنف الرسمي مازالوا الفاعلين الأساسيين في مواقع صنع القرار داخل السلطة. أما إذا كان هناك طرفا داخل السلطة، يرغب في طي الملف فليظهر وليعبّر عن نفسه، ونحن مستعدون في الوقت المناسب للحوار حول صيغة طي الملف وشروطه الدنيا المقبولة من طرف المهجّرين … نعم  نحن مستعدون للحوار دون لهفة ذليلة ولا تكبّر مخاتل نهنئ طبعا كل عائد إلى أهله ووطنه، وإن كنا نعتقد أن عودة أخرى أكثر كرامة وأقل شبهة ممكنة لا بحكم الأمل، بل بحكم المتاح. هل هي عريضة أم مبادرة وما  هي الحدود الفاصلة بين الاثنين؟ العريضة نص جماعي لتسجيل موقف من قضية أو للمطالبة بمشترك، أما المبادرة فهي أرضية التقاء على مشروع،  وما أعلناه على الرأي العام الوطني والدولي هو مبادرة موضوعها حق العودة لوطننا على أرضية البيان التأسيسي للمبادرة. هذه المبادرة كما اصطلح على تسميتها، هل هي تجميع لعدد أكثر من الأسماء، ثم يقع طيّها فيما بعد كما طويت العديد من العرائض الأخرى، أم لها أفاق سياسية، وحراك ميداني؟ جدة المبادرة في تعدد أبعادها. ففي المبادرة  بعد ثقافي استراتيجي سيعمل لحساب الذاكرة،  ويفتح للتجربة فضاءات أخرى للتعبير عن فصولها بأقصى حدود الأمانة مع النفس والحقيقة والتاريخ، سنبدأ بإحصاء لعدد المهجّرين وأماكن تواجدهم، وسنؤرخ لتجارب فردية في حميميتها وذاتيتها العميقة، لنعيد من خلالها تركيب صورة أخرى للمنفى لحساب الذاكرة الوطنية… سنحكي مرويات التغريبة التونسية على لسان الأطفال والأمهات والآباء والأحبة الذين غادروا ولم نرسم على جبينهم قبلة وداع،…ومن خلال شهادات عينية ومباشرة، ومن خلال النصوص والأعمال الفنية التي أنتجها المهجّرون سنحكي ونصوّر ونكتب ألمهم، ولكن سنروي قصّة إنجازاتهم ونجاحاتهم، وهي والحمد لله كثيرة ومتعددة، والتي نريد لوطننا أن يستفيد منها لأنه الأولى بها، إنها ورشة واجب الذاكرة، تنتظر من المبادرة عملا وجهدا طويل المدى، أما في المدى المنظور فالمبادرة أمام هم النجاعة في إنجاز الممكن ومراكمته في إتجاه المطلوب، وهي ورشة عمل ذهني وميداني، سنقبل عليها بهم التجديد، وزحزحة السائد في التعامل مع الواقع والأطراف الفاعلة فيه، فالمبادرة متعدّدة الأبعاد ومفتوحة على تجربة طريفة، نأمل أن تكون عامل إثراء وإضافة في المشهد الوطني. بعض المصادر تقول أن الأوامر جاءت من أعلى هرم في السلطة لحل ملف اللاجئين، وتيسير عودتهم للبلاد بصورة فردية، ألا ترون أن هذه المبادرة ربّما تعطل مسعى السلطة في هذا الاتجاه، كما وقع من قبل وتحديدا سنة 98 مع مبادرة الهاشمي الحامدي، حين وعده زين العابدين بحل المشكلة والعفو الإنساني، وقد تمت تسوية بعض الملفات، ووقع بعدها تجميد هذه الوساطة، نتيجة تصلب أطراف داخل السلطة، وتنصل جهات معارضة، كما يتداول في الأوساط السياسية؟ إن كانت هناك أوامر من أعلى هرم السلطة للسماح بعودة فردية مشروطة هذا ليس جديدا، والمبادرة ترفض الحلول المشروطة. أما إذا تحوّل موقف السلطة بعد صدور الإعلان على نية القيام بالمبادرة فهذا ما نتمناه، وهو دليل على قوتها، فمجرّد الإعلان عنها حقق إنجازا في تخلي السلطة عن سياسة الابتزاز…أنت هنا يا سيدي تبشرنا بكسب، وتحثنا على استكمال إنجاز المبادرة، فإذا كانت نية المبادرة  قد أربكت السلطة حد تغيير سياستها، فالأولى بالمبادرة بعد إنجازها أن تصعّد من سقف شروطها، لأنها ستكون في موقع أفضل،  هذا تأويل جامح، وكلام فيه مبالغة، وفيه عدم تقدير لقوة السلطة ومدى قدرتها على المناورة، نحن نتمثل المبادرة على أنها حل ممكن  لملف العودة، وليس في الوارد عند المعنيين  بها  إضافة مشكل جديد في قضية تتقاطع على سطحها  مفردات أزمة الحياة السياسية ببلادنا، نحن نعي في المبادرة حجم خصومنا، كما نعي تماما تعقيد المشهد وتعقد المسار، وسنعمل على قاعدة المراكمة والاستفادة من دروس تجربتنا والتجارب الشبيهة، دون تسرّع مغامر ولا بطء ممل. لماذا كل هذه السنوات نراك تختفي ويطول غيابك، ثم تظهر على الساحة من جديد ثم تعود إلى الاختفاء، وهكذا نفس السيناريو المتكرر، نريد أن نفهم أين تتموقع ومن تكون؟ دعك من شخصي أستاذ العبيدي،  أنا نورالدين ختروشي مواطن تونسي، أحمل منذ 17 عشر عاما وثيقة سفر زرقاء، كتب عليها مسموح لحامل هذا الوثيقة السفر إلى كل بلدان العالم باستثناء تونس. ************* (المصدر: وطن أمريكا / مجلة أخر خبر أمريكا / موقع ليبيا المستقبل)


 

الديمقراطي التقدمي يتضامن مع أهالي الحوض المنجمي

 

إحتضن مقر جامعة قابس للحزب الديمقراطي التقدمي وقفة إحتجاجية شارك فيها عدد من مناضلي الجهة . و جاء هذا التحرك النضالي لمواصلة مساندة أهالي الحوض المنجمي و لمطالبة السلطة بالإفراج عن المعتقلين على رأسهم المناضل النقابي “عدنان الحجي”. وخلافا لبقية الجهات لم يقع أي منع من طرف الأمن رغم تواجد أعوان البوليس السياسي أمام مقر الجامعة ،  و في نفس الإطار حاصرت قوات الأمن مقر حركة التجديد بقصيبة الميدوني و إعترضت طريق مجموعة من الحقوقيين  قادمين من مدينة  سوسة و منعتهم من الوصول  ، و أفادنا المناضل “رياض الحوار” (عضو اللجنة المركزية للحزب الديمقراطي التقدمي) أن سيارة أمن من نوع “نيسان” تحمل رقم 6756 تونس 107 حاولت الإعتداء عليه ووصف ذلك التصرف بالإستهداف لشخصه و محاولة قتله حسب تعبيره.                                                                                                
قابس: معز الجماعي

الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان         بــيــان مــشــتــرك

             في : 06 أوت 2008  

 
  صرحت محكمة الناحية ببنزرت يوم الثلاثاء 5 أوت الجاري  بحكمها  القاضي ب : –  ستة (6) أشهر سجن نافذة ضد كل من المناضلين : عثمان الجميلي ( سجين سياسي سابقا وعضو الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين) وعلي النفاتي (سجين سياسي سابق أطلق صراحه بعد إثنتي عشر- 12- سنة سجن  ) –  ستة أشهر سجن مع تأجيل التنفيذ  لكل من المناضلين : الأستاذ فوزي الصدقاوي  ( إبن المقاوم الشهير : قدور الصدقاوي) وخالد بوجمعة ( عضو جامعة بنزرت للحزب الديمقراطي التقدمي بجامعة بنزرت والجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين ) . وذلك بتهمة « التجمهر بالطريق العام والاعتداء علي الأخلاق الحميدة » ويوم المحاكمة المذكور حوصرت مدينة بنزرت بأكملها بواسطة أعداد مهولة من البوليس بالزى المدني جيء بهم من عدة ولايات مجاورة ، وقطعت كل الطرقات والمنافذ المؤدّية إلى المحكمة ووصل الحد إلى قطع الطريق أمام السيارات الداخلة إلى المدينة عبر الطريق الوطنية والسريعة .  كما عمد البوليس إلى منع أولياء الموقوفين من الدخول إلى المحكمة ولما أمر رئيس المحكمة بأن يسمح للوالدين حضور محاكمة أبنائهم رفض البوليس هذه التعليمات ولم يكفيه عدم الانصياع الى قرار رئيس المحكمة المذكور بل خول لنفسه بأن يعتدي على المحامي : الأستاذ عبد الوهاب معطر بأن وجه له لكمة فوق عينيه مما جعل زجاج نظارات المحامي تتطاير.  هذا وقد طارد البوليس أهالي وأولياء الموقوفين ومن تضامن معهم حتى وصلوا أمام مقر فرع بنزرت للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان – المحاصر بدوره منذ عدة سنوات – وانهالوا ضربا على كل من وجدوه أمامهم إضافة إلى التفوّه بألفاظ نابية وقذرة تجاه الحاضرين.وقد طالت الإعتداءات كلّ من : حامد المكى (وهو إبن المرحوم الهاشمي المكي) الذي رغم أنه في حالة إغماء واصل المعتدون رفسه ثم حمل بعدها في سيارة إسعاف الى المستشفى،   وتقوة بنت المرحوم أحمد البوعزيزي  ووليد رمضان وهبة المكى وعلي الوسلاتي وحمزة حمزة (عضو الحزب الديمقراطي التقدمي) والعديد من الأشخاص الآخرين لم نتمكّن من معرفة أسمائهم .    إن سبب هذه المحاكمة السياسية وما تخللها من اعتداءات و محاولة بث الرعب في المنطقة ، يرتكز على خلفية التشفي والإنتقام من بنزرت حيث انتظمت بمناسبة ذكرى عيد الجمهورية يوم 25 جويلية الماضي مظاهرة سلمية رفعت فيها بعض الشعارات منها : لا رئاسة  مدى الحياة – السيادة للشعب – النظام الجمهوري الحقيقي غايتنا وإطلاق سراح المساجين السياسيين مطلبنا وكذلك حول الشبان الموقوفين والمعدين لمحاكمات دون ذنب اقترفوه .   إن فروع الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان الممضية أسفله : – تندد بهذه التصرفات الإستبدادية المخالفة للنظام الجمهوري والتي تنسف ما يصبو إليه الشعب       التونسي من خير واستقرار دائم . -تذكر النظام الحاكم في تونس أن حرية الفكر والتعبير والصحافة والنشر والاجتماع….. هي حقوق مكفولة بنص الدستور التونسي وخاصة الفصل الثامن منه وبنصوص المواثيق والمعاهدات الدولية ذات الصلة وخاصة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان . – تدعو إلى إطلاق سراح المسجونين علي النفّاتي وعثمان الجميلي والكف عن الزجّ بالقضاء في الشأن السياسي عبر القضايا الملفّقة والأحكام الجاهزة . – تطالب السلطات المختصّة بفتح تحقيق جدّي في الإعتداءات التي ورد ذكرها والتي تعتبر إعتداءا على كلّ القيم الفاضلة و الحميدة فظلا عن أنّها تشكل إعتداءا فاضحا على  الحقوق الدستورية للمعتدى عليهم .             -تخشى من مواصل السلطة التونسية طريقها في غير النظام الجمهوري وأن تدفع بالبلاد إلى المخاطر والمنزلقات وتفتح الباب أمام التطرّف والإرهاب الأعمى  .    الإمضاءات فرع قابس         المنجي سالم فرع مدنين        صلاح الوريمي فرع المنستير     سالم الحداد فرع القيروان    مسعود الرمضاني فرع ماطر       محمد الصالح النهدي فرع جندوبة    الهادي بن رمضان فرع بنزرت   علي بن سالم


 أخبـــــــــــــــــــــــار  

تدهور الحالة الصحيّة لبشير العبيدي أكـّد مصدر من المحامين أنّ الحالة الصحيّة للسيّد بشير العبيدي المعتقل بالقصرين صحبة السيّد عدنان الحاجي، قد تدهورت في الآونة الأخيرة (ارتفاع ضغط الدّم) نتيجة ظروف الاعتقال السيّئة. وقد طلب منه الطبيب أكل “المسّوس” وأخضعه للمراقبة الدّائمة (قيس الضغط). إطلاق سراح مساجين فريانة أطلقت السلطات يوم الجمعة 8 أوت الجاري المواطنين الذين اعتـُقِلوا إثر أحداث فريانة (القصرين) وحكمت عليهم محكمة المكان بعام سجنا، وقد استـُثنِي من هذا السراح مواطن واحد متـّهم بصبّ الدّهن الأحمر على المعتمد. تخفيض أحكام نزلت محكمة الاستئناف بقفصة في جلسة يوم الأربعاء 6 أوت الجاري بالأحكام الصادرة في ثلاث قضايا على خلفيّة أحداث الحوض المنجمي من 6 و7 أشهر إلى 3 أشهر فقط، كما أقرّت حكما رابعا بثلاثة أشهر صادرا على أحد المواطنين. وينهي هؤلاء الأربعة أحكامهم في أواخر شهر أوت الجاري. ومن ناحية أخرى أجّلت ذات المحكمة النظر في ثلاث قضايا أخرى تهمّ ثلاثة مواطنين إلى جلسة 19 سبتمبر القادم علما وأنّ المعنيّين أنهوا عقوبتهم وهم الآن بحالة سراح. حملة قمعيّة بالمتلوّي بدأ البوليس السياسي حملة اعتقالات بالمتلوّي، ويشاع بين المواطنين أنّ المطلوبين قد يصل عددهم إلى 100. الحكم على الناشط الحقوقي محمّد بن سعيد حكمت محكمة الناحية بتونس يوم الأربعاء 6 أوت الجاري على الناشط الحقوقي محمّد بن سعيد بشهرين سجنا بتهمة عدم الامتثال لعون أمن. وهذه التهمة مفتعلة وقد جرت العادة على الحكم على مرتكبيها بخطيّة ماليّة. وبهذه المناسبة تستنكر البديل هذا الحكم الجائر وتطالب بإطلاق سراح المناضل محمّد بن سعيد فورا ودون قيد أو شرط. الحكم على 4 نشطاء ببنزرت حكمت محكمة الناحية ببنزرت يوم الثلاثاء 5 أوت الجاري على 4 نشطاء بالسجن لمدّة 6 أشهر نافذة لإثنين منهما (عثمان الجميلي وعلي النفاتي) و6 أشهر مع تأجيل التنفيذ للآخرين (فوزي الصدقاوي وخالد بوجمعة). وقد حاصر البوليسي السياسي المحكمة لمنع النشطاء والمواطنين من حضور الجلسة. وقد تمّ الاعتداء على المحامي الأستاذ عبد الوهاب معطر بالعنف في باب قاعة الجلسة ممّا أدّى إلى تكسير نظاراته الطبيّة. ومن جهة أخرى لم يتورّع البوليس السياسي عن شتم الأستاذة فدوى معطر ونعتها بـ”المومس” في محاكمة ألصقت فيها تهمة الاعتداء على الأخلاق الحميدة بالموقوفين. كما منع البوليس السياسي زوجة الأستاذ عبد الوهاب معطر من دخول القاعة رغم أنّ القاضي رخص لها بذلك. اعتداء فظيع على الأستاذ عبد الرؤوف العيادي تعرّض الأستاذ عبد الرؤوف العيادي إلى اعتداء فظيع بسجن المرناقية وافتكّ منه هاتفه الجوال بتعلّة إقدامه على تصوير آثار التعذيب البادية على أحد منوّبيه. وبطبيعة الحال فالسلطة تريد التغطية على ممارسة التعذيب بكلّ الوسائل بما في ذلك الاعتداء على المحامين. (المصدر: “البديـل عاجل” (قائمة مراسلة  موقع حزب العمال الشيوعي التونسي) بتاريخ 10 أوت 2008)

 

الهياكل الصورية وتوظيف القضاء

 

 
لجأت السلطة من اجل استئصال العمل النقابي الى خلق هياكل صورية كما لجأت كعادتها إلى محاربة الهياكل المنتخبة بواسطة توظيف القضاء فهي لا ترغب في وجود شركاء حقيقيين أو أطراف فاعلة، لها رغبة فقط في خلق واستنساخ مكونات مشوهة لا دور لها غير مباركة سياسة السلطة الأحادية التي لا تنهض على غير منطق ضمّ الأتباع وشراء الذمم والضمائر، محاولة بذلك نسف الوحدة النقابية بافتعال أزمات داخلية واستخدام أدوات التخريب فتعود إلينا بلا رادع سياسة حشر القضاء في القضايا النقابية وكما هو الحال في النوازل السابقة تأبد أمد الفصل فحجزت القضايا للمفاوضة لتحل المفاوضة مرارا وتكرارا، فلا السلطة قادرة لانعدام براهينها على مواجهة الاتحاد العام باستصدار أحكام نافذة ضده والاستجابة لمطالب خصومه ولا هي مستعدة لإنصافه خوفا من الجلوس على مائدة المفاوضات مع ممثلين حقيقيين للقطاع “وهو الشيء الذي أدى إلى وضعية مؤلمة يعيشها النقابي الجامعي فهو في الواقع بين نارين : بين نقابيين صادقين بلا شك ولكنهم ملّوا الحديث عن الأزمة فكاد يدخلهم الشك في جدوى العمل النقابي، ومزايدين على العمل النقابي يختفون وراء نقد القيادة النقابية من أجل التمسك بالمواقع والتنفّذ ومن أجل تنفيذ مخططات التفرقة وزرع الفتنة وإثارة البلبلة، وتحقيق أجندة السلطة.، إن بعضهم يتقدمون بقضايا ضد الجامعة العامة وضد الاتحاد ولكنهم يتصرفون بعد ذلك بلا رادع وباسم الاتحاد ويستحوذون في مخالفة صريحة للقانون على طابع المنظمة وينشرون بين الجامعيين بلاغات باسم نقابات لم يعد لها أي صلة بهياكله ومقرراته” إن الأزمة المفتعلة التي يعيشها القطاع ليست في الواقع غير مخطط يستهدف أساسا إسكات صوت الجامعي وتغييبه في الوقت الذي تمرّ فيه الجامعة التونسية بتحولات خطيرة وتطرح ملفات ذات أهمية قصوى بل مصيرية مثل منظومة “إمد” أو نظام الجودة أو مسالة التأطير والتربص أو ملف التقاعد أو الأنظمة الأساسية المنضمة لمختلف الأسلاك الجامعية. 2- تصعيد خطير: ولكن الوزارة لم تكتف بسياسة التخريب الداخلية بل عمدت إلى تغذية جو من التوتر الدائم. لقد شهدت الجامعة التونسية خلال الفترة الأخيرة تصعيدا خطيرًا على مستوى تدهور العلاقات بين بعض مسّيري المؤسسات الجامعية وإطار التدريس وصلت إلى حدّ التعنيف الجسدي أحيانا واستجواب المضربين مرورا بتمزيق المعلقات النقابية ومنع الاجتماعات. ولقد كان النقابيون أكثر المدرسين عرضة لهذه التجاوزات التي أخذت إزاءهم أشكالا متعددة مثل عدم الترخيص في المهمات والتربصات بالخارج، تعطيل الترسيم والنقلة، عدم التمديد في سنّ الإحالة على التقاعد والإقصاء من عضوية لجان الانتداب بعد تعيينهم فيها وغيرها من الإجراءات. كما استهدفت هذه السياسة بعض أصناف الأساتذة من ذوي الوضعيات الهشّة وغير المرسمين ومنهم مساعدو التعليم العالي (تعطيل الترسيم والارتقاء المهني في السنة الفارطة) والمساعدون التكنولوجيون (إيقاف العقود قبل أوانها) وذلك على خلفية مشاركتهم في التحركات النقابية. ولقد لجأت الوزارة إلى خصم أجور المشاركين في إضراب يومي 19 و20 نوفمبر 2007 بطريقة اعتباطية إذ أن عددا من الأساتذة الذين شاركوا في واحد من يومي الإضراب تعرضوا إلى خصم أجرة يومين كاملين. 3- إلغاء الهيكل النقابي: لم يخض وزير التعليم العالي تفاوضا حقيقيا مع الجامعة العامة بل تعامل معها بأسلوب الإملاءات ولقد كانت القرارات التي أعلن عنها في جويلية 2007 والمتعلقة بإحداث حوافز مالية للأساتذة اللذين يقومون بتأطير أبحاث الدكتوراه والماجستير خير دليل على ذلك إذ أعلن عنها من جانب واحد رغم أنه وقع اتفاق بين الجامعة العامة وممثلي الوزارة على التفاوض في مقاديرها وآليات تنفيذها. كما وقع إصدار القانون التوجيهي بدون تشاور مع الجامعة العامّة وفي تجاهل تامّ لمقترحات ممثلي الإتحاد العام التونسي للشغل في المجلس الاقتصادي والاجتماعي ولرأي هذا المجلس. أما في ما يخص ما يسمى بجلسات التفاوض فلقد تفطن الجميع ان الوزارة تمارس نوعا من التفاوض التجميلي التجاملي الذي سيمكنها من الانسحاب من أي اتفاق ثنائي أو غيره، بل الأفضل اذا استجابت لأي مطلب مهما كان نوعه أن يكون ذلك منّة منها،لا نتاجا لحراك نقابي؟؟؟ ومن شبه المؤكد ان وزارة الإشراف ستظل تتعامل مع جلسات التفاوض بينها وبين الجامعة العامة باعتبارها مسألة ديكورية تنتهي دائما بنفس الألفاظ التي تعود عليها الجامعيون، وبنفس اللغة المتخشّبة التي ملها الجميع. 4- إرهاب الجامعيين بواسطة مجالس التأديب: ولعل آخر حلقة من حلقات هذا المخطط هو استخدام مجالس التأديب من اجل إرهاب المناضلين النقابيين بعد استهداف الهيكل والأمر هنا يحتاج منا إلى بعض التوقف: أ – تختار وزارة الإشراف أن تفتح ملفات التأديب في قلب العطلة الصيفية لتستفرد بضحاياها بعيدا عن الأنظار ولتتفادي أي رد فعل فوري من قبل الجامعة العامة أو من قبل النقابات الأساسية المعنية أولا بهذا الإجراء وكأنها بذلك تتصرف في جنح الظلام في مصائر المدرسين وتطلق يديها بكامل الحرية لتنقل هذا أو تقطع رزق الآخر مستخدمة في ذلك عامل الوقت من جهة وصعوبة اتخاذ قرار من الهياكل النقابية للتصدي لأي مقرر إداري سيصدر ضد الأستاذين المذكورين في بداية السنة الجامعية كل ذلك في جو من التراجع الخطير للعمل النقابي في الجامعة وهو بلا شك نتيجة طبيعية لسنوات عشر من الصراع لم تسفر في آخرها إلا على بعض النتائج التي هي دون المأمول بكثير مما خلق جوا من الشعور بالإحباط واليأس الذي تحس معالمه حتى داخل الهياكل الممثلة للقطاع. ب – لابد من التنبه إلى طبيعة التهم الموجهة إلى الأستاذ رشيد الشملي والتي ذكر بيان من الجامعة العامة في شأنها أنها ذات أبعاد جنائية متصلة بقضايا لم تتكفل بها العدالة من ناحية وتعود من جهة أخرى الى سنوات خلت وهذا ما يؤكد على إرادة الإيذاء من جهة ولكن أيضا على عدم تقيد المجلس بصلاحياته اذ انه لا يملك أي أهلية للتحقيق في قضايا من هذا القبيل أو البت في شانها. ج – التجاء بعض الأقلام المتسرعة إلى إلقاء التهم جزافا على الجامعة العامة متهمة إياها بشتى التهم وهو أمر كذبه البيان الصادر عن الكاتب العام للجامعة والذي أكد فيه سامي العوادي على أن ملف الأستاذ الورتتاني كان خاويا وهزيلا ونسبت إليه إخلالات بالواجب المهني كان يمكن معالجتها لو حدثت فعلا في إطار الكلية أو الجامعة دون اللجوء إلى مجلس التأديب، في حين وجهت إلى الأخ الشملي تهم خطيرة كلها ملفقة وذات طابع كيدي كما احتوى الملف على وثائق مشبوهة وتبدو مزورة يرجع بعضها إلى أكثر من خمس سنوات. وقد أدان البيان بكل شدة هذه الحملة التأديبية ضد مسؤول وناشط نقابي وأعلن عن مساندة الجامعة العامة التامة للأستاذين المذكورين وعن تبنيها لقضيتهما واستعدادها التام للدفاع عنهما، كما طلبت الجامعة وزارة التعليم العالي بحفظ هذا الملف وبالكف عن اضطهاد الناشطين النقابيين معلنة في الاخيرالاحتفاظ بحقها في رفع هذه المظلمة إلى المنظمات الدولية ذات الصلة لاسيما وان قضية الاعتداء على الحق النقابي وملاحقة النقابيين مازالت مرفوعة لدى منظمة العمل الدولية. د – إن مهاجمة الاتحاد في هذا الظرف بالذات ليست أفضل سياسة للدفاع عن الأستاذين بل انها تحتوي على مخاطر جمة ولا اعتقد انه من صالحهما فتح الجبهات الداخلية لان ذلك لن يخدم غير منطق السلطة وإرادتها الاستفراد بالأستاذين داخل قطاع محافظ عموما لا تصلح معه الخطابات الحماسية التي لا تجد في اغلب الأحيان أي آذان صاغية. بل الأجدى دعم الجامعة في مسعاها لدفع الاتحاد إلى تبني هذا الملف فلقد جاء في الرسالة التي أرسلها الكاتب العام للجامعة العامة الى الأمين العام للاتحاد “أنه نظرا للطابع الكيدي لهذه التهم التي تندرج في إطار جملة الإجراءات التعسفية التي ما أنفك وزير التعليم العالي يتخذها ضدّ المسؤولين والناشطين النقابيين، فإننا نطلب من أخوتكم التدخل العاجل من أجل إيقاف هذه التتبعات ضدّ الأخوين المذكورين”. ه – ولكن هذا المسعى لا يعفي القطاع من مسؤوليته هو لمواجهة هذه الهجمة فالجامعة العامة مدعوة لإدراج هذا الملف في جدول أعمال مجلسها القطاعي الذي من المرجح أن ينعقد في بداية السنة الجامعية المقبلة ليقر المجلس ويدعم بيان الجامعة من جهة وليتخذ القرارات التي يستوجبها الظرف. ولسنا في حاجة إلى القول أن ذلك لا يمكن أن يحدث إلا بالتنسيق مع الجامعة وأي كلام غير هذا ليس إلا من باب إضعاف موقف الأستاذين من جهة ولكن موقف الجامعة أيضا التي تخوض منذ سنتين صراعا مريرا من اجل وجودها كممثل وحيد للجامعيين بكل أصنافهم ورتبهم. في الأخير لا أعتقد أنه من الحكمة أن نوجه النبال إلى غير مقصدها لنصيب هدفا غير الهدف ولنحقق انتصارات زائفة لن تسفر إلا عن هزائم أخرى في جو لا يشجع على كثير من التفاؤل (المصدر: “البديـل عاجل” (قائمة مراسلة  موقع حزب العمال الشيوعي التونسي) بتاريخ 10 أوت 2008)  

 رسالة مفتوحة الي صديقي  

الاستاذ محمد عبو   لا أريد فحسب أن أعبر لك عن أسفي لما حدث لك من جراء الثلاثة أسطر من مقال نشرته على شبكة الانترنات بل علاوة عن تأكيد سروري لخروجك من السجن قبل انقضاء مدة العقوبة المسلطة عليك قضائيا أريد بعد هدوء العاصفة أن أكشف إليك وإلى العموم المتابع للأحداث في تونس أمرا كان يمكن أن يخفف عليك معاناة طول مدة مكوثك وراء القضبان بل كان حتما يختصرها بأسلوب لا ينقص من شأن مناوئتك للنظام ولرئيس الجمهورية التونسية لأن السياسة ليست علما صحيحا وفن الممكن يسمح بالتعاطي مع المستجدات والأحداث حسب المصالح والمؤثرات دون الزيغ عن الثوابت والمبادئ والأخلاق. صديقي محمد ، احترمك واحترم زوجتك المصون واحترم زميلا واحدا من زملائك من الذين واكبوا عن كثب وبصدق وسذاجة النكسة التي أصابتك من تلك الثلاثة سطور الاستفزازية والمجانية حيث لا يسمح المجال هنا للدخول في أروقة المتاهات والتفاصيل التي رافقت هالة إيقافك للتعبير عن صدق النوايا والعزم من عدمه ولكنني سوف أعرج على جزء منها يهمني شخصيا واستنهض بداخلي شعورا بالاستياء وخيبة أمل واشمئزازا منك ومن محيطك لأنني اكتشفت أو وجودك بالسجن قبل وبعد المحاكمة تحول إلى مادة ابتزازية مادية وموضوع إستشهاري إعلامي يراوح مكانه قصد توريط أصحاب السذاجة مثلي لإضفاء شرعية على الانتهازية والوصولية والتذيل للأجنبي لاختصار الطريق نحو النجومية الحقوقية من أجل تحويل الاهتمامات الجوهرية نحو قضايا شخصية مفتعلة مجانبة للحقيقة والواقع على حساب المأساة الحقيقية التي ما انفك يعاني منها عديد المقصون من الحياة في الداخل والخارج منذ ما يزيد عن العقدين. ركب محمد عبو الأحداث بثلاثة سطور على الانترنات وتحولت فجأة حرمه المصون سامية عبو من ربة بيت إلى مناضلة حقوقية معروفة تتسابق وسائل الإعلام الأجنبية على الظفر بتصريح تلفزي منها للتشهير “بنضالها” ذو الخمس نجوم رغم الإمكانيات المحدودة للعائلة في غياب زوجها. لقد نجحت مسرحية الأستاذ محمد عبو وحرمه المصون واستقطبت قضيته اهتمام الداخل والخارج في أعلى مستوى بإخراج إعلامي وحقوقي جعل الشجرة تحجب الغابة حتى يتعذر الغوص في بواطن الأمور لاكتشاف حقيقة ودوافع أسلوب التحدي والدفع إلى الأمام لإحراج السلطة في البلاد الذي انتهجته. إن عملية الإصلاح والتصحيح في مختلف المجالات لا تتخذ من حرية الإعلام والصحافة واستقلال القضاء علكة تلوكها عندما يلامس الضغط البوليسي والقضائي والجبائي المصالح الشخصية باعتبار أن كل من يجد توازن حساباته وراحته في إنخرام الأوضاع يلبس قناع النفاق والبهتان ويتحول إلى موعظ أو واعظ وداعية ومصلح يحمل عبء هموم الآخرين بنية مبيتة. صديقي محمد ، لقد كتمت غبطتي عند خروجك من السجن لأسباب أترفع عن ذكرها وهاتفتك مهنئا مسرورا برفع “المظلمة” عليك ولكنني مازلت أحمل في قرارة نفسي تحفظا واحترازا وخيبة أمل على صيغة مغادرتك سجن الكاف التي كانت في ظروف مهينة تتناقض مع الهالة والشوشرة الإعلامية والحقوقية التي صاحبت غيابك عن مكتبك. صديقي محمد ، فرحت لخروجك من السجن وفرحت أكثر لعودتك إلى أهلك وذويك وإلى مكتبك وحرفائك ولكنك خيبت ظني فيك حيث استأت كثيرا للصيغة المبتذلة التي خرجت بها من السجن وبقيت إلى حد الآن حيز السرية والكتمان تكتنفها المغالطة والبهتان والجحود ونكران الجميل. لا يمكن لك أن تدعي أنك لا تعلم بما أقصده بالذات في هذا الشأن لأنك على علم بأدق الجزئيات في ما أعنيه لذلك ارتأيت أن أنشر البعض من المخفي والمسكوت عنه تجاهك حتى يعلم الخاص والعام من أنت في الحقيقة والواقع : في أواخر شهر فيفري 2006 كنت على اتصال بقنوات رسمية صادقة في مسعاها قصد مراجعة أسلوب توجهاتي واندفاعي السياسي والحقوقي الذي كان في ضفة لا تخدم مصلحة أي طرف حيث من جملة النقاط التي تداولتها دون تكليف من أي أحد كانت تتمحور حول إزالة مظاهر الهستيريا الحقوقية والسياسية المعارضة من جراء العقوبة السالبة لحرية الأستاذ محمد عبو بقطع النظر عن أسبابها الحقيقية ودوافعها الواقعية حيث وصنا إلى صيغة تحفظ ماء الوجه لجميع الأطراف المتداخلة وذلك في كنف السرية والكتمان. فإن نجحت مبادرتي الشخصية يكون صاحب الفضل فيها سيادة الرئيس زين العابدين بن علي وإن فشلت وقوبلت بالرفض فهي لا تلزم أحدا لصبغتها الغير رسمية. توجهت إذن في نفس الفترة أي في أواخر شهر فيفري أو بداية شهر مارس 2006 (لا أذكر التاريخ بالضبط) إلى حرمك المصون السيدة سامية عبو وطلبت مقابلتها عبر المهاتفة فأخبرتني أنها في منزل أم زياد “نزيهة رجيبة” وسوف تكون بعد ساعة في مكتب الأستاذ عبد الرؤوف العيادي حسب موعد مسبق معه فأعلمتها أنني سوف أسبقها إلى المكان المذكور لأعرض عليها أمرا هاما. وعند التقائي بها بحضور الأستاذ عبد الرؤوف العيادي عرضت عليها مقايضة خروجك من السجن في نفس اليوم الذي أتسلم منها أو ممن ينوبك تحرير مطلب عفو باسم سيادة الرئيس زين العابدين بن علي. فما كان من حرمك المصون السيدة سامية عبو أن رفضت قطعيا العرض البسيط الذي قدمته إليها شفاهيا دون أن تطلب الإمهال لإعلامك بذلك وانتظار ردك في الموضوع أثناء الزيارة السجنية المقبلة بل ذهبت إلى التدليل والتأكيد أنها تفضل قطع يديها وقطع يدي زوجها وقطع يدي كل من يسعى إلى كتابة رسالة مطلب عفو باسم محمد عبو إلى سيادة الرئيس زين العابدين بن علي حيث ساندها في موقفها الأستاذ عبد الرؤوف العيادي فما كان مني إلا أن نهضت من مكاني وقبلتها من جبينها بحسرة في القلب على وضعية صديقي محمد عبو ومعاناته من وراء القضبان في سجن الكاف وأعلمتها حينيا أنني نزعت عني بجوابها مسألة تؤرقني لتصبح الكرة في ملعبها وعبرت لها عن احترامي لرأيها وموقفها ثم انصرفت في حالي حاملا الرفض والتعنت بمبررات واهية ولم أكن أعلم حينها ما كان يدور بذهنها من حسابات ومغالطات وتناقضات بل وضعت ذلك في خانة عدم تجربتها ومرورها سابقا بمثل هذه المحن العائلية. وخلاصة القول أن حرمك المصون السيدة سامية عبو لا تعرف معاناة السجن حين تشتغل ماكينة الموت البطيء. ولكنني في المقابل أعرف ذلك شخصيا بل عشت ذلك جيدا لتحتفظ ذاكرتي بشتى المآسي من تجاوزات طالتني وانتهاكات طالت عائلتي. فقد مررت بقساوة ظروف السجن مدة سنة بين مخافر وزارة الداخلية والسجن المدني بتونس وما رافقها من اهانة وتعذيب وحشي وألم ومرض ومحاولة انتحار كما مررت بمرحلة المراقبة الإدارية مدة ثمانية سنوات بدون حكم قضائي وعديد الإيقافات الأمنية العشوائية والتعذيب الجسدي الذي مازلت أحمل آثاره في جسمي وممارسات التقزيم والاهانة والعنف البوليسي في الطريق العام والاستيلاء الأمني على سيارتي الخاصة والمحاصرة البوليسية في تنقلاتي والمنع من جواز السفر والهرسلة الجبائية وقطع الهاتف والانتهاكات القضائية باسم القانون والقانون المضاد في قطع موارد العيش للعائلة والطرد من وظيفتي والنفي الإداري الغير معلن في الجنوب حتى طالت التجاوزات زوجتي وأبنائي وغيرها من الخروقات التي لا أتمناها لأعتى الأعداء. ولكنني في المقابل لم أحصل على جراية ألف دينارا شهريا من عمادة الأطباء أثناء فترة سجني ولم تصلني إلى السجن قفة أكل أو لباس أو سجائر من تبرعات أحد زملائي الأطباء أو غيرهم ولم تجنح زوجتي إلى الهرولة والتسول لاستثمار مدة سجني عبر حضور مراسم الأيام التضامنية لاستجداء قوت أبنائي أثناء غيابي القسري وجمع الأموال التي ما كنت أن أتحصل عليها من عملي لو بقيت حرا طليقا. وللإفادة والتاريخ أنه لم يتطوع أي محامي تونسي أو أجنبي من المجتمع المدني المزعوم للدفاع عني مجانيا حين كنت موقوفا مع المجموعة الأمنية في فجر التحول بل حين غادرت السجن بعفو رئاسي في الذكرى الأولى للتغيير وجدت الديون المتراكمة والهاتف والتيار الكهربائي مقطوعين ببيتي لعدم خلاص الفواتير أمام زوجة عاطلة عن العمل مكبلة بثلاثة أبناء يعيشون في عزلة تامة تحت ضوء الشمس نهارا وعلى ضوء الشمع ليلا بعد أن بدأت زوجتي تبيع أثاث المنزل ومكوثها فيه على وجه الفضل دون دفع معينات الكراء مدة غيابي القسري. رفضت اللجوء السياسي سنة 2002 في سويسرا بعرض من رئيسة المفوضية العالمية لحقوق الإنسان بجنيف السيدة ماري روبنسون بعد أن رفع إليها أربع من أعضادها السامين تقارير مفصلة عن وضعيتي في تونس. كما رفضت الإقامة في سويسرا وتحديدا في لوزان كمواطن شرفي مع جميع الضمانات والامتيازات العائلية بعرض من أعلى هرم السلطة السويسرية أثناء قمة المعلومات بتونس في نوفمبر 2005. ورفضت أيضا عروضا مادية مغرية من عديد الناشرين الأجانب لأوافق على ترتيب مقالاتي المنشورة على شبكة الأنترنات مع بعض الإضافات لنشر كتاب –حدث تستخرج منه آلاف النسخ تشتريها قسرا القنصليات والسفارات التونسية بالخارج تجنبا لنشر الفضائح الموثقة خارج الحدود. ولم ينجح عديد الديبلوماسيين المقيمين بتونس في إقناعي بقبول حمايتهم ورعايتهم بقدر ما كنت أحيط بعضهم علما بمأساتي الشخصية حتى يتدخلوا لدى أعلى هرم السلطة في تونس لرفع المظلمة عني. صديقي محمد ، أردت من خلال سرد بعض محطاتي الذاتية أن أهمس إليك علنا بكل وضوح وموضوعية أن الدلال والرفاهة المادية التي توفرت لحرمك المصون سامية عبو أثناء فترة سجنك المطولة عمدا ما كنت تقدر بنفسك أن توفرها لعائلتك من مداخيل مكتبك للمحاماة الضعيف الحرفاء قبل أن تدخل معترك التحدي ضد السلطة ورئيس الدولة وهو في تقديري السبب الرئيسي والوحيد الذي لم أضعه في الحسبان قبل أن أعرض على حرمك المصون تحرير مطلب عفو حتى يخرج زوجها وأب أبنائها من السجن قبل انقضاء مدة العقوبة. لم أعلم وقتها (لا أذكر تحديدا أواخر فيفري أو بداية شهر مارس 2006) أن حرمك المصون كانت تجهز ترتيبات السفر إلى جنيف لحضور يوم تضامني بل يوم تسول واستجداء لفائدة السجين محمد عبو حيث التقيتها صدفة بعد أيام في مقر سفارة سويسرا بتونس طالبة الحصول على تأشيرة في الغرض بما أنني كنت في الأثناء أجهز ترتيبات السفر إلى الخارج في موضوع مبادرتي الشخصية حول تهيئة عودة المغتربين من اللاجئين السياسيين التونسيين. ولحد الآن الموقف واضح والأمور عادية وطبيعية. ولكن ما استأت منه شخصيا وما لا يعرفه أحد من خفايا ظروف مغادرتك ما وراء القضبان بالكاف أن خروجك من السجن قبل انقضاء مدة العقوبة لم يكن بطوليا مثلما زعمت ذلك بتصريحاتك الصحفية وحاولت أن توهمني به حرمك المصون سامية عبو من خلال رفضها لمبادرتي الشخصية المتمحورة حول تحرير مطلب عفو في شهر فيفري-مارس 2006. صديقي محمد ، لقد غادرت سجن الكاف ليلا مع ثلاثة من المنحرفين من مساجين الحق العام كانوا استنفذوا عقوبتهم وبقيت حتى مطلع الفجر بحمولة أدباشك في محطة الحافلات تنتظر سيارة أجرة تحملك إلى تونس وذلك بعد أن قام أحد محاميك الأستاذ يوسف الرزقي بتحرير مطلب عفو في شأنك باسم سيادة الرئيس زين العابدين بن علي بالتزامن مع زيارة الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي إلى تونس في أفريل 2008 بعد التنسيق مع بعض الجمعيات الحقوقية الفرنسية لتظهر للرأي العام في الداخل والخارج أنك غادرت السجن قبل انقضاء مدة العقوبة بإذن وضغط من الرئيس نيكولا ساركوزي وليس بعفو ممنوح لك من فضل سيادة الرئيس زين العابدين بن علي. إنه منتهى الابتذال والتذيل. بل إنه منتهى الجحود ونكران الجميل لصاحب الفضل الحقيقي عليك بايجاز فترة إقامتك بالسجن قبل استنفاذ كامل مدة العقوبة. لم يتطوع أي محامي من زملائك بالكاف لينقلك بسيارته مع أدباشك من الكاف إلى تونس بعد أن رفض عديد سواق سيارات الأجرة أن يسمحوا لك بامتطاء سياراتهم تفاديا للإشكالات الأمنية التي كنت قد تحدثها لهم أثناء نقلك إلى تونس. لقد غادرت محطة الحافلات بالكاف بعد الظهر وبعد أن أعلم الأستاذ طارق العبيدي بعض زملائك بالهاتف حتى ينتظرك بعض الأنفار في محطة سيارات الأجرة بباب سعدون لإضفاء بعض المساحيق المزيفة على خروج مهين. عليك أن تكون صادقا مع نفسك ومع غيرك يا محمد لتكشف ظروف وخلفيات مغادرتك السجن قبل انقضاء مدة العقوبة السالبة للحرية. أنت تعلم بكل تأكيد أن أعلى هرم السلطة في تونس لم يتراجع عن المطلب الذي كنت عرضته شخصيا على حرمك المصون في فيفري-مارس 2006 في مكتب الأستاذ عبد الرؤوف العيادي لتحرير مطلب عفو نيابة عنك حيث لم أكن أعلم أن وساطتي في موضوعك كانت غير مرغوب فيها لأنها كانت تفسد أشكالا من الابتزاز والانتهازية بالتسول والاستجداء من خارج الحدود لاستثمار مدة تواجدك بالسجن ماديا وإعلاميا وسياسيا تحت راية حرية الصحافة والدفاع عن حقوق الإنسان. إنه البؤس الفكري والحقوقي لنوعية هزيلة من شريحة نخبوية مبتذلة ومتذيلة تصبو لتكون بديلا في إطار سنة التداول على المسؤولية والسلطة بالوصاية من تحت الوصاية ولكن الشعب التونسي ليس مغفلا أمام الخزعبلات والترهدين والتمسكين الذي تحترفه حثالة نخبوية وهو على حق وعلى صواب حين ناشد ويناشد سيادة الرئيس زين العابدين الترشح لقيادة مسيرة التحول في رئاسات 2009 وأضم صوتي باقتناع واعتزاز لهذا الاختيار الصائب في غياب وجود الأجدر والمقتدر والوطني الصادق والصارم والحازم الذي يمكن أن يقود البلاد مكان سيادة الرئيس زين العابدين بن علي الذي انتظر منه العديد من الاجراءات والقرارات السامية الحاسمة والجريئة للانطلاق بتونس في كوكبة العولمة المدروسة. صديقي محمد ، لقد رفضت حرمك المصون سامية عبو تحرير مطلب عفو نيابة عنك باسم سيادة الرئيس زين العابدين بن علي من خلال مبادرتي الشخصية لتمكينك من مغادرة السجن قبل ما يزيد عن السنة ونصف من مجيء الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي إلى تونس ولكن في النهاية سلمت بالأمر الواقع بعد التنسيق مع جمعيات حقوقية أجنبية ووصول الضوء الأخضر من وراء البحار ليقوم الأستاذ يوسف الرزقي بتحرير مطلب عفو باسم سيادة الرئيس زين العابدين بن علي نيابة عن السجين محمد عبو. وخلاصة القول أن وساطة ابن بلدك لا تشرفك ولا تشرف حرمك المصون. ولكن وساطة بوبرطلة… تزيد في شأنك وفي شأن حرمك المصون. مسكين أنا. كنت غبيا. إذ غابت عني حقيقة أسباب التصدع في المواقف وأسلوب الدفع إلى الأمام مع السلطة منذ ايقافك الذي رافقته ولائم الاعتصام واستفحال المغازلات والايحاءات الغريزية المكبوتة بعمادة المحامين لأن وراءها تجارة مزدهرة من حوالات وجرايات وتبرعات وهدايا وعطايا وتسابق نحو الظفر بتذاكر سفر واقامات مجانية خارج الحدود وتظاهرات تضامنية للاستجداء والتسول وصحافة تكتب وتنشر وأبواق تذيع الوجه المزيف الظاهر من مأساة محامي مع القلم كان يمكن لملمة غسيلها بين أبناء البلد لاختصار طريق المعاناة بعيدا عن الجشع المادي والإعلامي لاستثمار مأساة عائلة سجين لم يكن في مستوى التحدي بل تحول في الخفاء إلى رمز في الابتذال والتذيل الذي يمهد الطريق نحو العمالة. لقد تجاهلت مطلب العفو الذي دفعت فيه محاميك الأستاذ يوسف الرزقي حتى تتظاهر ببراءتك من الموضوع وحتى لا يقع احراجك بالإثبات لتحرير رسالة شكر وعرفان بالجميل بخط يدك. كن على يقين يا محمد عبو إن أنكرت مطلب العفو عنك واختفيت بكل جبن وراء المحامي يوسف الرزقي فإن سيادة الرئيس زين العابدين بن علي لا ينتظر منك رسالة شكر وعرفان بجميله مثلما تقتضيه أصول اللياقة واللباقة والأخلاق الرفيعة لأنه على علم ودراية بتكوين طينتك المبتذلة والمتذيلة وهو يعرف جيدا من أنت ومن يقف وراءك لذلك فلا فائدة من مواصلة التهور والتنكر لكل من ساهم في انتشالك من خانة النكرة إلى زاوية المبتذل والمتذيل لأصناف ما انفكت تسعى لتلجيم الحق والصدق والنزاهة منذ أن ادعت أنها نخبة. ولله في خلقه شؤون وبدون تعليق لأترك لك وإلى غيرك حق الرد بدون قناع وبدون اسم مستعار إن توفرت بقايا الشهامة والشجاعة والجرأة لإعلاء صوت الحقيقة في هذا الموضوع.   الدكتور الصحبي العمري 35 نهج الحدائق حي بوشوشة .باردو – تونس    الهاتف 51 27 22 23 216 00

رسالة مفتوحة إلى سيادة الرئيس زين العابدين بن علي

 

 
الدكتور الصحبي العمري   
أناشدكم يا سيادة الرئيس أن تلتفتوا بعين الرحمة والرأفة بحال عائلات بقايا مساجين حركة النهضة وجميع المتورطين في قضايا السلفية الجهادية من أبناء تونس المتواجدين في السجن منذ فترات متراوحة. لا أحد في تونس وخارجها ينكر جرمهم ونواياهم الاجرامية ولكن العفو عند المقدرة عهدته شخصيا من شيم أخلاقكم بعد أن تخلى عليهم الغوغائيون من المتاجرين بمآسيهم. لا أريد الدخول في الجدل الأجوف لقانون الإرهاب والمساجين السياسيين في تونس ولكني أرجوكم ثم أرجوكم ثم أرجوكم أن تترفعوا عن فخ المكابرة والعناد الذي يدفعكم إليه سماسرة الدموع والحقد والكراهية من الذين يتخذون من مأساة غيرهم وسيلة للتمعش السياسي والابتزاز الحقوقي للمزايدة في أسواق السمسرة المترصدة بمسيرة التغيير. إن باب العفو والصفح تخدمه مبادئ التسامح والتآزر التي دأبتم على ترسيخها في توجهاتكم العامة وخطابتكم الرسمية التي تترفع عن العقد النفسية والحواجز الشخصية التي تجعل منها أطراف في أجهزة السلطة وأخرى في المعارضة بعبع قد ينقلب عليكم من جراء كرمكم وفضلكم عليه بالعفو والصفح وطي صفحة الماضي. إن النظام قائم بكيانه ورجاله ولا يخشى لومة لائم في ظل دولة القانون والمؤسسات.   سيادة الرئيس ، أناشدكم العفو على هذه الفصيلة من المساجين لأنني على يقين أنه ليس لديهم هيئة إعلامية وعمادة محامين تساند عائلاتهم وتتبرع إلى ذويهم بألف دينار شهريا وليس لديهم من المحامين والصحفيين من يتكفل بمصاريف زيارتهم الاسبوعية ونفقات معيشتهم في السجون ولا ينتظر أحد أن يتدخل أي طرف إلى سيادتكم لفائدتهم قصد العفو والصفح عنهم بل هنالك أطراف من السلطة والمعارضة من يستفز هيبتكم ووقاركم حتى يتأكد من الحسم والحزم والصرامة في التعاطي بكل قسوة مع هؤلاء الذين قادتهم نزوة الشباب والاندفاع بكل سذاجة وراء الأوهام التي قضت عليهم وعلى عائلاتهم.   سيادة الرئيس ، ليس لهؤلاء المساجين رئيس دولة أو ملك أو أمير يلفت انتباهكم للعفو والصفح عنهم بل هنالك أشخاص وجمعيات في الداخل والخارج تلوك مأساتهم خوفا من خروجهم من السجن. إن بقاء هؤلاء المساجين وراء القضبان لا يمثل ورقة ضمان الاستقرار في البلاد ولا وسيلة مزايدة لتدعيم ترشحكم وانتخابكم في رئاسيات 2009. إن العفو عن هؤلاء المساجين يخلط أوراق تحالفات المعارضة والحقوقيين المشككين في صدق النوايا والعزم بل يسحب البساط من أقدام أصحاب النفوس المريضة من الذين يسعون إلى ركوب الأحداث وإثارة الشوشرة بموضوع أناس سلموا أمرهم لله وفقدوا نكهة الحياة.   سيادة الرئيس ، أملي وطيد ورجائي فيكم كبير حتى تولوا هذا الملف مزيدا من العناية والحرص على ترتيبه في زاوية الأرشيف نهائيا بالحسم فيه بكل شجاعة وجرأة وشهامة مثلما أثبتموه سابقا في أحداث لا زالت راسخة في أذهان المعترفين بجميلكم وهم عديدون.   الدكتور الصحبي العمري 35 نهج الحدائق حي بوشوشة .باردو – تونس    الهاتف 51 27 22 23 216 00

تونس تستضيف مؤتمرا دوليا بمشاركة خبراء اسرائيليين

     

تونس  أ.ف.ب : تستضيف العاصمة التونسية بين 12 و 15 آب/اغسطس المؤتمر الحادي والثلاثين للاتحاد الجغرافي الدولي تحت شعار “لنبني معا مجالاتنا الترابية” بمشاركة 70 بلدا عربيا واجنبيا ونحو الف جغرافي بينهم اسرائيليون.   وقال عدنان حيدر رئيس جمعية الجغرافيين التونسيين في مؤتمر صحافي السبت ان المؤتمر سيبحث “ثلاثة محاور مهمة ذات صلة بالمجال الترابي والتوجه العملي للجغرافيا”، مضيفا ان “هذه المحاور تجعل من الجغرافيا علما يساعد الانسان على العيش بذكاء مع الاخر ومع محيطه”.   وبين المشاركين في المؤتمر الذي يعقد في “معرض الكرم” في الضاحية الشمالية للعاصمة التونسية جغرافيون من سوريا ولبنان والمغرب والجزائر وليبيا ومصر والامارات العربية المتحدة والسعودية والكويت والاردن وعمان واليمن.   كما يشارك في المؤتمر الذي يستمر اربعة ايام باحثون وخبراء من اسرائيل ودول اوروبية وآسيوية.   وقلل حيدر من اهمية المشاركة الاسرائيلية باعتبار ان “المؤتمر علمي يشرف عليه الاتحاد الجغرافي الدولي، وهي هيئة منخرطة في المجلس الدولي للاتحادات العلمية التابعة للمنظمة الدولية للعلوم”، موضحا ان “قوانين الاتحاد تنص على عدم اقصاء اي مشارك لاسباب عرقية او لنوع او لجنس”.   واثارت مشاركة الوفد الاسرائيلي اجواء من التوتر، وكتبت بعض المواقع على الانترنت ان “جمعية الجغرافيين الفلسطنيين قررت مقاطعة المؤتمر على خلفية المشاركة الاسرائيلية”.   وهي المرة الثانية ينعقد فيها مؤتمر الاتحاد الجغرافي الدولي في بلد عربي منذ نشوئه العام 1922.   ومن اهداف الاتحاد الجغرافي الدولي “تعزيز دراسة المشاكل الجغرافية” و”تفعيل وتنسيق البحث الجغرافي الذي يتطلب التعاون الدولي” و”تعزيز الحوار العلمي والنشر”.   وتأسست جمعية الجغرافيين التونسيين العام 1977، وهي عضو في الاتحاد الجغرافي الدولي منذ بداية الثمانينات وتضم نحو 300 عضو.   ولا تقيم تونس علاقات دبلوماسية مع اسرائيل، لكنها تستقبل باستمرار زوارا اسرائيليين، وخصوصا خلال فترة الحج السنوي الى “كنيسة الغريبة” الواقعة في جزيرة جربة على بعد 400 كيلومتر جنوب العاصمة التونسية والتي تعتبر اقدم معبد يهودي في افريقيا. (المصدر: موقع “إيلاف” (بريطانيا) بتاريخ 10 أوت 2008)


احتجاج فلسطيني على “تطبيع جغرافي” في تونس

   

المسلم-  صحف:  أعلن جغرافيون فلسطينيون مقاطعتهم المؤتمر الـ31 للاتحاد الجغرافي الدولي الذي تستضيفه العاصمة التونسية، بعد غد الثلاثاء، ويستمر أربعة أيام، احتجاجا على مشاركة “اسرائيليين” فيه. وقال مدير الجمعية الجغرافية الفلسطينية مسلم أبوالحلو، إن الجغرافيين “الإسرائيليين” يحملون رتبتين؛ الأولى عسكرية دموية، والثانية علمية جغرافية عنصرية. وكان عدنان حيدر، رئيس جمعية الجغرافيين التونسيين، الذي يترأس أيضاً اللجنة التنظيمية لهذا المؤتمر الذي ينعقد تحت شعار “لنبن معا مجالاتنا الترابية” بمشاركة 70 بلدا عربيا وأجنبيا ونحو ألف جغرافي، قد أكد في مؤتمر صحفي أمس أن عدداً من الجغرافيين “الإسرائيليين” سيشاركون في المؤتمر. ورفض حيدر الانتقادات التي وجهت لجمعيته لقبولها مشاركة “إسرائيليين” في هذا المؤتمر، زاعما أن ذلك جاء تماشيا مع اتفاقات دولية وقعت عليها بلاده. ويشارك في المؤتمر جغرافيون من مصر والسعودية وسوريا ولبنان والمغرب والجزائر وليبيا والإمارات العربية المتحدة والكويت والأردن وعُمان واليمن، إلى جانب جغرافيين من دول أوروبية وآسيوية. ولا تقيم تونس علاقات دبلوماسية رسمية مع الكيان الصهيوني، لكنها تستقبل باستمرار زوارا “إسرائيليين”، من ضمنهم مسؤولون في “اسرائيل” وعدد من كبار الحاخامات، يسافرون سنويا إلى موقع ديني يهودي في جزيرة جربة جنوب العاصمة التونسية، ويحظون باستقبال على أعلى المستويات وترحيب رسمي.   (المصدر: موقع مسلم بتاريخ 9 اوت 2008)

تونس تستضيف المؤتمر الـ31 للاتحاد الجغرافي الدولي ومشاركة إسرائيل تثير جدلا

   

تستضيف تونس العاصمة انطلاقا من الـ12 من أغسطس/ آب الحالي المؤتمر الـ31 للاتحاد الجغرافي الدولي تحت شعار “لنبني معا مجالاتنا الترابية” بمشاركة 70 بلدا عربيا وأجنبيا ونحو ألف جغرافي بينهم إسرائيليون. وقال عدنان حيدر رئيس جمعية الجغرافيين التونسيين في مؤتمر صحافي السبت إن المؤتمر سيبحث ثلاثة محاور مهمة ذات صلة بالمجال الترابي والتوجه العملي للجغرافيا، وبين المشاركين في المؤتمر جغرافيون من سوريا ولبنان والمغرب والجزائر وليبيا ومصر والإمارات العربية المتحدة والسعودية والكويت والأردن وعُمان واليمن إلى جانب جغرافيين من دول أوروبية وآسيوية. وقد أثارت مشاركة الوفد الإسرائيلي أجواء من التوتر، وكتبت بعض المواقع على الإنترنت أن جمعية الجغرافيين الفلسطينيين قررت مقاطعة المؤتمر على خلفية المشاركة الإسرائيلية. ولا تقيم تونس علاقات دبلوماسية مع إسرائيل، لكنها تستقبل باستمرار زوارا إسرائيليين، وخصوصا خلال فترة الحج السنوي إلى موقع ديني يهودي في جزيرة جربة جنوب العاصمة التونسية والذي يعتبر أقدم معبد يهودي في إفريقيا. وقلل حيدر من أهمية المشاركة الإسرائيلية باعتبار أن المؤتمر علمي ويشرف عليه الاتحاد الجغرافي الدولي، موضحا أن قوانين الاتحاد تنص على عدم إقصاء أي مشارك لأسباب تتعلق بالعرق أو النوع أو الجنس. وهذه هي المرة الثانية التي ينعقد فيها مؤتمر الاتحاد الجغرافي الدولي في بلد عربي منذ نشوئه عام 1922. ومن أهداف الاتحاد الجغرافي الدولي تعزيز دراسة المشاكل الجغرافية وتفعيل وتنسيق البحث الجغرافي الذي يتطلب التعاون الدولي.   (المصدر: موقع قناة الحرة بتاريخ 10 ماي 2008)


في لقاء فكري للحزب الاجتماعي التحرري: لا يمكن صيانة المكاسب التي تحققت للمرأة دون تطوير الثقافة الاجتماعية

   

تونس الصباح: نظم الحزب الاجتماعي التحرري صباح أمس لقاء فكريا في إطار المنتدى التحرري وضمن نشاط منظمة المرأة التحررية أشرف عليه السيد منذر ثابت الأمين العام للحزب وتداول خلاله على المصدح عدد من المهتمين بقضية المرأة والثقافة.. وبالمناسبة أكد ثابت على أن المرأة عنوان للحداثة وأنه لا يمكن صيانة المكاسب التي تحققت لها دون تطوير الفكر الاجتماعي والثقافة الاجتماعية. وبين أن ما تحق لتونس منذ سن مجلة الأحوال الشخصية كان بمثابة المجازفة التي خاضتها نخبة تحررية بقيادة الزعيم الحبيب بورقيبة واعتبر ذلك عملية مربحة وناجحة نظرا لما منحته هذه المجلة للمجتمع من طاقات إبداعية.. وهي بذلك تعد مكسبا هاما تحقق للمرأة وساعد على تحريرها من البطالة والعطالة. وذكر ثابت أن هناك تداخلا بين رموز الحركة الوطنية ورموز تحرير المرأة في تاريخ تونس.. كما تحدث عن أهمية الإصلاحات التي شهدتها مجلة الأحوال الشخصية خلال العقدين الأخيرين إذ أنها اتخذت اتجاه الشراكة بين الجنسين وأعطت مكانة أكبر للأسرة. واعتبر أن الأسرة تمثل صمام أمان يمتص صدمات المجتمع وأن استقرار المجتمع يقوم على البناء الأسري..وهو يرى “أن التشريعات تبقى منقوصة في غياب التأسيس الثقافي خاصة أمام الهجمة التي تخوضها الأممية الأصولية التي تملك وسائل إعلام واتصال رهيبة”. وقال “يجب مجاوزة حالة الردة والانتكاسة الثقافية التي تفتح المجال للتيارات الأصولية التي تشرّع بطرق غير معلنة لعودة تعدد الزوجات ودونية المرأة”.. وعن مسألة الحجاب قال إن الحزب الاجتماعي التحرري مع الحريات الشخصية ومنها حرية اللباس لكنه يعتبر أن هناك تلاق بين فتاة الغلاف وبين المرأة المتخفية.. ويتمثل دور الأحزاب السياسية بصفتها مدارس تفكير ومدارس نضال على حد قوله في تحريك الوعي الاجتماعي والثقافي.. فأكثر التشريعات والقوانين تقدمية يمكن أن تنهار وتتبدد أمام انهيار الموازين الاجتماعية.. وأضاف “يجب تمثّل مسألة المرأة باعتبارها مشروع مجتمع تقدمي يستوعب الاختلاف على أساس أنه عنصر إثراء.. فالمرأة في تونس تكابد حالة اضطراب في العلم المزدوج بين الواجبات الأسرية والواجبات الاجتماعية”.   حرية التعبير والتفكير أوضح منذر ثابت أن هدف المنتدى التحرري يكمن في تمكين المثقف من التعبير عن هواجسه وذكر أن عديد الأطراف تنظر إلى أن طرح القضايا المحرجة والحارقة من قبل الأحزاب عشية الانتخابات هي مجازفة لكنه لا يرى ذلك.. وأثار مسألة تعدد الفضائيات الدينية وما تروجه من برامج اعتبرها خطيرة وذكر أنه يوجد فراغ إعلامي كبير حول هذه الفضائيات. وتمت الإشارة خلال الملتقى إلى ضرورة تجاوز تثمين المكاسب التي تحققت للمرأة منذ سن مجلة الأحوال الشخصية وطرح المشاكل العميقة التي تهدد المجتمع وخاصة التيارات الرجعية.    واعتبر أحد الحاضرين أن قضية المرأة هي قضية مستهلكة إعلاميا.. وهو يرى أنه عوضا عن الحديث عن قضية المرأة يمكن الحديث عن قضية الإنسان التونسي العربي والكوني.. وقال “بالنظر إلى الكتابات النسائية نلاحظ أن هناك كتابات جادة مثلما توجد كتابات استفزازية”.. وتحدث عن كتاب حيرة مسلمة للجامعية ألفة يوسف التي كان من المقرر مشاركتها في المنتدى لكنها لم تحظر.. وتساءل هل أن طرح قضية السحاق (العلاقات الجنسية بين المرأة والمرأة) من قبل الدكتورة ألفة يوسف في الوقت الحالي هو فتح الأبواب أمام بعض المطالب ومنها حرية السحاق؟. واستغرب آخر من بعض المواقف التي أبداها البعض ضد كتاب الدكتورة ألفة يوسف وقال “لماذا لا نطرح مسألة السحاق ولا نتحدث عنها.. ولماذا حينما تحدثت ألفة يوسف عن هذا الموضوع تم تكفيرها مثلما تم قبل ذلك تكفير سلوى الشرفي”. وبين متحدثا عن ظاهرة انتشار القنوات الفضائية أن هذه الفضائيات جلها تجارية لذلك توظف الجانب الديني لجلب الجمهور وتساءل قائلا “لكن ما هو المشروع الحضاري الذي ندافع عنه نحن في تونس فمجلة الأحوال الشخصية مهددة” وفي هذا السياق قال منذر ثابت “نحن في تونس خارج منظومة تعدد الزوجات وخارج منظومة التحرر الجنسي.. نريد أن نكون في مجتمع تحرري فمن يريد أن يشاهد المنتوج الديني فله ذلك ومن يريد إفطار رمضان فله ذلك فالحزب الاجتماعي التحرري يدافع عن حقوق الأقليات”.. وبينت إحدى الحاضرات “أن التيار السلفي يغسل العقول ويجب مقاومة السلفيين بمشروع فكري”. وتحدث الدكتور خميس الخياطي خلال المنتدى عن صورة المرأة في السينما التونسية وذلك من خلال استقراء العديد من الأفلام وخاصة تلك التي كانت بإمضاء المخرجات سلمى بكار وناجية بن مبروك ومفيدة التلاتلي وكلثوم برناز ورجاء العماري ودعا إلى عدم إلقاء أحكام أخلاقية على المنتوج السينمائي.   سعيدة بوهلال   (المصدر: جريدة الصباح (يومية – تونس) بتاريخ 10 أوت 2008)

بسبب عدم رضاهم عن نتائج التوجيه الجامعي: بعض الطلبة الجدد يحولون وجهتهم نحو التكوين المهني

   

تونس ـ الصباح: بمجرد ان يتحقق التلميذ من نجاحه في الباكالوريا حتى يدخل في فترة التركيز على عملية التوجيه الجامعي، وبماذا سيفاجئه الحاسوب وفي اي مؤسسة جامعية سيلقى به وهل ان نتيجة التوجيه تستجيب لطموحاته وتتماشى مع مؤهلاته،     كلها تساؤلات تخالج نفسية الطالب الجديد ومن ورائه عائلته التي تجد نفسها تشاركه في تلك الاجواء متطلعة الى توجيه تكون له آفاق في سوق الشغل ما بعد التخرج والحصول على الشهادة الجامعية. وهذا تأكيد على اهمية التوجيه الجامعي في العملية التربوية. ولئن سجل في السنوات الاخيرة لجوء عدد من الطلبة الذين لم يسعفهم النجاح في الجامعة الى قطاع التكوين المهني لتحصيل مؤهل مهني يوفر لهم فرصة الحصول على شغل، فان الجديد الذي سجلناه هذه الصائفة حسب عينات وامثلة ان بعض الطلبة الجدد من الحاصلين على الباكالوريا لسنة 2008 ونظرا لعدم تلاءم التوجيه الجامعي مع طموحاتهم ومؤهلاتهم اضطروا الى تغيير وجهتهم نحو التكوين المهني وقد جمعتني الصدفة خلال هذا الاسبوع باحد هؤلاء الطلبة الجدد اصيل معتمدية بوعرقوب من ولاية نابل حاصل على باكالوريا اداب وضعته عملية التوجيه الجامعي في شعبة تصميم الجودة فخير الالتحاق باحد مراكز التكوين المهني بسوسة المختصة في التكوين السياحي وعندما سألناه عن هذا التغيير افادنا بانه اختيار شخصي شجعته عليه العائلة خاصة وانه ينتمي لعائلة مثقفة مما زاد في حماسه لاتخاذ هذا القرار الذي يراه صائبا مضيفا ان عددا من زملائه وبسبب عدم تجاوبهم مع عملية التوجيه الجامعي غيروا وجهتهم نحو قطاع التكوين المهني الذي يراه الانسب ربحا للوقت وبهدف توفير افضل الظروف لدخول سوق الشغل مستقبلا وهو الهاجس الكبير لدى الشباب التونسي في السنوات الاخيرة.   والجدير بالذكر ان قطاع التكوين المهني ببلادنا اصبح على درجة عالية من الجودة بفضل عملية الهيكلة التي خضع لها في السنوات الاخيرة وقد ساهمت كثرة الاختصاصات المستحدثة ذات الطابع التكنولوجي في فتح افاق كبيرة امام عدد لا بأس به من المتكونين الذين تدعمت حظوظهم باندماجهم في سوق الشغل.   كمال الطرابلسي   (المصدر: جريدة الصباح (يومية – تونس) بتاريخ 10 اوت 2008) 


 

انطلاق عملية الاقتراع بالجهات لانتخابات التجديد النصفى لأعضاء مجلس المستشارين

   

تونس 10 اوت 2008 (وات) انطلقت صباح الاحد بمختلف ولايات الجمهورية عمليات الاقتراع في اطار الانتخابات الخاصة بتجديد نصف اعضاء مجلس المستشارين وتسديد الشغور وقد بدا الناخبون وهم اعضاء مجلس النواب واعضاء المجالس البلدية بالجهات في الاقبال على صناديق الاقتراع بمقرات الولايات منذ الساعة الثامنة صباحا لانتخاب ممثلى الجهات بهذه المؤسسة الدستورية ويتولى الناخبون كذلك اختيار الاعضاء المترشحين عن قائمتي الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية والاتحاد التونسى للفلاحة والصيد البحرى للتجديد النصفى لعضوية مجلس المستشارين. وتتواصل عملية الاقتراع حتى الساعة السادسة مساء.   (المصدر: وكالة تونس إفريقيا للأنباء بتاريخ 10 أوت 2008)


قبل إعلان الصيغة النهائية في سبتمبر القادم: هذه العناصر الأولية للميثاق الوطني للشباب واقتراحات بعض المشاركين عبر الأنترنات

 
تونس الصباح: تتواصل فعاليات سنة الحوار مع الشباب التي بلغت  مرحلة فتح المشاركة للشباب عبر وسائط إعلامية  مختلفة  للمشاركة في صياغة الميثاق الوطني للشباب الذي تمت صياغة عناصره الأولية انطلاقا من الحوارات الإقليمية والجهوية والمحلية التي فتحت الباب للشباب للتعبير عن رأيه في جملة من المشاغل والمواضيع العامة والخاصة على حد السواء. ويشارك الشباب حاليا في تقديم مختلف اقتراحاته للصيغ والعناصر التي يأمل أن يتضمنها الميثاق الوطني للشباب المنتظر الإعلان على  نسخته الختامية خلال انعقاد الحوار الوطني يوم 20 سبتمبر القادم .   العناصر الأولية للميثاق   تجدر الإشارة إلى أن الميثاق الوطني للشباب ليس له صبغة قانونية بل هو عبارة عن التزام أخلاقي بين الشباب التونسي في الداخل والخارج يلتزمون بالعمل بما جاء فيه من اقتراحات وثوابت .وقد تضمنت العناصر الأولية للميثاق 6 أبواب أو مواضيع كبرى هي على التوالي:   – نحو مواطنة نشيطة   – هويتنا المتميزة   – رموزنا الوطنية   – اختلافنا البناء   – تحدياتنا القادمة   – اللقاءات الشبابية السنوية   وتتفرع عن كل عنصر من هذه العناصر الأولية الكبرى جملة من المواضيع الفرعية حيث يمكن للشاب تقديم اقتراحه في الباب والعنصر الذي يختاره .   بعض المساهمات   من خلال زيارة موقع الحوار الوطني للشباب على الأنترنات في القسم المخصص للمشاركة في صياغة الميثاق تضمنت مشاركات الشباب الدعوة إلى اعتماد برنامج تدريبي للشباب لتطوير مهاراته على القيادة والتواصل والحوار والتفاوض وكسب الدعم والتأييد لصالح برامجهم ومشروعاتهم وتنمية فرصهم وقدراتهم للمشاركة في مناقشة السياسات والتشريعات المعنية بذلك. إلى جانب الإلتزام بالمشاركة النشيطة في جل مظاهر الحياة المدنية السياسية والإجتماعية والإقتصادية ودخول فضاءات الأحزاب والمنظمات والمساهمة في وضع استراتيجيات العمل المستقبلي لها ورسم أهدافها وخطط عملها لأن ذلك يمكن الشاب من  أخذ القرار بهذه الأحزاب أو المنظمات أو الجمعيات وعبر ذلك المساهمة النشطة والفاعلة والبناءة في إثراء النقاش وطنيا وفي تحديد معالم المستقبل لتونس سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وثقافيا وغيرها… في السياق ذاته تضمنت بعض المشاركات  التأكيد  على أن لا يترك الشباب المكان المخصص له للمشاركة في اتخاذ القرار فارغا فالطبيعة لا تحب الفراغ…. وسوف يتخذ الغير وبدون مشاركته قرارات تفرض عليه… في باب الحديث عن الهوية اقترح البعض أن يتضمن الميثاق إدراج برامج خصوصية في استراتيجية الشباب لتعميق الوعي بالخصوصية التونسية المحافظة على حداثتنا التي هي ضمانة لازدهارنا وذلك لا يأتي إلا بالوعي بأن التونسي أذكى من أن ينساق وراء التيارات الظلامية التي تتخذ من المغالاة في الدين أسلوبا ولا وراء التيارات المائعة التي تتخذ من الانحلال الأخلاقي منهجا…  من الاقتراحات ايضا جعل  الأحزاب التي تؤثث الساحة السياسية  تتجاوز الحضور المجرد إلى تقديم رؤية خاصة بها من أجل تونس قائمة على فكر خاص غير منسوخ عن أحزاب أخرى في العالم… وتضمن محور تحدياتنا القادمة جملة من الإشارات إلى مواضيع تهم أساسا مشاغل الشباب على غرار التشغيل والانتدابات والشفافية المعاملات الإدارية وتطوير القطاع الخاص…   منى اليحياوي    (المصدر: جريدة الصباح (يومية – تونس) بتاريخ 10 اوت 2008)


 في الجيارة: 8 سنوات سجنا من أجل تحويل وجهة ومفاحشة

     

نظرت الدائرة الجنائية بالمحكمة الابتدائية بتونس في قضية جنائية تتعلق التهمة فيها بتحويل وجهة انثى باستعمال العنف الشديد. القضية انطلقت بموجب شكاية تقدمت بها فتاة في العقد الثاني من عمرها الى فرقة الشرطة العدلية بالسيجومي وذكرت انه تم تحويل وجهتها بالعنف من قبل نفرين كانا اعترضا سبيلها يوم الواقعة الموافق لشهر افريل 2007 لما كانت مارة بجهة الجيارة وقاما بالاعتداء عليها بالفاحشة، واضافت الشاكية ان المتهمين كانا متسلحين بسكين وثلاث شفرات حلاقة وهددها احدهما بتشويه وجهها وجسدها ان لم تنصع لاوامرهما وترافقهما وبالاضافة الى تصريحات المتضررة فقد اعترف كذلك المتهمان بالتهمة الموجهة اليهما وذكرا انه بالتاريخ المذكور كانت المتضررة سالكة الطريق بمفردها وكانا هما بصدد معاقرة الخمر فخطرت لهما فكرة تحويل وجهتها وبعد ان هدداها بالة حادة تمكنا من تحويل وجهتها والاعتداء عليها بالفاحشة. ولم يستقر المتهمان على اقوالهما الاولى وذكرا امام التحقيق بان الشاكية رافقتهما بمحض ارادتها. واصرا على اقوالها تلك خلال محاكمتهما من طرف قاضي الدائرة الجنائية بالمحكمة الابتدائية بتونس ولكن القاضي واجههما بتصريحات الشاكية وبالشهادة الطبية المظروفة بملف القضية، وقرر بعد المفاوضة وبعد مرافعة المحامين الذين طلبوا اعتبار التهمة من قبيل الاعتداء بالفاحشة على انثى برضاها قضت المحكمة بسجن كل واحد منهما مدة 8 سنوات   صباح.ش   (المصدر: جريدة الصباح (يومية – تونس) بتاريخ 10 اوت 2008 )

منذر صفر رجل كألف وألف كأفّ

 

أحمد الورغمي       منذر صفر رجل قمّة في الحس الإنساني، لقد اجتمعت فيه صفات عديدة، ابتداء بالرجولة والشجاعة والكرم والأخلاق العالية وحسن التربية والمبدئية والنشاط الحيوي، رجل مناضل بامتياز لا يكل ولا يمل، ولا يتأخر في تقديم المساهمات المادية والإنسانية دون ثمن لا مقدم ولا مؤخر للمحتاجين، رجل لم يبخل يوما في الدفاع عن المظلومين والمقهورين والمعذبين…رجل كالجبل صامدا في وجه كل المستبدين، رجل ليس أنانيا ولا يبغي من وراء عمله جزاء ولا شكورا، منذر صفر يبلغ من العمر 58 سنة لم يتزوج ولم ينجب الأولاد والبنين ولكنه أب لكل المظلومين والمعذبين والمشردين والمسجونين والهاربين من بلدان القهر والاستبداد والدكتاتورية منذر صفر قمة في الوعي والرجولة والذكاء وهو رجل ميدان وفعل لا كلام وتنظير…   فتحية خالصة مني إليه وإلى كل من يحترم هذا الفصيل من الرجال الذين يشرّفون تونس a_ouerghemi@yahoo.fr  

عالم اجتماع: التونسيون غير مكترثين بلغتهم العربية

   

تونس – خدمة قدس برس حذّر عالم اجتماع تونسي من أنّ اللغة العربية أصبحت لا تحتل المكانة الأولى في قلوب وعقول التونسيين، بعد مضي أكثر من خمسة عقود من الاستقلال، حيث يوجد موقف جماعي لدى التونسيين يتصف باللامبالاة وغياب التحمس لصالح سيادة اللغة العربية ورفع شأنها، وفق ما يرى. وقال الدكتور محمود الذوادي “سوف يسجّل التاريخ أنّ الشعب التونسي فشل في تطبيع علاقته مع لغته الوطنية بعد مرور أكثر من نصف قرن على نيله الاستقلال من فرنسا”. وعبّر الدكتور الذوّادي عن هذا الموقف ردّا على تلقيه دليل الهاتف الجديد من شركة الاتصالات التونسية باللغة الفرنسية، واكتشف بعد بحث أنّ هذا الدليل متوفر باللغة الفرنسية فقط. ونبّه في مقال كتبه لصحيفة /الصباح/ التونسية اليوم الأحد (10/8) إلى أنّ “لغة المستعمر أصبحت هي اللغة الرسمية لشركة تديرها الدولة التونسية وهو ما يعدّ تناقضا مع ما نصّ عليه الدستور التونسي في بنوده الأولى ومخالفة لقانون سنّ قبل تسع سنوات يقضي بتعريب الوثائق الإدارية واللوحات الإشهارية”. وسجّل عالم الاجتماع التونسي أنّ عموم التونسيين لم يحتجّوا على توزيع دليل الهاتف بالفرنسية، ولا على كتابة اللافتات في الشوارع والمراكز التجارية باللغة الفرنسية “بل إنّ أغلبية التونسيين يكتبون شيكاتهم ويوقّعونها باللغة الفرنسية ويستعملون كلمة (بورتابل) الفرنسية بدل (المحمول أو النقال) كما يتبادلون أرقام هواتفهم بالفرنسية”. وأطلق الذوادي على هذه الظاهرة مصطلح “التخلّف الآخر” الذي يعني “عدم احترام اللغة العربية نفسيا وعدم إعطائها الأولوية في الاستعمال”، مضيفا أنّ المجتمع التونسي أصبح مختبرا حقيقيا لملاحظة ظواهر التخلف الآخر. وشدّد الذوّادي على أنّ المجتمع التونسي فاقد بطريقة شبه كاملة إلى الوعي القوي والمتحمّس بأنّ له فعلا لغة وطنيّة له معها علاقة حميمة تجعله يغار عليها ويدافع عنها بكلّ عفوية والتزام كما تفعل الشعوب صاحبة العلاقات الطبيعية مع لغاتها. وخلص المقال إلى أنّه من وجهة نظر علم الاجتماع لا ينتظر حصول المجتمع التونسي قريبا على الاستقلال اللغوي والثقافي.   (المصدر: وكالة قدس برس انترناشيونال( ابريطانيا ) بتاريخ 10 أوت 2008)  

حياة عمامو: القرآن الوثيقة الأساسية في ماضينا

   

حاورها نبيل درغوث (*) تعتبر الدكتورة حياة عمامو من أهمّ الباحثين المختصّين فى تاريخ الإسلام المبكّر حيث يقول عنها المؤرّخ والمفكّر الكبير هشام جعيط :”حياة عمامو عرفت عنها الجديّة والنباهة والإطّلاع الكبير المتمكّن من المصادر العربية الإسلامية فى التاريخ”. وهى باحثة شديدة الانبهار بالمنهج النقدى للمستشرقين الألمان الّذين برزوا فى أواخر القرن التاسع عشر ، مختلفة مع المدرسة الماركسية فى قراءة التّاريخ حيث تنفى أن يكون العامل الاقتصادى هو المحدّد فى فهم أحداث الماضى و ظواهره. و تعتبر أنّ الإنسان هو الّذى يصنع التّاريخ لأنّه مصدر الفعل التّاريخي. وتذهب الباحثة حياة عمامو إلى أنّ القرآن هو الوثيقة الأصليّة والمصدر الأساسى من مصادر فترة التّاريخ الإسلامى المبكّر. * حياة عمامو أستاذة التّاريخ بالجامعة التونسيّة من مواليد سنة 1959 بالمكنين، زاولت تعليمها الثانوى والجامعى بتونس.   * صدر لها العديد من الكتب منها: – أصحاب محمّد ودورهم فى الإسلام،ط1 تونس 1996 ط2 لبنان 2008 – تصنيف القدامى فى السيرة النبوية، تونس 1997 – إسلام التأسيس ببلاد المغرب من الفتوحات إلى ظهور النحل، ط1 تونس 2001 ط2 تونس 2004 – السلطة و هاجس الشرعيّة الثقافية الإسلامية، تونس 2005 و هو عمل ثلاثى كانت مساهمتها فيه بعنوان “السلطة و الشرعيّة فى النظام الإسلامى المبكّر” – فضلا عن دراسات منشورة بمجلاّت مختصّة ومحكمة.   حاولنا فى هذا الحوار معها أن نرصد بعضا من نظرتها إلى البحث التّاريخى اليوم.   1. فى البدء نستهل حوارنا بأسئلة أساسية: ما هو مفهوم التاريخ؟ ما هى الحقيقة التاريخية؟ ما هى حدود الحقيقة؟ كيف يمكن بلوغها؟ – لقد شغل البحث فى مفهوم التاريخ الكثير من الباحثين و الدّارسين منذ زمن طويل و مع ذلك فقد اتّسم هذا المفهوم بالتّشعّب والتّعقيد تارة وبالغموض تارة اخرى حتّى عند أهل المهنة. ولعلّ هذا ما جعل جاك لوقوف J.LeGoff يعتبر التّاريخ من أصعب الميادين للتّعريف، و ذلك لإمكانيّة السّقوط فى الخلط بين هذا المفهوم ومفاهيم أخرى مثل الماضى والتّراث والذّاكرة. إنّ التّاريخ باعتباره علما لا يتمثّل فى استعادة الماضى كما حدث فعلا لأنّ ما بقى من هذا الماضى لا يمكّننا من تمثّله واستعادته كحقيقة نهائيّة. ولعلّ هذا ما جعل البحث فى التّاريخ يتطوّر فى مناهجه وأدواته بشكل يؤثّر باستمرار على تطوّر النّتائج المتوصّل إليها وربّما قلبها رأسا على عقب. ومثلما يصعب على التّاريخ استرجاع الماضى بكلّ تفاصيله وجزئيّاته مهما تعدّدت أنواع المصادر وتنوّعت المناهج و المقاربات فإنّه يجب استبعاد الخلط بين التّاريخ و التّراث لأنّ التّراث على حدّ تعبير الأستاذ جعيّط هو ” كلّ ما ورثته مجموعة أو حتّى الإنسانيّة جمعاء عن الأوائل وفى شتّى الميادين”. أمّا التّاريخ فهو استنطاق الماضى القريب أو البعيد لتفهّمه وإفهامه وفكّ رموزه اعتمادا على مصادر لن تعود بصفتها تلك تراثا يرعى أو يحفظ وإنّما وسائل لاستخراج المعلومات بمنهجيّة معيّنة. خلط آخر يمكن أن يقع فيه النّاس بما فى ذلك بعض المؤرّخين ويتمثّل فى عدم التّفريق بين التّاريخ و الذّاكرة. فى هذا الصّدد ذكر لوقوفLeGoffتوجد ميولات حديثة يمكن نعتها بالصّبيانيّة تماثل-تقريبا كليّا- بين التّاريخ والذّاكرة، وربّما ترجّح الكفّة لصالح الذّاكرة باعتبارها أكثر”أصليّة” و”صدق” من التّاريخ على أساس سطحيّته وتوظيفه للذّاكرة. صحيح أنّ التّاريخ يمثّل ترتيبا للماضى خاضعا للهياكل الاجتماعية والإيديولوجيّة والسّياسيّة الّتى يعيش ويشتغل فيها المؤرخون. وصحيح أيضا أنّ التّاريخ كان وسيبقى خاضعا للتّوظيف الواعى من قبل الأنظمة السّياسيّة المعادية للحقيقة،غير أنّ الذّاكرة الّتى تمثّل المادّة الخامّ الّتى يعتمد عليها المؤرّخون لكتابة التّاريخ تعتبر فى الحقيقة أخطر خضوعا للتّوظيف من قبل الزّمن و المجتمع، وتستوجب تدخّل المؤرّخ لإعادة تركيب المادّة الّتى تحويها وملئ فراغاتها حتّى تؤسّس غرضا علميّا. إنّ التّاريخ يختلف عن التّراث والذّاكرة لأنّه بأدواته ومناهجه كفيلا بتحويل المخزون الثّقافى غير الواعى إلى مادّة مفكّرة تصنع علما. تقوم الحقيقة التّاريخيّة على إعادة تركيب الأحداث بشكل يجعلنا نقترب أكثر ما يمكن لما حدث فعلا، غير أنّ هذا يبقى مرتبطا بطبيعة المصادر المتوفّرة وطبيعة الأحداث أو الظّواهر المدروسة،وحتّى إن توفّر كلّ ما يجب لبلوغ الحقيقة فى الماضى القريب أو البعيد فإنّ ما نتوصّل إليه لا يمكن أن يرقى إلى الحقيقة النّهائيّة لأنّ كلّ الحقائق الّتى نتوصّل إليها هى فى أغلب الأحيان مؤقّتة فى انتظار تطوّرات أخرى تحدث على مستوى تجميع المصادر أو ظهور مناهج و مقاربات جديدة.   2. لماذا دأب التّاريخ العربى والإسلامى على التّحقير من شأن الفلاحة واعتبارها من عمل الأذلاّء؟ فى حين أنّ الفلاحة هى الحلقة الأساسيّة والأوّليّة لكلّ اقتصاد. – أنا لا أعرف أنّ التّاريخ الإسلامى حقّر من شأن الفلاحة واعتبرها عملا مذلاّ بدليل أنّ المسلمين بدأوا يتوسّعون على حساب الأراضى الأكثر خصوبة فى العالم المعروف آنذاك مثل سواد العراق وحوض النّيل… وقد تمّ الاستحواذ على الواحات الزّراعيّة مثل خيبر وفدك وتيماء الّتى تحوّلت إلى المسلمين منذ عهد النّبيّ. وهذا ما يدلّ على أنّ المسلمين كانوا يعتبرون الأرض والزّراعة مصدرا مهمّا فى الحياة. وهذه الأهميّة الّتى كان يعيرها المسلمون للزّراعة لم يكتسبوها مع الإسلام ولكنّها كانت تعود إلى ما قبل الإسلام بدليل وجود حضارات اليمن القديم الّتى تقوم على الزّراعة أساسا، إلى جانب إعطاء هذا القطاع أهميّة حيويّة فى الواحات مثل يثرب، وملكيّة أثرياء القرشيّين لأراضى فى الطّائف يقضون فيها الصّيف. وعند مجيء الإسلام وانطلاق الفتوحات ركّز كبار الصّحابة على ملكيّة الأرض باعتبارها أساسا رئيسيّا من أسس الثّروة. وبالرّغم من هذا فإنّ العرب المسلمين زمن الفتوحات الكبرى لم يكونوا يمارسون النّشاط الزّراعى بأنفسهم وذلك لانشغالهم بالجهاد وعدم معرفتهم الجيّدة بنشاط الزّراعة مقارنة بالشّعوب الّتى توسّعوا على حسابها، فأقرّوا المزارعين فى الأراضى الّتى تحوّلت ملكيّتها إلى المسلمين بوصفهم أشخاصا أو مجموعات لتزرع مقابل دفع الّذين يزرعونها للخراج باعتباره ضريبة على استغلالهم للأرض وهو عبارة عن نصف المحصول، ومن ثمّ لا يمكن البتّة أن نقرّ باحتقار المسلمين للفلاحة حتّى وإن كانوا لا يباشرون خدمة الأرض بأنفسهم. وهذا الأمر لم يقتصر على العرب وحدهم زمن الفتوحات وإنّما اشتركوا فيه مع كلّ المنتمين إلى الحضارات الّتى سبقتهم مثل اليونان والفرس والرّومان… ولا بدّ من أن نشير هنا إلى أنّ العرب العاديّين قد انخرطوا فى هذا النّشاط بعد توقّف موجة الفتوحات الكبرى واستقرارهم فى أمصار متفرّقة واندماجهم فى الشّعوب الّتى توسّعوا على حسابها.   3. فى ظلّ ذاك المنهج فى التّحليل التّاريخى الّذى يدعو إلى التّحرّر من فكرة جعل الإنسان مركز التّاريخ و صانعه، هل لك أن تفسّرى لنا شعار”تاريخ بدون إنسان” لحامله لوروا لادورى Emmanuel Le Roy Ladurie؟ – لم أستطع أن أحدّد الإطار الّذى ذكر فيه إيمانويل لوروا لادورى قولته حول أن يكون “التّاريخ بدون إنسان”. ولكن بالمعنى الّذى وردت به فى هذا السّؤال لا يمكن لى إلاّ أن أعارضها لأنّ التّاريخ ليس له أيّ معنى بدون الإنسان، فالإنسان هو الّذى يصنع التّاريخ لأنّه مصدر الفعل التّاريخى وهو المسؤول عن صيانة موادّه وصياغته من أجل إفهامه للنّاس.   4. ذكر أحد المؤرّخين أنّ العرب كانوا مبادرين ومساهمين وفاعلين فى الحضارة الإنسانيّة أيام الأمويّين والعبّاسيّين، فى حين أنّ العرب قد خرجوا من التّاريخ منذ الخلافة العبّاسيّة. فما هو ردّك على هذا؟ – إنّ مثل هذه الأحكام تبدو شديدة العموميّة وسطحيّة وحتّى اعتباطيّة لأنّ التّاريخ ليس خطّا مستقيما يتوقّف فى لحظة معيّنة ليخرج منه أناس ويدخل فيه آخرون. فالعبّاسيّون ظلّوا خلفاء المسلمين من منتصف القرن الثّامن إلى منتصف القرن الثّالث عشر ميلادي، ورغم تمسّكهم بمركزيّة الخلافة فقد تأسّست بالتّوازى مع سلطتهم عدّة كيانات سياسيّة منها ما هو موال لهم مثل الأغالبة فى القرن التّاسع ميلادى ومنها ما هو معاد لهم مثل الأمويّون فى الأندلس انطلاقا من القرن الثّامن ميلادى والفاطميّون فى بلاد المغرب ثمّ مصر ابتداء من القرن العاشر ميلادي. فى ظلّ هذه التّعقيدات لا يمكن أن نعرف حسب ما ورد فى السّؤال متى كان خروج العرب من التّاريخ فى العهد العبّاسي. وحتّى إذا ما سلّمنا أنّ ما ورد فى السّؤال يقصد أنّ العرب فى العهد العبّاسى لم يعودوا حضارة مهيمنة، فمن الضّرورى توضيح أنّ الحضارات الّتى توسّع على حسابها العرب المسلمين تمّ استيعابها بالكامل، وبهذا لم تبق سوى الحضارة البيزنطيّة الّتى لم تستعد هيمنتها على العالم مثلما كان شأنها قبل الإسلام، فضلا عن بعض الكيانات السّياسيّة الصّغيرة فى غرب أوروبا الّتى ورغم التّطوّرات الّتى حصلت فيها لم تصبح قوى سياسيّة واقتصاديّة مهيمنة حتّى بعد سقوط الخلافة العبّاسيّة.   5. هناك بعض المؤرّخين العرب يرون أنّ الأتراك هم المسؤولون عن التّخلّف الحضارى المريع الّذى سقط فيه العرب. وهل أنّ المغرب الأقصى وقلب جزيرة العرب خارج دائرة التّخلّف حسب طرح هؤلاء المؤرّخين باعتبارهما لم يكونا تحت لواء الإمبراطوريّة العثمانيّة؟ – إنّ الرّأى القائل بأنّ الأتراك هم المسؤولون عن التّخلّف الحضارى الّذى سقط فيه المسلمون يعتبر حكما مسبقا وفيه كثير من التّجنّي، لأنّ العثمانيّين من وجهة نظر تاريخيّة أسّسوا إمبراطوريّة لا تختلف قى أسسها وتوجّهاتها عن الإمبراطوريّات الّتى سبقتها غير أنّها جاءت فى إطار تاريخى مغاير مقارنة بأوروبا الّتى شهدت “L’humanisme, la Renaissance et la revolution industrielle…” أخرجتها من النّظام التّقليدى المغلق إلى نظام الحداثة المنفتح والمنتج. فى هذا الإطار اكتفى العثمانيّون لظروف تاريخيّة موروثة بإعادة إنتاج نظام سياسى واجتماعى واقتصادى قديم تجاوزته الأحداث بالمنطق الّذى ساد فى أوروبا انطلاقا من القرن الخامس عشر ميلادى وبذلك بدأ ميزان القوى ينقلب شيئا فشيئا لصالح أوروبا رمز الحداثة والتّنوير فى حين انخرط العثمانيّون فى الدّفاع عن مكتسبات الإمبراطوريّة التّقليديّة مع محاولة الانخراط فى الحداثة بتقليد أوروبا فى كلّ ما من شأنه أن يحافظ على بقاء خلافة المسلمين. من هذا المنطلق لا يمكن تحميل المسؤوليّة للأتراك ونعتهم بكونهم أعداء العرب لأنّ الظّروف السّياسيّة والاقتصاديّة والاجتماعيّة والثّقافيّة كانت قبل مجيء الأتراك لا يمكن أن تنتج إلاّ نظاما مشابها لما أسّسه العثمانيّون حتّى وإن كان هؤلاء المؤسّسين عربا وليسوا أتراكا.   6. كيف يمكن توخّى الدّقّة والموضوعيّة وكتابة الحقيقة التّاريخيّة عن التّاريخ الرّاهن أو ما اصطلح على تسميّته بتاريخ الزّمن الحاضرle temps présent رغم غياب البعد التّاريخى والمصادر الملتبسة ك “أرشيف الصّدور” وصعوبة تأويل الحدث الآنى الّذى لا نعرف بعد نهايته وانعكاساته على مجرى الأحداث؟ – انطلاقا من إيمانى بأنّ الموضوعيّة ليست حقيقة مطلقة، وأنّ الحقيقة ليست نهائيّة، فإنّ معالجة أحداث الزّمن الحاضر ليس بالأمر المستحيل خاصّة إذا ما توفّرت فى المؤرّخ المعنى بالأمر كلّ شروط ممارسة الحرفة وخاصّة على صعيد منهجي. إنّ المصادر الّتى يعتمدها مؤرّخ الزّمن الحاضر متنوّعة ومتعدّدة ووفيرة ولذلك وجب عليه توخّى الحذر الشّديد وإلاّ تحوّل عمله إلى عمل صحفى أو خطاب إيديولوجي. وعلى هذا الأساس فإنّ تاريخ الزّمن الحاضر هو ممكن ومفيد شريطة أن يكون المهتمّ بهذا المجال على درجة كبيرة من الحرفيّة والمعرفة.   7. هناك طرح يقول: إنّ علم التّاريخ الماركسى يقتصر على تحليل المظاهر الاقتصاديّة فقط فى مجتمع ما، ونعرف أنّ الاقتصاد هو أحد عوامل العمليّة التّاريخيّة وليس القوّة المحرّكة الرّئيسيّة لتطوّر المجتمع. فما هى وجهة نظرك حول هذه المسألة؟ – لقد أدّى تنوّع المقاربات التّاريخيّة خلال القرن العشرين إلى تعدّد الأغراض فى البحث التّاريخي، فبرز إلى جانب التّاريخ الاقتصادى والاجتماعى التّاريخ الثّقافى وتاريخ الذّهنيّات وتاريخ الأديان والأنتروبولوجيا التّاريخيّة والميكرو تاريخ… لذلك لا يمكن أن يكون الاقتصاد العامل المحدّد فى فهم أحداث الماضى وظواهره. على هذا الأساس تتطلّب عمليّة الكتابة التّاريخيّة تدخّل كلّ العوامل ليقع ترجيح عامل على آخر حسب الموضوع المدروس والمقاربة المتّبعة والمعطيات المتوفّرة.   8. يقول إنجلس:” لقد ثبت أنّ الصّراعات السّياسيّة-على الأقلّ فى التّاريخ الحديث- هى كلّها صراعات طبقيّة، وأنّ كلّ الصّراعات التّحرّريّة الطّبقيّة رغم شكلها السّياسى الضّروري- لأنّ الصّراع الطّبقى هو صراع سياسي- يدور فى نهاية المطاف حول التّحرّر الاقتصادي”. – إنّ هذه المقولة تؤكّد أنّ التّاريخ السّياسى لا يمكن دراسته دون الأخذ بعين الاعتبار المواجهة بين المصالح الماديّة الاقتصاديّة للقوى الاجتماعيّة والطّبقات المتصارعة فإلى أيّ حدّ يمكن اعتماد العوامل الاقتصاديّة كعلّة أولى فى الصّراعات السّياسيّة؟ لقد سبق وأن ذكرت أنّ التّاريخ عمليّة معقّدة ومتشعّبة ولذلك يصعب أن نقرّ بأولويّة العامل الاقتصادى فى تفسير التّاريخ من كلّ نواحيه خاصّة إذا ما انعدمت الوثائق الّتى يمكن اعتمادها كحقائق لا يشوبها أيّ شكّ.   9. منذ 1675 أدخل المؤرّخ الألمانى كريستوف كيلر تقسيما ثلاثيّا على التّاريخ:التّاريخ القديم- التّاريخ الوسيط- التّاريخ الحديث. هل هذا التّحقيب يصلح للتّاريخ العربى الإسلامي؟ باعتبار هذا التّقسيم الثّلاثى صالح لأوروبا فقط، فكلمة “وسيط” على سبيل المثال تعنى بالنّسبة إلى الأوروبيّين الفيوداليّة والتّخلّف الحضارى بينما تمثّل هذه الفترة “الوسيطة” بالنّسبة إلى العرب أزهى عصورهم. – يعتبر التّحقيب الأوروبّى الّذى قسّم التّاريخ إلى أربع فترات تاريخيّة تحقيبا اصطلاحيّا لا يتماشى فى جزئيّاته حتّى مع التّاريخ الأوروبى لأنّ المؤرّخ جورج دبيG.Duby أوضح أنّ التّاريخ الوسيط لا يمثّل كلاّ متجانسا وإنّما يتكوّن من فترات مختلفة منها ما هيّأ للنّهضة وإدخال أوروبا فى العصور الحديثة. أمّا عن مدى تطابق هذا التّحقيب مع التّاريخ الإسلامى فيمكن القول بأنّ اعتماده لا يمكن أن يتجاوز المفهوم الاصطلاحى لغايات بيداغوجيّة بحتة.   10. ذكرت فى كتابك “السّلطة وهاجس الشّرعيّة فى الثّقافة الإسلاميّة”: ” أنّ الشّورى لم تعتمد باعتبارها ممارسة سياسيّة إلاّ مرّة واحدة بعد مقتل عمر بن الخطّاب”. هل يمكن اليوم” مع الفرق فى اللّفظ والمصطلح” أرضنة مفهوم الدّيمقراطيّة بالبلاد العربيّة أم أنّ ذلك من قبيل المستحيل؟ – إنّ تعرّضى لمفهوم الشّورى كممارسة سياسيّة فى الثّقافة الإسلاميّة لم يرد بنيّة مقارنته بمفهوم الدّيمقراطيّة، بل على العكس من ذلك فقد أردت أن أبيّن أنّ المفهومين لا يلتقيان ولا يمكن أن يوجد بينهما قواسم مشتركة وذلك لطبيعتهما وتطوّر مسارهما. أمّا عن إمكانيّة ممارسة الدّيمقراطيّة اليوم فى بلدان العالم العربى الإسلامي، فلا شيء يمنع من ذلك شريطة أن لا يقع خلط هذا المفهوم بمفهوم الشّورى وجعل اللّفظين مترادفين، فالدّيمقراطيّة لا يمكن أن تطبّق فى الوقت الرّاهن إلاّ باعتبارها مفهوما لائيكيّا يمارسه مواطنون لهم حقوق وعليهم واجبات.   11. روى الطّبرى حول النّزاع الّذى كان بين أميّة بن عبد شمس وعمّه هاشم بن عبد مناف حول أولويّة الشّرف فى مكّة”القيادة والسّقاية والرّفادة” وكيف احتكم إلى كاهن خزاعى قضى بنفى أميّة عشر سنوات إلى منفى اختيارى وكان اختيار أميّة على بلاد الشّام. وبعد سنين قامت فى الشّام دولة كبرى باسم الدّولة الأمويّة يرأسها معاوية حفيد أميّة بن عبد شمس. فما قولك فى كلّ هذا؟ – لا أظنّ أنّ ثمّة علاقة بين ما أورده الطّبرى عن نفى أميّة بن عبد شمس إلى بلاد الشّام وتأسيس حفيده معاوية للدّولة الأمويّة فى نفس المنطقة. وأريد أن أوضّح هنا بأنّ ما تورده المصادر عن العداوة بين الهاشميّين والأمويّين فى فترة ما قبل الإسلام يعود إلى خيال الرّواة المتأخّرين المتعاطفين مع العلويّين والمنضوين تحت لواء العبّاسيّين والمعادين للأمويّين لإقناع النّاس بأنّ عداء آل النّبيّ من الهاشميّين للأمويّين هو أزلى ولم يبدأ مع اندلاع الفتنة الكبرى بين على بن أبى طالب ومن معه من أهل العراق ومعاوية بن أبى سفيان ومن معه من أهل الشّام.   12. البحث فى فترة الإسلام المبكّر ودراستها ليس بالأمر الهيّن واليسير باعتبار مصادر هذه الفترة دوّنت فى وقت متأخّر كما أنّ حركة التّدوين لم تتطوّر إلاّ فى العهد العبّاسي. فما هى استراتيجيّة أو استراتيجيّات المؤرّخ عند زحفه على هذه الفترة رغم الألغام وقذائف “النّيبلم” الّتى تنتظره؟ – تكمن صعوبة البحث فى التّاريخ الإسلامى المبكّر فى قلّة أو غياب الوثائق المباشرة مثل الأرشيف والنّقائش والآثار الماديّة. وهو فى ذلك يشترك مع تاريخ الحضارات الّتى سبقته مثل الإغريق والفنيقيّين والفرس… لذلك فإنّ دراسة هذه الفترة تعتمد أساسا على نصوص إخباريّة وأدبيّة وفقهيّة وجغرافيّة… كتبت بعد 150سنة من وقوعها. وقد أثار هذا الأمر حفيظة الكثير من المستشرقين الّذين نزعوا عن كلّ هذه المصادر أيّ نوع من المصداقيّة داعين فى بعض الأحيان إلى التّخلّى عن كتابة تاريخ هذه الفترة مثل ونزبرWansbrough، وفى أحيان أخرى إلى اعتماد المصادر الأجنبيّة مثل المصادر اليونانيّة والسّريانيّة مثل كرونCrone وكوكCook. إنّ التّعامل مع المصادر العربيّة المتعلّقة بالفترة الإسلاميّة المبكّرة يتطلّب ملازمة الحذر الشّديد لفهم الإطار الزّمنى الّذى تتنزّل فيه الرّوايات والتّسلّح بالتّيقّظ المستمرّ لمعرفة ما إذا كانت الرّوايات الواردة فى المصادر ملائمة للإطار الزّمنى ومتماشية مع منطق الأحداث أم لا. التّفطّن إلى أصليّة الرّواية وتقييم مدى صدقها فى نقاش ما حدث فعلا أمر يمكن أن يكتسبه المؤرّخ بطول معاشرته لهذه الرّوايات وباعتماد الفكر النّقدى الصّارم الّذى يخوّل التّوصّل إلى التّخلّص من الكثير من الوهم وتجاوز الكثير من التّعتيم وكشف النّقاب عن الكثير من المسكوت عنه. وبالرّغم من اتّخاذ كلّ هذه الاحتياطات فإنّ البحث فى تاريخ الإسلام المبكّر يبقى أمرا شائكا وغير مضمون النّتائج.   13. ما تقييمك لواقع البحث التّاريخى فى العالم العربى اليوم؟ – مع الأسف الشّديد يمكننى الجزم بأنّه لا يوجد بحث تاريخى فى العالم العربى بدليل انعدام العلاقات بين الباحثين فى هذا المجال خارج إطار المؤسّسات الأجنبيّة وخاصّة الفرنسيّة منها بالنّسبة إلى تونس، وفيما عدا ذلك فإنّ مؤرّخى العالم العربى ينقسمون إلى صنفين فإمّا أن ينخرطوا فى فرق بحث بالاشتراك مع مؤسّسات أجنبيّة وخاصّة الفرنسيّة منها بالنّسبة إلى تونس وإمّا أن ينغلقوا على أنفسهم فيتحوّل أغلبهم إلى مغمورين لا يسمع بهم أحدا.   14. إلى أيّ المدارس التّاريخيّة تنتمين؟ وهل يمكن أن تعرّفيها لنا؟ – يصعب الإجابة على هذا السّؤال، وكلّ ما يمكن قوله فى هذا الصّدد أنّنى شديدة الانبهار بالمنهج النّقدى للمستشرقين الألمان الّذى برز فى أواخر القرن التّاسع عشر وأتمنّى أن أتوصّل فى يوم ما إلى حذق هذا المنهج لأتمكّن من معالجة بعض ما ورد فى المصادر العربيّة الإسلاميّة بالصّرامة والإقناع المطلوبين.   15. جاء فى كتابك “أصحاب محمد ودورهم فى نشأة الإسلام”: “إنّ الانتصارات الّتى صنعها المسلمون للإسلام الدّين والدّولة والحضارة طيلة القرن الأوّل للهجرة…” كأنّك هنا تفرّقين ما بين الإسلام الدّين و الدّولة والحضارة. فهل لك أن توضّحى ما هو إ سلام الدّين؟ ما هو إسلام الدّولة؟ ما هو إسلام الحضارة؟ وما هى الفروق الّتى بينها؟ – خلافا للدّيانات السّماويّة الّتى سبقت الإسلام لم يأت نبيّ الإسلام بديانة تقتصر على عقيدة تحتوى على شعائر وطقوس ومواعظ قصد تحديد علاقة الإنسان بخالقه، وإنّما كان زعيما سياسيّا أيضا تمكّن خلال إقامته بالمدينة من تأسيس نواة دولة لعلّ من أبرز مقوّماتها المؤسّسة العسكريّة والنّظام المالى اللّذين جعلا المسلمين يتوسّعون شيئا فشيئا حتّى أمكنهم أن يصبحوا القوّة الأعظم فى العالم المعروف وقتئذ، وهذا ما فتح الباب على مصراعيه لتأسيس حضارة إسلاميّة لها مقوّماتها الماديّة والثّقافيّة.   16. هل بالإمكان أن تبيّنى لنا تأويلك لواقعة السّقيفة؟بدون أن ننسى هذه الإرهاصات الأولى لهذه الخلافات بين الأنصار والمهاجرين وهى اعتراض المهاجرين من قريش على حمل سعد بن عبادة من الأنصار راية الفتح. – لقد مثّلت حادثة السّقيفة- فى نظري- أزمة عرضيّة عاشها المسلمون بعد وفاة نبيّهم، وهذا أمر طبيعى ّلعدم أيّ مؤشّر فى القرآن كفيل بتنظيم العمليّة السّياسيّة بعد النّبيّ. وقد تمكّن المسلمون من الخروج من هذه الأزمة دون خسائر تذكر لأولويّة ذكر المهاجرين على الأنصار فى القرآن وهو ما يجعلهم أصحاب الشّرف الإسلامى الأوّل لإسلامهم الأقدم. أمّا عن اعتراض المهاجرين على حمل سعد بن عبادة لراية الفتح فإنّ الأمر يتطلّب تدقيقا لأنّ هذه الرّواية يمكن أن تكون قد حيكت بعد حادثة السّقيفة أو أنّ سعد بن عبادة لم يكن ليكون حامل راية الفتح أصلا لأنّ هنالك من بين المهاجرين القرشيّين من هو أولى منه بحملها.   17. ذكرت فى كتابك”أصحاب محمد…” هناك ثلاثيّة أنجزت الإسلام و ركّزته هي:الوحى والنّبى وأصحابه هل أنّك هنا مع مقولة أنّ الإنسان هو صانع التّاريخ؟ – الإنسان هو صانع التّاريخ فعلا، ولكن لا يجب أخذ هذه المقولة فى معناها المبسّط لأنّ الإنسان لا يمثّل كلاّ متجانسا، ذلك أنّ النّاس يختلفون فى استعداداتهم وتكوينهم ووعيهم بالأمور وهذا ما يضفى على صراعاتهم سمة الغالب والمغلوب، ومهما كان موقع الإنسان فى هذا الصّراع فهو دائما صانع التّاريخ.   18. لاحظنا كثيرا فى بحوثك ودراساتك اعتمادك على القرآن فكيف يمكن اعتماد القرآن كمصدر من مصادر تاريخ الإسلام المبكّر؟ – يعتبر القرآن مهمّا جدّا للبحث فى فترة التّاريخ الإسلامى المبكّر لأنّه يمثّل-فى نظري- الوثيقة الأصليّة الوحيدة ولذلك لا بدّ من اعتماده بوصفه مصدرا أساسيّا من مصادر الفترة المدروسة.   19. حول ما جاء فى بحثك” المفاوضات بين النّبى محمّد وأهل يثرب”، الّتى أسفرت إلى الهجرة من مكّة إلى يثرب “المدينة”. هل يمكن استنتاج أنّ هذه الهجرة هى الّتى أنقذت دعوة محمّد من الإجهاض باعتباره حوصر هو وأتباعه فى مكّة؟ وهل أنّ اختيار الرّسول الهجرة إلى يثرب لنصرته وفكّ هذا الحصار له صلة بالقرابة الّتى تجمع آل الرّسول بأخواله من يثرب؟ – لقد مثّلت الهجرة من مكّة إلى المدينة منعرجا حاسما إ ذ حوّلت الإسلام من دعوة صامتة ومعذّبة ينحصر مجهودها فى محاولة حماية المستجيبين لها من معارضة قريش إلى فعل سياسى وعسكرى منظّم يسعى إلى محاربة أعدائه للتّوسّع على حساب أراضيهم المجاورة وضمّ أكثر عدد من عناصر القبائل المقيمة على هذه الأراضي. لا اعتقد أنّ هجرة النّبيّ ومن معه من أصحابه المهاجرين إلى يثرب كانت بسبب تواجد أخواله من بنى النّجّار الخزرج هنالك، بقدر ما كانت بسبب الأوضاع الأمنيّة والاقتصاديّة المتردّية بين الأوس والخزرج من جهة وبين عشائر كلّ قبيلة منهما من جهة أخرى. يقوم أساس عيش هاتين القبيلتين على إنتاج الأرض بواحة يثرب، غير أنّ التّزايد الدّيمغرافى فى الواحة جعل الأرض وما تنتجه لا يكفى لكلّ من يتواجد عليها. ولعلّ عدم التّكافؤ هذا بين إنتاج الأرض وعدد السّكّان هو الّذى جعل الحروب المنطق الوحيد”للتّحاور” بين عشائر يثرب. لقد ساعد هذا الجوّ المشحون بالصّراعات على قبول الأوس والخزرج باستقرار الرّسول ومن معه بينهم لعلّهم بذلك يستطيعون تجاوز خلافاتهم الّتى وصلت بهم إلى حدّ استحال معه العيش، خاصّة وأنّ النّبيّ كان يحمل مشروعا من المنتظر أن يغيّر نمط عيش السّكّان هنالك،فضلا عن تنظيم العلاقات بينهم وبينهم وبين أجوارهم.   20. “حركة النّفاق” فى المدينة هل كانت دوافعها سياسيّة أى معارضة للدّولة؟  أم كانت لها خلفيّات دينيّة؟ باعتبارها غير متحمّسة للدّعوة فى الأصل. ومن هو زعيمها عبد الله بن أبيّ؟ وما سرّ هذا التّعامل”التّكتيك السّياسي” الّذى توخّاه معهم الرّسول ولم يكن معهم حاسما وراديكاليّا؟ – لقد تزعّم عبد الله بن أبيّ بن سلول حركة النّفاق انطلاقا من معركة أحد. وكان قبل ذلك قد أعلن إسلامه بالرّغم من أنّه كان يتهيّأ قبل هجرة النّبيّ إلى يثرب بقليل إلى أن يتوّج ملكا على الأوس والخزرج لولا الصّراعات المستمرّة وحالة الفوضى الّتى حالت دونه ودون بلوغ هذه المرتبة. وما يلفت الانتباه فى حركة النّفاق الّتى تزعّمها عبد الله بن أبيّ أنّها لم تذكر فى القرآن إلاّ فى سورة التّوبة عندما رفض المنافقون الخروج مع النّبيّ ومن معه إلى معركة تبّوك. ولعلّ تأخّر القرآن فى ذكر المنافقين ومساواتهم بالمشركين واليهود هو الّذى جعل النّبيّ يهادنهم ولا يأمر أصحابه بقتالهم برغم تحمّسهم لذلك. ويمكن تفسير موقف النّبيّ هذا بسببين فإمّا لعدم إعلان هؤلاء المنافقين لعداوتهم الصّريحة للنّبيّ ومن معه، وإمّا إلى حرص الرّسول على ألاّ يفتح على أمّته النّاشئة جبهات قتال متعدّدة فحصرها فى محاربة المشركين واليهود واكتفى بالنّسبة إلى المنافقين بتأليب أصحابه عليهم وخاصّة منهم الأنصار الّذين تربطهم بهم علاقات رحم.   21. لماذا وقع تغييب الهجرة إلى الحبشة وعدم إعطائها الاهتمام اللاّزم مثل الهجرة إلى يثرب “المدينة”؟ – الهجرة إلى الحبشة تختلف جوهريّا عن الهجرة إلى يثرب، ذلك أنّ الهجرة الأولى لم تكن إلاّ حلاّ مؤقّتا التجأ إليه النّبيّ لتخليص البعض من صحابته المنتمين إلى العشائر المتنفّذة فى قريش مثل مخزوم وعبد شمس وسهم وجمح للتّخفيف من تضييق الحصار الّذى ضربه عليهم أهاليهم لثنيهم عن اعتناق الدّعوة المحمّديّة،فضلا على أنّ الهجرة إلى الحبشة لم يأمر بها القرآن كما هو شأن الهجرة إلى المدينة.   22.حسب ما جاء فى بحثك “المفاوضات…” أنّ المبايعين فى العقبة الثّانية ليسوا كلّ الّذين أسلموا أى أنّ هناك من بايع محمّدا ولم يدخل فى دينه بمعنى أنّ هذه المفاوضات سياسيّة بدرجة أولى. إن ّمحمّدا انتقل إلى مرحلة أخرى رسم فيها استراتيجيّات جديدة فما رأيك فى هذا؟ – من المعروف أنّ بيعة العقبة لم تنعقد من أجل دخول أهل يثرب فى الإسلام، بقدر ما كانت من أجل قبولهم للنّبيّ ومن معه فى ديارهم مع الالتزام بالدّفاع عنهم فى حالة تعرّضهم إلى خطر. وعلى هذا الأساس فلا غرابة أن يكون من بين المبايعين من لم يعتنق الإسلام بعد، علما وأنّ دخول الأنصار إلى الإسلام مرّ بعدّة مراحل بدأت فى بيعتى العقبة وانتهت فى معركة الخندق بمن فيهم المنافقين الّذين ظلوا داخل المجموعة الإسلاميّة إلى حدود معركة تبّوك.   23. اعتناق المغاربة النّحل الإسلاميّة”الخوارج، الشّيعة،إلخ…” فى القرن الثّامن ميلادى يشبه القرن الرّابع ميلادى حينما خرجت الكنيسة الدّوناتيّة “نسبة إلى الأسقف دونات” عن الكثلكة واعتنق المغاربة هذه الحركة “الدوناتية”.هل هو تعبير المغربى ونزوعه الدّائم إلى الاستقلال؟باعتبار انخراطه فى الحركات الاحتجاجيّة الّتى يعلن بواسطتها الثّورة عن السّلطة المركزيّة وإن هذه النّحل تضمحلّ بعد حين. – أتّفق معك فى أنّ النّحل الإسلاميّة المغربيّة تشبه إلى حدّ ما النّحلة الدّوناتيّة المسيحيّة الّتى اعتنقها البربر فى القرن الرّابع للميلاد، غير أنّ اعتناق هذه النّحل سواء كانت المسيحيّة منها أو الإسلاميّة لم يكن مردّه نزوع البربر إلى الاستقلال بقدر ما كان تعبيرا عن ذاتيّتهم المضطهدة ومعاملتهم الدّونيّة من قبل الغزاة الّذين رفضوا أن يعاملوهم كأنداد لهم لدونيّتهم المتأصّلة حسب هؤلاء الغزاة سواء كانوا رومانا مسيحيّين أم عربا مسلمين.   24. ما هو رأيك فى تقسيم عبد الله العروى لبلاد المغرب إلى ثلاث مناطق على النّحو التّالي: – المغرب المفتوح- الخاضع”إفريقيّة: تونس”. – مغرب وسطي”سواحل الجزائر والمغرب الأقصى”. – مغرب صحراوي”جنوب تونس والجزائر والمغرب الأقصى”. إنّ التّقسيم الثّلاثى الّذى أقامه عبد الله العروى يمكن أن يكون مقبولا إذا ما نظرنا إليه بصفة عامّة ، غير أنّ الدّخول فى التّفاصيل للتّفريق بين المناطق الخاضعة والمناطق الثّائرة يجعل من غير الممكن القبول بهذا التّقسيم لأنّ الخضوع للسّلطة والثّورة عليها ليس دائما أمرا محسوما يمكن تحديده حسب ما ورد فى هذا التّقسيم   26.أين التّاريخ من تكنولوجيّات الاتّصال كالأنترنت وغيرها من وسائل الاتّصال؟بمعنى مكانة التّاريخ فى عصر المعلوماتيّة؟ وما رأيك فى مسألة “نهاية التّاريخ” و”صراع الحضارات”؟ – مثل كلّ العلوم، استفاد التّاريخ كثيرا من تكنولوجيّات الاتّصال وخاصّة فيما يتعلّق بالتّاريخ الكمّى حيث أمكن للمؤرّخين المشتغلين فى هذا المجال من تجميع معلوماتهم الكثيرة فى قاعدة معلومات base des données، تسهّل عليهم استغلالها والمقارنة بينها ومن ثمّّ تخوّل لهم إقامة الجداول والرّسوم البيانيّة الّتى توصل إلى نتائج يمكن نعتها بالمضمونة.و فيما عدا التّاريخ الكمّى سهّلت الأنترنت الاطّلاع على رصيد المكتبات العالميّة والاطّلاع على محتوياتها دون الاضطرار إلى الانتقال على عين المكان فى أحيان كثيرة. ولا يفوتنا هنا لفت الانتباه إلى أنّ الأنترنت التّى سهّلت على الباحثين الاطّلاع على ما يوجد فى المكتبات الأجنبيّة، ما يزال تطوّرها دون المستوى المطلوب فى تونس وخاصّة فيما يتعلّق بالمكتبة الوطنيّة. تقوم فكرة “نهاية التّاريخ” على أساس الحتميّة التّاريخيّة الّتى تعتقد أنّ تطوّر المجتمعات الإنسانيّة لا يمكن أن يكون لا نهائيّا، فكانت نهاية هذا التّطوّر الدّولة اللّيبراليّة بالنّسبة إلى هيجل والمجتمع الشّيوعى بالنّسبة إلى كارل ماركس. وقد استعاد فوكوياماFukuyama فى نهاية القرن العشرين الموافق لنهاية الحرب الباردة ليجعل هيمنة الدّول الليبراليّة على النّظام السّياسى العالمى هى نهاية تطوّر المجتمعات باعتبار أنّ هذا النّظام السّياسى القائم على العدل والحريّة كفيل بأن يحقّق للإنسانيّة جمعاء حاجيّاتها الأكثر عمقا والأكثر أهميّة. غير أنّ المتتبّع للوضع الإنسانى منذ انتهاء الحرب الباردة يلاحظ تزايد المجاعات والأمراض وتقلّص الحرّيّات حتّى قى صلب الدّيمقراطيّات الكلاسيكيّة وانعدام توفّر العدالة بين شرائح نفس المجتمع وبين المجتمعات المختلفة وتراجع فرص الحياة الكريمة لكثرة البطالة…لذلك يبدو أنّ نهاية الحرب الباردة لم تنه التّاريخ ولكن عادت به إلى مرحلة العبوديّة رغم إعلان مواثيق تحرير العبيد.   27.قبل أن ننهى حوارنا ماذا تقول حياة عمامو بشكل مختزل في:   – ابن هشام؟ مصدر مهمّ يلزمه تكوين متين للتّفريق بين ما هو أصلى فيه وما هو ملفّق.   – الطّبري؟ مصدر ثريّ ما زال ينتظر مزيد الاهتمام فى كثير من جوانبه.   – محمّد بن سعد صاحب “الطّبقات الكبرى”؟ لا يقلّ أهميّة عن الطّبرى وخاصّة بالنّسبة إلى التّاريخ الاجتماعي.   – أبو المهاجر دينار؟ والى من ولاة إفريقيّة اكتسب أهميّته لانتسابه إلى الموالى لذلك يمكن اعتباره نموذجا للاندماج الاجتماعى والصّعود إلى المراتب العليا.   – مدرسة الحوليّات؟ مهمّة جدّا ولكنّها غير مفيدة للبحث فى تاريخ الإسلام المبكّر.   – هشام جعيّط؟ أستاذى وله الفضل الأهمّ فى تكويني.   (*) كاتب وصحافى تونسي   (المصدر: جريدة العرب (يومية – بريطانيا) بتاريخ 10 أوت 2008)


البعد الآخـر مرة أخرى.. أصولي معتدل!؟

بقلم: برهان بسيس   أنجز حزب العدالة والتنمية المغربي مؤتمره الذي أفضى لانتخاب أمين عام جديد هو عبد الإلاه بن كيران معوّضا سعد الدين العثماني. وكما هو معلوم فإن العدالة والتنمية المغربي هو احد فروع الحركة الأصولية في المغرب في نسخة تحاول أن تقترب من نموذج نظيره التركي في التسمية والتمشي السياسي القائم على الإندماج والقبول بالمساحة الواقعية التي تحددها السلطات ومحاولة التأقلم مع منظومة الشرعية السائدة وتجنب الاصطدام بها.   بن كيران الصاعد لقيادة العدالة والتنمية يتقدم للساحة السياسية المغربية كوجه اعتدال ووسطية يرفض أي محاولة للغمز من شرعية النظام الملكي كما تفعل بعض الأصوات سواء تلك المحسوبة على الجناح المتجذّر في الحركة الأصولية المغربية والتي تمثل حركة العدل والإحسان لأميرها عبد السلام ياسين ترجمة وتجسيدا له أو تلك  الناشطة داخل العدالة والتنمية نفسه من التي لم تنضج بعد لفهم تكتيكات التأقلم والإندماج في الشرعية كما ينظر لها رموز ما أصبح يعرف بالإسلام السياسي المعتدل. الأمين العام الجديد لم يبخل على الرأي العام المراقب لتطورات الساحة السياسية المغربية بمواقف الإصرار على إبراز حسن النوايا المدنية ومواقف الإعتدال التي تعودت بعض هذه الحركات اعتمادها والمبالغة فيها أحيانا إلى درجة اعادة انتاج كم من تساؤلات الاحتراز والشك تجاهها. بن كيران فسخ بجرّة تصريح أي طموح لحركته لتطبيق الشريعة الإسلامية في سياق موقف أصبح مفهوما لكل مراقب لمتغيرات المواقف والقراءات داخل الحركات الأصولية التي أضنتها صورة التمرد والخروج عن الشرعية القائمة، تلك التي رسّخها النموذج الجهادي ودفع بها الى صدامية مهلكة سواء مع الأنظمة القطرية القائمة أو مع الغرب والولايات المتحدة في سياق ساحة صراع عالمي مخترق للحدود. وإذا كان الإسلاميون الأتراك المستقرون على خط تجربة العدالة والتنمية في الحكم بعد مسار طويل من المراجعات والتراجعات والإنقلابات على التجارب السابقة وآبائها المؤسسين تجسدها اللحظات الفارقة التي مزق فيها أردوغان عباءة الأب أربكان الذي لم تسحبه مطاردة العسكر إلى التقاعد بقدر ما عزله تآمر الأبناء، إذا كان الأتراك على درجة من الإتقان في تكتيك المناورة فإن نظراءهم من أصوليي بعض التجارب العربية الذين زيّن لهم الشيخ الترابي قدرة التكتيك والمراجعة  والمناورة على تحقيق أهداف «التمكين» بمثل ما عكسته تجربة الجبهة في السودان التي سرعان ما تراجع بريقها تحت وطأة تآكلها الداخلي المعروف لتترك مكانها لتجارب موزّعة بين بعض دول الخليج مثل الكويت أو الأردن أو الاخوان في مصر أو العدالة والتنمية في المغرب راسمة تخوم مدينة الإسلام السياسي المعتدل القادمة بإلحاح بعض مراكز البحث الأمريكي كبدائل للإنسداد في الأوضاع في بعض بلدان العالم العربي، فإن هذه التنظيمات العربية لم تنجح بالنظر لضعف التجربة وطبيعة تكوينها ومحدودية مرجعيتها الفكرية في انجاز مكاسب حقيقية. في المراجعة خارج تكتيكات إعلان نوايا الإلتزام بالشرعية والاستعداد لكل أنواع التنازلات من أجل أهداف الوصول إلى السلطة دون الإفصاح بوضوح عن رغبة تحقيق هذا الهدف. كان لي فرصة أن جمعتني مناظرة تلفزيونية على فضائية المستقلة مع عبد الإلاه بن كيران، وجدت منظارا أصلوليا لا يختلف في شيء عن شيوخ الإقصاء والفكر الرجعي التكفيري، إدعاء إمتلاك الحقيقة وتمثيل الفضيلة والأخلاق بذات أسلوب تفكير سدنة الفكر الأصولي الآحادي، صحيح في ما يتعلق بالسياسة وفي المغرب تحديدا دون غيره لا يتردد الشيخ عن مديح أمير المؤمنين ومزايا الديموقراطية واختيار الشعب أما حين يتعلق الأمر بالحديث عن مشروع المجتمع والرؤية  لقضايا مثل وضع المرأة ونظام التعليم والهوية والموقف من الإبداع والفكر المختلف ففي هذا الباب يبدو أن الجميع يتشاطرون رؤية واحدة تتباعد فيها الفروق بين المتطرف والمعتدل.   (المصدر: جريدة الصباح (يومية – تونس) بتاريخ 10 اوت 2008) 


كان الشاعر محمود درويش ما سوف يكون

 

زهير الخويلدي ” من يكب حكايته يرث أرض الكلام ويملك المعنى تماما ”                                                    محمود درويش[1] كتب الناقد توفيق بكار عن الشاعر الفلسطيني محمود درويش الذي رحل يوم 09-08-2008 عن سن تناهز السبع والستين ما يلي:”اسمان في الشعر مترادفان درويش وفلسطين وصورتان توأمان من حقيقة واحدة ان حدثك عن نفسه فعن أرضه يحكي وان قصها لك فقصته يروي أولها العشق وللعشق كان في التيه الموت والفداء ومع كل شهيد تنبعث الحياة من الدماء ويتجدد الهوى”[2]. ولم يترك لنا هول الفاجعة وحجم المصيبة الوقت الكافي والتركيز الضروري لتقييم سيرة ذاتية مليئة بالكفاح والتحزب والتمرد والهجرة والانشداد إلى الأصول والتعلق بأرض المولد والحافلة بالشعر والسياسة والنقد والمداهمة بالمؤامرات والمكائد والتراجعات والاستقالات مثل سيرة ابن مدينة عكا  شاعر فلسطين الأبرز وحامل هم القضية لأكثر من أربعين سنة بين دفاتر أشعاره ولكن حبنا الكبير له واحترامنا وتقديرنا لما أثثه من جدل داخل الفضاءات الثقافية العربية ولما حفزه من همم وسواعد يجعلنا نقبل على التعزية والتعبير عن الحزن والأسى لفقدان العرب هذا الهرم الشعري دون تردد. ارتبط اسم درويش بأسماء شعراء فلسطينيين كبار مثل معين بسيسو وسميح القاسم وأحمد مطر وبالمطرب اللبناني الملتزم مارسيل خليفة الذي حول جزء كبير من قصائده إلى ألحان وأغاني رائعة وتمركزت تجربته الشعرية حول مجلة الكرمل التي تخصصت في شعر المقاومة والأدب الملتزم ولعل أول ما نتذكر من درويش عروبته وآخر ما يتكلم فيه قبل أن يسلم نفسه إلى المنام هي عروبته وآيتنا في ذلك نصه بطاقة هوية الذي سجل فيه سجيته ودون بواسطته ثورته: سجل أنا عربي ولون الشعر…فحمي ولون العين..بني وميزاتي على رأسي عقال فوق كوفية وكفي صلبة كالصخر تخمش من يلامسها وعنواني: أنا من قرية عزلاء..منسيه شوارعها بلا أسماء وكل رجالها..في الحقل والمحجر فهل تغضب؟ ما خطب درويش يرحل في عز النهار دون أن يستأذن ودون أن يترك وصيته، ما دره يستسلم للمرض وهو الذي قهر الحصار وتغلب على العار وضرب في الكون شرقا وغربا وينتصر على الروح الثقيل، ما باله يغادر أسطورة قداسه ويدفن قلمه وكراسه،ألم تسرق منه لحظة الميلاد كما حدثنا في بطاقة هويته ولبس ثوب العيش دون أن يستشر في قصيدته جواز السفر فلماذا يسرق هو مرة ثانية ويخطفها التيار الهابط نحو الليس ويطبق عليه الدهر حد الغياب، ربما يكون الوجود هو الذي صرف عنه منحة العمر وعجل بنفائسه إلى خارج هذه الزمانية الرديئة. هوية درويش العربية وانتمائه للشرق لا يتناقض مع إيمانه بالحداثة والقيم الكونية الإنسانية فهو فلسطيني إلى حد النخاع ولكنه أممي يؤمن بالطبقة العاملة والطفل والمرأة والكائن الحي دون تمييز لنراه ماذا ينشد حول هذا الموضوع: عار من الاسم، من الانتماء؟ في تربة ربيتها باليدين؟ أيوب صاح اليوم ملء السماء: لا تجعلوني عبرة مرتين يا سادتي الأنبياء لا تسألوا الأشجار عن اسمها لا تسألوا الوديان عن أمها من جبهتي ينشق سيف الضياء ومن يدي ينبع ماء النهر كل قلوب الناس..جنسيتي فلتسقطوا عني جواز السفر سوف يظل درويش نبي الرفض الأكبر وفلاح الكتابة الأرضية بامتياز وزارع الليلك والأقحوان في قلوب المدافعين عن العرض انظروا ماذا يقول عن سمائه المحايثة للطين الذي يضع عليها قدميه: آه يا جرحي المكابر أنا لست بمسافر وطني ليس حقيبة والأرض هي الحبيبة  ألم يقولوا عنه انه شيوعي يساري وما قدروا أن ينكسوا أعلام قضيته الفلسطينية التي تزوجها والرايات الثورية التي رفعها عاليا من خلال القصائد وما استطاعوا أن يفصلوه عن محيطه العربي ويشككوا في هواه الشرقي وحب المتدينين البسطاء له ولأشعاره. أليس هو الذي أرخ للحياة داخل المخيمات وتحدث عن هوية الإنسان عندما تنحدر إلى مرتبة لاجئ، أليس هو الذي أرشف حصار بيروت يوم غطت ركام السحب الرمادية سماءها وسدت جحافل الغربان شرايينها وعروقها ومنعت الدماء من التدفق فيها، أليس هو الذي حلم بالدولة للفلسطيني ورفع غصن الزيتون تعبيرا عن تعانق الحق مع الحكمة والسلام مع العدل والمحبة مع الإنسان. انه شاعر البلاد والعباد ومطرب الأشجار والأحجار ألم يقم مرة ما باحثا عن ضلوع فقدها يوم التهجير والتقليع: بلادي البعيدة عني…كقلبي بلادي القريبة مني…كسجني لماذا أغني مكانا ووجهي مكانا؟ لماذا أغني؟ ذلك هو محمود درويش عصفور يناجي حبيبة يراها ولكن لا يستطيع أن يضمها إلى صدره، ذلك هو سرحان وأحمد الزعتر وعويس وكل الشخوص التي تزين رفوف أبياته عاشق من فلسطين وشاعر على الدوام ومدافع عن عروبته وقضيته باستمرار ومحب للإنسانية في كل مكان وباحثا عن معنى في كل كتاب، ذلك هو الشاعر الفلسطيني المنتج المبهج الناقد المرتجل المحاضر ملك الإلقاء وسيد الشاشة وعريس المسرح عملاق على الدوام.  نصيحة لمحبيه وقرائه لا تقولوا عنه كان بل قولوا سوف يكون. ما أروع ما كتب وما أتقنه عندما تفتحت قريحته الشعرية إعصارا وجوديا لا يبقي ولا يذر: لم يتغير أي شيء والأغاني شردتني شردتني ليس هذا زمني لا ليس هذا وطني لا ليس هذا بدني كان ما سوف يكون رحل عاشق فلسطين وعصفورها المغرد وبقيت الحبيبة تنتظر قدوم عشاقها وفرسان أحلامها وظل الفوز بقلبها رهين صيرورة الفارس العاشق أشعر العرب. المراجع: محمود درويش لماذا تركت الحصان وحيدا بيروت رياض الريس للكتب والنشر الطبعة الأولى 1995 محمود درويش، مختارات شعرية، تقديم توفيق بكار ، دار الجنوب للنشر تونس كاتب فلسفي [1]  محمود درويش لماذا تركت الحصان وحيدا بيروت رياض الريس للكتب والنشر الطبعة الأولى 1995ص 112 [2]  محمود درويش، مختارات شعرية، تقديم توفيق بكار ، دار الجنوب للنشر تونس،1985ص14  


دواعي الحرب الروسية – الجورجية في أوسيتيا الجنوبية

   

توفيق المديني اندلعت الحرب بين جورجيا وروسيا باشتعال شرارتها الأولى من خلال المعارك العنيفة التي دارت رحاها ليل الخميس/الجمعة 8 أغسطس الجاري، بين الجيش الجورجي وقوات الدفاع الذاتي في أوسيتيا الجنوبية التي أعلنت انفصالها عن جورجيا اثر انهيار الاتحاد السوفييتي، الأمر الذي لم تتقبله تبليسي. وقد أعلنت تبيليسي أن قواتها قداستعادت السيطرة على الإقليم إثر هجوم خاطف، مما أدى إلى تدخل فوري من موسكو التي دفعت أرتالاً من الدبابات في محاولة لاستعادة محميتها القوقازية. وأعلن رئيس أوسيتيا الجنوبية ادوارد كوكوني مقتل 1400 شخص من سكانها في الهجوم الجورجي. لقد تصاعدت وتيرة المواجهات العسكرية بين الطرفين لتصل إلى عاصمة الإقليم تسخينفالي حيث قصفت قوات جورجية تدعمها طائرات حربية قوات انفصالية بالقرب من عاصمة أوسيتيا الجنوبية، وذلك بعد ساعات من شن الجورجيين هجوماً على الإقليم الانفصالي، ما دفع سلاحي الجو والدبابات الروسيين، إلى التدخل لوقف الهجوم الجورجي على سكان أوسيتيا الجنوبية الذين يحمل معظمهم الجنسية الروسية، إضافة الى جنسيتهم الجورجية. وبالمقابل سارع الرئيس الجورجي ميخائيل ساكاشفيلي إلى إدانة غارات شنها الطيران الروسي على مواقع القوات الجورجية في الإقليم، مناشداً الحلفاء في الغرب التدخل لوقف ما سماه «الاعتداء الوحشي» الروسي على بلاده، ومعاقبة موسكو. في مقابلة مع شبكة «سي. أن. أن» التلفزيونية الأميركية، قال الرئيس الجورجي ميخائيل ساكاشفيلي إن «العالم أجمع سيواجه مشاكل» إذا لم تعاقب روسيا على هجومها العسكري على جورجيا. وأضاف ساكاشفيلي إن «روسيا تخوض حرباً ضدنا على أراضينا، ونحن في وضع دفاع عن النفس ضد جار كبير وقوي». وقارن دخول الدبابات الروسية الى جورجيا بدخول القوات السوفييتية الى أفغانستان العام 1979 ودخول قوات حلف وارسو الى تشيكوسلوفاكيا السابقة في العام 1968. يذكر انه من المعروف أن نقاط التوتر في هذه الجمهورية الانفصالية: أوسيتيا الجنوبية، بارزة للعيان، من جراء احتكاك قواتها يومياً بالقوات الجورجية، إضافة إلى الاستجوابات المتلاحقة التي يواجهها أي شخص في نقاط المراقبة الجورجية والأوسيتية الجنوبية عندما يغادر عاصمة أوسيتيا الجنوبية «تسخينفالي» الأمر الذي يزيد في مضاعفة وقوع الحوادث والانفجارات العسكرية، بسبب الأجواء العدائية القائمة بين الطرفين. وكانت أوسيتيا الجنوبية التي يقيم فيها سبعون ألف شخص، غالبيتهم من أصل روسي يتوقون إلى الالتحام مع إخوانهم في أوسيتيا الشمالية الملحقة بالاتحاد الروسي، وقد أعلنت من جانب واحد جمهورية مستقلة منذ خمس عشرة سنةٍ، ولم تتمكّن من الحصول على اعتراف «المجتمع الدولي»، إذ ظلت الدول الغربية، على العكس من ذلك، تتمسّك بضرورة العودة إلى وحدة الأراضي الجورجية. وتطمح أوسيتيا إلى الانضمام إلى الاتحاد الروسي إلى جانب أوسيتيا الشمالية.. وتدعم روسيا الانفصاليين الذين يسيطرون على المنطقة منذ اندلاع حرب هناك في أوائل التسعينات من القرن العشرين. وقد يتساءل المحللون الغربيون لماذا اندلعت الحرب الآن؟ من وجهة نظر الذين يطالبون باستقلال «أوسيتيا» الجنوبية عن جورجيا، ربما أرادوا استدراج الجورجيين إلى هذه الحرب ليسلطوا الضوء على قضيتهم، إسوة بإقليم كوسوفو الذي أعلن استقلاقه في بداية هذه السنة عن جمهورية صربيا. أما من جانب جورجيا، فإن المحللين يعتقدون أنها سواء كانت هي البادئة بالحرب أم المستدرجة إليها، فإن جورجيا تستند في «اللعب مع الدب الروسي» إلى تقدير أهميتها في حسابات الغرب، الولايات المتحدة، بعدما انخرطت بحماسة كلية في المشاريع الأميركية ،ولاسيما الحرب على الإرهاب، والحرب في العراق، حيث تشارك جورجيا بألفي جندي لتكون ثالث أكبر قوة هناك بعد الولايات المتحدة وبريطانيا. لكن هذه «الأهمية» قد تزعزعت مؤخرا عندما صد «حلف شمالي الاطلسي» (الناتو) جورجيا وحرمها حتى «خارطة طريق» إلى عضويته التي تراها صمام أمان لها في مواجهة روسيا. وكان ملفتا إعلان جورجيا نيتها سحب ألف من جنودها في العراق، ما يمكن تفسيره ضغطاً على الحليف الأميركي لدعمها، حسب ما أوردته (صحيفة الحياة بتاريخ 9/8/2008). وكانت روسيا ولا تزال، متخوفة تجاه توسع الحلف الأطلسي شرقا، وعلى الحدود المتاخمة لروسيا. وأكثر من أي وقت سبق، يزداد القلق الروسي من توسع الحلف الأطلسي، المنظور إليه كمحاولة لتطبيق استراتيجية التطويق والمحاصرة. فقد قال الرئيس السابق بوتين في اجتماع مجلس روسيا/الأطلسي الذي عقد في 4 أبريل الماضي : «إن ظهور كتلة عسكرية قوية على حدودنا حيث أن عملياتها تحددها المادة الخامسة من معاهدة واشنطن لعام 1949 حول التضامن الدفاعي بين الدول الأعضاء، يشكل تهديداً لأمننا القومي». وقد طبقت الولايات المتحدة الأميركية هذه المادة في حرب أفغانستان التي شكلت إذلالاً حقيقيا لـ«الحلفاء الأطلسيين». وعلى الرغم من فشل قمة حلف الأطلسي التي عقدت في العاصمة الرومانية بوخارست في الربيع الماضي، في تأييد الإلحاح الأميركي بالتجهيز لانضمام جورجيا إلى الحلف الأطلسي، ستستمر أميركا في دعوتها لضمان تمدد التحالف الأطلسي إلى حدود روسيا ذاتها. وتعترض روسيا الآن حين يدعو الرئيس الأميركي جورج بوش إلى تمهيد الطريق لضم جورجيا وأوكرانيا إلى هذا التحالف الذي أصبح أكبر حلف عسكري في التاريخ. فالأمر قد بات واضحاً بالنسبة إلى الكرملين. إنّ الخيار الأوكراني والجيورجي هو خيار نفوذ، وهو مناورة دبلوماسية لتطويق روسيا التي تعتبر أن الشقّ المركّز على الخطر الإيراني هو مجرّد ذريعة. إن وجود القوات العسكرية الأميركية في قلب الاتحاد السوفييتي السابق قد نزع الأهمية عن القرار الذي اتخذه حلف الأطلسي في قمة بوخاريست بتأجيل انضمام أوكرانيا وجيورجيا العضوين السابقين في حلف وارسو البائد. ولكن مع ظهور الأزمة في أوكرانيا وجورجيا، فقد اضطرّت روسيا إلى مواجهة الضغط مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في الوقت نفسه. هكذا أصبح الصراع الأميركي الروسي على جورجيا على أشده، لما تمثله هذه الجمهورية من أهمية استراتيجية، بوصفها نقطة الالتقاء بين حلف شمال الاطلسي وروسيا، فضلا عن عامل النفط، على الرغم من أن جورجيا لا تملك منه الكثير، لكنها تشكل طريقا لعبوره من حقول النفط الغنية لبحر قزوين إلى الأسواق الدولية. وقد عادت الصراعات الإثنية-المناطقية، التي انتشرت في البلاد منذ بداية التسعينيات، لتحتلّ من جديد الصفحات الأولى في الجرائد. وبعدما غابت مسألة الجمهوريات الانشقاقية، أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية، عن الجدال السياسي خلال الثورة، عادت مسألة وحدة الأراضي الجورجية ضمن الأولويّات فور انتهائها. ففي أيار/مايو 2004، نجحت أول محاولة لإعادة أدجاريا (أجارستان)_ وهي منطقة ساحلية غنيّة مطلّة على البحر الأسود بالقرب من الحدود التركية_ إلى حضن الدولة. وها هي جورجيا تكرر المحاولة عينها من خلال هذه الحرب مع روسيا لكي تضم أوسيتيا هذه الجمهورية الانفصالية إلى البلد الأم، مدعومة في ذلك من الغرب. و يرى المحللون أن الدعم الكبير الذي تقدمه روسيا للجمهوريتين الانفصاليتين في أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية، هو ناجم بالفعل من عملية تسريع انضمام جورجيا إلى الحلف الأطلسي، ودعوتها موسكو إلى المفاوضات لإغلاق القواعد العسكرية الروسية من باتومي (من منطقة أدجاري الجورجية) ومن «أخالكالاكي» (منطقة دجافاخيتي الجورجية)، مع ما مجموعه 2500 عسكري، وإخلائها إخلاءً تاماً في نهاية العام 2008. كاتب من تونس (المصدر: صحيفة أوان (يومية كويتية)بتاريخ 10 أوت 2008)  

حزب العدالة والتنمية.. والعلمانية

 

منير شفيق  أفلت حزب العدالة والتنمية التركي من أزمة كبيرة كادت تؤدي إلى حله وحظره، وحرمان العمود الفقري من قادته من العمل السياسي أو الانضمام إلى أي حزب سياسي لمدة تتراوح بين ثلاث وسبع سنوات. هذا الحرمان من العمل السياسي أو الانضمام إلى حزب آخر هو الإشكال الأكبر من الحل والحظر، لأن الأخير له جواب سريع ومباشر هو تشكيل حزب جديد باسم جديد، أو الانضمام إلى حزب قائم، ولهذا انصب البحث داخل حزب العدالة والتنمية على حلول في حالة صدور قرار يحرم قادته، لاسيما الطيب رجب أردوغان، من الانضمام إلى حزب آخر، فالقرار جاء بأفضل من كل التوقعات. أما من الجهة الأخرى، فإن حل حزب العدالة والتنمية وحرمان قادته من الالتفاف على القرار الذي طالب به المدعي العام كان سيدخل تركيا في أزمة أشد من أزمة الحزب، وكان يُخشى أن يؤدي إلى زعزعة اقتصادية وفوضى أمنية وسياسية. ولكن ذلك كله تم تجاوزه عندما اقتصر قرار المحكمة على توجيه إنذار للحزب، وحجب نصف المساعدة الحكومية عنه، بما أخرجه أقوى لو أجريت انتخابات جديدة، إذ دلت الاستطلاعات على أن التعاطف معه زاد بسبب التجني الذي وجهه المدعي العام إليه. والغريب أن التهمة الرئيسة التي كادت تودي بحزب العدالة وبعدد من قادته سياسياً، وهي الطعن في علمانيته واعتبار بعض من سياساته خارجة على العلمانية أو أنها تتضمن مشروعاً إسلامياً خفياً، لا يقتصر على المدعي العام ومن خلفه فقط، وإنما يشاركه فيها كثيرون من المتحمسين أو المؤيدين لحزب العدالة والتنمية من الإسلاميين والعلمانيين العرب، وربما على نطاق عالمي كذلك، خصوصاً المحافظين الجدد في الولايات المتحدة الأميركية وعلى رأسهم بول وولفوفيتز. وحتى بعد صدور قرار المحكمة وما جرى من دفاع مستميت من قبل حزب العدالة والتنمية لرفض التهمة والتأكيد مجدداً على علمانيته وولائه لعلمانية مصطفى أتاتورك، فقد ازداد إصرار أولئك الكثيرين على أنه حزب إسلامي، ويندرج ضمن إطار تيارات الإسلام السياسي (حسب المصطلح الشائع). حقاً إنه شيء عجيب يثير إشكالاً من الناحية المنهجية بالنسبة إلى كل من يرفض احترام موقف حزب العدالة والتنمية حين يؤكد على علمانيته وعلمانية مشروعه السياسي، ويعلن جهاراً نهاراً، ويثبت بالأفعال أنه تخلى تماماً عن مشروع حزب الرفاه الإسلامي الذي خرج عليه متبنياً مشروعاً علمانياً. طبعاً، قد تنقسم دوافع الذين يصرون على هذا العجب إلى ثلاثة اتجاهات: الأول الذي يمثله المحافظون الجدد حاملو المشروع الصهيوني الأشد تطرفاً، وذلك بقصد تعميم سياساته المتعلقة بالاعتراف بالكيان الصهيوني، والتحالف الاستراتيجي مع الغرب (الحلف الأطلسي) على الحركات الإسلامية، وذلك لتأخذ حزب العدالة والتنمية نموذجاً يقتدى للإسلام السياسي حين يدرج ضمن التيارات الإسلامية. والاتجاه الثاني يعبر عنه إسلاميون وعلمانيون يريدون التمهيد بصورة غير مباشرة للدخول في اللعبة السياسية ضمن النموذج الذي يمثله حزب العدالة والتنمية، وذلك حين يُعتبر حزباً إسلامياً وجزءاً من الحركة الإسلامية. أما القسم الثالث من الإسلاميين والعلمانيين العرب فيعجبهم ما حققه حزب العدالة من نجاح اقتصادي وتعميق للديمقراطية والحد من تغول الجيش على السلطة، ويضعون هذه الجوانب في الأولوية من حيث التحديات التي تواجه الأمة، ولهذا يخففون من مسائل الاعتراف بالكيان الصهيوني والتحالف مع الغرب والانخراط الإيجابي في العولمة، علماً أنهم متشددون في رفض تلك المسائل ويكافحون ضدها، وحجتهم أن حزب العدالة والتنمية مضطر بسبب الظروف الخاصة بتركيا إلى انتهاج تلك السياسات، ومن ثم فإن إدراجه ضمن إطار التيارات الإسلامية المعتدلة يخدم تلك التيارات من خلال إقامة الدليل القاطع على أن وصول الإسلام المعتدل إلى السلطة سيعزز الديمقراطية والحريات، ويحل الكثير من المشاكل الاقتصادية، وينتقل بالبلاد من حالة التخلف إلى التنمية والمنعة. على أن الحقيقة لا تستطيع أن تقف في وجهها أي تغيرات غير مطابقة. فما دام حزب العدالة لا يخادع أحداً في موضوع العلمانية أو في مشروعه السياسي، فإن كل محاولة لتلبيسه ما لا يلبس ستبوء بالفشل أو الخذلان، فحزب العدالة والتنمية جاد كل الجد في أفكاره الجديدة ومشروعه، ومن ثم يجب احترامه وعدم التعامل معه على أنه باطني يخفي غير ما يعلن، أو أنه يخادع حتى يتمكن، فهو ليس كذلك. الموقف الصحيح الذي سيصمد أمام اختبار التجربة هو التعامل معه، أولاً، باعتباره حزباً علمانياً تركياً لا يندرج في إطار التيارات الإسلامية، ومن ثم يجب أن يؤيد أو يعارض باعتباره كذلك، وبالموقف مما يطرح من سياسات. وثانياً، إن تديُّن أعضائه، أو حجاب نساء قادته، لا ينفيان علمانيته، فهو يفصل فصلاً حاسماً بين هذه الجوانب وعلمانيته. وثالثاً، إذا كان الإسلام أو التيارات الإسلامية ستستفيد من تعميق للديمقراطية وتوسيعها فذلك لا يعني أن فعله لخدمة هذا الهدف، وليس لأنه ديمقراطي وعلماني فحسب.   (المصدر: جريدة العرب (يومية – قطر) بتاريخ 10 أوت 2008)  

هذه الحالة الفلسطينية بين الإسلاميين وغير الإسلاميين

 

 
نوال السباعي (*)  هذه الحالة الفلسطينية التي يعيشها الفلسطينيون بين «فتح» و «حماس» تمثل أبلغ صور التعبير عن حال الأمة وما غرقت فيه من تشرذم وشقاق وانتكاس وارتكاس. لقد كانت فلسطين وما زالت وستبقى بكل ما يجري فيها، سياسيا واجتماعيا وإنسانيا، المسرح الذي يقدم صورة حقيقية صادقة عن أوضاع الأمة من المحيط إلى الخليج.. هذا العنف الإنساني الذي يبلغ حدّ الإجرام قسوةً، وهذه المبالغة في رفض الآخر والتي تبلغ حدّ إهدار الدم، وهذا العناد الخطير الذي بلغ حدّ تدمير كل المكاسب التي كان قد حققها الفلسطينيون جميعاً بدمائهم وأشلائهم وآلامهم ومعاناتهم وقهرهم وصمودهم مئة عام. «فتح» و «حماس» ليستا مجرد منظمتين فلسطينيتين مجاهدتين ضد الاحتلال الإسرائيلي، ولا حركتي كفاح مسلح وسياسي فقط، إنهما هيكلان سياسيان عسكريان اجتماعيان فكريان يمثلان التيارين الضخمين اللذين يسودان اليوم مختلف القطاعات في المنطقة العربية، وتصارُع حماس وفتح لا يخرج عن كونه الإرهاص الدقيق لما يمكن أن تسقط فيه المنطقة العربية كلها من حالة اقتتال داخلي بين «الإسلاميين بمختلف اتجاهاتهم» و «غير الإسلاميين على شتى مذاهبهم»، عندما يصل الطرفان إلى الجدار! ليس جدار العزل الإسرائيلي، ولكن جدار حماقاتنا الإنسانية المبالغة في الصفاقة الأخلاقية السياسية التي ترفض تماما لغة الحوار! ولا ترفضها فحسب، بل الأدهى هو العجز عن التعامل أصلاً مع آليات الحوار! لا يمكننا على ضوء المتغيرات الكثيرة المتلاحقة التي تشهدها المنطقة العربية اليوم في المجالين الفكري والاجتماعي، على هامش تكثيف الغزو العسكري والثقافي الذي اكتنف الأمة تحت عنوان «مكافحة الإرهاب»، لا يمكننا الحديث عن استمرار «المشروع القومي» الذي تمتّع بزخم إنساني وفكري هائل منذ نكسة يونيو، لأن القناعات القومية انهارت جملة وتفصيلاً تحت زلزلة الواقع، بدءا بغزو الكويت وانتهاء بالمفاوضات السورية- الإسرائيلية برعاية تركية اليوم. آيات جلية تتبع كل واحدة منها الأخرى ولا تضل عنها، حلقات متصلة من الهزائم الفكرية والعقيدية، والفضائح التي مُنيت بها «التجليات» السياسية والإنسانية للفكر القومي في المنطقة، خاصة ما تعلق بالفشل السياسي للمشروع القومي الذي لم يستطع أن يوفر للإنسان في المنطقة العربية الحرية ولا الكرامة ولا الأمن، كما لم يستطع أن يقدم «للقضية» إلا سلسلة من الخيانات والانبطاحات وبشكل مدوٍّ فضح تلك الغربة الموهومة بين الأنظمة والشعوب! لم تكن الأنظمة التي قامت تحت شعارات لامعة «قومية»، واستخدمت أقبح أنواع القمع الدموي مع شعوبها إلا الإفرازات الطبيعية لطبيعة العلاقات الإنسانية بين أفراد تلك المجتمعات، ولم يكن استبدادها بشعوبها إلا المرآة الصادقة التي تعكس الحالة الإنسانية المزرية التي تعيشها هذه الشعوب. انهيار الفكر القومي في المنطقة العربية لا يتمثل في انهيار مصداقية الأنظمة التي ركبت موجة «القضية» تحت شعارات القومية لخدمة أهداف شخصية وطائفية، كما لم يتم تحت وطأة استيقاظ نعرات مختلف القوميات والأعراق والطوائف بدعم من الغرب و «غباء» من أبنائها فحسب، ولكنه كان عن طريق التآكل الذاتي لمشروعٍ استخدم السلاح والإعلام لفرض فكرٍ لم يكن له أن يستمر في منطقة محكومة بظروف تاريخية استثنائية لم يأخذها أصحاب الفكر القومي «العربي» بعين الاعتبار يوم استنسخوا هذا الفكر من الأحزاب القومية الأوروبية، ولا يوم استخدموا جميع وسائل الاستئصال الوحشي مع «الآخر» من بني جلدتهم. أما «المشروع» الإسلامي فقد بعث بقوة من جديد على أصوات الثكالى والأيامى والأطفال المغتصبين بأيدي الصرب في «البوسنة والهرسك». وقد منحته انتصارات «المجاهدين» -في حينه- في أفغانستان الرئة اللازمة ليتنفس من خلالها. وبعد خمسين عاما من الصراع الدموي مع الحكومات «القومية» في المنطقة، تمثل في صحوة عامة شملت الأمة كلها رغم كل وسائل الصدّ الإجرامي التي استعملها أصحاب «الكراسي» للقضاء عليه وبكل وسيلة ممكنة -قبل الصحوة وبعدها- ولكنهم ورغم القضاء على أجيال كاملة من القيادات الفكرية والسياسية الإسلامية لم يستطيعوا القضاء على هذا الفكر ولا هذا «المشروع» الذي أخطأ خطأً تاريخياً لا يُغتفر في توجهه مباشرة نحو «كراسي الحكم»، في محاولة فاشلة للانتقام للظلم التاريخي الذي لحق بأصحابه، وفي محاولة يائسة لفرض هذا «المشروع» على المواطنين أولا، وعلى العالم ثانيا بالقوة! نتيجة فهم أخرق للإنسان والمنطقة والتاريخ والإسلام نفسه! لقد استخدم الإسلاميون قوة إيمان شعوب المنطقة العربية في مواجهة قوة السلاح المخابراتي الطاغي ضدهم، واستخدموا كل الأساليب التي وفَّرها العصر، بدءاً بشريط الكاسيت وانتهاء بالإنترنت، لنشر فكرهم و «مشروعهم» الذي لا يمكن أن نطلق عليه في المنطقة العربية كلمة «مشروع» إلا تجاوزاً! واستطاعت هذه الوسائل البسيطة أن تكون أكثر ثباتا من وسائل «القوميين» في الحكم، وهي السلاح والإعلام والتعليم. لكن الإسلاميين كالقوميين لم يخرجوا عن كونهم أبناء هذه المنطقة التي يُعتبر فيها الحوار عاراً والعنف طريقة حياة! قاموا بمخالفة كل قوانين الطبيعة البشرية والاجتماعية بمحاولاتهم المتتالية الفاشلة للوصول إلى الحكم بدلاً من الوصول إلى عقول الناس الذين كانوا يتشوقون إلى مشروع يرد القضية الفلسطينية إلى محضنها الأساس، فانتشرت الصحوة الإسلامية بشكل أفقي بالغ الخطورة، لأنها افتقرت إلى «مشروع» سياسي فكري اجتماعي إنساني واضح، وكانت ومازالت تفتقر إلى القيادات التاريخية الفاعلة. ولادة الانتفاضة الفلسطينية الأخيرة بين القرنين، ضمن إرهاصات هذه الصحوة الإسلامية التي عمّت العالم، كانت علامة تاريخية فارقة في تاريخ «المشروعين» الإسلامي والقومي في المنطقة العربية، واللذين وجد العقلاء من كليهما أنه لا حلّ لهما وبهما ومعهما إلا بالتزاوج والتلاقح والتفاهم والحوار. وقد وُلدت منتديات لا همّ لها إلا الجمع بين التيارين، إلا أن القوى السياسية والإعلامية لم تقُم بالترويج اللازم لهذا «المشروع» الوليد الوحيد القادر اليوم على انتشال المنطقة من هذا السقوط «الرنان» الذي تعانيه، والذي لا يختلف فيه ولا عليه اثنان من أصحاب الفكر والرأي، الأمر الذي جعل الشارع العربي يعيش حالة من الضياع والتخبط، والأخطر من ذلك أنه ما زال يعيش زخم الإعلام القومي بشقي أطروحاته: المهمة منها والسخيفة، إضافة إلى قطاعات واسعة من الجماهير التي تبنت ظاهر ما يدعو إليه «المشروع» الإسلامي المعاصر الذي وصل إعلاميا وفكريا اليوم إلى آخر طريقه. ولا يجب أن ننسى الشباب من الذين انساقوا وراء فكر «القاعدة» الجهادي قبل أن ينحرف هذا الفكر ليتمثل في أفعال إجرامية تخبط خبط عشواء في سفك الدماء، وما ترتب على هذا الانحراف من ضياع للرؤية لدى شرائح لا يستهان بها من الشبيبة في المنطقة، ومن الجاليات المسلمة المقيمة في الغرب. إن ما تمخض عن هذا المشهد لا يمكن أن يتمثل بشكله الأوضح و «الأكمل» بمثل ما تمخضت عنه الحالة الفلسطينية التي نشهدها اليوم: اقتتال الإخوة وسفك دمائهم فيما بينهم، وداحس والغبراء التي استيقظت فينا بعد انقضاء ألف وخمسمئة عام على اندحارها، العجز عن الحوار واستيعاب الآخر، استحالة الاعتراف بالخطأ، والفشل في أضعف الإيمان وهو هنا الانسحاب والاستقالة والاعتزال! إن الشيخ الشهيد «أحمد ياسين» لم تقتله تلك الأباتشية أميركية الصنع في ذلك الفجر بصاروخ إسرائيلي، ولكن قتله أهله وأتباعه من «فتح» و «حماس» وهم يذبحون ويعذبون بعضهم بعضاً، حرصاً على كراسي حكم محاصرة تحت حراب عدو مستوطن! تركهما يقتتلان من أجل سلطة وهمية، وجلس يتنفس الصعداء وهو يقدم المساعدات الإنسانية لضحاياهما على مذبح حماقتهما التي ستدخل التاريخ على أنها الحماقة منقطعة النظير التي أودت بمصداقية أكثر القضايا المصيرية مصداقية في العالم.   (*) كاتبة عربية مقيمة بإسبانيا   (المصدر: جريدة العرب (يومية – قطر) بتاريخ 10 أوت 2008)

رحيل سولجينتسين ..أسطورة المواجهة
د. أحمد الخميسي   العالم يودع ضمير أمة   على صدر صفحتها الأولى كتبت كمسمولسكايا برافدا الروسية – الاثنين 4 أغسطس – تحت عنوان ” ألكسندر سولجينتسين يفارق الحياة ” تقول : ” في ليل الثالث من أغسطس توفي الكاتب الروسي الكبير الحائز على جائزة نوبل ألكسندر سولجينتسين وحلت الوفاة في الساعة الحادية عشرة وخمس وأربعين دقيقة حسب تصريح ” ستيبان ” ابن الكاتب بسبب أزمة قلبية ، ولم يكن يفصل الكاتب الكبير عن بلوغه التسعين سوى عدة أسابيع ، وكان الكاتب الكبير يعاني من المرض في الفترة الأخيرة ، وفي أبريل من هذا العام صرحت زوجته ناتاليا ديمتريفنا للصحفيين بقولها إن الكاتب يعاني من مشاكل حادة في العمود الفقري بسبب نقص إحدى الفقرات مما جعله عاجزا عن السير والحركة ، وإن لم يمنعه ذلك من مواصلة حياته وإبداعه الأدبي “. وكان ناشره يعمل مع زوجته على إعداد ” الأعمال المختارة ” للكاتب لطبعها في ثلاثين جزءا . وقد توجه الرئيس الروسي ديمتري ميدفييف ببرقية عزاء لأسرة الكاتب ، وكذلك عدد من رؤوساء الدول الأخرى ، وأرسل الرئيس الروسي السابق فلاديمير بوتين برقية تعزية إلى نجل الاديب الكبير وأرملته جاء فيها : ” إن  الشعب الروسي كله ، ونحن الذين عاصرناه نشعر بالفخر لأن سولجينسين كان إبنا لشعبنا ، وسنظل نذكره باعتباره إنسانا قويا وجريئا ينطوي في داخله على الشعور الهائل بكرامة الإنسان ، أما إبداعه الأدبي ، وحياته ، فستظل مثالا حيا لنا على التفاني في الدفاع بنزاهة وشرف عن قيم الحرية والإنسانية ” . كما نقلت وكالة أنباء ” انترفاكس ” عن الرئيس الأسبق ميخائيل جورباتشوف قوله إن سولجينتسين ” كان واحدا من قلة من الناس الذين تحدثوا بقوة عن فظائع نظام ستالين وعن الشعب الذي عاني من غير أن ينكسر ” . وكتبت صحيفة ” ليتراتورنايا جازيتا ” أكبر الصحف الأدبية الروسية تنعي الكاتب الكبير مستعرضة تاريخ حياته وأثر أعماله الأدبية تحت عنوان ” مؤلف أرخبيل جولاج لم يتم التسعين عاما ” . وصرح دامير عزاتولين نائب رئيس مجلس المفتيين الروس بقوله : ” كان المسلمون في روسيا يعتبرون الكسندر سولجينتسين وسيعتبرونه إنسانا عظيما دافع عن كرامته في أصعب الظروف ، وأعطى مثالا لضرورة أن يبقى الإنسان إنسانا مكافحا من أجل حقوقه ، وسوف نتذكر الكاتب العظيم دائما بأطيب الكلمات ” . وكتبت صحيفة ” صباح روسيا ” تحت عنوان ” روسيا تفقد ضمير الأمة ” تقول : ” فقدت روسيا إنسان هذا العصر ، الكاتب ، والمؤرخ ، والشاعر، ألكسندر سولجينتسين ” وكتبت الصحف الروسية كلها تنعي الكاتب الكبير . وتلقت أسرة الكاتب الراحل برقية من الرئيس الفرنسي ساركوزي جاء فيها : ” إن  سولجينتسين أحد أعظم مفكري روسيا في القرن العشرين .. وسيدخل التاريخ بصفته الكاتب الذي واصل طريق دوستيوفسكي ” ونوه ساركوزي بدور سولجينسين الاجتماعي في المرحلة السوفيتية قائلا إنه كان ” تجسيدا لكل حركة المعارضة ” ، كما تلقت أسرته برقية عزاء من الرئيس الأمريكي جورج بوش ، وأصدر مجلس وزراء الاتحاد الأوروبي على لسان ممثله الأعلى للشئون الخارجية خافير سولانا بيانا أعرب فيه الاتحاد عن أسفه الشديد لرحيل الكاتب الروسي ، وجاء في البيان ” لقد فقدنا أحد أعظم كتاب أوروبا في القرن العشرين ، وسيظل التاريخ يذكره ككاتب أثر في مجرى التاريخ العالمي ” . ونشرت صحيفة التايمز نعيا كبيرا للكاتب الروسي واعتبرته ” ضمير أمة “، منوهة بأن إبداعه وكتبه هي التي ألهمت المعارضة السوفيتية في صراعها ضد الشمولية، كما ألهمت الملايين من أبناء وطنه . وكتبت ” الأسوشيتد برس ” تقول إن إبداع سولجينتسين أيقظت في القراء الإيمان بأن جرأة وشجاعة إنسان واحد يمكنها أن تقف في مواجهة إمبراطورية شمولية كاملة . ونوهت ” ديلي تلجراف ” بأن سنوات غربة سولجينتسين الطويلة في الخارج لم تحوله إلي مواطن غربي ، كما أن عداءه للاتحاد السوفيتي لم يحوله إلي نصير مخلص للنظام الأمريكي ، ولهذا فإن وسائل الإعلام الأمريكية التي أطلقت على سولجينتسين لفترة طويلة صفة ” البطل – المنشق ” سرعان ما تراجعت عن ذلك واعتبرته ” ناكر للمعروف ومضجر ” .   سولجينتسين .. أسطورة المواجهة   رحل إذن عن عالمنا ألكسندر سولجينتسين ، الكاتب الروسي العظيم ، والفلاح البسيط الذي عاش حياة فقيرة وشاقة، وضرب خلالها مثالا نادرا للمدى غير المحدود للقوة الروحية التي يمكن لفرد أن يتمتع بها في مواجهة العالم . كان البحث عن الحقيقة والعدل همه الوحيد ، فاعتبره النظام السوفيتي ” عدوا ” ، واعتبرته الديمقراطية الروسية الجديدة ” مجرد وهم ” ، حين بحث عن الحقيقة ثم أعلن أنه لم يجدها لا في تلك ” الشيوعية ” ولا في هذه ” الرأسمالية والديمقراطية ” . وخلال رحلته الطويلة لم تستطع الدولة السوفيتية أن تحطمه ، ولم تتمكن الرأسمالية الروسية من أن تشتري قلمه ، وظل كما اعتبره الشعب الروسي ” ضمير أمة ” . كان سولجينتسين بلا شك آخر الكتاب الروس العظام ، الذين كان لكل منهم مشروعه الاجتماعي والإنساني لتغيير وجه العالم، وكان مشروع سولجينتسين الفكري يعتمد على إحياء القومية الروسية، وترسيخ النزعة السلافية ، على المسيحية، وعلى التطور العلمي والثقافي، على تقديس كرامة الإنسان، والحرية والعدالة. وعداء سولجينتسين للدولة السوفيتية أمر معروف، فقد اعتقل بسبب انتقاده لسياسة ستالين في خطابات إلي أحد الأصدقاء ، وفي معسكرات العمل عاين الكاتب الكبير قسوة وفظاعة الشمولية والاستبداد ، فقرر أن يكافح ضد النظام حتى النهاية، والأجدر أن نقول إنه قرر أن يكافح ضد كل ظلم يقع على شعبه حتى لو تقنع ذلك الظلم بالديمقراطية. وفي مرحلة ” ذوبان الثلوج ” عهد خروتشوف ، سمحت السلطات بنشر أول أعماله الروائية ” يوم من حياة إيفان دنيسوفيتش ” في مجلة ” نوفي مير ” عام 1962 ، وصرح الزعيم الروسي خروتشوف خلال لقاء له  بسولجينتسين في 12 أكتوبر 1962 بقوله : ” لقد قرأت رواية ” يوم في حياة إيفان دنيسوفيتش ” . نعم . وأعترف أنني في البداية كنت أقرأ بروح متحاملة على العمل .. لكن الرواية اجتذبتني بعد ذلك شيئا فشيئا .. وأعتبر أنها عمل قوي للغاية ، وهي لا تستدعي المشاعر الثقيلة مع أنها مليئة بالمرارة .. هي رواية تدعو للثقة بالحياة ومكتوبة حسب ظني من منطلق حزبي” . لكن مساحة الحرية الصغيرة سرعان ما توارت ، فلم ينشر بعدها سولجينتسين سوى أربع قصص ، وأغلق الباب من جديد أمامه . وعندما نشر الجزء الأول من روايته ” أرخبيل جولاج ” في باريس ، ثم منحه الغرب جائزة نوبل عام 1970 ، اعتبرت السلطة السوفيتية أن الجائزة جاءت في إطار الحرب الباردة ، وضاقت بالكاتب، وفي 7 يناير 1974 صرح الرئيس السوفيتي ليونيد بريجنيف في اجتماع للمكتب السياسي للحزب بقوله : ” صدر عمل جديد لألكسندر سولجينتسين بعنوان –  أرخبيل جولاج – ، وحتى الآن لم يقرأ أحد هذا الكتاب الجديد ، لكن محتواه معروف مسبقا . إنه هجاء فظ معاد للسوفيت .. ومن ثم فإن لدينا كل المسوغات الكافية لنضع سولجينتسين في السجن .. فقد تجرأ على تاريخنا السوفيتي وعلى السلطة السوفيتية .. لقد تمادى كثيرا هذا العنصر المعربد المسمى سولجينتسين .. ولم يعد يأبه بشيء .. وإني لأعتبر أنه من الضروري تكليف جهاز ” كي . جي . بي ” ونيابة الاتحاد السوفيتي بوضع سولجينتسين تحت طائلة القانون ” . وعلى الفور يتم القاء القبض على الكاتب في 12 فبراير 1974 وتوجه إليه تهمة ” خيانة الوطن” إليه ، ويتم نفيه إلي ألمانيا الغربية . وقد استقبله الغرب بترحاب بالغ ، فقد كانت أعماله مترجمة إلي كل اللغات الأوروبية ، وتوقع الغرب خاصة الأوساط الأمريكية أن يقابل سولجينتسين ذلك الاحتفاء بإحناء رأسه ، لكن الغرب ما لبث أن رأي في الأديب الكبير شخصية لا تهادن ، وفاجأ سولجينتسين الجميع عندما صرح في خطاب له في هارفارد عام 1978 بقوله : ” إن ديمقراطية التعددية الحزبية لا تصلح نموذجا بالحتم لكل البلدان”، وتعددت مثل تلك التصريحات التي كان سولجينتسين يعرب فيها عن أن التجربة الديمقراطية الغربية ليست مرضية ولا تمثل ما كان يتخيله من حرية . وقبل انهيار الاتحاد السوفيتي وزواله، أعاد الرئيس الأسبق جورباتشوف الاعتبار لسولجينتسين ، والجنسية ، ودعاه للرجوع إلي بلاده، فعاد عام 1994 ، برحلة طويلة منهكة بالقطار عبر قرى روسيا لكي يرى أحوال بلده وفلاحيها . واحتفلت الأوساط الرسمية الروسية كلها بمجيئه ، أي بوصول الكاتب الذي هزم الدولة السوفيتية على حد ما نشرته صحيفة إزفستيا ، أما صحيفة ” سيفودنيا ” فقد استقبلته بعنوان عريض ” إنه آخر المعلمين الذين أشعلت كلماتهم النار في قلب البشر ” . وتوقع الجميع من الكاتب الذي عرف بأنه خصم عنيد للدولة الشمولية أن يعلن تأييده للدولة الديمقراطية . لكن سولجينتسين تأنى طويلا ، ورفض أن يلتقي بالرئيس الروسي حينذاك بوريس يلتسين ، إلي أن ألم بأوضاع روسيا ، فأذهلته الحقائق الجديدة وفي مقدمتها أن هناك نحو أربعين مليون مواطن يعيشون تحت حافة الفقر . وكان من الممكن للكاتب العنيد أن يستظل بمواقفه الماضية وحدها ، فلا ينشغل بالحاضر ، وأن يتجمد في أسطورة معاداة النظام السوفيتي ، وأن يتكسب من تلك الأسطورة ، لكنه سرعان ما أعلن للصحف الروسية – موسكوفسكي نوفستي – عن موقفه من البريسترويكا والإصلاحات السياسية قائلا : ” إن عملية إنقاذ الدولة المنهارة في عهد جورباتشوف لم تتضمن سوى إسقاط لمفهوم الدولة ذاتها ” أما في عهد بوريس يلتسين فإن الإصلاحات على حد قوله لم تتجاوز : ” الفوضى ونهب ثروات روسيا بلا حدود ” . وعام 1996 قرر الرئيس يلتسين أن يمنحه أرفع وسام في الدولة ، فرفض الوسام معلنا أنه لا يستطيع قبول الأوسمة من ” سلطة قادت روسيا إلي الخراب ” . وأدهش العجوز العنيد الجميع في روسيا ، وكل من ظن أنه قادم لكي يتاجر بقصة نضال قديمة ضد الدولة ، فإذا به مازال يبحث عن الحقيقة والعدالة . ويعلن الكاتب الكبير رفضه لما يسمى إصلاحا سياسيا واقتصاديا في روسيا قائلا : ” إن نسبة الوفيات في روسيا فاقت منذ عام 1993 نسبة المواليد بنحو مليون نسمة تقريبا . ترى هل كنا نخسر مليون نسمة سنويا لو أننا اشتبكنا في حرب أهلية ؟ . إن روسيا الجديدة لم تطرح نفسها كوطن لشعبها ” . وهكذا سرعان ما يخبو الاهتمام الرسمي بالكاتب الكبير ، كما خبا الاهتمام به من قبل داخل أمريكا . ويدلي الكاتب بحديث في يونيو 2006 إلي صحيفة ” موسكوفسكي نوفستي ” يثير غضب الغرب ، فيقول إن حلف الناتو ” ينمي بشكل حثيث قواه العسكرية في شرق أوروبا ، ويفتح في الجنوب الطريق للثورات الملونة ، ويمد اهتماماته إلي وسط آسيا ، كل ذلك بهدف محاصرة روسيا . ولا يدع كل هذا مجالا للشك في أنهم يعدون لحصار روسيا بالكامل ، لكي يسلبوها سيادتها ” . ويهاجمه الديمقراطيون الروس الجدد ، وتكتب فاليريا نودوفورسكايا أن موقف الكاتب ” خيانة .. وعودة للنغمة السوفيتية القديمة ” ! . وهكذا يجد سولجينتسين نفسه متهما بما عاش طيلة حياته يحاربه ، أي بأنه سوفيتي ! وذلك لمجرد دفاعه عن استقلال روسيا في مواجهة الحصار الأمريكي لبلاده . وشيئا فشيئا يتم عزل سولجينتسين داخل روسيا ، خاصة بعد أن أصدر كتابه ” مائتي عام معا ” الذي يناقش فيه العلاقات بين الروس واليهود، فيثير ضده الأوساط الصهيونية التي تعتبر أنه يقدم الذرائع ” لمعاداة السامية ” ، وتصدر تلك الأوساط كتبا كاملة تفتري فيها على الكاتب الكبير وتختلق الحكايات القذرة عن أنه كان عميلا للأجهزة السوفيتية في محاولة لتحطيم أسطورة الكاتب ضمير أمته .  لقد نال سولجينسين شهرته لأنه كان أول من تجرأ وكتب عن المعتقلات السوفيتية ومعسكرات العمل الإجباري ووصف تلك السجون وطرق العقاب ومقاومة الإنسان لوطأة الدولة المرعبة ، وقدرته رغم ذلك كله على الانتصار . وستظل أعمال الكاتب الكبير علامة لا تمحى لأنها جزء حي من تاريخ الشعب الروسي ، الذي كان سولجينتسين أول من بادر إلي وصفه ، وستظل أعماله أيضا علامة حية على كاتب عظيم أدرك أن الكاتب لا يمكن أن يحيا بمعزل عن هموم وطنه ولا عن الأخطار التي تتهدده . وقد عاش ذلك الفلاح الروسي البسيط ، الذي لا يتكرر ، يحتضن تلك الهموم بطريقته التي لم تعجب أحدا ، ولم ترض أحدا ، بحيث أنه عاش غريبا منفيا داخل الشيوعية ، وغريبا منفيا داخل الرأسمالية ، لأنه لم يجد ما كان يبحث عنه ، لا هنا ، ولا هناك . ولعل سر ذلك الكاتب الكبير يكمن في العبارة التي أطلقها الشاعر الروسي نيكراسوف ذات يوم حين قال : ” لست ملزما بأن تكون شاعرا عظيما ، لكنك ملزم بأن تكون مواطنا عظيما ” . وقد كان مواطنا وأديبا عظميا ، ويحق لزوجته أن تقول عند رحيله : ” لقد عاش حياة صعبة ، ولكنها سعيدة ” .   حياة كاتب   لد ألكسندر إيساييفتش سولجينتسين في 11 ديسمبر 1918 في مدينة كيسليفود بالقوقاز، توفي والده – وكان فلاحا روسيا بسيطا – قبل مولده ، وعاش مع والدته في فقر مدقع ، ثم انتقل مع والدته وهو في السادسة إلي مدينة ” رستوف على الدون” وفيها أنهى الكاتب مدرسة متوسطة ، ظهر اهتمام سولجينتسين بالأدب في سنوات الدراسة حين بدأ يكتب الشعر . ثم التحق الكاتب بكلية الرياضيات والفيزياء بجامعة روستوف ، وفي التاسعة عشرة من عمره فكر في كتابة الرواية . وعام 1940 درس في بالانتساب الآدب والتاريخ في كلية الأدب التابعة لمعهد الفلسفة بموسكو ، ومع إندلاع الحرب العالمية الثانية 1942 تم استدعاء سولجينتسين للخدمة العسكرية ، وفي أغسطس 1943 حصل على وسام الحرب الوطنية من الدرجة الثانية ، وفي فبراير 1945 تم اعتقاله وهو برتبة نقيب بسبب تصريحات حادة أدلى بها ضد ستالين والقيادة السوفيتية في رسائل متبادلة بين وبينه نيكولاي فيكتيفيتش . وحكم عليه بثمانية أعوام سجن وفق المادة رقم ” 58 ” الشهيرة حينذاك . وقضى سولجينتسين فترة من الحكم في سيبيريا ثم نقل إلي ضواحي موسكو في قرية مارفينو بمعسكرات العمل الإجباري، وأخيرا قضى ثلاث سنوات من 1950 – 1953 في معسكرات عمل مماثلة بكازاخستان في ظروف قاسية. وعام 1953 يكتشف سولجينتسين أنه مصاب بسرطان في المعدة، وتجرى له عملية جراحية داخل المعسكرات ، وفي يوم خروجه من مستشفى المعسكر خطر له مشروع روايته الشهيرة التي كتبها فيما بعد ” جناح السرطان ” التي تصور انتصار الإنسان على الموت مستحضرا تجربته الخاصة وانتصاره على المرض العضال في ظروف شاقة . وكان المثقفون والقراء يتبادلون روايته ” جناح السرطان ” في السر ، مع روايته الثانية ” الدائرة الأولى ” ، وتولى البعض تهريب الروايتين خارج الاتحاد السوفيتي وهناك تم نشرهما ووجدتا صدى كبيرا في الغرب الذي تعرف بشكل أدبي على حقيقة معسكرات العمل السوفيتية . عام 1956 تم الإفراج عن سولجينتسين فانتقل إلي مقاطعة ” فلاديمير ” ، وخلال عامين من إقامته فيها قام بتدريس الرياضيات والفيزياء في مدرسة القرية ، وعاش في منزل بسيط لفلاحة كتب عنها فيما بعد قصة بعنوان ” بيت  ماترينا “، ثم عمل في ” ريازان ” – على بعد مائتي كيلومترا من موسكو – بالتدريس فترة واصل خلالها الكتابة الأدبية . وكانت تلك مرحلة ذوبان الثلوج التي أعقبت وفاة ستالين عام 1953 وصعود قيادة جديدة بزعامة نيكتا خروتشوف إلي الحكم والإعلان عن مرحلة ” ذوبان الثلوج ” ، وفي تلك الفترة ، وتحديدا عام 1962 سمح خروتشوف بنشر رواية سولجينتسين ” يوم من حياة إيفان دنيسوفيتش ” في مجلة ” نوفي مير ” الأدبية فظهرت على صفحاتها ، ونشرت بالفعل في نوفمبر من ذلك العام ، وهي رواية تصور كفاح نجار روسي بسيط من أجل البقاء على قيد الحياة في معسكر للعمل الإجباري أرسل إليه في أواخر الحرب العالمية الثانية ، وتحول اسم ” ألكسندر سولجينتسين ” إلي علم ، وسارعت دور النشر الغربية بترجمة الرواية ونشرها على أوسع نطاق ، وأصبح سولجينتسين أحد أشهر الكتاب الروس في الغرب . وأحدثت الرواية أثرا يشبه الانقلاب الأدبي والفكري في حياة الاتحاد السوفيتي ، وأصبحت رسائل القراء والمعتقلين السابقين في تلك المعسكرات وتجاربهم أساسا وأرشيفا اعتمد عليه  سولجينسين لاحقا عند كتابته روايته الشهيرة ” ارخبيل جولاج ” التي اعتبرها النقاد عملا روائيا تاريخيا يرصد عمليات الاضطهاد والتنكيل السوفيتية مابين 1918 حتى 1956 . في السنوات اللاحقة لم ينشر سولجينسين سوى أربع قصص، ومنعت أعماله بما فيها ” يوم من حياة إيفان دنيسوفيتش ” التي سبق نشرها . وظل سولجينسين بدأب وصبر ، وفي السر ، يكتب تلك الرواية نحو تسعة أعوام كاملة ما بين 1958 – حتى 1967 . في عام 1969 قام اتحاد الكتاب السوفيت بطرد ألكسندر سولجينسين من عضويته ، وبعدها بعام واحد، سنة 1970 ، يمنح الغرب جائزة نوبل في الأدب لسولجينسين نظير : ” القوة الأخلاقية التي يواصل بها تقاليد الأدب الروسي ” كما جاء في حيثيات الجائزة . لكن سولجينتسين يرفض السفر إلي ستوكهولم لاستلام الجائزة ، خشية ألا يتمكن من الرجوع إلي بلاده عهد الرئيس ليونيد بريجنيف الذي عرف بعهد الركود . واعتبرت السلطات السوفيتية أن منح سولجينسين جائزة نوبل عمل سياسي عدائي . ولم يستطع سولجينسين أن يحصل على القيمة المالية للجائزة إلا بعد نحو خمس سنوات من حصوله عليها . وفي 12 فبراير 1974 تلقى السلطات السوفيتية القبض على الكاتب على الكاتب الكبير وتوجه إليه تهمة ” خيانة الوطن” إليه ، ويتم بعدها بليلة نفيه إلي ألمانيا الغربية . وفي الخارج قرر الكاتب أول الأمر أن يعيش في ” زيورخ ” بسويسرا ، ثم رحل إلي باريس التي صدر فيها الجزء الأول من روايته ” أرخبيل جولاج ” عام 1973 ، ثم شد رحاله إلي أمريكا حيث استقر فيها . وكما فتح صعود زعامة خروتشوف الجديدة في حينه الباب لنشر أعمال سولجينتسين، فإن صعود قيادة جاربتشوف الجديدة ، وسياسة البريسترويكا ، فتحت الباب لإعادة نشر أعماله في الاتحاد السوفيتي عام 1989 ، وفي أغسطس عام 1990 أعيد الاعتبار لسولجينتسين وأعيدت إليه الجنسية التي أسقطت عنه ، وفي سبتمبر من العام ذاته نشر سولجينتسين كتابه الشهير ” كيف نعيد بناء روسيا ؟ ” فطبع منه سبع وعشرون مليون نسخة داخل الاتحاد السوفيتي، وهو رقم لم يصل إليه أي عمل لآي كاتب من قبل . وفي مايو 1994 عاد الكاتب إلي وطنه برحلة طويلة في القطار مر عبرها بقرى بلاده كلها . واستقبله الشعب الروسي ووسائل الإعلام بترحاب وضجة وبإجماع على أنه ” ضمير روسيا الحي ” ، لكنه خلافا لما كانوا يتوقعونه منه أخذ ينتقد الإصلاح الروسي على الطريقة الأمريكية وقال إن الشيوعيين على مدى سبعين عاما لم يفعلوا بروسيا ما ارتكبه في حقها الديمقراطيون الجدد. عام 1997 أنشأ جائزة أدبية باسمه  تمنح لكل : ” عمل أدبي تتوفر له المقدرة الفنية الراقية ، ويساعد في الوعي بروسيا ، ويسهم بقسط كبير في تطوير الأدب الروسي والحفاظ على تقاليده ” . وفي عام 1998 منحه الرئيس الروسي الأسبق بوريس يلتسين أرفع وسام روسي ، فرفضه قائلا ” لا يسعني أن أتقبل وساما من السلطة التي قادت روسيا إلي الخراب الحالي ” . وسرعان ما خفت اهتمام السلطات والإعلام بالكاتب الكبير حتى أن أعياد ميلاده في السنوات الأخيرة كانت تمر دون احتفال أو إشارة إليها . وضرب الكاتب على نفسه نطاقا من العزلة في بيت بضواحي موسكو، عاش فيه كما عاش في ” فيرمونت” الأمريكية،  خلف أسوار عالية بعيدا عن الأضواء ، لا يغادر مكانه .    *** أحمد الخميسي . كاتب مصري Ahmad_alkhamisi@yahoo.com\

 

Home – Accueil الرئيسي

Lire aussi ces articles

12 septembre 2006

Home – Accueil – الرئيسية TUNISNEWS 7 ème année, N° 2304 du 12.09.2006  archives : www.tunisnews.net   AFP: Six Tunisiens volent

En savoir plus +

10 août 2008

Home – Accueil . TUNISNEWS 8 ème année, N° 3001 du 10.08.2008  archives : www.tunisnews.net   Tunisia Watch:31e Congrès de l’Union

En savoir plus +

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.