TUNISNEWS
7 ème année, N° 2202 du 02.06.2006
الجزيرة نت: إضراب إسلاميي تونس المعتقلين احتجاجا على تدنيس القرآن قائمة مراسلة حزب العمال الشيوعي التونسي: قصبية المديوني تحت الحصار ومناضلوها في إقامة جبرية غير معلنة الشرق الأوسط: حرية ممارسة الشعائر الدينية مضمونة للجميع في تونس شبكة الصحافة العربية:آخر الأخبار عن حرية الصحافة في المنطقة مراسلون بلا حدود: دعوة للتوقيع على عريضة تحث السلطات التونسية على إطلاق سراح المحامي و الناشط محمد عبّو نشرة آيفكس: حرية التعبير لازالت تحت الحصار في تونس الموقف :الجدار العازل في غنوش عبدالباقي خليفة : من يريد تنفيذ انقلاب ضد الجنرال بن علي صابر التونسي: بيان مساند لبيان « الشهـيـــــــــــر » علي شرطاني : في الحرية والديمقراطية والوحدة الوطنية في إطار الهوية العربية الإسلامية للشعب يكون الحل! الأستـاذ نور الدين البحيري :في ذكرى النكبة توفيق المديني: القبيلة و النظام السياسي في المغرب العربي خميس الخياطي: حيث الإستثناء يعزز القاعدة ليكون
Pour afficher les caractères arabes suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe ( Windows ) To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic (Windows).
|
الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان ــ فرع بنزرت
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بنزرت في 01 جوان 2006
بيــان
تدنيس المقدسات وتعذيب في سجن برج الرومي
إن هيئة فرع بنزرت للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان تعلم الرأي العام بما يلي :
تحدث الآن بسجن برج الرومي بنزرت ممارسات خطيرة جدا ضد السجناء السياسيين ومعتقداتهم بدون أن تتخذ السلطات الإجراءات اللازمة لوضع حد لها رغم علمها بالموضوع. فلقد اتصلت عائلات المساجين بالرابطة وقدمت معلومات مفادها أن السجين أيمن بن بلقاسم الدريدي المحال بمقتضى قانون مكافحة الإرهاب في القضية التحقيقية عدد 1/1110، تعرض لتعذيب فضيع بالضرب بالفلقة والدهس بالأرجل والضرب على كامل أنحاء الجسم، يوم الخميس 04 ماي 2006، وذلك من طرف مجموعة من الأعوان بإذن من مدير السجن المدعو عماد العجمي لأنه اشتكى لعائلته من حبسه في عزلة في زنزانة انفرادية منذ نقلته من السجن المدني بتونس في خلاف تام لقانون السجون.
وإثر ذلك تقدم محاميه الأستاذ أنور القوصري بشكاية في حقه من أجل التعذيب وغيرها من الجرائم المصاحبة مطالبا بفتح تحقيق عاجل وعرضه على الفحص الطبي بصفة عاجلة لمعاينة الأضرار الحاصلة له وحتى لا تندثر آثارها بمرور الوقت. فسجلت الشكاية بالمحكمة الابتدائية ببنزرت بتاريخ 17 ماي 2006 تحت عدد 2006/11018 وأذنت النيابة بجلب الشاكي من السجن لسماعه وحرر عليه يوم 20 ماي 2006 من طرف السيد مساعد وكيل الجمهورية.
وبلغ لعلم الرابطة أنه كان من نتيجة ذلك تعرض السجين أيمن الدريدي لاعتداء جديد من طرف نفس المدير وأعوانه الذي زيادة على الاعتداء الجسدي قام بضربه بمصحف ثم ركل المصحف عند سقوطه أرضا. وأمام احتجاج السجين أيمن الدريدي على هذا الاعتداء الشنيع عاقبه مدير السجن بوضعة في السيلون ومنع عائلته من زيارته. وقد أعلمتنا والدته أنها تحولت إلى السجن يوم 25 ماي 2006 ويوم 01 جوان 2006 وفي كل مرة يطردها الأعوان بدعوى أن ابنها معاقب وممنوع من الزيارة. وبلغ لعلم الرابطة أن هذا السجين دخل في إضراب عن الطعام احتجاجي وهو لا يزال يواصله وقد أصبحت حالته الصحية متدهورة جدا.
كما بلغ لعلم الرابطة أن المساجين السياسيين ببرج الرومي شنوا إضرابا عن الطعام بثلاثة أيام من يوم الجمعة 26 ماي إلى يوم الأحد 29 ماي 2006 ومن بين مطالبهم اتخاذ الإجراءات اللازمة ضد المعتدين. ولكن الإدارة لم تحرك ساكنا فقرروا الدخول ثانية في إضراب عن الطعام بداية من يوم الاثنين 05 جوان 2006.
إن فرع بنزرت للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان:
ـ يندد تنديدا شديدا بتدنيس المصحف والاعتداء على معتقدات المساجين السياسيين،
ـ يندد بشدة بممارسة التعذيب التي تتواصل في السجون التونسية وقد طالت في الآونة الأخيرة العديد من المساجين المحالين بمقتضى قانون مكافحة الإرهاب وغيرهم من المساجين. ورغم زيارتهم من طرف وفد من الصليب الأحمر الذي لاحظ للسلطات التونسية تفشي هذه الظاهرة داخل السجون، فإن هذه الأخيرة وهي على علم بذلك لم تحرك ساكنا مما يبين أنها المسؤولة بدرجة أولى لما يتمتع به أعوانها من شعور بالحصانة وإفلات من العقاب.
ـ تعبر الهيئة للرأي العام أنها ستتابع هذا الملف حتى ينال المجرمون عقابهم ولن تنفك عن التشهير بهم حتى يوضع حد لمثل هذه الممارسات الدنيئة.
عن هيئة الفرع
رئيس الفرع
علي بن سالم
إضراب إسلاميي تونس المعتقلين احتجاجا على تدنيس القرآن
وأوضحت الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان استنادا إلى عائلات السجناء أن مدير السجن عمد إلى ضرب أحد المعتقلين الإسلاميين بالمصحف، ثم ركل المصحف برجله عندما سقط أرضا.
وقال سجناء سياسيون سابقون للجزيرة نت « إنها ليست المرة الأولى التي يقدم المدير المذكور على مثل هذا التصرف وإنه يتعمد إهانة السجناء الإسلاميين بالتهكم على القرآن والمس بمعتقداتهم » مضيفين أن التحركات الاحتجاجية والإضرابات عن الطعام لم تدفعه للكف عن تلك الإجراءات الاستفزازية.
وأدانت رابطة حقوق الإنسان في بيان أصدرته تدنيس المصحف، والاعتداء على معتقدات السجناء السياسيين وتعذيبهم بصفة مستمرة.
وحول تكرار مثل تلك الممارسات بالسجون التونسية، حملت الرابطة المسؤولية للسلطات واتهمتها بالصمت عما يحدث من تجاوزات خطيرة وعدم اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة ضد مرتكبيها.
وأضافت الرابطة أن صمت السلطة أعطى مسؤولي السجون المذنبين حصانة، وجعلهم في وضعية الإفلات من العقاب رغم تكرر الشكاوى ضدهم. وكان السجين السياسي أيمن الدريدي الذي قذفه مدير السجن بالمصحف وتعرض إلى التعذيب الشديد، تقدم بشكوى لم تعرف نتيجتها حتى الآن. وتشكو المنظمات الحقوقية الوطنية والدولية من ظاهرة التعذيب وإساءة معاملة السجناء، رغم سماح الحكومة التونسية لوفد من الصليب الأحمر الدولي بزيارة السجون العام الماضي. ــــــــــــــ الجزيرة نت
قصبية المديوني تحت الحصار ومناضلوها في إقامة جبرية غير معلنة
مصدر رسمي: حرية ممارسة الشعائر الدينية مضمونة للجميع في تونس
القانون عدد 34 لسنة 1988 المؤرخ في 3 ماي 1988 والمتعلّق بالمساجد (1)
آخر الأخبار عن حرية الصحافة في المنطقة (عن شبكة الصحافة العربية )
مطلوب تحرك! تونس: سجن أحد نشطاء حقوق الإنسان
تدعو مراسلون بلا حدود الجماهير إلى التوقيع على عريضة تحث السلطات التونسية على إطلاق سراح المحامي و الناشط محمد عبّو. ففي 29 إبريل / نيسان 2005، حكم على عبو بالسجن لمدة ثلاث سنوات و نصف بتهمة الاعتداء على امرأة و نشر بيانات « قد تزعزع النظام العام » و « قذف الإجراءات القضائية ». و يعتقد أن التهم الأخيرة تتعلق بمقال نشره عبّو على شبكة المعلومات و قارن فيها بين التعذيب في السجون التونسية ومعاملة الجيش الأمريكي للمعتقلين العراقيين بسجن أبو غريب. وقعوا العريضة على: http://www.rsf.org/article.php3?id_article=15054 لمزيد من المعلومات عن قضية عبّو: – مجموعة مراقبة تونس http://www.ifex.org/en/content/view/full/7401 – حقوق الإنسان أولا http://action.humanrightsfirst.org/campaign/Abbou3/explanation
حرية التعبير لازالت تحت الحصار في تونس
الإضراب في قطاع الصحة
علمنا أن نسبة الإضراب في قطاع الصحة يوم الأربعاء الماضي لم تتجاوز حسب وزارة الصحة الـ27,7 في المائة. تدخين بلغت نسبة المدخنين الذين تفوق أعمارهم 20 سنة في تونس حسب الدراسات الوطنية 35,5%. وجاء في المسح الوطني لتقييم صحة المراهقين والمتمدرسين أن 55,8% من الذكور و17,7% من الإناث من بين المراهقين والمراهقات الذين تتراوح أعمارهم بين 12 و20 سنة دخنوا على الأقل مرة واحدة. (المصدر: جريدة الصباح التونسية الصادرة يوم 2 يونيو 2006)
«بي.ايه ريسورسز» تحقق كشفا واعدا للغاز في تونس
الجدار العازل في غنوش
في الحرية والديمقراطية والوحدة الوطنية في إطار الهوية العربية الإسلامية للشعب يكون الحل!
الرئيس زين العابدين بن على يستقبل وزيرة الدفاع الفرنسية استعراض شامل للإشكاليات الكبرى للسلام في المنطقة وفي العالم
وفد من مساعدى أعضاء الكنغرس الامريكي يطلع على التجربة التونسية فى مجال التضامن
دعوة عامة من « منتدى تونس للحوار الإسلامي »
الإخوة الكرام الأخوات الكريمات
تدعوكم غرفة منتدى تونس للحوار الإسلامي لمواكبة الاحتفال الذي ستقيمه يوم الثلاثاء 6 جوان 2006 وذلك بمناسبة مرور ربع قرن على الإعلان عن تأسيس حركة الاتجاه الإسلامي النهضة حاليا تحت عنوان:
الذكرى.. واقع وآفاق بعد ربع قرن من إعلان التأسيس
أما ضيوفنا الكرام فسيكونون إن شاء الله هم:
الشيخ راشد الغنوشي، رئيس حركة النهضة
الأستاذ وليد ألبناني، رئيس مجلس الشورى
الشيخ الهادي بريك، عضو مجلس الشورى
الأخ محسن الجندوبي، عضو مجلس الشورى
الأستاذ لزهر مقداد، عضو المكتب التنفيذي
المهندس العربي ألقاسمي، رئيس جمعية الزيتونة
الأستاذة رشيدة النفزي، رئيسة الجمعية الألمانية للثقافة والاندماج
الأستاذ محمد أبو الوليد المكني، كاتب وصحفي مهتم بالشؤون التونسية
الأخ محمد طنيش، مشرف موقع 18 أكتوبر
مرحبا بكل ضيوف وزوار غرفة منتدى تونس للحوار الإسلامي
« ولد الخضراء »، القائم على الغرفة
(المصدر: موقع الحوار.نت بتاريخ 2 جوان 2006)
منتدى الجاحظ – تونس
من أجل تنوير عربي إسلامي
دعوة
يتشرف منتدى الجاحظ بدعوتكم لحضور ندوة فكرية يلقيها الدكتور أبو يعرب المرزوقي تحت عنوان:
الهوية والحضارة الإسلامية في زمن العولمة
وذلك يوم السبت 3 جوان 2006 على الساعة السادسة مساء بمقر المنتدى 3 نهج السوسن باردو – تونس.
منتدى الجاحظ – تونس
من أجل تنوير عربي إسلامي
دعــوة
يتشرف منتدى الجاحظ بدعوتكم لحضور ندوة فكرية يلقيها الأستاذ في الحوزة العلمية بقم وعضو مجلس الفقه بوزارة التعليم العالي الإيرانية محمد مهدي هادفي تهراني تحت عنوان:
الحوزة العلمية والمشهد الثقافي والديني في ايران
وذلك يوم الاثنين 5 جوان 2006 على الساعة السادسة والنصف مساء بمقر المنتدى 3 نهج السوسن باردو – تونس.
مؤسسة التميمي للبحث العلمي والمعلومات و مؤسسة كونراد أديناور بتونس تنظمان : المؤتمر العشرين لمنتدى الفكر المعاصر حول: الرقباء والرقابة بين السياسي والديني في المجتمعات العربية 22-23-24 جوان/حزيران 2006
من يريد تنفيذ انقلاب ضد الجنرال بن علي ؟
** أطراف داخلية و خارجية تعمل على تغيير هرم السلطة في تونس
** حرام الدوح على بلاله حلال للطير من كل جنس
عبدالباقي خليفة- الوسط التونسية – خاص
منذ فترة ليست بالقصيرة تردد في بعض الكواليس الدبلوماسية بالخارج ، حديث عن وجود خطة للاطاحة بنظام بن علي بنفس الطريقة التي تمت بها إزاحة الرئيس التونسي السابق الحبيب بورقيبة في 7 نوفمبر 1987 . و كان ذلك بالتحديد قبيل التغيير الذي أجراه بن على في إدارة الامن ، حيث قام البعض بابلاغ السلطات التونسية بطريقة غير مباشرة عن وجود مؤامرة داخلية للاستحواذ على السلطة . ورغم التغييرات التي تمت إلا أن المشروع لا يزال قائما لا سيما و أن صحة الرئيس بن علي تماثل تماما ما كان عليه وضع الرئيس بورقيبة في بواكير صراعه مع المرض .
الوجه الآخر للتتويج
و في ظل هذا المشروع و في إطاره ، يتم تعفين الاوضاع في تونس ، ورفع سقف التوتر،وإثارة المشاكل مع تشكيلات المجتمع الأهلي ،وقواه السياسية والاجتماعية ، وزيادة حدة الاحتقان السياسي . ومن هنا يرى الكثيرون أن ما يجري ابتداء من قضية المحامين ، مرورا بالعدوان على الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان ، و انتهاءا بالاضطهاد المتواصل ضد الحجاب و مظاهر التدين في تونس ، ليس سوى صدى للصراع الخفي داخل أجنحة النظام ، أكثر منها صراع بين النظام من جهة وقوى المجتمع المدني من جهة أخرى . وكان صراع الاجنحة داخل النظام ، كما يقول غربيون ، قد بدأ قبل أكثر من 5 سنوات ، وازداد حدة مع تضاعف معاناة بن علي من مرض السرطان . حتى التتويجات المزيفة المقدمة لبن علي من جهات داخلية وخارجية ليست ، في نظر البعض ، سوى خيطا من الحبكة التي يتم الاعداد لها ، حيث أن ذلك من شأنه أن يزيد من الحنق و الازمة في تونس ، وليس العكس كما يوهم الطرف الذي سيعرض على المقصلة هذه المرة ، وهو ما يذكرنا بصراع اليعاقبة ( الدساترة ) والجيوروند ( جماعة حمام سوسة ) حتى أن البعض أطلق على جماعة ( حمام سوسة ) اسماء الجيروند ، مثل بريسو ، و بيزو ، و فرنيسو ورولان … أما اليعاقبة الجدد فيحملون هم أيضا نفس الاسماء المستعارة روسبير ، ومارا ، و دانتون ،… ولكن لا يعرف ما إذا كانوا سيرسلون بعضهم بعضا إلى المقصلة كما فعل أسلافهم الفرنسيون . كما أن مواقفهم من التونسيين بالخارج لا سيما المعارضين منهم لا تختلف كثيرا على مواقف الخصوم الفرنسيين من النبلاء الذين كانوا يرفضون العودة لفرنسا . بيد أن عهد الارهاب في تونس كما حدث في فرنسا سنة 1792 لن يبدأ بسقوط الجيروند بل سينتهي في تونس بسقوطهم ، وقد يكون للابد .
العيساوية السياسية
و يرى محللون أن فرنسا وجهات أخرى ستخسر كثيرا ، بسبب وقوفها في صف نظام قروسطي متحجر ، مما سينعكس سلبا على العلاقات الفرنسية التونسية مستقبلا ، كما سيجعل من قضية الجلاء الثقافي الذي تحدث عنه نجيب الشابي قبل عدة سنوات أمرا حتميا ،وهو ما يستدعي من باريس أن تغيير موقفها وتنحاز إلى جانب الديمقراطية وحقوق الانسان ، وتوقف نظرتها العنصرية التي تجعل منهما ملكا خاصا بشعبها ، بينما لا يحق للشعب التونسي إلا التفكير في الخبز والدواء بتعبير شيراك أثناء زيارته المشؤومة لتونس قبل بضع سنوات .
أما العيساوية السياسية فلن يكون لها دور في تونس الغد ، في جمهورية الغد المشرق ، وليس الحالك كما تبشرنا به جمهورية العيساوية ، التي تحاول أن تنسب أفعال ولاة نعمتها ، لمبدأ لم تطبقه أبدأ ، بل استخدمته بميكافلية غارقة في الخبث . وهي التي استكثرت على تركيا في وقت سابق تمتعها بهامش من الديمقراطية ، معربة عن ألمها وحسرتها لأن ذلك » تم في غفلة من الجيش » إنها العيساوية السياسية ، أو لنقل الالمرتية السياسية نسبة ليهود ألمرت الذي يرى في الديكتاتوريات العربية » أكبر ضمانة لأمن اسرائيل وبقاء العرب متخلفين » وهو كلام سبق لنجل القذافي أن قاله بشكل مشابه على قناة الجزيرة .وأن » الانظمة الديمقراطية تفرز جيشا يعبر عن رغبة الشعب » بينما السائد يعبر عن رغبة الحاكم في الاحتفاظ بكرسيه ( للأبد ).
تمجيد الاحتلال
ومن ذلك ما نشاهده جميعا في المغرب العربي، حيث نجد الجزائر بمفردها تعارض القانون الذي يمجد الاحتلال الفرنسي ، دون أن يكون هناك أصوات مماثلة في تونس و المغرب . والحقيقة أن النخب المثقفة والمناضلة قد تم استنزافها في محاولة لإلغائها من الخارطة ولا سيما في تونس ، لذلك لم يتم التطرق لهذا الامر الخطير ، و إن كان ذلك لا يعد مبررا كافيا للسكوت . وليس أقل منه الدعم الكبير الذي تلقاه الفرنسية في بلادنا ، على حساب اللغة العربية التي تعد لغة عالمية . بل على حساب الانجليزية التي هي لغة العالم اليوم . ولا ندري ماذا سنستفيد من فرنسا بوجهها الحالي، وهي الدولة اللائكية التي كانت تدعم حملات التنصير في بلادنا حتى أصبح لها مدارس ومعاهد في تونس اليوم مقابل غلق المعاهد والمدارس الاسلامية مثل معهد رقادة الاسلامي الذي تم اغلاقه منذ عدة سنوات ، إضافة لغلق كتاتيب القرآن في المساجد .
نضال وإغاثة
وأمام هذه الهجمة المستعرة والهيستيرية التي تستهدف الحريات العامة والنشاط النقابي والحقوقي ، ليس أمام المجتمع المدني إلا أن يرفع من مستوى المناداة بتدخل المجتمع الدولي لتخليصنا من التتر المحليين وهولاكو زمانه بوقف الدعم المباشر وغير المباشر لنظام جمع أسوأ ما في الانظمة الديكتاتورية من قمع ومصادرة للحريات و تعديا على حقوق المواطنة ، الامر الذي فاق ما قام به ديكتاتوريي اسبانيا وتشيلي وافريقيا الوسطى فرانكو وبينوشيه وبوكاسا مجتمعين .
نحن في حاجة لحملة إغاثة انسانية لاسترجاع مواطنتنا ، أكثر من حاجة ضحايا تسونامي وزلزال جاوة للطعام و الدواء والمأوى . مع فارق أن تسونامي مر وخلف ضحايا كما فعل الزلزال في جاوة بينما مأساة تونس تتكرر كل يوم ، وضحاياها يزدادون ولا يتغيرون .
ومع ذلك الاغاثة يجب أن تسبقها تضحيات و نضالات و صبر فالنظام آيل للسقوط ،رغم الاعترافات الصهيونية وجهات استخبارية دولية بتقديمها الدعم للنظام منذ قيامه و حتى اليوم . و لنتذكر بأن الشعب العراقي يدفع اليوم ثمن عدم مقاومته للديكتاتورية ، ولو فعل ذلك في حينه لوفر على نفسه في مخاضه العسير 99،99 في المائة ( وهو الرقم الذهبي العربي للديكتاوريات ) من دمائه وثرواته المستنزفة على مذبح الديمقراطية و الحرية .
من يستقوي بالخارج
إن مأساة تونس ليست من أفعال الطبيعة ، ولكنها من أفعال أناس ساديين ، تجب محاسبتهم شعبيا ودوليا أمام محكمة الجنايات ، بجرائم ضد الانسانية المعذبة في تونس والمشردة في الخارج ، ومن طينة فرعونية ، كتب عليها بحروف ميكافيلية ، وتم تعميدها في المحافل الماسونية والمسكونية، وتتويجها من قبل الجهات المسكونة بالصراع الحضاري ، بينما تمارس الكذب و الغش تحت مسميات » حوار الحضارات » و » التعايش بين الثقافات » و » التسامح ».
لا شك إنهم فرحون بهذه التتويجات ، و كانوا من قبل ولا يزالون يعيبون على المعارضة الاستقواء بالخارج ، فهذه التتويجات نوع من الاستقواء بالخارج ، لا سيما و أنها جاءت في ظرف مشبوه ، و في توقيت معين حيث ينتفض الشعب التونسي وقواه الحية ضد الديكتاتورية . فالخارج وحده من تريد الطغمة الحاكمة كسبها أما الداخل فالجندرمة متكفلة به .
هذه الجهات التي منحت بن علي أوسمة ونياشين وألقاب مزيفة ، ( لا يمثلون كل أوربا ولا كل أميركا ) تقول شيئا وتفعل نقيضه ، كيف يكون بن علي داعيا لحوار الحضارات و هو يرفض الحوار مع شعبه ، كيف يوصف بالمتسامح وهو يدوس كرامة شعبه في التراب ،هل ما يفعل بالمعارضين في الشوارع والزنازين والمهجر له وجه شبه ولو بنسبة واحد في المليار مع كلمة تسامح . المسكونون بالصراع الحضاري هم من يقومون بتتويج بن علي لا لانه يدعو للحوار والتسامح بين الحضارات والثقافات ، ولكن لانه يحقر ثقافته ويعلي عليها غيرها ، ويطمس معالم دينه ، ويكرم أصحاب الديانات الأخرى على حسابه . لسنا ضد الحوار والتعايش والتسامح بل هو من أسس ديننا ، و لكن ضد » حرام الدوح على بلابله / حلال للطير من كل جنس ».
(المصدر: مجلة « الوسط التونسية » الالكترونية بتاريخ 2 جوان 2006)
الحمد لله وحده
تونس في : 15/5/2006
بيان مساند لبيان 30 ماي
« الشهـيــــــــــــر »
سادتي الممضين الأحبة، تحية لكم والسلام عليكم وبعد:
لأنني مواطن محروم من مواطنته ولي رفاق أحبة « أكلهم » السجن، ولأنكم سادتي وإخواني شجعان حيث رفعتم لواء استعادتي لمواطنتي وإطلاق سراح رفاقي فأنا معكم في ذلك ولكن، وجب التنبيه إلى أنكم:
ـ »أحسنتم » اختيار الوقت غير مناسب لإصدار البيان!
ـ أحسنتم اختيار المضمون بشكل يرفع الخناق عن « الجلاد » ولا يحرر الضحية!
ـ المضمون يجرم المظلوم ويبرئ الظالم!
ـ يفتح القلوب والأحضان للمجرمين ويعرض عن رفاق الدرب
ـ يقطع حبال الود مع الإخوة ويمدها للجلاد!
ينعى حركته ثم يقر لاإراديا بأن لها وزنا يخطب وده الآخرون!
يرفض أن يقف في صف المغالبين ويقنع أن يكون من المغلوبين!
ـ يرفض أن يطالب بالتحرر « ويتسوله » من بخيل لن ينفقه!
ـ يحتقر وعي السجين وتضحيته وصبره ويقول له أنا أعلم منك بمصلحتك: « كفى تجن على نفسك وولي أمرك »!
سادتى أنتم مشكورون إذ تنازلتم عن « قميص عثمان » وصفحتم عمن لطخه بالدم ولم تتعالوا عما بينكم وبين إخوانكم من خلافات سياسية!
مشكورون أيضا إذ همشتم المؤسسات لما « تجاهلتكم » ولم تسمع لكم ولم تفرض آراءكم على الجميع!
سادتي من طلب السياسة سهر الليالي ومن طلب العلى تنازل عن الحق « الغالي »!
ليتكم سادتي تعلمتم من ديك أحمد شوقي لما أراد الثعلب أن يوقع به!
وإليكم القصة بلسان صاحبها، أحمد شوقي رحمه الله.
الثعلب والديك
برز الثعلـبُ يومـــــــــــاً ** في شعار الواعـظيـنـــا فمشى في الأرضِ يهذي** ويسـبُ الماكريــنـــــــا ويقــولُ الحمــدُ للــــــــــ** ـــه إلــه العالمــــينــــا يا عبـــادَ الله تـوبـــــــوا** فهو كـهف التائبيـنـــــا وازهــدوا في الطــير إن ** العيشَ عيشُ الزاهدينا واطلبوا الــديكَ يـــــؤذنْ ** لصـلاةِ الصبـح فيـنــــا فـأتى الــديكَ رســــــــولٌ** من إمــامِ الناسـكينـــــا عَــرضَ الأمْرَ عـليـــــــه ** وهـو يرجـو أن يلينــا فأجـابَ الـديكُ عـــــــذراً ** يا أضــلَ المهتديــنـــــــا بلـغْ الثعلــبَ عنــــــــــي ** عن جدودي الصالحيـنا
عن ذوي التيجان ممـن ** دخل البطن اللعينـــــــــا أنهم قالـوا وخيرُ القــــو** لِ قــولُ العارفيــنــــــا: مخطئٌ من ظـن يـومـــاً ** أن للثعلــب ديـــنـــــــــا
الغريب أن ثعلب أحمد شوقي قد نادى بالزهد في الطير ولكن « صاحبكم » لم ينادي بالزهد في القمع بل ظل مكشرا عن نابه ينهش به كل من قال: « لا للظلم » أو « لا للقمع » أو طالب بحرية، أو أراد أن يكون الصندوق « العجيب » وسيلة لحل النزاعات وليس وسيلة لإضفاء « شرعية » لا شرعية!
رغم ذلك رضيتم سادتي أن تدخلوا « البطن اللعين » وتزينوا جبة « :حامي الحمى والدين » علكم تزيدونه حدة في نابه أو توهجا في ناظره…….. أو قد تنالون شرف الإندماج في نسيجه العصبي فتصبحون بعضا من قوته الباطشة ……………..وهو ما لا أرضاه لكم إخوتي.
هذه مساندتي لبيانكم من باب انصر أخاك ظالما أو مظلوما.
وأظن أن فيما كتبه الشيخ الهادي بريك الكثير لمن يبحث عن الحق،
والسلام على كل من تبين له الصواب بعد الخطأ فلم يجد غضاضة في قول: أخطأتُ ثم يعود إلى الحق دون حرج.
أخوكم: صابر التونسي
في الحرية والديمقراطية والوحدة الوطنية في إطار الهوية العربية الإسلامية للشعب يكون الحل!
علي شرطاني – قفصة- تونس
– فليس أمام أبناء شعبنا خاصة في النخبة ومن النخبة المثقفة إلا أن يؤمنوا بالخلاف الثقافي والعقدي والسياسي بينهم، وأن يقبل بعضهم ببعض.
– ولتكن العلاقة بينهم علاقة مجادلة بالتي هي أحسن، وعلاقة حوار وجدل فكري ومناظرة ثقافية وصراع برامج وأطروحات، وبرامج إصلاح وحلول لمشاكل الشعب والوطن في إطار العروبة والإسلام في المنطقة العربية والعالم الإسلامي أولا، ثم في الإطار العالمي ثانيا.
– ولتكن الحرية مطلبا أساسيا لكل الناس وللإنسان المقهور والمستعبد عموما في أي مكان لا نختلف فيه، وإن ظل الإختلاف قائما في فهم النخبة له وفي معناه بحسب المرجعيات وبحسب مصادر ورود هذا الفهم وهذا المعنى بمختلف الثقافات والمرجعيات والنظريات والتصورات التي أصبحت بفعل الغزو الثقافي لها وجود وتسجل حضورا في بلادنا كما في مختلف بلاد العالم الإسلامي والعالم.
– ولتكن الديمقراطية بما هي دين في الثقافة الليبرالية الرأسمالية، وهي كفر في الفكر الماركسي، وهي مجرد آلية من أحسن ما هو موجود على سوءاتها إلى الآن من آليات تنظيم الإختلاف بين مختلف مكونات النسيج الإجتماعي بمختلف أفكاره وآرائه ومنطلقاته الفكرية وقناعاته السياسية، وهي الآلية المناسبة لتنظيم الخلافات وحسمها، والوصول بها إلى الصيغة المناسبة لتسيير شؤون المجتمع وإدارة الشأن العام من خلال الإحتكام للشعب.
– وليكن الشعب هو الحكم بقبول من يقبل به ورفض من يرفضه، والوقوف مع من يثق به وترك من لا يثق به، والإقبال على الأصيل الذي يحس ويعلم من خلال برنامجه وثقافته وخطابه أنه منه، والإعتراض عن الدخيل الذي يحس ويعلم من خلال برنامجه وثقافته وخطابه أنه ليس منه، وهذا ما حصل في بلادنا، وهذا ما لم تقبل به مكونات الحركة العلمانية المنبتة القاصرة التي تتعامل من خلال انبتاتها وقصورها مع الشعب على أنه قاصر، وتعتبر أنه مازال من المناسب، ولعله من حقها عليه أن تكون وصية عليه، وأنها لا تعترف له بالنضج إلا حين يقع اختياره عليها، وهو الذي يستحق منها التأديب والعقوبة حين يعبر عن إرادة حرة ولا يقع اختياره عليها وليقع اختياره على غيرها ممن تختلف معه ثقافيا وسياسيا واجتماعيا وحضاريا، وذلك ما جر عليه الويلات والكوارث والنكبات ليس في بلادنا فقط من أجل انحيازه لهويته ولثقافته ولأصالته، ومن أجل اختياره الحر والتعبير عن إرادته بكل حرية وجرأة عندما أتيحت له الفرصة في بلادنا وفي الجزائر وفي مصر وفي فلسطين المحتلة حيث ظهر انحياز قوى الشر المعادية لمصالح وطموحات شعوب الأمة في الحرية والإستقلال والعزة والكرامة في الداخل والخارج ،بين الطابور الخامس العلماني اللائكي العبثي الدخيل وأوليائه وصنائعه الغربيين الصليبيين الإستعماريين الصهاينة. فقد أجمعت هذه القوى الشريرة المعادية للإنسان وللحرية والديمقراطية والإسلام والعروبة وللعرب والمسلمين ولحقوق الإنسان وللأمن والسلام على معاقبة الشعوب من أجل التعبير الحر عن إرادتها وعن اختيارها الإرادي التلقائي الواعي لقياداتها الحقيقيين، ولبرامج المقاومة والحرية والتحرر والإصلاح، ولرفضها للفساد وللمفسدين الذين بدا واضحا تحالفهم مع أعداء الأمة والتزامهم بالولاء لهم وبخط العمالة والخيانة بما يخدم مصالحهم وبما يلحق أضرارا وخسائر بالشعوب والأوطان ويبقي عليها على حالة الإرتهان للأجنبي.
– ولتكن حقوق الإنسان بين القابلين بها والرافضين لها والمتحفظين عنها قاسما مشتركا بين كل الفرقاء وبين كل الناس، وثقافة للشعوب لتستعيد بها إنسانيتها وحقوقها الإنسانية المسلوبة من قبل قوى الإحتلال والإستعمار وقوى الفساد والإستبداد.
– وليكن التعامل معها بوعي كإنتاج بشري تتم الإستفادة منه بقدر ما تتحقق من خلاله إنسانية الإنسان وتأخذ صورتها الكاملة، ويتساوى فيه الناس في الحقوق والواجبات بدون أن يكون فيها فضل لأعجمي على عربي ولا لغربي على شرقي ولا لأبيض على أسود و لا لغني على فقير إلا بقدر ما تكون كل جهة من هذه الجهات وكل فرد من هذه الأفراد مؤمن بقداسة النفس والروح البشرية المستمدة من النفخ فيها من روح الله ومن التكريم الإلهي لها من خلال ذلك ومن مهمة الإستخلاف التي أوكلها الله له في هذا الكون الذي خلقه من أجله ليقوم بتلك المهمة بالقسط.
– ولتكن الهوية الثقافية والحضارية للوطن والشعب القاسم المشترك الذي لا يختلف فيه إثنان.
وإذا كان لابد من الإختلاف استنادا إلى ما هو حاصل من اختراق ثقافي بسبب الغزو الثقافي الإستعماري الغربي الذي نجح في المحافظة على الجود والإستمرار به في الأوطان التي احتلها عسكريا واستحدثها جغرافيا، فإن حرية التعبير والتفكير لا حرية التعيير والتكفير، هي الجديرة وحدها بالإنتهاء ذات يوم إلى حسم هذا الخلاف الذي لا يمكن إلا أن ينتهي إلى خلع ثقافة التغريب والتخريب والتشتت والإنقسام وتثبيت ثقافة التعريب والبناء والإعمار والتوحيد. ويبدو أن هذا ما تخشاه قوى الإستبداد ذات الصفة والطبيعة العلمانية والعلاقة المباشرة بالأجنبي.
هذه القوى التي تعمل جاهدة على أن لا تخلي بين الأحرار وبين الناس، ممعنة في انتهاج سياسة الإستفراد بالشعب وإخضاعه للقوة والإبتزاز والدجل والترغيب والترهيب، حتى لا يسمع خطابا غير خطابها، وحتى لا تكون له علاقة مباشرة مريحة مع وجوه إجتماعية وسياسية وثقافية أخرى، يعرفها ويرتاح لها حقيقة، ولكنها دائبة على ترويعه وإرهابه وإخافته منها. وهم الذين انتهوا ببعض الناس في بعض القطاعات فيه اليوم بالخوف على أنفسهم وعلى أرزاقهم ومكاسبهم منهم في الوقت الذي أصبحوا يخافون فيه على أولئك الذين يخوفونهم منهم ويخشون عليهم من كل أنواع المكروه التي بمكن أن تصيبهم من مجرد التواصل مع أفراد المجتمع الذين هم منهم وإليهم من أي فئة اجتماعية كانوا وفي أي مستوى وفي أي موقع كانوا.هذه القوى المؤمنة بالسيطرة على الشعوب وإخضاعها والإستقواء عليها بمن من المفروض أنهم أبنائها، والإستعانة عليها بالأجنبي حتى تظل قابلة بها وهي كارهة لها، كان الإمام مالك بن أنس رضي الله عنه قد أفتى في العهد العباسي ببطلان بيعة المكره وهي الفتوى التي نكل به من أجلها أيما تنكيل حتى خلعت كتفه طيب الله ثراه و أكرم مثواه.
وعلى من أراد أن يبرهن عن إيمانه بالحرية والديمقراطية وسلطة الشعب، والإيمان بالآخر المخالف والقبول به، وبحقوق الإنسان، أن يقف إلى جانب الشعب في وجه الإحتلال والإستعمار والإستبداد الذي هو الوريث غير الشرعي لهذا وذاك ، وأن يحترم عقيدته وثقافته وهويته الحضارية التي لا احترام لمن لا يحترمها، ولا جدوى لأي مجهود ثقافي أو سياسي أو فكري، ولا لأي تخطيط إنمائي يصطدم بهذه العقيدة وبهذه الثقافة وبهذه الهوية. وقد اثبت نصف قرن من الزمن من حكم العلمانية في تونس أنها لم تحقق في الحقيقة شيئا كبيرا وذا بال للوطن وللشعب قياسا لما كان يمكن أن يتحقق له على أساس من احترام عقيدته وثقافته وهويته ومشاركته المباشرة بدون عقد وبدون ارتباك وبدون تردد في حركة النهضة ومعركة البناء والتشييد، وتحقيق مشروع الحداثة المنشود الذي تأكد فشل الحركة العلمانية الدخيلة في إقامته على أساس من ثقافة التغريب والتبعية والإندماج الإجتماعي والثقافي والحضاري، والذي لم يعد ممكنا إلا بمعناه العربي الإسلامي وفي إطار الثقافة العربية الإسلامية والهوية العربية الإسلامية للشعوب العربية الإسلامية في أوطان أمة العرب والمسلمين.
فعلى الحركة العلمانية أن تعلم أنها قد أمضت أكثر مما يجب وهي تزاول العمل السياسي والإقتصادي والإجتماعي والثقافي والإعلامي بعيدا عن الشعب، مهمشة ومقصية وقامعة له. وذلك هو مصدر الإخفاق والفشل والخراب. وذلك ما كان من طبيعة هذه النخبة غير الراشدة، ومن طبيعة الثقافة الغريبة عن الشعب التي ظلت تفرضها عليه بديلا عن ثقافته، ولا هي استطاعت أن تنجح في ذلك معه، ولا هي تخلت ذلك، ولا هو قبل بذلك منها ، ولا هي أكسبته ثقافة جديدة وفاعلة، ولا هو اكتسبها منها، ولا هي أبقت له عن ثقافته الأصيلة التي لم يعرف في التاريخ غيرها، والتي جعلت من قناعتها هدمها وشطبها وإلغاءها ، ولا هو استطاع أن يحافظ عليها على صورتها الحقيقية الكاملة وهو الذي سدت الطرق والمنافذ أمامه نحوها، وظلت الحرب معلنة عليه من أجلها وعليها من أجل إحلال القطيعة الكاملة بينها وبينه. فكيف لشعب بلا عقيدة ولا ثقافة ولا هوية أن يقيم دولة ويحدث تنمية ويحقق استقلالا وتكون له سيادة؟ وهذا فعلا ما قادت إليه الحركة العلمانية اللائكية الشعوب في أوطان أمة العرب والمسلمين.
– أما آن الأوان أن تراجع هذه الحركة حساباتها وتعيد النظر في قناعاتها وأدائها، وتبحث لنفسها عن مشاركة أفضل في حياة سياسية وثقافية واقتصادية واجتماعية تكون طرفا من بين الأطراف فيها. وترفع يدها عن الأوطان والشعوب التي لم تزدها إلا رهقا؟
– أما آن الأوان للتخلي جميعا عن ثقافة التنابذ والتصادم والعنف والإستئصال والإقصاء والتهميش. ونلتقي على ثقافة التعارف والمجادلة بالتي هي أحسن التي هي ثقافتنا أولا؟
– ثم أن هذه القيم والمبادئ النبيلة التي هي تاريخيا من خصائص وثوابت الثقافة العربية الإسلامية هي كذلك أحد وجوه الثقافة العلمانية الأصيلة في الغرب، وعلى العلمانيين بالوكالة إذا كانوا مصرّين على البقاء على العلمانية أن يقرنوها بهذه الثقافة، أي بهذا الوجه من وجوهها هناك، حيث نشأت وتطورت، وحيث يتفيأ أهلها هناك وارف ظلالها. ويتخلوا عن الوجه القبيح الذي أعطوه لها هنا، والذي كان الأجنبي بالطبع مساندا ومؤيدا وداعما لهم فيه. وسوف لا يكون الخلاف في هذه الحالة كبيرا. وسوف سيكون الدر قد عاد إلى معدنه، ونعتبر بتخليصها من خصائصه التي ليست خصائصنا ولا يمكن أن تكون كذلك، و بوضع ما فيه مصلحتنا وما يهمنا منها في إطار خصائصنا وثوابتنا التي ليست خصائصه ولا ثوابته ولا يمكن أن تكون كذلك، أن تلك بضاعتنا قد عادت إلينا ثانيا.ونحن الذين لسنا في حاجة في الحقيقة أن نستعيد منهم ما أخذوه منا وعنا، باعتبارنا مصدره والمالك لمراجعه.
فأحد أوجه الخلاف بين الإسلاميين والعلمانيين في تونس، وبين العلمانيين أنفسهم كما في الكثير أن لم نقل في كل أوطان شعوب أمة العرب والمسلمين، هو وجود حركة علمانية وعلمانيين بدون ديمقراطية، وإسلاميين مختلفين فيها بين قابل بها ورافض لها لم يستطع أن يفصل بين الثقافة العلمانية وآليات تطبيقها وأداتها التنظيمية والتطبيقية التي هي الديمقراطية، وهما اللتان فصل بينهما العلمانيون في العالم الإسلامي. فجاءوا بعلمانية استبدادية متوحشة بدون منهجها وآليتها التطبيقية التي لا صلاح لها ولا قبول من أحد لها بدونها، وهي التي لا خير فيها ولا نفع لها بدونها كذلك.
ومن هنا جاء رفض بعض الإسلاميين لها واعتبارها كفرا.بعد أن اعتبرها المتغربون في الحركة العلمانية أنها ليست مجرد آلية كما كانت صالحة لليونانيين في العهد الكلاسيكي مع العقل الأرسطي والأفلاطوني والسقراطي ومع العقيدة الوثنية وتعدد الآلهة وفي ذلك المجتمع العبودي…يمكن أن تكون صالحة لأي مجتمع في أي مكان وفي أي زمان وفق المتغيرات والثوابت في حياة الإنسان وفي حياة الكون في كل الأطر الثقافية المختلفة باختلاف الشعوب والمجتمعات،ولكنها كل لا يتجزأ من الثقافة العلمانية المثالية الليبرالية الرأسمالية الإستعمارية والتي أخذت معنى العنف والدكتاتورية والإستبداد في المدرسة الفلسفية الوضعية المادية الإمبريالية وكانوا على مستوى من التحجر والإنغلاق والتعصب الذين يعيبونه على خصومهم وعلى المخالفين لهم والمختلفين معهم بحيث لم يقبلوا أن تكون مجرد آلية كما هي عليه في الأصل يمكن أن يستفيد منها أي مجتمع في أي زمان وفي أي مكان بدا له أي وجه من أوجه الإستفادة منها في إطار أصالته وثقافته وثوابته وهويته. ووقوف آخرين موقفا المتردد منها . وقبول آخرين بها لا باعتبارها فلسفة وثقافة ودين بدل ثقافة الإسلام وفلسفة الإسلام ودين الإسلام، ولكن باعتبارها آلية حكم متطورة لحسم الخلافات، وتنظيم الحياة السياسية بين مختلف أصحاب البرامج والرؤى والأفكار متعددي المرجعيات والثقافات والمناهج والإنتماءات.
– أما آن الأوان لنضيق شقة الخلاف إلى هذا المستوى الذي خطى فيه الكثيرون في أوطان شعوب الأمة والعالم خطوات محترمة تستحق الذكر والإشادة بها حين تذكر، بعد أن كانت الحركة السياسية في تونس متقدمة أشواطا في هذا المجال قبل التحاق اليسار الماركسي والقومي العربي في الكثير من مكوناته ومن عناصره- وهذه الحقيقة لا ينبغي إخفاؤها أو إنكارها- باليمين الدستوري بالسلطة بعد الإطاحة ببورقيبة والإبقاء على نظامه والإستمرار على نهجه وهو النهج الذي كانت هذه القوى والأطراف والجهات والشخصيات رافضة له ومعترضة عليه فيه ومعرضة له فيه، لما كان يجمع بين هذه الأطراف والجهات والمكونات من إيمان بالدكتاتورية والإستبداد والعنف. وهم الذين أعطوا صورة مغشوشة ومشوهة للديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان، ولمعنى التسامح والإعتدال صرفت الناس عن الإيمان بهذه القيم كلها؟
– أما آن الأوان للداعين لسن قانون للعفو التشريعي العام وإجراء إصلاحات سياسية ومصالحة وطنية داخلية أن يكونوا جادين في ذلك، وأن يكون الجادون أكثر جدية وفاعلية وحزم. وأن يلتحق بالدعوة وبحركة الإصلاح المطلوبة واللازمة المتخلفين عن ذلك لحسابات حزبية أو فئوية أو مصلحية،إنقاذا للموقف قبل أن يفرض علينا ذلك فرضا. وأن يراجع الرافضون موقفهم وأن يقبلوا بالإستجابة الطوعية الواعية المدروسة والمسؤولة لهذا النداء، وأن يسارعوا إلى الإلتحاق بحركة النهضة والإصلاح التي تمثلها مختلف مكونات المجتمع المدني التي تعمل على استعادة مواقع لها في الساحة الوطنية في مواجهة الإستبداد من أجل حياة ديمقراطية حقيقية، والتي يمكن أن يكون العفو التشريعي العام فيها فرصة لمصالحة وطنية واسعة، وإصلاح سياسي جاد تكون كل مكونات المجتمع التونسي السياسية والحقوقية والمهنية والمدنية طرفا فيه، لوضع حد لهذه الصورة المغشوشة المشوهة للديمقراطية التي وضعت بمقتضاها البلاد تحت تصرف فصائل المافيا المشار إليها سالفا(1)، والتي كان النظام السياسي بمكوناته المختلفة بدءا بالفرد ومرورا بالعائلة والأصهار والأصدقاء والأقارب والسماسرة والمرابين والإنتهازيين من مختلف الجهات والفئات والحساسيات والتنظيمات، والجمعيات المختلفة الأغراض والأهداف، وانتهاء بالأحزاب الإدارية أو أحزاب السلطة طرفا أساسيا فيها؟
يجب على اليسار الماركسي كأحد أهم مكونات السلطة من حيث النفوذ والفاعلية، والمدعوم بباقي فرقه المحافظة على مكاسب من خلال مواقعها خارج السلطة، من خلال الدعم والمساندة والتأييد الذي تقدمه لها، وحتى المعارضة النشيطة أحيانا من أجل موطئ قدم لها في الساحة السياسية، والبحث عن موقع لها في حركة الإصلاح التي يمكن أن توفق إلى حل تكون الشرعية فيه فقط لأصحاب الشرعية النضالية من أجل الحرية والديمقراطية والعدل والمساواة وحقوق الإنسان، أن يعيد النظر في سياسته وفي خطابه وفي علاقاته وفي ثقافته، ويراجع حساباته ومواقفه من خلال مختلف مواقعه، باتجاه إصلاحات سياسية عاجلة وجادة. وهذا الفراغ الذي أوجدته هذه الأطراف مجتمعة يصلح أن يكون فضاء واسعا يبدو فيه أي دور مهما كان بسيطا لهذه الأحزاب والتنظيمات والجمعياتالصغيرة والضعيفة مهمّا.
فهي وإن كانت تلعب دورا إنتهازيا، متنقلة فيه من مرحلة إلى مرحلة، رافضة اليوم ما كان لها فيه إسهام كبير بالأمس وقبول ورضا به. وبعد أن حصل لها من النفع وتحقق لها من المصالح في تلك المرحلة ما حصل وما تحقق فقد آن الأوان لأن تبحث لنفسها من موقع آخر عما يمكن أن تحصل عليه من نفع، ويتحقق لها من المصالح في مرحلة جديدة مقبلة. فرغم كل ذلك فنحن نثمن لها جهودها ومبادرتها ونضالاتها وندعوها إلى عدم الإنتكاس على رؤوسها كما اعتدنا منها ذلك، وكما عودتنا من قبل وفي الماضي القريب. وما حصل مرة من جهة يمكن أن يحصل منها مرارا، ولكن لا عذر اليوم لأحد بعد كل الذي حصل والذي يحصل أن يعيد نفس الحماقات ونفس الأخطاء إن كان قد أخطأ أو أن يحصل منه ما كان قد حصل من قبل مما ليس فيه ملحة لأحد.
مخاوف في غير محلها
وإذا كانت الخشية الكاذبة لليسار الماركسي والقومي العربي واليمين الدستوري من انقلاب الإسلاميين على العملية الديمقراطية غير الموجودة أصلا، والتي لا يمكن لكل هذه الأطراف والمكونات العلمانية مجتمعة بحكم طبيعتها الإستبدادية أن توجدها حين يكونوا طرفا فيها هي خشية وتخوف في غير محلهما، فإن خشية الإسلاميين وكل الأحرار والديمقراطيين الحقيقيين من انقلاب اليسار الماركسي والقومي العربي واليمين الدستوري على العملية الديمقراطية في حال وجودها وحين يكونوا طرفا فيها هي خشية في محلها حقا، وهو تخوف حقيقي من خطر حقيقي لما هو معلوم عن هذه الأطراف والمكونات جميعا، استنادا إلى تجربتها في الحكم وإلى مرجعياتها النابذة للديمقراطية والرافضة لها والكافرة بها نظريا وعمليا من انقلاب عنها، وفرض منها بدلا عنها للدكتاتورية والإستبداد، كما هي مؤمنة بهما نظريا، وكما هي ملتزمة بهما عمليا، وكما سبق أن مارستهما، وكما مازالت تمارسهما، وكما كانتا دائما من الثوابت في أسلوبها في الحكم ومزاولتها السلطة . والكل يعلم أن ذلك حصل ومازال يحصل في الكثير من أقطار العالم. وما تعاني منه البلاد في هذه الفترة من التاريخ التي اجتمعت فيه كل هذه الجهات والأطراف والمكونات في نظام تحالف 7نوفمبر الرهيب أكبر دليل على ذلك. وهي الفترة التي تقوم حجة واقعية وتاريخية على كل مكونات الحركة العلمانية اللائكية في تونس، إذا ما استثنينا بعض المكونات الجديدة التي انحدرت من رحم الأزمة، ومثلت ردة فعل لها، والتي لم تكن ترى مانعا في البداية سواء كعناصر مستقلة مازالت لم تتشكل في تنظيمات سياسية، أو كتنظيمات حزبية وجمعيات مختلفة الغايات والأهداف، دون أن يعني ذلك عدم وجود البعض من مثل هذه العناصر التي كانت رافضة لما أجمعت عليه باقي التنظيمات الحزبية والإجتماعية والحقوقية والشخصيات المستقلة ذات الإهتمام بالشأن العام بالبلاد. فقد كانت الحركة العلمانية- ليس في تونس فحسب- تمثل عائقا أمام تقدم الشعوب في أوطان أمة العرب والمسلمين عموما، وأمام إقامة أنظمة صالحة لها. فلا هي أعادت الإرتباط بالديمقراطية وآمنت وعملت بها، وهي التي يمكن القول أنه قد لا يكون هناك وجود لعالم حر متقدم في الحضارة والعلوم والتقنية في هذا العصر بدونها. ولا هي فسحت المجال لغيرها من النخب المثقفة بغير ثقافتها والمؤمنة بمنهج غير منهجها وبمذهب غير مذهبها لتقدم- على أساس من الثقافة العربية الإسلامية والمنهج والمذهب الإسلامي في الحكم، انتقاء من القديم وإنشاء واستفادة من الجديد- ما يمكن أن يخرج الشعوب من حالة التردي والضعف والإنحطاط. فلم تقدم هذه النخبة المتغربة لشعوب الأمة إلا الخسائر والهزائم والنكبات. وهي التي تمثل على الدوام مخلب قط لكل محاولة جادة للتغيير السياسي والإجتماعي، والنهوض الإقتصادي والإصلاح الثقافي.
فهي التي أدخلت القوات الغازية لأفغانستان. وهي التي مازالت تريد أن تعيق عمل الثورة في إيران. وهي التي سحقت صناديق الإقتراع بالدبابات في الجزائر. وهي التي مازالت تمثل حزاما عازلا بين الحركة الإسلامية والنظام الملكي في المغرب، ولم تقبل لأكبر قواها وتنظيماتها بالمشاركة في الحياة السياسية في إطار القانون. وهي التي لم تتردد في المشاركة في العمل المسلح مع القوى الدولية المتآمرة على السودان ضد المصالح الحيوية للشعب السوداني. وهي التي تعمل وبكل قوة في علاقة تحالف وثيق ومكشوف ومعلن وتعاون وثيق ومباشر مع الغرب الصليبي والعدو الصهيوني لإسقاط الحكومة الشرعية الوحيدة في المنطقة العربية في فلسطين المحتلة، والتي شكلتها حركة المجتمع الإسلامي (حماس)بعد اختيار الشعب الفلسطيني لها على أساس برنامج المقاومة والإصلاح، وبعد أن رفضت كل مكونات الحركة العلمانية المشاركة فيها خوفا وطمعا. وهي التي أنهت مكتسبات عقود من الزمن في النضال من أجل الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان، ومن أجل هوية الشعب التونسي في تونس، لتعود بالبلاد إلى نقطة الصفر. وهاهي اليوم تلهث للسعي لترميم بعض ما أتت عليه معاول هدمها، قطعا للطريق دائما أمام الحركة الإسلامية من أن يكون لها أي دور إيجابي وجاد في الحياة السياسية، يجعلها معه في حرج عدم امتلاك القدرة على أن يكون لها مثل هذا الدور معها. ويجعلها تعيش حرج الإبقاء عليها في تقدمها نحو استقطاب الشعب وانفضاضه بالكامل – وذلك ما هو حاصل في الحقيقة – من حولها، ولا تستطيع أن تفعل مقابل ذلك شيئا، وما اعتراف البعض من مكوناتها ببعض الحق للحركة الإسلامية بعد كل الذي حصل، والمسك بملفاتها الثقيلة والمعقدة، والتلويح بها في وجه النظام إلا عملية تخفي بها حقيقة غربتها وتصادمها مع ثقافة الشعب وعقيدته وتاريخه وحضارته، إلى آخر ذلك من الحسابات الضيقة التي لا مصلحة فيها لغير الأجنبي. هذا الواقع المر هو الذي لا تستطيع النخبة المتغربة في الحركة العلمانية اللائكية إخفاءه، ولكنها لا تستطيع كذلك الإعتراف به.
– أما آن للنخبة العلمانية في تونس أن تستفيد من تجاربها الفاشلة المعترفة فيها بفشلها، وتعمل على تجاوز أخطائها، وتخرج من سجن نظرتها الحزبية الضيقة التي حشرت فيها نفسها عقودا من الزمن حتى أتت عليها وعلى الشعب والوطن؟
– أما آن للحركة العلمانية الهجينة عموما أن تغادر هذا السراب الكاذب، وهذا الخداع الذي تخدع به نفسها وتخدع به الشعوب بالنفخ في هذه الصورة المغشوشة للإنجازات والمكاسب التي حققتها لتبرر بهما اغتصابها للقرار السياسي، وعزل الشعوب عنه، والإستمرار في الوقوف على أنقاَض الشعوب والأوطان، والتصدي لقوى الإصلاح والتحرر الأصيلة والجادة، في علاقة تعاون استراتيجي مع الأجنبي، حتى لا تستعيد الشعوب من خلالها حريتها وكرامتها واستقلالها وسيادتها؟
كان من الأجدى للنخبة العلمانية أن تصرف اهتماما أكبر لتقييم نفسها والوقوف عند معايبها ومثالبها وأخطائها القاتلة عوض الإنشغال بتقييم الآخرين المخالفين لها في الرأي وفي المرجعية الثقافية المختلفة فيها معها في مفهوم الإنسان والكون والحياة تقييما سلبيا متحاملا وكاذبا في أغلب الأحيان، متمسكة بموقف القطيعة معهم ما لم يقبلوا بالتطويع الثقافي، وقبول قواعد علمنة الإسلام والشعب من خلال الموروث الفكري والثقافي، والنظام الإداري والقضائي الإستعماري المنظم للهياكل الإدارية للمؤسسات المعلمنة.
فإذا لم تكن هذه النخبة قادرة على مراجعة خيارها الثقافي على ضوء ما حصل وما يحصل في العالم، من خلال حركة الإستعمار المتواصلة المتجددة، والتي ليس لها من هم إلا فرض خيار الغرب الثقافي المتمركز فيه حول ذاته، والذي ليس له من محور يدور حوله بكل عنصرية غير الإنسان الأبيض وتفوقه العرقي والعقلي والديني والحضاري، والإنتقال بحثا عن ذاتها في ثقافة وحضارة شعوب أوطانها. فيجب عليها حتى ذلك الحين، الذي أما إن تستفيق فيه وتثبت وتبرهن على أنها قد ثابت لرشدها وسلكت طريق المصالحة مع نفسها ومع شعوبها من خلال الإلتحاق بالثقافة العربية الإسلامية الأصيلة التي هي في الحقيقة ثقافتها الحقيقية ، بما يمكن أن تلحقها به بفضل تلك الإستفاقة وذلك الإلتحاق ومراجعة الموقف الثقافي من إضافات هي في حاجة إليها، أو أن تجد نفسها على هامش الحياة، ولا حاجة لأحد فيها، ولا شيء يرجى منها، ولا يمكن أن تكون قادرة على تقديم أي شيء لأي كان، أن تنتهي عن فرض ما تريده على أي كان، وأن تقبل بأنها لا يمكن إلا أن تكون طرفا من الأطراف في أي معادلة ثقافية أو سياسية أو اجتماعية. والأفضل لها وللبلاد والعباد أن تنصرف عن عقلية إعطاء نفسها من أي موقع حق اعتراف الآخرين وقبولهم بها. مع الإحتفاظ بما تعتبره حقا لها في عدم الإعتراف بهم والإبقاء على القطيعة معهم، وإن لم يكن هذا التفكير محل إجماع بين مختلف مكونات هذه النخبة إلا أنها عقلية راسخة لدى كل فرق طائفة اليسار الماركسي وشخصياته عموما وفي تونس بصفة خاصة.
هذه الطائفة ذات الصبغة النخبوية المتحجرة هي التي ستعتبر أن مجرد توجيه الدعوة إليها مع من توجه لهم الدعوة لأن نلتقي على كلمة سواء بعضنا بين بعض في إطار الإيمان بالله الذي يؤمن به الغالبية العظمى من الشعب التونسي هو من باب الإستفزاز والإساءة إليها، هذا الإيمان الذي يمثل أساس عقيدة التوحيد التي هي محور التمركز للمنهج الإسلامي وللنظام الإسلامي ولطبيعة المجتمع الإسلامي. وهي التي ستقرأ الدعوة على أن قاعدة قبول الأطراف بعضها ببعض هي الإيمان، ومن خالفها في ذلك على أساس حرية المعتقد فهو على قاعدة الكفر. وتتحول العلاقة بين مختلف مكونات المجتمع من علاقة خلافات سياسية واجتماعية واقتصادية مختلفة باختلاف المرجعيات الثقافية إلى علاقة إيمان وكفر.
وهذا ما ليس مقصودا من خلال هذه الدعوة، لأننا في الحركة الإسلامية تلزمنا النصوص المقدسة المنزلة القطعية الدلالة والورود التي لا يصح إيمان المسلم إلا بالقبول والتسليم بها باحترام الناس على اختلاف عقائدهم والقبول بهم شركاء لنا في الحياة على قاعدة الحق والواجب، وعلى أساس المواطنة الكاملة، خلافا لما كان عليه اليسار الماركسي قديما وما هو عليه حديثا، وما تلزمه به المقولات الماركسية من تكفير كل من لا يؤمن بعقيدة الإلحاد التي جاءت ملزمة معتنقيها ومخالفيها بذلك، والمؤمن عنده من آمن بتلك العقيدة والكافر من كفر بها. وبذلك هم يستعيرون مصطلحات الكفر والإيمان والردة ليطلقها بعضهم على بعض بحسب القرب من النظرية أو الإبتعاد عنها، وبحسب القبول بها أو رفضها، أو نقدها أو الطعن فيها أو في بعض أصولها أو فروعها، وفي بعض ثوابتها ومتغيراتها. وليس للإنسان عندهم إلا أن ينزل منزلتين، ولا خيار له إلا في أن يكون على أمرين: فإما حياة على عقيدة الإلحاد وإما موت على عقيدة الآباء والأجداد.
وبعيدا عن هذه الخلافات وهذه التناقضات، وبعيدا عن ثقافة التكفير والتجريم، وعملا بثقافة العقل والتفكير نقول دائما، لقد آن الأوان، ومنذ زمن بعيد في الحقيقة، أن تكون علاقة أبناء الشعب الواحد الذي أصبحت الأسرة الواحدة منقسمة فيه إلى مختلف التيارات الفكرية والثقافية والسياسية، أن تكون ثقافة التعارف والمجادلة بالتي هي أحسن هي الخيار الإستراتيجي بين أبناء الشعب الواحد والأمة الواحدة والأصل الواحد. والإلقاء جانبا وإلى الأبد بثقافة الإقصاء والتهميش والعنف والإستئصال والعضلات المفتولة.
– ولتكن لغة العقل والتعقل والخطاب الحضاري الهادف المستنير هي اللغة التي تروض وتوطن كل الأطراف والجهات نفسها على فهمها وهضمها واستيعابها، واللغة السائدة التي نحتكم إليها جميعا ونتخاطب بها جميعا. وهي اللغة الأنسب لحل خلافاتنا بعضنا بين بعض، مع الصبر على المخطئ حتى يراجع خطأه ونراجعه فيه، وعلى المتنطع حتى يهتدي اليوم أو غدا إلى الصواب الذي أضاعه بالأمس، وعلى المعترض الذي لا مصلحة له في الإنسجام ولا مصلحة له في المناخات الحضارية الهادئة رغم التنوع والإختلاف حتى يستفيق من سباته ويثوب إلى رشده، وعلى كل من يحاول أن يحل ثقافة التنابذ والتصادم والعنف والإستئصال محل ثقافة الحوار والتعارف والمجادلة بالتي هي أحسن حتى يعلم أن تلك طريق مسدودة لا يمكن أن تنتهي بصاحبها إلا للضياع والخسران.
ومن ثمة فإن هناك مسؤولية كبيرة على المؤمنين بلغة العقل والتعقل والحوار، وبثقافة التعارف والمجادلة بالتي هي أحسن في تنظيم الجدل والمساجلات، وتوجيه الصراع الثقافي والحضاري الذي يجب أن يظل مستمرا على قاعدة قول للمحسن حين يحسن أحسنت وللمسيء حين يسيء أسأت. وعلى قاعدة »خير الناس أنفعهم للناس » في إطار احترام حق الخلاف وآدابه وقواعده وأخلاقياته، واحترام القانون المنظم للحياة السياسية والثقافية والإجتماعية والإقتصادية والإعلامية، والذي يحرص الجميع على أن يكون محل موافقة عليه من الجميع في إطار وفاق عادل، وتمثيل شعبي على أساس الحجم الذي تمنحه لكل طرف قاعدته الإنتخابية، بعد أخذ الشعب حقه في الإختيار الحر النزيه والشفاف لمن يمثله أحسن تمثيل، بعد الخروج منتصرا ظافرا من مقاومة الإستبداد وتحقيق التحرير والإستقلال والكرامة والسيادة.
وهناك مسائل هامة يجب التنبيه إليها حتى لا تكون عائقا أمام إقامة علاقات حضارية ديمقراطية على أساس ثقافة الحوار والمجادلة بالتي هي أحسن والإيمان بالخلاف في الرأي والقبول به بعضنا بين بعض، ولا باس بل ولا مانع بعد ذلك أن تكون هذه المسائل محل دراسة وتوضيح ونقاش مستفيض من خلال كل المنابر المتاحة والممكنة في أي وقت وفي أي مكان وعبر كل الوسائل وبالأساليب الحضارية العقلانية كلها بين كل أبناء الشعب بمختلف مشاربهم وقد تعددت، وليس بالضرورة أن يكون في هذا التعدد الناتج عن الغزو الثقافي والذي كان سببا في الإختراق والإنقسام الإجتماعي عيبا إذا ما أحسنا التعاطي والتعامل معه بروح وطنية وبمسؤولية عالية ليكون مصدر إثراء ونفع بعد أن كان ومازال يراد له أن يكون مصدر إزعاج وقلق وفرقة وتمزق ومصدر ضرر وخسارة.
ومن بين هذه المسائل التي يثيرها البعض ويتقدم بها كتخوفات في صيغة الشروط المسبقة التي لا يقبل بموجبها بوجود أي علاقة مع بعض الجهات والأطراف الأخرى وتحديدا مع الحركة الإسلامية بدون أن توضحها، وبدون تحديد موقف واضح منها: مسألة الحدود، وقضايا المرأة: كتعدد الزوجات والميراث والشغل والحجاب وغيرها من القضايا، وكذلك الديمقراطية وحرية المعتقد والحريات الخاصة والعامة…، والتي لا يستقيم الإطمئنان إليها في نظرهم، بل وليس ممكنا ذلك أصلا بالنسبة لهم، طالما أن الحركة الإسلامية لم تكن واضحة وصريحة في رأيهم، في موقفها منها، وهم لا يطلبون ولا يريدون منها فهمها لبعض هذه المسائل وتقديمها واضحة للرأي العام وخاصة للنخبة المتغربة المؤمنة بالقطيعة مع الموروث الثقافي والمعرفي والتراثي لأمة العرب والمسلمين فقط ، ووضوح الموقف منها، ولكنهم يذهبون إلى أبعد من ذلك، بحيث لا يريدون منها إلا التخلي والتنازل عنها.
وهي من القضايا والمسائل التي لها علاقة بعقيدة المجتمع والشعب عموما. وبعقيدة قيادات ونشطاء وقواعد الحركة الإسلامية خصوصا. ومنها ما يدخل في خصوصيات وطبيعة المجتمع الإسلامي، ومما تختلف فيه الثقافة الإسلامية عن باقي الثقافات في العالم.
وإذا كان من حق الآخرين فهم هذه القضايا ونقدها وقبولها أو رفضها، فليس لهم حق في ثقافة التعارف والمجادلة بالتي هي أحسن والإيمان بالرأي المخالف والقبول به، في اشتراط تخلي أهلها والمقتنعين والمؤمنين بها عنها، أو جعل ذلك شرطا للحوار أو التنسيق معهم، أو الإلتقاء بهم، أو من موقع المغتصب للسلطة الإعتراف أو عدم الإعتراف لهم بحقهم في المشاركة في الحياة السياسية والثقافية والإجتماعية والإقتصادية والإعلامية. لأن هذا السلوك يتناقض مع الروح الديمقراطية ومع الثقافة العلمانية الديمقراطية الأصيلة. وهو السلوك المتفق مع روح الإستبداد والإقصاء والعنف والإستئصال، ومع الثقافة العلمانية الإستبدادية الهجينة التي جعلت النخبة العلمانية رزقها الإيمان بها وتطبيقها والتكذيب بغيرها. فإذا ظلت هذه المسائل تثار بهذه الطريقة غير العلمية وغير الديمقراطية وغير المبررة، فإن ردة الفعل الطبيعية التي يقتضيها الموقف في إطار الدفاع الشرعي عن النفس وإثبات الذات ومواجهة الموقف بالموقف والرأي بالرأي، أصبحت تقتضي من الإسلاميين في تونس خاصة، والذين كان لهم موقف واضح من هذه المسائل والإشكاليات منذ وقت مبكر من تاريخ الحركة الإسلامية المعاصرة، والتي خذا فيها خذوها فيها بعد ذلك الكثير ممن لم يكونوا على هذا المستوى من النضج والتفهم لواقع المجتمعات في شعوب أمة العرب والمسلمين، على حال الإنشقاق والتمزق والإختراق الذي أصبحت عليه بفعل الإنحطاط والإستعمار والإستبداد التغريبي التبعي العلماني، و الذين كان لهم استعداد دائم مبدئي أصولي شرعي مبكر للقبول بالآخر المخالف عقائديا وثقافيا وسياسيا، والحوار والتنسيق معه، والإعتراف له بحقه في المشاركة في الحياة السياسية والإجتماعية والإقتصادية والثقافية والإعلامية بدون تحفظ . وليس لأي كان أن يسلبه حقه في التمتع بالمواطنة الكاملة على أساس من عقيدته وثقافته وانتمائه السياسي: أن يثيروا كذلك الكثير من القضايا، ويبدوا الكثير من التخوفات المتعلقة بالأرضية الفكرية وبالمشروع الثقافي التغريبي وبالمنظومة القانونية في كل مستوياتها وغير ذلك من القضايا الواضحة والتي مازال يكتنفها الغموض مما عليه الحركة العلمانية في الكثير من القضايا المتعلقة بالهوية وبالديمقراطية وبالإستبداد وبحقوق الإنسان وبالعلاقة بالأجنبي وغير ذلك من الإشكاليات ، وهي وإن كانت قضايا معبرة عن ثقافة النخبة العلمانية اللائكية وعن عقيدتها، فإنها وفي جوانب كثيرة منها غير معبرة ليس على ثقافة الإسلاميين في الحركة الإسلامية الوسطية المعتدلة فقط ،وعن فهمهم للإسلام، ولكنها غير معبرة عن الثقافة العربية الإسلامية الأصيلة، وعن عقيدة التوحيد للشعب العربي المسلم بالبلاد. وإذا كانت هذه القضايا التي جعلتها الحركة العلمانية عموما من قناعاتها ومن اهتماماتها، لم تكن مخلة بثقافة هذه النخبة وبعقيدتها، فهي مخلة بثقافة الشعب وبعقيدته. هذه المنظومة الفقهية في الشريعة الوضعية العلمانية التي فيها تساهلات كبيرة وغير رادعة بما فيه الكفاية للصوص والمفسدين الذين تمتد أيديهم لحرمات الناس وأعراضهم وحقوقهم المادية والمعنوية وانتهاكها، وللمال العام والخاص والعبث به إتلافا وفسادا وتهريبا، ليجدوا في النهاية في المواقع التنفيذية الحساسة وفي دوائر القضاء وفي كل مواقع التأثير،وفي المادة القانونية نفسها، ما يجعلهم قادرين على استغلال نفوذهم، و ما يشجعهم على ارتكاب الجريمة التي بحكم طبيعتهم المادية أولا، ثم مزاجهم الإجرامي ونزعتهم الإستبدادية ثانيا، ليس هناك واعز واحد يمنعهم من ارتكاب أي جريمة في حق أي كان، وخاصة في حق كل ما له علاقة بمكاسب المجموعة الوطنية، وما يجعلهم بمنأى عن العقوبة أصلا، وهم الأكثر ضلوعا في الجريمة بكل أنواعها، فضلا عن أي عقوبة رادعة. مما جعل الأموال الخاصة والعامة والأعراض والأرزاق مستباحة لأصحاب النفوذ المالي والسياسي والأمني، يعبثون بها كيف شاءوا ومتى شاءوا في غياب حد زجري بما فيه الكفاية ينهي هذه المفسدة التي يطال ضررها كل أفراد الشعب، لينتهي الأمر بالأوضاع إلى أن تصبح سيادة الوطن مهددة واستقلاله في خطر.
هذه المنظومة القانونية التي فيها تشريع لاستشراء جريمتي الزنا والفاحشة وقطع الأرزاق والأعناق بدون أي اعتبار لمسألة العفة والعفاف وحرمة الدماء والأنفس البشرية ، ولا لأعراض الناس، و لا لاختلاط الأنساب، و لا لقتل الأجنة، ولا لسلامة الأسرة والمجتمع.واشتملت على منظومة قانونية تفسح المجال واسعا للخيانة الزوجية، وتعدد الخليلات والخلان. وتعم بذلك الفوضى، ويزداد النسيج الإجتماعي تمزقا، والعلاقات المختلفة ترديا، ويفقد كل فرد في المجتمع الراحة والإطمئنان والأمن والأمان .
وعندما يأتي الإسلام بحكم زجري لإنهاء مثل هذه الجرائم في حق المجتمع وفي حق الإنسان، يصبح محل تخوف وانتقاد ورفض، ولا يمكن أن يكون ذلك في الحقيقة إلا من الزناة ومرتكبي الفاحشة وكل طالبي المتعة واللذة المحرمة، ممن لا يأنسون في أنفسهم استعدادا للإنتهاء عن ارتكاب الفاحشة وعدم الوقوع في المحظور من أعراض الناس، والمساهمة في استشراء الفاحشة اعتداء على الأعراض وعلى الأخلاق الحميدة وعلى الأجساد والأنفس وعلى الحقوق المادية والمعنوية للناس، وعلى أمن المجتمع وراحته واطمئنانه. وليس الحديث هنا عن تخوفات ومخاطر محتملة، ولكن عن واقع يعيشه مجتمعنا وشعبنا، وعن معانات حقيقية وأضرار مادية ومعنوية في ظل نظام علماني استبدادي فاشي تديره النخبة المتغربة في الحركة العلمانية الهجينة الحاملة للمشروع الثقافي للغرب الإستعماري، وهي تزعم مواجهته وتبحث عن موطئ قدم لها معه في العالم. إن الذي لا شك فيه، أن الذين يبدون تخوفا من إقامة الحدود الإسلامية التي للثقافة الإسلامية فيها فلسفة كاملة متكاملة وفق تصور للحياة والإنسان والكون في ظل السياسة الشرعية وإقامة النظام الإسلامي الذي يعتمد قيم ومبادئ وأحكام الشريعة الإسلامية العادلة،وفق نمط اجتماعي تحكمه علاقات إنسانية راقية، وأخلاق عالية، وعفة وفضيلة وتحضر وانضباط في التفكير والسلوك. نظام يقدس الإنسان ويحمي الأعراض والأموال والأنفس والعقول والأنساب، ويؤمن بالأخوة الإنسانية « كلكم من آدم وآدم من تراب » « هو الذي خلكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها… »وإقامة العدل والمساواة. ومثل هؤلاء المشككين والرافضين والمتخوفين، ويخوفون الآخرين من نظام الشريعة الإسلامية ومن النظام الإسلامي هم من لا يأمنون على أنفسهم من أن تظل أيديهم ممتدة لسرقة المال العام والخاص، والذين لا يأمنون على أنفسهم من الوقوع في أعراض الناس وعيش الخيانة الزوجية وتعدد الخليلات عوض الحليلات بعيدا عن أي مسؤولية اجتماعية، وبعيدا عن أي شعور إنساني نبيل. أما إذا كانوا سيتذرعون بوقوع الضعفاء والفقراء في مثل هذه الجرائم التي يعتبرون جهلا أو تجاهلا أنهم سيكونوا هم أكثر ضحايا هذه الأحكام الزجرية القاسية، لما يحكمهم من اعتقاد خاطئ من أن مثل هذه الفئة الضعيفة من المجتمع هي التي ستكون أكثر وقوعا في المحظور، و أنه ليس أمام عناصرها وأفرادها إلا أن يرجموا أو يجلدوا أو تقطع أيديهم بتطبيق الإسلام عليهم الحدود اللازم تطبيقها على مرتكبي مثل هذه الجرائم في حق المجتمع حين يكون لابد من ذلك، وعندما تقتضي الضرورة والمصلحة حماية المجتمع من الفساد والمفسدين، وينصبون أنفسهم بذلك مدافعين عن الضعفاء والفقراء والمحتاجين، فهم مخطئون ومغرضون وجاهلون أو متجاهلون لحقيقة الإسلام والنظام الإسلامي والشريعة الإسلامية، لأن الإسلام ليس حدودا، ولكنه عدل ومساواة ورحمة وتضامن وتعاون ورفق بالإنسان والحيوان وبالنبات حتى. لاسيما وأن الكل يعلم أن الكثير من مثل هذه الجرائم، هو ما يعتبره العلمانيون من الحريات الخاصة، وأن أكثر الناس وقوعا فيها في الحقيقة هم المترفون والميسورون والأراذل والمنسوبون للنخبة وممن هم على الثقافة العلمانية منهم والملتزمون بالمنهج التربوي العلماني اللا أخلاقي، وأصحاب المسؤوليات والمواقع المختلفة الهامة في مؤسسات ومنظمات المجتمع الذين لا يرعون فيه خلقا ولا ذمة. فلا مكان لهذه الحدود في حياة المجتمع الذي تنظم أوضاعه وواقعه وحياته على أساس من شريعة الإسلام، وهي التي لا تجد طريقها للتنفيذ والتطبيق إلا على من ثبت أن ارتكابه لمثل هذه الجرائم في حق المجتمع كان احترافا أو عبثا لم تضطره إليه أية ضرورة، ولا تشوب تورطه في ذلك شائبة، ولا يكون هناك وجود لأي شبهة يمكن أن يدرأ بها تطبيق الحد عليه، بعدما يكون المجتمع الإسلامي والنظام الإسلامي قد وفرا لكل فرد ما يغنيه عن السرقة وما يصرفه عن جريمة الزنا والفاحشة والوقوع في أي من جرائم الحدود و القصاص. وككل قوانين الدنيا، فإن النظام القانوني للشريعة الإسلامية يتكامل مع نظام اجتماعي واقتصادي وثقافي في نظام سياسي إسلامي شوري، يفصل بين السلطات فعلا، ويقيم العدل والقسط بين الناس. ذلك أن قانون العقوبات في هذا النظام الفريد ذي الخصائص الفريدة قد جاء مشتملا ككل القوانين الوضعية في الأنظمة السياسية الوضعية على حد أدنى وعلى حد أقصى من العقوبات. وتأتي الحدود في الحد الأقصى وبضوابط وقواعد صارمة ومضبوطة تجعل الحدود الدنيا والعقوبات البديلة هي الأكثر انطباقا على مرتكبي مثل هذه الجرائم.
وهي منظومة قانونية لا يجوز تطبيقها على مجتمع عاثت فيه النخب العلمانية المتغربة الحاملة للثقافة العلمانية الإستبدادية الدخيلة على شعوب الأمة كلها فسادا، وأباحت له جريمة الخمر والزنا والدعارة والخيانة الزوجية والإستغلال والرشوة والسرقة والإحتيال وكل أنواع الفاحشة وكل مقدماتها وأسبابها ومداخلها، وجعلت من ذلك جرائم لا يعاقب عادة على مرتكبيها إلا الضعفاء فعلا. فهي من الحريات الخاصة بالنسبة للخاصة، ومن المكاسب التي يستميت العلمانيون الأصوليون المتشددون في الدفاع عنها والمحافظة عليها. وهي من الجرائم التي يعاقب عليها القانون بالنسبة للعامة.فهذا واقع الحياة ومعاناتها كما نعلمه وكما نعيشه في النظام العلماني الإستبدادي الدخيل، بعيدا عما يقال في الناحية النظرية من أن الناس متساوون أمام القانون، فتلك خدعة من الخدع الكثيرة التي تخدع بها الشعوب وهي تعلم ذلك… ويأتي على رأس الجرائم في نظام الشورى الإسلامي في نظر الطائفة العلمانية الدخيلة تطبيق الحدود على جرائم الحدود- التي لا تتجاوز 7 جرائم: (وهي:جريمة الزنا،والقذف،والشرب،والسرقة،والحرابة،والردة، والبغي) والتي يقيم العلمانيون عليها الدنيا ويأبون أن يقعدوها، مختزلين فيها جهلا وتحاملا الشريعة الإسلامية كلها- في مجتمع مخترق مقطع الأوصال يكاد يكون فاقدا للصفة الإسلامية، لم يعبر عن قبوله للبرنامج الإسلامي ولم يقم بنفسه النظام الإسلامي. وكما لم تكن الشريعة الإسلامية هي سبعة أحكام حدود، فإن النظام الإسلامي هو مطلب المجتمع الإسلامي. وليس لأحد أن يفرضه على أحد كما تفرض النخب المتغربة في الحركة العلمانية اللائكية والقوى الدولية الصانعة والداعمة والراعية لها النظام العلماني بالقوة، حتى يكون مطلبا شعبيا جماهيريا يتولى المجتمع الإسلامي إقامته.
وفي النهاية فمن حقنا أن نسأل: لماذا الإسلاميون وحدهم هم المدعوون للإجابة دائما عن كل الأسئلة المتعلقة بالإسلام وبالشريعة الإسلامية؟ أين كل من سواهم ممن ينازعونهم الإسلام ويقدمون أنفسهم على أنهم أكثر إيمانا وإسلاما منهم، بل يبلغ الأمر بالبعض أحيانا تكفيرهم به، بما في ذلك العلمانيون، وبمن فيهم الشيوعيين الذين أصبح منهم خاصة بعد سقوط معسكرهم يدافعون عن الدين عموما وعن الإسلام خصوصا، وعن نقاوته وعلويته وسموه وقداسته، ويؤكدون على ضرورة إبعاده عن دنس السياسة التي يعتبرها الإسلام مقدسا ويعتبرونها رجسا ودنسا؟ ولعل من بين هؤلاء البعض ممن رأيتهم بعيني رأسي يرتادون المساجد بمناسبة الحملة الإنتخابية للإنتخابات الرئاسية والتشريعية في أكتوبر 2004 ،ويتظاهرون بالصلاة، أو ربما كانوا يصلون فعلا ولما لا؟ لأننا »…قوم أمرنا أن نحكم بالظاهر والله يتولى السرائر ». وقد بلغني أن هناك من توجه بالسؤال للسيد محمد حرمل الزعيم الشيوعي الكبير، وأمين عام حركة التجديد(الحزب الشيوعي « التونسي »)سابقا عن ارتياده لبعض المساجد المعلومة في بعض المناسبات مع سيده الرئيس زين العابدين بن علي والصلاة فيها، فكانت إجابته: أن ذلك لا يعني عنده أكثر من القيام بعادة من عادات التونسيين، والعهدة على الراوي.
بل وحتى السلفيون الشيوعيون، فقد كان من المترشحين منهم للإنتخابات من هو معلن إفطاره في رمضان ومجاهر به، ومنهم من كان مجاهرا بحمل إفطار المغرب وهو يتنقل عبر الجهات في حدود الدائرة الإنتخابية لولاية قفصة للقيام بحملته الإنتخابية. ألم يبق الإسلام هو دائما الجامع الأكبر لكل أبناء الشعب وإن اختلفت أفهامهم له واختلف تعاطيهم معه. فحتى هؤلاء المتاجرين به لا يفعلون ذلك إلا للقبول بهم على أنهم مسلمون، ولا يقبل بهم الشعب إلا وهم كذلك وهم يعلمون ذلك.ولكن الذي يجب أن يعلمه الجميع أنه »من كان لله دام واتصل ومن كان لغير الله انقطع وانفصل » « ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلم يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين ».
أليس من العيب المتاجرة بهذا الدين إلى هذا الحد؟ ألم يعد القول بأن الكل يجب أن يكون محترما له ومسؤولا عنه صحيحا؟
ثم لماذا إذن استهدافه واستهدافنا معه من طرف كل هؤلاء المؤمنين والمتاجرين به على حد سوى؟
وليس هذا المقال مقال حديث عن مثل هذه القضايا بما يجب أن يكون عنها الحديث. وإنما هي توضيحات وتساؤلات اقتضاها هذا الإستطراد إزاء تخوفات بعض الأطراف والجهات التي تنازعنا الإسلام وتقاتلنا من أجله ومصرة على طرح بدائل عنه أو تطويعه لها.
(1)- كنت قد كتبت في مقال سابق أن نظام تحالف 7 نوفمبر الرهيب هو نظام مافيوزي يتكون أساسا من خمسة أنواع من المافيا: مافيا سياسية – واقتصادية – وثقافية – وأمنية بوليسية – وإعلامية.
في ذكرى النكبة
الحصار الجائر: إستهداف للقرار الفلسطيني المستقل وللتحول الديمقراطي في المنطقة
الأستـاذ نور الدين البحيري المحامـــي،عضو المنظمة الوطنية لمقاومة التطبيع مع العدو الصهيوني
تـــقـــــديــــــــم
ترددت كثيرا قبل نشر ما حررته منذ أيام بمناسبة ذكرى النكبة التي لحقت بالفلسطينيين والأمة والعالم يوم 14 ماي 1948 ومبعث ترددي تزامن هذه الذكرى مع ما تعيشه المحاماة التونسية ( وأنا واحد من أبناءها ) من مستجدات خطيرة بسبب إمعان السلطة في سلوك سياسة عدائية ضدها في محاولة لضرب إستقلاليتها وتعطيلها عن القيام بواجبها في الدفاع عن الحقوق والحريات وفي المساهمة في إقامة العدل وسيادة القانون الأمر الذي يحتاج من كل محام مؤمن بمبادىء المحاماة وقيمها بذل كل ما في وسعه للدفاع عنها ووجودها وكرامتها ولكن إيماني بأن الوفاء بواجب النضال من أجل مطالب قطاعية أو فئوية أو وطنية لا يتناقض في شيىء مع الوفاء بواجب النضال من أجل القضايا القومية والإنسانية العادلة عامة وقضية فلسطين التي هي قضية العرب والمسلمين المركزية خاصة هو الذي دفعني إلى نشر ما حررت , , , قضايا الحقوق والحريات وإستقلال القضاء والمحاماة وقضايا التحرر الوطني ومواجهة الإحتلال المباشر والغير مباشر عناوين متعددة لمعركة واحدة هي معركة الوجود والكرامة والحرية ,,, فرض علينا مواجهة تداعياتها مجتمعة في آن واحد وعلينا أن نخوضها بدون هوادة مهما كانت التضحيات ,,, عشقا للحرية ,,, حريتنا وحرية المهنة النبيلة التي إخترنا وحرية بلادنا ووطننا و فلسطين جزء عزيزا منه يسري فينا مسرى الدم في العروق ,,, واجب الدفاع عنها ( مجتمعة ) فرض عين لا يسقط عن فرد إن قام به الآخر وأمانة في أعناقنا لن تبرأ ذمتنا منها إن لم نبذل كل الجهد في سبيلها ,,, في مدرسة المحاماة الوطنية المناضلة تربينا على أن حب الوطن من الإيمان ,,, وفيها تعلمنا أن لا نستسلم مهما كان التحدي بعد أن باءت كل محاولات تدجيننا وتجويعنا وتركيعنا بالفشل وما إصرارنا رغم كل العراقيل والإعتداءات على تحمل مسؤولياتنا التاريخية ( أفرادا وهياكل منتخبة ) إتجاه مهنتنا النبيلة وإتجاه شعبنا وأمتنا إلا دليل على فشل سياساتهم الخاطئة.
1) حكومتي البخيت ونظيف : هل ينفع العقار فيما أفسده الدهر
تتزامن ذكرى النكبة ( 14 ماي 1948 ) هذه السنة مع مواجهة أبناء الشعب الفلسطيني لحصار جائر يستهدف تجويعهم ( والعبارة للسيد جيمس وولفتسون الموفد الخاص للجنة الرباعية الدولية إلى الشرق الأوسط ) وإبادتهم , والأدهى من ذلك أنه في الوقت الذي أضحىفيه شعب » الجبارين » في أشد الحاجة إلى الدعم المادي والمعنوي جاء إعلان حكومة « البخيت » إلغاء زيارة الدكتور محمود الزهار لعمان ليؤكد بشكل قاطع أن حكومة الأردن الحالية لا تختلــف جوهريا في شيء عن سابقاتها رغم ما أنفقته على » المساحيق » و » محاولات التجميل « …
ويذهب البعض حد القول أن إنضباط هذه الحكومة للخط الذي حكم ويحكم تعاطي أصحاب القرار في عمان مع القضية إنضباطا لا متناهيا » وأن الطبع في سلوكها غلب التطبع » الأمر الذي يفسر إلى حد ما عدم إكتفائهابإعلان تأجيل إستقبال وزير خارجية السلطة الفلسطينية ( مثلما فعل أبو الغيط في مصر ) لتصل حد الإتهام العلني » لحماس » بالضلوع في مؤامرة ضد شخصيات ومنشآت أردنية .
مهما كانت التعلات التي بررت بها حكومة » البخيت « رفضها إستقبال « الدكتورالزهار » فإنه لم يعد خافيا على أحد أن الواقفين وراء إتهام حماس لم يأتوا بجديد وأن شعوب المنطقة إعتادت على مثل هذه المسرحيات « الرديئة » « السيناريو » « السيئة الإخراج » كما أنه لم يعد خافيا على أحد سرعة التجاوب الرسمي في كل من الأردن ومصر مع القرار الصهيوني القاضي بحصار الشعب الفلسطيني وتجويعه عقابا له عما إرتكب بمناسبة إنتخابات المجلس التشريعي . أضحى من البين والمفضوح من خلال صرامة موقف حكومتي » البخيت » و »نظيف » ومن خلال إلتزام بعض حكام العرب الصمت والوقوف على الربوة ومن خلال بعض المبادرات والتحركات في الساحة الفلسطينية أن لحكومتي الأردن ومصر وبعض شقيقاتهن من رضاعة الحليب الصهيوني وبعض الأطراف الفلسطينية دورا رئيسيا وفاعلا في تمرير المخطط الصهيوني وتنفيذه وتوفير الغطاء والمناخات الضرورية لتحقيقه.
وأنه مما يلفت النظر حقا الدور الهام الذي أوكل لأجهزة المخابرات في هذه المرحلة من المخطط ناهيك وأن عسس » السيدين البخيت ونظيف » الذين مرغت عصابات الصهاينة وجواسيسهم وجماعات الظواهري والزرقاوي وأتباعهما أنوفهم في التراب تعملقوا فجأة وعادوا إلى المشهد ليتمكن حرس « البخيت » بعد أن إستفاق من سباته العميق من إجهاض محاولة لإدخال سلاح إلى التراب الأردني عن طريق الحدود السورية في حين أنجز أشقاؤهم في مصر مهمتي الإسكندرية وسيناء في نفس الوقت الذي حاول فيه آخرون تفجير الأوضاع الأمنية في الضفة والقطاع تحت تعلات واهية .
2) محاولة الإلتفاف على نتائج الإنتخابات في الضفة والقطاع: إستهداف للمقاومة وللتحول الديمقراطي في المنطقة
يكشف إصرار الصهاينة والأمريكيين وبعض الأوروبيين وحكومتي الأردن ومصر وشقيقاتهن من رضاعة حليب تل أبيب وبعض الأطراف الفلسطينية التي ربطت مصيرها بمصير المشروع الصهيوني على إجهاض نتائج الإنتخابات الفلسطينية والحيلولة دون تكريس إرادة الشعب الفلسطيني بكل الوسائل والسبل يكشف هذا الإصرار على أن مخططهم لا يستهدف » حماس » ولا حكومة » هنية » فقط بل هو مخطط يستهدف الخيار الوطني الفلسطيني المستقل وروح المقاومة في الأمة والتحول الديمقراطي في المنطقة وفي الوطن العربي .
جاء حصار الشعب الفلسطيني وتجويعه بما يهدد بإبادته تحت غطاء أمريكي وأوروبي وعربي وفلسطيني ومحاولات تجريد الحكومة الفلسطينية من كل صلاحياتها الدستورية لصالح جهات معلومة الإرتباطات والولاءات وزج حكومة الأردن بسوريا في ملف المسلسل الأخير ومسارعة حكومة نظيف بسرقة التمديد في قانون الطوارىء لمدة سنتين وتعمد عدد من الحكومات العربية الإخلال بإلتزاماتها إتجاه الشعب الفلسطيني وآخرها ما تقرر في قمة الخرطوم جاء كل ذلك وغيره كثير ليؤكد أن المطلوب صهيونيا ودوليا وعربيا وفلسطينيا ليس ترويض » حماس » ولا إجبارها على إعلان إحترامها لإتفاقيات أوسلو والمبادرة العربية للسلام ولا هو نزع سلاح المقاومة بل المطلوب إنتزاع عشق الشهادة من القلوب وقطع رأس الصمود ورفض الإذعان للمخطط الصهيوني الأمريكي . . . المطلوب ليس عقاب حماس لرفضها الإعتراف بإسرائيل ولا هو دفعها نحو وضع حد لإستهداف الكيان الصهيوني ولا هو الضغط عليها حتى تعدل خياراتها ومواقفها بل المطلوب عقاب الشعب الفلسطيني على تصويته لحماس ولخيار المقاومة والشهادة وتدمير المؤسسات الديموقراطية المنتخبة وإجهاض العملية الديمقراطية الناشئة قبل إشتداد عودها وترسخها في فلسطين ومصر والأردن على حد سواء تحت طائلة التهديد بإنتفاضة الجوعى وحرب الفصائل في الضفة والقطاع والفتنة الطائفية في مصر والفتنة الأردنية الفلسطينية في عمان مع الإبقاء على سوريا والحركات الإسلامية والوطنية في المنطقة في موقع يخول لأصحاب القرار كلما إحتاجوا لذلك إتهامها وإستهدافها وإذا كان توجيه الإتهام لسوريا تأكيدا لإستمرار الضغوط التي تستهدفها ولكن هذه المرة بأيد أردنية فإن حصار الشعب الفلسطيني وإتهام حماس بالتورط في مخطط إرهابي ومحاولات مجموعات بعينها إشاعة الفوضى في الشارع الفلسطيني دليل على أن المخطط الهادف لإجبار الفلسطينيين على الخضوع وللإلتفاف على ما تشهده المنطقة من بدايات تحول ديمقراطي محدود بلغ مرحلة متقدمة .
3) الصهاينة ودموع التماسيح
… يتباكي الصهاينة وصقور البيت الأبيض الأمريكي وعدد كبير من أصحاب القرار في دول الإتحاد الأوربي وجماعات » أبوالغيظ » و » البخيت » و » الرجوب » والعصابات المختصة في تحليل إستعمار الشعوب وإضطهادها وتبريره على مصير الشعب الفلسطيني ومستقبله بسبب إصرار الحكومة المنتخبة حسب زعمهم على رفض الإعتراف بالكيان الصهيوني والمصادقة على إتفاقيات أوسلو ومدريد وغيرهما مما أمضته منظمة التحرير والسلطة الفلسطينية طوعا أو كرها كرفضها تجريم المقاومة والمقاومين وتجريدهم من سلاحهم وتكليفهم بحماية حدود الكيان الصهيوني وأمنه وأمن مستوطناته ومستوطنيه ولكن فات الذين يذرفون دموع التماسيح أنه كان بإمكانهم الإقناع بصدق نواياهم وسلامتها لو طالبوا حتى بصوت خافت أو همسا أولمرت بإعلان إحترامه ما إلتزم وقبل به أسلافه بداية من رابين ونهاية بباراك و بوضع حد لسياسات الإغتيال والقتل والإختطاف وتدمير المباني وتجريف الأراضي التي تمارسها الآلة العسكرية الإسرائيلية يوميا كما كان بإمكانهم إضفاء حد أدنى من المصداقية على خطابهم لو تجرؤوا ولو مرة واحدة على دعوة أولمرت لإحترام قرارات الأمم المتحدة وأحكام محكمة العدل الدولية ذات الصلة بالنزاع العربي الصهيوني وإحترام الإتفاقيات والمواثيق الدولية ومبادىء الإعلان العالمي لحقوق الإنسان و التخلى عن سياسته العنصرية وتوسيع المستوطنات وهدم جدار العار الذي يعد رمزا لهمجية الكيان الصهيوني وبربريته وإطلاق سراح آلاف الأسرى والمعتقلين في سجون الإحتلال كدعوة موفاز و أولمرت للإعتراف بحق الفلسطينيين في دولة مستقلة ذات سيادة وعاصمتها القدس تنفيذا للقرارات الدولية والكف عن تفكيك أوصال مدن وقرى الضفة والقطاع وتحويلها إلى كانتونات معزولة عن بعضها البعض والإلتزام بالبحث عن حل للقضايا العالقة مثل قضايا المعابر والسلاح وقضايا المهجرين وحق العودة عبر التفاوض وبالرجوع للقرارات والمواثيق الدولية ؟؟
ولسائل أن يتسائل لماذا تطالب الدول الضامنة والمانحة الحكومة الفلسطينية الجديدة بإعلان إحترامها لكل ما إلتزمت به حكومتي عبــــاس وقريــــع وهــي التي ( الدول الضامنة والمانحة ) لم تحترم أي من إلتزاماتها ولم تف بتعهداتها إتجاه الشعب الفلسطيني بإنحيازها المطلق واللا مشروط للكيان الصهيوني وما تعمدها حصار كل الشعب الفلسطيني وإصدار حكم جماعي بالقتل البطيىء ضده إلا دليل قطعي على ذلك ؟؟ لماذا تعتذر حكومة نظيف عن إستقبال الزهار وتتهيأ لإستقبال أولمرت الملطخة أيديه بدماء الآلاف من الفلسطينيين والمصريين ؟؟ لماذا تعلق حكومتي مصر والأردن تعاونهما مع الحكومة الفلسطينية على شرط الإلتزام بخطة الطريق و ما يسمى الخطة العربية للسلام في الوقـــت الذي لم تلتزما فيه بأحكام ميثاق جامعة الدول العربية وبإتفاقية الدفاع العربي المشترك وبالقرار العربي الرافض للتطبيع مع الكــــــيان الصهيوني قبل قيام الدولة الفلـــــسطينية وبقرارات قمة الخرطوم الأخيرة التي رمى بها البخيت ونظيف وغيرهما في سلة المهملات قبل أن يجف الحبر الذي كتبت به ؟؟ الأمر الذي يؤكد بشكل قطعي أن دموع الصهاينة وحلفائهم دوليا وعربيا وفلسطينيا ليست إلا دموع تماسيح وأنهم كعادتهم يأمرون الناس بالبر وينسون أنفسهم ولا يبدون ما يبطنون .
4)قوى الهيمنة وعملائها وضوابط الديمقراطية المأذون بها فلسطينيا وعربيا :
يتظاهر الصهاينة وحكومة المحافظين الجدد وأغلب حكومات دول الإتحاد الأوروبي وبعض الديكتاتوريات العربية وبعض سماسرة الأرض والممنوعات وكبار المستثمرين في تجارة العرض والمقدسات فلسطينيا بالحرص اللامتناهي على تحقيق السلام في المنطقة وبالإلتزام بإحترام إرادة الشعب الفلسطيني دون أن يمنعهم تهليلهم وإكبارهم للديمقراطية الفلسطينية من محاولة لإستباق آثارها بإستصدار المجلس المنتهية ولايته لقوانين تسلب من الحكومة المنتخبة ديمقراطيا كل النفوذ والصلاحيات بهدف تحويلها إلى مجرد ديكور وشاهد زور لا يملك أية سلطة وإلى حكومة لا تحكم في شيء وإفراغ خزائن السلطة و أرصدتها .
الذين أغرقوا الساحة بالكلام المعسول حول التنويه بنزاهة وشفافية العملية الإنتخابية ومصداقيتها وحول نضج الشعب الفلسطيني لم يروا مانعا وحتى قبل أن تمر سويعات على تصريحاتهم من أن يشترطوا على الفائز بثقة شعبه وحتى يقبلوا به بصفته تلك إعلان كفره بالبرنامج الذي إنتخب على أساسه ككفره بمبادئه وأهدافه التي بوأته المكانة التي يحتلها في قلوب شعبه ,,, لم ير عشاق وكهنة الديمقراطية وحراسها حرجا في السعي لإجبار المنتصر في الإنتخابات التي شهدوا بنزاهتها ومصداقيتها على أن يتوب عما إعتقد وإختار وينفذ خيارات الساقطين في المنافسة وبرامجهم ولما لا التحول من مقاوم شريف إلى سمسار وسارق لأموال شعبه وناهب لثرواته ومتاجر بمقدساته ,,, بما يوحي أن المسموح به من طرف » أهل الحل والعقد الدولي » وصنائعهم لشعوب المنطقة ليس أكثر من التحرك في دائرة مضبوطة المساحة والحدود وأنه وإن كان مباحا للفلسطينيين إختيار هنية والزهار وصيام لتحمل مسؤولية إدارة شؤونهم عوضا عن عبد ربه والرجوب ودحلان فإنه محرم عليهم المساس بالثوابت الصهيونية … يظهر أنه ليس مباحا للفلسطينيين إختيار بديلا عن عبد ربه بل المباح لهم أن يأتوا بعبد ربه في لوك وثوب جديدين بما يخشى معه أن يكون أقصى ما هو مأذون به للعملية الديمقراطية فلسطينيا وعربيا ( هذا إذا سمحوا بها ) عملية إستنساخ لمشاريع الحكم الفردي الخاضعة للأجنبي ليتم بواسطتها إعادة إنتاج الديكتاتورية والفساد والعمالة مثلهم في ذلك مثل كل تاجر دمى يضطر لمواجهة آثار كساد تجارته وبوارها إلى تغيير واجهة محلاته بإبدال بعضها بأخرى .
وبعد أن باءت بالفشل محاولات دفع الرئيس محمود عباس لتعيين رئيسا للحكومة من خارج حماس و محاولات إجبار هنية على التحول إلى صورة مشوهة لأسلافه في الحكومة الفلســطينية كشرت الذئاب ( التي طالما تظاهرت بأنها حمل وديع ) عن أنيابها وكان الحصار الجائر المتوحش الظالم الذي وضع الشعب الفلسطيني بين خيارين لا ثالث لهما الموت الجماعي جوعا وعطشا ومرضا أو الإستسلام والقبول بالوصاية الصهيونية وليكشف هذا الحصار الذي لا تكفي لوصف بشاعته كل مفردات قواميس لغات العالم أن الديمقراطية وحقوق الإنسان والسلام الدولي لا تساوي شيئا أمام أطماع الصهاينة وجشعهم وجبروتهم كما يضاعف الشكوك حول مدى جدية ما يتردد حول دعم الغرب للديمقراطية والحكم الرشيد والتحديث وتشجيعهم على الإصلاح الشامل وإحترام الحريات وحقوق الإنسان في المنطقة العربية ويفضح نفاق القرار الأمريكي والأوربي .
5) الحصار الجائر يفضح نفاق الموقف الغربي
يؤكد الحصار الأمريكي الأوروبي العربي للفلسطينيين إمعان قوى الهيمنة الدولية بزعامة الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا في التعاطي مع قضايا العالم بمكاييل مختلفة ومعايير مزدوجة حتى إنحصر الدفاع عن المبادىء والقيم الإنسانية والمواثيق الدولية عندهم في الدفاع عن الكيان الصهيوني وجرائمه وخرافاته والخضوع لإبتزازه ولما لم يكفهم ما فعلوه في الفلسطينيين منذ قراري الإنتداب و التقسيم المشؤومين حتى هذا اليوم أبو ا إلا أن يزينوا سجلهم الأسود مرة أخرى بجريمة الحصار والتجويع ومحاولة الإبادة الجماعية ,,,
مجازر دير ياسين و بيروت وقانا وصبرا وشاتيلا وجنين وحصار الشهيد عرفات وإغتياله وغيرها لا تحرك شعرة في ضمير العدل الأمريكي والأوربي ومئات الآلاف من القتلى والأسرى والمشردين من الفلسطينيين لا يمثلون أي عبىء على الضمير الغربي ولا يزنون في ميزانه أكثر من وزن جناح ذبابة .
ضحايا النازية المحتملين من اليهود وحدهم يمثلون كابوسا لحكام فرنسا وغيرهم من حكام أوروبا وسببا في معاناة دائمة لا تمحى من عقدة الذنب وتأنيب الضمير ,,, أما البشاعات التي إرتكبوها في حق الملايين من العرب والمسلمين والأفارقة وغيرهم من شعوب العالم قتلا وتعذيبا وتشريدا ونهبا للخيرات والثروات فذلك مصدر فخروتمجيد وإعتزاز كهنة الحداثة والعلمانية وحماة الديمقراطية والحرية .
إن هذا الحصار الجائر الظالم بمشاركة عربية وفلسطينية يكشف مدى خضوع بعض حكام ونخب العرب والمسلمين لإملاءات أهل الحل والعقد الدوليين حتى تحول بعضهم إلى مجرد مديرين لشركات مناولة مكلفة بمهمة بمقابل وإلى أشباه مستوطنين لا يربطهم بالأرض أين يعيشون غير ضرورات الواجب الوظيفي والحاجة والمصلحةو إلى ببغاوات يرددون ما يلقنهم أسيادهم دون أن ننسى عجز بعض » ذوي النوايا الحسنة » وملاك الحوانيت الخاوية على عروشها ممن إستعاضوا عن الفعل بالهروب إلى عالم إفتراضي وهمي وبالطمع في أن يفوزوا بما يمكن أن يهبهم الأسياد من فتات الموائد والمآدب فصح فيهم قول الشاعر » ألقاب مملكة في غير موضعها … » حتى عمت أبصارهم وبصيرتهم عما يتربص بهم وبشعوبهم وتاهوا في غيهم يعمهون .
6) هل تتحقق أحلام الصهاينة وسماسرة المقدسات؟
يحق لجماعات المسيحيين المتصهينين الماسكين بسلطة القرار في البيت الأبيض أن يحلموا بما شاؤوا وأن يعتقدوا في بركات شارون وموفاز وأولمرت وصلاحهم ولا أحد يمنعهم من إعتبارهم قديسين أو في إتخاذهم آلهة كما يحق للأوروبيين أن يخضعوا للإبتزاز الصهيوني المتستر بالرغبة في التكفير عن ذنب إرتكبه أسلافهم في حق اليهود متى شاؤوا وكيفما شاؤوا وأن يدفعوا ثمنا للمغفرة التي يرجون نيلها والفوز بها في الدنيا والآخرة ما يشاؤون ومتى يشاؤون وكيف يشاؤون كما يحق للديكتاتوريات وأشباه المستوطنين مديري شركات المناولة والنقل لفائدة الغير الخضوع لإملاءات أسيادهم وتنفيذ تعليماتهم .
من حقهم أن يبذلوا ما في وسعهم لينتزعوا من حماس والقوى الوطنية الفلسطينية إقرارا ( ولو بالتلميح) بشرعية ما إرتكبوا من جرائم سواء كانت مباشرة أو بالوكالة في حق الشعب الفلسطيني والأمة والإنسانية ولكن من حقنا وحق الفلسطينيين وحق كل أحرار العالم على حماس أن لا تخضع للإبتزاز وأن لا تقايض وجود شعبها وحقوقه ومقدساته وكرامته بشهوة الحكم والكراسي الوثيرة والسيارات الفارهة .
… من حقهم أن يعتقدوا في ما يشاؤون وأن يبشروا بما يريدون وأن يحلموا بما يعشقون ويشتهون ومن حقنا ومن حق الشعب الفلسطيني على حماس أن لا تلدغ من جحر مرتين وأن لا تتغافل عما ثبت لدى العالم أجمع من أنهم يقولون ما لا يفعلون وينهون عن المنكر ويأتون بأنكر منه و أن لا تتوهم أن إبليس يمكن أن ينهى عن منكر ولو للحظة وأنهم يمكن أن يرضوا عنها حتى وإن إتبعت ملتهم وسلكت طريقهم .
من حق من توارثوا أب عن جد عار التفريط في فلسطين وبيعها وخيانة الجهاد والمجاهدين قبل نكبة 1948 وبعدها أن يبحثوا عمن يمسح عارهم ويطهرهم من رجسه ودنسه ولكن عليهم أن يعلموا أنه من واجبهم أن لا يتجاهلوا أن مسح عارهم وسلامة عرضهم من الأذى لن تكون بغير تحررهم من الخضوع للإبتزاز الصهيوني وغطرسته وإرجاع الحقوق المغتصبة لأصحابها كاملة دون نقصان .
إذا كان من حق البعض أن يعبدوا الصهاينة وأن يقدسوا خرافاتهم وأن يهبوا أنفسهم ونساءهم وأبناءهم وأموالهم لهم وأن يفدوهم بأعز ما يملكون فإنه لا ينفعهم في شيء تجاهل أن الشعب الذي عشق الشهادة وأنجب الشهداء لن يرضى تحت أي ظرف بالإعتداء على أرضه وعرضه ومقدساته وإنتهاكها ولن يقبل أن يتحول إلى خدم للصهاينة ومشاريعهم ومرتعا لإشباع نزواتهم وجشعهم خاصة وهم يعلمون مثلما نعلم أن وجود الشعب الفلسطيني ومقدساته وكرامته وحقوقه ليست للبيع ولا للمبادلة أو المقايضة وأن كل يد تمتد لإبرام عقود التفويت فيما ذكر لا تستحق أقل من بترها كما لا تستحق الألسن التي تتجرأ ولو همسا على إعلان التفريط في ما لاحق لأحد التفريط فيه أقل من القطع .
7)القرار الفلسطيني المستقل = خط الدفاع الأخير عن وجود الأمة وكرامتها
من الثابت أن تمسك الفلسطينيين بثوابتهم وحقوقهم وإستعدادهم للعطاء والتضحية وحده لا يكفي لمواجهة هذا المخطط الإجرامي خاصة في ظل ضعف الرد العربي والدولي وفي ظل تحول المنظمات الدولية والإقليمية وهيآت الأمم المتحدة والجامعة العربية وغيرها إلى مجرد أجهزة خاضعة لحكومة المحافظين الجدد وإلى جسد بلا روح وإسم بلا مسمى في نفس الوقت الذي تعاني فيه القوى الوطنية في المنطقة العربية والعالم الإسلامي وقوى التحرر في العالم من ضعف لافت أعاقها عن تحمل مسؤولياتها التاريخية في مواجهة الهجمة الصهيونية ولولا الشمعة التي أضاءها صمود الفلسطينيين وتحدي روسيا والصين والمملكة العربية السعودية وقطر وجزائر المليون شهيد لقرار الحصار الجائر لعشــــنا والعالم لمدة لا يعلم مداها إلا الله في وحشة الظلمة الظالمة التي أرادت حكوما ت الولايات المتــحدة الأمريكية ودول الإتحاد الأوروبي فرضــــها دون رادع من قانون دولي أو ضمير إنساني وبناء على ذلك فإن تداعيات المرحلة وتصاعد الضغوط المسلطة على الفلسطينيين تعمق الوعي بخطورة محاولة الصهاينة الإستفادة القصوى من إختلال موازين القوى لصالحهم وبخطورة دورهم التخريبي في المنطقة والعالم وبأن المقاومة الوطنية في فلسطين مهما كانت إنتماءاتها الإيديولوجية والسياسية هي آخر خط دفاع عن الأمة وكرامتها ومقدساتها وعن قيم الإنسانية وحضارتها بما يفرض علينا أن نتخلى عن موقف المتفرج ونواجه التحدي بتحد أكبر ونوحد جهودنا لفك الحصار على أبناء شعبنا بكل السبل المتاحة .
بذل الفلسطينيون جسام التضحيات لا دفاعا عن حقوقهم المشروعة فقط بل ودفاعا على وجود الأمة وكرامتها ومقدساتها وإنتصارا للقيم الإنسانية الخالدة قيم الحرية و العدل والمساواة ومن العار أن يخذل العرب والمسلمون وأحرار العالم مرة أخرى هذا الشعب المقاوم المعطاء … من العار أن نبقى مكتوفي الأيدي والفلسطينيون العزل مهددون بالإبادة الجماعية والموت جوعا وعطشا وبترك النظر عما يمكن أن يحصل فإنه على العرب والمسلمين خاصة و أحرار العالم عامة أن يعوا أنه في اليوم الذي ينجح فيه الصهاينة وخدمتهم في فرض الإستسلام على الفلسطينيين وإخضاعهم وإذلالهم لن يقدر أحد بعد ذلك اليوم على رفع راية المقاومة الشريفة ولن يعبد الناس ربا غير أرباب الصهاينة وأصنامهم وأعمال الشياطين منهم. . . سيكون يوم إستسلام الفلسطينيين يوم الإيذان بسيطرة شذاذ الآفاق على ما بين النيل والفرات مرورا بعمان والقاهرة ولما لا مكة المكرمة والمدينة المنورة بعد هدم أولى القبلتين وإقامة الهيكل المزعوم على أنقاضه . . . الأغبياء من ملوك وحكام أشباه الطوائف وحدهم يجهلون أو يتجاهلون أن جهاد الفلسطينيين ورباطهم هو الذي كف أيدي الصهاينة عنهم وعن عروشهم المهتزة أصلا . . . والأغبياء من المعارضين والمناضلين الوطنيين وحدهم يجهلون أو يتجاهلون أنه مثلما كان الوجود الصهيوني منذ إنطلاقته ( وعلى خلاف اللذين قدموه كذبا وبهتانا على أنه جنة الحرية ) سببا في ما عرفته المنطقة والعالم من كوارث وحليفا وداعما إقتصاديا وسياسيا وإعلاميا وأمنيا رئيسيا للديكتاتوريات والإضطهاد والتخلف فإن بسط هيمنته وإخضاعه للفلسطينيين لن يكون إلا نذير شؤم وإعلان للإجهاز على محاولات النهوض والتحديث والديمقراطية في المنطقة لأن المشروع الصهيوني بداية ونهاية ليس إلا عنوان الخرافة والعنصرية والهمجية و ورما سرطانيا متوحشا لن ينجو من دماره إذا لم نواجهه بالحزم والجدية اللازمين كائن من كان في هذا الكون ومن هذا المنطلق على الجميع الوعي أن الدفاع عن الفلسطينيين ووجودهم وإستقلال قرارهم ورفض المشروع الصهيوني العنصري المدعوم من قوى الإستعمار وعملائهم من الديكتاتوريات والمستوطنين وأشباه المستوطنين في هذه المرحلة التاريخية بالتحديد هو دفاع عن الأمة ووجودها وكرامتها وعن المكاسب الحضارية الإنسانية وقيمها الخالدة من مساواة وحرية وعدل وكرامة كما أن الخضوع للإبتزاز الصهيوني وعنجهيته لا يعني إلا التنكر للثوابت الوطنية والقومية والدينية و للمبادىء التي تأسست عليها الحضارة الإنسانية والتشريع لإستعباد » بنو إسرائيل » لغيرهم من البشر . . . الأمر الذي يجعل من حماية الشعب الفلسطيني واجب على كل أحرار العالم لأن في التصدي للحلم الصهيوني حماية لوجود الإنسانية وللسلم في العالم وتحقيق ذلك يمر حتما عبر فك الحصار وإفشاله وحماية القرار الفلسطيني المستقل وحكومته المنتخبة ديمقراطيا .
وإن لم يكن ذلك هينا فإنه ليس مستحيلا إذ لو تعلقت همة بني آدم بما وراء العرش لناله ويكفي أن يعلم أغنياء العرب والمسلمين ( حكاما ومحكومين ) أنهم لو تبرع كل واحد منهم بواحد في المائة أو في الألف مما يكنزون من الذهب والفضة ومما ملكت يمناهم ويسراهم تحت الأرض وفوق الأرض وما بين الأرض والسماء ومما ينفقون ويبذرون في ملذاتهم وملذات زوجاتهم وأبنائهم وأحفادهم وأولي نعمتهم والمؤلفة قلوبهم من المحيطين بهم لما إحتاج الفلسطينيون لصدقات الأمريكان والفرنسيين وغيرهما …
ولتعلم نساء العرب والمسلمين أنه أفضل لهن لويهدين ما يملكن من جواهر وحلي لمرضعات المجاهدين ومدارس الشهادة والفداء بما يمكنهن من القيام بواجبهن في الدفاع عن الأرض والعرض والحاضر والمستقبل من أن يتزين بها للضباع أشباه الرجال الذين لم يعد يعنيهم من العرض والشرف والعزة غير ما يجنون من أرباح وفوائد .
وليعلم الخائفين والمترددين من أحرار العالم عامة وأحرار العرب والمسلمين خاصة أن الصهاينة نمور من ورق وأنهم أعجز من أن يضروهم بشيء إلا بأيديهم وأفعالهم ومثال الحكومات الروسية والصينية والجزائرية والقطرية والسعودية وغيرهم ممن كان لهم شرف رفض المشاركة في جريمة الحصار والإبادة الجماعية كرفض الخضوع للعنجهية الصهيونية المدعومة أمريكيا وأوروبيا أكبر دليل على ما نقول . أما حكومتي الأمريكان والفرنسيين وغيرهما فإنه عليهم أن لا ينسوا أنهم بخضوعهم اللامحدود للإبتزاز الإسرائيلي وإنحيازهم اللامشروط للمعتدي على حساب الضحية والوجود الإنساني كله إنما يضعون حاضر علاقاتهم بشعوب المنطقة ومستقبلها على كف عفريت ويرهنون مصالحهم في العالم بين أيدي عصابات إجرامية لا تعرف معنى ضبط النفس والتعقل يؤجج حقدها على العرب والمسلمين وكل البشر عـنـصريتها الخرافية وإمتلاكها لأسلحة الدمار الشامل وطموحها نحو مزيد التوسع وإستعباد كل ما على الأرض وما فوقها وما تحتها كما يدعمون الرأي القائل بزيف ما يرفعونه من شعارات حول الحل العادل والشامل لنزاع الشرق الأوسط وحول الديمقراطية والإصلاح والحكم الرشيد في المنطقة وحول التسامح ومحاربة الإرهاب وهم يفتحون بسياساتهم تلك وبدعمهم للديكتاتوريات ورفضهم إحترام إرادة غيرهم من شعوب العالم وربط مصيرهم بمصير المشروع الصهيوني أبواب جهنم في وجه الإنسان أينما كان ويمارسون الإرهاب ويحرضون عليه بما يمثل تهديدا جديا للسلم والأمن العالميين ولمصالحهم العاجلة والآجلة وإنه من الطبيعي جدا أن تكون سياساتهم العدائية ضد العرب والمسلمين سببا في تعميق الجراح والأحقاد بما يستحيل معه التفكير في حوار جدي وبناء ومثمر بينهم وبين شعوب المنطقة وبما يجعل من التبشيربالتسامح والقبول بالآخر وحوار الحضارات هراء لا طائل من ورائه خاصة إذا أخذنا بعين الإعتبار ما تعانيه هذه الشعوب إلى حد هذه الساعة بسبب عدم إندمال الجروح سواء التي خلفها الإستعمار المباشر أو التي فتحها إحتلال العراق وإفغانستان .
صحيح أن الشعب الفلسطيني وحركة حماس يواجهان إمتحانا قاسيا وصعبا نتيجة الأوضاع التي فرضت عليهم ولكن الأصح أن هذه الأوضاع وضعت من إصطنعها وإفتعلها في إمتحان أقسى وأصعب . الفلسطينيون بصمودهم وتمسكهم بثوابتهم علي يقين أنهم الفائزون والمنتصرون في كل الحالات من مات منهم غيلة أو جوعا أو عطشا أو مرضا فهو شهيد ومن بقي منهم على قيد الحياة عاش مرفوع الرأس رغم الداء والأعداء أما محاصروه فإنهم الخاسرون في كل الحالات : كل نفس بريئة يقتلون بحصارهم وصمة عار في جبينهم وجبين ذريتهم إلى يوم يبعثون وفشل حصارهم ( وهو المأمول بحول الله تعالى ) وإندحارهم مذمومين مثلما فعلوها كم مرة لعنة ستلازمهم إلى يوم يدفنون والعاقل من إتعظ من تجاربه وتجارب غيره قبل فوات الأوان .
القبيلة و النظام السياسي في المغرب العربي
حيث الإستثناء يعزز القاعدة ليكون…