حصــاد الأسبــوع
1) – علمت:
مقصلة المراقبة الإدارية قطع الرحم
قرأت تحسر اخي الصحبي عتيق على وفاة أربعة أعزة انتقلوا إلى حياة الأبد دون أن يحضر أي جنازة لأي منهم رغم اعتبار حضور الجنازة الأصول و الفروع و الأقارب من الدرجة الأولى من « الحقوق » التي ينص عليها القانون المنظم للسجون التونسية، و لكن هذا » الحق » كغيره من « الحقوق » إنما بعتبره الطغاة منحة و منة يمنون بها و يمنحونها من يشاؤون و يحرمون منها من يشاؤون دون أي مبرر مهما كان لونه….
و لعل مرد هذا التحسر اعتبار أصحاب الشأن من ذوي الحدود الدنيا الأخلاقية التي لا يمكن أن تتردى إلى مستوى يضرب كل القيم النبيلة التي استقرت في الضمير الجمعي لمجتمعنا بفعل عمق التدين عند البعض أو انتصارا للشهامة و المروءة عند آخرين و إن انتهكت اكثر من مرة، لكن نظريا تبقى دوما من النبل و الفضل بمكان…
أن الطغاة قد آلوا على أنفسهم سحق كل نفس تحرري يأبق من أسر عبوديتهم، ولم تكفهم قوانينهم التي فصلوها على مقاساتهم، بل كثيرا ما يعمدون إلى انتهاك ما فرط منهم من « قوانين » فيها بعض مما يطمح إليه المقهورون من حفظ لآدميتهم و إنسانيتهم بحفظ الحقوق التي ترتفع بهم من » الرعاع » و « الأقنان » إلى المواطنة…
و لا غرابة بعد ذلك أن تمنع من حضور تلك المواكب.. ففي قواميسهم لا معنى لصلة الرحم، لا معنى لصلة الأبوة و البنوة، لا مهنى للروابط العائلية، لا معنى لكل الأشياء الجميلة التي أرضعتها أو نشأت عليها…
إن هؤلاء وضعوا لأنفسهم غايات من الجلاء بمكان لايمكن الاختلاف حولها:
و لعلك تذكر عددا من سجناء الرأي حرموا من زيارة أزواجهم سنوات عديدة لا لشيء إلا لعدم التنصيص في بطاقات الهوية على كون الزوجة هي حرم فلان.. و مما يزيدنا يقينا أن هذا المنع مقصود بالذات فبم نفسر امتناع المصلحة المختصة عن استبدال بطاقات الهوية تلك؟ و قبل ذلك بم تفسر امتناع إدارة السجون من التمكين من الزيارة و قد استظهرت الزوجة بعقد القران و غيره من الوثائق الثبوتية….
أخي الصجبي أنت منعت من حضور الأعزة عليك و علينا – الأخ البكر، الوالد ، الوالدة ثم الأخت الكبرى- و أنت نزيل بأحد سجونهم، مسلوب الحرية، قد تبرر لهم شياطينهم من الجن و الإنس حرمانك من هذا » الحق »، فكيف بمن يمنع من حضور مواكب دفن أعزة عليه و الحال أنه غادر سجونهم الصغيرة منذ ما يزيد عن خمس سنوات غير أن سيف المراقبة الإدارية لا يزال مسلطا عليه في انتهاك جلي للحقوق الأساسية للفرد و تعسف مخز للقانون من قبل أدعياء « دولة القانون والمؤسسات « … وهو ما تم فعلا للمرة الثانية، آخرها يوم الجمعة 16 اوت 2007…
2) – تدبرت:
« المهزوم إذا ابتسم، أفقد المنتصر لذة الفوز »
3)- سمعت:
شيء من الحرية الشخصية حقيقة أم خيال.. فتاة تتزوج من كـلـبها حقيقة ليندا … ترفض الزواج من الرجال لتتزوج من كــلــبها !!!قصه غريبة حدثت لإحدى المواطنات الأمريكيات التي تدعى لينداا حيث قررت ليندا الزواج من كــلـبها ماكس بعد أن فشلت في أربع محاولات زواج . وقد أقيم حفل زواجها من الكــلــب ماكس وسط تجمع من الأصدقاء …. والغريب في الموضوع أن احد رؤساء الكنائس (القس) حضر هذا الزواج و قال بكل برود أتمنى حياة زوجية سعيدة لكل من الزوجين ؟؟ من هم الزوجين ؟ العريس الكـــلـــب ماكس , والعروس ليندااا !! وفي ليله الزواج لبست ليندا كامل حليتها وزينت كــلــبها ماكس و ألبسته بدلة العرس وعندما سئلت لينداا عن سبب تركها للرجال وزواجها من الكـــلـــب أجابت بان الكــــلـــب سيكون معها أوفى من كل أزواجها السابقين، ولن يقيم علاقات محرمة مع غيرها كما قام أزواجها السابقون بذلك ؟ !! 4)- رأيت: صفاء بنت في الثالثة عشرة من عمرها، استقرت بفرنسا منذ مدة طويلة، و لم تتمكن من زيارة مسقط رأسها إلا بعد أن تمكن أبوها من تسوية وضعيته القانونية، أي بعد سنوات عديدة ، سألتها تلاوة سورة الفاتحة، تعجبت من السؤال و ردت ما هي الفاتحة، سألتها هل تعرف كتابا اسمه القرآن، أجابت بالنفي، سألتها هل يقيم أبوها الصلاة، أجابت بالنفي، و أمك؟ نعم تصلي… هل طلبت أمك أن تصلي؟؟ لا.. أخوها الأصغر حسن لم يدرك شيئا من الأسئلة و تتمادى في ترويض دراجة لم تصنع لمثله… سألتها لماذا لا تصلين؟ هزت كتفيها ثم أضافت عندما ابلغ 10 و 6 سأصلي مثل أختي… أما ع.ع. أبوها فقد تحصل على « صك » الإقامة الفرنسية، صك يذكر بصك الغفران، صك يوفر له شيئا من الكرامة و شيئا من الحقوق التي لن يحلم بها في بلده في ظل « العهد الجديد »، لكنه لن يرفعه إلى درجة أبناء البلد…
5) – قـرأت -1إن استقراء حالات ومسائل الميراث ـ كما جاءت فى علم الفرائض (المواريث) ـ يكشف عن حقيقة قد تذهل الكثيرين عن أفكارهم المسبقة والمغلوطة فى هذا الموضوع.. فهذا الاستقراء لحالات ومسائل الميراث يوضح ما يلي: 1 ـ إن هناك أربع حالات فقط ترث فيها المرأة نصف الرجل. 2 ـوهناك 8 حالات ترث فيها المرأة مثل الرجل تماماً. 3 ـ وهناك عشر حالات أو تزيد ترث فيها المرأة أكثر من الرجل. 4 ـ وهناك حالات ترث فيها المرأة ولا يرث نظيرها من الرجال. أى أن هناك أكثر من ثلاثين حالة تأخذ فيها المرأة مثل الرجل ، أو أكثر منه ، أو ترث هي ولا يرث نظيرها من الرجال ، فى مقابلة أربع حالات محددة ترث فيها المرأة نصف الرجل.. ولسنا هنا بصدد ذكر وتفصيل هذه الحالات ولمن أراد التفصيل الرجوع إلى كتاب » ميراث المرأة وقضية المساواة » للأستاذ الدكتور صلاح الدين سلطانص10 – 46 (1).تلك هي ثمرات استقراء حالات ومسـائل الميراث في عـلم الفرائض (المواريث) ، التي حكمتها المعايير الإسلامية التي حددتها فلسفة الإسلام في التوريث.. والتي لم تقف عند معيار الذكورة والأنوثة ، كما يحسب الكثيرون من الذين لا يعلمون..
(1) – د. صلاح الدين سلطان « ميراث المرأة وقضية المساواة » ص10 ، 46 ، طبعة القاهرة ،دار نهضة مصر سنة 1999م ـ » سلسلة في التنوير الإسلامي « .
6) – نقلت:
LA STRATEGIE DE LA TENSION DE LA CIA
Le terrorisme non revendiqué de l’OTAN دانيال قانسر، أستاذ التاريخ المعاصر في جامعة بال سويسرا نشر كتابا مرجعا حول « الجيوش السرية للحلف الأطلسي ».و حسب الكاتب فإن الولايات المتحدة الأمريكية نظمت طيلة خمسين سنة في أروبا الغربية تفجيرات و نسبتها إلى اليسار و إلى أقصى اليسار من أجل تنفير الناخبين منهم.. هذه الإستراتيجية تتواصل اليوم لإشاعة الخوف من الإسلام و لتبرير الحروب من أجل البترول.. Nato’s secret Armies : Terrorism in Western Europe par Daniele Gabnser, préface de John Prados. Frank Cass éd., 2005. ISBN 07146850032005 الكتاب ترجم إلى الإيطالية و التركية و السلوفينية و اليونانية و قد يكون ترجم إلى الفرنسية مؤخرا..
7) – دعـــــاء
وصية أسماء بنت خارجة
حكي أن أسماء بنت خارجة قالت لابنتها ليلة زفافها: يا بنيّة انك خرجت من العشّ الذي فيه درجت، فصرت إلى فراش لم تعرفيه، وقرين لم تألفيه! فكوني له أرضا، يكن لك سماء، وكوني له مهادا يكن لك عمادا، وكوني له أمة يكن لك عبدا، واحفظي أنفه، وسمعه، وعينه.. فلا يشم منك إلا طيبا، ولا يسمع إلا حسنا، ولا ينظر إلا جميلا..
ملاحظة: بعض ما ينشر في هذه الحلقة كان مخصصا للأسبوع الماضي، لكن خطأ حصل دفعنا لنشره اليوم فمعذرة…
الاثنين 20 أوت 2007 عبدالله الـزواري abzouari@hotmail.com
عودة المهَجَّرين بين الواقعية والوهم
د.عبد المجيد النجار،
أستاذ جامعي مقيم بباريس abdelmajidn@yahoo.com المهاجرون إلى ديار الغربة هم غير المُهَجَّرين إليها، فأولئك اختاروا الهجرة بمحض إرادتهم لسبب أو لآخر من الأسباب، وهؤلاء اضطرّتهم الظروف القاسية إليها فأُكرهوا عليها إكراها بسبب ما يحملون من أفكار اعتقدوا أنّ فيها الخير للوطن، وانتظموا في الغالب من أجل التعريف بها لتصبح مشروع إصلاح،وعنهم يدور هذا الحديث. ففي خضمّ التدافع بين النظام الحاكم في تونس وبين حركات المعارضة وبالخصوص منها الحركة الإسلامية، استقرّ في المهجر كثيرون ( ربما بضعة آلاف ) موزّعين على القارات الخمس، بعضهم فرّ من سجن كان ينتظره وقد تواردت عنه روايات مرعبة من أليم العذاب، والبعض الآخر أحجم عن العودة لحكم قضائي كان ينتظره ليسوقه حتما إلى السجن، أو احتياطا من مفاجآت تحطّم نسق حياته العلمية أو العملية، وأصبح الجميع من المهَجَّرين، واندرج كثير منهم في قوائم اللجوء السياسي في البلاد التي انتموا إليها، حتى أصبح التونسيون من أكثر اللاجئين السياسيين عددا من بين البلاد المماثلة، وتلك لا شكّ نقطة سوداء ما كنا نرتضيها وصمة لبلادنا. إن هؤلاء المهجّرين يحملون أفكارا سياسية، وهم في معظمهم منتظمون في تنظيمات نضالية من أجلها، وبسبب ذلك هُجّروا على نحو ما وصفنا. ولكنّ هجرتهم كانت هجرة فردية نتيجة تلك الظروف القاسية، بحيث سعى كلّ بطريقته الخاصّة أو بالتعاون مع غيره من المتعاطفين معه إلى الخلاص من جحيم كان ينتظره، ولم يكن القرار صادرا لتهجير المنظمات ذاتها التي ينتمي إليها أولئك الأفراد لتصبح منظمات مهجَّرة هي أيضا، بل كان الوجود الداخلي لتلك التنظيمات ومشاريعها هو الأصل الذي يحافظ عليه هؤلاء المهجّرون، ويتّخذون منه هدفهم الأكبر، ويوجّهون إليه مناشطهم جميعا. كان من الطبيعي أن يستثمر المهجرون مهجرهم لخدمة قضيتهم التي من أجلها هُجّروا، فالمواطن الصالح عليه أن يستثمر كلّ الظروف وكلّ المواقع من أجل خدمة وطنه، ولعلّ على رأس قائمة ذلك الاستثمار أن يندفع هؤلاء المهجّرون وأغلبهم كانوا عند تهجيرهم من الشباب إلى اكتساب العلوم والخبرات في أعلى درجاتها وفي أدقّ تخصصاتها من معاهد العلم ومؤسسات الخبرة المتاحة في العالم الذي هم فيه بأكثر مما هي متاحة في بلادهم، ليكون ذلك ذخرا للوطن عند العودة إليه، فما وقع إنما هو مهما طال زمنه لا يعدو أن يكون ظروفا طارئة لا بد أن تزول يوما، وحينئذ تنجلي المأساة التي حدثت عن عقول كثيرة صُنعت أثناء المحنة، لتعود مشاركة في مسيرة التنمية الوطنية بدرجة عالية من الكفاءة. وإذا كان هذا الأمر لم يحصل بالقدر المطلوب، فإنّ الكثير من هؤلاء المهجّرين تحصلوا على الشهادات الجامعية العالية، واكتسبوا خبرات لغوية وإعلامية واقتصادية معتبرة، وشاركوا في منتديات عالمية مختلفة ذات شأن، وبدأوا في خدمة وطنهم قبل أن يعودوا إليه، وذلك بما تُذكر به تونس بما يشرفها عن طريق أسمائهم عند مشاركاتهم الإيجابية في المحافل الدولية والمجامع العلمية والمؤسسات العالمية المختلفة. إن هؤلاء المهجّرين وضعهم الطبيعي أن يكونوا في بلادهم، وإنما وجدوا أنفسهم في المهجر للأسباب التي ذكرناها، فعودتهم إذن مرتبطة بتلك الأسباب، فإذا ما زالت الأسباب لم يعد للبقاء في المهجر من معنى، وكانت العودة مشروعة بل مطلوبة. الذي أعلمه أنّ هؤلاء المهجّرين إنما هُجّروا فهاجروا لأن من لم يهاجر منهم فسيكون البديل الحتمي لذلك هو السجن مع » مستحقاته »، وأما من أمن السجن فالأغلبية الساحقة ممن أعرف لم يرتق في نظرهم ما يعانيه أكثرهم من المشاكل الحادّة الأخرى إلى سبب كاف للهجرة، فبقُوا على أرض الوطن يكابدون الحياة، ويثبتون على الأرض، وأحسب أنهم قد أدركوا حقيقة المعادلة الصحيحة فمضوا فيها بحكمة . قال النظام الحاكم ـ أو هكذا يُشاع ـ إنّ من يريد من المهجّرين أن يعود إلى أرض الوطن باعتباره مواطنا لا بصفته التنظيمية فله ذلك بعد ترتيبات عادية دون أن يُساق إلى السجن، بل يكون حرا في تنقّله في أرض الوطن وفي الدخول إليه والخروج منه، فهل يُعتبر هذا إن صحّ ( والمطلوب أن يُعلن في وضوح من قِِبل عارضيه ) مبرّرا كافيا لعودة المهجّرين إلى وطنهم وحرية التنقّل فيه ومنه وإليه باعتباره قد ألغى السبب الذي أوجدهم في المهجر، وهو بالأساس التعرّض لمعاناة السجن وعذاباته؟ إنّ الحدّ الأدنى من المواطنة العادية التي هي سقف هذه العودة هو أن تُحفظ على المواطن كرامة المواطنة، وأن لا يُعرّض للمهانة والمذلّة، وأن تعامله السلطة الحاكمة بأذرعها المختلفة على أساس ذلك. ويندرج ضمن هذا الحدّ الأدنى أيضا أن لا يُشترط على المواطن التنصّل من ماضيه والمصادرة على مستقبله، كأن يُلزم بلعن ماضيه الذي من أجله هُجّر والتبرّئ منه، وبالتعهّد بعدم العودة إليه في المستقبل، فذلك مناقض للمواطنة التي تقتضي أن يسعى الإنسان في خدمة وطنه بالرؤى التي يراها، فيطرحها على الناس وفق القانون المعمول به. نعم يمكن للمواطن بل قد يجب عليه أن يعترف بخطئه إذا اقتنع بصفة موضوعية بأنه خطأ، وأن يعتذر عنه ويتعهّد بعدم العودة إليه، ولكنّ الاعتذار عن الخطإ لا يستلزم الاعتذار عن جملة الماضي، والتعهّد بتفادي الخطإ في المستقبل لا يستلزم التعهّد بمصادرة المستقبل، فذانك من مقتضيات الوطنية إذ الرجوع إلى الحق فضيلة، وهذان مصادرة للمواطنة إذ من مقتضيات المواطنة حرية التفكير والتعبير والتنظّم. وفي كلّ الأحوال فإنّ المعتذر عن خطئه حينما يقتنع به يبقى حقّه محفوظا في أن يسجّل أخطاء الآخرين دون أن يعذرهم فيها إلا إذا اعتذروا عنها، وليكُن الاعتذار مختلفا في أشكاله باختلاف مواقع المعتذرين. إنّ هذا هو الحدّ الأدنى للعودة بصفة مجرّد المواطنة، وفوق ذلك حدود أعلى تنتهي مثلا بعودة مظفّرة، تكون فيها التسوية جماعية شاملة، وتُستعاد فيها الحريات كاملة، ويُعترف فيها بالتنظيمات كلّها، وربما يُعوّض فيها عن الأضرار التي لحقت بالمهجّرين وما إلى ذلك من هذه الحدود. إلا أنّ هذه الحدود الأعلى يبدو أنها غير متاحة الآن لأسباب يطول شرحها، وقد لا تكون متاحة إلا بعد فترة قد تقصر وقد تطول، وتطاولها بحسب المعطيات الراهنة أقوى في ميزان الاحتمال. وأحسب أنّ من الحكمة في النضال السياسي، وعلى الخصوص منه ما كان دائرا بين فرقاء الوطن أن يتقدّم الفرقاء من بعضهم كلما سنحت فرصة ولو بخطوة صغيرة، فتلك الخطوة الصغيرة من شأنها أن تسهّل الأمر لخطوة أوسع بعدها، أما الانتظار لقطع المسافة بقفزة عالية تختصر المسافات فقد يطول حتى يتقدّم العمر بالعظام فتغدو غير قادرة على القفز، بل قد تصبح غير قادرة على مجرّد الخطو. وفي قضية الحال فإنّ عودة المهجّرين أفرادا مواطنين على النحو الذي وصفنا أحسبه خطوة صغيرة ولكنها تهيّئ لما بعدها من خطوات، فإذا كان النظام الحاكم غير مستعدّ لسبب أو لآخر من الأسباب لحلّ المشكلة برمّتها بما في ذلك عودة المهجّرين في حدودها الأعلى، وإذا كانت المعارضة غير قادرة على إلجائه إلى ذلك كما تبيّن خلال عشريتين، فلماذا لا تعتبر العودة بصفة مواطن جزءا من الحلّ تمهّد لحلول جزئية أخرى متدرّجة يكون النظام الحاكم أكثر استعدادا لها أو أكثر اضطرارا إليها، فتتراكم إذن بالزمن حتى تلامس الحدود المطلوبة، كما كان الأمر بالنسبة للمساجين الذين أُطلق سراحهم أجزاء متتالية نؤمّل ونطالب بأن يُطلق سراح الجزء الأخير منهم الآن أو بعد شهرين على الأقلّ من الآن ( مع الاحتفاظ بالحقّ في اعتبار أنّ ذلك السجن كان ظلما من أصله )، وقد تكون هذه الخطوة الصغيرة تمهيدا لإجراء حوار مع أصحاب القرار تقتضيه المواطنة التي تتمّ تحت مظلتها العودة، ويكون ذلك الحوار بدوره تمهيدا لوئام وطني شامل. لقد سلخ المهجّرون من أعمارهم ما يقارب العقدين وبعض منهم سلخ ما يقارب الثلاثة عقود، وفي هذه المساحة الزمنية حدث من التغيّرات في الساحة الاجتماعية التي نذروا أنفسهم للنضال من أجلها شيء كثير، وربما أصبح الناس في هذه التغيرات غير الناس، والقيم غير القيم، والواقع غير الواقع، وذلك أمر يتزايد بتسارع مع مرور الأيام، ومن المعلوم أنّ النضال من أجل تغيير الواقع من شروطه الأولى المعرفة الدقيقة بذلك الواقع، فإذا ما طالت الغيبة غاب معها هذا الشرط الأول من شروط العمل من أجل التغيير. وهذه العودة المنقوصة موضوع الحديث من شأنها أن تصل العائدين بواقعهم، فيبصرون ما فيه وما هو عليه، فكم من عادات تغيّرت، وكم من ظواهر حدثت، وكم من موازين اختلفت، وكم من إيجابيات ومن سلبيات نشأت أثناء غيبتهم لم يعهدوها، وإنما تناهت إليهم بالسماع فهوّنوا منها أو هوّلوها، ولكن حينما يقفون عليها عيانا فإنهم سيقفون على حقيقة الساحة التي هم معنيون بإصلاحها وتقديم الخير لها، وتحمّلوا ما تحمّلوا من أجلها. إنّ هذه العودة لا تمكّن حقّا من ممارسة العمل السياسي في وجهه التنظيمي لأنها مشروطة بذلك، ولكن ألا يمكن أن تكون بالإضافة إلى ما تقدّم من معرفة الواقع عن كثب فرصة لتعريف العائد بنفسه وبما يحمله من أفكار وإن يكن ذلك تحت سقف الحدّ المشروط، فالساحة التي تطأها عائدا لم تعد تعلم عنك شيئا كثيرا، إذ الجيل الذي تركته وليدا هو اليوم في طور الشباب، بل ربما تكوّنت عنك عند البعض صورة مشوّهة، فلتعرّف بنفسك في الدوائر التي تصل إليها ولو بمجرد السلوك وما تيسّر من القول ليظهر لمن عُمّيت عليه الحقائق أنك مواطن صالح، وأنك تحمل من العلم ومن الشهادات العليا ما تنفع به وطنك، أو تحمل من الخبرة الاقتصادية ومن العلاقات في هذا المجال ما تفيد به بلادك، وأنّك مسلم وسطي معتدل في أفكارك لا علاقة لك بغلو ولا إرهاب كما قد يتوهّمه البعض أو يوهم به، ولتستثمر الفرص المواتية لذلك إلى أقصى حدّ ممكن، بما في ذلك على سبيل المثال فرصة استجوابك من طرف الشرطة في نطاق الترتيبات المشار إليها، فقد تناهى إلى الأسماع من خلال روايات متعددة أنّ الجيل الجديد من هؤلاء أضافوا إلى الأسئلة الأمنية ( بترتيب أو بغير ترتيب) أسئلة تطلب إبداء الرأي في حلّ المشكلة العالقة برمتها، ولا تهمّ في هذا المقام خلفية السؤال بقدر ما تهمّ فرصة الجواب. صحيح أنّ النظام الحاكم ( إذا ما صحّت رواية هذه العودة على نحو ما رويت به ) قد يكون سمح بهذه الخطوة المنقوصة لمصلحته هو في خضمّ التدافع مع جملة المعارضة، ولكنّ الحكيم هو الذي يعمل على تحويل فرصة يبغي منها طرف من الأطراف تحقيق مصلحة لنفسه إلى فرصة تتحقّق منها مصلحة للوطن، والحكمة كما هو معلوم صعبة المراس متعبة الاقتناص ولكنّها محمودة الغبّ مثمرة للخير، فلو استطعت أيها المهجَّر العائد أن تقتنص هذه الفرصة متجاهلا تجاهلا منهجيا خلفيتها من طرف من أتاحها، لتجعل منها خطوة في سبيل حلّ المشكلة العالقة التي طال أمدها، ولتثبّت بها أقدامك على أرض الوطن، ولتسهّل بها على أصحاب القرار في بلادك أن يخطوا خطوات قادمة، ولتجعل منها تفكيكا للمشكلة بالتفصيل حيث لم يمكن بعد تجربة طويلة تفكيكها بالجملة، لو استطعت ذلك تحت سقف الحدّ المقبول من الحفاظ على الكرامة والتمسّك بالمبادئ فإنك تكون قد حوّلت هذه الفرصة مهما كانت دوافعها إلى ما فيه صالح الوطن بأكمله، لأنك تكون قد خطوت خطوة على درب يؤدّي إلى التوافق والوئام، وفي ذلك مصلحة الوطن. والحكيم من إذا أطبق عليه الظلام لم يكتف بالوقوف لاعنا ذلك الظلام، وإنما يهتبل سانحة البرق في لمحته الخاطفة ليتقدّم في طريقه خطوة إلى الأمام. أما الحالم بمشروع حرية زعم أنه هاجر من أجله ليصنعه في المهجر ثم يترقّب الفرص أو يعمل على إحداثها ليعود به في عودة مظفّرة مكتملة الأوصاف أو قريبة من الكمال، فليعلم أنّ مشاريع الأوطان التي يتحدُث عنها لا يمكن أن تُصنع خارجها، وإنما تُصنع فقط داخلها ولو حفرا بالأظافر يحقّق به شبرا كلّ عام، أو نسجا على منوال يتقدّم به خيطا واحدا كلّ يوم، فذلك هو الأضمن والأدوم والأنفع. وليعلم من دخل سوق السياسة بروح الوطنية أنّ هذه السوق مبنية على فنّ الممكن، وهو الفنّ الذي يفرض عليك أن تهتبل الفرص بل أن تسعى في صناعتها لتقتنصها بحكمة في سبيل أن تفوز بمكسب صغير يحمل قابلية النموّ إذ هو خير لك من أن تبقى مفلسا لا تفوز بشيء في انتظار مغنم كبير قد يكون من نسيج الأوهام، وفي سبيل أن تخطو خطوة إلى الأمام مهما كانت صغيرة، فإن الخطوة الصغيرة تمكّنك من الخطوة الأكبر، بينما الوقوف لا يتقدّم بك شيئا، وإنما إذا طال يصيبك بالتورّم فيكون السقوط، والخطى التي نتحدث عنها والمؤدّي الأصغر منها إلى الأكبر ليست مصالح شخصية أو فئوية أو حزبية، وإنما هي المصلحة الوطنية التي ينبغي أن تُوجّه كلّ الفرص صوبها بما في ذلك هذه العودة بصفة المواطنة في نطاق المواصفات التي ذكرنا إذا ما أُحسن استثمارها لتدرج في نطاق مسار الوئام الوطني على نحو ما وصفنا. إنّ من يرفض هذه العودة باعتبار أنها « خلاص فردي » سيظلّ يوهم نفسه بعودة مظفرة يعمل دون وعي منه على نقض أسبابها التي من بينها هذه العودة المرفوضة بسبب أنها خلاص فردي، فعودتك مواطنا بالسقف الذي اشترطناه من كرامة المواطنة ولو في الحدّ الذي لا يرتقي إلى الطموح ستكون لك لو أحسنت استثمارها موطئ قدم ثابتا تحاور منه في سبيل تحصيل المكسب الأعلى الذي قد ينتهي بعودة الحلول الشاملة، وللحوار أشكال متعدّدة تبدأ بالحوار الصامت بمجرّد الحضور في الساحة، وتنتهي بالاتصال المباشر بأصحاب القرار من أجل الوصول إلى وفاق. أما المكوث وراء البحار في انتظار العودة بالمشروع الذي صُنع هناك، أو في انتظار هبوب رياح للتغيير لا يمتلك المنتظرون أسبابها، فهو خيار لا أرى فيه إلا مراهنة على الأوهام عند البعض، وتهيّبا غير مبرّر لاقتحام الممكن مهما كان صغيرا والعمل على تنميته ليصير كبيرا عند البعض الآخر، واجترار عند الجميع لأوجاع الاغتراب التي إذا ما استفحلت بطول الانتظار قد تنسي العودة إلى الوطن من أساسها. فياأيها الحالم بعودة مظفرة تحمل معها مشروعا للحرية صنعته في الخارج رافضا ما سمّيته بعودة « الخلاص الفردي » تبغي به خلاصا جماعيا شاملا أبشر بإمكانية راجحة لانتظار قد يطول فيسلخ من عمرك عشرية أخرى أو عشريتين، فإذا أنت الذي هُجّرت تصبح غيرك أنت الذي تعود إن قُدّرت لك العودة، حيث تناوشتك مصاعب الاغتراب وفتنه وغواياته، وهدّك تقدّم العمر وبعد الشقّة عن الوطن، وإذا هذا الوطن قد تشكّل على غير ما كنت تعهد بل على غير ما كنت تتمنى، فينكرك إذن الواقع الجديد وتنكره، وتجد نفسك غريبا في وطنك، وحينئذ ربما تساءلت في نفسك قائلا: هل كان خيرا لي أن أقتنص ذلك « الخلاص الفردي » الذي طُرح عليّ ذات يوم بحدوده المنقوصة ولكن بسقف كرامة المواطنة، ثمّ أعمل على تطويره بالحكمة ليصبح « خلاصا جماعيا »، ثم أعمل على تطويره بالحكمة أيضا ليصبح وئاما وطنيا؟ وعليك الآن وأنت في سعة من أمرك أن تستحضر الجواب على ذلك التساؤل، فإن الزمن لا يعود إلى الوراء، وأحكام التاريخ لا تقبل الاستئناف. والله ولي التوفيق (المصدر: المنتدى الكتابي لموقع الحوار.نت (ألمانيا) بتاريخ 21 أوت 2007)
مباحثات تونسية ـ امريكية لتعزيز علاقات التعاون الثنائي
تونس ـ وكالات: بحث رئيس الوزراء التونسي محمد الغنوشي امس الاثنين سبل تعزيز علاقات بلاده مع الولايات المتحدة الأمريكية مع وفد من الكونغرس الأمريكي برئاسة النائب الديمقراطي عن ولاية ايلينوي جيري كوستيلو. وقال مصدر رسمي ان المباحثات بين رئيس الوزراء التونسي وأعضاء وفد الكونغرس الأمريكي تناولت عددا من المسائل الثنائية والقضايا الدولية الراهنة. وأشار الي أن رئيس الوزراء التونسي أكد خلال هذه المحادثات علي أهمية التشاور الذي يميز العلاقات التونسية ـ الأمريكية، وعلي استعداد تونس وحرصها علي دعم العلاقات بين البلدين. وفي المقابل، أعرب كوستيلو، عضو لجان العلوم والتكنولوجيا والنقل والبني التحتية في الكونغرس، في تصريح أدلي به عقب هذه المحادثات عن ارتياحه للمستوي المتميز للعلاقات التونسية الأمريكية القائمة علي صداقة عريقة وثقة واحترام متبادلين . وأشار الي أن الزيارة الحالية لوفد الكونغرس الأمريكي الي تونس ستتيح الفرصة لمزيد دفع علاقات التعاون التي تربط البلدين . ومن جهته، أعرب جون دانكان النائب الجمهوري عن ولاية تينيسي وعضو لجان الموارد الطبيعية والنقل والبني التحتية، عن أمله في مزيد دعم العلاقات التونسية الأمريكية، وبخاصة في مجالي السياحة والنقل. يشار الي أن العلاقات التونسية ـ الأمريكية التي بدأت عام 1797 بالتوقيع علي اتفاق بين البلدين يتعلق بالصداقة والتجارة والبحرية، شهدت خلال السنوات القليلة الماضية تطورا ملحوظا، انعكس علي مختلف مجالات التعاون الثنائي. واستفادت المبادلات التجارية بين البلدين من هذا التطور، حيث سجلت رقما قياسيا خلال العام الماضي، بعدما بلغ حجمها الاجمالي 588 مليون دولار (445 مليون دولار صادرات تونسية، مقابل واردات بقيمة 143 مليون دولار). كما ساهم هذا التطور في ارتفاع الاٍستثمارات الأمريكية في تونس التي بلغ حجمها العام الماضي 600 مليون دولار، حيث تتمركز في تونس حالياً 55 مؤسسة أميركية أو تساهم غالبيتها في قطاعات الطاقة وتكنولوجيات الاتصال والتجهيزات الطبية. (المصدر: صحيفة « القدس العربي » (يومية – لندن) الصادرة يوم 21 أوت 2007)
تونس: اعتقال 15 شخصاً من عبدة الشيطان
تونس ـ يو بي آي: قالت صحيفة تونسية امس الاثنين إن السلطات الأمنية تمكّنت من القبض علي أكثر من 15 شابا لهم علاقة بقضية عبدة الشيطان التي تم الكشف عنها قبل شهرين. وبحسب صحيفة الأسبوعي فإن عملية القبض علي هؤلاء الشبان تمت قبل أيام، وقد وجّهت لهم تهمة الإنتماء لـ جمعية غير مرخص لها (أي جماعة عبدة الشيطان) . وكانت السلطات الأمنية التونسية قد إعتقلت خلال شهر يونيو/حزيران الماضي نحو 70 شابا وشابة أغلبهم من طلبة الجامعات والمدارس الثانوية بصدد ممارسة طقوس ما يعرف بـ عبدة الشيطان في سرية تامة. وأشارت تقارير في حينها إلي أن هؤلاء الشبان إختاروا أكثر من مكان وسط تونس العاصمة لممارسة طقوسهم المتمثلة في الرقص علي أنغام موسيقي الهارد روك الصاخبة،وذبح كلاب وقطط سوداء، وشرب دمائها وممارسة الشذوذ الجنسي الجماعي . ويتميز أفراد هذه الجماعة في تونس بوضع عصابة سوداء عريضة علي معصم اليد اليمني، وإرتداء ملابس وقبعات سوداء عليها صور لجماجم بشرية وحمل حقائب وإكسسوارات تحتوي علي اللونين المفضلين: الأحمر والأسود. كما يستخدم أعضاء هذه الجماعة أسماء غريبة فيما بينهم مثل عزرائيل ،فيما تعمد الإناث إلي طلاء أظافرهن باللون الأسود، بالإضافة إلي وضع كميات كبيرة من الكحل علي العينين لجعلها شديدة السواد. يشار إلي أنها المرة الأولي التي يكشف فيها النقاب عن عبدة الشيطان في تونس. (المصدر: صحيفة « القدس العربي » (يومية – لندن) الصادرة يوم 21 أوت 2007)
متابعة:طقوس غريبة في حفلات حمراء صاخبة عشرات من «عبدة الشيطان» في قبضة الأمن
واحد غيّر اسمه ليصبح عزرائيل وثان أطلق على عنوانه الباب الاول للجحيم ضبطت السلط الأمنية في شهر جوان الفارط نحو سبعين شابا وشابة اغلبهم من طلبة الجامعات بصدد ممارسة طقوس ما يعرف بــ«عبدة الشيطان» كما اوقفت منذ ايام حوالي 15 شابا للتحري معهم حول شبهة الانتماء لهذه «الجمعية غير المرخص فيها» وهو ما يوحي بان هذا السلوك المنحرف والمتخلف الذي ظهر في الغرب منذ عدة سنوات امتد لبلدنا بعد أن كان ظهر في عدة بلدان عربية واسلامية أخرى مثل الكويت ولبنان والأردن ومصر وايران. فمن هم «عبدة الشيطان»؟ كيف ظهروا؟ وما هي رموزهم وطقوسهم؟ ولماذا هرع عدد من شبابنا الى ممارسة افعال هذه الفئة الشاذة في المجتمعات الغربية؟ هل هو التقليد الأعمى أم غياب الوعي؟ هكذا تعرف «عبدة الشيطان» وهكذا يتصرفون تاريخ «عبدة الشيطان» «عبدة الشيطان» قوم اتخذوا من ابليس (لعنه الله) معبودا وجعلوا منه الاها يتقربون اليه واخترعوا لهم طقوسا وترهات وافعالا شاذة سموها عبادات يطلبون بها رضاه. وذهب بعض المؤرخين الى ان هذا الفكر المنحرف بدأ في القرن الأول للميلاد عند «الغنوصيين» الذين كانوا ينظرون الى الشيطان على انه مساو لله في القوة والسلطان ثم تطور عند «البولصيين» الذين كانوا يؤمنون بان الشيطان هو خالق هذا الكون كما وجد هذا السلوك المنحرف في بعض «فرسان الهيكل» الذين انشأتهم الكنيسة ليخوضوا الحروب الصليبية عام 1118 ميلادي وهزمهم صلاح الدين عام 1291م واعدم رئيسهم «جاك دي مولي» وكان اتباعه صوروا الشيطان على شكل قط اسود ووجدت عندهم بعض الرموز كالنجمة الخماسية التي يتوسطها رأس كبش. هذا السلوك الشاذ اختفى لزمن طويل قبل ان يعود في العصر الحديث وتؤسس له جمعيات في الغرب مثل ona في بريطانيا وosv في ايرلندا و«معبد ست» في أمريكا و«كنيسة الشيطان» وهي اخطر هذه الجمعيات وقد اسسها الساحر اليهودي «انطون لافي» عام 1966 ولها فروع في امريكا واوروبا وافريقيا طقوس عبدة الشيطان تراوح طقوس هذه الفئة بين امرين الاول يتعلق بالطقوس الجنسية الشاذة والتي تصل احيانا الى درجة مقززة ممجوجة للغاية والثاني يتعلق بالطقوس الدموية التي يخرج فيها هؤلاء عن الادمية الى حالة لا توصف الا بانها افعال شيطانية والتي لعل ادناها شرب الدم الادمي المجمع من جروح الاعضاء واقصاها تقديم القرابين البشرية اثناء القداس الاسود أي اثناء الحفل الذي تقيمه هذه الجماعة في مكان عادة ما يكون سريا. ولكن تبقى مثل هذه الطقوس القصوى بعيدة عن «عبدة الشيطان» في بلادنا ولو ان عددهم قليل جدا ويعدون على الاصابع فان الاحتياط واجب من تفشي سلوكهم لدى شبابنا والمعتمد خاصة على الموسيقى الصاخبة لجلب عبدة جدد فموسيقى الهافي ميتل والهارد روك تعتبر السلاح الأكثر في استقطاب الشباب والمراهقين والتاثير على افكارهم وسلوكياتهم باعتبارها «الجسر الراقص الذي تعبر من خلاله تلك الافكار الينا» على حد قول كاتب كتاب «عبدة الشيطان» «النبعلي». فهؤلاء المنحرفون ومع حرصهم على اختيار نوع من الموسيقى ذات الصخب العالي يحرصون على خلطها باغان تنشر افكارهم وتدعو اليها مثل «ايها الشيطان.. خذ روحي.. ويا غضب الاله دنسها بالخطيئة وباركها بالنار.. لا بد ان اموت.. الانتحار.. الانتحار.. لابد ان اموت». فهذه الكلمات تردد في حفلات عامة في اوروبا ويحضرها الالاف من الشباب اكثرهم من المراهقين كما بات شبابنا حافظا لبعضها اليوم مرددا لها دون أن يعلم احيانا معناها الحقيقي. فالموسيقى اذن عند «عبدة الشيطان» وسيلة لتعطيل الحواس البشرية ونوع من انواع التخدير العقلي حتى تقبل افكارهم دون تمعن أو تفكير وهو ما يحصل مع بعض شبابنا الذين اصبحوا يدمنون الاستماع لهذا النوع من الموسيقى الصاخبة سهرة «عبدة الشيطان» حفلات وسهرات «عبدة الشيطان» فيها الكثير من الجنون والشذوذ والانحراف الاخلاقي اذ يبدا الحفل عادة بتدخين جماعي للمواد المخدرة والخمور والجعة ثم ينطلق مع دوران الرؤوس رقص هائج والاعين مغمضة ثم يرفع الراقصون ايديهم الى اعلى كما لو كانوا يدعون شيطانهم الاكبر للحلول بينهم وهذا موجود عندنا ويمارسه شبابنا حتى من غير العابدين للشيطان ثم يتعمدون ذبح القطط السوداء والكلاب وشرب دمائها وممارسة الشذوذ الجنسي الجماعي اللون الأسود مقدس يرتبط اللون الأسود في حياتنا اليومية بالشر والموت واشد انواع السحر هو السحر الأسود واللون الأسود عند «عبدة الشيطان» مقدس اذ كشفت معلومات ان اتباع هذه الفئة في تونس يميزون انفسهم بوضع عصابة سوداء عريضة على معصم اليد اليمنى وارتداء ملابس وقبعات سوداء مرسومة عليها صور لجماجم بشرية (مثل شعار القراصنة) ويطيلون شعورهم التي يحلقونها بطرق غريبة. اما عابدات الشيطان فانهن يتعمدن اطالة اظافرهن وطليها باللون الاسود وطلاء شفاههن باللون الاسود ويضعن كميات كبيرة من الكحل على العينين مما يجعلها شديدة السواد ويتزين بالحلي الفضية ذات الاشكال غير المألوفة التي تعبر عن افكار شاذة وموغلة في الانحراف الاخلاقي والديني. تونسي غير اسمه من محمد الى عزرائيل ومن غرائب من يطلقون على أنفسهم «عبدة الشيطان» في تونس انهم يستعملون فيما بينهم اسماء غريبة حتى ان احدهم (القي القبض عليه في شهر جوان الفارط رفقة عدد اخر من رفاقه) غير اسمه من محمد الى «عزرائيل» في حين اختار اخر عنوانا جديدا لمكان اقامته اطلق عليه الباب الاول للجحيم ولــ«عبدة الشيطان» في العالم رموز جعلوا من بعضها لغــة للحــوار فيـما بينهـم فرأس الكبش عندهـم «بافـومي» baphomet)) وهو الشيطان الرمز المقدس لديهم كما جعلوا من العين الثالثة الموجودة على الدولار الامريكي شعارا مشتركا بينهم وبين الماسونية وكلمة «ين – يانغ» yin yang)) وهي شعار بين الماسونية و«عبدة الشيطان» فــ«ين» تعني الهلال الذي يمثل الهة القمر(ديانا) و«يانغ» تعني النجمة التي تمثل الهة الحب (فينوس). كذلك لــ«عبدة الشيطان» رموز ومصطلحات اخرى فلوحة «منطقة الجنس» المثبتة في أماكن اثناء حفلاتهم ترمز الى ان المنطقة خاصة للطقوس الجنسية فقط ورقم 6 مقدس عندهم اسباب هذه الظاهرة لعل من السهل تحديد اسباب وجود هذه الظاهرة في اوروبا أو امريكا ولكن من الصعب معرفة اسباب وجودها في البلدان العربية والاسلامية غير ان مختصا في علم النفس يرى ان العدد الكبير الممثل لــ«عبدة الشيطان» من المراهقين والشبان الذين يسهل جذبهم لعالم مليء بالجنس والحرية غير المحدودة التي هم في حاجة اليها بسبب الكبت الذي يعانون منه لخصوصية الدين الاسلامي واضاف: «نشر الاباحية بصورة كبيرة من قبل الفضائيات الغربية يساهم في اثارة النزوات كذلك تمرير الاغاني الماجنة والصاخبة على هذه القنوات وعلى مدار الساعة يساهم بدوره في نشر الفكر الهابط ولكن الطريقة المعتمدة في البث تجذب هذه الفئة (المراهقون والشباب) وتبهرهم فتراهم ينساقون وراءها عن طواعية وهو ما يجعلهم لاحقا لقمة سهلة المنال لاصحاب الأفكار الشاذة التي ما انفكت في مختلف الدول الاوروبية والغرب بصفة عامة تدعو الى الدفاع عن حرية الفكر والاعتقاد حتى وان كانت انحرافا تاما للاخلاق وهو ما يتبناه ما يسمى بــ«عبدة الشيطان» في العالم ويحاولون بكل الوسائل نشر الفن الهابط والأفلام الهابطة التي تثير غرائز المراهقين والشبان فينساقون وراء اصحاب هذا الفكر دون ادنى تفكير أو تحكيم للعقل» واضاف «ان الغرض الاساسي لــ«عبدة الشيطان» اشباع الغريزة الجنسية اشباعا تاما بغض النظر عن الوسيلة فهم يبيحون ممارسة الجنس بجميع صوره المعقولة وغير المعقولة حتى بين أفراد الجنس الواحد اي اتصال الذكر بالذكر أو الانثى بالانثى كما يؤمن افراد هذه الفئة باباحة كل انثى لكل ذكر» الأسرة في قفص الاتهام عند الحديث عن الحلول المتوفرة للوقاية من هذا الداء الذي بدا ينخر بعض المجتمعات العربية والاسلامية وصرنا نشاهد من حين لاخر مظاهره لدى بعض شبابنا في تونس وخاصة لدى بعض التلاميذ والطلبة منهم لابد من التطرق الى مسألة الأسرة التونسية التي باتت تسمح لابنائها بمتابعة الأفلام الهابطة والكليبات الماجنة ذات الموسيقى الصاخبة دون ادنى رقابة وبربط علاقات مشبوهة والسهر خارج البيت وحتى النوم خارجه دون معرفة مكان تواجد الابن المراهق أو البنت الشابة وتركهم يحضرون حفلات خاصة جدا بأماكن غير محددة مع اشخاص يجهلونهم تماما. لذلك لابد للعائلة – وقائيا – أن تراقب ابناءها ولا تتركهم فريسة بين اياد مشبوهة. صابر المكشر
(المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 20 أوت 2007)
تونس وعبدة الشياطين: خطوة أمنية في الاتجاه الصحيح
مرسل الكسيبي (*) كنت قد كتبت بتاريخ 24 جوان 2007 تحقيقا عن مخاطر سكوت الدولة التونسية وصمتها على ملف عبدة الشيطان , وقد قصدت بلا شك تحسيس أجهزة الدولة وأركان المجتمع المدني بمخاطر هذه الظاهرة وتهديداتها لأمن واستقرار المجتمع , ولعلني كنت متوقعا بعد فترة من صدور هذا التحقيق ونشره على أكثر من صحيفة عربية وشبكة اخبارية ردة فعل ايجابية من السلطات التونسية باتجاه رصد وضبط هذه الشبكات التي وصل بها الأمر الى اختراق قلاعنا المدرسية والجامعية و تسميم أفكار الناشئة بعقائد وطقوس غاية في البشاعة والدموية . وفي رصد فعلي لما كتبه أنصار هذه الشبكة كردة فعل على تقريري المنشور قبل شهرين حول الموضوع تفطنت الى أحد المواقع الاليكترونية التي يديرها مجموعة من التونسيين المتعاطفين أو الداعمين لهذه المجموعات المنحرفة , حيث انهال علي هؤلاء بشتائم وسباب ليس له رائحة غير رائحة العداوة والازدراء والتحريض … اليوم طالعت خبرا لوكالة اليونايتد برس انترناشيونال مفاده القاء السلطات التونسية القبض على مالايقل عن 15 عشر عضوا من عناصر هذه الشبكة الشبابية المنحرفة والتي وصل بها الأمر بحسب تقارير سابقة الى تجنيد فتيان وفتيات في عمر الزهور تمهيدا لادخالهم في دورات القداس الأحمر والأسود , حيث تتحول الأعراض والأجساد الى كلأ مباح مابين القتل والاغتصاب وتعاطي المخدرات والترويج الى طقوس سحرية تصل في قمة احتفاليتها الشيطانية الى التمثيل بالأعضاء البشرية وقتل الأطفال وتقطيع أعضائهم التناسلية كما هو حاصل مع تجارب سابقة في أمريكا اللاتينية … مثل هذا الخبر الذي يرصد تحولا ايجابيا كبيرا في تعاطي السلطات التونسية مع هذه المجموعات المنحرفة والمهددة لمستقبل وتطلعات ناشئتنا , لايمكن أن يلقى من قبلنا الا كل الترحيب والارتياح, وهو يعد حين وقوعه مكسبا ايجابيا أيضا للسلطة الرابعة التي استطعنا من خلالها وبامكانيات ضعيفة جدا أن نسلط الأضواء على ظاهرة خطيرة لا نريد لمجتمعنا الاكتواء بنار فواجعها . تحصين أمن ناشئتنا ومستقبلنا من ظواهر الانحراف والتطرف الفكري والسلوكي لايعد بالمناسبة مسؤولية حصرية نلقيها على كاهل الجهاز الأمني والرسمي في تونس , بقدر ماأنه مسؤولية جماعية لابد أن نحيطها بكبير العناية التربوية والتعليمية والتثقيفية داخل أطر وفضاءات مجتمعنا المدني , وهو مايعني أن سلبية المجتمع الأهلي وسكوته على مثل هذه الظواهر يعد مسؤولية تقصيرية قد تصل الى مستوى الجناية حين نعلم مخاطر ماأحدثه عباد الشيطان من مفاسد وانحرافات وصلت الى حد تهديد الأمن القومي في الولايات المتحدة الأمريكية حين عمدت بعض عناصرهم الى احراق العشرات من الكنائس وتدمير وتخريب مكتسبات جماعية تعبر عن الانتماء القومي والديني لمجتمع افتخر كثيرا بتحضره واستقراره الأمني . واذا كنا وطنية واعتزازا بانتماء تونس الى دائرة الدول ذات الانتماء الحضاري والديني العريق نرفض مثل هذه الشبكات الخطيرة والدخيلة على بلدنا ومجتمعنا , فاننا كذلك نعتبر أن مفهوم دولة القانون والمؤسسات لابد أن يكفل للأجيال الجديدة وللمجتمع كله الحماية من مخاطر القتل والجريمة والسفك والتلذذ بشرب الدماء والاغتصاب وترويج المخدرات وممارسة الطقوس السحرية الهادفة الى الاخلال بالسير الطبيعي للحياة والنظام العام . مرة أخرى نحيي في صدق رجال الأمن الوطني الذين وضعوا أيديهم على عناصر هذه الشبكة ونرجو من القائمين على تسيير الأمر تونسيا توسيع دائرة المشورة التربوية والدينية والبيداغوجية والاعلامية في كيفية التصدي لمثل هذه الظواهر الاجتماعية المنحرفة , كما ندعو السلطات التونسية الى التقيد بأحكام القانون وتشريعات حقوق الانسان عند انتزاع أي اعترافات من عناصر هذه الجماعات , وهو مايضفي شفافية حقيقية على أي تتبع عدلي قد ينشأ عن التحقيق في ملف لابد أن نعالجه تربويا وتثقيفيا وتوعويا بالتوازي مع استعمال أساليب الردع مع من أصر على أن يكون خادما للشيطان وأشاع الفاحشة والفتنة وطقوس الرذيلة والدم المسفوح في الذين أمنوا وامنوا . (*) رئيس تحرير صحيفة « الوسط التونسية » (المصدر: صحيفة « الوسط التونسية » (اليكترونية – ألمانيا) بتاريخ 21 أوت 2007)
وقفة خفيفة مع سلوى الشرفي
كتبه: عبدالحميد العدّاسي
كثير من التناغم يُلحظ بين جَهلة العالم الإسلامي الذين ابتلينا بهم في الشارع وفي المجالات الحيوية بتصرّفاتهم المتخلّفة بل والدنيئة في بعض الأحيان، وابتلينا بهم في الفضاء الافتراضي (الإنترنت) بتساؤلاتهم الرّكيكة المعبّرة عن جهلهم وخوائهم الفكري والمعرفي وعدم حيائهم وغياب أدبهم، وبين الدكتورة التونسية سلوى الشرفي صاحبة النسب العالي والحسب الغالي، وهي تنقل عنهم أو تضع لهم استفتاءاتهم لمعرفة هذا الدّين الذي استعصى على « كثير من التونسيين » فهمه، رغم تقدّم الوسائل التعليمية والإيضاحية والبيداغوجية في هذه الأعوام الأخيرة…
فقد تابعت باستغراب شديد ما ورد على لسان هذه الدكتورة « الجسورة » فيما نقلت صحيفة تونس نيوز الغرّاء عنها من موقع الأوان بتاريخ 20 أوت 2007، حيث لم تتدّخر جهدا في الاستهزاء بالرّسول الكريم صلّى الله عليه وسلّم وبحِبّه عائشة أمّ المؤمنين رضي الله عنها، ولم تقصّر في التشكيك في كمال القرآن: ففيه (كذبت وخسأت) الأخطاء النحوية وأخطاء الرّسم وفيه التعدّي على الآخرين من غير المسلمين وفيه النظرة الدونية للمرأة بالمقارنة مع الرّجل، إلى غير ذلك من الأمور السافلة التي حشت بها مقالها، ما يجعل كلّ مسلم (مهما قلّ تديّنه) يجزم بأنّ هذه المرأة لا تعرف الله ولا تؤمن به، ولو فعلت لخشيته وخافته ووقّرته، ولحسبت لكلّ حرف تكتبه أو تنقله ألف حساب… كما تجعلني أؤكّد على معنى كنت أشرت إليه سابقا، وهو المتمثّل في أنّ كلّ مَن قصرت قامته وقلّ شأنه وفسدت سريرته وجبُن عن مواجهة أنداده من البشر بمقاومة ظلمهم أوترشيدهم ونصحهم، انزوى في ركن المهملات ليُعلن الحرب على ربّه…
لعلّ الأمر لا يعنيني طالما أنّ الحرب بينها وبين الله، وطالما تيقّنتُ أنّها مغلوبةٌ مدحورةٌ خاسرةٌ، ولكنّي تأثّرت بمقالتها لأنّها تحمل صفة أحملها (تونسية)، ولأنّها – بوصفها إمرأة – تسيء كثيرا إلى أمّي وزوجي وأختي وعمّتي وخالتي وجارتي ومعلّمتي وأستاذتي ومحاميّتي وزميلتي في الشغل وإلى المرأة التي أرى وألاقي في الشارع أو أشاهد على الشاشة، ممّن لم تشكّ يوما في أنّها شقيقة الرّجل وأنّها الأقدر منه في كثير من الميادين وأنّها مربّيته وحاضنته وموجّهته ومعدّته للمهامّ المنتظرة في حياته ومساعدته، وأنّها الممتنّة لربّها على نعمه الكثيرة وآلائه الوفيرة، ثمّ لأنّها عار على لقبها (الدكتورة) وقد رسّخت لدى القارئ وقوفها عند سفاسف الأمور واستجداء الوضيع من القوم للوقوف معها لمؤازرة أفكارها المتخلّفة الشاذّة كهذه التي تقول عنها: « وباستثناء هذه « النعاج الجرباء »، فإن بقية الأصناف تجمع بينها الحيرة في التعامل مع المرأة، بما فيها المرأة نفسها التي سلبت من ذاتها فأصبحت لا تعرف كيف تتصرف مع جسدها. وقد تجاوزت الأسئلة الخاصة بهذا الجنس « الآخر » عدد الاستفتاءات المتعلقة بالتعامل مع « الآخر » المختلف دينيا. فإذا كان الذمي مهمّشا، فإن المرأة مقصيّة تماما عن الفضاء العام وممنوعة حتى من بعض مجالات الحياة الاجتماعية النسائية … »…(*)
قلت: أنا لا أدري إن كانت هذه الدكتورة من »النعاج الجرباء » أم من الكلاب الحارسة المتربّصة بالنّعاج، مع أنّ معرفة ذلك لا تهمّني، ولكنّي أردت فقط لفت النّظر إلى هذا « الإبداع » في الاستنباط، حتّى لتجد نفسك متسائلا عن العصر الذي تعيش فيه هذه الدكتورة باستعمالها لفظ « الذمّيّ » مثلا، وحول ماهية هذا المخلوق (المرأة) الذي تحكي عنه، والذي لفرط ما أهمّها أنساها ربّها!…
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(*): التسطير في الفقرة من عندي، قصد لفت النّظر!…
سياسة تلميع الصورة والحرث في البحر
بقلم: آمال موسى (*)
تتعاطى الدول العربية مع صورتها في الخارج، بكثير من القدسية وترى فيها شرفها الذي يجب ألا يمس لا من قريب أو بعيد.
لذلك لم تتوان العديد من دولنا في اعتناق سياسية ما تسمى بتلميع الصورة، فوفرت لها المؤسسات اللازمة والموارد والآليات والإطارات، التي تؤمن عملية التلميع الباهظة الثمن خاصة بالنسبة الى بلدان تنتمي الى العالم الثالث، وبحاجة الى الموارد المالية للتقدم في مشاريعها التنموية وإشباع توقعات شعوبها المنهكة بطالة وفقرا.
وللعلم، فإن سياسية تلميع الصورة، هي «سوفياتية» الموطن والمطبخ وتتحمل الى جانب سياسات أخرى مسؤولية انهيار الاتحاد السوفياتي، كقوة سجل التاريخ عظمتها لفترة طويلة.
ولكن هل من المعقول أن تواصل بعض الدول العربية، تجسيد سياسية تلميع الصورة والحال أن منتجها، قد سقط وانتهى أمره؟
نطرح هذا السؤال، لأن أنظمتنا العربية، تصر على اتباع سياسة تقليدية، تعتبر نتاج ثقافة سياسية أعلنت إفلاسها بشكل لا تنقصه الفجيعة.
وهذه النقطة في الحقيقة تعكس حالة غيبوبة تعيشها بعض عناصر النخب السياسية الحاكمة في الدول الغربية. ذلك أن الاصرار على المضي قدما في تبني سياسية لا تعود بالجدوى على المعتقدين فيها، يعد ضربا من الجهل غير مقبول بالمرة. فهذه الأموال الطائلة التي تدفع لبعض المنابر الاعلامية والامتيازات الاستثنائية لبعض الأقلام، كلها ذاهبة سدى، كمن يحرث في البحر وينتظر موسما مثمرا.
ويتضاعف إفلاس سياسة تلميع الصورة، بظهور الفضائيات الاخبارية وفتح ملفات الفساد، فأصبحت الشعوب العربية على دراية بكل كبيرة وصغيرة، تهم دولها. بمعنى أن الفضائيات العربية الكبرى كشفت المستور وهتكت المسكوت عنه وعرت النخب السياسية الحاكمة من أسرارها، الى درجة أصبحت فيها سياسة تلميع الصروة أمرا مضحكا للشعوب. وهي نتيجة متوقعة لأن الفضائيات عملت على إنتاج الصورة، التي تراها واقعية وحقيقية وصادقة، الشيء الذي أنتج مقارنة آلية لا شعورية مع الصورة الملمعة والمزيفة.
ولعل تجاذب الشعوب العربية بين الصورتين، قد زاد في ضعف ثقتها بالنخب الحاكمة، فإذا بكل الارقام الصحيحة منها والمبالغ فيها مشكوك في صحتها والمعلومات مطعون في نزاهتها، أي أن سياسة تلميع الصورة لعبت دورا مضادا وعكسيا وبدل تعزيز مكانة الدولة، قامت بإضعاف مصداقيتها، وبالتالي إصابة مشروعيتها السياسية بالهزال والتهرئة.
إن الثورة التكنولوجية في عالم الاتصالات واعتماد العالم خطابا مدافعا عن حقوق الانسان، وكذلك ربط القوى الكبرى مسألة الدعم وتقديم الإعانات، وأيضا مساعدة بعض البلدان العربية في التنمية وتأهيلها على أكثر من صعيد اقتصادي، كل هذا بات مشروطا بإنتهاج سياسة الشفافية والقيام بالإصلاحات اللازمة وقطع خطوات مشجعة في مشروع الديمقراطية.
لذلك فإن المتغيرات الجديدة في موازين القوى والعلاقات الدولية، لا يمكن أن تنسجم بالمرة مع أسلوب تلميع الصورة في سياق أصبحت فيه معرفة الأمور على عواهنها، والصورة بملامحها الحقيقية ملكا مشاعا للجميع.
لذلك فإن النخب السياسية الحاكمة الواعية بمجريات الأمور داخليا وخارجيا، هي التي تقطع مع كل ما يضر بمصلحتها وبميزانيتها وبدل هدر المال على التلميع، من المجدي التفكير في كيفية تمزيق الصورة المشوهة، التي تحاول نخبنا السياسية التستر عليها وتلميعها بشكل يجعلها أكثر تشوها.
وكل المؤشرات الموجودة اليوم تلح على ضرورة تمزيق كل الصور المزيفة وغلق مؤسساتها والانطلاق في خلق صورة حقيقية وطموحة تستمد إشراقتها ولمعانها من صدق واقعها. والمقصود بعملية التمزيق المذكورة توخي الجدية ومحاربة كافة أشكال الفساد ومنح القدسية للشفافية ولاستقلالية القضاء وحقوق الانسان ولحرية الاعلام والحريات العامة والمشاركة السياسية الموسعة.
هكذا نمزق صورة مزيفة ونرسم بعرق طيب الرائحة صورة لامعة.. ولكن من دون تلميع ثقيل الفاتورة والجهل.
(*) كاتبة وشاعرة من تونس
(المصدر: صحيفة « الشرق الأوسط » (يومية – لندن) الصادرة يوم 21 أوت 2007)
بُـؤس عـربيّ هـادر!!!
بقلم: برهان بسيس تفجيرات الأسبوع الفارط في العراق كانت الأْعنف منذ سقوط النظام السابق سنة 2003. أكثر من ألف مدني بين قتيل وجريح في حصيلة مرعبة مرّت مرور الكرام موقف الحكومة العراقية اللاّمبالي مفهوم ومبرّر باعتبارها حكومة عاجزة مهووسة بحسابات القسمة والمحاصصة الطائفيّة ومهتمّة بشكل عبثي بما يسمى بـ«العمليّة السياسية» وكأنّ أزمة ومأزق ومشكل الشعب العراقي هو أولا وأخيرا نجاح العملية السياسية في بلد غابت عنه الحاجيات الأساسية الدنيا لتسهيل حياة المواطنين. طبعا للاحتلال الأمريكي مسؤوليته الكاملة في حالة الفوضى التي جعلت العراق مرتعا للارهاب والارهابيين لكن ما يجلب الانتباه حقا ليست لا مبالاة هؤلاء – الاحتلال والحكومة – بل حالة البرود الشديد التي تتعامل بها النخب السياسية والفكرية العربية مع مثل هذه المجازر البشعة. صمت مطبق ينمّ عن انحرافات نفسية أصابت جهاز مفاهيمنا ومشاعرنا، عقل النخب النشيطة في عالمنا العربي لا يأبه إلا لضحايا القتل الأمريكي أو الاسرائيلي أما جرائم الارهاب فتلك مقاومة شرعيّة نباركها تارة بالتصريح وطورا بالتلميح عبر الصمت الموحي عن إدانتها. من مخادعنا الغارقة في هموم اليومي وهزائمنا الذاتيّة نعبث بإصدار المواقف وتمجيد القتل والدم بمرادفات سوداء تعكس حجم الاختلال والمرض، لبست الكرامة ثوب الدم والجثث المتفحّمة واختزلت المقاومة في القتل والتفجير ولا أحد يستطيع في أجواء الارهاب الفكري أن يطلب هدوءا أو رويّة أو شيئا من النظر النقدي للوقائع في نسبيتها. الاختلالات في نفسية الجموع مفهومة في ظلّ أزمتها الغائرة في فكرها وتنميتها ومجتمعها أما أن تتحوّل النخب القائدة إلى كائنات سادية تقدّس الدم مهما كان العنوان فذاك ما يؤكد المصير المشؤوم لأمة يتقاسم الفعل والتأثير فيها المقاتل الانتحاري والمثقف الانتحاري. نرفض الاحتلال ونساند حريّة الشعوب تلك ثوابت الفكر الحرّ والقيم النيّرة أما أن ننقلب إلى كائنات شوفينيّة معقدة فتلك هي المصيبة التي يمكن أن تلحق بمشروع التحرّر الوطني كصيغة فكرية وسياسية ثابتة في مواقفها الرافضة للاستعمار والهيمنة وكصيغة جماليّة مقدّسة لقيمة الحياة. مع احترامي لكل الآراء والمقاربات والقناعات ولكن أجد نفسي حائرا حين أعاين معارك انتخابيّة داخل دوائر نخبويّة نيّرة في بلادي كالمحامين أو رجال التعليم تحسمها درجة الحماس والصياح لفائدة المقاومة في العراق – ترى أية مقاومة تحديدا؟!! – والكفاح الوطني في أفغانستان!!! لا أعتقد أن الجيل الذهبي للنخبة العربية التي التحمت حقبة الستينات والثمانينات بمشروع حركة التحرّر الوطني العربية بتجربتها التقدميّة النيّرة التي جسدتها الحركة الوطنية الفلسطينية كانت مخطئة حين ساندت حركة مقاومة تقدمية حملت وراءها فكرا ومدارس نظريّة ومفكرين ومثقفين وأدباء وشعراء وفلاسفة وأدبا سياسيا وفكريا غزيرا. إن البؤس الحالي لنخب غوغائيّة تساند قتلا عشوائيا وارهابا أسودا لا مشروع له ولا حتى نصف فكرة باسم مساندة المقاومة. هو بؤس أقوى من أن يُطاق!!! (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 21 أوت 2007)