الاثنين، 20 مارس 2006

Home – Accueil الرئيسية

TUNISNEWS
6 ème année, N° 2128 du 20.03.2006

 archives : www.tunisnews.net


السجين محجوب الزياني يعلن عن دخوله إضراباً عن الطعام

هيومن رايتس ووتش تدعو إلى إطلاق سراح السجين علي رمزي بالطيبي

المكتب الفيدرالي « فاطمة البحري » للاتحاد العام لطلبة تونس كلية آداب منوبة: توضـــيح
رويترز: الرئيس التونسي يفخر بانجازات بلاده في الذكرى الخمسين لاستقلالها
وات: بيان حركة الديمقراطيين الاشتراكيين بمناسبة خمسينية الاستقلال
وات: بيانات لعدد من المنظمات التونسية بمناسبة خمسينية الاستقلال أخبار تونس: عدد من الأحزاب السياسية تصدر بيانات بمناسبة الذكرى الخمسين للاستقلال  حقائق: تصريحات ساخنة لعبد العزيز بن ضياء حول الرابطة والتواطؤ مع الأجنبي والتحالف الأصولي اليساري مصطفى الونيسي: جمال اللَّباس وزينة الإنسان وأناقته: أحكام ومقاصد – الجزء الأول د. أحمد القديدي: الإسلام الحضاري لا السياسي  د. ابو خولة: خيار المقاومة عند احمد السعدات


Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe ( Windows ) To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic (Windows).

 

باسم الله الرحمن الرحيم

   تونس 20مارس 2006

 

السجين محجوب الزياني

يعلن عن دخوله إضراباً عن الطعام

 

 

على إثر الزيارة التي قامت بها عائلة الزياني لإبنها محجوب الزياني المقيم حالياً بسجن 9 أفريل، قام عون الحراسة بقطع الزيارة عن العائلة حين أبلغ محجوب عائلته خبر دخوله منذ بضعة أيام في إضراب عن الطعام بسبب ظروف السجن التي يعانيها وبسبب الإتهامات الباطلة التي وجهت له خلال التحقيق. وقد دخلت عائلة محجوب الزياني هي أيضاً اعتبارا من اليوم 20مارس2006 في إضراب مفتوح عن الطعام تضامناً مع إبنها وهي تدعوا كل المسؤولين والمنظمات الحقوقية والإنسانية التدخل من أجل رفع معاناة إبنها. ومحجوب الزياني الموقوف على ذمة التحقيق منذ أفريل  تم اعتقاله في نطاق الحملة التي شنتها السلطات التونسية على عدد من الشباب من رواد المساجد في أفريل2005

 
( المصدر مراسلة خاصة بتاريخ 20 مارس 2006 )

user posted image
 

إعـــلام  
يعتزم أحباء وأصدقاء الأخ الهاشمي المكي، الذي يعاني الآن مرضاً عضالاً جراء الإهمال الصحي طوال العشر سنوات التي قضاها في السجن، صيام يوم الخميس القادم 23مارس2006 بنية القربى إلى الله والدعاء له بالعافية والشفاء العاجل.

وهم يدعون بهذه المناسبة إخوانه ومحبيه والخيريين من المسلمين داخل البلاد وخارجها إلى المشاركة في الصيام والدعاء، عسى أن يتقبل الله منهم ويكرمه ويكرم إخوانه بشفائه، إنه على كل شيء قدير. أحباء الهاشمي المكي

المصدر موقع نواة بتاريخ 20 مارس 2006
 

 

 

منظمة هيومن رايتس ووتش (مراقبة حقوق الإنسان)

15 مارس/آذار 2006

الرئيس زين العابدين بن علي

قصر الرئاسة

قرطاج، تونس

السيد الرئيس،

ترحب منظمة هيومن رايتس ووتش (مراقبة حقوق الإنسان) بقراركم المعلن في 25 فبراير/شباط والقاضي بالإفراج عن 1,298 سجيناً ومنح العفو المشروط لـ 359 غيرهم، وبينهم كثيرٌ ممن نعتبرهم سجناء سياسيين. ونحن نأمل بأن تتبع هذه الخطوة إجراءات لاحقة للإفراج عن جميع الباقين في السجن بسبب نشاطاتهم السياسية السلمية أو بسبب ممارستهم التعبير الحر.

ونحن نكتب إليكم بهذه المناسبة لندعوكم إلى إطلاق سراح أحد هؤلاء السجناء الذي يختتم اليوم سنته الأولى في السجن. فقد استنفذ السجين علي رمزي بالطيبي جميع الطرق القانونية بعد أن ثبتت محكمة الاستئناف الحكم الصادر بحقه ورفضت محكمة النقض ردّه بتاريخ 15 ديسمبر/كانون الأول.

وينص القانون التونسي على تنفيذ أحكام القضاء باسم رئيس الجمهورية (المادة 64)، كما يعطي الدستور الرئيس سلطة إصدار العفو (المادة 48).

ونحن ندعوكم إلى إطلاق سراح السيد بالطيبي دون شروط لأننا نرى (وللأسباب الواردة أدناه) أنه سجن بسبب ممارسته حقه في حرية التعبير. كما نلاحظ أن المحكمة استندت في قرارها بوجود النية الإجرامية لديه على اعترافات يقول المتهم أنه أدلى بها بفعل التعذيب؛ وهو ادعاءٌ رفضت المحكمة التحقيق فيه.

ومما يثير قلقنا أيضاً كون الدعوى ضد السيد بالطيبي قد نتجت عن قيامه بنسخ وإعادة إرسال بعض المواد عبر الإنترنت من خلال أحد منتديات النقاش. وفي هذه الحالة، فإن الجهة التي أقامت الدعوى ضده تبعث إلى التونسيين برسالةً مفادها أنهم معرضون للسجن إذا تلقوا أو تبادلوا عبر الإنترنت معلومات ترى الحكومة بأنها ذات صبغةٍ متطرفة؛ وذلك حتى في غياب الدليل القاطع على أن لدى الشخص المعني أية نيةٍ بارتكاب أعمال عنف أو التهديد بها، أو على أن نشاط ذلك الشخص عبر الإنترنت يمكن أن يحرض الآخرين على ارتكاب تلك الأفعال الإجرامية.

وقد اعتقلت الشرطة بالطيبي يوم 15 مارس/آذار 2005 وفتشت منزله الكائن في « كرام » قرب تونس العاصمة؛ ويقال أنها صادرت أوراقاً شخصية وكتباً وأقراصاً مدمجة. وهي تتهمه بنسخ بيان عن الإنترنت يهدد تونس بهجماتٍ إرهابية، وكذلك بإعادة إرساله من خلال أحد منتديات النقاش الذي يساهم في إدارته عبر الإنترنت. وقد قام بالأفعال المذكورة مساء 13 مارس/آذار 2005 من خلال حاسب موجود في أحد مقاهي الإنترنت الذي يعمل فيه بدوامٍ جزئي في « كرام ».

وبعد أسبوعين من ذلك، أي في 28 مارس/آذار، أصدرت محكمة بداية الجزاء التونسية حكماً على السيد بالطيبي بالحبس خمس سنوات وبغرامة قدرها 1000 دينار (حوالي 270 دولار أمريكي) (دعوى رقم 12751). وقد جرّمت المحكمة بالطيبي بموجب المادة 222 من قانون العقوبات التي تفرض عقوبة الحبس حتى خمس سنوات بسبب « تهديد الآخرين، بأية وسيلةٍ كانت، بأي فعلٍ يعاقب عليه قانون العقوبات ». وقد أيدت محكمة الاستئناف هذا القرار بتاريخ 17 يونيو/حزيران، لكنها خففت الحكم إلى أربع سنوات (دعوى رقم 7309). ويمضي بالطيبي، المولود عام 1976 والذي لم يسبق له ارتكاب أية جريمة، حكمه في سجن برج الرومي في بيزرت.

أما البيان الذي حكم على بالطيبي بسبب إعادة إرساله فهو موقعٌ من قبل جماعةٍ تدعو نفسها « جماعة جند الإسلام الجهادي ـ لواء عقبة بن نافع« . وتهدد الجماعة تونس بالسيارات المفخخة وبحدوث « حمامات دم » في السفارات الأجنبية إذا قام رئيس وزراء إسرائيل أرييل شارون بزيارة تونس. (وقد صدر البيان رداً على تقارير إخبارية في شهر فبراير/شباط 2005 تقول بأن شارون كان من بين الزعماء المدعوين لحضور قمة مجتمع المعلومات التي انعقدت في تونس برعاية الأمم المتحدة في نوفمبر/تشرين الثاني 2005).

ومهما يكن مقدار الشجب الذي يستدعيه هذا البيان، فإن المحكمة لم تتهم بالطيبي بكتابته. فقد قررت أنه قام بنسخه عن موقع معروف باسم « القلعة »، ثم بإرساله عبر موقعٍ آخر هو « منتدى الإخلاص ». وقد رأت المحكمة أن هذا الفعل « يمثل تهديداً واضحاً للحكومة التونسية، ويشكل جريمةً تنطبق عليها المادة 222″، وذلك لأن غاية بالطيبي كانت « إطلاع بقية متصفحي الإنترنت على البيان بغية إثارة الاحتجاج ضد زيارة شارون إلى تونس ». أما منتدى الإخلاص فهو أصلاً موقعٌ للنقاش يقوم المشاركون فيه بإرسال الآراء والمواد (اللاذعة أحياناً) المتعلقة بالسياسة الدولية وبالحركات الإسلامية والجهادية، وذلك باللغة العربية.

 أما « اعتراف » بالطيبي الذي قدم إلى المحكمة فهو محضر الشرطة رقم 1/267 بتاريخ 15 مارس/آذار 2005 المروَّس برمز إدارة الأمن العام، الفرع الجنائي. ويقول المحضر أن بالطيبي قد اعترف بأن غايته هي إثارة الاحتجاج. ولم يتطرق قرار المحكمة إلى كون بالطيبي قد أنكر هذا الاعتراف أثناء المحاكمة قائلاً بأنه قام بالتوقيع على المحضر دون قراءته لأن الشرطة ضربته وهددته أثناء احتجازه.

وقد قال أفراد عائلة بالطيبي لهيومن رايتس ووتش أن الشرطة نقلته بعد اعتقاله إلى زنزانةٍ في وزارة الداخلية الكائنة في وسط العاصمة تونس حيث قام عناصرها بضربه بالعصي على جميع أنحاء جسده وخاصةً على أسفل قدميه (نوع من التعذيب يسمى الفلقة). ويقال بأنهم هددوه بتعذيبه بالصدمات الكهربائية إذا لم يوقع على الاعترافات، وذلك طبقاً لأقوال أحد أقارب بالطيبي الذي اتصل به أحد السجناء المفرج عنهم هاتفياً ليخبره بأنه شاهد بالطيبي في سجن « 9 أبريل » بتونس. (وقد نقل إلى هناك بعد قضاء فترة الاحتجاز تحت الملاحظة).

تشعر هيومن رايتس ووتش بالقلق الشديد لأن محكمة البداية، برئاسة القاضي محرز حمامي، امتنعت عن التحقيق فيما إذا كان اعتراف بالطيبي أمام الشرطة ناتجاً عن القسر. وقد طلب محامي بالطيبي، السيد عبد الفتاح مورو، من القاضي إصدار أمر بإجراء الفحص الطبي عليه للتأكد من وجود دليل على التعذيب. كما قال السيد مورو لهيومن رايتس ووتش أنه قدم التماساً إلى القاضي لكي يأمر المتهم بالكشف عن أسفل قدميه أمام المحكمة بحيث تتمكن من رؤية ما يمكن أن تحمله من آثار التعذيب.

وقد رفض القاضي حمامي هذه الطلبات رغم أن المحكمة (التي استمرت يوماً واحداً) قد انعقدت بعد 13 يوماً فقط من احتجاز بالطيبي؛ مما يعني احتمال وجود آثار ظاهرة للتعذيب. كما لم يذكر القاضي في قراره أن بالطيبي قد تقدم بأي طلبٍ من هذا القبيل.

أننا نشكر المسئولين التونسيين الذين أرسلوا لنا ردوداً مكتوبة بشأن هذه القضية، لكن محتوى هذه الردود كان مخيباً لآمالنا. ونحن نشير هنا إلى رسالة بتاريخ 14 ديسمبر/كانون الأول بعنوان « توضيحات من مصدر قضائي تونسي بشأن قضية علي رمزي بالطيبي ». وقد وردتنا رداً على رسالة بعثنا بها إلى وزير العدل بشير التكاري يوم 23 نوفمبر/تشرين الثاني؛ وهي تقول:

« يفسر سبب رفض المحكمة طلب بالطيبي بإجراء الفحص الطبي بأن المحكمة، وبشكل عام، لا توافق على طلبات من هذا القبيل إلا إذا تكونت لديها قناعة عميقة بوجود سبب موضوعي للاعتقاد بمصداقية هذه الادعاءات ».

(« Le rejet, par le tribunal de sa demande d’être soumis à des examens médicaux, s’explique par le fait que le tribunal n’accepte pas, en général, une telle requête s’il n’a pas dans son intime conviction des raisons objectives de croire à la crédibilité d’une telle allégation. »)

وسنكون شاكرين لمن يشرح لنا كيفية التوفيق بين هذا التفسير وبين قانون أصول المحاكمات الجزائية التونسي الذي يضمن للمتهم، في المادة 13 منه، حق المطالبة بالفحص الطبي. كما نحب أن نعرف أيضاً كيف يمكن التوفيق بين هذه السلطة التقديرية الممنوحة للقاضي برفض الفحص الطبي وبين أسمى واجباته وهو البحث المتفاني عن الحقيقة، بما في ذلك الدراسة الدقيقة لجميع الأدلة المقدمة إلى المحكمة. كما نشير هنا إلى أن تونس قد صادقت على اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة التي تطالب الدول الأعضاء فيها بأن « تضمن كل دولة طرف لأي فرد يدعى بأنه قد تعرض للتعذيب في أي إقليم يخضع لولايتها القضائية الحق في أن يرفع شكوى إلى سلطاتها المختصة وفى أن تنظر هذه السلطات في حالته على وجه السرعة وبنزاهة ».

ونحن نرى ما يثير قلقاً خاصاً في تمتع القضاة التونسيين بسلطة تقديرية واسعة لرفض طلبات الفحص الطبي، فتونس بلدٌ تكثر فيه الادعاءات بحدوث التعذيب أثناء الاحتجاز السابق على توجيه الاتهام. ويكون إجراء الفحص الطبي أكثر أهميةً عندما يكون محضر الشرطة الذي ينكره المتهم هو الدليل الوحيد الذي تبني عليه المحكمة قرارها (كما في قضية بالطيبي وقضايا كثير من التونسيين المحكوم عليهم في قضايا « أمنية »).

ولا يحوي ملف الدعوى أي أساس معقول لإدانة السيد بالطيبي بإصدار تهديد إجرامية. ومن بين المواد القليلة في ملف الدعوى، ثمة إفادة للشرطة موقعة من قبل محمد عاشور، صاحب مقهى الإنترنت الذي قام فيه بالطيبي بالأفعال موضع البحث. ولا تحوي إفادة السيد عاشور أي دليل يجرّم بالطيبي؛ فقد قال أنه لم يكن يعرف ما الذي يفعله بالطيبي أثناء استخدامه الإنترنت يوم 13 مارس/آذار؛ فهو ليس في موقع يسمح له بمراقبة ما يقوم به مستخدمو الحواسب في مقهاه.

ليس لدى هيومن رايتس ووتش أي اعتراض على القوانين التي تعاقب الأشخاص الذين يهددون بالقيام بهجمات عنيفة ضد الآخرين. لكن الحق في حرية التعبير، والذي يكفله العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية وغيره من المعاهدات، تحتم أن تقتصر الملاحقة القضائية « للتهديد » على الحالات التي يتبين فيها بجلاء أن لدى المتحدث نية واضحة بأن ينقل إلى الآخرين عزمه الجدي على القيام بفعل إجرامي وشيك.

وبنفس القدر، فإن هيومن رايتس ووتش لا تعترض على القوانين التي تعاقب التحريض على العنف. لكن الانسجام مع المعايير الدولية التي تحمي حرية التعبير يقتضي أن تحمل تلك القوانين تعريفاً محدداً تماماً للتحريض بحيث يقتصر فعلها على الحالات التي يخلق فيها السلوك التحريضي خطراً داهماً بوقوع العنف أو بوقوع أفعال غير قانونية بشكل واضح.

لقد خلصت المحكمة في قرارها إلى أن السيد بالطيبي مذنب بجريمة توجيه تهديد إجرامي لأنه قال، طبقاً لمحضر الشرطة الذي ينكره، أنه أعاد إرسال البيان بقصد « إثارة الاحتجاج ضد زيارة شارون إلى تونس ». لكن قرار الحكم لا يبرهن على أن قيام بالطيبي بإعادة إرسال البيان قد سبب تهديداً داهماً بوقوع أفعال عنف، أو ساهم في التسبب بهذا الخطر. وفي الواقع، لم تتم إقامة الدليل على أن أحداً قد قرأ البيان الذي أعيد إرساله وتصرف بوحيٍ منه. كما أن المحكمة لم تشر في قرارها إلى كون « الاحتجاجات » التي أمل بالطيبي بإثارتها ستكون احتجاجات عنيفة أو ذات طبيعة إجرامية واضحة.

ثمة أسباب بريئة كثيرة لقيام شخص ما بإعادة إرسال نص مرفوض كالنص موضع البحث من غير أن يتبنى التهديد الذي يتضمنه؛ كأن يحذر الآخرين من خطر قد وقع فعلاً على سبيل المثال، أو كأن يطلع عليه الباحثين أو الصحفيين أو غيرهم ممن يتابعون نشاطات الجماعات المتطرفة، أو كأن يفعل ذلك بغية دعوة الآخرين لمناقشة محتويات مثل هذا البيان. وفي حالة السيد بالطيبي فمن الواضح أن دافعه هو التعبير عن رد الفعل المعارض لدى بعض القطاعات إزاء قرار حكومتكم بدعوة رئيس الوزراء شارون، حيث عبر عن معارضته الشخصية لهذه الدعوة. وقد كتب لنا السيد بالطيبي مؤخراً أن هذا هو لب التعليق الذي أضافه عندما أعاد إرسال البيان. (كتب لنا بالطيبي أنه لم يكن قادراً، بسبب كونه في السجن، على أن يرسل لنا نفس النص الذي أرسله منذ عام مضى؛ كما لم نتمكن من الحصول على هذا النص من الأرشيف المتوفر على الإنترنت بغية التحقق من مضمونه). وليس في ملف الدعوى أي دليل على أن السيد بالطيبي قد ألحق بالبيان أي تعليق يمكن اعتباره تهديداً أو تحريضاً على عنف وشيك.

لهذه الأسباب، ومع إدانتنا لمحتوى البيان، فنحن نرى أن سجن شخص بتهمة « إصدار التهديدات » لمجرد أنه قام بإعادة إرسال بيان من هذا النوع عبر منتدى للنقاش على الإنترنت ليس إلا انتهاكاً لحق التعبير.

ومن هنا، فنحن ندعوكم لممارسة صلاحياتكم بإطلاق سراح السيد بالطيبي والأمر بفتح تحقيق بشأن ادعائه بالتعرض للتعذيب على يد الشرطة أثناء استجوابه.

نشكر لكم التفكير في هذه القضية ونأمل في استجابتكم.

مع خالص الاحترام،

سارة ليا ويتسن

المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا

منظمة هيومن رايتس ووتش


 

 

المكتب الفيدرالي « فاطمة البحري » للاتحاد العام لطلبة تونس كلية آداب منوبة

 

توضـــــيح

  تونس في 20/03/2006

 

على اثر الأحداث الأخيرة التي شهدتها كلية الآداب بمنوبة بمناسبة انعقاد حفل تكريم المفكر الفرنسي Paul sebag  و أمام كثرة المغالطات ومحاولات تزييف الحقائق وبدافع رفع اللبس و إنارة الرأي العام بحقائق الأمور يهمني باعتباري الكاتب العام للمكتب الفيدرالي » فاطمة البحري » للاتحاد العام لطلبة تونس بكلية الآداب بمنوبة، أن أشير في البداية أنه من ثوابت الحركة الطلابية الدفاع عن كل القضايا العادلة و في طليعتها قضية شعبنا العربي في فلسطين و مساندة مقاومته الباسلة للاستعمار الاستيطاني الصهيوني. و من هذا المنطلق يأتي رفضنا المبدئي للتطبيع باعتبار أنه لا يمكن إقامة علاقات طبيعية مع من اغتصب الأرض و يقتل و يشرد الأبرياء و يصادر أراضيهم فالتطبيع من جهة هو اعتراف بمشروعية جرائم المحتل الصهيوني و قبول به كأمر واقع و هو من جهة أخرى إضعاف للمقاومة و خيانة لها لا بد من رفضها هذا الموقف المبدئي الذي عبر عنه أبناء شعبنا في تونس في العديد من المحطات لم يتغير و لن يتغير ما دام هناك عدوان على هذا الجزء العزيز من أرضنا العربية.

 

يترتب عن هذه الثوابت العديد من المسائل المترابطة أولها أننا كمكتب فيدرالي و مناضلين داخل الفضاء الجامعي نعبر عن هذه المواقف في كل المناسبات المتاحة و من خلال العديد من المنابر سوءا كانت مرتبطة بحدث على الصعيد الجامعي أو الوطني أو القومي أي أن أجندتنا النضالية في جميع المحاور لا تخضع إلا إلى ثوابتنا و قناعاتنا و نحن بكل ديمقراطية و مسؤولية نحدد توقيت التعبير عنه و شكله، ثانيا نحن نعتبر أن الفضاء الجامعي إضافة إلى دوره المعرفي  هو فضاء للديمقراطية و منبر للتعبير عن هذه المواقف و ما حدث يوم 10 مارس لا يخرج عن هذا السياق.

 

اذ لم يعد خافيا على أحد اليوم المخططات الصهيونية التي توظف من أجل غاياتها و أهدافها الاستعمارية كل الوسائل و الطاقات و المؤسسات فعلاوة على الآلة العسكرية الموظفة لأجل تركيع شعبنا العربي في فلسطين تحاول أن تسيطر- و قد نجحت في ذلك إلى حد بعيد- على وسائل الإعلام المسموعة و المرئية و المقروءة و تحاول أن تتسلل إلى الشعب العربي و طلائعه المثقفة عبر مؤسسات البحث العلمي و الأكاديمي لأنها جربت الآلة العسكرية و لم تنجح نجدها اليوم تتخفى وراء أكثر من رداء لتمرير مشروع التطبيع و أحد هذه الأساليب للركوب على مطية البحث العلمي و الأكاديمي لتمرير مشروع التطبيع مستغلة في ذلك ثلة من ضعاف النفوس ممن يحسبون زورا على فئة المثقفين.

 

فرغم أنه في تونس لا توجد مشكلة أقليات عرقية أو دينية أو غيرها، و رغم مناخ التعايش السلمي و السليم بين الجميع فان هناك مجموعة  من هواة الاصطياد في المياه العكرة تريد أن تخلق مثل هذه النعرات التي لا تخدم إلا المتربصين بمستقبل بلادنا و أمتنا العربية و قضايانا بهدف تشويه كل ثوابتنا و لكم فيم يحدث في العراق و لبنان و سورية و السودان أكبر دليل على ما يخطط له هؤلاء المرتزقة من تجزئة المجزأ و تفتيت المفتت. و المكتب الفيدرالي عبر يوم الجمعة 10 مارس 2006 كما عبر دائما عن هذا الموقف و حذر من أن يتحول البحث العلمي و الأكاديمي إلى مطية للتطبيع أولا و مدخلا لإثارة نعرات طائفية نحن نرفضها و نرفض كل من يحاول إثارتها، و هنا أعود لأوضح أن ما حدث هو أن هناك مجموعة من الأساتذة المعروفين بارتباطاتهم المشبوهة مع دوائر صهيونية قد هيئوا لهذا التكريم الذي أقيم ل paul sebag. فكان أن عبرنا عن موقفنا من التطبيع و المطبعين و من جعل مثل هذه الندوات و المناسبات منبرا لتمرير مشاريع التطبيع و مطية لخدمة العدو الصهيوني.

 

أما عما يحاول البعض ترويجه على أن الطلاب كانوا يحتجون على تكريم paul sebag  لأنه من أصل يهودي. نرد على هؤلاء بأن ما يدعون هو محض افتراء و تزييف للحقائق بهدف التوريط السياسي و من أجل كسب تعاطف وسائل الإعلام الأجنبية و هذا ليس بالغريب عمن تعودوا بالاستقواء بالأجنبي ضد أبناء الوطن و الذين لا يعرفون المحرمات في عملهم السياسوي فحديثنا عن Paul sebag كان كأي حديث عن شخصية عامة يختلف حولها التقييم و قد يصل حد التناقض دون أن ينتصب أحدا وصيا أو حاميا عليه و دون أن يرتبط هذا التقييم بديانته اليهودية فنحن نعرف أن الكثير ممن يدعون أنهم مسلمين هم أكثر صهينة من بعض اليهود الرافضين أصلا لقيام  » دولة إسرائيل » و أما عن كون Paul sebag  يهودي فإننا كنا قد وضحنا في أكثر من مرة و أكثر من مناسبة أننا نفصل جيدا بين الأشياء و لا نعادي أحدا على أساس ديني أو عرقي أو غيره و نميز بين اليهودية كدين سماوي و الصهيونية كحركة استعمارية و عنصرية و إسرائيل ككيان استيطاني. لذلك نجدد تأكيدنا أن كل ما قيل فيه الكثير من الافتراء من أولائك الذين لا يسمعون الا أصواتهم و يرفضون كل صوت مخالف فليس لنا كما قلت أي مشكل مع اليهود و اليهودية انما نحن نعبر عن رفضنا للصهيونية و لممارساتها و نقول لهؤلاء الناعقين كفوا عن تزييف الحقائق التي لم تظهر اليوم و إنما كانت مواقف ثابتة لخيرة شباب تونس و نذكّر هؤلاء أنه لما صمتوا على ما حدث في الغريبة و رغم تزامنه مع أحداث جينين ورغم دقة الظرف فان المكتب الفيدرالي للاتحاد العام لطلبة تونس بكلية آداب منوبة قد عبر بكل جرأة و وضوح و بحزم عن رفضه و استنكاره لاستهداف اليهود كيهود في أي مكان من ناحية و رفضه المبدئي لأي شكل من أشكال الاعتداء على أي مقدسات في بلادنا، و موقفنا هذا معروف لدي القاصي و الداني. لذلك نقول للناعقين كفوا عن تشويه صورة بلدكم و صورة قواه الحية.

 

أما فيما يتعلق بالادعاء بأن الشعارات التي رفعت كانت معادية لليهود فنود أن نوضح بأن الشعارات التي تم رفعها كانت مكتوبة و لم تكن منطوقة و كانت مقسمة على محورين: الأول قطاعي متعلق برفضنا لمشروع « أمد » المشروح المطروح في الجامعة لإصلاح التعليم و رفضنا تدخل الوزارة في شؤون الاتحاد العام لطلبة تونس وهي شعارات كانت موجهة لوزير التعليم العالي الذي كان من المفترض أن يحضر فعاليات الندوة- المخصصة للمفكر Paul sebag و لم يحضر و نتمنى أن يكون المانع ليس اعتراض السيد الوزير على حضور ندوة تكرم يهوديا فإننا نخشى أن يتهم هو الآخر بمعاداته لليهودية ( فالتهم عند الناعقين جزاف)!!!. أما المحور الثاني كان في علاقة بالتطبيع و بتحويل البحث العلمي مطية له و قد تم التعبير عن هذه المواقف بشكل مسؤول و دون لأي مغالاة.

 

كما ننصص و نؤكد لرفع أي لبس حول موقفنا من العنف و الإرهاب نؤكد بشكل مبدئي وقطعي أننا ضد أي ممارسة تخرج عن مقومات المجتمع المدني و ثوابت السلم الاجتماعي سواء في تونس أو في علاقة ببقية المجتمعات، أي أننا نصر إصرارا نابعا من ثوابتنا الحضارية أن التفاعل الايجابي لترسيخ مقاومات مجتمعنا الحديث و لتثبيت أواصر الانتماء فإننا اذ نعادي الصهيونية إنما نعزز قوى التحرر و الديمقراطية في العالم و نكرس علاقة الانتماء الموسعة على قاعدة التفاعل الثقافي و ليس تصادم الحضارات و من زاوية نظرنا هذه فإننا نحفظ لليهود كما فعلنا طوال تاريخنا العربي الإسلامي حقهم في انتماءهم الديني، نقول هذا لكي لا يقع ذلك الخلط غير المقصود- و ربما المقصود- لقذف هذا التحرك الطلابي و الرمي به في خانة الإرهاب و العنف فان كان ما قيل عن قصد و وعي فليس لنا إلا أن نفهم بأن القائل قصد مما قال أن معاداة الصهيونية هي عين الإرهاب و نقول هل مثل الصهيونية ارهاب. و إن كان غير مقصود فعلى قائله بدل الثرثرة أن ينمي إطلاعه و أن ينهل من أفكارنا و مبادئنا.

 

ختاما بقي أن نجلي حقيقة العلاقة القائمة بين الأستاذ و الطالب إذ أن حقيقتها في اعتقادي هي علاقة الابن و الأب تقوم على الاحترام و الثقة و الحب و تتقوم بمضمونها المعرفي و التنويري فحبنا للأستاذ نابع من حبنا للحقيقة و على ذلك فان ما حدث لا يعدو أن يكون خلاف ربما بلغ درجة الاستفزاز البسيط من الجانبين و نحن اذ نحرص كمكتب فيدرالي ان لا يتعدى ذلك حدود النقاش المعرفي و الجدال الثقافي فان التجاوزات قد تحدث من هذا الطرف أو ذاك و المهم هو كيف يمكن أن تعاد الثقة بين الطرفين في إطار الدرس و أما خارجه فان فلكل أفكاره و قناعاته.

 

 

خالد قفصاوي:

كاتب عام المكتب الفيدرالي « فاطمة البحري » للاتحاد العام لطلبة تونس كلية آداب منوبة


 

الرئيس التونسي يفخر بانجازات بلاده في الذكرى الخمسين لاستقلالها

 

تونس (رويترز) – أشاد الرئيس التونسي زين العابدين بن علي يوم الاثنين بالانجازات التي حققتها بلاده في مختلف المجالات منذ استقلالها عن فرنسا عام 1956.

 

وقال بن علي يوم الاثنين في خطاب (*) ألقاه بمناسبة الاحتفال بالذكرى السنوية الخمسين لاستقلال البلاد امام نحو 15 الفا من مؤيديه « قد مرت خمسون سنة منذ الاستقلال تحققت فيه لتونس مكاسب كبرى مكنتها من الارتقاء الى مصاف الدول الصاعدة ».

 

وتتزامن إشادة بن علي بانجازات بلاده في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية مع تزايد انتقادات المعارضة في الداخل والخارج لحكومته.

 

وقال « اعتمدنا مسارا ثابتا طورنا من خلاله الحياة السياسية ووسعنا نطاق المشاركة امام الاحزاب لتسهم في ترسيخ التعددية ومكنا مختلف الالوان السياسية من الاضطلاع بدورها وهو تنوع نعتبره مصدر ثراء لتقدم البلاد تدعم في المدة الاخيرة ببروز حزب جديد هو حزب الخضر للتقدم. »

 

وتعهد بن علي بالالتزام بمزيد من الانفتاح السياسي في البلاد وقال « انه منهج.. سنواصل التقدم فيه بثبات مؤمنين بان الديمقراطية التزام بالثوابت الوطنية وولاء لتونس وتنوع للمقاربات وتعدد للبرامج والبدائل ».

 

لكن معارضين يشككون في انفتاح حقيقي للسلطات ويتهمونها بالتضييق عليهم ومصادرة حريات التعبير والتجمهر.

 

ودعا الرئيس التونسيين أيا كانت مشاربهم الى التفاني في خدمة الوطن وان تظل عندهم دائما في القلب والعقل فيما وصفه محللون بأنه إشارة خفية لمعارضي حكومته بعدم الاستقواء بجهات اجنبية على حساب المصلحة العليا للبلاد.

 

وعلى المستوى الاقتصادي قال بن علي ان « تونس تأتي ضمن العشرين بلدا الأوائل في العالم من حيث نسق النمو الاقتصادي ».

 

ووعد الرئيس التونسي بتقليص نسبة البطالة التي تبلغ 14 بالمئة الى 10 بالمئة خلال السنوات العشر المقبلة.

 

وقال ان حكومته تخطط لمضاعفة الدخل الفردي مرتين ليبلغ عام 2016 ثمانية الاف دينار تونسي (نحو ستة الاف دولار امريكي)

 

(المصدر: موقع سويس إنفو بتاريخ 20 مارس 2006 نقلا عن وكالة رويترز للأنباء)


بيان حركة الديمقراطيين الاشتراكيين بمناسبة خمسينية الاستقلال

 

تونس 19 مارس 2006 (وات) أصدرت حركة الديمقراطيين الاشتراكيين بمناسبة الاحتفال بالذكرى الخمسين للاستقلال بيانا اكدت فيه ان الاتعاظ اليوم بما يعيشه البعض في عالم تتسارع فيه التحولات وتتنامى فيه مظاهر التحديات لمفاهيم السيادة والاستقلال لفرض الهيمنة والوصاية « يحتم على كل تونسي وتونسية يعتز بالانتماء لهذا الوطن الوعي بأبعاد المرحلة للتصدى لكل ما من شأنه المس بسمعة تونس والقبول بالتدخل الاجنبي للتأثير على استقلالية القرار الوطني وارتهان مصير البلاد في اللعبة الدولية وهو ما يفرض تحصين البلاد بجبهة وطنية يتعايش فيها كل التونسيين والتونسيات ضمن مبادى الاستقلال وقيم الجمهورية »

 

وتابعت الحركة في بيانها مؤكدة ان حركة الديمقراطيين الاشتراكيين التي هي امتداد للحركة الوطنية « بقدر ما تحترم قيم التعددية وحرية التعبير والمشاركة الشعبية فانها ترفض التدخل والوصاية كما ترفض محاولات المس من الثوابت الوطنية لايمانها العميق بأن الاعتماد على الذات ومزيد البذل والعطاء في جو من الانسجام والحرية هو السبيل الوحيد للتحديث والتقدم »

 

وشدد نص البيان على ان المحافظة على الاستقلال جهد متواصل للجيل الحاضر لا يقل شرفا ونبلا عن جهود الجيل الذى خط بفضل التضحيات وثيقة 20 مارس 1956 وبوا تونس مكانة الريادة والسبق فى سلسلة الاستقلالات فى القارة السمراء فى الستينات

 

وبعد ان اكدت تمسكها بالربط بين الاستقلال والديمقراطية جددت الوفاء لبيان السابع من نوفمبر والعهد الذى يجمعها بالرئيس زين العابدين بن علي مشيرة الى ان ما تراكم لتونس من انجازات ومكاسب خلال العقود الخمسة الماضية وفى طليعتها تحرير المراة ونشر التعليم قد يسرت انصهار تونس فى عصرها واهلها فى الطموح الى اعلى المراتب بفضل ما توفر لديها من ارادة سياسية وطاقات وكفاءات

 

واوضحت الحركة ان تونس ارض الحوار والتفتح والتسامح والتضامن والاعتدال تتسع لكل ابناءها وان الرئيس زين العابدين بن على رئيس كل التونسيين يصغى بحسه المرهف الى نبض المجتمع ليقف يوم 20 مارس 2006 مع التاريخ للشروع فى خمسينية جديدة تعزز الاستقلال وتدخل البلاد بخطى ثابتة مجتمع المعرفة.

 

(المصدر: موقع وكالة إفريقيا تونس للأنباء بتاريخ 19 مارس 2006)

 


بيانات لعدد من المنظمات التونسية بمناسبة خمسينية الاستقلال

 

تونس 19 مارس 2006 (وات) أصدر عدد من المنظمات التونسية بيانات بمناسبة الاحتفال بالذكرى الخمسين لعيد الاستقلال ضمنتها مشاعر الامتنان للمناضلين والشهداء الابرار الذين ضحوا في سبيل استقلال تونس وسيادتها

 

وفي هذا الصدد اكد اتحاد الصناعة والتجارة والصناعات التقليدية في بيانه ان تغيير السابع من نوفمبر جاء ليحمل معه امل انقاذ البلاد من الوهن الذى اصابها اذ تحمل الرئيس زين العابدين بن علي مسؤولية اصلاح المسار وقيادة مسيرة التحديث والتعصير بكل شجاعة ومسؤولية بما مكن من مصالحة الشعب وقيادته

 

من جهة ومصالحته مع هويته العربية الاسلامية من جهة اخرى وبعد ان استعرضت ما تحقق في عهد التغيير من انجازات على مختلف الاصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتنموية اكدت منظمة الاعراف في بيانها ان هذه الانجازات التي تترجمها عديد الارقام والمؤشرات ذات الدلالة قد اسهمت بشكل فعال في نحت صورة ناصعة لتونس لدى الدول الشقيقة والصديقة ولدى المنظمات والهيئات الدولية

 

وثمن البيان الجهود التي بذلها الرئيس زين العابدين بن علي من اجل اعادة الاعتبار لرجل الاعمال والمؤسسة الاقتصادية بان جعلها تتبوا المكانة التي هي بها جديرة باعتبارها الخلية الاساسية للاستثمار والانتاج والتشغيل مؤكدا عزم الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية على المضي قدما على درب تعزيز اركان الاقتصاد الوطني من خلال انخراطه الواعي واللامشروط في المشروع الحضارى لرئيس الدولة ومساهمته الفعالة في تجسيم البرنامج الانتخابي الرئاسي الذى جاء مبشرا بطور جديد يرسخ « الصورة الناصعة للوطن الامن ويعزز المكاسب الجمة » التي صنعت ما اطلق عليه كبار قادة العالم اسم « المعجزة التونسية »

 

ومن جهته ثمن الاتحاد التونسي لمنظمات الشباب الموقع المتميز الذى اصبح يتبوؤه قطاع الشباب صلب الخيارات الوطنية تاكيدا لمراهنة الرئيس زين العابدين بن علي الثابتة على الشباب كقوة تقدمية دافعة الى رقي المجتمع وتحديثه وكشريك قائم في موقع النشاط والمسؤولية في بناء تونس الغد

 

وعبر الاتحاد في بيانه عن مشاعر الامتنان لرئيس الدولة لما اقره من سياسات وبرامج لفائدة شريحة الشباب على مختلف المستويات وفي كل الميادين لاسيما مجالات التربية والتشغيل والثقافة والرياضة والعمل الجمعياتي مجددا اكباره لسياسة الاصلاح والتغيير التي ينتهجها الرئيس زين العابدين بن علي منذ التحول والتي اصبحت انموذجا متميزا ومثالا يحتذى ومحل تقدير وتثمين من قبل المجموعة الدولية.

 

(المصدر: موقع وكالة إفريقيا تونس للأنباء بتاريخ 19 مارس 2006)


فحوى بيان الديوان السياسي للتجمع الدستورى الديمقراطي بمناسبة خمسينية الاستقلال

تونس 19 مارس 2006 ( وات ) – اصدر التجمع الدستورى الديمقراطي بمناسبة الاحتفال بالذكرى الخمسين للاستقلال بيانا اكد فيه ان الشعب التونسي يحتفل بكامل النخوة والاعتزاز بهذه الذكرى المجيدة والمناسبة الوطنية الكبيرة التي يستحضر فيها التونسيون والتونسيات في الداخل والخارج اهمية هذا الحدث التاريخي العظيم الذى وضع حدا لعقود من الاستعمار ومكن الشعب التونسي من استرجاع مقومات سيادته المغتصبة.

ورفع الديوان السياسي للتجمع في بيانه الى الرئيس زين العابدين بن علي اخلص التهاني واعمقها معربا عن فائق تقديره وعظيم اكباره للعناية الفائقة التي اولاها سيادته للخمسينية الاولى للاستقلال ولحرصه على ان يكون الاحتفال بها في حجم هذا المكسب التاريخي الكبير.

وشدد البيان على ان الرئيس زين العابدين بن علي يجسم بهذه العناية اعتزازه العميق بامجاد تونس ووفاء سيادته لنضالات شعبها وتعلقه بالحفاظ على الذاكرة الوطنية حتى تظل مرجعا للاجيال المتلاحقة ومصدر فخرها واعتزازها بالانتماء الى هذا الوطن العزيز.

وجاء في البيان ان الديوان السياسي للتجمع / يستحضر بكامل التقدير والوفاء تضحيات الاجيال المتتالية من المناضلين والمقاومين / كما يعرب عن / بالغ اكباره لجهود القادة والزعماء وسائر رموز الحركة الوطنية مقدرا جليل اعمالهم وما تحملوه من العذاب والاضطهاد في سبيل الوطن وفي طليعتهم الزعيم الحبيب بورقيبة/.

وبعد ان نوه بالجهود التي بذلها جيل الاستقلال بالخصوص في مجال بناء الدولة وتركيز اسس تونس الحديثة وفي مجال القضاء على الفقر والجهل ابرز الديوان السياسي في بيانه الاهمية التاريخية الكبرى لتحول السابع من نوفمبر المبارك الذى انقذ البلاد والعباد وصان مكاسب تونس وشعبها من التبدد والضياع وحمي الوطن من المخاطر التي كادت تذهب بسيادته واستقراره.

كما ذكر بالمكاسب التي حققتها تونس التغيير على صعيد البناء الديمقراطي وضمان حقوق الانسان وتوسيعها وارساء مقومات جمهورية الغد وفي مجال تطوير الاقتصاد الوطني وتاهيله وعلى مستوى ترسيخ مقومات مجتمع المعرفة مشيدا الديوان السياسي بخيار التضامن الوطني الذى كرسه سيادة الرئيس حتى غدت تجربة تونس في هذا المجال نموذجا ومرجعا على الصعيدين الاقليمي والدولي.

ونوه البيان بالعناية الفائقة التي يوليها الرئيس زين العابدين بن علي للمراة التونسية بتكثيف مكاسبها ودعم مكانتها في الحياة العامة وتحميلها ارقي المسؤوليات وجعلها شريكة للرجل على اساس رؤية شاملة لحرية المراة وحقوقها ولتوازن الاسرة وتماسكها.

ومن جهة اخرى اعرب الديوان السياسي عن تهانيه للرئيس زين العابدين بن علي بعيد الشباب الذى تحتفل به تونس غداة احتفالها بالذكرى الخمسين للاستقلال مثمنا هذا التلازم بين العيدين الذى يكرس حرص سيادته على ان تظل الاجيال المتلاحقة من الشباب مدركة لمسؤوليتها في الحفاظ على امجاد تونس ومكاسبها.

كما ابرز البيان الاهتمام المتواصل لدى الرئيس زين العابدين بن علي بموضوع التشغيل وخاصة تشغيل حاملي الشهادات العليا منوها بريادة المبادرات ونجاعة البرامج والاليات التي اذن بها سيادته في هذا المجال. وبعد ان اشاد باهتمام الرئيس زين العابدين بن علي بابناء تونس في الخارج وخاصة الاجيال الجديدة للهجرة اعرب الديوان السياسي عن /عميق النخوة والاعتزاز بما تحظى به تونس بقيادة سيادة الرئيس من احترام وتقدير على الصعيد الدولي بفضل حكمة سياستها الخارجية واعتدال مواقفها وريادة مبادراتها وتمسكها بمبادى الشرعية الدولية ودعوتها الى السلم والعدل والتضامن بين الامم والحوار بين الثقافات والحضارات والاديان/.

وثمن البيان جهود الرئيس زين العابدين بن علي من اجل دعم البناء المغاربي المشترك وفاء لجهود السابقين وتعلقا بهذا البناء باعتباره خيارا استراتيجيا ومطمحا لا محيد عنه لخدمة شعوب المنطقة وتحقيق تكاملها.

كما عبر الديوان السياسي عن بالغ الفخر والاعتزاز بالدور الطلائعي البارز الذى يضطلع به التجمع الدستورى الديمقراطي حزب الرئيس زين العابدين بن علي الموتمن على رسالة التغيير والاصلاح وبما يبذله من جهود متواصلة لترسيخ الخيارات وكسب الرهانات.

وختم الديوان السياسي للتجمع بيانه مؤكدا اكبار جميع التونسيين والتونسيات في الداخل والخارج للسياسة الاصلاحية الشاملة التي ينتهجها صانع التغيير بروح وطنية عالية وارادة صادقة وعزيمة لا تلين ولما وفره للبلاد من مكاسب باهرة وانجازات لا تحصى ومن اشعاع وتالق في العالم .

 

(المصدر: موقع وكالة إفريقيا تونس للأنباء بتاريخ 19 مارس 2006)

 


عدد من الأحزاب السياسية تصدر بيانات بمناسبة الذكرى الخمسين للاستقلال

 

اصدر عدد من الأحزاب السياسية التونسية بيانات بمناسبة الاحتفال بالذكرى الخمسين للاستقلال.

 

فقد اكد «حزب الوحدة الشعبية» في بيانه ان هذه المناسبة المجيدة تشكل فرصة متجددة لاستحضار التضحيات الجسام التي كابدها الشعب التونسي لدحر الاستعمار وللتاكيد على ما حققته تونس منذ الاستقلال وخاصة اثر تحول 7 نوفمبر 1987 من مكاسب سياسية واجتماعية هامة وضرورة المحافظة عليها.

 

وعبر الحزب عن «رفضه المبدئي لكل اشكال التقاطع مع المشاريع الاستعمارية المشبوهة» معتبرا ان «السيادة الوطنية تمثل مكسبا لا يمكن باى حال من الاحوال مقايضته او التخلي عنه».

 

ومن جانبه عبر «الاتحاد الديمقراطي الوحدوى» عن مشاعر الفخر والاعتزاز لما قدمه الشعب التونسي من تضحيات لاسترداد استقلاله موءكدا تمسكه باستقلال تونس وولاءه للوطن واعتزازه بالانجازات الكبيرة التي تحققت خلال نصف قرن من الاستقلال والمتمثلة اساسا في بناء موءسسات الدولة الحديثة.

 

وحذر من جهة اخرى «الاطراف المرتمية في احضان الاجنبي تحت عناوين الدفاع عن الحريات والديمقراطية وحقوق الانسان من عواقب هذا التمشي» داعيا القوى الحية الوطنية للتصدى الى هذا «السلوك الغريب» عن ثقافة الشعب التونسي وتاريخه النضالي.

 

اما حزب «الخضر للتقدم» فقد ابرز في بيانه المعاني السامية لهذه الذكرى الخالدة مبينا ان المكاسب التي تحققت طيلة خمسة عقود من الاستقلال الوطني والتي طالت جميع القطاعات تقتضي من الجميع حمايتها

 

والحرص على دعمها وتطويرها ضمن منظومة خيارات وطنية بما يضمن مستقبل الاجيال القادمة وحقها في العيش الكريم في وطن حر ومستقل.

 

واعرب الحزب عن الامل في ان يتم في الفترة المقبلة تغليب مصلحة البلاد العليا وفي ان «تكف بعض الاطراف التي خيرت ان تضع نفسها في خدمة جهات واجندات اجنبية عن المزايدات السياسية» وان تنكب الى جانب جهود الدولة على معالجة الملفات الكبرى وكسب التحديات التي تواجهها البلاد على مختلف المستويات.

 

(المصدر: موقع « أخبار تونس » الرسمي بتاريخ 18 مارس 2006)

 

 

تصريحات ساخنة لعبد العزيز بن ضياء حول الرابطة والتواطؤ مع الأجنبي والتحالف الأصولي اليساري

 

بكل وضوح وصراحة متناهية ، أجاب السيد عبد العزيز بن ضياء وزير الدولة المستشار لدى رئيس الجمهورية والناطق الرسمي باسم رئاسة الجمهورية عن قضايا سياسية وجمعياتية ساخنة، تمحورت بالخصوص حول استقواء بعض التونسيين بدول أجنبيّة ومسألة (السجناء السياسيين) وملفّ رابطة حقوق الإنسان والتحالف بين أقصى اليمين واليسار، و حرية الإعلام والتعبير والعمل الجمعياتي.

 

وجاءت هذه التصريحات في منبر حوار (العمل الجمعياتي خيار أساسي من خيارات تونس التغيير) الذي عقدته الأسبوع الماضي ولاية تونس بمناسبة الاحتفال بمرور خمسين سنة على الاستقلال. من يستقوى بالأجنبي منعدم الوطنية….

 

في معرض حديثه عن الاستقواء بالأجنبي، قال السيد بن ضياء عضو الديوان السياسي للتجمع الدستوري الديمقراطي »هناك قاعدة أساسيّة ينبغي أن نتّفق عليها: بلادي قبل كل شيء ،ووطني قبل كلّ شيء ومصلحة وطني قبل كلّ شيء، ولا يعلو عليها أيّ شيء آخر مهما كانت التّعلاّت والأسباب والظّروف والخلفيّات. لا يُعقل أن يتلاعب المواطن بمصلحة بلاده أو سمعته أو بحق بلاده عليه، في غياب الاعتقاد بهذا فإنّه لا وجود لروح وطنيّة». وفي لهجة حاسمة أثارت حماس الحاضرين الذين وقفوا مصفقين و منشدين النشيد الوطني، أقسم السيد عبد العزيز بن ضياء »إنّي أقطع يدي الأولى والثانية لو تمتد يوما للتعامل مع أجنبي ضدّ أمن بلدي». .وواصل حديثه بنفس الحزم والصرامة قائلا »ينبغي أن يعرف الجميع أن من أسباب دخول الاستعمار إلى تونس هو الاستقواء بالأجنبي ،و أنّ كل من يستقوى بالأجنبي هو منعدم الوطنيّة». تقرير الصليب الأحمر: لا وجود لتجاوزات

 

تعرّض عضو الديوان السياسي إلى التقرير الذي أصدره الصليب الأحمر إثر زيارته للسجون التونسيّة والذي لم يسجل انتهاكات أو تجاوزات أو مخالفات عدا بعض الاكتظاظ المعهود في كل السجون . وأكّد على عدم وجود مساجين سياسيين في تونس ،مشيرا إلى أنّ (هؤلاء المساجين هم من أجل جرائم اقترفوها وحكمت عليهم محاكم الحق العام التي التجأ إليها المتضرّرون)… »السجين السياسي هو ذاك الذي يسجن من أجل الاختلاف معه في الرأي والفكر.لكن المقصودين يعرفهم الجميع بجرائمهم التي اقترفوها في حق الأفراد». وأضاف أن »الرئيس زين العابدين بن علي لا يسمح بأن يتجاوز أي كان سلطة القانون». ليس هناك نية لابتلاع الرابطة أو احتوائها….

 

إجابة عن سؤال أحد الحاضرين عن ملف الرابطة التونسية لحقوق الإنسان، تعهّد وزير الدولة أن يتكلّم بصراحة أمام الملإ ليوضح حقيقة مسألة الرابطة وموقف السلطة منها فقال: »ليس هناك نية لابتلاعها أو احتوائها أو امتصاصها وليس لنا معها أي إشكال. فالرابطة مكسب وطني أقرّه الرئيس زين العابدين بن علي يجب المحافظة عليه» . وأكّد: »إنّ الخلافات التي تعيشها الرابطة هي شأن داخلي والفصل فيه موكول للقضاء.. فبداية المشكل أن الرابطة أرادت سنة 2000 أن تقوم بمؤتمرها غير أن بعض أعضائها اكتشفوا خرقها للنظام الداخلي واعتبروه غير مطابق للقانون فقدموا قضية الى المحكمة كان من نتيجتها حلّ الرابطة. وإثر ذلك منحت المحكمة الرابطة سنة لتنظيم المؤتمر سنة 2005 بعد أن قررت إدماج عدد من الفروع وإلغاء أخرى مما دفع عددا من المنخرطين إلى الالتجاء من جديد إلى القضاء فقضت المحكمة بإيقاف الإعداد للمؤتمر». وعرض السيد بن ضياء تقلص عدد المنخرطين بين سنتي 2000 و 2005 إذ كان في حدود 4100 فتقلص إلى 400 منخرط فقط كما انسحب هذا التقلص على عدد النواب في المؤتمر من 320 سنة 2000 إلى 130 سنة 2005 ، ورغم هذا التقلص فإن الفروع والمنخرطين الذين صدرت أحكام قضائية لصالحهم قبلوا الوساطة مع الهيئة المديرة من أجل تجاوز المشكل إلا أنّ الرابطة مثلما أعرب عضو الديوان السياسي للحزب الحاكم لم تعبر عن حسن نيّتها تجاه تلك المبادرة وتولت تغييب الفروع وتولت تغييب 7فروع عن الاجتماع الذي سينعقد في موفى هذا الشهر . تحالف مصلحي لن يدوم….

 

وعن موضوع التّحالف بين أقصى اليمين واليسار عبّر السيد بن ضياء عن استغرابه الشديد لتحالف الشقين، التطرف الديني والتطرّف اليساري ذاك الذي لا يِؤمن بأيّ شيء كيف يُعقل فكريا ومصلحيا وإيديولوجيا أن يتحالف متطرف ديني مع يساري؟ هذا الثنائي كل شيء فيهما يفرق بينهما.مشيرا الى أن التاريخ علمنا وكذلك الواقع أنّه في كل أنحاء العالم هناك يساريون انساقوا مع التيار الديني وتحالفوا معه لكنّه ابتلعهم في الآخر. فالتحالف هذا هو تحالف مصلحي لن يدوم وفق ما يرى السيد الناطق الرسمي باسم رئاسة الجمهورية.

 

هل يعقل أن نتحدث عن حد من حرية التعبير؟

 

على صعيد آخر، استغرب السيد عبد العزيز بن ضياء أن يتم اتهام الدولة بمصادرة حرية الرأي والتعبير في حين أنها تموّل كل الصحف التابعة للأحزاب السياسية بمنحها مبلغا ماليا منتظما قدره 180 ألف دينار سنويّا كدعم مالي، إلى جانب إعفائها من الأداءات المخصصة للورق والطبع، ممّا يفسر إمكانية ترويج كل حزب سياسي 7200 نسخة من صحيفته دون مقابل. وقال المستشار الخاص لدى رئيس الجمهورية متحدثا عن حرية التعبير والرأي »هل يُعقل أن يتمّ اتهامنا بمصادرة حرية الرأي والتعبير وفي تونس تصدر 253 صحيفة ونشرية ويروج فيها 1083 مطبوعة أجنبية و60% من العائلات التونسية تملك هوائيات لالتقاط محطات أجنبية؟». وأمام الجمع الغفير من الحضور ، عبّر السيد وزير الدولة عن ارتياح الحكومة للمستوى الذي بلغته الجمعيات معلّلا ذلك بوعي التجمعيين والتجمعيات وإدراكهم أهمية العمل الجمعياتي في النهوض بمستوى الوطن سياسيّا واقتصاديا واجتماعيا،ولذلك ألحّ السيّد عبد العزيز بن ضياء على ضرورة أن يشمل العمل الجمعياتي في المستقبل كل الميادين مركزا على أن »قوّة الأحزاب لا تقتصر على عدد منخرطيها وإنما تكمن بالإضافة إلى ذلك في عدد الجمعيات التي تعمل مع الحزب . مما جعله يحثّ على بعث جمعيات تكون في مراكز النفوذ واتخاذ القرار تكون العضوية فيها عن طريق الانتخاب الحر الديموقراطي». إذ لا اختلاف حسب رأيه بين الحزب والجمعيات. .وتعرّض الناطق الرسمي باسم رئاسة الجمهورية إلى إشكالية بعض الجمعيات التي تقبل التمويل الخارجي فربط بالتالي استقلاليتها المالية باستقلاليتها في اتخاذ القرار قائلا: »الجمعيات التي تموّل من الخارج تكاد تكون استقلاليتها في اتخاذ القرار مفقودة».

 

توصيات الندوة

 

­ 1التأكيد على المكانة المميّزة للعمل الجمعياتي في المشروع المجتمعي الحديث.

­2 دعوة الجمعيات إلى مزيد استقطاب الكفاءات العلمية والسياسية للانخراط أكثر في عملها بما يمكنها من الاستفادة من الآليات والتقنيات الحديثة وكذلك من تطوير خطابها،ومزيد التّأكيد على ضرورة تعزيز حضور مكوّنات المجتمع المدني في العمل السياسي لإبراز دور الجمعيات كعنصر فاعل في الخيارات الوطنية السياسية والتنموية لتونس.

­ 3دعوة الإطارات السياسية إلى الانخراط بأكثر فاعلية في المجتمع المدني وتوظيف تقنيات العمل الجمعياتي وأساليب خطابها الخصوصي في العمل السياسي للتعريف بمكاسبنا وتثمينها والدفاع عن خيارات تونس.

­ 4دعوة الجمعيات إلى توسيع مشاركتها العالمية والاستفادة من خبرات الجمعيات المماثلة وإلى النّفاذ إلى الشبكة العالمية للمعلومات واحتلال مواقع متقدمة فيها للتعريف بمكتسباتها وتثمينها ودعم إشعاع تونس وكذلك للتصدّي للدّعايات المناوئة والمحاولات المسيئة.

­ 5التّأكيد على ضرورة محافظة الجمعيات على استقلالية قرارها ورفض التّبعيّة وكل أشكال التّوظيف من قبل المصالح الأجنبية ضدّ مصلحة الوطن مع التّفتّح على التّجارب العالميّة والاستفادة منها.

 ­ 6تأكيد دور الشّراكة الذي تضطلع به مكوّنات المجتمع المدني في التّنمية الشّاملة وأهميّة اضطلاعها بالدّور الموكول لها في تنمية الفكر التضامني وفي دفع التشغيل والمحافظة على البيئة وتنمية المشاركة السّياسيّة.

 

الفة جامي

 

(المصدر: القسم العربي بمجلة حقائق التونسية، العدد 1055 بتاريخ 16 مارس 2006)


 

جمال اللَّباس وزينة الإنسان وأناقته: أحكام ومقاصد (1 من 5)

بقلم: مصطفى الونيسي

 

إن التحديات و القضايا الإجتماعية والسياسية والثقافية المطروحة في الساحة الإسلامية كثيرة ومتعددة ومن جملة هذه المواضيع و القضايا  اخترنا الحديث عن [جمال اللَباس و زينة الإنسان و أناقته] .فما هي  مُبرّرات هذا الإختيار و دواعيه؟

 

الدَواعي والمبرَرات:   إن  الجالية  الإسلامية  في فرنسا و غيرها من البلدان الأوروبية وخاصة الغربية منها عرفت في صفوفها و صفوف الشباب  خاصة عودة مهمة و جادَة  للإلتزام بتعاليم الإسلام وخاصة منها الدّينية كأداء الصلاة وصوم رمضان والتشبث بما يُعرف  بالزَي الإسلامي.

ومحاولة منَا  للوقوف على أسباب هذه  العودة عبر قراءة تحرّينا فيها  الموضوعية ما استطعنا إلى ذلك سبيلا وجدنا أنّها كثيرة و منها و لا شك إرادة الله سبحانه ولكن هنالك أسباب أخرى  ذاتية وموضوعية  لا ينبغي إغفالها ونذكر منها على سبيل المثال لا الحصر:

 

1.) رفض التوجهات السياسية و الإجتماعية القائمة التي  فشلت فشلا  ذريعا  في إدماج الشباب و خاصة منه المنحدر من أصول عربية و إسلامية في الدورة الإقتصادية والإجتماعية  لهذه البلدان .و غنيُُّ عن القول أن مختلف الإحصائيات تؤكد هذا الفشل،  فنصيب هؤلاء من  البطالة والفشل الدَراسي و التهميش بكل صوره هي الأوفر وحصتهم من ذلك هي حصة الأسد كما يقال .  كما أن أكبر عدد من القابعين في السجون الأوروبية و خاصة منها الفرنسية  هم من أبناء الجاليات المغاربية. وهذا الفشل في إدماج الشباب خاصة المنحدر من أصول أجنبية، العربية وغير العربية، في الدَورة الإقتصادية والإجتماعية يستوي فيه  اليمين و اليسار على حد السواء .

 

2.) دور الإعلام التحريضي والمعادي و خلطه بين الإسلام كدَ ين مُنزَل و بين بعض ما قد يمارسه قلة معزولة من أبناء الجالية الإسلامية من عمليات ارهابية  وتضخيمه المتعمّد  للظاهرة  الإسلامية ووصفه لكل المتدَينين بالتطرف والأصولية وحشره الصحوة بكل أشكالها و تعبيراتها ووصفها بالإسلام السياسي الأمر الذي أدَى إلى بروز ظاهرة ما يُسمى (بالإسلاموفوبيا.)

 

3.) أحداث 11سبتمبر2001التي لايزال يعتريها الكثير من الغموض ،كانت هي أيضا فرصة، لكل من هبَ ودبَ من الفاشيين و أصحاب اللََّوبيات وخاصة منها الصهيونية والإنجيلية اللّيبيرالية الجديدة، لتشويه الإسلام و المسلمين،و التلويح و التهديد بالنظرية العنصرية صراع الحضارات.

 

4.) الإعتداءات المتكررة والغاشمة من طرف القوى الإمبريالية التوسعية على الأمة الإسلامية في فلسطين و العراق وأفغانستان والشيشان والبوسنة والهرسك…….

 

5.)  تناقض ما يُعرف بالأنظمة الديمقراطية العريقة وخاصة الغربية مع مبادئها وما تناد ي  به من ضرورة الدّفاع عن حقوق الإنسان عندما يتعلق الأمر بشعوب الجنوب و العالم الثالث لأن هذه الشعوب بحسب زعمهم لم تنضج ولم ترق إلى مستوى التداول على السلطة بالطرق السّلمية ،وهي ليست أهلا لتدير شؤونها العامةديمقراطيا إلا بالنّيابة،والأولوية بالنسبة لهؤلاء هو تحسين مستوى عيش المواطنين والرَفع من نموهم الإقتصادي بعيدا عن موضوع الحرّيات بصفة خاصة  و الإنفتاح السيّاسي بصفة عامة . وانطلاقا من هذا التقييم لشعوب العالم الثالث، والشعوب العربية و الإسلامية واحدة منها ، دعمت هذه ’’الديمقراطيات’’ أنظمة سياسية مستبدة، ملكيَة ورئاسية بوليسية أو عسكرية، معروفة بانتهاكها لحقوق الإنسان وانقلابها على إرادة شعوبها.

 

ونتيجة لهذه الأسباب و غيرها ولََّد هذا المناخ السياسي والإعلامي والفكري ، العنصري والمتشنّج ردود أفعال قوية ورغبة شديدة لدى هؤلاء الشباب على وجه الخصوص في معرفة مبررات هذه الحملات المسعورة على المسلمين . بل إننا لاحظنا أن هذه الرغبة في معرفة الإسلام  تتسع في كل مرة يتعرض فيها الإسلام للتشويه و الإفتراء  لتشمل غير المسلمين، وهذا ما يفسر تصاعد أعداد المعتنقين الجُدد لهذا الدَين. وبالإطلاع ولو النسبي والسطحي على طبيعة هذا الدين و خصائصه من داخله أي من خلال مصادره الذاتية الموثوقة ، وقد ساعد على تسهيل ذلك انتشار الفضائيات والمواقع الإلكترونية والنشريات وغيرها من الوسائل،تبيَن أن هذه الحملات المسعورة على الإسلام والمسلمين هي حملات لا مبرر لها إلا الحقد والكراهية ،وهي في أحسن الحالات قائمة على الجهل و عدم معرفة الآخر مرة ، وهي في أسوءها   حملات منحازة تدعمها أطراف عنصرية فاشية تريد تصفية حساباتها مع مشروع حضاري مخالف يمكن أن يزعجها على المدى المتوسط أو البعيد مرة أخرى، و ذلك لما يحتوي عليه هذا المشروع من إمكانيات معنوية و مادية ضخمة لو صح تفعيلها واستثمارها  في الإتجاه الصحيح . ووقوفا عند هده الحقيقة ولو بتفاوت بين الأفراد والفيئات ،هرول شباب هذه الجاليات إلى الإسلام ينشد فيه الهوية و العزة والكرامة و يتخذ منه ملجأ يلتجأ إليه ويلتمس فيه عالما أكثر عدلا ورحمة . فكانت هذه الصحوة في حقيقتها و بالنتيجة بحثا عن الأصول المُؤسسة للهوية العربية و الإسلامية في واقع غير إسلامي و هو ما يعني إصرار تشبث هؤلاء الشباب بأصالتهم وخصوصياتهم  لأنّ كونهم أقليّة لا يعني انسلاخهم عن هويّتهم  و ثقافتهم.

 

وكانت أيضا من حيث النوعيَة  عودة جادة للذات  و تحريرا لها عن طريق الإسلام من القابلية للإستعمار كما سمَى ذلك مالك بن نبي رحمه الله . و هي  أيضا (أي الصحوة) بحث مُستمر عن ممارسة دور فعال وجب أن يقوم به هذا  الشباب ،الذَي عرف  التهميش و ذاق مرارة الإقصاء، في هذا المجتمع الذي ولد فيه ولم يعرف غيره . فهي ،إذا، مقاومة، في بُعد من أبعادها، لسياسة التهميش والإقصاء، وفرض للذات وشوق لعالم يتوفر فيه قدرُُُ من العدل وتساوي الفُرص بين أبناء البلد الواحد بقطع النظر عن انتماءاتهم الدينية و العرقيّة . وهي مطالب لا يناقش أحد في مشروعيتها وعدالتها تفرضها حقوق المواطنة والانتماء الوطني المُشترك لهذه البلدان الأوروبية.

 

إن هذه الصحوة ،ولئن كانت في جزء كبير منها عبارة عن ردة فعل عن السياسات العامة للدول الغربية الدَاخلية والخارجية وعن سياسات العولمة ذات التوجه الليبيرالي المتوحش وسياسة الكيل بمكيالين بصفة عامة،نحسبها إيجابية إذا وجدت من يرعاها و يوجهها في الإتجاه الإيجابي.كما أن تعدد مظاهر الصحوة و تنوعها أهلها لتكون قوة اجتماعية و سياسية مؤثرة لو وجدت من يهتم بها ،توجيها و ترشيدا ونُصحا وخاصة على المستوى الفكري والعلمي ،حتى تكون هذه الأخيرة   إضافة نوعية وقوة خير و إصلاح تعمل لصالح المجتمعات التي ولدت بها وتعيش فيها. ومن أجل أن تكون هذه الصحوة،بالإضافة إلى تمسكها بثوابتها و خصوصياتها،حركة وطنية مسؤولة وملتزمة بالمصلحة العامة لبلدانها،كان لابد من دعمها و إسنادها علميا ودينيا حتى تكون المواقف متزنة وواعية ومبنية على معطيات واقعية ومنضبطة بضوابط علمية و شرعية ومنسجمة مع روح الإسلام ومقاصده السمحة و بذلك نُفوَت على خُصوم المسلمين ضرب الإسلام  من خلال مواقف معزولة لبعض الجهلة المحسوبين عليه.

 

وفي هذا السياق، ولئن تعددت أوجه التأطير والتوجيه،اخترت أن تكون هذه المحاولة باتجاه توضيح موقف الإسلام من (الجمال وزينة الإنسان وأناقته) وذلك لأني لاحظت أثناء تدريسي لمادة الفقه الإسلامي لبعض شبابنا أن هناك من بينهم من هو متحمس للإلتزام بأحكام الإسلام في حياته اليومية ولكن على غير علم كاف ،فنجدهم يبالغون إلى حدَ التطرف أحيانا ،و يظهر هذا السلوك في قضايا عدة منها اللَباس والزينة ،فيُعسّرون بسبب ذلك على الناس في أمور معاشهم ولباسهم.كما أني لاحظت أن نظرة هؤلاء الطلاب للجمال هي نظرة غالبا ما تكون جزئية وسطحية  ،معزولة عن محيطها الإجتماعي والثقافي . ونتيجة لهذا الفهم نجد بعض الشباب ينصّب نفسه وصيَا على الإسلام ،يُحاكم النَاس دينيَا وأخلاقيا من خلال ملابسهم و مظاهرهم الخارجية معتقدا ،خطأ ، أنه حسنا فعل. ومحبة لهؤلاء الشباب و نُصحا لهم أردت أن أوضح موقف الإسلام من الجمال والزينة والأناقة ،سائلا الله أن يوفقني لذلك،رغبة منّي في التصويب  والترشيد ، لاغير، حتى يعرف الشباب أن في ديننا فسحة للجمال الكامل بشرط أن تحترم حدود الله و أن الزينة و الأناقة و حسن المظهر هي أمور ليس فيها إطلاقا ما يتناقض مع الإسلام إذا ما توفرت الشروط و الضوابط التي بينتها نصوص الوحي الثابتة والصحيحة. وحاولت من خلال هذه المحاولة ،من أجل المزيد من الضبط و الإقناع،أن أرد الجزئيات إلى الكلَّيات و الفرعيّات إلى الأصول، حتى تكون نظرتنا للجمال نظرة كلّية متجذرة في مرجعيتها الدّينية والثّقافية ،ونُجنّب أبناءنا وبناتنا شرور التطرف في هذا الإتجاه أو ذاك.

أسأل الله تعالى أن يوفقني في هذه المساهمة المتواضعة ،وفي كل عمل، لما يحبّه ويرضاه، فإن أصبنا  الإجتهاد فذلك من فضل الله تعالى علينا وإن جانبنا الصواب فذلك من عندنا  ولا  حول ولا قوة إلا بالله ،سائلا إياه سبحانه أن يتجاوز عن سيئاتي و جهلي إنه سميع مجيب.

 

باريس:2/3/2006

 

جمال اللباس وأناقة الإنسان و زينته:أحكام ومقاصد

 

تقديم :  إن اللباس هو أفضل ما يعكس ذوق الإنسان للجمال و الأناقة. فاللباس ليس مجرد غطاء أو غلاف خارجي للجسد و إنما هو كساء له جملة من الدَلالات و الأبعاد الوظيفية. فما هي هذه الأبعاد وهذه الدَلالات و هذه الوظائف ؟ وما هي ،أصلا،  حقيقة الجمال و الأناقة في التصور الإسلامي ؟ ما هي شروطه  وضوابطه و أحكامه ؟ ما هي خصائصه و مميَزاته ؟ ولماذا يختلف المسلمون أو بالأحرى المتدينون في نظرتهم و تقديرهم للجمال عن غيرهم ؟

 

فلسفة الجمال في التشريع الإسلامي:

 

الأناقة أمر مطلوب في الإسلام. والجمال له مكانته في التشريع الإسلامي.والزينة أمر يحث عليه الإسلام . وهو يستنكر بشدة على أولئك الذين يحرمون على الناس بأرائهم  وأذواقهم الخاصة ما أباحه الله تعالى من زينة و رياش[قل من حرَم زينة الله  التَي أخرج لعباده] الأعراف 33.

والفرد الذَي يحرص  و يحافظ على أناقتة و حُسن مظهره و نظافته في بيته وفي ثوبه  ونعله و كلَ ما يتصل به من أمور خـيرٌ من الَذَي لا يحافظ ولا يحرص على شيء من ذلك و قد وضَح النَبي (ص)ذلك عندما قال [ لا يدخل الجنَة من كان في قلبه مثقال ذرَة من كبر ] فقال رجل :[إنَ الرَجل يحب أن يكون ثوبه حسنا و نعله حسنا !] فقال(ص):[إنَ الله جميل يحب الجمال]صحيح مسلم . وهل هناك أكمل وأجمل صنعا وتشريعا و حُكما من الله!؟ وفي رواية أخرى نجد أنَ رجلا أتى النَبي (ص) فقال :[إنَي أحب الجمال وقد أُعطيت منه ما ترى ،حتَى ما أحبَ أن يفوتني أحد بشراك نعل.أفمن الكبر ذلك يا رسول الله؟] فأجاب (ص):[لا ، و لكنَ الكبر  بطرُ الحق و غمط النَاس.] أخرجه أبوداود  .فالإسلام دين الفطرة  أنزله الله على عباده ليخرجهم من الظَُلمات إلى النَور ،وهو انسجام كُلَه، و جمال كُلَه وهو يحث على كُلَ ما هو جميل في جميع تشريعاته و تعاليمه. وهذا ما يفرض علينا ،بحكم أنَنا مُتعبدون بهذا الدَين،أن نعرف أنَ للإسلام تقييمُه الخاص و نظرته المُتميََزة للجمال في الملبس و  أناقة المظهر.  ومع هذا لا  ينبغي  أن نغفل أن هذا التقييم الإسلامي،على فرادته التَي نعتز بها ،قد لايفهمه البعض وخاصة أولئك الذَين بقوا أسرى لحواسهم وملذَاتهم الشهوانية والمتأثرين بالحضارة الغربية المَادية المعزولة عن كُلَ ما هو أخلاق ودين. إن فقه فلسفة الجمال في التصور الإسلامي لا يُمكن النفاد إليه إلا عن طريق صحيح العقل و صريح النقل . إنَ ما ينبغي أن يُدركه سويَُ الفطرة هو أنَ وراء هذا الجمال  الظاهري المحكوم في كلَ الأحوال بالنسبيَة والجزئيَة والوقتية و حتَى الوهميَة أحيانا،و    الذي قد يُبهرُه و يفتنه ،هنالك جمال مُطلق و دائم وحقيقي  لن تتم صورته و تكتمل إلاَ باتباع شرع حكيم لا يأتيه ا لباطل من بين يديه ولا من خلفه.وهو جمال ،لا محالة، أولى بالتحرَي والتحصيل لأنَه جمال تام و خالص وحقيقي. ومن أجل أن ينفذ الإنسان إلى هذا النوع من الجمال و يصوغ وفقه مُقتضيات ذوقه الجمالي في ملبسه وزينته ومظهره كان لابدَ له من أن  يستعين بوحي الهي يُرشده إلى حقائق الأشياء حتَى لا تختلط عليه   الأمور ويعلم أنَ للأ شياء حقائق خارج صورها المحسوسة. فالجمال في التصور الإسلامي  يختلف في كثير من الأمور عن الجمال في الثقافة المادَية و خاصة منها الغربية ذات الأصول الوثنيَة. فاللَباس هو انعكاس إلى حدَ كبير لما يؤمن به الإنسان من مبادئ وقيم ورؤية لكيفية التعامل مع هذا الجسد. فكيف تعامل المشرَع الإسلامي مع الجسد خاصة فيما   يخص أناقته و زينته؟
 الأناقة و الزَينة بين الرمزَية الرَوحية و الجماليَة الجسدَية:

 

إنَ للجمال في التصور الإسلامي بُعدين أساسين يحسُن تلازمهما ،إلا في حالة الضرورة ،حتى تكتمل الصورة الجمالية شكلا و مضمونا و مظهرا و مخبرا . أمَا عن البعد الأوَل فهو ما نعبَر عنه بجمال القلب والعمل الصالح أو جمال الرََُوح أو النَفس الزَكية إلى  غير ذلك من المسميَات . وهذا الجانب من الجمال لا يمكن للإنسان أن يُفرّط فيه لأنه إن فعل فقد فرّط في كرامته وأهدر انسانيته.  ولذلك جعل الله هذا البعد مُكتسبا بحسب اجتهاد المرء وبلاءه إن خيرا فخير وإن شرَا فشرَ. ومن فضل الله و عدله سبحانه أن جعل هذا البعد للجمال هو أساس المفاضلة بين عباده ،فهو قد خلقهم متساوين و أحرارا في تزكية أنفسهم أو تدنيسها و بناء على ذلك حمَلهم دون سائر مخلوقاته مسؤولية اختياراتهم :[ونفس وما سوَاها ،فألهمها فُجورها و تقواها،قد أفلح من زكَاها ،وقد خاب من دسَاها ] سورة الشمس،الآيات7،8،9،10 وهذا البعد من الجمال لا يجوز للإنسان أن يُضح به،إن أراد أن يبق انسانا،حرَا،سويَا،مسؤولا ومُكلَفا كما خلقه ربَه.

 

أمَا البُعد الثاني للجمال فنقصد به الجانب الخارجي أو المادي المحسوس الذَي تراه العين وتلاحظه ،وهذا الجمال هو هبة من الله لا دخل للإنسان فيه إلا من حيث تعهده بالرَعاية والعناية ،نظاقة وصحة و زينة. فالإهتمام بالجمال الجسدي المحسوس يعترف به الإسلام و يحض عليه ولكن بشرط أن لا يكون ذلك على حساب الجمال الباطني .فالجمال المحسوس يجب أن يكون،خادما للجمال المعنوي و الأدبي للإنسان ،ومنسجما و مُتناسقا معه،كما بيَنت ذلك تعاليم الإسلام. فالله خلق الإنسان مُخيَرا في جماله الباطني و مُسيَرا في جماله الظاهري.والمطلوب من الإنسان ،الخليفة والمُكلُف ،لتحصيل الجمال في أبهى صورة وأتمَها تحقيق التوازن بين مُختلف مُكوَنات الجمال  وأبعاده  .

 

الجمال و توازن الأبعاد:

 

يتعامل المشرع  الإسلامي مع الجمال على أساس أنَه قيمة كلَية ذات أبعاد مُتعددة و مُتكاملة فيما بينها . وتأكيدا لهذا التوازن ، بين الجمال الباطني والجمال الظاهري ،حذرنا الإسلام من تضخيم قيمة الجمال الجسدي علي حساب الجمال الباطني ،ذلك لأنّ الله يعلم أنّ الإنسان ،إذا لم  يستعمل عقله و يستعن بشرع حكيم يعصمُه من الهوى ،فسيُفتن بكلَ ماهو مرئي ومنظور ومحسوس من جمال و زينة وزخرف ومتاع يقول الله تعالى      :[زُيّن  للنّاس حُبُ الشهوات من النَساء و البنين و القناطير المُقنطرة من الذهب والفضَة والخيل المُسوَمة و الأنعام والحرث ذلك متاع الحياة الدَُنيا والله عنده حُسن المئاب ] ال عمران ،اية 14. وحتَى لا ينساق الإنسان وراء شهواته وغرائزه ،أوصانا المُشَرع الإسلامي بستر جمالنا الجسمي حتَى لا نُفتن به وننسى جمالنا الباطني و الأخلاقي. وخدمة للإنسان وصيانة لكرامته بصفة خاصة وحفاظا على مكارم أخلاقه بصفة عامَة ، شرع لنا الإسلام الستر و أوجبه علينا وحدَ لنا حدوده و ضوابطه سواء بالنسبة للرَجل أو بالنسبة للمرأة. بل إنَه سبحانه ،إضافة إلى الستر، أمرنا بغض البصر، إلاَ في حالات قد تعترض ا لإنسان  تكون فيها الحاجة حقيقيه إلى النظر إلى وجه الجنس الآخر، سدَا لأبواب الفتنة و الإنشغال بالجزئي والوقتي من الجمال عن الكلَي والدَائم منه .

 

وللنَساء من أحكام غض البصر وحفظ الفروج ،في هذا السياق ،ما للرجال على أن لهنَ بعض أحكام أخرى ليست للرجال ،وقد لخصتها  الآية الكريمة 31 من سورة النَور.يقول الله تعالى:[وقل لَلمؤمنات يغضضن من أبصارهنَ و يحفظن فُرُوجهنَ ولا يُبدين زينتهنَ إلاَ ما ظهر منها و ليضربن بخمرهنَ على جيوبهنَ و لايبدين زينتهنَ ألاَ لبُعولتهنَ أو آبائهنَ أو آباء بُعُولتهنَ أو أبنائهنَ أو أبناء بُعُولتهنَ أو إخوانهنَ أو بني إخوانهنَ أو بني أخواتهنَ أو نسائهنَ أو ما ملكت أيمانُهُنَ أو التَابعين غير أولي الإربة من الرَجال أو الطَفل الذين لم يظهروا على عورات النَساء ، ولا يضربن بأرجلهنَ ليُعلم ما يُخفين من زينتهنَ. وتوبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون لعلَكم تُفلحون ]

 

فالمُتدينون بصفة عامة والمسلمون منهم بصفة خاصة يعتبرون أن الجمال كلَُُ لا يتجزأ  وما عدا ذلك فهو من الشهوات والملذَات  التَي لا تزيد الإنسان إلا ارتكاسا  إلى الأرض والحيوانيَة. أمَا الماديون و الملحدون فلا يرون جمالا خارج عالم الأشياء المنظور والمحسوس،وأن الجمال عندهم هو جمال مادي دُنيوي بالضرورة ،و أنَ ما جاءت تُبشر به الأديان ما هو إلا خُرافات و أوهام لا يجوز الإلتفات إليها . وهم ،انطلاقا من هذه الخلفية،لا يرون ،مثلا ،للمرأة جمالا  آخر خارج جمالها الجسدي أي خارج ما يُسميه الشرع الحكيم بالعورة  ،باستثناء الوجه والكفين . كما أنَ   اللباس بالنسبة إليهم لا يُعدَ جميلا إلاَ بقدر ما ضاق ورَق ووصف لون البشرة أو حجم الجسد أو هيئة الأعضاء. إنهم بهذا السلوك في التعامل مع الجسد يعزلون الإنسان عن انسانيته و كرامته.

 

وفي هذا السياق كم  هُو مُعبرّ أن نورد شهادة الكاتب الكبير خالد القشطيني في ركنه (عرب وعجم) الصادر بجريدة الشرق الأوسط بتاريخ الأحد 6رجب1425هجريا الموافق ل22أغسطس2004تحت عنوان(الحياء بين الجد و الهزل) وصف فيه وصفا دقيقا  حال المرأة المعاصرة المتأثرة بالحضارة الغربية وهذه شهادته،إذ يقول:[عبر بعض القادة الدينيين في سائر الأديان بل وبعض الساسة أيضا،عن رأيهم بأن المرأة التي تتبرج إلى  حد الإغراء  الجنسي ليس لها أن تتذمر اذا تعرضت للتحرش بل وحتى الإغتصاب.    ……….فمما يُزعجني في المرأة الغربية و أيضا  الشرقية المتفرنجة أنها تُمعن في تقصير تنورتها حتى تحولت إلى مجرد شريط حول وسطها. تجلس هكذا في القطار و الحافلات والصالات العامة و تضع ساقا على ساق. ولكن ما  إن ينقل رجل نظره الى ساقيها  ويختلس  لحظة من البلبصة  حتى تنظر إليه شذرا  وغضبا  ثم تقف لجر تنورتها  الى الأسفل في محاولة يائسة  لإخفاء المزيد من فخذيها.  يا بنت النَاس ،لم هذه المشقة؟  إذا كنت تريدين الستر ،فلماذا تلبسين تنورة بهذا القصر؟ لماذا تكشفين عن ساقيك و تنزعجين من النظر إليهما ؟ما هي الفكرة ؟أليست هي جذب انظار الرجال؟ يظهر أنَ الرجال  ملوا من هذه اللعبة.  فلم يعودوا يبلبصون على ما هو دون المنيجوب. انزعجت النساء من هذا الصدود. ومهما بذلن من جهود لتقصير المنيجوب الى ما هو، اقصر واقصر،فإن الرجال لم يظهروا أي استعداد للإلتفات . واصلوا قراءة الجرائد.لم يبق للمرأة غير فتح جبهة جديدة على العدو. وهذه المرّة من فوق.  بدأت بتنزيل بلوزتها و كشف المزيد من صدرها و نهديها . واستعرت المعركة ثانية . الرجل يبلبص و المرأة  تُظهر الإستياء و تجرّ البلوزة  للأعلى لتستر على صدرها. اكتب هذه السطور والمعركة ما زالت مستعرة في قطارات لندن وصالات الإنتظار.   ولكن بعض الفتيات   الجريئات اسرعن لفتح جبهة ثالثة على العدو بتنزيل التنورة من فوق وتصعيد  البلوزة للأعلى بحيث تكشفِِِ 10ـ15  سنتمترا من البطن على مدار الجسم،وبالغت  بعضهنّ بالعملية بتزيين  السرة  بالمجوهرات . لم يعد الرجل المسكين  يجد  أي مفر و قد فُتحت عليه ثلاث جبهات ،ناهيك عما على الوجه من اصباغ و بودرات و رموش وعطور. مرة أخرى، ما أن يلقي رجل نظره على ما فوق البطن من  لؤلؤ أو مرجان ،حتى تبادر الفتاة فتضع يدها فوقها لتحرسها من الحرامية الناظرين. تحملنا كل ذلك . ولكن حظي السيء الذي لا ينفك من مصاحبتي ،ألقاني مؤخرا بعهدة  طبيبة  شابة حسناء ، بعد تقاعد طبيبي عن العمل. كلما ذهبت لمراجعتها وجدتها  وقد فتحت عليّ كل هذه الجبهات الثلاث،ثم تجلس أمامي ،ساقا عن ساق،ونهدا حذاء  نهد و تسألني عن صحتي،هل بعد هذا قسوة؟ و يعجبون لماذا فشلت وزارة الصحة البريطانية في خفض نسبة الإصابات بمرض القلب. طرحتني على السرير لتفحصني و مالت عليّ بجسمها. تساءلت و هي تبعج كرشي بأناملها ،ايا ترى  سيحق لزوجتي مطالبة الدّولة  بنصف مليون باوند  تعويضا عن موت كاتب معروف بالسكتة القلبية نتيجة تعريضه لما لا طاقة له على تحمله من جمال و إغراء]  . ألا يُعد هذا الذي تعرض له شاهدُنا   نوعا من الإرهاب أو قل من الإستفزاز  !؟ ألا يعدّ من تعرض لمثل    هذا الإغراء ضحيّة خاصة إذا  ما كان شابا و عازبا!؟  ألا يُعدَ غض البصر عن هذا السلوك تواطئا وأمساكا عن نجدة من يستحق النجد ة!؟

 

هذه شهادة من رجل نزيه يكشف فيها حقيقة ما قد يجلبه هذا النوع من الجمال  من مضار ومصائب لا حصر لها و إشاعة للفاحشة والفساد الأخلاقي. وهو مثقف معروف لا يمكن اتهامه بالأصوليّة والتطرف.  لقد غدا واضحا أنَ الماديين العلمانيين والمتدينين، في موقفهما من الجمال ورؤيتهما له، هما على طرفي نقيض. وهذا ما يُفسَر إلى حد ما عُمق الفجوة وسوء الفهم  بينهما. وهذا الخلاف في الرؤية والتقييم يصل أحيانا إلى درجة النزاع وحوار الصَم بل حتَى الإستقواء بالقانون لفرض رؤية فريق على فريق آخر كما تجسَد ذلك في القانون  الذَي       سنته الحكومة الفرنسية  لتمنع  من  خلاله  إرتداء  ما يُسمّى  بالرَموز الدينية ،مُستهدفة بذلك أساسا  غطاء   الرأس على الشاكلة الإسلامية أو ما يُعرف بالحجاب. وهو قانون  لا يزال المسلمون وغير المسلمين من النزهاء والموضوعيين  يعتبرونه جائرا في حقَهم، وتراجعا صارخا في مجال الحرَيات الشخصية و خروجا للعلمانيَة عن حيادها الذي ما فتئت تفتخر به.         والمفارقة أنَ  ما يراه المتدينون لباسا محتشما و شرعيا ،يراه العلمانيون ، حتّى من أبناء جلدتنا، استفزازا وخروجا عن المألوف وإهانة للمرأة و استعبادا لها ،ذلك حتَى  ولو كانت هي من اختار هذا اللَباس  بمحض أرادتها.

 

الجمال في  أبعاده الرّوحية ومقاصد ه الأخلاقية ومآلآته التربوية  :

 

إنَ ما يُميَز المتدينين بصفة عامَة أنَهم يؤمنون بأنَه وراء هذا الجمال الجسدي ،الذَي ولئن كان خلاَبا إلى حدَ السحر،هنالك  جمال أشدَ حُسنا وأشمل وأدوم و أجدر بالإهتمام والإعتبار والعناية.  ومن أجل أن لا نُخطأ ولا ننبهر بما لا يستحق الإنبهار حذرنا الله من ذلك عندما قال في كتابه العزيز:[إعلموا أنَما الحياة الدَنيا لعب ولهو وزينة وتفاخر بينكم و تكاثر في الأموال و الأولاد كمثل غيث أعجب الكفَار نباتُهُ ثمُ يهيج فتراه مُصفرَا ثمَ يكون حطاما  وفي الآخرة عذاب  شديد و مغفرة من الله ورضوان   وما الحياة الدَنيا ألاَ متاع الغرور] الحديد، آية20.

 

فالفرد لا يستمد قيمته ولا جماله فقط مما يكسب من متاع الحياة الدَنيا  و زينتها وإنمَا يستمدَ كلَ ذلك من إيمانه وعمله  الصالح وجماله الرَوحاني و مكارم أخلاقه. عن أبي هريرة عبد الرَحمان بن صخر رضي الله عنه قال: قال رسول الله (ص):[إنَ الله لا  ينظر إلى أجسامكم ولا إلى   صوركم ،و لكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم ] رواه مسلم . فجمال الأجسام والصور  هي ، أوَلا و أساسا ، عطايا و هبات ربانيَة لا دخل للإنسان فيها وهي بالتالي لا تصلح لأن تكون أساسا للمفاضلة. أمَا ا لجمال الذي يحبه الله و ينظر إليه فمحله القلب و مرآته العمل الصالح و الكلم الطيّب. والجمال الرَوحي ،ولئن كان محله القلب ،إلاَ أنه يتجاوز ذلك ليشع نورا على بقية الجسم و سائر الجوارح و يزيد صاحبه جاذبية ومهابة و رفعة . وفي هذا السياق ما أصدق   قول  القائل:

إنَ لله عبادا فُطنا               طلقوا الدَنيا وخافوا الفتنا                                                                 نظروا فيها فلماَ علموا       أنَها ليست لحي وطنا

جعلوها لجَة واتخذوا           صالح الأعمال سُفنا

 

كما أنَ العبادات الصحيحة ، التَي ألزمنا بها ربَ العزَة ، إذا ما أديناها على الوجه المطلوب كانت أصلا كبيرا لجمال كثير يملأ علينا حياتنا و يغمر بيوتنا ومن حولنا  بالسعادة والنَور التَام في الحياة الدَنيا و يوم القيامة أكثر وأكثر.   يقول الله عزَ و جلَ في حق الزَكاة  :   [ خُذ من أموالهم صدقة تُطهَرهم و تُزكَيهم  بها ]التَوبة آية103ويقول النبيَ (ص) في الحديث القدسي الذي يرويه عن ربه:[إنمَا أتقبل الصلاة ممن تواضع بها لعظمتي. ولم يستطل بها على خلقي.. ولم يبت مصرََا على معصيتي . وقطع النَهار في ذكري ..و رحم المسكين وابن السبيل و الأرملة،و رحم المُصاب…ذلك نوره كنور الشَمس،أكلؤه بعزَتي، وأستحفظه ملائكتي.   وأجعل له في الظلمة نورا،وفي الجهالة حلما . ومثلُهُ في خلقي  كمثل الفردوس في الجنَة…]

 

فزينة الحياة الدَنيا لا ينبغي أن تكون الشجرة التَي تحجب عنَا الغابة،فهي ، ولئن لم يُنكرها علينا الإسلام،لا ينبغي أن تكون كل شيء في حياتنا وغاية وحيدة نلهث وراء تحقيقها  بكلَ الوسائل المشروعة وغير المشروعة. و المؤمن الصادق و المُخلص لا يخطأ  في ترتيب أولياته ،وهو لا يمكن أن يقضي عُمره في تحصيل جمال قليل هو لا محالة زائل ووقتي تاركا وراء ظهره ما هو خير و أبقى. إنَ دوام الحال في الدَنيا من المحال ولذلك حذر النبيَ (ص) الإنسان  من سوء ا لعاقبة و وجهه إلى الإختيارات الصحيحة و الرابحة حتَى لا يندم يوم لا ينفع الندم فقال (ص):[بادروا بالأعمال  سبعا ،هل تنتظرون إلاَ فقرا مُنسيا ،أو غنى مُطغيا ،أو مرضا مُفسدا،أو هرما مُفندا،أو موتا مُجهزا، أو الدَجال فشرَُ غائب يُنتظر أو السَاعة والسَاعة أدهى وأمرَ!]حديث رواه التَرمذي وقال حديث حسن. يُشير النبيَ(ص) من خلال هذا الحديث وغيره إلى أن وضع الإنسان منذ النشأة الأولى إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها في تبدّل و تغير مُستمرين ، وذلك حتّى لا يغتر هذا الأخير بما هو عليه وما هو فيه و لا يراهن  على السراب و الأوهام  مستعينا على معرفة الحقيقة و السير باتجاهها بخالق الحقيقة ،يقول الله تعالى:[و أنّ هذا صراطي مُستقيما فاتّبعوه ولا تتّبعوا السُّبُل فتفرّق بكم عن سبيله. ذلكم وصّاكم به لعلّكم تتّقون] الأنعام آية153ويقول عزَ من قائل:[و الذين جاهدوا فينا لنهديّنهم سُبُلنا  ]  العنكبوت اية69.

 

وعلى هذا المنوال سار العلماء و الصالحون ومن هؤلاء نذكر العالم الزّاهد الحارث المُحاسبي في كتابه القيّم ( رسالة المُسترشدين..) يُرشدنا  إلى ما به نُحصّل جمالا حقيقيا عندما يقول:[وكن بالحق عاملا يزدك الله نورا و بصيرة ](1) وكان الحسن البصري رضي الله عنه يقول :[الدَنيا كلها ظلمة إلاّ مجالس العلماء]كما ورد في جامع بيان العلم و فضله لإبن عبد البّر. و سُئل النبّي (ص) [ أي جُلسائنا خير؟ ] قال (ص):[من ذكَركم بالله رُؤيته ،وزادكم في علمه منطقه ،وذكركم بالآخرة عمله ]  . فالمُعتبر شرعا من الجمال هو ما ذكَر النّاس بالله وباليوم الآخر. أمَا الجمال الذي ما يزيد النَاس إلاَ رغبة في الدنيا و عُلوا في الأرض وطُغيانا، فهو جمال منقوص، مهما كان خلاّبا،  لا اعتبار له قي دين الله و رسوله .ولقد كان هذا النوع من النَاس الذي تذكرنا بالله رؤيتهم كثيرين ومنتشرين في سلف هذه الأمة ويمكن أن نعد من بينهم التابعي الجليل محمد بن سيرين ،الذي كان إذا مرَ بالسوق ،فما يراه أحد إلا ذكر الله تعالى كما ورد في تاريخ الإسلام للذهبي وكان الحسن البصري هكذا أيضا وقال أشعث بن عبدالله أحد أصحابه: [كنّا إذا دخلنا على الحسن البصري  خرجنا ولا نعُدَُ الدَنيا شيئا]كما ورد في الحلية لأبي نعيم .    وهو ما يعني أنّ هؤلاء  العلماء كانت لهم جاذبية  نورانيَة لا يمكن أن تُعط إلاَ    لصاحب علم و تقوى وورع رباني ،فينعكس كُلَ ذلك على مُحيَاهم و بشرتهم  جمالا خاصا ونورا الهيا يذكران النَاس بصفة آلية في محبة الله وفي محبَة العمل الصالح و محبَة هؤلاء المؤمنين الذين صدقوا ما عاهدوا عليه الله. وما أروع ما قيل في هذا الرَهط الكريم من العلماء والصالحين:

 

إذا سكن الغدير على صفاء              وجُنّب أن يُحركه النّسيم                                                                                                                 بدت فيه السّماء بلا امتراء               كذاك  الشّمس تبدو والنجوم                                                                                                          كذاك وجوه أرباب التَجلي                يُرى قي صفوها الله العظيم

 

يقول المُحاسبي :[و أدم ذكر الله تنل قُربه](2) وقد استوفى الإمام  ابن القيَم بيان فوائد ذكر الله في كتابه (الوابل الصيب..) استيفاء حسنا يُحبَب الذكر إلى الغافلين و الذاكرين جميعا  ،نُورد منه ما نعتقد أن له صلة بموضوعنا ،وقد قال رحمه الله :[وفي الذكر أكثر من مائة فائدة ،منها أنّه يُزيل الهمّ ويجلب السرور ،و يُقوي القلب والبدن،و يُنوَر القلب و الوجه ،….ويُكسب المهابة و الحلاوة …..وحياة القلوب وهو قوت القلب وروحه و يجلو صدأه …و يرفع الدرجات و يزيل الوحشة …وهو نور للعبد في دُنياه و قبره و يوم حشره ،و به  تخرج أعمال العبد و أقواله   و لها نور… وهو يزيل قسوة القلب ،وما استُجلبت نعم الله ،واستُدفعت نقمه بمثل ذكره .] ويقول المحاسبي :[واعلم أنّه ما تزين أحد بزينة كالعقل و لا لبس ثوبا أجمل من العلم لأنَه ما عُرف الله إلاّ بالعقل و لا أُطيع إلا بالعلم](3). و قال التابعي الجليل عُروة بن الزبير :[أفضل ما أعطي العباد في الدنيا العقل ،و أفضل ما أُعطوا في الآخرة  رضوان الله تعالى عزّ و جلّ] كما جاء في كتاب العقل و فضله لإبن أبي الدنيا. وقال الحسن البصري [ لو كان للعلم صورة لكانت صورته أحسن من صورة الشمس و القمر و النجوم والسماء] . وقال الصحابي الجليل معاذ  بن جبل [العلم حياة القلوب من الجهل ،ومصباح الأبصار من الظّلمة ،و قوّة الأبدان من الضعف،يبلغ بالعبد منازل الأخيار الأبرار ،و الدرجات العُلى في الدنيا و الآخرة . و التفكر فيه يعدلُ الصيَام ،و مُذاكرته تعدل القيام ،و به تُوصل الأرحام و يُعرف الحلال من الحرام . وهو إمام و العمل تابعُهُ و يُلهمُه السّعداء و يُحرمهُ الأشقياء]نقله الحافظ بن رجب  في ( شرح حديث العلم)  . و قال العلاّمة  نصير الدَين الطوسي في أول رسالته (آداب المتعلمين) [شرف العلم لا يخفى على أحد ،إذ العلم هو المختص بالإنسانيَة ،لأنَ جميع الخصال سوى العلم يشترك فيه الإنسان و سائر الحيوانات كالشجاعة والقوة والشفقة و غيرها. و به أظهر الله تعالى فضل آدم عليه السلام على الملائكة و أمرهم  بالسجود  له. ألا ترى لقول النبيَ (ص) [من عمل بما علم ،و رثه الله علم ما لم يعلم] و كذلك  الجمال الجسماني   يمثل القاسم المشترك  بين الإنسان المتدين وغير المتدين بل وسائر مخلوقات الله تعالى.أمَا الجمال بالمعنى الشامل المبني على العلم بأحكام الشرع والإحاطة بمقاصد الشريعة لا يوهب إلاَ لمن آمن بالله واليوم الآخر وعمل بما علم ووقف عند حدود الله سبحانه، ولذلك قال الله تعالى [إنَما يخشى الله من عباده العلماء] فاطر آية28        و في هذا الإتجاه  يقول المحاسبي :[ووجدت أصول الفضول المتحركة من القلب تظهر على السمع و البصر و اللسان و الغذاء و اللَباس . و فضول السمع يُخرج إلى السهو و الغفلة، و فضول البصر يُخرج إلى الغفلة والحيرة ،و فضول اللَسان يُخرج إلى التزيّد و البدعة ،و فضول الغذاء يُخرج إلى الشّره والرّغبة ،و    فضول    اللّباس         يُخرجُ  إلى  المباهات و الخُيلاء] (4) . ولسائل أن يسأل ما مُبرر هذا الإستطراد في الحديث عن ذكر  الله وعن فوائده الجمة ،و عن العقل و العقلاء و مُخالطة الأتقياء الأصفياء،وعن مكانة العلم و مجالسة العلماء، و ما علاقة كل ذلك بجمال اللباس و زينة الإنسان و أناقته ؟ إن ما نريد  لفت الأنظار إليه هو ضرورة  الإنتباه  إلى أن التعاطى مع الجمال الظاهري و الجسدي للإنسان لا ينبغي أن يتم بمعزل عن الجمال الباطني و الروحي ،وأن جمال الإنسان في صورته المثالية لن يتحقق و تكتمل صورته الشاملة إلا بقدر ما ننجح في التوفيق بين بعديه   الأساسين الظاهري والباطني و تحقيق التوازن بينهما. إنّ المعاني الروحية و الأخلاقية للجمال بالنسبة لصورته الجسدية والظاهرية هي كالروح بالنسبة للجسد.فكما أن الجسد لا يساوي   شيئا إذا لم تكن به روح ،فكذلك الجمال في صورته الجسدية المادية لا يساوي شيئا إذا كان معزولا عن أبعاده الروحية و الأخلاقية،و صدق رسول الله (ص)إذ يقول :[ألا و إن في الجسد مُضغة إذا صلحت صلح الجسد كله و إذا فسدت فسد الجسد كله ،ألا وهي القلب]متفق عليه.

 

إنّ المبالغة في الإهتمام بهذا الجسد و بجماله ،حتى ولو كان ذلك  على حساب المبادىء والقيم ،إنّما هو انحراف عن الفطرة التي خلق الله الناس عليها ،وهو بالضرورة هدر لكرامة الإنسان وضرب لإنسانيته و تكريس لحيوانيتة. و كم يذكرني من اتخذ هذا المذهب منهجا في التعاطي مع الجسد بقول الله تعالى :[وإذا رأيتهم تُعجبك أجسامهم وإن يقولوا تسمع لقولهم  كأنهم خُشُب مُّسنّدة  يحسبون كلّ صيحة عليهم …]المنافقون آية   4                                                                        

 

إنّ الإسلام ،في دفاعه عن حقوق العباد و صيانة كرامته ،كان انسانيا في كل تعاليمه وتشريعاته  حتّى تلك التي تخص جمال لباسنا و زينتنا و أناقتنا .   فمكانة الإنسان في التصور الإسلامي مكانة محورية باعتباره   خليفة الله في الأرض والمسؤول عن عمارتها بالخير والعمل الصالح.  واعتبارا لهذه المكانة المميّزة ،فإنّ الإسلام لا يرضى  لهذا المخلوق   المُكّرم أن  (يُشّيأ)،أي أن يُصبح مُجرّد بضاعة إستهلاكية  من كثرة و شدّة تركيزنا على جماله في بُعده المادي و الغرائزي  الحيواني.وهذا الخطإ الفادح في التعاطي مع الجسد هو ما سقطت فيه  الثقافة الغربية و المادية بصفة عامة التي تمردت على الأديان وما جاءت به  من مكارم للأخلاق. فالغرب، الذي ألّه الإنسان، لم يستنكف من أن يستعمل هذا  الأخير استعمالا رخيصا ،فيصبح هذا الأنسان، الذي خلقه الله في أحسن تقويم، مُجرد أداة لخدمة قلة من المُتنفذين الأقوياء و اصحاب الجاه والسلطان و رؤوس الأموال و الشركات ومجموعات الضغط وقلب الحقائق و صياغة العقول.ولقد كانت المرأة  أكبر ضحية لهذه التوجهات الليبيرالية على المستوى الإقتصادي  والتوسعية و الهيمنية على المستوى السياسي  ، التي وظفت المرأة واستعملت جسدها للإشهار والدعاية و ترويج  البضاعة والربح السريع ،مُستغلة أنوثتها لإثارة و إيقاظ شهوات الناس في الإستهلاك و الملذات.وبهذا السلوك السطحي في التعامل مع الجمال أصبحت المرأة بصفة خاصة أداة[ماركتنك  marketing ] لمزيد من البيع والثراء الرخيص والسهل، وتبعا لهذه الخلفية أصبحت المسكينة لا تساوي شيئا إلاّ بقدر ما يثيره جسدها في النّاس من شهوات و إقبال على الملذات .أمّا عن كرامتها و انسانيتها   فكبر أربعا و لا تبالي لأن ذلك في عُرف القوم يُعدّ ظلامية ورجعيّة قد ولّى عهدهما إلى الأبد ومن غير رجعة.  وهي،في هذه الفلسفة  الغربية ،لا تعدو أن تكون رمزا للإثارة و تسويق البضائع،وهذا في الحقيقة نوع جديد و معاصر من الإستعباد في ثوب جديد ،في حين  نجد أنّ الإسلام كرمها ورفع منزلتها باعتبارها انسانا مُكلفا ،حرا و مسؤولا،وعبدا لله دون سواه مثلها مثل أخيها الرجل منذ  اربعة عشر قرنا  لا فرق بينهما إلاّ بالتقوى[من عمل صالحا من ذكر أو أنثى و هو مؤمن فلنحيينّه حياة طيّبة  ] النحل آية 97  . و الجمال الظاهري الذي يتسع له الإسلام  هو ولا شّك ذاك الجمال الذي لا يخلّ بكرامة الإنسان و لا بمُرُوءته و لا يحط  من رسالته الحضارية و يصون عرضه وحقوقه  من التلاعب و الإنتهاك ،و أنّه ما لم يتناقض مع جملة هذه المقاصد و الأحكام يُصبح أمرا مندوبا ،بل و شكلا من أشكال الدعوة إلى الله والترغيب في دينه لأن الناس يحبون الجمال حُبا جمّا لا شك في ذلك و لا ريب [و من لم يجعل الله له نورا فما له من نور]النورآية40

 

و صدق أمير الشعراء أحمد شوقي عندما قال:

 

إنّما الأمم الأخلاق ما بقيت           فإن هُـمُ  ذهبت أخلاقهم  ذهبوا


 

الإسلام الحضاري لا السياسي

 د. أحمد القديدي (*)

 

بعد فوز حماس في الانتخابات الفلسطينية والانتصار المكثف للإخوان المسلمين في مصر، كثر الحديث في أدبيات العرب عن الفرق بين الإسلام الحضاري والإسلام السياسي، ويتساءل أهل الثقافة والفكر من بين حكماء العرب عن دور هذا الدين الحنيف السمح في توجيه المجتمعات المسلمة وتحقيق تقدمها وصيانة مكاسبها وتجسيد طموحاتها في العزة والكرامة والمجد

 

وعن التعايش المصيري والضروري بين قيم العقيدة ومستحقات السياسة، هذا التعايش الذي يبدو للرأي العام لدينا ولدى الغرب صعبا وحمال إشكاليات، إذا ما اكتفينا بسماع أصوات بعض الدعاة الذين يقرأون ظاهر النصوص الحرفية 

 

ويوصدون أبواب الاجتهاد ويلغون نعمة العقل، فيقدمون للعالم هذا الإسلام الحنيف كأنه إسلام طالبان المهتم بتفجير التماثيل البوذية الأثرية، أو إسلام الحدود في صيغتها النصية القابلة في الحقيقة للتفسير والتأويل والتحديث

 

أو إسلام قهر المرأة بينما الإسلام هو الدين الذي رفع المرأة إلى منزلة الشريك الكامل للرجل وأسند لها الحق في المال المستقل والعمل الكامل والقيادة السياسية والإبداع الثقافي والتأثير التربوي

 

جاءت هذه الأحداث على خلفية الرسوم الكاريكاتورية الدنماركية التي أوقدت لهيب الغضب المشروع في الجماهير المسلمة، والأخطر من هذه الرسوم هو الاحتقان الحضاري الذي يعيشه العالم الإسلامي أمام تفاقم المأساة العراقية ومخاطر التجربة الحماسية الفلسطينية

 

وتعرض إيران وسوريا إلى ضغوط وابتزاز ومساومات وبداية انفراط عقد السلام المدني والطائفي في لبنان وحالة فقدان البوصلة في المجتمعات المسلمة ما بين إصلاح أبطأ وخطر أحدق ومشروع أخفق

 

هذه هي ملامح المشهد العربي المسلم خلال هذا الأسبوع: حالة دوار حضاري تصيب الأمة فتكاد تفقد توازنها في عالم هو ذاته فاقد التوازن. أو قل بالأحرى حالة عجز عن الفعل والاكتفاء برد الفعل في مناخ من سوء التفاهم العميق ما بين الأمة الإسلامية وشرائح عريضة من الرأي العام العالمي

 

و أعتقد أننا مطالبون اليوم في هذا المنعرج التاريخي بأن نعلن الفرق الذي نراه كبيرا بين الإسلام الحضاري والإسلام السياسي، لأن الحضارة أشمل وأوسع وأعمق من السياسة التي هي حسب تعريف فقهائنا سياسة شؤون الدنيا وحراسة أصول الدين

 

وهاتان الرسالتان لا تستقيمان إذا ما أخطأنا تقييم شؤون الدنيا وإذا ما أخطأنا تصنيف أصول الدين، فتصبح السياسة اختزالا لتعاليم الدين في قراءة جهولة للشريعة تنسى بأن العصر تغير والأجيال تعاقبت والقيم تعولمت وكفة ميزان القوى رجحت لغير المسلمين إلى حين

وأن المعركة الحقيقية هي معركة اكتساب القوة بكل أبعادها الاقتصادية والدفاعية والثقافية لا مجرد التحدي للأمم الأخرى في حركات أضرت بنا ولم تقدمنا قيد أنملة. فأمة الإسلام مطالبة بالمنعة والتمكن والاستقلال الفعلي أي بدخول معترك الإنتاج وإلا ظللنا عالة على الأمم الأخرى فيما نأكل ونلبس ونركب ونعالج، وبالطبع عالة في أمور أمننا وحماية حياتنا وصيانة أرواحنا

 

إنني أعتقد والله أعلم بأن الأخطاء التي أضرت بنا منذ نكبة فلسطين وهزيمة 67 إلى الحروب الأهلية والطائفية هي أخطاء النخب العربية التي كانت في مواقع القرار وفي مواقع الفكر، حين استقلت شعوبنا عن الإمبراطوريات الاستعمارية نصف استقلال لأنها ظلت تعاني التبعية الثقافية واللغوية والسلوكية لمستعمرها القديم

 

وتذيلت حتى ذابت أو كادت تذوب في ثقافة الاستعمار ونتج عن هذا الانغيار (أي الذوبان في الغير) ظهور أعراض مركبات نقص ومذلة أمام الغرب حين قلدنا الغالب في شتى أمور حياتنا شأن المغلوب

 

كما قال العلامة ابن خلدون، وفقدنا ذلك العنفوان المشروع وتلك الكبرياء الضرورية وهي الرصيد الذي كان يحرص عليه الرواد المصلحون حين يخاطبون الغرب مخاطبة الند للند أمثال رشيد رضا والطهطاوي والوزير خير الدين باشا واحمد بن أبي الضياف وجمال الدين الأفغاني ومحمد عبده وعبد الرحمن الكواكبي

 

كان هؤلاء الأعلام ينطلقون من عظمة الإسلام وعبقرية المسلمين ليحاوروا الغرب ويصلحوا حال شعوبهم لا من منطلق الغلبة والمذلة والإذعان والهزيمة، بل من منطلق العزة والثقة والأصالة والندية

 

والسر في قوة مواقفهم تلك هو أنهم إسلاميون حضاريون لا إسلاميون سياسيون، حاولوا فهم العالم والعلاقات الدولية واستراتيجيات النهضة بانخراطهم الذكي فيها واغتنام ثغرات النظام العالمي في ذلك العصر ، ولم يسقطوا في متاهات التفسير الحرفي والغيبي للنص القرآني والضياع في غابة المؤولين والمجادلين والمتكلمين بغير عقل ولا وعي

 

فكانت للمصلحين الرواد مواقف ريادية منها الرسالة التي بعث بها المصلح اللواء حسين عمدة مدينة تونس في الربع الثالث من القرن التاسع عشر إلى رئيس الولايات المتحدة الأميركية ينصحه فيها بعتق العبيد ويردد على مسامعه كيف كرم الإسلام بني آدم وجعلهم خلفاء في الأرض

 

وحين أعود لزمننا هذا وأقرأ حواراً لخالد مشعل أبي الوليد الذي كنت تشرفت والتقيته مرات عديدة حين أقام بالدوحة ضيفا كريما على أميرها وتطارحت معه قضايا المستقبل وكذلك المحاولة الخسيسة لاغتياله في عمان، حين أقرأ اليوم حواره لصحيفة السفير أطمئن لخطابه وأدرك بأن حماس على الطريق الصحيحة لأن خالد قال بأن الحكومة سوف تضم مسيحيين ونساء ومستقلين

 

وهو خطاب رجل حكيم عرف كيف يتحول من الثورة إلى الدولة، وهو تحول من الإسلام السياسي إلى الإسلام الحضاري، وبمعنى آخر من توظيف الآلية الإسلامية في المقاومة إلى استلهام القيم الإسلامية في بناء الدولة

 ونفس التحول المبارك قام به رجب طيب أردوغان في تركيا والمرحوم علي عزت بيغوفتش في البوسنة والهرسك ومهاتير محمد في ماليزيا ومحمد خاتمي في إيران

 

إن الذي ينقذنا في العالم العربي من مغبة الخلط ويقينا شرور التطرف ويحصن شعوبنا من الفتنة إنما هو الجرأة على الوصول إلى الإسلام الحضاري كمنظومة قيم خالدة لا التمسك بتوظيفه فقط للعمل السياسي

 

(*) كاتب وسياسي من تونس

 

(المصدر: صحيفة « البيان » الإماراتية الصادرة يوم 20 مارس 2006)


خيار المقاومة عند احمد السعدات

د. ابو خولة  (*)

 

كان السيد احمد سعدات الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين يقبع في سجن أريحا منذ مارس 2002 ، بناء على اتفاق للسلطة الفلسطينية يقضي بذلك تحت حماية بريطانية أمريكية ، مقابل رفع إسرائيل الحصار على ياسر عرفات في مقاطعة رام الله.  لكن يوم 14 مارس الماضي، قام الجيش الإسرائيلي باقتحام السجن و اعتقال السيد سعدات، فماذا حصل؟

 

طبعا لا معنى لمقولة أن البريطانيين والأمريكيين تراجعوا عن تحمل مسئولياتهم، حيث كان بإمكانهم عدم الالتزام بذلك منذ البداية. كما لا معنى لمقولة أن إسرائيل غيرت رأيها وأرادت محاكمة السيداحمد سعدات، فلو كانت هذه نيتها لما قبلت بصفقة مارس 2002 من الأساس، أو قامت بعملية الاقتحام لسجن أريحا منذ مدة.

 

الحقيقة اذن هي أن السلطة الفلسطينية أثبتت مرة أخرى انه ليس بمقدورها تحمل مسؤولياتها، خصوصا بعد إيحاءات قادة حماس العديدة بالإفراج عن السيد احمد سعدات ورفاقه بعد تسلمهم السلطة. وهكذا يتسبب القرار السياسي الفلسطيني الارتجالي في مشكلة كبرى تضاف إلى مسلسل النكبات الفلسطينية المتلاحقة ، منذ نكبة 1948 إلى اليوم.

 

لقد كان من العقل والمنطق أن تؤكد حماس منذ نجاحها في الانتخابات التزامها الكامل   بالتعهدات السابقة للسلطة، بما فيها القبول بالوساطة البريطانية الأمريكية في سجن أريحا. لكن هذا لم يحصل. عندها كان من الواضح أن السلطات البريطانية والأمريكية لن تقف مكتوفة الأيدي، ولا مجال أمامها غير سحب مراقبيها حفاظا على سلامتهم. جاء في تصريح المسئولين البريطانيين أن انسحاب المراقبين جاء  » بسبب مخاوف أمنية  » . كما القى وزير الخارجية البريطانية جاك سترو باللائمة على السلطة الفلسطينية لـ  » فشلها المنتظم بالالتزام بتعهداتها »، مؤكدا في خطابه للبرلمان البريطاني:  » المسئولية الأولى تقع على عاتق السلطات الفلسطينية لحماية الأمن الشخصي للمراقبين، وخلال الأشهر السابقة تبين بان السلطة الفلسطينية لا تستطيع فعل ذلك ».

 

أما وقد وقعت الفأس في الرأس، وحاصرت القوات الإسرائيلية سجن أريحا بتعليمات صارمة من السلطة السياسية بإلقاء القبض على المطلوبين أو قتلهم، فالحل الوحيد المتبقي أمام السيد سعدات: (أ) قول الحقيقة عن دوره في عملية اغتيال وزير السياحة الإسرائيلي، حيث ان تزوير التاريخ ليس بالأمر السهل بالنسبة له كما بالنسبة للقضاء الإسرائيلي، (ب) مطالبته لقادة حماس وبكل وضوح بالقبول بكافة التزامات السلطة الفلسطينية إزاء اتفاقية اوسلو وخريطة الطريق، ونسيان المقاومة المسلحة التي اودت بمستقبل الشعب الفلسطيني في دولة مستقلة وقابلة للحياة.

 

لكن احمد سعدات آثر الخطاب الغوغائي الحنجوري المعهود، مدعيا من خلال هاتفه الخلوي ومباشرة على قناة الجزيرة  » لا خيار لنا سوى خيار المقاومة  » . وأضاف :  » سنواجه مصيرنا بالشجاعة التي عهدها لدينا شعبنا ، لن نستسلم أبدا ». لكنه استسلم في النهاية، بعد أن تسبب في جريمة كبرى تمثلت في إزهاق ثلاثة أرواح فلسطينية بريئة.

 

ثم تعاقبت الاضطرابات العامة بمدن الضفة والقطاع، التي أضافت لانهيار الاقتصاد الفلسطيني دون أن تمس إسرائيل بسوء. وجاءت عمليات اختطاف الأجانب الذين لا ناقة لهم ولا جمل في الموضوع ، والذين يعملون أساسا لتقديم خدمات الفلسطينيون هم في أمس الحاجة إليها، التي قد تؤدي إلى هروب كبير للمنظمات الدولية للعمل الإنساني مما سيؤدي إلى خسائر فلسطينية جديدة شبيهة بخسائر العراقيين ُبعيد التفجير الإرهابي لمكتب الأمم المتحدة ببغداد.

 

تقدم الكارثة الفلسطينية الأخيرة دليلا جديدا على محدودية القادة الفلسطينيين في قدرتهم على اتخاذ القرارات العقلانية الملائمة، مما يرجح حدوث المزيد لمزيد من الكوارث، بعد تسلم حماس لزمام الحكم. وقد ينتهي الأمر إلى جر السلطة الفلسطينية الحماسية للشعب الفلسطيني بأكمله إلى عملية انتحار جماعي، من الصعب تصور مجمل انعكاساته على فلسطين والشرق الأوسط في الوقت الحاضر.

 

ندائي الى ابو مازن: كن بورقيبة زمانك حتى النهاية واشرح لشعبك أخطار الحماس الانفعالي والدماغوجية، فكما قال الكاتب الفلسطيني باسم النبرس في مقاله الاخير: « الشعب الفلسطيني شبع من الانتحارات ولا يريد المزيد منها ».

 

(*) كاتب تونسي

بريد الكتروني:Abuk1010@hotmail.com  

 


Home – Accueil الرئيسية

Lire aussi ces articles

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.