Home – Accueil – الرئيسية
TUNISNEWS
6 ème année, N° 2050 du 01.01.2006
قناة الجزيرة تخضع للضغوط التونسية.. فأين المصداقية؟ الأسبوع المصرية : وزير الشئون الدينية التونسي يصف الحجاب بالزي الطائفي والمحجبة ‘نشاز’!!
الصباح: ردود فعل عديدة حول حديث وزير الشؤون الدينية في الصحافة العربية
الصباح: جمعية القضاة التونسين:سد كافـة شغـورات الهيئـة الاداريــة
الموقف: صعود هيئة جديدة في اتحاد الكتاب وعودة المطرودين والمستقيلين
الموقف: إنتخابات المجالس العلميّة إنتصار للخطّ النضالي داخل الإتحاد العام لطلبة تونس
الموقف: صفاقس: تواصل الأزمة في مؤسسة المطاحن الكبرى للجنوب
صلاح الدين الجورشي: تونس: سلطة متشددة ومعارضة بلا خطوط حمراء
جلال عبد الرحمان: تونس: التطبيع يتواصل سرا وجهرا
د . خالد الطراولي: دفاع عن الصحوة في تونس، ومناشدة لأصحاب العقول
علي بن عرفة: قيمة الانسان
الحبيب أبو وليد المكني: على هامش حوار كلمة
مرسل الكسيبي: من التنظيم العالمي الى الخصوصية القطرية حيان: احتجاج ضد كيل الشتائم الهابطة لفريق تونس نيوز مستور: إلى عبد الحميد العدّاسي والعمّ محمد العروسي الهاني الوسط: زواج شاب تونسي وعجوز ألمانية يفجر مناقشات في ألمانيا بشأن الزواج من أجانب
برهان بسيّس: الحالة التونسية في ميزان لعبة الأقليات العرقية
الطاهر الأسود: تشارلز كراوثمر “بطل ايديولوجي” من زماننا: ملاحظات حول منظّر نيومحافظ حقائق: مهرجان قرطاج يبوح باسرار مداخيله:الكلفة 4 مليارات ونصف المداخيل 558 ألف دينار حقائق: المرأة التجمعية تحتفي بالحداد :كيف نظّر الطاهر الحدّاد لمنافسة المرأة للرجل في الاعمال؟ حقائق: بورقيبة والحدّاد والشابي بكاميرا الجزيري: خمسة مليارات للبحث فـي معالم الحداثة والنضال
إسلام أون لاين: “قنبلة خدام”.. زلزال سياسي جديد بدمشق
التجديد: ”الإخـوان” بمصر يحاورون السينمائييـن ويبحثون إنتاج أعمال فنية
Pour afficher les caractères arabes suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe ( Windows )
To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic (Windows).
|
قناة الجزيرة تخضع للضغوط التونسية.. فأين المصداقية؟
علمت “تونس نيوز” من مصادر عليمة أن قناة الجزيرة أجرت الأسبوع الماضي اتصالات مع أطراف تونسية في الداخل والخارج من أجل المشاركة في حلقة من برنامج “ما وراء الخبر” يوم 28 أو 29 ديسمبر الماضي كان من المقرر أن تخصص لمناقشة التصريحات المثيرة للجدل التي أدلى بها أبو بكر الأخزوري، وزير الشؤون الدينية في الحكومة التونسية إلى جريدة الصباح الصادرة يوم 27 ديسمبر الماضي.
لكن – وقبل سويعات من موعد بث البرنامج على الهواء – تم إعلام المشاركين ومن بينهم الشيخ محمد الهادي الزمزمي، اللاجئ السياسي التونسي المقيم في ألمانيا ومؤلف كتاب “تونس .. الإسلام الجريح” (نشر في غضون عام 1995) بإلغاء الحصة تماما.
ويبقى السؤال قائما: لماذا تنبطح الجزيرة – التي لا يكاد يسلم منها أحد في العالم العربي – مرة أخرى أمام الضغوط الرسمية التونسية؟ ما هو السر يا تـرى؟
أفيدونا يرحمكم الله يا قوم.
في أول أيام عام 2006، جريدة “الصباح” تستخف بعقول التونسيين والتونسيات وتكذب عليهم جهارا نهارا وبلا حياء… من بين مئات الردود الغاضبة والمستنكرة والمستهجنة لكلام الوزير أبو بكر الأخزوري (المنشور يوم 27 ديسمبر 2005) التي نشرها متصفحو موقع العربية.نت (المحجوب في تونس) للتعليق عليه، جريدة الصباح “المستقلة” (؟؟؟؟) تنتقي منها 7 (!!!) ردود يتيمة مساندة لتصريحاته ثم تكذب على قرائها بلا حياء زاعمة أنها ردود نشرت في “الصحافة العربية”…
ردود فعل عديدة حول حديث وزير الشؤون الدينية في الصحافة العربية
*مندوه الى الأستاذ الوزير ابو بكر الاخزوري وزير الشؤون الدينية بدولة تونس الشقيقة يسلم فمك اول رجل متنور اشاهده في حياتي.
* خلينا نتطور علماني سوري الله معك يا وزير انت مثال الرجل المتحرر الله يوفقك خلينا نتخلص من هكذا تخلف لان الاسلام دين متحرر ومتسامح وقابل للتطور وانت يا عربية حاجة تحيز ياللي بيعجبكم بتنشرولوا على اساس ديمقراطية!
*** * لقد اثبت الحجاب فشله مسلمة مازال الحجاب يثبت فشله يوما بعد يوم يا عالم يا هو الحجاب كان من 1400 سنة مفيدا اما الان فانه فقط اضطهاد للمرأة لا غير نحن الان لا نعيش تحت ظل الدين الاسلامي بل تحت ظل العولمة.. افهموا هذا الشيء.
*** * بارك الله فيك يا أبو بكر الاخزوري سيد عبد الجبار اين كان الحجاب والنقاب في الستينات والسبعينات وما قبل ذلك؟ الراجل بيقول الحق الحجاب ظاهرة جديدة دخيله على مجتمعنا المصري خصوصا. ادخلها الاخوان المسلمين علينا لمصدر رزق لهم لبيع ملابس المحجبات والمنقبات اصبحت شوارعنا وجامعتنا مليئة بالمجرمين والهارين من القانون وتجار المخدرات والرجال الذين يختبئوا تحت النقاب ليدخلوا بيوت البنات لفعل الفاحشة بوجود اهلها في البيت ويختبئ تحت هذا النقاب الارهابيين ايضا والمسلمات المغلوبات على امرهن.. ويضعوا الملصوقات على المباني (الحجاب عفه وطهاره) اي غير مرتديات الحجاب ليس عفيفات وليس طاهرات وهذا غير صحيح على الاطلاق ولان العفة عفة النفس والطهارة طهارة القلب.
*** * يا ليت متنور يا ليت كل المدعين بانهم علماء يتشبهون بك ايها المحدث المجدد، عدو التخلف، الى المزيد من الجرأة والشجاعة، وفقك الله في محاولتك ادخال الاسلام الى العصر.
*** *أين كان الحجاب قبل الثورة الاسلامية في ايران فاطمة العايدي لم نسمع عن ان الحجاب فريضة الا بعد الثورة الاسلامية في ايران وهو نتاج لحالة الرجعية وندرة الثقافة والنظرة السيئة للمرأة على اساس نصفها السفلي فقط. فالمرأة تغطي نفسها حتى لا يثار الرجل هل هذا عقل. ما علاقة العفة بالقماش. الى متى سنقيس العفة بسنتمترات من القماش. اما ان الله امرنا فهذا كلام ذكوري ولا علاقة به بدين ويتنافى مع ابسط حقوق الانسان. على الرجال ان تهدأ جنسيا بدلا من ان يفرضوا علينا الحجاب. وبعد ات قرأت شهور وشهور. الحجاب ليس فريضة. الحجاب ليس فريضة. الحجاب ليس فريضة.
* وا عجبي ايمان ـ من تونس يعني على حسب ما فهمته ان المرأة لا تكون محترمة حالها ومسلمة الا اذا كانت محجبة!!؟؟ وطبعااغلب التعليقات من الاخوة المصريين والمشكلة انهم يريدون فقط شغلة من شان يمسكو فيها ويهينوا الشعب التونسي على الاقل احنا في بلدنا كل شيء واضح ما في حجاب اوكي مافي حجاب بس هذا لايعني انه احنا بنطلع بالمايوه للشارع شو هالتخلف اما تكوني محجبة او انت لست مسلمة؟؟ حكي فاضي وبعدين نكون مش محجبات احسن من انه نشوه الحجاب مثل ما يسووا اغلب المحجبات حجاب جينز او حجاب + ماكياج كامل او محجبة وماشية وراء شاب تغازل فيه وتحاول تعطيه رقم موبايلها!!! هذا تسموه حجاب واسلام لا والف لا اهونلي ما البسه ولا اخلي الغرب يحكو شوفو المحجبة شو مسوية والكلام موجه للمصريين قال شو المصريين بدهم يعلمونا الاسلام ما كل حياتكم حرام في حرام وان شاء الله «العربية» تنشر كلامي وما تسوي مثل كل مرة.
(المصدر: جريدة الصباح التونسية الصادرة يوم 1 جانفي 2006)
تذكير من تونس نيوز:
فيما يلي نضع على ذمة السادة القراء مجددا وصلتي الموضوعين المنشورين في موقع العربية.نت يومي 27 و 29 ديسمبر 2005 حول تصريحات وزير الشؤون الدينية التونسي وموجة الإستنكار الواسعة التي أثارتها ولا تزال تثيرها إلى هذا اليوم:
1- الموضوع الأول نشر يوم 27 ديسمبر 2005 بعنوان:
“الفكر المستنير كفيل باجتثاثه”..
وزير الشؤون الدينية التونسي: حجاب المرأة دخيل ونشاز و”لباس طائفي”
وصلة الموضوع وتعاليق متصفحي موقع العربية.نت عليه:
** مقتطفات من آخر الردود على هذا الموضوع:
حسبنا الله ونعم الوكيل مسلمة محجبة من مصر |28/12/2005 م، 12:42 (السعودية)، 9:42 (جرينيتش) حسبنا الله ونعم الوكيل,لكم الله يا أخواتنا فى تونس ———————————————————————– حتى يصحو أبو عماد |28/12/2005 م، 12:44 (السعودية)، 9:44 (جرينيتش) ما بال الجميع يكيل لمعالي الوزير الشتائم وينعته بأسوإ النعوت…. لا تلومونه فقد أدلى بحديثه … اتركوه تحفظيا حتى يصحو وقد لا يصحو… وعجبي!!! ———————————————————————– لاحول ولا قوة الا بالله مسلم |28/12/2005 م، 12:45 (السعودية)، 9:45 (جرينيتش) الحكومات صارت تتدخل في زي العامة …. الله اكبر ياعمي اللباس هادا سترة للفتاة ———————————————————————– علامة الساعة معز التونسي |28/12/2005 م، 12:46 (السعودية)، 9:46 (جرينيتش) لا حول ولا قوة إلا بالله اننا نتبرأ من النظام التونسي انشروا يا عربية ———————————————————————– رد عملى عبد الله المصرى |28/12/2005 م، 12:48 (السعودية)، 9:48 (جرينيتش) تناثرت الشائعات فى الفترة الاخيرة عن حالة الردة الدينية التى يعيشها المسلمين فى تونس هذه الايام وتركهم للدين شكلاً وموضوعاً واذا قرأ اى فرد هذا الحديث السخيف لهذا الحقير ( الوزير ) فسوف تتاكد لديهم تلك الشائعات . وان مما لاشك فيه هو ان هذه الشائعات تنطبق تماماً على نظام الحكم التونسى بالكامل ….. فماذا عن الشعب التونسى ؟ انه يتعين على الشعب ان يقدم الدليل والرد العمليين على موقفه هل يقف مع اسلام محمد بن عبد الله – صلى الله عليه وسلم – ام مع اسلام النظام الحكم ———————————————————————– أشكوك…. مقهور |28/12/2005 م، 12:49 (السعودية)، 9:49 (جرينيتش) المشكلة أنهم يسألون بعدها عن التطرف وأسبابه ودواعيه أهذا منطق أهل النور والحق ، لأول مرة أعلق لأقول : أشكوك إلى الملك العادل ومن أشكالك يوم القيامة ، غدا الموعد فلا تغتر .. وإن غدا لناظره لقريب .. ———————————————————————– النشامى الاردنيون |28/12/2005 م، 12:49 (السعودية)، 9:49 (جرينيتش) النشامى الاردنيين يرفضون هذا الكلام الا اسلامي ———————————————————————– إلى وزير الشؤون الدينية التونسي & فاطمة العايدي & ايمان-من تونس & Moderate Lebanese Muslim Yasser Aboulfateh |28/12/2005 م، 12:50 (السعودية)، 9:50 (جرينيتش) حسبي الله ونعم الوكيل… فاليسود الرب وجهكم Can i ask you one question? What do u about ISLAM.. Plz visit this site for more info www.islamway.com or just think in what u r reading in Quraan.. Thanks & best regards, Yasser ———————————————————————– حافظ الدين الاسلامى على المراءه فكيف تهدره عمرو |28/12/2005 م، 12:51 (السعودية)، 9:51 (جرينيتش) الا تعرف يا سيادة الوزير ان اغلى شىء عند الانسان يداريه من أعين الناس فكيف للمرأه وجسدها أغلى ما عندها تكشفه للناس اذا كنت تريد ذلك لاهلاك فانت حر ولكن اترك نساء المسلمين فى حالهم ولا تقطع عليهم عفتهم اتقى الله الذى يعلم خائنة الاعين وما تخفى الصدور ———————————————————————– da ahbl bayn 3aleh keda 0000 |28/12/2005 م، 12:53 (السعودية)، 9:53 (جرينيتش) da byn 3aleh ahbla we el 3alam el btkalem de kolha mo7trma we mesh 3arfa trod 3aleh 7ad bas ygbholy wana arbe ———————————————————————– الى كل من سؤلت له نفسه الاستهزاء حاتم مبارك-السودان |28/12/2005 م، 12:57 (السعودية)، 9:57 (جرينيتش) قل أبالله وأياته ورسوله كنتم تستهزءون لاتعتذروا قد كفرتم بعد أيمانكم . ———————————————————————– التنوير يوسف الساحلي |28/12/2005 م، 13:4 (السعودية)، 10:4 (جرينيتش) اذا كان هذا اللباس غير مقبول اذا لباس الMINIJUPEهو المقبول لكن ماذا نقول الشيء من مئتاه لا يستغرب حسبنا الله و نعم الوكيل!!! ———————————————————————–
please dont call this man ” 3ilmanee” because he is not ali ali |28/12/2005 م، 13:6 (السعودية)، 10:6 (جرينيتش) Just as I believe that you should not force reliegion on someone and force a woman NOT to wear a hijab, that you should also not force someone to take it off……its a womans own choice its about personal freedom–if she wants to wear it then thats great, if she does not want to wear it then that is fine as well…but please dont FORCE anything on anyone….2nd –this man is not 3ILMANEE because he is not giving the women or people any personal freedom….ya 3arab let religion be between a person and his or her God……in sum, this man is stupid
———————————————————————– اللهم لا تحاسبنا بما فعل السفهاء منا المدنب – ليبيا |29/12/2005 م، 9:28 (السعودية)، 6:28 (جرينيتش) نسئل الله العلى القدير ان ينتقم من هادا الفاسق وامثاله ممن جعلو حال هاذه الامة يتأخر يوما بعد يوم لا حول ولا قوة الا بالله ———————————————————————– لاعنوان هاني |29/12/2005 م، 9:28 (السعودية)، 6:28 (جرينيتش) ليس على الاعمى حرج وهو اعمى كلا بل ران على قلوبهم ———————————————————————– اللهم اغثنا عمرو حسين |29/12/2005 م، 10:26 (السعودية)، 7:26 (جرينيتش) اللهم ارحمنا وخذنا قبل ان ينزل علينا غضبك ….اللهم اهديه او خذه ———————————————————————– الى متى؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ ibn zeitouna |29/12/2005 م، 11:34 (السعودية)، 8:34 (جرينيتش) ماذا فعلتم لنصرة المسلمين في تونس. نحن نعاني من قبضة العلمانيين المنافقين منذ اكثر من 50 سنة. كفاكم شتما و تملقا. ———————————————————————– إنا لله وإنا إليه راجعون وحسبنا الله ونعم الوكيل طائع الله |30/12/2005 م، 15:8 (السعودية)، 12:8 (جرينيتش) لاحول ولا قوة الا بالله…الحجاب فرض من فريضة الله وسنة حبيبه المصطفى على كل مسلمة…فكيف سمح لك ضميرك اخي بأن تمنع الحجاب بدولة مسلمة؟؟أهو خوف من شبهات الإرهاب؟؟فأين خوفك من رب لايخفى عنه شيئا؟؟؟؟؟ الحجاب لاعلاقة له بالإرهاب والله فوق كل مذنب للإسلام………. ———————————————————————– العربية نت….. بتهزر المجبرى |31/12/2005 م، 5:30 (السعودية)، 2:30 (جرينيتش) من المستحيل ان يكون الموضوع حقيقى………نأمل عدم الهزار فى مثل هذة المواضبع…………………..وان كان صحيح فإن الوزير الاخ اللى وقف فى زورى (الاخزورى) من علامات الساعة فعلا… ———————————————————————– ما ذا فعلتم بحجابكم يا متحجبين تونسي عادي جدا |31/12/2005 م، 10:32 (السعودية)، 7:32 (جرينيتش) انظروا حولكم يا مسلمين و اسئلوا اهل العقل فيكم و لا اقصد باهل العقل علماءا جهلة او سياسيون على مبادىء السياسة هم نكرة, بل اقصد اناسا اخذوا من العلوم ما يكفي و اكتسبوا من الحكمة ما يفي لتشخيص داء الامة .راي الوزير يدل على جهله لا تجاهله و اساله الاستفسار عما كانت التونسيات تلبسن الى زمن غير بعيد .و اجهل من الوزير هؤلاء الذين كفروه. ألى متى ستنقضون على القشور و تنسون اللب؟ الى متى ستنشغلون بالتفاهات؟ هل مشكلة الامة اليوم هي الحجاب؟ماذا لو حجبنا كل نسائنا هل سنصبح اكثر تقدما او ورعا؟هل ستخافنا اسرائيل لاننا امتلكنا سلاحا يخرجنا من بوتقة الخنوع و الخضوع؟هل سنجد لنا مكانا بين امم تاريخها لا يتعدى القرون المعدودة و مساحتها لا تتغعدى الالاف القليلة من الكيلومترات الا ان نجاحاتها تتعدى ما انجزته المجتمعات المتحجبة منذ وجودها. ان مشكلة الحجاب مشكلة لا تهم الا اصحاب العقول المريضة التي لا تقدر الا على فهم التفاهات.هل ان لباس الحجاب يعني ان صاحبته دينة ورعة و هل ان تاركته ضالة فاسقة؟ انظروا حولكم و افتحوا عقولكم ان كنتم لا تبصرون. بام عيني رايت شيخات ترفعن حجابهن لشرب الويسكي و بها رايت اخريات يرتدن الاماكن المشبوهة. و رايت من النساء من لم تحمل الحجاب يوما لكنها اتقى من شيخ يفتي بما لا يقبله العقل. عرفت من النساء متحجبات و غير متحجبات و ادركت ان دين المراة ليس في حجابهاو ان شرفها ليس بين رجليها و لكنني ادركت اننا متخافين وو سبب تخلفنا فئة غضب الله عليها فحرمها من نعمة العقل فاذا بهم في زمن الذرة و العولمة يناقشون مواضيع ولت و انقضتز ان الدين من هؤلاء بريء.اتركوا الدين بين الانسان و خالقه و انصرفوا الى شؤون انتم في امس الحاجة اليها. 2- الموضوع الثاني نشر يوم 29 ديسمبر 2005 بعنوان:
أكاديمية تونسية اعتبرت الصحابي عمر بن الخطاب “عدو” المرأة
موجة استنكار تثيرها تصريحات وزير تونسي اعتبر الحجاب “زيا طائفيا”
وصلة الموضوع وتعاليق متصفحي موقع العربية.نت عليه:
http://www.alarabiya.net/Articles/2005/12/29/19905.htm مقتطفات من آخر الردود على هذا الموضوع:
in the name of all tunisian SORRY mohamed ben omar(tunisian in canada |31/12/2005 م، 4:0 (السعودية)، 1:0 (جرينيتش) i m a tunisian who lives in canada.all i can say that there is no more islam in tunisia,the zabania are against islam and they obey the americans and the israelien but they dont obey allah we really dont know what to do i whish that all muslams pray that god will put them in hell and i beg pardon from every muslams in the world from the speech of the minister
——————————————————————- فرنسا عبد العزيز |31/12/2005 م، 4:59 (السعودية)، 1:59 (جرينيتش) بسم الله الرحمان الرحيم لقد قرأت الحوار الذي أدلى به الوزير التونسي عن الحجاب لقد أصبحت أستحي أن أقول بأني تونسي مع العلم إني رئيس فرع لرابطة حقوق الانسان في فرنسا مسلم وملتزم بإسلامي وزوجتي ترتدي الحجاب كما يعلم الجميع أنا فرنسا بلاد علما نية إنهم يحترموني أكثر من غير المسلمون الذين هم علمنيون معاملتهم معي لن أجدها في وطني تونس ولم أسمع كلمة واحدة منهم كيف أنت رئيس فرع الرابطة لحقوق الانسان هل تعلمون أين أجد المشكله إلا عند التونسين كيف زوجتك ترتدي الحجاب كما يقول المثل التونسي (الجمل هاز الحمل والقراد إنين) نطلب من الله أن يحفظ الأنسان من هذا الظلم إن الظلم ظلومات يوم القيامه والسلام عليكم ——————————————————————-
No one is sacred Tounsi-expat |31/12/2005 م، 5:59 (السعودية)، 2:59 (جرينيتش) No one in Tunisia is fooled about the nature of the dictatorial regime. No doubt that it is one of the worst in the arab region and it doesn`t reflect tunisians opinions. However, the tunisian society is and it always was a liberal society, I rememeber that in the 80`s when this Hijab was totally tolerated, no more than 1% of tunisian girls choose to wear it. Tunisia (and Algeria and Morocco to a lesser extent) is not the middle est. We as tunisians dream of democracy and a liberal tolerant society in which everyone can practice his beliefs and ideology and openly express his ideas. No one has the right to think for others and no one is above critics. Why isn`t it possible to criticize Omar Ibn Al Khattab? Isn`t he a human like all other humans or is he divine? Omar can be wrong and a woman can be right and that doesn`t happen only 14 centuries ago, that can happen today too. Wake up guys and use your brains, that doesn`t hurt that much.
Ysami1@excite.com
———————————————————————–
thank god we are moslims moslim tounsi |31/12/2005 م، 7:18 (السعودية)، 4:18 (جرينيتش) i want to tell all the moslims in the world,the problem is not about this speatch only .but its more dangerouse TUNISIA. ITS AWAR A GAINST ISLAM IN
——————————————————————– رد على صموئيل مكرس ابراهيم/الاردن |31/12/2005 م، 8:8 (السعودية)، 5:8 (جرينيتش) تمخض الجبل فولد فأرا نحن لم نتخذ أحبارنا و رهباننا أربابا من دون الله أولا وثانيا لم نطلب منك ان تفرق لنا بين التدين ومظاهر التدين لان هذا جاهلنا يعلمه ولكن بعض الجهلة والمغفلين هم الذين لا يدركون ان هناك ارتباظ وثيق بين التدين ومظاهره فمن المعلوم في علم الأجتماع أن السلوك مرأّة للخلق فمن حسن خلقه حسن سلوكه والعكس صحيح ومن هنا لا يخفي على جاهل أن مظاهر التدين هي من نواتج التدين فمن لا دين له لا يلتزم ولا يلزم بأي مظهر. ارجو النشر ياااااااااااااااا عربية ——————————————————————-
I have 3 girls Abu-Salma Egypt |31/12/2005 م، 9:10 (السعودية)، 6:10 (جرينيتش) Please Mr. Minster could you answer my following questions, What is the road should I take to save my girls? What are my duties as a Moslem against my girls? Should I start learning them democracy, freedom and modern life? Or Should I start first learning them what to wear and how to be saved in this wild world? Tell me Mr. Mister who will save my girls? Freedom, democracy, modern life or Islam? Islam for me is the clothes, the traditions, the believe, the behavior, it is everything; Islam cannot cut into pieces, and this is the problem that people like you cannot understand. Islam is one piece, simply take it or leave it, nothing in between. The simple rule for me is to do what you want as you do not hurt yourself or others, and for me Hijab is the right choice to save my girls, then everything could come after , they are well educated, they are open minded , but also they are proud to wear Hijab to live in peace and save. Please Mr. Minster review your words again before GOD is reviewing it with you one day, as a brother in Islam I warn you from that day, you will have no choice.
——————————————————————-
to tounsi hanibal |31/12/2005 م، 10:9 (السعودية)، 7:9 (جرينيتش) totaly agree with you you sad you wish a decent conversation, with whome? this is a spending of energy and time!! only tunisians could understand this look to the coment and you` ll get it, that`sthe way the arabs think they are right and you are wrong they want to tell how you should live this is crasy, i am living in europe for almost 20 years i never have a arab as a frind not bcz i don`t like them but bcz i don`t understand them to be honest i am afraid of them…..
——————————————————————-
WHAT FREEDOM AND DEMOCRASY THEY TALK ABOUT SHAME ON THE TUNISIAN PEOPLE |01/01/2006 م، 0:25 (السعودية)، 21:25 (جرينيتش) SIMPLY WE ARE HERE IN TUNISIA LIKE SLAVES TO OUR GOVERMENT , DO OR GO TO JAIL .EVEN IF WE DO HAVE THE FREEDOM THEY TALK ABOUT IT`S VERY VERY ABUSIVE IN MANY MANY WAYS .I DO APPOLOGIZE IN THE NAME OFF ALL THE TUNISIAN PEOPLE FOR THAT EGNORANT MINISTER COMMENT AND IM TELLING HIM AND HIS FAMILY TO GO TO HELL.PLEASE ARABIYA PUBLISH.
——————————————————————- ليس المؤمن بطعان ولا لعان ولا فاحش ولا بذئ أم شادى |01/01/2006 م، 0:36 (السعودية)، 21:36 (جرينيتش) وهل أكبر من هذا دليل على عمق المأساة التى يحياها العقل العربى؟! 30 ألف كلمة حول الحجاب ، فكم كلمة تناولت موقعنا فى مؤخرة الشعوب فى جميع المجالات، وكم كلمة تناولت كلايين الفقراء والمعدمين فى بلادنا فى وقت تهدر فيه ثروات المسلمين بين حروب بلا معنى وسفه بلا حدود؟ وكم كلمة تناولت عدم وجود جامعة عربية أو إسلامية واحدة بين أفضل 500 جامعة فى العالم (إسرائيل لديها أربعة منها!!) وكم كلمة تناولت الصفعات اليومية التى نتلقاها من أمريكا وإسرائيل؟ وكم كلمة تناولت الاستبداد والإفقار سواء على الساحة العالمية أو داخل كل من الأقطار العربية؟ ولو استمررت فى سرد القائمة لتعسر على الانتهاء. أيا كان الموقف من الحجاب اسمحوا لى أن ألفت نظرحضراتكم لوجود ما يسمى بفقه الأولويات، فكيف ننظر إلى فروع الفروع ونترك السوس ينخر فى الجذور؟ هل الحجاب هو الذى يعود بنا إلى صحيح الدين؟ أم العدل والحق واتخاذ أسباب القوة؟ تأملوا يا سادة مجرد نفحات من كتاب الله وأحاديث رسوله عليه الصلاة والسلام ترشدنا إلى حوهر الدين القيم: `إن المنافقين هم الفاسقون` `إن الله لا يحب المسرفين` `إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين` `أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه` `إن أعظم الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر` `إن إقامة ساعة عدل أعظم من سبعين سنة عبادة، قيام ليلها وصيام نهارها` `اطلبوا العلم ولو فى الصين` وهنا أيضا لا يمكن الاسترسال لكثرة الأمثلة على الأوامر والنواهى التى تمثل حقا جوهر الإسلام، وكلها لا يتوقف أداؤها وثوابها على ما إذا كانت المرأة التى تؤديها محجبة أم لا، ثم ألا تمثل الصياغة فى حد ذاتها والتكرار والتأكيد عناصر توضح أولوية الأمر او النهى؟ هل توجد آية فى القرآن الكريم جمعت بين كشف الشعر وسوء العقاب أو غضب الله أو الدرك الأسفل من النار ؟ هل جاءت حتى آية واحدة صريحة اللفظ تتحدث عن تغطية الشعر؟ هل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكتفى بتوجيهه لأسماء بنت أبى بكر بعدم كشف ما يتعدى الوجه والكفين وهما داخل المسكن أم كان يكرر الأمر فى مختلف المناسبات وفى جمع من الناس، لو أن للأمر ما تعطونه من أولوية (هذا بفرض صحة الحديث وهو حديث ضعيف لم يرد بأى من الصحيحين) . وفى النهاية لا أقصد الاعتراض على الحجاب ولا أختلف مع من من يراه خلق إسلامى ولكن الاعتراض والعجب والحسرة على إعطائه هذا القدر من الاهتمام والأولوية على الأمور الجسام التى تتوقف عليها نهضة أمتنا، ونحن بعكسنا للأولويات إنما نقدم لأعدائنا أجل الخدمات. وملحوظة أخيرة مهداة إلى بعض الإخوة والأخوات فى هذه الصفحة، برجاء قراءة عنوان المداخلة. ——————————————————————- رد على “أم شادى” فؤاد سعيد |01/01/2006 م، 1:55 (السعودية)، 22:55 (جرينيتش) تتحدثين عن فقه الأولويات, وهل الحجاب يحتاج إلى جهود جبارة تسخر لها كل طاقات الأمة فلا يبقى شيء `للعدل والحق`!!, كل ما يحتاج الأمر هو عدم فعل شيء, والسماح بالحجاب كما يسمح بنوادي العراة في تونس, هل هذا عائق في طريق الأمة؟! ثم تستكثرين ما كتب في هذه المسألة الهامة, وملايين الكلمات قيلت وكتبت في أتفه الأمور على هذا الموقع وفي كل وسائل الإعلام, أما كلامك عن عدم فرضية الحجاب فمردود عليك, وقد أطبقت الأمة قديماً وحديثاً على فرضيته…على كل النظام التونسي نظام مجرم مستبد تهدر فيه كرامة الإنسان وحقوقه ولشدة وقاحته يدعي الديموقراطية و`الحداثة`, ومنعه للحجاب ومحاربته للإسلام جزأ من كل. Allah is capable to destroy your sovereingty Abdullah from USA |01/01/2006 م، 5:29 (السعودية)، 2:29 (جرينيتش) Please look around you , and tell me what do you feel ——————————————————————- حاشاك هدانا الله |01/01/2006 م، 6:5 (السعودية)، 3:5 (جرينيتش) رضي الله عنك ورحمك ياأمير المؤمنين ورفع الله منزلتك بنصرتك للإسلام والمسلمين عن أبي هريرة _رضي الله عنه_ قال : قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ( لا تسبوا أصحابي لا تسبوا أصحابي فوالذي نفسي بيده لو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا ما أدرك مد أحدهم ولا نصيفه ) . رواه البخاري . و عن الرسول صلى الله عليه وسلم ( اللهم أعز الإسلام بأحد العمرين ) ——————————————————————- منك لله Amr |01/01/2006 م، 9:8 (السعودية)، 6:8 (جرينيتش) حسبى الله ونعم الوكيل
استفزاز:
وزير الشئون الدينية التونسي يصف الحجاب بالزي الطائفي والمحجبة ‘نشاز’!!
جيهان حسين
وكأنه لايكفينا الهجوم علي الإسلام من أعدائنا .. أعداء الاسلام المتربصين به.. فها قد أتت تصريحات جديدة اقل ما يقال عنها إنها (مستفزة)، وممن؟ من وزير الشئون الدينية التونسي!!، حيث وصف المرأة التي ترتدي الحجاب بأنها (نشاز) لأن الحجاب (مظهر غير مألوف) إلي جانب أنه (زي طائفي).. وقال الوزير أبو بكر الأخزوري في حوار اجرته صحيفة (الصباح) التونسية يوم الثلاثاء الماضي في رد علي سؤال حول انتشار الحجاب في تونس مرة اخري، قال: ان ظاهرة الحجاب تراجعت في تونس لأنها ظاهرة غير مقبولة، ورفض مقولة عودة الحجاب لنساء تونس بشدة قائلا: بالعكس.. ظاهرة الحجاب تراجعت، وعندما نقول تراجعت فإننا نعي ما نقول، ونستند إلي معطيات موضوعية، وفي معرض هجومه علي الحجاب قال وزير الشئون (الدينية): ‘إن الحجاب دخيل ونسميه بالزي الطائفي، باعتبار أنه يخرج من يرتديه عن الوتيرة فهو نشاز وغير مألوف ولا نرضي بالطائفية عندنا’، واشار الوزير في حماس إلي تراجع عدد الفتيات والنساء المحجبات في تونس بسبب ما قال إنه انتشار لثقافة (التنوير)، وقال: إن تراجع الحجاب واضح لأن الفكر المستنير الذي نبثه ‘يقصد أجهزة الدولة’ كفيل باجتثاثه تدريجيا بحول الله!!!
وفي لهجة غريبة علي وزير شئون دينية، قام الاخزوري بتصنيف القميص الأبيض الخليجي والحجاب باعتبارهما لباسا طائفيا قائلا: ‘إننا نرفض الحجاب الطائفي ولباس (الهركة البيضاء) واللحية غير العادية التي تنبئ بانتماء معين، فنحن لدينا مقابل ذلك الجبة’ وهي الزي التقليدي لشعب تونس، واعتبر الاخزوري ان الحكومة التونسية حكومة حداثية وهي بالتالي ترفض الحجاب قائلا: ‘اننا من الحداثيين ونرفض كل انغلاق، ومع الرئيس بن علي تمكنا من ارساء المعادلة الصعبة بين الاصالة والحداثة وبين الموروث ونتاج التفاعل مع الآخر’..
وفي اجابته عن سؤال حول ما يقال عن تسرب (مسحة شرقية او مشرقية) إلي المشهد الديني في تونس أقر الاخزوري بوجود هذه المسحة في بعض الصحف المكتوبة وارجع ذلك الي استناد هذه المجلات إلي فتاوي الازهر الشريف، وشدد الوزير علي أن بلاده فيها ما يفي بالغرض وقال: ‘عندنا من الفتاوي ما يفي بالغرض، خصوصا ان من الفتاوي المشرقية ما هو حكم أصلي ولا نعتبره فتوي، ثم نحن لنا مؤسسات كفيلة بالوصول لإجابة عن كل تساؤل، وتونس تختزل اكبر مدرسة فقهية في العالم الاسلامي من (سحنون وابن عرفة والزيتونة’.. وتجدر الاشارة الي ان السلطات التونسية تمنع بمقتضي القانون ارتداء غطاء الرأس للمرأة او ما يعرف بالحجاب، وتصنفه ضمن ما تقول انه الزي الطائفي، وينص المنشور (108) الصادر في عام 1981 علي حظر الحجاب في المدارس والمؤسسات العمومية، غير أن السلطات التونسية تتوسع في حظر الحجاب حتي في الشارع بحسب العديد من التقارير والمنظمات الحقوقية .
جمعية القضاة التونسين:
سد كافـة شغـورات الهيئـة الاداريــة
انتظارات بشأن المكتب التنفيذي قبل انعقاد المجلس الوطني
تونس ـ الصباح
انتهت عمليات سد الشغورات الحاصلة في عضوية الهيئة الادارية لجمعية القضاة التونسيين وذلك بانتخاب 16 ممثلا نوابا عن المحاكم في هذه الهيئة التي تشكّل بمعية المكتب التنفيذي تركيبة المجلس الوطني للجمعية والذي تعيّن موعد انعقاده يوم 29 جانفي القادم.
سد شغورات.. وانتظارات
افضت عملية سد الشغورات الى انضمام 16 قاضيا لعضوية الهيئة الادارية وهم السادة: لسعد البلّيري (محكمة الاستئناف بتونس)، فوزي ساسي (المحكمة الابتدائية بتونس)، حمادي الشنوفي (المحكمة الابتدائية بقرمبالية)، كريم الحاج (المحكمة الابتدائية بالمهدية)، لزهر الجويلي (المحكمة الابتدائية بالمنستير)، الناصر الهلالي (المحكمة الابتدائية بالكاف)> فتحي الجمالي (المحكمة الابتدائية بجندوبة)، توفيق عون (المحكمة الابتدائية بتوزر)، رياض اليانقي (محكمة الاستئناف بقابس)، وسام بن عليج (المحكمة الابتدائية بمدنين)، الهذيلي المناعي (محكمة التعقيب)، التوهامي الحافي (المحكمة الابتدائية باريانة)، فريد بن جحا (المحكمة الابتدائية بسيدي بوزيد)، محمد بنور (محكمة الاستئناف ببنزرت)، العربي الخميري (المحكمة الابتدائية ببنزرت) وجعفر الربعاوي (المحكمة العقارية).
ويجدر التذكير ان الشغورات حصلت في عضوية الهيئة الادارية اثر تغيّر مراكز عمل عدد من اعضائها بمقتضى حركة القضاة وكذلك بعضهم بالمكتب التنفيذي الجديد والذي انبثق عن مؤتمر استثنائي انتخابي (يوم 4 ديسمبر)، وقبل انعقاد المجلس الوطني (يوم 29 جانفي المقبل) ستتجه الاهتمامات نحو ما يمكن ان يسفر عنه نظر المحكمة الابتدائية بتونس في القضية المرفوعة بشأن الطعن في شرعية انعقاد المؤتمر المذكور وذلك يوم 16 جانفي علما وان المجكمة كانت قد رفضت الدعوى المرفوعة حول الغاء الاستعدادات والتنظيم المتعلقين بذلك المؤتمر.
لطفي
(المصدر: جريدة الصباح التونسية الصادرة يوم 1 جانفي 2006)
صعود هيئة جديدة في اتحاد الكتاب وعودة المطرودين والمستقيلين
محمد فوراتي
أفرز المؤتمر السادس لاتحاد الكتاب التونسيين صعود هيئة جديدة بعد مؤتمر غلبت عليه الصراعات الشخصية والاتهامات بسوء التسيير والفساد المالي. وشهد المؤتمر الذي ترشح إلى عضوية هيئته المديرة 45 كاتبا مناورات كبيرة وقائمات متنافسة لكن برامجها كانت متقاربة. وضمت الهيئة المديرة الجديدة ثمانية كتاب وشعراء ينتخبون لأول مرة وهم صلاح الدين بوجاه و عبد الله مالك القاسمي والمولدي فروج ومنصور مهني وعبد السلام لصيلع وابراهيم الدرغوثي وخالد الغريبي وعبد الكريم الخالقي وعضوان من الهيئة القديمة هما الهاشمي بلوزة وصلاح الدين الحمادي. واختير لرئاسة الاتحاد للمرحلة المقبلة صلاح الدين بوجاه.
وكان الحدث في هذا المؤتمر دعوة كل المستقيلين والمطرودين إلى العودة إلى حضن الاتحاد. ويبدو أن القرار كان جاهزا إذ أن حسين فنطر الذي تولى رئاسة المؤتمر بالإجماع اقترح منذ البداية إعادة كل المطرودين والمستقيلين وهو ما لقي ترحابا كبيرا من القاعة التي ضمن أكثر من 200 عضوا في الاتحاد.
وشهد النقاش اتهامات للهيئة المديرة المتخلية بسوء التصرف والاختلاسات و إقصاء عدد كبير من الكتاب والشعراء بسبب خلافهم في الرأي مع رئيس الاتحاد السابق. كما اتهم بعض الكتاب المسؤولين عن مجلة ” المسار ” بسوء التصرف والتلاعب حيث انقطعت المجلة عن الصدور وذابت الأموال التي كانت مرصودة لها.
يذكر أن اتحاد الكتاب التونسيين شهد على مدى الأعوام الماضية صراعات و انشقاقات كبيرة. كما قام الميداني بن صالح بتأجيل المؤتمر أكثر من مرة وهو ما دعا 102 عضوا إلى تقديم استقالة جماعية احتجاجا على سياسة الهيئة المديرة التي قامت بطرد ثلاثة أعضاء هم عادل المعيزي وظافر ناجي ومحمد الهادي الجزيري. والسؤال المطروح الآن هل ستنجح الهيئة المديرة الجديدة في طي كل ملّفات الماضي و تفتح صفحة جديدة لخدمة الكتاب التونسيين ؟
(المصدر: موقع pdpinfo.org نقلا عن صحيفة “الموقف”، العدد 341 بتاريخ 30 ديسمبر 2005)
إنتخابات المجالس العلميّة إنتصار للخطّ النضالي داخل الإتحاد العام لطلبة تونس
شوقي عريف
شهدت الجامعة التونسيّة يوم الجمعة الفارط 15 ديسمبر إنتخابات ممثلي الطلبة بالمجالس العلميّة التي عرفت تنافسا بين قائمات التصحيح، من جهة، وقائمات “العقلانيّة والتقدّم”، من جهة أخرى، التي نادى بها كلّ من جمال التليلي وعزالدّين زعتور في بيان مشترك كانت “الموقف” قد تحصّلت على نسخة منه. وكانت الإنتخابات شهدت أحداث عنف ساهم فيها كلّ من طلبة الحزب الحاكم بكليّة العلوم بتونس ومجموعة من الطلبة الذين يطلقون على أنفسهم “النقابيّون الرّاديكاليّون” حيث عمدوا إلى تكسير صناديق الإقتراع بكليّة الإقتصاد بتونس.
نتائج مرضيّة وكسب مواقع جديدة
في تقييمه لنتائج الإنتخابات ومردود قائمات التصحيح يقول طه ساسي، عضو المكتب التنفيذي للإتحاد العام لطلبة تونس/مؤتمر التصحيح، بأنّ مسار التّصحيح بخير ويدلّل على ذلك بما حقّقه من تقدّم خاصّة في الأجزاء الجامعيّة التي ترشّح فيها لأوّل مرّة، هذا دون ذكر المعاقل التقليديّة. وبحسب إحصائيّات كان قد مدّنا بها عضو المكتب التنفيذي، تكشف الأرقام عن تقدّم حقيقيّ لقائمات التصحيح أو القائمات التي تحالف فيها مع أطراف أخرى. فمقارنة بالعام الفارط تقدّمت قائمات التّصحيح في ما يقرب على الـ35 جزء جامعيّ أي بتطوّر قدّر بـ16 جزء. وموازاة لهذا التطوّر فقد حقّقت نفس القائمات تقدّما في عدد المقاعد بالمجالس العلميّة حيث حصدت 54 مقعدا عوضا عن 34 مقعدا في السّنة الفارطة، الشيء الذي إعتبره طه ساسي توسّعا لقاعدة التصحيح خصوصا بعد إلتحاق 6 مكاتب فدراليّة بمسار التّصحيح بعد أن كانت تعمل تحت قيادة المكتب التنفيذي للمؤتمر 24. في مقابل ذلك فازت قائمات “العقلانيّة والتقدّم” بـ20 مقعدا فقط مّما يطرح تساؤلات حول جدّية المبادرة التي تقدّم بها كلّ من زعتور والتليلي. في سياق متّصل وتعليقا على العنف الذي مارسه بعض الطّلبة والذي شهد ذروته يوم الإنتخابات، فإنّ المسؤول النقابيّ أرجأه إلى “عجز الأطراف المشبوهة والمفلسة – التي مارست العنف – عن مقاومة المدّ النّضاليّ داخل الجامعة ومقارعة الحجّة بالحجّة أمام الطلاّب” على حدّ تعبيره.
التّصحيح…ماذا بعد؟
ورغم أنّ التصحيح يمثّل تعبيرة متميّزة للخطّ النضالي الطلابيّ داخل الإتحاد العام لطلبة تونس، غير أنّ ذلك ليس بالكافي لتوحيد الممارسة النقابيّة. فعديد الأطراف المناضلة داخل الحركة الطلابيّة فضّلت البقاء خارج الهياكل وإكتفت بعقد التحالفات مع مكوّنات التّصحيح لخوض معركة الإنتخابات كحلول عمليّة لتجاوز الإزدواجيّة الهيكليّة و يؤكّد طه ساسي أنّ المكتب التنفيذي لمؤتمر التصحيح عاكف على تكوين لجنة لنقاش المقترحات الجادّة التي قد تتقدّم بها مختلف الأطراف وفتح حوار حول الوحدة النقابيّة. يذكر أنّ نقاشات كانت قد دارت بين مختلف الأطراف عشيّة إنتخابات المجالس العلميّة وتمحورت حول إمكانيّة دخول الإنتخابات في قائمات موحّدة بين مختلف الأطراف كخطوة نحو التوحيد النقابيّ.
(المصدر: موقع pdpinfo.org نقلا عن صحيفة “الموقف”، العدد 341 بتاريخ 30 ديسمبر 2005)
صفاقس: تواصل الأزمة في مؤسسة المطاحن الكبرى للجنوب
أبو ايمن
تتواصل الأزمة بين إدارة مؤسسة المطاحن الكبرى بالجنوب بصفاقس والنقابة الأساسية إذ عمد مدير المؤسسة إلى صدّ العمال عن العمل لمدّة 18 يوما بداية من 5 ديسمبر 2005 و شنّ العمّال إضرابا لمدّة 5 ايام من 23 إلى 27 ديسمبر الجاري احتجاجا على فشل المفاوضات نتيجة عداء المدير للعمل النقابي وعدم استعداده لإرجاع ثلاثة مطرودين منهم عضوان من النقابة الاساسية. و قررت نقابات قطاع المطاحن بصفاقس شنّ إضراب تضامني يوم 27 ديسمبر 2005 وذلك بمؤسسات كسكسي دياري ” سبيقة ” و”عجين التريكي ” و”سباس الملثوث “. وحسب تقرير أصدره الاتحاد الجهوي بصفاقس حول الوضع المتردي والخطر الذي تشهده المؤسسة حمّل مسؤولية تدهور المناخ الإجتماعي لمدير الشركة جراء تصرفاته مع العمال وعدم كفاءته وسوء إدارة الشركة .
وشركة المطاحن الكبرى للجنوب بصفاقس الكائنة بالمنطقة الصناعية بودريار تأسست سنة 1974 بطاقة انتاج متواضعة لا تتجاوز ألف قنطار، وبفضل تعصير المعدات ومجهودات العمال وتضحياتهم تطور الإنتاج إلى ستة آلاف طن في اليوم. لكن بسبب فشل المدير في إدارة المؤسسة وعدم تقديره للظروف الإقتصادية والمنافسة الكبرى في قطاع المطاحن وفشله في إدارة قسم التسويق حصل فائض كبير في الإنتاج عجزت المؤسسة على ضمان ترويجه. وللخروج من هذه الوضعية الحرجة عمد المدير إلى إيقاف الإنتاج وتحميل العمّال مسؤولية الأزمة وفرض بطالة فنية في مناسبتين، وفي المرة الثالثة رفض الاتحاد الجهوي هذا الاقتراح وكذلك أعضاء اللجنة الجهوية لمراقبة الطرد واتضح فيما بعد أن المدير يهدف إلى طرد ثلث العدد الجملي للعمّال (أكثر من 35 عاملا) وتعويضهم بعملة من شركات المناولة (السمسرة باليد العاملة) بنية التخفيض من كلفة الانتاج والربح في المنافسة، والمدير الحالي يدير مؤسساته بهذا النموذج خصوصا بشركة ” كيف” للبسكويت .
ورغم المرونة الكبيرة التي أبداها الطرف النقابي في المفاوضات وتجنّبه تنفيذ عدّة إضرابات جوبهت هذه المقترحات بالتعنّت إذ عمد المدير إلى تعكير المناخ الإجتماعي والصدّ عن العمل ولم يبد أي استعداد للحوار وإرجاع المطرودين . ومنذ شهر جويلية الماضي تتواصل الأزمة في مؤسسة المطاحن الكبرى ورغم الظروف الاجتماعية الصعبة والالتزامات العائلية وقرب موعد عيد الاضحى وما يتطلبه من مصاريف فإن العمّال يتمتعون بمعنويات مرتفعة وهم على استعداد لمواصلة النضال حتى تحقيق مطالبهم المشروعة وإرجاع المطرودين. و صرح أحد العمّال ل” الموقف” بأن “سياسة التجويع التي ينتهجها العرف لن تنجح بفضل وحدتنا والتفافنا حول النقابة الأساسية والاتحاد الجهوي” واضاف “عندما طلب العرف العمل ايام الآحاد والاعياد والقيام بالساعات الإضافية استجبنا لطلبه لذلك يجب أن يُحاسب المتسبب الحقيقي في الأزمة الحالية للمؤسسة”.
(المصدر: موقع pdpinfo.org نقلا عن صحيفة “الموقف”، العدد 341 بتاريخ 30 ديسمبر 2005)
تونس: سلطة متشددة ومعارضة بلا خطوط حمراء
صلاح الدين الجورشي – تونس
استمرت سيطرة الحكومة على الوضع الاقتصادي طيلة عام 2005، ورغم ارتفاع الأسعار وركود الإستثمار وتزايد المطالب إلا أنها نجحت نسبيا في ترضية الأوساط النقابية. في المقابل، شهد الوضع السياسي حالة احتقان مستمرة، حيث لا تزال أوضاع حقوق الإنسان وكيفية تعامل السلطة مع منظمات المجتمع المدني المستقلة تثير قلق الأوساط الحقوقية في الداخل والخارج.
استمرت سيطرة الحكومة على الوضع الاقتصادي طيلة السنة المنقضية 2004 / 2005. وتجلى ذلك بوضوح على الأقل في مجالين حساسين هما التضخم والبطالة . ورغم أن الأسعار قد شهدت ارتفاعا ملحوظا خاصة مع الزيادات في أسعار المحروقات، وهو أمر أصبح يقض مضاجع التونسيين، كما أن الجهود التي بذلت للرفع من حجم الاستثمار الداخلي والخارجي لم تحقق الأهداف المأمولة، إلا أن الحكومة قد نجحت نسبيا – وربما بصفة مؤقتة – في ترضية الأوساط النقابية من خلال زيادات محدودة للأجور، كان آخرها توقيع اتفاقين خاصين بالعاملين في قطاعي النسيج والبنوك . كما أن الحكومة تواصل بذل الجهود لكسب ثقة المستثمرين الأجانب، مع السعي لتنويع الأسواق الخارجية وتوسيعها أمام البضائع المحلية.
لكن في المقابل شهد الوضع السياسي بالبلاد طيلة هذه السنة حالة احتقان مستمرة، حيث لا تزال أوضاع حقوق الإنسان وكيفية تعامل السلطة مع منظمات المجتمع المدني المستقلة تثير قلق الأوساط الحقوقية في الداخل والخارج. وهو ما انعكس سلبيا على علاقة النظام التونسي بعديد الدول الحليفة مثل الولايات المتحدة الأمريكية وبعض الحكومات الأوروبية.
تجاذب
أهم ما يلفت الانتباه عند استعراض أبرز الأحداث التي شهدتها تونس خلال سنة 2005، حالة التجاذب القائمة بين البعدين الاجتماعي والسياسي.
فعلى الصعيد الاجتماعي تصاعدت حدة المطالبة بالزيادة في الأجور وتحسين القدرة الشرائية للعمال والموظفين. ويمكن الإشارة في هذا السياق إلى الإضراب الإداري الذي أقدم عليه الأساتذة الجامعيون. كما مرت المفاوضات الاجتماعية بين الحكومة واتحاد الشغل بظروف صعبة، مما دعا إلى تدخل الرئيس بن علي لإخراج المفاوضات من المأزق. وقد شهدت التجمعات النقابية زخما جديدا من حيث ارتفاع نسبة المشاركة والانخراط في النضال النقابي، وهو ما اعتبره البعض مؤشرا على بداية استعادة الجسم النقابي لمكانته وتقاليده السابقة. يضاف إلى ذلك تزايد حجم الضغوط التي يمارسها تيار نقابي تصاعدي يدفع نحو الربط من جديد بين المهام المطلبية للحركة النقابية وبين دورها السياسي الذي تخلى عنه اتحاد الشغل منذ التسعينات ضمن رؤية تقوم على توزيع الأدوار بين الحكم واتحاد الشغل.
من جهة أخرى نجحت الحكومة بقيادة الخبير الاقتصادي محمد الغنوشي في التحكم بمعدلات البطالة، وهو الملف الذي لا يزال يثير مخاوف السلطة، نظرا لتداعياته المباشرة على الاستقرار السياسي. وخلافا لما تعتقد المعارضة، أشارت آخر الإحصائيات الرسمية إلى أن معدل البطالة قد تراجع قليلا ليستقر في حدود 13,9 بالمائة. وهو مؤشر من مؤشرات عديدة جعلت النظام يتمتع بثقة المؤسسات الدولية، بالرغم من الملاحظات التي أبدتها هذه الأخير حول بعض جوانب الأداء الحكومي.
إجراءات سياسية
أما على الصعيد السياسي فقد نظمت انتخابات بلدية لم تثر اهتمام المراقبين، حيث تواصلت سيطرة الحزب الحاكم على جميع البلديات، مع توزيع نسبة من المقاعد على الأحزاب الحليفة. كما لم يطرأ على تركيبة الحكومة تغييرات جوهرية، ما عدا حدوث تحوير وزاري جزئي شمل بالخصوص وزارة الخارجية. وتمت المحافظة أيضا على نفس الوجوه القيادية في الديوان السياسي للتجمع الدستوري الديمقراطي. لكن لا يعني ذلك أن المشهد السياسي المؤسساتي بقي طيلة السنة بدون تغيير. فقد حاولت السلطة التفاعل بطريقتها مع المسائل المطروحة، ضمن نظرتها الخاصة لما تعتبره التدرج في الإصلاح السياسي.
وفي هذا السياق قامت السلطة بعدد من الإجراءات من أهمها :
– إنشاء غرفة ثانية أطلق عليها مجلس المستشارين، الذي انطلقت أعماله مؤخرا بعد استكمال عملية الفرز لعدد كبير من الذين رشحوا لعضويته. وبالرغم من أن تعيين بعض الأسماء قد أثار استغراب الكثيرين، إلا أن جلسات المجلس الأولى لفتت انتباه المراقبين، حيث بدت النقاشات أحيانا ( في الملفات غير الإستراتيجية ) أكثر جرأة من البرلمان الذي يفترض فيه تمثيل كل التونسيين.
– إلغاء الإجراء المتعلق بالإيداع القانوني للصحف وبالتالي إدخال تنقيح آخر على مجلة الصحافة، مع الرفع من قيمة دعم صحف الأحزاب التي لها على الأقل عضو بمجلس النواب. كما تم تغيير تركيبة المجلس الأعلى للاتصال بتعيين عضو سابق بالهيئة المديرة للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان. جاءت هذه القرارات كمحاولة أخرى جزئية لامتصاص الجدل المستمر حول معضلة تحرير الإعلام. وبالرغم من وجود شبه إجماع حول ضرورة تحرير الصحافة والتلفزيون من القيود والضغوط إلا أن السلطة بقيت تتعامل مع الملف من زاوية قانونية إجرائية ضيقة. وإذ رحبت أطراف عديدة بقرار إلغاء الإيداع القانوني للصحف، لكنها رأت فيه إجراء محدودا لن يكون له تأثير نوعي على تحرير قطاع الإعلام، خاصة وأن صحيفة ” الموقف ” الناطقة باسم الحزب الديمقراطي التقدمي بقيت محرومة من الدعم الحكومي نظرا لخطابها الاحتجاجي الشديد.
– تسوية ملفات العشرات من الإسلاميين الذين كانوا يقيمون خارج البلاد، والذين قرروا وضع حد لغربتهم الاختيارية أو القسرية. وهو أمر يجري بصمت وبعيد عن الأضواء، لكنه لم يؤشر حتى الآن عن وجود إرادة سياسية لإنهاء محنة المئات من مساجين حركة النهضة رغم أن قضيتهم شهدت هذه السنة تعاطفا واسع النطاق وغير مسبوق.
محطة رئيسية
ولعل الحدث الأبرز الذي تم خلال الأشهر الأخيرة وله صلة مباشرة بالمشهد الإعلامي كان قطعا الإعلان عن تأسيس نقابة للصحافيين التونسيين. هذه النقابة التي رفضت السلطات الاعتراف بها، التف حولها ما لا يقل عن 150 صحفيا، وشدت اهتمام النخبة ومنظمات المجتمع المدني في الداخل، ولقيت مساندة قوية من قبل المنظمات الدولية المختصة في حرية الصافة والدفاع عن الصحافيين. كما اكتسبت النقابة حضورا وسندا قويين، رغم حداثة ولادتها وتعدد المضايقات التي تعرض لها بعض مؤسسيها، وفي مقدمتهم رئيس النقابة الذي شارك في إضراب 18 أكتوبر. كما قامت السلطة بمنع انعقاد مؤتمرها الأول.
شكل انعقاد الجولة الثانية من قمة مجتمع المعلومات المحطة الرئيسية مقارنة بكل الأحداث التي عرفتها تونس خلال هذه السنة. لكن وإن نجحت السلطة في إحكام التنظيم الإداري، إلا أنها أخفقت في استثمار المناسبة وتوظيفها من الناحية السياسية. وبدل أن تتوخى السلطة الحذر، وتحول الحدث إلى فرصة لإثبات التزامها بتطوير الحياة السياسية، وبالأخص في المجال الإعلامي والحقوقي، عمدت إلى العكس، مما رسخ لدى الرأي العام الدولي صورة نمطية عن تونس أصبحت رائجة كثيرا في كثير من البلدان. صورة تجمع بين “التحرر على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي من جهة والانغلاق على الصعيد السياسي “.
وقد ولد ذلك حرجا حتى لأصدقاء النظام التونسي في كثير من الدول. وتكفي الإشارة في هذا السياق إلى البيان الذي أصدره البرلمان الأوربي يوم 7 ديسمبر عن أوضاع الحريات في تونس، والذي حصل على أكثر من مائتي صوت. وما كان ذلك ليحصل لولا عدم اعتراض الفرنسيين والإيطاليين والإسبانيين الذين يعتبرون من الأصدقاء التقليديين للنظام التونسي.
تغير في أداء المعارضة
أما بالنسبة لأحزاب المعارضة ومنظمات المجتمع المدني، فقد شهدت الأشهر الأخيرة من سنة 2005 تغيرا في أسلوب الاحتجاج لدى بعض الأطراف التي اتهمتها السلطة وبعض الموالين لها بـ ” عدم الوطنية والاستئساد بالخارج “. فاللجوء إلى الإضراب الجماعي عن الطعام، والتهديد بالنزول إلى الشارع وابتكار أشكال للنضال غير مألوفة في الساحة التونسية، ومحاولة عزل النظام على الصعيد الدولي، لم تكن سوى مؤشرات على حالة اليأس والإحباط التي أصابت قطاعا واسعا من المعارضين الذين أيقنوا بأن الأساليب التقليدية لم تعد قادرة على تغيير نمط الحكم أو تعديل موازين القوى.
جانب آخر ميزت ساحة المعارضة، ويتمثل في المسعى القائم من أجل بناء جبهة معارضة لا تستثني الإسلاميين، وتحديدا ” حركة النهضة “. هذه المسألة التي تعتبرها السلطة منذ مطلع التسعينات بمثابة الخط الأحمر، قامت بعض مكونات الحركة الديمقراطية واليسارية بتجاوزه، مما أثار ولا يزال ردود فعل عنيفة سواء من أوساط النظام أو من قبل بعض المجموعات الماركسية التي لا تزال تعتقد بأن ” الإسلاميين خصم استراتيجي قد يكون أشد خطرا من السلطة القائمة “. وهو تقاطع يذكر بما حصل في مطلع التسعينات، وإن كانت معطيات كثيرة قد تغيرت وجعلت الكثيرين يتجاوزون منطق الوصاية أو الإقصاء.
هكذا تنتهي السنة السياسية في تونس، كما انتهت سابقاتها. من جهة سلطة متمسكة بأسلوب إدارتها للشأن العام، رغم تعدد أخطائها مما جعلها تمنى خلال الأشهر الأخيرة بخسائر لا يستهان بها . وآخر هذه الأخطاء المجانية منع فنان في حجم مرسال خليفة من المشاركة في مهرجان للطفولة، مما دفع بالعشرات وربما المئات من كبار المثقفين والفنانين داخل وخارج العالم العربي للتساؤل عما يجري في تونس.
وفي المقابل، جزء من المعارضة يحاول أن يحدث حركية جديدة قائمة على قواعد مغايرة للمرحلة الماضية، بعد أن نجح في شد انتباه الرأي العام الداخلي والخارجي، وتحريك الأوضاع السياسية خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة. وبينهما تقف أطراف لا تزال تربط مصيرها ومصالحها بنظام الحكم، وأخرى تواصل السعي لبناء قطب يساري يكون قادرا على مواجهة السلطة والإسلاميين معا.
(المصدر: موقع سويس إنفو بتاريخ 1 جانفي 2006)
تونس: التطبيع يتواصل سرا وجهرا
جلال عبد الرحمان (*)
مثلت قمّة المعلومات، التي انعقدت في تونس أيام 16-18 نوفمبر 2005 فرصة لفضح النظام التونسي، وكشف العلاقة التي تربطه بالكيان الصهيوني المحتل لفلسطين. ولم تكن هذه العلاقة وليدة اللحظة، فهي تعود لمطلع عهد السابع من نوفمبر، تاريخ تولي الرئيس ابن علي السلطة، فالمعطيات تذكر بروز هذه العلاقة مع مطلع التسعينات وتطورها لتأخذ شكلا دبلوماسيا سنة 1994 (فتح مكاتب لرعاية المصالح)، وهي علاقة متواصلة إلى يومنا هذا، بالرغم من تجميدها من قبل تونس في سبتمبر 2001، مع اندلاع الانتفاضة الثانية. لكن المفارقة العجيبة أن هذا النظام الذي ما انفك يردد، دون هوادة، أنه ضمير الشعب والمعبر عن إرادته، كان يوطد هذه العلاقة بسرية غير مكترث بمشاعر الملايين من التونسيين وإرادتهم.
مظاهر التطبيع مع الكيان الصهيوني
بدأ التطبيع مع الكيان الصهيوني في مطلع التسعينات، وتواصلت هذه السياسة اليوم، وهذا ما نتبينه من خلال الأحداث التالية:
– زيارة الحاخام الأكبر ليهود فرنسا “جوزيف ستريك” سنة 1992 بدعوة رسمية من ابن علي شخصيا، تحت غطاء أن هذا الحبر تونسي الأصل، ومن حقه العودة لزيارة موطنه الأصلي، الذي غادره في أكتوبر 1958 لما هاجرت عائلته إلى فرنسا. ولكن الجميع يعلم أن “جوزيف ستريك” من كبار المساندين لإسرائيل ولسياسة الليكود ولشارون بالذات. وقد تعددت زيارات “ستريك” بعدها لتبلغ ثلاث زيارات رسمية، يستقبله فيها بن علي شخصيا، كان آخرها يوم 7-12-2004 حينما كان الحاخام “ستريك” مصحوبا بستين شخصية يهودية أوروبية على أعلى مستوى يتقدمهم “بيير بنسيونو” نائب رئيس المؤتمر اليهودي الأوربي.
– زيارة وفد من الخارجية الإسرائيلية لتونس يترأسه “شلومو جور” في 20-8-1993 مباشرة بعد توقيع اتفاقيات أوسلو الإسرائيلية الفلسطينية. وقد لحقه وفد ترأسه وزير الخارجية حينها يوسي بيلين في 12-9-1993. وأفضت هذه الزيارات إلى جملة من الاتفاقيات، التي تنص على فتح مكاتب اتصالات في كل من تل أبيب وتونس، وكذلك فتح خط مباشر للمكالمات الهاتفية. إضافة إلى السماح للإسرائيليين بالدخول إلى تونس، وخاصة إلى جربة، حيث تقطن أقلية يهودية، وحيث الاحتفال السنوي اليهودي المعروف “باحتفال الغريبة”.
– قيام علاقات اقتصادية بين تونس وإسرائيل، على صعيد التبادل التجاري، حتى إن الإحصاءات الرسمية التونسية ذكرت في سنة 1992، أنه تمت عملية استيراد من إسرائيل بمقدار 46 مليون دولار (المصدر: د.فضل النقيب/ مؤسسة الدراسات الفلسطينية).
– اجتماع الوزير بن يحيى مع نظيره الإسرائيلي “ايهود باراك” سنة 1995 في برشلونة، ووقعا اتفاقاً لإقامة علاقات ديبلوماسية، وافتتاح مكتبين تمثيليين في تونس وتل أبيب. وقد كان ذلك مع خروج القيادة الفلسطينية من تونس، في أعقاب التوقيع على اتفاقات أوسلو، وانطلاق عملية التطبيع مع الكيان الصهيوني.
– تبادل المكاتب التجارية بين تونس وتل أبيب، وتبادل الزيارات الرسمية الفنية والإعلامية والاقتصادية والسياحية، (وذلك منذ منتصف التسعينات).
– اجتماع وزير الخارجية الإسرائيلي شالوم مع وزير الخارجية السابق مستشار الرئيس الحالي الحبيب بن يحيى، مرتين خلال سنة 2004. وللتوضيح تربط الرجلين علاقات حميمية، فهما ينحدران من مدينة قابس في الجنوب التونسي، وتربط بين الرجلين علاقات وثيقة شخصية، نسجاها لما كان ” الحبيب بن يحيى” سفيرا لتونس في الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك..
– الزيارة السنوية لآلاف اليهود الإسرائيليين إلى كنيس “الغريبة” في جزيرة جربة (وهو يعتبر أقدم معلم يهودي خارج فلسطين المحتلة)، وهي زيارة يحضرها عادة رجال دين إسرائيليون ونواب في الكنيست ووزراء سابقون ووفود إعلامية، ويرعاها من الجانب التونسي وزير السياحة.
– زيارة وفد تونسي إلى إسرائيل في يناير 2005 ترأسه وزير السياحة “عبد الرحيم الزواري” لحضور حفل لطائفة يهودية من أصل تونسي. (كانت هذه الزيارة شبه سرية، نظرا لأجواء الانتفاضة).
– أخيرا قيام “سيلفان شالوم” وزير خارجية الكيان الصهيوني بزيارة رسمية إلى تونس في ندوة المعلومات. (نوفمبر 2005) علما بأن شالوم يعد من الصهاينة المتطرفين، وهو أكثر تطرفا حتى مقارنة مع شارون. فهو مثلا يعارض خطة الفصل (الخروج من غزّة) ويشارك في معظم المؤتمرات ضد تطبيقها، وحاول قيادة المعركة من أجل طرحها على الاستفتاء الشعبي العام، بهدف تأجيل تطبيق الخطة لوأدها في مهدها.
وقد بدت هذه الزيارة مرحلة مهمة في مسار سياسة التطبيع المعطلة ظاهريا، وهو ما تعكسه لنا المظاهر، التي رافقت زيارة الوفد الصهيوني للبلاد، فقد حطت الطائرة التي تقل شالوم يعلوها العلمان التونسي والإسرائيلي، كما استقبل شالوم بحفاوة لم يلقها بقية الوافدون إلى الندوة، فتم تكريمه بزيارة سياحية هو والوفد الكبير المرافق له إلى قابس وجربة، كما تم توفير إجراءات أمنية مشددة لم تعرفها البلاد من قبل، حتى لا يعبر الشعب التونسي عن عدم رغبته في استقبالهم بالبلاد.
نظام لا يعبّر عن إرادة شعبه
لا يبقى مجالا للشك من خلال هذه العلاقة الحميمية بين الكيان الصهيوني والنظام التونسي للقول بأن القضية الفلسطينية لا تحتل مكانة في سياسة الدولة منذ مطلع التسعينات، وبأن النظام التونسي قد وصل إلى قناعة بضرورة قبول هذا الجسم الغريب المزروع في وطننا العربي الإسلامي والمغتصب للمقدسات الإسلامية.
والنظام التونسي يعكس بذلك عدم اكتراثه بخيارات شعبه القومية والإسلامية. فقد كان الشعب التونسي، مثله مثل بقية الشعوب العربية والمسلمة، من الرافضين للكيان الصهيوني، ومن المساندين للشعب الفلسطيني في نضاله لاسترجاع أرضه المغتصبة من قبل الصهاينة منذ 1948. وقد عبّر التونسيون عن مساندتهم للقضية الفلسطينية في عديد المحطات، بل إن قضية فلسطين كانت هي القضية المركزية لدى الإسلاميين والقوميين واليساريين والنقابيين، وعند كل قطاعات المجتمع من عمال وتلاميذ وطلبة، واليوم مازالت هذه القضية تسيطر على وجدان كل التونسيين وكل أحرار العالم.
ولعل التحركات الشعبية الأخيرة الرافضة لدعوة الوفد الإسرائيلي لحضور قمة المعلومات في تونس أكبر دليل على هذا الرفض الشعبي للتطبيع مع الصهاينة، وعلى أن القضية الفلسطينية تحتل مكانة مركزية في حياة الناس، بالرغم من الأزمات العديدة التي يعيشونها، والمرتبطة بغلاء المعيشة والبطالة. وما تعطيل الدروس في المؤسسات التعليمية في أنحاء البلاد المختلفة، وإعطاء عطل إدارية، وعسكرة البلاد في فترة القمّة، إلا أكبر دليل على مخاوف النظام التونسي من تحركات شعبية، قد تكشف التعارض الصارخ بين توجهاته التطبيعية مع إسرائيل وبين رغبة الشعب وإرادته الرافضة للمحتل.
وهذا ما يجعلنا نتساءل حقا عن مدى تمثيلية هذا النظام لإرادة شعبه، وكذلك عن الأهداف الكامنة وراء توطيد العلاقات مع الصهاينة، وعن المستفيدين من ذلك. هل هم الأقلية اليهودية التي لا تتجاوز الألفين؟ هل هم أصحاب المال الراغبين في الاستفادة من الرأسمال الصهيوني؟ أم هي الفئة الحاكمة الراغبة في استرضاء الغرب، وكسب دعمه، في وقت أصبحت تواجه فيه رفضا شعبيا تحول دون بروزه سياسة دكتاتورية ناعمة، تسهر عليها وزارة الداخلية بأجهزتها القمعية المختلفة.
(*) باحث وكاتب من تونس
دفاع عن الصحوة في تونس، ومناشدة لأصحاب العقول
بقلم: د . خالد الطراولي
كلمات قصيرة ولكنها ثقيلة، أسطر قليلة ولكنها مبطنة بكثير من التساؤلات والوجوم!
لقد حمل إلينا الخطاب الأخير للسلطة فوهة لم يكن المواطن التونسي ينتظرها، ولا يتمنى فتحها أو الحديث عنها. إنها قضية الصحوة في مجموعها والحجاب كأحد تعبيراتها، التي تعود من جديد عبر رفض مبدئي لحمله، وربطه مجددا باللباس الطائفي، وكأن عقدا كاملا من الزمن لم يمر، وكأن التاريخ لم يرسم على صفحاته تجربة مثقلة بالمآسي والهموم، وكأن العودة ليست تأكيدا على فشل المعالجة السابقة.
ليس دفاعي عن الصحوة من منطلق سياسي، وكم كتبت في هذا الباب ودعوت إلى الفصل التام بين الصحوة والحركة، فلكل رجاله ونخبه وإطاره وأهدافه ومنهجيته…وإن كانت السياسة دفاعا عن الحرية في أول سلم أخلاقياتها، ولكن خيرت أن لا يقال توظيف لهمّ إنساني واستغلال للصحوة ولعب بالنار!
ليس دفاعي من منطلق ديني، وإن كان يجوز، فهؤلاء إخوتي وأخواتي، جمعتني بهم المقادير في عقيدة واحدة وإيمان واحد وفهم وتأويل واحد…
ليس دفاعي عن الصحوة من منطلق أخلاقي، وإن كان هذا مندوبا، فكيف لي أن لا أكون في صف الحشمة والحياء؟ والرسول الكريم (صلى الله عليه وسلم) جعل الحياء شعبة من شعب الإيمان؟…
ليس دفاعي عن الصحوة من منطلق دعوي، فللدعوة رجالها وإطارها وأهدافها، ورحم الله امرئا عرف قدر نفسه وفقه مرحلته ومحيطه…
ليس دفاعي عن الصحوة من منطلق وطني، وإن كان هذا ممدوحا ومشروعا. فكيف لي أن لا أكون إلى جانب المواطن وحقه في المواطنة الكاملة وغير المنقوصة؟
ليس دفاعي عن الصحوة من منطلق إنساني، وإن كان هذا واجبا، فكيف لي إن لا أكون إلى جانب كرامة الإنسان وتكريمه، والشرائع السماوية واللوائح الوضعية تقف إلى جانبه؟
إن منطلقي الوحيد الذي يدفعني إلى رفع يافطة الانتباه دفاعا عن هذه الصحوة وعن إحدى تعبيراتها الساطعة وهو الحجاب… هو الحرية ولا غير الحرية، إنها حرية الاختيار ولا سواها!
إن حرية الملبس وحرية العقيدة وحرية الشعيرة وحرية ارتياد أماكن العبادة كفلتهم المواثيق والقوانين الصائبة والدساتير المصيبة في بلدان الحق والعدل، ولا بد من رفع الصوت بهدوء وقول كلمة حق للتعبير عن انشغالنا من جديد بهذه الحرية المكبوتة، وهذه الحرية المعتقلة…
إن الدفاع عن الصحوة من هذا الباب، باب الحرية والاختيار ليس حكرا على طائفة أو فرد بل هي أخلاق عامة ومواثيق وقيم تتجاوز الانتماء والجنس والرؤى والاختلاف…الصحوة ملك للوطن ولا لغيره… ولقد بحثت عن رجال ديمقراطيين ونساء ديمقراطيات، فلم أجد الكثير، إلا من رحم ربك… لقد فهمنا الديمقراطية والحرية على أنها الشمول وعدم الإقصاء… وفهمها بعض الناس في صفوف المعارضة الحزبية أو خارجها على أنها التجزئة والاحتكار..، فهموها على أنها انتماء، وفهمناها على أنها مواطنة..، فهموها على أنها اضطرار وفهمناها على أنها اختيار..، فهموها على أنها قوم وطائفة وحزب، وفهمناها على أنها وطن وكفى..، فهموها على أنها حقوق المرأة وفهمناها على أنها حقوق الإنسان وكرامته.
دعونا نهمس إلى الصحوة من بعيد، وإلى أخواتنا هناك، إلى هؤلاء المواطنات العاديات، إلى هاته الحرائر، إن خطاب السلطة قد سمح لكن بالسفساري (1) فعليكن أن تلبسنه إن كان في ذلك تجنبا في الإضرار بكن، ونحن نعلم تناسبه المحدود مع مشاغلكن ودراساتكن وقلة أريحته مع واقع جديد ومعاصر، ولكن للضرورات أحكامها ولعله مع الزمن يكسب السفساري تناسبا أكثر، وتدخله الموضة ومقص الجمال والحشمة من أطرافه، ورب ضارة نافعة، فهو تمسك بالهوية التونسية التي غالبا ما دخلت مناطق الفلكلور وتقاليد السياحة والفرجة، فادخلن به الجامعات، وتسوّقن به في المغازات والمحلات، وتفسّحن به في الشارع والأماكن العامة، فالسفساري قد صاحب هويتنا وصاحب ماضينا وكان رمز الوقوف والتشبث بمعالمنا وبوطنيتنا، فاجعلنه يصحب حاضركن ومستقبلكن حتى يكون شعارا للحرية وللمواطنة الكريمة ومنهجية السلم والسلام والسلامة.
همسة ثانية ونصيحة من وراء الحدود إلى أصحاب القرار في تونس، لقد كانت هذه الصحوة ومظاهرها وليدة نزعة روحية عبادية خالصة، ولم يشبها أي باعث سياسي أو هدف حزبي، فالحركة الإسلامية السياسية قد غُيبت عن الساحة منذ بداية التسعينات والكل يعلم السبب والكيفية والجور الذي طالها، وما أراد هؤلاء المواطنون إلا التعبير عما يختلج في صدورهم وتدفعه إليه ضمائرهم من امتثال إلى أمر سماوي لا غير، يريدون أن يعيشوا حريتهم ومواطنتهم كاملة دون نقصان ودون توظيف أو استغلال.
إن الملاحقة والتعسير والاستفزاز والإكراه لا يولد سلوكا سليما ولا فكرا صحيحا، ولكن امتعاضا وغصة وغبنا يمكن أن يولد انفجارا وانحرافا، فلا تدفعوا هؤلاء إلى التطرف في أفكارهم والمغالاة في سلوكهم والانحراف في حياتهم نحو مواطن العنف وردات الفعل غير السليمة. فإذا كان الاستئصال والمتابعة والجور قد ولّدوا في الصحوة الأولى منافذ وتنفس، مثلته المنافي والتشريد في بلدان العالم، وساهم في تهدئته بروح حضارية عالية مشروع إسلامي واع، فإن اليوم ليس كالبارحة فالصحوة الثانية ليس لها عقال، لا تحمل لا مرشدا ولا قائدا وهي سهلة الانقياد نحو مواطن الاستغفال وردات الأفعال، فحذاري من السقوط. في أرض كلها أشواك!
خوفي أن يكون وراء هذا النمط من التفكير وهذه المنهجية الخطيرة في مواجهة الصحوة ومظاهرها أيديولوجيات مخفية وأفكار مشبوهة وأفراد ومجموعات وراء الستار، يواصلون حربا لم تضع أوزارها في أعماقهم، وينشدون تحريك الخيوط من بعيد حتى يشفوا غليلا لم ينته…خوفي أن يُشبع بعض المرضى تلهفهم في محاربة الدين والشعائر عبر تقمص كاذب للتقدم والتمدن والتحضر… خوفي أن يكون البعض يريد عودة إلى سنوات الجمر حيث رأى مكانته ودوره يزداد وموقفه يتعزز في الظلام وعلى الصياح والآلام… خوفي أن هناك من يرى مكاسبه وتجارته تعلو مكاسب البلاد واستقرارها وأمن مواطنيها وسلامتهم!!!
هذه كلمات مقتضبة أرمي بها في ساحة أهل الشأن في تونس، وأدفع بها إلى هذه الصحوة حماية لحريتها وتحريرا لمواطنتها، وهي كذلك كلمات بيني وبين ربي في كلمة حق ومساندة لمظلومين ومظلومات، ودفاعا عن الحرية والكرامة، فذلك حديثي وذلك ندائي، فاللهم قد بلغت اللهم فاشهد.
(*) رئيس اللقاء الإصلاحي الديمقراطي
السفساري لباس تقليدي تونسي محتشم لا يظهر غير الوجه والكفين، لبسته جداتنا ولا يزال، وقد تركته بنات الصحوة وفضلنا عليه الحجاب الشرعي العادي لما في هذا الأخير من تيسير في التحرك والتعامل,
(المصدر: موقع مجلة العصر الألكترونية بتاريخ 1 جانفي 2006)
قيمة الانسان
علي بن عرفة
في اطار التعريف بمساهمات الفكر الاسلامي في تونس، في بلورة تصور للانسان يكون مرجعا في التعاطي مع كل ما يتعلق بحرية الانسان وكرامته، سواء من حيث الاعتراف بها وترسيخها، او من حيث الدفاع عنها وحمايتها، اقدم هذا المختصر للعرض الذي سبق نشره في العدد الحادي عشر من مجلة اسلامية المعرفة – يصدرها المعهد العالمي للفكر الاسلامي- لكتاب “قيمة الانسان” للدكتور عبدالمجيد النجار. على أمل أن يبادر الاستئصاليون الجدد في بلادنا للاطلاع المباشر على أدبيات الحركة الاسلامية التونسية، واجتهادات قياداتها المتعلقة بالحريات، بدلا من الكسل المعرفي، والركون الى مقولات ديماغوجية محنطة حول التيار الاسلامي، وكأنه كتلة واحدة متجانسة، رغم كل الوان الطيف السياسي والفكري التي تشكل الساحة الاسلامية من الرفاه في تركيا الى طالبان في افغانستان.
يطمح الدكتور عبدالمجيد النجار من خلال مشروع الانسان في العقيدة الاسلامية الى تأسيس فرع عقدي خاص بالانسان يسميه “علم الانسان الاسلامي”، ويهدف هذا العلم الى” بناء تصور للانسان مستخلص من التحديدات التي جاءت بها العقيدة الاسلامية في نصوص القران والحديث النبوي الشريف، المبينة لحقيقة الإنسان ووظيفته الوجودية وغايته”. وفي اطار هذا المشروع يأتي كتاب “قيمة الانسان” كحلقة ثانية في سلسلة من خمس حلقات، بدأها المؤلف بكتابه “مبدأ الانسان”.
ينطلق المؤلف في مقاربته لموضوع الكتاب من قوله تعالى ” ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر”
ومن خلال هذه الآية يتحدد المحوران الرئيسييان للبحث، وهما شمول التكريم الالهي للانسان بمقتضى مطلق الانسانية فيه، وتسخير البر والبحر-الكون- لما فيه خيرالانسان. وهذين المحورين سيتم تناولهما بالدرس والتحليل في فصلين مستقلين، يتعرض اولهما للقيمة الذاتية للانسان، فيما تتحدد في الثاني منزلة الانسان في الكون، بالتأكيد على العلاقة التسخيرية التي تربط بينهما، والتي صار الانسان بمقتضاها أعلى شأنا مما سخر له..
في الفصل الأول والمتعلق بالقيمة الذاتية للانسان، يشير المؤلف الى أن الانسان في التصور الاسلامي يحظى وبمقتضى مطلق الانسانية فيه بتكريم عظيم، فقد خص دون سائر الموجودات بشرفية الخلق التي اظفتها عليه العناية الالهية بخلقه بيد الله سبحانه وتعالى، وتكريمه بنفخة من روح الله الذي جعله على صورته، وأعده لخلافته في الارض. وحين نتأمل البنية المادية والمعنوية للانسان، نقف على انسجامها مع ما عهد اليه من مهمة ووظيفة في هذه الحياة، فبالاضافة الى امتداد قامته الى الاعلى وتركز وسائل الادراك في طرفها الفوقي، مما يهيئه للاشراف على الظرف المكاني المحيط به على أبعادكبيرة وجهات مختلفة، فهو في بنيته المعنوية قد خص بالعقل الذي يستطيع من خلاله استيعاب ما هو غائب من الحقائق، وتحقيق السيطرة على البيئة الكونية باكتشاف قوانينها.
لقد شاءت الارادة الالهية ان تختار الانسان دون سائر الموجودات ليكون مكلفا بحمل الأمانة القائمة على الحرية، مما يشير الى تملك الانسان لمصيره بيده، وهو ما يرفع من قيمة هذا الكائن أمام سائر الكائنات التي لا تملك تحديد مصيرها.
أما فيما يتعلق بالأحكام الشرعية التي تحقق التكريم للكيان الانساني واقعيا، فإن الشريعة الاسلامية فرضت اشكالا من العبادات تحفظ كرامة الذات الانسانية وترتفع بها عن مستوى عبادة الشهوات، كما حرمت الإعتداء على الانسانية والحط من قيمتها من خلال تحريم كل أشكال التهلكة والإعتداء الذي يستهدف الكيان الانساني فردا ونوعا، وعلى المستوى السياسي رفضت الشريعة الانحراف عن القانون الالهي الضامن للكرامة الانسانية، وجعلت من الثورة انتصارا للحرية ورفضا لكل اشكال الظلم والبغي واجبا دينيا.
في الفصل الثاني يتعرض المؤلف بالدراسة لمنزلة الانسان في الكون في ثلاثة محاور أولها محور الوحدة الجامعة بين الانسان والكون والتي يعبر عنها المؤلف بمفهوم وحدة الوجود، الذي يشير الى اشتراك الانسان والكون في عملية الخلق من عدم، والانتظام الجماعي داخل منظومة وجودية واحدة.
وثاني المحاور محور الاستعلاء على الكون، الذي يشمل الاستعلاء الوجودي الذي تشير اليه قصة الخلق من خلال سجود الملائكة – اشرف المخلوقات- للانسان، والاستعلاء التكويني المتمثل في استجماع الانسان في تكوينه لعنصري المادة والروح مما يؤهله للارتقاء الى مرتبة كيفية يستعلي بها على بقية الموجودات، واستعلاء التمثل والاستيعاب الذي يشير الى قدرة الانسان على استجماع صورة الكون في ذهنه.
وفي المحور الثالث يتعرض المؤلف لمظاهر تسخير الكون للانسان، سواء بانبنائه على ما يناسب حياة الكيان الانساني، او انبنائه على قوانين ثابتة تمكن من استيعابه معرفيا.
لقد سبق للدكتور النجار ان بين في كتابه “مبدأ الانسان”، تساوى الكائن الانساني مع سائر الموجودات من جهة وضعه الوجودي، وقصوره الذاتي الذي صار به معلولا للخالق سبحانه وتعالى، ولكنه في هذا الكتاب ” قيمة الانسان” نراه يحرص على تأكيد التميز القيمي لهذا الكائن على سائر الموجودات، والذي يصفه بانه “تميزا نوعيا جعل من الانسان يستقل بسلم قيمي يتجاوز ما تندرج ضمنه سائر الموجودات الكونية تجاوز استعلاء ورفعة”.
في خاتمة كل فصل من فصول الكتاب يجتهد المؤلف في الوقوف على الآثار النفسية والتربوية التي يخلفها الإيمان بالتصور الاسلامي سواء على المستوى الفردي اوالاجتماعي، وبالنسبة للتصور الاسلامي لقيمة الانسان ، فانه يثمر حسب المؤلف “احساسا قويا بالوجود، وثقة في الذات تدفع بالانسان الى الفعل في الكون فعلا عميق الاثر، لتعلقه بغاية بعيدة هي الله سبحانه وتعالى”، ومن البين ان هذا الاثر يختلف عن مشاعر الاحباط واليأس التي تمثل الاثار الطبيعية لتصور للوجود يقوم على الصدفة العمياء و لحياة خالية من المعنى، بحيث يحصر الكيان الانساني في بعد مادي مظلم.
كما يعتبر المؤلف الشعور بالمغلوبية والاحساس بالدونية ازاء الاخرين من اهل الحضارة الغربية يمثل احد اهم اسباب التخلف الحضاري، ويمكن ان نضيف في هذا السياق الاستبداد الجاثم على كاهل اغلب شعوب العالم الاسلامي، المهين للكرامة الانسانية والمعطل للطاقات، والمكبل لكل فاعلية تتهيئ للمساهمة في مشروع النهوض الحضاري.
ان الاستبداد والقهر اللذين لا يقيمان وزنا للكرامة الانسانية، هما اللذان يجعلان من كتاب “قيمة الانسان” استجابة لحاجة واقعية وضرورية، حتى يترسخ لدى جميع فئات الامة تكريم الانسان كتصور اسلامي ثابت، من يستهتر به يعد مستهترا بعقائد الاسلام التي انبنى عليها.ومن ثم وجوب نصرة المظلومين والابرياء الذين صعدت ارواح بعضهم الى خالقها تشكو اليه مهانة الانسانية في حقها قال تعالى” من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الارض فكأنما قتل الناس جميعا”.
ان التصور الاسلامي للانسان يتجاوز القصور الملازم للإعلانات والمواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الانسان، والمتمثل في غياب الاساس العقدي والفلسفي الذي يؤمن بالانسان كقيمة مطلقة، وهي معضلة مرتبطة بجوهر الفكر الغربي الذي لا يرى في الانسان سوى لحظة متقدمة في تاريخ تطور المادة، وذلك ما يفسر انهيار كل تلك القيم الانسانية الموثقة في المواثيق الدولية كلما تعلق الامر بقضايا خارج العالم الغربي، كما هو الشأن في فلسطين والعراق وافغانستان، وقبل ذلك في مختلف المستعمرات في اسيا وافريقيا.
ان قيمة الانسان كما تحددت في العقيدة الاسلامية تمثل السند الحقيقي و الضمانة الاساسية لاحترام الانسان باطلاق، وتكريمه والدفاع عن حقوقه بمقتضى مطلق الانسانية فيه.ولذلك يمثل الاقصاء والتمييز بين الناس على اي اساس كان في حقوقهم الاساسية، انحرافا عن التصور الاسلامي، ترفضه الفطرة السليمة فضلا عن الدين ونصوص الوحي، وفي غمرة الحماس للدفاع عن الدين، يجيز البعض التغاضي عن الانتهاكات التي تطال المخالفين في العقيدة، وكأن المعتدي حين ينزع الى الاستبداد انما يدافع عن الدين، في حين ان الدين العظيم يعلمنا ان امرأة دخلت النار في هرة حبستها، فكيف يستقيم بعد ذلك القبول بالتعدي على النفس البشرية التي هي نفخة من روح الله.قال تعالى ” ولقد كرمنا بني آدم”.
على هامش حوار كلمة
لا بد أن قراء “الكلمة” قد تابعوا ببالغ الاهتمام الحوار الذي أجرته المناضلة الكريمة سهام بن سدرين و قد حاولت فيه طرح التساؤلات التي تشغل بال فعاليات المجتمع المدني التونسي و قد تقدم جلها ليقطع مع مواقف الاستئصال والإقصاء و تأخر بعضها مستندا على مخاوف قديمة و متمسكا بأفكار لا ندري كيف يمكن إقناعها ببطلانها … الذي يعود للمحاور الرئيسية لهدا الحوار يجد أن أغلبها كانت و لا تزال تثار كلما كان الإسلاميون هم الطرف الثاني في النقاش في مقدمتها التشكيك في التزام هؤلاء بالديمقراطية منهجا في الحكم و آليات لإدارة الصراع بين الفرقاء السياسيين و أسلوبا في التداول على السلطة و ثقافة يتربى عليها الناشئة و ما إلى ذلك من إشكاليات متصلة … ثم تأتي مسالة الدولة الدينية و موقف الإسلاميين منها على ضوء التجارب التاريخية و المعاصرة من أفغانستان و إيران إلى مصر و السودان و بلاد الشيشان ، ثم نمر إلى تونس لنسأل عن مستقبل مجلة الأحوال الشخصية لنطمئن عليها قبل أن نصل إلى مبدأ حرية المعتقد و ما يتصل به من قضايا حكم المرتد و حق الأقليات…
و لا ندري هل أن الجهود التي بذلها أعضاء المكتب السياسي في الإجابة عن تلك التساؤلات كانت مقنعة أم أن القوم سيعتبرون ان هذه الأجوبة ليست بالدقة المطلوبة و بالتالي سيحتفظون بحقهم بعد عشر سنوات أخرى في طرحها من جديد…؟؟ و قد يثيرون موضوع الخطاب المزدوج الذي يمارسه الإسلاميون في تونس دون غيرهم من الفرقاء السياسيين ، أو أنهم سيعتبرون أن خلافات عميقة تشق العناصر القيادية في الحركة و أن الشيوخ يمارسون لعبة الاعتدال في خطابهم الخارجي ، بينما يحتفظون بخطابهم السلفي التقليدي عندما يتوجهون إلى قواعدهم …
هذه بعض الانطباعات التي يمكن أن تتركها القراءة السريعة لذلك الحوار، بيد أن المرء إذا ما أمعن النظر في الأمر ، فقد يجد المبررات الكافية للنخبة التونسية التي لا زالت تكرر علينا نفس الأسئلة ـ فالنصوص المضمونية التي صدرت عن الحركة يمكن أن نقول إنها شحيحة جدا و تكاد تقتصر على وثيقة الخلفية الفكرية للحركة و هذه تهتم بتأصيل فكر الحركة عقائديا و مرجعيا و لا تهتم بالإجابة على تلك الإشكاليات المطروحة ، و كل ما صدر عن الحركة من مواقف من مختلف القضايا جاء في سياق ما ينشر لرئيسها من مطبوعات أو ما يدلي به رموز الحركة من أجوبة تنشرها الصحف والمجلات . نعم هناك كم هائل من المقالات و الدراسات التي تعرض وتناقش مواضيع حيوية كثيرة ولكنها تبقى أقرب إلى الآراء الشخصية منها إلى مواقف الحركة الرسمية ..
كنا دائما نقول أن الوقت لم يحن بعد للخوض في تفاصيل مشروعنا السياسي .. نريد أن يكون ذلك تتويجا لانتشارنا الواسع بين الجماهير، نحبذ أن تأخذ ما يكفي من الزمن لتنضج رؤانا و يتعمق فكرنا .. كنا نحب أن نتريث والغريب أننا عند خوض المواجهات السياسية تجدنا في عجلة من أمرنا نندفع في كل اتجاه فنصيب قليلا و نخطئ كثيرا .
و لم يكن الإسلاميون في تونس فقط هم الذين تأخروا في بلورة مشروعهم السياسي و لكن ذلك يكاد يكون القاعدة العامة لدى الحركات الإسلامية في كل أقطار العالم الإسلامي ، و يبدو أن الوقت قد حان بالنسبة للكثير من هذه الحركات …
فنحن اليوم نسمع عن مشروع الإخوان المسلمين في سوريا و مشروع الإصلاح و التغيير لإخوانهم في مصر والمشروع السياسي لجبهة العمل الإسلامي في الأردن و نعتقد أنه مطلوب بإلحاح من حركة النهضة التونسية أن تنكب على صياغة مشروعها السياسي لتجيب نهائيا عن كل الأسئلة التي يطرحها المواطن عليها و تتأهل بذلك لخوض استحقاقات المرحلة المقبلة . و أظن أن المؤتمر القادم يمكن أن يكون مناسبة جيدة لإعلان ذلك .
(المصدر: قائمة مراسلات 18 أكتوبر بتاريخ 31 ديسمبر 2005)
من التنظيم العالمي الى الخصوصية القطرية
مرسل الكسيبي reporteur2005@yahoo.de 1-12-2006
بات المشروع الاسلامي الوسطي والمعتدل والنابذ للعنف كوسيلة للوصول الى الحكم أو الحفاظ عليه أمام مفترق طرق خطير وحساس في منطقتنا العربية,اذ لم يعد يخفى على أجهزة الحكم أو من يقف وراءها من دوائر دعم ونفوذ أن بعض التشكيلات الحزبية التي نرى لها أثر الأذن والعين في أكثر من ساحة سياسية وجغرافية باتت تشكل تعبيرة حية عن احدى جوارح المدرسة الأم بتنظيمها العالمي في اكثر من حاضرة عربية
التناغم الذي أبداه الكثيرون مع ماحققه الاخوان المسلمون في مصر من انتصارات معنوية وسياسية في أدائهم الانتخابي ,بات احدى التمظهرات السياسية لولاء تنظيمي خفي أحيانا ومعلنا أحيانا أخرى مع بيعة لمكتب الارشاد في أم الدنيا .واذا كان المرء لايجد حرجا في تثاقف الأفكار والسياسات والتجارب البشرية في أي نقطة جغرافية من كرتنا الأرضية ,الا أنه يحق للمراقب والمحلل الموضوعي أن يتساءل عن حقيقة مسألة الخصوصية القطرية في العمل الوطني والحزبي ,واذا كانت المعارضات تعيب على الأنظمة ولاءها لجهات خارجية ,فانه وبنفس المقاييس لم يعد من المعقول على بعض الحركات الفاعلة في المنطقة أن تبني برامجها وسياساتها على خطية او استراتيجية تستمد خيوطها فيها من شبكة مركزية ليس من الضروري أن تحمل لها من خلال هذا الولاء المخفي أو المعلن العصمة فيما ترسمه من سياسات واستراتيجيات الحديث اليوم عن الحركات ذات المرجعية الاسلامية بدأ يشق طريقه الى النجاح السياسي من يوم أن تخلصت هذه الأحزاب والهيئات والحركات من نظام البيعة الحزبية المركزية والزعاماتية ,لتستبدله بالولاء للبرامج والأفكار والقيم والطروحات
واذا كتب لبعض الأحزاب أن تفشل اليوم في معالجة ماهو قطري ,فان سببا من أسباب فشلها هو التحليق بتجاربها خارج فضاءاتها السياسية الطبيعية,اذ يجد البعض منها نفسه مرتبكا بين خيارات الاخوان الذين يدين لهم بالولاء المعنوي وبين تجارب أخرى أربكت الساحة الاقليمية وربما حتى العالمية وعلى رأسها تجربتي الجزائر والسودان التجارب المغاربية في طريقها الى التخلص من عقدة الولاء الى التنظيم الأم
للتدليل على ذلك يمكن القول بأن تجارب المغرب وموريتانيا هي أقرب ماتكون الى التجارب المحلية منها الى التجارب التي تدين بالولاء والبيعة الى التجربة الأم في مصر ,ولعل مايحدث اليوم من اعادة تشكل في التجربة السياسية الحركية في المغرب هو خير دليل على أن تجربة العمل الاسلامي الوسطي في المغرب بدأت تشق طريقها نحو الظاهرة السياسية الانسانية النسبية التي تجتهد اجتهادا متناميا في التفاعل مع كل ماهو قطري تستدعيها له خصوصية نظامها الملكي وخصوصية الحراك الاجتماعي والسياسي في واقعها البشري
واذا كان البعض يرى في تجربة خروج البرلماني محمد خالدي وجزء من مجموعة الاصلاح والتوحيد من رحم العدالة والتنمية خسارة لهذه التجربة الانسانية الناجحة فانني أرى على عكس ذلك في تجربة النهضة والفضيلة التي مازالت في طور التأسيس والانشاء مؤشرا ايجابيا على دخول الحركة الاسلامية المغاربية في مرحلة ترشيد الممارسة السياسية وعقلنتها وابعادها عن المشاحنات الداخلية وواقع التكتلات التي تتظاهر بالقداسة والطهرية خارجيا ولكنها تخفي وراءها واقع أحزاب داخل نفس الحزب اننا اليوم نرصد نجاحات أخرى تحققها التجربة أيضا في القطر الجزائري في زمن السلم والوئام المدني والمصالحة الوطنية,بعد أن تعزز واقع التعدد الاسلامي بأكثر من لافتة حزبية نرى فيها المتحالف مع مؤسسة الرئاسة والناقد لها والماشي بين بين
ولم يكن بهذا الصدد خروج ادمي عن ثوب مؤسس النهضة التي أسس لها الشيخ عبد الله جاء بالله ورجالاته ,الا اثراء واضافة تمثلت في حركة الاصلاح الوطني
لم يعد الخطاب اذا يتحدث عن عوالم القداسة والطهارة والنقاوة في معالجة عالم المتغيرات وانما نزل بالتجربة التي أرادت منها حركة مجتمع السلم نسخة متماهية مع الخطاب الاخواني الى واقع شديد الديناميكية والخصوصية
لقد كانت تجربة الجزأرة وتيارها داخل الانقاذ هي الأخرى اقرب التجارب الى معانقة الخصوصية الجزائرية عبر التعلق بميراث مالك بن نبي والنزول بالخطاب الى مدرسة الشهيد عبد القادر حشاني الذي كان بلا شك مهندس انتصارات الانقاذ في الانتخابات التشريعية ,وكان الرجل الذي رفض الانخراط في تجارب العمل المسلح وماتحمله من مخاطر جمة واثام في حق الوطن والأبرياء غير أن الأيادي الاثمة لم تكافئه على ذلك الا التخلص من عقله وروحه النابضين اعتقادا منها أن ذلك سيذهب بوهج تجربة هذا الرجل
مذا عن التجربة التونسية ؟
أما عن التجربة التونسية ,فانها اليوم وربما يعود ذلك الى أسباب الانغلاق السياسي العام الذي تعرفه البلاد ,فانها لم تعرف نفس الثراء وظلت حركة النهضة التي تمثل تساوقا معنويا واتساقا فكريا مع مدرسة الاخوان المسلمين ولاسيما في عشريتها الأخيرة مهيمنة على الساحة والفضاء السياسي الاسلامي ,واذا سجلت الأشهر الأخيرة ميلاد تجربة اللقاء الاصلاحي الديمقراطي التي يتزعمها الدكتور خالد الطراولي من منفاه الباريسي ,الا أن هذه التجربة مازالت تتلمس طريقها للبحث عن أنصار ومؤيدين وذلكم قد يعود في جزء منه الى نمط تعاطي المعارضة مع هذا الجسم الوليد ,حيث تتعمد في كثير من الأحيان سياسة تجاهل عند القيام على مبادرات سياسية مشتركة تدعى لها كل الأطراف السياسية دون توجيه الدعوة الى صاحب تجربة لقاء الاصلاح الديمقراطي ,وربما يكون أيضا للنهضة في هذا الموضوع دورا غير مقصود حيث تحرص هذه الأخيرة والى حد الان على الظهور بمظهر المتزعم للظاهرة الاسلامية سياسيا دون وجود أي شريك حقيقي يشعرها بالمزاحمة أو المنافسة
ولعل أيضا تقهقر المساحة السياسية في أداء السلطة جعل هذه الأخيرة ترفض في تشنج ملحوظ التعاطي مع كل ماهو اسلامي ومعارض,ومؤمن بخصوصية القطر وحريص على استقرار البلد ووطنية الخيارات فيه,اذ مازلنا اليوم نرصد تشجيع ظواهر خطيرة تنشط في اطار غير شرعي من شأنها ان تشوش على جميع التونسيين يوم أن تجد البلد نفسها أمام انفتاح سياسي
اليوم نرصد في تونس ظواهر التشيع الوافدة علينا من روافض المشرق تعمل في سرية وهدوء يرى البعض أن للسلطة مسؤولية فيه وخاصة بعد أن عمدت هذه الأخيرة الى تطبيع علاقاتها مع الطرف الايراني أيام انتقال بعض خيوط السلطة الى الرئيس السابق محمد خاتمي
البعض الاخر يتحدث عن سلفية متشددة وربما مكفرة في أحيان أخرى باتت تتربص بوسطية الصحوة الثانيةو ومظاهر الاعتدال فيها
واذا كانت السلطة في الأردن اختارت محاصرة هؤلاء عبر الانفتاح على التيار الاخواني وجبهة العمل الاسلامي ,فانه يحن للبعض أن يقول بأن السلطة في تونس اختارت محاصرة التيار الوسطي والذي يزاحمها ويحرجها سياسيا عبر السكوت على ظواهر التنطع في الدين أو تشجيع غلاة الشيوعيين من الذين اختاروا التحالف مع الأنظمة الاقطاعية الموغلة في الرأسمالية الفاحشة
ان مسألة الخصوصية القطرية في الحديث عن أي تجربة سياسية قد تحتم على السياق التونسي اعادة النظر مركزيا وكليا في جدوى احتكار حزب ما للظاهرة السياسية ذات الخلفية الاسلامية ,واذا كان الدستور التونسي بعد أن نقح يوصد الباب ظاهريا على الأحزاب ذات الطابع الديني والاسلامي ,الا أنه وأمام أي أفق للانفتاح السياسي وهو مانرجحه بعد حين قد تجد الظاهرة من جديد نفسها امام نفس السؤال وهو مامدى جدوى أن تكون النهضة لوحدها لاعبا اسلاميا وحيدا وواحدا في الساحة التونسية بينما تجاوز اخرون في الجزائر والمغرب وموريتانيا هذا الاشكال منذ الثمانينات على الأقل ,ولعله لايكون خافيا على الجميع أنه مع كل تجربة فشل سياسي تحملها النهضة معها, يكون الجسم المنعوت بالصفة الاسلامية عرضة لنفس الاضطهاد الذي تتعرض له النهضة وتشكيلاتها الطلابية او الشبابية أو الجمعياتية
كيف ستكون اجابة الحركة الاسلامية في تونس على احتكار تمثيل الساحة الاسلامية وهل ستخرج الحركة من شمولية الطرح الذي يلامس كل تشكيلات المجتمع وتعبيراته الحية؟ أم أن تجربة الاخوان وعلاقتهم مع حزب الوسط عبر اضعافه وتهميشه ستكون تجربة أخرى تشهدها الساحة الوطنية اذا ماأقبلت على مناخات سياسية جديدة ؟
هل ستوفق الحركة الى معالجة القضايا السياسية ضمن رؤية تخصصية حزبية محترفة ؟ أم أن الحركة ستصر على اصطحاب نفس أشكال تنظمها القديمة لتكون جسما دعويا ونقابيا وسياسيا وثقافيا يلامس كل قطاعات المجتمع في شكل حزب اخواني لايريد أن يتخلى عن صبغته الشاملة وربما قد يقول البعض الشمولية؟
أسئلة قد تحمل الأشهر القادمة اجابات حاسمة عنها ,ولعل محطة المؤتمر السابع للحركة فرصة لاعادة النظر في هذه القضايا الشائكة التي ارقت ذهن نخب الحركة وذهن المعنيين بالشأن العام منذ أن وقعت النهضة التونسية في منزلق مواجهة بداية التسعينات
مرسل الكسيبي كاتب تونسي مستقل مقيم بالمنفى reporteur2005@yahoo.de في الأول من ذي الحجة1426 ه 1-12-2006
احتجاج ضد كيل الشتائم الهابطة لفريق تونس نيوز
بقلم : حيان
قرأت اليوم السطور التي “خربشها” أحدهم وكال فيها شتائم هابطة ومتشنجة وتفوح بنتن العصبية العمياء، وبصرف النظر عن صحة أو بطلان الادعاء الصادر ضد فريق تونس نيوز فإني أعبر عن احتجاجي الشديد ضد الشتائم الصادرة والأوصاف المقذعة التي تجذب مستوى الخطاب إلى التدني. كما أرفع تحية خالصة للرد الذي ذيل به الفريق المدعى عليه والذي لقنني شخصيا درسا في الحلم وذكرني بالمقولة الشهيرة “الحلم سيد الأخلاق”.
على أن الكاتب يكشف بعض الإيجابيات فيما كتبه، ففي الشرّ بعض الخير، وهو أنه كشف عن غيض من فيض ما يدور بين أقرانه من حديث حول رأيهم في إخوانهم الوسطيين ـ أحبوا أم كرهوا ـ وأولوياتهم في المرحلة المقبلة وما يحضرونه للأبناء تونس وباقي الأقطار في غد الأيام.
وهذا مهم لكي يعرف الشباب الباحث عن الالتزام حقيقة خطاب الذين نصّبوا أنفسهم ملاكا للحقيقة المطلقة وأمناء على الكتاب والسنة، كما هو مهم كذلك لكي يعرف أهل الحكمة وبعد النظر مدى ما خلفته كارثة الحرب الضروس التي قُصد بها اجتثاث التدين من الشباب. فارجوا من تونس نيوز مواصلة نشر كتابات هؤلاء كما اعتادت أن تفعل، فالصبر على شتائمهم أهون من أن يبرزوا للناس على أنهم ممنوعون من الكلام بسبب ملكيتهم للحقيقة. على أن لا تبقى ادعاءاتهم وقولهم الحق بما يراد به الباطل بلا ردّ، دون السقوط في مستوى لغتهم المرضية.
في الختام، أشكر السيد هادي بريك على رده وعلى حسن كلامه الذي ترك أثرا طيبا في نفسي، لكن يغلب على ظني أنه ما كان صائبا في اعتذاره بعدم تأليف كتاب مشترك مع السيد الماجري حول القضايا المفصلية التي تهم مستقبل تونس. أولا لأن محتوى الكتاب الذي اقترحته هو المستقبل وليس الماضي، وثانيا، لأن الشباب اليوم ـ وأنا أعي ما أقول ـ في أمس الحاجة لمقارنة الآراء حول المستقبل، وثالثا لأن مثل هذا الاعتذار يوحي بأن السيد بريك يخشى المناظرة بما يعطي الانطباع ـ حقا أو باطلا ـ بأنه يخشى أفكار الفئة التي تناوشه. أما السيد الماجري، فهل سكوته علامة رضاه؟
أدعو الإخوة القراء والشباب منهم خاصة إلى عدم التضايق من هكذا تنوع في الصف الاجتماعي والديني، فالقطر التونسي ـ مثلا ـ مرت على دهره حركات عديدة متنوعة بعد فتح صحابة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم منها حركات سياسية مختلفة من خوارج وفاطميين وأتباع القرامطة وغيرهم كثير مما هو مفصل في كتب التاريخ. ومن غريب ما يتفق للناس، أن كثيرا من الحركات المغالية تشترك دوما في ادعاء يكاد يكون هو نفسه “الدفاع عن الكتاب والسنة”، وفي كل مرة يأبى الله إلا أن يبقى المنهج الوسطي المعتدل ـ دينا ودنيا ـ هو القاسم المشترك بين الناس، والله غالب على أمره.
إلى عبد الحميد العدّاسي والعمّ محمد العروسي الهاني
أخي
الكريم عبدالحميد ،
أعجبني أدبك في
رسالتك إلى العمّ محمد العروسي الهاني، إلا إنني أرى أنك لم تفده كثيرا بنصيحتك وهي حق بلا شك .
أخي
الكريم، أنت أعلم مني أنه لا يجتمع طاغوت مع إيمان، ولا رذيلة مع فضيلة، ولا بورقيبة مع فضيلة، ولا بورقيبة مع رجولة، . . .
أخي
الكريم، أنت أعلم مني أنّ طاغية اليوم أتى به طاغية البارحة وقرّبه إليه واحتمى به، هل كان يكون بن علي لولا استبداد بورقيبة ؟ هل كانت صناديق الاقتراع ستأتي به لو كان بورقيبة ديمقراطيا؟ ألم يأسس بورقيبة إلى محاربة الفضيلة بفكره ولسانه ويده التي إنتزعت السفساري ؟
الأجدر دعوته بلين
، وهو فيه بذرة الخير تلك، إلى البدء من البداية. إنني أدعوه، وهو المؤمن، كما أدعو نفسي إلى تجديد الكفر بالطاغوت كشرط لتجديد الإيمان بالله : فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ {القبرة 256}.
العمّ محمد العروسي الهاني ،
أدعوك لأن تنسى
بورقيبة، دعه لربه، فهو أدرى بما فعل و كيف مات. فإن مات تائبا فعسى أن يرحمه. لا تنس أن تدعو لقتيله، صالح بن يوسف وهو مناضل دستوري آخر، بالرحمة. ثم أفدنا بتاريخك وعلمك ورجاحة عقلك.
مستور
زواج شاب تونسي وعجوز ألمانية يفجر مناقشات في ألمانيا بشأن الزواج من أجانب
برلين – سمير عواد
تتحدث ألمانيا منذ أيام عن علاقة حب بين شاب تونسي يبلغ 25 سنة من العمر وسيدة ألمانية عمرها 83 سنة. تبدو القصة للوهلة الأولى علاقة حب رومانسية بين شاب قادم من بلاد الشمس المشهورة بتونس الخضراء وامرأة قالت إن هذه العلاقة أعادت لها شبابها. قبل ثلاث سنوات تعرفت أيجوني غروس على النادل خميس كنزيزي خلال رحلة استجمام أمضتها في تونس. تجدد اللقاء في تونس بين الحبيبين وتم الاتفاق على الزواج «سراً» في مارس/ آذار العام 2004 في تونس بحضور صديقين لخميس وموظف في مكتب الزواج وبلغت كلفة معاملة الزواج يورو واحد لا غير.
كانت حياة خميس وأيجوني ستستمر ما بين قصة ألف ليلة وليلة وقصة رومانطيقية لولا تدخل السلطات الألمانية المختصة التي راحت تشك بأن هذه الزيجة عبارة عن صفقة الهدف منها حضور خميس للعيش في ألمانيا. واضطرت العروس الطاعنة في السن إلى الاحتجاج والتأكيد للدوائر المختصة أنها زيجة عادية ونهاية سعيدة لعلاقة حب وعلى هذا الأساس يريد زوجها الالتحاق بها لأنها مريضة في القلب وليس بوسعها السفر للعيش في بلد زوجها.
لكن السلطات الألمانية المختصة لا تأخذ كلام أيجوني على محمل الجد وتتمسك بالحجة عما يعنيه زواج شاب يبلغ 25 سنة من العمر مع جدة عمرها 83 سنة أي هناك فارق 57 سنة بينهما. وجاء في رسالة وردت إلى أيجوني أن السلطات المختصة في ألمانيا تشك بصلاحية الزواج واتهموها بصورة غير مباشرة بمساعدة النادل الشاب للحصول على حق الإقامة في ألمانيا.
ليست هذه قصة نادرة إذ وفقا لإحصاءات يتم في ألمانيا سنويا 60 ألف زيجة بين ألمان وأجانب بينها ثلاثة آلاف زيجة مستعارة أي فقط لغرض حصول الطرف الأجنبي على حق الإقامة في ألمانيا. في القريب سوف تنظر محكمة برلين بالقضية التي رفعتها أيجوني ضد الدولة الألمانية مطالبة بالسماح لزوجها خميس المجيء للعيش معها في بلدها.
في تقرير لمجلة «دير شبيغل» هناك نوعان من الزيجات المشكوك بصحتها: الأول أن عصابات محترفة ترداد المراقص وعلب الليل بحثاً عن رجال ألمان ونساء ألمانيات يقبلون بالحصول على مبلغ يصل أحياناً لعشرة آلاف يورو نظير عقد زواج على الورق لهدف حصول أشخاص أجانب على الإقامة الدائمة في ألمانيا. النوع الثاني أن بعض الرجال الألمان والنساء الألمانيات يتبرعون بالزواج من أجانب يتعرفون عليهم خلال قضاء الإجازة ويشعرون بالأسى نحوهم ما يدفعهم إلى الزواج بهم لمساعدتهم في بدء حياة جديدة في ألمانيا من دون أن يكون هذا الزواج حقيقياً. كما هناك منظمات محلية تسعى لتزويج أجانب يتهددهم الإبعاد إلى بلدانهم الأصلية.
يعتزم رؤساء حكومات ولايات يحكمها الاتحاد المسيحي الديمقراطي المحافظ فرض إجراءات أكثر صرامة على إجراءات الزواج بين ألمان وأجانب على رغم أن معاملة الزواج من ألماني أو من ألمانية مسألة صعبة للغاية. إذا رغب شخص ألماني الزواج من شخص لا ينتمي لدولة عضو في الاتحاد الأوروبي ينبغي عليه إقناع السلطات المختصة في بلده بوجود رغبة قوية للزواج من الشخص الأجنبي. وقالت أيجوني إنها خضعت لعمليات استجواب مطولة من قبل السلطات المحلية التي تشك بصلاحية زواجها من النادل خميس وسمعت أنها قد تخسر راتبها التقاعدي لأنه ينبغي على زوجها إعالتها. وشكت أيجوني من المحاولات التي قام بها المستنطقون لهدف زعزعة إرادتها وإقناعها بصرف النظر عن إحضار زوجها المزعوم لألمانيا. في الوقت الذي تم فيه استجواب أيجوني كان موظفون في السفارة الألمانية في تونس يستجوبون خميس كنزيزي، وتم اختيار عملية الاستجواب في وقت واحد للمقارنة بين إجابات كل طرف. كانت النتيجة أن قصص الحب من هذا النوع موجودة في الأفلام والروايات فقط وهكذا جاء حكم السلطات الألمانية بعدم صلاحية زواج أيجوني وخميس. هذا الحكم لم يكن مفاجأة.
وقالت أيجوني غروس لمجلة «دير شبيغل» التي التقتها في شقتها في مدينة باكنانج الشفابية إنها عادت للتو من زيارة خاطفة إلى تونس إذ أمضت بعض الوقت مع زوجها الذي تربطها به علاقة زوجية وفقاً للقانون التونسي وليس وفقاً للقانون الألماني. أوضحت أنها بدورها راجعت نفسها كثيراً حين حصلت على عرض الزواج الذي قدمه لها خميس وقالت انه لم يكف عن تكرار طلبه وأبلغها أنها امرأة جميلة وأكد مراراً أنه يحبها. وكانت أيجوني قد ذكرت في شهادتها أنها التقت بالنادل في مطعم تابع لمنتجع سياحي في منطقة حمامات.
لكن السلطات الألمانية لم تكن تملك فرصة كبيرة للطعن في صحة هذا الزواج لو تم زواج أيجوني وخميس في ألمانيا. في العادة ينظر موظفو دوائر الزواج المدني بالشك والريبة لكل معاملة زواج بين طرف ألماني وطرف أجنبي. قبل اشهر أوقفت دائرة الزواج المدني في مدينة زالسجيتر زواج امرأة ألمانية تبلغ 32 سنة من العمر بشاب لبناني عمره 22 سنة موجود اسمه على قائمة الإبعاد. استند موظفو دائرة الزواج على نتائج استنطاق منفرد للمرشحين للزواج إذ قدم كل منهما معلومات غير متطابقة حول مكان عقد الخطوبة. لكن محكمة مدينة براونشفايج أوقفت تدخل موظفي دائرة الزواج المدني في زالسجيتر وسمحت بالمضي بعملية الزواج وطلبت من المعترضين تقديم ثبوتات واضحة على أن هذا الزواج على الورق ليس أكثر.
من أشد المسئولين السياسيين حماساً لوقف التحايل على قانون الزواج المدني، وزير الداخلية في الحكومة المحلية لولاية هامبورغ في شمال ألمانيا أودو ناجل. وقد ترأس أخيراً اجتماعاً عرض فيه موظفو دوائر الزواج المشكلات الكبيرة التي تعترضهم عند وقف زواج يشكون بصحته. ويجري التفكير بطرق للتأكد بعد إتمام معاملة الزواج المدني بأن الزواج حقيقي يتقاسم فيه الزوجان البيت والسرير على أن تمنح شرطة الأجانب الطرف الأجنبي إذناً مؤقتاً للإقامة قبل أن يحصل على الإقامة الدائمة. في الصيف المنصرم أبلغ وزير داخلية ولاية هامبورغ زملاءه التابعين للاتحاد المسيحي الديموقراطي الذي تتزعمه أنجيلا ميركل التي ستشكل الحكومة الجديدة في ألمانيا وسعى كي يجرى تدارس الإجراءات التي اقترحها في مفاوضات الائتلاف الجارية بين الاتحاد المسيحي والحزب الاشتراكي الديمقراطي لهدف فرض رقابة صارمة على الزواج المدني ومنع استغلاله لتمكين أشخاص وربما إرهابيين على حد تعبير مسئولين في الاتحاد المسيحي من دخول البلاد بصورة مشروعة.
حين تم الزواج السري في تونس بين أيجوني غروس والنادل خميس كنزيزي لم يكن أي منهما يعرف رد فعل هذا الزواج. منذ ذلك الوقت تجرى مناقشات في بلد يناقش فيه كل شيء على مدى شهور، بشأن استغلال الزواج المدني على سبيل المثال من قبل إسلاميين متطرفين الذين سجلت وزارة الداخلية الألمانية زيادة مضطردة في أعداد الزواج الحاصل بين محسوبين عليهم مع ألمانيات لهدف الحصول على الإقامة الدائمة التي تضمن لهم حرية التنقل في دول الاتحاد الأوروبي ثم على الجنسية الألمانية التي تكفل عدم قيام ألمانيا بإبعادهم أو تسليمهم لدول أخرى. على موقع سكوُِّّ»موم.لم يمكن الإطلاع على طرق لتجنب مضايقات شرطة الأجانب حين تلجأ للتحري على المتزوجين المشكوك بشرعية زواجهم. المضحك هنا أن الدولة الألمانية سعت بنفسها لإنشاء هذا الموقع. إذ تم نتيجة مشروع ثقافي وضعته 16 منظمة ثقافية في ولاية بريمن بتمويل من الحكومة المحلية لهذه الولاية وأيضاً بأموال قدمتها مبرة الثقافة الاتحادية.
الجدة أيجوني غروس أكدت أنها لن تتخلى عن زوجها الشاب الذي ينحدر من تونس وقالت للصحف المحلية: لقد أعاد لي شبابي. العلاقة بين الزوجين تتم عبر المراسلات البريدية لأن الوضع الصحي للعروس لايسمح لها السفر باستمرار إلى بلد زوجها ولدى سؤالها عما يفرحها في الرسائل التي تردها من الزوج في تونس أجابت: أنه يستهل رسائله بكلمة: حبي الكبير. في نهاية المطاف يريد الزوجان إقناع موظفي مكتب الزواج المدني بأن زواجهما حقيقي ونتيجة ارتباط عاطفي قوي لذلك فإن كل كلمة عاطفية ستستخدمها أيجوني ضد السلطات في بلدها للحصول في النهاية على قرار يجمعها بزوجها على أرض ألماني.
(المصدر: صحيفة “الوسط” البحرينية الصادرة يوم 23 ديسمبر 2005)
الحالة التونسية في ميزان لعبة الأقليات العرقية
برهان بسيّس
لم يكن القرن السابع الميلادي مجرد تأريخ عابر لإطلالة الفاتح العربي الذي بدأت خيوله تتحسس تضاريس أرض جديدة بيزنطية العنوان بربرية الملمح، هي أرض أفريقيا التي خرجت إليها جيوش الفتح الإسلامي حاثة الخطى نحو رسم خريطة عالم جديد سيأخذ لاحقا هيكلته الإمبراطورية الممتدة، بل كان هذا التاريخ إشارة البدء لمضمون الهوية الجديدة التي ستسم منطقة المغرب كجزء غربي ثابت لعالم الإسلام، يتبادل مع هذه الهوية عناصر الخصوصية والتعريف ويرسم إلى حدود المعاصرة أسس الشخصية الأساسية لمجتمعات المغرب العربي الإسلامي.
تونس وانسجام التعريب
لا يمكن أن نعرف إن كان موسى بن نصير يدري أن هزيمة الكاهنة -الرمز الأسطوري للممانعة البربرية- ستعني الاستقرار النهائي لتعريب المغرب. ولكن هذه اللحظة الدرامية لم تكن في الحقيقة سوى الإطلالة الحاسمة على الزمن العربي الإسلامي للمغرب الذي سيوقف وبشكل نهائي مسيرة التناوب الاحتوائي الذي عرفته المنطقة منذ العصور القديمة، بحيث بدت فيها عناصر مقاومة الغازي والمحتل أقل قوة وأكثر خفوتا من عناصر الاندماج والانصهار والتأقلم مع الآتي الفينيقي أو الروماني أو الإسلامي بفروعه العربية والتركية. لقد آل الأمر في النهاية إلى التعريب الإسلامي مفصلا مركزيا حاسما في رواية تاريخ المنطقة وحياكة حاضرها.
لكن نفس خيال ابن نصير أو ابن زياد أو ابن نافع لم يكن يتخيل حجم استمرارية جيوب المقاومة البربرية الممتدة في التاريخ ضد التعريب القسري الذي فشل وعاؤه الإسلامي في جعله مستساغا من قبل فئات من بربر المنطقة الذين لم يصنعوا من إسلامهم مذبحا لبربريتهم وقربانا للعروبة الوافدة.
جزائر ثورة نوفمبر/تشرين الثاني ومغرب العرش العلوي وليبيا الفاتح العروبي، وقفت جميعها في الطور المعاصر لتشكل مجتمعاتها ودولها على الأصداء المترددة للصوت البربري الأمازيغي وهو يخاطب الذاكرة وصناع الحاضر بلغة حقوق الأقلية وشرعية الاعتراف بالهوية البربرية لجزء من سكان المنطقة الذين حموا لغتهم وتقاليدهم من التعريب الاندماجي، بل حولوا هويتهم الأمازيغية إلى جزء من التنظّم السياسي الذي يرتوي في المشروع والخطاب والأهداف، بل وفي التحركات والاحتجاجات والانتفاضات، من مخزون الماضي البربري الأصيل، لينضاف حضورهم إلى بقية القطع المركبة للوحة الاندماج والتهميش في المغرب الكبير بمراتبها السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية.
في هذا المجرى من التجاذب بين فكرة الأغلبية والأقلية في ملمحها العرقي، تبدو تونس المغاربية أكثر دول المغرب انسجاما مع تعريبها التاريخي الذي لم يترك فرصة لبقاء أقلية بربرية مؤثرة في التركيبة الاجتماعية بشكل بارز وقوي، رغم الحضور الأمازيغي الماثل في صياغة أقرب إلى الفولكلور المتجول عبر أروقة أنثربولوجية تترجمها لغة الفضاء والأمكنة والبناءات ومفردات اللهجة في بعض المدن التونسية.
تبدو تونس منسجمة مع عروبتها وكأنها لا ترضى لملحمة الإخضاع العربي للممانعة البربرية التي تمت على أرضها أن ترتد عن مكاسب الفتح العربي الإسلامي في الإدماج ليس الديني فقط بل والعرقي أيضا، رغم الإعجاب والتقدير الذي تكنه الهوية المعاصرة للتونسيين التي صاغتها دولة الاستقلال لسيرة الكاهنة وصمودها.. لعله إعجاب وتقدير لامرأة تونسية تحملت مهام المقاومة والقيادة أكثر من إعجاب بقائدة بربرية قاتلت من أجل بربريتها ضد العرب والمسلمين.
الدولة الوطنية والانصهار الاجتماعي
على خلاف الجار الجزائري وبنسبة أقل المغربي لم يتهيأ للفضاء السياسي المعاصر الذي أنشأته الدولة الوطنية التونسية عوامل الاتصال بالخلفية العرقية للمكون الاجتماعي بالنظر إلى حالة التجانس السوسيولوجي الذي ورثته الدولة الناشئة وعملت عليه، بل وحولته إلى مكسب من مكاسبها ومعركة من معاركها ترجمه الخطاب البورقيبي حول وحدة الأمة التونسية وعبقرية الإنجاز البورقيبي الذي حول كتلة من البشر إلى شعب متكامل السيادة العضوية والوحدة الوطنية والشخصية المستقلة التي تعلو الانتماء القبلي والعشائري والفئوي.
لقد لعبت الخلفية الفكرية والعقدية لنخبة الاستقلال وتحديدا شخص قائدها الحبيب بورقيبة دورا بارزا في حالة الانسجام الاجتماعي المافوق عرقي أو عشائري، بالنظر إلى الأدلجة التحديثية التي ملكت هواجس بناة الدولة الوطنية التونسية وانصهرت بشكل قوي في مسار دولنة المجتمع وإخضاعه لسلطة بيرقراطية متعالية، تسمو عن الانتماء الفئوي وتصب كل ثقلها القانوني والقسري في مجرى تذويب كل أشكال الانتماءات لفائدة الانتماء للوطن الناشئ الذي يعبر عنه حزب قائد استلهم من عقيدة الحكم وبناء الدولة والمجتمع الحديث ومقولة القومية أو الأمة التونسية، عناصر شرعيته المتقاطعة مع شرعية زعيمه.
لم يكن الانخراط في التحديث بمظاهره المتنوعة من تغيير منظومة الأحوال الشخصية إلى إصلاح التعليم ووضع نواة الإدارة المركزية باستنساخ فرنكفوني بونابرتي، سوى الرافعة التي نهض عليها الاستثناء الاندماجي في تونس مقارنة بتجارب دول مثل الجزائر والمغرب لم يشر استقلالها ضرورة إلى حقبة تأسيس ثقافي جديد بالعمق الذي عرفته التجربة التونسية.
فقد غابت إرادة التحديث في هاتين الدولتين لأسباب وعوامل مختلفة منها ما يتعلق بشرعية النظام نفسه المرتبطة بالتقليد المخزني كالمغرب مثلا، أو للأصول العسكرية لنخبة الحكم الجديد المنزوعة عن هاجس التأسيس الثقافي في معناه الأيدولوجي العميق والخائضة في الرهان الحسي السطحي لمهمة بناء دولة دون أن يعنيها أو يشغلها مشروع بناء مجتمع، مما أدى في النهاية إلى انفجار كل التناقضات الكامنة في مجتمع طالما غفلت عن اعتمالاته الخافتة دولة انشغلت بأدلجة التحرير وظنت أنها تكفي لاحتواء المجتمع.
لكن هذا المجتمع انفجر بقوة تراكم همومه المتروكة وتناقضاته المتراكمة التي جذبت وراءها شبكة معقدة من ضحايا التهميش والإقصاء، بدت ضمنها ورقة الأقلية العرقية الأمازيغية تحديدا إحدى عناوينها الجذابة الساطعة.
سارت التجربة التونسية على حافة لعبة الإقصاء والإدماج دون أن تقع في مسربها العرقي أو تتورط في قالبها الأقلي، وهو مسار طبيعي ومنسجم مع تركيبة اجتماعية تونسية متجانسة على المستوى العرقي عركها تحديث الدولة ليعطيها شكل الهيكلة الاجتماعية الحديثة التي أكسبت طابعها الحديث لفائدة لوحة تناقضاتها وصراعاتها، فجاهد صراعها السياسي أن يكون امتدادا لحراكها الطبقي الناشئ في غمرة ورشة التحديث.
أعطى التحديث لتونس طبقة وسطى واسعة كانت بالفعل المكسب الرئيسي لمجمل الاختيارات الاقتصادية والثقافية لدولة الاستقلال، شكلت بعناصرها تموينا رئيسيا لمكونات الفضاء السياسي من أحزاب وجمعيات ونقابات، لم تلتفت ضرورة إلى أي خلفية فئوية عشائرية أو جهوية أو عرقية بقدر ما قارعت استبدادية دولة التحديث البورقيبي بذات آلياتها التحديثية من خلال التنظم الحزبي وخصوبة التجربة التنظيمية هيكلة وأفكارا وعقائد جعلت من التيارات السياسية التونسية -بما فيها تيار الإسلام السياسي- في مظهر الأبناء الشرعيين لمشروع التحديث البورقيبي الذي تعامل مع آلية الصراع والتناقض من خلال منظومة الولاء والمعارضة معزولة عن أي خلفية فئوية أو عرقية.
في مخيال التونسيين ترقد ميثولوجيا ماثلة بمعاني الوسطية والاعتدال والاندماج تمثلها شخصية سلطان المدينة أو الولي الصالح سيدي محرز بن خلف الذي تنسب له الرواية التاريخية حرصه على حماية حقوق الأقلية اليهودية من أبناء الحاضرة التونسية، وينسب له المخيال الشعبي إلى اليوم مناخ السلامة والأمان الذي تحياه تونس عدا لحظات غفت فيها بركات سيدي محرز فكان الطاعون ثم الاستعمار ثم انتفاضتا يناير/كانون الثاني 1978 و1984.
لكن لنقل اقتفاءً لأثر هذا المخيال العتيق لعلها بركات سيدي محرز بن خلف حرست تونس من شرور التناقضات الحادة بما فيها التناقضات العرقية، لكن لا بد لعيون سيدي محرز المحترسة لتونسه أن تشتد يقظة أكثر وأكثر في مواجهة شرور العولمة الطارئة. _______________ كاتب تونسي (المصدر: موقع الجزيرة.نت بتاريخ27 نوفمبر 2005)
تشارلز كراوثمر “بطل ايديولوجي” من زماننا:
ملاحظات حول منظّر نيومحافظ
(تقديم لمقال كراوثمر أنظر أسفله)[1]
الطاهر الأسود (*)
(ملخص بالانجليزية)
Charles Krauthammer an “ideological hero” of our time: Notes on a neoconservative thinker
– Abstract –
This article is meant to introduce one of the latest essays of Charles Krauthammer reproduced below. The latter’s rising star as a major thinker among the neoconservative crowd proves him as an “ideological hero” of our time, recalling the ironic “heroic” model in Lermontov’s 1840 “A Hero of Our Time”. Each ideological system promotes its own hero: a thinker that is elevated to the prophetic role of a messiah. Since each time has its heroes one of the less- talked-about-heroes of each time is the “ideological hero”. Krauthammer who is leading a redefinition of neoconservatism as a “more mature” even a “realist” view is rather increasingly recreating his own image as a major ideologue of our time
1
كتب سنة 1840 الروائي والشاعر الروسي الكبير ميخائيل ليرمينتوف روايته “بطل من زماننا”. كانت الفكرة الأساسية لتلك الرواية الرائعة مقولة رومنطيقية تلامس العدمية عكست قلقا روسيا متعاظما من المعاني التي يحملها “الانسان الحديث”. “بطل من زماننا” تكشف عما تعتقده من تداخل فظيع، في بداية التحول الروسي نحو الرأسمالية، بين الأمثولة الأخلاقية السلبية و المفهوم النبيل للبطولة، الى الدرجة التي لا يمكن أن توجد بطولة في “ذلك” الزمان إلا متى كانت “سيئة”. و كأي عمل روائي عظيم كان فعل الترويع الذي أحدثته رواية ليرمنتوف كبيرا مما أثار عليه هجمة ساخطة من الأوساط النقدية الروسية التي لم تستسغ النظرة العدمية لليرمينتوف و تحديدا منحه دور البطولة الروائية لشخص “سافل”.
ما يمكن التمسك به من صدى ذلك الجدل الروسي البريء أن لكل زمان أبطاله. و بالبطولة أنواع. سأتحدث هنا عن نوع لا يحظى بقدر مناسب من التعليق: “البطل الايديولوجي”.
2
كل نظام فكري هو بالتأكيد ظاهرة مؤدلجة حتى لو لم يقبل بذلك المنتسبون اليه. لكن هناك أنظمة فاقعة التأدلج أكثر من غيرها. مثلا، كانت الماركسية، و لا تزال، ظاهرة أيديولوجية فاقعة. يمكن أن يبدو ذلك مفارقا: حيث يبقى أفضل عمل فلسفي حول “الايديولوجيا”، حسب رأيي، المؤلف المشترك لماركس و انجلس حول “الايديولوجيا الألمانية”. لم يقم فوكو و الجوقة المابعد حداثية التي تنتج تكرارا و ضجيجا تنسبه لفوكو إلا بتفعيل المقولات الرئيسية في ذلك المؤلف الكلاسيكي و الرائع. و ذلك موضوع شيق و لكنه ليس موضوع هذه المقالة.
إذا، الماركسية نظام فكري متأدلج بامتياز. ولكن لكي يصبح نظام فكري متأدلجا بامتياز فيجب أن يوجد أبطال ايديولوجيون. وإذا قامت الماركسية بشيء غير مسبوق فسيكون ذلك تحويلها منظريها الأرضيين الى أبطال يستحقون الثناء بل و العبادة. لم يكن التعامل مع ماركس وانجلس في التراث الماركسوي كأشخاص مُخلِّصين من قبيل الصدفة أو التجني السياسوي. فلأن ماركس تصرف بالتحديد مع نفسه وصورته كمُخلص/مفكر لم يبق لمحبيه إلا أن يروه كذلك. و ربما كانت أحد مصادر السحر الخاص للشخصية المعقدة للفيلسوف الألماني في الذاكرة الايديولوجية الى هذه اللحظة هو ذلك الخليط من القوة و الضعف: شخص مشرد وملاحق ولكنه شديد السطوة والتفوق بفضل قلمه وعقله الوقاد، أي شخص لا يملك إلا فكره بأتم ما تعنيه الكلمة غير أنه كان قادرا بفضل ذلك، فقط، على الرمي بالتاريخ الى معمعة غير مسبوقة. وبمعنى ما ذلك بالتحديد هو معنى “البطل الايديولوجي”. غير أنه معنى مشروط بحدود تاريخية محددة. كان ماركس بطلا ايديولوجيا لزمن محدد: زمن غير مسبوق، شديد التحول والفوضى ولكن أيضا شديد الابداع. وربما سأمضي مع البعض الى حد اعتبار ماركس ذلك البطل-المضاد (anti-hero) لبطل ليرمنتوف.
3
ربما هناك ضجر الآن من الفيضان المعرفي الذي يميز الحديث عن الظاهرة النيومحافظة. أعتقد أن ذلك الضجر مبرر. أشعر به بنفسي بين الحين و الآخر. في النهاية، أليس من مميزات هذا الحديث، الذي يكون ضجيجا أحيانا، أنه ينزع الى التكرار؟ من المقلق أنه علينا أن نمر بنفق التكرار هذا كلما أردنا إعادة تعريف الظاهرة النيومحافظة.
من المسائل التي تفرض التكرار هي إعادة ترتيب سلسلة أهم منظري التيار النيومحافظ: هل هو ليو شتراوس ذلك الراهب في الفلسفة على الطراز القديم وفيلسوف السياسة الغامض الذي لم يتحدث تحديدا في السياسة بقدر ما حام حولها؟ هل هو ووهلستتر تلميذ ليو شتراوس وفيلسوف المنطق والراعي المباشر لريتشارد بيرل ووولفويتز؟ هل هو، في النهاية، ايرفينغ كريستول ذلك التروتسكي السابق وأكثر تلامذة ستراوس بروزا والمثقف المخابراتي والذي يوصف بشكل واسع على كل حال بـ”عراب” التيار النيومحافظ؟ لكن هل من الضروري القيام بترتيب في حالة استحالته، أو الأهم من ذلك، في حالة عبثية معانيه. ألا يكفي أن نشدد على حالة محددة من المرشحين للبطولة الايديولوجية للتيار النيومحافظ حتى يمكن أن نفهم معناها و معنى زماننا؟
4
على عكس المرشحين أعلاه يتميز مرشحي أنا لدور البطولة، تشارلز كراوثمر، على بقية المرشحين أعلاه بأنه لايزال حيا. يمكن أن يكون ذلك أمرا غير مهم في حالة أننا لا نتحدث عن ظاهرة فكرية لا تعيش أوجها النظري والعملي في هذه اللحظات مثلما هو الحال مع التيار النيومحافظ: كل الأسماء الثلاثة المذكورة أعلاه لم تعش تحول الفكر النيومحافظ من مجرد تيار هامشي ينتظر فرصته الى التيار الأكثر بروزا فكريا وسياسيا. غير أن كراوثمر لم يعش هذا التحول فحسب بل يتميز أيضا بقدرته النظرية الفائقة و التي تجعل منه المفكر الأكثر ذكاءا و من ثمة الأعمق تأثيرا من بين الجيل الثاني من منظري التيار النيومحافظ.
لا أنكر إعجابي الخاص بأسلوب كتابة كراوثمر وطريقة تقديمه للأمور وخاصة رغبته الجامحة ألا يكون سطحيا. طبعا، وفي نفس الوقت، لا أملك إلا أن أعبر عن إشمئزازي من سطوته العقائدية وترويجه لنفسه كمفكر امبراطوري بلا منازع، مما يكشف عن صورة تسترجع بعناد تاسيتوس ذلك المؤرخ الروماني الذي نحت الصورة المرجعية للمفكر الامبراطوري. غير أنه وبغض النظر عما يمكن أن أحسه أو يحسه غيري لا يمكن ألا نلحظ التأثير الكبير الذي يمارسه كراوثمر ليس في تحوير معاني الفكر النيومحافظ وهو في عنفوان عصر تطبيقاته بل أيضا في إعادة تعريف هذا الفكر من خلال الرصد المستمر للشروط الجديدة التي يفرضها عليه احتكاكه الراهن مع الواقع.
5
كنت قد كتبت عن كراوثمر ودوره البارز في صياغة ملامح التيار النيومحافظ أكثر من مرة. أشرت سنة 2003 في مقال طويل حول “الاستراتيجيا الاستباقية” الى أهمية السبق التنظيري لكراوثمر من خلال نشره لمقال مرجعي في نهاية سنة 1990 وضع أسس الاستراتيجيا الأحادية القطبية للتيار النيومحافظ في مرحلة ما بعد الحرب الباردة.[2] كما أشرت اليه في ربيع سنة 2004 في مقال حول مسار الحرب الأمريكية على العراق و تحديدا الى دوره الكاريزمي كمفكر رئيسي في التيار النيومحافظ يجب الانتباه اليه بشكل خاص.[3] و أخيرا أشرت اليه و بشكل مطول و مركز في شتاء 2004 على أثر المناظرة المميزة التي جمعته بمفكر نيومحافظ آخر هو فرانسيس فوكوياما و التي تجسمت في ثلاث ورقات شديدة الأهمية من حيث كونها آخر المراجع حول تطور التيار النيومحافظ، كتب منها كراوثمر ورقتان.[4]
المناظرة الأخيرة بشكل خاص أرجعت كراوثمر الى مقدمة المسرح التنظيري النيومحافظ. سأستقطع هنا بعض الأسطر من مقالي السابق والذي حاولت فيه تلخيص بعض جوانبها خاصة وأنها مهمة للغاية لتقديم المقال الذي نعيد نشره في هذا العدد من أقلام أون لاين.
“يوم 10 فيفري 2004 كان مناسبة لحدث نيومحافظ بامتياز ولو أن القليلين لاحظوا ذلك: في مركز الدراسات الرئيسي والأقدم بالنسبة للتيار النيومحافظ “معهد المؤسسة الأمريكية للسياسة العامة” (AEI) و في لقاء شبه سري (لم تتم تغطيته إعلاميا بشكل واسع رغم أهمية الحضور) ألقى تشارلز كراوثمر (Charles Krauthammer) الدكتور في علم النفس الاكلينيكي والعلوم السياسية “محاضرة إرفنغ كريستول” (باسم عراب التيار النيومحافظ) والتي عنونها “الواقعية الديمقراطية (Democratic Realism)”. لا يوجد في أوساط النيومحافظين مفكرون كارزميون. فشخص مؤثر من الناحية الفكرية مثل ويليام كريستول ممل و قليل البديهة على الركح الاعلامي و من ثمة السياسي. و في المقابل فإن دونالد رامسفيلد والذي لا توجد له أبحاث تذكر حيث ترعرع في الاوساط البيروقراطية في واشنطن يملك التأثير الاعلامي الأكبر وهو الشخصية الكارزمية الرئيسية للتيار. غير أن هناك شخصية مميزة في هذا الخليط: تشارلز كراوثمر و الذين كان أول المنظرين الفعليين للبرنامج السياسي الراهن للنيومحافظين وذلك في محاضرة القاها لاول مرة يوم 8 سبتمبر 1990 اي اشهر قليلة قبل الحرب الامريكية الاولى على العراق، حيث تم الترويج بشكل واسع ولاول مرة لتشخيص استراتيجي سيصبح أحد مبررات الاستراتيجيا الأمريكية الراهنة: “لحظة القطبية الأحادية (The Unipolar Moment)”. بشكل يذكر بالطقوس التي تحيط ولادة فكرة عظيمة قدم كراوثمر في يوم 10 فيفري الماضي “واقعيته الديمقراطية” والتي أصبحت عنوانا للنزاع الرئيسي الذي يشق صفوف التيار النيومحافظ في الوقت الراهن حول مسألة عملية (بناء الديمقراطية في العراق كنموذج عربي) تتعلق بمسألة نظرية أكثر شمولا (بناء الديمقراطية في بلد ذي ثقافة إسلامية). فمنذ تلك اللحظة تبدد الستار ليكشف عن ثلاث فرق داخل مجموعة الدهاقنة هذه: أولا، ميز كراوثمر في محاضرته تلك و بشكل صارم بين ما يراه رؤية “كونية ديمقراطية (Democratic Globalism)” تعبر عنها الادارة الأمريكية الراهنة بالاضافة الى وجوه أساسية من فريق المنظرين (ويليام كريستول أساسا) تتبنى الدفاع عن “بناء الديمقراطية” على مستوى “كوني” يفتح مواجهة عامة تشمل كل الأقطار الاسلامية. ثانيا، و في مقابل ذلك يوضح كراوثمر أن هذه الرؤية “مثالية” و لا تحاول أن تختار معاركها بشكل يحسب القدرات الواقعية؛ و يؤكد في المقابل على ضرورة إتباع أي سياسة واقعية لـ”رؤية” شاملة تحتوي مبادئ سامية تتمثل في هذه الحالة في “بناء الديمقراطية” وهو تعريفه للرؤية “الديمقراطية الواقعية” التي يتبناها والتي تختلف عن الرؤية “الواقعية” التي بصمت لفترة طويلة السياسة الخارجية الأمريكية و التي “تفادت التدخل في الشأن الداخلي العربي” بمعنى دعمها المستمر للدكتاتوريات العربية و تقاعسها في الدفاع عن قضية البناء الديمقراطي، في حين أنها حسب كراوثمر مهمة حتمة من زاوية المصلحة الأمريكية في الوقت الراهن. ثالثا، وهنا أصبح هذا النزاع الداخلي أكثر تشويقا، برز على السطح أن منظرا اساسيا في التيار النيومحافظ بحجم فرانسيس فوكوياما فقد صبره من إستمرار التهويمات المثالية لرفاقه خاصة في ظل تفاقم المأزق “الواقعي” العراقي ولم يشمل بتذمره “الكونيين الديمقراطيين” فحسب بل أيضا “صديقه” كراوثمر “الواقعي الديمقارطي”. ففي عدد الصيف الأخير (صيف 2004) من الناشيونال انترست (The National Interest) وهي النشرية الرئيسية التي تعبر عن وجهة النظر النيومحافظة في السياسة الخارجية كتب فوكوياما مقالا مدويا ضد محاضرة كراوثمر حول “الواقعية الديمقراطية” لم يلق الاهتمام المناسب بفعل حمى الحملة الانتخابية الدائرة انذاك عنونه (غامزا من قناة محاضرة كراوثمر في سنة التسعين) “اللحظة النيومحافظة (The Neoconservative Moment)”.وفيه أكد فوكوياما أولا على تمسكه بـ”المبادئ” الأساسية التي يجتمع حولها النيومحافظون والتي تشمل حتمية قيام السياسة الخارجية الأمريكية على “نشر الديمقراطية” (وهي النقطة الأساسية التي تقوم عليها أطروحته المشهورة حول “نهاية التاريخ”). وفي المقابل وجه نقده لأطروحة كراوثمر وبقية النيومحافظين كما يلي: أولا، إذا كان على النيومحافظين إعتماد سياسة “واقعية” تتحسب جيدا في اختيار أهدافها كما ينادي بذلك كراوثمر فإن ذلك لم يحدث في الحالة العراقية حيث يلاحظ تصاعد المقاومة العراقية مقابل تراجع السيطرة الأمريكية: و هنا يعلن فوكوياما أنه كانت له منذ البداية “شكوكه” في علاقة بقرار الحرب على العراق بالرغم من مساندته العلنية له حيث رأى أنه ليس هناك فائدة من المعارضة في ظل تصميم البيت الأبيض على شن الحرب (؟!)؛ ثانيا، و هنا يحتاج القارئ للتركيز، يلاحظ فوكوياما أن التسرع في اتخاذ قرار الحرب على العراق لم يكن مبنيا على أساس المصالح العليا للولايات المتحدة بقدر ما كان مبنيا على تعلق غالبية المجموعة النيومحافظة بالمصالح الاسرائيلية، حيث خلطوا بين أعداء الولايات المتحدة (و هي منظمة القاعدة فقط بالنسبة له) و بين أعداء إسرائيل (منظمتي حماس و الجهاد أساسا) و هو ما جعلهم يتحدثون في العموم عن عدو هلامي يتمثل في التيار “الراديكالي الاسلامي” بدون تمييز و هو ما يهدد الدور المحايد الذي يمكن أن تلعبه في العملية السلمية و يُعقد المصالح الأمريكية في المنطقة؛ ثالثا، لا يرى فوكوياما، بعكس كراوثمر، أن معركة الولايات المتحدة ضد “الراديكالية الاسلامية” (مجسدة في منظمة القاعدة أو غيرها) هي معركة وجودية حيث لا يملك هؤلاء التأثير على وجود الولايات المتحدة مثلما كان الحال في علاقة بالاتحاد السوفياتي خلال الحرب الباردة، و هي ما يؤدي في النهاية الى تصخيم غير مبرر لهذا العدو يدفع باتجاهه مزيدا من المتعاطفين عوض محاصرته و عزله؛ رابعا، يُلاحظ أن إستبعاد الغطاء الدولي عن الحرب الأمريكية على العراق كان سياسة خاطئة تُبرز عدم واقعية صانعيها؛ خامسا، يُبدي فوكوياما الذي لاطالما أكد على كونية الاتجاه الديمقراطي في العالم أن بناء الديمقراطية في العراق هي مهمة “تقريبا لا يمكن تصورها” بفعل مجموعة من العناصر، و بالتالي فإن اخر مبررات الوجود العسكري الامريكي هناك لم تعد صالحة في رأيه. كراوثمر رد بشكل فوري (وبعد حملة إعلامية تمهيدية في الصحف الأمريكية) على مقال فوكوياما وذلك في العدد الأخير من الناشيونال انترست (خريف 2004) “دفاعا عن الواقعية الديمقراطية”. وعموما أعاد تقديم أطروحته متهما فوكوياما بسوء فهمها حينا وبتأثره بـ”الخطاب المعادي للسامية” حينا اخر لأنه ينزع لـ”تهويد التيار النيومحافظ” وهي نزعة يراها تتزايد في الاونة الاخيرة. أخيرا يشير كراوثمر الى أن موقف فوكوياما في علاقة بمسألة “بناء الديمقراطية في العراق” يعكس نزعة عنصرية تجاه العرب، وهو ما حاول فوكوياما نفيه بشكل استباقي في مقاله أعلاه حيث وصف اراء كراوثمر حول “بناء الديمقراطية في العراق” بأنها متأثرة بمواقف أستاذ التاريخ الاسلامي برنارد لويس (Bernard Lewis) النيومحافظ المختص في المنطقة العربية والتي تتهم المشككين في دمقرطة العرب بأنهم يعكسون “شعورا عنصريا.”
6
من الضروري القيام بملاحظة سريعة قبل المضي نحو آخر مقالات كراوثمر. مثلما تغيرت مراكز قوى الحكم في الولايات المتحدة بما في ذلك مراكز التنظير للمهام الاستراتيجية والسياسة الخارجية الأمريكية تغيرت مصادر رصد الرؤى والنقاشات الداخلية الخاصة بالمجموعة المؤثرة في تقرير هذه الاستراتيجيا وهذه السياسة. على سبيل المثال بعد أن كانت قراءة نشرية “شؤون خارجية” Foreign Affairs مصدرا ضروريا لتتبع تطورات رؤى مؤثرة في الأوساط الأمريكية أصبح من الضروري التخفيف من التركيز على هذه النشرية والتي أصبحت تعرض رؤى معارضة للإدارة الحالية أكثر من أي شيء آخر (وهي تبقى مصدرا هاما على كل حال لتتبع مواقف مدرسة مازالت مؤثرة على هامش الادارة الراهنة أي المدرسة الواقعية) فإن التيار النيومحافظ جذب الأنظار الى نشرياته الخاصة والتي أصبحت تحوز على أهمية استثنائية منذ سنوات قليلة فقط.
هذه النشريات هي بالأساس ثلاث: نشرية أسبوعية ذات تعاليق مخففة وسياسية بالأساس وهي الويكلي ستاندارد (Weekly Standard). نشرية فصلية ذات تعاليق موسعة وعميقة لأهم منظري التيار النيومحافظ وهي الناشيونال انترست (National Interest). وفي العادة هناك خلط غير مقصود بين هذه النشرية ونشرية ذات عنوان مشابه تتبع التيار الواقعي وهي نشرية الناشيونال ريفيو (National Review). وأخيرا، النشرية الثالثة للتيار النيومحافظ، كومنتري (Commentary)، وهي شهرية تتبع اللجنة اليهودية الأمريكية (American Jewish Committee)، وهو تجمع أساسي للوبي الموالي لإسرائيل في الولايات المتحدة ولكنه إطار مبكر للتيار النيومحافظ ولأهم مفكريه بما في ذلك كراوثمر وجوشوا مورافشيك (Joshua Moravshik) ونورمان بودوراتز(Norman Podhoretz).
المقال الذي اخترناه لإعادة النشر هو من النشرية الأخيرة ونهدف من ذلك فيما نهدف تركيز الأنظار عليها لأنها الأقل بروزا في المشهد الاعلامي النيومحافظ بالرغم من أهميتها الكبيرة.
7
في العدد المزدوج لجويلية-أوت سنة 2005 من نشرية كومنتري نشر كراوثمر مقالا طرح فيه أفكارا أساسية حول إعادة تعريف التيار النيومحافظ على ضوء تحولات الواقع الدولي. تحت عنوان “التقارب النيومحافظ” دافع كراوثمر عن الأفكار التالية:
– في مواجهة السيطرة الطويلة لمدرسة “واقعية” وأخرى “ليبرالية أممية” برزت المدرسة النيومحافظة بعد صعود إدارة بوش الابن كمرجع رئيسي للسياسة الخارجية الأمريكية ومن ثمة تحولت من رؤية “خلافية” مهمشة الى رؤية “حكم”. و يتمثل التعريف الأساسي لهذه المدرسة و هو ما يميزها عن بقية المدارس في النقاط التالية: أولا، عدم التردد في توظيف القوة (العسكرية) الأمريكية في العالم. ثانيا، سياسة أحادية القطبية عند اللزوم و التوجه نحو اعتماد استراتيجيا عسكرية استباقية. ثالثا، و هو حسب كراوثمر “أهم خاصياته”، اعتزام الادارة الأمريكية على اعتبار مبدأ “نشر الحرية عبر العالم” عاملا أساسيا في تقرير السياسة الخارجية.
– خلال سنة 2004 وبسبب الإخفاق الذريع للولايات المتحدة في العراق تراجعت الرؤية النيومحافظة في إطار استرجاع المدرستين الأخرتين لحيويتهما و خاصة المدرسة الواقعية، حيث يشير الى أن الليبراليين خاصة من صفوف الحزب الديمقراطي تبنوا رؤية المدرسة الواقعية في الرد على الرؤية النيومحافظة. و في هذا الاطار يتعرض بالنقد و التشكيك لاراء فوكوياما مذكرا بأهم نقاط الخلاف بينهما خلال المناظرة المذكورة أعلاه. و بشكل عام ينزع لاتهام جميع هؤلاء بالانتهازية من خلال الانضمام للتيار النيومحافظ و تحديدا مشروعه في العراق في فترة عنفوانه و “مغادرة السفينة” عند ظهور التعقيدات الكبيرة في الوضع الأمريكي هناك. غير أن كراوثمر يعتقد أن ثلاث “انتخابات” غيرت الوضع تماما لصالح النيومحافظين (الانتخابات الأمريكية التي أرجعت إدارة بوش الابن الى السلطة و هو ما اعتبره استفتاءا ايجابيا على قرار الحرب، الانتخابات العراقية والأفغانية و”نجاحها” من حيث إقبال الناخبين) وهو ما جعلهم يستعيدون زمام المبادرة في السجال القائم.
– فكرة أخرى، أعتقد أنها الأهم من حيث راهنيتها السياسية، يدافع عنها كراوثمر (أتعرض اليها بشكل خاص في مقالي بالانجليزية في هذا العدد من أقلام أون لاين) هي أنه يفرق بشكل أساسي “الأصدقاء” و”الأعداء” على قاعدة الموقف من “الحرب على الارهاب”. و بهذا المعنى تطفو أنظمة شمولية ثلاث في المنطقة يذكرها بشكل صريح، و هي الباكستان و السعودية و مصر، كأنظمة “صديقة” يجب الحذر من حيث الدفع بتحويلها نحو الديمقراطية. حيث يذكر امكانية “انهيار السقف” ككل في الحالة المصرية مذكرا بالتجربة الجزائرية. و يخلص هنا الى موقف “تشجيع” انتقال تدريجي نحو الديمقراطية عوض إعتماد طريقة الضغظ المشددة مثلما هو الحال مع أقطار تُصنف كـ”أعداء” في “الحرب على الارهاب” مثل إيران أو سورية.
– هذه القضية العملية هي الأساس في تفريق كراوثمر المذكور أعلاه بين الموقفين الذين يفرقان التيار النيومحافظ الآن أي “كونية ديمقراطية” تدفع بقطار الحرية بنفس القوة و السرعة أينما كان حتى في مجال “الأصدقاء” و فريق “الواقعية الديمقراطية” الذي ينسب نفسه له والذي يدعو للتعامل بشكل خاص مع “الأصدقاء” بشكل لا يدفع باهتزازات كبرى داخل هذه الأقطار.
– يلمح كراوثمر، أخيرا، الى أن فريق “الواقعية الديمقراطية” تغلب في الصراع الداخلي في الادراة الأمريكية. فالتيار النيومحافظ يميل حسب استنتاجاته الى “النضج” و هو أمر ضروري بالنسبة لنظرية “حكم”. لهذا فإن القادة التنفيذيين لهذا التيار الآن ليسوا إلا “واقعيين قدامى” من نوع كوندوليزا رايس تلميذة الواقعي الأكبر برنت سكوكروفت أو ديك تشيني وزير دفاع بوش الأب. يفسر كراوثمر هذا التحول كالتالي: “بقدر ما يقدم الفكر النيومحافظ، حسبما يبدو، أكثر تفسير مناسب للواقع الجديد و الاجابة الأكثر إثارة و فعالية له، فإن الكثير من الواقعيين حُملوا على الاعتراف بفقر الواقعية”.
علي هنا أن أقوم بعدد من الملاحظات الأولية تعليقا على هذا المقال:
-هناك غموض في موقف كراوثمر من ناحية المقولة الأساسية الأكثر إثارة في الخطاب النيومحافظ للادارة الأمريكية و التي أفرزت جدلا كبيرا أي: الدمقرطة كحل ضروري لمواجهة التيار القاعدي. حيث أنه يرى، على العكس، أن الدمقرطة في مجال “الأصدقاء” يمكن أن تؤدي الى انتصار التيار القاعدي من خلال “انهيار السقف” و ليس الى دحره.
-في نفس الوقت يتمسك بضرورة “تشجيع” الدمقرطة في مجال “الأصدقاء”. وهو تعبير غامض أيضا لا يُفهم منه تحديدا معنى هذا “التشجيع” و ماهي الأشياء التي يمكن أن تؤدي الى “انهيار السقف”: فهل هو تشجيع مشاركة الاسلام السياسي المعتدل في الحياة السياسية خاصة و أن كراوثمر يذكر بالتجربة الجزائرية؟
-مثلما ذكرت في مقالي بالانجليزية في هذا العدد فإن تراجعا نسبيا للوجه الأمريكي عن صورة الدمقرطة يبدو أنه في صالح هذا المسار لأنه يفسح المجال لقوى حيوية لا ترغب في التدخل الأمريكي وترى فيه خطا أحمر في الانخراط في مسار التفعيل الديمقراطي ومن ثمة لا تتعامل معه كمؤامرة خارجية. إن موقف هذه القوى وهي الأكثر شعبية عربيا سيساعد بالتأكيد في نقل معركة الدمقرطة من مستويات نخبوية معزولة الى مستويات شعبية. إن التطورات في الوضع المصري وخاصة التجمع السياسي غير المسبوق لأهم قوى المعارضة قبل الانتخابات التشريعية الأخيرة دليل أساسي على مثل هذه التطورات. و هنا ليست نتائج الانتخابات في ذاتها هي الأهم بقدر ما هو تشكل جبهة عريضة مؤثرة حول برنامج فعلي لإحداث إصلاحات ليبرالية على المستوى السياسي.
(*) باحث تونسي يقيم في أمريكا الشمالية من المؤمل أن يتم تعريب مقال كراوثمر في العدد المقبل من أقلام أون لاين. 1 [2] الطاهر الأسود “نشأة وتطور استراتيجيا الحرب الاستباقية” نشر في موقع “تونسنيوز” في 11 نوفمبر 2003. http://taherlaswad.blogspot.com/2003_11_01_taherlaswad_archive.html مقال كراوثمر المعني هنا: Krauthammer, Ch. “The unipolar moment” Foreign Affairs 70/1 (1990-91): 23-33. [3] الطاهر الأسود “العراق: حفل عشاء المحافظين الجدد” نشر في موقع “نواة” في 22 أفريل 2004. http://taherlaswad.blogspot.com/2004/04/blog-post.html [4] الطاهر الأسود “النزاع بين النيومحافظين حول طبيعة الديمقراطية الاسلامية” القدس العربي 11/12 ديسمبر 2004. http://taherlaswad.blogspot.com/2004/12/blog-post.html (المصدر: مجلة أقلام أون لاين الإلكترونية، العدد السادس عشر، السنة الرابعة/ نوفمبر – ديسمبر 2005) وصلة الموضوع: http://www.aqlamonline.com/lassoued_krauthammer.htm
بورقيبة والحدّاد والشابي بكاميرا الجزيري:
خمسة مليارات للبحث فـي معالم الحداثة والنضال
ناجح مبارك
ماذا يمكن ان تضيف السينما لتاريخ تونس المعاصر؟ هل يتنافذ فعل المؤرخ مع فعل الفنان ؟ ما هي الحدود المرسومة ان وجدت بين حقل الفنان وحقل المؤرخ؟ هل ثمة وقائع تسرد بالكاميرا ام اجتهاد في الخيال والمخيال؟ هل تتداخل ذات الفنان وموقفه وعلاقاته ببورقيبة ورفاقه رغم تباعد فترات الفعل في صياغة الرؤية الفنية لاحداث وشخصيات تاريخية. اسئلة تخامر اكثر من مثقف واعلامي واستاذ تاريخ تحدثنا اليهم منذ مدة بمناسبة تنظيم ندوة حول الدور الوطني والاصلاحي للمدرسة الصادقية ، عند ما سمع هؤلاء بمشروع الفاضل الجزيري حول فيلم »العمر» الذي يتناول بالكاميرا سيرة وافعال رجال ثلاثة هم الحبيب بورقيبة وابو القاسم الشابي ومحمد علي الحامي. مشروع طموح وضخم ناهيك ان ميزانية الفيلم التقديرية تناهز الخمسة مليارات حصل الجزيري فقط على 500 الف دينار منها عن طريق لجنة التشجيع ودعم المشاريع السينمائية في انتظار البحث المتواصل عن مشاريع دعم اخرى… الخطوط العريضة للفيلم كتابة وصياغة وتصويرا مرسومة في انتظار تفاصيل التصوير وقد بدأ الجزيري ابن المدينة العتيقة بتونس في زيارة ومعاينة اماكن التصوير شمالا وجنوبا للبلاد مرورا بالوطن القبلي. ما ذا عن هذا المشروع؟ وماذا عن التقنيين والممثلين ومصادر التمويل واعتمادات الكتابة التاريخية في تحولها الى السمعي البصري؟
فيلم »ثلاثون» مشروع الجزيري القادم ويطبخ على نار هادئة هو مراجعة وقراءة لفترة الثلاثينات فترة الفعل السياسي وبداية تشكل الفعل التحريري وهي فترة مليئة بالاحداث وتتقاطع فيها تلك الوطنية مع المتغيرات العالمية.
رموز النضال الوطني
رموز ثلاثة سيعتمد عليهم الفاضل الجزيري وهم من الفاعلين الحقيقيين: الزعيم الحبيب بورقيبة، لمحرر الطاهر الحداد، وأبو القاسم الشابي ثلاثة يجمعهم الجزيري في فيلم سينمائي مكلف، فيلم يبحث في التاريخ عن الحقيقة. بهذا الفيلم يختتم الفاضل سيرة الاعمال الاستعراضية التي بدأها مع النوبة سنة 1990 مرورا بالحضرة وزغندة وعزوز واعادة التحقيق وبني بني وصولا الى عرض احتفالية الراشدية وتمثيلا في فليم ثلاثون.
لانوجد الا عبر الصورة
فيلم تونسي بمقاييس دولية ـ ابداعا وتقنية كما ذكر الفنان نفسه في لقاء سبق الاعداد له، وهو يقول »انني انطلق في هذا العمل الضخم من بدايته وهواننا لا نوجد في هذا العالم الا عبر الصورة التي نكونها لذواتنا وعن ذواتنا الآن وهنا». وعندما نقول الآن وهنا فهذا لا يقصي فعل الماضي وحفزه لتشكيل رؤية الحاضر. وهذه الصورة قد تكون مكتوبة بالنسبة الى الشعراء والكتاب او علمية للباحثين وفي خصوص الارض التي اتحرك على ترابها واحفر فيها فان الصورة المناسبة لها ولي هي السينما.
معالم الحداثة
ويضيف الجزيري في حوار سابق: »اشتغل في هذا الفليم على ثلاثة معالم للحداثة الاول: هو محمد على الحامي مؤسس النقابة مع ابن عمه الطاهر الحداد واشتغالهما على تحديث الراهن آنذاك. هذا الاخير كتب حول العمال والثاني حول المرأة في توافق تام مع ما كان يكتبه ابو القاسم الشابي التواق الى الحرية والتغيير والحالم بخيال شعري لا عند العرب فقط بل عند كل العالم. ثمة اختلاف جزئي في نوعية الثورة التي قام بها الرفاق الثلاثة مع فارق طفيف في رؤية الشابي الشاعر الذي كان يعتقد في تغيير العالم وهو يعتقد الاعتقاد الجازم اما الحداد فكان يعتقد في تغيير المجتمع عرب تغيير المرأة».
توجيه الاحداث السياسية
كل هذه الرموز الفكرية والنضالية كل على هواه وطريقته واسلوبه كانت حاضرة في ذهن الزعيم الحبيب بورقيبة فترة نضاله وبراغماتيته التي قد تتعارض مع شاعرية الشابي لكنه مهد لبورقيبة »صعود الجبال» جبال النضال وللحصول على الاستقلال الداخلي ثم الاستقلال التام. وتتداخل في احداث هذه الفترة عدة اطراف فاعلة فنية وثقافية وجهت الاحداث السياسية مثل حبيبة مسيكة وعبد العزيز العروي وبيرم التونسي ومحمود بورقيبة وغيرها من العناصر المؤثرة، داخل فضاء معماري يتجاوز المدينة العتيقة لفضاءات الشمال والجنوب المفتوحة.
دقة المرحلة
ومن اجل هذا العمل السينمائي التاريخي الضخم كان الفنان الفاضل الجزيري متابعا جيدا وملامسا بعناية لكل ما خط وكتب عن تلك الفترة كما يتابع الجزيري الندوات التي تنظم لرموز تلك المرحلة ومنها الندوة الاخيرة حول حقوق المرأة بمناسبة احياء الذكرى السبعين لوفاة الطاهر الحداد والتي تضمنتها الامانة العامة المساعدة المكلفة بشؤون المرأة بالتجمع الدستوري الديمقراطي. الجزيري استعان في الكتابة وصياغة السيناريو بالكاتبة عروسية النالوتي التي لم تخرج في كتاباتها السينمائية الاخيرة عن تلك الاجواء المشحونة بالزخم النضالي والانسياق فبعد ان فرغت من كتابة سيناريو خشخاش لسلمي بكار وتدور احداثه في الاربعينات غرقت في بحر الثلاثينات مع »ثلاثون» للفاضل الجزيري.
لا نهمل التفاصيل
وعمليا يستوجب التحضير والاعداد لانجاز هذا الفعل دقة في الخيارات والاختيارات وعدم اهمال التفاصيل الدقيقة وهذا يعود الى طبيعة فترة الثلاثينات نفسها والرموز السياسية والنقابية والثقافية التي يشتغل عليها المخرج. ثمة انتباه للتفاصيل حول اماكن التصوير والملابس والمتممات والاكسسوارات وتركيب وبناء الشخصيات وهذا هو الشغل الشاغل للمخرج الان قبل ستة اشهر من بدء التصوير وهو منتظر خلال شهر جوان 2006 على ان يكون هذا الفيلم جاهزا في ماي 2007.
استوديو خاص
وينتظر ان يركز الفنان المخرج استوديو خاص لتصوير المناظر والوضعية الداخلية ويتابع حراك الشخصيات هذا اضافة الى المناظر الخارجية التي تتوافق مع الفترة المدروسة بالكاميرا من 1924 حتى سنة 1935.
موسيقى جاهزة
الجزء الهام الجاهز من الفيلم الآن هو الموسيقى التي اشتغل عليها الفاضل منذ 1990 الى سنة 2005 وكانت عصارتها في عرض الزازا حيث تحتل الموسيقى 20 دقيقة من مدة الفيلم المقدرة بـ 120 دقيقة… وفي الموسيقى كما يلاحظ الجزيري نظرة ما نظرة شباب تونس اليوم الى تراثه الموسيقي والسؤال الهام هل نحنّط ذلك التراث ام نحييه بما يلائم العصر ونضع به موطأ قدم في راهن العولمة؟ هذا ما يتطلب جهدا على مستوى الاختيارات الموسيقية لرموز فترة الثلاثينات ايقاعيا وتلحينا.
150 ممثلا
العودة الى الثلاثينات تقتضي كذلك البحث في الارشيف السمعي البصري وهذا ما حصل وادخال التقنيات الحديثة لتعصير الصورة وتأليفها ضمن نظرة شاملة للفيلم مع اضفاء طابع الحياة على الشخصيات في ايقاع خفيف ويتماشى وطبيعة السيناريو وفي النوبة والحضرة ومرورا بزغندة وعزوز وزازا. عودنا الجزيري على العمل مع كم هائل من الممثلين والتقنيين وهو يحسن توظيفهم وقد يكون هذا العدد مضاعفا اذ يصل عدد الممثلين في الشخصيات الرئيسية حوالي 150 ممثلا. ومن الادوار الرئيسية نذكر دور محمد علي بن جمعة الذي سيتقمص شخصية الطاهر صفر والجزيري في دور ابو القاسم الشابي وعلي في دور محمد علي الحامي. فيلم يتناول فترة الثلاثينات لكن سينبض بالحياة وسوف يعيد المشاهد الى سنوات الحراك الثقافي الفعال.
وفيلم آخر لرجاء فرحات
ومن جهة أخرى وتماشيا مع هذا الاهتمام الثقافي السينمائي بسيرة رجل الكفاح الوطني الحبيب بورقيبة علمنا ان السيد محمد رجاء فرحات الذي سبق له ان اشتغل مسرحيا على شخصيات مثل محمد علي الحامي انهى كتابة سيناريو فيلم عن الزعيم بورقيبة. في هذا السيناريو يتداخل الذاتي بالموضوعي فوالد رجاء وزينب واسامة هو الاستاذ الصحبي فرحات الذي فقد بعد مؤامرة 1962 وتوفي بقلعة غار الملح سنة ..1963. وقد كانت هذه الاحداث الشخصية حاضرة اثناء السنوات الثلاث لكتابة الفيلم. ويبدو ان محمد رجاء فرحات كان متشبعا بالاحداث كتابة وتأريخا قبل واثناء صياغة السيناريو وينتظر ان يقدم سيناريو الدعم الى مصالح التشجيع ودعم الانتاج السينمائي بوزارة الثقافة والمحافظة على التراث.
تمويل متعدد المصادر
لكن تمويل هذا السيناريو الى شريط سينمائي يتطلب مصادر اضافية وهامة للتمويل منها صناديق الدعم المالي السينمائي الاوروبي والقنوات التلفزية الاوروبية وبعض القنوات العربية المؤمنة بالتاريخ العربي المعاصر وصناعه. نشير الى ان هذه الاعمال السينمائية التاريخية المعاصرة تتزامن في تصوراتها وانجازها مع مرور خمسين سنة على استقلال تونس وهو حدث هام تستعد له الجهات الرسمية ولم لا يساهم المثقفون في تقديم رؤى اخرى لرموزنا السياسية وهذا ما يتطلبه الجهد المضاعف من طرف كافة الاطراف…
(المصدر: القسم العربي بمجلة “حقائق” التونسية، العدد 1044 بتاريخ 29 ديسمبر 2005)
المرأة التجمعية تحتفي بالحداد :
كيف نظّر الطاهر الحدّاد لمنافسة المرأة للرجل في الاعمال؟
ناجح مبارك
نظمت مؤخرا الامانة العامة المساعدة المكلفة بشؤون المرأة للتجمع الدستوري الديمقراطي ندوة حول « حقوق المرأة من الحداد الى بن علي» اقتران الفكر المستنير بارادة الفعل والاصلاح » وذلك تحت سامي اشراف الرئيس زين العابدين بن علي ، وقد حضرها الامين العام للتجمع السيد الهادي مهني وحاضر في افتتاحها السيد محمد العزيز ابن عاشور وزير الثقافة والمحافظة على التراث ونتوقف عند محاضرته لأهميتها.
تناولت المحاضرة بالدرس بعض الاطروحات الاساسية المتصلة باهمية مسألة التحديث لدى الحداد وذلك من خلال كتاب »امرأتنا في الشريعة والمجتمع» على وجه الخصوص وهو الكتاب الذي اثار الجدل والنقاش ما جعله في نظر العامة والخاصة، يحتل الصدارة في فكر هذا المصلح. ويعود الاهتمام به حسب الباحث لجرأة الطرح والمبادرة بتسليط الضوء على نطاق واسع على موضوع حساس في المجتمع آنذاك الا وهو موضوع المرأة وانطلق الوزير من مسلمة في علم الاجتماع او مقولة اساسية مفادها ان »المثقف او المفكر او السياسي لا يعبر عادة عن قيمه الخاصة بقدر ما يعبر بطريقة شعورية اولا شعورية عن قيم جماعة اجتماعية اكبر ينتمي اليها وفي كثير من الحالات عن طبقة اجتماعية يدافع عنها».
مثقفو الطبقة الوسطى
ومن هذه الوجهة ننظر الى الطاهر الحداد يقول الدكتور ابن عاشور اولا كمثقف يعبر عن محيطه الاجتماعي وثانيا كامتداد للحركة الفكرية والاجتماعية التي سادت في العصر الذي وجد فيه. اما فيما يتعلق بالناحية الاولى اي ناحية الانتماء الاجتماعي فان الحداد ينتمي الى زمرة مثقفي الطبقة الوسطى التي تشكلت في تونس وفي انحاء شمال افريقيا في فترة ما بين الحربين. وهو يمثل نموذج المثقف الزيتوني الشغوف بالمعرفةوبالثقافة، والذي تعرف الى الغرب عن طريق ترجمة الآثار الاوروبية الكلاسيكية وبخاصة الفرنسية. وساهمت جمعية الخلدونية وجمعية قدماء الصادقية في تكوين شخصيته الثقافية. اما في ما يتعلق بناحية ارتباطه بالحركة الفكرية والاجتماعية التي سادت في عصره، فان الطاهر الحداد هو بالفعل امتداد للحركة الاصلاحية التي انطلقت مع خير الدين التونسي ومحمود قابادو واحمد ابن ابي الضياف ومحمد بيرم الخامس ومحمد السنوسي وغيرهم من سارو آمن بضرورة مسايرة العصر او »مسايرة روح الوقت» كما يقول ابن ابي الضياف وهو يعتبر من الرواد الذين لم يحصروا اتجاههم الفكري فقط في فكرة الاقتباس عن اوروبا ما يوافق الشريعة الاسلامية، بل اضاف مرتكزا جديدا تبلورت ملامحه مع حركة الشباب التونسي وهو التمسك بالتحديث والاخذ بمقوماته بما يؤهل التونسيين لليقظة الحضارية. وذلك وفق تصور يراعي الخصوصية الثقافية باعتبارها جوهر الذاتية ويؤمن بأنها تظل بحاجة الى التطوير والحداثة لتحقيق التقدم واصلاح المجتمع وانمائه.
الصفوة المثقفة
ولاشك أن الطاهر الحداد واحد من الصفوة المثقفة التي حملت لواء التنوير في المجتمعات العربية. كما ذكر الوزير تلك الصفوة التي عبرت عن رفض الاوضاع السلبية التي كانت تسود في مجتمعاتهم. وقد اتيح لها ان تقوم بدور فعال في تحقيق التغيير بفضل الاحتكاك الثقافي بالغرب منذ القرن التاسع عشر والتأثير بالحركات الفكريةالسائدة هناك والتي تقوم على الايمان بامكان تقدم المجتمع الانساني في كل المجالات وبدون حدود بتوفر قيم الحرية والعدالة والعقلانية. ولقد تميزت هذه الصفوة بالمشاركة الفعلية والايجابية في الحركة الاجتماعية معتمدة على الصحافة والكتابة لنشر افكارهم، الى جانب المساهمة العلمية في جهود الاصلاح دون الاكتفاء برصد الاوضاع وتحليل الاسباب.
الاتجاه الفكري
تعتبر فترة الثلاثينات الفترة التي ترسخت فيها مؤسسات النهضة الفكرية وتأصلت فيها فكرة الاصلاح والاقبال على العلم. ولقد مكنت فرص تلقي التعليم بفرنسا والتأثير بالبيئة الثقافية هناك النخب التونسية من تحقيق نوع من الحراك الاجتماعي ببلوغهم مراتب »الرفاهية والنعمة» وفي نفس الآن تعمقت لديهم الروح الوطنية فدخلوا الى مجال الكفاح التحريري وساهموا في حياة الوطن بعزيمة قوية. ولقد شكلت هذه النخب خريجي الصادقية ومعهد كارنو ومن تآزر معهم من الزيتونيين اتجاها فكريا وثقافيا يدعو الى الثقافة العصرية ويؤمن بان اسباب النهوض مرتبطة بدعائم الحداثة، وقد كان الحداد احد رموز هذا الاتجاه ممن اعتنقوا النهج العصري في البحث وفي النقد والاصلاح.
ولقد انقسم الزيتونيون الى شقين، شق المحافظين ذو نزعة تتجه نحو العروبة والقومية الواسعة مرسخة للروح الثقافية الاسلامية في المعرفة. وهي تضم جانبا كبيرا من الموظفين الاداريين والشيوخ الشرعيين الذين يعارضون التغيير. اما الشق الثاني فهو يتطلع الى الاصلاح الجوهري بتوسيع دائرة التعليم الى حد بعيد وكان كتاب »أليس الصبح بقريب» للشيخ محمد الطاهر ابن عاشور التعبير الفكري لهذا الاتجاه. وكان تعيين الشيخ لتحمل مسؤولية الجامع الاعظم وفروعه سنة 1932 انتصارا لهذا النهج الى تعصير التعليم.
الاتجاه الابداعي
واتصل الاتجاه الثالث بالابداع وبالشعر بصفة خاصة وقد كان لمجلة »العالم الادبي» لصاحبها زين العابدين السنوسي دور كبير في نشر الابداع الجديد وفي احتضان دعاة التجديد ومواجهة التيار التقليدي بمبادرات واعمال كان ابو القاسم الشابي رمزا لها ويكفي ان نذكر محاضرته »الخيال الشعري عند العرب» لندرك أن التحولات شملت الذوق الابداعي وان الشعر اقتضى روحا من التحديث تناسب توثب التونسيين الى الحياة العصرية. ولئن كان كتاب »امرأتنا في الشريعة والمجتمع» يمثل منعطفا جوهريا في الحركة التحديثية وعلامة فكرية يتسنى التاريخ بها للافكار التحريرية في تونس وفي البلاد العربية كلها. فانه يعد ايضا تتويجا لكتابات سابقة اهتمت بالمرأة. فقد كان الشيخ محمد السنوسي قد الف رسالة سنة 1897 عنوانها »فتق الاكمام» وفيها حرّر افكارا مهمة نادت بالحقوق اللازمة للمرأة في ضوء استناد الاحكام الفقهية بصفة خاصة. وتضمن كتاب الشيخ عبد العزيز الثعالبي »روح التحرر في القرآن» (1905) فصلا مهما دعا فيه الى تحرير المرأة من القيود المكبلة والح فيه على تعليم المرأة ما يناسب من المواد الميسرة لتطوير مداركها. وتوجد رسائل اخرى ومقالات متفرقة في الصحافة التونسية دعت الى تحرير المرأة من قريب او من بعيد.
كما ان الحداد يعتبر تتويجا اكثر جرأة واكتمالا لتيار اصلاحي عربي اهتم بمسألة المرأة من خلال اسهامات المجددين المسلمين في الشرق العربي، الذين ظهرت الارهاصات الاولى لدعوتهم الى تحرير المرأة بنشر كتاب : »المرشد الامين للبنات والبنين» لرفاعة رافع الطهطاوي 1874،ثم بمساهمات قاسم امين في كتاب »تحرير المرأة» (1899)، الى جانب ما اولاه الشيخ محمد عبده من اهتمام باولوية مسائل الاسرة والزواج والطلاق والنفقة.
ويجدر بنا قبل المضي في تحليل ملامح التحديث في كتاب »إمرأتنا في الشريعة والمجتمع» ان نشير الى ملاحظة هامة، وهي ان التركيز على ما اثاره هذا الكتاب من نزاع فكري بين تيارين احدهما مؤيد والاخر معارض. لا ينبغي ان يقف بنا عند حدود الاحكام او التصنيف بل يجب ان يفضي الى تبين ملامح ثراء الفكر الاصلاحي التونسي وحركيته القائمة على الجدل والاختلاف وهي ظاهرة سليمة وذلك ما تعكسه المقالات المتنوعة الصادرة عن مؤيدي الحداد وبخاصة في مجلة »العالم الادبي» وجريدة »الزمان» وتلك التي كتبها معارضوه من جريدة »الزهرة» وجريدة »مرشد الامة» وجريدة »النديم» ووقوف »النهضة» موقف الحياد بفتح اعمدتها للفريقين. ثم ان التيار المعارض وان كان حادا في بعض الاحيان فانه لم يكن يشكل قطيعة جذرية، ناهيك ان اغلب ممثلي هذه التيار كانوا من الاوائل الذين سمحوا لبناتهم بالدراسة في المدارس الفرنسية والخروج بدون ارتداء الحجاب وان اول زعيمة لاول منظمة نسائية تونسية هي زوجة الشيخ محمد صالح بن مراد ابرز منتقدي الحداد.
تستند افكار الطاهر الحداد في كتابه »امراتنا في الشريعة والمجتمع» الى مرجعية تحديثية تقوم على المبادئ التالية: ـ اولوية الانسان كقيمة عليا ـ الروابط الانسانية هي اساس بناء المجتمعات ـ وضبط الوزير في مداخلته هذه المبادئ:
اولوية الانسان كقيمة عليا
يحتل الانسان مكانة اساسية في الفكر التحديثي فهو معيار الاشياء كلها، وهو الغاية والوسيلة معا، ويمثل تفتح مداركه وقواه وتحرره من العوائق الخارجية والعلل الداخلية الهدف المنشود، ويكون كل ذلك جوهر التحضر كما يرسم الخط الايجابي المستمر في التاريخ ومن هنا ـ فالى جانب العناية باوضاع الفئات الاجتماعية المقهورة آنذاك من خلال العمل النقابي ـ فان الاهتمام بالمرأة يندرج في هذا السياق، اذ ينظر اليها »الحداد» من منطلق انها كائن مسؤول وهي لا تقل عن الرجل شأنا، بما انها تشترك معه في تشكل الحياة الاجتماعية. واللافت للانتباه ان »الحداد» لم يتحدث عن »امرأة» في المطلق بل هو استعمل صيغة »امرأتنا»، وفي هذا تعبير عن اهميتها في حياة التونسي واعتبار النهوض بها شأن الجميع ثم ان هذه الصيغة الحميمية تنم عن المنزلة العالية التي تحتلها المرأة فهي منا والينا اذ هي الام التي تربي الناشئة وترعاها وهي الزوجة التي تشرف على الحياة العائلية وهي الزميلة الشريكة في شؤون الحياة العامة. انها جزء لا يتجزأ منها وليست كائنا غريبا بعيدا ومنفصلا. »فان واجبات المرأة عظيمة في ذاتها، وبقدر ذلك هي عظيمة نتائجها في البيت والمجتمع». لقد كان الهدف الرئيسي لمعالجة الحداد لمسألة المرأة هو السعي الى الارتقاء بها الى »مراتب الكمال الانساني في العلوم والفلسفة ومنافسة الرجال في الاعمال» شأنها في ذلك شأن المرأة الغربية التي قطعت مراحل شاسعة في سير المدنية في بلادها. انه سعي جريء ورائد بمقاييس ذلك الوقت لفتح منافذ متسعة لتحقيق كرامة الانسان بانتشال نصف المجتمع »الذي لم يسمح له ان يرى وجه الشمس في غير خجل وريبة» من التخلف والقهر والجهل. وفي ذلك طلب للحياة »ولو فكرنا قليلا لوجدنا الحياة في اعماقنا على حد تعبير الحداد.
الروابط الانسانية هي اساس بناء المجتمعات:
يرتبط المبدأ التحديثي الذي يعتبر الانسان فاعلا اصيلا في تحديد مصيره، بالسعي العقلاني الى فهم قواعد التنظيم الاجتماعي والتطور الحضاري. وقد تجلى هذا المبدأ في القسم الاجتماعي من كتاب »امرأتنا في الشريعة والمجتمع»، هذا القسم الذي يقترب في اسلوبه ومنهجه من المنهج الالنتروبولوجي. فقد وصف الحداد الاحوال المتعلقة بالمرأة وحللها ونقدها مستعرضا لوحات من الحياة اليومية.
التنشئة والتفكير الاجتماعي
وتحتل التنشئة المكانة الرئيسية في التفكير الاجتماعي في مسألة المرأة ، فقد لفت »الحداد» الانتباه الى انواع الثقافة الصالحة للفتاة ومنها الثقافة الصناعية والثقافة المنزلية والثقافة العقلية والثقافة الاخلاقية والثقافة الزوجية والثقافة الصحية وهي المقدمات الضرورية لاخراج الفتاة من اسر التقاليد الى رحابة الحياة المعاصرة، وان التعامل مع انواع الثقافة هذه، يؤدي الى مراجعة الموروث وتجنب مظاهر الانغلاق وتوخي المنهج النسبي في تنشئة البنت.
ومن بين العناصر الاساسية التي يرى الحداد ضرورة توفرها للنهوض بالمرأة والارتقاء بالاسرة وحمايتها من مظاهر التخلف والبؤس والوهن، الجانب الاقتصادي الذي يقوم على جهد مشترك بين كافة عناصر المجتمع. ويتمثل ذلك في الثقافة الصناعية وهي »أثمن مهر يقدم لبناء الحياة الزوجية» بما ان الحرف والصناعات التي تساهم بها المرأة في الانفاق على الاسرة هي بالاساس »اعظم نصيب للمرأة تقدمه للمجتمع التونسي».ولقد شمل الفكر الاجتماعي النقدي للحداد ومؤسسة الزواج وما اتصفت به من تقاليد بالية وعادات سلبية. فالزواج الى جانب كونه عقدا شرعيا هو عقد اجتماعي، ومن ثمة لزم تحديثه واخضاعه لتحولات العصر وملاءمته مع مقتضيات التطور. والقصد من وراء ذلك تهيئة القاعدة الصلبة لكيان اجتماعي سليم من الناحية الصحية باشتراط الفحص الطبي المسبق، ومن ناحية التماسك والتناغم النفسي بتوفر حرية الاختيار، ومن ناحية الحفاظ على تضامن افراد الاسرة بمنع تعدد الزواجات ومن ناحية احترام الحقوق الانسانية بضبط قواعد الطلاق… هذا كله الى جانب انتقاد المؤسسات الزجريةوممارسات الكبت والقهر ومظاهر التخلف المتعددة آنذاك.
(المصدر: القسم العربي بمجلة “حقائق” التونسية، العدد 1044 بتاريخ 29 ديسمبر 2005)
مهرجان قرطاج يبوح باسرار مداخيله :
الكلفة 4 مليارات ونصف المداخيل 558 ألف دينار
ناجح مبارك ومصدق الشريف
كانت الدورة الفارطة لصائفة 2005 من مهرجان قرطاج الدولي خطوة نحو التصحيح وتصحيح المسار من حيث البرمجة والتسيير وكانت هيئة رؤوف بن عمر قد اجتهدت في »اعادة روح الفرجة وطقوسها» الى المهرجان الذي انخرط في سنوات خلت في عالم السوق والمنطق التجاري. لقد استطاع رؤوف بن عمر في الفترة الممتدة بين 9 و31 جويلية ان يبرمج عدة عروض هامة من حيث العدد والعدّة كما ونوعا وتخصيص عرض الافتتاح والاختتمام للطاقات الابداعية التونسية. الا ان الجديد المصاحب لمسار التأسيس هذا الكشف الواضح والدقيق لعروض المهرجان المسرحية والفئية ومداخيلها بالعودة الى تذاكرها. وبالنظر كذلك الى نجاح بعض العروض وفشل الأخرى. ومن شأن هذه الموازنة ان تبصر اهل الحل والعقد لمصالح وزارة الثقافة والمحافظة على التراث بعدة مسائل وتثيرها في رسم الخطط المستقبلية لهيكلة وتأهيل لامهرجان قرطاج فقط بل سائر المهرجانات. ما هي العروض الناجعة جماهيريا والخاسرة ماليا؟
وهي العروض التي حققت المبالغ المالية »الخيالية؟» كم كان عدد التذاكر في كل حفل؟ ماذا عن ميزانية المهرجان ؟ وكيف خلصت هيئته الى الالتزام بتعهداتها وتنفيذها؟ لاشك ان المهرجانات واهمها مهرجان قرطاج الدولي مؤسسة اقتصادية ثقافية تعمل على نشر ثقافة معينة لجمهور عريض من المستهلكين ويقتضي ضبط برمجتها وموازناتها استراتيجية معينة تأخذ بعين الاعتبار نوعية العروض اولا.
بين الفني والتجاري
لكن نوعية هذه العروض تتطلب اعادة نظر حتى تحافظ هذه المهرجانات على التوفيق بين الجودة والمداخيل ذلك بعض العروض الجديدة تستقطب بدورها جماهير معينة وقد تغطي مصاريفها وان حصلت الخسائر فانها محدودة. وبالنظر الى كشف مصاريف مهرجان قرطاج الدولي وضبط مداخيله فان لا يمكن الحكم على ضعف المداخيل او اطلاق صيحة فزع بالعودة الى التوجه الجديد لادارة المهرجان والتي تعمل على التوفيق بين العروض الفنية الثقافية والعروض التجارية.
ندوة للتقييم
كما ان دخول بعض المؤسسات الفنية ذات الغرض التجاري مثل روتانا ومحدودية المستشهرين ومساهمة بيع التذاكر عوامل قد لا تساعد على اصدار حكم منصف للدورة 41 لمهرجان قرطاج الدولي وهذا ما يتطلب تنظيم لقاء أول ندوة تقييمية بمشاركة كافة الاطراف المتدخلة للنهوض بواقع المهرجان في دوراته اللاحقة. ولنتأمل الان في مصاريف عروض مهرجان قرطاج الدولي 2005 اذ بلغت جملة التكلفة لهذه الدورة 4 ملايين وستمائة الف دينار بما فيها تكاليف العروض واجور الفنانين وخلاص العملة واعوان الامن والحماية المدنية. هذا الى جانب مصاريف النشرية والاشهار من اذاعة وتلفزة واعلانات في الصحف اليوميةوهذه المصاريف الاخيرة تقدر بمليون ومائتي الف دينار في حين ان مداخيل التذاكرة تقدر فقط بـ 558 الف دينار متأتية من الاشتراكات كذلك. ويمكن احتساب مداخيل العروض بالنظر الى عدد الجمهور الذي اقتطع تذاكره وعادة ما لا يعكس عدد الحضور المداخيل الحقيقية فثمة دعوات واشتراكات وتأشيرات دخول مجانية.
الافتتاح والاختتام
جمهور قرطاج حضر باعداد غفيرة في بعض العروض ومنها عرض الافتتاح الذي امنه الفنان الفاضل الجزيري زازا وحضره 8000 متفرج وقدرت مداخيله بما يفوق 17 الف دينار في حين ان تكلفته بلغت 163.000 الف دينار. اما عرض الاختتام الذي ناهز الحضور فيه 7000 متفرج فقد كانت تكلفته في حدود 138.000 الف دينار وكانت مداخيله في حدود 3 آلاف دينار .
بين انغام ورامي عياش
وقد طال العجز بين كلفة المصاريف والمداخيل حفلات روتانا فمروان خوري واصالة بلغت الكلفة 45.584 الف دينار في حين ان المداخيل من الحفل ذاته لم تغط المصاريف وقدرت بـ37.814 الف دينار. وكذلك الامر بالنسبة الى حفل انغام ورامي عياش حيث كانت المداخيل حوالي نصف التكلفة المقدرة بـ43.600 الف دينار. اما مداخيل غرسة ورضا العبد الله فحددت بـ5 آلاف دينار في حين ان كلفة العرض كانت في حدود 36.780 الف دينار. ومداخيل عرض زياد غرسة خارج سرب روتانا قدرت بـ 5.959 ألف دينار في حين ان كلفة عرضه 56.074 الف دينار واما حفل الثنائي ايهاب توفيق وشيرين فقد بلغت مداخيله 55.808 الف دينار وكان عرضا مربحا جماهيريا وماليا اذ كانت كلفة تنظيمه مع كاشي الفنانين في حدود 36.780 الف دينار.
مداخيل بألف دينار
ومن العروض »الخاسرة» ماليا نذكر عرض فلة ومعين شريف اذ بلغت المداخيل فقط الفا و690 دينارا بينما كانت كلفة العملية تقدر بـ 37380 الف دينار. لكن لسائل ان يتساءل من يقف وراء تسريب هذا الكشف المفصل لمصاريف ومداخيل عروض الدورة 41 لمهرجان قرطاج الدولي الان وفي هذا الظرف بالذات مع ادارته الجديدة؟ ما المقصود من ذلك هل هو ابراز عجز الهيئة المديرة الجديدة في تقديم موازنة مربحة للمهرجان و»الترحم» على خصال من قاد المهرجان من قبل؟ كان من سرّ بها من أجل غاية نبيلة هي الحقيقة ولا شيء غير الحقيقة التي تهم الجميع لماذا كانت الموازنات والعروض العاجزة تمر حساباتها في السرية التامة من قبل في زمن الهيئات السابقة، هل ثمة مؤامرة تحاك هنا وهناك؟ ولكن ثمة مهرجانات اخرى تحاول ظبط ميزانيتها وفق رؤية واضحة تربط بين الثقافي والتجاري وتحاول كذلك رضى جمهورها وحتى ان حققت عجزا فان ذلك يكون »منطقيا». ومن ذلك مهرجان صفاقس الدولي. السيد محمد عباس مدير المهرجان الدولي بصفاقس في دورته 27 توفرت لديه الصورة النهائية لتقييم فعاليات الدورة الاخيرة والخطوط العريضة لبرمجة السنة القادمة 2006. اول ما نشير اليه ان الدورة الاخيرة 27 لمهرجان صفاقس الدولي قد حافظت على التوازن المالي وحققت نسبة تطور في اقبال الجماهير قدرت 10.66 مقارنة بالدورة الفارطة.
نجاح حفل صابر الرباعي
اما على مستوى العروض فقد حققت سهرة الافتتاح نجاحا ماليا وجماهيريا منقطع النظير والتي ابدع فيها الفنان التونسي الاصيل لطفي بوشناق وقد تحقق نفس النجاح في سهرة صابر الرباعي ثم تلتها حفلتا وائل الكفوري وهاني شاكر. وقد كان للفن الرابع جمهوره في الدورة الاخيرة باعداد غفيرة قياسا بالسنوات الفارطة بسبب فتح فضاء القصبة الذي جاء من أجله الكثير من الكهول و»الشيوخ» الذين سكنهم الشوق والحنين الى سنوات السبعينات وبكى البعض وطلب منا ان تواصل العروض داخله دون انقطاع ـ واما فضاء شط القراقنة فقد احتضن مهرجان الطفل على هامش الدورة 27 فكانت الورشات المتعددة الاختصاصات ومعالجة الطين وركن النجوم وورشة الطائرات الورقية وهي مبادرة من السلطة الجهوية. وعموما فنحن مرتاحون لما حققناه في الدورة 27 معنويا وماديا ولو أننا مازلنا لم نتحصل بعد على ما وعدنا به من مساندات وهبات ومساعدات مالية من اطراف عديدة ونحن مطمئنون على نشاطنا في نهاية هذه السنة الادارية ـ واما فيما يخص برمجة الدورة 28 لصائفة 2006 فاننا سنعمل بحول الله على المحافظة على نشاط شط القراقنة وابتكار نوعية جديدة من الفرجة مع المحافظة على فتح فضاء القصبة وتدعيم العمل المسرحي واقامة حفلات تقوم على الموسيقى الهادئة داخلها لتجلب الكثير من عشاق الموسيقى والطرب.
(المصدر: القسم العربي بمجلة “حقائق” التونسية، العدد 1044 بتاريخ 29 ديسمبر 2005)
“قنبلة خدام”.. زلزال سياسي جديد بدمشق
أحمد فتحي
زلزال قوي يمكن أن يعجل بتفسخ وانهيار النظام السوري ويفتح الباب أمام مزيد من الشهادات التي تدين دمشق، هكذا قرأ محللون وشخصيات سياسية ما اعتبروه تأثير “القنبلة” التي فجرها عبد الحليم خدام، نائب الرئيس السوري السابق، من خلال تصريحاته التي حمل فيها دمشق ضمنيا مسئولية اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري.
كما رأى المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين بسوريا في هذه الشهادة دفعة قوية لحركة قوى المعارضة نحو تغيير نظام الحكم بسوريا سلميا، وإنقاذ البلاد من الانزلاق نحو أوضاع خطيرة.
وفي تصريحات لـ”إسلام أون لاين.نت” السبت 31-12-2005 قال أكرم البني المحلل والكاتب السوري المعارض: إن “شهادة خدام في هذا التوقيت وهذا الظرف بمثابة قنبلة يمكن أن تحدث زلزالا سياسيا في سوريا لا يقل في تداعياته بحال من الأحول عن زلزال مقتل الحريري”.
وأوضح قائلا: “ستعجل الشهادة من تفكك النظام وانهياره من الداخل بالنظر إلى أنها صادرة عن أحد أركان النظام السابقين لأكثر من 30 عاما وأحد أبرز المقربين من الرئيس الراحل حافظ الأسد، كما ستؤدي كذلك لمزيد من تسليط الضوء على سياسات المسئولين السوريين الخاطئة بلبنان؛ وربما تفتح هذه الشهادة الباب أمام مزيد من الإفادات من داخل النظام التي تورطه أكثر فيما يحدث في لبنان”.
وحول تأثير شهادة خدام على مسار التحقيق الدولي في مقتل الحريري رأى البني أنها “ستعزز من دور لجنة التحقيق الدولي، وستعطي قوة دفع معنوية كبيرة له”.
وأردف قائلا: “الشهادة ستدحض شهادات الشهود التي تبرئ سوريا من دم الحريري”.
وفي هذا السياق، قال الزعيم الدرزي اللبناني النائب “وليد جنبلاط ” لصحيفة “المستقبل” اللبنانية السبت: إن شهادة النائب السابق لرئيس الجمهورية السوري “تدحض كل محاولات النظام السوري للحديث عن شهود مزورين ضد سوريا (في إطار التحقيق الدولي في اغتيال الحريري)، وهي شهادة لصالح صدقية التحقيق الدولي ولجنته”.
وأضاف: “النظام السوري المتهم باغتيال الرئيس الحريري وغير الرئيس الحريري، سيزداد شراسة وإجراما”.
وبادر مجلس الشعب السوري اليوم السبت لعقد جلسة شن فيها هجوما حادا على خدام ووصفة بالخائن لبلاده والعميل للإمبريالية والصهيونية.
وكان ديتليف ميليس رئيس لجنة التحقيق الدولية في اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري قد قال في تقريره الذي سلمه للأمم المتحدة يوم 12-12-2005: إن سوريا التي يشتبه بتورطها في الاغتيال لم تبد تعاونا كاملا مع لجنة التحقيق.
وأشار في تقريره إلى ضرورة أن تقوم سوريا باحتجاز “المسئولين أو الأفراد السوريين الذين تشتبه اللجنة في ضلوعهم في التخطيط لهذا العمل الإرهابي ورعايته وتنظيمه وارتكابه”.
وللخروج من الوضع السوري الحالي المتأزم قال البني: إن دمشق بحاجة سريعة وملحة لعملية تغيير ديمقراطي تتمثل في إطلاق الحريات وسراح المعتقلين وتوافر مناخ لنشاط المعارضة، والدعوة لانتخابات حرة نزيهة وصولا إلى برلمان قوي يحاسب المخطئين ويراقب عمل الحكومة.
“خيانة عظمى”
من جهته وصف محلل سياسي -لم يشأ ذكر اسمه- مقرب من دوائر صنع القرار السوري شهادة خدام بـ “الخيانة العظمى”.
وقال لـ”إسلام أون لاين.نت”: “الشهادة تأتي ضمن صفقة أمريكية فرنسية لخلق جو عام لشيطنة رأس النظام وتشويه صورته لإعطاء المبرر لإيقاعه”، وتابع: “الأمر يتجاوز لجنة تحقيق ميليس بكثير”.
وأقر المحلل السياسي بأن الشهادة بمثابة “زلزال سياسي في تداعياته يساوي مقتل رفيق الحريري رئيس الوزراء اللبناني السابق”.
وشدد على ضرورة “قيام النظام السوري بمراجعة سياسته في اختيار المسئولين ومحاسبة المخطئ”. وأضاف: “ينبغي إحداث عملية تغيير داخلي كبيرة جدا، حيث لم يعد من المحتمل قبول خدامين أكثر من ذلك بالسلطة”.
من جانبه قال فيصل عبد الشاكر الكاتب والمحلل السياسي اللبناني في تصريحات لـ”إسلام أون لاين.نت” السبت: إن “شهادة خدام ورقة ضغط إضافية ضد سوريا خرجت من الثوب الأمريكي والفرنسي”.
ورأى “عبد الشاكر” أن شهادة خدام ستؤدي إلى “مزيد من الانكماش والتماسك حول النظام الحالي”. وتوقع أن “يسعى النظام تداركا لتأثير تصريحات خدام إلى تنمية الشعور الوطني وتغذيته في محاولة لتعبئة الشعب حوله خصوصا وقت المؤامرات والضغوط”.
التغيير أو طرح البديل
وفي قراءته لتداعيات شهادة خدام على تحرك قوى المعارضة السورية، قال علي صدر الدين البيانوني المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين بسوريا: إن شهادة بهذا الثقل وفي هذا الظرف “ستسهم لا شك في تفعيل بنود إعلان دمشق ومن أبرزها تسريع الخطوات الرامية لتغيير طبيعة الحكم في سوريا والانتقال بالبلاد إلى الوضع الديمقراطي لكسر حاجز احتكار السلطة”.
يذكر أن قوى سياسية سورية معارضة أعلنت يوم 16-10-2005 في دمشق عن تشكيل تكتل من أجل التغيير الديمقراطي، تحت عنوان “إعلان دمشق”، ودعت إلى “تعبئة طاقات سوريا الوطن والشعب، في مهمة تغيير إنقاذية”.
وشدد البيانوني على استمرار المعارضة في تحركاتها السلمية نحو التغيير المأمول، وأكد على أنه “في حال استحالة التغيير المنشود، سيتم طرح البديل الوطني الذي يشمل جميع الأطياف السورية بما فيها الإخوان المسلمون من أجل العمل على إنقاذ البلاد” من النظام القائم.
وخلص إلى أن شهادة خدام “رسخت ما أعلنته قوى المعارضة في السابق من أن النظام الحالي فاسد وبعيد تماما عن جميع محاولات الإصلاح”.
وكان نائب الرئيس السوري خدام قد اتهم الجمعة 30-12-2005 في تصريحات لقناة العربية -المقربة من دوائر صنع القرار بالسعودية- من منزله في باريس ضمنيا النظام السوري باغتيال الحريري عندما خرج عن صمته للمرة الأولى منذ استقالته من مناصبه الرسمية والحزبية في يونيو الماضي، ليكشف عن أن الرئيس السوري بشار الأسد وعددا من المسئولين السوريين وجهوا تهديدات لرفيق الحريري، مشيرا إلى أن الأسد نفسه أبلغه بأنه هدد الحريري قائلا: “سأسحق من يخرج عن قرارنا”، ووصف خدام التحقيق الدولي في جريمة اغتيال الحريري بأنه مهني وغير مسيس وأن المشتبه بهم هم الذين سيسوه.
(المصدر: موقع إسلام أون لاين.نت بتاريخ 31 ديسمبر 2005)
”الإخـوان” بمصر يحاورون السينمائييـن ويبحثون إنتاج أعمال فنية
يستعد مكتب الإرشاد التابع لجماعة الإخوان المسلمين لإعلان عدة مفاجآت في غضون الأسابيع المقبلة من شأنها أن تهدئ من روع الوسطين الثقافي والفني، فضلا عن العاملين في قطاعات السياحة من أجل القضاء على أثر الحرب الدعائية التي تقودها جهات مناهضة بغرض فرض حصار على الجماعة وتقليص شعبيتها.
وقد قررت الجماعة اللجوء لهذا الأسلوب بعد أن أدت الزيارة التي قام بها د. عبد المنعم أبو الفتوح عضو مكتب الإرشاد للاديب نجيب محفوظ منتصف الأسبوع الماضي إلى حالة من الطمأنينة في أوساط عدد كبير من العاملين في الوسط الفني حيث بددت الزيارة قدرا من الشكوك التي تحيط بعلاقة الجماعة بالمثقفين والمبدعين في مختلف المجالات الفنية.
ويعتزم مكتب الإرشاد توجيه التحية والإشادة لمجموعة من الكتاب والفنانين الجادين الذين لعبوا دورا في إثراء الحياة الفنية بفكر عدد من رموز الجماعة وإعادة تكوين فرقة مسرحية تقدم أعمالا هادفة من شأنها أن تلفت الانتباه إلى حقيقة موقف الجماعة من الفن.
ويرحب العديد من نجوم الصف الثاني وعدد من نجوم الدراما التليفزيونية بصعود نجم الإخوان المسلمين ومن هؤلاء الفنان عبد العزيز مخيون الذي يراهن على إمكانية ازدهار الأعمال الفنية في حالة ما إذا وصل الإخوان للحكم، ويرى أن محاولة تصوير الجماعة على أنها فزاعة بالنسبة للفنانين والأقباط هي أمر تقوم به جهات مغرضة بغرض تشويه صورة الجماعة.
وقد أكد د. عبد المنعم أبو الفتوح عضو مكتب الإرشاد في تصريحات خاصة بأن المشكلة تكمن في أن الأجيال الجديدة لا تعرف تاريخ الجماعة وكم كانت الفنون بالنسبة لها أحد وسائل البناء. وطالب المنتقدين لفكر الجماعة والمحاولين الوقيعة بينها وبين الوسطين الثقافي والفني ان يقرأوا تاريخ الإخوان في سنوات المهد بالنسبة للجماعة والذي شهد إنشاء فرق مسرحية كانت تقدم أعمالا جادة بدعم من عناصر منتمية للإخوان.
وأشار فتوح إلى أن زيارته لنجيب محفوظ لن تكون الأخيرة ولم يكن الغرض منها اجتذاب الاهتمام الإعلامي ذلك لأن الجماعة تقدر الكاتب وما قام به من جهود من خلال إبداعه المكتوب. وأعرب عن استعداد مكتب الإرشاد لفتح حوارات مع نجوم الأدب والفن من أجل إزالة الهواجس لدى صدور المثقفين والفنانين.
(المصدر: موقع صحيفة التجديد المغربية بتاريخ 30 ديسمبر 2005)
Home – Accueil – الرئيسية