نعلم قراءنا الأعزاء أن قائمة مراسلة تونس نيوز قد وقع قرصنتها السبت 19أوت 2006 مساء الرجاء عدم فتح آي رسالة تأتي من عنواننا القديم
لمشاهدة الشريط الإستثنائي الذي أعدته « الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين »
حول المأساة الفظيعة للمساجين السياسيين وعائلاتهم في تونس، إضغط على الوصلة التالية:
بسم الله الرحمان الرحيم
نداء
تعريفا بمحنة المرضى التي طالت سجناء الرأي في تونس
يعتزم المكتب الحقوقي والإعلامي لجمعية الزيتونة — سويسرا– انجاز التقرير السنوي حول مرضى سجناء الرأي في تونس يسلط الضوء على الأوضاع الصحية المتردية التي يكابدها السجناء طيلة مدة حبسهم وبعد خروجهم من السجن.
وذلك سعيا للكشف عن أبعاد محنة مرت في صمت محلي ودولي عجزت العديد من المنظمات الحقوقية والإنسانية الوقوف على حقيقتها أمام محاولات السلطة المتكررة لإخفائها ومداراتها وحتى إنكارها.
إننا نرجو من السادة القراء إتماما لهذا الجهد مساعدتنا بكل الإمكانيات المتاحة ، سواء كانوا ضحايا مباشرين لهذه المحنة أو شاهدين عليها ،عن:
– أسماء لسجناء ضحايا لأمراض طاولتهم في السجن
– وثائق لسجناء شهادات طبية صور فوتوغرافية
– أسماء أطباء أو محامين أو عائلات سجناء لهم علاقة بالموضوع
– شهادات أو رسائل مخطوطة أو شفوية في الغرض
– لمدنا بإسهاماتكم واقتراحاتكم الرجاء الاتصال على العنوان الالكتروني التالي
tuniswiss@yahoo.fr
وذلك قبل 15 أكتوبر 2006
تونس في 19 أوت 2006
من نزيهة رجيبة حرم الجلالي (أم زياد) صاحبة شهادة التأمين رقم 055885 على سيارة الرونو 4 خيول رقم 2139 تونس 92
إلى
تعاونية التأمين للتعليم فرع 128
بعد أداء واجب التحية أعلمكم آسفة بما يلي:
بعد حياة مهنية طويلة في التعليم (30 سنة) تسنّى لي لأوّل مرة أن أملك شيئا يؤمّن عليه وهو سيارة شعبية حصلت عليها في أكتوبر 1999 فأمّنتها لديكم دون أي تردّد ولم يكن اختياري لكم لأنّكم أفضل أسعارا أو أحسن خدمات بل احتراما للمبادئ التعاونية التي أقيمت عليها مؤسستكم في الأوّل. واحتراما للتعليم الذي تحلّون مؤسستكم باسمه. وقد تسنّى لي طيلة مدة تعاوني معكم أن ألاحظ في خدماتكم عيوبا مثل البطء وقلة النظام والمحاباة حتى في استقبال الحرفاء في مكاتبكم ولكن كل ذلك لم يثنني عن مواصلة التعامل معكم باعتباره ليس خاصية لكم بل جزءا من الرداءة العامة التي تستفحل في البلاد.
اليوم أرى_مع الأسف_ أنّكم تحوّلتم من مؤسسة تأمين رديئة إلى جلاّد سياسي يمارس القمع على المناضلين الشرفاء. فقد عمدتم بإيعاز من النظام البوليسي وبإعانة من القضاء غير المستقل إلى محاولة تشريد محام حرّ ومناضل وطني من خيرة أبناء تونس الوطنيّين.
فرفعتم قضية ضد المحامي الشريف الأستاذ عبد الرؤوف العيادي وأخرجتموه بلا موجب من مكتبه الكائن رقم 34 شارع باب بنات الذي شغله طيلة 14 سنة. وبهذا صار يستحيل عليّ أخلاقيا أن أستمرّ في التعامل معكم ومن ثم فإنّي أطلب منكم فسخ عقدي معكم بعد شهرين من وصول رسالتي هذه إليكم بالبريد المضمون الوصول كما تنصّ عليه شروطكم.
كذلك أرى أنّه من الأخلاقي إعلامكم بأنّ رسالتي هذه ستكون أيضا مفتوحة أي معروضة على عموم الناس في الوسائل الإعلامية التي تقبل نشرها وليس غرضي من ذلك الانتقام ولا الثأر للأستاذ العيادي فقد انتقل إلى مكتب آخر عرضه عليه زميل له شريف وهذه البلاد لن تخلو من المروءة مهما حاول الجلاد تجريدها منها بل غرضي من نشر هذه الرسالة هو تحسيس الناس بالهاوية الأخلاقية التي تجرّ إليها السلطة مؤسسات البلاد التي تحيد باستمرار عن مهمّاتها لتضطلع بوظائف مشبوهة لا ناقة لها فيها ولا جمل.
وإنّي أنتهز فرصة نشر هذه الرسالة لأطلب من قرائي وأصدقائي المتعاملين مع تعاونيتكم ومع غيرها من المؤسسات الموظفة لقمع الأحرار أن يفعلوا ما يرونه صالحا لإعطائكم بعض الإشارات القويّة الجديرة بتحسيسكم بانحرافكم عن مهامكم وكذلك لمساندة المناضلين الأحرار ولو بأضعف الإيمان.
وختاما وإذا أردتم رأي كأستاذة لغة عربية في اسم مؤسستكم، أعلمكم أنّكم لم تعودوا في نظري جديرين لا بلفظة تعاون ولا بلفظة تأمين ولا بلفظة تعليم بما هو تنوير عقول وقلوب. بل إنّكم تخذلون وترهبون وتتصرّفون تصرّفا يتعدّى الجهل ليلامس الأمّية.
ولهذا أرى أنّه من الأنسب لكم أن تتخلّوا عن اسمكم الحالي لتسمّوا أنفسكم مركز شرطة أو شعبة دستورية أو الاثنين معا وهو الأصحّ.
والسلام على من اتبع الهدى
نزيهة رجيبة حرم جلالي (أم زياد)
(المصدر: مجلة « كلمة » الإلكترونية، العدد 45 بتاريخ 19 أوت 2006)
إلى نصر الدين بن حديد
ملاحظة بسيطة وسؤال قصير
الملاحظة: أنا أعرف مقامي جيدا كامرأة بالنسبة لك و لحزب الله : نصف ميراث، نصف شهادة، ناقصة عقل و مسك الختام: اضربهن. و قد شرّفتني حضرتك بالتنقيص من منابي الإنساني للربع و مع ذلك صغّرت عقلك و بعثت لي برد.
السؤال: ما هو مفهومك للانتصار؟ أنرنا أنار الله عقلك الكبير.
سلوى الشرفي
الإعلام الموجّه إلى الجالية التونسية بالخارج:
نقائص في المنظومة الإعلامية الحالية… فماذا عن المقترحات العملية لتطويرها
منى اليحياوي
تونس ـ الصباح
الهجرة شهدت وتشهد في السنوات الاخيرة متغيرات عديدة وعميقة لكن هل واكب اعلامنا الوطني ومن خلفه مختلف وسائل الاعلام الوطنية هذه المتغيرات؟ وكيف تبدو الملامح الحالية للبرامج والمضامين التي تستهدف الجالية المقيمة بالخارج؟ وهل تستجيب لتطلعاتهم وانتظاراتهم سيما الأجيال الجديدة للهجرة؟ وماهي الأساليب الممكنة والمتاحة لتطوير الاعلام الموجه للجالية؟
هذه الأسئلة وغيرها يمكن أن تلخص الأهداف العامة للقاء الذي جمع يوم أمس وزير الاتصال والعلاقات مع مجلس النواب ومجلس المستشارين وثلة من المسؤولين على عدد من وسائل الاعلام الى جانب عدد من الاعلاميين والذي خصص لمتابعة توصيات اليوم الدراسي السابق حول الاعلام الموجه للتونسيين بالخارج الى جانب مزيد التشاور والتعمق في تقييم آداء وسائل الاعلام الوطنية المختلفة في التعامل مع هذا الموضـــــــــوع.
نقائص في المنظومة الاعلامية الحالية
تعرضت بعض المداخلات الى الوضع الحالي الذي يميز المنظومة الاعلامية الحالية الموجهة للتونسيين بالخارج والتي تبرز فيها عديد النقائص منها ما يتعلق بمحدودية القنوات والبرامج التي تستهدف الجالية ومنها ما يشمل عدم القدرة على الوصول الى الجمهور المستهدف وذلك مثلا جراء عدم وصول الصحف الوطنية بالأعداد الكافية وبالسرعة اللازمة للجالية في بلدان اقامتها هذا فيما يتعلق بالصحافة المكتوبة لكن حتى على مستوى الارسال التلفزي والتواجد على الأنترنات لا يتوفر أحيانا وقد لا يشمل جميع المناطق. وتتعلق النقائص الأخرى التي تم التطرق اليها خلال الاجتماع بمضمون البرامج والمواد الاذاعية والتلفزية الموجهة للتونسيين بالخارج التي تفتقر في بعض الأحيان الى التخصص والجدوى وتكون غالبا في شكل منوعات أو برامج خدماتية لا غير قد تغفل أحيانا التعرض الى مشاغل الجالية ولا تعبر عن تطلعاتها وميولاتها وتقتصر على مواكبة رجوعها الى تونس وعودتها الى بلدان الاقامة…
مقتــرحـــات
وأمام هذه النقائص التي تشوب أحيانا الاعلام الموجه للجالية تضمن اللقاء كذلك عدد من المداخلات قدمت بعض المقترحات العملية لتطوير وتحسين آداء وقنوات الاتصال مع الجالية عبر الفضاء الاعلامي ،بعض هذه المقترحات صادرة عن ورشات العمل التي انبثقت عن اليوم الدراسي ليوم 4 أوت الفارط وشملت الاعلام المكتوب والاعلام السمعي البصري والاعلام الالكتروني وبعضها الآخر تقدم به بعض الاعلاميين الحاضرين في الاجتماع.
في مجال الاعلام المكتوب تطرقت هذه المقترحات الى الدعوة الى مزيد توفير الصحف التونسية في بلدان اقامة التونسيين بالخارج بأعداد كافية وبالسرعة المطلوبة والقيام بجرد لوسائل الاعلام بالخارج و التي يشرف عليها تونسيون لربط الصلة معهم وتشجيع الاعلاميين التونسيين بالخارج لتغطية الأحداث الوطنية والتواصل مع الجالية في بلدان اقامتها.
أما في مجال الاعلام السمعي البصري تؤكد التوصيات على ضرورة تنويع طرق البث والارسال عبر أقمار اصطناعية جديدة وفي اتجاه أماكن مختلفة من العالم وتنويع المضامين واستعمال أكثر عدد ممكن من اللغات الأجنبية في البرامج الموجهة للجالية للتواصل خاصة مع الأجيال الثالثة التي قد لا تتقن اللغة العربية الى جانب العمل على ادخال الديناميكية على هذه البرامج لتتطابق مع ما تعود عليه التونسي في وسائل الاعلام الأجنبية في بلدان اقامتها واعداد دراسات لمعرفة ميولاتها.
وقد تم التركيز فيما يتعلق بالاعلام الالكتروني على الدعوة الى اعتماد الوسائل التكنولوجية الحديثة للتواصل مع الجالية وخاصة عبر الأنترنات وعدم الاقتصار في هذا المجال على مواقع الواب بل تطوير العمل ليشمل بث اذاعي وتلفزي عبر الأنترنات اضافة الى العمل على التعريف بمواقع الواب التونسية لدى الجالية بالخارج…
(المصدر: جريدة الصباح التونسية الصادرة يوم 19 أوت 2006)
المطلوب شيء من المصداقية وكثير من الحياء !!!
اذا كانت الطرفة في المسرح مضحكة، فإن الناس يستجيبون معها ويضحكون لها، واذا لم تكن كذلك فإنهم لا يضحكون… أما في الاعلام المكتوب فعندما تقرأ بعض الأخبار السخيفة يصعب عليك ان تعرف ما اذا كان جمهور القرّاء يضحك للطرفة أم على راويها!!
وإن نتفهم رغبة بعض وسائل الاعلام في البحث عن الاثارة بحكم سيطرة منطق الربح والخسارة والتجارة على خطها التحريري، ولكن ان يتحول الاختلاق والتلفيق الى مادة اعلامية في منابر تدعي العصمة واحتكار الحرفية والمصداقية والموضوعية، فإن الامر وللأسف يحوّّل المادة الصحفية الى مجرد كوميديا سخيفة.
تلك هي الحال مع خبر أوردته بعض الصحف أشار الى زواج السيدة سهى عرفات من السيد بلحسن الطرابلسي، أحد رجال الاعمال التونسيين المعروفين، علما انه متزوج ويشهد الجميع باستقراره العائلي وتماسك أسرته، وان مجلة الاحوال الشخصية التونسية قد ألغت منذ خمسين عاما ـ لمن لا يعلمون ـ تعدد الزوجات في تونس.
ولئن كنا ندرك ان توقيت هذا الخبر قد يكون جاء ليشوّش على احتفالية المرأة التونسية باحتلالها مكانا متقدما ومتميزا تحت شمس المساواة والشراكة التي تزين سماء تونس، ولا نستبعد ان يكون مصدره أصحاب المحاولات البائسة واليائسة لإسدال ستار الحجاب على عقول نصف مجتمعنا، فإنا لا نملك مع كل التونسيين الا ان نقهقه على راوي هذه النكتة السمجة.
إن التونسيين الذين ناصروا قضية الشعب الفلسطيني دون قيد او شرط وبعيدا عن كل توظيف ذاتي او سياسي، واستضافوا القيادة الفلسطينية لسنين عديدة، وقاسموهم الآمال والهواجس، لن ينال من مصداقية كرم الضيافة والوفادة المتجذر فيهم مثل هذا الخبر «البايخ»…
ونحن لا نحتاج الى جمع القرائن وعرض البراهين حتى ننفي بشدة ونكذّب خبر الزواج هذا، خبر هو مجرد طرفة لا تثير من الضحك الا ما يعني الشفقة والرثاء لأصحابها!!؟
فالمطلوب شيء من النزاهة الفكرية وكثير من الحياء…
(المصدر: صحيفة الشروق التونسية الصادرة يوم 19 أوت 2006)
ايلافـ: اعتقال خمسة رجال في قضية غرق زورق مهاجرين في ايطاليا
واعلن الوزير في بيان « انها ليست فقط ماساة بل جريمة ايضا. واذا لم نتوصل الى انزال العقاب بالمجرمين فانهم سيعيدون الكرة. وهكذا تتكرر المآسي ». ودعا « الى القضاء نهائيا على المنظمات الاجرامية التي تعرض يوميا للخطر هذا العدد الكبير من الارواح البشرية في عبور المتوسط ».
اعتقال فلسطيني يشتبه في انه قتل ايطاليا في القدس من جهة ثانية اعلنت الشرطة الاسرائيلية اليوم انها اعتقلت فلسطينيا يشتبه في انه قتل ايطاليا طعنا بعد ان ظن انه يهودي في العاشر من اب(اغسطس) في القدس. وقال الناطق باسم شرطة القدس شمويل روبين لوكالة فرانس برس ان المشتبه فيه اشرف حنايشة (24 سنة) المتحدر من بلدة قباطية في شمال الضفة الغربية « اعترف بجريمته وشارك في عملية تمثيلها ». واكد ان المشتبه فيه اعلن انه كان « يريد قتل يهودي » وانه اعرب عن اسفه للخطأ. ويشتبه في انه على علاقة بحركة الجهاد الاسلامي. واعتقل في نهاية الاسبوع في مخيم قلنديا شمال القدس حيث كان يختبئ بعد العملية. وكان الايطالي القتيل انجيلو فرامرتينو (24 سنة) من دعاة السلام اليساريين وصل مطلع اب(اغسطس) الى اسرائيل للمشاركة مع 11 متطوعا اخر في مخيم صيفي في القدس الشرقية تنظمه الجمعية الايطالية للتضامن مع الشعب الفلسطيني. وقتل بطعنتين قبل ثلاثة ايام من عودته الى ايطاليا عندما كان يسير في شوارع القدس الشرقية مع رفاقه قرب احدى بوابات القدس العتيقة.
(المصدر: موقع ايلافـ يوم 19 أوت 2006)
إعترافات من دولة « الخرب .. و المؤسّسات » !..
خمسة عشر برهانا دفاعا عن المساواة في الإرث
عادل القادري
بمناسبة خمسينية مجلة الأحوال الشخصية وفي إطار الحملة الوطنية من أجل المساواة في الإرث نظمت يوم 11 أوت 2006 جمعية النساء الديمقراطيات وجمعية النساء التونسيات للبحث حول التنمية ندوة صحفية حول المساواة في الإرث تحت عنوان ( خمسة عشر برهانا دفاعا عن المساواة في الإرث).
السيدة خديجة الشريف رئيسة جمعية النساء الديمقراطيات أشارت في كلمتها إلى أن العمل في إطار هذه الحملة ـ التي انطلقت بعريضة سنة 1999 جمعت في وقت قصير 1000 إمضاء ـ لم يقتصر على الجمعيتين المنظمتين لهذه الندوة الصحفية بل شاركت فيه العديد من المنظمات والجمعيات مثل الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان وهيئة المحامين والاتحاد العام التونسي للشغل… مؤكدة أنه لا أحد ينكر مكاسب المرأة التونسية وأن الافتخار بمجلة الأحوال الشخصية والتمسك بها يفرضان علينا تجاوز النقائص ومزيد التقدم لمواجهة عقليات تدعو إلى الرجوع للوراء. وفي هذا السياق فإن اللامساواة في الإرث مشكل مطروح في القانون وفي المجتمع لا يمكن تجاهله واعتبار المسألة ثانوية أو قضية وهمية كما يزعم البعض بل هي ظاهرة مجتمعية شاملة متعددة الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والحقوقية والسياسية. ومن هنا لا بد من التأكيد أن المساواة غير قابلة للتجزئة كما أن المساواة تسير مع الديمقراطية وتكريس الحريات العامة وفصل الدين عن السياسة أو عن الدولة. وقد تضمنت حملة المطالبة بالمساواة في الإرث طيلة هذه الفترة عدة أنشطة تحسيسية وبحوث (حوارات جهوية ، ندوات استبيانات ووبحوث حول الحقوق والسلوكات الاجتماعية والعقليات بخصوص الإرث) . و تم تتويج العمل بإصدار كتابين في انتظار صدور كتاب ثالث كما تم الاتصال للغرض بالمسؤولين السياسيين ونواب البرلمان والهيئات المعنية ( مثل الهيئة العيا لحقوق الإنسان والحريات الأساسية) .
السيدة سعاد التريكي رئيسة جمعية النساء التونسيات للبحث حول التنمية طرحت من جهتها سؤالين : هل استوفت مجلة الأحوال الشخصية كل ضمانات عدم التمييز بين الجنسين؟ وهل إن تطور وضعية المرأة التونسية اجتماعيا وثقافيا ما زال يسمح بالتغاضي عن مسألة اللامساواة في الإرث؟ وأوضحت أن الدراسة المنجزة حول الموضوع قد استغرقت خمس سنوات تضمنت مرحلتين نظرية وميدانية أسهم فيهما عدد من الجامعيات والجامعيين المختصين في علم الاجتماع والقانون والتاريخ … وقد كانت الثمرة الأخيرة لهذا العمل الاستدلال الصادر باللغتين العربية والفرنسية بالتعاون مع مؤسسة فريديريك ايبرت والذي تم توزيعه على المشاركات والمشاركين في هذه الندوة الصحفية .
وقد تولت السيدة سناء بن عاشور تقديم هذا الاستدلال في خمسة عشر برهانا دفاعا عن المساواة في الإرث بين النساء والرجال. حيث تم تقسيم هذه البراهين إلى ثلاثة محاور:
أولاها اجتماعي واقتصادي ( تحولات الأسرة التونسية والفارق بين الواقع الزوجي وبين الأنموذج التشريعي للإرث ـ المشاركة الاقتصادية للنساء ـ اللامساواة في الإرث عائق اجتماعي وعامل مؤثر في تدني الوضع الاجتماعي للنساء )
والثاني قانوني ( التمييز في الإرث ينافي المبادئ الدستورية للمساواة بين المواطنين وضمان حقوق الإنسان والحريات الأساسية ـ اللامساواة في الإرث تنافي المقاييس الإنسانية المعترف بها في المعاهدات الدولية المصادق عليها من قبل الجمهورية التونسية ـ اللامساواة في الإرث تنافي الروح التحررية للمشرع التونسي ـ اللامساواة في الإرث تتناقض مع التطورات الأخيرة لفقه القضاء العدلي ـ اللامساواة في الإرث تعكّر صفو العلاقات الاجتماعية والعائلية)
أما القسم الثالث فقد تضمن براهين ثقافية ( تاريخ توريث الأملاك في المجتمعات الإسلامية أو نشأة نظام التوريث ـ التحايل القانوني لإقصاء النساء مثل الأحباس والأوقاف ـ التطور التاريخي لنظام الإرث بالبلاد التونسية وإقصاء النساء ـ حركة الإصلاح الإسلامية والمواقف النقدية للطاهر الحداد والتشدد الثقافي تجاه النساء ـ استبعاد النساء من الإرث والممارسات التمييزية)
وبناء على تلك البراهين والحجج تم التأكيد على أنه حان الوقت لإبطال الامتيازات وإلغاء قانون الإرث وإقرار المساواة في الإرث بين الجنسين. وأكدت السيدة سناء بن عاشور أن الأدلة والحجج المقدمة في الاستدلال يمكن أن تكون أكثر من 15 وهي قابلة للتطوير هدفها الإقناع والنقاش والحوار حول مسألة ندرك حساسيتها وإن كنا مقتنعين أنها لم تعد سابقة لأوانها.
وبالفعل فقد أثار هذا الاستدلال الذي وجد صدى طيبا لدى الحضور حوارا مستفيضا شارك فيه عدد هام من ممثلات وممثلي المجتمع المدني والأحزاب السياسية و وسائل الإعلام . حيث تساءل البعض عن خلفيات الحملة المضادة الموجهة في الأيام الأخيرة من بعض الصحف التونسية ضد الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات حول مسألة المساواة في الإرث وهي ليست مجرد قضية نسوية مما يستوجب خوض معارك إعلامية أكثر جرأة في مواجهة تنامي المد الأصولي والتيار المحافظ الذي سرعان ما يكشف عن نفسه في مثل هذه المواضيع ، كما طرحت مسألة المؤسسة الدينية الرسمية وغياب رأيها الصريح حول الموضوع وإن كان الأصل في الإسلام عدم وجود مؤسسة دينية ولا يحق لأحد الوصاية على الدين كما اعتبرت إحدى المتدخلات أن التشريع الإسلامي هو بصدد التشكل الدائم وينبغي أخذ النص الديني ومقاصده في كليته دون اجتزاء ولذلك فإن قدرة المرأة على الإنفاق و واقع مساهمتها في مصاريف الأسرة تسقط الحجة التقليدية لدواعي التمييز في الإرث . في حين رأى البعض أن الأجدر الانطلاق من مرجعية واضحة حقوقية إنسانية بعيدا عن أي منطق ديني لأن العائق الأكبر الحقيقي هو النظام الأبوي والفكر الذكوري.
ودعت إحدى النقابيات إلى العمل على إيصال هذا الطرح الحقوقي الذي ما زال نخبويا إلى الشرائح الوسطى والشعبية مشيرة إلى الرد السلبي القوي حين طرح الموضوع في بعض المجالس والهيئات الرسمية مثل المجلس الاقتصادي والاجتماعي. في المقابل أكدت بعض الجامعيات أن الدراسات المنجزة قد أثبتت أن العقليات التونسية قد تطورت إيجابيا وهي اليوم ليست بعيدة عن تقبل قيم المساواة وفي هذا المجال يبقى دور الجمعيات والأحزاب التقدمية والمؤسسات التربوية ووسائل الإعلام هاما جدا لتثمين ذلك التطور وإبراز الأمثلة المجسدة له. وكل ذلك ينبغي أن يكون في إطار حوار وطني يمكن أن يتوّجه في الأخير قرار سياسي حاسم يعبر عن إرادة تشريعية تستند إلى ديناميكية مجتمعية أقوى من سنة 1956.
(المصدر: صحيفة « الوحدة » الأسبوعية العدد 512 بتاريخ 19 أوت 2006)
الرابط: http://www.elwahda.org.tn/wehda.php?link=14&id_watania=1211
المراة التونسية: نصف قرن من الريادة
(المصدر: موقع ميدل إيست أونلاين بتاريخ 18 أوت 2006 )
المرأة التونسية: نصف قرن من الانجازات
التونسية، نصف المجتمع ومربية نصفه الاخر، تحتفل بذكرى صدور مدونة الأحوال الشخصية.
(المصدر: موقع ميدل إيست أونلاين بتاريخ 14 أوت 2006 )
في منتدى الجاحظ:
المجتمع الليبي وتحديات التحول الديمقراطي
سليم الزواوي
كلّ من يزور ليبيا في الوقت الراهن أو حتى في السنوات القليلة الماضية يقف على مؤشرات واضحة عن تحوّل ما أو مخاض ما يتفاعل في صلب المجتمع الليبي. غير أنّ التحديد الدقيق لاتجاهات هذا التحول ولطبيعة المولود الذي سيتمخض عن الولادة الجديدة أمر يستعصى الإمساك بخطوطه العامة بشكل يدعو للإطمئنان واليقين.
لتبديد هذه الرؤية الغائمة والضبابية، كان من الضروري التماس الأجوبة عن الشأن الليبي وتحولاته المرتقبة من خبراء ومتخصصين ليبيين عاشوا التجربة من الداخل وساهموا بقدر ما في نحت معالمها ومحاولة توجيه مسارها.
في هذا السياق كانت استضافة منتدى الجاحظ يوم السبت 29 جويلية 2006 لأستاذ العلوم السياسية بجامعة بنغازي السيد زاهي بشير المغربي فرصة مناسبة للتعرف عن قرب على ما يعتمل في عمق المجتمع الليبي وسطوحه من تحولات وتطورات تختلف التقييمات بشأنها في الخارج دون أن تستند في الغالب لتحاليل ملموسة ربما يكون أهل الداخل أدرى بتفاصيلها.
الأستاذ زاهي بشير المغربي كما نوهنا سابقا أستاذ جامعي يدرّس العلوم السياسية ومؤلف لعديد الكتابات المتمحورة حول قضايا المجتمع المدني والتحول الديمقراطي في ليبيا وهو بالإضافة إلى ذلك مناضل مستقل لا يمثل حزبا أو جمعية وإنما يعبّر عن حساسية ما فتئت تتوسع ضمن قاعدة محترمة من النخب الليبية الطامحة لإحداث تحولات إصلاحية تنطلق من أولوية الإصلاح السياسي بوصفه المدخل الضروري والشرط الكافي لتوفير المناخ المناسب للإصلاح الاقتصادي والمجتمعي علما وأن كلمة الإصلاح ليست أمرا منبوذا في ليبيا اليوم فهي متداولة على نطاق واسع بل يمكن القول إنها الشعار المرحلي الذي يستقطب إجماعا ليبيا، غير أن هذا الإجماع المجتمعي حول مفردة الإصلاح لا يخفي غاية الاختلافات والتناقضات التي تفجرها لحظة التحديد الدقيق لمضامين الإصلاح واتجاهاته والقوى المؤهلة للنهوض بأعبائه وتحقيق بنوده.
بالعودة إلى موضوع الندوة، فقد ارتأى الأستاذ زاهي المغربي قراءة الواقع الليبي في تحولاته الراهنة انطلاقا من تشخيص عوامل الإخفاق والتعثر في المرحلة السابقة منذ قيام الثورة سنة 1969 إلى أواسط التسعينات وانفراج أزمة لوكربي باعتبارها محطة هامة لبداية المراجعات الممهدة لانطلاق مرحلة جديدة عنوانها الأبرز الإصلاح والبحث عن مخارج وحلول للأزمات السابقة.
في قراءته للحقبة السابقة ولثلاثة عقود من الحكم الجماهيري في ليبيا يرى الأستاذ زاهي أن منطلق الأزمة وأسباب تفاقمها إنما تكمن أساسا في بنية الدولة وطبيعة النظام بخياره الإيديولوجي بشقيه السياسي والاقتصادي. فالمشكلة لا تتحدّد كما غيره من المحللين في سوء التطبيق للكتاب الأخضر أو الممارسة المحرفة لتعاليمه وإنما تكمن في جوهر الرؤية الإيديولوجية الموجهة للسلوك السياسي والنشاط الاقتصادي… وإذا تجاوزنا الشق السياسي وما عرف به النظام الليبي من منع للتعددية الحزبية وللجمعوية ومن إعلان صريح بأن التمثيل النيابي والاقتراع الانتخابي مصدر تدجيل وتحايل على الشعوب المخدوعة والمغرر بها.
فإن الجانب الاقتصادي المرتهن لسياسية الدولة الريعية كما هو الحال في النموذج الليبي فقد أفرز نتائج بالغة الضرر على مسار التنمية في القطر الليبي خصوصا بعد تراجع أسعار النفط واستبداد قبضة الحصار على ليبيا خلال عقد التسعينات من القرن المنصرم.
يخلص الأستاذ زاهي من هذا التشخيص للحقبة الماضية بأن الدولة في ليبيا وهي تحاول الإصلاح في السنوات الأخيرة وجدت نفسها عاجزة عن التقدم المدروس في المسار الإصلاحي نتيجة لوطأة ما تراكم من أخطاء في الماضي ولوجود قوى نافذة ومحافظة تستفيد من بقاء النموذج الريعي في توزيع الثروة وبسبب مخاوف هذه الجهات المتنفذة من أن يكون الإصلاح الاقتصادي الموعود على حساب مصالحها وما تعودت عليه من روتين بيروقراطي في إدارة الشأن الاقتصادي تضاف على ذلك توافر رؤى أخرى اقل محافظة ولكنها تمثل في نهاية المطاف معيقا إضافيا لمسار الإصلاح بما أنها مازالت تراوح مكانها وتعرقل الحراك المجتمعي الحادث في ليبيا حين تصرّ على إمكانية القيام بإصلاحات اقتصادية يدرج ليبيا في اقتصاد السوق من دون المساس بمرتكزات النظام السياسي وما يفترضه من توجه شمولي ورقابة دائمة على الأفراد والمجتمع.
قد يوحي هذا التشخيص الموضوعي لواقع الحال في ليبيا بنوع من التشاؤم لدى الأستاذ زاهي غير أن الخاتمة التي أنهى بها الباحث من طرابلس مداخلته أبرزت انطباعا ايجابيا ومتفائلا حول اتجاهات التطور في ليبيا.
هذا الانطباع الايجابي له مرتكزاته في صلب ما يعتمل من إرهاصات وتحركات داخل السلطة والمجتمع المدني. ـ فظاهرة ـ سيف الإسلام وما يقوم من مساعي وحركات ومبادرات ذات منحى إصلاحي باتت ملفتة للانتباه وهي فعلا معقد آمال الكثير من الليبيين. فإصلاح النظام من داخل أحد أجنحته ومراكز النفوذ فيه قد تكون طريقة ليبيا المبتكرة في التغيير السلمي والإصلاح السياسي والاقتصادي تجنبا لهزات اجتماعية ومغامرات سياسية لا تحتملها ليبيا في ظل أوضاع إقليمية ودولية متقلبة وغير مثالية للاستقرار والجمود في أي بقعة من العالم ناهيك ما يمثله الوطن العربي بموقعه وثرواته في معادلات التقسيم العالمي للنفوذ الامبريالي.
أما المؤشر الثاني الذي يدعم الانطباع التفاؤلي لدى الأستاذ زاهي فيتمثل في اليقظة المتزائدة والوعي المتنامي في أوساط النخبة النيّرة وبعض الشرائح الطلابية وقد ظهر هذا الوعي بضرورة الإصلاح السياسي والاقتصادي في كتابات على المواقع الالكترونية وحتى في بعض الجرائد والمجلات المحسوبة على السلطة والحكم خصوصا بعد توسع فرص التعبير عن الرأي بفعل الاختراق الحاصل في جدار الإعلام الحكومي بفضل ثورة المعلومات التي تجتاح العالم بأسره
(المصدر: صحيفة « الوحدة » الأسبوعية العدد 512 بتاريخ 19 أوت 2006)
الرابط: http://www.elwahda.org.tn/wehda.php?link=10&id_article=1234
بوش الله المختار
محمد بو عود
اثر سريان وقف إطلاق النار في لبنان كان كل العالم يتهم إسرائيل بارتكاب المجازر في لبنان، ما عدا صفي الله المختار بوش عليه السلام، نبي العالم الجديد هذا يرى ما لا يراه غيره من الأغيار، باعتبار انه يوحى إليه وباعتبار أن سبق له أن حاكاه الرب وأمره بأن يضرب أفغانستان ويدمر العراق، فهذه المرة أيضا ألهمه الرب أن سوريا وإيران هما اللتان دمرتا لبنان، لا حول ولا قوة إلا بالله، هل يُعقل أن يظهر رئيس أكبر دولة في العالم ويقول هذا الكلام في ندوة صحفية تنتظرها كل وسائل الإعلام العالمية؟
هل ما زال في العالم شيء من المنطق والعقل؟
ألا يكفي أن بوش قد جند كل العالم ليقف مع الكيان الصهيوني الغاصب وسخّر لها الفلك تجري في البحر بعلمه وأمره وتحمل له من يأتمرون بأمره من وزراء الخارجية العرب والعجم وغيرهم من الأمم ليدينوا الضحية ويتباكون على الجلاد؟
ألا يكفيه أن منحه الله ملاكا طاهرا هي بالتأكيد إحدى حوريات الجنة، فترى رؤساء وزعماء ووزراء ومسؤولين من كل أصقاع العالم يتهافتون على نيل رضاها ولو بابتسامة صفراء، وهي تنقل إليهم تعليمات بوش التي تلقاها من الرب في منامه، وهم يقولون على الضالين آمين.
الا يكفيه أن منحه الله السيد بولتون الذي لا يشق له غبار في الفيتو، ورامسفيلد الذي لا يُضاهى في فنون التعذيب وابتكار أنواع جديدة من السجون والمعتقلات ما أنزل الله بها من سلطان، الداخل إليها مفقود والخارج منها مولود.
ألا يكفيه أن منحه الله ليفني وأولمرت وبيريتس وغيرهم من المؤمنين بقداسة رسالته في إذلال الشعوب واحتلال الأقطار وقتل الصغار والكبار، ألا يكفيه ما منحه الرب عز جل من موالاة أكثر من 20 مسؤولا عن أكثر من عشرين جهاز مخابرات عربيا لا يأتمرون بأمره فقط، بل ينفذون تعليماته في مواطنيهم قبل أن ينطق بها، فهو لقدسيته الخارقة صارت تعليماته تسري عند أكثر الحكام العرب في العروق، ولا يحتاج أن ينبههم إلى واجباتهم في مكافحة الإرهاب وإخضاع الناس إلى منطق الديمقراطية والحرية ولو غصبا عنهم، بل هم إذا نسي يذكرونه بأنه نسي شعبا من شعوبهم لم يجد عليه بنعمة الديمقراطية.
ألا يكفيه أن حروبه في العراق وأفغانستان تمولها الدول النفطية العربية دون مقابل ودون أن يسمح لها حتى بالتدخل في شؤون العراق حتى بمجرد تصريح للاستهلاك الداخلي..
ألا يكفيه أن ينظر الى آبار النفط وحقول الغاز وحدائق الموز ومناجم الذهب ويقول: معدني حيث شئت فخراجك آت اليّ لا محالة أحب حكامك أم كرهوا..
ألا يكفيه ان يكون وحده ولا نكون نحن ابدا… ألا يكفيه أن يعلن ذات يوم انتهاء الحياة البشرية على الأرض…
لا أعتقد ذلك فمن شيم شعب الله المختار أن يعيش لكن بشرط ان يكون غيره من الشعوب الأغيار خدما وعبيدا عنده وذلك حتى يتحقق وعد الله.
(المصدر: صحيفة « الوحدة » الأسبوعية العدد 512 بتاريخ 19 أوت 2006)
الرابط: http://www.elwahda.org.tn/wehda.php?link=21
بين شواهد النصر و الدمار .. يحتدم السجال في لبنان
الحبيب أبو وليد المكني
تشير الأخبار الواردة من لبنان و فلسطين المحتلة أن القرار الأممي 1701م قد صادقت عليه الأطراف المتحاربة و أن الحرب السادسة قد أوشكت على الانتهاء ، وهو ما سيفتح المجال واسعا لتناول ما بعد الحرب بالتحليل و الاستنتاج ..
أعلنت دولة إسرائيل الحرب على لبنان ، وهي تتوعد بتدمير حزب الله و فرض شروطها على لبنان ، وإعدام الخاطفين و تحرير جنودها و إرجاع البلد ثلاثين سنة إلى الوراء و تجريد المقاومة من سلاحها ، و أطلقت يد الآلة العسكرية الضاربة لتفعل بلبنان ما شاءت ، وتوفر لهذا الجيش غطاء دوليا قلما وجد في حرب سابقة .
و في المقابل وقف حزب الله بما يمثله من مقاومة إسلامية و ثقافة الكرامة والشرف و الصمود . ومعه الديمقراطية اللبنانية التي حافظت على وحدة البلد و رفضها لشروط العدو فسطرت آيات في البطولة و التضامن و الالتحام .رغما عن التدمير و الهمجية و آلاف الشهداء و المصابين .و أراد بعض الحكام العرب ــ و قد ظنوا أن الهزيمة محققة ــ أن يحفظوا عروشهم و ينالوا رضا أوليائهم في أمريكا و بريطانيا ، فما كان منهم إلا أن يعلنوا أن المقاومة الإسلامية طائفة خارجة عن القانون و أنهم أول من يسعى للتخلص منها . أما الجماهير فقد أدركت بحسها الوطني الشريف أن المعركة معركتها و أن الحرب تستهدف كرامتها و كبريائها و وجودها فعبرت عن تضامنها مع المقاومة و أصبحت جزء من معادلة القوة لصالح المقاومة ، مما فرض تعديل بعض المواقف الرسمية العربية و أكد للدوائر الاستعمارية أن سكوتها عن الهمجية في لبنان قد يؤدي إلى دعم قوى الإرهاب و ينتهي إلى الإضرار بمصالحها الحيوية .
اليوم سكتت المدافع وعادت الطائرات إلى مواقعها ، و عاين كل طرف حجم الأضرار التي لحفته ،و بدأ الفصل الثاني من المعركة . كل طرف يحاول أن يفرض قراءة المشهد من وجهة نظره …
هذا المقال يحاول أن يستقرئ المشهد في لبنان في أعقاب الحرب السادسة ، و ينظر في تداعياتها على الجبهة الداخلية و كاتبه يدرك أن الشأن اللبناني لا يمكن تناوله بمعزل عن المحاور الإقليمية و المخططات الدولية لكن ذلك يتجاوز حدود هذا المقال .
1 ــ الاتجاه نحو الاستقطاب والخلاف .
حرصت قوى المقاومة أن تعلن عن انتصارها قبل أن تتوقف المعارك . و هي تعلم جيدا ما تعنيه من هذا الانتصار ، وهي التي سبق لها أن بينت حدود الانتصار و الهزيمة منذ البداية من خلال الأهداف التي سطرها العدو وبعد استعراضها لملامح السياسة الأمريكية في المنطقة القاضية بتشكيل شرق أوسط جديد . و تتلخص هذه الملامح في ضمان سيطرة الكيان الإسرائيلي على المنطقة و وضع ثرواتها تحت تصرف الإدارة الأمريكية و القضاء على قوى المقاومة والصمود و الممانعة ومن تمّ تعميم ثقافة الهزيمة .
لم تنجح إسرائيل و حلفاؤها في تحقيق الأهداف التي أعلنتها قبل الحرب , بل على العكس تدعمت قوة حزب الله بما أثبته من قدرة قتالية عالية ، أفلح بها في الدفاع عن بلاده و أوقع في صفوف عدوه خسائر فادحة ، وأنهى بها أسطورة الجيش الذي لا يقهر و تقليد الحرب الخاطفة التي تدور على أرض العرب و تظل فيها المدن الإسرائيلية آمنة …
لم تدع المقاومة أنها قادرة على منع التقتيل و التدمير و الهمجية ، فهي تعترف منذ البداية بأن الدمار سيكون كبيرا لكنها تعد بالقيام بواجبها في إعادة البناء …
و تجاوبت الشعوب شرقا و غربا مع هذه المقاومة و أعلنت تضامنها معها دون تحفظ و عبرت عن سرورها بانتصارها .. و بدا ذلك واضحا في وجوه العائدين إلى بيوتهم المدمرة في الجنوب .
و في المقابل حرصت القوى الأخرى على إعلان تباينها مع المقاومة و تحميلها مسؤولية هذه الحرب ، وهي بذلك تتناغم مع الثقافة التي تشربتها من زمن بعبد ، ثقافة الهزيمة و الاستسلام للعدو التي تخشى صولته و جولته ، وهو ما فهمته إسرائيل بأنه ضوء أخضر من هذا الفريق العربي للقيام بمهمة تصفية المقاومة ، ولو أنها لم تكن في حاجة لأي لون من الأضواء . و كان واضحا أن هذا الفريق لا تعنيه روح المقاومة و لا فكرة الصمود و الممانعة ، ولا تهمه قيم الكرامة والشرف ، و لا معاني الهزيمة والنصر . لذلك ركز منذ البداية على الذريعة التي منحها حزب الله لإسرائيل حتى تدمر لبنان و أكد على ما أسماه » بأجندا « إيران .ثم أخذ يبحث في قوات المحور دون أن يقول شيئا عن قوات الحلفاء . ليقنعنا أن خيار المقاومة قد مات منذ زمان في أرض العرب ، ومن يقدم نفسه اليوم على أنه مقاومة في لبنان ليس إلا رأس حربة للمحور الإيراني الذي هو أخطر على العرب من إسرائيل مبرزا الطابع الطائفي و الأطماع الفارسية ومتناسيا الحديث عن الأطماع الأمريكية و الإسرائيلية .
و راهنت إسرائيل و أمريكا على قوى 14 آذار في الحكومة اللبنانية و خارجها لانتزاع شرعية المقاومة و إدخال البلد في حرب أهلية ستمكن الدولة العبرية من التحكم في خيوطها و بالتالي إغراق لبنان في بحر من الدماء سيتحمل سلاح المقاومة وحزب الله وزرها التاريخي و من هناك القضاء للأبد عن شيء اسمه مقاومة الاحتلال و لكن الحس الوطني البنان استيقظ طوال الحرب لحكمة أرادها الله أولا ولحسابات قام بها البعض و أملت عليه الالتزام بالموقف المتضامن .
و كان واضحا أن إسرائيل لم تنجح في إشعال الحرب الأهلية على الأقل أثناء حربها العدوانية رغم كل الدمار الذي أحدثته و كل الشهداء الذين سقطوا ، فكان ذلك نصرا للمقاومة أضيف لانتصاراتها في ميادين المعارك و نأمل أن لا تنجح الجهود المشبوهة الذي تبذل الآن من أجل شق الصفوف الوطنية و إحداث شرخ في الجبهة الداخلية . و الخوف أن تتمكن قوى الحلفاء من اختطاف النصر العسكري و تحويله إلى هزيمة سياسية محورها الإصرار على نزع سلاح المقاومة و من تم اندلاع الحرب الأهلية …
2 ــ هل نحن بصدد مواكبة نصر استراتيجي ؟
المشهد السياسي اللبناني هذه الأيام تتجاذبه رؤيتان متعارضتان . الأولى تؤكد على فشل العدوان الإسرائيلي ، و تحقيق نصر استراتيجي من شأنه أن يقوي الجبهة اللبنانية و يمنح المناعة للبلد ،وتؤكد أن الجهود يجب أن تنصب الآن على مساعدة السكان وكسب معركة إعادة الإعمار ، تركز هذه الرؤية على أن جميع اللبنانيين يحب أن يعبروا اليوم عن ابتهاجهم بما تحقق على أرض المعركة ، و أن يعملوا على تحقيق انتصار سياسي و دبلوماسي يمكن الدولة من أسباب القوة المادية والمعنوية و يوفر حظوظها في تبوء المكانة التي تستحقها على الصعيدين الدولي و العربي و من تم الاستفادة من ذلك في إعادة الاعمار و تحقيق الازدهار والتنمية ..
الثانية ، لا يهمها مما تحقق من نصر عسكري في الجنوب باعتباره حدثا تحقق لحساب المحور الإيراني ، بينما تركز على مشاهد الدمار الواسعة لتقدمها على أنها مظاهر العزيمة . أما من الناحية السياسية فإنها ترى في الأحداث التي جرت نصرا لحزب الله على حساب الأطراف الأخرى و بالتالي فإنها تحرص على تجريده من ثمرات هذا النصر ، بالضغط من أجل تحقيق مطالبها القديمة المتمثلة في نزع سلاحه و فرض ما تسميه بفرض سلطة الدولة على الجنوب .
الحديث كثر عند هذا الفريق عن الدولة في مقابل الدويلة ، والدفاع عن المصالح العربية في مقابل المطامع الإيرانية . و الغريب أن هذا الفريق يرفض الحديث عن نصر لحزب الله لكنه يمتدح ما يسميه بالنصر السياسي و الدبلوماسي الذي تحقق للبنان في الأمم المتحدة مع صدور القرار 1701 .
هناك ولا شك جهود كبيرة تبذل من الحلفاء لتحقيق الأهداف التي لم تتحقق بقوة السلاح و الدمار ، و تستثمر من أجل ذلك قوى المحور المعادي للمقاومة و لا ندري هل ستنجح في مسعاها أم تفشل . ما مؤكد فقط هو أن التحالف الدولي سوف ينجح إذا وجد في الداخل اللبناني من يشعل فتيل الحرب الأهلية بما سيؤدي إلى كسر إرادة الصمود و حمل الشعوب العربية و الإسلامية التي ناصرت المقاومة وابتهجت بانتصارها على الشعور بالإحباط .
التصريحات التي تصدر من فريق 14 آذار و الحكومة اللبنانية لا تبعث على الارتياح و لكنها تدفع على الاعتقاد بأن حربا حول مفهوم الدولة و المقاومة و السيادة والجيش قد تندلع من تحت الأنقاض المتراكمة ، حربا إذا اندلعت لن يكون بعدها مجال للحديث إلا عن الهزيمة . و من المرجح أن لا يستخدم السلاح في هذه الحرب نظرا لاختلال التوازن العسكري بين الفرقاء لكن تواصله لمدة طويلة على المستوى السياسي وما يتصل به من تحالفات شرعية و مشبوهة و ما يتخلله لا سمح الله من مسلسلات الاغتيال لم تبق معنى الانتصار الاستراتيجي .
و عليه فيبدو أن إعلان النصر الاستراتيجي حتى بالمعايير التي تطرحها المقاومة يجب أن ينتظر قليلا وفي الأثناء من الواجب على مختلف القوى الوطنية أن تبشر بنجاح صمودها و احتفاظها بشرفها و كبريائها و كرامتها .خاصة و نحن لم نعرف بعد حجم الخسائر التي تكبدها حزب الله وهي خسائر لا بد أن تؤثر على دوره المستقبلي بعد انتشار الجيش اللبناني والقوات الدولية و فك الحصار و في ظل المعادلات الجديدة .
كما أن طبيعة العلاقة التي ستتأسس بين سوريا و لبنان سوف يكون لها تأثير مباشر على نتيجة المعركة ، لأن عملية قطع لبنان عن عمقه الطبيعي والاستراتيجي لن يكون بأي حال من الأحوال نصرا للبنان و سورية و المقاومة . و نأمل أن تنجح القوى الوطنية اللبنانية بمختلف انتماءاتها على التوافق فيما بينها بما يخدم مصلحة الوطن و يضر بمصلحة العدو.
أسئلة النهضة العربية الحديثة:
حول أسبقية الإصلاح الثقافي والتعليمي بين سالم بوحاجب ومحمد عبده!
عمار عوني (*)
هل نحن في حاجة ماسة الي إعادة قراءة المدونة الإصلاحية العربية الحديثة التي أنتجها المصلحون والعلماء المجددون منذ أواخر القرن التاسع عشر والي الربع الأول من القرن العشرين؟ وما مشروعية إعادة النظر في أدبيات المصلحين العرب التي تأسست في نطاق استشراف آفاق النهضة العربية خروجا من واقع الانحطاط وبحثا عن سبل الرقي والتقدم رغم الهوة الحضارية الشاسعة بين العالم العربي الإسلامي والغرب الأوروبي المنفرد بآليات الحداثة والتقنية من جهة والمندفع بعقلية الاستعمار والهيمنة نحوالعالم الخارجي؟
هذان السؤالان وغيرهما من الأسئلة ربما تنهال علي أي تفكير تنويري نقدي إذا ما اعترضته بعض الأطروحات الجديدة حول أفكار المصلحين العرب عند بدايات اليقظة أواخر القرن التاسع عشر باعتبار أن الدفاع عن حرمة المعرفة ليس ادعاء نظريا أجوف ينكر علي الإيديولوجيا شرعية استيطان القول الفكري أو جزء منه، لكنه دفاع عن الموضوعية والنسبية والتاريخية وروح النقد… .
قراءة جديدة للإصلاح الحديث
هذا المعطي الذي يلح علي أهمية إعادة تقييم المواقف من الفكر الإصلاحي العربي الحديث والحفر مجددا انطلاقا من مرجعية نقدية في المدونات التي أنتجها رجال الإصلاح العرب مشرقا ومغربا يجد أكثر من مشروعية في هذا السياق المنهجي نقديا ومعرفيا. ولعل ما توصل الي استنتاجه مؤخرا الدكتور كمال عمران في دراسة علمية جديدة خلاصتها أسبقية المصلح التونسي الشيخ سالم بوحاجب (ت 1924) في الدعوة الي اصلاح التعليم وتحديثه عن المصلح المصري الشيخ محمد عبده (ت 1905) يعتبر طرحا ملفتا لنظر الباحثين ودافعا الي التفكير ومراجعة بعض المسلمات التي
هيمنت علي كتابات الدارسين لأطروحات المصلحين العرب ومشاريعهم التحديثية.
فقد استخلص هذا الباحث التونسي في دراسته التي قدمها في ندوة علمية نظمتها الجمعية التونسية للدراسات والبحوث حول التراث الفكري التونسي أن الشيخ سالم بوحاجب كان سباقا عن الشيخ الإمام محمد عبده في الوعي بضرورة بلورة مشروع اصلاح تحديثي محوره اصلاح التعليم وتجديد الثقافة الاسلامية.
فقد استند الدارس في بناء هذه الفكرة الجديدة التي تقول بريادة الشيخ سالم بوحاجب التونسي في تبني فكرة التحديث وتطوير المنظومة الثقافية والتعليمية في تونس والعالم العربي الإسلامي وأسبقيته في ذلك عن الشيخ الإمام محمد عبده الي نصين مركزيين للشيخين المذكورين هما عبارة عن محاضرتين علميتين ألقاها كل منهما علي منبر الجمعية الخلدونية ( معهد للعلوم العصرية أنشئ بتونس سنة 1897م) باعتبار أن محمد عبده قد زار تونس مرتين ، الأولي أواخر 1884 بعد ايقاف مجلة العروة الوثقي بباريــس والثانية في ايلول (سبتمبر) 1903، حيث ألقي محاضرة في معهد الخلدونية بتونس ووقف علي النشاط العلمي والثقافي المتطور في أوساط النخبة التونسية.
والمتأمل في نص المحاضرة التي ألقاها الشيخ سالم بوحاجب في افتتاح الدروس بالجمعية الخلدونية يوم 15 ايار (مايو) 1897 يستنتج العمق الذي يميز الطرح الفكري والمعرفي حيث ينبه الي ضرورة الأخذ بأسباب التقدم ووعي قوانين الرقي والنهوض التي تدير صيرورة المجتمعات والأمم وتفرض غلبة بعضها وتفوقه علي البعض الآخر » لولا القلم (التدوين) ما وصلت الينا علوم سوالف الأمم حتي عرفنا أطوار العمران وأسباب تقلبات الأزمان، ولولا كتب التاريخ ما علمنا أن نموالاستعمار انما كان بتعارض الأنظار وتلاحق الأفكار بحيث أن كل أمة تستخدم نبلها من الغاية التي انتهت اليها الأمة من قبلها .
هذا ونقف خلال نص هذه المحاضرة علي أفكار وأطروحات أخري تقدمية مثيرة للاهتمام وجالبة للنظر منها المقارنة التي أجراها بين حالة الانحطاط التي يعيشها العرب المسلمون وحالة الرقي والنهضة العلمية والتقنية والاجتماعية التي تعيشها أوروبا مشيرا الي الأسباب الكامنة وراء ذلك: ونسج علي منوالهم (أي العرب والمسلمين الأوائل) الأوروبيون أمور دنياهم فتقدموا فيها التقدم المشاهد وتأخرنا من سوء البخت ولا نري الا اعتقاد كثير منا أن التقدم في العلوم الدنيوية ينشأ عن التأخر في الدين والحال أن الواقع بالعكس فإن الدين إنما تقهقر عند تأخر المسلمين في تلك العلوم… .
الإصلاح بين التعليم والثقافة
إن المعطيات والاستنتاجات التي بسطناها فيما سبق حرية بالنظر والتفحص لا سيما إذا استحضرنا المكانة البارزة التي يحتلها الشيخ محمد عبده في مسار الحركة الاصلاحية العربية الحديثة حيث أنه: ترك في العالم الاسلامي ولا سيما في مصر مدرسة فكرية في التجديد والاصلاح كان لها الأثر الكبير في تطوير الأزهر وبناء قطاع فاعل من مؤسسات التعليم والخدمة الاجتماعية.. . ذلك أن الأفكار الاصلاحية التي أثارها الشيخ سالم بوحاجب في محاضرته المشار اليها سابقا تؤكد الوعي المبكر الذي نشأ لدي النخبة التونسية ـ في ظل التواصل الذي جري مع النخبة المثقفة في المشرق العربي ومصر علي وجه الخصوص ـ من علماء وشيوخ بأخطار الإنحطاط والتخلف وضرورة التوجه الي المنحي الاصلاحي نحوالثقافة والمجتمع بمختلف مؤسساته ومجالاته.
ولعل من بين التساؤلات التي تطرح في هذا السياق النقدي المتعلق بالفكر الاصلاحي العربي الحديث الذي تشكل تحت وطأة الاستعمار الأوروبي من جهة وفي ظل الانحطاط الاجتماعي والثقافي العربي من جهة أخري: هل استفاد الشيخ الامام محمد عبده في أفكاره الاصلاحية وخصوصا ما يتعلق منها باصلاح الثقافة والتعليم وتحديثهما من أفكار الشيخ سالم بـــوحاجب؟ وهل اطلع علي نص محاضرة الشيخ سالم بوحاجب السابقة قبل القاء محاضرته في معهد الخلدونية لدي رحلته الي تونس سنة 1903.
إذا تتبعنا نص المحاضرة التي ألقاها الامام محمد عبده علي منبر معهد الخلدونية بتونس في شهر أيلول (سبتمبر) 1903 فإننا نقف علي تشابه في الأفكار الاصلاحية بينه وبين الشيخ سالم بوحاجب الذي سبقه زمنيا في محاضرته حول الموضوع نفسه بحوالي ست سنوات: إن بعض اخواننا الذين عرفناهم في تونس قد طلبوا من الفقير مسامرة أومحاورة… ثم قالوا درسا فسألني بعضهم عن ذلك فقلت: نعم هودرس ولكن لا تظنوا أنه درس في تحقيق مسألة علمية فإن عندكم من جلة العلماء من نعترف بفضلهم فمن أراد تحقيق مسألة علمية فليراجعهم ، أما هذا الفقير، فرجل سائح ، قصدت هذه الديار للتعرف ببعض المسلمين والنظر في أحوالهم وأمور دينهم من حيث العلم والتعليم .. .
ولكن الناظر في أعطاف نصي المحاضرتين يتفطن الي التباين في زاوية النظر حيث يتجه اهتمام بوحاجب الي التركيز علي تحديث التعـليم والثقافة من حيث تنبـيهه الي أهمية استيعاب العلوم الدنيوية العصرية خاصة الطب والهنـدسة والفلاحة والصناعات الحربية والتقــــــنية في حين أن توجه محمد عبده منصب علي احياء العلوم الدينية وتجديدها بالاعتماد علي اصلاح اللغة العربية وطرائـــــــق تدريسها من جهة وتوخي المنهج العقلي في فهم العلوم الاسلامية واستنباط غايـاتها ومقاصدها: علي كل من له غيرة علي ملته أن يبذل ما في وسعه لتسهيل طرق
تعليم اللغة العربية وتحصيل الملكة فيها قولا وكتابة حتي يتكلم بها غالب أهلها ويكتبوا بها بالطريقة الصحيحة لأن في انحطاط لغتنا انحطاطا لنا ولديننا وعقائدنا وأخلاقنا وانحطاط ذلك مفسدة لجميع أمورنا… .
ولعله من المهم التأكيد في هذا السياق علي أن الملاحظات التي جرت اثارتها فيما سبق ليست إلا قراءة مقتضبة لبعض الآراء التي تضمنها نصان من النصوص القليلة المثيرة للنقد والتفكير في نطاق أدبيات الحركة الاصلاحية العربية منذ القرن ما قبل الماضي، كما تنبغي الاشارة الي أهمية الافكارالإصلاحية التي تبناها كل من الشيخين سالم بوحاجب ومحمد عبده والتي ان نظرنا اليها بأكثر شمولية فإننا نجدها لا تتـــوقف عند اصلاح التعليم فقط انما تتجاوز ذلك لتؤسس لتحديث البنـية الاجتماعية والثقافية ككل في نطاق معادلة تطمح الي المواءمة بين الأصالة والتحديث والتوفيق بين الخصوصية ومقتضيات المعاصرة وهذا ما يظل مفتوحا علي قراءات نقدية أخري في المستقبل.
(*) كاتب وصحافي من تونس
(المصدر: صحيفة القدس العربي الصادرة يوم 19 أوت 2006)
سقوط الأساطير الصهيونية
محمد العماري – إيطاليا
في عرف ثلاثين يوما من القتال البطولي الشرس والصمود الأسطوري الرائع إستطاع مقاتلو حزب الله أن يمحوا من ذاكرتنا المثخنة بالجراح ثلاثين عاما من الهزائم والانكسارات والهوان، وأن يثبتوا لنا، بالفعل المقاوم لا بالخطابات الرنانة، ان الأمم لا تنتصر بالجيوش فقط وأن بامكان عدة مئات من الرجال المسلحين بارادة فولاذية وبايمان عميق بعدالة قضيتهم، أن يمرغوا في الوحل أنف جنرالات وجنود أكثر الجيوش بربرية ودموية في العالم كالجيش الصهيوني، المدجج باحدث الاسلحة المتطورة وصاحب الخبرة الطويلة في القتل والتخريب والتدمير والتي إكتسبها في الضفة الغربية وفي هافانا الفلسطينية غزة الصامدة. بل أن مقاتلي حزب الله أسقطوا الي الابد إسطورة الجيش الاسرائيلي، الذي لا يقهر، وحولوا دبابة ميركافاه، فخر الصناعة العسكرية الاسرائيلية والتي تعتبر من أكثر الدبابات تطورا في العالم، الي حطام من الحديد المشتعل، وإقتلعوا من رؤوس القادة الصهاينة وبشكل نهائي فكرة الانتصارات السريعة علي العرب. كما تحول المواطن الاسرائيلي من ملاك لا يمكن أن تقول له علي عينك حاجب الي بشر عادي جدا.
إن هذه الانتصارات العسكرية الباهرة التي حققها حزب الله ستخلق علامة فارقة ونقطة مضيئة في تاريخنا الذي سوده حكام لا عمل لهم الا السمسرة والتآمر علي الأوطان وقمع الشعوب.
(المصدر: صحيفة القدس العربي الصادرة يوم 19 أوت 2006)
حزب الله اعاد صياغة خريطة الشرق الاوسط ..ايران وسورية في مركزها ضد الغرب
الابراهيمي يدعو الي التحاور مع المنظمة اللبنانية وتشجيعها لدخول العملية السياسية
لندن ـ القدس العربي :
كتب الباحث الفرنسي في شؤون الحركات الاسلامية ومؤلف كتاب عولمة الاسلام اوليفييه روي، مقالا في صحيفة الفايننشال تايمز البريطانية عن معني انتصار حزب الله، حيث جاء عنوان المقال ليعكس اثر الانتصار الذي حققه حزب الله علي خريطة الشرق الاوسط حزب الله يعيد رسم الشرق الاوسط . وقال روي ان النصر الذي يفترض حزب الله انه حققه، وان كان قصير المدي الا انه اشار لكثير من التطورات المهمة منها انه اثبت ان الجيش الاسرائيلي لم يكن قادرا علي الانتصار في حرب شاملة، اما التطور الهام، فهو حزب شيعي (ليس دولة) مدعوم من سورية وايران، بخلاف حروب اسرائيل السابقة منذ عام 1948 التي واجهت فيها انظمة عربية، ومن هنا فمحاولة اسرائيل تدمير وسحق حزب الله لم تكن اعادة تمثيل لحروبها السابقة مع العرب، ومن هنا فالمواجهة مع حزب الله علمت عددا من التطورات منها اشارة لظاهرة احياء في التيار الاسلامي الراديكالي الرافض للتسوية مع اسرائيل، اما الامر الثاني فهو زيادة الانقسام السني ـ الشيعي في دول الخليج، والثالث ان هناك تغييرا في الدينامية السياسية بعد دخول حماس وحزب الله في المعادلة السياسية الرسمية .
وقال ان التحالف الثلاثي بين حزب الله وسورية وايران في جبهة راديكالية تستخدم الشعارات الوطنية وترفض السلام مع اسرائيل وتثير المشاعر المعادية للغرب ولامريكا تترك اثرا اكثر من ايديولوجية اسلامية. فقد برز حسن نصر الله، الامين العام لحزب الله، باعتباره البطل العربي الجديد ناصر هذا الزمن ، ولكن الكاتب لاحظ ان صعود حسن نصر الله سيؤثر علي جاذبية اسامة بن لادن زعيم القاعدة للشباب الغاضبين من سياسات بلادهم. كما قال ان قيادة الجبهة المعادية لامريكا من قبل تيار شيعي متدين، حزب الله وايران، وعلماني، مسيحي امر مهم في هذا السياق. وتنبع الاهمية من ان ايران منذ احتلال امريكا للعراق وهي تحاول توحيد شيعة العالم تحت قيادتها، ومن هنا جاءت تصريحات بعض المسؤولين العرب في الاردن والسعودية من تحذيرات تتعلق بالهلال الشيعي، مما يعني تأثير ايران علي الدول النفطية في الخليج والعراق.
واشار الكاتب الي الفتاوي التي دعت لعدم دعم حزب الله، واضطروا فيما بعد الي التخلي او الصمت في وجه المواجهة الشعبية والدعم الشعبي لحزب الله. اما علي المستوي الرسمي، فان الصمت الكامل لدول مثل السعودية والاردن ومصر دليل علي ان انتصار حزب الله احرجها. وجاء هذا الموقف علي خلاف سورية وايران اللتين سارعتا لادعاء الانتصار.
وبالنسبة لسورية خاصة فانها تريد استعادة تأثيرها في لبنان وتريد ان تراقب حزب الله وهو يقضي علي ما تبقي من الحكومة اللبنانية الضعيفة. ويعلق الكاتب قائلا ان ما يحمي سورية اليوم هو ضعفها، فان انهيار النظام يعني ان البديل عنه سيكون نظاما تتزعمه جماعة الاخوان المسلمين، وحتي لو كانت هذه الجماعة معتدلة واكثر اعتدالا من الجماعة الام المصرية او الاردنية، فانه لا الغرب او اسرائيل او امريكا يرغب في اعطاء فرصة جديدة للاسلاميين للوصول للسلطة. اما ايران، فهي تريد ان تثأر لهزيمتها في عام 1988 في الحرب العراقية ـ الايرانية، عندما دعمت الجماعات الوطنية الاسلامية والقومية النظام العراقي ضد نظام الدولة الاسلامية، كما ان الحرب ضد ايران لم يدعمها الا جزء بسيط من شيعة العراق.
وقال روي ان طهران لم تكن قادرة علي توحيد الشيعة وضمهم تحت جناحيها من خلال العامل الديني او السياسي، اما الان فانها تقوم بلعب لعبة الشارع العربي ، وتقوم من خلاله بالتأثير علي الانظمة العربية من خلال الدمج بين ما هو قومي واسلامي. ويعتقد روي ان ايران من خلال حزب الله تقوم بتصفية حساباتها مع الانظمة العربية وبنفس السياق تقوم بادارة صراعها مع الغرب عبر حزب الله، فطهران ترغب بتجنب ضربة عسكرية لمنشآتها النووية، ولهذا فان ايران تقوم بتخفيف حدة وجودها وتدخلها علي الحدود مع افغانستان والعراق علي امل ان تمر الازمة بسلام.
ويعتقد روي ان الايرانيين كانوا الرابحين الحقيقيين من الحرب في لبنان، حيث سيعطي انتصار الحزب علي اسرائيل ايران اليد العليا التي من خلالها ستؤثر علي الشارع العربي. ومن هنا فالعامل الرئيسي سيظل حزب الله الذي يقوم بتحصين نفسه من خلال ثلاثة مستويات، اولا فالحزب اعلن تضامنه مع شيعة ايران، اما الثاني فأعلن عن نفسه من خلال مفاهيم الوطنية اللبنانية، والثالث يقوم الحزب بتعزيز مشاعر المعارضة ضد اسرائيل وامريكا في الشارع العربي، ولكن حزب الله ومن خلال خطاب النصر الذي القاه حسن نصر الله حرص علي التزام بالمفاهيم والعناصر القومية والوطنية اللبنانية. وعليه فحزب الله لن يتخلي عن سلاحه او يتعرض للتهميش. والطريقة الوحيدة للتعاطي مع الحزب هي ولادة سياسة جديدة في لبنان. ودعا الغرب ان يقوم بخطوات لدفع كل من حماس وحزب الله للعملية السياسية، مما سيؤدي لبروز حل داخلي في لبنان يضم كل الفاعلين في السياسة اللبنانية بدون تدخل سوري. كما ان اسرائيل مطالبة بالتخلي عن سياسة التخندق خلف حدودها وضرب اي تهديد مفترض لها خارج هذه الحدود.
وفي مقال اخر دعا ممثل الامين العام للامم المتحدة السابق في العراق، والدبلوماسي الجزائري الاخضر الابراهيمي الي بدء التحاور مع حزب الله. حيث عبر عن خيبة امله في بداية المقال الذي نشر في صحيفة نيويورك تايمز من تأخر الامم المتحدة في التوصل لقرار وقف اطلاق النار. وقال انه في الوقت الذي قتل فيه المدنيون، رفضت امريكا استخدام تأثيرها لوقف اطلاق النار، بل وقفت مع الحرب علي امل ان يتم من خلالها نزع ما اسمته امريكا جذور الازمة .
ويري الابراهيمي انه بدلا من ان تساعد الاحداث الاخيرة في لبنان الحرب علي الارهاب فانها زادت من اعداء امريكا.
فالمنطقة تعاني من الغضب والاحباط والمشاعر التي لن تقود الشباب العربي الي ما يسمي الشرق الاوسط الجديد . ومثلما لن تساعد الاحداث الغرب فلن تساعد بالقدر نفسه اسرائيل، فمع اعتراف الكاتب بحق اسرائيل في الامن الا ان هذا الامن لن يتحقق من خلال الحرب الشاملة التي لم تفرق بين احد، ويمكن لاسرائيل بحسب الكاتب ان تقوم بالتفاوض مع جيرانها للتوصل الي تسوية مشرفة. ويعترف الابراهيمي انه من الباكر الحديث عن دروس من الحرب الاخيرة، الا ان الظاهر ان حسن نصر الله وحزبه حققا نصرا سياسيا، وصار نصر الله اشهر زعيم في العالم الاسلامي فيما لم تحقق اسرائيل اي هدف سياسي. ومن اجل الاستفادة من الوضع دعا الابراهيمي المجتمع الدولي لاتخاذ عدد من الخطوات، اولاها العمل علي الحفاظ علي وحدة وسيادة لبنان علي حدوده، من خلال تطبيق مباديء اتفاق الطائف عام 1989. اما الامر الاخر، فان حزب الله الذي ولد اثناء الاجتياح الاسرائيلي عام 1982 وحدثت عليه العديد من التطورات، حيث لم يعد منظمة عسكرية فقط بل حزبا سياسيا ومنظمة اجتماعية. ومن هنا فبدلا من عزل الحزب علينا كما يقول الابراهيمي تشجيعه للعب دور سياسي مهم في لبنان، وبعدها فالحزب سيتقبل فكرة سيطرة الدولة علي السلاح. اما الامر الاخر، فقد قال انه من التناقض الطلب من سورية وايران كي تقطعا علاقتهما مع الحزب في الوقت الذي نطلب منهما التأثير عليه للموافقة علي اطلاق النار، والطريقة الافعل هي الطلب منهما التوقف عن التدخل في الشأن اللبناني. اما الأمر الرابع، فان اهم ما يمكن ان تقوم به اسرائيل وتؤدي لتسوية شاملة هي الانسحاب من كل الاراضي التي تحتلها الان بما فيها مزارع شبعا. اما الامر الاخير، فدعا الابراهيمي الي التركيز علي الملف الفلسطيني، وهنا حاجة لعقد مؤتمر دولي لهذا الغرض.
(المصدر: صحيفة القدس العربي الصادرة يوم 19 أوت 2006)
ليبيا: عودة مفاجئة للمزيد من المعارضين بعد اتصالات سرية
القاهرة – خالد محمود
قالت مصادر ليبية مسؤولة إن السلطات الليبية نجحت عبر اتصالات ومفاوضات سرية على مدى الشهور القليلة الماضية في إقناع عدد من معارضيها في الخارج بالعودة إلى البلاد والتخلي عن فكرة الإطاحة بنظام حكم العقيد معمر القذافي، فيما كشفت المصادر أن محمد صالح بويصير نجل وزير الخارجية الليبي الذي لقي حتفه في حادث إسقاط إسرائيل للطائرة الليبية فوق صحراء سيناء مطلع السبعينات والرئيس السابق لمنظمة ألفا «التحالف الليبي الأميركي من أجل الحرية» بالإضافة إلى رمضان أبو زعكوك احد المؤسسين التاريخيين للجبهة الوطنية لإنقاذ ليبيا سيعودون إلى ليبيا خلال اليومين المقبلين بشكل نهائي.
وقالت إن بويصير وأبو زعكوك سيحضران الاحتفالات التي تعتزم السلطات الليبية تنظيمها مطلع الشهر المقبل بمناسبة مرور 37 عاما على تولي القذافي السلطة عام 1969.
ومن المقرر أن يشارك الاثنان أيضا في ندوة تعقد برئاسة اللواء سيد قذاف الدم ابن عم القذافي ورئيس ما يسمى بالقيادة الشعبية الاجتماعية في ليبيا تحت عنوان «من الثورة إلى الدولة».
وقالت المصادر إن المهندس سيف الإسلام نجل القذافي ورئيس مؤسسة القذافي للتنمية يقود تيارا داخل السلطات الليبية يدعو لاحتواء مختلف المناوئين لنظام والده ويطالب بإجراء حوار معهم بهدف استمالتهم للعودة مجددا إلى ليبيا.
وسجل شهر ابريل (نيسان) عام 2004 آخر عودة للمعارض الليبي البارز بشير الرابطي مسؤول التنظيم الوطني للإصلاح، منهيا بذلك خمسة وعشرين عاما من نشاطه المناوئ لنظام حكم القذافي.
وطبقا لما أكدته مصادر ليبية رفيعة فان العودة هي جزء من حملة مصالحة وطنية غير معلنة بين السلطات الليبية ومناوئيها في مرحلة إعادة ترتيب البيت الليبي من الداخل بعد حسم الخلافات العالقة مع الولايات المتحدة والغرب وتخلي ليبيا طواعية عن أسلحة الدمار الشامل في شهر ديسمبر (كانون الأول) عام 2003 واتجاهها لتطبيع العلاقات الديبلوماسية الكاملة مع إدارة الرئيس الأميركي جورج بوش.
وعلمت «الشرق الأوسط» أن السلطات الليبية أسقطت الاتهامات الرسمية بحق من عادوا كما أعادت لهم منازلهم التي كانت مصادرة قبل سنوات وأنها في طريقها إلى إعادة النظر في عودة ممتلكاتهم التي كانت قد استولت عليها بعد خروجهم من ليبيا.
وكان الرائد عبد المنعم الهوني أبرز العائدين إلى ليبيا بعد مصالحة تاريخية مع القذافي رعتها القاهرة، علما بأن الهوني الذي كان مرشحا لرئاسة ائتلاف المعارضة الليبية في الخارج يتولى حاليا منصب مندوب ليبيا الدائم لدى الجامعة العربية.
(المصدر: صحيفة الشرق الأوسط الصادرة يوم 19 أوت 2006)
قانا وحزب الله يمهدان لرحيل أنظمة عربية
امتلاك القوة يمتحن قيم الإنسانية النظرية في ثقافة «الديانات» …
الجيش الإسرائيلي يترجم «العهد القديم» على أجساد الطفولة!
(المصدر: صحيفةالحياة الصادرة يوم18 أوت 2006)
انتهي الدرس أيها الحكام العرب!
آن لزمان الضفادع أن يولي*