الحرية لسجين
العشريتين الدكتور الصادقشورو
وللصحافيين توفيق بن بريك وزهير مخلوف
ولضحايا قانون الإرهاب
السبيل أونلاين:إخلاء سبيل أماني رزق الله وحنان الضاهري بعد إعتقالها الجمعة الماضية
حركة النهضة تطالب بإطلاق سراح اللاجئ السياسي السيد محمد علي الحراثي
البديل عاجل:بعد إطلاق سراحه :محمّد السوداني يكشف تفاصيل اختطافه والاعتداء عليه
في الذكرى 24 لتأسيس حزب العمال: المسيرة مستمرة للقضاء على الاستبداد وإقامة الجمهورية الديمقراطية
صحافيون تونسيون:لا للسخرية والعبث بكرامة الصحافيين التونسيين
« الموقف » تكشف القصة الكاملة لتشريد سكان حي « البراطل » بحلق الوادي
بحري العرفاوي:في العقوق السياسي والبِرّ الوطني
مراد علي:أبناء النهضة تعالوا إلى كلمة سواء
نقابي من بنزرت:بنزرت:مؤتمر الإتحاد الجهوي للشغل ببنزرت
الحوار نت:في الذكرى الرابعة والستين لتأسيس الإتحاد العام التونسي للشغل.ماذا خسرت تونس بتجميد الإتحاد وإلحاقه بالدولة
البديل عاجل: »يُفتح الستار »… إعلام يصنع إشعاعه من المتاجرة بأحزان الشعب
إيهاب الشاوش ::مركاتو الإعلام
الأسبوعي:شركاء لا أجراء
السبيل الاردنية:تونس أوّلاً !!عربيا في جودة ونوعية الحياة
إسماعيل دبارة:تونس تعلن 2010 سنة دولية للشباب … وناشطون يعتبرونها «مساحيق تجميل»
الأسبوعي:بعد خيبة أنغولا… الأسبوعي تفتح أعمدتها لهم نواب الشعب يحاسبون المنتخب ويطالبون…
الشروق:ثلاثة سيناريوهات لحل المكتب الجامعي
محمد العروسي الهاني:كلمة رئيس الدولة في مجلس الوزراء يوم 22/01/2010 نزلت بردا و سلاما على قلوب التونسيين
د. حارث الضاري لـ «الشروق»: الانتخابات العراقية طبخـــة لفوضـى شاملــة
زهير أندراوس:نعم لإعلام المقاومة في الوطن العربي
(Pourafficher lescaractèresarabes suivre la démarchesuivan : Affichage / Codage /ArabeWindows)To read arabictext click on the View then Encoding then Arabic Windows)
منظمة حرية و إنصاف
التقرير الشهري حول الحريات وحقوق الإنسان في تونس
نوفمبر 2009
https://www.tunisnews.net/31Decembre09a.htm
إخلاء سبيل أماني رزق الله وحنان الضاهري بعد إعتقالها الجمعة الماضية
السبيل أونلاين – تونس – خاص أفرج على أماني رزق الله وحنان الضاهري بعد أن أعتقلا يوم الجمعة الماضي 22 جانفي 2010 ، ويأتي إعتقالهن إثر صدور مذكرة توقيف بحقهن بعد اعتصام في المبيت الجامعي البساتين ، وقد مثلتا بحالة سراح وأعتبرت بطاقة الجلب بحكم الملغاة ، ولكن محكمة الإستئناف قالت أن بطاقة الجلب نسيت لذلك لم يقع تنفيذها . وقالت لجنة مساندة مناضلي الإتحاد العام لطلبة تونس أن السلطات التونسية تستخدم القضاء ومختلف الأشكال الأخرى لترهيب النشطاء وردع الروح النضالية لديهم . وأفادت اللجنة في مراسلة باللغة الفرنسية وصلت السبيل أونلاين اليوم الإثنين 25 جانفي 2010 ، أن 15 قياديا نقابيا في الإتحاد العام لطلبة تونس معتقلين ، إحدى عشر منهم ضمن ما يعرف بـ »قضية طلبة منوبة » . وأن هناك أربعة طالبات من بين ستة طلبة صدرت ضدهم أحكام بالسجن وهم في إنتظار الإستئناف .إضافة إلى 17 طالبا من سوسة وبئر الباي والقيروان هم محل ملاحقة قضائية ، بالإضافة إلى أكثر من 50 طالبا طردوا تعسفيا من مقاعد الجامعة . وقضت محكمة تونسية بسجن الأمين العام للإتحاد الطلابي عز الدين زعتورمدّة 7 أشهر ، ووقع تثبيت الحكم في الإستئناف .
(المصدر : السبيل أونلاين (محجوب في تونس) ، بتاريخ 25 جانفي 2010)
بسم الله الرحمن الرحيم
حركة النهضة تطالب بإطلاق سراح اللاجئ السياسي السيد محمد علي الحراثي
تلقينا البارحة باستنكار شديد نبأ اعتقال اللاجئ السياسي السيد محمد علي الحراثي اللاجئ السياسي ببريطانيا والمدير العام للقناة »اسلام »التلفزية ومقرها لندن، وذلك منذ حلوله بمدينة جوهانزبورق بجنوب إفريقيا بغرض افتتاح مكتب للقناة بها، فتم اعتقاله ونقله إلى بريتوريا العاصمة، تنفيذا لبطاقة جلب دولية صادرة من البوليس الدولي انتربول، وذلك بطلب من الجهاز الأمني التونسي، الذي ما فتئ يدرج المزيد من التونسيين المهاجرين المعارضين ضمن قوائم المجرمين الدوليين حتى غدت القائمة التونسية الأطول المقحمة زورا وبهتانا ضمن القوائم المتابعة من طرف جهاز دولي مختص فقط بملاحقة عصابات الإجرام من أصحاب الجريمة المنظمة كتهريب المخدرات والاتجار في البشر، وهو ما ظل يتسبب في مضايقة عشرات من المعارضين التونسيين في الموانئ والمطارات، فيعتقلون ليوم أو أيام قبل أن يتدخل القضاء لإطلاق سراحهم بعد فحص ملفات زائفة قدمها النظام التونسي ضدهم، فيتبين خواءها من كل جريمة حق عام مدعاة عليهم ، نفس الملفات التي حوكموا بها وأدينوا داخل البلاد، لكنها لم تصمد في مواجهة قضاء مستقل ، فيطلق سراحهم ويرفض الطلبا »التونسي » بتسليمهم. وإزاء هذا الاستعمال الرخيص من قبل النظام التونسي للقانون وللمؤسسات الدولية في غير ما وضعت له من أجل مطاردة عشرات من المعارضين السياسيين المحميين بالمعاهدات الدولية للتضييق عليهم والحد من تحركهم في العالم ، ومنهم السيد محمد علي الحراثي المناضل الشريف الذي تمكن من إقامة أعظم مشروع إعلامي إسلامي في الغرب موجه للناطقين بالانغليزية، فإن حركة النهضة: – تعبر عن تضامنها التام مع السيد محمد علي الحراثي في المحنة التي ألمت به وقادته إلى الاعتقال في جنوب إفريقيا ثم إلى المستشفى بسبب تجدد إصابته السابقة بمرض القلب، عجل الله بالشفاء والفرج – تحتج أشد الاحتجاج على الأسلوب الرخيص الذي دأب عليه النظام التونسي في توريط معارضيه في جرائم لم يقترفوها لتسويغ وضعهم تحت وطأة منظمة انتربول التي لا شان لها بقضايا السياسة لولا تواطؤها مع تدليسات النظام « التونسي » – تحتج بشدة على منظمة انتربول لوقوعها في هذا الخلط وتدعوها لإزالة القوائم الاسمية للمعارضين السياسيين التونسيين المحميين بالقانون الدولي في جرائم لا علاقة لهم بها. ذنبهم الوحيد معارضتهم لنظام مستبد يضيّق أنفاس مواطنيه في الداخل والخارج . – تطالب دولة جنوب افريقيا الديمقراطية بإطلاق سراح المعارض التونسي والاعلامي السيد محمد علي الحراثي والاعتذار له عما ناله من عدوان عرّض حياته للخطر، وأن تتنبّه لأساليب الاحتيال الرخيص التي يمارسها النظام التونسي ، فتعامل بالاهمال – كما تفعل الحكومات الاروبية- البطاقات المفتعلة من قبل هذا النظام. لندن في 25 جانفي 2010 الشيخ راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة
بعد إطلاق سراحه : محمّد السوداني يكشف تفاصيل اختطافه والاعتداء عليه
أطلق سراح محمد السوداني يوم 31 ديسمبر 2009 في حدود منتصف الليل بعد أن قضى شهرين و10 أيام سجنا. وقد كشف محمد السوداني عن تفاصيل اختطافه من طرف البوليس السياسي عشية المهزلة الانتخابية في أكتوبر الماضي. وصرّح أنه اتصل بصحافيتين من إذاعة فرنسا الدولية كان على موعد معهما بنزل أفريكا بوسط العاصمة لإجراء حوار معه حول واقع الشباب والطلبة في تونس. وما إن جلس إلى هاتين الصحافيتين حتى لاحظ وجود عدد من أفراد البوليس السياسي يحومون أمام النزل المذكور. وبعد أن أتم حواره خرج من النزل فما راعه إلا والأعوان يهرعون إليه في محاولة للإمساك به فعاد أدراجه إلى النزل وقام ببعض الاتصالات الهاتفية مع بعض الأصدقاء والمحامين والحقوقيين لإحاطتهم بالأمر. في الأثناء عادت الصحافيتان فأعلمهما بالأمر. فخرجتا معه، وهو ما جعل البوليس يتراجع عن اعتقاله ويكتفي بمراقبتهم من بعيد. وللإطمئنان عليه رافقته الصحافيتان حتى ركب القطار في اتجاه الضاحية الجنوبية. لكن قبل انطلاق القطار بلحظات وبعد أن غادرت الصحافيتان، هاجمه عدد من أعوان البوليس السياسي وانهالوا عليه ضربا ولكما وأنزلوه من القطار وقادوه وهم يواصلون تعنيفه أمام المارة مسافة 200 متر تقريبا أين أركبوه سيارة وقادوه إلى مركز الأمن بشارل ديغول بالعاصمة، أين واصلوا الاعتداء عليه بوحشية مما سبب له إصابات واضحة على كامل بدنه. بعد ذلك قاموا بتحرير محضر بحث في شأنه دون أن يستنطقوه أو حتى يعلموه بفحوى هذا المحضر والتـّهم الموجّهة إليه! ثم أخذوه إلى سجن الإيقاف ببوشوشة أين اشتدّت أوجاعه، مما استوجب نقله إلى مستشفى المنجي سليم حيث تم فحصه وتسليمه شهادة طبيّة تثبت تعرّضه للعنف الشديد، لكنّ الأعوان الذين كانوا يحرسونه قاموا بافتكاكها منه. وبعد يومين أحالوه على المحكمة الابتدائية بتونس التي رفضت الاستماع إليه ولم تمكنه من الدفاع عن نفسه وحكمت عليه بأربعة أشهر بدون حضور أي محامي! ليجد نفسه بعد ذلك في سجن مرناق. وقد وقع استدعاؤه عديد المرات من قبل إدارة السّجن المذكور للاستفسار حول حقيقة التهم الموجهة إليه فأعلمهم بأنه ناشط طلابي اعتدى عليه البوليس السياسي ولفق له تهم لا علاقة له بها. وكما هو معلوم فإن محمد السوداني بقي قرابة الشهر دون أن تعرف عائلته مصيره ورجّح البعض أن يكون قد أصابه مكروه. وقد لاقت قضيته تعاطفا كبيرا في الداخل والخارج وهو ما أجبر السلطة عل الاتصال بعائلته وإعلامها بمكان اعتقاله، وإطلاق سراحه بعد ذلك قبل انتهاء « عقوبته ». وقد تلقـّت عائلته خبر الإفراج عنه بفرحة كبيرة وتوافد أصدقاؤه على منزله للتعبير عن فرحتهم ومساندتهم. والأكيد أن خروجه من السّجن لا يجب أن ينسينا ما تعرّض له من اعتداء فظيع ومن ممارسات لم تعد موجودة إلا في الدول التي تحكمها الميليشيات والعصابات. وهو ما يستدعي تضافر كل الجهود من أجل فتح تحقيق جدي في ملابسات اختطافه والاعتداء عليه ومحاسبة المسؤولين عن ذلك أمرا وتنفيذا بما في ذلك جهاز القضاء الذي أصبح أكثر من أي وقت مضى مجرد إدارة تابعة للبوليس السياسي تنفذ تعليماته بدقة وكأن من يجلس في كرسيّ القضاء ليس قاضيا بل هو جلاد محترف يلبس زي القضاء! جبنيانة… الأحداث والتداعيات… ما تزال مدينة جبنيانة محاصرة بأعداد هائلة من مختلف أجهزة البوليس من شرطة وحرس وفرق تدخل وبوليس سياسي… وما تزال عناصر من البوليس السياسي تطوف المدينة تترصد التلاميذ وتعتدي عليهم في الشارع وتعتقلهم وترهبهم… حتى أنّ المدينة أصبحت تعيش حصارا شاملا وحالة من الطوارئ ومنع الجولان غير المعلنين، ممّا أشاع جوّا من الإرهاب داخل الأهالي وخيّر أغلبهم الاحتماء بمنازلهم وعدم المجازفة بالخروج حتى لا يتعرّضوا لاستفزازات عناصر من البوليس بالزيّ المدني هي أشبه بالميليشيات الفالتة من كل قانون والتي تحظى بالحماية والحصانة من أعلى مستوى. وأمام هذه الحالة قرّر الاتحاد المحلي للشغل بجنيانة والاتحاد الجهوي للشغل بصفاقس مواصلة الإضرابات الاحتجاجية والدّخول في إضراب عن العمل يوم 11 جانفي الجاري هو الثاني في ظرف أسبوع. وقد عرف هذا الإضراب نجاحا منقطع النظير وساندته عديد القطاعات الأخرى مثل الصحة والتعليم الأساسي. وقد حاصرت قوات كبيرة من البوليس مقر المكتب المحلي للشغل بجبنيانة ومنعت الوافدين من الوصول إليه. في حين لا يزال معهد 18 جانفي مغلقا منذ يوم 6 جانفي. وقد تزامن هذا الإضراب مع انعقاد مؤتمر النقابة العامة للتعليم الثانوي بنزل الديبلوماسي العاصمة. وقد كانت أحداث جبنيانة حاضرة في هذا المؤتمر رغم أنها لم تأخذ ما تستحقه من اهتمام في كلمات المتدخلين في حفل الافتتاح، واكتفى الشاذلي قاري، الكاتب العام المتخلي لنقابة الثانوي، والذي افتتح المؤتمر، إلى الإشارة إلى أن ما حدث في معهد جبنيانة يشكل انتهاكا لحرمة المؤسسة التربوية واعتداء صارخا على كرامة المربي، و »هذا هو جوهر شعار المؤتمر الذي يدعو إلى حماية المؤسسة التربوية العمومية واحترام كرامة المربّي ». وتعود أحداث جبنيانة إلى مفتتح شهر نوفمبر من العام المنقضي عندما دخلت معاهد جبنيانة وخاصة معهد 18 جانفي في سلسلة من التحركات على إثر اعتقال مجموعة من الطلبة كانوا معتصمين للمطالبة بحقّ الطالبات في السكن. وقد تعرّض هؤلاء الطلبة لتعذيب وحشي ووقع تلفيق تهم حقّ عام في شأنهم وإحالتهم على القضاء يوم 14 ديسمبر 2009 في جلسة عاصفة. فقد رفضت هيئة المحكمة السّماح لهم بالدفاع عن أنفسهم، ومنعت المحامين من القيام بواجبهم وأمرت بإخلاء القاعة. فتدخل البوليس بوحشية وعنّف الطلبة مخلفا لهم أضرارا واضحة ومزّق ثيابهم. وقد واجه الطلبة جلاديهم بشجاعة وحوّلوا المحاكمة إلى محاكمة لنظام بن علي ولقضائه التابع وهو ما جلب لهم احترام ومساندة كل الأحرار في تونس. وكالعادة، فإنّ المعاهد الثانوية بجنيانة التي ساندت ووقفت إلى جانب الطلبة الموقوفين منذ اعتقالهم لم تقف مكتوفة الأيدي أمام هذه الأحكام القاسية والاعتداءات الفظيعة على أبسط حقوق الإنسان، وقرّرت الدخول في « أسبوع الغضب » ابتداء من يوم الاثنين 4 جانفي الجاري. وقد اتخذ البوليس كل الإجراءات للحيلولة دون نجاح « أسبوع الغضب » وخنقه في المهد. فبادر باستدعاء الأولياء وإجبارهم على إمضاء التزامات بمنع أبنائهم من التحرّك. واستغل أعوان الحزب الحاكم بالجهة زيارة الأمين العام لـ »التجمّع » لجبنيانة فاتصلوا ببعض أولياء المعتقلين وطلبوا منهم تقديم اعتذار مكتوب إليه ليتدخّل من أجل إطلاق سراح أبنائهم، إلا أنّ كل الأولياء رفضوا هذا « العرض » وقالوا بصوت واحد: » أبناؤنا مظلومون فكيف نطلب لهم الاعتذار!؟ » وطالبوا بإطلاق سراح فلذات أكبادهم دون قيد أو شرط. وقد تمسكت كل العائلات بهذا الموقف، رغم أنّ هناك من حاول مرة ثانية واقترح عليهم تقديم الاعتذارات إلى نوّاب برلمانيين تابعين لحزب معارض ليقوموا بإيصالها إلى من « يهمّهم الأمر »! وهو ما يبيّن درجة الاستياء التي يشعر بها الأولياء بعد توجيه تـُهَمُ حقّ عامّ، لا تليق بالمجرمين والصعاليك، إلى أبنائهم الذين أحسنوا تربيتهم وسهروا الليالي وباعوا الغالي والنفيس من أجل تعليمهم، وهم يُعَدّون بشهادة الجميع من خيرة شباب جبنيانة ومثالا يحتذى به في رفعة الأخلاق والانخراط في النضال من أجل المطالب المشروعة لزميلاتهم وزملائهم من الطلبة. وبالتـّوازي مع هذه الإجراءات الاستباقية التي راوحت بين التهديد والتخويف وبين زرع الأوهام حول إمكانية إطلاق سراح المعتقلين، بدأت جحافل قوّات القمع تحاصر مداخل المدينة وتنتصب في مواقع حساسة استعدادا لكل طارئ ولزرع الرعب في قلوب التلاميذ والأهالي. ورغم ذلك فإن تلاميذ جبنيانة كانوا في الموعد وبدأوا في تنظيم « أسبوع الغضب » يوم الاثنين 4 جانفي الجاري بتحرّكات سلمية داخل المعاهد رافعين الشعارات المساندة للمعتقلين والمطالبة بإطلاق سراحهم. وكانت قوات البوليس تراقب ما يحدث دون أن تتدخل بشكل مباشر. لكن صبيحة يوم الأربعاء 6 جانفي وفي حدود العادية عشرة صباحا نظـّم تلاميذ معهد 18 جانفي مسيرة سلمية داخل المعهد ثمّ حاولوا الخروج بها إلى الشارع لمزيد التحسيس بقضية المعتقلين. وقد بدأت المسيرة بشكل سلمي ولم تتخللها أي أعمال عنف أو تكسير. لكنّ قوات القمع التي كانت تحاصر المعهد بأعداد غفيرة هاجمت المسيرة بالقنابل المسيلة للدموع وبالهراوات ممّا أجبر التلاميذ على التراجع للاحتماء بمعهدهم. إلا أن فرق التدخـل واصلت هجومها واقتحمت المعهد مكسّرة الأبواب ومعتدية بالضرب على كلّ من اعترض طريقها من عملة وإداريين وتلاميذ وأساتذة. فاعتصم التلاميذ بقاعة الحارس وبقاعة الأساتذة وبالإدارة وبالأقسام فلاحقهم البوليس واعتدى عليهم بالعنف مركـّزا هجومه على التلميذات والأستاذات والعاملات ومتوجّها إليهنّ بكلام بذئ وبعبارات مهينة، بل إنّه اعتدى على إحدى العاملات وسبّب لها جرحا في ثدييها! وقد سقط العديد من الجرحى والمصابين استوجبت حالة البعض منهم زيارة المستشفى لتلقي العلاج. وطال الاعتداء أيضا تجهيزات المعهد من أبواب ونوافذ وطاولات وغيرها والتي بقيت شاهدة على فظاعة الهجوم وهي تحمل بصمات الأحذية العسكريّة وآثار العصيّ… وتمّ إغلاق المعهد إلى أجل غير مسمّى. وحسب بعض قدماء المعهد المنكوب فإن هذا الهجوم لم يعرف المعهد له مثيلا منذ مارس 1982. وقد خلف هذا الهجوم استنكارا واسعا داخل جبنيانة وخارجها وخاصة في جهة صفاقس. وزاد من غضب واستياء الأهالي وعمّق الهوّة بينهم وبين النظام. وتحرّكت كل النقابات وخاصة نقابة الأساتذة التي وجهت برقيات إلى الهياكل النقابية المحلية والجهوية والمركزية ودعت إلى اجتماع عاجل حضره عدد هام من النقابيين ووقع التطرق فيه إلى الهجوم على المعهد وما تعيشه مدينة جبنيانة من حصار وإرهاب بوليسي لم تشهد المدينة له مثيلا. واتصلوا بالسلطات الجهوية من معتمد وإدارة جهوية للتعليم الثانوي الذين نفوا جميعهم أي علاقة لهم بالهجوم وأن ما وقع يتجاوزهم. فطالبوا بفتح تحقيق جدي في الموضوع ومعاقبة المسؤولين على ما وقع داخل المعهد ورفع الحصار الأمني عن مدينة جبنيانة. واحتجاجا على هذا الانتهاك الفظيع لحرمة المعهد والاعتداء الهمجي على الأساتذة والعملة والإداريين والتلاميذ نفّذت النقابة الأساسية للتعليم الثانوي بجنيانة إضرابا بيوم واحد يوم الخميس 7 جانفي. وفي اليوم الموالي نفذت النقابة الجهوية للتعليم الثانوي بصفاقس إضرابا بساعتين شمل كل معاهد ولاية صفاقس. وقد سجّلت هذه الإضرابات نجاحا باهرا، عبّر عن تضامن أساتذة الجهة والتفافهم حول مطالبهم المشروعة. إن أحداث جبنيانة وما عرفته وتعرفه من تداعيات، وإن فاجأت الرأي العام خارج جبنيانة، فإنها لم تكن مفاجأة بالنسبة إلى أهالي المنطقة باعتبار وأن الحركة التلمذية في مدينة جبنيانة بالذات تعتبر حالة فريدة من نوعها وخاصة معهد 18 جانفي الذي كان حاضرا في كل المعارك الوطنية والقطرية ولم يتخلف على امتداد سنوات في خوض النضالات المساندة للحركات الاجتماعية والوطنية في تونس وخارجها. وقد تخرّج من هذا المعهد مناضلون عديدون متواجدون اليوم في النسيج الجمعياتي والحزبي. وهذا ما يفسّر هذا الإستنفار الأمني وهذا التخوف من أن تتحوّل جبنيانة إلى رديّف ثانية خاصة وأن هناك تجاوبا بين الاتحاد المحلي للشغل بجنيانة والاتحاد الجهوي للشغل بصفاقس. وحتى لا يتكرر سيناريو الرديف نرى السلطة اليوم تواجه أي تجمّع مهما كان صغيرا بقمع شديد. فهي لم تكتفِ بمحاصرة المكتب المحلي للشغل بالمدينة ومنع الاجتماعات به وغلق معهد 18 جانفي لمنع التلاميذ من التجمّع، بل إنها تلاحق التلاميذ في المقاهي والساحات العامة وتعتدي عليهم وترهبهم حتى يلازموا بيوتهم. ولم تكتف بذلك بل قرأت حسابا لإمكانية انتقال عدوى الاحتجاجات التلمذية إلى المدن المجاورة فوجهت المراسلات لمديري المعاهد ووسّعت عيونها لمزيد المراقبة والتضييق ووضعت وحدات التدخل على أهبة الاستعداد لقمع أي تحرّك محتمل. ورغم ذلك فقد تمكن تلاميذ الشابة في المعهد الثانوي أبو القاسم الشابي من تنظيم وقفات احتجاجية يومية ابتداء من يوم الهجوم على معهد جبنيانة تجاوبا مع تحركات زملائهم في جبنيانة ونصرة للطلبة المعتقلين. فما كان من إدارة هذا المعهد إلا استدعاء عدد من التلاميذ وتهديدهم بإحالتهم على مجلس التأديب واتخاذ قرار الطرد بشأنهم. وفي الحقيقة فإن هذا ما يخشاه ليس فقط تلاميذ الشابة وإنما أيضا تلاميذ جبنيانة. فقد أصبحت مجالس التأديب سيفا مسلولا لـ »تطهير » الجامعة من المناضلين ومن غير المستبعد تطبيق ذلك في المعاهد « المتمرّدة ». لقد كشفت تحركات جبنيانة هشاشة نظام بن علي وحالة الذعر التي أضحى عليها. فقد تحوّل اعتصام لمجموعة من الطلبة والطالبات للمطالبة بحق السّكن إلى قضية وطنية. وها هي السلطة بكل ما لديها من جهاز قمعي وإداري ومالي ورغم حالة الحصار التي تعيشها البلاد ورغم القمع الذي اشتدت وتيرته بعد المهزلة الانتخابية، نراها عاجزة عن إخماد تحرّك تلمذي في مدينة صغيرة رغم التعزيزات الأمنيّة من الولايات المجاورة. إن نظام بن علي لم يعد له ما يقدّمه للشعب التونسي وخاصة الشباب، سوى مواجهة كل مطالبه بالقمع والمحاصرة وتلفيق القضايا. وكل ملاحظ نزيه يلاحظ دون عناء أن أزمة النظام ما فتئت تتعمّق وتتخذ أبعادا سياسية واقتصادية واجتماعية. كما أن جيوب المقاومة ما فتئت بدورها تتعزز ولم تعد آلة القمع قادرة على كبحها. وما نراه اليوم في جبنيانة من تحرك تلمذي ونقابي وما يلقاه من مساندة شعبية داخل جبنيانة وخارجها يؤكد ذلك. فالنظام كلـّما حاول إطفاء تحرّك هنا إلا وأجّج تحرّكا هناك، كأنـّه يصبّ الزّيت على النـّار. ولا يجب أن ننسى أن أحداث جبنيانة هي من نتائج حالة الهستيريا التي اجتاحت النظام بعد انتهاء المهزلة الانتخابية. فقد اعتقد النظام أن الحل لكل مشاكل البلاد هو تشديد القبضة الأمنية وفرض الصمت على الجميع لتدخل البلاد مرحلة قلما عرفتها في تاريخها وأصبح المواطن وكأنه يعيش في غابة يحكمها البوليس الفالت من كل عقاب، يختطف ويعتدي ويعتقل ويعذب ويلفق القضايا ويسجن ويشوّه المناضلين ويهتك أعراضهم في صحافته المفضوحة… لكنّ هذه السياسة نراها اليوم تتهاوى شيئا فشيئا بصمود المناضلين والصحافيين والحقوقيين والتلاميذ والطلبة والعمال والمهمّشين.. وما قام به النظام من أعمال إجرامية عادت عليه بالوبال وأدت إلى مزيد فضحه داخليا وخارجيا ومزيد عزله عن الشعب بوصفه نظاما غير شرعيّ يستمدّ وجوده من جهازه القمعي ومن المساندة والرعاية التي يلقاها من أسياده الامبرياليين في أوروبا وأمريكا.
(المصدر: « البديـل عاجل » (قائمة مراسلة موقع حزب العمال الشيوعي التونسي) بتاريخ 25 جانفي 2010)
في الذكرى 24 لتأسيس حزب العمال:
المسيرة مستمرة للقضاء على الاستبداد وإقامة الجمهورية الديمقراطية
في الثالث من شهر جانفي 2010 بلغ حزب العمال الشيوعي التونسي من العمر 24 سنة كاملة. لقد تم إعلان تأسيس حزبنا في الثالث من شهر جانفي 1986. وهو ما يناسب الذكرى الثانية لانتفاضة الخبز المجيدة. وكان اختيار هذه الذكرى لإعلان التأسيس يهدف إلى التأكيد أنّ حزب العمال وُلد لإسناد نضال الشعب التونسي وتطويره والعمل على قيادته من أجل وضع حدّ للاستبداد السياسي والاستغلال الفاحش والفساد المستشري والتبعية التي يكرسها نظام حزب الدستور الذي يحكم البلاد منذ أواسط الخمسينات من القرن العشرين وإقامة نظام وطني ديمقراطي وشعبي على أنقاض كل ذلك. لقد بينت انتفاضة الخبز التي اندلعت شرارتها الأولى في أواخر ديسمبر 1983 بالجنوب وتواصلت حتى يوم 6 جانفي 1984 وبلغت ذروتها يوم 3 جانفي 1984 بتونس العاصمة، أن الشعب التونسي المنتفض في كافة أنحاء البلاد، بصورة عفوية، دون تأطير لا من الأحزاب ولا من المركزية النقابية قادر على النضال وعلى منازلة الدكتاتورية والاستبداد وأن ما ينقصه هو القيادة السياسية التي تسلـّحه بالوعي والتنظيم، القيادة التي تساعده على رسم الأهداف الصحيحة ووضع الخطط الموصلة إليها وتجميع صفوفه في جبهة أو جبهات عمل حتى لا يذهب نضاله وتضحياته سدى وتتمكن الرجعية الدستورية في كل مرة، كما حصل بعد انتفاضة الخبز ذاتها، من استعادة السيطرة عليه عن طريق القمع والديماغوجيا والاستمرار في اضطهاده واستغلاله. وقد انخرط حزب العمال الشيوعي منذ اليوم الأول لتأسيسه في النضال، وسعى، رغم المنع والقمع، إلى الانغراس في صفوف الطبقة العاملة وكافة الطبقات والفئات الكادحة والشعبية التي أعلن بوضوح انحيازه لها ولمصالحها وعكس ذلك في برنامجه وخططه النضالية ونشاطه العملي. وقدّم حزب العمال من أجل ذلك التضحيات الجسيمة، فاستشهد من استشهد تحت التعذيب (نبيل البركاتي) واعتقل من اعتقل وعُذب من عذب ونفي من نفي وأطرد من العمل أو الدراسة من أطرد من مناضلاته ومناضليه، ومع ذلك فإن المسيرة مستمرة بعزيمة فولاذية وهو ما جعل من حزب العمال، بمرور الوقت، قوة سياسية مسلّما بها، تقرأ لها الدكتاتورية النوفمبرية ألف حساب وتُحظى باحترام كافة القوى الديمقراطية والتقدمية في الداخل والخارج. لقد كافح حزب العمال خلال مسيرته هذه على كافة الجبهات الفكرية والسياسية والنقابية والحقوقية والثقافية والنسائية والشبابية. وكان مشدودا باستمرار إلى الهدف المرحلي الذي أعلنه منذ اليوم الأول من تأسيسه، وهو القضاء على الاستبداد لفتح أفق أرحب أمام بلادنا لتسريع نموّها وتطوّرها على أسس وطنية صلبة وأمام شعبنا لينعم بالحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية. ومع أن حزبنا كان دائما متمسّكا بمبادئه وباستقلاليته الفكرية والسياسية، فقد أظهر في كل الفترات ما يلزم من المرونة في التعامل مع الواقع ومع الأحداث بهدف تكتيل الجهود من أجل تحقيق التحول الديمقراطي ببلادنا الذي لا يعني حزبَنا وحده بل يعني قوى سياسية واجتماعية أخرى أيضا. وفي هذا السياق ساهم حزب العمال في السنوات الأخيرة في بعث « هيئة 18 أكتوبر للحقوق والحريات » التي قطعت اليوم، بإصدار وثيقتها الثالثة حول العلاقة بين الدولة والدين، أشواطا مهمة نحو إرساء المقومات الدنيا لعمل سياسي مشترك بين مختلف مكوّنات المعارضة. إن حزب العمال الشيوعي التونسي يستغل هذه المناسبة، مناسبة عيد ميلاده الرابع والعشرين، ليتوجه إلى كافة الأحزاب والجمعيات والشخصيات المستقلة لحثها على ضرورة نبذ الخلافات الظرفية والتفاهم حول برنامج أدنى للتغيير/الانتقال الديمقراطي ببلادنا. إن هذا التغيير ما انفك يطرح نفسه، كضرورة موضوعية، بإلحاحية كبيرة، ومن شأن تأجيل الخوض فيه وفي شروط تحقيقه أن يلحق مزيدا من الأضرار بوطننا وشعبنا. لقد سطا نظام بن علي في شهر أكتوبر الماضي مرة أخرى على إرادة الشعب التونسي، عبر مهزلة انتخابية، كان الجميع على علم مسبّق بنتائجها. وهو يشن منذ نهاية تلك المهزلة، التي مثلت فشلا سياسيا ذريعا له، حملة قمعية وإعلامية على كافة معارضيه ومنتقديه. ولا تهدف هذه الحملة إلى فرض نتائج المهزلة فحسب، بل كذلك إلى كسر أي تطور جدي للحركة السياسية والاجتماعية، من شأنه أن يهدد في القادم من الأيام مصالح الأقلية الفاسدة التي تنتفع من الاستبداد. إن هذه الأقلية تواجه مصاعب اقتصادية متزايدة جراء انعكاسات الأزمة الاقتصادية العالمية التي تأبى أن تنتهي وكذلك جراء ما ألحقته هذه الأقلية من خراب باقتصاد البلاد بسبب النهب والفساد والبيع للرأسمال الأجنبي. ومن الواضح أنها ممعنة في تحميل تبعات كل ذلك للشعب الكادح بمزيد إثقال كاهله بالبطالة وغلاء الأسعار الذي لا يتوقف (الزيادات الأخيرة في أسعار السكر والمحروقات…) وتردّي الخدمات الاجتماعية، وهو ما يدفعها إلى تشديد القبضة الأمنية على المجتمع خوفا من انفجار الأوضاع على غرار ما حصل في منطقة الحوض المنجمي في مطلع 2008. وتواجه الأقلية الحاكمة مصاعب سياسية أيضا. لقد افتضح نظامها الاستبدادي وازدادت عزلته في الداخل والخارج. وكانت « انتخابات » أكتوبر الماضي خير شاهد على ذلك رغم كل الضجيج الذي أقيم لتغطية الفشل. وتنشغل هذه الأقلية اليوم بكيفية تأبيد سيطرتها على البلاد، فالولاية الحالية هي الأخيرة لبن علي حسب الدستور، لذلك فهي تخطط للانقلاب مرة أخرى على الدستور إما للتمديد لبن علي، تكريسا لرئاسة مدى الحياة غير معلنة، أو لإيجاد صيغة من صيغ التوريث تحافظ بها على الحكم، وهو ما يفسر التوتر الحالي للطغمة الحاكمة وسعيها المحموم إلى تكميم الأفواه وقمع كل تحرك سياسي أو اجتماعي، فهي تريد ترتيب الأمور خارج أي ضغط داخلي أو خارجي عليها. وإذا كان القمع هو أسلوبها الدائم في التعاطي مع الأوضاع الداخلية، فإنها لن تتورع بالنسبة إلى الخارج، عن تقديم المزيد من التنازلات إلى القوى الاستعمارية الكبرى، على حساب سيادة تونس ومصالحها الوطنية، لاسترضائها وكسب صمتها على ما تقوم به. إن الحركة الديمقراطية بمختلف مكوناتها الحزبية والجمعياتية، مطالبة بأن تتصدى لهذا الوضع حتى لا تتجاوزها الأحداث ويحصل لها ما حصل في 7 نوفمبر 1987، عندما جاء بن علي إلى السلطة ووجدها مشتتة، وعاجزة عن إملاء شروطها. فهي لئن كانت مطالبة مباشرة بالتنسيق لمواجهة الحملة القمعية التي تشنها السلطة عليها وعلى الطلاب والناشطين الحقوقيين والإعلاميين، مدعوة أيضا إلى التحاور، دون تأخير، حول متطلبات المرحلة ككل، لتقديم بديل إلى الشعب التونسي يخرجه من النفق المظلم للاستبداد ويمكّنه بالتالي من إفشال مخططات « التوريث » التي لا تخدم سوى مصالح أقليات معادية للشعب وللديمقراطية. إن حزب العمال الشيوعي التونسي يؤكد مرة أخرى أنه لن يدّخر أيّ جهد لإنجاح أيّ مسعى مشترك للارتقاء بأداء المعارضة المستقلة وتقوية حضورها وتأثيرها في مجرى الأحداث ببلادنا، لأن الشعب التونسي لا يستحق المهانة التي هو فيها، وهو جدير بأن ينعم بالحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية في وطن مستقل، مزدهر ومتقدم.
حزب العمال الشيوعي التونسي تونس في 3 جانفي 2010
لا للسخرية والعبث بكرامة الصحافيين التونسيين
تتابع حملات التشهير والتشويه ضد الصحافة الحرة في تونس وتتشابه. فيختلط العزم على تحقير الشرفاء وامتهانهم والنيّة المبيّتة في إيغار الصدوروالعقول عبر نسيج من الأوهام والأكاذيب لم يحدث أن انتـُهكت أخلاقيات الصحافة بهذا الشكل. داستها أقلام فزعة. لم يحدث أن انحدر المستوى بالصحافة التونسية، في وسائطها المختلفة، إلى هذا الحد الوضيع إن هذه الأوقات لتبدو صعبة على أصحاب الضمائر الحية في هذه المهنة ، والوضع خطير على الجميع هذا الهجوم العنيف والقاسي على الصحافيين التونسيين لم ينحصر عند صحافة المجاري، كما جرت العادة، بل نافستها بعض من الصحافة الوطنية وحتى عدد من الصحفيين المحسوبين على المعارضة، دون احتساب ذوي الهويات المجهولة والأسماء المستعارة ، ممن يعمدون إلى التعبير المنحرف عن آرائهم بما يزيد من تعفين المناخ العام و يدفع نحو المزيد من الانحدار بالممارسة الإعلامية لو كانت هذه الإخلالات محصورة ومعزولة لما أحدثت أثرا ولا حضيت بأدنى إهتمام، بل لعوملت بكامل الإحتقار الذي تستحقه. لكن من المؤسف أن نلحظ أن الأمر كان أشد وآلم… فيوميات من الصحف الجدية، ومواقع لناشطين، وبوابات للمجتمع المدني انخرطت في هذه الحملة بأن فتحت أعمدتها لنشر أشنع الافتراءات، بل وأضافت لها شيئا من بهاراتها. في حين سقطت مواقع ووسائط أخرى في الممارسة الانتقائية لحرية التعبير، فمقابل القدسية التي توليها لحرية الرأي والتعبير تجاهلت قدسية الحق في الرد. واختار بعضها الآخر المنع الواضح والرقابة الصارمة والتمييز ضد كل رأي معارض أومختلف. نحن الصحافيين التونسيين ، نعرب عن استنكارنا ورفضنا لكل هذه الممارسات المريبة نعبر عن قلقنا إزاء انتشار هذه الظاهرة وتناميها الغريب ندعوا سائر زملائنا إلى الذود بالشدة المطلوبة ضد هذه الأشكال من المصايقة والعسف المتواصل والمتصاعد ضد المهنة نناشد كل الصحف والمواقع الإلكترونية والبوابات التونسية أن تحظر نشركل ما فيه مسّ وتعدّ على الحياة الخاصة للزملاء أو عائلاتهم أو كرامتهم نذكر الجميع بأن قانون الصحافة يمنع كل تشهير أودعاية
ترسل التوقيعات إلى البريد الإلكتروني :
dignitejournaliste@gmail.com Néji Bgjhouri, Asshafa Maher Khlil, Aljazeera Amel Bjaoui, Agence Tunis Press TAP Jamel Arfaoui, Assahafa Najla BEN Salem, Magazine Réalités Tawfik Ayachi, Attariq Al Jadid Moes Jemaï, Radio et magazine Kalima Mouldi Zouabi, Radio et magazine Kalima Moez el Bey, Radio et magazine Kalima Salma Jlassi, Journal Achaab Zied Héni, Assahafa Adel Thabti, Mouarinoun Samira Kchaou Khiari, Ach-Ckourouk Abdesslam Kekli, Al Mawqef Faten Ghanmi, Aljazeera Children Mohamed Hamrouni, Al mawqef Alarab (Qatari) Walid Ferchichi, Business news, Al wihda Ali Bouraoui, EWL, Paris Naîma Charmiti, Réalités Jamel Heni, Dar Medi@, Paris Asma Sahboun, Ach-Chourouk Zouhir Latif, Journaliste Reporter d’image, Producteur, Londres
« الموقف » تكشف القصة الكاملة لتشريد سكان حي « البراطل » بحلق الوادي
فوجئ سكان عمارة البارون ديرلانجي بحلق الوادي المعروفة بحي » البراطل » يوم 12 جانفي الجاري بأعداد كبيرة من أعوان التراتيب البلدية وقوات الشرطة تقتحم عليهم مساكنهم وتجبرهم على إخلائها تمهيدا لهدمها.
وكانت جرافات البلدية ومسؤولو الجهة ينتظرون عملية الإخلاء القسري (انظر الصورة)التي تعرضت لها 18 عائلة من سكان الحي الذين رفضوا اخلاء مساكنهم وتمسكوا بحقهم خاصة أنه لا يوجد أي قرار بالهدم ،كما أن العائلات تمتلك أحكاما من المحكمة الادراية والمحكمة الابتدائية بتونس تبطل قرار بلدية حلق الوادي بالهدم.
وكنا وعدنا في العدد الفارط من « الموقف » بنشر تفاصيل الأحداث التي شهدتها المنطقة وقد اتصلنا بعدد من العائلات ممن شردوا اثر هدم مساكنهم كما اتصل بنا بعضهم في مقر الجريدة و أمدونا بالمعلومات التالية . بداية الأحداث تعود إلى 20 أوت من سنة 2008 حين تلقت العائلات المالكة لمساكن عمارة البارون ديرلانجي برقية من السيد والي تونس يعلمهم فيها بأنه في تم وضع سكن من نوع اقتصادي 2 على ذمتهم بسانية الرمان بالكرم في إطار ما سماه نص البرقية بتسوية وضعية عمارة البارون ديرلانجي وقرار الهدم الصادر عن بلدية حلق الوادي » ونبهت البرقية الأهالي بضرورة إخلاء مساكنهم في أجل لا يتعدى الأسبوع .
غير أن أهالي « البراطل » قاموا بتكليف عدل تنفيذ توجه إلى البلدية في شخص ممثلها القانوني يوم 27 من نفس الشهر وسجل عليه عدم وجود أي قرار هدم صادر عن البلدية كما اعلمه برفض المتساكنين إخلاء مساكنهم وطالبه بمدهم بأصل القرار.
يومها لم يكن القرار قد صدر مثلما أكد ذلك الكاتب العام للبلدية للمتساكنين الذين اتصلوا به على عكس ما جاء في برقية السيد والي تونس الموجهة إليهم ولم يتلق عدل التنفيذ المكلف من الأهالي نص قرار الهدم إلا يوم 25 نوفمبر 2008 أي بعد ثلاثة اشهر من برقية الوالي ، واللافت في القرار الذي تلقاه عدل التنفيذ انه ممضى من قبل رئيس البلدية بتاريخ 21 اوت من نفس السنة، فهل كان الكاتب العام للبلدية يجهل وجود القرار حين اتصل به الأهالي يوم 27 من الشهر نفسه أم أن في الأمر حكاية أخرى؟
الوثائق التي أمدنا بها سكان » البراطل » تشير إلى أن قرار الهدم اتخذ بشكل رسمي اثر جلسة العمل التي انعقدت بمقر وزارة أملاك الدولة يوم 14 فيفري 2008 واشرف عليها رئيس ديوان وزير أملاك الدولة والشؤون العقارية بحضور رئيس بلدية حلق الوادي. محضر الجلسة المذكورة مثلما اطلعنا عليه يبدأ بتذكير بتاريخ المفاوضات مع الأهالي ويشير إلى تمسكهم برفض عرض الإدارة الترفيع في ثمن المتر المربع من 300 د إلى 500 د ثم ذكّر محضر الجلسة بوجود توجهين داخل الإدارة للتعامل مع هذا الوضع ، التوجه الأول يدعو إلى اللجوء إلى إجراءات الانتزاع للمصلحة العمومية بالنسبة للمالكين ، وهو توجه لا تسانده الإدارة العامة لنزاعات الدولة « لكون العقار في حالته الحاضرة لا يزال على ملك الدولة الخاص حسب سجلات الملكية العقارية لكون العقود المبرمة في التفويت في بعض الشقق غير قابلة للترسيم » حسب ما ورد في محضر الجلسة.أما التوجه الثاني فيدعم اللجوء إلى سلطة الضبط الإداري للبلدية في هدم البيانات المتداعية للسقوط بإصدار قرار بلدي في الغرض.
وأشار محضر الجلسة إلى أن الحاضرين اجمعوا على أن « التوجه الثاني هو الأنسب لكونه يوفر أساسا قانونيا لإخراج المالكين إضافة إلى كون النية تتجه لاستعماله كوسيلة ضغط فقط لإقناعهم بإعادة الإسكان بالشقق التي تم بناؤها للغرض ». وفي ختام جلسة العمل المذكورة تم الاتفاق على أن تقوم البلدية بمكاتبة وزارة التجهيز والإسكان لإجراء اختبار للعمارة على أساسه يتم اصدار قرار الهدم. وبدا الأمر بعد ذلك متجها إلى مزيد من التعقيد إذ تجاوز مرحلة الضغط التي أوصت بها الإدارة بعدما كلفت المحكمة الابتدائية بتونس بطلب من الأهالي المتضررين في شهر اكتوبر 2008 ثلاثة خبراء بمعاينة البناية وأصدروا تقريرا عن حالتها.
وجاء التقرير مخالفا لتوقعات البلدية والإدارة إذ أكد الخبراء أنهم لم يعاينوا أي مسكن متداع للسقوط يمثل خطرا على المتساكنين ويستوجب إخلاءه. ورغم هذا التقرير الايجابي لفائدة المتساكنين فان هؤلاء الأخيرين لم يكتفوا بذلك وكلفوا عدل تنفيذ اثبت تقرير المعاينة التي قام بها انه » رغم صدور قرار الهدم بتعلة التداعي للسقوط فان البلدية سمحت بمواصلة جميع نشاطات المحلات التجارية ومنها المطاعم ومأوى السيارات » وأشار محضر المعاينة إلى أن البلدية استغلت الجانب الأيمن للمأوى لتنظيم مهرجان للتسوق ضمن فعاليات الأيام الثقافية والتجارية بحلق الوادي في دورتها الأولى التي تمتد من 24 جويلية 2009 إلى 9 أوت من نفس السنة ، وهو ما أثار استغراب المتساكنين الذين تصدروا قرارا استعجاليا من المحكمة الابتدائية بتونس في ماي 2009 يرفض مطلب المكلف بنزاعات الدولة بإلزام المتساكنين بالإخلاء، وهو الحكم الذي أقرت المحكمة في الطور الاستئنافي يوم 31 اوت 2009 كما أن المحكمة الإدارية امرت في 11 افريل 2009 بوقف تنفيذ قرار رئيس البلدية القاضي بإخلاء المتساكنين.
كل هذه التطورات القانونية التي جاءت معاكسة لأفق انتظار البلدية والسلطة الجهوية ومن كان له مصلحة في استغلال الفضاء موضوع النزاع لم تمنع التدهور الخطير للأحداث ليكون يوم 12 جانفي الجاري » يوما اسودا » بالنسبة للأهالي عبروا عنه بالكلمات والدموع وهم يتحدثون إلينا. المواطنة فوزية بوزنة (حرم عبدالعزيز الحاجي) ذكرت أنهم هدموا لها أربعة مساكن مسكنها ومسكن أبيها ومسكن اختها ومسكن ابنها ثم أجهشت بالبكاء وهي تصرخ الآن أنا لست تونسية لقد شردونا و أخضعوا أبنائي للتفتيش مثل المجرمين ، خلعوا علينا باب المسكن لم يحترموا شيخوخة ابي ومرض زوجي المصاب بالقلب وبجلطة دماغية ليس لنا ملابس انظر إنني ارتدي حذاء رجاليا استعرته من الجيران البلدية ادعت أنها عاينت البيت يوم 6 فيفري في حين إنني بت يوم 5 فيفري ليلا في عيادة خاصة صحبة زوجي الذي اصيب بجلطة فمن اين دخلوا البيت وعاينوه؟ اما راضية بالاسير (حرم منصف الفرتيني) فكشفت لنا عن الخدش الذي أصيبت به جراء اعتداء احد الأعوان الذين اقتحموا عليها المنزل وقالت سأحتفظ به للذكرى ماداموا يريدون محو ذكريات سبعين سنة قضيتها في هذا البيت ، لم تعد تذكر سوى مشهد أبنائها حفاة عراة يدفعون إلى حافلات البلدية دفعا وزوجها الذي أصيب بنزيف ، كانت تبكي وتطلب الموت وتردد لقد كسروا كل شئ حتى خزانة أمي التي يعود تاريخها إلى مائة سنة خلت.
لم يمنع البكاء المواطنة راضية من الإصرار على المطالبة بالتعويض المادي والمعنوي ، تعويض أكدته جارتها فاطمة بنت سليمان (حرم سمير الزائر) التي سخرت من التعويض المقترح من بلدية المكان وقالت « تصور أن تعرض علينا البلدية 90 مترا مقابل مسكننا ومسكن حماتي مساحتهما 320 مترا قبالة البحر » وأضافت فاطمة في اليوم الوطني للطفولة حرموا ابني من حقه في السكن وحرموا ابنتي من الدراسة رفضت ان تذهب إلى المعهد لان الأستاذ الذي يدرسها ليس سوى ابن المسؤول الأول الذي اشرف على عملية الهدم .
فاطمة عبرت عن شعورها بالقهر وهي لا تجد زوجها الذي تاه مصدوما في شوارع المدينة ولا تجد لباسا ولا أثاثا وتساءلت بكل حسرة السنا تونسيين السنا مسلمين…؟
ويبدو أن فاطمة لم تكن تدرك ان لا دخل لدين المتساكنين في الأمر فجارتهم اليهودية »ايلزبات بسيس » هدموا لها مسكنين دون تحذيرها او التنبيه عليها لأنها ببساطة تقيم في فرنسا وتأتي بين الحين والآخر فأين ما قالوا عنه من تنبيه..تساءلت جارتها منية بن هويدي (حرم خالد مصدق) مهندسة الإعلامية التي أكدت أنها عادت الى بيتها من المستشفى الذي اقامت فيه ليلة واحدة مع ابنها ذو الاربع سنوات فلم تجد شيئا لم تجد البيت ولا حواسيبها ولا حواسيب حرفائها « فقدت مصوغي ولباسي وأموالي وأدوات أبنائي المدرسية، وزوجي أصيب بصدمة « قالت منية التي طالبت بالكشف عن مصير ممتلكاتها وأصرت على التعويض المادي والمعنوي مثلما اكد ذلك كل متساكني « البراطل » الذي تضرروا من تصرف بلدية حلق الوادي مشيرين الى محاولة قلب الحقيقة الذي عمدت إليه بعض وسائل الإعلام الرسمية من خلال تصوير بعض عاملات الحضائر اللاتي أحضرتهن البلدية لتمرير الأمر على انه موافقة من السكان المالكين للمحلات المهدومة.
إلى هنا انتهت القصة التي رواها لنا متساكنو حي « البراطل » الذين أصبحوا مشردين لكن قصتهم مع البلدية لن تنتهي مثلما قالوا لأنهم لن يستسلموا وحتما سيكون في هذا البلد من ينصفهم مثلما انصفهم القانون ولو نظريا فهل من منصف؟ سمير ساسي (المصدر جريدة الموقف عدد530 بتاريخ 22 جانفي 2010)
في العقوق السياسي والبِرّ الوطني
بحري العرفاوي 1: السياسة والقيم
علاقات العمل السياسي المشترك هي من أعقد أنواع الإرتباط حتى وإن كان المنتظمون تحت عنوان حزبي ذوي فلسفة ثورية أو عقيدة دينية. العمل السياسي بتقاليده السائدة هو « فن » المناورة والمخاتلة وتحصيل أكبر قدر من « المكتسبات » بأقل قدر من الأثمان… تقتضي السياسة جرأة على الكتمان أحيانا وشجاعة على قول ما لا يُقصدُ، ليس في الأمر نيلٌ من سلامةٍ أخلاقيةٍ ولا تشكيك في صدقيةٍ. حين يحقق حزبٌ أو حركة أو جماعة مكتسباتٍ معتبرة ـ سياسيا ـ فإن الشركاء كلهم يعبرون عن افتخارهم وسعادتهم ويُذكرون بأهمية دورهم في تحقيق تلك الإنجازات… المكتسباتُ الهامة مغرية ٌومُحفزة للحسابات الفردية والمصالح الشخصية… كم لحظاتِ انتصار انقلبت إلى هزيمة متناسلةٍ حين لم يُحسن المنتصرون استثمارها وحين استعجلوا تصريفها بأكثر من قيمتها وقبل ميقاتها. كثيرا ما تكون الإنتصاراتُ الموهومة أو الحقيقية مدخلا للتآكل الداخلي بما يُذهبُ ريحَ أحزاب وحركات وجماعات. وفي حالة مقابلة كثيرا ما تدفع الخيبات إلى تبرئ عديد الشركاء وعدم تحمل قدر من المسؤولية في ما انتهت إليه الرحلة الجماعية من فشل أو هزيمة كما لو أنهم يستحضرون المثل الشعبي التونسي » داخل في الربح خارج من الخسارة » وهو ما يمكن اعتباره ضربا من « الإستثمار الرّبَوي » في الحقل السياسي. الأخطاءُ والخيباتُ والخسرانُ في العمل السياسي حالات بشرية لا تنال من قيمة أصحابها ولا تشرعُ إقصاءهم أو تجريمهم ـ ما لم يُجْرموا بمقاييس الشرع والقانون المتعاقد عليه ـ كل ما تستدعيه الخيبات السياسية هو مراجعات جريئة صادقة ووقوف شجاع على الأخطاء وعزم واثق على التدارك . وتلك مسؤولية شركاء التجربة مجتمعين فلا يسارع نفرٌ إلى التبرؤ من المسار كله وقد كانوا شركاءَ فيه لعقد أو عقدين ! إلا أن يُعلنوا تعبهُم بتواضع ثم يعتذرون بأدب الأوفياء عن عدم القدرة على مواصلة الطريق. 2: الأخطاء والخطايا
إذا سلمنا ببشرية العمل السياسي وباحتمالات الخطإ فإنه يكون من المنتظر أن يتحمل كل فرد مسؤوليته في التقويم والتقييم دون تحرج من تحمل نصيب من المسؤولية التاريخية والقانونية والشرعية. بعضُ الذين يخجلون من إعلان التعب والإنسحاب يقفزون إلى الضفة الأخرى يُقدمُون أنفسهم عقلاء وبالغين سياسيا وأبرياء مما فعل « القاصرون » منهم. قد لا تكون مثل تلك المواقف مستساغة بمقاييس عدة حتى وإن سلمنا بحسن نيةٍ. نوايا « المصلحة الوطنية » و مقتضيات المرحلة وواقعية السياسة وحكمة التعاطي كلها لا تبرر التنكر لتجارب طويلة ولتعاهد مع أناس على أفكار ومناهج ومآلات. البرّ بالوطن يقتضي « اتهام » النفس أحيانا ويقتضي القطع مع مسارات تبينت آثارُها السلبية على السيادة الوطنية والأمن المدني والأمان النفسي، المصلحة الوطنية بتقديرات المواطنة لا بتقديرات التوازنات الحزبية والإيديولوجية. « البر الوطني » يدفع صاحبه إلى التجرد من الأهواء والنرجسية ويدفعه إلى وقفات تأمل وإلى مراجعات دورية تستفيد من التغيرات الدائمة في المشهد الوطني والدولي وتعتبر من تجارب قريبة وبعيدة بمسافات المكان والزمان. المراجعات لا تبدأ بإعلان البراءة من التجربة إنما تبدأ بإعلان تحمل جانب من المسؤولية في عيوب الأداء ثم إعلان التقدم نحو النقد والتقييم والتقويم سواء في مجهود ذهني مشترك مع شركاء التجربة أو في جهد فردي توجه نتائجه بالدرجة الأولى إلى شركاء التجربة لكونهم هم المعنيين قبل إي كان بنتائج المراجعة. وحتى إذا حصل إطلاع المجتمع على تلك المراجعات فمن باب الصراحة والجرأة والشجاعة في تحمل المسؤولية وأيضا من باب إطلاع عموم الناس على حقائق ما حصل حتى لا تستمر معلومة خاطئة أو فكرة متآمرة أو صورة مشوهة. التجارب السياسية وإن كانت خاصة بأصحابها فإنها في الواقع ملك المجتمع كله إذ نشأت في بيئته وثقافته وبين أفراده ونتائجُها عائدة بالتأكيد بدرجة ما على عموم الناس وخاصة ما تعلق منها بالجانب الأمني أوالتمويل العمومي. المراجعات الجريئة والتحمل الشجاع للمسؤولية والتأكيد على بشرية الخطإ والإستماتة في ردّ التهم الباطلة كلها تجلبُ لأصحابها الإحترام ولا تنال من مكانتهم شيئا. السياسة ليست نشاطا خيريا ولا صداقة حميمية… المعتذرون والمتبرئون من أصحابهم يُخشى عليهم إضاعة مسارب التراجع وإرخاء حبال المودة… يُخشى عليهم الوقوع في « العقوق السياسي » بمعناه المبدئي والأخلاقي حين يُبدون خروج التبرؤ والنكاية على قيادات تاريخية يُحملونها منفردة مسؤولية الأخطاء المجتمعة ويتركون لها « الوعاء » إما تستميتُ في احتضانه وإما تكسره حين تسقط عليه. الذين صاغوا والذين عبروا والذين استمعوا والذين صفقوا أو أومأوا أو أمضوا والذين حضروا البدايات كلهم شركاء في المآلات ومسؤولون بأقدار مختلفة حيث نجاحاتٌ وحيث عثراتٌ. بين الاختلاف والتبرؤ مسافة ذهنية ونفسية مؤلمة. وللإختلافات مواقيتها حتى لا تكون مؤذية وحتى لا تستعمل في المشاريع الإلتفافية. 3: المراجعات والتراجعات أن يُجري سياسيون مراجعاتٍ دورية يُقيّمون مسيرتهم يُحصون خطواتهم الثابتة ويتأملون مواطن زللهم فذاك أمر مطلوب ومحمود ولا يترتب عنه إلا خيرٌ على أن تتم المراجعات تلك بآدابها وآلياتها بحيث لا تنتهي إلى حالة تآكل داخلي ولا إلى ذهاب ريح شركاء التجربة . المراجعات المجدية يذهب إليها أصحاب التجربة مجتمعين متدافعين ومتناقدين وحتى متعاتبين سرا وجهرا وعلى الصفحات المقروءة دون أدنى استعداد لخصام أو صدام أو تبرئ من ذاكرة وتاريخ ومسافات مشتركة. يمكن الإختلافُ في المراجعات وتلك علامة صحية ودلالة حرية وتنوع بشرط القدرة على تحمل ذاك الإختلاف فلا ينتهي إلى حالة « انشطار » أو تشظي يتسلل منه خصوم السياسة والإيديولوجيا. لا يليق الوقوع في حالة التراشق مهما اتسعت مساحة التباين في تقييم حصاد السفر. ربما اختار بعض شركاء التجربة التراجع الجذري عن تجربتهم تلك وربما اقتنعوا فعلا بأنهم كانوا « خاطئين » فلا يمكن تحميلهم ما لا طاقة لهم به . ولا يمكن الإنشغال بالتنقيب في النوايا وبالاحتمالات السيئة » إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان » حتى لا يخسر السياسيون أولائك تجربتهم وشخصيتهم في آن حين تجردهم السياسة من القيم. الكتابة مسؤولية أمام الله وأمام التاريخ ويتحمل صاحب كل كلمة ما يترتب عنها من ممارسات ومواقف وعواطف وقرارات،وإذا كانت التقاليد السياسية الرديئة تبرر ممارسات غير سوية فإن إيماننا يأبى علينا سوء القول وسوء الظن وسوء الإصطفاف كما يأبى علينا إضعاف جانب أهلنا وتمكين الأذى من مسّهم. وفي الجانب الآخر لا يليق استعمال مفرداتٍ من مشتقات « العداوة » و « الخيانة » إذ الخصومة الكبرى كما الخصومة الصغرى واقعتان داخل الدائرة الإيمانية وهو ما يُيسرُ خوضهما دون حاجة لأدوات احتراب أو مفردات إقصاء من مقدس. ولستُ مؤهلا للإفتاء ولكنني أسأل إن كان مُحرما تمديدُ قاماتنا بالنيل من قامات أصدقاءٍ اطمأنوا إلينا فوقفوا طويلا إلى جوارنا وفي الحديث » والله ما آمن من لم يأمَنْ جارُهُ بوائقهُ » 4: على قلب رجل ـ وبوضوح تاريخي وشجاعة ثقافية إذ كتب صاحبُ هذا النص: « معنيون بما يكون » و »الإرتماء في أحضان الخصم » و « الفاهمون والواهمون » و »يا تونس الأنس » إنما كان يتجه بالخطاب إلى « مدرسة سياسية » بكل أهلها يتمنى لها مكانا يتسع لاتساعها ويشتاق رؤية أفرادها مجتمعين يجوبون خارطة الوطن مستقيمي القامة آمنين آملين في مستقبلهم ومستقبل صغارهم ممن أنجبوهم في الغربة أو تركوهم سنواتِ الدخان… كانت تلك رغبة جائشة تنتظر أن يجترح السياسيون طرائق الذهاب إليها من غير كلفة مؤذية ومن غير تدافع الأيدي على مقود السير! كانت دعوة إلى قراءة المشهد بالنظر وليس بالمنظار وإلى إعادة تأمل النصوص البديعة إن كانت الجماهير مازالت تقيم فيها! وإن كانت السياسة فعل ما نريد أم فعل ما نقدر؟ ـ الذين نعنيهم بالخطاب نعرف أنهم يصدرون عن ماء واحد وأنهم اجترعوا مجتمعين لبنا استصفوه من بين » فِرْثٍ » و »دم »وأنهم ظلوا على قلب رجل واحد بشرايين متعددة حتى عصفت بهم ريح ٌ شردتهم في كل فج عميق وألبستهم سنين ألم وشوق وصداع ، لكم ظلوا على قلب رجل واحد ، ولكم تنفسوا في نفق واحد، ولكم تواسوا كلما استبد بهم شوق أو طوحت بهم الوحشة… هل تفعل السياسة فيهم كما تفعل في غيرهم ممن نظنهم يشربون من غير ماء معين؟ هل ينقلب بعض على بعض وهل يقبل أحدهم بالجلوس مكان أخيه وقد أجبر على ترك مقعده وفي الحديث نهي قاطع عن مثل ذاك الفعل؟ لا ضرر من إخصاب ساحات الكتابة ولا خوف من تفجر الإختلاف فذاك مؤشر وعي ورحابة صدر ونشاط عقول وتحرر إرادة وتقاسم مسؤولية… لا خوف من الكلمات ما لم تشحن بالديناميت وما لم يقعد منها أصحابها لأهلهم مقاعد للطعن وما لم تكن شهادة ـ ولو صادقة ـ تُصرف في تصفية حساب في غير مواقيت المحاسبة حين تتوفر ضماناتُ حماية المخطئين من الانتقام وضماناتُ تمتيع الأبرياء بالبراءة. وذا قولٌ في الأداء السياسي ـ كما نرى ـ وليس في التنظيمات الحزبية ـ لا تشملنا ـ . بحري العرفاوي تونس: 07 جانفي 2010
أبناء النهضة تعالوا إلى كلمة سواء
مراد علي
يستخلص المرء من الحوارت القائمة بين أبناء الحركة أنه بين وجهتي نظر تنافس إحداهما الأخرى متسلحة في كل ذلك بشتى أنواع الحجج والبراهين حتى لتحسبن نفسك أحيانا بين شقين متصارعين ولما لا وربما بين طائفتين أوحزبين متناقضين لاتشك وقتها ولو للحظة أن هؤلاء ليسوا أبناء فكرة واحدة وخاصة لما يزكي هذا الخلاف ويدعمه ولو من بعيد أو بدون قصد رجال لهم وزنهم وقيمتهم بين أبناء الحركة ولاأعرف حقيقة ما السر في ذلك حتى أنه تتملكني الحيرة أحيانا بين هذا الطرف أو ذاك , لاأعرف حقا من غرر بنا أو هل وصل الأمر إلى أنه لم يعد أحدنا قادرا على التمييز بين الخلاف الممدوح شرعا وقانونا والذي هو في حقيقته قوة وليس ضعفا كما يتبادر للأذهان فيكون ذلك بتلاقح أفكار هذا مع ذاك وتتم عملية التفاعل التي تكون نتيجتها في الغالب الوصول إلى الرأي الأصوب الذي يكون ثمرة لكلا المتحاورين فلا أعرف لما يخلط البعض بين هذا الخلاف وبين الخلاف المذموم شرعا الذي يفرق ولايجمع ويهدم ولايبني ذاك الخلاف الذي لايحسب فيه المرء حساب المصلحة العامة التي تستدعي أحيانا أن يتنازل أحدنا عن مايراه صوابا لأجلها الخلاف سنة سنها الله بين بني البشر لتفاوت مدارك كل واحد عن أخيه وتبقى هناك أصول وبديهيات يتفق عليها الجميع ومنها يتم البناء لتحجيم هذا الخلاف حتى تسير السفينة وتنطلق وهذه السنة تجلت واضحة لاغبار عليها في شرعنا الحنيف ومنها خرجت لنا مذاهب وآراء تقلد بعضها الآخر وترد بعضها على بعض بدون أن يحصل تنافر مذموم يفرق الجمع على ماهم عليه ولعلني أذكر في هذه المسألة حادثة أسرى بدر التي توضح بشكل لاشك فيه أن الصحابة اختلفوا في هذا الموضوع بين قائل بقتلهم وبين قائل بالفداء وغير ذلك من الآراء فحكم كل واحد منهم بحسب ما أنعم الله عليه من عقل بين من تشدد في أمرهم كسيدنا عمر وبين من لين فيهم كأبي بكر رضي الله عنه فتكون بذلك هذه الحادثة فاصلة في أن الخلاف وارد بغض النظر على أن القرآن أيد رأي سيدنا عمر ولكن الثمرة هو أن الخلاف وارد بدون أن ينقص شئ ولو بسيط من أخوة ووحدة الرابطة المتينة من وحدة الصف , ولو تمعنا كتاب الله وتدبرناه لوجدنا أيظا أمثلة كثيرة تعطي المجال لكل مجتهد في أن ينال نصيبه من الحجة والدليل على نهجه سواء كان ذلك شديدا في دين الله أو رحيما فيه فيتمثل كل على حسب ما يسر الله له ولو نتوسع قليلا لرأينا أن دولا في عصرنا تحكم وتدار بهذه السنة فلا يكاد نظام يحترم نفسه يخلوا من جناحين اصطلح على تسميته في عالم السياسة هذه بأجنحة الحمائم والصقور ومع ذلك لاتشهد نفورا كبيرا بينهم بل كل يحاول أن يبني مع الثاني وكل يقوم بالشئ الذي لايستطيعه الثاني فيغذي كل واحد ما يحتاجه الآخر تجمعهم في ذلك مصلحة عليا لايختلفون عنها قيد أنملة وبالمقابل من يشاهد من بعيد لايستطيع أن يتهم هذا الكيان بممارسة الإزدواجية التي تشكك في مصداقية كليهما بالرغم أن الإزدواجية موجودة حقيقة وتبادل الأدوار قائم لامحالة بل ومحترمة هذه الإزدواجية ومقبولة ولربما تعطي فرصة أكثر للتعامل مع هذا الكيان أو النظام للآخر الذي يريد التعامل معه, ربما مرد ذلك أن الكل يعي حقيقة وضرورة أن بغير هذه الإزدواجية لاتسير الأمور ولا تصلح الأشياء فكيف لا وقد تعلم الإنسان شرقا وغربا أن أول خلية تحكم في هذا المجتمع تحكم بهذه المعادلة فيتبادل كل من الأم والأب الأدوار بين متشدد وملين في تسيير أمور أول مملكة يمكن للإنسان أن يحكمها أو يسيرها ولهذا أصبحت هذه المعادلة ضرورة لاينكرها إلا معاند لايبغي إلا خرابا لما يريد حمل الناس على رأي واحد الخلافات النهضوية: يقول فريق من أبناء النهضة وهم من يسمون بدعاة المصالحة ولكني سأسميهم بالحمائم تماشيا مع جوقة الذوق العام كما سأسمي دعاة المغالبة بالصقور يقول جناح الحمائم أن الإخوة في القيادة هم السبب في ما آلت إليه الأوضاع من توتر وتأزم بيننا وبين السلطة مم سبب كوارث دفعت الحركة ثمنه باهظا كان يمكن أن تتفاداه لو تخلت عن نهج المغالبة وبالتالي يطالبون بأن تقف القيادة وتراجع أخطائها وتعلنها على الملأ على الأقل كرد حق لأولائك الذين غرر بهم ودفعوا إلى حرب غير متكافئة فلاأقل أن يعترفوا لهم بأخطائهم كما يطالبونهم أيظا بالتخلي عن هذا النهج (أي نهج المغالبة) لأن المصالحة مع النظام ممكنة لولا وأد المبادرات التي يتسببون فيها وكم فرصة أضاعوها . في المقابل يقول الصقور قمنا بمراجعات ونشرناها ولاتوجد هناك أي بوادر لمصالحات من قبل النظام بالرغم أننا دعوناه للمصالحة في أكثر من مرة وما الترويج لهكذا مبادرات إلا ترويج للأوهام والساحة تشهد بذلك هذا بإيجاز وإلا فنقاط الخلاف تصل في بعض الأحيان أكثر من ذلك وخاصة لما تشتم منها الحوارات الشخصية التي تعلم وقتها قطعا حقيقة الخلاف الدائر وأسباب توسعه حتى لتحسب نفسك إذا ماقرأت نقدا لهذا الشق أو ذاك أنك أمام رجل يغضب له سبعين ألف قلم لايعلمون فيما غضبوا إذن هذه هي أهم النقاط المختلف عليها وإني وإن كنت أميل إلى أحدهما إلا أني لست بصدد الدفاع أو التبني لهذا أو ذاك لإيماني أن لكل رأي له مايؤيده ويقويه بوجه الآخر فلو أخذنا مثلا ما يقوله الحمائم في أخطاء القيادة واعترافها بها وتضييع الفرص على المصالحة نجد أن في قولها هذا فيه من الحق ما فيه من الباطل فأخطاء القيادة يستحيل أن تكون هي السبب الرئيسي في ما آلت إليه الأوضاع لأنه لايعقل أن نتجاهل العوامل الداخلية والخارجية المعلومة لكل الناس والتي لافائدة في ذكرها فلطالما تغنى بها ورددها الصقور في الدفاع عن أنفسهم ولكن يكفي أن أضرب هذا المثل الذي يوضح الصورة بشكل تام فلو نشبه الحالة السياسية في تونس قبل أن يحصل الإصطدام بالبيت الذي له أكثر من عمود يحمله فمن النهضة إلى التجمع إلى غيرهم من الأحزاب كل يحمل على حسب قدرته فسنجد أن بيتنا التونسي يتألف من عدة أعمدة ومن البدهي أن عمود النظام أو التجمع هو العمود الرئيسي والأساسي لهذا البنيان وفجأة اختلت هذه العواميد وبدأت تتهاوى الواحدة تلوى الأخرى إلى أن سقط البيت على الجميع فهل يعقل وقتها أن نأتي إلى عمود في طرف الزاوية لنلقي عليه الحمل كله ونتهمه بإسقاط البيت ليخرج أهم عمود في البيت بريئ بالرغم أن الحمل الرئيسي يتحمله هو ويفهم الأمر هكذا بين القاصي والداني , ألا يكون في هذا ظلم كبير وتغيير وتزييف للحقائق وأكثر من ذلك اتهام بريئ وبراءة متهم أفليس الأولى أن المتسبب في الأزمة كل الأطراف والنظام يتحمل القسط الأكبر وإذا ماغيرنا هذه الحقيقة وشوهناها فأي مصداقية لمصالحة بنيت من أولها على تزويير الحقائق أليس الصواب أن خطأ قيادة النهضة بسيط ويكاد لايذكر أمام خطأ النظام مم يجعلها في حل مما تطالبونها به لما يجره عليها هذا الذنب البسيط بأن تبوء بكل تبعات الخراب الذي حصل كالذي قتل دجاجة والذي قتل إنسانا لايستوون ومم يعمق الأمر ويزيد الطين بلة اكتفاء الحمائم بإلقاء اللوم على القيادة بينما نجدهم في نفس اللحظة لايكتفون بالسكوت عن أخطاء النظام بل يخاطبونه خطاب مشبوه بالتطبيل أحسب أن أكثرهم يعلمون يقينا في داخل أنفسهم أن مايقولونه ليس له أي مصداقية على أرض الواقع وهذا سبب قوي جدا مم يجعل ما يطرحونه لايلقى له بال بل هم يساعدون إخوانهم على اتهامهم لما يصل الأمر أحيانا إلى فعل لاتجد له عذر ولاتأويل ولعلي أذكر مرة أن أحد الإخوة الذين يطرحون هذا الطرح قام بغزوة كبيرة إذا صح التشبيه على الشبكة يبشر ويدعو إلى مبادرة يعلم الكثير من الناس أنه لايتكلم من فراغ وأنه ربما له اتصال بالنظام في مايطرحه ولربما أوكل حقا بهذه المهمة وهذا مايفسر استماتته في اقناع إخوانه في جدوى مايطرح وتحمل ماتحمل من هجمات من هنا وهناك كان في غنى عنها فطرح ما طرح ولكنه للأسف لم يحسن عرضه فقلب سافلها عاليها حتى علق أحد الناس أن بعض أقطاب النظام قال عنه أنه لم يحسن طرح مبادرته فيكون بذلك قد ساهم من حيث لايدري بتعميق الأزمة من حيث لايدري بل وقع في نفس الأمر الذي يتهم به غيره من تضييع للفرص والمبادرات لما شوهها وأخرجها عن إطارها أما بالمقابل أيظا مايقول به الصقور فهو كإخوانهم فيه من الحق مافيه من الباطل فتخطئ القيادة خطأ كبيرا لما تجعل كل مايقوله الحمائم في سلة المهملات وبالتالي تجاهله عوض الإستفادة من عين الصواب الذي فيه فما يطرحه الحمائم له مصداق قوي جدا في أرض الواقع وإخوانهم لايروجون الأوهام كما يقولون بل هناك تغيير حاصل من قبل النظام وتجاهله لايعني قطعا عدمه فمن يذكر في السنوات الأولى الخطاب الرسمي للنظام ليجدن الفرق جليا واضحا بينه وبين خطاباته في السنوات الأخيرة التي يفهم منها أنه على استعداد لتقبل الحوار وعلى استعداد على حلحلة الوضع وإن كان على استحياء إلا أنه لاينفي أن هناك تغيير يجب استثماره بدل تبديده فلو رجعنا قبلا لوجدنا خطاب النظام لايكاد ينسى في أي مناسبة على أن يعلن أنه لاحوار مع المتسترين بالدين كناية في ذلك على حركة النهضة حتى أصبحت هذه الجملة تقليدا دأب عليه الخطاب الرسمي لسنوات عديدة بينما نجد مؤخرا بعض المؤشرات التي تدل على تخلي النظام على هذه السياسة هذا بالإضافة إلى أسباب كثيرة أوردها أستاذنا عبد المجيد النجار في خريطته الأخيرة تعزز وتدلل على أن هناك تغيير قادم لامحالة وهي أسباب وجيهة ومعقولة إن لم نقل بتوكيدها قطعا وهذا كله هو مايجعل لقول الحمائم نصيب كبير من الحق في وجه الصقور فتقتضي الحكمة وقتها للتعامل مع كلا الطرفين بجدية والإستفادة من كلا الأخوين كل على القدر الذي هو فيه فالحمائم يخطؤون إذا فكروا يوما أن المصالحة ممكنة بتجاوز آراء إخوانهم من الصقور الذين يشكلون لهم في الحقيقة دعما خفيا علموه أو لم يعلموه ويشكلون لهم سببا مقنعا لدى النظام للتعامل معهم لو كان فعلا هناك اتجاها لدى السلطة لحلحلة هذا الملف وكلاهما في الحقيقة يغذي بعضه بعضا لامناص لكليهما من كليهما إذ لايتم مايرجوه هذا إلا بالتوحد مع ذاك وهذه هي الثنائية العجيبة التي أشرت إليها سابقا وهي سنة الله في خلقه سبحانه لايخلق شيئا عبثا مذا لو قلنا وفي ذلك فليتنافس المتنافسون.
مراد علي
بنزرت:مؤتمر الإتحاد الجهوي للشغل ببنزرت
حوالي الساعة العاشرة من مساء الإثنين 18 جانفي 2010 ، باح المؤتمر العادي للإتحاد الجهوي للشغل ببنزرت بجزء من أسراره وتحصلت القائمة الرسمية أو قائمة الكاتب العام المتخلي على 6 مقاعد بينما ا فتكت قائمة الممانعة 3 مقاعد . رغم حصول القائمة الرسمية على أغلبية مريحة لم يتمكن الكاتب العام المتخلي من حسم الخلاف حول الكتابة العامة بعد انقسام مجموعة الستة إلى فريقين (3ضد3) وبروز 3مرشحين للكتابة العامة عن المجموعات الثلاث. مما أسفر عن تأجيل توزيع المسؤوليات لجلسة يوم السبت 23 جانفي للوصول إلى وفاق وتمكين « الوسطاء » من إقناع البعض والضغط على البعض الآخر حتى يحافظ الكاتب العام المتخلي على الكتابة العامة. لم تفلح « الضغوطات » ولا « الوساطات » في ترجيح كفة الكاتب العام المتخلي إذ قررت الأغلبية الجديدة المتكونة من ثلاثة الممانعة وثلاثة من القائمة الرسمية ، اختيار كاتب عام جديد من قطاع التعليم الأساسي. هل يتوفق المكتب الجديد في دفع مسيرة العمل النقابي بالجهة؟هل ينجح المكتب الجديد في بلورة شعارات النضال والديمقراطية والاستقلالية التي رفعت قبيل و أثناء المؤتمر؟ هل يصنع الأربعة الجدد ربيع بنزرت النقابي؟ الكاتب العام عبد الكريم الخالقي (تعليم أساسي) المكلف بالنظام الداخلي بشير السحباني (صحة) المكلف بالوظيفة العمومية محمد الأمين التوانسي (تعليم ثانوي) المكلف بالمالية كمال المعلاوي (قطاع البنوك) نقابي من بنزرت
في الذكرى الرابعة والستين لتأسيس الإتحاد العام التونسي للشغل. ماذا خسرت تونس بتجميد الإتحاد وإلحاقه بالدولة.
20 جانفي ( يناير ) 1946. بادر في هذا اليوم ـ قبل 64 عاما ـ ثلة من المناضلين الوطنيين إلى تأسيس الإتحاد العام التونسي للشغل ( منهم محمد علي الحامي وبلقاسم القناوي وفرحات حشاد ) ليكون مؤسسة أهلية مدنية من مؤسسات المقاومة ضد الإحتلال الفرنسي للبلاد الذي تسمى بإسم الحماية وهو الإسم ذاته الذي تبناه جيل الإنهزامية والتغريب في مغالطة مفضوحة مكشوفة لإسباغ نوع من المشروعية الوطنية على الإحتلال العسكري والثقافي للبلاد ( 1981 ـ 1956)..
السياق التاريخي العام الذي تأسس فيه ذلك الصرح العتيد. 1 ــ سياق المقاومة العامة ضد الإحتلال الفرنسي بدءا من حوادث الجلاز في السنوات الأولى من القرن الميلادي العشرين(1911) بما جعل فقهاء الزيتونة يومها يفتون بحرمة التجنس بالجنسية الفرنسية مقاومة للتطبيع مع الإحتلال بكل ألوان التطبيع الممكنة وتجذيرا للوقاية النفسية الداخلية الكفيلة بالتعبئ للقضية الوطنية الراهنة يومها : قضية التحرير الوطني.ثم توالت حركات المقاومة وكانت أشهر حلقاتها يوم 9 أبريل ( نيسان ) 1938 التي قادها المقاوم علي البلهوان ومن معه وظلت تعرف في التاريخ التونسي الحديث ( ما بعد الإستقلال ) بعيد الشهداء. 2 ــ سياق المواجهة الداخلية بين حملة ( بفتح الميم ) المقاومة الوطنية الصادقة الوفية لتونس العربية الإسلامية دينا وحضارة وتراثا زيتونيا مجيدا تليدا وبين حملة المقاومة التي إختارتها فرنسا. إذ بمثل ما تختار بعض الدكتاتوريات اليوم شرقا وغربا معارضتها المروضة منزوعة الأقلام والألسنة ومهجنة الأفئدة والمهج يختار الإحتلال في تونس وخارجها ـ بالأمس واليوم وغداـ مقاومته التي تخلع عليه إسم الحماية وهل يقاوم الحماية غير المتخلفين عقليا!!!. تلك مواجهة تونسية داخلية نشأ الإتحاد العام التونسي للشغل على صداها.. مواجهة إنحسم فيها الصوت بنسبة تكاد تكون شاملة كاملة لبورقيبة ـ زعيم المقاومة التي إختارتها فرنسا لنفسها ـ وذلك في مؤتمر الحزب الحر الدستوري التونسي ـ أنشأه المرحوم الثعالبي(1920) زعيم المقاومة التي إختارتها تونس العربية المسلمة حاضنة الزيتونة أول معلم ديني علمي حضاري إسلامي في الأرض بعد الحرم الثلاثة التي لا تشد الرحال إلا إليها : مكة المكرمة والمسجد النبوي بالمدينة المنورة والمسجد الأقصى ـ المنعقد بمدينة قصر هلال في 2 مارس 1934 وهو المؤتمر الذي ـ نتيجة لإستحقاق إنتصار البورقيبية ضد الثعالبية ( إنتصار الحماية الفرنسية ضد المقاومة الوطنية ) ـ بدل إسمه ليصبح : الحزب الإشتراكي الدستوري.. 3 ــ يمكن الإطمئنان إذن بأقدار كبيرة إلى أن الإتحاد العام التونسي للشغل إنما أراد له أصحابه المؤسسون أن يكون درعا واقيا من دروع حركة التحرير الوطني من ربقة الإحتلال الفرنسي من جهة وسندا عماليا شعبيا فاعلا من أسناد المقاومة الوطنية أن يستدرجها الجناح البورقيبي الخارج لتوه من إنتصار كبير ضد منهج الثعالبي إلى أن تكون رجع صدى ( للحماية) الفرنسية.. من جهة أخرى .. دون أن يكون ذلك على حساب الرسالة النقابية المطلبية للشغالين التونسيين أما تجريد ذلك الحصن العمالي العتيد ( أعرق مؤسسة عمالية عربية وإفريقية وإسلامية في العالم كله ) من دوره التحريري ضد الإحتلال فليس عند المحللين بشيء بعيد عن التهافت.. 4 ــ بعد التأسيس ( 1946 ) بسبع سنوات فحسب إندلعت حوادث 18 جانفي ( يناير) من عام 1952 وهي الأعنف والأكثر إمتدادا وشهرة ضمن خارطة التحرير الوطني.. ولا ريب في مساهمة إتحاد الشغل فيها بشكل من الأشكال سيما عن طريق التعبئة الجماهيرية والتحريض الجماهيري لليد العاملة التونسية.. وفي العام ذاته ( 1952) إغتيل مؤسس ذلك الصرح النقابي العمالي التحرري العتيد المرحوم فرحات حشاد : 5 ديسمبر ( كانون الأول ).. إذ يمكن للإحتلال أن يغفر لحشاد ومن معه من المناضلين الوطنيين المخلصين جمع كلمة الشغالين ضمن خارطة المطالب النقابية العادية.. أما أن يتحول الإتحاد إلى معول من معاول المقاومة ضد الإحتلال ينظم التحركات ضده أو يساهم فيها فضلا عن مساندته لمنهج في المقاومة والتحرير يقوم على أولوية الهوية العربية الإسلامية للبلاد ـ بديلا عن المنهج البورقيبي ـ ذلك أمر لا يغفره الإحتلال الفرنسي .. بل لا يغفره المنهج البورقيبي ذاته.. 5 ــ أما السياق الدولي يومها فلم يكن الحاضر الغائب بل كان ـ بسبب الإحتلال ـ الحاضر الحاضر.. بكلمة واحدة مختصرة : كانت تونس يومها بمثل البلاد العربية والإسلامية الواقعة تحت الإحتلال أو أطماع الإحتلال رجع صدى لإحتدام المعركة الدولية الساخنة بحربيها العالميتين الأولى ( 1914 ـ 1919) والثانية ( 1939ـ 1945) من جهة تقاسما للنفوذ في شمال الأرض وتسابقا على القصعة العربية الإسلامية بإرثها الديني ( المسيحية الشرقية والإسلام) والجغرافي والإقتصادي والإستراتيجي من جهة أخرى تطبيقا لقرارات المؤتمر الصهيوني الأول ( بازل 1897) ومعاهدة سايكس وبيكو ( 1916)..لا شك في أن لتلك السياقات عربيا وإسلاميا وإفريقيا ودوليا أنصبتها المقدرة تدخلا وتداخلا في الآن ذاته في الشأن التونسي.. كان سياق التأسيس إذن لأعرق منظمة نقابية عمالية عربيا وإفريقيا وإسلاميا سياقا مزدوجا تلتقي فيه رسالات كبيرة منها رسالة المساهمة في التحرير الوطني ومنها رسالة تصحيح مسار المقاومة ضد المحتل بعزل المنهج البورقيبي والإنخراط في منهج الثعالبي ومنها الرسالة النقابية المطلبية العامة التي لا يمكن في مناخ الإحتلال إلا أن تكون نقابية مقاومة أو مطلبية تحررية بحكم طبيعة الأشياء..
إتحاد الشغل والدولة القطرية الحديثة : تقاطعان لا يلتقيان. الحقيقة المرة في الحالة التونسية هي أن خط الحماية وأزلام الحماية من الداخل الذين صنعتهم بيديها وعلى أعينها في باريس.. إنتصر بضربة كادت تكون قاضية يوم 2 مارس 1934..منذ ذلك اليوم تشكلت الدولة التونسية الحديثة.. دولة بورقيبة..ولم يكن عام 1957 وما بعده حتى يومنا هذا 2010 سوى ترتيبات داخلية تأقلما مع هذا الظرف غير الأنسب أو إلتفافا على ذلك أو تصفية لهذا المشاغب وما أكثر » المشاغبين » حين تعدهم من شيوعيين وزيتونيين ويوسفيين ونقابيين وليبراليين وإسلاميين إلخ..إذ بينما شيدت الدولة العربية الحديثة ( دولة ما بعد الإستقلال أو الدولة التابعة ) على أساس ثابت لا حياد عنه ضمن التوازنات الدولية المنخرمة لصالح القوى الغربية المتنفذة على حساب الكتلة العربية والإسلامية.. ذلك الأساس الذي لا يتخطاه إلا من عرض حياته للخطر هو : تنفيذ الحد الأدنى المطلوب من المصالح الغربية المتنفذة ومنها : مصلحة الكيان الصهيوني والمصلحة الإقتصادية.. ولا سبيل إلى ذلك في ذهن كل عاقل إلا بالحيلولة دون إستخلاص الأمة بشعوبها العربية وغير العربية لمقاليد السلطة وكانت النتيجة المنطقية المعقولة : الدولة ضد الأمة.. ولكن كانت الدولة ضد الأمة في تونس مكثفة مركزة باهظة الثمن جدا.. بسبب التطرف البورقيبي في الولاء للغرب.. لذلك عمل بورقيبة منذ اليوم الأول على تجميد أو إلغاء أو تهميش المؤسسات الأهلية والمدنية التي يمكن أن يستند عليها الشعب لتقوية المجتمع وإعادة دوره بالتوازن مع الدولة الجديدة المنتصبة ومنها الإتحاد العام التونسي للشغل الذي ألحقه بادئ ذي بدء ـ شأنه شأن كل المنظمات الوطنية ـ بالدولة ضمن مجلس حكومي موحد ( إتحاد الفلاحين وإتحاد الصناعة والتجارة وغيرهما ) فلما تسلم المرحوم إبن عاشور الإتحاد فاختلف مع المرحوم الهادي نويرة كان ما يسمى في تونس بالخميس الأسود 26 جانفي من عام 1978.. وحدث المنعرج الأكبر : إنحياز الإتحاد بشكل كامل أو شبه كامل إلى قضية العدالة الإجتماعية في تونس التي إنهكها الخيار الرأسمالي للمرحوم نويرة ( على أن الخيار الإشتراكي الذي تبناه أحمد بن صالح لم يكن أقل سوءا).. وبدأت معركة الدولة مع الإتحاد بشكل جدي.. ولا مناص من الإعتراف بأن الدولة إنتصرت في المعركة إنتصارا كبيرا.. إنتصار بدأه بورقيبة عام 1978 ثم أنهاه بن علي حتى يوم الناس هذا : 2010 .. وبذلك يمكن الإطمئنان مرة أخرى إلى أن المجتمع في تونس ممثلا في مؤسساته وإتحاد الشغل في مقدمتها .. في تقاطع سير لا يلتقي مع تقاطع سير الدولة إلا تقاطع الإنحناء المؤقت إتاحة لفرصة كافية لمرور العاصفة الهوجاء.. إذا لم يكن من سبيل لذلك التقاطع ـ تقاطع الإتحاد خاصة ـ في مرحلة التحرير الوطني ثم في مرحلة بورقيبة فأنى له أن يكون في مرحلة بن علي!!! لك أن تقول بإطمئنان كبير إذن إلى أن عصا الدولة تفرض الصمت والإنحناء لسنوات طويلة.. غير أن العاقبة مأساوية وكارثية على المجتمع والدولة معا سواء بسواء..
ماذا خسرت تونس بتجميد إتحاد الشغل وإلحاقة بالدولة. 1 ــ إنخرام خطير جدا بين الدولة والمجتمع في البلاد.. إنخرام تحولت فيه الدولة بمؤسساتها الأمنية خاصة ـ أو التي تأتمر في القضايا الكبيرة بالأمر الأمني ـ إلى دبابة تسحق مع مطلع كل شمس جديدة مكسبا جديدا من مكاسب المجتمع إما في أحزابه السياسية أو منظماته الحقوقية أو جمعياته الأهلية أو منابره الإعلامية.. ذاك إنخرام من شأنه بث الخوف من الدولة ورموزها وإذا تقطعت أواصر الثقة بين الدولة والمجتمع فلا نماء ولا رقي ولا إزدهار.. 2 ــ أخطر شيء يمكن أن يثمره ذلك التجميد لإتحاد الشغل هو قيام المجتمع في وقت ما من أوقات اليأس من الدولة على إحتضان جيوب داخلية سرية للمقاومة بأي شكل من أشكال المقاومة ولو كانت مقاومة سلبية أو مقاومة رد فعلية أو مقاومة رأسمالها الغضب والإنتقام فضلا عن المقاومة التي إنتشرت في المجمتع التونسي أخيرا وهي المقاومة برد الفعل المتجه نحو الفرار إلى الفساد والإفساد من مثل عصابات الجريمة وتقطيع أواصر اللحمة الإجتماعية حتى في دوائر الرحم القريبة والوطيدة.. شيخوخة المجتمع ذاتها ـ وهي حقيقة بالأرقام والإحصائيات الرسمية ـ هي ثمرة من ثمرات ضرب إتحاد الشغل وسائر الظواهر الإجتماعية المخيفة الأخرى من مثل ظاهرة الأمهات العزباوات وغيرها.. 3 ــ أما الثمرة في مستوى العدالة الإجتماعية فهي ظاهرة للعيان إذ برزت في تونس في العقدين الأخيرين شرذمة من المترفين المرتبطين عضويا بالقصر الحاكم عن طريق المصاهرة أو الإئتلاف الأمني أو المالي.. شرذمة قليلة العدد تتسابق على الإستئثار بثروة البلاد والإستيلاء على المشاريع الرابحة والواعدة.. بينما يفر الشباب تباعا إلى شمال المتوسط في مغامرة محفوفة بالمخاطر.. حركة لم تفتر وتيرتها على إمتداد عقد ونصف العقد.. التفاوت الجهوي والفئوي والطبقي في تونس أضحى حقيقة إجتماعية لا يحتاج لرصد بالأرقام والإحصائيات بل تبصره العين المجردة في أحزمة المدن.. 4 ــ يمكن لك بإختصار شديد أن تقول بأن ضرب إتحاد الشغل أو تجميد فعاليته أثمر حالة من الموات الجامع : موات في السياسة وموات في الحوار الفكري وموات في الحياة الحزبية وموات في النماء الإقتصادي وموات في التماسك الإجتماعي.. ذلك أن إتحاد الشغل ليس حزبا ينتمي إليه هذا ويعزف عنه ذاك بل كان بمثابة القلعة الحصينة الحامية التي ينتمي إليها كل موظف وكل عامل ويدعمها كل مواطن تونسي.. لك أن تقول بإطمئنان كبير أن تجميد إتحاد الشغل وإلغاء دوره أثمر تجميد المجتمع بأسره وإلغاء دوره.. فإذا علمت أن الهجمة لم تكن ضد إتحاد الشغل فحسب بل طالت الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان والأحزاب والمنظمات وكل الفعاليات حتى لو كانت مستقلة أو حرة أو تستخدم أقلامها ودراساتها وبحوثها وليس تحزبها وحركتها الجماهيرية في الشارع.. إذا علمت ذلك أدركت مدى المصيبة التي حلت بتونس مجتمعا ودولة وحاضرا.. 5 ـ خسرت تونس بضرب إتحاد الشغل مدرسة عريقة في الديمقراطية العمالية. كان يمكن لإتحاد الشغل أن يتطور في تجربته الديمقراطية فتتعلم منه الأحزاب السياسية وبقية المنظمات المجتمعية.خسرت تونس سمعتها التي ليس فيها كثيرا ما يسر بعد ضرب كل مؤسسات البلاد التي تعتز بها من مثل الزيتونة التي خلدت تونس وعرفت بها تونس شرقا وغربا ومن مثل إتحاد الشغل ورابطة حقوق الإنسان..
إعادة الإعتبار لإتحاد الشغل مسؤولية وطنية لا يتخلف عنها وطني صادق غيور. تلك هي الخلاصة التي ما ينبغي أن يختلف عليها التونسيون. إعادة الإعتبار لذلك الصرح الكبير هي مسؤولية وطنية لا يتخلف عنها وطني صادق غيور يستوي في ذلك الإسلامي مع العالماني.. إحياء المجتمع وتفعيل دوره حيال الدولة المغتصبة يمر حتما عبر إحياء الإتحاد وبعث الروح فيه من جديد سيما في هياكله الدنيا القاعدية والمتوسطة بما يجعله في حركة إستعصاء دائم على الإنسحاق بالكامل أمام الدولة التي لا ترى فيه إلا عائقا أمام إنبساط نفوذها على البلاد كلها.. تلك هي مسؤولية الأحزاب السياسية وتلك هي مسؤولية المنظمات الحقوقية وتلك هي مسؤولية المنابر الإعلامية وتلك هي مسؤولية المستقلين والمثقفين.. لا بد من الإتفاق على حصيلة صحيحة مفادها أن المشكلة التونسية هي إبتلاع الدولة بترسانتها الأمنية للمجتمع وفعالياته من كل لون بل حتى التي لا لون لها أصلا.. لا بد من الإتفاق على حصيلة مفادها أن مؤسستين يحتمي بهما المجتمع التونسي من نهم الدولة وجشع رجالها وهما إتحاد الشغل ورابطة حقوق الإنسان.. إعادة الإعتبار لهما مقدم حتى على إحياء الأحزاب السياسية بسبب أنهما ـ خاصة إتحاد الشغل ـ يحتضنان المناضلين من كل لون بينما تكون الأحزاب خاصة بالمتحزبين.. إذا إتفق التونسيون على تينك الحصيلتين فإن حركة التغيير والإصلاح في تونس على الطريق الصحيح.. إذا كنا ننتظر الحرية للسير على ذلك الدرب فإن الإنتظار لا يفرز سوى مزيد من الإبتلاع والإستعباد وصنع أجيال جديدة تولي ظهرها للتحديات المحدقة بمستقبل البلاد.. إنما الحرية يصنعها الرجال بجهودهم ومصابراتهم من دجى الليل البهيم..
(المصدر: موقع « الحوار.نت (ألمانيا) بتاريخ 25 جانفي 2010)
« يُفتح الستار »… إعلام يصنع إشعاعه من المتاجرة بأحزان الشعب
كثيرة هي البرامج « الاجتماعية » التي أصبحنا نشاهدها على شاشة تونس 7، فمن « الحق معاك » إلى « عندي ما نقلك » إلى « المسامح كريم »… وهذه البرامج تبدو مؤثرة إلى حدّ البكاء وقريبة إلى قلوب الناس وتعالج بعض المشاكل الاجتماعية والقانونية الخاصة. وقد نجحت إلى حد ما في أن تكون محور اهتمام الكثيرين ومحور حديثهم، كما قد تكون نجحت في لمّ شمل هذه العائلة أو تلك بعد فراق دام سنوات، أو في حل مشكل قانوني عالق.. لكن لا يجب أن يخفى عن المشاهد التونسي مدى خطورة هذه البرامج التي تتحول إلى أداة لصرف المواطن وإلهائه عن مشاكله الحقيقية ومعاناته اليومية من بطالة وتهميش وغلاء للأسعار وقمع لحرية الفكر. لماذا لا تجرؤ قناة تونس 7 مثلا على فتح ملف البطالة بصفة عامة ومناقشته عوض معالجة حالة خاصة؟ هي لا تفعل ذلك لأن هذا الملف محرج للسلطة لأنها هي المتسببة فيه بخياراتها الخاطئة التي لا تخدم إلا مجموعة احترفت اللصوصية والدوس على كرامة أبناء الشعب. لماذا لا تعلن تلفزة بن علي عن الزيادات اليومية في الأسعار وتلجأ إلى تمريرها مثل اللصوص آخر الليل ليفاجأ بها المواطن صباحا؟ هي لا تفعل ذلك لأنها تعرف أن السلطة هي المتسببة في ارتفاع الأسعار وتدهور القدرة الشرائية للمواطنين. إن الغاية الحقيقية من هذه البرامج هي عدم تحميل المسؤولية للسلطة في المشاكل الاجتماعية التي يعاني منها المواطن وتحميلها لهذا المسؤول البسيط أو ذاك، وإيهام المواطن بأن الحل ممكن بقليل من « التفهّم »… فهي تلعب دور « القرص المخدّر » الذي تلجأ إليه السلطة كلما اشتدت أزمتها وكثرت تشكيات المواطنين. بالإضافة إلى ذلك فهي تلعب دورا وضيعا في علاقة بأسرار الناس وخصوصياتهم.. لتطرحها وتعرّيها أمام ملايين المشاهدين. (المصدر: « البديـل عاجل » (قائمة مراسلة موقع حزب العمال الشيوعي التونسي) بتاريخ 25 جانفي 2010)
مركاتو الإعلام
إيهاب الشاوش في بداية التسعينات، عندما انتقل لاعب الترجي الرياضي التونسي، نبيل معلول للعب في النادي البنزرتي ثم في النادي الإفريقي، الغريم التقليدي للترجي قامت الدنيا و لم تقعد.ورفض رئيس الترجي آنذاك سليم سيبوب تجديد عقد هذا اللعب. و كان كلما لمس معلول الكرة، تقابله جماهير الترجي بالصافرات و الشتائم و عبارات التخوين و السباب. و كاد ينتهي معلول، المحلل الرياضي للجزيرة الرياضية، الى النسيان. بعد سنوات أصبح ينظر لانتقال اللاعبين من فريق لآخر سواء في الداخل او الخارج، بعين الرضى بل و الفخر لأن في ذلك دلالة على مهارة اللاعب، الذي اصبح يسيل لعاب رؤساء الجمعيات و المشجعين على حد سواء، دون اي احتجاج، وعوض نبذه كما كان في الماضي تراهم يتنافسون من أجل استمالته بمئات الملايين حتى لا تختطفه الجمعية الأخرى. الآن الشارع الرياضي التونسي، يصف عملية شراء و بيع اللاعبين في سوق كرة القدم ب »المركاتو »، الذي بدوره احتل مكانة اهم من البطولة التونسية ذاتها،و اضفى مسحة من التسامح و « الانفتاح » بين المشجعين، الذين كانوا يغالون في التعصب للاعبيهم الى وقت غير بعيد، لساءل ان يسأل، بعد هذه المقدمة، عن علاقة مركاتو الرياضية بمركاتو الإعلام، لأن مقارنة بسيطة بين السوقين، يخلص الى ان الرياضة قطعت أشواطا متقدمة في اقتصاد السوق، و كنتيجة لذلك،هبت نسائم الحرية على هذا القطاع، عكسته جرأة الإنتقادات التي تنهال على رؤوس المسؤولين من جامعة كرة القدم، و جمعيات و وزارة، بعد ان نبذت الرياضة الشعارات و العنتريات، لتدخل اقتصاد السوق، و حسابات الربح و الخسارة. في المقابل، و للأسف، ما يزال مركاتو الإعلام في تونس بدائيا، متعصبا و منغلقا على ذاته. فقبل ايام هددت صاحبة جريدة الشروق التونسية الزميلة سناء بالطرد، متهمة اياه بأن زوجها الذي يعمل رئيس تحرير جريدة الصباح، المنافسة، يقوم بإفراغ صحيفة الشروق من كادرها. و قبل سنوات، كال مدير قناة حنبعل الخاصة التهم للمذيعين معز بن غربية و علاء الشابي، لأنهما قررا مغارة القناة في اتجاه شركة انتاج خاصة تتعامل مع التلفزيون الرسمي التونسي، في مشهد يذكرنا ما كان يحدث في الملاعب التونسية بداية التسعينيات. فهل كتب على الصحفيين و الإعلاميين العيش بما يسد الرمق، حتى لا يغضبوا أرباب المؤسسات؟؟ و اذا كانت اقدام اللاعب، يمكن ان توصله الى العالمية و تحقيق البطولات، في ارقى الملاعب الدولية، اذا توفرت له الظروف و الإمكانيات، فلما لا يكون الأمر مماثلا للصحفي، الذي يمتلك قلما ماهرا، محترفا، مع الحفاظ على اكبر قدر ممكن من الحيادية، حتى لا نكون مثاليين مثل البعض و نتحدث عن الحيادية المطلقة،؟؟ رغم ما حققه القطاع الخاص منذ سنوات قليلة من خلق نواة صغيرة « لمركاتو الإعلام »، إلا ان صناعة الإعلام، في تونس ما تزال بعيدة المنال، لأن الصناعة تتطلب سوقا، منفتحة، تتبادل فيها المؤسسات الإعلامية الخبرات، و الإعلاميين و الأفكار و يتنافسون من أجل استقطاب احسن الكفاءات، ليس وئدها، حية و التنكيل بها ورجمها، و دفعها نحو الهجرة دفعا،في حين يعشش الوصوليون الجدد و الإنتهازيون بين ثنايا المؤسسات الإعلامية ينتظرون التسميات و الترقيات. كما ان صناعة الإعلام تتطلب رؤوس أموال، تؤمن بالرسالة الإعلامية، و تفتح مجالات النقد و الكتابة الحرة للصحفيين، بعيدا عن « التعليمات » و المحاباة، و سياسة الخوف و اللغة الخشبية،مع تقديم المكافأة لم يستحقها. و في صناعة الإعلام و سوقه، لا مكان للبيروقراطية الصحفية، و « للمسامير الصدئة »، التي رغم فشلها في المسؤوليات الإعلامية التي مسكتها فإنها ما تزال تقف حجر عثرة، امام تطور الإعلام التونسي، و تعمل جاهدة على الشد الى الخلف، كلما بان بصيص أمل كمثل ذلك الشيخ الذي يتخيل دائما ان الماضي احسن من الحاضر،لذلك و كي نصنع إعلاما قويا تنافسيا يجب اجتثاثها من جذورها. قبل ايام و عندما انهالت الإنتقادات على مدرب المنتخب التونسي، فوزي البنزرتي، من البرنامج الرياضي « ستاد7″، غادر المدرب التونسي الربط المباشر، من انغولا، رافضا مواصلة الحديث، لكنه عاد في اليوم الموالي معتذرا، فاتحا صدره لكل الإنتقادات و الآراء، ورغم خروج المنتخب التونسي من الدور الأول، فإن اغلب التونسيين، ما زالوا يرون فيه المدرب المؤهل لقيادة المنتخب التونسي. ارجوا ان تعتبر وزارة الاتصال من ذلك،خاصة و ان على رأسها وزير هو بالأساس ابن القطاع، و ان لا تدير ظهرها للإعلاميين، و تقبل النقد والآراء المختلفة، ليخرج القطاع من عصر الهواية الى عصر الاحتراف، مثل كرة القدم.
(المصدر: موقع « إيلاف » (بريطانيا) بتاريخ 25 جانفي 2010)
شركاء لا أجراء
على امتداد ربع قرن من ممارسة مهنة المتاعب، وبحكم ما اكتسبته من دراية متواضعة خبرتها منها علاقات الشدّ والجذب بين الإعلامي والمسؤول رسخت في ذهني – كما أظنها ارتسمت في أذهان من أمضوا العمر مثلي في خدمة الإعلام للإعلام دون تزلف أو تمسّح على الأعتاب-. صورتان للمسؤول… الأولى تقرأ في ملامحها عزيمة صادقة لترك بصمة واضحة في القطاع الذي أوكلت له مهام إدارته، بصمة يحفظها له التاريخ ويشهد له بها الحاضر.. هذا المسؤول تجده يشدّ على يد كلّ من يلفت نظره لإشكال أو خلل أو تجاوز ومن يدعوه لتصحيح المسار أو تعديل الأوتار بالكلمة أو الصورة.. ومثله – على محدودية عددهم- يحترمون العمل الصحفي ويفتحون له الأبواب ويستنيرون بما يُكتب ويصححون بلطف لكل من يخطئ منّا. أما الصورة الثانية التي ارتسمت بذهني فهي لمسؤولين تقرأ في ملامحهم الخشية وتوجسّ الخطر من كل ما يُكتب ومن كل من يكتب، حتى لو كان كلاما حلوا في بعض الأحيان.. فالشكر لدى بعضهم لفت لأنظار من يتربّص بهم كي يدحضوا ما ينشر عنهم في الكواليس أو علنا.. أما النقد عندهم فمؤامرة تحبك ضدهم وأياد خفية تحركّ الصحفي إلى أن يثبت لهم عكس ذلك ومن الصعب أن تثبت البراءة في محاكمة النوايا.. فهم لا ينظرون لفحوى ما ينشر ولا تهمهم نسبة الحقيقة أو الخطإ فيه.. فقط سؤال واحد يحركهم ويستميتون في البحث عن إجابة له كلفهم ذلك ما كلفهم: من دفع الصحفي للكتابة، ومن أمده بالمعلومات وأية علاقة له بفلان وعلان وكل من يعتقد أنه يعدّ للإطاحة به. وإن كان عليّ أن أحدد نسبا لأولئك وهؤلاء، فإني أكاد أجزم بأنّ التعامل مع النمط الأول يعتبر استثناء وأن الأغلبية تفضل أن يقتات الصحفي من الملف الصحفي – ذاك الذي يسمونهdossier de presse ويحلو لي أن أسميهdossier de paresse – وأن يكون ناسخا للوثائق الرسمية مذيّلا إياها بإمضائه لمنحها صبغة من المصداقية المصطنعة.. هؤلاء يريدوننا أن نكون نحن صحفيين برتبة أجراء ونحن نناضل لكي نكون صحفيين برتبة شركاء في بناء غد أفضل لهذا الوطن العزيز.. وذاك هو جوهر الخلاف. (المصدر: صحيفة « الصباح الأسبوعي » (أسبوعية – تونس) الصادرة يوم 25 جانفي 2010)
تونس أوّلاً !!
عربيا في جودة ونوعية الحياة
مجلة « إنترناشونال ليفينغ » الدولية الشهيرة أصدرت تصنيفها الذي تصدره منذ ما يقارب الثلاثين عاما حول جودة ونوعية الحياة في العالم للعام 2009، فحصلت تونس على المرتبة الأولى عربيا برصيد 59 نقطة، وحصلت لبنان على (54) نقطة، والمغرب (54) والبحرين (54) وسوريا (53) وقطر (52) ومصر (51) والإمارات (50) والجزائر (50) وليبيا (48) وعمان (45) والسعودية (45) والعراق (45) وموريتانيا (45) وجيبوتي (40) والسودان (33) واليمن (33) والصومال (30). فيما احتلت فرنسا المرتبة الأولى في هذا التصنيف للمرة الخامسة على التوالي, وحلت سويسرا في المرتبة الثانية ولوكسمبورغ في المرتبة الرابعة، والخامسة أستراليا التي تقدمت بثلاث مراتب، والسادسة بلجيكا، إيطاليا في المرتبة السابعة. وألمانيا بعدها في المرتبة الثامنة, المرتبة التاسعة كانت من نصيب نيوزيلندا، والمرتبة العاشرة للدنمارك. اعتمدت مجلة « إنترناشونال ليفينغ » في هذا التصنيف لقياس مؤشّرات « جودة الحياة » في دول العالم، ومنحت نقاطا لكل من المعطيات التالية: فتكلفة المعيشة لها (15٪) من العلامات، الثقافة والترفيه والتسلية لها(10٪)، الواقع الاقتصادي (15٪)، الوضع البيئي (10٪)، واقع الحرّيّات (10٪)، الوضع الصحّي (10٪)، واقع البنى التحتية (10٪)، واقع السلامة والأمن (10٪)، وحالة المناخ (10%). لن أناقش المؤشر في ترتيب هذه الدول، فبعضها يستحق أن يخرج من اللائحة (بالجزمة) لو كان ذلك ممكناً، غير أنني أعترض على المراتب التي حصلت عليها « إسرائيل » وتونس؟ نعم « إسرائيل » سبقت الدول العربية مجتمعة و(احتلت) المرتبة 57، بعد أن حصلت على ما يقارب 76 علامة في مجال الحريات واحترام حرية الإنسان والديمقراطية، فهل فعلا « إسرائيل » بلد الحريات, إذن لماذا يدعي الفلسطينيون في الضفة الغربية والداخل(48) أنهم يتعرضون للتمييز والإبادة وإرهاب الدولة؟! ولماذا سجونها تملأ البلاد، وفرق الاغتيالات تجوب العالم، ودباباتها لا تحترم لحم الطفل الصغير، ولا عظام الشيخ الكبير!! والدولة الأخرى هي تونس، فقد حصلت تونس على المرتبة الأولى عربيا، وحسب المجلة فإن هناك بعض المبررات لمنح تونس هذا المركز -غير المتقدم- حيث تضاعف معدل الدخل الفردي السنوي فيها ليرتفع إلى 5 آلاف دولار، وتوسعت الطبقة الوسطى لتشمل 80% من المجتمع، كما نزلت نسبة الفقر إلى 3.8 بالمائة، كما تتمتع تونس باستقرار اجتماعي واقتصادي، وتوسيع أطر الحماية لحقوق المرأة، وإيصال الخدمات إلى المناطق النائية، وتعزيز مقومات دولة القانون، وتكريس التعددية السياسية وحرية الصحافة!! وارتفاع نسبة التحضر إلى أكثر من 65 بالمائة، وارتفاع نسبة التنوير الكهربائي، ونسبة الربط بمياه الشرب إلى 98 بالمائة، وارتفاع نسبة التونسيين المالكين لمسكنهم الخاص إلى 80 بالمائة، وكذلك ارتفاع نسبة الأطفال الملتحقين بالمدارس تجاوزت 99 بالمائة بالنسبة للأطفال الذين هم في سن الدراسة، وهي نسبة استثنائية في العالم العربي, كما ارتفع مؤشر الحياة عند الولادة إلى أكثر من 74 سنة، وفاقت نسبة التغطية الاجتماعية 90 بالمائة، وارتفع عدد المشتركين في شبكة الهاتف ليصل إلى قرابة 8 ملايين مشترك من مجموع سكان تونس البالغ 10 ملايين نسمة، وتطوّر عدد مستخدمي شبكة الإنترنت ليصل إلى 3 ملايين ونصف المليون مستخدم. على كل الأحوال تلك المجلة كتبت من وجهه نظرها، وبما يخدم مصالحها الآن واليوم وغدا، رغم تحفظنا على طريقة توزيع الدرجات، والأسلوب المستخدم في الوصول للنتائج، فحتى الساعة لا أعرف كم من النسخ توزع تلك المجلة، غير أن اغلب الوسائل الإعلامية العربية تحدثت عن الأمر، مما يشير إلى أهميه ومصداقية وانتشار تلك المجلة, نعم قد نتفق مع تلك المجلة على أن فرنسا ربما تستحق المرتبة الأولى، فمستوى الدخل يجعل أكثر من ستة ملايين من المغاربة، وخصوصا التونسيون، ينتشرون في طول البلاد وعرضها، والحرية التي يتمتع بها الفرنسي لا يحسده عليها سوف السويسريون. ولكن تونس؟! لماذا؟ وهل المبررات السابقة كافية لمنحها المرتبة الأولى عربيا؟ غير أن هذا التتويج يثير في النفس عشرات بل مئات الأسئلة، من قبيل: هل الحرية الصحفية في تونس تفوق الحرية التي يتمتع بها الكويتيون منذ ما يقارب نصف قرن أو يزيد؟! ثم ألا يعد ذلك تضاربا مع ما أوردته منظمة محترمه مثل « منظمة مراسلون بلا حدود » في تقريرها الصادر عام 2009 حول حرية الصحافة، والذي احتلت الكويت فيه المركز الأول على مستوى دول الشرق الأوسط في المرتبة الـ60 عالمياً، يتبعها لبنان في المرتبة الـ61، ألم تنقل لنا الجزيرة مرارا وتكرار مشاهد إغلاق المحطات الإذاعية والصحف بالشمع الأحمر، والاعتداء على الصحفيين التونسيين، وخصوصا المدونين؟! وما هو نوع النمو والرخاء الاقتصادي الذي يتمتع به أهل تونس؟ وأين الأمن؟! هل يختلف أو يزيد عما يتمتع به أهل قطر أو البحرين؟! إن كانت الإجابة نعم، فلماذا لا يوجد جاليات عربية وافدة من البحرين أو الأردن أو قطر أو السعودية تسعى لكسب رزقها في شوارع وحارات تونس؟! بل إن من يشاهد التلفزيون التونسي يكتشف أن السيارات في تونس تعود إلى مطلع الألفيه الثانية، إن لم يكن من الألفيه الأولى، ولا ينافسها بذلك سوى السيارات السورية التي بدأت العمل أيام سفر البرلك!! ثم أين هي الحرية الدينية؟ هل يستطيع خطيب المسجد في تونس أن يتحدث بحرية في أمور الحكم والسياسة مثلما يستطيع الخطيب في لبنان أن يفعل؟! وهل تجرؤ النساء في تونس على السير في الشوارع العامة وهن يرتدين الخمار والجلباب دون خوف، مثلما يحصل عندنا في سقف السيل والمحطة؟! وهل يستطيع الرجال الزواج من ثانية أو ثالثة أو رابعة من النساء كما يحصل في مصر أو حتى السنغال؟! في عالمنا العربي يوجد من الجرائد ووسائل الإعلام ما (يطيش على شبر مية) وتشارك بغباء في الترويج والدعاية لدراسات واستطلاعات أبسط ما يقال في حقها إنها جعجعة جرائد, لا شك أن صاحب تلك المجلة جنى من وراء تلك الدراسات الملايين من الدولارات، ولا شك أن أصحاب المراكز الأولى قاموا بشراء العديد من النسخ، ووزعوها على الفنادق والسفارات والمطارات؛ تفاخرا بما حققوا على صفحات المجلات ليس إلا!! (المصدر: صحيفة « السبيل » (يومية – الأردن) الصادرة يوم 25 جانفي 2010)
تونس تعلن 2010 سنة دولية للشباب … وناشطون يعتبرونها «مساحيق تجميل»
تونس – إسماعيل دبارة «الشباب في كل أمة هم الفئة المعرّضة أكثر من سواها لتأثير الأخطاء المحلية والاختلالات العالمية وما تخلفه في نفوسهم من خيبة وإحباط لهما أسوأ العواقب على نشأتهم وتطلعاتهم. فمن أفدح الأخطاء المحلية التي ترتكب بحق الشباب تجاهل مشاغلهم وطموحاتهم وزجهم في خلافات عقائدية ونزاعات عرقية وطائفية وتعبئة نفوسهم بمشاعر الكراهية والحقد والعنصرية والتهاون بسيادة الوطن». هذا التشخيص ورد على لسان الرئيس التونسيّ زين العابدين بن علي في كلمة ألقاها لمناسبة افتتاح الندوة الدولية حول «الشباب والمستقبل : تحديات الواقع، تعزيز القدرات وآليات المشاركة» التي عقدت في تونس العاصمة من 14 إلى 16 كانون الثاني (يناير) الجاري. بن علي الذي أطلق مبادرة العام الماضي تقضي بإعلان عام 2010 سنة دولية للشباب حذر أيضاً من أنّ «أشدّ الاختلالات العالمية وقعاً في نفوس الشباب هي ازدواجية المعايير في التعامل مع القضايا الدولية وتعدّد الفوارق المجحفة بين البلدان المتقدمة والبلدان النامية وتفاقم نزاعات التطرف والعنف والإرهاب واستفحال مظاهر الفقر والجوع والمرض واتساع رقعة الأزمات والصراعات والفتن». وينظرُ المتابعون لخطاب الرئيس التونسيّ على أنه اعتراف صريح بأنّ مشاكل الشباب اليوم سواء في تونس أم خارجها هي جزء من مشاكل العالم أولاً، ومحرّك لعدد من المشاكل الأخرى ثانياً، ما يستدعي «الاهتمام بهذه الفئة والإحاطة بها» على حدّ تعبير الرئيس بن علي. وفي 18 كانون الأول (ديسمبر) من العام الماضي صادقت الجمعية العامة للأمم المتحدة ، ضمن أعمال دورتها الرابعة والستين، بالإجماع على قرار يعتمد مبادرة الرئيس بن علي الخاصة بإعلان عام 2010 سنة دولية للشباب يتم خلالها عقد مؤتمر عالمي للشباب برعاية منظمة الأمم المتحدة. والقرار الذي تقدمت به مجموعة الـ 77 والصين بمبادرة من تونس، دعا الدول الأعضاء والوكالات المتخصصة والصناديق والبرامج التابعة لمنظومة الأمم المتحدة إلى «خلق التفاعل والتكامل بين النشاطات الوطنية والإقليمية والدولية وتشجيع الإجراءات المتخذة على كل المستويات والرامية إلى نشر المثل العليا للسلام والحرية والتضامن والتفاني في خدمة أهداف التقدم والتنمية بين الشباب بما فيها الأهداف الإنمائية للألفية». وكغيرها من المبادرات التي تصدر عن الحكومة التونسية بين الفنية والأخرى، أثارت مبادرة بن علي الجدل حول مكانها وتوقيتها، وما إذا كان النموذج التونسيّ في التعامل مع الشباب يعتبر «ناجحاً ومثالياً» لتعميمه على شباب العالم الذين يفوق عددهم اليوم البليون و300 مليون شاب للفئة العمرية بين 15 و 24 سنة، في حين أنّ نسبة الشباب من مجموع عدد السكان في معظم البلدان تبلغ معدل الـ 30 في المئة تقريباً. وخصص الإعلام الرسمي حيّزاً مهماً لمبادرة الرئيس التونسيّ التي حظيت بإجماع دول العالم، وغطت في شكل دقيق فعاليات «الندوة الدولية حول الشباب والمستقبل» والتي توّجت بـ «إعلان تونس»، واعتبرت معظم الصحف والإذاعات والتلفزيونات المحلية أنّ هذا الإجماع والاهتمام بالمبادرة الرئاسية التونسية هو اعتراف من العالم بـ «نجاح السياسة الشبابية في تونس القائم على الإصغاء لهذه الفئة وإشراكها في الحياة العامة وصوغ الحلول». «ستنتهي مبادرة الرئيس بعقد مؤتمر شبابيّ عالميّ « يقول منير (24 سنة) أحد شباب حزب «التجمع» الحاكم في تونس ويضيف: « الندوة التي عقدت أيام 14 و 15 و16 الجاري، وشاركت فيها تشير إلى أنّ دول العالم مهتمة بالنموذج الشبابيّ التونسيّ وتريد الاستفادة منه. شباب تونس هو شباب العمل والاجتهاد والإبداع والوسطية. إنهم شباب وطنيّون ملتفون حول قيادتهم ويحبّون السلام لتونس وكل دول العالم». في المقابل، يرى القياديّ الشبابي في الحزب الديموقراطي التقدّمي المعارض أحمد فرحات حمودي في تصريح الى «الحياة» أنّ أوّل الملاحظات التي يمكن ادارجها حول الندوة تبدأ بعنوانها. ويرى حمودي وهو كاتب في الشأن الشبابيّ إنّ موضوع الندوة وعنوانها «اعتبار الشباب في العالم في سلة واحدة، وكأن الجميع يعاني المشاكل نفسها ويعيش الظروف نفسها وهو ما اعتبره خللاً منهجياً في تناول الموضوع». ويضيف: «صحيح أن الشباب هو الفئة الأكثر تعرضاً للانعكاسات السلبية للنظام الاقتصادي «النيوليبرالي» ولكن بين ما يعانيه شباب الدول المتقدمة وشباب الدول الأقل تقدماً، فروقاً شديدة وهذا نقص حقيقي في تناول المسائل فالمطلوب دقة علمية شديدة». وكما أشاد شباب الحزب الحاكم ممن تحدثت إليهم «الحياة» بمبادرة الرئيس التونسيّ، فإنّ شباب المعارضة التونسية انتقدوا بشدة النموذج الرسمي في التعاطي مع هذه الفئة. ويستغرب حمودي « إقامة هذه الندوة في تونس والحال أن النسب العالية من الشباب تمّ اقصاؤها من المشاركة في الشأن العام ، ولا يحق لها القيام بأي نشاط إلا ضمن الحزب الحاكم أو الأحزاب الديكورية المحيطة به. وإن خالفت ذلك فإنها تتعرض لشتى أنواع التنكيل». واعتبر حمودي الندوة والمبادرة التونسية أشبه بـ «مساحيق تجميل للوجه ومحاولة لتنشيط الديبلوماسية التونسية التي تعـاني عـزلة حـقيقية بعد انتخابات تشرين الأول (اكتوبر) 2009». والواقع أن إعلان الرئيس بن علي العام 2008 سنة للحوار مع الشباب التونسيّ يعتبر سابقة عربيّة، عقدت بعده حوارات وندوات عدة ختمت بإعلان «الميثاق الوطني للشباب التونسيّ» الذي وقّع عليه الآلاف من الشباب للالتزام ببنوده. لكن سنة الحوار مع الشباب والميثاق المنبثق منها أثارا جدلاً كبيرا.ً فالمعارضة وصفتها بـ «الحملة الانتخابية السابقة لأوانها خاضها الحزب الحاكم لضمان أصوات الشباب في انتخابات 2009». طلاب الجامعات والشباب العاطل من العمل لم يشارك في الجدل «السياسي» بين شباب المعارضة وشباب الحكومة. فمعظمه يتساءل عن إمكان حصوله على عمل يحفظ كرامته بالدرجة الأولى، ثم بعد ذلك يتمنى عقد الندوات والمؤتمرات والاجتماعات المرتقبة في اطار السنة الدوليّة للشباب. جيهان (27 سنة) حائزة إجازة في الرياضيات لكنها تعمل إلى اليوم في مركز اتصالات عام. قالت لـ «الحياة: «سيلقون الخطب ويشخصون واقع الشباب و يطرحون الأسئلة بكثافة ، لكنهم لن يجيبوا عن تلك الأسئلة التي تؤرقنا، كما سبق ووعدوا ولن يجدوا حلاً لمعضلة البطالة التي دمرت مستقبل الملايين من الشباب وأنا واحدة منهم». ويقول حمودي: «سبق للجمعية العامة للأمم المتحدة أن صادقت على اقتراح الرئيس التونسي بإنشاء الصندوق العالمي للتضامن نهاية الألفية الثانية ولا نعلم ما مدى التفاعل الدولي مع هذه المبادرة إلى اليوم وها هو الرئيس التونسي يتقدم بمبادرة جديدة والمشترك بين المبادرتين هو الدافع الذي نعتقد أنه الدعاية المباشرة للرئيس. وأنا كنت سأبارك هذه المبادرة لو سبقتها مبادرات تهم الشباب التونسيين كلهم في شكل يشاركون فيها من دون تمييز ولا إقصاء، ولو سبقها إطلاق سراح عشرات الطلاب المسجونين، ومئات المحكومين بقانون مكافحة الإرهاب من دون إثبات التهم عليهم… أعتقد أنّ واقع الشباب التونسي الرديء يفرغ هذه المبادرة من أي مضمون». (المصدر: جريدة الحياة ( يومية – قطر) بتاريخ 25 جانفي 2010)
بعد خيبة أنغولا… الأسبوعي تفتح أعمدتها لهم نواب الشعب يحاسبون المنتخب ويطالبون…
إعداد: سفيان السهيلي تونس ـ الأسبوعي على الرغم من نبرة الحزن والحسرة والألم التي كانت تطغى على كلامهم معنا بسبب الانسحاب المر من نهائيات أنغولا من الدور الأول، أبى عدد من نواب الشعب إلا أن يبدوا تمسكهم الشديد بالمدرب الوطني فوزي البنزرتي ودعوة وزارة الإشراف إلى مواصلة منحه الثقة الكاملة في قيادة سفينة منتخبنا لقادم المشاركات الإفريقية والعالمية ..كما طالب أكثر من نائب بوجوب محاسبة المكتب الجامعي ولم لا حله وإعفاؤه من مهامه إن ثبت تقصيره في أداء دوره في مساندة المنتخب وتهيئة كل ظروف النجاح له ..وفيما يلي سلسلة اللقاءات التي أجرتها «الأسبوعي الرياضي» مع نواب مختلف الحساسيات السياسية في البرلمان واستجلت تقييمهم للمشاركة التونسية في النهائيات الإفريقية..
النائب محمد الدامي (التجمع) ما الفائدة من إقصاء قدماء اللاعبين من عضوية المكتب الجامعي؟ انسحابنا لم أستسغه وأحمّل الجامعة المسؤولية الكاملة فيه، لأنه لو تم التحضير الجيد للمنتخب وأجرى فريقنا الوطني عديد المقابلات الودية قبل الدورة لعدنا ربما بالتاج الإفريقي، إن لم نكن في المربع الذهبي في أسوإ الحالات.. وبالتالي من الواجب والأمانة أن تعيد وزارة الإشراف النظر في تركيبة المكتب الجامعي وإلغاء بعض الشروط المندرجة فيه كتلك المتعلقة بالمستوى التعليمي والجامعي، بما يسمح لبعض قدماء اللاعبين ممن خبروا الكرة على أصولها ومن ميادينها بالمشاركة في عضوية الجامعة والإدلاء برأيهم، فلماذا هذا التوجه الإقصائي للكفاءات الرياضية الميدانية؟ وما الذي سنجنيه من صاحب شهادة عليا وخبراته الميدانية والكروية محدودة جدا؟ حتما سنكون أمام نفس مصير مشاركتنا في أنغولا إن لم يكن أسوأ.. وبالتوازي أناشد وزارة الإشراف بالمحافظة على المدرب فوزي البنزرتي ومساعديه على رأس المنتخب وستكون النتائج أفضل في المستقبل إن ساعدناهم على ذلك.. وفي ذات السياق أدعو الوزرة إلى التفكير في امكانية سن قانون يمنع النوادي من كثرة تغيير المدربين وعدم جعل النتائج الهاجس الأول والأخير على حساب التكوين والاستقرار والإحاطة بالشبان فضلا عما في عملية التغيير نفسها من إهدار للمال العام كان من الأجدر أن ينتفع به اللاعبون الشبان أو ينفق على التجهيزات الرياضية..
النائب ابراهيم حفايظية (الديمقراطي الوحدوي) آن الأوان للاستقالة على الرغم من أنه انسحاب مر مرارة الحنظل، فأنا أقول أن مسؤولية الانسحاب لا يتحملها الممرن ولا اللاعبون الشبان الذين مثلونا في هذه التظاهرة وإنما مرءّها أساسا إلى المكتب الجامعي الذي يفتقد إلى الرؤية الواضحة والاستشرافية للمشاركات التونسية في التظاهرات الإقليمية والدولية، فإن أخذت الجامعة المسألة مأخذ الجد وأعطت الراية التونسية ما هي جديرة به في مثل هذه المواعيد لبلغ المنتخب الوطني أفضل المراتب.. وانطلاقا من هذا التعامل السئ مع الحدث أرى أنه آن الأوان للمكتب الجامعي الحالي أن يعلن استقالته وينهي مهامه مادام لم يتوصل إلى تحقيق أبسط الأهداف المرجوة منه، سيما وأنه هيكل وكما يعلم الجميع صارت تمزقه الخلافات والانشقاقات منذ انتخابه على رأس اتحاد الكرة التونسية ..ومن الضروري مستقبلا أن تتحمل سلطة الإشراف مسؤوليتها الكاملة في محاسبة أعضاء الجامعة وفق النتائج التي حققوها خاصة وأن الدولة تنفق أموالا طائلة على قطاع الشباب والرياضة، وحري بنا أن نجني بعض ثمار ما ننفقه وتتتحمل أعباؤه المجموعة الوطنية.. ومن جهة أخرى أطلب من سلطة الإشراف تأمين استمرارية الجهاز الفني للمنتخب والاستفادة من تجارب البلدان الأخرى على غرار مصر والجزائر وغيرها من المنتخبات التي تحافظ على مدربيها لتؤمّن استقرار المجموعة، كما أطالب البنزرتي بالتوجه إلى تونس الأعماق وتوجيه لفتة إلى النوادي الصغرى فإنها تزخر بالمواهب والدرر.
النائب فوزي جراد (الوحدة الشعبية) على المكتب الجامعي الاعتذار وأداء اليمين مستقبلا على تحمل المسؤولية اعتبر انسحاب تونس انسحابا وطنيا وقد أبلى اللاعبون البلاء الحسن في المقابلة الختامية ولكن السؤال المطروح أين نحن في مقابلتي زمبيا والغابون وفيم كان يفكر لاعبونا ومم كانوا يخافون؟ لماذا لم يلعب منتخبنا بنفس الروح الانتصارية؟ أما فيما يتصل بمسؤولي الجامعة فمن واجبهم محاسبة أنفسهم قبل أن يحاسبهم الشارع الرياضي، وأعتقد أنه حري بأعضاء المكتب الجامعي إن شعروا أنهم قصروا في بعض الأمور التي حالت دون نجاح منتخبنا فما عليهم إلا التحلي بالشجاعة الكافية والاعتراف بأخطائهم والاعتذار حتى يحظوا بعفو الرأي العام الرياضي أو ترك المسؤولية لغيرهم ممن هم أجدر بالاضطلاع بها ..كما لا يفوتني أن أعرج كذلك إلى وجوب تغليب الواعز الوطني لدى المسؤول الرياضي والتحلي بالصدق والصراحة والشفافية، ولم لا التفكير مستقبلا في مطالبة العضو الجامعي بأداء اليمين على حسن القيام بالواجب وتحمل المسؤولية..
النائب عادل الشاوش (حركة التجديد) اعتماد كراس شروط مشدد للبطولة المحترفة في رأيي أهم كسب حققه منتخبنا في «كان أنغولا» يتمثل في أننا خرجنا من السباق من دون أية هزيمة في أية مقابلة على الرغم من مواجهة منتخبات متميزة ولها كلمتها في القارة السمراء، لذا أدعو إلى ضرورة توخي التريث في تقييم المشاركة التونسية في نهائيات كأس افريقيا وتغليب مصلحة الرياضة والمنتخب وكرة القدم التونسية على مصالح الأفراد أو تصفية الحسابات. علينا أن نكون واقعيين «وما ندخلوش بعضنا» وأن ننظر إلى المستقبل ونستبشر خيرا بقادم منتخبنا الذي ستكون له ـ حتما ـ صولات وجولات في المشاركات القادمة.. وبالتوازي أرى أنه من واجب سلطة الإشراف أن تشرع من الآن في تنظيم استشارة وطنية واسعة ومعمقة تهم الهياكل الرياضية وخاصة تسيير النوادي والجمعيات الرياضية حتى يتسنى لها أداء رسالتها على أكمل وجه تجاه الشباب وترفع الراية الوطنية عاليا.. كما أدعو النوادي إلى ضرورة مضاعفة العناية بتكوين الشبان لمزيد خلق المواهب الكروية التونسية فضلا عن التركيز على جمالية اللعب والبعد الفني على حساب النتائج لدى الأصناف الصغرى حتى تنمو الموهبة لدى اللاعب التونسي.. كما أقترح مراجعة نهج الاحتراف الذي انخرطت فيه كرتنا وذلك بامكانية اعتماد كراس شروط يضبط مواصفات الاحتراف بكل دقة ولم لا التقليص في عدد نوادي البطولة المحترفة بحسب توفر شروط الاحتراف بشكل كامل..
النائبة روضة السايبي (الاجتماعي التحرري) ماذا ينتظر المكتب الجامعي ليستقيل؟ لقد حز في نفسي كثيرا أن أرى المنتخب التونسي يغادر الكأس الإفريقية من الدور الأول، ولكن أقول أن منتخبنا سافرإلى أنغولا مثقلا بروح انهزامية ولم يستطع تجاوز مخلفات الانسحاب من المونديال بعد هزيمة الموزمبيق، زادتها الهزيمة أمام غمبيا مباشرة قبل يوم من التحول إلى أنغولا تأزيما للوضع.. فالتحضيرات كانت عشوائية واعتباطية ولم تكن في المستوى. ولكن رغم ذلك علينا أن نحافظ على نفس الإطار الفني المشرف على منتخبنا بقيادة المدرب المحنك فوزي البنزرتي وتأمين كل ممهدات النجاح له لمواصلة عمله في أفضل الظروف.. وبعد ذلك وفي حالة الفشل والإخفاق وعدم التوصل للأهداف المرسومة فما علينا إلا أن نحاسب بصرامة بل ونعاقب اللاعبون الذين لم يشرفوا الراية الوطنية ويرعوها حق رعايتها فمثلما يجازى اللاعب حين الفوز علينا أن نعاقبه إن قصر في الاضطلاع بمسؤوليته.. أما بالنسبة إلى المكتب الجامعي فمن دون إنتظار عليه أن يستقيل أو أن تحاسبه وزارة الإشراف لأنه المسؤول الأول والأخير على الإخفاق بسبب عشوائية التحضيرات وعدم الجدية..
النائب عامر بن عبدالله (التجمع) على الجامعة أن تتجاوب مع دعم الدولة للرياضة والرياضيين في الحقيقة وعلى الرغم من الانسحاب فقد فوجئت بالمردود الطيب الذي ظهر به منتخبنا الوطني في المقابلة الختامية ضد عملاق الكرة الافريقية المنتخب الكامروني، مما جعلني شخصيا أعتقد أننا كسبنا فريقا وطنيا عتيدا غده أفضل بكثير من حاضره، بل ومهما يكن من أمر فما علينا إلا مواصلة الوقوف إلى جانبه والشد على أيدي الإطار الفني الذي أعتبره وفي ظرف زمني قصير استطاع أن يعطي بصمة خاصة لمنتخبنا.. لذا من الضروري أن نستفيد من مشاركتنا الإفريقية في أنغولا وأن نستخلص منها العبر حتى نكون في مستوى الرعاية الموصولة التي يحظى بها القطاع من أعلى هرم السلطة ووزارة الإشراف وما توفر للجمعيات من دعم مادي ومعنوي سخي، مما يستوجب من أعضاء المكتب الجامعي أن يتحملوا مسؤولياتهم ويتجاوبوا ايجابيا مع هذا الدعم ويكونوا في مستوى المسؤولية الملقاة على عاتقهم.. وإلاّ فلا مبرر لاستمرارهم في تولي هذه المهمة..
النائبة فاتن الشرقاوي (الخضر للتقدم) تلك أحكام الكرة في رأيي ليست نهاية العالم أن ننسحب من تظاهرة رياضية لأن الكرة لعبة لها أحكامها وفيها الانتصار والهزيمة.. لذا علينا أن ننطلق من الآن في التفكير في مستقبل الكرة التونسية ونحاول طرح مشاكلنا ونتحاور بشأنها بكل صدق وموضوعية من دون أية خلفيات أو حسابات ضيقة.. خاصة وأن منتخبنا يعج بالمواهب الصاعدة التي تحتاج إلى التأطير والعناية كما لدينا مدرب كفء ويستحق أكثر من فرصة لإثبات مخزونه الفني الكبير، وحتما سنكون على موعد مع أفضل النتائج ومعانقة التألق في أكبر التظاهرات الإقليمية والدولية، والأهم في اعتقادي أن نستخلص العبر حتى تكون الراية التونسية مرفوعة عاليا..
النائب الطيب المحسني (الديمقراطيون الاشتراكيون) سيكون لنا منتخب عتيد مع البنزرتي في ظرف 3 سنوات نعم هو انسحاب مشرف وليس هناك ما يخجل في مشاركتنا في نهائيات أنغولا، لأننا لم ننهزم على امتداد الدورة وشاركنا بمنتخب شاب ومعظم لاعبيه حديثي العهد بتقمص الزي الوطني، لذا وعلى الرغم من أني كنت أتمنى أن نمضي أكثر في المسابقة الإفريقية إلا أننا يجب أن نسلّم بأن للكرة أحكامها وللحظ كلمته..وما علينا إلا أن نهتم بالمستقبل ونفكر في قادم الدورات ونعد لها الإعداد الجيد حتى نصل إلى تحقيق ما ننشده من كرتنا ورياضتنا بكل فروعها واختصاصاتها.. فليست نهاية العالم أو الطامة الكبرى أن ننسحب من نهائيات كأس إفريقيا بل أعتقد جازما أنه لو ضبطنا برامج واضحة واتبعنا أساليب عمل ناجعة وعملية قوامها العناية بالتكوين القاعدي والاهتمام بالأصناف الشابة سيكون منتخبا عتيدا في إفريقيا في ظرف ثلاث أو أربع سنوات..
(المصدر: صحيفة « الصباح الأسبوعي » (أسبوعية – تونس) الصادرة يوم 25 جانفي 2010)
ثلاثة سيناريوهات لحل المكتب الجامعي
بعد الفشل في التأهل إلى نهائيات كأس العالم بجنوب إفريقيا والإخفاق في المرور إلى الدور الثاني لـ«الكان» بأنغولا، وأمام عجزه المتكرر عن حل أبسط المشاكل التي تواجهه، آخرها و ليس أقلها معاقبة و رفع شكوى ضد بن خلف الله لـ«الفيفا»، و إخلاله الواضح بالاضطلاع بأبسط وظائفه وإخفاقه بالكامل في الإيفاء بأي من الوعود التي قدمها في برنامجه الانتخابي وقصوره في التواصل مع مكونات المشهد الرياضي وفقدانه لكل سلطاته الأدبية مع الأندية وغرقه بالنهاية في وحل العشوائية والفوضى ونزوله في الأخير باعتبار مستوى كرة القدم إلى حد وضيع، أصبح اليوم حلّ المكتب الجامعي مطلبا شعبيا لوضع نهاية لكابوس طال أكثر من اللزوم.. و صار مزعجا إلى حد لم يعد يطاق.. الأحداث المتلاحقة أبرزت حقيقة لا يمكن دحضها أن الأزمات المتعاقبة تحولت اليوم إلى أزمة هيكلية متجذّرة يستحيل تعميتها كما الحال في السابق بسياسة «ذر الرماد» أو سياسة «الهروب إلى الأمام» أو حتى سياسة «الفوضى الخلاقة»… فاليوم أصبح استمرار الوضع على حاله مغامرة شديدة الخطورة أو لنقلها بصراحة ضربا من ضروب التهوّر .. وإذ أطرح هذه السيناريوهات الممكنة قانونا والمحتملة واقعا لحل المكتب الجامعي فلا يعني أن الحلّ ينحصر في هذا الخيار بمفرده بل لاعتباره ممرا قسريا لكل إنقاذ على أن تكون الحلول جذرية وتنبني على عناوين خلاّقة وبرنامج شامل وآليات واضحة وأن يسبقها تقييم دقيق للوضع دون أن ندخل في المحاسبات الانتقامية والتي يمكن أن تنحرف بالمسار التصحيحي عن أهدافه النبيلة، مع الإشارة في كل الحالات إلى أن «الدورة الرياضية» في كرة القدم « cycle sportif » تبدأ مباشرة بعد نهائيات كأس العالم و هو ما يعزز ـ كما يفرض ـ أن هذا التاريخ هو نقطة الانطلاق لأي مرحلة جديدة و أنه لا يمكن بحال انتظار سنة أخرى إلى جوان 2011 لانتخاب مكتب جامعي جديد. تدخل سلطة الإشراف و تطبيق الفصل (21) القانون المنظم للهياكل الرياضية في فصله (21) يجيز لوزير الرياضة بقرار معلّل في حالات التقصير حل المكتب الجامعي و يسمح له بتسمية مكتب انتقالي لتأمين انتخابات في ظرف لا يتجاوز ثلاثة أشهر من تاريخ القرار إلا أن هذا الحل على مشروعيته وطنيا يصطدم في شطره الثاني بالقانون الأساسي لـ»الفيفا» (الفصل 17) الذي يمنع التعامل و لو بصفة وقتية إلا مع الهيئات المنتخبة، وهو ما يفرض أن يتضمّن قرار الحل تكليف المكتب الجامعي الحالي بالدعوة لجلسة عامة خارقة للعادة على أن يكون مفعول الحل لاحقا لتاريخ الجلسة، وتبقى هذه الصورة رهينة قبول المكتب الجامعي الحالي بقرار الحل لأنه أمام فرضية الرفض يصعب تحقيق المعادلة القانونية غير أن فرضية الرفض تبقى صعبة للغاية بالنظر للوضعية الهشة للمكتب الجامعي وبالنظر إلى الرفض الكبير الذي يلاقيه من كل مكونات المشهد الرياضي. استقالة أكثر من عضو من المكتب الجامعي الفصل (36) من القانون الداخلي للجامعة يعتبر المكتب الجامعي في حالة تعطّل تام في صورة شغور أكثر من ثلث مقاعد المكتب الجامعي المنتخبين بالاستقالة أو التعذر و باعتبار استقالة ثلاثة أعضاء منتخبين حاليا فان استقالة عضوين منتخبين آخرين تكون معه نهاية المكتب الجامعي الحالي وهو أمر وارد لأقصى درجة في ظل وضعية الانهيار التام الحالية التي يصبح العمل في ظلها مستحيلا، و قد يكون الهرقال أبرز المعنيين حتى يحفظ ما بقي من ماء الوجه خاصة وأن وجوده اليوم أصبح «كاريكاتوريا» وفي درجة ثانية وديع الجريء المعروف بمواقفه الشجاعة والمبدئية، وفي هذه الحالة يبادر وزير الرياضة وفقا لنفس الفصل بتعيين لجنة ظرفية تدعو لجلسة عامة انتخابية في الشهرين المواليين. دعوة الأندية لجلسة عامة خارقة للعادة يمكن وفقا لأحكام الفصل (25) من القانون الأساسي للجامعة لثلثي الأندية الأعضاء الدعوة لجلسة عامة خارقة للعادة بموجب صلاحياتها الواسعة يمكن أن تدعو لجلسة عامة انتخابية قبل الأجل القانوني وأمام حركة الرفض المتنامية تجاه المكتب الجامعي فلا يمكن للنوادي مهما كانت سلبيتها أن تلازم الصمت في هذا الظرف الدقيق الذي ستكون تداعياته كارثية على الجميع. سيناريو أخير لم أشأ أخذه في الاعتبار و اعتبرته مستحيلا أمام تشبث ـ إلى حد الموت ـ بن عمر وحاشيته بمناصبهم وتعنتهم عن الإقرار بما آلت إليه الأوضاع و فقا لمنطق «العزوزة هازها الواد وهي تقول العام صابة» الذين لن يقبلوا حتما بتسليم الأمور يشكل تلقائي.. ولكن رياح التغيير آتية حتما وكل المؤشرات توحي بذلك.. شكري بن عيسى (باحث في القانون و التصرف الرياضي)
(المصدر: جريدة « الشروق » (يومية – تونس) الصادرة يوم 25 جانفي 2010)
بسم الله الرحمان الرحيم تونس
و الصلاة و السلام على اشرف المرسلين
في 23 /01 /2010 بقلم محمد العروسي الهاني مناضل كاتب في شان الوطني و العربي الإسلامي
الرسالة 726 على موقع الانترنات
بشرى جديدة كلمة رئيس الدولة في مجلس الوزراء يوم 22/01/2010 نزلت بردا و سلاما على قلوب التونسيين
المتبع للشأن التونسي و إلى كلمة سيادة رئيس الجمهورية يوم الجمعة 22 جانفي 2010 في مجلس الوزراء يدرك تمام الإدراك أن هناك إن شاء الله تقدما ملحوظا و محسوسا و هاما و نقلة نوعية في مفهوم علاقة أعضاء الحكومة بالمواطنين.. و مزيد الإنصات إلى مشاغلهم.. و تحسين الدور الايجابي الفاعل لادراة العلاقة مع المواطن في كل وزارة و مؤسسة وطنية و مراكز الولايات.. لدعم العلاقة مع المواطن و الإصغاء إلى حاجاته و مشاغله بصفة عملية و ايجابية.. و السعي لتحقيق مشاغل الناس.. و الاهتمام بشؤونهم و مطالبهم.. و إيجاد حلول الملائمة لها .. و العمل بنجاعة و مصداقية.. حتى يدرك المواطن التونسي ان إدارة العلاقة مع المواطن هي إدارة في خدمته بصفة فعلية و بمصداقية دون كلام جاف او أن هذا الموضوع ليس من مشمولاتنا او ردود سلبية كما حصلت سابقا.. هذا من جهة لنجاعة دور الإدارة العلاقة مع المواطن. أما دور الوزراء و كتاب الدولة و علاقاتهم بمشاغل المواطنين .. و دعم طريقة الاتصال المباشر بالمواطن.. و الإنصات اليه و السعي إلى محاولة تحقيق 50 % من المشاغل على الأقل.. و كانت العلاقة في السابق محدودة للغاية.. أما عن دور الوزير و علاقته مع المواطن فهي محدودة.. ما عدى وزير واحد له رؤية و حس مرهف و إحساس بمشاغل المواطنين.. و دوره هام في الاستماع إلى الاقتراحات و مطالب المواطنين.. و يخصص يوميا ساعة و نصف من وقته قبل الوقت الاداري لقبول المواطنين و السعي لايجاد الحلول الملائمة لمشاغلهم.. و هذا الوزير لا يزال يعمل بنفس الأسلوب الحضاري الذي يعمل به الوزير في بلجيكيا و فرنسا و هولندا.. و ليس سرا ان اخفي اسم هذا الوزير الحازم ..الذي خصصت له 3 مقالات.. لأنه الرجل المناسب في المكان المناسب.. اختاره الرئيس بن علي و أحسن الاختيار.. هو الأستاذ المنذر الزنايدي وزير الصحة العمومية الذي نجح في كل المهام التي اسندت اليه. أما بعض الوزراء فحدث و لا حرج.. فلا اهتمام لهم بمشاغل المواطن.. و لم اسمع أو أسجل أو قرأت احدهم قام بالرد على رسائل المواطنين و مقترحاتهم… و انا شخصيا كتبت بعضهم بحكم نضالي الوطني الواسع و جرأتي و شجاعتي الأدبية و إحساسي بقضايا وطني و شعبي.. خاصة قضية التشغيل و المسائل الاجتماعية.. و قد وجهت 13 رسالة الى وزارة التربية.. و 7 رسائل الى وزارة الشؤون الاجتماعية.. و 6 رسائل الى وزارة المالية.. و 3 رسائل إلى وزارة التشغييل.. و لم أتلقى يوما ردا عن رسائلي مهما كانت أهمية المواضيع و وجاهتها.. و لا أريد الدخول في التفاصيل و ذكر الأسماء بالتحديد. أما في خصوص الإعلام و ما أدراك ما الإعلام و حرية الإعلام .. و المواطن مسؤول حسبما أكد عليه سيادة الرئيس مرارا و منذ 2000 في كل ذكرى السابع من نوفمبر و في افتتاح الحملة الانتخابية الرئاسية و التشريعية.. في كل الخطب التي ألقاها رئيس الدولة يعالج مسألة الإعلام و دوره الفاعل و الحاسم.. و لكن كما قال يوم 3 ماي 2000 في العيد العالمي للصحافة اليوم الكرة في الملعب أصحاب المؤسسات الصحفية عليهم دور الانفتاح و التفتح للرأي العام . لكن منذ عام 2000 لم أر تحسنا في مجال حرية الإعلام .. بل العكس قبل عام 2000 كانت المساهمات أوسع و أكثر و اشمل.. و الأقلام تكتب بحرية كما كانت تكتب قبل عام 1979 بحرية و جرأة و شجاعة.. و قد عشنا تلك الفترة و نأكد ان بعضهم من البارزين اليوم كانوا في صحف اخرى تنتقد دور الحزب الحاكم.. و مسموح لها و أقول بصراحة المناضل الدستوري.. الذي لا يعرف النفاق و قول الزور و المدح المفرط لغاية في نفس يعقوب.. و من اجل الوصول إلى تحقيق مآرب و منافع مادية و مناصب.. و هذا هو السائد الآن.. قلت أن بعد 2000 بعض الصحف أغلقت أبوبها.. و لم يسمح للمناضلين و المواطنين بالكتابة بحرية حسبما يراه صاحب المقال الذي يريد أن يكتب على تاريخ الحركة الوطنية و دور الزعماء و في طليعتهم الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة رحمه الله. و قد عشت فترة من 2001 إلى اليوم.. و هي من احلك فترات الانغلاق الاعلامي و شتان بين الممارسات اليومية للمسؤولين و بين الخطاب السياسي الهام و الحماسي و النابع من صميم الواقع.. قد أكدت مرارا في 37 مقالا حول الاعلام انه لا علم لسيادة الرئيس بهذه التصرفات و التعليمات التي تتم تحت الطاولة من طرف بعضهم ؟؟؟ و الدليل على ذلك حاولت ارسال 238 مقالا منذ عام 2005 الى الصحف التالية: الصباح ، الشروق ، الحرية ، الصريح ، مجلة حقائق ، أخبار الجمهورية ،الشعب و الموقف .. لم ينشر منها إلا 15 مقالا بجريدة الشعب التي لم تتقيد بالتعليمات لأنها جريدة مستقلة تابعة للاتحاد العام التونسي للشغل المنظمة المستقلة و كذلك صحيفة الموقف كانت لها الشجاعة بنشر 11 مقالا حول حياة الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة.. و كان من الأجدر أن تنشرها جريدة الحرية التي أسسها الزعيم الحبيب بورقيبة و كانت تسمى جريدة العمل الذي ضحى من اجلها منذ عام 1932 ..و كذلك جريدة أخبار الجمهورية مشكورة نشرت لي 16 مقالا من 2000 إلى 2004 ثم تراجعت هذه لمحة موجزة حول التعتيم الإعلامي اذكرها بكل صراحة و وضوح.. و نتمنى مستقبلا.. و بداية من 22/01/2010 تاريخ خطاب سيادة الرئيس الأخير أتمنى أن تتغير العقليات و تمحى التعليمات السابقة.. و يتحرر الإعلام كما تريدونه يا سيادة الرئيس و كما نتمناه في صميم واقعنا الملموس و المعاش.. و إن شاء الله الأيام القادمة تبرز هذه العناية الرئاسية الهادفة و الواضحة التي أكدتم عليها في خطابكم الأخير و تفك عزلة الإعلام و التعليمات التي تعطى تحت الطاولة من طرف بعضهم و عددهم لا يتجاوز 3 أشخاص نعرفهم معرفة جيدة.. يعطون التعليمات دون علمكم و يتصرفون بصفة فردية لا علاقة لها بوضوح رؤيتكم لدور الاعلام و حرية التعبير.. و ان هذا التصرف العشوائي اضر بمصداقية الاعلام و عديد من المناضلين لهم مآخذ على دور الاعلام و بعضهم متألم من هذه التصرفات التي اصبحت حديث العام و الخاص لا في تونس فقط ؟؟؟؟ كما نرجوا أن يطلق سراح كتابي المحبوس بوزارة الثقافة و المحافظة على الترا طبقا لقراركم التاريخي بالغاء الايداع القانوني للكتب و الصحف.. و قد مر على حبس كتابي حوالي سنة و نصف من 23 جويلية 2008 الى 23 جانفي 2010 يوما بيوم لماذا ؟ لأن الكتاب يحتوي على مقالات تاريخية بارزة و محطات سياسية و نضالات و تضحيات قدمها الزعيم العملاق الحبيب بورقيبة رحمه الله لوطننا العزيز فهل الكتابة على احياء الذاكرة الوطنية يعاقب عليه و يحبس الكتاب ام ماذا.. و اعتقد ان حبس الكتاب لا يتماشى مع رؤيتكم يا سيادة الرئيس. و في هذا الإطار قد خصصت مجموعة من المقالات على خصال و مناقب و بصمات الزعيم الراحل و قمت بتدخل عام 2001 في ذكرى وفاة الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة .
و اعتقد أن سيادتكم أذنتم بإحياء هذه الذكرى. و عندما سمعت تدخل احد الوزراء القدامى الذي نبش الماضي بأسلوب هزلي و ضحك جل الحاضرين تحمست و طلبت إنهاء كلمة الوزير و قامت ضجة .. و نزل الوزير من المنصة.. و لكن بعض المسؤولين لم يعجبهم تدخلي و غضب احدهم و هو الأمين العام للتجمع الأسبق من يومها.. و أعطى التعليمات لإقصائي على حضور الاجتماعات و المنابر و لم أعد اليها الا في أفريل 2009 بمناسبة تنفيذ تعليماتكم الرئاسية بتشريك سلك المعتمدين و الولاة المتقاعدين في اللجان الوطنية و الجهوية بمناسبة الانتخابات الرئاسية و التشريعية. و لم يكتف الأمين العام الأسبق بهذه الخطوات بل أعطى تعليماته بعدم نشر مقالاتي في الصحف.. و أتذكر انه بعد نشر مقالي الأول بمجلة حقائق في جويلية 2003 إذن بعدم نشر الجزء الثاني من المقال.. و نسج على منواله وزير آخر كانت له مكانة مرموقة.. و أعطى هو الآخر تعليماته بتعتيم مقالاتي و عدم نشرها من 2003 في جريدة الصباح و الحرية و الشروق و مجلة حقائق و غيرها من الصحف. و نتج عن ذلك اكتشاف الموقع الالكتروني .. و أصبحت من 2005 أراسل الموقع و قد وجدت الدعم و التشجيع.. و نشرت حوالي 726 مقالا نشرت منها 350 مقالا بكتابي الجديد الوفاء الدائم للرموز و الشهداء . هذه نتيجة التعتيم الإعلامي و تعليمات بعض المسؤولين في النطاق الوطني و كما أشرتم يا سيادة الرئيس في كلمتكم يوم 22/01/2010 فإن المواطن في تونس مسؤول و كلمته و مقترحاته مسموح بها.. و لو كانت من اجل النقد و الرأي الآخر مسموح به هذا شعاركم و تصوركم.. و لكن في المقابل الممارسات شيء أخر و التعليمات تحت الطاولة شيء اخر.. و اجتهاد المسؤولين أمر أخر .. و هذا هو الفرق بين الخطاب السياسي الهادف و الممارسات من طرف بعضهم دون علمكم. أكتب هذا المقال من وجداني و احساسي و شعوري الوطني الفياض و انا متألم مما حصل في السابق من اعمال و معاملات لا تمت بصلة الى مبادئ و بيان السابع من نوفمبر الذي راهن على الانسان. و نرجوا فهم هذه الخواطر الصادرة من اعماق مناضل ضحى ب 56 سنة من حياته في سبيل حرية الرأي و حرية الكلمة.
ملاحظة هامة: أقترح القيام بمبادرة رئاسية بإشرافكم تجمع كل رجال الإعلام مع ثلة من المناضلين لتسليط الأضواء على ما حدث من تجاوزات و أنا مستعد للإدلاء بكل ما لدي من معلومات و معطيات بصراحة المناضل الدستوري الذي لا يعرف الخوف و لا يخشى لومة لائم و الله ولي التوفيق. قال الله تعالى: » سيجعل الله بعد عسر يسرا » صدق الله العظيم.
محمد العروسي الهاني مناضل كاتب في شان الوطني و العربي الإسلامي الهاتف : 22022354
د. حارث الضاري لـ «الشروق»: الانتخابات العراقية طبخـــة لفوضـى شاملــة
تونس ـ «الشروق»: حين تجلس أمامه ترى في كوفيته خريطة العراق الموحّد.. وترى في ملامحه نسبه الوطني الرفيع.. وتسمع في صوته صوت الحقّ والوحدة الوطنية.. طبيعته السمحة وشخصيته العلمية ومكانته الدينية جعلت منه علما من أعلام هذا البلد العريق الضاربة جذوره في عمق التاريخ والحضارة والجغرافيا.. تشعر وهو يتحدث إليك بأنك أمام رجل غير عادي وأمام واحد من أبرز شرفاء وأحرار العراق والأمة.. تشعر بأنك أمام رجل تنصهر في كوفيته كل التمايزات وتذوب كل الفروقات والنزعات العرقية والمذهبية والطائفية.. ولا غرابة في ذلك فأنت أمام «شيخ المقاومة العراقية» كما تصفه بعض فصائل المقاومة.. وأنت أمام ابن تاريخ وطني يمثل بالنسبة إلى العراقيين عنوان قضيتهم ورمز أمجادهم ومصدر عزّهم وأنفتهم وشموخهم.. فالرجل ليس سوى الدكتور حارث الضاري حفيد الشيخ ضاري المحمود، أحد أكبر مفجّري ملحمة ثورة العشرين ضدّ الاستعمار الانقليزي وأحد الذين هزوا لندن بأكملها حين صرع المندوب البريطاني في العراق الكولونيل لجمان.. الشيخ حارث الضاري ورغم حالة الاعياء التي كانت بادية عليه جراء نشاطه المكثف في ملتقى دعم المقاومة الذي انعقد في بيروت نهاية الأسبوع الماضي واعتذاره لعديد وسائل الاعلام العربية والدولية التي كانت حاضرة في الملتقى عن التصريح، كما قال لي أحد مرافقيه فإنه لم يرفض التحدّث لـ«الشروق» بل قبل الإجابة عن كل الأسئلة التي طرحت عليه بابتسامة عريضة وبرحابة صدر أعرض في لقاء جرى بأحد النزل بالعاصمة اللبنانية بيروت تطرّق فيه إلى آخر المستجدات السياسية والأمنية في العراق.. الدكتور حارث الضاري وصف ما يجري في العراق هذه الأيام بأنه فتن سياسية.. كما نفى أن يكون العراق يشهد عملية سياسية بل إنه وصف ما يحدث بأنه مؤامرة سياسية تستهدف استكمال مخطط تدمير هذا البلد وضرب وحدته واستقراره وتفجير نسيجه الاجتماعي.. الشيخ حارث الضاري تحدّث أيضا عن المقاومة العراقية مؤكدا أنها في تصاعد مستمر وأنها قطعت شوطا مهمّا في معركة التحرير.. وفي ما يلي هذا الحديث:
دكتور حارث.. لتكن البداية بالسؤال عن الوضع القائم في العراق اليوم.. كيف توصّفون لنا المشهد في جانبيه الأمني والسياسي بعد مرور نحو سبع سنوات من الغزو؟ ـ العراق يتجه اليوم من السيء إلى الأسوإ.. والعراق اليوم تتربص به المخاطر من كل حدب وصوب من هذه المخاطر استمرار الاحتلال واستمرار الفوضى السياسية والأمنية التي يعاني منها الشعب العراقي اليوم أكثر من أي وقت مضى.. وهناك الاغتيالات والاعتقالات التي تطال اليوم مئات الآلاف من القابعين في سجون الحكومة والاحتلال والاذلال..
ماذا عن الفتنة الطائفية.. إلى أي مدى يجوز القول في هذه المرحلة بأن العراقيين تخطّوا مثل هذا «الكابوس» الذي ظلّ مخيما عليهم لفترة طويلة منذ الاحتلال؟ ـ لا توجد اليوم فتنة طائفية بل لم تحصل فتنة طائفية في العراق منذ الأيام الأولى للاحتلال وإلى يومنا هذا.. ما حصل ويحصل اليوم هو فتن سياسية كان يقف وراءها الاحتلال والأحزاب الطائفية وليست هي في الواقع بطائفية وإنما زج فيها أعداء من المأجورين والمغفلين والمشحونين طائفيا من الذين لا يمثلون لا الطائفة الشيعية ولا الطائفة السنية.. وكان الدافع إلى ذلك هو الرغبة في إحداث حرب أهلية لتقسيم العراق تحقيقا للمشروع الأمريكي القاضي بتقسيم كلّ دول المنطقة وكذلك تحقيق بعض الطائفيين وحلفائهم من دول الجوار الذين لأهدافهم بإضعاف العراق وتمزيقه وتقطيع أوصاله.
في هذه الحالة ما هي قراءتكم للجدل السياسي الجاري بشأن الانتخابات… وهل تتوقعون أن مثل هذه المحطة من شأنها أن تفضي الى انفراج الاوضاع في العراق؟ ـ في الواقع هذا الجدل الانتخابي القائم في العراق هو ناتج بالاساس عن الفوضى في القرار السياسي… اليوم لا يوجد قرار سياسي في العراق لدى من يزعمون أنهم عراقيون ولدى من يتكلمون باسم العراق… اليوم القرار السياسي هو بيد الاحتلال وبيد بعض القوى الاقليمية المتعددة الموجودة في العراق من خلال حلفائها وأدواتها الضاغطة والمؤثرة على الوضع في العراق… لذلك نشهد اليوم مثل هذا الجدل ومثل هذه الفوضى في كل شيء… في السياسة وفي الاقتصاد… وفي الأمن… مع أن هذا الوضع في الحقيقة فيه من الشذوذ الشيء الكثير لأنه لا يختلف عن الاوضاع الانتخابية السابقة في العراق التي جرت في ظل هيمنة الاحتلال وهيمنة القوى الممثلة فيه… لهذا أعتقد أن الانتخابات لن تأتي بجديد مهما كان شكلها ومهما كانت الاجراءات التي تستخدم فيها إذ أنه من غير المتوقع أن تؤدي الانتخابات القادمة الى انفراج في الاوضاع بالعراق أو تغيّر شيئا في جوهر ما تسمّى العملية السياسية التي لا أسميها في الواقع عملية سياسية حقيقية بل هي مؤامرة سياسية على العراق لأنها كانت السبب الرئيسي في تدهور الاوضاع بالعراق سياسيا وأمنيا واجتماعيا…
لكن ما تفسيركم لاجراء هذه الانتخابات عشية ذكرى الغزو بالذات… أليس في الامر نوايا مبيّتة برأيكم؟ ـ لا أعتقد أن بين التاريخين تناسبا مقصودا وإنما الاوضاع التي سبقت تحديدا موعد الانتخابات كانت أوضاعا مضطربة تناغمت مع رغبات بعض الجهات المستفيدة من هذا الموعد الانتخابي ولكن أقول إن اختيار هذا الموعد سواء كان مقصودا أم غير مقصود فإنه لن يغيّر كما قلت شيئا في الواقع بالعراق بل إنه قد يفضي الى مزيد من الفوضى والدماء.
إذا كان الوضع لن يتغيّر، كما تفضّلتم، فهل نتوقع إذن تغيّرا في موقف هيئة علماء المسلمين وانعطافه باتجاه المشاركة في العملية السياسية الجارية؟ ـ ستبقى هيئة علماء المسلمين في موقعها السابق موقع الرفض والمناهضة للاحتلال وترتيباته السياسية ومنها ما تسمّى عملية سياسية وما أفرزته من إفرازات مدمرة للعراق وشعبه كالمحاصصة والدستور والاتفاقية الامنية وغيرها مما سبق أن حذّرنا منه مرارا في بداية الاحتلال… ولهذا ستبقى هيئة علماء المسلمين في موقعها ولن تغادر معسكر المقاومة ومناهضة الاحتلال وعملائه حتى يتحرر العراق من الاحتلال…
مضت عدة أشهر على تكليفكم من قبل المقاومة بالتحدث باسمها… فهل أسفر تولّيكم لهذه المهمة عن نتائج ما في ما يتعلق بتوحيد المقاومة… ثم ماذا عن دوركم على هذا الصعيد؟ ـ نحن على تواصل عبر بعض القنوات… وما أؤكده أن المقاومة العراقية متمسكة بنهجها المقاوم وبتصعيد عملياتها ضد الغزاة حتى التحرير… يوجد منذ فترة سعي لدى عدد من فصائل المقاومة ومؤيديها الى توحيدها وقد مرت هذه المحاولات بمراحل من التقدم والتراجع بسبب الظروف المحيطة بها ولما هي عليه من تفاوت في الافكار والظروف في المعركة مع الاحتلال… وقد أنتجت هذه المساعي تقدما كبيرا على صعيد توحيد المقاومة… أما دورنا في العمل على وحدة الفصائل فنحن دائما ندعو الى توحيد هذه الفصائل لأن وحدة المقاومة هي هدفنا وهي بالنهاية الطريق الوحيد لتحقيق الأهداف الوطنية. لقد دعونا منذ البداية من خلال وسائلنا الخاصة الى توحيد جهود المقاومة وتوحيد أهدافها ووسائلها وأن تكون مقاومة متقيدة بمصالح العراق والأمة من حيث أن العراق يتكون من نسيج متنوع وأطياف مختلفة دينيا ومذهبيا وعرقيا وسياسيا.. كنا حريصين على أن تكون المقاومة موحدة وحتى تكون أكثر قوة وأكثر صلابة وأعتقد أن ذلك تحقّق وعلى الأقل بنسبة كبيرة..
هناك تضارب وغموض في موقف المقاومة من مسألة التفاوض مع قوات الاحتلال… لو توضّحوا لنا موقفكم في الهيئة من هذا الموضوع؟ ـ أريد أن أوضّح هنا نقطتين مهمّتين: 1) لا توجد مفاوضات بين الاحتلال وهيئة علماء المسلمين. 2) لا توجد في علمنا مفاوضات بين المقاومة العراقية الرافضة للاحتلال والمصمّمة على المضي فيه حتى يتحرّر العراق وبين الاحتلال.. نعم هناك مجموعة من الفصائل التي تنضوي تحت المجلس السياسي للمقاومة قد أعلنت قبل أشهر أنها قد تفاوضت مع الاحتلال ووصلت معه الى بروتوكول أولي للتفاهم حول أمور منها الاعتراف بالمقاومة ولم نعلم الى أين انتهت هذه المفاوضات؟
بحكم قربكم من المقاومة.. ما حقيقة ما يدور من حديث متواتر عن انخفاض وتيرة العمليات المسلحة ضد الغزاة في الآونة الأخيرة؟ ـ أستطيع أن أؤكّد اليوم أن المقاومة هي بألف خير وهي تصعّد عملياتها بشكل يومي، ضد قوات الاحتلال بل انها استطاعت أن تفرض وجودها بقوة في المشهد العراقي رغم حملة التشويه التي تتعرض لها وإنكار وجودها وانخفاض عملياتها.. إن رجال العراق الشرفاء وشبابه المؤمن يسطّرون اليوم أروع مثل في الجهاد والتضحيات ورغم أنهم يقاتلون أعتى قوة غاشمة فإنهم حققوا إنجازات كبيرة وسطّروا ملاحم بطولية وتصدّوا بشجاعة أسطورية كانت موضع تقدير كل أحرار العالم في الفلّوجة والموصل وكل مناطق العراق.. وأعتقد أنه يمكن الحفاظ على هذا المستوى إذا توفّر للمقاومة الدعم المادي والمعنوي والظروف الملائمة فما دام الاحتلال موجودا في العراق فإن المقاومة ستستمر بل إنها ستتصاعد أكثر ولن تتوقّف إلا بخروج قوات الاحتلال..
ولكن الاحتلال يقول بأن خروجه سيفجر حربا أهلية وصراعات دامية في العراق.. فكيف تنظرون الى مثل هذا الموقف؟ ـ هذه كذبة تريد الولايات المتحدة أن توجد من خلالها مبرّرا للبقاء في العراق، أنا أقول إن يوم انسحاب الاحتلال سيكون يوم عيد للشعب العراقي ولن يحصل أي مكروه بإذن اللّه بل سيصبح العراقيون أكثر توحّدا وأكثر وعيا وحرصا على سيادة بلدهم ووحدة أرضه.. وعلى أية حال الاحتلال سيخرج من العراق في النهاية مرغما.. فالعراق لا يمكن أن يعيد إليه مجده ويستعيد أمنه واستقراره إلا بيد أبنائه الحريصين عليه ليكون بذلك عراق كل العراقيين الشرفاء بكل طوائفهم وفئاتهم ممن رفضوا الاحتلال ورفضوا التقسيم وكل مشاريع الاحتلال..
(المصدر: جريدة « الشروق » (يومية – تونس) الصادرة يوم 25 جانفي 2010)
نعم لإعلام المقاومة في الوطن العربي
زهير أندراوس من نافلة القول إنّ الإعلام في زمن العولمة يلعب دوراً هاماً جداً في صناعة الرأي العام، وما من شك بأنّه في عهد الشبكة العنكبوتية (الإنترنت) تحوّل العالم إلى قرية صغيرة. ولكن على الرغم من هذه الطفرة الإعلامية، فإنّ الولايات المتحدة الأميركية -رأس حربة الإمبريالية العالمية- وعلى خلفية فشل سياساتها في الشرق الأوسط تحديداً، تحّولت إلى شرطي العالم، وبات الكونغرس الأميركي يسن القوانين التي تهدف إلى ترويض وتدجين الإعلام العربي, مثل مشروع القرار الأخير الذي يتوعد الفضائيات العربية ومؤسسات الأقمار الإصطناعية التي تبثها، التي تعتبرها واشنطن معاديةٍ لها بإنزال أشد العقوبات بها لأنّها تدعم المقاومة. السؤال منذ متى يُسمح لدولة بسن قوانين تُلزم دولاً أخرى؟ وهل مقاومة الاحتلال غير الشرعي، والتي نصت عليها الشرعية الدولية باتت إرهاباً إسلامياً وعربياً؟ ولكن باعتقادنا هناك تقاطع مصالح، إن لم يكن أكثر، بين الأنظمة العربية المرتمية في أحضان واشنطن وبين الإدارة الأميركية في هذه القضية، فوزراء الإعلام العرب، وهم موظفون في أنظمة العذاب والتعذيب، يريدون من وراء هذه القوانين قمع نهج المقاومة من عقول وأذهان أبناء الأمتين العربيّة والإسلامية، لأنّ من يقاوم المحتل لتحرير أرضه وعرضه، سيثور عاجلاً أم أجلاً، ضدّ من يتحالف مع الاحتلال وزبانيته. ولا غضاضة بتذكير الأميركيين والغرب الذي يعتبر نفسه متنوراً وينظر إلى الشرق العربي والإسلامي نظرة ازدراء واحتقار، معتبراً إياه متخلفاًُ، بأنّ الإساءة إلى الإسلام وللرسول العربي الكريم باتت رياضة وطنية في بلادهم، ويسمحون بها متذرعين، زوراً وبهتاناً بالحق في التعبير عن الرأي. فعلى سبيل الذكر لا الحصر، القس الأميركي بات روبرتسون، أساء للنبي -صلى الله عليه وسلم- وأنكر وجود ديانة إسلامية، وما زال ينفث سمومه البذيئة من على شاشة التلفزيون التابع له، والإذاعة التي يمتلكها، والفرق واضح بين التيارين: الفضائيات العربية، ملزمة بتغطية أنباء المقاومة في كل مكان وزمان، وهي بذلك لا ترتكب خطيئة، ولا تنكر وجود دين سماوي، كما يفعل العديد من القساوسة الأميركيين والأوروبيين، عندما يتعدوا على الدين الإسلامي الحنيف ويقولون بدون خجلًٍ أو وجلٍ بأنّه نسخة عن الدين اليهودي. قانون الكونغرس المذكور هو وصمة عار في جبين إدارة أوباما، الذي أشبعنا بالوعود الرنانة، ولكنّه لم يجرؤ على إغلاق معتقل غوانتانامو، الذي تجري فيه أعمال تقشعر لها الأبدان ضدّ المسلمين وضدّ القرآن الكريم، لا يحتملها الورق من شدةٍ فظاعتها، ولا غضاضة في هذا السياق تذكير الغرب والعرب بمقولة سيدنا عمر بن الخطاب الشهيرة التي لم يمحها الزمن أبدا: متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً، وهذه المقولة تنسحب على المقاومة وعلى الإعلام الذي يغطي المقاومة. والشيء بالشيء يذكر: مراقب الدولة العبرية، القاضي ميخا ليندنشتراوس، قال في تقريره الذي نُشر في كانون الثاني (يناير) الجاري إنّ فضائية الجزيرة القطرية وفضائية المنار، التابعة لحزب الله اللبناني، تفوقتا على الإعلام الإسرائيلي الموجه للعرب، وأنّ الرواية الإسرائيلية حول أحداث غزة فشلت فشلاً ذريعاً، مقترحاً على صنّاع القرار في تل أبيب مواجهة هاتين الفضائيتين، اللتين وفق الاستطلاعات الرسمية، هما الأكثر مشاهدة في فلسطين التاريخية. دولة الاحتلال تواصل التصرف في مواجهتها مع العرب على الصعيد الإعلامي وكأنّ شيئاً لم يكن: هل تحتل الدولة العبرية الأراضي العربية؟ الجواب لا. هكذا قرر مدير صوت إسرائيل بالعربية، وهو بالمناسبة يهودي، فمنذ تأسيس الراديو « العربي » كان المدير العام دائماً من اليهود، وما زال هذا الوضع قائماً حتى اليوم، وجاء ذلك في وثيقة داخلية عممها على العاملين في هذه الإذاعة التحريضية. اليهود عندما يقتلون في عملية مسلحة، أكد المدير العام في فرمانه، فإنّهم ضحايا، أما الفلسطينيون فهم قتلي، الجندي الإسرائيلي الذي يقتل ويبطش بالفلسطينيين واللبنانيين هو من جيش الدفاع الإسرائيلي، الجيش الأكثر أخلاقية في العالم، كما يتشدق صنّاع القرار من المستويين الأمني والسياسي في تل أبيب، أما الفلسطيني الذي يدافع عن أرضه وعرضه ويقاوم الاحتلال بشتى الوسائل المتاحة له، والتي نصت عليها الشرعية الدولية، فإنّه إرهابي ولعين. وعلى المذيعين في هذه الإذاعة العمل وفق هذه التعليمات المكارثية، وإلا فإنّ الإدارة ستقوم بفصلهم من العمل، صحافة في القمة، قمة في الصحافة، أو بكلمات أخرى، الديموكتاتورية على النمط الإسرائيلي. في الحقيقة لم نفاجأ بهذا الفرمان من مدير صوت إسرائيل الناطق بالعربية. ونتوقع أن ينضم تلفزيون إسرائيل اللافظ بالعربية إلى جوقة التحريض الأرعن على كل ما ينطق بالضاد، وعلى كل من هو مسلم. وللتدليل على ما نسوقه في هذه العجّالة نورد مثالاً: قبل أكثر من ثلاث سنوات ونيّف أجريت لقاءً مطولاً مع سعيد القاسم، الذي كان المذيع الرئيسي في تلفزيون إسرائيل علي مدار ثلاثين عاما. حيث قال فيما قال: إنّ التلفزيون بالعربية والراديو بالعربية هما صهاينة أكثر من هرتزل، وكاثوليك أكثر من البابا. وللتذكير فإنّه في العام 1968 قامت حكومة إسرائيل بتعيين لجنة مهمتها فحص إمكانية إقامة راديو وتلفزيون بالعربية لاستغلالهما في حرب الدعاية الصهيونية ضد العالم العربي بشكل عام، وضد سكان يهودا والسامرة وقطاع غزة (المناطق المحتلة عام 67)، وبطبيعة الحال فلسطينيي الداخل، ضمن المخطط الصهيوني الخبيث الرامي إلى ترويضهم وتدجينهم وتحويلهم إلى ما يُسمى وفق الأجندة الصهيونية بالعرب الجيدين. وقد ضمت اللجنة مندوبين عن جهاز الأمن العام (الشاباك) وبعد مداولات مستفيضة، لم تخل من نصب المكائد وتحديد الإستراتيجية، رفعت توصياتها إلى الحكومة الإسرائيلية مشددةً على ضرورة إقامة الراديو، والتلفزيون ليكونا ذراعاً مطيعاً تستغله الحكومة من أجل خلق البلبلة في العالم العربي، وإثارة الفتن بين أبناء الشعب العربي الفلسطيني في المناطق المحتلة عام 67 وأيضا في مناطق الـ48. الموظفون الذين اختيروا للعمل في وسيلتي الإعلام الإسرائيليتين حتى النخاع، كانوا من اليهود الذين قدموا إلى فلسطين بعد نكبة العام 48، وهم يشكلون في هذه الأيام 90% من عدد الموظفين، يتكلمون العربية التي درسوها في المؤسسات الأمنية المختلفة، ويتقنون مهمة التحريض على أحسن وجه، وهم بعيدون عن الصحافة ألف سنة ضوئية. فعلى سبيل الذكر لا الحصر، قامت دار الإذاعة الإسرائيلية خلال اجتياح لبنان في العام 1982 بمهمة أمنية من الدرجة الأولى، المذيعون أجبروا على ترديد النداء إلى المقاتلين الفلسطينيين ومطالبتهم بالاستسلام: أيها المخرب، قف وفكر. ارفع العلم الأبيض واستسلم، هذا النداء الذي كررته الإذاعة العربية لم يجد نفعاً، فقد واصل الفدائيون الفلسطينيون في الدفاع عن أنفسهم، وفي محاولاتهم البطولية لصد العدوان الإسرائيلي البربري على الرغم من عدم التكافؤ في القوة، وما زالت عملية التحريض المنهجية مستمرة. هذا النهج الصهيوني الاستعلائي دفع المواطنين العرب الفلسطينيين، الذين يعيشون داخل الخط الأخضر إلى العزوف عن الاستماع لراديو إسرائيل بالعربية والعزوف عن مشاهدة تلفزيون إسرائيل بالعربية (على فكرة هذا التلفزيون يخصص ساعة واحدة يومية بالعربية فقط، نصف ساعة منها مخصصة لنشرة الأخبار من أورشليم ـ القدس). المأساة تكمن في أنّ القانون الإسرائيلي يُلزم كل مواطن من اليهود والعرب، بدفع ضريبة لهيئة الإذاعة والتلفزيون، ومن لا يدفع الضريبة، فإن السلطات تتخذ ضده الإجراءات القانونية المختلفة، بما في ذلك الحجز على راتبه. بمعنى آخر فإن الفلسطينيين، الذين يسكنون في إسرائيل ملزمون حسب القانون بتمويل الراديو والتلفزيون، أو بكلمات أكثر سذاجة: نحن ندفع الضريبة السنوية لكي نمكنهم من التحريض علينا وعلى أبناء جلدتنا في جميع الأماكن. مضافاً إلى ذلك، نرى لزاماً على أنفسنا أن نوضح لكل من في رأسه عينان بأنّ العنصرية الإسرائيلية سبقت نفسها في جميع مناحي الحياة، ففي البرامج الأجنبية التي يقوم ببثها التلفزيون الرسمي الإسرائيلي، الممّول من دافعي الضرائب ومن الحكومة، وبطبيعة الحال القنوات التلفزيونية التجارية، بترجمة البرامج إلى اللغتين العبرية والروسية، هذا على الرغم من أنّ اللغة العربية، وفق القانون الإسرائيلي، هي لغة رسمية، ومع أنّ حوالي 20% من سكان الدولة العبرية هم من العرب الفلسطينيين. وبما أنّ المحاولات الصهيونية في هذا المجال فشلت فشلاً ذريعاً، فقد اتخذ صنّاع القرار في تل أبيب قراراً جوهرياً بتحويل التلفزيون اللافظ بالعربية إلى قناة فضائية، لكي يتمكن المشاهد العربي في الدول العربية من التقاط البث، وهنا تكمن الخطورة في الأمر، لأنّ هذا التلفزيون، أو الفضائية، يعمل وفق أوامر مباشرة من الشاباك الإسرائيلي، ويقوم بنشر الرواية الإسرائيلية، الكاذبة بطبيعة الحال، وقد ينجح هذا التلفزيون بتمرير رسالته إلى المواطنين العرب في المناطق المحتلة منذ عدوان يونيو/حزيران 1967، وأيضاً إلى سكان الدول العربية، وبالتالي هناك حاجة ماسة إلى محاربة هذه الفضائية بكل الوسائل ومنع التقطاها في الدول العربية، أو التحذير من خبث هذه الفضائية، لأنّ غير ذلك، قد يؤدي إلى أن تنطلي أكاذيب هذه الفضائية على الناطقين بالضاد. أي أنّ الحرب الإعلامية بيننا وبين الصهاينة لا تقتصر فقط على الإعلام الغربي، بل على الإعلام الإسرائيلي المستعرب، والذي لا يقل خطورة عن الإعلام الغربي، الذي تبنى وما زال متبنياً الرواية الإسرائيلية الكاذبة، وهو الإعلام الذي أشبعنا دروساً في الديمقراطية ومحاضرات عن الرأي والرأي الأخر، وهنا نرى أنّ تل أبيب وواشنطن تعملان بتنسيقٍ تامٍ من أجل تكميم الأفواه العربية والإسلامية التي ما زالت تقول نعم للمقاومة، لا لجدار العزل العنصري، ولا للجدار الفولاذي الذي تشيده مصر بدعمٍ من إسرائيل وأميركا. من خلال متابعتنا للإعلام الإسرائيلي باللغة العبرية نصل إلى نتيجة مؤلمة للغاية: الصحافة العبرية هي ديمقراطية لليهود ويهودية للعرب، وتقوم بالتكشير عن أنيابها في زمن حروب إسرائيل، بحيث يتحول الصحافي إلى جندي يخفي المعلومات وينشر الأخبار التي تصب في صالح ما يُسمى بالإجماع القومي الصهيوني، ويتحول الرقيب العسكري، الذي يعمل بأوامر من جهاز الأمن العام (الشاباك)، إلى رئيس رؤساء التحرير، حيث يُسرب المعلومات التي تحلو له وتخدم أجندته والصحافة العبرية « المتمردة » تتحول بين ليلة وضحاها إلى صحافة بلاط أو صحافة متطوعة. وفي هذا السياق نصل إلى النتيجة بأنّ هناك تقاطع مصالح واضحا بين الإعلام العبري وبين السياسة الإسرائيلية الرسمية، القائمة على العنصرية وعلى نفي الأخر. من هنا فإنّ عملية غسيل الدماغ التي يقوم بها الإعلام العبري ضد الفلسطينيين يتماشى مع سياسة حكومة الدولة العبرية، التي تعد العدة لتحضير التربة الخصبة لتمرير المزيد من القوانين العنصرية ضدّ فلسطيني مناطق الـ48، وهذا أخطر ما يكون، لأنّه في ظل انعدام الرأي الأخر، فإنّ الرأي السائد هو رأي الحكومة العنصرية، وهذا الأمر على المدى البعيد والقريب على حدٍ سواء، سيتأجج في ظل عدم وجود إستراتيجية عربية لمقاومة هذا التحريض السافر، من هنا فهناك حاجة ماسة إلى بلورة إستراتيجية عربية لدرء هذا الخطر المحدق والبحث عن وسائل علمية وعملية لمحاربة هذه الظاهرة، التي حوّلت الجلاد إلى ضحية، وحوّلت الضحية إلى جلاد. تنتابني مشاعر الاشمئزاز إلى حد الشعور بالتقيؤ، في كل مرة أضطر من منطلق « مكره أخاك لا بطل » أن أتابع نشرات الأخبار والبرامج الهادفة للتحريض على العرب، ولكن على الإعلام العربي في الداخل الفلسطيني وفي العالم العربي أن يؤدي دوراً ريادياً في بناء المجتمع الفلسطيني والعربي لا سيما وأنّ الإعلام الإسرائيلي على مختلف مشاربه ينتهج مبدأ الإبادة الرمزية مع كل ما يتعلق بتغطية الفلسطيني بالداخل والعربي في الوطن العربي، حيث يظهر الأمر جليًا بسياسات التغريب والإقصاء والتجريم، وبالتالي يجب العمل على التخطيط مع المجتمع لبناء إستراتيجية إعلامية تعمل على تحديد معالم جديدة للحيز العام العربي الذي يغذّي بدوره الخطاب الإعلامي. ونعتقد أنّه من الأهمية بمكان التشديد على أهمية العمل المهني مع الصحافيين والصحافيات من خلال أطر عملية وبمشاركة كل قطاعات الرأي والرأي الحر في العالم العربي، من أجل تطوير ثقافة إعلامية مبنية على أخلاقيات التفاهم والاحترام المتبادل والدفاع عن حقوقنا المشروعة من أجل الارتقاء بالمجتمع وتحقيق الحقوق الإعلامية للمجتمع العربي برمته. ونقوله بفم مليء: وزراء الإعلام العرب هم آخر من يحق لهم أنّ يتكلموا عن حرية التعبير، لأنّ إعلامهم مجير لصالح الحاكم والفساد، لا أقل ولا أكثر. (المصدر: موقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 25 جانفي 2010)