TUNISNEWS
7 ème année, N° 2223 du 23.06.2006
الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان ــ فرع بنزرت: بـيـان
النقابة العامة للتعليم العالي والبحث العلمي :بيان
المرازيق يعبرون عن مساندتهم للدكتور منصف المرزوقي
حزب تونس الخضراء :الوعي السياسي البيئي يتعزز
جمعية التضامن التونسي:بيان حول اعتقال الشيخ ضو مسكين
بيان حركة النهضة التونسية حول إيقاف الشيخ ضو مسكين رئيس مجلس الأئمة بفرنسا
إسلام أون لاين:الإفراج عن « ضو مسكين » واستمرار التحقيقات صحيفة « المصريون » الألكترونية:السلطات التونسية تحجب موقع جريدة « المصريون » الإلكترونية قدس برس :تونس: العثور على أعضاء بشرية وأجنة في مصب للفضلات القدس العربي:لجنة الدفاع عن صدام بتونس تدين اغتيال المحامي خميس العبيدي الشرق الأوسط :أوبرا فيينا تمول مشاريع خيرية في تونس سالم الحداد:العلاقة بين الرابطة والنظام إلى أين ؟ الاستــاذ فيصــل الزمنــى : عرض خـاص بالوضع الحـالي للمجلس البلدى بنـابل على ضوء الطعن المقدم بابطـال نتيجة الانتخابات البلدية( الجـــــزء الثـــانــى ) عبدالحميد العدّاسي:التفاتة إلى تاريخ فرّ من الذاكرة ولد البلاد:مواقف شاذة في الهيأة الإدارية للاتحاد الجهوي بصفاقس اب تسنيم من باريس:عندما يتحول الاتحاد العام لطلبة الى » اصل تجاري » تتمعش منه اقلية قليلة رابعهم » كهل » محمد مومني :الكاباس »…. الموالاة شرط للنجاح !! الصباح التونسية:اعضاء مجلس المستشارين:«الفصل الثاني من اتفاقية الشراكة مع الاتحاد الاوروبي لا يبرر محاولة فرض هيمنة اجنبية على قرار بلادنا» الشروق التونسية :مجلس المستشارين ينتقد مواقف البرلمان الأوروبي موقع العربية.نت :حوار مع الدكتور محمد حسين فنطر في قناة العربية الفضائية القدس العربي:رجاء بن سلامة منتقدة الثوابت: التاريخ أفضل ناقد للاجتهادات المعرفية الإبداعية والمقلدة برهــــان بسيّـــــس :صمْتا.. الكــرة تدور!!! د. عبدالوهاب الافندي :رياضة السياسة الصباح التونسية:في منتدى الفكر المعاصر (1 من 3):جامعيون يتحدثون عن الرقابة بين السياسي والديني في المجتمعات العربية الحياة :لندن تُرحّل 17 جزائرياً وباريس تتسلم «توفيق» المتهم بمؤامرة لتفجير سوق ستراسبورغ القدس العربي:مراسلون بلا حدود تنفي اعتذارها لنقيب الصحافيين الليبيين عن تقارير سابقة القدس العربي:تقرير دولي: الفلسطينيون يتعرضون لأشد العقوبات صرامة في التاريخ الحياة :دعاة وداعيات تزدحم بهم الموصل خوفاً على التقاليد من «ثقافة» الاحتلال الحياة :«الحياة» تحاور الفكر العربي: أين نحن في العالم؟ متى ينتهي الانحدار؟ أي دور للمثقف؟
Pour afficher les caractères arabes suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe ( Windows ) To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic (Windows).
|
الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان ــ فرع بنزرت 75 شارع فرحات حشاد بنزرت 7001 ــ الهاتف 435.440 72 بـيـان
بنزرت في 22جوان 2006 عمدت قوات الأمن اليوم اقتحام منزل رئيس فرع الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان ببنزرت السيد علي بن سالم لمنع والدة السجين السياسي أيمن الدريدي وعدد من المناضلين من الدخول إلى منزله لما كانوا بصدد القيام بزيارة خاصة الى رئيس الفرع وقد تم الاعتداء على رئيس الفرع و المناضلين محمد الهادي بن سعيد و طارق السوسي وفوزي الصدقاوي كما تم دفع السيدة نعيمة الفضيلي والدة أيمن الدريدي وتعمدوا إهانتها وسوء معاملتها .
وقد أفادت عائلة السجين السياسي أيمن الدريدي أن إبنها تقدم بطلب مقابلة السيد قاضي التحقيق لإبلاغه بما تعرض له في السجن من قهر وسوء المعاملة.
وأضافت العائلة أن إبنها أخبرها أن إدارة السجن عرضت عليه التوقيع على أوراق قيل له أنها من الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسا ن وقد رفض التوقيع لما تبين له أنها خدعة وأن تلك الأوراق ليست إلا نصاً يتضمن الإقرار بأنه لم يتعرض للتعذيب وأن الإساءة للمصحف لم تحدث.
وقد أكد السجين أيمن الدريدي لعائلته أن إدارة السجن وضعته حالياً في مصحة السجن حتي يتعافي وتتبدد أثار التعذيب العالقة ببدنه.
وقد أكدت والدة السجين أنها طلبت من إبنها خلال الزيارة أن يرفع ثيابه لتتأكد من سلامته ، وقد شاهدت بأم عينها أثاراً غير عادية على جسده وأظاف أنه يعاني من أوجاع في مستوى الصدر.
و تود هيئة الفرع أن تعلم الرأي العام أنها ليست المرة الأولى التي يتم الاعتداء فيهاعلى حرمة مسكن رئيس الفرع، فقد تكررت محاولات المنع من قبل قوات البوليس منذ بداية شهر ماي الماضي تاريخ إجرائه لعملية جراحية على القلب كلما تردد الناس عليه للاطمئنان على صحته.
و علمت هيئة الفرع أن السجين السياسي أيمن الدريدي يتعرض الى مضايقات تتراوح بين الترغيب و الترهيب لاجباره على امضاء وثيقة يجهل مضمونها و يُرجح السجين أنها قد تتضمن تراجعا عن أقواله السابقة المتعلقة بتدنيس القرأن، وتعذيبه من قبل اعوان سجن برج الرومي ومديره عماد العجمي. إن هيئة فرع بنزرت إذ تشير الى مواصلة السلطة لتجاوزاتها الخطيرة فانها: – تدين الاعتداء الامني الصارخ على حرمة المساكن الخاصة و تطالب بمعاقبة المتسببين فيها لكونه تجاوزا صارخا للقانون و اعتداء على حقوق المواطنين .
– كما تدين الاعتداء المتكرر على النشطاء الحقوقيين قي كامل البلاد التونسية والذي تهدف السلطة من وراءه الى القضاء على العمل الحقوقي الإنساني و ترويع المواطنين. – تتمسك بطلبها بفتح تحقيق حول وضعية السجين أيمن الدريدي الذي قَُـطعت عنه الزيارة اليوم بمجرد أن بادر بالحديث الى والدته عن ظروفه الصعبة و عن الآثار الصحية التي يحملها من جراء التعذيب. – تعلن استمرارها في الدفاع عن حقوق كافة المواطنين تمسكا منها بالمبادئ التي قامت عليها الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان و ذلك على الرغم من كل العراقيل وما يمكن أن تتلقاه من أصناف الانتقام من قبل السلطة التي تعمل جاهدة لأجل القضاء على عمل الرابطة وأمثالها من المنظمات الإنسانية التي لا سلطان عليها غير المواثيق الإنسانية . عن هيئة الفرع الرئيس علي بن سالم
الاتحاد العام التونسي للشغل
النقابة العامة للتعليم العالي والبحث العلمي
بيان
تونس في 20 جوان 2006 رغم التحديات الجسام التي تواجه منظومة التعليم العالي والبحث العلمي تصرّ وزارة التعليم العالي على إنتهاج نفس الطريقة في معالجة القضايا المصيرية التي تهم مستقبل الجامعة العمومية بصفة متناقضة لا تخضع إلى أي تخطيط محكم وإلى أي منهج عقلاني يعتمد التقييم العلمي للأوضاع واستشارة الأطراف المعنية تجنبا للقرارات الإعتباطية وغير المجدية. ومن آخر ما صدر عن هذه الوزارة المنشور عدد 33 المؤرخ في 8 جوان 2006 وما سبقه من مراسلات رسمية تتعلق بمساهمة الأساتذة الجامعيين المحالين على التقاعد في التأطير والإشراف على البحوث. فبعد مراسلة 17 أفريل 2006 التي دعت المؤسسات الجامعية إلى اتخاذ الإجراءات اللازمة لمنع المدرسين الباحثين المحالين على التقاعد من مواصلة الإشراف على البحوث وتأطير الباحثين، جاء المنشور 33 ليدعو على العكس من ذلك إلى الإستعانة بالأساتذة الجامعيين المحالين على التقاعد والإستفادة من خبراتهم وتجاربهم في مجالات التدريس والتأطير لمواجهة تفاقم عدد الطلبة في السنوات القادمة، وذلك في إطار عقود خصوصية. وقد أرفق السيد الوزير هذا المنشور بعقد نموذجي يخول للأستاذ المتقاعد القيام بنفس عدد ساعات التدريس التي يقوم بها الأستاذ المباشر مقابل معلوم لا يتجاوز ثلث المرتب الذي يتقاضاه زميله المباشر مع الإلتزام بكل الواجبات المنصوص عليها بالقوانين الأساسية واحتفاظ الوزارة بإمكانية إنهاء العمل بهذا العقد كلما ارتأت ذلك وبدون سابق إنذار. وإذ تذكر النقابة العامة للتعليم العالي والبحث العلمي بموقفها المندد بتحول مسألة التمديد في سن التقاعد إلى سيف مسلول في وجه عديد الزملاء وبما تضمنته المراسلة الصادرة عن وزارة التعليم العالي بتاريخ 17 أفريل 2006 من اعتداء على كرامة الجامعيين، فإنها تعبر اليوم عن استغرابها لهذا التراجع المفاجئ في موقفها ولجوئها إلى هذا الشكل المهين من التعاقد الذي يسعى إلى الإستفادة من كفاءات الأساتذة المتقاعدين بأقل التكاليف وإلى حدود سن السبعين في حين أنها لم تتردد في رفض التمديد بعد الستين بالنسبة إلى عديد الزملاء المشهود بكفاءتهم العلمية والبيداغوجية. إن هذا التناقض في موقف سلطة الإشراف ينم عن العشوائية والإرتجالية في معالجة المسائل الحيوية ويشكك في مصداقية الحلول التي تعرضها ويفقدها كل جدوى. والنقابة العامة للتعليم العالي والبحث العلمي تؤكد من جديد على ضرورة الجلوس إلى طاولة التفاوض مع المخاطب الكفء والممثل الشرعي للأساتذة الجامعيين بعيدا عن الحسابات السياسية الضيقة حول كل المسائل المتعلقة بمستقبل الجامعة العمومية والتحديات الحقيقية التي تواجهها بما في ذلك السبل الكفيلة بالإستفادة من خبرات الأساتذة الجامعيين بصفة تحفظ كرامتهم وتشجعهم على مواصلة البذل والعطاء في صالح المجموعة الوطنية وفي كنف الإطمئنان والإقتناع والثقة المتبادلة. عن المكتب التنفيذي الكاتب العام : أنور بن قدور
26 جوان : اليوم العالمي لمناهضة التعذيب
معا ضد التعذيب حتى يسترد الإنسان كرامته
تلتقي الفعاليات المدنية العربية والأوربية مرّة أخرى في ساحة حقوق الإنسان لشجب ممارسات التعذيب الشنيعة التي أصبحت سمة قارة لا للنظم الديكتاتورية و حسب بل و حتى الديمقراطية منها.
إن الملاحظ للعيان أن هذه الممارسات تتعاظم تحت مسميات مختلفة مما يحتم علينا جميعا الاستنفار لمواجهة الجريمة الجسيمة.
إن المنضمات والجمعيات المجتمعة مساء هذا السبت 24/6/2006 من الساعة 9 إلى الساعة 11 مساءا بمناسبة اليوم العالمي للدفاع عن ضحايا التعذيب لتوقد شمعات الأمل و تذكّر بكل الضحايا التعذيب مؤكدة رغبتها في
· متابعة النضال و رفضها المطلق لكل تبريراته بحق أي إنسان مهما كان أصله أو دينه أو لونه..
- المطالبة بمحاسبة الجلادين والمتواطئين معهم مهما كانت الحجة أو المبررات لممارستهم التعذيب.
- عدم التساهل أو التهاون في وصف جرائم التعذيب التي أصبحت اليوم جرائم ضد الإنسانية في القانون والعرف الدوليين.
إن اجتماعنا في ساحة حقوق الإنسان في العاصمة الفرنسية، من عدة بلدان وعدة ثقافات، هو نداء لكل الأحرار من أجل متابعة النضال بحزم وقوة، من أجل عالم بلا تعذيب و لا انتهاكات للحقوق الأساسية للإنسان.
الممضون
منضمة صوت حر- فرنسا-اللجنة العربية لحقوق الإنسان-هيئة 18 اكتوبر بباريس-التضامن التونسية- منظمة العدالة العالمية-حماية المدافعين عن حقوق الإنسان-اللجنة الدولية للدفاع عن تيسير علوني-جمعية مساعدة ضحايا التعسف في المنفى-فدرالية العمل المسيحي ضد التعذيب-جمعية الكرامة للدفاع هن حقوق الإنسان-جمعية المدافعين عن حقوق الإنسان في العالم العربي-لجنة مساندة الدكتور منصف بن سالم
المرازيق يعبرون عن مساندتهم للدكتور منصف المرزوقي
على اثر نشر موقع الكتروني مشبوه رسالة منسوبة لأهالي دوز يطلبون فيها سحب الجنسية التونسية عن الدكتور منصف المرزوقي رئيس المؤتمر من أجل الجمهورية أصدر المرازيق بيانا يستنكرون فيه هذه الفعلة ويتبرأون منها، معبرين عن مساندتهم التامة للمرزوقي وهذا نص البيان الذي وقعه عشرات الاهالي: نحن أبناء المرازيق الأحرار الممضين أسفله وبعد اطلاعنا على بيان البهتان والمغالطة الذي ورد باسمنا في إطار مغالطة كبرى يبدو أنها أصبحت حرفة تمتهن في بلادنا نؤكد ما يلي: 1- تحدينا الصارخ لهذه المجموعة إن كانت مجموعة فعلا أن تعلن على أسمائها مثلما نفعل نحن اليوم ونعلن أن جلّ إن لم نقل كل أبناء دوز الشرفاء يقفون صفا واحدا لاعلان سخطهم وعدم تبنيهم لكل ما جاء على لسان هذه المجموعة الوهمية.
2- وقوفنا الكامل مع كلّ صوت ينادي بالحرية والديمقراطية ورفع الظلم على هذ الشعب
3- من منطلق المسؤولية نعلن وقوفنا صفا واحدا وراء ابننا المناضل الصادق المنصف المرزوقي ونقول له امض ولا تعبأ بمن لا همّ لهم سوى الصيد في المياه العكرة ونعاهدك أنك لو طلبت آلاف الممضين لمساندتك لوجدتهم بغير عناء وأنت أكبر وأشرف من أوهام يصنعونها وأساليب يبتكرونها ليس لها من غرض سوى تثبيطك عن واجب مقدّس وهبت نفسك من اجله.
4- ندعو الدكتور المرزوقي في أول عودة إلى أرض الوطن أن يزور دوز علنا حتى نكتشف هؤلاء الشيوخ الأبطال الذين حموه من الضرب في اواخر التسعينات حتى تقدّم لهم ونحن معك كل معاني التقدير والامتنان.
5- إنه قد سبق لأربعة أشخاص وبإيعاز من السلط المحلية أن فعلوا ذلك فكان مصيرهم ان أصبحوا عاجزين عن الخروج من بيوتهم من فرط السخط والغضب الذي واجهوه في شوارع دوز المناضلة التي لم تتبرأ من شهدائها ولن تتنكر لشرفائها عن شيوخ ونساء وشباب دوز الاسم واللقب ماهر البدوي عماد البدوي محمد البدوي خديجة بلقاسم امينة بن ابراهيم أسماء البدوي حمزة البدوي اكرام البدوي وصال البدوي وصال البدوي علي بالكيلاني يحيى ثابت عمر ثابت طارق ثابت الكيلاني المكي محمد منصور المحوشي محمد بن حماد المنجي مبروك محمد بن محمد الصغير التليلي عبد القاضي بلحاج ابراهيم كريمة بن بوبكر محمد بن حمد بالطوقة الطيب بالطيب البغدادي المختار البدوي حمد بن بلقاسم طارق بن عبد الملك سفيان بن عبد الملك الامجد بن ابراهيم البدوي البشير بلطيف عبدالله بلحاج عمر الطاهر بن علي بنلطوفة ابراهيم بن علي البدوي محمد بن علي البدوي الكيلاني البدوي الهاشمي البدوي محمد بن علي بن عمر طارق البدوي المهدي بلحاج محمد بن عمر البشير بن منصور حمزة بن منصور حسن الجديدي البشير بن محمد بن علي الربيع بن رجب نصر بن بلقاسم بن بوبكر عادل بن علي بن محمد عبدالله بن علي الناقوسي علي بنعبد الله البشير بن عبد الله محمد بن علي بن عبدالله عائشة بنت ابراهيم بمعبد الله علي بن احمد بن عبد الله محمد بن علي فاطمة بن محمد سلمى بن عبدالله سارة بن علي المختار بن الثابت عمر المكي محمد العدودي محمد المرزوقي محمد زروق عبدالله رحومة رياض البدوي طارق رحومة وهيب رحومة خالد بن حمد سامية رحومة عائدة بن رحومة شريف رحومة شوقي رحومة مروان رحومة عثمان رحومة عبلة رحومة مسعودة رحومة فاطمة رحومة مبروكة عبد الملك سنية رحومة رمزي البدوي عبد الملك البدوي مصطفى البدوي زياد قدورة العربي بن عمر بالعربي صلاح بن عمر الذيبي محمد بن بلقاسم بنرحومة الهادي منصور علي بن محمد فتحي بن منصور وليد بن سعيد عبد الله بن خالد أحمد حمد الشعينبي محمد كريم ابراهيم بن محمد البدوي
حزب تونس الخضراء
الوعي السياسي البيئي يتعزز:
امتازت السنوات الأخيرة بنمو الوعي السياسي البيئي إلى جانب الوعي الاجتماعي وكذلك الثقافي وبرزت تحركات جديدة للمواطنين من مظاهرات وتجمعات سلمية في الأحياء تدل على مشاركة واعية واهتمام متزايد ومتأصل بالمشاكل البيئية التي تعرفها هذه الأحياء السكانية .
ولقد تحولت هذه التحركات أمام رفض السلط لكل عمل جمعياتي مستقل وعجزها عن حل هذه المشاكل البيئية إلى مظاهرات احتجاجية واسعة. ، فجاءت مظاهرة سيدي حسين السيجومي سنة 2003 بعد الفيضانات التي غمرت الحي إذ خرج المواطنون لمدة 3 أيام احتجاجا على غياب السلطة الجهوية والمصالح البيئية لإغاثتهم بعد أن دمرت المياه بيوتهم ومرافق حياتهم الفقيرة. مع العلم أن هذه المياه مازالت راكدة وهي « موطن » لجحافل الناموس ـ والتي أثبتت إحدى الدراسات الدولية فشل مقاومتها كما أعلنت الخبيرة الدولية ميلان فايل » إن الحكومة التونسية تمثل حالة نموذجية لما لا ينبغي فعله في مجال مقاومة الحشرات » .
مع العلم أن هذه الأحداث وأحداث بوسالم وغيرها من المناطق التي غمرتها المياه في تلك الفترة وقع التعتيم عليها رسميا وإعلاميا ولم ينشر أخبار عن هذه التحركات إلا في جريدة الموقف » والطريق الجديد » والصباح التي أعلنت عن المحاكمات الأخيرة التي قضت بأحكام سجنية لشباب السيجومي بلغت اكثر من 3 سنوات بدعوى التظاهر …
إلى المظاهرات الأخيرة التي عرفتها بلدة قصيبة المديوني أيام 28 ماي و02 و03 جوان 2006 والتي خرج فيها المواطنون احتجاجا عن تلوث مياه البحر موطن رزقهم ومحط رحالهم الصيفية ولم تجد السلطة إلا المراوغة والتنصل من المسؤولية . لقد عبر المواطنون في كل الاجتماعات عن غضبهم وعن وعيهم السياسي البيئي ورفضهم للغة التسويف ولأصحابه وحملوا السلطة كل المسؤولية لما يحدث.
أما في جهة صفاقس فنحن مازلنا نذكر خروج أهالي الصخيرة يومي 11 و12 مارس 2006 محتجين (لابسين الأقنعة) على روائح غازية خطيرة وكريهة متسربة من باخرة محملة بالمواد الكيماوية كما نظم عمال الصخيرة إضرابا عن العمل احتجاجا عن تلوث محيطهم وذلك بعد نقل 6 عمال منهم إلى المستشفى للمراقبة.
أين نحن إذا من حملات وزارة البيئة الدعائية التي تملا الدنيا بشعاراتها وملصقاتها ولافتاتها واحتفالاتها وحافلاتها المزدانة… إن الوعي البيئي الحقيقي يتجلى في كل هذه التحركات الشعبية ومن العديد من التحركات الأخرى والتي نذكر منها تحركات المواطنين للدفاع عن المخزون البيئي الغابي بعد أن عمدت بعض الجهات قطع آلاف الأشجار في كل أرجاء البلاد كما حدث في أم ذويل القرية.
إن الوعي السياسي البيئي هو نتاج عمل عشرات السنين من الجمعيات البيئية المستقلة والتي تحاول السلطة دائما التضييق عليها وعلى نشاطها. لقد أصبح العمل الجمعياتي البيئي في المدة الأخيرة مراقبا مراقبة شديدة وعلى سبيل المثال ما حصل في مدينة جرجيس ـ أين عمد معتمد الجهة « تحيين » « جمعية حماية البيئة والتنمية المستدامة وجمع حوله نفرا قليلا من التجمعيين وعينهم على رأس « هيئة جديدة » وكأن الجمعية هي جزء من وزارة الداخلية ضاربا عرض الحائط قانونها الأساسي وأهدافها التنموية البيئية التي تقتضي التعامل الديمقراطي أساسا ومشاركة كل المواطنين في تسيير شؤونهم.
إن العمل الجمعياتي هو مهد الوعي السياسي البيئي وهو كذلك مدرسة للعمل الديمقراطي الحقيقي في هذا العصر ولقد تجلّى ذلك في الأيام الأخيرة في الجلسة العامة الانتخابية لجمعية حماية البيئة والمحيط في صفاقس والتي ما فتئت تعمل من أجل حماية المحيط وبث الوعي البيئي لدى المواطنين غير أن هذا العمل المستقل لا يروق للبعض حيث تقع محاصرتها وحتى قطع المنح عنها. إن حزب تونس الخضراء إذ يساند كل هذه التحركات الشعبية ، يطالب من السلطة رفع وصايتها على الجمعيات البيئية وكل الجمعيات الأخرى كما يطالب بالاستجابة لمطلبه للعمل القانوني والتي سلمناه لمصالح وزارة الداخلية بتاريخ 19 أفريل 2004 عوضا عن مهزلة السطو عليه.
إن حزب تونس الخضراء يدعو كل العاملين في الجمعيات البيئية إلى العمل المشترك الموحد من أجل بلورة سياسة بيئية ومن أجل التنمية المستدامة كما حددتها الأمم المتحدة.
تونس في23 /06/2006 عبد القادر الزيتوني منسق عام حزب تونس الخضراء
جمعية التضامن التونسي بسم الله الرحمن الرحيم باريس في 22/06/2006
بيان حول اعتقال الشيخ ضو مسكين
تابعنا بقلق شديد خبر اعتقال الشيخ ضو مسكين الأمين العام لمجلس الأئمة بفرنسا ومسئول مؤسسة النجاح التعليمية وما رافق ذلك من حملة في وسائل الإعلام من ربط بين صورة الرجل وقضايا الإرهاب. اننا في جمعية التضامن التونسي: 1.نؤكد على أن السيد ضو مسكين شخصية دينية وعلمية إسلامية معروفة بوسطية مواقفها وابتعادها عن كل ما يمكن أن يوصف بالتطرف والإرهاب كما عرف بجهده التربوي والاجتماعي لفائدة شباب الأحياء الفقيرة في الضواحي الباريسية. 2.نرى إن إلصاق هذه التهم من قبل وسائل الإعلام يسئ إلى الشخص والى الجالية المسلمة التي يمثل احد رموزها كما يخالف مبدأ البراءة المفترضة للمتهم ويستبق مجرى التحقيق. 3.تندد بأي محاولة جديدة للربط بين صورة الإسلام والمسلمين والإرهاب والانحراف متمنين للشيخ ضو مسكين وللموقوفين معه سراحا سريعا وعودة إلى نشاطهم المفيد للجالية المسلمة ولأبناء الأحياء المعدومة في ضواحي باريس. جمعية التضامن التونسي
بيان حركة النهضة التونسية حول إيقاف الشيخ ضو مسكين رئيس مجلس الأئمة بفرنسا
بسم الله الرحمان الرحيم بيان الاربعاء 21 جوان 2006
تابعت حركة النهضة إيقاف الشيخ ضو مسكين وما صاحبه من تشويه اعلامي واتهامات عشوائية ويهم حركة النهضة رفع التوضيحات التالية الى الجهات الاعلامية والادارية المعنية والى الرأي العام الاسلامي والفرنسي. 1ـ تؤكد حركة النهضة ان ليس للشيخ ضو مسكين اي علاقة من بعيد او من قريب بما سمي الارهاب او العنف وعلى العكس من ذلك هو داعية ومدرس يحمل فكرا وسطيا معتدلا ويساهم في الكثير من المنتديات التي تدفع الى الحوار بين الاديان والثقافات وافنى جهده في نشر التعليم وانقاذ الكثير من الشباب من الانحراف والضياع كما انه يشغل امام جمعة في مساجد الضواحي الباريسية وهو رئيس مجلس الأئمة بفرنسا وتستشيره السلطات الفرنسية من حين لآخر وان كل اتهام له او تصور علاقة بين نشاطه التعليمي والإرهاب عار من اي سند ولو في مستوى الشبهة. 2 ـ تستغرب حركة النهضة كيف يتم تحويل اشكالات مالية او ادارية عادية ـ على افتراض وجودها ـ الى اعتقال وحملة اعلامية بينما يتم معالجة الآلاف من مثل هذه الاشكاليات بطريقة ادارية بعد تثبت جبائي. 3 ـ تدعو السلطات الفرنسية الى اطلاق سراحه ومن معه من عائلته واخوانه وتنتظر من الاعلاميين الذين تناولوا القضية تصحيح ما لحق به وبمؤسسته التعليمية من الأذى. عن حركة النهضة الشيخ راشد الغنوشي
الإفراج عن « ضو مسكين » واستمرار التحقيقات
باريس – هادي يحمد- إسلام أون لاين.نت علمت شبكة إسلام أون لاين أنه تم مساء اليوم الجمعة 23- 6- 2006 إطلاق سراح الشيخ « ضو مسكين » الكاتب العام للمجلس الفرنسي للأئمة لعدم وجود أدلة تثبت تورطه في الاتهامات التي اعتقل من أجلها والمتعلقة بغسل أموال لصالح منظمة إرهابية. وذكر مراسل إسلام أون لاين أنه جرى الإفراج عن الشيخ ضو مسكين مع بقائه تحت « المراقبة القضائية » إلى حين استكمال التحقيق حول مصدر الأموال التي بحوزته، والتي قال المحققون إنها تأتي من منظمات خيرية خليجية لم يحددوها، هذا في الوقت الذي استبعدت تماما مسألة الاتهامات المتعلقة بصلة مسكين « بمنظمة إرهابية » لعدم وجود أدلة ضده. ترحيب بالإفراج وفي تعليقه على إطلاق الشيخ ضو مسكين قال حسن فرصادوا رئيس اتحاد جمعيات المنطقة 93 التي ينتمي إليها الشيخ مسكين في تصريحات للموقع « إننا بقدر ابتهاجنا بإطلاق سراح الشيخ الذي يثبت براءته من الاتهامات التي لفقت ضده فإننا نستعد بالتنسيق مع كل الجمعيات المسلمة للتحضير لتحرك ضد المس بأحد رموز مسلمي فرنسا وهو الشيخ مسكين الذي يحظى بمكانة معتبرة داخل الأقلية ». وعن طبيعة التحرك قال فرصادو « قد يكون في شكل مسيرة أو غيرها من أشكال الاحتجاج ضد تنامي الإسلاموفوبيا التي كان الشيخ أحد ضحاياها ». من جهة أخرى رحبت حركة النهضة الإسلامية التونسية والتي كان الشيخ ضو مسكين أحد مؤسسيها قبل مغادرته لتونس واستقراره بفرنسا بإطلاق سراحه. وفي تصريحات خاصة لشبكة إسلام أون لاين قال عامر العريض رئيس المكتب السياسي لحركة النهضة « كان وما زال لدينا الثقة في الشيخ ضو مسكين وأنه لا علاقة له بكل ما روج حوله؛ فهو رجل عرف باعتداله وتسامحه وجهده في نشر المعرفة عن طريق مدرسته ». وأضاف العريض « نحن نطالب بإعادة الاعتبار للشيخ ضو مسكين، ونخشى أن يكون أمر اعتقاله متعلقا بالفوبيا الموجهة للمسلمين، كما نخشى أن يكون الأمر متعلقا بوشايات مغرضة لا مصداقية لها؛ ولذلك نحن نطالب بتصحيح ما لحق به وبمؤسسته من أذى ». وأحدث اعتقال الشيخ ضو مسكين ردود فعل قوية داخل الأقلية المسلمة؛ حيث اعتبر مجلس الأئمة على لسان رئيسه الشيخ زهير بريك أن الأمر يتعلق بتلفيقات لا مبرر لها، كما ندد العديد من علماء العالم الإسلامي باعتقال الشيخ ضو مسكين، واعتبروا أن الأمر يمس بعلاقة فرنسا بالعالم الإسلامي. واعتقل الشيخ ضو مسكين وأربعة عشر شخصا من المقربين إليه ومن ضمنهم نجله « مالك مسكين » يوم 19 -6-2006 ووقع التمديد في فترة الإيقاف التحفظي للشيخ ضو مسكين وابنه لمدة ثمانية وأربعين ساعة من أجل التحقيق في مصادر أموال قام بها ببناء مركز إسلامي في شمال فرنسا. وكان الشيخ ضو مسكين قد حل بفرنسا في أوائل ثمانينيات القرن الماضي قادما من تونس، وساهم في تأسيس اتحاد المنظمات الإسلامية بفرنسا. وفي عام 2001 أسس الشيخ مدرسة النجاح التي تختص بتعليم اللغة العربية والعلوم الإسلامية. كما ساهم الشيخ مسكين في تأسيس المجلس الفرنسي للأئمة، الذي يضم حوالي 400 إمام، ونصب كاتبا عاما له. ويعرف عن الشيخ ضو مسكين تأثيره في الأقلية المسلمة إلى الحد الذي دفع بوزير الداخلية نيكولا ساركوزي إلى استقباله مرتين للتشاور معه فيما يتعلق بملفات الأقلية المسلمة. (المصدر: موقع إسلام أون لاين.نت بتاريخ 23 جوان 2006)
بعد نشرها تقريرا عن ضبط يخت مسروق بحوزة صهر الرئيس …
السلطات التونسية تحجب موقع جريدة « المصريون » الإلكترونية
تونس ـ سليم بوخذير (المصريون ) حجبت السلطات التونسية موقع صحيفة « المصريون » الإلكترونية على شبكة الإنترنت في مختلف أرجاء البلاد بصورة نهائية ، في الوقت الذي وجه فيه البرلمان الأوروبي انتقادات جديدة لتونس بشأن ملفات حقوق الإنسان ، ودحضت « المجموعة الدولية لمراقبة حرية التعبير » تصريحات مسئولين حكوميين بأن « الحكومة تحترم حرية التعبير » ، واصفة هذه التصريحات بـ « الأكاذيب » . اتخذت السلطات التونسية قرار حجب « المصريون » بدءا من الخميس الماضي (15 يوليو 2006 ) دون أي توضيح لأسباب قرار الحجب ، الذي جاء بعد مرور 3 أيام فقط من نشرها تقريرا عن اكتشاف البوليس الدولي « الأنتربول » ليخت فرنسي مسروق في ميناء تونسي لدى صهر الرئيس زين العابدين بن علي ، وهي الواقعة التي نشرت تفاصيلها أيضا الصحافة الفرنسية وتداولتها وكالتي « فرانس براس » و »رويترز » للأنباء . وكانت الحكومة التونسية قد حجبت أيضا موقع « العربية نت » منذ الثاني عشر من نوفمبر الماضي ، إثر نشره لعدة تقارير محايدة عن أحوال الحريات في تونس عشية القمّة العالمية لمجتمع المعلومات التي انعقدت بالبلاد خلال الفترة من 16 إلى 18 نوفمبر الماضي . كما حجبت السلطات منذ سنوات عشرات المواقع التونسية المعارضة ، وعلى رأسها « تونيس نيوز » و « النواة » و « الحوار نت » و »تونيزين » و « حزب المؤتمر من أجل الجمهورية » و « الحزب الديمقراطي التقدّمي » ، بالإضافة إلى حجب مواقع العديد من المنظّمات الدولية الشهيرة ، مثل موقع « الاتحاد الدولي للصحافيين » ومنظمة « مراسلون بلا حدود » ومنظمة « هيومان رايتس ووتش » و الشبكة الدولية لحرية التعبير « إيفكس » . وعلى صعيد متصل ، انتقدت لائحة أصدرها البرلمان الأوروبي هذا الأسبوع أوضاع حقوق الإنسان في تونس ، منددة بقيام السلطات بمنع الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان من إقامة مؤتمرها أوائل هذا الشهر ، ومطالبة باستقبال المقرر الخاص باستقلال القضاء والسماح بإجراء تحقيق حول انتهاك الحريات ودعت اللائحة رئيس الاتحاد الأوروبي مانويل باروزو إلى « إصدار بيان بخصوص منع السلطات التونسية لمؤتمر رابطة حقوق الإنسان بالقوة والاعتداء على نشطاء تونسيين ومراقبين دوليين » . وكانت السلطات التونسية قد منعت رابطة حقوق الإنسان في 27 مايو الماضي من عقد مؤتمرها بمقرها الكائن بضاحية « العمران » بالعاصمة ، مستخدمة أعدادا مهولة من قوات الأمن لمحاصرة مقر الرابطة والشوارع المؤدية ، فضلا عن منع المؤتمرين من مغادرة مناطقهم السكانية ، على حد ما ذكرته بيانات الرابطة من جهة أخرى ، أصدرت مجموعة مراقبة حرية التعبير في القاهرة تقريرا جديدا هذا الأسبوع ، وصفت فيه حرية التعبير في تونس بعد 6 أشهر من القمة العالمية لمجتمع المعلومات بأنها « مازالت تحت الحصار » . وأوضح التقرير ـ الذي تم إعداده عقب زيارة بعثة من المجموعة لتونس لمعاينة أوضاع الحريات ـ أن تصريحات الحكومة التونسية بشأن ملفها الحقوقي مجرد « إدعاءات وأكاذيب » ، منتقدا « استمرار سجن المواطنين بسبب ممارسة حق التعبير » ، و »حجب مواقع الإنترنت التابعة للمنظمات أو المواقع الإعلامية » ، بالإضافة إلى « التضييق على الجمعيات ومعاقبة الناشطين والاعتداء عليهم » و « التحرّش بالقضاة وهياكلهم » . يذكر أن المجموعة الدولية لمراقبة حرية التعبير تضم كبرى المنظمات الدولية لحقوق الإنسان ، ومن بينها الشبكة الدولية لحرية التعبير « إيفكس » والاتحاد الدولي للصحافيين ومنظمات « مراسلون بلا حدود » و « هيومان رايتس ووتش » و »المادّة19″ و »صحافيون في خطر » و « الشبكة العربية لحقوق الإنسان » . (المصدر: صحيفة « المصريون » الألكترونية بتاريخ 20 جوان 2006)
تونس: العثور على أعضاء بشرية وأجنة في مصب للفضلات
تونس – خدمة قدس برس عُثر في مدينة منزل بورقيبة، الواقعة على بعد 70 كلم إلى الشمال من العاصمة التونسية، على أعضاء بشرية مودعة في حاويات بلاستيكية، وعلى ستة أجنة لأطفال صغار لم يكتمل نموهم بعد، وذلك في مصب للفضلات بالمنطقة. وقالت صحيفة /الشروق/ التونسية، في عددها الصادر الثلاثاء (21/06)، إنّ الحارس الذي تفطّن للأجنّة والأعضاء البشرية أبلغ الشرطة، ففتحت تحقيقاً في الموضوع. وقد تناقل أهالي المنطقة الخبر بسرعة وكثرت التأويلات، وهو ما جعل رجال الأمن يحلوّن بسرعة على عين المكان، حيث تمّ تجميع ما عُثر عليه وإحالته على الطبيب الشرعي للتشريح بعد استشارة النيابة العمومية. وحسب المعلومات الأولية؛ فإنّ الأجنة وقع التخلص منهم عن طريق عمليات إجهاض، وأنّ الأعضاء البشرية تمّ التخلص منها في فضلات المشفى الإقليمي (الجهوي) بالمدينة، وبناء على ذلك تم فتح تحقيق قضائي لتحديد المسؤولين عن ذلك. (المصدر: وكالة قدس برس إنترناشيونال بتاريخ 22 جوان 2006)
لجنة الدفاع عن صدام بتونس تدين اغتيال المحامي خميس العبيدي
بغداد ـ القدس العربي اصدرت لجنة الدفاع عن صدام بتونس، بيانا نددت فيه باغتيال المحامي خميس العبيدي وجاء فيه: مرة أخري يدفع محامو الدفاع عن الرئيس صدام ورفاقه لدي المحكمة الجنائية العراقية العليا الثمن باهظا من أرواحهم ودمائهم بسبب اصرار تلك المحكمة ومن يقف وراءها علي الانعقاد والاستمرار رغم انعدام أول شرط من شروط المحاكمة العادلة وهو توفر الأمن لمن يتعاملون معها. ففي يوم الأربعاء الواحد والعشرين من شهر حزيران (يونيو) الجاري امتدت الأيدي الآثمة لفرق الموت العاملة تحت امرة واشراف وزارة داخلية الحكومة التابعة للمحتل الامريكي وبتواطؤ من هذا الأخير، لتختطف الزميل الشهيد الأستاذ خميس العبيدي المحامي العراقي من بيته وتغتاله بطريقة بشعة وتلقي به في بعد جثة هامدة علي قاعة الطريق، ليلتحق بزمرة المحامين الشهداء ممن سبقوه الي الشهادة بعد تعرضهم للاغتيال أيضا وهما الشهيدان سعدون الجنابي وعادل الزبيدي. ان لجنة الدفاع عن صدام حسين بتونس وبمناسبة هذا المصاب الجلل تتقدم لعائلة الشهيد وزملائه بهيئة الاسناد بأحر تعازيها معبرة عن تآزرها معهم معلنة: ـ تنديدها بعملية الاغتيال الجبانة وتعتبرها جريمة بشعة تهدف الي معاقبة محامي الدفاع علي الدور الذي قاموا به في فضح وتعرية المحاكمة المهزلة من جهة وارهاب محامي هيئة الدفاع للحيلولة دون الاستمرار في مهمتهم النبيلة والشجاعة ليتسني للمجرمين اسناد مهمة الدفاع لمحامين معينين من قبل المحكمة.
ـ تعتبر أن جريمة اغتيال الشهيد خميس العبيدي وقبلها اغتيال سعدون الجنابي وعادل الزبيدي ليست معزولة عن سلوك منهجي يستهدف فريق الدفاع عن الرئيس صدام ورفاقه انخرطت فيه كل من قوات الاحتلال والحكومة التابعة لها في العراق والمحكمة الجنائية العراقية العليا (ادارة وقضاة) تكاملت فيه المهام والأدوار من طرد المحامين من قاعة الجلسة والجامهم وتهديدهم علنا أمام شاشات التلـفزيون من قبل رئيس المحكمة مرورا بعرقلة عملهم سواء بحجب المعلومات عنهم وعدم تمكينهم من مستندات ملف القضية وحرمانهم من مقابلة موكليهم بالوقت الكافي وبشكل سري ووضعهم في ظروف اقامة متعبة ومهينة وصولا الي تعمد رفع الحماية الأمنية عنهم في المدة الأخيرة وتركهم في مواجهة قدرهم حيال عصابات الموت والمليشيات الطائفية. ـ تعتبر أن اغتيال محامي الدفاع وللمرة الثالثة وبنفس السيناريو علاوة علي اغتيال بعض اقرباء شهود الدفاع وتعرضهم للضرب والتنكيل يؤكد مرة أخري وبما لا يدع مجالا للشك أن المحاكمة المهزلة تنعقد ومن بدايتها الي نهايتها فوق اقليم ينعدم فيه الأمن للجميع بما يجعلها محاكمة مفتقرة لأبسط الشروط والمعايير الدولية الدنيا. (المصدر: صحيفة القدس العربي الصادرة يوم 23 جوان 2006)
أوبرا فيينا تمول مشاريع خيرية في تونس
تونس: رويترز- أعلن منظمون أمس أن أوبرا فيينا العالمية ستقدم في الثامن من يوليو (تموز) عرضا موسيقيا راقصا ضخما بالمسرح الاثري بمدينة الجم للعام الثامن على التوالي ستخصص عائداته لتمويل مشاريع خيرية في تونس. وقال عمر بن محمود كاتب الدولة المكلف الصندوق الوطني للتضامن في مؤتمر صحافي بالعاصمة التونسية «أوبرا فيينا الشهيرة ستجدد موعدها مع عشاق فن الموسيقى السيمفونية بسهرة ضخمة في الثامن من يوليو تخصص كل عائداتها لفائدة مشاريع صندوق التضامن التونسي الذي يعنى بمساعدة ضعاف الحال». وأسس هذا الصندوق التضامني منذ عام 1993 وساهم في انجاز عديد من المشاريع الخيرية لصالح المحتاجين في اغلب المناطق النائية بتونس. وستقدم اوبرا فيينا حفلها في افتتاح مهرجان الجم الدولي للموسيقى السميفونية وهو المهرجان الوحيد في تونس المتخصص في هذا اللون الفني. وقال مبروك العيوني مدير مهرجان الجم وعضو البرلمان التونسي لهذا الحفل الذي اصبح تقليدا سنويا اكسب المهرجان شهرة عالمية حيث مئات السياح يتدفقون من اوروبا وعديد المناطق الاخرى للاستمتاع بروائع الفن الكلاسيكي في فضاء سحري». (المصدر: صحيفة الشرق الأوسط الصادرة يوم 23 جوان 2006)
تونس- أوكرانيا 0-1
بلغت اوكرانيا الدور الثاني من نهائيات كأس العالم لكرة القدم المقامة حاليا في المانيا حتى التاسع من جويلية المقبل بفوزها على تونس 1/صفر اليوم الجمعة في برلين ضمن الجولة الثالثة والاخيرة من منافسات المجموعة الثامنة . وسجل اندرى شفتشنكو هدف المباراة الوحيد في الدقيقة 70 من ركلة جزاء . (المصدر: موقع « أخبار تونس » الرسمي بتاريخ 23 جوان 2006)
المدافع حاتم الطرابلسي يعتزل اللعب دوليا اثر المونديال
قرر حاتم الطرابلسي مدافع المنتخب الوطني التونسي لكرة القدم ونادى اجاكس امستردام الهولندى اعتزال اللعب دوليا في اعقاب نهائيات كاس العالم لكرة القدم التي تستضيفها المانيا الى غاية 9 جويلية المقبل. وشارك الطرابلسي المولود في 25 جانفي عام 1977 مع نسور قرطاج في ثلاث كووس عالمية اعوام 1998 في فرنسا و2002 في كوريا الجنوبية واليابان و2006 في المانيا واربع دورات لنهائيات كاس امم افريقيا سنوات 2000 في نيجيريا/غانا و2002 في مالي و2004 في تونس و2006 في مصر فضلا عن كاس القارات 2005 في المانيا. وتوج الطرابلسي الذى خاض الى حد الان 61 مباراة دولية خلال مسيرته الرياضية بالخصوص بلقب كاس امم افريقيا عام 2004 وكاس الاتحاد الافريقي عام 1998 مع النادى الرياضي الصفاقسي الى جانب حصوله على بعض الالقاب في هولندا مع فريقه اجاكس امستردام. (المصدر: موقع « أخبار تونس » الرسمي بتاريخ 23 جوان 2006)
حديث الساعة حاولت أن أجد في المقهى طاولة لا تتحدث عن كرة القدم.. حاولت عبثا وكدت أترك المكان بلا ندم. حين لمحت جماعة تتحدث بصوت غير مسموع.. فقلت أجالسهم فقد يمكنني أن أشاركهم في الموضوع. سألت أحدهم: عم تتناقشون يا اخوتي؟ فقال.. «عن الناس الذين لا حديث لهم اليوم إلا عن المونديال». محمد قلبي
(المصدر: جريدة الصباح التونسية الصادرة يوم 23 جوان 2006)
العلاقة بين الرابطة والنظام إلى أين ؟
سالم الحداد
المأزق:
ما لبثت العلاقة بين الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان والنظام تتوتر، مما حال دون عقد المؤتمر السادس الذي كان مقررا أيام 9. 10. 11. سبتمبر2005. وبإجراء غير مبرر وغير مسبوق تم غلق فروعها في الولايات ومنع أنشطتها ووضع حراس دائمين على أبوابها، مما حوّل النقاشات الهادئة والمعمقة في فضاءات الرابطة إلى مشادات في الشوارع بين مناضلي حقوق الإنسان وأعوان الأمن. إن هذا المأزق جعل المتابعين يستحضرون المحطات المفصلية في مسيرتها ودورهاالريادي على الصعيد الوطني والعربي والعالمي ففيم يتجلى ذلك؟
رسالتها ماضيا وحاضرا لقد جاء ميلادها في السبعينات ثمرة لإرهاصات نضالية مكثفة دفع ثمنها عمال الساعد والفكر من أبدانهم ولقمة عيش أبنائهم ومن دمائهم أحيانا، وقد أنضجت هذه التضحيات تقبّل النظام لمبادرات المجتمع المدني الذي كان قد أجهضه بمجرد أن تسلم السلطة في فجر الاستقلال. وساهمت الرابطة ولو جزئيا في التخفيف من حالة الاحتقان السياسي، وشكلت أرضية لنشر ثقافة حقوق الإنسان والممارسة الديمقراطية والتخفيف من معاناة سجناء الرأي.
ونظرا للملفات الشائكة التي تعاطت معها وخاصة على المستوى الوطني، فإن مسيرتها كانت على الدوام محفوفة بالمخاطر، فتعرضت لأول عملية ابتزاز عندما حاول النظام أن يوجد لها منظمة بديلة سميت » جمعية حقوق الإنسان » ونصب عليها وزيرا، لكن صمود مناضلي الرابطة ومصداقيتها وثقة الفاعليات الوطنية بها ذهب بالجمعية وبوزيرها، وقبل سقوط البديل الرابطي سقط البديل أو البدائل النقابية.
ثم لعبت الرابطة أدوارا ريادية سلمية مهدئة في أهم الأزمات التي مر بها الشعب التونسي وخاصة في أحداث 26 جانفي 1978 وفي انتفاضة الخبز في 3جانفي1984 وفي المحاكمات التي تعرض لها المناضلون من مختلف الحساسيات، فقامت بعدة مساع لتخفيف التوتر ثم لتحديد المسؤوليات في المجازر التي ارتكبت في حق المواطنين الأبرياء ، فكانت صوت من لا صوت له. وقد شهدت التسعينات تجميد الرابطة وتعطيل كافة أنشطتها، ورغم ما أصابها من شلل طيلة عقد كامل تقريبا، فإنها بقيت ثابتة ولو في صورة الشبح، وبذل الرابطيون ما أمكنهم من جهد للمحافظة على الهيكل ليسلموه إلى المؤتمر الخامس الذي أفرز هيئة مديرة وقع انتخابها بطريقة ديمقراطية.
وبقطع النظر عن المجهود الذي بذلته والذي لا يمكن تثمينه إلا من خلال المؤتمر السادس، فإن الرابطة شهدت دفعا جديدا لأنشطتها ليس على مستوى مركزيتها فقط بل من خلال فروعها أيضا. ولعل هذا العمل الأفقي ـ الذي توخى فيه الرابطيون الأساليب الديمقراطية بما فيها من حوارات فكرية معمقة ونقاشات هادئة وطرْق لقضايا وطنية وقومية وإنسانية حساسة ـ هو الذي أزعج أعداء الديمقراطية، فبقيت الرابطة محل احتراز سياسي تحت متابعة قضائية. 1 أليس كل ذلك شاهدا على أنها مفخرة لتونس في الخارج باعتبارها إحدى الدول التى تتواجد فيها منظمة حقوقية إنسانية وسندا للقضايا العادلة سواء في الوطن العربي أوفي العالم وخاصة على مستوى الشبكة العالمية لحقوق الإنسان، ومثابة في الداخل لكل من وجدوا أنفسهم ضحية لقهر الإدارة وتعسفها؟ أليست صوتا لمن بحّت أصواتهم وأُوصدت الأبواب في وجوههم؟
الرابطة مكسب وطني
وكل من يستعيد هذه الظروف التي حفت بنشأة الرابطة ويدرك أهمية المهام التي أدتها للشعب التونسي في أحلك المحطات، ويتابع اليوم حركة التجاذب بين الحكومة والرابطة التي آلت إلى هذا المأزق، يمتلكه الاستغراب، ويتساءل: أليس من أجل ذلك صرح رئيس الدولة بأن الرابطة مكسب وطني يجب المحافظة عليه؟ ألم يؤكد الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل هذا الأمر في العديد من المناسبات؟ ألم تكن الرابطة أول شريك للاتحاد في تأسيس المنتدى الاجتماعي التونسي؟ أليست الرابطة من أهم دعائم المجتمع المدني الذي صار وجوده عنوانا للديمقراطية وغيابه عنوانا للاستبداد والتسلط؟ حينئذ أين الخلل؟
ما أشبه الليلة بالبارحة
عندما تأزمت العلاقة بين الاتحاد والنظام في السبعينات حاول كل طرف أن يلقي المسؤولية على الآخر، فالأزمة بالنسبة للحزب الحاكم توجد داخل الاتحاد، في سلوك عاشور الانفرادي، وهي بالنسبة للاتحاد في طبيعة النظام الاستبدادية، وآل الصراع إلى القطيعة المأساوية التي أحدثت جرح 26 جانفي العميق. إن الوضع في تونس اليوم أبعد مما كان عليه في تلك المرحلة، لكنه يدفعنا لطرح نفس التساؤل: أين الخلل؟ هل في الرابطة أم خارجها ؟ أولاـ الخلل في مناهضة الرابطة للنظام وأنصاره من التجمعيين ؟ إن خلفية الأزمة كما يقدمها النظام يمكن اختزالها في ما يلي:
1 ـ تحجيم الهيئة المديرة لتواجد التجمعين الدستوريين في صفوفها من خلال ضم بعض الفروع وتحويلهم لأقلية غير فاعلة 2 ـ سيطرة عناصر متطرفة مناهضة للنظام على الرابطة 3 ـ الاستقواء بالأجنبي على النظام فلْنحاول أن نفكك كل عنصر من هذه العناصر 1 ـ تهميش دور التجمع الدستوري في الرابطة
إن النظام يعرف قبل غيره أن عدد المنخرطين في الرابطة لم يتغير، وأن الهيئة المديرة المنبثقة عن المؤتمر الخامس لم تسلم أي انخراط جديد، ولم تسحب أي انخراط قديم، كل ما قامت أنها ضمت الفروع التي بها عدد من المنخرطين دون الخمسين تحقيقا لفاعلية الفروع، نعم إن هذا قد يقلص من عدد نوابهم في المؤتمر، لكن هل التجمع هو الحساسية الوحيدة التي لامسها هذا الإجراء؟ أم هو أقل الحساسيات التي تقلص عدد نوابها؟ ثم هل بقاؤهم بنفس العدد ـ كما كانوا في المؤتمر الخامس ـ سيغير من موازين القوى داخل الرابطة في المؤتمر السادس؟ بالتأكيد أن ذلك لن يحدث، 2
لسبب بسيط، لأن الانتماء للرابطة يقوم على الانخراط الفردي أولا، وحتى الحساسيات المتواجدة لا تشكل أية واحدة منها أكثرية، ولا أجازف حين أقول أن أكبر عدد من المنخرطين هو من التجمعيين. حينئذ أين المشكلة؟ إنها تكمن فيما اعتاد عليها هؤلاء، وهو أن يكونوا أغلبية مهيمنة، وهذا ما تأباه التقاليد الديمقراطية التي يناضل المجتمع المدني من أجل إرسائها، والحل حينئذ: أن يروّضوا أنفسهم كي يكونوا أقلية ديمقراطية فاعلة بدل أن يكونوا أكثرية مهيمنة.
ثم أليس الأجدى بنا جميعا أن نرفض منطق الأقلية والأكثرية ونحتكم إلى ما فيه مصلحة المجتمع حاضرا ومستقبلا. لماذا نسم كل نخبة واعية جريئة تتحرك منادية بالديمقراطية والحرية والاستقلالية والشفافية بأنها أقلية، نعم إنها أقلية لكن أليس الأقل منها مجموعة فرسان الظلام ونجوم ثقافة الاستبداد؟ أما الأغلبية فهي بالتأكيد صامتة أو تهمس همسا لكن هل ننتطر صرخة غضبها حتى نتيقن بأن الإصلاح ضروري ؟ هل نحن في حاجة إلى جرح جديد يضاف إلى جراحنا السابقة؟
2 ـ سيطرة عناصر متطرفة
كل من يعرف الرابطة من الداخل وتفاعل مع مكوناتها أفرادا وجماعات، يعرف أن ليس هناك أقلية مهيمنة تمرر خطابها الإيديولوجي أو مواقفها السياسية، ولعل أوضح حجة على ذلك هي أدبيات الرابطة، فهل في هذه الأدبيات ما يوحي بتوجه سياسي معين، هل هناك توظيف للمنظمة بشكل خطي؟، ثم هل كانت الرابطة أو فروعها انتقائية في القضايا التي تتعامل معها أو تتبنى الدفاع عنها؟ ولنفترض جدلا أن كل ما يقال صحيح، فهل نتصور أن الرابطة جمهورية أفلاطون المثالية، أليست كل منظمات المجتمع المدني مشروع للبناء، يحتاج إلى كل القوى الحية لمساعدتها، فلماذا لا يكون النظام إحدى هذه القوى المساعدة لا المعرقلة ؟ ثم ألا تمتلك هذه المنظمة الآليات التي تعدل بها موازين القوى داخلها وتصحح بها مسارها؟ أليس الأجدر أن يُترك لها ولهياكلها فرصة الخطأ والصواب؟ ماالفائدة من تسليط الضغوط عليها من الخارج التي لا تفضي إلا إلى نتائج عكسية؟ ألم ترفض دولنا الإصلاح المفروض عليها من الخارج ـ وهي على حق ـ فلماذا تضايق منظماتها في الداخل حتى تسايرها في خياراتها؟
3 ـ الاستقواء بالأجنبي
لا أعتقد أن من يطلق هذا الادعاء يمتلك أسرارالغيب أو أسرار مخابرات /س. ي. أ / أو / ك .ج . ب/ أو /الموساد / حتى يثبت ما يزعم، لكن الحقيقة المنطقية السائدة هو أن الآلية التي تتحكم في علاقات الدول العظمى بغيرها، هي المصالح. فهؤلاء » ليس لهم لا أعداء ولا أصدقاء وإنما لهم مصالح « . ومن البلاهة أن نتصور أن هذه القوى تراهن على الرابطة أو على أية منظمة من منظمات المجتمع المدني لتحقيق مصالحها، ألم تتخل أكبر قوة في العالم عن الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني لإحدى الدول عندما عقد نظامها معها صفقة استسلام و تسليم وسلام؟. ومع ذلك يمكن لهذه القوى أن تستخدم المجتمع المدني وسيلة للضغط والمساومة مع الأنظمة الوطنية، فلماذا لا تقوم هذه الأنظمة بسدّ كل الثغرات التي تتسلل منها الطوابير وتقطع عليها الطريق؟ وأخيرا وليس آخرا هل القوى العظمى في حاجة إلى من يكشف لها مستور الرابطة أومن ينشر لها غسيل النظام؟ ألم يكن أغلب المحتفلين بذكرى تأسيس الرابطة من السلك الدبلوماسي، بينما كان مقرها المركزي محاصرا بفرق الأمن تمنع الرابطين من الحضور؟ ثانيا : الخلل في تجاهل النظام للحراك الديمقراطي ورفضه للمجتمع المدني؟
الرابطة وآليات المجتمع المدني
تشكل منظمات المجتمع المدني السلطة الحيوية الموازية التي صار تواجدها ضروريا لخلق نوع من التوازن السياسي والاجتماعي، ينأى بالمجتمع عن الصراعات التقليدية التي تستخدم العنف ويتوخى بدلا عن ذلك نضالات سلمية تستند للحوار وتبادل للآراء وتنظيم التظاهرات الاحتجاجية التي تعكس مظاهر التمدن والحداثة؟ والسؤال هو: هل خرجت أنشطة الرابطة وفروعها عبر مسيرتها عن هذه الآليات ؟ كل من تابع نشاط الرابطة عن قرب يعرف أنها كانت تتصرف بحذق وبحذر شديد، تحكم صياغة أقوالها وتدقق بياناتها وتُنزّل أنشطتها ضمن المنظومة القانونية. ومع ذلك، فهل نتصور أن الرابطة جمهورية أفلاطون المثالية، أليست كل منظمات المجتمع المدني مشروع للبناء، يحتاج إلى كل القوى الحية لمساعدتها، فلماذا لا يكون النظام إحدى هذه القوى المساعدة لا المعرقلة ؟
تونس والمنتظم الأممي
اختلفت التحاليل والمواقف حول خلفية قبول تونس بمجلس حقوق الإنسان الدولي الذي صار عدده 47 دولة وهو تقريبا ربع الدول المنتمية للأمم المتحدة. وتساءل المتابعون لهذا الشأن: هل هو اعتراف من المجتمع الدولي بأن حقوق الإنسان في دول هذا المجلس مصانة ومنظماته تمارس أنشطتها باستقلالية وفي حرية؟ أليس في هذه الدول من مازالت تعتبر مواطنيها رعايا لا مواطنين؟ أم أن قبولها هو محاصرة لها لانتهاك حقوق الانسان بها ولتضييقها الخناق على منظمات حقوق الإنسان ؟ أليس في هذا القبول حافزا لها لتطوير قوانينها وتشريعاتها والانفتاح على المجتمع المدني؟ من الأكيد أنه مكسب لتونس لكنه ليس شهادة براءة، والأهم هوالالتزام باستحقاقاته إزاء حقوق الإنسان ومنظمات المجتمع المدني. ؟ آفاق للتجاوز أليس الأجدر بالدولة أن تربو بنفسها عن هذا الصراع الداخلي ـ إذا كان الصراع داخليا فعلا ـ وأن تترك لآليات الرابطة تفعل مفعولها ؟ هل يليق بها أن توظف جهاز الأمن في الشوارع ورجال القضاء في المحاكم لتغليب طرف على آخر؟ من هو المواطن ـ مهما كان موقعه ـ الذي يستطيع أن يقنع نفسه قبل أن يقنع غيره بأن النظام محايد، والقضاء مستقل والشرطة تطبق القانون ؟ هل يضير النظام أن تتواجد في تونس منظمة ديمقراطية مستقلة وممثلة؟ هل يحرجه أن يتراجع عن الإجراءات اللاقانونية التي يمارسها الجهازالأمني كل يوم ضد مناضلي الرابطة بتعلة » إنها تعليمات »؟ أليست للتعليمات مرجعية قانونية يرجع إليها رجل الأمن ويقنع بها المواطن قبل أن يقمعه ؟ هل يليق بتونس بعد نصف قرن من الاستقلال أن تُستنفر فيها كل أجهزة الأمن والحرس الوطني في طول البلاد وعرضها ـ على مرأى ومسمع من العالم ـ لتعطل عقد مؤتمر الرابطة التونسية يوم 27 ماي2006 خاصة أن هذا اليوم قد تزامن مع نضال قطاع حيوي له صفحة مشرفة في تاريخ تونس هو قطاع المحامين الذين شنوا إضرابا عن الطعام دفاعا عن استقلاليتهم؟ أليس في ذلك حجة أخرى على أن النظام مازال يتجاهل استحقاقات المجتمع المدني بكل مكوناته؟ هل تتضاءل هيبة النظام إذا فتح قناة للحوار مع الرابطة ومد معها جسور التواصل وحل معها ما يمكن حله من الإشكاليات التي لن تكون مستعصية متى توفرت الإرادة ؟ ألا يكون هو الرابح الأكبر من الحوار محليا وعالميا؟ ولماذا لا يكون الانفتاح على الرابطة بداية الانفتاح على المجتمع المدني الذي يتوقف على حضوره أو غيابه المشروع الديمقراطي في تونس ؟ إلى متى سيستمر النظام في التجديف ضد التيار؟ هذه الأسئلة الهادئة وغيرها جديرة بأن يطرحها كل مواطن وكل منظمة وكل تنظيم مهما كان موقعه في السلطة أو خارجها، معها أو ضدها حتى تخرج بلادنا من حالة الاحتقان السياسي؟ وأخير لابد أن ألاحظ أن هذه الآراء شخصية ولا تعبر عن موقف الهيئة المديرة لكن ليس بالضرورة أنها تتعارض معها الموقف 23جوان2006
الاستــاذ فيصــل الزمنــى :
عرض خـاص بالوضع الحـالي للمجلس البلدى بنـابل على ضوء الطعن المقدم بابطـال نتيجة الانتخابات البلدية
نتولى هنــا نشر الجزء الثــانى من الدراسة القانونية التى تقدمنـا بهـا بين يدي جـامعــــة نـابل للوحدة الشعبيــــة و التى تتعلق بتطبيقات المجلة الانتخابية على مـا حصل بالانتخابــــات البلديــــة مــــاي 2005 و تخصيصا على مثــال بلدية نـابل و هي دراسة تمت بطلب من منـاضلي حزب الوحدة الشعبية و المبادرة الشعبية بنـابل .و لا يفوتنـا أن نتوجه بالشكر الـى كل الذين اتصلوا بـنـا على اثر نشر الجزء الاول و عيروا عن دعمهم و مسـاندتهم التـامة من أجل دفع عجلة المجتمع المدنى و النضـال السلمى و البنـاء و نحن اذ نقدر موقفهم هـذا فاننـا نؤكد على ضرورة مواصلة النضـال بجميع الاشكـال السلمية التى لا يمكن لتونس الا أن تخرج منتصرة من خـلالهـا شعـارنـا فى ذلك .
ننطلق من تونس من أجل تونس لنعود الـى تونس
( الجـــــزء الثـــانــى )
……………………. ان جملة هـذه العنـاضر انمـا تحيلنـا على واقع طريف و غريب و جديد . لان كل ذلك يؤكد اننا امام حالة لم يتعرض لها المشرع التونسي صلب الم. ا. وهي حالة السكوت عن الطعــن . و الســؤال هنــا يتمثل فيمـا يلــى : كيف يقع اذا تاويل السكوت ؟ وما هي اثاره القانونية ؟ سوف نحـاول هنـا التعرض لهـذه التسـاؤلات لنحـاول ايجـاد تأويل قـانونى لواقع الامور علمـا و أن الامر يتعلق أولا و أخيرا بسيـادة الشعب و ارادته الحرة فـى ممـارسة الحقوق الراجعة لـه من العملية الانتخـابية ثم بدولـة القـانون و المؤسسـات التى تنتمى اليهـا المجلة الانتخـابية و مؤسسة الطعن بذاتهـا .و هومـا يدفعنـا الـى التسـاؤل عن الاثر القانوني لسكوت الادارة : السؤال هنا : كيف يمكن تاويل سكوت الادارة عن الطعن ؟ ان هذه الحالة التي اختارتها الادارة كحل لوجود الطعن لم تجل بخلد المشرع الذي لم يقرا لها حساب ذلك ان المشرع قد تعرض الى حالة قبول الطعن ورتب عليه اعادة دعوة الناخبين لاعادة الانتخابات كما تعرض الى حالة رفض الطعن واكد ان القرارات لا تقبل الطعن بالاستئناف اما حالة السكوت فهي حالة خارقة للعادة ولم يتضمنها النص. لذلك فاننـا سوف نتعرض هنـا الـى انعقـاد اللجنـة و احـالة الطعن عليهـا ثم سوف نتعرض الـى الاثر القـانونى للطعن على المجلس المنتخب و ننتهى الـى الحل القـانونى لهـذا المأزق فـى ظل فراغ تشريعـى . ـ أ ـ الاستحـالة المـادية و القـانونيـة لانعقـاد اللجنـة و احـالة ملف الطعن عليهــا : ان الصمت في اعتقادنا يحيلنا الى التساؤل عن ضرورة انعقاد اللجنة من عدمه. فهل للادارة الحق في عدم دعوة اللجنة للاجتماع ؟ ان الرد على هذا السؤال واضح فبالرجوع الى النص فانه ليس للادارة الحق في عدم دعوة اللجنة للانعقاد فتكوين اللجنة هو نتيجة حتمية لوجود الطعن وحتى في حالة وجود رجوع في الطعن فانه على الادارة تكوين لجنة كما يجب يتراسها قاض يتولى النظر في قبول الطعن من عدمه من الناحية الشكلية ثم يتعرض الى ماهية الطعون ويمكنه حتى في حالة وجود رجوع في الطعن ان يدرس هذا الرجوع ومصدره ومدى مطابقته للقانون ثم يقرر قبوله او رفضه. لقد جـاء بالفصل 156 أنه تحال الشكـايات حـالا على لجنة النزاعـات .حيث أن كلمة » حـالا » التى استعملهـا المشرع لا تترك مجـالا زمنيا للسلطة التى تتلقى الشكـاية .كمـا أن دور هـذه السلطة لا يتمثل فـى النظر فـى مدى قبول الشكـاية أو الطعن من النـاحية الشكلية أو غيرهـا بل أن دور هـذا الهيكل يقتصر على التوصل بالطعن ثم عليه تقديمه حـال توصله بـه الـى اللجنـة . ان الوقوف عند مـا جـاء بالنص الحرفي للمجلة الانتخـابية يجعلنـا نعتقد أن لجنة النزاعـات انمـا هي فـى الواقع لجنة يتم استحداثهـا قبل الاعـلان عن نتيجة الانتخـابات أو و على أقصى تقدير وقت الاعـلان عن النتيجة أي بلغة أخرى فهي لجنة يجب أن تكون موجودة وقت الاعـلان عن النتـائج و ليس بعد التقدم بالطعن و الا لمـا استعمل المشرع كلمة » حـالا » اذ كيف يمكن أن تحـال الطعون على لجنة لم يقع تشكيلهـا بعد. علمـا و أنهـا ليست لجنة قـارة لتكون لهـا كتـابة تتلقى الملفـات فهى لجنة تتشكل بمنـاسبة الانتخـابات و تنتهى بانهـاء وظيفتهـا . و لكل ذلك فاننـا نقف هنـا على خرقين للقـانون : الخرق الاول : يتمثل فـى عدم تشكيل اللجنة فـى وقت سـابق لافتتـاح أجـال تقديم الطعون بحيث أنه و لـدى تقدم الطـاعنون بطعنهم لم يكن لـدى الجهة التى تلقت الطعن علمـا بوجود لجنة جـاهزة لكي تحيل عليهـا الطعن .و هو مـا جعل السيـد الوالى و السيد الكـاتب العـام ببلدية نـابل فـى وضع لا يحسدون عليه فبين أيديهم طعن تطـالبهم المجلة الانتخـابية باحـالته فور تلقيه على لجنة النزاعـات فى حين أن هـذه اللجنة غير موجودة وقتهـا …. الخــرق الثانى : يتمثل فـى عدم وجود لجنة فـى الفترة التى تلت التقدم بالطعن و بالتـالي عدم وجود من يقوم بالاجراءات التى جـاءت بالمجلة الانتخـابية و التى تعرضنـا لهـا أعـلاه . أي لا يوجد من يتلقى الطعن من السلطة التى تلقته من الطـاعنين ثم لا يوجد من يستدعى الادارة و الشهود و يطـالب المصرح بانتخـابهم المطعون فيهم بتقديم جوابهم عن الطعن . ان النتيجـة الحتمية لكل ذلك تعنى أن الادارة حسبمـا هو ظـاهر للعيـان قد تصرفت كمـا لو أن مؤسسة الطعن انمـا هي غير موجودة من أصلهـا فالادارة و احقـاقـا للحق لم تتجـاوز الطعن المقدم لهـا بل أنهـا تجـاوزت مؤسسة الطعن الواردة بالمجلة الانتخـابيبة فلا السيد كـاتب الدولة للعدل ( حسب التسمية الرسمية بالمجلة ) أو من يقوم مقـامه عين القاضى رئيس اللجنة و لا السيد كـاتب الدولة للداخلية( حسب التسمية الرسمية بالمجلة ) أو من يقوم مقـامه باقتراح من السيـد الوالي عين النـاخبين أعضـاءهـا حسب الفصل 156 و لذلك فانه يمكن اعتبـار أنه لم يقع استحداث لجنة الطعون فـى الابـان و نتيجة لـذلك فقد تواجدت وضعية قـانونيـة لا يمكن معهـا تنظيم اجراءات الطعن و النظر فيه . و حوصلـة لكل ذلك فان الوضع الذى نحن أمـامه يتمثل فـى رفض الادارة بكل بسـاطة تطبيق مـا جـاء بالمجلة الانتخـابية بعدم توفير الهيكل الذى من المفروض أن يقع النظر فـى الطعن أمـامه و من الطبيعى جدا من بعد ذلك ألا يمكن احـالة الطعــــــون على أيــــة لجنة طـالمـا أن ذلك يكون أمـام استحـالة قـانونية و مـاديـة . و يتجه السؤال هنـا الـى من يمكن أن يعوض هـذه اللجنة عندمـا لا تتم تسميتهـا و من هي الجهة التى يمكنهـا الحلـــول محـل اللجنة التى لم يقع استحداثهـا ؟ و هو سؤال يمثل لب هـذا البحث و سوف نعود اليه فيمـا يلحق هـذا لاعتبـار أن دولة القـانون و المؤسسـات عليهـا أن تجد الحل لكون المجلة وضعت لكي تطبق و لا يمكن ألا تطبق نصوصـا قـانونيـة فـى بلاد يحترم القـانون فيهـا .
( يتبـــــــــع )
التفاتة إلى تاريخ فرّ من الذاكرة
كتبه عبدالحميد العدّاسي الجيش في كلّ بلاد العالم هو ذاك الجهاز الذي يتولّى أكبر مهمّة وأخطرها وهي المتمثّلة في الدّفاع عن حرمة الوطن ضدّ كلّ اعتداء خارجي، بالإضافة إلى مساهمته في توفير الحماية للنّاس ضدّ الكوارث والجوائح، مع مساهمة غير يسيرة في النهوض بالقطاعات التنموية، خاصّة في الأماكن أو الظروف التي قد لا يقوى المدنيّ على العمل فيها أو تحتها. ولم يُحدث الجيش التونسي في ذلك استثناء رغم ملاحظات قد تلحقه حول الأداء والتنفيذ. غير أنّ قادتنا السياسيين ( الرّئيس هو القائد الأعلى للقوّات المسلّحة التونسية ) قد دفعتهم أحكام مسبّقة أو عُقد في شخصياتهم مستحكمة – ربّما – إلى سوء استعمال الجيش، حيث أضافوا إلى مهامّه أقذر الوظائف على الإطلاق، فدعوه إلى قمع كلّ نفس تحرّري، ممّا خلخل ثقة النّاس فيه، فحكموا عليه بالعمالة بدل الحكم له بالشهامة والرّجولة والبسالة. مقدّمة أردتّ من خلالها المساهمة بالرّأي حول بعض متعلّقات هذا الجهاز، سيّما والقوم يستعدّون إلى الاحتفال بيوم الرّابع والعشرين من جوان/ يونيو ككلّ سنة. سيّما والوزير ( الشخصية الثانية » نظريّا » بعد رئيس الدولة ) يشكو ظاهرة عزوف الشباب عن الخدمة الوطنيّة حسبما ما أوردت الصحف التونسية يوم 14 يونيو الحالي. والكلام هنا ليس من باب التحاليل الصحفيّة المستندة عادة إلى المصادر الرسميّة أو شبه الرسميّة التي فضّلت عدم ذكر اسمها، ولكنّه بمثابة الفحص أو التشريح الذي يتولاّه المتخصّص، فلقد كُشِفَ مِن قبل انتسابي لهذا الجهاز. ولولا هروب التّاريخ من الساحة (*) لشهد الكثير من القدامى بدقّة ما سأقول. 1- أبدأ من النهاية فأقول:إنّ السياسة الخرقاء هي التي أفقدت لدى النّاس معنى الوطن ومعنى الوطنيّة ومعنى المواطنة، فقد فهمها المسؤول ( أعني المواطنة) – كما بيّنت ذات مرّة – درجة متردّية في السلّم الترتيبي في المجتمع يوزّعها اللاّمواطن على الذين انتخبوه لخدمتهم كيفما شاء. فلمّا رأى النّاس ما يلحقهم من الذلّ والهوان باكتساب هذه المواطنة، عافوها وكرهوا العمل من أجلها ومن أجل وطن فيه مَن بَخَس المواطنة حقّها. ولذلك، فلن تُجدي الملتقيات ولا الاحتفالات حول الوطنية أو حول ما كان يُعرف بالواجب الوطني، نفعا، لأنّ النّاس يفضّلون العمل من أجل وطن يُعزّهم، وليس من أجل » مغيّرين » يسمّونهم زورًا حماة الوطن. 2- شهد الجيش التونسي عصره الذهبي في الفترة ما بين أواسط السبعينات وحتّى قرابة أواخر الثمانينات، فقد ضمّ الجيش يومئذ مجموعات طيّبة، في مختلف الرتب والصفوف، أرادت أن تُزيل ما علق به من آثار الإرث الاستعماري الوسخ، ممّا أنتج جيلا من الجُند جديدا. وقد ساعد على ذلك وجود » قادة سامون » أكفّاء نظيفي الأكفّ، لعلّ أبرزهم على الإطلاق قائد أركان جيش البرّ، أمير لواء، محمّد قزارة، الرجل العدل المحترم، الذي وفّق إلى اختيار ضبّاط قادة جدد، جبر بهم النقص وأصلح بهم الفساد اللذين أحدثهما » الكبار » ( والكبير إن لم يكن صالحا كان أفسد الخلائق ). غير أنّ سنة 1987، كانت بالنسبة للجيش سنة تغيير حقيقية، حيث وقع كنسه ( بالمفهوم العسكري الصحيح ) بدقّة متناهية وإزالة كلّ مَن يشتمّ منه رائحة الاستقامة أو الرّجولة. فلم يكتف صاحب » التغيير » وأعوانه بطرد الإسلاميين أو الرّمي بهم في غيابات السجون والغربة إقصاء وتنكيلا، بل طالت أياديهم الباطشة كلّ ضابط رجل من غير الإسلاميين، ليعودوا بهذا الجهاز إلى ما كان عليه قبل الفترة المُتَحَدَّث عنها، بل إلى أوضَع وأضلّ من ذلك ممّا يجعلني شخصيا أشفق على فلذات أكبادنا من تواجدهم هناك بين تلك » الكلاب » التي تربّت على نهش اللحم الحرام. وإنّي على يقين من أنّ » المغيّرين » لن يقووا على أداء مهمّة الدّفاع، ذلك أنّ فاقد الحرمة لا يستطيع أبدا الدّفاع عن حرمات النّاس. 3- فكرة الدفاع الشعبي الشامل فكرة قديمة أخذ بها الجيش التونسي تقليدا للسويد وسويسرا دون أن يفهم أبجدياتها أو يطبّق سياساتها، وعليه فلا مجال للتلبيس على الناس بالقول بأنّ هذه السياسة الدفاعية قد أرساها ابن علي القائد الأعلى ( لشيء أسفل ). فالكذب لا يمكن أن يُثمِر إلاّ ما عبّر عنه الوزير بقوله » السلوك غير المسؤول وغير المدني الذي ينمّ عن عدم التحلّي بالروح الوطنية « . والسياسة الحقيقية الوحيدة التي أرساها صاحبُ التغيير واضحة، وثمارها قد صرّح بها الوزير نفسه، وتتمثّل في عدم الإقبال على الخدمة العسكريّة ( أحيانا أقلّ من الخمس من العديد المبرمج للحصّة )، ربّما لقناعة شبابنا بكفاءة » المغيّرين » في الدّفاعات المعتمدة أساسا على التقارب مع الصهاينة دون سند أو مشاركة منهم…أو ربّما لانصراف أجهزة الدولة » الحديثة » إلى مقاومة الإرهاب واختباء الشباب الصالح للجندية في أماكن بعيدة عن أعين الإرهابيين و » الورائيين » (**)، وبعيدا كذلك عن اتّهامهم بالتخطيط لاقتراف ما لا ينسجم مع التوجّهات » الوطنيّة « … 4- لمّا تكلّمت عن شهود الفترة الذهبيّة، لم أكن أعني بذلك تقدّما تكنولوجيّا أو براعة قتالية نادرة أو تدريبا راقيا، وإنّما كنت أعني بالخصوص الجانب الأخلاقي والجانب الذوقي، فقد شهد الجهاز في تلك الفترة نقلة نوعيّة، وأمّا الجوانب الأخرى المتعلّقة أساسا بالجاهزيّة القتالية من حيث الكفاءة فتظلّ دون قيمة الانتساب إلى تونس العربيّة الإسلاميّة. وقد كان الجهاز يعاني باستمرار من نقص محرج في العديد اللاّزم للنهوض حتّى بالأعمال الرّوتينية من حراسة وغيرها، رغم أنّ السنة كانت تشهد تقريبا تخرّج أربع دورات جنود، يسهر على تدريبهم مجموعات متخصّصة في مراكز جُعلت خصّيصا للغرض أو حتّى في بعض المراكز الملحقة بالألوية المنتشرة على كامل التراب. وقد كانت هذه المجموعات تُبلي بلاء حسنا يُبليها ممّا يجعلها بحاجة إلى الرّاحة خلال الفترة الفاصلة بين الدورة والأخرى. وقد شدّني اقتراح الوزير الدّاعي إلى جعل باب التجنيد مفتوحا على مدار السنة وعدم الاقتصار على مواعيد حصص التجنيد المدروسة بعلميّة دقيقة، إذ مَن الذي سيدرّب هؤلاء، ومن الذي سيواصل مراقبة تكوينهم؟ وكيف تقع الاستفادة منهم إذا كانوا أفرادا؟ وماذا عن الجانب الإداري واللوجستي؟ إلى غير ذلك من الأسئلة التي لن تجد أبدا إجابة لدى الوزير… وأمّا التعيينات الفرديّة، فهي الطّامّة الكبرى التي قصمت ظهر الجيش الوطني، بما جاءت به من ظلم وتعدّ ورشاوى ومفاسد لا يعلم مداها إلاّ الله تعالى. 5- كان النّاس في ما مضى، وهم حديثي عهد بالاستقلال، يندبون ذهاب ابن لهم إلى الخدمة العسكريّة لأنّهم لازالوا يومئذ تحت وطأة مفعول الاستعمار الذي رزأهم أبناءهم. ثمّ ما لبث أن تغيّر الأمر فصار الشباب يتفاخرون بأدائهم الخدمة العسكريّة ويقلّلون من قيمة الشاب الذي لم يحيّي العلم ( كناية عن الواجب العسكري ). فكان للعلم قيمة لا يفقهها إلاّ من أدّى واجبه الوطني. غير أنّ » المغيّرين » – وهم يتملّقون الوطنيّة ويزايدون عليها – جاؤوا بفكرة تعميم تحيّة العلم، وفرضها على النّاشئة في المدارس، تعبيرا منهم – نافقوا – على حبّهم لهذا العلم وتبجيلهم له. فصار العلم خِرقة من الخرق لا قيمة لها زاد من سوئها تسربلهم بألوانها، وذهبت فكرتهم اللاموضوعية بتلك النخوة التي كان يلقاها الشباب المجنّد ويفاخرون بها غيرهم من المتملّصين من الخدمة. 6- إذا كرهتُ أفعال » المغيّرين « ، فستظلّ بلادي عزيزة عليّ عزّتها لدى كلّ حرّ مسلم غيور، وإنّي لألتقط الفرصة لأحيّي مَن تبقّى من » رفات » الرّجال بجهاز الجيش. فقد مرّ بساحة هذا الجهاز كرام عرّفت الأحداث بمواقف بعضهم. فكم واحد رفض تصويب سلاحه لأبناء بلده أثناء الأحداث الأليمة التي صنعتها السياسات الخرقاء سواء في انتفاضة المنظّمة الشغّيلة أو أحداث الخبز العار. وكم واحد عوّض الأب والأمّ في حنوّه وعطفه على ولدهم المجنّد دون أن يفكّر لحظة في استغلاله أو اغتصاب خياراته مثلما يفعل فاقدو الذمّة والمروءة. وكم واحد سهر ليأمن الجميع وتعب ليرتاح الآخر. فلهؤلاء أسوق التهاني بمناسبة الاحتفال بيوم الجيش… ولا نامت أعين الجبناء، ولا سادت طوابير الفاسدين في أرض تونس الحبيبة… ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (*): أرأيتم إلى تاريخ يهرب من النّاس خوفا على ذاته من التزوير والتدليس. (**): تأكّدت من تخلّف حاسوبي، فإنّه لم يقبل هذه اللفظة، مع أنّها قد اختيرت بدقّة من طرف المغيّرين، ويقصدون بها أولئك الذين لا يزالون في تونس يتكلّمون عن الستر والاحتشام والغيرة وما شابه ذلك من الألفاظ القديمة.
مواقف شاذة في الهيأة الإدارية للاتحاد الجهوي بصفاقس
ولد البلاد خلال انعقاد الدورة العادية للهيئة الإدارية للاتحاد الجهوي للشغل بصفاقس يوم 24 ماي 2006 جذّت ملابسات غريبة تكشف عن واقع العزلة التي أصبح يعيشها فصيل اليسار المتطرف داخل الاتحاد انعكاسا لواقعه خارجه أي داخل المجتمع.. فبعد أن طالب الكاتب العام للمكتب التنفيذي الجهوي بصفاقس من الحاضرين الوقوف لقراءة الفاتحة ترحما على أرواح الشهداء في فلسطين و العراق لبى جميع النداء و امتدت أيادي الجميع بخشوع لقراءة الفاتحة إلا يدي أحد الحاضرين–المعروف بيساريته العقائدية- التي أبت ألا أن تبقى مكتوفة رافضا تلاوة الفاتحة ومشاركة الخاشعين التالين للفاتحة وربما يختلجها شعور مزدوج من الوحدة و الوحشة و الغربة عن طبيعة كل الحاضرين من جهة و ممتزجا بالخوف من الموت المصير المحتوم الذي ينتظر كل بني آدم خاصة عندما ينعدم أي معنى للحياة ومغزى لها إذا كان مآلها العدم كما يعتقد هؤلاء.
صديقنا هذا الذي انفرد بسلوكه الإيديولوجي و تميز عن كل الحاضرين بدون استثناء سارع بالالتحاق باللجنة المكلفة بتحرير نص البيان الختامي لحاجة في نفس يعقوب، وعند تلاوة البيان فوجئ الحاضرون بإدراج الدعوة للسلطة باحترام الحريات الفردية – وهو الأمر الذي طالب به المؤتمرون في سياق تنديدهم بالمناشير المقيدة للحريات فيما يتعلق باللباس الإسلامي المستهدف في المؤسسات التربوية- و لكنهم فوجئوا بتذييل هذا البند بالدعوة إلى حرية المعتقد. وهنا سأل أحد الحاضرين زميلا له: -لماذا لا يتم التوضيح بدون غموض أو لبس ضرورة احترام حق التدين و عدم التضييق أو استهداف من يمارس شعائره الدينية سواء في عمليات الانتدابات في الوظيفة العمومية أو الترسيم أو الترقية أو في اختيار لباسه كما ورد في النقاشات داخل الهيئة الإدارية. فأجابه: لم تفهم القصد فصاحبنا لا يقصد هذا الأمر بحرية المعتقد، بل يطلب حرية الكفر بالدين و حق الالحاد. فرد عليه: وهل يصح غير أن يطلب الطالب في بيانه ألا باسترداد ما منع منه أو تم التعسف عليه في ممارسة حقه في ذلك. فقال: ماذا تقصد. فأجابه: إن السلطة في تونس لم تمنع الكفر بالدين ولا الإلحاد بل أنها تشجع على ذلك و كل خططها من تجفيف المنابع و تغيير المناهج التربوية و إلغاء البرامج الدينية إلا من أجل إرساء وتكريس ثقافة التمييع و التغريب. فلماذا نطلب منها ذلك إذا كان ذلك هو ديدنها و هدفها. ثم أردف قائلا: ولكن أليس من الأمانة أن لا يعكس البيان إلا ما تمت إثارته في النقاش من آراء فلماذا يقحم أمرا لم يقم حتى هو نفسه بإثارته في سياق تدخله. رد عليه صاحبه: ربما لم تكن له الشجاعة من ذكر ذلك أمام أعين الحاضرين…انه يصعب فعلا أن يطالب المرء بحق الإلحاد وهو يعلم أن ذلك مكفول له وتشجعه السلطة بفعل الممارسة و التضييق على الالتزام والتدين وخاصة عندما يكون الأمر في تجمع نقابي أجمع على الدفاع عن الهوية ورفض الحملات الامبريالية و الصهيونية المستهدفة للأمة في عقيدتها و هويتها. و لم يرض الحاضرون إلا بعد أن تمت إعادة صياغة البند ليعكس حقيقة ما ورد في المداولات وتم التوضيح و التنصيص في هذا الإطار على رفض المنشور الصادر عن وزارة التربية و التعليم و المتعلق بالزي و الهندام الاسلامي. وعندما استرسل التالي في قراءة بقية بنود البيان و عندما أتى على النقطة التي تتعلق بدعم الفلسطينيين وجدوا تحريفا آخر عمّا أجمع عليه الحاضرون الذين طالبوا بمساندة الحكومة الفلسطينية المنتخبة و دعمها بشتى الوسائل فما راعهم إلا أن تعمد رفيقنا تجنب ذكر الحكومة الفلسطينية لخلفيتها الإسلامية بدون مجال للشك –بدون أن يتفطن بأن ذلك يسقطه داخل دائرة الأنظمة الرجعية المؤتمرة بإمرة القوى الامبريالية والصهيونية والعاملة على محاصرة الحكومة وتجويع شعبها لإسقاطها- وعندما اعترض أحد الحاضرين على ذلك و استنكر هذا التلاعب و الالتواء عن مقررات المجتمعين اضطرب صاحبنا و رد قائلا: »يجب عدم دعم الحكومة التي انخرطت في الانتخابات التي تدخل في إطار اتفاقيات أوسلو هكذا…. وهنا انكشف التوظيف الايديولوجي في الخطاب النقابي وقد همس أحد الحاضرين قائلا في أذن زميله: مسكين شعبنا في فلسطين فلا تكفي محاصرة اسرائيل و أمريكا و الأنظمة العملية له حتى يتم استهدافه و محاصرته و تبرير تجويعه والعمل على إسقاط حكومته من قبل من يدعي التقدمية، و أما موقف حماس من اتفاقيات أوسلو فلا يستحق للتضليل و الكذب أو المزايدة. وهل تمت مقاطعة الأنظمة العربية للحكومة الفلسطينية وانخراط تلك الأنظمة في المشروع الصهيوني الأمريكي لإسقاطها لغير سبب موقفها من اتفاقات أوسلو أو حتى المبادرة العربية. ومرة أخرى يصر الحاضرون في تدخلاتهم على تنقيح النص ليكون منسجما مع ما ورد في تدخلاتهم بدون تحريف أو مجاملة لتوجهات متطرفة و معزولة آن الأوان لأصحابها أن تقف وقفة تأمل و مراجعة حقيقية لتوجهاتها العقائدية و الفكرية و السياسية بدون أن تكون أسيرة لمواقف و قوالب قديمة وبالية قد تبين خواءها و أنبتاتها و عزلتها، تماما كما تبين للعديد من النخب العربية في الأقطار الأخرى الباحثة بصدق عن الحقيقة وعن طريق النضال الصحيح و الرجوع إلى الحق فضيلة… أم سيبقى فصيل من نخبنا أعزل في ربوته الجرداء يغرّد خارج التاريخ متمعشا من مزبلته الخلفية. قد لا يتفق معي البعض على إثارة هذه الحادثة لشذوذها عن الواقع العام الذي تعيشه البلاد والعباد والذي تجاوز هذه المواقف الشاذة وقد يستدل على ذلك بانفراد هذا النقابي المتميز بهذا الموقف الشاذ، ولكني أردت أن يكون ذلك – وبكل صدق – درسا لمن يعتبر ممن بقي من هذه الفلول حتى تنقذ نفسها قبل فوات الأوان وتلتحق بركب المراجعة الصادقة بعيدا عن تلبيس النفس والله الهادي إلى سواء السبيل.
عندما يتحول الاتحاد العام لطلبة الى » اصل تجاري » تتمعش منه اقلية قليلة رابعهم » كهل »
في الحقيقة ان الحديث عن الاتحاد العام لطلبة تونس يستدعي منا تحديد ماههية هذه المنظمة، حقيقتها، دورها، فعلها الاجتماعي و الثقافي و السيلسي الخ. هذه المنظمة تُعرّف بكونها منظمة نقابية طلابية دورها تدافع عن » قطاع » الطلبة الذين يشكلون فئة اجتماعية لها خصوصيات و لها مشاكل قطاعية خاصة بها ، مثل ما هو الحال في بقية القطاعات الاجتماعية. غير ان هذه الفئة من المجتمع لها خصوصية تتعلق بالجانب النفسي و الثقافي خصوصا.
فالسن يكون عادة بين سن العشرين و الثلاثين. هذه المرحلة العمرية يتسم فيها الشباب بالتمرد و الرفض و حب التغيير و المغامرة و تحقيق الذات، لذلك يعتنق شباب العالم الافكار الثورية و يتخذ من الثوريين مثلا يُحتذى بهم و يعتبرونهم – و هم كذلك – رموزا لا بد منها لتلهم الشبيبة روح الرفض و التغيير و الثورة. فليس من محض الصدفة ومن صنع القدر ان تتصدر الشبيبة و خاصة منها الشبيبة الطلابية كافة التحركات الاجتماعية اثناء الهزات الاجتماعية ( تونس 78..84) او خلال قرارات تتخذها حكومات يمينية تراها النقابات و المنظمات المهنية معادية و جائرة ( فرنسا 2006 ).
وما يزيد في الميل الذي يكاد يكون فطريا لدى هذه الفئة هو تشبعها بالمعارف و بالعلوم الانسانية كالآداب و الفلسفة و السياسة و علوم الاجتماع التي تدفع هذه الشبيبة المثقفة الى البحث و المقاربة بين النظري و التطبيقي و حتما بين السياسي و العملي. من نافل القول ان دور هذه الشبيبة مركزي و مهم في كل مجتمع مهما كانت درجة ديمقراطية حكومته او دكتاتروريتها، اذ ان هذه الشبيبة تمثل خزان من الطاقات التي ستمول الدولة بالاطارات والاحزاب بالكوادر و الطبقات الاجتماعية المتناحرة-باعتبارها طبقات- من مدافعين عن راياتها و مصالحها الحيوية التي لن تتحقق الا بتراجع الطبقة المقابلة.
و لكن المشكل في واقع الاتحاد العام لطلبة تونس على حاله الآن و هنا، فان الامر بعيد كل البعد عن ما سبق قوله. الاتحاد العام لطلبة تونس فقد حقيقته و بلغة فلسفية ، فقد بما يكون هو هو، و اصبح شيئا آخر يمكن ان نسميه اي شيئ الا » اتحاد عام لطلبة تونس »، فقد فقد هيكليا و داخليا شروط وجوده. و هنا لا اتحدث عن الظروف الخارجية و الموضوعية.
منذ سنوات و عبر مؤتمراته الاخيرة التي تكرر بعضها البعض متجاوزة مفهوم المراكمة و التجاوز و النقد، اصبحت – هذه الجمعية – تشتغل بكل شيء الا بما يتصل بالطالب التونسي. و لعل الاشكال الاكبر هو ان هذه الجمعية عملت على تهميش القضية الطلابية التي تتمحور في تحسين الظروف المادية و البيداغوجية للطلاب، و عملت في المقابل دور رجال المطافئ عندما تريد الطلبة و بعض نخبها القيام بالتحرك من اجل قضاياهم المشروعة، بل وصل الامر ببعض الطلبة الذين يطلقون على انفسهم » الشيوعيون الديمقراطيون » الى الوشاية و العمل جهارا نهارا مع فرق الامن المختصة بقطاع الطلبة، و الاكيد انني لم آت بجديد فالمتتبعون للساحة السياسية في تونس يعلم ما تقوم به هذه المجموعة التي يقودهال كهل اضر بحزبه و اراد الاضرار باحزاب اخرى و اضر خاصة بالاتحاد العام لطلبة تونس.
هل يُعقل ان تكون اغلب المنتمين لهذه الزمرة اعضاء مكتب تنفيذي للاتحاد و يدرسون بالمعاهد دون المرور بالكاباس. هل من محض الصدفة ان يقع تمكينهم من الشغل في رتبة اساتذة تعليم ثانوي في الوقت الذي تمنع فيه الداخلية المناضلين الذين رفضوا الخضوع و الوشاية » و تنزيل السراويل الى حدّ الكعبتين ».
لذلك امام خطورة هذا الامر و الواقع المر الذي عليه الاتحاد العام لطلبة تونس و الحركة الطلابية ارى انه من المهم جدا في مثل هذا الظرف التي تمر به البلاد التونسية من تمزق اي خيط يمكن ان يعيد الامل في ان تقوم السلطة القائمة باي تنازلات للشعب و لنخبه التي تطالب فقط الحرية و الكلام دون خوف و التنظم دون قطع الارزاق. اما هذه الظروف لا بد من اعادة الحياة للشبيبة الطلابية و هيكلها اانقابي » الاتحاد العام لطلبة تونس » و لن يكون ذلك الا بمحاسبة الذين باعوا و اشتروا كما اشتهوا، و الضرب على اياديهم بقوة ليرفعوا اياديهم القذرة على منظمة عمرها اكثر من نصف قرن لتنتهي عند من جعلوها » اصل تجاري » يأكلون به الخبز و يُلقون الآخرين الى التهميش . اب تسنيم من باريس
الكاباس »…. الموالاة شرط للنجاح !!
كابوس جديد إلى الماسي التي تعيشها العائلة التونسية، من ضغط الباكالوريا إلى نسب نجاح متدنية في الجامعة بعد سنة كاملة سمتها طلاب محرومون من السكن الجامعي و منح هزيلة لمن حالفه الحظ و تحصل على ذلك… هذه المرة يتعلق الأمر بشريحة تعدادها بالآلاف عقدت أملها بعد سنين من البحث و الاجتهاد و التشرد على الظفر بموطن شغل يعوض بعضا من تضحيات أسر عزاؤها الوحيد فلذات أكبادها و رأسمالها عقول أبنائها. كما يحصل عادة عند الزيادة في الأسعار أعلن هذه المرة عن نتائج الكاباس حيث انهمك الجميع يتابع إبداعات فريق وعد لاعبوه بمنح بالملايين… منح كافية لحل مشكل البطالة في تونس( اللهم لا حسد)، أحيل من جديد جمع من الناجحين في الاختبارات الكتابية على البطالة، على الرغم من شهادة الجميع: مكونين، أساتذة جامعيين و متفقدين بكفاءتهم و قدرتهم على التدريس بل و الإبداع في ذلك. قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه » لست بالخبّ و لكن الخبّ لا يخدعني ». لقد كنت على يقين يتحدى أي شك و قناعة راسخة من البداية أن النتائج ستكون على منوال ما نشر على الانترنت، و لكن ثقتي في من درسني كانت تبدد بعضا من مخاوفي أحيانا، لكن في النهاية ها هي المهزلة. لا اجتهاداتنا و لا شهادة من درسنا و كوّننا كافيين لتعترف وزارة التربية و التكوين بكفاءتنا. بكل بساطةلم يعد في الأمر سرا، فالموالاة شرط للنجاح، و اتحاد الطلبة مستقل و مناضل و هذا أمر لا يستسيغه من يقف وراء النتائج. نسيت أمرا، أود ان أعتذر لأصدقائي و زملائي ممن حالفهم الحظ هذه المرة و تسربوا من عيون الغربال و أقدّم لهم أحر التهاني التي كان من المفروض أن أبدأ بها، فليعذرني من يعرفني فهذه هي السنة الثامنة التي قضيتها من سنوات البطالة و رحلة العذاب و الفقر و طول الزمان، يبدو أن ذلك قد شوّش أفكار. على أي حال يبقى عزائي، الأصوات الحرة و القيم العلمية و الآلاف من أمثالي الذين عقدوا العزم على التمسك بلقمة عيش تحفظ كرامتهم و ترد اعتبارهم، لكل ما تقدم أعلم الرأي العام أننا: 1- نحمل وزارة التربية و التكوين مسؤولية ما قد يؤول إليه الأمر. 2- نهيب بأساتذتنا و متفقدينا حتى يقولوا كلمة حق في مناظرة شككت في شهائدنا و أحالتنا على البطالة القصرية.. 3- نرجو من كل النقابيين أن يقفوا إلى جانبنا في محنتنا كما عودونا دائما و نوجه نداءنا إلى نقابة التعليم الثانوي كي تلعب دورها في الدفاع عن الأساتذة المعطلين عن العمل. 4- نشكر لكل الأصوات الحرة من صحفيين و محاميين و ناشطي حقوق الإنسان و مجتمع مدني و قفتهم الحارة للتخفيف من حالة الغبن التي نعيشها. 5- ندعو كل ضحايا الكاباس أن يبادروا إلى رفع أصواتهم و إيصال قضيتهم لكل من يجب أن تصله و بأسمائهم الحقيقية بلا خوف و لا تردد. محمد مومني المصدر www.tuniswiss.ch
اعضاء مجلس المستشارين:
«الفصل الثاني من اتفاقية الشراكة مع الاتحاد الاوروبي لا يبرر محاولة فرض هيمنة اجنبية على قرار بلادنا»
على هامش مناقشتهم لمشروع القانون المتعلق بالغاء الرسوم البلدية على امتلاك الهوائيات لالتقاط البث التلفزي عبر الاقمار الصناعية، تدخّل عدد من اعضاء مجلس المستشارين لانتقاد بعض الجوانب من مواقف البرلمان الاوروبي بخصوص العلاقة مع تونس. وقد تدخل في النقاش العديد من المستشارين، من بينهم كل من آمنة صولة وسمير عبد الله وآسيا دخيل وعماد الدين شاكر وفيصل التريكي ورضا الملولي وجمال الدين خماخم، مركزين في تدخلهم على التمسك بالسيادة الوطنية وبرفض الهيمنة الاجنبية باعتبارهما مبدأين غير قابلين للنقاش مهما كانت الاعتبارات والتعلات. وفي هذا الصدد شجبت السيدة آمنة صولة عضو مجلس المستشارين تأويلا خاطئا. وقالت في هذا الصدد: «ان الفصل 2 من اتفاقية الشراكة مع الاتحاد الاوروبي لا يعني تخلي بلادي عن سيادتها ولا يعني بالخصوص هدم تطبيق قوانينا الوطنية وعـــــــــــدم احترام الاحكام الصادرة من المحاكــــــم في بلادي». واضافت: «هذا الفصل يمثل اطار للحوار الديموقراطي والنزيه ولا ينبغي ان يكون تعلة للتدخل في شؤوننا والمس باستقلالية قراراتنا». كما انتقدت عضو مجلس المستشارين انعدام الموضوعية في مقاربة البرلمان الاوروبي الذي اظهر تحيزا واضحا لا مبرر به لاطراف متحاملة على بلادنا. اما السيد جمال الدين خماخم فقد دعا بالحاح اعضاء البرلمان الاوروبي الى «عدم الانسياق وراء المحاولات التي ترمي الى اخضاع ارادة الشعوب لآراء متطرفين يمنيين او يساريين لهم مآرب سياسية لا تخفى على احد يبحثون عن تعلات واهية للتدخل في سياسات الشعوب لجعلها اداة طيعة ولفرض هيمنتها عليها». واضاف السيد جمال الدين خماخم: «ان اعتماد البرلمان الاوروبي على الفصل الثاني من اتفاقية التعاون التونسي الاوروبي، والتي ابرمته تونس بكل ندية واستقلالية لتقديم ملاحظات غير موضوعية حول بعض القضايا التي ليست لها في الواقع اتصال بحقوق الانسان ينطوي على تناقض واضح باعتبار ان المسار الديموقراطي التي تشهده بلادنا والذي لا يمكن لأي كان او يضعه موضع شك، يبرهن على ان تونس ماضية بكل حرية واستقلالية في تركيز مجتمع يعتمد اخلاقيات اجتماعية وثقافة ورؤيته حضارية ترتكز كلها على مرجعية قيم تنزع الى المسالمة والتسامح والاعتدال والتضامن التي تمثل اسس كل الحقوق الانسانية». اما السيد فيصل التريكي فقال: «ان الفصل 2 من اتفاقية الشراكة يتحدث عن التعاون في مجال حقوق الانسان وهو ما تقبله وتعمل تونس من اجل انجازه عبر اللقاءات والندوات والحوارات وتقريب وجهات النظر بين الحضارات ولكنه لا يتضمن بتاتا وصاية او مراقبة او حماية تفرض على البلاد التونسية في ميدان حقوق الانسان الذي قطعت تونس به اشواطا بعيدة وما ترسانة القوانين المدعمة لحقوق الانسان والمبادئ المضمنة بالدستور الاخير شاهد على ذلك». واضاف: «نحن في حاجة الى التعاون الاوروبي والدولي ولكن الكرامة قبل الخبز. ان تونس التغيير تونس بن علي هي بلاد حرة ذات سيادة. وهي اذ تحتفل هذه السنة بكل فخر بمرور خمسين عام على استقلالها فهي غير مستعدة كي ترهن هذا الاستقلال لفائدة اي طرف اجنبي مهما كانت الذرائع والتعلات». (المصدر: جريدة الصباح التونسية الصادرة يوم 23 جوان 2006)
مجلس المستشارين ينتقد مواقف البرلمان الأوروبي
كانت الجلسة العامة المنعقدة يوم امس في مجلس المستشرين والتي خصصت للنظر في تنقيح مشروع القانون المتعلق بالمحطات الارضية الفردية او الجماعية المستعملة لالتقاط البرامج التلفزية بواسطة الاقمار الصناعية مناسبة لعدد من النواب لشجب الموقف المنحاز الذي اتخذه البرلمان الأوروبي مؤخرا حول تونس وللتعبير عن رفضهم للإدعاءات والمزاعم التي تضمنتها لائحة صدرت مؤخرا عن هذه المؤسسة الاوروبية. وأعربت المستشارة السيدة آمنة صولة في هذا الصدد انه بقدر اعتزازها بالصورة الحضارية المشرقة التي تتمتع بها تونس في المحافل الدولية وبمساهمتها الفاعلة في المسيرة الكونية نحو تعزيز النهج الديمقراطي والحضاري فإنها تعتبر ان الفصل 2 من اتفاقية الشراكة مع الاتحاد الاوروبي لا يعني البتة التخلي عن سيادة الوطن وعدم احترام الاحكام التي تصدرها المحاكم او التدخل في الشؤون الداخلية للبلاد. وتساءلت المستشارة عن دواعي هذا التحامل على تونس وعن الاسباب التي جعلت النواب البرلمانيين الاوروبيين لا يستمعون الى التيارات الفكرية والحقوقية الاخرى في البلاد ولا يتثبتون من الحقائق بكل موضوعية قبل اتخاذ مواقف بهذه الأهمية والخطورة. وعبّر المستشار السيد جمال الدين خماخم من جهته عن اسفه لانسياق البرلمان الاوروبي وراء اقلية عرفت بعدائها لتونس لأنها تمسكت دوما باستقلال قرارها ودعمت قضايا العدل والحق في العالم، داعيا اعضاء هذا البرلمان الى عدم التورط في المحاولات التي ترمي الى اخضاع إرادة الشعوب من منطلقات استعمارية واضحة لآراء متطرفين من اليمين او اليسار. وبيّن ان اعتماد البرلمان الاوروبي على الفصل الثاني من اتفاقية الشراكة مع الاتحاد الاوروبي لتقديم ملاحظات غير موضوعية وغير دقيقة تتعلق بوضعية حقوق الانسان في تونس ينطوي على جهل بحقيقة الوضع في تونس باعتبار ان المسار الديمقراطي في بلادنا لا رجعة فيه وهو يتعزّز يوما بعد يوم. أما المستشار السيد فيصل التريكي فقد أكد رفض تونس لأي تدخل في شؤونها الداخلية او المس من سيادتها الوطنية معربا عن الاستغراب من انسياق البرلمان الاوروبي تحت تأثير فئة من اعضائه الى هذا التدخل السافر والذي لا مبرر له اطلاقا. وأكد ان الفصل الثاني من اتفاقية الشراكة مع الاتحاد الاوروبي لا يتضمن بتاتا وصاية او مراقبة تفرض على تونس في مجال حقوق الانسان مبيّنا ان بلادنا قطعت بعد اشواطا بعيدة في هذا المجال. وحول نفس الموضوع أكد عدد من المتدخلين الآخرين من اعضاء مجلس المستشارين ان تونس حققت مكاسب هامة على درب تعزيز حقوق الانسان وتوطيد اركان دولة القانون والمؤسسات وهو ما يجعلها في غنى عن تلقي دروس من أي جهة كانت. وبيّن المتدخلون ان الفصل الثاني من اتفاق الشراكة الذي وقعته تونس مع الاتحاد الاوروبي لا يمكن ان يتحول الى وسيلة لمحاولة فرض أية وصاية على بلادنا تحت اي مسمى وانه لا مجال لتوظيف قضايا الحريات وحقوق الإنسان كذريعة للمزايدة علينا او للتدخل في شؤوننا الداخلية. ودعوا البرلمان الاوروبي الى انتهاج الموضوعية والى الاستماع الى كل الأطراف والى الاطلاع على حقيقة الأوضاع في تونس قبل إصدار الأحكام المتحيّزة التي لا تستند للواقع ولا تخدم علاقات التعاون والحوار الحقيقية المبنية على الاحترام المتبادل بين تونس والاتحاد الاوروبي. (المصدر: صحيفة الشروق التونسية الصادرة يوم 23 جوان 2006)
صمْتا.. الكــرة تدور!!!
بقلم: برهــــان بسيّـــــس لم تختلف الامة بحدة كما اختلفت هذه الايام حول حقيقة كفاءة مدرب منتخب الكرة التونسي «روجي لومار» وشطارته في ادارة خطط وتكتيكات المنتخب في مواجهة منافسيه. حُمّى لا مثيل لها تتصاعد تاركة وراءها بالضربة القاضية كل الوان الاهتمامات المغايرة سياسية كانت او اقتصادية او اجتماعية لفائدة حدث وحيد احد هو كأس العالم ومشاركة ابنائنا فيه. يذهب الحديث والتعليق مذاهب شتى تبلغ مع أكثرها قصوية وحماسا الى استذكار نغمات عجيبة لا تكاد تتفق مع الطابع الرياضي للحدث مرة باستحضار قيم السيادة والاستقلال الوطنيين في مواجهة مدرب وطني يصر ألا يبتسم في وجوه الاعلاميين وطورا بالتحفز الحماسي لفتح باب المحاسبة لمنتخب وجامعة وممرن ورياضة بدت الانوف تتحسس رائحة هزيمتها في المحفل العالمي لتبدأ بشكل مواز حملة شحذ السكاكين للمحاكمة والمحاسب بحماس يدرك اصحابه انه سيجر وراءه تعاطف الشعب الكريم الذي يحب بقدرما يكره ويشجع بقدرما يشتم ويتحمس بقدرما يتلذذ بخيبة ينشر على حبلها رغبته النفسية في ان يحاسب ويطالب ويندد ويستنكر على اصداء ذات النغمات التقليدية الغاضبة لمصير اموال المجموعة الوطنية وشقاء الشعب وتضحياته من اجل ان ينعم لاعبو الكرة بكل ظروف الراحة والرفاه والمال الوفير. الكرة احدى مقدسات الامة وركن من توازنها النفسي والاجتماعي لا يمكن مهما ادعينا التعالي عن الالتفات الى سطوتها من الوقوع في قبضة هذه السطوة بالذات. أفيون، متعة، تصعيد، صناعة سرك، لذة، دين، تجارة، سياسة، تلخص الكرة داخلها كل هذه الابعاد والمعاني التي تتقاطع بفعل القالب الجديد المبهر لعالم الصورة مع بهرج المشهد لتنتج احدى اهم انواع السلطة قوة وجبروتا في ترويض البشر افرادا وشعوبا. تلتهم الكرة الوطنية فتعيد تأهيلها على مقاسات الملعب وتماسه حيث تجري معارك الوطن وتتمركز طموحات شعوبه المحتاجة للسرك تماما بمثل حاجتها للخبز، يرتفع النشيد وتتعالى الاصوات وتجري الدماء في العروق وتدق الطبول وتتلى آيات النصر في القلوب طلبا لنفس دعم الله لابنائه المؤمنين بمثل ما دعم مجاهدي بدر حين كانوا فئة قليلة في مواجهة فريق طاغ متجبّر. تتداخل المشاعر وتتزاحم مستدرجة خليطا مجنونا من التلبسات الوطنية والدينية والقومية القادرة على الغاء كل التمثلات العقلانية والارتباطات الموضوعية بين الانسان وواقعه الحقيقي. تلك هي اعجوبة الكرة التي نحياها كتونسيين بمثل ما تحياها معظم شعوب العالم. هل أخطأ لومار أم اصاب؟! هل كان بامكاننا تقديم الافضل مما قدمناه؟! هل سنطيح بالاوكران ونفتح ثقبا في تاريخ عقدتنا الكروية نمر منه الى الدور الثاني؟ نجحت الكرة في ان توحد اسئلة الامة ولو لحين فهل يستطيع احدكم ان يلوم احدى العبقريات السياسية في بلادنا كان لها ذكاء استباقيا في فهم الاحداث واستشرافها حين سرحت وهي تشغل منصب المسؤولية الاولى على رأس احدى احزابنا الوطنية مكتبها السياسي وعموم مناضليها الى عطلة صيفية مفتوحة جازاه الله على قراره هذا كل الخير والبركة. فعلا يبدو الرجل رغم عجب المعلّقين اكثر الفاهمين لدقة المرحلة واستحقاقاتها!!! (المصدر: جريدة الصباح التونسية الصادرة يوم 23 جوان 2006)
رياضة السياسة
د. عبدالوهاب الافندي (*) (1) منذ أيام الرومان ظل السياسيون يستخدمون الرياضة كأداة لتحقيق أهدافهم السياسية، أحياناً لإلهاء العامة عن عظائم الأمور، وأحياناً للسعي لتحسين صورتهم لدي الجماهير، وأحياناً لمآرب أخري. وأحياناً قد ينقلب السحر علي الساحر فتصبح الرياضة وسيلة لتفجير السخط علي الزعماء.
(2) في العصر الحديث، تطورت وسائل أخري لإنتاج أفيون الشعوب ، خاصة مع ظهور وسائل الترفيه الجماهيري الحديثة من سينما وتلفزة وغيرها. ولم يلبث أهل الرياضة أن اكتشفوا قوة الوسائط الجديدة فسعوا إلي دمج الرياضة والترفيه الجماهيري عبر الإذاعات أولاً ثم التلفزة، فتوفرت في يد أهل الشأن أداة ذات سطوة غير مسبوقة.
(3) الأنظمة الاستبدادية بطبعها تضيق علي كل وسائل التحرك المدني والجماهيري، مع استثناء بارز واحد، هوالرياضة التي لا تسمح بها الأنظمة فقط بل تشجعها وتنفق عليها بسخاء لأنها عندها المصرف المأمون لتبديد طاقات الجماهير. وهي تأتي في ذلك بعد الفنون من غناء وطرب ورقص التي تتسامح معها بدرجة أقل، لأنها قد توفر غطاء للتعبيرالسياسي المحرم.
(4) من هنا فمن المستغرب أن تكون الأنظمة سمحت لنفسها بالدخول في الورطة التي جلبها عليها احتكار بث مباريات كأس العالم لهذا العام لقناة سعودية خاصة حرمت جل الجماهير العربية من مشاهدة المباريات، وحولت الظاهرة التي كان من المنتظر أن تلهي الجماهير عن مثالب الأنظمة إلي مصدر غضب جماهيري محتمل قد يتفجر ضد الحكومات.
(5) السياسيون حاولوا توجيه غضب الشعوب إلي الفضائية السعودية المحتكرة وإلي الاتحاد الدولي لكرة القدم باعتبارهما المتآمرين الوحيدين في هذه الجنحة التي ارتكبت في حق الجماهير العربية. ولكن هذه فرية باطلة، لأنه كان بإمكان المؤسسات الرسمية والروابط القومية لكرة القدم أن تتدخل في هذا الأمر فتمنع مثل هذا الاحتكار الذي لا مثيل له في أي مكان آخر في العالم. ولاعبرة هنا لما يقال بأن مثل هذا الترتيب يقع في أوروبا والبلدان الغنية، لأن أي دولة أوروبية ما كانت لتسمح بترتيب يحرم 90% من السكان من مشاهدة مباريات كرة القدم مجاناً، وإلا لسقطت في أول انتخابات. وفي العام الماضي تدخل الاتحاد الأوروبي لمنع اتحاد كرة القدم الأوروبي من عقد صفقات احتكارية علي حساب المشاهد الأوروبي.
(6) لعل ما وقع إذن من إجحاف في حق المشاهد العربي الرياضي هذا العام يكون نقمة في طيها نعم، تتيح للجماهير أن تعبر عن غضبها المكبوت ضد كبوة جديدة من أنظمة الاستبداد لعلها تكون القشة التي تقصم ظهر بعير الصبر المتطاول علي ظلمها وفشلها وقلة غنائها. فلتنتهز الجماهير هذه الفرصة للتعبير عن الغضب والاستنكار علي كل صعيد، وأن تلحق من عجزوا حتي عن توفير حق مشاهدة مباريات الكرة علي التلفاز (ناهيك عن تحرير فلسطين وإصلاح الاقتصاد وضمان كرامة الإنسان) بشاوشيسكو وأمثاله ممن كانوا علي الأقل يوفرون الترفيه الرياضي لشعوبهم الأسيرة. فقد أصبحنا عند حكامنا مثل القطة التي حبست كما جاء في الحديث، فلم تطعم ولم يسمح لها بإطعام نفسها، فدخلت حابستها النار وحق لها.
(7) من المهم أن تعاقب الجماهير كذلك شبكة التلفزة الآثمة التي تآمرت علي حق الجماهير لتثري بغير وجه حق. فلابد من تنظيم حملات شعبية في كل بلد عربي لمعاقبة ومقاطعة هذه الشركة حتي تفلس جزاء وفاقاً علي هذه الجريرة، وعلي جرائر وآثام أخري أكبر، كونها تبيع الناس الغث والهابط من المنتج الثقافي بثمن غير بخس. وإذا كان هؤلاء يريدون مجادلتنا بمنطق السوق، فلنعلمهم أيضاً أن لعملة السوق وجهين. وقد قرأت لبعض الإخوة مقولة جاء فيها أنه يفضل احتكار مثل هذه القنوات الخاصة علي احتكار الأنظمة القمعية للتلفزة الرسمية. المصيبة أن هذه المؤسسة تجمع الحسنيين، فهي صنيعة أنظمة الاستبداد وأداة من أدواتها لإلهاء الجماهير، سوي أنها تتقاضي سعراً باهظاً عن تسميم عقولنا وأبصارنا بسقط المتاع. وإننا لنحمد الله علي هذه السقطة التي تردت فيها القناة لتكشف عن وجهها القبيح وترتد وبالاً علي من أرادوا بها التربح من تخدير الشعوب، فكانوا كمن يطلب من السجين أن يدفع تكاليف سجنه. (*) كاتب ومفكر من السودان، لندن. (المصدر: صحيفة القدس العربي الصادرة يوم 23 جوان 2006)
حوار مع الدكتور محمد حسين فنطر في قناة العربية الفضائية
اسم البرنامج: ضيف وحوار مقدم الحلقة: الهادي الحناشي تاريخ الحلقة: الاثنين 19-6-2006 ضيف الحلقة: د. محمد حسين فنطر (مؤرخ تونسي) الهادي الحناشي: الدكتور محمد حسين فنطر أحد المختصين الذين تستأنس الجامعات الأوروبية بخبراتهم في دراسة الحضارات الفنيقية وحضارات ما قبل الميلاد في شمال إفريقيا، تحمّل عديد المسؤوليات الأكاديمية في تونس، وتجوّل عبر عشرات الجامعات محاضراً في كل من فرنسا وإيطاليا، ويُعد مرجعاً لعدد من المراكز العلمية الأوروبية في تاريخ الحوض المتوسط، يحمل محمد حسين فنطر في جعبته الكثير، ومع ذلك نحاول التطواف معه في هذه الرحلة القصيرة. الهادي الحناشي: دكتور محمد فنطر أهلاً وسهلاً. د. محمد حسين فنطر: أهلاً وسهلاً. عودة لكتابة التاريخ والاهتمام بالوثائق التاريخية الهادي الحناشي: بداية سنتحدث عن التاريخ، الآن نلاحظ في الوطن العربي عموماً في تونس ربما بشكل خاص وأيضاً في أقطار كثيرة من المغرب العربي هناك عودة لكتابة التاريخ، هناك كتب كثيرة في التاريخ حتى أنها أصبحت تتفرع، أحياناً نقرأ تاريخ مدينة وأصبح تاريخ قرية وتاريخ قبيلة، لماذا هذه العودة الآن لدراسة التاريخ وللكتابة فيه بهذا الزخم؟ د. محمد حسين فنطر: أولاً هو الواقع إلى زمن قريب تاريخنا نحن العرب كان الآخر يكتبه، والآخر يقول لنا ها أنتم، في اليوم أصبحنا واعيين بهذا الخطر، لنقول ها نحن، ومن غير شك هذا يشير إلى التقدم الذي اكتسبه العالم العربي في مجال التعليم في توعية المواطنين، والمواطن أصبح أيضاً يشعر بأن الهوية شيء ضروري ليكون لا يمكن أن يكون إلا هو، ومن ليس هو ليس له وجود، فترى الآن في كامل العالم العربي الاهتمام والتركيز على التاريخ. الهادي الحناشي: هل هذا صحي يعني الآن في هذا الوقت بالذات أن نعيش في التاريخ وأن نعيد إحياؤه؟ د. محمد حسين فنطر: لا لا هو كتابة التاريخ ليس هو حياة هو محاولة استنطاق التاريخ لاستشراف المستقبل، لأن التاريخ هو دائماً هو الذي يمكن أن يقول إذا كان التاريخ مؤنث نقول حبلى بالمستقبل، ثقيل بالحاضر ومليء بالمستقبل فينبغي إذن أن نهتم به، وكل الشعوب التي لم تهتم بتاريخها ذلك هو التخلف، ومن غير شك مما يثبت ذلك أن الآخر القوي الواعي هو يحاول تعتيم تاريخ الأمم، أو جعلها تقرأ التاريخ كما يريده هو. الهادي الحناشي: وما الفرق حينما نكتب نحن التاريخ يعني نفس الحقبة التاريخية ربما.. د. محمد حسين فنطر: نحن نكتب التاريخ أولاً هذا كدليل إنه أصبحنا قادرين على أن نستجيب إلى تراثنا، واستنطاق ما عندنا من التراث.. ولو الحقيقة يمكن أن نقول ما زلنا بعيدين كثيراً على أن نستجيب لكل حاجياتنا لنكتب تاريخنا، ودائماً أعيد نكتب التاريخ لا للوقوف على الأطلال لا للحياة في الماضي بل أملاً في بناء مستقبل أفضل، والآن قلت لا نستجيب لكل ما يتطلبه تراثنا، الآن هناك كتابات قديمة أن العروبة إن صح التعبير العروبة ليست فقط تبدأ مع الإسلام فهي قديمة جداً، تعود إلى حمورابي وإلى ما قبل حمورابي إلى تلك.. إلى ما يسمى بأساطير الأولين الذين نجد هذه الأساطير لا بمعنى الأسطورة الخرافة، الأساطير بمعنى كتابات الأولين من سطر يسطر، نون والقلم، والطور وكتاب مسطور أي مكتوب. الهادي الحناشي: دكتور إذن طيلة الحقبة الماضية كان الغرب ربما والآخر يكتب هذا التاريخ، هل معنى هذا أن العرب الآن انتبهوا إلى أن تاريخهم كان يُقدم من قبل الآخرين وبالتالي لا بد من العودة لتصحيح الصورة ربما؟ د. محمد حسين فنطر: هو الواقع هم طبقات، كل الشعوب ليست سواسية في هذا المستوى، هناك من أدرك مستوى معين للوعي، ومستوى أيضاً من القدرات من تكوين القدرات التي تستطيع أن تنكب على الوثيقة، وتنطلق لا مما كتبه الآخرون بل من الوثيقة نفسها، وعندما نقول تاريخ في الواقع هو ليس فقط تاريخ بوثائق عربية هناك وثائق أخرى، هناك استنطاق آثار، هناك استنطاق كتابات قديمة لاتينية إغريقية آشورية آرامية فينقية إلى غير ذلك حسب الظروف وحسب البلدان وحسب تاريخ تلك البلدان. الهادي الحناشي: لكن الآن بسبب هذه الثورة المعلوماتية ربما الوثيقة أصبحت موجودة ومتوفرة، هل لدينا كعرب القدرة على استنطاقها ربما للوصول إلى الحقيقة وتقديمها ربما بشكل.. د. محمد حسين فنطر: نعم هذه قضية كبيرة، يعني ينبغي أن نكّون الأطر القادرة على استنطاق الوثيقة، إن الوثيقة كما قلت منذ حين ليست عربية فقط، بل أيضاً بلغات أخرى وينبغي على العرب أن يتولوا تكوين. الهادي الحناشي: هل لدينا أطر؟ لأننا دائماً نسمع في الصحف أننا نستعين بخبراء أجانب، الاكتشافات الأثرية مثلاً دائماً يقولوا أن البعثة الفرنسية أو البعثة الألمانية هي التي قامت باكتشاف هذا الموقع أو ذاك، يعني هل لدينا من الكفاءات ما يستطيع..؟ د. محمد حسين فنطر: نعم لدينا الآن كفاءات ولكن ليست كافية ليست كافية، وليست لا من حيث الكم ولا من حيث المستوى، مثلاً أنا شخصياً مندهش عندما أرى أرض الكتابات أرض العروبة هي أرض الكتابة التي نشأت فيها الكتابة منذ الألف الرابع قبل الميلاد سواء في وادي الرافدين أو على وادي النيل، وهذه الكتابات غالبها يقرأها الآخر وكما يقول يقع إعجامها من قبل الآخرين، فعلينا وأنا أعتقد أن المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم عليها أن تكون لها سياسة لتكوين الأطر القادرين على الاستجابة لما يتطلبه منا تراثنا حتى نقرأه قراءة مباشرة، ونكون على مقولة أبي حنيفة أعتقد يقول: « لا تشفيني إلا المعاينة » أي لا يمكن أن ما دام هناك وسيط هناك خطر. الهادي الحناشي: دكتور أنت تتحدث عن الوثيقة التاريخية لأنها ربما موضوع هام وهام جداً خاصة وأن البلاد العربية جميعها مرت بفترة استعمارية، ونحن نعلم أن المستعمر قد تمكّن من السيطرة ومن السطو على هذه الوثائق التاريخية، بالنسبة لرصيد العرب الآن الموجود في المتاحف الغربية وفي الجامعات، هل من الممكن الحصول عليه هل هناك بحث في محاولة قراءته في محاولة استنطاقه من جديد؟ د. محمد حسين فنطر: لا شك أن هناك فيما يتعلق بالاستنطاق والقراءة أعتقد أن الباب مفتوح أو الأبواب مفتوحة أمامنا، أو لمن يريد أن يتعرف على تلك الوثائق، وأما فيما يتعلق باسترجاعها تلك قضية أخرى، لأن هو الواقع لا يمكن أن نقول عندما نكون موضوعيين يمكن أن أقول أن نحمد الله على أن طويت تلك الوثائق الآن في متاحف أو في مكتبات الآخر لأنها لو بقيت عندنا لما أتلفناها ولما تم القضاء عليها كما تم القضاء على كثير من الوثائق والتحف. الهادي الحناشي: يعني لعدم القدرة على حفظها أو.. د. محمد حسين فنطر: لعدم الوعي والجهل.. الهادي الحناشي: عدم الوعي بأهميتها..؟ د. محمد حسين فنطر: بأهميتها بلا شك، قديماً كانوا يقولوا إلى حد قريب ما زال الناس يقولوا هذه أعمال جهلاء ليست.. وهناك إلى اليوم هناك من يؤمن أن التاريخ العربي يبدأ بالفتح الإسلامي، وكأن ما قبل الفتح العربي الإسلامي ليس هناك تاريخ، والعالم العربي الإسلامي عالم فسيح فيه من إيران إلى وادي الرافدين العراق الآن إلى سوريا إلى حتى أوزباكستان. أسباب اهتمام الغرب بتاريخ المنطقة العربية الهادي الحناشي: طيب لماذا يهتم الغرب وخاصة الجامعات الآن الجامعات الغربية الآن تعيد تركيز اهتمامها على المنطقة العربية، تبحث في تاريخ العراق، في تاريخ شبه الجزيرة العربية في تاريخ المغرب العربي؟ د. محمد حسين فنطر: لأنهم يريدون أن يسيطروا والمعرفة هي أول وسيلة للسيطرة، لا يمكن أن تحسن السيطرة على الآخر إن كنت قوياً إلا إذا عرفته وعرفت تاريخه، وعرفت مهجته، وكيف يفكر وما هي أحلامه وما هي نقاط ضعفه إلى غير ذلك، فهناك يقومون بفحص دقيق لمجابهة ذلك الوضع، هناك عندما نكون أمام وضع معين لا يمكن أن نستجيب أو أن نتحدى أو نقاوم أو أن نتعامل ونتحاور مع ذلك الوضع إلا إذا كنا نعرفهم معرفة جيدة، فالطبيعة مثلاً لا يمكن أن تسيطر عليها إلا إذا عرفتها. الهادي الحناشي: الآن ربما نتحدث عن تاريخ منطقة المغرب العربي بشكل عام، ما هي الحقب أو المراحل التاريخية التي ترى من وجهة نظرك كمختص بأنها ما تزال تشكو نقصاً وغبناً في الاهتمام بها من الناحية التاريخية؟ د. محمد حسين فنطر: التاريخ القديم بصفة عامة وبالأخص الفترة التي يمكن أن يطلق عليها الفترة اللوبية أي سكان البلاد الأصليين، معناها ولو في بعض الأقطار المغاربية الآن يسموها الأمازيغية وسكان شمال إفريقيا القدامى لم يعرفوا هذا تقريباً ما كانوا يسمون أنفسهم كذلك، بل كانوا يسمون باسم اللوبيون، اللوبيون هم سكان شمال إفريقيا، وهذا ما زلنا أولاً ما زلنا لا نسيطر على هذا الميدان وكما لا نسيطر على.. الهادي الحناشي: ماذا بسبب الإمكانيات أو بسبب ماذا؟ د. محمد حسين فنطر: بسبب أولاً عدم وجود الوثائق المتوفرة، والوثائق المتوفرة عسيرة المنال، بعدين عندك كتابات لوبية قديمة ولكن قراءتها ما زالت عسيرة ومفاتيحها ما زالت بعيدة عنا لا نملك المفاتيح لفهم تلك اللغة، لأنه تعرف إنه اللغة اللوبية الأصلية الآن في شمال إفريقيا مالا يقل عن مائة لهجة وهذه اللهجات مختلفة سواء في مثلاً عنا في الأطلس الشلح القبائل.. الهادي الحناشي: هذه حتى المشاهد يفهم يعني هي اللغات لهجات داخل الأمازيغية نفسها.. د. محمد حسين فنطر: هي لهجات أمازيغية والتي مافيه شك كل منطقة لها إحنا عنا مثلاً في مطماطا ما زال بقايا ناس تتكلم اللغة اللهجة الأمازيغية إن صح التعبير. الهادي الحناشي: ما هي أماكن وجود أو تمركز الأمازيغ في منطقة المغرب العربي إذا أخذنا من ليبيا إلى غاية موريتانيا؟ د. محمد حسين فنطر: عندك في ليبيا منطقة زوارا، في تونس أقلية بس تكاد تكون غير موجودة. الهادي الحناشي: ما هي نسبتهم تقريباً في تونس؟ د. محمد حسين فنطر: في تونس تقريباً يمكن 1% من السكان، لا ينبغي هنا أنه نفرق بين اللغة اللهجة والعرق، نحن كلنا من حيث الأغلبية ننتمي إلى هذا العرق الأصلي، وهذا العرق الأصلي تفتح على كثير من الحضارات فتكنعن وترومنا وتعربا إن صح التعبير، وكل هذه الطبقات موجودة الآن في تاريخنا، فاللوبيون هناك قضية تاريخية هناك أراضي سقتها العروبة فتعربت، وهناك أراضي بقيت بعيدة عن وادي العروبة فبقيت أمازيغية. الهادي الحناشي: يعني المرتفعات تقريباً مبقيت دون أن تصلها العروبة.. د. محمد حسين فنطر: من قضية الحضارة هي كيف النهر، النهر الذي يمر يسقي، هناك مرتفعات مثلاً تترك وتبقى بعيدة عن تلك المياه فلم تسقها العروبة، وإحنا من حسن حظنا في شمال في المغرب الكبير وخاصة في تونس سقتنا مياه الحضارة المشرقية مرتين، المرة الأولى مع قرطاج والفينيقيين والمرة الثانية مع العروبة مع العرب. الهادي الحناشي: فاصل قصير مشاهدينا نعود بعده لمواصلة هذا الحوار مع الدكتور محمد فنطر. [فاصل إعلاني] الهادي الحناشي: أهلاً بكم من جديد، دكتور الآن تونس أعلنت عن احتفالها بذكرى مرور 600 عام عن العلامة ابن خلدون، كذلك قبل فترة شاهدنا احتفال في إسبانيا بالعلامة ابن خلدون، يتحدثون في الجزائر أيضاً عن ابن خلدون في مصر، عن ابن خلدون من، هو هذا الرجل؟ ولماذا كل من هذه الدول ترغب في تنسيبه أو نسبته إليها؟ ابن خلدون هو رجل عالمي يعود إلى كل الشعوب د. محمد حسين فنطر: في الواقع ابن خلدون هو رجل عالمي يعود إلى كل الشعوب لأنه أشع على كل الحضارات. الهادي الحناشي: لماذا إسبانيا بالذات الآن تعلن بأنها تحتفل بابن خلدون وتنظم احتفالية كبرى؟ د. محمد حسين فنطر: أنا أعتبر أن هذا شرف لابن خلدون وشرف أيضاً للمغرب الكبير ولتونس لأنها وطن ابن خلدون ومسقط رأس ابن خلدون، معناها أن الإسبان يعتبرون أنها هذه البلاد أو العروبة حتى أن نشارك كل البلدان العربية أنه يتكلم بالعربية وعربي، فالعروبة كان لها إسهام في بناء الحضارة البشرية، فهذا يعتبر وكل الشعوب التي تؤمن بدور كما مثلاً نقول عندما نقول معناها يعترف العالم بإسناد جوائز عالمية مثلاً جائزة نوبل إلى أحد كبار الكتاب بالرواية وغيرها، فهذا اعتراف أولً بذلك الشاعر وجعل وحشر إن صح التعبير ذلك الرجل أو ذلك العالم في زمرة كبار العالم وبناة الحضارة العالمية. الهادي الحناشي: لو نقدم هذا الرجل قلت أنه ولد في تونس، كيف وصل إلى الجزائر؟ ما علاقته بمصر؟ يعني نريد بعض المعلومات ربما عنه؟ د. محمد حسين فنطر: هو ابن خلدون هو يمكن أن نقول هو العربي الحقيقي الذي نشأ في تونس ثم تحول ومرّ على مختلف.. على كثير من الدول والحكام والسلاطين الذين كانوا يريدون يقربونه ليستفيدوا من خبرته، وربما هو رجل كان يؤمن بذاته وبدوره، وأحياناً يخيف السلطان الذي قربه فيحاول إقصاءه فيبتعد، وكان له من القدرة على التأقلم.. الهادي الحناشي: يعني الصراع الأزلي بين المثقف والسلطة يعني.. د. محمد حسين فنطر: السلطة بلا شك إذا كانت تكون معناها سلطة غير واعية بمصالح الرعية، الراعي إذا كان غير واعي وغير مهتم بمصالح الرعية تراه دائماً يفكر إلا فيما يمكنه من البقاء، وكلما شعر أن هناك خطر إلا وقضى على أي شيء حتى ولو يكون ذلك دمار بالنسبة لوطنه وبالنسبة لرعيته، المهم أن ابن خلدون يعني تعرف على كامل البلاد العربية، وكان له أن ينتهي في مصر حيث أن هذا.. كان من الرحل إن صح التعبير واستفاد من إقامته هنا وهناك، واستفاد الإفادة الكبيرة وربما هو هذا اقترابه من السلطة هنا وهناك جعله يكتنز التجارب ويفكر ويعبر عنه ويتركه، يعني ثروة أو معناها زي ما تقول معناها شيء إرث للأجيال الأخرى العربية والغير عربية. الهادي الحناشي: دكتور وأنت ترأس كرسي لحوار الحضارات والأديان، لماذا حينما نتحدث عن حوار الحضارات، وحينما يبادر الغرب بتنظيم مؤتمرات أو ملتقيات تتناول مسألة الحوار مع الحضارات يتم استدعاء شخصيات عربية من التاريخ، يعني ولا يتم يعني مثلاً يتحدث هنا ابن خلدون، يستحضرون علماء لهم أكثر من ألف عام ممن رحلوا، ولا يستحضرون أي رمز من الرموز الحالية من رموز التاريخ المعاصر، هل معنى هذا أننا لا نستطيع أن نتحاور بحاضرنا نتحاور فقط بماضينا يعني؟ د. محمد حسين فنطر: لا هو بين قوسين ينبغي أن نفهم كلمة حوار، الحوار هو ليس فقط حديث بين أطراف أو بين طرفين أو أطراف عديدة، الحوار هو معرفة الذات والتعرف على الآخر لهدف معين، لأن المعرفة هي التي تكسر الجدران الفاصلة بين الشعوب وبين الثقافات وبين الحضارات، وبتكسير الجدران هو التعايش معاً العيش معاً في سلم. الهادي الحناشي: هل الحوار يتم في مستوى داخلي، نتحدث في مستوى منطقة المغرب العربي، هل يتم الحوار بين الأديان ربما بين الجاليات اليهودية المسيحية المسلمين الموجودين في منطقة العرب؟ د. محمد حسين فنطر: وهذا هو ما نرنو إليه. الهادي الحناشي: أم أن الحوار هو فقط بيننا نحن وبين الآخر؟ د. محمد حسين فنطر: لا هو ينبغي قبل والأهم خاصة بالنسبة للشعوب أو الأوطان التي فيها من الطوائف طائفة مسيحية أو طوائف مسيحية لأن المسيحية نفسها تنقسم، وفيها مسلمون ويهود ينبغي قبل كل شيء أن يكون الحوار داخل الوطن لتوفير الظروف والعيش في سلم.. الهادي الحناشي: هل هو موجود الآن؟ ما هو واقع الحوار الآن يعني؟ د. محمد حسين فنطر: أنا أعتقد أن الآن غير موجود أو ما زال في خطواته الأولى، فينبغي عمل كبير لنوفر ظروف الحوار.. الهادي الحناشي: ما الذي يعيق الحوار يعني إذا كان بنهاية الأمر يلتقوا بكونهم مواطنين متساوي الحقوق؟ د. محمد حسين فنطر: الذي يعيق الحوار في رأيي هو أولاً الجهل والجهل منتشر في العالم العربي خاصة، أنت ترى الأمية من وهنا دائماً هناك تفاوت، إحنا في تونس والحمد لله تقريباً وصلنا الآن إلى ما يقرب عن 100% من حيث تمدرس، وفي بعض البلدان الأخريين الأمية توصل إلى 20 أو 25 أو 30% ما دام الجهل مخيم لا يمكن أن يكون هناك حوار، ثم هناك أيضاً شيء آخر ما دام الإنسان.. يوجد إنسان يؤمن بأنه يعني يستأثر بالحقيقة المطلقة يعني يملك الحقيقة المطلقة ليس هناك حوار، لأن الذي يملك الحقيقة المطلقة لا يمكنه أن يتحاور مع الآخر لأنه يعتقد إن الآخر على ضلال، نحن نقول كن مسلماً واسمح لغيرك أن يكون يهودياً أو مسيحياً، وانظر إليه بعين أيضاً الاحترام بين الخصوصية، وثم لا سيما وأن هذه مثلاً هذه الديانات إذا بقينا في الديانات الإبراهيمية أننا هذه الديانات عبارة على شجرة زيتونة لها جذع واحد وهو إبراهيم ولها جذور واحدة منغمسة في أعماق تراثنا المشاع، وهناك لها فرع إسلام وفرع يهودية وفرع الآخر مسيحية. الهادي الحناشي: نتحدث عن غير المسلمين في تونس دكتور ماذا يوجد غير المسلمين؟ د. محمد حسين فنطر: إحنا عندنا في تونس الأغلبية مسلمة، ولكن هناك جالية هناك طائفة مسيحية، هناك مسيحيون في تونس وخاصة من الجالية التي تعيش في بلادنا منذ حتى قبل.. هناك عائلات مسيحية تعيش في بلادنا جاء أجدادها منذ من قبل الاستعمار، وعندنا بلا شك الطائفة اليهودية التي هي فيها جزء من المهاجرين الذين أتوا إلى بلادنا في ظروف معينة، وهناك أيضاً من.. هجرة قديمة جداً والهجرة هناك مرحلتان، مرحلة في تحطيم المعبد الكبير أول القرن السادس مع أحمد سليمان في القرن السادس قبل الميلاد هناك جاليات جاءت مع الفينيقيين والقرطاجيين تجار، وفي التحطيم المرة الثانية معبد سليمان في عهد الإمبراطور تيتوس في السبعين أو 71م أيضاً جاءت هجرة، ولكن ذلك كانت هناك قبائل محلية منها أمازيغية تهودت، لأن خلاف على ما يقال عادة اليهودية ليست عرق هي فقط ديانة، وهناك كثير من القبائل الأخرى تهودت اعتنقت اليهودية في القرن الثالث ميلادي وفي القرن الأول الميلادي كان اليمن كانت مملكة يهودية وملكها يهودي. الهادي الحناشي: دكتور محمد حسين فنطر شكراً لك على هذا اللقاء، مشاهدينا الكرام حتى نلتقيكم في حلقة قادمة نستودعكم الله وإلى اللقاء. (المصدر: موقع العربية.نت بتاريخ 21 جوان 2006)
رجاء بن سلامة منتقدة الثوابت: التاريخ أفضل ناقد للاجتهادات المعرفية الإبداعية والمقلدة
منتصر حمادة (*) شجاعة أدبية تحسب للباحثة التونسية رجاء بن سلامة في التعبير عن اجتهادات تثير الكثير من الجدل والاستفزاز. نحن في ضيافة أحدث مؤلفات رجاء بن سلامة: نقد الثوابت: آراء في العنف والتمييز والمصادرة. (دار الطليعة. بيروت. 2005). شرح النّصوص وتفكيكها ، (ص 93) هو المهمة التي تتقنها المؤلفة، دون أن تتوقف طويلا عند المرجعية الفكرانية التي تتأسس عليها عملية الشرح والتفكيك هذه، لولا أننا نجد العديد من القراءات والإشارات و الاجتهادات التي تعبر بشكل واضح عن مرجعية الباحثة، وهذا ما يُحسب لها، ونقصد التعبير الصريح عن الآراء دون مواربة أو تملق لهذا التيار أو ذاك. والباحثة بالمناسبة، أستاذة محاضرة بكلية الآداب والفنون والإنسانيات بمنّوبة بتونس الشقيقة، تدرّس التفكيك وتاريخ التصورات عن المرأة في نطاق وحدة تاريخ النساء ، والخطاب عن المرأة وعن الجندر في العالم العربي بالمعهد العالي للعلوم الإنسانية بتونس. وأصدرت مجموعة من المؤلفات بالعربية والفرنسية، نذكر منها علي الخصوص: العشق والكتابة: قراءة في الموروث (كولونيا، ألمانيا، دار الجمل، 2003)، صمت البيان (القاهرة، المجلس الأعلي للثّقافة، 1999)، الموت وطقوسه من خلال صحيحي البخاري ومسلم (تونس، دار الجنوب، 1997)، و الشعرية، لتزيفتان تودوروف (ترجمة بالاشتراك مع شكري المبخوت، الدار البيضاء، دار توبقال، 1987، طبعة ثانية سنة 1990). ثالوث السلطة والدين والجنس حاضر بقوة في ثنايا الكتاب، كما يتضح من خلال العناوين التالية: ضد الهوس الديني: تحجيب النساء، مصادرة الشعراء ، الأنثي، هذا الآخر الذي ليس بآخر ، أبنية المواطنة المنقوصة: ثقافة التمييز ، قوانين الحب وقوانين الشريعة: خواطر بمناسبة عيد الحب لعام 2005 ، لماذا وقعت البيان المجرّم لفتاوي الإرهاب ، صكوك الامتياز الروائي يوزعها اتحاد الكتاب العرب ، فتاوي تزرع الموت أو الدعاة الجدد: من التحريض إلي التنويم . تحرير القرآن من الفقه لا تنقصنا الإقرارات الصريحة اللصيقة بمرجعية رجاء بن سلامة، فهي تطالب المتلقي بأن يترك التّلعثم والتّكتيكات الباردة، وتطالب بما يضمن المساواة والحرية بين الجميع: بفصل الدين علي السياسة وفصله عن التّشريع وإخضاع العلاقات بين الرجال والنساء إلي القوانين المدنية الحديثة. (ص 28)، كما تطلب من الأنظمة الحاكمة أن تصبح الأحكام المتعلقة بالمعاملات قانونية وضعية بحيث يتم تحرير القرآن من الفقه الذي أحيط به والذي يختزله في مجموعة من الأحكام المحللة والمحرمة. إنّه نص تعبدي روحاني يمكن أن تُلهِمَنا مبادئه الأخلاقية في تطوير تشريعاتنا وتطوير منظومة حقوق الإنسان وتهذيب نفوسنا وتعليمنا الرحمة وعدم التمثيل بالنفوس والأجساد، ولكن لم يعد بالإمكان اعتباره مصدرا للتشريع والاجتهاد في مجال المعاملات والحياة العامة (ص 112). وغالبا ما تستشهد بأسماء معرفية وازنة، ولكن من الغرب، وليس الشرق (المتخلف والرجعي..)، حتي أننا نطلع في تعاطيها مع موضوع المرأة علي ترجمات لاجتهادات جاك دريدا وسيمون دو بوفوار وفرويد، دون سواهم، ولو كانت الغلبة لدريدا بالطبع، ما دامت متخصصة في تفكيك النصوص، بدليل الاستشهاد به، في موضوع المرأة و..الحركات الإسلامية أيضا. وهناك أيضا مرجعية نيتشه، ولعل أهم استشهاد جاء في هذا الصدد، الإشارة النيتشوية إلي أن الطريق الذي ينحدر إلي الأصول، يؤدي في كل مكان إلي البربرية (ص 93). الترابي الإسلامي وبن سلامة العلمانية استحضرنا حسن الترابي الإسلامي ونحن نطلع علي اجتهادات رجاء بن سلامة اليسارية الفكرانية في معرض الاطلاع علي اجتهاداتها حول زواج المرأة المسلمة من غير المسلم، وإذا كانت حالة الترابي تندرج، والله أعلم، ضمن مأزق الإفتاء الاعتباطي والتمييع الفقهي، فإن الأمور تختلف مع ضيفة هذا العرض، لأن الأرضية الفكرانية التي تنطلق منها، تُخَوِّل لها، وهذا شأنها الخاص بالطبع، التأكيد مثلا علي أن الديمقراطية تعني الحرية، وتعني وجود مجال خاص لا تتدخل فيه الدولة، وإذا كان الأمر كذلك، تضيف بن سلامة، فكيف ستكون هذه الديمقراطية الإسلامية، إذا كان من ثوابت الشّريعة أنها تقيّد حق اختيار القرين علي أساس الدين، وإذا كان الشيخ القرضاوي وغيره من المعتدلين يفتي بمنع زواج المسلم بملحدة والعكس، ومنع زواج المسلمة من كتابيّ، ومنع زواج المسلم والمسلمة من بهائية أو بهائي؟ أليست حرية اختيار القرين بقطع النظر عن الدّين والمعتقد من حقوق الإنسان التي تكفلها المواثيق الدولية؟ . (ص 74) والسبب في ذلك كما تشير في موقع آخر من الكتاب (ص 97)، أنه من أبجديات الفكر السياسي الحديث، أن ما يسميه الفلاسفة الفرنسيون بـ حرية الضمير ، حق من حقوق الإنسان الأساسية، وأنه يشمل حرية الرأي والتعبير وحرية المعتقد، وحرية تبديل الإنسان دينه، وحرية تركه الدّين الذي وجد عليه آباءه، حتي وإن كان هذا الدين يقدم نفسه علي أنه الدّين الصحيح، والدّين الذي لا دين بعده . ولعل الخوض القلق في مثل هذه الأسئلة يُبرر اللجوء إلي هكذا عنوان للكتاب: نقد الثوابت ، وإلا، لنعلنها صراحة، علينا ترك هذه الثوابت، إرضاء لصناع القرار الكوني، وتماشيا مع الموضات الفكرية والفكرانية السائدة خلال السنين الأخيرة. وتذكروا جيدا أن الأمر لا يتعلق فقط بتونس أو الوطن العربي، وإنما العالم الإسلامي برمته. حتي المفكر المغربي محمد عابد الجابري لم يسلم من انتقادات الباحثة، مع أن الرجل، غير محسوب بالمرة علي الإسلاميين المعتدلين أو المتشددين، ولا يدعو إلي تطبيق الشريعة أو إقامة دولة الخلافة أو الانخراط في الجبهة العالمية لقتال اليهود والنصاري (الشعار الشهير والصادر عن تنظيم القاعدة في شباط من عام 1998) والسبب في نقد الجابري، مجرد اجتهاد لهذا الأخير صدر في يومية السياسة الكويتية، اعتبر من خلاله أن العلمانية شعار ومشكل مصطنع خلقه المفكرون المسيحيون ، مؤكدة علي أن التقييم صدر عن الجابري الفيلسوف وليس الجابري اللاهوتي! تطبيل للمرجعية الكونية نتفق مع الباحثة علي أن ثقافتنا تقوم علي التهريج وعبادة النجوم والتزلف إلي الأحياء الأقوياء ، ونتفق أيضا علي ضرورة تسمية الأشياء بأسمائها وأن نفضح في الوقت نفسه الخلط المتعمد ، كشروط مؤسسة في من يتحمل مسؤولية الإعلام والتحليل والتفكير (ص 109)، ونتفق أخيرا علي أن شيوخ الأمس كانوا يقولون: واللّه أعلم ، أما شيوخ اليوم فهم آلات إفتاء في كل شيء ، (ص 79)، ويتأسس علي هذا التقييم تأكيد الباحثة علي لا يوجد بشر له حق إلهي في النطق بالحق، وفي الكلام باسم الله والوصاية علي النصوص المقدسة، ولا يوجد أي بشر يمكن أن يتّخذ ذاته الفردية مصدرا للتشريع. فقد سقطت أقنعة رجال الكنيسة منذ قرون، وبدت للعيان بشرية ما أوهموا الناس بأنه إلهي وتبدّدت أساطيرهم وصكوك غفرانهم . ويتأسس عليها أيضا خوض رجاء بن سلامة في الأسباب والمقدمات التي خولتها بالتوقيع علي ما سُميَّ يوما بـ البيان المجرّم لفتاوي الإرهاب ، من منطلق أن المفتين الذين يقدم البيان نماذج من فتاواهم، ينتصبون مصدرا للتشريع وبديلا عن القوانين المدنية في بلدانهم وخارجها، وبديلا عن دولهم، وبديلا عن القوانين الدولية .. ومعلوم أن كوفي أنان تَسَلَّم بيانا أعده وزير التخطيط العراقي السابق جواد هاشم والمفكر التونسي العفيف الأخضر والمفكر الأردني شاكر النابلسي، ووقعت عليه أكثر من أربعة آلاف شخصية فكرية وثقافية وفنية، ويدعو البيان مجلس الأمن والأمم المتحدة إلي إقامة محكمة دولية لمن أطلق عليهم فقهاء سفك الدماء من علماء وفقهاء يصدرون فتاوي الإرهاب والقتل بحق المدنيين من النساء والأطفال الأبرياء . وسبق أن أكدنا في معرض التعليق علي هكذا خطوة أن تنديد النخب العربية والإسلامية بالتدخل الخارجي في تعديل المناهج الدينية والتعليمية، لا يستقيم إذا كانت نخبة فكرية عربية تصر علي الاستنجاد بالتدخل الخارجي في معرض تصفية حسابات فكرانية ومذهبية وسياسية مع اتجاهات شتي في الفقه الإسلامي الحركي (القدس العربي. (31/3/2005) تشير رجاء بن سلامة إلي أن ذات البيان يتوجه إلي سلطة قانونية دولية عليا قلما يتوجه إليها المثقفون العرب نتيجة ضيق أفقهم وإيديولوجياتهم الانتمائية القائمة علي منطق الهوية. (كذا!) هذه السلطة هي المنتــظم الأممـــــي، التي لا يتوجّه إليها البيان لأن الإرهـــــاب الإسلامي ظاهـــرة معولمة عابرة للبــلدان فحسب، بل لأن مرجعية صائغي البيان هي القانون الدولي ومنظومة حقوق الإنسان، والمثقف العربي يمكن أن يوقّعه لا فقط بصفته مثقفا عربيا بل بصفته إنسانا ومواطنا عالميا، أو بصفته مناضلا من أجل حقوق الإنسان، أي من أجل كرامة الإنسان بقطع النظر عن دينه ومعتقده ولغته ونسبه وجنسه . كلام فضفاض، لعدة اعتبارات، أهمها الإحالة إلي المرجعية الدولية التي نطلع علي استحقاقاتها العملية بالفعل والقوة في العديد من الحالات الكارثية، وخاصة الحالات اللصيقة بأوضاع عربية وإسلامية دون سواها. ونتذكر جيدا ما حرره طارق علي، الكاتب الباكستاني، واليساري هو الآخر ـ تقارب جلي مع فكرانية رجاء بن سلامة ـ ولكن الرجل كان أكثر صراحة وانسجاما مع الواقع في معرض تقييم المرجعية الكونية التي تروج لها الباحثة، فقد أشار مثلا إلي أن الشعوب الغربية تمتلك ذاكرة قصيرة جدا ، وأن التاريخ الحديث يتم تجاهله عمليا من قبل المؤسسات الإعلامية الأمريكية، بحيث يقِل الاطلاع علي ما يجري في باقي دول العالم: نحن حيال ثقافة ريفية جدا تنتج الجهل، ومثل هذا الجهل مفيد جدا في أوقات الحرب لأننا نستطيع إذاك أن نشعل غضبا سريعا في شعب فقير بالمعلومات وأن نشن حربا ضد أي بلد ، وأشار أخيرا إلي أن الولايات المتحدة ليست سوي الإمراطورية الوحيدة المهيمنة علي العالم، فحرب الكوسوفو ـ مادامت رجاء بن سلامة تحيلنا علي المُنتظم الأممي ـ تمت خارج إمرة قيادة حلف الناتو ، الذي هُمِّشَ تماما. أما التحالف ضد الإرهاب فإنه يعني أساسا الولايات المتحدة التي لا تريد أن يتدخل في استراتيجيتها أحد. (انظر العرض الذي أنجزناه في كتابه القيم الموسوم بـ الإمبراطورية والمقاومة . القدس العربي . (29/5/2006) تزامن تحرير هذا العرض مع صدور استجواب صحفي أجراه محمد علي حنشي مع هـــــدي بيـــــبان، برلمانية كندية من أصل مغربي، وجاء عنوان الاستجواب علي الصحفة الأولي من يومية العلم كالتالي: حرصت كنائبة مسلمة علي القسم علي القرآن في برلمان الكيبيك وكانت سابقة . (يومية العلم المغربية. 3/5/2006) كنا نتمني لو أن رجاء بن سلامة أدلت برأي صريح تعقيبا علي هذا العنوان، وعلي دلالاته، خاصة وأن الحدث تم في كندا هذه المرة، وليس في تونس أو إندونيسيا. وأخيرا، نقرأ للباحثة أن التاريخ أفضل ناقد، فعادة ما يكون النص الجيد منغمسا في أسئلة العصر ومتجاوزا إياها في نفس الوقت، بحيث تتجدد الأسئلة التي يطرحها ويُقرأ بعد صاحبه، ويبقي حتي بعد أن تزول المقتضيات التاريخية التي أنتجته، وبعد أن يلعب النقد المؤطر تاريخيا دوره ويمضي في سبيله . (ص 141)، وبالتأكيد المطلق، سيظل التاريخ أفضل ناقد لما جاء في كتاب نقد الثوابت: آراء في العنف والتمييز والمصادرة . والله أعلم. (*) كاتب من المغرب (المصدر: صحيفة القدس العربي الصادرة يوم 23 جوان 2006)
في منتدى الفكر المعاصر (1 من 3):
جامعيون يتحدثون عن الرقابة بين السياسي والديني في المجتمعات العربية
«تاريـخ الرقابة في الوطــن العربي عريـــــق.. وعيون الرقبـاء لا تنـام»
تونس-الصباح الرقباء والرقابة بين السياسي والديني في المجتمعات العربية «هذا هو عنوان المؤتمر العشرين لمنتدى الفكر المعاصر المنتظم أمس بالعاصمة وستتواصل أشغاله إلى يوم غد ببادرة من مؤسسة التميمي للبحث العلمي والمعلومات ومؤسسة كونراد أديناور وبحضور عدد هام من الجامعيين والمثقفين.. وبين الدكتور عبد الجليل التميمي رئيس المؤتمر في كلمة الافتتاح أن جميع البلدان كانت محل دراسات معمقة لكن تمّ منع تداولها لدى بعض الدول العربية.. وقال: «لقد خطّطنا لمعالجة هذا الملف الهام في كنف المسؤولية العلمية والنزاهة وعدم الولاء لأي تيار سياسي أو فكري أو مذهبي».. ولاحظ أن هناك سطوة مفضوحة وغير ذكية على جهود الباحثين في الوطن العربي رغم أنهم يعتبرون المهندسين الحقيقيين لتنمية الشعوب والأمم.. ومن غير المقبول أن يتصدى الرقيب الإداري ويمنع تداول نتائج تلك البحوث دون تقديم أي حجة مقبولة..». وأضاف :لقد تغيرت منذ عقدين الممارسات التقليدية للأمن السياسي والحضاري والديني للشعوب والتي أصبح البعض منها معرضا بشكل سافر لكل الاختراقات والانتهاكات من مؤسسات ومنظمات دولية». ودعا لإيجاد أسلوب جديد يقضي بمصالحة النخب مع بعضها البعض وإجراء الحوار مع الفاعلين السياسيين الماسكين بمصيرية الشعوب وقال أنه يتعين على هذه الأنظمة تغيير المفاهيم حول آليات الرقابة التقليدية التي أساءت للنخب والعلماء والباحثين. وعليها احترام اجتهاد الباحثين وتمتيعهم بحرية البحث والنقد الأكاديمي والتعبير واعتبر ذلك حقا مشروعا لا جدال فيه.. فالاستقلال السياسي الذي ضحت من أجله الشعوب العربية يتطلب أن يكون الباحثون في مستوى هذه المسؤولية.. وقدّم الأستاذ علي محافظة الجامعي المعروف في الأوساط العربية محاضرة بين فيها أن المجتمعات العربية تعيش أزمة كبيرة تتمثل في العجز والشلل الظاهرين للعيان.. وقد حان الوقت ليتحلى الباحثون العرب بقليل من الشجاعة الأدبية لمواجهة المشكلات الخطيرة والملحة التي تعيشها الشعوب وعليهم أن يكونوا متسلحين بأساليب البحث العلمي الحديثة ومتجردين من النظريات الغربية التي وضعت أصلا لدراسة المجتمعات الغربية التي تعيش أوضاعا بعيدة كل البعد عن أوضاع المجتمعات العربية.. وآن الأوان – على حد تعبيره – للبحث عن حلول لهذا العجز بعيدا عن اجترار الماضي ومآثره. ودعا للقيام بالدراسات الميدانية والتأمل ووضع القواعد والأسس لنظريات عربية لدراسة المجتمعات العربية وقال: كفى أن نبقى عالة على غيرنا وأتباعا لهم دون وعي أو نقد علمي لنظرياتهم نجترها ونكررها كما يفعل السلفيون الإسلاميون العاجزون عن الاجتهاد لمواجهة مشكلات العصر ووضع حلول لها. عيون الرقيب وذكر الدكتور علي محافظة وهو من الجامعة الأردنية وله كتاب عنوانه «الديموقراطيات المقيدة في العالم العربي» متحدثا عن الرقابة والرقباء عند العرب أن الرقابة قديمة عند العرب وقد وجدت منذ عهد الرسول ودخلت من البداية في نظم الاستخبارات لديهم وتنبأ المخبرون العرب لها وكان الرقيب يسمى صاحب البريد أو صاحب الخبر.. وبين أن من واجبات الرقيب الصدق في نقل الأخبار وعدم التستر عن أي شخص والحفاظ على الأخبار وعدم إفشائها والأخذ بشهادة الشهود.. وتحدث المحاضر عن الرقابة في عهد الخلفاء الرشيدين وفي عهد معاوية ابن أبي سفيان والوليد ابن عبد الملك وهارون الرشيد والمأمون والخليفة المتوكل وعن الرقابة في العهد العباسي والفاطمي وبين أن الناس في العالم الإسلامي لم يشعروا بالراحة قط وأنهم نظروا إلى الرقباء نظرة دونية. ولاحظ أنه حينما خشي السلاطين من تحريف الكتب الدينية تولى شيخ الإسلام الرقابة على المخطوطات والمطبوعات.. وعند إنشاء المطبعة في العهد العثماني نص النظام على أن كل كتاب أو مطبوعة لا تطبع إلا بعد موافقة مجلس المعارف وعهدت للضبطية مهمة مصادرة الكتب التي تسيء إلى السلطة.. وصدر نظام طبع الكتب سنة 1862 وكان للسلطان عبد الحميد الثاني جيش من الجواسيس يسندون العقوبات الشديدة لكل من يعارض السلطان الذي فسد في عهده التعليم في المدارس ومال الوضع للانحطاط.. وتحدث المحاضر عن تاريخ الرقابة في الأردن وخاصة في وسائل الإعلام وخلص المحاضر إلى أن الرقابة بمختلف أشكالها من شأنها أن تفسد العلاقات بين الحاكم والمحكوم وأن تؤدي إلى هشاشة الوحدة الوطنية وهجرة العقول من البلاد واستمرار التخلف والجمود.. وعن الأسس النظرية لحرية التعبير وحدودها في أعمال مؤتمرات الأمم المتحدة تحدث الأستاذ مصطفى المصمودي رئيس الجمعية التونسية للاتصال بتونس وبين أن الأمم المتحدة منذ إنشائها اهتمت بملف حرية التعبير وتمت مباشرة المسألة من أوجه عديدة وركز على الجانب التاريخي للمسالة انطلاقا من عهد ابن المقفع ومرورا إلى القرون الوسطى في أوربا وقدم بعض الأسس النظرية لحرية التعبير على غرار العقد الاجتماعي لروسو وبين أن الفرد ليس ملزما بأن يفكر مثلما يفكر السلطان ولكن توجد حدود لحرية التعبير وكان ينبغي التمييز بين حرية التعبير وحرية الفعل ورد الفعل.. ولاحظ أن هناك عدة حدود لحقوق الإنسان لتجنب المساس بالحق العام ولنبذ العنف والتطهير العرقي والإبادة الجماعية ويتم في بعض الحالات الركون للمجتمع المدني الذي يعزز دور الدولة ضد النزعات التي تدعو للأصولية. المسؤولية الاجتماعية للإعلام لدى حديثه عن نظرية المسؤولية الاجتماعية للإعلام بين مصطفى المصمودي أن المجتمع الدولي عمل على التفكير في مسؤولية وسائل الإعلام نظرا لان المجتمع نفسه طالب الصحف بفرض هذه المسؤولية الاجتماعية وطرحت في هذا الإطار عديد الأسئلة: فهل يجب ضمان حقوق الإعلام أم حقوق وسائل الإعلام.. وذكر أن الحق في الإعلام برز في كثير من القوانين التي دعت لحرية التعبير وحرية وصول الصحف للمعلومات الحكومية وبين أن البابا اعتبر سنة 1965 أن الحق في الإعلام يعتبر حقا كونيا يجب عدم انتهاكه وذهبت الكثير من الأدبيات للدعوة لحرية الإعلام والحق في التواصل باعتباره مكملا للحق في الإعلام وهو يفرض على الدولة التدخل لتؤمّن وجود وسائل إعلام وحرية النفاذ إليها.. وكانت هذه المفاهيم على حد قوله هي التي مهدت النقاش في الأمم المتحدة حول الحق في الإعلام.. ووجد في الإعلان العربي لحقوق الإنسان الحق في حرية التعبير دون اعتبارات للحدود. وفي عنصر أخير من محاضرته تحدث المصمودي عن حرية التعبير في مجتمع المعلومات وتساءل عن التحكم في الانترنيت وبين أن هذه المسألة كانت موضوع نقاش قمة المعلومات التي انعقدت في شهر نوفمبر الماضي بتونس وخلال الطور الأخير من القمة شددت أجندة تونس على حماية التجارة الالكترونية وعلى أن المسؤولية الاجتماعية لوسائل الإعلام كبيرة جدا.. الإعلام العربي تحدث الأستاذ إبراهيم نوار رئيس المنظمة العربية لحرية الصحافة بلندن عن وسائل الإعلام والرقابة في البلاد العربية وبين أن هناك عناصر أساسية للإعلام وهي إخبار الناس وتعليمهم والترويح عليهم.. وهي وظائف يجسدها نموذج الإذاعة البريطانية بي بي سي ..التي يدفع تمويلها عن طريق الضرائب وهي بالتالي لا تتلقى دعما من الحكومة وذلك يمكنها بأن تحافظ على حياديتها وعندما دخلت في صراعات مع الحكومة كان لها موقف متميز مبني على استقلالها المالي وهو ما يبين أهمية الاستقلال المالي للمؤسسة الإعلامية.. وبسبب الدور الخطير الذي تلعبه وسائل الإعلام فإنها وقعت ضحية نوعين من أصحاب القوة والنفوذ وهم الساسة الذين حوّلوا وسائل الإعلام إلى أدوات تسبّح بحمدهم وتطيل أعمارهم في كراسي الحكم ثم رجال الأعمال الذين استغلوها للترفيع من أرباحهم.. وذلك دون نسيان رجال الدين.. وبين متحدثا عن دور الإعلام في العالم العربي أنه الآن بصدد دخول مرحلة جديدة من مرحلة الإصلاح السياسي والتحول الديموقراطي.. وذكر أن حرية التعبير والرأي في العالم العربي تتصدر الدرجة الأخيرة في العالم باستثناء دول صغيرة في آسيا فحتى في الدول الإفريقية فإن الإصلاحات في مستوى الإعلام تطورت كثيرا مقارنة بما هو عليه الحال في العالم العربي.. وقال «في وسائل الإعلام العربية نجد مكتب الرقيب الذي يدين بالولاء لمن عينه في تلك الوظيفة ويعمل على التجسس على العاملين في المؤسسة الإعلامية.. وتوجد هذه الرقابة المباشرة أيضا على الكتب والمطبوعات التي تطبع في الداخل أو القادمة من الخارج».. وتوجد على حد تعبيره أشكال مختلفة للرقابة فهناك الرقابة القبلية والرقابة البعدية والرقابة المباشرة وغير المباشرة والرقابة الذاتية التي يقوم بها الصحفي نفسه ..وتؤدي هذه الرقابات إلى تهميش الدور الإعلامي وتدهور المهنة. ولاحظ بروز نوع جديد من الرقابة وهي الرقابة الدينية التي ظهرت بشكل ملحوظ في دول عربية وأدت في بعض الأحوال إلى صراعات شديدة كأن يتم منع نشر كتب عن طريق إصدار فتاوى. وبرز نوع جديد من الرقابة وهي رقابة المجتمع المحافظ.. وشدد على ضرورة مواجهة الرقابة ومكافحتها في العالم العربي ولاحظ وجود عدد من المنظمات التي تقوم برصد انتهاكات حرية الصحافة في العالم العربي ولكن مجرد الرصد ليس كافيا بل ينبغي القيام بإصلاح قانوني يجرّم الرقابة وشدد المحاضر على ضرورة القيام باصلاحات في القطاع السمعي البصري ودعا لإخراج الدولة من التأثير على الإعلام وفتح المجال للقطاع الخاص. ولاحظ وجود قيود على حرية وصول المعلومات وحرية الوصول لوسائل الاتصال وحرية التنظيم النقابي وهو ما يجعل العامل في القطاع الإعلامي يتعرض للضغوط وغياب البيئة التشريعية العادلة.. نقاش ساخن وبعد تقديم المحاضرات فتح باب النقاش وتساءل المؤرخ عليا عميرة الصغير عن سبب تواصل منطق الرقابة الذي يلقى الدعم من قبل المثقفين ويحظى بالطرق التي تسوق لسياسته ويعود ذلك للاستبداد الكبير الذي شهدته الدول العربية إلى درجة أصبح فيها الرأي العام لا يبالي بحرية التعبير ويهتم بمشاغل أخرى مثل كرة القدم.. وبين الباحث عبد الله تركماني أن توظيف الرقيب في العصر الوسيط كان أفضل من اليوم.. وتساءل لماذا يسمو القانون على الدستور في البلاد العربية.. فالدستور يفصل في أغلب الدول العربية على مقاس السلطان.. وذكر الجامعي علي المحجوبي أن الرقابة في العالم العربي تبدو وكأنها ظاهرة ثقافية وإن كانت تأخذ أحيانا أشكالا مقنعة مثل الإيداع الشرعي.. الذي يعد مسألة خطيرة وهناك كذلك الرقابة الذاتية إلى جانب الإيداع.. لكن جل الدساتير العربية تقر حرية التعبير.. ولاحظ أن القوانين في كثير من البلدان العربية تتنافى مع الدستور فالرقابة هي عقبة أمام إنتاج المعرفة التي تعد أساس التنمية وحينما نتحدث عن الفجوة التنموية فنحن نتحدث عن فجوة معرفية.. وذكر أنه خلال الستينات كانت مصر في مستوى أفضل من كوريا الجنوبية لكن الآن أصبح البون شاسعا بين البلدين فلا تنمية دون معرفة ولا تطور للتنمية دون حرية. ولاحظ الجامعي عبد القادر المالفي من الجزائر أن حرية الإعلام لا تتوفر دون استقلال مالي.. وذكر الجامعي أحمد ذياب أن الخطر على وسائل الإعلام هي وجود «النظرية العربية» و«النظريات العربية» فهي التي يلج منها الجميع ليوظفوا عكس حرية التعبير.. وذكّر بأنه تمت الاستفادة من المخبرين على مدى التاريخ وبين أن ما كتبه ابن رشد والغزالي وابن سينا والمتنبي لا يمكن أن نكتبه اليوم وأن الأفلام المصرية التي وجدت منذ خمسين سنة خلت لا يمكن أن ننجز مثلها اليوم في سنة 2006. وذكر الأستاذ علي محافظة أنه لا يمكن أن نربي أبناءنا على الديموقراطية ونحن نضرب أمامهم نساءنا وقال إنه يخشى أن يصبح رأس المال مهيمنا على الإعلام فهو أخطر عليه من هيمنة الدولة. سعيدة بوهلال (يتبع) (المصدر: جريدة الصباح التونسية الصادرة يوم 23 جوان 2006)
لندن تُرحّل 17 جزائرياً وباريس تتسلم «توفيق» المتهم بمؤامرة لتفجير سوق ستراسبورغ …
الجزائر: «إحراق» 12 عنصراً في القوات الخاصة
الجزائر – محمد مقدم أفادت مصادر متطابقة أن ناشطين في «الجماعة السلفية للدعوة والقتال» نفذوا مساء الأربعاء اعتداء كبيراً ضد فرقة من القوات الخاصة في الجيش الجزائري في منطقة «محطة عمر» في بلدية القادرية (ولاية البويرة، 120 كلم شرق الجزائر)، وقتلوا 12 عسكرياً. وقالت مصادر أخرى أن ثلاثة عسكريين نُقلوا إلى مستشفى البويرة بعدما عُثر عليهم وكانت إصاباتهم بليغة. وقالت مصادر محلية لـ «الحياة»، أمس، أن الاعتداء حصل قرابة الثامنة والنصف مساء عندما فجّر مسلحون قنبلة في الطريق الوطني الرقم 5، وهو طريق رئيسي يربط الجزائر العاصمة بمدن شرق البلاد، مما أدى إلى إصابة عدد من الجنود كانوا داخل شاحنة. ثم أطلق المسلحون وابلاً من الرصاص على الشاحنة وأحرقوها وبداخلها الجنود، بينما تعرض جندي مصاب للذبح عندما حاول الفرار من مكان الاعتداء. وأغلقت السلطات الأمنية في المنطقة الطريق الرئيسي لمدة سبع ساعات كاملة إلى غاية تأمين الطريق في حدود الثانية فجراً. ونُقلت جثث عناصر فرقة القوات الخاصة متفحمة. وأحدث الحدث صدمة في أوساط المسافرين الذين يسلكون هذا الطريق الرئيسي ليلاً. ونفّذت «الجماعة» قبل أسبوع سلسلة اعتداءات ضد قرويين وقوات الأمن والجيش. وتزامنت هذه الاعتداءات مع إطلاق السلطات حملة دعاية لمصلحة «ميثاق السلم والمصالحة» الذي ينتهي العمل به رسمياً في نهاية اب (اغسطس) المقبل. ترحيل جزائريين في سياق آخر، قال سفير الجزائر في بريطانيا محمد الصالح دمبري أن لندن رحّلت أخيراً 17 جزائرياً من الأراضي البريطانية بعدما طلبوا من سلطات الهجرة إبعادهم بصفة إرادية. وقال دمبري في تصريحات بثتها الإذاعة الجزائرية، أمس، إن السلطات تأمل في تفعيل اتفاق التعاون الأمني والقضائي مع لندن، مشيراً إلى طلب ترحيل ثلاثة من أبرز الشخصيات الموجودة في لندن والمتهمة في قضايا إجرام واختلاسات اقتصادية. إلى ذلك، قالت مصادر عائلية إن وزارة الخارجية الجزائرية تعهدت لعائلة شخصين رحّلتهما بريطانيا الأسبوع الماضي، بأن أجهزة الأمن ستفرج عنهما «في غضون أيام». وكشف والد سلالي خالد (33 عاماً) الذي رحّلته سلطات الهجرة في لندن إلى الجزائر السبت الماضي، أن مسؤولين في وزارة الخارجية الجزائرية أبلغوه أنه سيتم الإفراج عن ابنه «في غضون الأيام القليلة المقبلة»، مشيراً في تصريحات صحافية، أمس، الى أنه كلف المحامي محمد الأمين سيدهم «السهر أمام السلطات لضمان الإفراج عنه قريباً». وكانت لندن رحلت قبل أيام جزائريين هما بلعريبي فريد وهو من مواليد ولاية بجاية (300 كلم شرق الجزائر) وسلالي خالد وهو من مواليد ولاية باتنة (450 كلم شرق). وكلاهما عاد الى الجزائر طوعاً بعد تراجعه عن استئناف ضد قرار بترحيله إلى بلاده. وقال سلالي إن ابنه «بريء من كل الشبهات التي ظلت تحوم حوله في بريطانيا وقد ظل محتجزاً من دون تهمة»، لافتاً إلى انه كان يعيش في مدينة مانشستر البريطانية، واعتقل مرتين «عام 2002 وأفرج عنه في نيسان (أبريل) 2005، ثم أعيد اعتقاله في خريف العام نفسه». أما المرحّل الثاني فريد بلعريبي فقد تحدثت عائلته عن بعض التفاصيل المتعلقة بحياته في بريطانيا، وقالت إنه ظل مسجوناً ثلاث سنوات، واحتجز برفقة 15 آخرين. وهو متزوج من جزائرية وعائلته تقطن في بجاية. وأبدت عائلتا الشخصين مخاوف من طول فترة التحقيقات الأمنية معهما «إذ منذ وصولهما لم يظهر لهما أي أثر». (المصدر: صحيفة الحياة الصادرة يوم 23 جوان 2006)
مراسلون بلا حدود تنفي اعتذارها لنقيب الصحافيين الليبيين عن تقارير سابقة
باريس ـ قدس برس: نفت منظمة مراسلون بلا حدود التي تتخذ من العاصمة الفرنسية باريس مقرا لها، أن تكون قد قدمت أي اعتذر حول بياناتها السابقة التي صنفت فيها ليبيا، ضمن أسوأ دول العالم في مجال انتهاك حرية الصحافة والتعبير، مشددة علي أن جميع بياناتها انطلقت من وقائع وأحداث حصلت علي أرض الواقع. وقالت المنظمة في اتصال مع وكالة قدس برس انها لم تقدم أي اعتذار لنقيب الصحافيين الليبيين، ادريس التليسي، أثناء زيارته لمقر المنظمة الأسبوع الماضي، والتي جاءت بطلب من جهته، ولكنها اعتبرت طلب اللقاء في حد ذاته خطوة الي الأمام نحو تحسين أوضاع الصحافة في ليبيا. وكان التليسي، قد ذكر في تصريحات صحافية، نقلها عنه موقع ليبي علي الانترنت، أن أمين عام المنظمة روبير مينار، وبعد لقاء معه في باريس، حول تصريحات وبيانات غير منصفة بحق الصحافة الليبية ، قدم اعتذاره عن البيانات الصادرة عن منظمته، معتبرا بأنها تنقصها الدقة في معظمها ، علي حد تعبير نقيب الصحافيين الليبيين. وقالت المنظمة ان اللقاء جاء بطلب من نقابة الصحافيين الليبيين، ولم يكن الغرض منه الإشهار، وقد تحدثنا مع التليسي، حول عدد من النقاط أبرزها، موضوع الصحافي الليبي عبد الله علي السنوسي الضراط، الذي لا يزال مفقودا منذ 33 عاما، كما أثرنا موضوع الصحافي المقتول ضيف الغزال، وطلبنا معرفة أوضاع الصحافة في ليبيا عن قرب، ولقاء عبد الرزاق المنصوري وعائلته، وطلبنا لقاء الصحافيين في داخل البلاد . وقالت مراسلون بلا حدود ، انها أبدت للنقيب استعدادها لتصحيح الأخطاء ان وجدت فعلا، وأنها لا تمانع من التصحيح اليوم أو مستقبلا، أو الاعتذار علي أي شيء غير واضح، ولكنها لم تعتذر عن بياناتها، كما أورد التليسي في تصريحه. وحملت المنظمة السلطات الليبية، المسؤولية عن عدم تجاوبها معها في المرحلة الماضية، مشيرة الي أنها لم تمنح أي تأشيرة دخول لأعضاء المنظمة، لزيارة ليبيا والاطلاع علي أوضاع الصحافة عن قرب، كما حملتها مسؤولية عدم تزويدها بالمعلومات، أو الاجابة علي استفساراتها التي ترسلها مرارا. وقالت المنظمة ان لديها مستمسكات تتحدث عنها ووقائع علي الأرض ، ولم تختلقها وعلي رأسها القضايا الأساسية التي ذكرتها أثناء لقائها بنقيب الصحافيين الليبيين. يُذكر أن تقارير منظمة مراسلون بلا حدود تضع ليبيا علي قائمة أسوأ دول العالم في مجال انتهاك الصحافة وحرية التعبير. (المصدر: صحيفة القدس العربي الصادرة يوم 23 جوان 2006)
تقرير دولي: الفلسطينيون يتعرضون لأشد العقوبات صرامة في التاريخ
نيويورك ـ يو بي أي: قال المقرر الخاص حول حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة جون دوغارد ان العقوبات التي يتعرض لها الفلسطينيون هي أشد العقوبات صرامة في التاريخ، وأشار الي ان الولايات المتحدة فقدت صفة الوسيط النزيه.
وكتب دوغارد في تقرير بعد زيارة للأراضي الفلسطينية المحتلة هذا الشهر استمرت تسعة أيام فعليا يتعرض الشعب الفلسطيني لعقوبات اقتصادية وهذه هي المرة الأولي التي يعامل فيها شعب تحت الاحتلال بهذه الطريقة . ووصف العقوبات بأنها أشد أشكال العقوبات صرامة في التاريخ الحديث .
ودعا الي جهود دبلوماسية مكثفة من قبل الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي في ظل فشل الولايات المتحدة في تأدية الدور المطلوب. وكتب ان رفض حماس الاعتراف بحق إسرائيل في الوجود ونبذ العنف لن يتغير من خلال العزل لكن من خلال الانخراط والدبلوماسية.لسوء الحظ فان الولايات المتحدة ليست مستعدة لتأدية دور مسهل السلام .
وأضاف هذا يترك الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة الوسيط الصادق الواضح بين الإسرائيليين والفلسطينيين. ولا يعرف ما إذا كان أي من هاتين الهيئتين يستطيع لعب هذا الدور فيما بقية أطراف اللجنة الرباعية مشكوك فيها وذلك في إشارة الي جهود اللجنة الرباعية الدولية المؤلفة من الولايات المتحدة وروسيا والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة.
وعدد دوغارد بعض الصعوبات التي تواجه الفلسطينيين فكتب ان غزة تحت الحصار، وتسيطر إسرائيل علي مجالها الجوي، كما استأنفت خرق جدار الصوت الذي يروع الناس ويؤذيهم، وزادت إسرائيل عمليات القتل المستهدف التي أدت الي (استشهاد) وإصابة المارة الأبرياء، ووسعت المنطقة الفاصلة بين الحدود لمنع إطلاق صواريخ القسام الفلسطينية .
وفي الضفة الغربية فان بناء الجدار الفاصل يستمر في انتهاك حقوق الإنسان، ويحرم المزارعين من زراعة أراضيهم ويفرق شمل العائلات، ولمفاقمة الأمور هناك جو جديد من العداء تجاه الفلسطينيين علي الحواجز من قبل الجنود الإسرائيليين، وذلك ردا علي الانتخابات الفلسطينية علي الأرجح .
وأشار دوغارد الي ان الحواجز في القسم الشمالي من الضفة الغربية لا تخدم أي هدف امني وتقود الي الاستنتاج الحتمي بأنها أعدت خصيصا لإذلال ومضايقة الشعب الفلسطيني ، فيما في وادي الأردن تسيطر روح من الانتقام مع رفض إسرائيل تزويد القري بالماء والكهرباء.
وقال دوغارد ان إسرائيل لا يحق لها احتجاز 50 ـ 60 مليون دولار من عائدات الضرائب الفلسطينية. وأضاف ان قطع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي المساعدات عن الفلسطينيين لأنهما يصنفان حمــــــاس كمنظمة إرهابية يؤثر علي مليون فلسطيني من أصل 3.5 ملايين فلسطيني لا يتلقون رواتبهم، فيما يؤثر علي كل الفلسطينيين بشكل غير مباشر.
وأضاف ان قرار الرباعية تقديم الدعم للشعب الفلسطيني سيحسن الوضع الإنساني لكنه لن يزيل المعاناة، مشيرا الي ان محاولات إقناع الحكومة الإسرائيلية بدفع عائدات الضرائب قد فشلت.
وكتب دوغار ان صورة الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة قد تأثرت بين الفلسطينيين كنتيجة لدعم اللجنة الرباعية للعزل الاقتصادي ،بتوجيه من الولايات المتحدة . (المصدر: صحيفة القدس العربي الصادرة يوم 23 جوان 2006)
دعاة وداعيات تزدحم بهم الموصل خوفاً على التقاليد من «ثقافة» الاحتلال
الموصل – لينا سياوش لم تكن ظاهرة «الدعاة الإسلاميين» معروفة لدى العراقيين مثلما هي عليه الآن، بعد أن أخذت بالتوسع والتزايد، بخاصة في محافظات العراق ذات الغالبية السنية كالموصل والفلوجة والأنبار وتكريت. وعلى رغم «الحملة الإيمانية» التي بدأ النظام العراقي السابق تطبيقها في العراق في نهاية ثمانينات القرن المنصرم واتضحت معالمها في شكل أبرز بعد غزو صدام للكويت في 2/8/1990، وتم من خلالها إيلاء اهتمام واضح وكبير بالمساجد والجوامع وتوسيع المنهج الدراسي الديني في المدارس لمراحل الدراسة كافة، وتنظيم دورات لحفظ القرآن وإجادة تلاوته، حتى أن الدورات الدينية امتدت في واقع المجتمع العراقي الى المعتقلين في السجون وخُففت مدة محكومية السجناء المشاركين فيها. غير أن كل ذلك لم يؤد الى بروز ظواهر على صلة بالمجتمع العراقي مثل (الدعاة) أو اشاعة (النقاب) بالنسبة الى المرأة. فما الأسباب التي أدت الى هذا كله؟ وهل للوجود الاميركي كقوة احتلال دور فيه؟ احتجاج ديني… «الوضع الذي يمر به العراق يحتاج الى صحوة دينية» ذلك ما يؤكده «الدعاة الإسلاميون» أو مريدوهم، فهم يبدون تخوفهم من الوجود الأميركي وما يمكن أن يصاحبه او يتحقق بوجوده من تغير في الثقافة والعادات والتقاليد الإسلامية وبخاصة في المدن التي تتسم بدرجة أعلى من غيرها في تمسكها بالموروث وحرصها على المحافظة على التربية الاسلامية، لذلك برزت الظاهرة وبدت أكثر وضوحاً في «المجتمع الموصلي» مما هي عليه من المدن العراقية الأخرى. مراقبون في الموصل يعرّفون الظاهرة على أنها «وقائية»، مشيرين الى ان هدفها الحفاظ على الطابع الديني الذي تتسم به المدينة، وفي الوقت نفسه يرون انها تعكس احتجاجاً على وجود غرباء (اميركيون) في البلد، بخاصة أن دخول تلك القوات الى العراق «جاء من منطلق احتلاله وليس تحريره» فأي الجهات ترعى وتدعم الدعاة الإسلاميين؟ وكيف يمكن التأكد من عدم استغلال تلك التجمعات في أمور قد تكون بعيدة من الغرض الذي وجدت من أجله؟ الظاهرة في تزايد يُعرف رئيس رابطة العلماء المسلمين في الموصل الشيخ صالح خليل حمودي بـ «الداعي الى الله عز وجل على بصيرة وفقاً لتقاليد الإسلام (القرآن والسنّة) وتصحيح بعض العقائد والسلوكيات وإرجاع الناس الى العمل الصالح والصحيح»، موضحاً ان «نشر الدين الإسلامي جائز أيضا وهو من صلب عمل الداعية، لكن يجب ان يتم بالحكمة والموعظة الحسنة من دون اكراه أو اجبار» مشيراً الى أيجابية ما يقوم به الدعاة من «مساعدة الناس على سلوك الطريق الصحيح وفق ما ينص عليه الدين الاسلامي». ويشير حمودي في حديث الى «الحياة» الى ان هناك مدارس عدة ينتمي اليها الدعاة الإسلاميون في الموصل ابرزها الصوفية والسلفية والوسطية وان كان «مصبها في الدعوة واحد». ويعتقد بأن الوجود الاميركي عزز من تنامي الظاهرة على رغم أنها لم «تكن بالغريبة عن المجتمع الموصلي المعروف بحرصه الشديد على موروثه الديني، وهي ظاهرة عُرفت في عهد الرسول (صلى الله عليه وسلّم)»، لكن نهج النظام العراقي السابق في «قمع الحريات» منع بروز الظاهرة. وكشف حمودي عن ان عدد الدعاة في الموصل كبير جداً (من دون أن يعطي رقماً تقريبياً لذلك) مضيفاً أن «هناك دعاة رجال ودعاة نساء لكن الرجال يتفوقون في عددهم على النساء». اما في المحافظات الكردية، فلا يسمح لـ «الدعاة الإسلاميون» بإقامة مجالسهم الدينية وإلقاء المواعظ، وتعتبر السلطات المحلية هذا الإجراء جزءاً من عمليات الاحتراز الأمني التي تتبعها المنطقة لما قد يجره مثل هذا النوع من التجمعات من «بؤر» لا علاقة لها بالهدف المعلن. وفي هذا الصدد يرى الشيخ حمودي ان «ذلك يعتمد على دور المؤسسات الدينية والمسؤولين والحرص على عقد لقاءات مع الدعاة بغية إرشادهم والابتعاد بهم عن كل ما يسيء الى أمن البلد او روح التآخي بين أطيافه» ولا يستبعد أن تكون هناك «بؤر» تخرج على المعنى المراد من تلك التجمعات»، مضيفاً: «في أي حال من الأحوال لا يمكن حسم الأمر بشكل مطلق». وأشار الى «أن عدم سماح بعض المناطق للداعية الإسلامية بالعمل أمر مخالف لأبسط قواعد الديموقراطية وحرية الفكر». استقطاب النساء المثقفات تقول الدكتورة أمامة محمد (50 عاماً) وهي طبيبة نسائية وداعية إسلامية في الموصل لـ «الحياة» إن «ظاهرة الداعية الإسلامية تجتذب الكثير من النساء من ذوات الشهادات والكفاءات العالية للعمل بها»، مشيرة الى أن «دروساً أسبوعية أو يومية تلقى على النساء في الجوامع وتجد الكثير من الآذان الصاغية». وتؤكد أن «أعداد النساء اللواتي يحضرن الدروس في تزايد مستمر»، مشيرة الى ارتباط الدعاة بمنظمات أو هيئات إسلامية متعددة في الموصل «لنا علاقات تعاون مع الدعاة في الفلوجة والانبار وتكريت وبغداد»، مؤكدةً «عدم وجود دعاة عرب في الموصل». ولا يحتاج المجتمع الموصلي الى الكثير من الجهد لتبني الدعاوى الدينية، فلطالما عُرف عنه تمسكه بالتقاليد الدينية حتى أن «النقاب» الذي بدأ هو الآخر يتزايد في الآونة الأخيرة بدأ انتشاره في الموصل منذ سبعينات القرن المنصرم على رغم ان العراق كان يشهد «انفتاحاً» في ذلك الوقت على مختلف الصعد. وتؤكد اسراء عبدالله (30 عاماً) خريجة كلية الأداب – قسم اللغة الانكليزية وآدابها أن هناك أشياء «تعلمتها من حضوري جلسات الداعية المقامة في الجوامع خصوصاً ان دراساتنا الدينية تعتمد في غالبيتها على حفظ القرآن والاحاديث النبوية». وعن المشاركات في تلك المجالس تقول عبدالله: «هناك مستويات مختلفة فهناك المثقفات وهناك غير الحاصلات على شهادة دراسية معينة». وتضيف «قد تكون من بين الحاضرات، من تحلل الكلام أو تفهمه على غير الصورة الحقيقية له». دعاة مستقلون وحزبيون… ليس جميع الدعاة في الموصل مرتبطين بجهة معينة، فمنهم، ويقدرون بالثلث مستقلون بمعنى عدم ارتباطهم بجهة معينة، بينما قد ينتمي آخرون الى أحزاب سياسية مثل الحزب الإسلامي العراقي في الموصل، أو بجهات دينية مثل رابطة العلماء المسلمين ورابطة العلوم الشرعية وقسم الدعوة والارشاد في الحزب الإسلامي العراقي، إضافة الى مديرية الأوقاف في الموصل. لكن أيحق لكل شخص أن يكون داعية؟ تقول السيدة خولة فتحي (58 عاماً) وهي داعية إسلامية لـ «الحياة» بأن هناك شروطاً لا بد من توافرها في شخص الداعية الإسلامي ومن دونها لا يمكن له الانخراط في العمل «يجب أن يكون دارساً للفقة والشريعة وحافظاً للقران الكريم وللأحاديث النبوية». وتفسر انتشار الظاهرة وتزايدها بـ «الخوف من أن يغيّر الاحتلال الأميركي من عادات وتقاليد البلد ودينه ومنع تأثيره في تنشئة الأجيال المقبلة». وتضيف أن «قسماً من الدعاة، وهم الغالبية، منتمون الى جهات وتنظيمات حزبية او دينية معينة والقسم الآخر مستقلون وأنها لا تتبع فكراً او مدرسة دينية معينة، بل نتكلم ونتحاور بما جاء ذكره في القرآن الكريم والأحاديث النبوية»، مؤكدة أن أكثر محاضراتها تكون حول «الأمور الدينية البحتة» وتتحدث عن الحوارات والأسئلة التي تطرحها الحاضرات. وتضيف: «قد لا أتمكن من الرد على كل الأسئلة، وما لا أقوى عليه اسأل عنه المشايخ من رجال الدين». وتضيف أن «هناك نشاطات أخرى اجتماعية مثل توفير دور الحضانة ورياض الأطفال وأخرى خاصة بالمرأة تكون من ضمن عمل الداعية، وبالاعتماد على ما تقدمه بعض المنظمات والهيئات الإسلامية العربية من مساعدات مالية في هذا الخصوص». رأي الإدارة الحكومية… ليست الموصل مثل أية مدينة أخرى في العراق، وعلى رغم وجود مناطق قد تكون في بعض المرات أكثر التهاباً وسخونة الا ان الموصل تنفرد، مثل طبيعة مكونات مجتمعها المتعددة، بتعدد أوجه العنف فيها، وهذا ما جعل الأجهزة الحكومية بها والتابعة للحكومة المركزية في بغداد تهتم فيها ضمن خطة عمل خاصة تضع «الإرهابيين والأعمال الإرهابية» التي يقومون بها ضمن أولى تلك الأولويات. وكان نائب محافظ الموصل أشار في حديث الى «الحياة» الى «اللقاءات» التي تعقدها محافظة الموصل مع مدير الأوقاف ورجال الدين المسؤولين الذين تنضم تحت ألويتهم منظمات ودعاة إسلاميون. وقال: «نؤكد من خلال لقاءآتنا بهم ضرورة متابعة ومعرفة ما يدور من أحاديث في المجالس الدينية كي لا نسمح بأن تكون بؤراً لأعمال أخرى لا علاقة لها بالدين» من جهته أكد مدير الأوقاف في الموصل محمد عبدالوهاب الشّماع لـ «الحياة»: «ارتباط عمل الدعاة بوزارة الاوقاف وبوجود ثوابت معينة حددتها المديرية يجب على الداعية الالتزام بها»، مشيراً الى «صعوبة متابعة كل ما يتحدث به الدعاة بخاصة أن أعدادهم في تزايد». (المصدر: صحيفة الحياة الصادرة يوم 23 جوان 2006)
«الحياة» تحاور الفكر العربي: أين نحن في العالم؟ متى ينتهي الانحدار؟ أي دور للمثقف؟ …
محمد جابر الأنصاري: سنواجه تحالفاً استراتيجياً بين الأجنبي وتيارات السيارات المفخخة … ندفع فواتير اخفاق تاريخي أجّلناها … ولا مشروع نهضة أمامنا إلا بتجديد إسلامي
ابراهيم العريس- الحياة منذ أكثر من ربع قرن والدكتور محمد جابر الأنصاري اسم حاضر، وصوت نافد بقوة في الثقافة العربية. فابن البحرين المولود عام 1939، وأحد مؤسسي «أسرة الأدباء والكتّاب» في البحرين في العام 1969، والتي كانت واحدة من أبرز «اتحادات» الكتّاب العربية وأكثر استقلالية، يرصد بغضب وحزن التدهور الذي يطاول الأوضاع العربية، سياسياً واجتماعياً، منذ عقود طويلة، ويكتب المقال تلو الآخر والكتاب تلو الكتاب باحثة عن إجابات وربما أحياناً عن أسئلة. مواقع الأنصاري الكثيرة، في بلده البحرين، وفي الخريطة الثقافية العربية في شكل عام، لم تخـفـت من صوته ولا وفرت له الاجابات التي تطلع الى الحصول عليها دائماً. فانكب على النهضويين يدرسهم، أو على الحداثويين يسبر أغوار أفكارهم مهتماً خصوصاً بالمسألة الثقافية وتأثيراتها في المجتمعات العربية، وهو الموضوع الذي قاده دائماً الى البحث في مسألة علاقة العرب بالعالم، هذه العلاقة التي يغلب التأزم عليها. وحول هذا الموضوع كان على أية حال واحد من أبرز كتبه «العالم والعرب سنة 2000» (1989). الى هذا رصد الأنصاري «تحولات الفكر والسياسة في الشرق العربي» في كتاب بارز له صدر في سلسلة «عالم المعرفة» الكويتية عام 1980. وهو منذ ذلك الحين لم يتوقف عن الكتابة حول «الفكر العربي وصراع الأضداد» و «لمحات من الخليج العربي»، و «الحساسية المغربية والثقافة المشرقية» و «التفاعل الثقافي بين المغرب والمشرق» و «تكوين العرب السياسي ومغزى الدولة القطرية» وصولاً الى كتاب حديث له يطرح فيه السؤال الأساس: «العرب والسياسة: أين الخلل؟». كل هذه البحوث والاهتمامات، أعطت لحوار «الحياة» مع محمد جابر الأنصاري نكهة خاصة، ولا سيما في مجالين محددين: العلاقة مع الآخر، ثم موقف المثقفين العرب والموقف منهم (وهو موضوع شائك وسجالي كرس له الأنصاري واحداً من كتبه الأكثر راهنية «انتحار المثقفين العرب وقضايا راهنة في الثقافة العربية). وحوار «الحياة» مع محمد جابر الأنصاري يأتي في سياق السلسلة التي تنشرها وتتضمن حوارات مع أبرز وجوه الفكر العربي في الزمن الراهن، تطاول الكثير من القضايا الشائكة والسجالية المتعلقة بالأوضاع العربية الراهنة ودور المثقفين، ومسألة نظرة العرب الى الآخر ونظرة الآخر الى العرب. وكان من الطبيعي، في حوار مع مفكر اهتم خصوصاً بهذا الموضوع ودرس الفكر الإسلامي الحديث في الجامعة الأميركية في بيروت ثم أكمل دراسته في جامعتي كيمبردج والسوربون، قبل أن يصبح أستاذ الحضارة الإسلامية والفكر المعاصر، وعميد كلية الدراسات العليا في جامعة الخليج في البحرين، حيث هو كذلك عضو في مجلسها الوطني للثقافة والآداب والفنون، إضافة الى كونه مستشاراً ثقافياً لملك البلاد. بما أن المطروح حالياً بإلحاح في العالم العربي مسألة علاقتنا بالآخر، وهي موضوع اشتغلت عليه طويلاً، أين نحن الآن من هذا الآخر الذي يمثله الغرب عموماً، وأين نحن العرب من المواجهة الحضارية؟ وهل صارت قدراً لا يمكن السير قدماً من دونه؟ – المواجهة مع الآخر ما زالت مطروحة، ولكن صارت لها أولويتان في ضوء دروس الراهن. فثمة «آخر» داخلي، سواء داخل الشخصية العربية الجماعية، أو داخل مجتمعاتها. العلاقة هنا أساسية وملحة لا بد من مواجهتها وحسمها في زمن التخوف من الحروب الأهلية التي لم تعد موضوعاً نظرياً. أما الآخر «الخارجي» – وهو أصبح أيضاً في داخلنا – فالمقلق أننا «ننشحن» أحداثاً وإعلاماً وصراخاً ضد ما لديه من قوة. أعني ضد جانبه الإيجابي… الحضاري. من الطبيعي أن نرفض تعدياته وجانبه السياسي الساعي إلى الهيمنة والتسلط، ولكن أن نصاب بالعمى الفكري في ما يتعلق بقوته الحضارية التي ليس أمامنا إلا الاستفادة منها، بعد فهمها بتواضع، لنستطيع رد عدوانه، فذلك عبث. الصراخ في الميكروفونات والفضائيات لن يرده. والأعمال الانتحارية لا تستطيع تغيير موازين القوى على الأرض في شكل حاسم. هل يمكن القيام بأكثر من «ضربات» الحادي عشر من أيلول (سبتمبر) 2001؟ من ناحية نفسية هي «فشة خلق» وتنفيس. لكنه تنفيس يائس. فماذا تغير بعدها من موازين القوى الاستراتيجية في العالم؟! وما هي «الانتصارات – المنجزات» الحقيقية، القائمة على الأرض، التي حققناها فعلاً؟ إنها ظاهرة، قد لا تكون مسبوقة، في دراسات علم النفس الاجتماعي أن تتهافت جموع من «الجامعيين» و «المثقفين» و «المفكرين» العرب على تتبع مثل هذه «الانتحارات»، وتمني حدوثها، بدل تشغيل عقولهم وعلومهم من أجل نهضة حضارية قادرة على رد العدوان الذي ينسحقون نفسياً تحت وطأته. قد لا يكون مثيلاً لهذه الظاهرة العربية إلا ما حدث للنخب الألمانية في عهد النازية. كانت ألمانيا تضم أعداداً غير قليلة من المثقفين والعلماء، لكنهم فقدوا عقولهم، وأضاعوا البوصلة، ولم يكتشفوا الخطأ ويعترفوا به إلا بعد أن رأوا وطنهم المتقدم والمتحضر والجميل قد أصبح أنقاضاً، أي بعد «خراب البصرة»… التي أرجو ألا نخربها اليوم بالكامل!! اليابان تعرضت أيضاً لما يشبه ذلك المصير الألماني وتحولت إلى أنقاض، بل الى محرقة نووية. عندما أخذني مرافقي الياباني في زيارة ثقافية (1986) إلى مدينة هيروشيما ومتحفها التوثيقي للضربة النووية الأميركية في آب (أغسطس) 1945، شعرت بغضب شديد للدمار الذي حل، والتشويه الذي لحق ليس بأطفال اليابان، فحسب، بل بخيولها أيضاً! ونظرت إلى مرافقي نظرة متسائلة… فكتم مشاعره وأخذني إلى مكان آخر… الأمة اليابانية، أيضاً، بعد الكارثة، كتمت مشاعر غضبها وتحولت إلى ميدان آخر من العمل والرد والتصدي للعدوان، في ظل أول احتلال عسكري لأراضيها تحت سيطرة «مكارثي» الذي علينا – كعرب – أن نتذكره ونحن نرى وجوهاً أميركية لا تختلف عنه كثيراً في الملامح «الداخلية»، هنا أو هناك على امتداد المنطقة… لكن اليابانيين لم يضيعوا وقتهم وجهدهم في «هجاء» مكارثي وتبيان مثالبه! بل أقدموا على خطة إعادة بناء وطنهم المحطم من أجل استعادة القوة المؤثرة في عالم الغد… وهي القوة الاقتصادية والتكنولوجية التي بلغوها، وأصبحوا بامتلاكهم إياها إحدى القوى الكبرى في العالم. وعندما نذكر اليابان ينبغي أن نذكر أيضاً الصين، وكذلك الهند التي بدأت تصعد كقوة عظمى لا تبعد كثيراً عن الأطراف العربية المهمة كالخليج. هذه الأمم الشرقية الكبيرة الثلاث، كل بنهجها الخاص، والمتوافق مع ظروفها وتاريخها، حسمت أمرها و «وصلت» بحسب تعبير مؤرخنا العربي شاكر مصطفى (رحمه الله)، فلماذا وصلت ولم نصل؟ كان هذا سؤاله منذ هزيمة 1967. وكانت المعادلة في منتهى الوضوح أمامها: قاومت المستعمر الطامع بيد، وأخذت علومه وحضارته باليد الأخرى، ولا خيار غير ذلك. كانت هذه «المعادلة» الأساسية والبسيطة في بنية المشروع النهضوي لكل من اليابان والصين والهند، وغيرها من الأمم، الكبيرة والصغيرة، التي دخلت العصر. وليس أمامنا إلا هذا الخيار بمعادلته هذه. المخيف، إننا عرباً ومسلمين، ينتابنا شعور قاتل بأننا مختلفون عن بقية خلق الله. لماذا؟ لا أدري! ويقوي هذا الشعور الهدام لدينا عدد كبير من الوعاظ والكتبة وأمثالهم ممن تأسست ثقافتهم في الظلام وراء الأبواب المغلقة، فتوهموا أنهم وحدهم في هذا العالم الفسيح! لا يمكن مواجهة ذلك إلا بتعميق ثقافة المقارنة، والدراسات التي تسير في الأرض شرقها وغربها وتكتشف سنن الله في خلقه كما تحض على ذلك آيات كثيرة في القرآن الكريم… وهي سنن إلهية كونية لن نجد لها تبديلاً ولا تحويلاً، من اليابان إلى اليمن، ومن الصين إلى المغرب، ومن الهند إلى مصر. ولن يستطيع أيّ «مجمع كرادلة» من أي أصولية من المحافظين «الجدد» في واشنطن، إلى المحافظين «القدامى» في تورا بورا… تغييرها، ولا تغيير «شعرة» منها. فهي سارية على كل الخلق… ولن تجدوا لسنّة الله تبديلاً! فتنبهوا واستفيقوا أيها الواعظون بالخصوصيات… الموهومة! اليوم عندما نتحدث عن «الآخر» يجب ألا نقصره على الغرب وحده. فالشرق الأقصى اعتبره «الشرق الآخر»: الصين واليابان والهند… وملايين آسيا تمثل هي الأخرى «الآخر» الذي يجب الاعتراف بوجوده، والتعرف إليه، ومحاولة الاستفادة من تجاربه. لم يعد عنوان المعركة، معركة الحضارة: التغريب. أصبح أسمها: التحديث والتطور والتقدم. وإما أن تصبح الأمم أعضاء في نادي التقدم بمواصفات واستحقاقات محددة في فكرها وسلوكها وإنجازها وإنتاجها، وإما أن تبقى خارج العصر، ولا عزاء للعاجزين، ولا «وساطة أو شفاعة للمتخلفين». وهذا التحديث ليس مثالياً، وليس بلا عيوب، فلكل وضع تاريخي جديد تحدياته، ومن يبحثون عن اليوتوبيا عليهم الذهاب إلى «جمهورية أفلاطون». تحوّل تاريخي طويل > ما تشخيصك لوضع العالم العربي راهناً، في ضوء ما آلت إليه أحوالنا، ووضعية الصراعات الحقيقية أو المفترضة؟ – إنها مرحلة تحول تاريخي طويل وصعب، لا يجرى في الماضي – كما في ماضي أمم أخرى – بل يجري في الحاضر، وتحت عدسات المصورين ومراسلي وكالات الأنباء الذين يصورونه من زاويتهم أنباء جديدة يبثونها للعالم، وتحت بصره، وبما يوافق أهواء مجتمعه الدولي وأطماع قواه أو يخالفها. إن انعطافنا التاريخي لا يحدث في زاوية منعزلة من العالم وفي زمن منسي من أزمانه، بل يجري في قلبه وفي اللحظة الراهنة بكل أضوائها. ونحن، جيلنا هذا، يقاسي ويعاني ما يحدث فوق صفيح ساخن، ولا بد من الاحتراق والانفعال ولا مهرب من ذلك! قدر الأكثرية العربية أن تحترق فوق هذا الصفيح الساخن من دون ترف المراقبة الهادئة من الأبراج الجامعية! إنها مهمة في حالتنا لا بد منها لئلا نغرق نهائياً في موجات الانفعال… ويجرفنا التيار إلى لجة البحر الهائج. المسألة ببساطة وهدوء مسألة زمن. ثمة بضعة قرون من التطورات النوعية تفصلنا مثلاً عن أكثر مجتمعات أوروبا، وثمة قرن كامل بيننا وبين الصين. فما حدث للصين وفيها من «إرهاب» وتجزئة وتنازع أهلي وحيرة بين الايديولوجيات ومناهج الإنقاذ، يحدث لدينا اليوم في ظروف أكثر صعوبة وتعقيداً لأننا في قلب العالم، وهو يراقبنا بدقة ويتدخل متى شاء. حتى حركة النمل – كما قلت ذات مرة – يراقبها العالم على الرمال العربية، بينما استطاعت الصين في زمن سابق القيام بمسيرة طويلة انتهت بإعادة وحدتها. هذا يضع على عاتق الناشطين العرب من أجل التغيير مسؤوليات أكبر، تتجاوز العبثية والانتحارية والاستعراضية اللفظية التي نراها عند بعضهم. إذا تصفحنا تاريخ أوروبا الحديث وجدنا المعركة محتدمة حتى القرن السابع عشر بين «الاتحاد البروتستانتي» وبين «الحلف الكاثوليكي»، إلى أن كشفت التجارب للأوروبيين عقم هذا التصارع المذهبي وضرورة إحلال مشروع أرقى محله. بعد أربعة قرون نجد الصراع محتدماً بين «الائتلاف الشيعي» و «التكتل السنّي» في العراق وغيره… ولكن إلى أين؟ وأي مشروع يحقق؟ وما مستقبله؟ كل طفل لا بد أن يضع يده في النار ليتعلم أنها تحرق… هكذا هذا التصارع الطفولي. إنه كذلك من زاوية التاريخ، لكنه ليس كذلك من زاوية ضحاياه المكتوين بناره. هذا جزء من تراجيديا الإنسان والأمم على وجه هذه الأرض، ولا توجد حلول سحرية… «ويا أيها الإنسان إنك كادح إلى ربك كدحاً…» (سورة الانشقاق: الآية 84). > بعد هزيمة 1967، كانت هناك نهضة فكرية نهلت من الحداثة ولكن أيضاً من الوجوه المضيئة في التراث، علاماتها كتب ودراسات قالت غضب الفكر العربي على الهزيمة ورغبته في تجاوزها. أنت شاركت في ذلك كتباً ودراسات، فهل تعتقد بأن تلك الانتفاضة النهضوية أثّرت؟ – العبرة بما حدث ويحدث في الواقع، وليس على صفحات الكتب. نعم كانت هناك «انتفاضة» نهضوية بعد هزيمة 1967. استمرت إلى حرب تشرين الأول (أكتوبر) 1973 ثم توقف كل شيء بتأثير ما حدث في الواقع. علينا ألا ننسى أنه كانت هناك أيضاً «نهضة» عربية حديثة منذ القرن التاسع عشر، ثم ذهبت مع الريح، ريح النكبات والتراجعات… وكذلك الواقع الذي لم يتحرر بعد من الماضي، ذلك الماضي الذي يأخذ في كل منعطف بخناق الواقع ويعيده إلى قبره. وهذا ليس مجرد «سوء حظ» للعرب وليس قدراً مقدوراً عليهم. المسألة أننا اليوم في مرحلة تحول تاريخي صعب، ولكن زاد تعقيداته أننا – ثوريين ومحافظين – أرجأنا مواجهة متطلبات «الحسم» التاريخي في التطور والإصلاح الحقيقي الذي لا بد منه. وغالطنا وما زلنا أنفسنا بالإعلام المزيف، حتى طفح الكيل… إنها فواتير التطور التاريخي التي أجلناها وتهربنا منها شعوباً وأنظمة ومفكرين، وها هي ساعة الحساب وأرجو ألا تكون ساعة العقاب. تحدثوا كثيراً عن البعث والانبعاث، ولكن لم يحدث شيء من هذا، أو لنقل أنه لم يبدأ البداية الصحيحة. كان انبعاثاً مزيفاً في أحايين كثيرة. تذكر قصيدة «لعازر» لخليل حاوي التي صوّر فيها بمأسوية فاجعة ظاهرة الانبعاث المزيف… كان ذلك عام 1962 وقبل هزيمة حزيران (يونيو) 1967 بسنوات عجاف! تصورها جيلي سماناً! ما أن حدثت تلك الهزيمة وتحقق من وقوعها الضمير العام، حتى توالت مظاهر الرجعة، في ظاهرة تكمل بعضها بعضاً… > على ذكر قصيدة خليل حاوي الغاضبة، كثيرون اليوم يرون أن المثقفين صامتون، خانوا أو دُّجنوا… أو ابتعدوا مشمئزين، بينما لجأ بعضهم إلى مهادنة أنظمة وتيارات قومية متأزمة أو أصوليات… فماذا تقول؟ ما هي صورة الساحة الفكرية العربية الراهنة؟ – «أن يصمتوا» أو «يشمئزوا» هذا رد فعل ذاتي. المسألة كما حاولت أن أوضح مسألة تحول تاريخي موضوعي «إجباري»… أعني أنه «مقرر» إجباري في حياة كل أمة، ونحن لسنا «معفيين» من ذلك. ودعك من حديث الخصائص والخصوصيات المزعومة. أشرت في مواضع عدة مما كتبت إلى خصوصيات ترسبت معنا عبر تاريخ طويل، واعتبرتها خصوصيات سلبية، أما الخصوصيات الإيجابية فهي في ذاكرة التاريخ، وهي تبدو حقيقية عندما تتعرض الى التدقيق العلمي لكن هذا لا يجعلها واقعاً. ولا بد من النظر موضوعياً في السلبيات والاعتراف بها والعمل لتجاوزها ليس بالصمت أو الاشمئزاز، أو الصراخ!… فالصراخ لا يغيّر شيئاً من سنن الله في خلقه. ثمة مشاهد أخرى في ثقافتنا الراهنة لا تقل عنها إثارة للقلق، على صعيد أيديولوجيات واتجاهات مختلفة… مثلاً محمد عابد الجابري في نقده للعقل العربي أعاد بصياغة أسلوبية لا غير، عرض ما هو معروف عن الفلسفة الإسلامية في مصادرها ومراجعها. ولا بد من التذكير بأن أحمد أمين صاحب «فجر الإسلام» الصادر عام 1927، كان أول دارس وناقد للعقل العربي من المفكرين العرب المحدثين، وكان جديراً بعابد الجابري الاعتراف بريادته، كما يفترض في أي باحث نزيه، أن يفعل. وغير أحمد أمين كثيرون في دراسة الفلسفة الإسلامية وتبيان تياراتها التي بسّطها الجابري للعوام بالكلمات المسجعة الثلاث: بيان – برهان – عرفان. وهؤلاء «العوام» في الفلسفة معظمهم – للمفارقة العجيبة – من مثقفي المشرق! ففي كثير من بلدان المشرق لم تكن مادة الفلسفة متضمنة في المناهج المدرسية. وكان – ولا يزال أحياناً – ثمة «حظر» عليها بعكس حال مثقفي المغرب العربي الذين درسوا الفلسفة منذ نعومة أظفارهم، ووجدوا في عمل الجابري إضافات هامشية – كما وجدناها نحن الذين درسنا ودرسنا الفلسفة منذ شبابنا – لكنها، أي كتابات الجابري، لم تكن لديهم ولا لدينا «فصل المقال»! أما مثقفو المشرق عموماً، وبسبب «أمية» غالبيتهم الفلسفية، فما أن قرأوا تبسيطات الجابري حتى توهموا أنهم أمسكوا بناصية الفلسفة وأصبحوا روادها. وويل للعلم من أصحاب الكتاب الواحد، خصوصاً عندما ينتقلون من ثقافتهم التقليدية إلى ثقافة تلميعية أخرى!… أحدهم وقد «فُجع» بنقدي للجابري، اعتبر ذلك من «الكبائر»، وهذا يدل على أنه لم يجد فيه ما يحرر فكره… فظل يجتر مصطلحه القديم! أوضحت المبررات الفكرية لموقفي من «نقد» الجابري – الذي كتب نقداً ممنوع نقده… في عرفه وعرف تلامذته – أوضحت مبرراتي الفكرية في كتابي «مساءلة الهزيمة»، ولا أرى داعياً لتكرارها هنا، باستثناء الإشارة إلى أن من يريد اليوم التعرف إلى نقد العقل العربي، عليه قراءة ما كتبه جورج طرابيشي من نقد علمي للجابري في مؤلفات، والمؤسف ان الجابري لم يكتفِ بعدم الرد عليه، في سلوكٍ لا يليق برجال الفكر، بل أعلن كذلك صحافياً وباستعلاء أنه «لا يقرأ» جورج طرابيشي. ومن مظاهر الانحطاط في الثقافة العربية أن يتم التذرع ضد المعارضات العلمية التي جاء بها طرابيشي في محاولة لتصحيح بعض ما رأى أنها أخطاء في نقد الجابري، أن يتم التذرع بكون الرجل «مسيحياً»! فهل كُتِب علينا، نحن عرب هذا الزمان، ألا نتقبل إلا ما يقوله المنتسبون الى الإسلام؟ ألا يوجد للحق والحقيقة، انتساب؟! على الطرف الآخر من المنشور الثقافي – وضد الجابري – يقف أدونيس بتنظيراته المهزوزة في تاريخ الفكر العربي. أدونيس شاعر كبير وهو حر في إبداعه شاعراً، لكنه كباحث علمي ملزم بمنهجية البحث في موضوعه، وإلا فعليه الإيضاح لقرائه انه يقدم لهم انطباعاته الذاتية لا غير، وهذا ما وجدته في «الثابت والمتحول». إنه مجرد انطباعات ذاتية – وإن نوقش كأطروحة دكتوراه – وأخطر ما فيه قوله ان كل ما هو «ثوري» و «رفضي» تقدمي، وكل ما سوى ذلك «رجعي ومتخلف». هذا تزييف وتزوير لحركة التاريخ… فهذا يعني أن «ثورة» الخوارج ضد دولة الإمام علي بن أبي طالب ثورة تقدمية، وهذا خطأ، وأن نعتبر «ثورة» القرامطة ضد الخلافة العباسية التي رعت العلوم «ودار الحكمة» ثورة «تقدمية» أيضاً، وعلى ذلك قس. ولن أعيد تفاصيل خلافي مع أدونيس هنا، لأنني أوضحتها في لقاء فكري معه في البحرين قبل سنوات، ثم نشرته بعنوان «هذا ما اختلف فيه مع أدونيس»، صحيفة «الأيام» البحرينية. والمهم في كل ذلك هو تحرير القطاع الواسع من الشباب العربي من أحادية وسطوة هذه الأفكار التي يجب أن تبقى مفتوحة للنقد، سواء جاءت من الجابري أو أدونيس أو غيرهما… وفي أي حال، اعتبرهما وأمثالهما أعلاماً لفكرنا نعتز بهم، شرط أن يقبلوا النقد. ولمن أراد اعتبارهم أصناماً للفكر… أقول أن «الأصنام» أطاحها الإسلام والفكر الحر منذ قرون! ثم أن المثقفين في كل المجتمعات، ومنها العربية، يشكلون نسبة ضئيلة جداً من قوى التغيير والمواجهة، هذا إن انطبق على بعضهم هذا الوصف. وطالما ان قوى التغيير عموماً لا تنجز شيئاً يذكر في هذه المرحلة، على الأقل ظاهراً، فلماذا نخص المثقفين بتهم الصمت والخيانة والتدجين؟ وماذا عن قوى المجتمع الأخرى من تجار وإداريين ومهندسين وأطباء؟… جميع هؤلاء ليسوا بالضرورة مثقفين بالتعريف الدقيق، فماذا فعلوا وأين هم؟ أعتقد بأننا نحمّل المثقفين أكثر مما يتحملون من أدوارهم الحقيقية، وحان الوقت لنتعامل معهم وننظر إليهم كبشر طبيعيين. المثقف ينتج مادة معرفية – أو هكذا يُفترض – كما ينتج النجار مادته التنجيرية والمهندس مادته الهندسية… الإنتاج أولاً، ثم الرأي، والرأي مطلوب من جميع هؤلاء، وليس من المثقف وحده. لماذا نعمّد المثقف وحده بطلاً، ونطلب منه أن يكون شهيداً؟ في تاريخنا كان الفقيه هو المثقف، بعدما تراجع دور الكتاب والمفكرين والفلاسفة. وفي «اللاشعور الجمعي» نتصور المثقف فقيهاً، وهذا عين الخطأ لأنه التباس تاريخي، بينما حقيقة الأمر أن المثقف المعاصر ربما نقض دور الفقيه القديم وهذا قدره التاريخي. فالمثقف منتج أسئلة قد لا تكون مرغوبة، بينما الفقيه مطالب بالأجوبة القطعية فحسب! وإذا نظرنا إلى دور المثقف خارج تراثنا، وبمنظور عالمي، نجد أنه صاحب أفكار لا غير، والأفكار مهمة لكنها عملياً – لا تغيّر التاريخ. لا بد من قوى مجتمعية فاعلة تتبناها وتنقلها إلى حيز الواقع (كما حملت قوى الطبقة الوسطى الفرنسية أفكار «التنويريين» الفرنسيين وقامت بحركة التغيير الكبرى في فرنسا، ثم في أوروبا…) وإلا بقيت تلك الأفكار، مهما كانت تنويرية وثورية، اجتراراً في أوساط النخب القليلة غير المؤثرة، في مقاهي الثقافة والمثقفين. وعندما يعجز المثقفون عن إيصال أفكارهم إلى الجمهور العريض لنقلها إلى مسرح الفعل، يصابون بثرثرة عجيبة، ويتحولون إلى ظاهرة «صوتية». عندما أسمع مثقفاً عربياً «يصرخ» بأعلى صوته في فضائية ماذا يغيّر ذلك في «ميزان القوة» على الأرض، بعد انتهاء «نوبة» صراخه؟! ألا يبدو هذا المثقف الصارخ، وهو في منتهى الثورية الكلامية واللفظية، تابعاً مطيعاً للمبدأ الشائع هذه الأيام: «دعهم يقولون ما يريدون… ودعنا نفعل ما نريد»؟! أما مسألة «المهادنة» مع القوى المؤثرة اليوم، فلا يُسأل عنها المثقفون وحدهم، إلا بحسب نسبتهم الضئيلة التي ذكرت. أين هي بقية القوى الاجتماعية الأقوى منهم؟ لماذا لا ننظر في مواقفها ونحللها وننقدها؟ فالله لا يغير ما بقوم حتى يغيّروا ما بأنفسهم، وليس ما يكتبه كتابهم فحسب. مسؤولية وأخطاء > وهل يمكن اتهام حداثة عربية ما، بأنها مسؤولة جزئياً عما يحدث؟ – ارتكبت كل تيارات الحداثة العربية، من ناصريين وقوميين وبعثيين ويساريين وليبراليين، خطأين فادحين أديا إلى النتيجة المشهودة اليوم: الخطأ الأول: إنهم لم يجذروا أفكارهم اجتماعياً وضميرياً في أوساط «الجماهير» التي طالما تغنوا بها. وكانت استفادتهم من إمكانات التجديد الإسلامي ضئيلة جداً، وهي إمكانات قائمة، وكبيرة، وكان يجب العبور من خلالها في ميدان «التجديد» الإسلامي، مواصلةً لمدرسة محمد عبده. لكن الجهد المعرفي الذي بذلوه في هذا الصدد كان تافهاً وغير مؤثر، بل إن بعض تلك التيارات عاكس العقائد العميقة للجماهير فخلق ريبة حيالها وتصدعاً معها. من السخف «تحريك» الجماهير بمناقضة إيمانها، لذلك انحازت قطاعات عريضة منها إلى الأصوليات التي تدغدغ مشاعرها الإيمانية، لكنها للأسف تجرها إلى وراء. والحركة التصحيحية الكبرى المنتظرة في صفوف التحديثيين العرب تتمثل اليوم في اجتراح معجزة «التجديد» في الإسلام الذي حمل «حداثة» التاريخ تحت إبطيه منذ البداية ومضى بها، مقيماً حضارة من أعظم الحضارات في التاريخ… أليست الحضارة الإسلامية – بعقلانيتها وفلاسفتها، علومها، نصاراها ويهودها وصابئتها، إضافة إلى مسلميها بالطبع –معجزة الإسلام الكبرى في التاريخ؟ إذاً العجز عن انجاز «التجديد» في الإسلام، بهذا المفهوم، يساوي الكارثة، بل الكوارث التي نحن فيها! ولن تكون البداية الصحيحة المنتظرة، والمشروع النهضوي المأمول، إلا بحركة «تجديد» إسلامي يثبت القدرة على مواجهة العصر والمستقبل. الخطأ الثاني: إن تيارات التقدم العربي وقد انكشف ظهرها بسبب الخطأ الأول، لم تحسن خوض معاركها السياسية والعسكرية ضد أعداء التقدم العربي. وعلينا الانتباه. فعدو الإمبريالية والصهيونية اليوم حركة «التقدم العربي» وليس أي صنف آخر. بحدوث الهزيمة السياسية والعسكرية وتوالي مظاهرها انكفأت تلك التيارات، وابتعدت عنها «الجماهير»، وكان ما كان. ولا أستبعد، بل أرجح أن ينشأ تحالف استراتيجي بين القوى الأجنبية والتيارات السائدة «جماهيرياً» اليوم، طالما أنها لا تعمل من أجل التقدم الحضاري الحقيقي، ولا تمتلك مشروعاً حضارياً… فذلك هو المحظور وليس السيارات المفخخة والأحزمة الناسفة! > هناك مفكرون عرب وصلوا إلى مواقع قرار ما، في بلدانهم أو في مؤسسات عالمية. هل ترى أنهم وصلوا بأفكارهم أم من دونها؟ – المهم أن يصلوا مع «قوى» تؤمن بأفكارهم لتطبقها. أما أن يصلوا فرادى بأفكارهم المجردة فلن يغيّروا شيئاً. > من يصنع الذهنيات العربية حالياً، وأيّها تصنع على هذا النحو؟ – الهزيمة ومختلف تراجعاتها هي التي تصنع الذهنيات اليوم قبل كل شيء. أما الدعاة إلى تلك الذهنيات فما هم إلا زرّاع يستفيدون من التربة والموسم! لتقم جهة عربية ما بتغيير الحالة المهزومة، ثم أنظر ما يحدث على صعيد الأفكار. > هل يمكن، بعد، الحديث عن وحدة ثقافة أو فكر عربية… أم أن ثمة تطوراً غير متكافئ بين منطقة وأخرى، حتى بين فئات داخل كل منطقة، ما يجعل الوصول إلى نقاط تلاق مستحيلاً، كما يقول بعضهم؟ – الاختلاف في المستويات المناطقية وغيرها قائم لدى أمم كثيرة وفي ثقافات، والتنوع سيبقى ولو بلغنا أكبر الانتصارات وحققنا أرقى أشكال الوحدة. كان هذا التنوع قائماً طوال تاريخ الحضارة الإسلامية التي علينا أن نلاحظ أن دوائرها السياسية تعددت، كما دوائرها اللغوية – القومية، لكن وحدتها الحضارية بقيت. ما يجب أن ننتبه إليه اليوم من «اختلاف» أن وحدة الثقافة لا يمكن أن تقوم إلا على وحدة اللغة، وما أن تختلف اللغة حتى تختلف الثقافة وتتغير القومية ويختلف «الوجدان». تأمل في الحدود القائمة بين الناطقين بالعربية وغيرهم من الأقوام المحيطين بهم، أو حتى من المتعايشين معهم. (المصدر: صحيفة الحياة الصادرة يوم 12 جوان 2006)
إصلاح العقل … قضية وجود
من مقال لمحمد جابر الأنصاري (أيار – مايو 2005) «إن مواطن الألم في الجرح العربي الراهن: هي أن التحول النهضوي لم يكتمل بعد، وتعثره لا يعود أساساً في تقديرنا الى مثالب ذاتية في العرب، على كثرة نواقصهم. فمرده إلى أسباب تاريخية موضوعية امتدت إلى واقعهم المعاصر ولم يحسموا تطاولها عليهم، إضافة إلى موقع عربي في مفترق أطماع العالم يتطلب أن تواجهه أمة تكف عن الكلام إلى العمل… و «الحالة العربية» الراهنة تعبير موضوعي عن آلام هذا التحول والعجز… عن تحقيقه، وهي حال تاريخية طبيعية مشهودة في ذاكرة المعرفة التاريخية المقارنة عانتها أمم أخرى، ولا داعي للانتحار وجلد الذات، فهي ليست نهاية العالم (ولا نهاية الأمة)… نعم يحدث لنا هذا كله… ليس في فلسطين والعراق فحسب، وإنما في أقطارنا كافة التي يحتلها «التخلف»… أليس هذا احتلالاً منذ أزمان قبل الاحتلال الأجنبي…؟! إن العرب ما زالوا يعيشون «اشتباك الأزمنة» بين قديمة ووسيطة وحديثة، ولا بد من «فك الاشتباك» وإنجاز التحول من قبضة المجتمع التقليدي إلى الحد الأدنى من شروط المجتمع الحديث المتمثل في ثقافة تقبل العقلانية بصدق إلى جانب معتقداتها الإيمانية، وإلى مؤسسات مدنية في دولة قابلة للتحضر وراعية لتعايش الاختلاف في ظل التطور الديموقراطي والدستوري الذي لا مهرب منه. هذا التحول التاريخي المؤجل يتطلب باختصار شديد: ترسيخ العقل النقدي في ثقافة الأمة ونظامها التعليمي مع استيعابه لمعطيات الثورة العلمية الحديثة، من دون أن ينقض الإيمان الذي هو ضرورة ومن الثوابت التي اكتشفت الإنسانية المعاصرة حاجتها إليها. ولا يوجد دليل على أن أئمة الفقه في الإسلام حظروا إطلاع المسلمين على أفكار الحضارات الأخرى في عهود الازدهار الإسلامي. ولا يوجد دليل على أن الخليفة المأمون أنشأ وحدة للرقابة في بيت الحكمة، تقرأ المؤلفات اليونانية وتصادر ما لا يعجبها فيها من أفكار. وكان من حرية مؤلف مسلم كالبيروني أن يؤلف موسوعة عن الحضارة الهندية تتضمن أكثر الأفكار مغايرة لعقيدة الوحدانية والتجريد الإلهي في الإسلام (وهي: تحقيق ما للهند من مقولة مقبولة في العقل أو مرذولة) تاركاً للعقل، والعقل وحده أن يقبلها أو يرفضها. ولم يجد البيروني حرجاً في إهدائها إلى السلطان المجاهد محمود الغزنوي، بكل ما تضمنته من اعتقادات مغايرة لعقيدة الدولة. «إصلاح العقل»… إذا لم نقدم عليه بكل أبعاده الضرورية، وعلى رغم صيحات «الجنون» المحيطة بنا، فلن يكون ثمة إصلاح آخر… ولا بد من أن يعيد العقل العربي «قراءة» الغرب من حيث هو حضارة كما يقرأه ويعانيه كاستعمار وسيطرة، وألا يعفي نفسه من السؤال «غرب منحط كيف يسود العالم؟»… حقاً هذا الغرب إن كان «منحطاً» إلى هذه الدرجة التي نتصورها، كيف ساد ويسود العالم منذ قرون… قبحه الله». (المصدر: صحيفة الحياة الصادرة يوم 12 جوان 2006)