السبت، 9 أغسطس 2008

TUNISNEWS
8 ème année, N°3000 du 09.08.2008
 archives : www.tunisnews.net 

 

Vérité-actionوالجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين:حملة  إنقاذ حياة « مساجين العشريتين  » :  ( اليوم السادس عشر)

   حــرية و إنـصاف :اعتقال فتاة متدينة بسبب دخولها إلى مواقع محجوبة على شبكة الانترنت

ايلاف : الحقوقي التونسي زهير مخلوف لإيلاف: العمل الحقوقي يعيش حالة من الانحسار

الاتحاد العام التونسي للشغل الجامعة العامة للتعليم العالي والبحث العلمي حتّى لا يكون العلم مطية للتطبيع

مهاجر محمد:   تفاعلا مع أستاذنا الكبيرعبد المجيد النجار

د.خــالد الطــراولي: إخوتي الأعـزاء…شكــرا.

البديـل عاجل: الحركة الاجتماعيّة أقوى من الاستئصال

البديـل عاجل: بعد منع زيارة المحامين طيلة ثلاثة أيام: عائلتا الحاجي والعبيدي تعبّران عن خشيتهما من حصول مكروه

البديـل عاجل: على هامش محاكمة زكيّة الضيفاوي ورفقائها: إذا لم تستح فافعل ما شئت

موقع كلمة :العـــــــــــــرس

موقع كلمة :ما ضاق به الفضاء من أخبار المحاماة والقضاء (4)

موقع كلمة :ما كشفته الجدران المهدّمة

موقع كلمة :جمعيّات وهميّة

موقع كلمة :حرس حاجب العيون يتسبب في مقتل شاب وينكر الجريمة

رويترز: ارتفاع التضخم في تونس الى 5.2 بالمئة في يوليو

قدس برس :فنان تونسي تائب يعود للفن عبر الغناء الملتزم مع الفنان العالمي سامي يوسف

الصباح: خصوصيات القطار السريع الجديد والصفقات التي تم إبرامها لمقتنيات القطارات

الصباح : بين الكاف وتاجروين: على الطريقة الهوليودية.. استولوا على سيارة رجل أعمال بها مليار ونصف المليار أورو

توفيق المديني :دلالات ترشيح الرئيس بن علي لولاية خامسة

مصطفى عبدالله ونيسي:   زيارة مصرية وحديث عن التجربة التونسية في يومية الأهرام.

توفيق المديني : طبيعة العلاقة بين إسرائيل وأمريكا (الدور الوظيفي)

فهمي هويدي: رسل وليسوا حكاما

(Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe Windows (

(To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows)


أسماء السادة المساجين السياسيين من حركة النهضة الذين تتواصل معاناتهم ومآسي عائلاتهم وأقربهم منذ ما يقارب العشرين عاما بدون انقطاع. نسأل الله لهم  وللمئات من الشبان الذين تتواصل حملات إيقافهم منذ أكثر العامين الماضيين فرجا قريبا عاجلا- آمين 

 

21- هشام بنور

22- منير غيث

23- بشير رمضان

24- فتحي العلج 

 

16- وحيد السرايري

17-  بوراوي مخلوف

18- وصفي الزغلامي

19- عبدالباسط الصليعي

20- الصادق العكاري

11-  كمال الغضبان

12- منير الحناشي

13- بشير اللواتي

14-  محمد نجيب اللواتي

15- الشاذلي النقاش

6- منذر البجاوي

7- الياس بن رمضان

8- عبد النبي بن رابح

9- الهادي الغالي

10- حسين الغضبان

1- الصادق شورو

2- ابراهيم الدريدي

3- رضا البوكادي

4-نورالدين العرباوي

5- الكريم بعلوش


أطلقوا  سراح جميع المساجين السياسيين “   “الحرية للصحفي المنفي في وطنه عبدالله الزواري“ الجمعية الدولية  لمساندة المساجين السياسيين 43 نهج الجزيرة تونس aispptunisie@yahoo.fr e-mail: Vérité-action Case postale 1569 CH – 1701  Fribourg, Suisse   Tél: ++41 79 703 26 11  Fax: ++41 21 625 77 20   info@verite-action.org:  e-mail                                           تونس في  09 أوت 2008                                             

حملة  إنقاذ حياة « مساجين العشريتين  » :                          من أجل وضع حد لسياسة الموت البطيء..!                                                                       ( اليوم السادس عشر)

                                                  

 يقضي سجناء سياسيون تونسيون عقوبات قاسية بالسجن منذ ما يقارب العشرين سنة على خلفية أنشطتهم السياسية و قناعاتهم الفكرية ، و قد أجمعت كل المنظمات الحقوقية الوطنية و الدولية المستقلة على أنهم لم يتمتعوا بمحاكمات عادلة و أن الملفات التي اعتمدت لإدانتهم شابها التزوير و انبنت على اعترافات منتزعة تحت وطأة التعذيب الشديد ، كما أصدرت هيئة الدفاع عنهم  تقريرا مفصلا يعدد الخروقات المرتكبة و يؤكد الطابع السياسي للأحكام و بطلان الإدعاء الرسمي لتورط بعض المتهمين في التخطيط للعنف أو التورط في ارتكابه . و قد ترسخت القناعة لدى كل من تابع المحاكمات أن القضاء ، كما الإعلام و بعض أحزاب الموالاة ، قد وظفت لإقصاء خصم سياسي من الساحة و إضفاء لباس قضائي على التصفية الأمنية ، و رغم أن أغلبية المحاكمين في بداية عشرية التسعينات السوداء قد غادروا السجون ، بعد أن قضى أكثرهم ما يجاوز العشرية في ظروف مأساوية ، فإن انحسار الأضواء عن العشرات الباقين لا يجب أن يحجب معاناتهم ، و عائلاتهم ، منذ ما يقارب العشرين سنة  حيث تعرضوا منذ إيقافهم ، فضلا عن التعذيب ، إلى سياسات تستهدف تدمير بنيتهم الجسدية و المعنوية من خلال تعريضهم لصنوف الإهانات و التجويع  و التعتيم  و التشفي ( بعقوبات العزل الإنفرادي المطول و الإبعاد عن العائلات و بالحرمان من وسائل التثقيف و العزل التام عن مستجدات الأحداث بالعالم الخارجي و الحرمان من الحق في العلاج  ) و تقطيع أواصر الروابط العائلية بالضغط على الزوجات لطلب الطلاق و حرمان الأقارب من العمل .. و هو ما درجت تسميته !بـ  » سياسة القتل البطيء  » .. لم يعد مقبولا تواصل  الصمت على معاناة متواصلة منذ بداية العشرية الأخيرة من …القرن !الماضي .. إن في وسع كل من يسلم بعدالة قضية ضحايا  » الموت البطيء  »  أن يساهم بكلمة أو رسالة أو مقال أو مكاتبة أو عريضة في  الحملة التي تطلقها ( ابتداء من اليوم و حتى إطلاق آخر سجناء  » مساجين العشريتين  » ..) الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيينAISPP  و جمعية action – Verité ( سويسرا ) و بالتزامن مع إطلاق حملة وطنية و دولية من المكاتبات و الإتصالات  و التحرك بملفات المصابين بأمراض خطيرة و ضحايا الأحكام المكررة تشرع الجمعيتان في التعريف تباعا بالمساجين السياسيين الذين قضوا زهرة أعمارهم ..من أجل أفكارهم .. و هم على التوالي : منذر البجاوي و رضا البوكادي و نور الدين العرباوي و محمد نجيب اللواتي و الصادق شورو و حسين الغضبان و عبد الكريم البعلوش و إبراهيم الدريدي و عبد النبي بن رابح و الهادي الغالي و منير الحناشي و بشير اللواتي و هشام بنور و وحيد السرايري و الشاذلي النقاش و عبد الباسط الصليعي و الصادق العكاري و منير غيث و بوراوي مخلوف و وصفي الزغلامي و إلياس بن رمضان و البشير رمضان و فتحي العلج و لطفي الداسي و كمال الغضبان . كما تناشد الجمعيتان كل المنظمات و الجمعيات و الشخصيات الوطنية و الدولية  أن تساهم في هذا الجهد بالتعريف بضحايا هذه المظلمة التي لم يعرف لها تاريخ البلاد مثيلا  ، و بتقديم  ما في وسعها من دعم مادي أو معنوي لهم و لعائلاتهم …    عن الجمعيـة الدولية                              Verité – action  لمساندة المساجين السياسيين       الرئيــــــــــــــــــس                              الرئيـــــــــس     الأستاذة سعيدةالعكرمي                           صفوة عيسى                     

15–  وحيد السرايري

   حكم بالسجن مدى الحياة + 3 أمراض مزمنة + نقل تعسفية لـ 11 سجنا .. ! = معاناة بلا حدود .. ! بطاقة تعريف سجنية تاريخ الولادة : 12/03/1967 تاريخ دخول السجن  :    03 مارس1991 الحكم:مدى الحياة .           السجن الحالي: السجن المدني بالناظور . السجون التي مر بها : تونس + بنزرت + الناظور  + صفاقس + المهدية + القيروان + سوسة + المرناقية  + قابس + الكاف + قفصة .  الحالة الاجتماعية :أعزب .             المستوى الثقافي :تعليم ثانوي . المهنة:تاجر.        الحالة الصحية:روماتيزم العظام + قرح المعدة  + الشقيقة ..   العنوان:حي الملاسين  تونس .            للمراسلة و المساندة : وحيد السرايري    ، السجن المدني الناظور ، سبنزرت ، الجمهورية التونسية . نداء لكل من يتعاطف مع سجين رأي يقبع خلف القضبان منذ قرابة العشريتين : بادر بكتابة كلمة .. أو مراسلة منظمة وطنية أو دولية .. أو مكاتبة الجهات الرسمية … أو مكالمة عائلته ..أو مساعدة أبنائه … حتى لا نقول أننا لم نكن نعلم ….!                        

حملة الإفراج عن  » مساجين العشريتين « 


  أنقذوا حياة السجين السياسي المهندس رضا البوكادي حــرية و إنـصاف 33 نهج المختار عطية 1001 تونس الهاتف / الفاكس : 71.340.860 البريد الإلكتروني :liberte.equite@gmail.com تونس في07 شعبان 1429 الموافق ل 09/08/2008

اعتقال فتاة متدينة بسبب دخولها إلى مواقع محجوبة على شبكة الانترنت

 

 
على إثر استدعائها للحضور بإدارة أمن الدولة بوزارة الداخلية بالعاصمة يوم 26 جويلية 2008 تم الاحتفاظ بالفتاة مريم بن سالم الزواغي ( 22 سنة ) للمرة الثانية إذ سبق للبوليس السياسي أن اعتقلها من يوم 12 إلى يوم 23 جويلية 2008 تاريخ اعتقال زوجها الشاب أيوب الهميسي ( الذي عقد قرانه عليها دون أن يبني بها ) ، و بعد إطلاق سراحها بثلاثة أيام أعيد اعتقالها من جديد و إلى تاريخ اليوم لم يقع إطلاق سراحها. و يبدو أن الاعتقال جاء على خلفية دخولها إلى مواقع الانترنت المحجوبة في تونس خاصة و أن الفتاة المتدينة مريم الزواغي تدرس بالسنة الثانية من التعليم العالي ( اختصاص اتصالات ).   عن المكتب التنفيذي للمنظمة الكاتب العام السيد زهير مخلوف

الحقوقي التونسي زهير مخلوف لإيلاف: العمل الحقوقي يعيش حالة من الانحسار

   

« نستهدف التجاوزات مهما كان مصدرها و لم نتعمد التصعيد فنحن لسنا طرفا أو خصما لأحد » « منفتحون على كل الحساسيات و الألوان وأبوابنا مفتوحة لكل من  يبدي استعدادا للعمل في إطار العلنية و القانون والتزاما بالأسلوب الديمقراطي في التسيير »   « عاقدون العزم على مواصلة دربنا بكل جدية و مسؤولية دون استعداء أو استهداف لأحد »       حاوره إسماعيل دبارة من تونس : طويلة جدا المدّة الزّمنية الفاصلة بين تاريخ الوعد الذي قطعه لنا الحقوقي التونسي زهير مخلوف كاتب عام جمعية حرية و إنصاف للدفاع عن حقوق الإنسان بإجراء حوار صحافي معه ،  وبين التاريخ الفعلي لعقد الحوار .  فالمنع و التأجيل المتكرران اللذان غالبا ما يكون وراءهما أعوان الأمن الذين يمنعون تارة مراسل ‘ إيلاف’ من دخول مقرّ المنظمة في وسط العاصمة و طورا يمنعون ‘ مخلوف’ ذاته من مقابلة أي كان  ، من الأسباب التي جعلت هذا الحوار صعبا للغاية . وفي مكان بعيد من كل من مقره ومحلّ سكنه  ، كشف زهير مخلوف لإيلاف عن حالة من الانحسار يعيشها العمل الحقوقي في تونس عزاها إلى ما سمّاه   » المضايقات و التعطيل الذي يحصل غالبا و الاختراق الذي استهدف بعض المنظمات و الهيمنة الإيديولوجية التي ميزت بعضها الآخر  » . كما شددّ الكاتب العام للمنظمة الحقوقية الأشهر في تونس عن استعدادها لـ ‘رصد التجاوزات و الانتهاكات بكل القطاعات و المجالات دون تمييز أو تفريق ومهما كان مصدر تلك التجاوزات،معتبرا في الوقت ذاته أن العمل الحقوقي في تونس أضحى  « ضريبة كبيرة و عبئا  ثقيلا  » كون المنظمة   »  لا تطمح للتسهيلات على حساب الانتهاكات  » على حدّ تعبيره . وفي ما يلي نصّ الحوار كاملا: بداية سيدي، لو تعطينا نبذة مختصرة عن نشأة ‘حرية وإنصاف’ وهيكلتها و طبيعة عملها ؟  نشأت المنظمة في 1 تشرين الأول من العام 2007 بعد أن اتفقت مجموعة من الحقوقيين التونسيين على بعث هيكل حقوقي يهتم بمسألة الحريات و الحقوق الفردية و الجماعية الداخلية و الدولية و يرصد التجاوزات في هذا المجال ، و من هذه المجموعة تأسس مكتب تنفيذي موقت قام بالإجراءات القانونية العادية المعمول بها في تونس لبعث منظمة تعنى بالجانب الحقوقي ، وانتظرنا ثلاثة أشهر وهي المدة القانونية المفروضة لإخطارنا بالمنع أو رفض الطلب ، و لم يصلنا أيّ إخطار بالمنع أو الرفض و بذلك أصبحت منظمتنا جمعية حقوقية شرعية تعمل في إطار القانون سميت حسب قانونها الأساسي  » منظمة « حرية وإنصاف  » . و قد حضر جلستها العامة الأولى ثلاثة وثلاثون مؤسسا قاموا بانتخاب مكتب تنفيذي يضم أحد عشر فردا و نقحوا لائحة القانون الداخلي و سطروا السياسات الكبرى و المبادئ العامة للمنظمة. و قام المكتب التنفيذي المنتخب و حسب القانون الداخلي بانتخاب الرئيس و توزيع المسؤوليات على أعضائه الأحد عشر و بذلك اكتملت الهيكلية المركزية للمنظمة. الواضح للجميع أن منظمتكم استطاعت في وقت وجيز للغاية أن تتموقع في الساحة الحقوقية و تلفت إليها الأنظار ، ومن ذلك أن الحكم لم يستسغ طبيعة عملكم التّصعيدي و الذي يصفه البعض بالتّشهيري؟ نحن قمنا بدورنا الحقوقي العادي و البسيط و لكن بشجاعة وجدية و مسؤولية و من دون خلفيات إيديولوجية أو مصلحيّة أو سياسية و من دون معاداة لأحد شعارنا  » أن نقول للمحسن أحسنت و للمسيء أسأت  » وعلى أساس. » الدستور و القانون فوق الجميع »  و لم نتعمد التشهير مطلقا بقدر ما استهدفنا التجاوزات مهما كان مصدرها ، و لم نتعمد التصعيد فنحن لسنا طرفا أو خصما لأحد ، إلا أن يكون عرض الانتهاكات في قاموس البعض يعتبر تصعيدا. لكن عملكم الحقوقي يفترض أن تنالوا الاعتراف من قبل الجهات الرسمية و التوقّف عن تضخيم بعض الأحداث تمهيدا لبعض التسهيلات التي يمكن أن تفيدكم في نشاطاتكم؟ العمل الحقوقي في تونس يعيش حالة من الانحسار و ذلك لأسباب عدة منها الذاتي و منها الموضوعي ، فقلة نشطاء حقوق الإنسان و كثرة المضايقات والتجاوزات للحقوق و الحريات و ضمور ثقافة المطالبة بالحقوق الفردية و الجماعية لدى الناس و بروز ظاهرة الخوف على مستوى النفسية الفردية و العامة، و عدم اضطلاع جل النخبة المثقفة و الانتلجنسيا التونسية بدورها في تطوير الأوضاع تراكميا في الاتجاه الايجابي و ظهور عقلية المصلحيّة على حساب المبدئية في التعاطي مع القضايا و الانتهاكات ، كل ذلك و غيره دعم منظومة الظلم على حساب منظومة العدل و الحقوق و الحريات و منظمتنا لا تطمح للتسهيلات على حساب الانتهاكات و لا تقبل بالتجاوزات لحساب التموقعات فأعضاؤها و رجالاتها و مناضلوها طالما عانوا هذه الاخلالات في واقع الحياة. هل استطعتم تجاوز الطرق التقليدية و النمطية في العمل الحقوقي وكسب قاعدة كبيرة من المنخرطين و الأنصار و الجميع يعلم أن الإحصائيات بخصوص إقبال التونسي على العمل التّطوعي غير ايجابيّة؟ المضايقات و التعطيل الذي يحصل غالبا و الاختراق الذي استهدف بعض المنظمات و الهيمنة الإيديولوجية التي ميزت بعضها الآخر،كلها أسباب جعلت من العمل الحقوقي في تونس يتميز بالتقوقع و التقهقر والانطواء حفاظا على الكيان من كل المترصدين و المتصيدين و من الهيمنة و الذوبان ، و قد عملت منظمتنا على تجاوز هذه التخوفات في تجربة فريدة من نوعها و ذلك بالانفتاح على كل الحساسيات و الألوان واعتماد الأسلوب الديمقراطي واقتحام الفعل العلني بعيدا من الذاتية و الأنانية و الحسابات الضيقة ثم إنه ليس للمنظمة ما تخشى منه أو عليه فالنضال ضد الانتهاكات لا يشترط التقوقع و التمحور حول الذات ( الكيان ) فكل المناوئين و المتصيدين و المترصدين و المخترقين سيسقطون عند الامتحان النضالي العلني الأول أو الثاني أو الثالث في أقصى الحالات، ثم إن شعبنا التونسي يزخر بالصّادقين و الصّالحين و المناضلين و بقدر ما نلتزم بقضايا المظلومين بقدر ما نكسب مناضلين آخرين و بقدر ما نكسب الناشطين تتوسع آليا دائرة اهتمامنا بالحقوق و الحريات ورصد التجاوزات بشكل أوسع و ترى هذه الجدلية بين النضال و الفعل و بين الاتساع العددي و الكمي  و هكذا يتراكم النضال و التوسع و الصّدقية و المشروعيّة الواقعية للمنظمة. لننتقل إلى شأن آخر، الحكم و بعض المعارضات في تونس لا تخفي خشيتها من أن تتحول ‘حرية وإنصاف ‘ إلى بوابة لعودة بعض « الأصوليين القدامى » للنشاط الحقوقي و لم لا إلى النشاط السياسي ، و لا ننسى أن بعض قياديي حركة ‘النهضة’ هم من كبار مسؤولي منظمتكم؟ إن الظلم و القمع و المضايقات و الانتهاكات لم تفرق بين أحد من شعبنا التونسي مهما كان لونه أو إيديولوجيته أو فكره أو وضعه أو موقعه و حرية وإنصاف حين فتحت باب الانخراط في صفوفها لم تنظر إلى لون الناس و لم تبحث في مرجعياتهم و لم تنبش عن أفكارهم ولم تهتم بمعتقداتهم و إيديولوجيّاتهم  بل إن كل من أبدى استعدادا للعمل في إطار العلنية و القانون والتزاما بالأسلوب الديمقراطي في التسيير و إيمانا بالقضايا الحقوقية دون تمييز أو خوف و على أساس المبدئية و الجدية و المسؤولية هو بالضرورة ناشط و مناضل حقوقي جدير بالانتماء إلى المنظمة وهي فخورة به. ثم إن النشاط الحقوقي في تونس بالذات ليس تموقعا ينال منه الحظوة و الجاه بل هو ضريبة كبيرة و عبء  ثقيل لا يقدر عليه إلا مناضل حقيقي صادق و مخلص . و المتمعّن في تركيبة المكتب التنفيذي المنتخب أخيرا يكتشف وجود كل الحساسيات و الألوان و كما يقال  » فان القانون الفيزيائي لحراك الألوان يخلص للون آخر جديد مغاير كليا  » و خلط مجموعة ألوان ينتج منه لون مغاير ، فلما التركيز – إذا – على لون محدد بعينه في حالته الستاتيكيّة إذا كنا دائما في حالة ديناميكيّة تتحرك في كل الاتجاهات . هناك انطباع سائد يحوم حول خطيّة منظمتكم واستعدادها للدفاع عن الإسلاميين في تونس دون غيرهم ، ومن ذلك بياناتكم اليومية حول الانتهاكات التي تطالهم أو المحاكمات التي تستهدف بعض الشباب السلفي ؟ المتتبع لبيانات المنظمة يلاحظ توزع الاهتمامات و تنوع القضايا المتناولة حيث رصدت التجاوزات و الانتهاكات بكل القطاعات و المجالات وكل الأحداث دون تمييز أو تفريق فلقد اهتمت المنظمة بأحداث الحوض المنجمي و الانتهاكات الحاصلة به و بالأحداث التلمذيّة في محافظة صفاقس و مضايقة النشطاء الحقوقيين و النقابيين و المهنيين و السياسيين و عرضنا إلى تجاوزات البوليس السياسي في مسألة الحجاب و محاصرة المقرات و الاعتقالات العشوائية في صفوف الشباب المتديّن كما تابعنا جل التحركات المهنية و النقابية و الإعلامية و القضائية و الطلابية و ما اكتنفها من مطالب حقوقية كما أولينا أهمية لقضايا التحرر في الوطن العربي و في العالم سواء ما يتعلق بالأسرى أو بأوضاع العراق أو جثامين شهداء تونس في صفقة التبادل و قد واكبنا هذه القضية إلى أن دفن أصحابها و لم ننس أوضاع المهاجرين في أوروبا و ما يتعرض له من انتهاكات أو تمييز.و باعتبار تمركز الانتهاكات الحقوقية بشكل مفضوح في العقدين الأخيرين بما يتعلق بالمساجين السياسيين و مساجين الرأي فقد تركز اهتمامنا في هذا المجال بشكل ملحوظ و لكن لا يعني هذا أننا قصرنا في تناول المواضيع والأحداث الأخرى و ما اكتنفها من تجاوزات. و هذا ما أثار علينا البوليس السياسي و بعضا من أطراف السلطة.وقد أصدرت حرية و إنصاف تقريرها النصف سنوي أحاطت فيه بكل التجاوزات التي قامت بها السلطة وهو منشور ويمكن العودة إليه. ألا تعتبر أنه من الخطر على العمل الحقوقي أن يتحول إلى تصفية حسابات بين بعض الجهات المعارضة و الحكومة ؟ إن أي نشاط حقوقي مهما كان بسيطا و مستقلا و حرا يعتبر في منظور المنتهكين لحقوق الإنسان بمثابة استقواء بالأجنبي أو عمالة للغرب أو هو تشويه لصورة البلد و في أحسن الأحوال ينعت بمقولة  » التوظيف السياسي تحت غطاء العمل الحقوقي  » فالظالم لكثرة ما انتهك و تعدى على الحقوق و الحريات و طوّع كل شيء في الوطن ( القانون ، القضاء، الإعلام، الأمن و الإدارة….) لتخدم منظومته القمعيّة فان أي تصدي لهذه الانتهاكات من طرف الحقوقيين يُخيّل لكل الملاحظين الانطباعييّن انه استهداف لكل شيء في البلاد و يعتقد أنه تصفية لحسابات و يصار إلى التضييق عليه من طرف السلطة الحاكمة ، و يخوّن ناشطيه. المطلوب هو أن تتخلى السّلطة عن أساليبها القمعية في التعاطي مع الحقوقيين و النشطاء فهم المكون الثالث للدولة ( حكومة  وشعبا  ومكونات المجتمع المدني) . هنالك إجماع على أن المضايقات التي يتعرض لها حقوقيو « حرية و إنصاف » قد بلغت حدّا كبيرا ، ألا تعتبرون أن تونس تمرّ حاليا بمرحلة حسّاسة تسبق انتخابات 2009 كما تتعاظم يوما بعد يوم التهديدات الإرهابية التي يمكن أن تطال البلاد؟ ثمّ ألا تضعون على عاتقكم ‘مهادنة’ مع الحكم في المرحلة المقبلة و استحقاقاتها الاستثنائية ؟ لقد تعرض حقوقيون سابقون لمثل هذه المضايقات و التهديدات و الهرسلة و الاستهداف و تعطيل النشاط. إذ كلما برزت حركة حقوقية جادة و جريئة و مسؤولة و مناضلة إلا وواجهتها السلطة بأعتى الأساليب القمعية و الانتهاكات المتنوعة و قد بلغت المضايقات للمنظمة و أعضائها حدا كبيرا و ذلك للصمود و المثابرة و الجرأة و المُصابرة التي تميز بها أعضاؤها و نحن سنقف ضد التجاوزات و الانتهاكات الصادرة من السلطة و أيضا ضد كل التهديدات التي تطال البلاد أو العباد و نحن نعتقد أن الوقت و المكان صالحان للنضال الحقوقي و عاقدون العزم على مواصلة دربنا بكل جدية و مسؤولية دون استعداء أو استهداف لأحد.   (المصدر: موقع ايلاف بتاريخ 9 أوت 2008)   


تونس في 29 جويلية 2008   الاتحاد العام التونسي للشغل الجامعة العامة للتعليم العالي والبحث العلمي حتّى لا يكون العلم مطية للتطبيع

 

 
   يلتئم بتونس خلال الأسبوع الثاني من شهر أوت 2008 المؤتمر 31 للإتحاد الدولي للجغرافيا وهو تظاهرة علمية كبيرة يتنادى لها الجغرافيون وخاصة منهم الجامعيون من مختلف بلدان العالم كلّ أربع سنوات لتبادل الخبرة والرأي حول مواضيع جغرافية متعدّدة وحسّاسة وتعرض فيها آخر المنتجات وآخر التقنيات والمنهجيات المستخدمة في الاختصاص.    والجدير بالتذكير أن استضافة بلادنا لهذا المؤتمر كان ببادرة من جمعية الجغرافيين التونسيين وهو ما أثار منذ أربع سنوات جدلا فيما بين الجغرافيين التونسيين نظرا لتمسّك الاتحاد الدولي للجغرافيا بشرط حضور الوفد الإسرائيلي. وقد أدّى ذلك الأمر إلى انقسامات داخل الجمعية.    والملفت للانتباه أن السلطة وقفت منذ البداية وراء الأقلية الداعية للتنظيم باعتبار ذلك الشرط، وهو توجّه غير متطابق مع الموقف الرسمي المعلن والمقاطع لأيّ شكل من أشكال التعامل مع العدو الصهيوني الغاصب للأرض العربية والمرتكب لجرائم قتل واغتيال على الأرض التونسية والمنكّل على مدى 60 سنة متواصلة بالإخوة الفلسطينيين والممارس للإرهاب والإجرام الموصوفين بعدّة مناطق عربية وغير عربية.   والأمر يكتسي حساسية أكبر حين يتعلّق بالجغرافيا حيث تصبح التظاهرة فرصة لترويج الفكر الصهيوني المدّعي للحق التاريخي في الأرض العربية والدّاعي لمزيد التوسّع والاستيطان بها. وتشير عديد المعلومات المتوفرة لدينا إلى أن عديد الجغرافيين الإسرائيليين طرف فاعل في كلّ ذلك وينشطون بصفة وبصلة وثيقتين مع المؤسسة العسكرية والأجهزة الاستيطانية الصهيونية.    اعتبارا لكلّ ذلك، فإن الجامعة العامة للتعليم العالي والبحث العلمي إذ تؤكد تمسكها بمبادئ الحريات الأكاديمية ودفاعها عن حق الاختلاف وحرية التعبير فإنها تدعو كل الجامعيين التونسيين إلى احترام مقررات مؤتمرها التوحيدي الداعية إلى مقاطعة كل أشكال التطبيع مع العدو الصهيوني ومؤسساته وتدعو السلطات التونسية المعنية إلى تحمّل مسؤوليتها بأن تستخدم حقّ السيادة وتمنع الوفد الإسرائيلي من دخول البلاد، وتحيي موقف الجغرافيين التونسيين الذين أعلنوا مقاطعتهم لهذا المؤتمر وتدعو المشاركين منهم وفي حال تمكّن ممثّلي الكيان الصهيوني من الحضور، إلى مقاطعة الجلسة العامة للإتحاد الدولي حتى لا يكون العلم والجمعيات العلمية مطية للتطبيع وحتّى يتلاءم موقفهم مع موقف الجغرافيين الفلسطينيين والعرب الداعي لمقاطعة التظاهرة . الكاتب العام للجامعة العامة سامي العوادي


  إخوتي الأعـزاء…شكــرا.    

د.خــالد الطــراولي   يمر على الإنسان حين من الدهر يحس فيه بوحدته، بصغر حجمه، بتواضع حاله، يشعر فيه بأنه ذرة في فلاة، بأنه لا شيء أمام هذا المطلق الذي يحاصره من كل جانب ويفرض وجوده عليه… تسير هذه الدنيا حالمة مستبشرة، وإذا بها تستوقف مسيرك في لحظات في محطات لتعلن لك أن دوام الحال من المحال، وأن النسبي هو ديدن البشر… في هذه الوقفات حيث يغلب الضعف كطبيعة بشرية [وخلق الإنسان ضعيفا] ويهيمن ويفيض على الأطراف، تتلهف النفس إلى حبل نجاة يعتقها من هذا الحصار ولا تجد نصيبا إلا في أهل وعشيرة وصاحبة وولد وصاحب وحيّ وقرية ومدينة ووطن… غابت عني الصاحبة والولد والأهل والعشيرة إذ كانوا في تونس وقد منعني جور الأوطان مرافقتهم..، وغابت عني مدينتي ومسقط رأسي تونس العاصمة الحبيبة، حيث منعها الاستبداد عني، وغاب عني الوطن بكل ألوانه وأطيافه وجماله، حيث أصبح ملكا مشاعا لبعض الناس ويمنعونه عن البعض الآخر، وكنت من هذا البعض الآخر… ولم يبق لي غير وجوه صادقة، وأنفس طيبة وقامات خيّرة، التجأت إليّ حبا في مواطن بلا وطن، والتجأت إليها حبا لهذا الوطن وعشقا لهذا الصنف من الناس… فكانت أمواج من الصبر والسلوان، مصافحات وهواتف ورسائل، من أقصى الأرض وأدناها [تحية خاصة إلى ساكن الصين] تعزيني في الوالد عليه رحمة الله، وتملأ وجداني بسيل من الأمل والحب والوفاء، تستدعي كل خلية في جسمي إلى مقامات رفيعة من القيم والفضائل والأخلاق الرفيعة…كنت وحيدا ولم أعد، كنت مرميا ولم أعد، كنت أنا ولم أعد… علمتني إن الخير لا شك باق إلى يوم القيامة وأنه مهما استبد الليل وهيمن كابوسه فإن الأنوار زاحفة والفجر دائما بالمرصاد! وهو عهد ومسؤولية وثبات وإخلاص يتضاعف نحو هذا الوطن، ونحو هذا الإنسان… في مثل هذه الأحوال العصيبة تحس ولا شك بمقام الأخوة، ولقاء الإخوان جلاء الأحزان كما قال عمر رضي الله عنه، وتلمس تجاوز منطق الجنس والطائفة والبلد والسياسة، وتندثر كل الخنادق ليبقى الإنسان على فطرته، ويفنى كل شيء ولا يبقى إلا الله الموحد والجامع… فإليكم جميعا أيها الإخوة الأعزاء والأخوات الفاضلات أينما كنتم، داخل الوطن الحبيب أو خارجه، شكرا متجددا، على صفاء قلوبكم ووفائكم نحو وطن جريح يبحث عن طريق، ونحو هذا الإنسان الذي كرمه الله مهما شرق وغرب إطاره، حيث الكرامة غالبة…  إليكم جميعا دعوة صادقة من أخ كريم ابن أخ كريم أن لا يوجعكم الله في حبيب، وأن لا يرد دياركم مكروه، وكل العافية لكم في الأهل والمال والولد… وأجركم عند الله كبير. إليكم جميعا من أمي وأهلي ومني كل السلام والتوقير والمحبة. دمتم في حفظ الله ورعايته والسلام عليكم


                                       

تفاعلا مع أستاذنا الكبيرعبد المجيد النجار

بقلم : مهاجر محمد خلاصة ما كتبت سيدي الكريم ومقصده أنك تبحث في نظامنا الحاكم عن رجال وطنيين يغلبون لغة العقل ومصلحة البلاد على لغة التصادم والتناحر والإفساد. وهذا لعمري فضل من الله يؤتيه من يشاء من عباده, تكرما ومنا , وهو عين الحكمة والتعقل .وبالنظر لما حواه مقالك من حكم رشيدة تصلح أن تكون مبدأ وفاق بين المتناحرين من أبناء البلد الواحد ,ومن تحليل يغلب عليه شعور المتأسف على ما آلت إليه البلاد بغض النظر عمن أجرموا ومقدار الجرم الذي اقترفوه في حق الله وفي حق عباد الله وفي حق أرض الله التي يورثها من يشاء من عباده . وبالنظر لما حواه مقالك أيضا من أمثلة قريبة في أرض الجوار تصلح أن تكون برهانا على ما كتبت لولا بعد الشقة بين من يبحث عن شرعية لنفسه يطوي بها صفحة من سبقه (ملك المغرب وسيف الإسلام وكذلك بوتفليقة والرئيس الموريتاني المخلوع ) وبين من لا يبحث عنها إلا في صناديق التزوير ونسخ الدستور كما يشتهي .بالرغم من هذا وغيره من مصالح بقاء نظامنا على الحال التي هو عليه يبقى مقالك أستاذنا الكبير حجة على هذا النظام إلى ساعة زواله , وحجة على من بعده إذا حذا حذوه واتبع سننه. ولكن دعني –تكرما منك سيدي-أن أتذكر بين يديك منهج النظام في التعامل مع الظواهر الإجتماعية غاضا الطرف عن الإنسداد السياسي الذي لا تنكره عين بصير رأت في غضه الطرف عن تحرك بعض رموز النهضة خيرا وإن كان الحاصل في عمومه غير هذا. ولكن لابأس إذا كانت المشاعر جياشة, والمقصد نبيلا, فلربما نجعل بذلك من ذرة الخير قبة ومن قبة الشر ذرة وقد لا نراها وهذا فعل المحسنين من أهل الخير فيما مسهم من ضيم : 1-   ماذا يعني صمت النظام وإصراره على إبقاء وضع الحوض المنجمي على ماهو عليه برغم معاناة أهله والعار الذي لحق البلاد جراء ما لحق الناس هناك من ضرر على الأرواح والأبدان؟ 2-   هل لنا أن نتخيل العواقب والكوارث الإجتماعية التي تنتظر بلدا صغيرا يهجر منه آلاف من خيرة أبنائه ويسجن منه آلاف أيضا ويحد من حريتهم بعد خروجهم من سجنهم الصغير لمدة ما يقارب العقدين من الزمن ؟ 3-   ماذا ستخلف الجرائم والسرقات المنظمة التي يديرها بعض ممن انتسب إلى النظام بل بعض من رؤوسه كما هو معلوم دوليا متمعشا منها سحتا غير العداوة والبغضاء بين الناس ؟وكيف ستكون الأواصر الإجتماعية بعد ذلك؟ 4-   ماذا ننتظر من مستوى تعليمي متخلف صار واضحا للعيان كما بينت ذلك صاحبة الإختصاص أم زياد في مقالات سابقة بل كما بين من داخل النظام برهان بسيس نفسه ؟ماهي نسبة التخلف التي ستلحق البلاد جراء هكذا تعليم ؟ 5-لماذا يعيش المواطن خائفا يترقب ساعة اتهامه على نواياه بالإرهاب أو بما شابه ذلك ؟ما تأثير ذلك على سلوكه ؟ 6-ما حجم الضرر الذي يلحقه قضاء غير مستقل همه الرشوة ورأس ماله إرضاء المتنفذين ؟ 7-ما حجم الإنحراف السلوكي الذي يخلفه إعلام ساقط وبرامج هابطة في قنواتنا وهذا أيضا يشهد به النظام بل رأس الدولة ؟ … هذا غيض من فيض أستاذي الجليل إلا أن أملي بعد الله معقود بأولي الألباب من أمثالك وأمثال شيخنا الكبير إذ أن دوركما في رأب الصدع عظيم بل دوركما في توجيه الجسد وتقويته ألزم وأوجب في حقكما. ومن ياترى يسمع بالقلوب قبل الآذان مثلكما . كذلك دوركم بعد ذلك في الإتفاق على فتح أكثر من باب بأكثر من خيار هو سبيل النجاح بإذن الله إذا كان ذلك من قدر الله في زمن قل فيه النصير(وما أغني عنكم من الله من شيء). أملي أستاذي الكبير أن يجد كلامك هذا آذانا صاغية وقلوبا واعية من النظام وقد يعز هذا في نظري إلا أنه ليس عزيزا على مقلب القلوب سبحانه. إذ  أن السياسة في بلاد الله عامة, وفي بلادنا خاصة, متعلقة بضمان إستمرارية مصالح النظام من جهة , وبضمان مصالح دول القرار من جهة أخرى. فمتى شاء الإله أن يجعل للوطنيين نصيبا هيأ له الأسباب وأجراها على أيديهم . رجاء أخير سيدي الجليل ألا نعطي الفرصة لمن لا روح لهم ولا خلاق من تزكية ودين أن يعبثوا بنا ويفرقوا شملنا بهدف وضيع رأته قلوبهم الخاوية من قدر الله عظيما ولو رجعوا إلى أنفسهم وصدقوا لعلموا أن أمثالهم ليس لهم أن يتحدثوا في أمر العامة… هذا ما أردت أن ألمح به إلى أستاذنا الكبير حبا له واحتراما وتقديرا لما غذانا به من علم وتوجيه . وأسأل الله أن يهيء على يديه, ويدي شيخنا, ما يصلح حالنا , وتقر به الأعين, وتسري به الروح من جديد في قلوبنا وقلوب العباد.


 

 الحركة الاجتماعيّة أقوى من الاستئصال

كنا في عدد سابق من « البديل » تناولنا موضوع محاولة « الاستئصال البوليسي »، أو بالأحرى البوليسي-القضائي، التي تتعرّض

لها الحركة الاحتجاجيّة بالحوض المنجمي التي انطلقت منذ مطلع هذا العام، وقد ظهرت المعالم الأولى لهذه المحاولة في حملات الاعتقال والتعذيب والمحاكمات الجائرة التي يتعرّض لها قياديوّ الحركة ونشطاؤها. كما ظهرت في أعمال التنكيل الممنهجة ضدّ آلاف المواطنات والمواطنين في الرديّف وأمّ العرايس والمتلوّي والمظيلة، وفي الالتفاف على المكاسب التي حققتها تحركات الأهالي والذي أدّى إلى إعادة الذين حصلوا على شغل إلى البطالة من جديد، بل واعتقال البعض منهم وإلصاق تهم حق عام بهم. ولم يتوقف نظام بن علي عند هذا الحدّ فقد طال القمع مساندي الحركة من خارج الحوض المنجمي وكذلك الإعلاميّين الذين قاموا بواجبهم. فقد أصدر البوليس في مطلع شهر جويلية بطاقة تفتيش ضدّ مناضل حزب العمّال الشيوعي التونسي بڤفصة عمّار عمروسيّة لتضامنه الفعلي مع مطالب الأهالي المشروعة وحضوره محاكمات أبنائهم بڤفصة وتنديده بممارسات البوليس السياسي الفاشستيّة. كما أصدر البوليس بطاقة تفتيش ضدّ الإعلامي الفاهم بوكدّوس مراسل قناة الحوار التونسي التي انفردت بالتغطية المرئيّة لأحداث الحركة الاحتجاجية بالحوض المنجمي التي بيّنت الطابع المشروع لهذه الحركة كما كشفت فظاعات بوليس بن علي. وعلى صعيد آخر فقد فتح القضاء بالقيروان تحقيقا ضدّ منسّق « اللجنة الوطنيّة لمساندة أهالي الحوض المنجمي » مسعود الرمضاني على خلفيّة نشاطه وتصريحاته لبعض القنوات العربيّة، ولم يسلم من الضغوط والتضييقات بعض أعضاء اللجنة الآخرين من بينهم عبد الرحمان الهذيلي الناشط الحقوقي وعضو الهيئة المديرة للرابطة التونسيّة للدفاع عن حقوق الإنسان. كما تعرّض الناطق الرسمي باسم حزب العمال الشيوعي التونسي حمّه الهمّامي للاعتداء والتهديد جرّاء مواقف الحزب إلى جانب الأهالي. وفي نفس الإطار، وبهدف ضرب الحركة التضامنيّة مع أهالي الحوض المنجمي، منعت السلطات عديد التحرّكات التي حاولت القيام بها اللجنة الوطنيّة للمساندة أو بعض أحزاب المعارضة القانونيّة، وكان آخرها منع الندوة التي دعت إليها حركة التجديد و »المبادرة الديمقراطيّة » بمقرّ الحركة بتونس العاصمة يوم الأربعاء 23 جويلية. ومواصلة لنهج الاستئصال المذكور تحرّكت الآلة القمعيّة لنظام بن علي بسرعة لتقمع تحرّكات الأهالي بالرديّف يوم الأحد 27 جويلية 2008 للمطالبة بإطلاق سراح أبنائهم المعتقلين، وفي هذا الإطار أوقف البوليس السياسي 7 أشخاص من بينهم الناشطة الحقوقيّة زكيّة الضيفاوي التي كانت متواجدة بالرديّف يوم المسيرة وشاركت فيها. كما اعتدى البوليس على شقيق جمعة الجلابي، زوجة السجين عدنان الحاجي أحد أبرز قادة الحركة الاحتجاجيّة، بمركز البوليس بالرديّف ممّا ألحق به أضرارا بدنيّة جسيمة منحه بموجبها الطبيب 21 يوما راحة علما وأنه يعمل بإيطاليا وعاد إلى تونس في عطلة ولا علاقة له بالحركة. واستدعى البوليس كذلك شقيقة جمعة الجلابي، فتحيّة الجلابي، ليمارس عليها ضغوطا لتشهد ضدّ زكيّة الضيفاوي فرفضت ذلك، وقد أحيلت هذه الأخيرة وبقيّة الموقوفين معها على المحكمة الابتدائيّة بڤفصة يوم الخميس 31 جويلية وأجّلت القضيّة إلى يوم 14 أوت بعد أن رفض القاضي تسجيل تصريحات زكيّة الضيفاوي حول التحرّش بها وتهديدها بالاغتصاب. وفي ليلية الاثنين 28 جويلية ألقى البوليس السياسي القبض على عبيد الخلايفي الموظف الإداري بأحد المعاهد العليا بڤفصة. وهذا الشاب أصيل الرديّف هو شقيق محمّد الخلايفي، عضو الهيئة الإداريّة الشرعيّة لجمعيّة القضاة وهو من « المغضوب عليهم »، كما أنّ شقيقه الآخر بلقاسم الخلايفي بن عبد الله، مبحوث عنه في إطار قضيّة الحوض المنجمي وناشط ضمن حركة المعطلين عن العمل وخصوصا في « إتحاد أصحاب الشهادات المعطلين عن العمل ». وقد ألصقت بعبيد الخلايفي تهم إجراميّة وألحق بالقضيّة الرئيسيّة مع عدنان الحاجي وبشير العبيدي والطيب بن عثمان ورفاقهم. ولم يتوقف القمع في حدود البلاد، فقد طلب حاكم التحقيق إيقاف السيد محي الدين شربيب رئيس « فدراليّة التونسيين مواطني الضفتين » (FTCR) بفرنسا بتهمة مساعدة « عصابة مفسدين » وهذه العصابة هي بالطبع أهالي الحوض المنجمي وقادة حركتهم الاحتجاجيّة ونشطاؤها الموقوفون. كما أوقف البوليس السياسي بالعاصمة يوم الجمعة 1 أوت المواطن المهاجر الصغيّر بلخيري، المقيم بمدينة « نانت » بفرنسا، حال حلوله بميناء حلق الوادي، بعد أن أوقف صباح ذات اليوم شقيقه السبتي بمنطقة الأمن بالمتلوي لمّا كان يستعدّ للذهاب إلى الميناء لاستقباله. وقد أحيلا يوم الإثنين 4 أوت على حاكم التحقيق بڤفصة الذي وجّه إليهما تهمة « تمويل عصابة مفسدين » وأمر بإيداعهما بالسجن. كلّ هذه الوقائع تؤكد نيّة نظام بن علي استئصال الحركة الاحتجاجيّة بالحوض المنجمي، ولكن ما فاته أنـّه من المستحيل تحقيق مثل هذا الهدف وذلك للأسباب التالية: 1- إنّ حركة الحوض المنجمي هي حركة شعبيّة بأتمّ معنى الكلمة شارك فيها عشرات الآلاف من أهالي الحوض المنجمي، وليست بالتالي حركة أقليّة معزولة يمكن اخمادها بسهولة أو بمجرّد اعتقال قادتها. إنّ القمع في مثل حالة الحوض المنجمي لا يزيد الأهالي إلا إصرارا على التمسّك بحقوقهم، وكلما ظنت السلطة أنّ حركتهم انتهت إلا وقامت من جديد. 2- إنّ نظام بن علي ليس له ما يقدّم لأهالي الحوض المنجمي عدا القمع والتنكيل، أمّا ما أعلنه من إجراءات في خطابه بمناسبة اجتماع « المجلس الجهوي الممتاز لولاية ڤفصة » فهو إجراءات ذات طابع شكلي وديماغوجي في معظمها ولا تستجيب لانتظارات الأهالي المتعلقة سواء بحلّ معضلة البطالة أو بحلّ معضلة تدهور الوضع البيئي أو بتردّي الخدمات الاجتماعيّة. ولا يمكن لأحد أن يتصوّر أنّ الأهالي سيسكتون على واقعهم المزري. وبالتالي فإنّ أسباب الغضب والنقمة ستظلّ قائمة هذا إن لم تتفاقم. 3- إنّ نظام بن علي لم يأخذ العبرة في هذا المجال من أحداث التاريخ، فالجميع يعلم أنّ رصاص الاستعمار لم يثن عمّال المناجم بڤفصة عام 1937 من النضال ومن فرض ممارسة الحق النقابي. كما أنّ قمع الستينات من القرن العشرين وما أدّى إليه من إخماد صوت الحركة النقابيّة والشعبيّة، لم يمنع عمّال المناجم أيضا من تحدّي ذلك القمع والوقوف في وجه النظام البورقيبي وفرض حقوقهم الماديّة والمعنويّة. وبعبارة أخرى فإنّ منطقة الحوض المنجمي لها تقاليد نضاليّة، نقابيّة وشعبيّة، ستبقى مصدر إلهام دائم بالنسبة إليها. وخلاصة القول، على نظام بن علي أن لا يطمئنّ. إنّ مرحلة جديدة من تاريخ الشعب التونسي بدأت تتشكل ملامحها، وهي مرحلة نضال شعبيّ ضدّ الاستغلال والجور والظلم والفساد. والنبتة الأولى لهذه المرحلة، والتي ظهرت بمنطقة الحوض المنجمي، سيكون من العسير اجتثاثها، بل من المنتظر أن تتعدّد في مناطق أخرى لتغزو البلاد وتعمّها شيئا فشيئا. ألا أيّها الظالم المستبدّ *** حبيب الظلام عدوّ الحياه سخرت بأنات شعب ضعيف *** وكفـّك مخضوبة من دماه (المصدر: « البديـل عاجل » (قائمة مراسلة  موقع حزب العمال الشيوعي التونسي) بتاريخ 9 أوت 2008)  

بعد منع زيارة المحامين طيلة ثلاثة أيام

عائلتا الحاجي والعبيدي تعبّران عن خشيتهما من حصول مكروه

لليوم الثالث على التوالي، توجّه يوم السبت 2 أوت عدد من المحامين إلى سجن القصرين لزيارة المناضلين عدنان الحاجي

وبشير العبيدي الموقوفين منذ أواخر جوان الماضي على خلفيّة ما جدّ في منطقة الحوض المنجمي من احتجاجات شعبيّة منذ مطلع هذا العام على البطالة والفقر، دون أن يتمكنوا من ذلك رغم أنهم يحملون ترخيصا من السلطة القضائيّة. ففي يوم الخميس 31 جويلية تذرّعت إدارة السجن بأنّ الترخيص الذي قدّمه الأساتذة شكري بلعيد وعياشي الهمامي وخالد الكريشي يحمل مرّتين طابع قاضي التحقيق ممّا يجعله « محلّ شبهة ». وصورة الواقعة أنّ حاكم التحقيق أخطأ في المرّة الأولى في التاريخ، ولمّا طلب منه المحامون تصحيح الخطأ أعاد كتابة التاريخ ووضع عليه طابعه لتأكيد أنّ التاريخ غير مزوّر وهو إجراء معمول به. ولكنّ هذه الذريعة انكشفت عندما وصل الأساتذة محمّد عبّو وسعيدة القراش ومنذر الشارني وهم يحملون تراخيص عليها التاريخ الصحيح وطابع قاضي التحقيق، وقتها تعلـّلت الإدارة بأنّ الوقت الإداري قد انتهى وأنّ السجن سيغلق أبوابه ولم يعد بالإمكان زيارة المنوّبين. وفي نفس اليوم أي الخميس 31 جويلية توجّه الأساتذة راضية النصراوي ورضا الرداوي وعلي كلثوم إلى سجن سيدي بوزيد لزيارة المناضل الطيب بن عثمان الذي أبعد هو الآخر عن عائلته القاطنة بالرديّف، ولمّا قدّموا تراخيص الزيارة ماطلتهم الإدارة وظلـّت تفاوضهم في شروط الزيارة ولمّا قبلوها رغم إجحافها ومخالفتها للقانون، أعلمتهم أنّ التوقيت الإداري انتهى وأنه لا يمكنهم بالتالي زيارة منوّبهم. وفي يوم الجمعة 1 أوت توجّه الأساتذة راضية النصراوي ورضا الردّاوي وناجي الزواري من جديد إلى سجن سيدي بوزيد وبعد أن سلموا تراخيص الزيارة لإدارة السجن أعلمهم العون الذي « استقبلهم » بأنهم لا يمكنهم رؤية منوّبهم مع بعضهم وأنهم سيضطرّون إلى مقابلته فردا فردا، ورغم ما في ذلك من تعسّف قبلوا هذا الموقف لإدراكهم أنّ الإدارة تريد استفزازهم حتى يرفضوا الزيارة. إلاّ أنّ العون لم يسمح لهم بالدخول وتغيّب من جديد ليعود بتعليمات جديدة وهي أنّ الإدارة قرّرت السماح لمحام واحد فقط بزيارة الطيب بن عثمان، فقبلوا الأمر وأعلموه أن هذا « المحامي » سيكون الأستاذة راضية النصراوي باعتبارها جاءت من بعيد (من العاصمة). ولكنّ العون تركهم وانصرف ليعود إليهم بعد ذلك « بتعليمات جديدة » وهي أنّ الإدارة ترفض أن تكون الأستاذة راضية النصراوي هي المحامية التي ستزور الطيب بن عثمان وأنّ المدير قد « عيّن » الأستاذ رضا الرداوي للقيام بذلك. وقبل المحامون الثلاثة هذا الموقف على مضض ولمعرفة الحدود التي ستصلها المهزلة، فربّما سيتغيّب العون من جديد ليعود بـ « تعليمات » مفادها أنّ المدير رفض الزيارة جملة وتفصيلا. وفي نهاية الأمر تمكـّن الأستاذ الرداوي من مقابلة المنوّب الذي اشتكى من ظروف اعتقاله اللاقانونيّة واللاإنسانيّة: البعد عن العائلة، العزلة رغم أنه مع المساجين حيث تمّ منع بقيّة المساجين من الحديث معه… وبعد ذلك توجّه المحامون الثلاثة إلى سجن القصرين، ورغم وصولهم قبل انتهاء التوقيت الإداري فإنّ الإدارة ظلت تماطلهم إلى أن أغلق السجن أبوابه لتقول لهم « إن الزيارة لم تعد ممكنة »، فما كان من الأساتذة النصراوي والرداوي والزواري إلا أن اعتصموا أمام السجن للاحتجاج على هذا المنع حتى ساعة متأخرة من الليل ثمّ عادوا إلى ڤفصة حيث قضوا ليلتهم. وفي صبيحة السبت 2 أوت توجّهوا إلى حاكم التحقيق ليحصلوا، بعد انتظار، على ترخيص جديد [1] لزيارة الحاجي والعبيدي ويتوجّهوا من جديد إلى القصرين. وبما أنهم وصلوا هذه المرّة قبل نهاية التوقيت الإداري بوقت طويل، سقطت كلّ الذرائع على إدارة السجن التي أرجعت لهم تراخيصهم وبطاقاتهم المهنيّة ومنعتهم من الزيارة دون تقديم أيّ سبب. ولم تفلح لا تدخلات ممثل الهيئة الوطنيّة للمحامين بالقصرين الأستاذ الحنيفي فريضي ولا تدخلات الأستاذ عبد الرزاق الكيلاني رئيس فرع المحامين بتونس ولا حتى تدخلات العميد البشير الصيد في ثني الإدارة عن منع المحامين من الزيارة دون أيّ سبب مشروع. إنّ رفض إدارة سجن القصرين، ومن ورائها الإدارة العامّة للسجون والإصلاح تمكين المحامين من زيارة الحاجي والعبيدي له، علاوة على ما فيه بشكل عامّ من انتهاك لحقوق الدفاع، عدّة دلالات: أوّلا: لقد اعتادت إدارة السجون بتنسيق مع وزارة الداخليّة، وتحديدا مع البوليس السياسي ومع وزارة العدل وبالتالي مع الجهة القضائيّة المعنيّة، منع المحامين من الزيارة في الحالات التي يكون فيها السجين قد تعرّض للتعذيب أو الإهانة أو سوء المعاملة من طرف أعوان السجن ويراد طمس آثار ذلك، أو في الحالات التي يريد فيها البوليس السياسي بتواطؤ من السلطة القضائيّة الضغط على السجين السياسي وعزله عن العالم الخارجي عزلة تامّة بهدف تدمير معنويّاته، خصوصا وأنّ الإدارة بإمكانها مراقبة زيارة العائلة مباشرة ومنعها من التحدّث بحريّة ومن إعلام السجين بما يجري في البلاد والعالم وخصوصا بحركة التضامن معه، أمّا زيارة المحامين إذ تمّت فهي سرّيّة حتى وإن حاولت الإدارة انتهاك هذه السريّة بألف طريقة وطريقة (زرع آلات تنصّت وتصوير بمكاتب زيارة المحامين، ترك الباب مفتوحا ووضع عون أمامه لاستراق السمع). وفي قضيّة الحال فإنّ منع الزيارة جاء على إثر حادثتين اثنين: الحادثة الأولى تتمثل في أنّ السيّدة جمعة الجلابي الحاجي ذكرت أن زوجها في آخر زيارة قابلته فيها (الجمعة 25 جويلية 2008) كان في خصام مع العون الذي رافقه للزيارة والذي كان يتهمه بـ « التحريض » (تحريض من؟ وعلى من؟) وكان عدنان يردّ عليه: « أنا مظلوم ومن حقي أن أحتجّ ». كما ذكرت أنه طلب منها في آخر الزيارة إبلاغ المحامين أنه يرغب في أن يزوروه لأنّ له « عدّة شكاوى يريد أن يقدّمها » دون أن يوضح لها طبيعة هذه الشكاوى. وبالإضافة إلى ذلك فإن الحالة الصحيّة لعدنان الحاجي ليست على ما يرام، فهو يعيش بكلية واحدة بعد أن تبرّع لزوجته بكليته الأخرى منذ سنوات، وهو في حاجة دائمة إلى الرعاية الصحيّة، الغائبة في سجون بن علي. أمّا بالنسبة إلى بشير العبيدي فهو يعاني من ضغط الدم. أمّا الحادثة الثانية فهي المسيرة التي نظمها المئات من أهالي الرديّف يوم الأحد 27 جويلية 2008 للمطالبة بإطلاق سراح أبنائهم المعتقلين والتي اعتقل على إثرها سبعة أشخاص من بينهم الحقوقيّة زكيّة الضيفاوي، وتأتي هذه المسيرة بعد أن ذهب في ظن السلطة أنها أخمدت الحركة و »استأصلتها » بعد أن عاثت « انكشاريتها » فسادا في الرديّف والمتلوّي وأمّ العرايس والمظيلة وأوقفت أكثر من 100 شخص من بينهم قادة الحركة. وتأتي مسيرة الأحد الفارط لتفنّد هذا الاعتقاد وتؤكد أنّ الحركة لم تمت ولن تموت وأنها قابلة للتجدّد باستمرار لمواصلة النضال سواء من أجل المطالب الأصليّة التي انطلقت من أجلها الاحتجاجات أي الحق في الشغل والعيش الكريم أو من أجل المطالب الجديدة أي إطلاق سراح كافة المعتقلين دون قيد أو شرط والتحقيق في الجرائم التي ارتكبها البوليس في حقّ الأهالي من قتل وتعذيب وتنكيل ونهب والتعويض لأهالي مدينة الرديّف الشهيدة ولأهالي كافة مدن الحوض المنجمي عما لحقها من أضرار ماديّة ومعنويّة. لذلك فإنّ منع زيارة المحامين، إذا لم يكن سببه تعرّض الحاجي والعبيدي إلى سوء المعاملة ممّا يجعل السلطات تحاول طمس آثار ذلك، فإنّ السّبب قد يكون إذن منعهما من إيصال بعض الرسائل لشفويّة لمحامييهم سواء تعلقت بظروف اعتقالهم أو بقضيتهم ومن الاطلاع على ما يجري في تونس وخارجها من حركة تضامنيّة معهما ومع رفاقهم الموقوفين ومع كافة أهالي الحوض المنجمي وهي حركة متصاعدة. ومن شأن ذلك أن يرفع معنويات المعتقلين ويزيدهم إصرارا على الصمود والمقاومة وهو ما لا تريده السلطة التي ظلت تردّد على مسامعهم منذ إيقافهم « أن الحركة انتهت » وأنّ « الأهالي نسوهم وقبروهم »، إلخ. ثانيا: إنّ منع المحامين من الزيارة بمثل هذه الطريقة الفجة يبيّن حالة القضاء في تونس. ففي البلدان الديمقراطيّة التي تحترم إلى هذه الدرجة أو تلك مبدأ الفصل بين السلطات، يحتلّ القضاء مكانة محترمة ولا يمكن أن يرفض للقضاء قرار، فالجميع مطالب بالإذعان له، بالنظر إلى علويّة القانون وسريانه على الجميع مهما كان مركزهم الاجتماعي والسياسي. ولكن في الأنظمة الدكتاتوريّة والاستبداديّة مثل نظام بن علي، فإنّ القضاء لا يمثل سلطة حقيقيّة، لها نفوذ فعلي، بل هو مجرّد تابع للسلطة التنفيذيّة أو بالأحرى مساعد (auxiliaire) لبوليسها السياسي يضفي على أعماله وقراراته الجائرة صبغة قضائيّة لإكسابها شرعيّة زائفة، وحتى يقال « إنّ القضاء المستقلّ قال كلمته ». لذلك يحصل ما حصل في القصرين، فقاضي التحقيق بڤفصة الذي يعتبر الحاجي والعبيدي والطيب بن عثمان على ذمّته وعلى ذمّة السلطة القضائيّة عامّة يسلـّم ترخيصا للمحامين لزياراتهم ولكنّ إدارة السجن ترفض تنفيذ هذا الترخيص دون أن يحرّك هو، أي قاضي التحقيق، ساكنا بل دون أن تكون له القدرة على فرض سلطته وإلزام أعوان السجن بتنفيذ قراراته. وهذا يعني أنه تابع لهم أو أنه في أفضل الحالات متواطئ معهم، وفي كلتا الحالتين فهو لا يتمتع باستقلاليته وهو في خدمة جهاز البوليس. وكلّ هذا يبيّن حقيقة دولة القانون والمؤسّسات في بلادنا. تونس في 5 أوت 2008 [1] الترخيص في بلادنا لا يصلح إلا ليوم واحد بينما يحصل المحامون في العديد من البلدان العالم على ترخيص دائم (المصدر: « البديـل عاجل » (قائمة مراسلة  موقع حزب العمال الشيوعي التونسي) بتاريخ 9 أوت 2008)  

على هامش محاكمة زكيّة الضيفاوي ورفقائه إذا لم تستح فافعل ما شئت

نظرت المحكمة الابتدائية بڤفصة يوم الخميس 31 جويلية في قضيّة الموقوفين المتهمين بالمشاركة في المسيرة التي شهدتها

مدينة الرديف يوم الأحد 27 جويلية للمطالبة بإطلاق سراح المعتقلين على خلفيّة مشاركتهم في الحركة الاحتجاجيّة التي عرفتها منطقة الحوض المنجمي طوال الستة أشهر الأولى من هذا العام دفاعا عن القوت والكرامة. ومن المعلوم أنه تمّ إيقاف 7 أشخاص في هذه القضيّة جلهم من قطاع التعليم ومن بينهم امرأة وهي المناضلة الحقوقيّة والسياسية زكيّة الضيفاوي. وإذا كان افتعال القضايا ليس أمرا جديدا في بلادنا، بل هو « عادة من عوائد » نظام بن علي، فإنّ ما حصل في قضيّة هؤلاء الموقوفين يُعَدّ ظاهرة جديدة في مجال الافتعال أو الفبركة. فقد تفتقت قريحة الجلاد محمّد اليوسفي وزبانيته بڤفصة على طريقة لتشويه المسيرة التي انتظمت كما قلنا بالرديّف، فما دام المشاركون هم في معظمهم من النساء، فليس ثمّة أفضل لتشويههنّ من إلصاق التفوّه بشعارات بذيئة بهنّ. لذلك فعوض ذكر الشعارات الحقيقيّة التي ردّدها المتظاهرون، وهي كلـّها شعارات سياسيّة تدور حول ضرورة إطلاق سراح المعتقلين وإدانة نظام بن علي البوليسي، ادّعى البوليس السياسي أنهم كانوا يهتفون بشعارات مخلـّة بالأخلاق، واقتبس بعض الشعارات التي تردّدها بعض الجماعات المتعصّبة في ملاعب كرة القدم وأسندها للمتظاهرين. إنّ من يقرأ الشعارات المضمنة في المحاضر (مثل: اللـّي يحلّ فمّو، … أمّو)، يصاب بالقرف إزاء ما وصلت له المؤسّسة الأمنيّة في تونس، والتي تعمل رأسا بتعليمات من بن علي، من انحطاط وتدهور. ولسائل أن يسأل: هل يعتقد البوليس السياسي أنه يوجد من سيصدّق أنّ نسوة الرديّف المتظاهرات والرجال الذين شاركوا معهنّ في المسيرة سيرفعون مثل تلك الشعارات البذيئة؟ بالطبع لا. ولكن الاستنتاج الذي سيخرج به هو أنّ نظام بن علي ومؤسّساته، الأمنيّة منها بالخصوص، بلغا درجة من التعفـّن لا رجعة فيها! وأنـّه آن الأوان ليترك هذا النظام مكانه لنظام ديمقراطي تتمتع مؤسّساته بدرجة دنيا من الأخلاق! (المصدر: « البديـل عاجل » (قائمة مراسلة  موقع حزب العمال الشيوعي التونسي) بتاريخ 9 أوت 2008)


 

العـــــــــــــرس  
 
 زكية الضيفاوي جهّزت أمّ العرائس فتياتها للزفاف، ثلاث فتيات سمراوات بلون العسل بشرتّهن والقلوب تطفو محبّة والعيون تفيض أمل الرّديف العروس الكبرى ،تسابق نحوها العرسان فلم تختر سوى الحرية عشيقا ،ولأنها هي الكرامة ذاتها قررت إكمال مراسم الزفاف بأن جعلت من الصدق والإخلاص والعدل مدعوين. المتلوي في ثوب الحريّة اختالت واليها الكرامة مالت فانجذبت إليها عروس العفاف. المضيلة أصغر العرائس عانقت العدل فحلا وتناسق تاج العدالة مع سمرتها الخاطفة . فرحت أمّ العرائس لاختيارات بناتها وقررّت أن تنجز لهم عرسا موحدا ودعت كلّ الفقراء يشربون نخب الفرح. اغتاظ العرسان المرفوضون، رغم ثرائهم ومكانتهم المرموقة ، تجمعوا في قصر كبير يتصيّدون الحيل لإبطال الزفاف .لكنّ المفاجئة كانت رهيبة واستفقنا جميعا ذات صباح على رقص العرائس وأمهنّ تدق كل واحدة منهن أبواب الفقراء تدعوهم إلى الحفل فتغمر بيوتهم دفئا ويهزّ وقع رقصهنّ قصور الأثرياء . تطوف أم العرائس وبناتها بالأكواخ صيفا تبعث فيها عبير نسمة نديّة باردة تنعش الأجساد المنهكة تبث فيها الحياة فيرتفع قيظ القصور حتّى يختنق أهلها بغبار الفسفاط المتطاير من تحت أقداح الراقصات … ومن عرق العرائس تتطاير رائحة العطر والفرح لامس رذاذها أهل فريانة والقصرين وسيدي بوزيد فاستعدّ الجميع لمشاركة الجنوب عرسه واستعد أحرار القيروان والساحل وتونس وبنزرت ….لحماية العرس من المفسدين . هزّت المفاجأة الأثرياء فحاولوا اختطاف سمرة الجنوب يقايضون بها أمّ العرائس لكنهم لخيبتهم اتشحوا بسواد الغضب أعلنوا حالة الاستنفار وكثفوا اجتماعاتهم ليلا نهارا يناقشون سرّ اعتناق السمرة للفرح.  غريب أمر هذه القرى الفاجرة فتياتها يسبحن ضدّ التيار، شبّانها فرسان لا يرتادون سوى الطرق الوعرة أقدام أهلها تزلزل الأرض إذا رقصوا …..ماذا يريد أهل الجنوب …..؟ صوتهم واحد …عرسهم واحد …فجرهم صاعد…هل أخطأنا أن فرضنا عليهم حالة الحرب الكل ضدّ الكل في زمن الكلّ فيه يشي بالكلّ…في زمن الكلّ فيه يسرق ارتفعت أيادي الجنوب سياجا في وجه محاولات النهب والابتزاز….في جنوب طوّقته شركات الفسفاط بغبارها الخانق تنفث أمّ العرائس وبناتها هواء نقيا يحي العظام وهي رميم… أي عرس هذا الذي لم تباركه القصور ولم يرقص فيه الملوك ولم تشرب نخبه رؤوس الأموال… وبعد نقاش طويل جاء القرار لنزيد صيفهم قيضا لنجعل تلوّث هوائهم اختناقا ..لنحوّل عرسهم إلى مأتم …أين القنابل تسيل الدموع فتخلط الألوان فوق وجوه العرائس تفسد زينتهنّ…؟ أين الرصاص يجعل من الدخان ستائر تفصل بين كلّ عريسين…وعبثا حاولت الأسلحة على اختلافها إخماد صوت الفرح الزغاريد ترتفع فوق صوت الرصاص …زغاريد أمهات لاستشهاد أبنائهنّ فرسانا يفدون الفرح بالحياة…زغاريد أمّ العرائس لانتصار بناتها على الحزن والرصاص …. زغاريد تهزّ جبروت حرّاس القصور فيرتعدون ينادون السجون …لكنّ العرائس وأمهنّ العجوز يواصلن الرقص……….فأين أحرارك خضراء يدّقون لهنّ طبول النصر يعزفون لهم نشيد الحياة في انتظار عودة الفرسان يباركون الزفاف. 2008/08/09
(المصدر: موقع كلمة الإلكتروني ( تونس ) بتاريخ 9 أوت 2008)  

ما ضاق به الفضاء من أخبار المحاماة والقضاء (4)

 
عبد الرؤوف العيادي  مجلس هيئة المحامين يكشف عن مؤامرة صدر بيان عن مجلس الهيئة لا يحمل تاريخا، إثر طلب المدعي العام لدى المحكمة الجنائية الدولية اصدار  بطاقة جلب ضدّ الرئيس السوداني عمر البشير، اختير له من العناوين: »بيان للتنديد بالمؤامرة ضدّ جمهورية السودان! ». ولا يسع قارئ البيان المذكور إلاّ أن يهنّئ مجلس الهيئة _ الذي عبّر عن رفضه تسييس القطاع و قول كلمته في القضايا والملفّات الوطنية ـ عن الاختصاص الذي تميّز به في القضايا الدولية  أو لنقل بعضها  لأنّه لم يخض على سبيل المثال في موضوع الاتحاد من أجل المتوسّط الذي سارع الجنرال بن علي إلى مباركته والانخراط فيه  بالرغم من أهمية المشروع على مستقبل البلاد ومصير الأجيال القادمة. أمّا عن صيغة « البيان » وما تضمنه من مواقف، فيستدعي الملحوظات التالية: أوّلا ـ من الغريب أن يفتي أخصّائيو القانون بمخالفة إجراء الإيقاف للأعراف والقوانين الدولية دون بيان وجه ذلك. ثانيا ـ كيف يشكّل القرار المذكور اعتداء على سيادة السودان، فهل بالإمكان مقاضاة البشير أمام القضاء السوداني وهو المسؤول عن قتل وتشريد عشرات الآلاف من السودانيين الذين طالبوا بحقّهم في تقاسم ثروة البلاد فهل  ان السيادة او الحصانة تبرر استباحة جزء من  الشعب قتلا وتشريدا؟ ثالثا ـ إنّ الربط بين هذا الاجراء وتنفيذ مخطّط الشرق ألأوسط الكبير لا يقنع أي شخص له مستوى متواضع من الاطّلاع على الأحداث، إذ انتهى الحديث عن هذا المخطّط بعد إسقاطه من طرف المقاومة ، وعوّضه الاتحاد من أجل المتوسّط الذي أصبح موضوع الساعة، فهل من تعديل لساعة مجلس الهيئة؟ رابعا ـ أمّا دعوة أصحاب البيان « جميع الدول العربية » الوقوف صفّا واحدا، فلا داعي لها، إذ هي فعلا صفّا واحدا في تشبّثها بالحصانة ضدّ المساءلة، كما أنّها أصيبت بحالة من الرّعب جعلتها تدفع من هم في خدمتها للتباكي على السيادة التي فرّطوا فيها من زمان مقايضة منهم للبقاء بالكرسي. خامسا ـ كم يكشف هذا البيان عن أمّية قانونية، بدعوته « لإسقاط » هذا القرار، إذ كان على رجال قانون الدعوة إلى البحث في سبل طلب مراجعته . أمّا إسقاطه فلا نرى له سبيلا إلاّ بحلّ المحكمة أو تعديل اختصاصها أو بقصفها. عقاب المدير الإداري لهيئة المحامين بالإيقاف عن العمل لمجرّد وشاية إلى وزارة الداخلية   حصل جدل داخل مجلس الهيئة، كاد ينتهي بانشطار تتعطّل معه الإنجازات المنتظرة بعد أن كشفت إحدى الكاتبات بالإدارة عن تقرير إرشادي حرّره المدير الإداري تناول معلومات حول تصرّفات أحد أعضاء المجلس المذكور. وفي حين هوّن البعض من الأمر أصرّ العضو الموشى به لاتّخاذ إجراء تأديبي في حقّه ـ وانتهى الجدل بصدور قرار بإيقافه عن العمل لمدّة أسبوع واحد من أجل ما نسب إليه. وقد علمنا أنّ المدير المذكور يتقاضى ألف وخمسمائة دينار مرتبا شهريا في حين أنّ ملفّه الشخصي لا ينطوي على أيّ شهادة علميّة. الأكيد أنّ مستواه يسمح له بكتابة التقارير لمصالح الداخليّة! تكريم أحد المنتدبين من العاطلين السابقين خلاف آخر حصل بين أعضاء مجلس الهيئة بعد علمهم بقرار صرف مرتّب شهري قدره أربعة آلاف وسبعمائة من الدنانير إلى مدير صندوق التغطية الاجتماعية المنتدب حديثا، فالبعض استكثر هذا المرتّب الخيالي، ومنهم من اعتبر ذلك تكريما غير مباشر لجميع العاطلين من أصحاب الشهائد والخبرات، إلاّ أنّ البعض الآخر اعتبر أنّ الكرم الحاتمي ولّى زمانه، وأنّه كان لمجلس الهيئة الاكتفاء بدعوته لأكل صحن كسكسي بالعصبان بمطعم الوليمة. وحتّى الوليمة موش ديمة ديمة! جلسة عامة غير قادرة على إدارة حوار ولا اتّخاذ قرار اختتمت السنة الأولى من ولاية مجلس الهيئة بانعقاد الجلسة العامة التي رأى فيها أحد المحامين الشبّان انتصارا للمحاماة! والحال أنّه لم يوضّح ما هي معايير النّجاح. هل بنسبة الحضور المتواضعة؟ وإذا كان الانتصار فعلى من ؟ وهل هناك محاماة موحّدة واحدة أم هي متعدّدة؟ فهل يقصد محاماة الوشاية والعضلات أم محاماة الدفاع عن القضايا العادلة، وهل يعني محاماة الريع الإداري والاستئثار بالمال العام، أم محاماة اللّقمة الشريفة؟ ثمّ هل أنّ في مجرّد رفع الجلسة العامة تحاشيا للمواجهة بين هذه وتلك نجاح يحسب للمجلس ولعميده؟ وأيّ انتصار لمحاماة تخلّت عن الدفاع عن استقلال القضاء وعن كرامة المحامي التي تخلّت الهياكل الحالية عن الدفاع عنها إلاّ عبر بيانات التنديد التي اضطرّت لإصدارها بما لا يعكس خطورة الانتهاكات وتكرّرها. بعد صبّة إمام المسجد تأتي صبّة السجن انتهى الاستنطاق وبقي الحاضرون ينتظرون في صمت إنهاء كاتب التحقيق الصيغة التي يذيّل بها المحضر وأسماء الممضين عليه، فقطع السيد القاضي الصمت متوجّها للمتّهم: « أشكون صبْ بيك »؟ أجاب المتّهم إمام الخمس وكان ذلك إثر دخولي المسجد متأخّرا للصلاة فطالبني بالخروج لغلقه إلاّ أنّني أصريّت على  القيام بالفرض فانفعل وحرّر في شأني تقريرا إلى معتمد المنطقة! السيد القاضي لم يقتنع بأسباب إيقاف الشاب المحال عليه بتهم الإرهاب فأدرك أنّ وراء كلّ ملفّ مجرّد من الأدلّة صبّة، وا أ سفاه على شباب وجد نفسه بين صبّتين أمّا قصّته مع الجلاّد اللّعين فتبكي القلب والعين. القاضي رابح شيبوب، سرعة الفصل قبل حركة النقل! القاضي الفاضل رابح شيبوب ـ هذا المغضوب عليه بسبب تشبّثه باستقلال قراره ـ تصدّى ـ في آخر الجلسات التي ترأّسها إلى محاولة من عدّة أطراف متنفّذة حتّى لا يبتّ في إحدى القضايا المدنية التي قام بها أحد وجهاء الجهة والذي عمد إلى تزوير كمبيالة مضمّن بها في الأصل 25000,000 فعمد تدليسا فيه إلى إضافة رقم 6 إلى المبلغ الأصلي فأصبح 625.000,000 ! لم تأت الشكوى الجزائية للمدين المسكين بنتيجة إذ انصرف التحقيق حول صحّة الإمضاء من عدمها بينما يتعلّق الأمر بإضافة الرقم 6 . لم يمنع حفظ القضية جزائيا السيد رابح شيبوب من إجراء اختبار جديد تعلّق بالرقم 6 الذي ثبت زوره. المحامي نائب الدّائن المدلّس طلب التمديد في جلسة المرافعة ليقع البّت في القضيّة بعد العطلة القضائية والتي ستشهد نقلة السيد رابح شيبوب الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف بالجهة بتوا أطراف داخل المحكمة مع المحامي المذكور سعت إلى إحداث نقص في تركيبة المحكمة حتّى لا تكون الجلسة جلسة مرافعة. تصدّي القاضي رابح شيبوب بشجاعة لتدخّلات المتنفّذين، سيجعله حاضرا في قلوب المحامين والمتقاضين بالجهة وإن تمّت نقلته إلى غيرها مثلما هو منتظر بل مقرّر.    هضم حقوق الدفاع يفضي إلى هضم جانب المحكمة رمزي الرمضاني شاب أحيل في عدّة قضايا « إرهابية » طبعا دون أن يكون قتل ذبابا، وقد أرهق بالمثول على عدّة دوائر، ولم يجد دفاعه في التمسّك باتصال القضاء في شأن ما هو منسوب إليه من جرائم تعلّقت بوقائع تعود لنفس الفترة، وحدث أن طلب من الدائرة الجنائية الاستئنافية التي يرأسها القاضي منّوبي حميدان التأخير لإنابة الأستاذ عبد الرؤوف العيادي، وطلب محاميه الحاضر بالجلسة التأخير للقيام بإجراء التخلّي إلاّ أنّ المحكمة رفضت طلبه وعمدت إلى التسخير الحيني لمحام لا يفعل وجوده سوى إنقاذ المحاكمة من البطلان، فانفعل المتّهم وكال للقاضي أبشع النعوت وأحطّ الأوصاف، فقرّر الرئيس المذكور رفع الجلسة، ثمّ عاد ليقضي بسجنه من أجل هضم جانب المحكمة مدّة سنتين إلاّ أنّ المتّهم واصل  سبّه وشتمه للقاضي المذكور. فمتى يدرك القضاة أنّ إمعانهم في هضم حقوق الدفاع والظهور بمظهر الخصم للمتّهم لن يجنوا منه سوى الأذى، وأنّ استضعاف المتّهم لا يجعلهم في مأمن من سياط لسانه وربّ قول أشدّ من صول. من يستهدف تعديل وقت إجازة القضاة؟ جديد هذه السنة في تنظيم القضاء، هو نظر الدوائر الجنائية خلال العطلة القضائية في ملفّات ما يسمّى بقانون الإرهاب، وذلك بصورة استثنائية وعلى خلاف ما جرت عليه الأمور في السنوات السابقة، وهو قرار لا نجد له تفسيرا إلاّ في تكاثر هذا النوع من القضايا. كذلك قرّرت الإدارة ـ وعلى خلاف العادة ـ أن تكون إجازة القضاة بين 1 جويلية و31 أوت 2008  ـ (بينما كانت تبتدئ من 15 جويلية إلى 15 سبتمبر). بعض المطّلعين أفادونا أنّ الإجراء الاستثنائي هذا إنّما قصد منه منع ترخيص سفر أعضاء المكتب التنفيذي الشرعي لجمعية القضاة التونسيين الذي تلقّى دعوة من الاتحاد الدولي للقضاة لسماع وجهة نظره خلال شهر سبتمبر 2008 فيما استهدف له من انقلاب دبّّرته الإدارة، التي ستتذرّع بكون الأعضاء المذكورين قد استنفذوا حقّهم في
الإجازة.
(المصدر: موقع كلمة الإلكتروني ( تونس ) بتاريخ 8 أوت 2008) http://www.kalimatunisie.com/ar/4/100/183/ 

ما كشفته الجدران المهدّمة

 

الصحبي صمارة   اضطرّت المصالح البلدية بتونس العاصمة إلى التسريع بهدم هذا المبنى الواقع بشارع باريس في قلب العاصمة تونس بعد أن أصبحت قطع من جدرانه تتهاوى على المارّة. وكشفت عملية الهدم كلمات كتبت على الجدار منذ أواسط تسعينات القرن الماضي « الله أكبر، الجهاد… التحرير، النّصر » وقد هبّ بعض عناصر الشرطة وأمروا العمّال بتشطيب هذه الكلمات بسرعة إلاّ أنّ الكلمات لم تختف تماما. وتحيل هذه العبارات على فترة من تاريخ البلاد السياسي عندما انتشرت حركة النهضة الإسلامية في البلاد.
(المصدر: موقع كلمة الإلكتروني ( تونس ) بتاريخ 8 أوت 2008) http://www.kalimatunisie.com/ar/4/10/180/  

جمعيّات وهميّة  
 الصحبي صمارة التقطت الصورة لأم ترضع طفلها رافضة مواجهة العدسة. عندما سألتها عن سبب لجوئها إلى التسوّل استظهرت بشهادة تثبت إصابتها بمرض مزمن فاستفسرت عن عدم توجّهها إلى إحدى الجمعيات فكان ردّها أنّها وجدت العون والرحمة في الفقراء السائرين في الشوارع. وتتباهى الحكومة التونسية بأنّ هناك أكثر من 9 آلاف جمعيّة العديد منها يعنى بشؤون الطفولة والأمهات والأرامل والمسنّين. فيما يقف دور هذه الجمعيات على الأنشطة الوهميّة داخل المقرّات المكيّفة.
(المصدر: موقع كلمة الإلكتروني ( تونس ) بتاريخ 9أوت 2008)

حرس حاجب العيون يتسبب في مقتل شاب وينكر الجريمة

 

الصحبي صمارة  قامت فرقة خاصّة من التفقّدية العليا للأمن بإجراء مكافحة بين أعوان الحرس الوطني بحاجب العيون وعائلة شاب من ولاية القصرين توفّي جرّاء حادث مرور. وكان أعوان الحرس قد أنكروا في وقت سابق أن يكونوا المتسبّب في الحادث فيما اعترفوا الأسبوع الماضي بعد مواجهتهم بعائلة الضحيّة وبشهود عيان. وقد جدّ صبيحة الخميس 10 جويلية الماضي حادث مرور على مستوى جسر « وادي الزّورد » في الطريق الرابطة بين القصرين ومعتمدية حاجب العيون من ولاية القيروان أودى بحياة شاب في الثامنة عشر من عمره وإصابة شقيقه البالغ من العمر أربعا وعشرين عاما. وتناولت إحدى الصحف اليومية الحادث المذكور، الذي اعتبرته عرضيا، مشوّهة تفاصيل الواقعة ومستثنية أسبابها وخفاياها ممّا دفع بعائلة الضحيّة إلى المطالبة بتصويب الحقائق للقرّاء وبتطبيق القانون على من تثبت تهمة تسبّبه في مقتل ابنها. رحلة باتجاه البحر يسرد الشاب سيف الدين العبيدي (24 سنة) تفاصيل الحادث باعتباره كان رفقة شقيقه المتوفّي المعتزّ بالله العبيدي (18 سنة) فيقول إنّه غادر القصرين مع شقيقه في حدود الساعة العاشرة صباحا من يوم الخميس 10 جويلية المنقضي على متن سيارة والدهما (من نوع بيجو505). وقد حملا معهما ستّ حاويات من البنزين ذات 20 لترا. انطلقت الرحلة عادية حتى بلغا جسر وادي الزّرود الواقع على طريق حاجب العيون إذ قاموا تخفيض السرعة إلى حين نهاية الجسر ولكن فرقة من الحرس كانت تتخفّى بين الأشجار لرصد الطريق فقام أحد الأعوان بإلقاء السلسلة الحديدية بشكل فجئي لإيقاف السيارة دون سابق إنذار ممّا أدّى إلى انفجار العجلة الخلفية للسيارة التي انقلبت أكثر من مرّة ملقية بالشاب المعتزّ بالله خارجها حيث اصطدمت جمجمته بالإسفلت ممّا أدّى إلى نزيف حادّ في رأسه فيما خرج الشقيق الأكبر من السيارة وهو ينزف من إصابته وطلب من أعوان الحرس مساعدته بإيقاف سيارة لنقل شقيقه إلى المستشفى إلاّ أنّهم انسحبوا من المكان صوب الوادي وبقي الشاب المصاب ينتظر سيارة تسعف شقيقه قرابة ساعة من الزمن إلى أن مرّت بمحض الصدفة سيارة إسعاف قادمة من القيروان باتجاه حاجب العيون أوقفها سيف الدين حيث نزل منها سائق وممرّضة تولّيا حمل المعتزّ بالله الذي كان فاقدا للوعي. في تلك الأثناء استردّ رئيس مركز الحرس وأعوانه « الشجاعة المهنيّة » واقترب من سيّارة الإسعاف وهو يردّد « أنا من أمرت برمي السلسلة ». يقول سيف الدين: إنّه أجبر على مرافقة الأعوان إلى مركز الحرس بحاجب العيون وعندما أدخلوه إلى المركز أمره « الرئيس » بالانتظار خارج المكتب ولمّا طلب منه مساعدته للّحاق بشقيقه بأن يوقف له سيارة قال له بالحرف الواحد « إمش على رجليك » بعد أن أعلمه بأنّ شقيقه بمستشفى القيروان. واضطرّ الشابّ المصاب إلى استئجار سيارة حملته إلى القيروان حيث أعلموه بأنّ شقيقه بقي بمستشفى الحاجب وقد فارق الحياة. والد الضحيّة تلقّى مكالمة هاتفية من ابنه سيف الدّين واتّجه في تلك الأثناء إلى مستشفى حاجب العيون حيث وجد العشرات من عناصر الشرطة والحرس وتمكّن من رؤية جثمان ابنه وطلب من مدير المستشفى تمكينه من الجثمان ليعود به إلى القصرين فوجّهوه إلى مركز الحرس حيث وجد إجابة باردة لدى « الرئيس » الذي أعلمه بأنّ الإجراءات تتمّ بمنطقة الحرس بالقيروان وبعد توجّهه إلى القيروان أعلمه المسؤول الأمني أنّ الإجراء لا يتمّ إلاّ في مركز المنطقة الذي عاين الحادث. وبالعودة إلى مركز حاجب العيون استدعى رئيس المركز رئيس البلدية وتمّ اصطحاب الأب ومنحه شهادة وفاة ابنه.   أسئلة محرجة وإجابات كاذبة توجّه والد الضحيّة إلى رئيس مركز حرس حاجب العيون بالسؤال عن سبب إلقاء أعوانه للسلسلة الحديدية التي قلبت السيارة فأجابه بأنّهما لم يمتثلا للقانون وأكّد بأنّ الدولة منحتهم السلسلة للقيام بذلك، فاحتجّ ابنه سيف الدين قائلا للأعوان « من منكم أوقفني ولم أستجب لأوامره؟ » فلاذ جميع الأعوان بالصمت لكنّ رئيس المركز حاول الإمعان في إنكار الخطأ قائلا أن اللوحة المنجمية للسيارة كانت منزوعة فجاءه التكذيب من طرف عون أمن في فرقة « الطلائع » أكّد أنّه رأى الألواح المنجمية في أماكنها فحاول رئيس المركز اختلاق تعلّة غير مبرّرة فقال إنّ السيارة كانت تحمل 40 حاوية بنزين مهرّب فكانت إجابة الأب أكثر تدلالا على كذب المسؤول الأمني إذ سأله « كيف تستطيع سيارة صغيرة الحجم حمل 800 لتر من البنزين؟ وأين يمكن وضع هذا العدد من الحاويات؟ » عندها لاذ المسؤول بالصمت المطبق. وبالإضافة إلى هذه التفاصيل فإنّ السيارة التي أودت بحياة الشاب المعتز بالله قد رفعت من مكانها في وقت وجيز وقبل إجراء المعاينة، كما فقدت أدباش الضحيّة (ملابسه وهاتفه الجوّال و وثائقه الشخصية ورخصة سياقته التي لا تزال لدى المصالح الأمنية). وتنتظر عائلة الشاب الضحيّة المعتزّ بالله موقف السلطات الأمنية من الأعوان المتسبّبين في مقتل ابنهم خصوصا بعد أن سجّلت اعترافاتهم بعد المكافحة التي جرت الأسبوع الماضي مع العائلة والشهود. (المصدر: موقع كلمة الإلكتروني ( تونس )  بتاريخ 9 أوت 2008)


 ارتفاع التضخم في تونس الى 5.2 بالمئة في يوليو    
تونس (رويترز) – أظهرت بيانات رسمية يوم الجمعة أن التضخم السنوي في أسعار المستهلكين بتونس ارتفع إلى 5.2 في المئة في يوليو تموز الماضي من 4.9 في المئة في يونيو حزيران الماضي بفعل نمو كلفة النقل.   وبلغ التضخم في كلفة النقل الشهر الماضي خمسة في المئة ارتفاعا من 3.5 في المئة في الشهر السابق.   وتباطأ ارتفاع أسعار السلع الغذائية وهي العنصر الاساسي لقياس التضخم في البلاد إلى 6.1 في المئة من 6.3 في المئة.   وتتوقع تونس أن يرتفع التضخم إلى خمسة في المئة هذا العام من 3.1 في المئة العام الماضي.   وقال صندوق النقد الدولي ان التوقعات الاقتصادية في الاجل المتوسط مازالت ايجابية لكن يتعين أن يظل البنك المركزي مستعدا لتشديد السياسة النقدية اذا استمرت الضغوط التضخمية.   (المصدر: وكالة  رويتزللانباء بتاريخ 9 أوت 2008) 


فنان تونسي تائب يعود للفن عبر الغناء الملتزم مع الفنان العالمي سامي يوسف    
تونس – خدمة قدس برس كشف المغني التونسي المعتزل منذ سنوات فوزي بن قمرة، عن عمل جديد سيعود به إلى الساحة الفنية من البوابة العالمية، وسيجمعه بالمغنّي العالمي سامي يوسف في سهرة مشتركة تعرض في فرنسا في تشرين أول (أكتوبر) المقبل. واشتهر الفنان سامي يوسف، بتقديم الغناء الملتزم، ذو الأبعاد الدينية والروحانية، التي تدعو إلى الفضائل والالتزام وحب الوالدين والرحمة والعلاقات الإنسانية. وكان فوزي بن قمرة قد ابتعد عن الأضواء في نهاية التسعينات من القرن الماضي، في أوج نجوميته واكتساحه لساحة الغناء الشعبي في تونس، وصرّح بعد سنوات من اعتزاله أنّه تفرّغ للإعداد لمشروع أغاني دينية. وأكّد هذا الفنان الذي أصبح يعرف بتديّنه والتزامه أنّ سيعود قريبا إلى الساحة الفنية بنوعية جديدة من الفن، وبعروض شبابية عصرية تتضمّن جمالية الأصوات والإنشاد الطربي الديني. وأضاف أنّ توجهه الجديد هو الأفضل والأصوب ومن المستحيل عودته إلى اللون القديم. وبرر فوزي بن قمرة غيابه الطويل عن الساحة الفنية بسعيه إلى الانفصال عن التجربة القديمة وانتظار تراجعها، مشيرا إلى أنّه لا يمكن أن يخوض تجربة جديدة وقديمه ما يزال موجودا ولاحظ أنّه يريد أن يتجنّب ارتباط اسمه في نفس الوقت بأغاني الفترة القديمة..  
(المصدر: وكالة قدس برس إنترناشيونال (بريطانيا) بتاريخ 7 أوت 2008)

خصوصيات القطار السريع الجديد والصفقات

التي تم إبرامها لمقتنيات القطارات

   

قريبا اقتناء 20  قطارا آخر للخطوط البعيدة ..16  قطارا للأحواز و3 لمترو الساحل وأخرى لنقل الفسفاط اقتنت الشركة الوطنية للسكك الحديدية في الفترة الاخيرة من مصنع فرنسي 10 قطارات جديدة بقيمة 65 مليون دينار، وذلك في اطار سعيها لتحسين الخدمات وتطوير العرض والاستجابة للاقبال المتزايد على النقل الحديدي للمسافرين بين المدن. وستؤمن هذه القطارات في مرحلة أولى رحلة يومية ذهابا وايابا باتجاه سوسة، ثم سيتم تشغيل هذه القطارات على الخطوط المؤدية الى كل من صفاقس وقعفور وذلك بداية من مستهل الشهر القادم. وتتكون هذه القطارات التي تبلغ سرعتها 130 كلم في الساعة من عربتين ذاتيتي الجر. وتمتلك كل عربة طاقة استيعاب تبلغ 132 مكان جلوس، تتوفر فيها كل مقومات الرفاه وتمكن المسافرين من الاستمتاع بالرحلة. كما تمكن هذه القطارات من توفير مرونة في الاستغلال وتأمين سفرات متواترة بما يتوفر فيها من امكانيات تيسر تعديل تركيبتها. ولعل البارز في القطار الجديد هو غياب القاطرات أو المجرورات باعتبار أن كل عربة باتت مزودة بمحرك. وينتظر خلال الاشهر القادمة أن تتولى الشركة اقتناء 20 قطارا جديدا آخر من هذا النوع و16قطارا للاحواز الجنوبية و 3لمترو الساحل وقطارات لنقل الفسفاط.   ع.الزايدي   (المصدر: جريدة الصباح (يومية – تونس)  بتاريخ 9 أوت 2008)

 بين الكاف وتاجروين: على الطريقة الهوليودية.. استولوا على سيارة رجل أعمال بها مليار ونصف المليار أورو  
 
سجلت في الآونة الاخيرة على طريق تاجروين الكاف حادثة غريبة لم يسبق ان سجلت على مدى عقود طويلة وتتمثل في (براكاج على الطريقة الهوليودية) وافلام المغامرات تعرض له مواطن من بلد شقيق جاء الى بلادنا في  مهمة باعتباره من رجال الاعمال الكبار الذين يترددون على تونس لانجاز اعمالهم وكان لدى دخوله من نقطة حدودية بين البلدين يتحوز على مبلغ مالي ضخم من عملة الأورو الاوروبية تتجاوز قيمته المليار (حوالي ثلاثة ملايين دينار بالعملة التونسية) وقد ارغم اثناء العملية على ان يتخلى عن سيارته مع رفيقه الذي كان معه بعد ان وقع الاعتداء عليه.. واستولى منفذوها على هذه السيارة وما بداخلها من اموال ولم يتم العثور عليها الا بعد يومين تقريبا في بلدة تالة بالقصرين.   وكشفت التحريات الاولى ان منفذي هذه العملية جاؤوا من بلدة فريانة بولاية القصرين على متن سيارتين وكانوا على علم بتصرفات وتنقلات المتضرر وظروف عمله التي تحتم عليه حمل الاموال بالعملة الاجنبية معه وقد اخضع للمراقبة الشديدة والمتواصلة مدة زمنية طويلة داخل بلده.. واثناء حلوله بتونس قبل ان يقدموا على فعلتهم.. وتدخلت السلطات الامنية بتاجروين متمثلة في فرقة الابحاث والتفتيش التابعة للحرس الوطني التي تجندت بقوة لكشف لغز هذه العملية وتوصلت في ظرف وجيز الى القاء القبض على عدة اشخاص واستعادة بعض الاموال المسروقة.. والابحاث مازالت جارية لايقاف الهاربين واستعادة ما بحوزتهم من هذه الاموال قبل ان يقع تقديمهم الى العدالة.   الهادي الخماسي   (المصدر: جريدة الصباح (يومية – تونس)  بتاريخ 9 أوت 2008 )


دلالات ترشيح الرئيس بن علي لولاية خامسة  
توفيق المديني بعدما أسدل الستار على أعمال مؤتمر «التحدي» للتجمع الدستوري الديمقراطي (الحزب الحاكم في تونس منذ ما يزيد عن نصف قرن بلا منازع) الذي عقد في 30 يوليو الماضي واستمر لمدة أربعة أيام، أعلن الرئيس زين العابدين بن علي يوم الأربعاء الماضي عن ترشيح نفسه لولاية خامسة، بعدما بايعه نواب «التجمع الدستوري الديمقراطي» رئيساً للحزب خلال السنوات الخمس المقبلة، في خطوة قد تمدد بقاءه في السلطة المستمر منذ توليه الحكم في تونس في 7 نوفمبر 1987 عقب الانقلاب الأبيض على الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة، وحتى 2014. وكان الرئيس بن علي البالغ من العمر 72 عاما، قال في افتتاح المؤتمر الخامس للحزب الحاكم «أقول لكم بكل فخر إنني دائماً على العهد معكم، وأجيبكم بكل اعتزاز.. نعم لأن أكون مرشحكم للانتخابات الرئاسية لسنة 2009». ويتوقع أن تجرى الانتخابات المقبلة في أكتوبر العام 2009. ويعتبر الرئيس بن علي بموجب المبايعة من قبل حزبه، أول المترشحين للانتخابات الرئاسية المقبلة من الزاويتين القانونية والدستورية، علما أن مجلس النواب التونسي (البرلمان) صادق يوم 24 يوليو الماضي على تعديل دستوري جديد، يحصر حق الترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة في الأمناء العامين للأحزاب السياسية المعارضة دون سواهم، من قيادات الأحزاب الأخرى والشخصيات الوطنية المستقلة مشترطا بذلك أن يكون الأمناء العامون للأحزاب مضطلعين بمهامهم مدة لا تقل عن خمس سنوات. وطبقا لهذا القانون الجديد، فإن المحامي والمعارض أحمد نجيب الشابي، الأمين العام السابق «للحزب الديمقراطي التقدمي» المتواضع جداً في حضوره وفي شعبيته، لن يكون مرشحاً من الناحية القانونية والدستورية للانتخابات الرئاسية المقبلة. وهذا ما جعل الشابي يقول في بيان رفضه لهذا القانون ،أصدره منذ أيام عدة: «إن هذا القانون.. جاء كردة فعل على قرار الحزب الديمقراطي التقدمي بترشيحي إلى هذه الانتخابات، ويكون بذلك قد وضع شروطا على القياس الهدف منها إقصاء الترشحات التي يخشى الحكم منافستها، وجدير بالتذكير أني توليت خطة الأمانة العامة للحزب لمدة طويلة وتخليت عنها منذ زهاء السنتين، إرساء لسنة التداول على رأس المؤسسات الحزبية». وكان حزبان من المعارضة الموالية للسلطة: «حركة الديمقراطيين الاشتراكيين» و«الحزب الاجتماعي التحرري» (ليبرالي) أعلنا خلال مؤتمر التجمع الدستوري الديمقراطي، قرارهما ترشيح رئيس الحزب الحاكم ورئيس الدولة، زين العابدين بن علي للانتخابات القادمة، في إطار تشكيل «جبهة وطنية ديمقراطية»، أو في سياق «أغلبية رئاسية».. تجمع الحزب الحاكم والأحزاب والمنظمات الموالية للحكومة، على قاعدة التقدم للانتخابات الرئاسية القادمة بمرشح وفاقي هو الرئيس بن علي. وعلى الرغم من نهاية الحرب الباردة منذ ما يقارب العقدين، وزوال العديد من الأنظمة العسكرية، أو الأحزاب الشمولية الأحادية في العديد من الدول الاشتراكية والعالم الثالث.. مع ذلك، فإن حزب «التجمع الدستوري الديمقراطي» ما زال يحكم بإطلاقية في تونس. وجاءت الانتخابات الرئاسية والتشريعية التي جرت في تونس يوم 24 أكتوبر 1999، والتي حصل فيها الرئيس بن علي على نسبة 99.4 في المئة، بينما حصل حزبه على نسبة 91.5 في المئة، وانتخابات 1999 التي فاز فيها بن علي أيضا بغالبية ساحقة قبل تعديل الدستور لإلغاء سقف الولايات الرئاسية العام 2002. وكان هذا التعديل ذاته أتاح إعادة انتخاب بن علي العام 2004 بأكثرية 94.49 في المئة في مواجهة ثلاثة منافسين من المعارضة. كما ألغى السن القصوى المحددة بـ75 عاماً، لتؤكد لنا أن «حصة» الرئيس الدستوري، لم تتغيرا تقريباً، سواء أجريت الانتخابات الرئاسية والتشريعية في ظل الحزب الواحد أم في ظل التعددية الحزبية التي انطلقت في العام 1981. وقد أجمعت معظم أحزاب المعارضة على اعتبار الانتخابات هذه هي في المحصلة النهائية انتخابات تعددية داخل الحزب الواحد الحاكم المهيمن، وفي ظل تعددية هي نتاج تذرر المجتمع التونسي وتشظي مجاله السياسي. إن أول ما يستوقف المتابع للأوضاع السياسية في تونس عامة، هو أن حزب «التجمع الدستوري الديمقراطي» الذي كشف بمناسبة عقد مؤتمره الخامس، عن أن عدد منخرطيه يبلغ 2.2 مليون، وهو ما يعني أكثر من خُمس الشعب التونسي، الذي يقدر بـ 10 ملايين نسمة، هم أعضاء في حزب التجمع، والذي أدخل تعديلات على الهيئات القيادية للحزب، كان أبرزها زيادة عدد أعضاء اللجنة المركزية من 250 عضواً إلى 343، إضافة إلى تقليص عدد نواب رئيس الحزب إلى نائب واحد، لا يزال مستمرا بالاحتفاظ بالحكم منذ الاستقلال إلى اليوم، أي على مدى 52 عاماً من دون انقطاع. وهو يكاد يكون حالة منفردة في العالم. علماً أن الأحزاب الشمولية الواحدية التي حكمت في أوروبا الشرقية، أو في بلدان العالم الثالث قبل نهاية الحرب الباردة، اكتشفت أن شعبيتها تراوح بين 20 و25 في المئة لدى خوضها انتخابات تعددية وشفافة مع أحزاب منافسة. وغير بعيد عن تونس حصدت «جبهة التحرير الجزائرية» نتائج مشابهة في أول انتخابات خاضتها بعد تكريس التعددية. ويحق للمراقب أن يتساءل عن سر القوة الخارقة التي جعلت جميع الأحزاب الوحيدة السابقة تسقط في اختبار التعددية وتعود إلى حجمها الحقيقي، فيما » الدستوري « مستمر بتحقيق نجاحات باهرة والفوز على منافسيه بالنسب التسعينية إياها.  فهل إن التونسيين يمقتون التعددية ولا يشعرون بالاطمئنان والأمان إلا تحت جناح حزب واحد، أم لدى » الدستوريين « عصا سحرية تجعل أصوات مرشحيهم هي المرجحة دائماً ؟. من الواضح أن الحكم في تونس لا يزال يرفض استبدال القانون الانتخابي الأغلبي بنظام انتخابي انتقالي يضمن لأحزاب المعارضة حضوراً محترماً ومؤثراً في الحياة البرلمانية.. فضلاً عن ذلك، فإن القانون الانتخابي الحالي لا يسمح بتكريس مبدأ تداول السلطة، ويعيد إنتاج نظام الحزب الواحد، ما يجعل أحزاب المعارضة الرسمية التي تصل إلى البرلمان مشكوكاً في صدقيتها السياسية، لأن المعيار الذي يتم في ضوئه اختيار ممثليها في البرلمان، ليس معياراً انتخابياً يستند إلى استقلالية الحزب وشعبيته لدى الرأي العام، وإنما هو معيار سياسي، بسبب تحالفها مع السلطة. ومعروف أن حزب «التجمع الدستوري الديمقراطي» الحاكم يُهيمن على 80 في المئة من مقاعد البرلمان البالغ عددها 189 مقعداً، في حين أوصى بترك نسبة العشرين في المئة الباقية لكي تكون من حصة 6 أحزاب معارضة. وقد أعفى القانون الأخير قيادات المعارضة من شرط الحصول على تزكية 30 منتخباً. هكذا يبدو أن التداول على السلطة في تونس مؤجلا، في انتظار نضج مجتمع مدني قادر أن يقف بشكل ندي مع الدولة، ولاسيما أن المقاربة التي قدمها البيان الرئاسي والحزبي، لا تترك أي مجال للتأويل. فقد قال زهير المظفر، وزير الوظيفة العمومية في الحكومة، وأحد منظري الحزب الحاكم، إن التداول الذي يعني تسليم الحكم، أو التخلي عن السلطة، أو الانسحاب من كرسي الرئاسة، لا معنى له من الناحية السياسية والدستورية، مشددا على أن «التداول، لا يجد معناه إلا من خلال صندوق الاقتراع ورأي الشعب، فذلك هو الطريق إلى التداول، وهو ما تشير إليه، بل وتتضمنه مختلف الدساتير الموجودة حتى في أعرق الديمقراطيات في العالم، حيث لا يتم التنصيص على مبدأ التداول، وإنما على الانتخابات كقاطرة رئيسية للوصول إلى السلطة». كاتب من تونس (المصدر: صحيفة أوان (يومية – كويتية)السبت, 9 أوت 2008)

         زيارة مصرية وحديث عن التجربة التونسية في يومية الأهرام.    
مصطفى عبدالله ونيسي/ باريس /فرنسا  
 
قدمت لأول مرة إلى مصر في شهر يوليو( جويلية) لسنة2008م صحبة أفراد عائلتي وبعض الطلبة الرّاغبين في تعلم اللغة العربية في بيئة عربية إسلامية . فالزيارة كانت بالأساس لتأطير هؤلاء الفتية الذّين امنوا بربهم وإعانتهم على إتقان لغة الضّاد قدر المستطاع. ولكن الزيارة،كانت ،أيضا، بالنسبة لي مناسبة طيّبة للسياحة والتعرف على هذا الشعب ،العظيم و المضياف،وهذا البلد العريق علما و حضارة . و حرصا منّي على متابعة الأحداث الدولية و المزيد من الإطلاع ،اشتريت يومية الأهرام ذائعة الصيت. وأثناء تصفحي للصحيفة لفت انتباهي بصفة خاصة مقال للسيّد محمّد سلماوي في  ركن مقالات بعنوان(الإنحراف الدّيني و التجربة التونسية) بتاريخ 16يوليو2008. وإحقاقا للحق ،لمّا انتهيت من قراءة المقال استغربت، ثُمّ تساءلت كيف  يمكن ليومية في مستوى الأهرام أن تنشر مقالا في هذا المستوى حتى وإن كان في ركن مقالات حرّةٍ؟. والسيّد محمد سلماوي لم أسمع به من قبل ولم أكن أعرف عنه شيئا، لا عن أفكاره و لا عن توجهاته،فكان تعاملي معه و حكمي عليه بناء على ما كتبه لا غير. وتفاعلا مع ما كتبه ، وخدمة للقراء  رأيت من المفيد التعليق على المقال من خلال وجهة نظر أخرى قد تختلف قليلا أو كثيرا عن وجهة نظر الكاتب، و ذلك  بنية إنارة الرّاي العام الذّي لا يجوز مغالطته و الإستخفاف به  . فردي على الكاتب كان استجابة لنداء الواجب بحكم أنّني تونسي أوّلا، وبحكم أنني واحد من أبناء الحركة الإسلامية ثانيا، وبحكم أنني كنت من  الأوائل الذين قرءوا هذا المقال ثالثا. فلجملة هذه العوامل شعرت أن القيام بتعديل الصورة أو الانطباع الذي تركه مقال السيّد سلماوي أصبح في حقي واجبا عينيّا لا فكاك منه.   لا شك أنّنا نوافق السيّد سلماوي فيما ذهب إليه من أنّ <الإنحراف الدّيني هو خطر على المجتمع و على مكتسباته في التقدم و الإرتقاء> عندما استهل مقاله بطرح سؤال:كيف يتم التعامل مع الاتجاه الدّيني المنحرف؟ (1) ولكن ما لا يُمكن أن نسكت عنه ونجاري فيه كاتبنا هو هذا التلبيس و التبليس و التعميم لما أسماه بالاتجاه الدّيني . فوصف الحركة الإسلامية،ولو تلميحا، بالتستر و الإنحراف ، واتهامها بإعادة البلاد و العباد إلى عصور الجهل و الظّلام ومقارنتها بحركة <طالبان> في أفغانستان هو في حدّ ذاته اعتداء على الموضوعية وظلم للحركات الإسلامية و خاصة منها  ذات الفكر الإصلاحي الوسطي و السلمي . فما ذهب إليه الكاتب من إدانة واتهامات خطيرة  في حق ما اسماه بالاتجاه الدّيني المنحرف  يشتمل على مغالطات ومحاكمة للنوايا واستفزازات صبيانية ما كان لها أن تصدر عن  كاتب مهما كان توجهه الفكري والسيّاسي في حق قرّاء يومية الأهرام. وبناء على ما تقدم نقول: ـــ  إنّ نعت الاتجاه الديني بهذه الترسانة من الأوصاف السلبية المقصود به أساسا هو شَيْطنة الحركة الإسلامية بكل أطيافها و بدون استثناء و تشويهها لدى الرّأي العام . واضح أن الكاتب لم يقدر أن يُخفي  عداءه للتوجه الديني،ونتيجة لذلك لم يستطع أن يتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود في مسألة ما أسماه بالاتجاه الدّيني، فكان أسلوبه متوترا وخطابه استئصاليا. وإذا لم يقصد الكاتب هذا الذّي كُنّا قد فهمناه من نصه، فلماذا لم يوضح لنا ما هو الاتجاه الدّيني الصحيح من الاتجاه الدّيني المنحرف؟ أحسب أنّ المسئولية الأخلاقية  تقتضي هذا التوضيح حَتّى نُساعد الرأي العام على معرفة التدين الصحيح من التدين المنحرف، فلا  نَظْلِمْ  ولا نُظْلَمْ. لو قام الكاتب بهذا التوضيح لكان كلامه أكثر إقناعا  وأكثر شجاعة و صدقا و ما ترك مجالا لسوء الفهم والرّيبة. وما دام هذا التوضيح لم يحصل فيحق لي و لغيري من المتدّينين والنزهاء أن يصححوا ما رأوا فيه شيئا من المغالطة ولهم أيضا أن يعاتبوا الكاتب على هذا التعميم  المُخِّلِ بالموضوعية .      ـــ أمّا حديث الكاتب عن تحريم الموسيقى من طرف هذا الاتجاه(2) فهو أيضا حديث ناقص ومضمونه لا يستقيم   موضوعيّا ، وذلك لأن صاحب المقال لم يوضح لنا عن أي لون من الموسيقى يتحدث؟ فالموسيقى ليست لونا أو نوعا واحدا،مضمونا وأداء وأغراضا. فالحديث عن الموسيقى التي تثير الشهوات و لا تخاطب الإنسان  إلاّ من خلال غرائزه و تعمل على سلخه من كرامته الإنسانية وتدوس أشواقه الروحية و أبعاده الملائكية يختلف و لا شك عن تلك الموسيقى التي استقبل بها رسول الله عندما هاجر من مكة إلى المدينة (3) و التي تثير في النفس البشرية الحماسة و الشجاعة و تُنّمي فيه الذّوق الجميل و الحسّ المُرهِفَ و تشُّده إلى العلى و الخير و القيم الرّفيعة. فالتحريم ، إن كان موضوعه القسم الأول من الموسيقى ، فهو و لا شك تحريم في مكانه وليس لأحد أن يعترض على ذلك ، خاصة إذا ما كنّا ننتمي إلى بيئة محافظة ذات ثقافة عربية و إسلامية قوامها الحشمة و الحياء و صيانة مكارم الأخلاق و الأذواق السوّيةِ. أمّا إذا كان المقصود بالتحريم النوع الثّاني من الموسيقى ، فلا أَحَدَ ممَّن يُعتدُّ برأيهم، فقها و شريعة، قال بتحريم ذلك إذا ما توفرّت بعض الشروط التي حدّدها أهل العلم من الفقهاء. فلماذا هذا التعميم مرّة ثانية يا سيّد سلماوي؟  ـــ أمّا الحديث عن قضية تحطيم الآثار الذّي حصل في افغانستان  من طرف حركة طالبان ، فهذا خطأ فادح،بطبيعة الحال، واجتهاد شاذ قامت به  هذه الحركة ، نتيجة لفهم خاص بها لا ينبغي تعميمه على بقية الحركات الإسلامية الأخرى. فالصحوة الإسلامية بكل أطيافها و أشكالها، حركات وتنظيمات و مؤسسات رسمية و غير رسمية و شخصيات إسلامية  رسمية ومستقلة، اعترضت على مثل هذا السلوك الطالباني في تحطيم مثل هذه الآثار أو الأصنام البوذية التي عمرت آلاف السنين من قبل في قلب العالم الإسلامي و لم يمسها أحد بسوء . فلماذا هذا التعميم مرة ثالثة  سيد سلماوي ؟ إنّ ما يفهم من كلام الكاتب ،أنّ الصحوة الإسلامية بكل ألوانها وتعبيراتها منحرفة و خطر على المجتمع و الحداثة، وهذا كلام غير دقيق و مردود موضوعيا،وإذا لم يقصد الكاتب ذلك، فلماذا لم يوضح لنا في سطور قليلة ما المقصود بالإتجاه الديني المنحرف؟ ما هي طبيعته؟ من هم ممثلوه و رموزه ليتجنب النّاس شرورهم؟ أمّا إذا لم يقصد الكاتب كل ذلك، فلماذا هذا التعميم أم تراه غفل عن ذلك؟ إنّ الموضوعية،بل المسئولية الأخلاقية تقتضي قول الحقيقة والعدل والإنصاف حتى مع الخصوم وأصحاب الرّأي المخالف، فلماذا هذا التعصب و الإنغلاق في القوالب الإيديولوجية الجاهزة التي تعمي البصر و البصيرة؟ يقول الله تعالى: (….ولا يجرمنكم شنآن قوم على أن لا تعدلوا، اعدلوا هو أقرب للتقوى…) (4) ــــ أمّا حديث الكاتب عن التجربة التونسية في مقاومة التطرف الديني، وهو جوهر الموضوع، فهو بعيد كل البعد عن الحقيقة ولا يحتاج إلى جهد لتفنيد ما ذهب إليه الكاتب من قلب للحقائق. ومرّة رابعة أقول أنّ ما ذهبت إليه لا ينطبق بالمرة ،لا من قريب و لا من بعيد، على ما أسميته بالإتجاه الديني في تونس. كما ان حديثك عن نجاح السلطة في مقاومة هذا الإتجاه ليس دقيقا بالمرة و يعكس في أحسن الحالات  جهلا كبيرا بالواقع التونسي، وأنت تعرف أنّ الحكم على الشيء جزء من تصوره. أعترف أنّ في التجربة التونسية عموما تحققت بعض النجاحات وخاصة في المجال الإقتصادي و الإجتماعي و الخدماتي مقارنة مع بعض الدول العربية الأخرى، ولكن ما وقع عليه اختيارك من التجربة التونيسة هو أسوأ ما فيها بإجماع كل المطلعين على واقع الحريات السياسية في البلاد. إنّ الحركة الإسلامية في واقعها الحالي ليست اتجاها دينيا بالمعنى التقليدي كما ذهبت إلى ذلك. صحيح أنّ الحركة الإسلامية في تونس نشأت حركة دينية، ولكنّها بحكم الظرف التاريخي الخاص الذي نشأت فيه تطورت في وقت قياسي لتصبح حركة سياسية إصلاحية وطنية استجابة لتحديات داخلية ولخصوصيات ذاتية. اختارت الحركة الإسلامية في تونس عن وعي منذ وقت مبكر أن تكون حركة سياسية وطنية إصلاحية ذات مرجعية أسلامية، وهذا من حقها، وقد كلفها هذا الاختيار غاليا من قبل الأصدقاء قبل الخصوم،ولكن كان ذلك خيارها منذ النشأة الأولى. وواضح لكل ذي إطلاع و لو نسبي على أدبيات الحركة و تصريحات رموزها أنها حركة سياسية بالأساس لا تحتكر الصفة الإسلامية،وليست وصيا على الدّين أو ناطقا رسميا باسمه،وإنّما كل اجتهاد تقوم به في المجال السياسي والإجتماعي  لا يعدو أن يكون اجتهاد يعتريه النسبيّة والخطأ و الصواب مثلها في ذلك مثل أي حزب سياسي آخر. وللقاريء  أن يعود إلى البيان السياسي التأسيسي الذي أعلنته قيادة الحركة للعموم في ندوة صحفية ظهر يوم 6جوان 1981. لا شك أن حركة (الإتجاه الإسلامي ) سابقا وحركة النهضة لاحقا تعرضت لمحاكمات متتالية من طرف النظّام الحاكم سنة 1981و1987على عهد الرئيس الرّاحل الحبيب بورقيبة، و في بداية التسعينيات  على عهد نظام السابع من نوفمبر87. وكان السبب الرّئيسي دائما ، رغم وجود بعض التجاوزات و الأخطاء وسوء التقدير من قيادات هذه الحركة و مناضليها،هو حرمان الحركة من  حقِّ التنظم  و العمل السياسي السلمي. وتفتخر الحركة الإسلامية في تونس أنّها لم تتورط في أعمال عنف طيلة سنوات محنتها وهي لتزال عاضة على النهج السلمي بالنواجذ كلفها ذلك ما  كلفها. واستطاعت الحركة أن تُجنب البلاد والعباد دوامة العنف و العنف المضّاد، و الفضل في ذلك يعود أساسا إلى طبيعتها السلمية و تكوينها المدني. وهي ،رغم ما لحقها من ضرر وليزال ، قد عقدت العزم على المُضيّ في تعميق تقييمها الذّاتي  للوقوف على سلبيات المرحلة السابقة ، عاملة قدر المستطاع على مدّ جسور التواصل مع كل الأطراف الوطنية و منها السلطة . فالتيار الإسلامي في عمومه في تونس يؤمن بالتعددية و الحوار و الديمقراطية و التعايش السلمي بين كل الفرقاء  بمختلف توجهاتهم السياسية و الفكرية. وهو تيار وطنّي لا يهمه كثيرا مكاسبه الحزبية الضيقة بقدر ما يهمّه البناء وتوحيد الأمة وتحقيق مصالحها الإستراتيجية وعلى رأسها تحرير فلسطين والمسجد الأقصى من نير الإحتلال الغاشم. واستحضارا لواقع الحركة الإسلامية في هذه الخلاصة،فكرا وسلوكا سياسيا ، يُصبح كل ما تحدثت عنه من وجود تيار متطرف ومنحرف في تونس لا وجود له في حقيقة الأمر إلاّ في ذهنك و في ذهن من هم على شاكلتك يا سيّد سلماوي. إنّ هذا التحريض، واستعداء فريق على فريق آخر من شعوبنا العربية هو سلوك خطير ولا يخدم إلاّ أعداء الأمة المتربصين بنا في الدّاخل و الخارج. ولتعلم سيّد سلماوي أنّ وجود مجموعة شاذة ومتطرفة و منحرفة في هذا الفريق أو ذاك لا يكفي مبررا لبثّ الفتنة وصب الزّيت على النّار لأنّ النّار إذا التهبت فإنّها ستأتي على الأخضر و اليابس، وهو ما يعمل العقلاء والفضلاء من أمتنا العربية و الإسلامية على تفاديه وتجنيب بلادنا في المشرق و المغرب شروره وويلاته .   السبت09أغسطس2008   مصطفى عبدالله ونيسي/ باريس /فرنسا   ــــــــــــــــــ 1/2/3الإنحراف الدّيني والتجربة التونسية: محمد سلماوي/ الأهرام 16يوليو2008 ركن مقالات . 4) المائدة /آية8  

طبيعة العلاقة بين إسرائيل وأمريكا (الدور الوظيفي)     

توفيق المديني  تتميز العلاقة بين إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية بفرادة خاصة لأسباب تتعلق بطبيعتها وخصوصيتها وشمولها وعمقها وديمومتها، الأمر الذي جعلها موضع جدل قائم لدى النخب السياسية والفكرية العربية. وفيما يسود اعتقاد راسخ ومهيمن لدى الأنظمة السياسية العربية، ولدى الكثيرين من العاملين في الحقل السياسي والإعلامي العربي، وحتى في الأوساط الشعبية العربية، يقوم على أساس أن إسرائيل هي التي توجه السياسة الأمريكية في العالم العربي، وتحدد لها مواقفها من الصراع العربي الصهيوني، هناك رأي آخر في العالم العربي ينظر إلى هذه العلاقة من منظار مختلف، حيث أن هذه العلاقة ليست بين طرفين متكافئين، وإنما هي علاقة متعددة الجوانب، ومتشابكة، ومعقدة. المسألة الجوهرية في هذه العلاقة، أن المشروع الصهيوني قبل أن يتجسد مادياً في قيام دولة إسرائيل، ارتبط تاريخياً بالمراكز الإستكبارية العالمية، ينفذ المخطط الإستكباري على الصعيد العام، لكنه يحتفظ لنفسه بتجسيد مصالحه على الصعيد الخاص. ومنذ مرحلة ما قبل الحرب العالمية الأولى، عملت السّياسة الخارجيّة الأمريكيّة على إقرار حق اليهود الأمريكيين في فلسطين وإقرار حق الحماية القنصليّة لليهود. وكان الكثير من السّاسة الأمريكيين يعارضون مثل هذا التّدخّل لصالح اليهود لأنّه مضرّ بالمصالح الاقتصاديّة والسّياسيّة لأمريكا في المنطقة. وقد بقيت وزارة الخارجيّة الأمريكيّة مقاومة للضّغوط الصّهيونيّة حتّى انتخاب الرّئيس الأمريكي « ولسن » وتعيين « لويس برانديز » مستشاراً له. فقد لعبت الصّهيونيّة دوراً في انتخابات 1916، إذ وعدهم « ولسن » بدعمه للأهداف الصّهيونيّة في فلسطين إذا ساعده اليهود في الانتخابات. وبعد نجاحه أقدم على الضّغط على الحكومة البريطانيّة من أجل إصدار وعد بلفور. لقد جاء الدعم الأمريكي للمشروع الصهيوني منذ بداية القرن العشرين. ولإحساس زعماء الحركة الصهيونية العالمية بأن الولايات المتحدة سوف تكون القوة الجديدة القوية بعد الحرب العالمية الثانية اتجه اهتمامهم البالغ إليها، ولهذا السبب قرر المؤتمر الصهيوني الذي عقد في بالتيمور عام 1942، ضرورة أن يكون هناك 40% من الأعضاء المشتركين في المجلس الصهيوني من الولايات المتحدة. وعندما تم إعلان قيام دولة إسرائيل قال أحد أعضاء المنظمة المسؤولة عن التمويل اليهودي في أمريكا سائلاً بن غوريون عما تطلبه إسرائيل من يهود أمريكا، فأجاب الأخير: « الدولة الجديدة سوف تحتاج عون الولايات المتحدة لتستطيع البقاء ». وهكذا أصبحت إسرائيل من منظور المصالح الإستراتيجية للإستكبار قاعدة عسكرية متقدمة في فلسطين المحتلة، ومركز إقليمي يقوم بدور وظيفي عسكري لقمع النضالات الوطنية والقومية لحركات التحرر الوطني العربية. ومنذ نهاية الحرب العالمية الثانية، وقيام الكيان الصهيوني ـ بفعل خارجي إستكباري أساساً ـ ارتبطت إسرائيل بنيوياً بمركز الرأسمالية العالمية والقوة القائدة لها في مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية: الولايات المتحدة الأمريكية، وبمراكز القوى الاقتصادية المتنفذة فيها، وبالتالي بالإستراتيجية الكونية لهذه الإستكبارية الصاعدة، الهادفة إلى بسط سيطرتها ونفوذها في العالم العربي، مستفيدة من تقهقر القوتين الاستعماريتين الآيلتين للأفول بريطانيا و فرنسا. المصالح الإستراتيجية المشتركة بين أمريكا وإسرائيل تتسم العلاقات بين الولايات المتحدة الأمريكية والكيان الصهيوني بنوع من الفرادة، وفرادتها تكمن في أن الولايات المتحدة الأمريكية كانت أول دولة بادرت إلى الاعتراف بالكيان الصهيوني في عام 1948، ومارست ضغوطاً دولية لتُقْبَلَ تلك الدولة الصهيونية في عضوية الأمم المتحدة. وظهرت السياسة الأمريكية بمظهر المدافع عن إسرائيل في المحافل الدولية، أكثر من غيرها من الدول الاستعمارية الأخرى. وحتى أعوام الخمسينات كان الانكليز والفرنسيون يمثلون القوى الاستعمارية التقليدية التي كانت مسيطرة على منطقة الشرق الأوسط، لكن بعد انهيار العدوان الإنكليزي ـ الفرنسي ـ الإسرائيلي ضد مصر في عام 1956، جاءت الولايات المتحدة الأمريكية لترث مكانهم في هذه المنطقة الحساسة من العالم. وقد حاولت الولايات المتحدة الأمريكية في البداية أن تُخْضِعَ الدول العربية عن طريق فرض شروطها، أو عبر استخدام القوى العسكرية، ولكنها سرعان ما اقتنعت بأن هذا التكتيك غير مثمر. ولذلك فقد لجأت ـ بعد فشلها بالهجوم المباشر ـ إلى السير على الطريق الاستعماري الجديد ودعم الأنظمة الرجعية. وعندما تبين لها، أنه حتى هذا الطريق لا يحقق لها الوصول إلى أهدافها، عمدت عندئذ إلى الاعتماد على دولة إسرائيل كقوة ضاربة رئيسية في الصراع مع البلدان العربية. يعتبر الشرق الأوسط بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية جسر متاخم، بشكل مباشر، لحدود الاتحاد السوفييتي سابقاً، وبالتالي فهو ملائم تماماً للاستخدام في حال تعقّد الموقف الدولي. وكان الجنرال (أيزنهاور) قد قال: « بأنه لا توجد في العالم منطقة أكثر أهمية ـ من وجهة النظر الإستراتيجية ـ من الشرقين الأدنى والأوسط »(1). ولمواجهة خطر »انتشار الشيوعية »، وخوض الصراع أيضاً ضد حركة التحرر الوطني العربية المتحالفة مع الاتحاد السوفيتي، وإعاقة ظهور الأنظمة الوطنية في بلدان الشرق الأوسط، أصبحت الإستكبارية الأمريكية تنفذ عندئذ سياسة استعمارية جديدة مكشوفة في الشرق الأوسط، عبر تمويل وتسليح إسرائيل، ودعم حكامها لفرض عدوانها وإرادتها بمساندة أمريكية متعاظمة على المنطقة، ورعت واشنطن كل الفعاليات الإسرائيلية وأنشطتها العدوانية مع ازدياد التحديات التي تواجهها الولايات المتحدة في المنطقة بسبب تعاظم حركة التحرر الوطني العربية، وتلاحم هذه الحركة مع قوى الحركة الثورية العالمية والبلدان الاشتراكية، زمن الحرب الباردة. ومنذ مشروع أيزنهاور عام 1957، وحتى غزو العراق في مارس 2003، كانت كل ما تقدمه أمريكا لإسرائيل هو في صلب خدمة المصالح الحيوية الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط والعالم أجمع. لكن الولايات المتحدة الأمريكية رمت بكل ثقلها خلف إسرائيل بعد هزيمة 1967، منسجمة ومتواكبة مع تطور الإستراتيجية الكونية للولايات المتحدة، وموقع إسرائيل ودورها الوظيفي في خدمة هذه الإستراتيجية. وتتفانى « دولة إسرائيل » ـ ومن ورائها اللوبي اليهودي ـ في الذود عن موقعها المتميز في الإستراتيجية الأمريكية، وفي درء أي خطر قد يتهدد هذا الموقع من جانب دول أخرى منافسة لها عليه. وفي الواقع، فإن هذا الموقع هو عنصر أساسي جداً فيما يسمى » أمن إسرائيل القومي ». ومن هنا، فالخصوصية التي تتمتع بها في العلاقة مع الولايات المتحدة، ومصلحتها الحيوية في صيانتها، تمليان على إسرائيل العمل على التفرد بهذا الموقع المتميز، وحتى الصراع من أجل ذلك… فإذا ضاعت هذه الخصوصية وتساوت في الموقع مع آخرين، فقدت عنصراً أساسياً من مقومات أمنها الاستراتيجي، وربما تدهور الوضع إلى ما هو أسوأ من ذلك. وقد حاولت الولايات المتحدة مراراً استيعاب الدول العربية، أو بعضها، في سياسة الأحلاف التي بادرت إليها، فاصطدمت بالرفض الإسرائيلي، وصولاً إلى التمرد على هذه السياسة، كما فعل بن –غريون في حرب السويس 1956(2). فالولايات المتحدة الأمريكية احتضنت إسرائيل، وقدمت لها كل أسباب التفوق العسكري والتكنولوجي على الدول العربية مجتمعة وفرادى، من أجل أن تستمر إسرائيل في أداء دورها الوظيفي الحربي على الصعيد الإقليمي بما يخدم أهداف الإستراتيجية الأمريكية في العالم العربي. ومنذ هزيمة 1967 أصبحت العلاقة بين الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل عضوية، واتخذت أبعاداً إستراتيجية تتصل بمفاعيل الحرب الباردة، والصراع بين الشرق والغرب، وفي القلب منه الصراع العربي الصهيوني ضمن إطار تنامي علاقات  التحالف الاستراتيجي بين الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل، إذ تحولت هذه الأخيرة إلى ركيزة إقليمية في الإستراتيجية الأمريكية الكونية، وتنامت قواها العسكرية في سياق المخطط الأمريكي، ولاسيما خلال السنوات التي تلت هزيمة 1967. بيد أن تنمية القوى هذه أتت أيضاً، ضمن إطار حشد الصهيونية قوى الجالية اليهودية في أمريكا واللوبي الصهيوني المتغلغل في أجنحة السلطة الأمريكية التنفيذية والتشريعية، والمخترق لقنوات اتخاذ القرارات السياسية والعسكرية في المؤسسة الحاكمة في واشنطن، بحيث أصبحت إسرائيل جزءاً لا يتجزأ من عملية التخطيط واتخاذ القرارات في الحروب الأمريكية ـ الصهيونية العدوانية على المنطقة، التي تسعى القيادة الصهيونية لاستثمارها من خلال تثبيت التجزئة، وزيادة تفاقم الصراعات الداخلية، ولاسيما القطرية والإثنية والمذهبية والدينية، وفرض حقائق جديدة، وعلى رأسها، اتفاقات الاستسلام بين إسرائيل وكل من مصر والأردن وقيادة منظمة التحرير الفلسطينية، وتصفية الصراع العربي ـ الصهيوني. فمنذ عهد الرئيس جون كينيدي كانت « إسرائيل » تعد الكنز الأمريكي الاستراتيجي في المنطقة العربية، لذلك عملت أمريكا حينها على التخلي عن سياسة الدعم غير المباشر وعقدت معها أولى الصفقات العسكرية، وعندما جاء الرئيس ليندون جونسون عدّ انتصار « إسرائيل » في عدوان 1967 انتصاراً للسياسة الأمريكية في « الشرق الأوسط »، وفي إدارة ريتشارد نيكسون كانت « إسرائيل » هي الحليف الاستراتيجي الذي يمكن الاعتماد عليه في المنطقة العربية، وفي عهد جيرالد فورد ظهرت أهمية التحالف الاستراتيجي مع « إسرائيل »، أما في عهد جيمي كارتر فقد قُدِّمت لـ »إسرائيل » مكاسب لطالما حلمت بها من خلال الاتفاق الذي وُقِّع بينها وبين مصر، وخروج مصر بالتالي من جبهة الصراع ضدها. وفي عهد رونالد ريغان تم ترسيخ المكتسبات الفعلية التي حصلت عليها إسرائيل، وزيد الدعم العسكري والسياسي المقدم لها والذي كان على رأسه معاهدة التحالف الإستراتيجية معها، التي لم تكن وليدة لحظة إعلانها، بل نتيجة تعاون دام أكثر من 32 عاماً حيث ضمنت إسرائيل بموجبها التزام أمريكا الكامل بها، وعدم اعترافها بمنظمة التحرير الفلسطينية أو إجراء أي اتصالات أو علاقات معها ما لم تعترف بحق « إسرائيل » في الوجود، وتحديد مساعداتها العسكرية لها(3). ولما كانت أمريكا حريصة على الاحتفاظ بمواقعها في هذه المنطقة الفائقة الأهمية، بسبب منابعها النفطية وموقعها الاستراتيجي ولاسيما بعد الهزائم والنكسات التي تعرضت لها سياساتها في مناطق أخرى من العالم وخصوصاً في الهند الصينية، وجدت الولايات المتحدة في « إسرائيل القوية » خير أداة في خدمة المصالح الأمريكية، وتنفيذ مخططاتها، وتحمل أعباء الحروب العدوانية التي لا تتطلب تدخلاً أمريكيا مباشراً. ولعل الكاتب الإسرائيلي يوئيل ماركوس كان أكثر توفيقاً في التعبير عن دور إسرائيل في خدمة المصالح الأمريكية عندما قال « نجحنا في دمج مصالحنا بالمصالح الأمريكية، وقلنا للأمريكيين: أعطونا الأدوات ونحن نقوم بالمهمة. إن إسرائيل القوية ذات القدرة على الردع هي التي ستحول دون تحول النزاع إلى نزاع عالمي، إسرائيل القوية هي الضمانة للمحافظة على المصالح الأمريكية في المنطقة »(4). وتقتضي علاقات التحالف الاستراتيجي بين الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل، تبادل المعلومات الاستخبارية والتعاون العسكري في حالة الطوارئ. وفي تقديرات مكتب المحاسبة الأمريكي العام كان حجم المساعدات الأمريكية لإسرائيل ما قبل العام 1948م يبلغ 25 مليار دولار تتضمن 60% منها قروض ومساعدات حربية وتكنولوجية عسكرية، لدعم متطلبات آلة الحرب والعدوان. حتى أن التعاون المباشر مع أوروبا لا يمكنه تهديد الإستراتيجية الأمريكية مع تزايد التعاون الإسرائيلي ـ الأوروبي أكان مع إسبانيا أو غيرها وبالأخص مع (الحزب الديمقراطي المسيحي ـ الحزب الاشتراكي العمالي) وإقامة المشاريع المشتركة ومحاولات تحسين صورة الكيان الصهيوني على أنها صورة متحضرة ومتفوقة بكل المقاييس(5). إسرائيل بقوتها المطلقة لا النسبية هي خط الدفاع الأول عن المصالح الأمريكية في حوض البحر الأبيض المتوسط أكثر من معظم دول حلف الأطلسي. وينسب الكاتب الإسرائيلي اريئيل غيناي إلى كيسنجر أنه قال: « إن ما هو جيد للولايات المتحدة في الشرق الأوسط جيد لإسرائيل ومصالح إسرائيل والولايات المتحدة تتناسب مع بعضها البعض لأن وجود إسرائيل قوية هو لصالح المصالح الأمريكية »(6). إن وجود إسرائيل في الشرق الأوسط يعتبر قضية إستراتيجية أمريكية بامتياز، ولهذا كلما كبر التدخل الأمريكي في هذه المنطقة، ازداد ت العلاقات بين أمريكا وإسرائيل قوة ورسوخاً، لكي يسير وزن هذه الدولة اليهودية في هذه المنطقة في خط ارتفاع. إن وجود إسرائيل قوية سيبقى مصلحة أمريكية على الصعيد العالمي، وبالمقابل تتلخص مطالب إسرائيل من الولايات المتحدة بتزويدها بالأسلحة المتطورة، والتكنولوجيا المتقدمة، والأموال والضمانات السياسية، ولاسيما فرض تسويات استسلامية على العرب بشأن الصراع العربي ـ الصهيوني. ويقول الكاتب الصهيوني المخضرم اليعزر ليفنه: « الولايات المتحدة تعتمد على إسرائيل في شبكة دفاعاتها العالمية بصورة لا تقل عن اعتماد إسرائيل على مساعدة واشنطن، وتقوم هنا علاقات متبادلة بين ندّين، إن لم يكونا متساويين بالقوة فهما متساويان في درجة اعتماد بعضهما على بعض. والمساعدات الأمريكية تأتي بسبب المصلحة المشتركة »(7). لقد اتسمت العلاقات بين الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل بالثبات منذ عهد ترومان، حيث استندت تلك القوة على ما عرف باسم برنامج بلتيمور، الذي يجسد طبيعة المصالح المتبادلة بين الحليفين وإلى الآن. ومع ذلك، ففي الفكر السياسي العربي ثمة خلاف في تثمين تلك الحقيقة. الرأي المهيمن في هذا الفكر السياسي العربي يعتقد أن إسرائيل هي التي توجه السياسة الأمريكية في المنطقة العربية حفاظاً على وجودها وسط عالم عربي وإسلامي لا يزال يرفض وجودها، ويبالغ أصحاب هذا الرأي في تعظيم دور اللوبي الصهيوني في صياغة قرار الإدارة الأمريكية، وكذا في تأثيره الفعال على الشعب الأمريكي عن طريق السيطرة على المال والإعلام. وهناك الرأي الثاني الذي يعتقد أن إسرائيل مجرد أداة أمريكية تقوم بدور وظيفي لحماية المصالح الإستراتيجية الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط، ولاسيما بعد أن شيّعت الولايات المتحدة مبدأ مونرو لتخرج من عزلتها التقليدية إلى معترك الصراع الدولي، وتعاظم دور الأداة لتتحول إلى عصا غليظة لإخضاع شعوب المنطقة وتنفيذ المخطط الأمريكي في الهيمنة. والدليل على مصداقية هذا الرأي هو حرب تموز 2006 التى جرى تصويرها فى إطار كونها معركة أمريكية خاضتها إسرائيل بالنيابة عن الولايات المتحدة. الرأيان يتسمان بقدر عال من الصحة، بصرف النظر عن العلاقات غير المتكافئة بين الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل، والتي تكون الغلبة فيها لمصلحة الأولى، لكن تظل المصالح المشتركة والمتبادلة تشكل أساساً لهذه العلاقات التحالفية والإستراتيجية بين الطرفين، وإن كانت هذه العلاقة الإستراتيجية أيضاً خاضعة لفلسفة سياسية براغماتية، وللمتغيرات والمستجدات الدولية والإقليمية، إذ إنه من الممكن أن تستجدَّ معطيات موضوعية تفضي إلى انفراط عقد التحالف غير المقدس بين الطرفين. والراصد لتاريخ الحركة الصهيونية العالمية يقف على حقيقة صياغة سياستها الخارجية بالرهان على القوة العالمية المهيمنة في كل حقبة تاريخية معينة، حدث هذا حين راهنت على بريطانيا العظمى في استصدار وعد بلفور وتأسيس دولة إسرائيل، فلما بدأ نجمها في الأفول، لم تتورع عن مناصبتها العداء ـ مقتل الكونت برنادوت، فضيحة لافون على سبيل المثال ـ وتحول رهانها على نجم الإمبراطورية الأمريكية الساطع في فضاء السياسة العالمية بعد نهاية الحرب العالمية الثانية، التي صارت ـ وإلى الآن ـ فرس الرهان بلا منازع. في الوقت الحاضر، بديهي القول إن المصلحة المشتركة بين المشروع الصهيوني في التوسع والمشروع الأمريكي في الهيمنة يقود إلى المزيد من التوحد في سياسة الطرفين في الشرق الأوسط، ونحن في غنى عن رصد تجليات تلك السياسة على الرغم من تعاظم تداعياتها السلبية على شعوب المنطقة، بما لا يخدم على المدى القريب مصالح الطرفين المتحالفين. ويكمن التناغم والاتساق فى المخطط الأمريكي ـ الصهيوني المشترك، في أن لإسرائيل مصلحة كبرى في تنفيذ مشروع الشرق الأوسط الجديد الذي يستهدف إعادة رسم الخريطة الجيوبوليتيكية للمنطقة وفق تصور قائم على تجزئة دولها إلى كيانات عرقية وطائفية ضعيفة وعاجزة عن مواجهة مشروع إسرائيل التوراتي من النيل إلى الفرات، وللولايات المتحدة مصالحها الإستراتيجية في إحكام السيطرة على قلب العالم ـ الشرق الأوسط ـ توطئة للسيطرة على الأطراف، حسب نظريات ماكندر وسبيكمان. دور اللوبي في الإبقاء على المساعدة الأمريكية لا شك أن تأثير اللوبي الصهيوني في أمريكا قوي على السياسة الأمريكية، ورسخ في ذهنها ضرورة وجود إسرائيل وقوتها للمحافظة على المصالح الأمريكية في المنطقة العربية، سواء في مرحلة الحرب الباردة حين شكلت إسرائيل الذراع القوية لمجابهة المد الشيوعي الذي كان يرعاه المعسكر الاشتراكي وعلى رأسه الاتحاد السوفيتي، أو في مرحلة صعود الحركات  الإسلامية الجهادية بعد انتصار الثورة الإسلامية الإيرانية. لقد استطاع اللوبي الصهيوني أن يرسّخ في العقل السياسي الأمريكي القناعة التالية، أن هناك علاقة جدلية قائمة بين الموقف الإسرائيلي واهتزاز الموقف الأمريكي. لذا شكلت مهمة الالتزام ببقاء « إسرائيل » وأمنها وتفوقها العسكري على الدول العربية قاسماً مشتركــاً للإدارات الأمريكيـة المتعاقبـة، والتي كانت تؤمن بأنّ تحسُّن مصالحها في المنـطقة العربـية إنما هو نتيـجة لاستــمرار وجود « إسرائيل » وترسيخها كرصيد استراتيجي لا يمكن الاستغناء عنه. ويعتمد اللوبي الصهيوني في تأثيره على الأوساط الأمريكية بتقديم صورة مشرقة عن الإسرائيليين وبطولاتهم، ويقدم بالمقابل صورة مشوهة عن الإنسان العربي وتاريخه وتخلفه ووحشيته.. ويُبرز في الوقت نفسه حاجة الولايات المتحدة الأمريكية لإسرائيل كنقطة أمامية لحماية المصالح الأمريكية، من أجل أن تحصل إسرائيل على دعم ودفاع وتبني أمريكي بلا حدود. وقد نجح اللوبي الصهيوني إلى حد كبير في إقناع الأمريكيين بأن المصالح الأمريكية في المنطقة العربية مرتبطة ببقاء دولة إسرائيل وقدرتها على العرب(8). ونتيجة لضغط اللوبي الصهيوني وتأثيره على السياسة الأمريكية، انصب اهتمام الرؤساء الأمريكيين على تلبية المطالب الصهيونية بحذافيرها، وقلما استطاع رئيس أمريكي أن يفلت من قبضة الهيمنة الصهيونية عليه، ومن لا يلتزم بما تريده إسرائيل فمصيره الفشل مع حزبه في الانتخابات الرئاسي. فالأموال التي يدفعها اللوبي اليهودي لتمويل الحملات الانتخابية لكل من الحزبين الرئيسيين في الولايات المتحدة تعتبر كبيرة، إذ يتلقى الحزب الديمقراطي أكثر من 60% من تمويله، والحزب الجمهوري أكثر من 35% من تمويله من اللوبي اليهودي. إن القرارات السياسية الأمريكية الصادرة عن الحكومة تتأثر بنسبة عالية بالشأن الإسرائيلي وكيفية تكيف هذه القرارات مع المصلحة الإسرائيلية، وتبرز قوة اللوبي علي الحكومة جزئياً في تأثير الناخبين اليهود في الانتخابات الرئاسية. فبمعزل عن حجم هؤلاء المحدود نسبيا (أقل 3% من الناخبين) فإنهم يقدمون تبرعات مالية ضخمة في الحملات الانتخابية للحزبين كليهما. إن الغرض من دفع هذه الأموال، ليس تحقيق مكاسب وامتيازات شخصية لأفراد من اللوبي اليهودي، بل هو تحقيق الأغراض الاستعمارية التوسعية لدولة إسرائيل، وتحقيق تفوقها في الشرق الأوسط. ويعزو المحللون الغربيون السبب الرئيسي لهيمنة اللوبي اليهودي في الولايات المتحدة، إلى النسبة العالية من العائلات اليهودية بين أشد العائلات الأمريكية ثراءً. ووفقاً لما نشرته مجلة فوربس الأمريكية فإن ما بين 25% و30% من المليارديرات الأمريكيين من اليهود، وإذا أضفنا إليهم مليارديرات اليهود الكنديين الذين يملكون 30% من الأصول المالية في سوق المال الكندي نستطيع أن ندرك حجم وعمق نفوذ اللوبي اليهودي الذي يملي السياسة الأمريكية تجاه الشرق الأوسط سواء في الكونغرس أو داخل الإدارة. لا شك أن دور الإعلام له أهمية خاصة لدى دوائر اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة، إذ يعوّل هذا الأخير على الِشأن الإعلامي بشكل لافت نظراً لدوره في تجييش الرأي العام الأمريكي بكافة قطاعاته لصالح سياسة دعم الكيان الصهيوني، ولاسيما في فترة الانتخابات الرئاسية والتشريعية. وتنعكس وجهة نظر اللوبي تجاه إسرائيل بشكل كبير في وسائل الإعلام الأمريكية، لأن معظم المعلقين ومقدمي البرامج هم موالون لإسرائيل. ويقول الصحافي إريك الترمان أن مناقشة قضايا الشرق الأوسط في هذه الوسائل يتولاها أشخاص لا يمكن أن يطيقوا انتقاد إسرائيل، وفي مقابل 61 معلقاً مؤيداً لإسرائيل، وجد الترمان خمسة معلقين فقط ينتقدون إسرائيل بشكل منتظم ويظهرون مواقف موالية للعرب، ويظهر التحيز الكبير للإعلام الأمريكي تجاه إسرائيل في افتتاحيات الصحف الرئيسية ومن بينها وول ستريت جورنال، وجورنال، شيكاغو صان تايمز واشنطن تايمز، نيويورك تايمز، بالإضافة إلى مجلات كومانتري، نيو ريبابليك، ذي ويكلي ستاندر(9). وتسيطر الجماعات الموالية لإسرائيل على مراكز الدراسات الأمريكية، التي تؤدي دوراً مهماً في تكوين النقاشات العامة والسياسات الحالية، وقد أسس اللوبي مركزه الخاص للدراسات في العام 1985، عندما ساعد مارتن أنديك على تأسيس « وينيب » وعلى الرغم من أن المؤسسة تدّعي أنها تقدّم نظرة متوازنة وواقعية حول قضايا الشرق الأوسط، فإنها تدار من قبل أشخاص مرتبطين بشكل مباشر في عملية دفع البرنامج الإسرائيلي إلى الأمام، وخلال الـ25 سنة الماضية أوجدت القوة الإسرائيلية حضوراً أساسياً في عدد من المؤسسات المهمة مثل مركز السياسة الأمنية، معهد الأبحاث حول السياسة الخارجية، معهد هادسون.. وتشكل المساعدات الاقتصادية والعسكرية الأمريكية للكيان الصهيوني، العمود الفقري لقوة إسرائيل العسكرية والاقتصادية، ولاسيما وأنها في حالة حرب دائمة مع العرب، وتعتبر الترسانة العسكرية لديها العنصر الرئيسي في حماية الكيان الإسرائيلي ومن أهم ركائز الأمن القومي الصهيوني، وبالطبع فإن أي ترسانة عسكرية ضخمة تحتاج أيضاً لمساعدات اقتصادية سخية تعادل ما تتطلبه هذه الترسانة. لقد قدمت واشنطن منذ العام 1967 مساعدات ضخمة لإسرائيل، قزّمت أي دعم نالته يوماً أي دولة أخرى، فكانت إسرائيل المستفيد السنوي الأكبر من المساعدات الأمريكية الاقتصادية والدبلوماسية والعسكرية والتي تجاوزت 140 مليار دولاراً منذ الحرب العالمية الثانية، وهي تتلقى سنويا 3 مليارات دولار كمساعدات مباشرة، بما يعادل 500 دولار للفرد الإسرائيلي. كما منحت الولايات المتحدة إسرائيل حوالي 3 بلايين دولار من أجل تطوير أنظمتها التسليحية وأعطتها الإذن باستغلال تصاميم الأسلحة كمروحيات (البلاك هوك) ومقاتلات (أف 16) وحتى الاطلاع على المعلومات الاستخبارية الأمريكية التي تحجبها عن حلفائها في الناتو، فضلاً عن أن أمريكا تغض النظر عن امتلاك إسرائيل أسلحة نووية. أما الدعم السياسي فمنذ عام 1982 استخدمت واشنطن حق الفيتو 33 مرة في مجلس الأمن ضد قرارات تنتقد إسرائيل بما يتجاوز مجموع الفيتو الذي استخدمه الأعضاء الآخرون مجتمعين كما أنها عطلت جهود الدول العربية لوضع ترسانة إسرائيل النووية على أجندة وكالة الطاقة الذرية. وتجلى الدعم السياسي الأمريكي المطلق لإسرائيل حين بدأ الرئيس جورج بوش يحث شارون على إظهار ضبط النفس في الأراضي الفلسطينية خلال الانتفاضة الثانية، ويضغط عليه للسماح لوزير الخارجية بيريز بلقاء عرفات في سبتمبر عام 2003، واتهمه شارون بمحاولة استرضاء العرب على حساب إسرائيل محذراً من أن إسرائيل لن تكون تشيكوسلوفاكيا وبعدما قدم صيغة إعتذارية لاحقة انضم شارون إلى اللوبي الإسرائيلي لإقناع الإدارة والشعب الأمريكي بأن واشنطن وإسرائيل تواجهان تهديداً إرهابياً مشتركاً، أي أن لا فرق بين أسامة بن لادن وياسر عرفات(10). وعليه بدأت تظهر ملامح اللوبي الصهيوني داخل مركز القرار الأمريكي، ليصبح اليوم شريكاً فعلياً في القرار الأمريكي، ولاسيما في السياسة الخارجية، إضافة  إلى امتلاكه حق الفيتو غير المعلن على العديد من القرارات الرئيسية التي تتخذها الإدارة والحكومة الأمريكية، وقد اتخذ هذا اللوبي أشكالاً عدة تتوزع داخل المراكز الأساسية في لإدارة الأمريكية، وبهذا الصدد عملت مجموعات من هذا اللوبي على التغلغل داخل الحياة السياسية الأمريكية، ويمكن أن نجزم أن التواجد الصهيوني الفاعل في الولايات المتحدة يرتكز بشكل أساسي على إحكام سيطرته في المشاركة على صناعة الإدارة الحاكمة في واشنطن والتأثير على وجهتها السياسية وفق ما يتناسب مع خدمة مصالح الدولة العبرية. الهوامش: (1) « العلاقات الدولية بعد الحرب العالمية الثانية » الجزء الأول ـ إصدار عام 1962، (ص246). (2) د. إلياس شوفاني، إسرائيل في خمسين عاما،المشروع الصهيوني من المجرد إلى الملموس، الجزء الثالث، دار جفر للدراسات، دمشق،الطبعة الأولى 2002، (ص524-525). (3) www.aljazeera.com. (4) هآرتس، 27/3/1973. (5) شؤون عربية/العدد 37، سنة 1984، (ص 318-319). (6) يديعوت أحرنوت، 28/5/1975. (7) هآرتس، 11/11/1973. (8) دافار، 27/8/1973. (9) هآرتس،4/7/1971. (10) المؤلفان:ستيفن وولت: أستاذ العلوم السياسية في جامعة هارفارد، جون ميرشايمر: استاذ العلوم السياسية في جامعة شيكاغو، الحلقة الأولى من دراسة:اللٌوبي الإسرائيلي والسياسة الخارجية للولايات المتّحدة الأمريكية،جريدة الوسط 4/ 9/ 2007  
(المصدر:  مجلة الوحدة الإسلامية (شهرية لبنانية) تصدر عن تجمع العلماء المسلمين في لبنان ، السنة السابعة ـ العدد الثمانون ـ 80-رجب ـ شعبان ـ 1429 هـ ـ (آب) (أغسطس) 2008 م)


رسل وليسوا حكاما

     

فهمي هويدي شهادة العقيد القذافي لصالح الرئيس التونسي زين العابدين بن علي مسوغ كاف لمنحه شهادة الدكتوراة الفخرية من جامعة السابع من نوفمبر، وهو اليوم الذي انقلب فيه بن علي علي الرئيس بورقيبة، وأخذ مكانه في عام 1987،   ومنذ ذلك الحدث «التاريخي» قرر الرجل أن يبقي في داخل التاريخ، مصراً علي ألا يغادره إلا بقرار إلهي!   لقد رشح بن علي نفسه لرئاسة البلاد للمرة الخامسة، وعدل الدستور خصيصاً ليس فقط لكي يضمن بقاءه في السلطة مدي الحياة، ولكن أيضاً لكي يضفي حصانة أبدية علي كل ممارساته أثناء توليه السلطة سواء تعلقت بثروة البلد الذي سلم مفاتيحه لقرينته وأسرتها أو بنظام الحكم، بعد ذلك دعا العقيد القذافي إلي زيارة تونس وتدشين حملته الانتخابية، وتم الإخراج علي النحو التالي: إضافة إلي البرنامج الرسمي للزيارة، فإن الأخ العقيد استُقبل في الجامعة ليتسلم الدكتوراة الفخرية يوم الثلاثاء 5/8 ولكي يلقي محاضرة علي أساتذة الجامعة وطلابها، ورغم أنه استعرض آراءه في أمور كثيرة، تعرضت للوضع العربي والدولي، إلا أن بيت القصيد في كلامه كان الشق الذي امتدح فيه الرئيس بن علي، وصوت لصالحه، ماذا قال؟   قال إن قرار الرئيس بن علي ترشيح نفسه هو قرار تاريخي أسعده شخصياً بقدر ما أسعد الشعب الليبي الذي هلل حين سمع الخبر، وأضاف أنه يهنئ الشعب التونسي بهذه المناسبة، «فنحن مستأنسون به ومرتاحون إليه، ومطمئنون إلي وجوده في تونس».   قال أيضاً إنه من جانبه كان يلح عليه منذ زمن أن يرشح نفسه، ويقول له إن بقاءه تكليف من الشعب وليس تشريفاً، وإنه قاد معركة التحول في تونس في السابع من نوفمبر،وينبغي ألا يتراجع عن موقعه في قيادة هذه المعركة لضمان استمرارها.   هذا الكلام لا يفاجئنا، لأن الأخ العقيد سبقه إلي قيادة «تحول» مماثل في ليبيا منذ تولي السلطة في الفاتح من سبتمبر عام 69، أي أنه في شهرسبتمبر من العام القادم سيكمل أربعين عاماً في قيادة معركة للتحول لم تحقق أهدافها إلي الآن، ولذلك فهو ينبغي أن يبقي لكي يكمل رسالته، ولا غرابة، والأمر كذلك أن يلح علي الرئيس بن علي لكي يستمر في ترشيح نفسه «رغم أنه لم يكن بحاجة إلي إلحاح»، وأن يعرب عن سعادته حين أقدم علي تلك الخطوة.   ما قاله الأخ العقيد في العلن يقوله كل رئيس في المنطقة لنفسه ولمن يصادفهم من الرؤساء الآخرين «هل تذكر ما نشر عن المحاولة المصرية لإقناع بوتين بإعادة ترشيح نفسه للرئاسة في روسيا»، ذلك أن القيادة في العالم العربي لم تعد اختياراً، ولكنها تحولت إلي قدر، فالحكام لأنهم ليسوا منتخبين من الناس يعتبرون أن الأقدار هي التي اختارتهم، بالتالي فإن الله هو الذي انتخبهم، ووحده القادر علي إبعادهم عن مناصبهم، ذلك أنه سبحانه الذي يؤتي الملك من يشاء وينزع الملك عمن يشاء، وكما ذكر العقيد القذافي فإنهم يؤمنون بأنهم أصحاب رسالة، وصاحب الرسالة لا يتقاعد، ولا مدة معينة له، هل رأيت رسولاً طلب منه أن يتنحي ويتخلي عن دوره بعد خمس أو عشرأو حتي عشرين سنة، أم أنهم ظلوا حاملين «رسالتهم» حتي اختارهم الله إلي جواره.   صحيح أنهم جميعاً يقولون في العلن إنهم لم يسعوا إلي السلطة ولكنها التي سعت إليهم «من باب التواضع لا يذكرون أن الأقدار اختارتهم»، وأنهم لولا ضغط الجماهير وإلحاحها لآثروا أن يستريحوا ويستمتعوا بحياتهم في الظل مع الأبناء والأحفاد، لكننا جميعاً نعلم أن كل واحد منهم ما إن تمكن من السلطة حتي جند كل الطاقات واستخدم كل الحيل والألاعيب لضمان احتكارها له ولأسرته.   من الطرائف التي تذكر في هذا الصدد أن الرئيس بن علي ما برح يردد في كل مناسبة أنه لم يعد هناك في تونس مجال للعودة للرئاسة مدي الحياة، في الوقت الذي تكرس اجراءاته المتلاحقة رغبته الجامحة في تأبيد بقائه في السلطة، ولا تفسير لذلك سوي أنه يعتبر نفسه مستثني من ذلك الحكم لأنه رسول وليس رئيساً، الأمر الذي يعني أن كلامه يسري علي غيره ولا ينطبق عليه.   (المصدر:  جريدة الدستور المصرية بتاريخ 8 أوت 2008 )

 

Home – Accueil الرئيسي

Lire aussi ces articles

29 avril 2010

Home – Accueil TUNISNEWS 9 ème année, N° 3628 du 29.04.2010  archives : www.tunisnews.net  La Cour de Strasbourg ordonne à

En savoir plus +

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.