الأربعاء، 5 يوليو 2006

Home – Accueil الرئيسية

TUNISNEWS
7 ème année, N° 2235 du 05.07.2006

 archives : www.tunisnews.net


ا

لرابطــة التونسيــة للدفــاع عن حقــوق الإنســان: فرع بنزرت – جندوبة – ماطر: العزيمة الرابطية تكسر الحصار الأمني

الرابطــة التونسيــة للدفــاع عن حقــوق الإنســان: أعوان الأمن يشددون الحصار على السيد علي بن سالم
الصحفي الحر سليم بوخذير: بيان  شبكة الصحافة العربية :صناعة الصحف :الصحف تخضع للعقوبات والمعلومات للرقابة في تونس افتتاحية « القدس العربي »: تونس ومصادرة الصحف الصباح: كفاءات وأدمغة تونسية «تحرق» إلى أوروبا بوثائق قانونية!
يو بي آي : المجتمع التونسي يتجه نحو.. الشيخوخة عبدالله الزواري:دليل العائلة عند سجن احد أفرادها
عبدالباقي خليفة: العدالة المؤجلة أو جرائم السلطة على الباغي تدور الدوائر الهادي بريك :هـل مـن مـــدكر؟ الذكرى الخامسة : وسطية الامة في مقابل السفهاء من الناس أولا
السيد رشاد: قراءة في كتاب الدكتور خالد الطراولي إشراقات تونسية
فنطازي قديم: النيونيوين أو اليسار التونسي الجديد
مواطــن: الكـذبـة الكبــرى
محمد العروسي الهاني : رسالة تهنئة للشعب الجزائري بمناسبة الذكرى 44 لعيد الاستقلال المجيد الوسط: مواطن تونسي يروي قصة مأساة اجتماعية
القدس العربي:عمليات اختطاف تقلق الجزائريين ضحاياها أبناء تجار وأثرياء وبرلمانيون مقابلها فديات كبيرة…
صحيفة « القدس العربي »:12 صحيفة مصرية تعتزم الاحتجاب احتجاجا علي قانون الصحافة الجديد
الهادي المثلوثي: العراق – مصالحة وطنية أم خديعة جديدة ؟ صلاح الدين الجورشي:هل استنفد « المنتدى » أغراضه قبل أن يحقق أهدافه؟ محمود معروف:مجتمع مدني مغاربي تحت التأسيس.. عبد الباري عطوان: اغتصاب الماجدات العراقيات
مطاع صفدي: النهضة وإشكالية التصحير السياسي: إحباط دولة الاستقلال تمهيداً لتفكيك المجتمع


 
Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe ( Windows ) To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic (Windows).
 

الرابطــة التونسيــة للدفــاع عن حقــوق الإنســان

فرع بنزرت            فرع جندوبة             فرع ماطر

 

                                                                           بنزرت في 04 جويلية 2006

بيان إلى الرأي العام

العزيمة الرابطية تكسر الحصار الأمني

 

تنهي هيئات فروع بنزرت وجندوبة وماطر إلى الرأي العم أنها نجحت اليوم 04 جويلية 2006 في كسر الطوق الأمني المضروب على مقر فرع بنزرت منذ سبتمبر 2005 وتمكنت من القيام باجتماع بعدد من مناضلي فرع بنزرت وأصدقائه. لقد أصرت هيئات الفروع الثلاثة على فتح مقر فرع بنزرت لاستقبال السيدة             Chloée PONCHELET مسؤولة البرامج بالصندوق من أجل الحقوق الإنسانية العالمية وهي جمعية ترأسها السيدة Mary ROBINSON المفوضة السامية السابقة لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة. حاولت قوات الأمن قبل موعد الاجتماع منع فتح باب المقر وحاولت إخراج السيد الهادي المناعي نائب رئيس فرع جندوبة بجذبه بالقوة خارج المقر إلا أن إصرار الأستاذ المناعي وتمسكه بحقه في التواجد بمقر الفرع والتفاف جمع من مناضلي فرع بنزرت حال دون تحقيق الأمن لهدفه. وعند حلول ضيفة الاجتماع السيدة PONCHELET عمد أعوان الأمن بقيادة المدعو الطيب القناوي رئيس منطقة الشرطة ببنزرت إلى التجمهر أمام باب المقر في شكل حاجز بشري لمنع الضيفة من الدخول الأمر الذي أدى إلى تشابك بين مناضلي الرابطة وقوات البوليس ونجحت الضيفة بإعانة من عدد من المناضلين في كسر الطوق ودخول المقر. ويشير الفروع إلى أن هذا الأمر خلف للسيد علي بن سالم رئيس فرع بنزرت أزمة قلبية خفيفة اضطر بسببها على التحول إلى المستشفى وتلقي علاجا عاجلا.

التئم بعد ذلك الاجتماع العام بحضور الضيفة وممثلي الفروع الثلاثة وعضوي الهيئة المديرة للرابطة أحمد القلعي وأنور القوصري واستعرض الحضور المستجدات الراهنة على المستوى الرابطي والحقوقي، وعبر المتدخلون عن شجبهم لنهج الانغلاق والحصار الذي تسلكه السلطة إزاء الرابطة وعبروا مجددا عن عزمهم على الدفاع عن وجود الرابطة وتجندهم ضد محاولات تدجينها وكسرها.

وأكدت السيدة PONCHELET عن تضامن الصندوق من أجل الحقوق الإنسانية العالمية مع مناضلي الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان ووقوفها إلى جانب مناضليها في وجه الغطرسة المتبعة ضدهم وعبرت عن عزم جمعيتها على تمتين روابط التعاون مع الرابطة.

وفي خاتمة الاجتماع أكد ممثلو الفروع الثلاثة على التمسك بالخط النضالي الكفيل وحده بالتصدي لكل ما يحاك ضد الرابطة.

فرع بنزرت                          فرع جندوبة                           فرع ماطر

الرئيس: علي بن سالم                نائب الرئيس: الهادي المناعي            الرئيس: محمد الصالح النهدي


 

الرابطــة التونسيــة للدفــاع عن حقــوق الإنســان 21، نهج بودليــر – العمــران – 1005 تونس الهاتف : 71.280596 – الفاكس : 71.892866 البريد الإلكتروني: ltdhcongres6@yahoo.fr   تونس في 05 جويلية 2006   خبـــر سريـــع 

أعوان الأمن يشددون الحصار على السيد علي بن سالم

 

 

تحاصر أعداد كبيرة من أعوان الأمن بالزي المدني منذ عشية أمس الثلاثاء 4 جويلية 2006 منزل السيد علي بن سالم رئيس فرع بنزرت للرابطة الكائن فوق مقر الفرع وتمنع عنه كل الزيارات الخاصة سوى أفراد عائلته القريبة. ويعتقد أن هذا الإجراء اللاقانوني والذي يمثل اعتداء إضافيا على الحقوق الأساسية للسيد علي بن سالم قد اتخذ عقابا له بعد أن تمكنت هيئة فرع بنزرت للرابطة من فتح المقر الموجود بالطابق السفلي وعقد اجتماع به حضره نائب رئيس فرع جندوبة الأستاذ الهادي المناعي ورئيس فرع ماطر السيد محمد الصالح النهدي وعضوي الهيئة المديرة السيدين أحمد القلعي وأنور القوصري ومجموعة من النشطاء بالجهة واستقبلوا خلاله السيدة Chloé Ponchelet مسؤولة البرامج بالصندوق من أجل الحقوق الإنسانية العالمية (the Fund for Global Human Rights). وقد وقع التداول خلال هذا الإجتماع في المستجدات الراهنة على المستوى الرابطي والحقوقي وخاصة في منع انعقاد مؤتمر الرابطة من طرف السلطة وبواسطة أجهزة الأمن بتقديم تعلّة وجود خلاف داخلي وحكم قضائي. كما وقع التداول أيضا في شل عمل الفروع من طرف أعوان الأمن بمحاصرة مقراتها ومنع الدخول إليها بدعوى صدور « تعليمات » وبدون تقديم أية « حجة ».  

 
 تقوم الشبكة العربية لحقوق الإنسان بإعداد بحث موسع عن وضع استخدام و حرية الانترنت فى العالم العربى (يغطى البحث 18 دولة عربية)، وإجابتكم على الأسئلة المذكورة أدناه ستكون عونا كبيرا لنا فى إعداد البحث، مع الاحتفاظ الكامل بخصوصية الإجابات وكافة المعلومات الخاصة المشاركين فى الاستبيان، برجاء الإجابة على الأسئلة المرفقة أدناه وإرسالها إلينا عبر البريد الالكترونى: openarabnet@yahoo.com فى موعد أقصاه 15/8/2006.   شاكرين لكم حسن التعاون والمساهمة   الأسئلة:   1- هل تواجه أثناء تصفح شبكة الانترنت حجب لبعض المواقع؟ وما هى نوعية هذه المواقع وبعض الأمثلة منها إذا وجدت؟ 2- ما هى أسعار الاشتراك فى خدمة الانترنت في بلدك، وهل تعتبر هذه الأسعار مناسبة أو مرتفعة، وهل تظن أنها تؤثر على انتشار خدمة الإنترنت فى البلد؟ 3- كم ساعة تستخدم الانترنت يوميا أو أسبوعيا؟ 4- ما هي استخداماتك الرئيسية للانترنت ؟ مثال » دردشة، أخبار ، ايميل ، تحميل ملفات ، أخرى اذكرها » 5- من في رأيك يعتبر المتسبب الأول في التضييق عليك في استخدام الانترنت؟ « الأسرة ، الدولة ، أصحاب مقاهي الانترنت .. أخرى اذكرها؟ 6- ما هو وضع استخدام الإنترنت من مقاهى الانترنت العامة، هل يتم تسجيل الأسماء، هل هناك رقابة خاصة، هل يواجه المستخدم مشاكل فى مثل هذه المقاهى؟ 7- هل هناك حالات خاصة بالتضييق على حرية استخدام الانترنت، حجب مواقع ناشطة، تعرض مديرى المواقع للمضايقة، اعتقالات فى هذا الصدد؟ 8- هل هناك أى شهادات شخصية أو مواقف ترى ضرورة ذكرها ضمن هذا البحث، وما هى؟ معلومات خاصة   البلد: السن: النوع:   مع خالص الشكر إيمان حرزالله الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان


بلاغ إعلامي

تونس في 5 جويلية 2006

  

نحن مجموعة الشباب المسقطين عمدا في مناظرة الكاباس يهمنا أن نعلم الرأي العام بالتطورات الخطيرة الحاصلة صباح اليوم 05/07/2006  الساعة 11.45 حيث أقدم الزميل الحسين بن عمر على حركة رمزية تتمثل في عرض شهائده الجامعية للبيع في اكبر شارع بالعاصمة التونسية و على اثر ذلك طوقت المكان أعداد غفيرة من البوليس السياسي و اقتادته عنوة إلى مقر وزارة الداخلية. و إننا إذ نعبر عن قلقنا البالغ عن إيقاف الأستاذ حسين بن عمر فإننا:

– نحمل وزارة الداخلية المسؤولية الكاملة عما قد يطاله من عنف.

– نذكّر الرأي العام أن مشكلتنا مع وزارة التربية و التكوين و ليست مع أي طرف آخر.

– إن نضالنا سيتصاعد احتجاجا على عملية إسقاطنا المتعمد من المناظرة المذكورة أعلاه.

– نهيب بكل من ساندنا و ندعو كل الأصوات الحرة فضح مؤامرة الفرز الأمني و السياسي.

الإمضاءات:

_ البشير المسعودي  (37 سنة)  أستاذية فلسفة 1998

الجيلاني الوسيعي (35 سنة) أستاذية عربية 1999

محمد مومني (33 سنة) أستاذية فلسفة 1999 و باحث في ماجستيرالفلسفة المعاصرة

الحسين بن عمر (30 سنة) الأستاذية  في الإعلامية 2001 و شهادة الدراسات العليا المتخصصة في نظم الاتصالات و الشبكات 2003

علي الجلولي (33 سنة) أستاذية فلسفة 2001

لطفي فريد (32 سنة) أستاذية فلسفة 2002

محمد الناصر الختالي ( 26 سنة) أستاذية فلسفة 2005

حفناوي بن عثمان (33سنة) أستاذية عربية 2005

 

 

 بيان   
 
 تلقيّت أنا الصحفي سليم بوخذير آخر الأسبوع الماضي ، و تحديدا مساء السبت 1 جويلية 2006 بعد الساعة السادسة مساء ، إستدعاءات أمنية  غامضة  بواسطة الهاتف الجوال  تصدر من الرقم الهاتفي التالي 74240090 ، و يؤكّد مخاطبي فيها  أنه رئيس مركز « الحرس الوطني » بصفاقس و أن هناك « دعوى مرفوعة ضدي » و يستدعيني للحضور « حالا » على حدّ قوله   لإستنطاقي  رغم أني أصلا من القاطنين بضاحية باردو بالعاصمة و عنواني  معروف أنه لا يتبع بتاتا أي مركز بصفاقس ، و حين ناقشته في عدم قانونية هذا الإستدعاء ، هدّنني و توعدني  و إدعى أنه « قرّر إصدار برقية تفتيش في حقي » .    و رغم عدم قانونية هذه النوعية من الإستدعاءات  غير الواضحة الأسباب  و هذه التهديدات التي تتضمن تحرشا صريحا  بالمواطنين على هواتفهم الجوالة الشخصية  و تأتي  خارج التوقيت الإداري ، فقد قرّرت التوجّه اليوم الخميس صباحا  إلى مركز الحرس المذكور  لتبين الأمر ، ذلك أنني لم أرتكب في حياتي جريمة من أي نوع  حتى أهرب منها  .    و إني أحمّل المسؤولية في أي تجاوز قانوني قد يحصل في هذا المركز أو أي تلفيق لقضية ،  إلى السلطات التونسية التي لم تعوّدني سوى بالتحرشات تلو  الأخرى  عقابا لي على آرائي و مقالاتي التي أنشرها بصورة دورية  دائبة بعدد من وسائل الإعلام الدولية المحظورة في تونس.    و أتوجه بالشكر  إلى كلّ المنظمات الحقوقية الوطنية و الدولية العديدة التي تتابع أمر هذه الإستدعاءات  غير القانونية التي تلقيتها من « الحرس  » المذكور بإهتمام   من خلال الإتصال الهاتفي .     *  الصحفي الحر سليم بوخذير   الهاتف : 0021621859307    0021698670881

 


صناعة الصحف 

الصحف تخضع للعقوبات والمعلومات للرقابة في تونس

شبكة الصحافة العربية الرسالة الإخبارية رقم ١٨/٢٠٠٦ ٠٣/٠٦/٢٠٠٦  

يعمل نظام متقن من القيود الإدارية على الحد بشدة من حرية الصحافة في تونس. وعلى الرغم من الدستور الذي يضمن حرية الصحافة، إلا أن أجهزة الإعلام التونسية بعيدة كل البعد عن الحرية.   تقول سهام بن سدرين محررة الصحيفة الإلكترونية (كلمة))والناشطة المعروفة في مجال حقوق الإنسان: « حتى اليوم ليس لدينا صحيفة مستقلة واحدة، ولم يتم الترخيص بإنشاء أي صحيفة جديدة منذ تولي بن علي للسلطة في عام ١٩٨٧ ».   إن العقوبات المالية والقيود الصارمة المفروضة على تدفق المعلومات من بين السبل الرئيسية لإبقاء الصحف تحت السيطرة. وتعد الوكالة التونسية للاتصالات الخارجية من بين القوى الفاعلة الرئيسية التي تتولى القيام بهذا.   ويقول عبد الكريم الحيزاوي الذي يتولى تدريس القوانين والأخلاقيات الخاصة بالإعلام في جامعة منوبة: « تفرض الوكالة التونسية للاتصالات الخارجية سيطرتها على كافة جوانب الإنفاق على الإعلانات العامة. كما تتولى اختيار الصحف التي تستطيع أن تتلقى الإعلانات. وحيث أن الإعلانات العامة تمثل القسم الأكبر من العائدات الإجمالية من الإعلان، فهي تعد الوسيلة المثلى لممارسة الضغوط المالية على الصحف ».   وتعتبر صحيفة (الموقف) لأسبوعية من الأمثلة الواضحة على كيفية عمل مثل هذا النوع من القمع الإعلامي. و(الموقف) صحيفة تابعة للحزب الديمقراطي التقدمي المعارض وواحدة من المطبوعات القليلة للغاية التي تجرؤ على تجاوز بعض الخطوط الحمراء المفروضة من قِـبَل الحكومة.   فهذه الصحيفة الأسبوعية لا لا تحصل على أية إعلانات. ويقول رئيس التحرير رشيد خشانة: « إننا حتى لا نستطيع الحصول على الإعلانات الخاصة، وذلك لأن الشركات تعرف ان شراء مساحات إعلانية في صحيفتنا قد تؤدي بنفسها إلى الوقوع في المشاكل. حتى أن الشركات تسحب إعلاناتها من الصحف إذا ما تناولت مواضيع حساسة ».   أصبح من الصعب أن تشتري صحيفة (الموقف) من أكشاك الصحف في تونس اليوم. وطبقاً للمجموعة الدولية لمراقبة تونس فإن هذا يرتبط بالنفوذ الذي تمارسه الحكومة على التوزيع. < /P>   منذ بضعة أعوام، كان لدى صحيفة الموقف شبكة توزيع موازية كانت الصحف تستطيع الاعتماد عليها بمجرد أن تباع بالكامل النسخ التي يقدمها الموزع الوحيد في تونس. ويقول خشانة إن باعة الصحف اليوم أصبحوا لا يستخدمون هذه الشبكة خشية الوقوع تحت طائلة العقاب. « ولقد أدى هذا إلى انخفاض كبير في المبيعات ».   وإذا ما نجحت الصحيفة في الوصول بالفعل إلى أكشاك الصحف، فتظل هناك بعض المشاكل. « يطلب ضباط الأمن من باعة الصحف بإبعاد نسخ صحيفة الموقف من الأماكن المرئية ويجبرونهم على إعادة كل نسخة غير مباعة بعد يومين أو ثلاثة من النشر. وإذا ما رفض باعة الصحف فإن ضباط الأمن يهددونهم بإغلاق أكشاكهم ».   « الموقف » هي الصحيفة الوحيدة التي تغطي أنشطة جماعات المجتمع المدني مثل الاتحاد التونسي لحقوق الإنسان. ونتيجة لهذا فقد صودرت الصحيفة من أكشاك الصحف عدة مرات خلال الأعوام الماضية، وكانت آخر مرة في يناير/كانون الثاني 2006.   فضلاً عن ذلك فقد سحبت السلطات البطاقات الصحفية من خمس من الصحافيين العاملين بالجريدة خلال الاعوام الماضية، واليوم لم يتعد باستطاعتهم حضور أي مؤتمر صحافي في البلاد. ويقول كيشانا: « لم يعد بوسعنا الوصول إلى بمصادرنا. إنهم ينكرون علينا الحق في إعلام الناس ».   ونظراً لهذا الموقف الصعب، فقد أصبح لزاماً على الصحيفة أن تراقب ما تنشره لكي تتجنب إثارة المشاكل مع السلطات. ويقول كيشانا في هذا الشأن: « يتعين علينا أن نختار بين حمل جزء من الرسالة وبين تقديم أنفسنا كضحايا للقمع. ولقد قررنا أن ننقل الرسالة ».   ويشرح لنا خشانة أن الرقابة الذاتية تمارس من خلال تجنب مواضيع مثل الفساد أو الأحزاب الإسامية غير الشرعية. ولا يمكن نشر الانتقادات للرئيس إلا كرد فعل لخطاباته. إلا أن كيشانا يشير على الرغم من ذلك إلى أن صحيفته هي الوحيدة التي تعطي صوتاً لنشطاء المجتمع المدني، مثل الحركة المعارضة « 18 أكتوبر »، التي أضرب أعضاؤها عن الطعام أثناء انعقاد القمة العالمية لمجتمع المعلومات التي استضافتها تونس في نوفمبر/تشرين الثاني 2005.   وحين سئل الاستاذ الحيزاوي والمحررة سهام بن سدرين عن ممارسة الرقابة الذاتية أجاب الاثنان بأنها تمارس على نطاق واسع، لكن الصحافيين لا ينبغي أن يتحملوا اللوم عن ذلك. وبالنسبة لبروفيسور حزاوي فإن الرقابة الذاتية مجرد عاقبة من عواقب الرقابة. « إن الصحف تختار عدم نشر بعض المواد بسبب الخوف وليس بسبب أخلاقيات الإعلام. وحين تمارس الرقابة الذاتية طواعية، فقد يكون ذلك قراراً سيئاً أو طيباً. لكن حين تكون الرقابة الذاتية ناجمة عن الخوف من العقاب أو الضغوط، فإنها لا تعدو كونها مجرد رقابة ».   ويقول الحيزاوي: « حين ترغب الصحف في نشر التقارير فيما يتصل بما يعتبر من القضايا الحساسة، فإنها تنتظر ورود برقية من الجهات الرسمية حتى ولو كانت لديها مصادرها الخاصة للمعلومات ».   وتقول بن سدرين إن الرقابة الذاتية عبارة عن وسيلة للتكيف مع نظام في غاية الشدة والصرامة حيث كل شيء خاضع للرقابة. « إن الهدف النهائي يتلخص في إبراز صورة إيجابية للبلاد سواء في الداخل أو الخارج. وحتى الطقس المشمس قد يكون موضوعاً للرقابة إذا كان في ذلك إضراراً بالزراعة. وتتولى الحكومة تحديث المواضيع التي تندرج تحت بند المحظورات بصورة يومية ».   وهناك أيضاً مراقبة مباشرة في تونس. وغالباً ما تتم عن طريق الهاتف حتى لا يمكن إثباتها، وذلك نظراً لأن القانون التونسي يضمن حرية الصحافة وحرية إعلام الناس.   ويقول الحيزاوي في هذا الشأن: « تتم الرقابة عن طريق الهاتف باتجاهين. أحياناً يتصل المسئولون بالصحف لإبلاغها بما ينبغي عليها أن تنشره. وفي مناسبات أخرى يتصل المحررون أو الناشرون بالمسئولين لطلب النصيحة بشأن ما ينبغي أن ينشر، وذلك في محاولة لتجنب العقاب ».   ويقول الحيزاوي وبن سدرين إن تراخيص النشر لابد وأن تمنح لصحف مستقلة جديدة من أجل فتح الباب أمام صحافة أكثر حرية. لكن السلطات لا تبدو متحمسة لإجراء أية تغييرات. فقد تقدمت بن سدرين أربع مرات بالفعل للحصول على ترخيص لنشر « كلمة »، لكنها لم تحصل حتى على إيصال حين سلمت الطلب إلى السلطات. وهو أمر غير قانوني بالمرة وفقاُ لما تقوله بن سدرين.   ولهذا السبب قررت بن سدرين أن تبدأ في نشر صحيفتها على شبكة الإنترنت. وبعد أسبوع واحد من إصدارها في عام 2000 تم حجب موقع الصحيفة ويتم توزيعها حاليا بصورة غير رسمية عبر البريد الإلكتروني، والأقراص المدمجة والنسخ المصورة. ومؤخراً وقع أحد المحررين ضحية لحملة تشهير وتشويه سمعة من قِـبَل السلطات.   تقول بن سدرين: « إن الموقف يزداد سوءاً . والنظام يستمتع بالحصانة التامة. ولن تحدث أية تغييرات إلا كنتيجة لضغوط من جانب الدول والمؤسسات الديمقراطية، ولكن يتمتع النظام الحاكم في تونس بالتغاضي من قبل للعديد من الجهات، وبصورة خاصة الدول الأوروبية والولايات المتحدة ».   وتضيف بن سدرين: « هناك حاجة ملحة إلى الدعم والتغطية الإعلامية الدولة لما يحدث في تونس ».

 
بعد أن طفح الكيل، « القدس العربي » اللندنية تدرس اتخاذ قرار بالابتعاد نهائيا عن الأسواق التونسية…

تونس ومصادرة الصحف

 

 
 الضغوط التي تمارسها الحكومة التونسية علي حرية التعبير في بلادها معروفة، ومن ابرز نتائجها حدوث تراجع في المستوي المهني لمعظم وسائل الاعلام التونسية المقروءة والمسموعة.   فاعتقال الصحافيين ومصادرة الصحف وتشديد الرقابة علي المواقع الالكترونية، باتت من الممارسات المعروفة التي طالما وثقتها منظمات حقوق الانسان، والجمعيات المدافعة عن حقوق الصحافيين، ولكن يبدو ان الحكومة التونسية لا تعير اي اهتمام لكل ما يكتب ويقال في هذا الموضوع.   وبسبب كثرة المصادرات والمضايقات غابت العديد من الصحف العربية والعالمية عن الاسواق التونسية، لانها لم تعد تحتمل الخسائر المادية والمعنوية التي تلحق بها.   فاي خبر صغير يتحدث عن احداث لا ترضي الحكومة او بعض اجهزتها يمكن ان يعرض الصحيفة للمصادرة، حتي لو كان هذا الخبر صادرا من تونس نفسها، وبعثه مراسل وكالة محترمة ومسموح لها بالعمل.   في هذه الصحيفة واجهنا الكثير من المضايقات والمصادرات المباشرة وغير المباشرة، وتحملنا بسبب ذلك الكثير من الخسائر، وقد حاولنا ان نوصل شكوانا الي المسؤولين بكل الطرق والوسائل الودية، حرصا منا علي تونس والتواصل مع شعبها وطبقتها المثقفة، ولكن مساعينا كانت تقابل بالوعود والكلام المعسول، وبعد ان نغادر البلاد تعود الامور الي وضعها السابق.   الرقابة التونسية تستخدم اساليب غير مفهومة في تعطيل الصحيفة ومنعها من الوصول الي قرائها، فاحياناً تعطل الافراج عنها لعدة ايام، كنوع من المضايقة، ولمحاصرة التوزيع، ونحن هنا لا نتحدث عن المصادرات، وهي كثيرة وموثقة لدينا.   ندرك جيداً ان الحكومة التونسية حققت انجازات كبيرة علي صعيد التنمية الاقتصادية وخلق الوظائف وتحسين مستوي الانسان التونسي، ولكن ما قيمة كل هذه الانجازات اذا كانت اجهزتها تصادر الحريـــات وتعلـــــن الحرب علي وسائل الاعلام، وتستعدي العاملين فيها، وتحرم البلاد من اي قلم او صحيفة صديقة؟   نعترف باننا صبرنا في هذه الصحيفة طويلاً علي المصادرات والمضايقات التي تمارسها اجهزة الرقابة في تونس ضدنا، ولكن صبرنا بدأ ينفد وبدأنا ندرس فعلياً الانضمام الي العديد من الصحف العربية والعالمية التي قررت الابتعاد عن الاسواق التونسية.   نشعر بالاسف الشديد لاننا اضطررنا للتعبير عن معاناتنا بهذه الصورة العلنية، ونحن الذين نعتز بتونس وشعبها، واحتضانها لمنظمة التحرير ورجال المقاومة وآلاف الفلسطينيين بعد ابعادهم من لبنان، وهو موقف سيظل دائماً محل تقدير واعتزاز، ولكن أعيتنا السبل والوسائل، ونحن الذين لم نهادن اي حكومة عربية، وبح صوتنا من الشكوي في الغرف المغلقة، وباكثر الوسائل تهذيباً. لقد طفح كيلنا.   (المصدر: افتتاحية « القدس العربي » الصادرة يوم 5 جويلية 2006)
 

 

ظاهـــــرة مثيــــــــرة

كفاءات وأدمغة تونسية «تحرق» إلى أوروبا بوثائق قانونية!

 

تونس- الصباح

 

يبدو أن صيغة جديدة «للحرقان» بدأت تظهر وتشهد اتساعا في دائرتها يوما بعد يوم..

صورة «الحرقان» هذه المرة، ليست ركوب احد «قوارب الموت» والاتجاه عرض البحر نحو الضفة الشمالية للمتوسط، بقدر ما تتمثل في اختيار عدد من خريجي الجامعات والمعاهد العليا، عدم العودة الى تونس في أعقاب تربصات علمية وتكوينية يجرونها خارج البلاد، وتحديدا في أحد العواصم الأوروبية..

 

فقد علمت «الصباح» في هذا السياق، أن عددا من خريجي المدرسة العليا للفلاحة بـمُـقـرن (زغوان) «رفضوا» العودة الى البلاد، بعد انقضاء فترة تربص في باريس استمرت لبضعة اسابيع.. حيث اختار نحو 11 مهندسا فلاحيا (ذكور) البقاء بفرنسا،، مستفيدين من فرص العمل والتكوين المتوفرة هناك، فيما عاد الى تونس بقية الوفد، اي حوالي احد عشر مهندسا، جميعهم من الاناث

 

وليست هذه المرة الاولى التي يبقى فيها مهندسون تونسيون متخصصون في الفلاحة، في فرنسا بعد انقضاء التربص، حيث تكررت هذه المسالة خلال سنوات عديدة، لكنها عرفت خلال هذا العام كثافة من حيث العدد، تدل على وجود مشكل حقيقي لدى هؤلاء المهندسين، المتخرجون حديثا من المدرسة العليا للفلاحة..

 

وتاتي هذه التربصات التي تقام سنويا، في اطار التعاون التونسي- الفرنسي في جانبه العلمي والثقافي، كاحد ثمار الاتفاقيات الموقعة بين البلدين منذ مدة طويلة والتي تسمح بايفاد وفد من الخريجين الجدد من الجامعات التونسية باتجاه باريس للقيام بتربصات تكوينية بعد حصولهم على الديبلوم التونسي..

 

وقال السيد أحمد العقرباوي الكاتب العام للمدرسة العليا للفلاحة بمقرن في تصريح هاتفي لــ«الصباح» ان تقرير الأساتذة من وصول الطائرة التي أقلت نصف الوفد التونسي فقط، يؤكد ان التربص كان ناجحا في جانبه العلمي والثقافي والتكويني..

 

وأضاف السيد العقرباوي ان هذه الظاهرة، برزت خلال الاعوام الأخيرة، حيث يفضل عدد من الخريجين الجدد المكوث في فرنسا، لكن لم يكن يتعدى الإثنين او الثلاثة اشخاص فحسب، مبديا استغرابه من حصول هذا التطور الكمي في عدد المهندسين الفلاحيين الراغبين في البحث عن آفاق شغلية جديدة خارج حدود البلاد.

 

 ظاهرة متفاقمة

 

اللافت للنظر في هذا الاطار ان هذه الظاهرة عرفت تفاقما واضحا في اختصاصات اخرى، بينها اللغة الانقليزية والاعلامية حيث يسافر عدد من طلبة المرحلة الاولى والمرحلة الثالثة الى فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة في اطار تربصات علمية وتكوينية لكن القليل منهم يعود فيما تختار الغالبية الاستقرار هناك، وسط اغراءات عديدة معرفية وتكوينية ومادية..

 

وكانت وزارة التعليم العالي، قررت في وقت سابق من هذا العام، الغاء التربصات اللغوية بالخارج، التي ينتفع منها بالاساس الطلبة المتحصلون على شهادة المرحلة الاولى من اللغة الانقليزية وتعويضها بتربص داخلي، وذلك بعد ان اكتشفت وجود هذا النوع الجديد من «الحرقان» المنظم «والقانوني» نحو دول اوروبية تربطها بتونس اتفاقيات ثنائية في هذا المجال الجامعي والثقافي.

 

تساؤلات أساسية

 

وتطرح هذه الظاهرة الخطيرة عدة تساؤلات واستفهامات حول مضمون هذه الاتفاقيات الثنائية، خصوصا عندما نعلم ان احد مرافقي الوفد التونسي الى باريس، اتصل بالسلطات الامنية الفرنسية لطلب مساعدتها من اجل الضغط على الطلبة للعودة الى البلاد، لكنه لم يجد آذانا صاغية، وهو ما يعني أن هذه الاتفاقيات تسمح – بشكل او بآخر- ببقاء هذه الكفاءات في فرنسا، ومن ثم تشجيعها على استكمال دراساتها العليا والبحث عن آفاق شغلية هناك.

 

ولاشك ان هذا الموضوع يرتبط باشكالية هجرة الكفاءات والادمغة التونسية والعربية الى الغرب، وسط توفر مؤشرات دقيقة عن هاجس اوروبي وامريكي متعاظم لاستقطاب هذه الادمغة، صناع قرار المستقبل – كما اصبحوا يلقبون في الدوائر الاستراتيجية الغربية – ويرى مراقبون ان هذه الظاهرة تحتاج الى وقفة صارمة من الحكومة لمنع «حرقان» ادمغتنا بهذه الكيفية الى الخارج، سيما وان الرهان التونسي على الكفاءات العلمية كبير للغاية، طالما اننا بلاد تفتقر للامكانيات والموارد الطبيعية، ويزداد الأمر خطورة عندما تكون هذه «الهجرة» او «الحرقان» بشكله الجديد، يرتبط بمهن المستقبل المتصلة باللغات والهندسة الفلاحية والاعلامية

 

صالح عطية

 

(المصدر: جريدة الصباح التونسية الصادرة يوم 5 جويلية 2006)

 


 

فتح باب الترشح للحج:

هل يتم الترفيع في حصة تونس من الحجيج؟

 

تونس – الصباح:

اعلنت وزارة الشؤون الدينية عن فتح باب الترشحات لأداء مناسك الحج لسنة2007-2006 بداية من يوم الإثنين والى غاية يوم 9 اوت وبالنسبة لحصة تونس فقد تم تحديدها على غرار السنوات السابقة بـــ8500 حاج وقد قامت بعثات من وزارة الشوون الدينية بالسفر الى المملكة السعودية للاطلاع ومعاينة اقامات السكن. وعلمت «الصباح» ان مطالبا رفعت الى منظمة المؤتمر الاسلامي للترفيع في عدد الحجيج التونسيين بعد ان ارتفع عدد السكان وفي صورة الاستجابة لهذا المطلب فمن الممكن ان يتم الترفيع في عدد الحجيج لهذه السنة.

 

الفحوصات الطبية

 

وبالتوازي مع فتح باب الترشحات ينطلق ابتداء من يوم  الاثنين 10  جويلية  والى  غاية يوم الأربعاء 9  اوت في اجراء  الفحوصات  الطبية  للمترشحين  للقيام بمناسك  الحجم  لسنة 2007-2006 وهي  فحوصات  اجبارية  ومجانية  بالنسبة  لكل  مترشح  يتقدم  بطلب  ترسيمه  ضمن  قائمة الراغبين  في الحج ما عدا تكاليف  التحاليل  والتي  تشمل  فصيلة  الدم  ونسبة  السكر في  الدم  وكرياتنين  وتقدر  بـــ10  دنانير

 

تجرى  الفحوصات  الطبية  اثناء  حصص  خاصة  بالمترشحين  لاداء  فريضة  الحج  حسب رزنامة تضبط  مسبقا  فيها بيان  تاريخ  وعدد الأشخاص  الذين  سيتم  فحصهم  من قبل  اللجنة  المحلية للصحة  وكل  معتمدية ويترأس  اللجنة  الطبية  احد  الأطباء  الذين سبق  لهم المشاركة في الوفد الصحي  للبقاع  المقدسة وتتولى  اللجنة  التأكد  من قدرة  المترشح  البدنية  والنفسانية  وخلو  حالته من اي  مرض  مزمن  او عاهة  قد تكون  سببا في  عدم  قدرته  على القيام بمناسبك  الحج ويتكون  الملف  الصحي  للمترشح  من بطاقة  فحص  لأداء  فريضة الحج  والشهادة  الطبية  ومطبوعة  الترشح.

 

التلاقيح

 

في نفس  الاطار  تجرى  تلاقيح  لجميع  المترشحين  لحمايتهم  من الامراض  وهي  تلاقيح  ضد الدفتيريا  والكزاز  والتهاب السحايا  الشوكية  والنزلة  الوافدة وتجرى  على مراحل المرحلة الاولى  وتهم جميع  المترشحين  الذين  يحقنون  بحقنة  اولى  من لقاح  بمقدار 0.5  مل.

 

اما المرحلة الثانية  فتهم  المرسمين ضمن القائمات  النهائية  للمترشحين  وهي  الحقنة الثانية  من اللقاح    وبنفس  المقدار  وتكون بعد  شهر  من تاريخ  الحقنة  الاولى و15 على الأقل قبل  السفر  الى الحج بصفة  موازية  مع التلقيح  ضد  النزلة «الوافدة  والتلقيح  الرباعي نوع A.C.YW 135 ضد  التهاب السحايا  الشوكية.

 

التثقيف الصحي

 

تنطلق  دروس  التوعية الصحية  بالتوازي مع حصص  التلقيح  للمرحلة  الثانية  انطلاقا  من 26 اكتوبر  الى 4  ديسمبر 2006 باشراف  اطباء  ممن شاركوا من قبل  في البعثات  الصحية للحج،

 

كريمة  دغراش

 

(المصدر: جريدة الصباح التونسية الصادرة يوم 5 جويلية 2006)

 


 

المجتمع التونسي يتجه نحو.. الشيخوخة

تونس ـ يو بي آي أظهرت دراسة علمية حديثة أن معدّلات الشيخوخة في البلاد ارتفعت بشكل ملحوظ خلال السنوات القليلة الماضية، وانها مرشحة للارتفاع خلال السنوات المقبلة بنسب متفاوتة. وبحسب هذه الدراسة، التي وزّعت علي هامش المؤتمر الدولي العلمي الاقليمي للاٍعداد الاستراتيجيات الوطنية وخطط العمل المتعلّقة بالشيخوخة والصحة ورعاية المسنين الذي تواصلت أعماله امس الثلاثاء في تونس، فاٍن المجتمع التونسي دخل في طور مرحلة ديمغرافية جديدة تتّسم بالتّزايد الملحوظ في عدد المسنين. وأوضحت هذه الدراسة أن نسبة التونسيين البالغين من العمر 60 عاما وأكثر اٍرتفعت من 4.1%عام 1956، الي 9.2% عام 2004، وينتظر أن تصل الي 12.8 % عام 2019، و17.7 % عام 2029. وأرجعت هذه التّقديرات الي جملة من العوامل منها ارتفاع أمل الحياة عند الولادة الي 75 عاماً بالنسبة الي النساء، و70 عاماً بالنسبة الي الرجال، الي جانب تراجع معدّل الاٍنجاب، والوفيات، وتأخر سنّ الزواج. وكان التّعداد العام للسكان في تونس الذي أعلن عن نتائجه خلال شهر أبريل/ نيسان من العام 2004، أشار الي أن اٍجمالي عدد التونسيين لا يتجاوز 9 ملايين و910 آلاف نسمة. ولاحظ أن نسبة الفئة العمرية بين 20 و59 عاماً من اٍجمالي عدد السكان التونسيين تصــــل حاليا الي 55 %، وأن هذه النسبة تشهد انخفاضاً متواصلاً مقابل ارتفاع معدّلات الشيخوخة.   (المصدر: صحيفة « القدس العربي » الصادرة يوم 5 جويلية 2006)

 


 

 

بسم الله الرحمان الرحيم

دليل العائلة عند سجن احد أفرادها

 
 لئن كان السجن –كما اعتبره البعض- أسوا مؤسسة أوجدها الإنسان منذ القدم، فانه مع ذلك لاشيء في الأفق يشير إلى زوال هذه المؤسسة من المجتمع الإنساني، سواء كان صناعيا متقدما أو متخلفا يزداد تخلفا، أو في يسمى- مغالطة- البلدان الناهضةpays immergents، و سواء كان رأسماليا جشـعا أو اشتراكيا إنسانيا، أو إسـلاميا أو قوميا،  و سـواء كان جمهوريا أو ملكيا أو جملكيا[1] على نمط كثير من أنظمة الاستبداد والتخلف في بلاد العرب…
ولا شك كذلك أن قائمة المخالفات و الجنح و الجنايات التي تؤدي بمقترفها إلى السجن تزداد طولا يوما بعد يوم، كما تشهد كل دورة تشريعية في المجالس المنتخبة أو المعينة في المشارق و المغارب إدراج جرائم جديدة في مجلاتها الجنائية مواكبة لتطور المجتمع و تطور الإجرام من جهة و تطور مصالح أولي النفوذ من جهة أخرى….
و رغم عكوف علماء الإجرام و رجال القانون و المختصين في علوم عديدة ذات علاقة بالإنسان و المجتمع، على البحث عن عقوبات بديلة عن السجن فان عدد نزلاء السجون ما انفك يتكاثر و يتعاظم، وهو يمثل بلا أدنى ريب عبئا ثقيلا على دافعي الضرائب و ميزانيات الدول[2]…و إن أحسنت – بمقدار- بعض المجتمعات التعامل مع هذا المعطى توظيفا واستفادة و دراسة قبل ذلك، فان البعض الآخر قد فشل فشلا ذريعا مما جعل سجونها و معتقلاتها محاضن حقيقية لتفريخ الإجرام و الانحراف، و قد أحسن أولائك الأطفال الجانحين الذيـن عبروا عن ذلك ترنمـا في لياليهم الكئيبة فرددوا:
                               « بالله يا سيدي الرئيس                                            يا حاكم بين النــاس                                إصلاحية ما تربيـش                                            ما تخلف كان الاحباس.. »
و لعل مقارنة بسيطة بين معدلات العود في مجتمعات مختلفة تؤكد ما نذهب إليه، كما أن نسبة السجناء من تعداد السكان يمكن أن يبرز كذلك نجاح أو فشل الأنظمة التربوية و الاجتماعية عموما و الأنظمة الإصلاحية السجنية خصوصا في تحقيق غاياتها. و لئن اهتدي في كثير من الأنظمة و المجتمعات المتقدمة خصوصا إلى اعتبار العمل لفائدة الصالح العام عقوبة أصلية فإنها تبقى مع ذلك مقتصرة على قليل من المخالفات البسيطة و على المبتدئين، بل على بعضهم فقط… و في مجتمعات التخلف تصبح هذه العقوبة تخص بعض ذوي الجاه و الثراء الذين لا « يليق » بهم و بسلالاتهم دخول السجون، حتى يكاد المرء يتمنى إلغاءها و يدعو إليه. و هذا ديدن أنظمة القهر و الاستبداد التي تسعى إلى تلميع صورتها بسن قوانين تؤكد على ما أصبح ضرورة إنسانية عالميا مثل: احترام حقوق الإنسان    و حقوق الطفل و حقوق المرأة و المحافظة على البيئة… فتسنها مباهاة ومجاراة  و اضطرارا لا اختيارا و إتباعا لا اقتناعا و تقليدا لا إبداعا… لذلك نجد تلك القوانين في قطيعة تكاد تكون تامة مع الواقع، إن لم تكن الممارسة الرسمية مكرسة لما ينافيها و يناقضها سرا و واقعا و إن رفعتها جهرا و شعارا…
و مع ذلك فان العقوبة البديلة عن السجن تنقذ من تمتع بها من عملية تدمير آلي و منهجي تبدأ بمجرد إيداعه السجن، لما في ذلك من ضياع لعمله أو دراسته وما ينجر عن ذلك من بطالة و تهميش و فقدان مورد الرزق و خصاصة العائلة  و تفككها، ودخول عالم الإجرام و الانحراف من بابه الواسع، و لا يزيد طول مدة الإيقاف و الإيداع إلا رسوخا و تمكنا في ميدان الجريمة… و في غياب إحصائيات رسمية دقيقة عن نزلاء السجون التونسية ومستوياتهم التعليمية و أعمارهم و حالاتهم المدنية و وظائفهم، يمكن القول الآن بناء على إقامة طويلة بالسجون، أنها تضم بين أسوارها فئة واسعة من المهمشين من الشباب العاطل عن العمل كما تضم نزرا من أصحاب الشهادات العليا، و تضم سوادا من المعوزين و الفقراء وقلة من الأغنياء و الميسورين، كما تضم سكان المدن الأصليين و النازحين المقيمين في الأحياء القصديرية و أحزمة الفقرو الضواحي الشعبية، و كذلك القرويين و أبناء الريف القاطنين بمناطق الظل في شمال البلاد و جنوبها مرورا بوسطها، كما تضم حفنة من أبناء الذوات و الجم الغفير من أبناء الشعب الكادح، كما تضم الفنانين و المثقفين و الرياضيين و المسؤولين الحزبيين-المغضوب عليهم مؤقتا-و كذلك الرسميين…
و عرفنا السارق الذي أعوزته الحاجة، فسرق بعض الملابس من فوق حبل غسيل أو بعض الأجهزة الالكترونية لا يتعدى ثمنها بضع عشرات من الدنانير، فحكم عليه بالسنوات ذوات العدد سجنا، كما عرفنا من استولى على عشرات الملايين، بل على المئات، ولم يدفعه إلى ذلك إلا حب الثراء السريع و الكسب السهل و حياة البذخ و الترف و التفاخر، لكن « المشرع » و القاضي كانا ارحم به    و ارأف من ذلك المسكين الجائع ذي الخصاصة، و عرفنا الرياضي و ابن الرياضي، و الفنان و ابن الفنان، و رجل الأعمال و ابن رجل الأعمال و المسؤول الحكومي و الفلاح الثري، و عرفنا الطبيب و المحامي و الضابط السامي،و رجال التعليم في مختلف درجاته، و العالم و الإمام و الطالب و التلميذ، و الشيخ الذي وهن العظم منه و بلغ من العمر عتيا و كذلك الشاب اليافع الذي لم يصلب عوده بعد ولم يفقه معنى للحياة، كما عرفنا المبتدئ و المعيد، والمجرم عرضا و المجرم حقيقة، وعرفنا ذا العيال و الشاب العزب و عرفنا الأرمل و المفارق… و عرفنا الشهم و النذل، و عرفنا الشجاع و الجبان، و الصابر المحتسب و الهلوع الجزع، و عزيز النفس و دنيئها، و طيب السريرة و خبيثها….و أقمنا بالعزلة المغلظة سنوات و تجرعنا مرارتها كما ذقنا حلاوتها، كما أقمنا بالغرف الجماعية و اطلعنا على نصيب وافر من المكائد التي يحيكها بعض المساجين ضد البعض الآخر بإيعاز من الإدارة حينا و دونه أحيانا أخرى، كما اطلعنا عن كثب على استغلال بعض المساجين للبعض الآخر فيسخرونهم لخدمتهم و خدمة نزواتهم الخسيسة بعلم الإدارة غالبا و تحت أعينها…كما اطلعنا على بعضهم في محافل وأد الحقيقة و رواج شهادة الزور… و اكتوينا بنار صراع النفوذ و الانشغال بسفاسف الأمور و محقرات الأشياء و إهمال المصالح الحقيقية للمساجين..و عرفنا ضروبا من التمييز: الجهوي و الفئوي…
و عرفنا من السجون خمسة عشر سجنا، منها سجون الإيقاف و سجون التنفيذ و سجون التأديب، و منها… و عايشنا وراء القضبان تسعا من المديرين العامين، منهم السياسي المحنك و ضباط سامون من الأمن و قضاة، و لعل أفضل فترة عرفتها السجون سواء بالنسبة للسجناء أو السجانين هي فترة ذلك السياسي الذي عرف كراسي الحكم الوثيرة كما عرف غياهب السجن و السيلونات       و صقيعها و شيئا من معاملة السجان للسجين[3]….كما أن أسوا فترة عرفها المساجين هي فترة ذلك الذي تولى إدارة سجن العاصمة ثم كوفئ بتوليته الإشراف على الإدارة العامة إذ شهدت فترته أفظع التجاوزات   و أقذر الممارسات و أكثر المظالم بشاعة و أحط المعاملات، و فيها أطلقت أيدي الضباط مديري السجون دون رقيب أو رادع على المساجين تعنيفا و إذلالا و إهانة و تجويعا…
و عرفنا من المديرين سبعا و عشرين، تراوحت رتبهم بين و كيل أول وعقيد، ومنهم من تدرج في السلم الوظيفي درجة درجة، فعرف الحراسة الليلية في ليالي الشتاء الباردة و خالط المساجين وعرف بعضا من آمالهم و قليل القليل من آلامهم، و منهم من نال هذه الرتبة بفضل شهادة البكالوريا و دراسته النظرية فظن انه استوعب علم الأولين و الآخرين فادعى في العلم فلسفة….          و عرفنا لوعة الأم عند إيقاف ابنها، و لوعة الزوجة عند إيقاف زوجها، و اضطراب الأبناء عند إيقاف أبيهم، و عرفنا الحيرة التي تحل بهم جميعا عند نزول هذا الأمر الجلل بهم، فكان لا بد لهم من دليل يساعدهم في تلك الأيام العصيبة على تخطي هذه المحنة بأخف الأضرار و مواجهتها بما تستحق من دراية و علم و حكمة.
و قد دفعنا إلى تحرير هذا الدليل ما صرح به لنا أكثر من واحد في « حوارات وراء القضبان »، من أن التونسي عموما هو سجين في حالة سراح مؤقت، و إن كان المهتمون بالشأن السياسي من ساسة و إعلاميين و نقابيين و حقوقيين و مثقفين و طلبة، و بالخصوص الذين لا يسيرون في ركاب النظام القائم و يسرون أو يجاهرون بمعارضته، يدركون جيدا أنهم فعلا في سراح وقتي    و يمكن للنظام أن يزج بهم في السجون في أي لحظة من ليل أو نهار، كما يدرك ذلك أيضا القائلون بالوفاق إن فكروا في تجاوز الخطوط الوردية فحسب لا الخطوط الحمراء، و ما إيقاف بعض قادتهم من سياسيين و نقابيين، و الحكم عليهم بتلك الأحكام، إلا تذكير لهم بوجوب ملازمة اليقظة في سرهم وهمسهم و جهرهم، إن كان هؤلاء جميعا يدركون ذلك، فان وراء القضبان من الوقائع الثابتة ما يدعم هذا الرأي، فهناك من وقع إيداعه السجن خطا أو غفلة أو تهاونا أو كيدا و تأمرا   و غير ذلك و في « القضاة ثلاثة… » تفصيل ذلك لمن يريد الإطلاع على الوجه الآخر للصورة.
فكان دليلنا هذا موجها إلى العائلة إذا وقع إيقاف أحدا أفرادها، و إلى كل من يهمه أمر عزيز أو قريب وقع في قبضة البوليس، كيف يتصرف؟ ماذا يفعل؟ إلى من يتوجه؟ كيف يحافظ على حقوق هذا العزيز أو القريب أو الحبيب؟ ماذا يفعل لفرض احترام القانون و لا يقع التلاعب به؟ كيف يساهم-كمواطن بسيط- في تشييد دولة القانون و المؤسسات بعدما أصبحت شعارا يلاك للاستهلاك لا غير و تكرست في الواقع دولة الفرد و العائلة و الحاشية و الصوت الواحد و اللون الواحد، و غاب القانون، بل صار لعبة في خدمة أصحاب النفوذ يتسلون به حينا، و يشرعونه سيفا مسلولا يسلطونه على من يريدون، و متى يشتهون. فإن كان للمناضل دليله، و للطالب دليله، و للمسافر دليله، و للمستثمر دليله، و للحاج أو المعتمر دليله كذلك، فلم لا يكون للسجين دليله و للعائلة التي تمر بهذه المحنة دليل يساعدها على الخروج منها بأخف الأضرار؟
و جاء ما عرف بقانون الإرهاب في ذكرى الإعلان العالمي لحقوق الإنسان سنة 2003 ، تحديا سافرا لهذا الإعلان و بقية العهود و المواثيق الإنسانية، و دخل هذا القانون/ السلاح  الخدمة ليعزز ترسانة الأسلحة/ القوانين المشهرة على رقاب الأحرار من السياسيين و الحقوقيين و النقابيين و الإعلاميين، و في مدة وجيزة كثر ضحاياه، و قد يتجاوز عدد الموقوفين بمقتضاه الألف من الشباب الطلابي و التلمذي و غيرهم حسب بعض المصادر الجديرة بالثقة، و هو ما شحذ الهمة لإبراز هذا الدليل، فهو إن لم يساعد على حفظ بعض الحقوق، فهو يكفل إقامة الدليل على انتهاك أبسط الحقوق و خرق أجلى المبادئ القانونية و الحقوقية من قبل الساهرين على هذه القوانين…   و الســــــــلام المرة القادمة: الإيقاف… مع ترحيبي بكل الملاحظات و المقترحات…   عبدالله الزواري abzouari@yahoo.fr الهاتف القار:0021675685300
 
[1]  – كلمة نحتها الأستاذ منصف المرزوقي من كلمتين: الجمهورية و الملكية ليطلقها على بعض الأنظمة العربية التي يتوارث فيها الحكم مع أنها تزعم أنها أنظمة جمهورية. [2] – يوجد في السجون الفرنسية( بما فيها تلك التي وراء البحار) 59786 يوم 01 جوان 2005 منهم 2129 امرأة، و من هذا العدد الجملي يوجد 38876 قد صدرت في حقهم أحكام باتة و 20910 لا يزالون تحت أنظار القضاء بدرجاته المختلفة. وهو يقارب معدل 1000 سجين عن كل مليون فرنسي، أما عدد المساجين في بلادنا فهو سر من أسرار الدولة لا يجوز التعرف عليه، و يقدره بعض الملاحظين بثلاثين ألف أو ما يقاربها، وهو بالتالي يناهز ثلاث مرات معدل عدد السجناء عن كل مليون ساكن في فرنسا.. [3]  – و قد روى لنا يوم 02 جويلية 1984 ( يوم تقلتنا من سجن الناظور إلى سجن العاصمة و كان هو في استقبالنا) حادثة وقعت له في الجناح المضيق بسجن العاصمة، إذ صفعه الحارس العامل هناك بعد أن أعاد عليه طلب عرضه على طبيب السجن عدة مرات، و قد نسيها تماما، لكن الحارس لم ينس ما اقترفت يداه، بل سارع بكتابة استقالته بمجرد أن عين السجين السابق مديرا لمصلحة السجون آنذاك…

 

 


 

العدالة المؤجلة أو جرائم السلطة على الباغي تدور الدوائر

عبدالباقي خليفة

أثارت محاكمة الرئيس التشادي الاسبق حسين حبري المثارة حاليا ،و موت الرئيس اليوغسلافي السابق سلوبودان ميلوسيفيتش المفاجئ  ، 1941 ، 2006 ، الكثير من التساؤلات ، حول أسباب تأخر محاكمات المتهمين بمثل هذه الجرائم في العالم ، و منها محكمة ميلوسيفيتش التي استغرقت  4 سنوات و 8 أشهر ، واجه فيها تهم ارتكاب جرائم حرب ، و جرائم ضد الانسانية ، و جرائم إبادة في البوسنة و كوسوفو، بلغت 66 تهمة ، كانت كافية للحكم عليه بالسجن مدى الحياة ، كما كان متوقعا . لكن موته قطع تلك المحاكمة ، التي كان من المنتظر أن تتنه بعد بضعة أسابيع ، وكان بامكانها أن تعزز شكوى البوسنة ، ضد صربيا و الجبل الاسود ، أمام محكمة العدل الدولية . فما هي أسباب تأخر محاكمات أشهر المتهمين في العالم بارتكاب جرائم في حق شعوبهم ، أو الشعوب الأخرى ؟ ، و ماهوالقاسم المشترك بينهم ؟ ، و العوامل السياسية و القانونية التي ساهمت في ذلك ؟ ، لا سيما و أن لدينا العديد من الامثلة من آسيا ، مرورا بافريقيا ، و أوربا ، و انتهاءا بالقارة الاميركية . حيث نجد أن البعض من الرؤساء استمرت محاكمتهم عدة سنوات ، ولم تصدر بحقهم أحكام قضائية ، مثل ميلوسيفيتش ،وبعضهم الآخر تمت محاكمته في وقت قياسي وأعدم ، مثل تشاوسيسكو في ورمانيا . وهناك نموذج ثالث ارتكب جرائم ، و لكنه لم يواجه أي محاكمات مثل أرييل شارون ، أو لا تزال محاكمته في بدايتها مثل الرئيس العراقي السابق صدام حسين .
مفهوم الجريمة السياسية : ولا يقف مفهوم الجريمة السياسية ، أو جرائم السلطة ، عند مفهوم الابادة الجماعية لعرق معين ، كما كان أثناء محاكمات نورمبرغ ، و إنما يتعداها في القانون الدولي الحديث ، إلى القتل العمد ، و التعذيب ، و الخطف ، و ما شابهه . ويقول خبراء القانون الدولي الجنائي  » لم يتخذ مفهوم ،الجرائم المرتكبة ضد الإنسانية، شكل القانون المكتوب ، إلا بعد وضع ، ميثاق محكمة ، نورمبرغ ، التي أنشئت بعد الحرب العالمية الثانية لمحاكمة النازية . أما القانون الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية الناشئة فيتضمن ،في المادة السابعة ، تعريفاً للجرائم المرتكبة ضد الإنسانية ، مشيرا إلى إنها أفعال معينة، مثل القتل العمد، ، والتعذيب ، والاسترقاق ، والاختطاف ، والاغتصاب ، والاستعباد الجنسي ، وما إلى ذلك   » أما جرائم الابادة فهي التي  » ارتكبت في إطار هجوم واسع النطاق أو منهجي موجه ضد أية مجموعة من السكان المدنيين ، وعن علم بالهجوم « . كما  » توجد تعريفات مماثلة لهذا المفهوم في النظام الأساسي لكل من المحكمة الجنائية الدولية الخاصة بيوغوسلافيا السابقة ، وتلك الخاصة برواندا. والذي يجعل جريمة ما في عداد الجرائم المرتكبة ضد الإنسانية هو ما تتسم به من اتساع نطاقها وطابعها المنهجي  » . أما أسباب تأخر إصدار الاحكام في جرائم السلطة فيوجزها الدكتور ترنكة في 8 عناصر هي  » كثرة وثائق القضية ، وعمليات و آليات جلب الشهود لا سيما إذا كان عددهم كبيرا ، إعطاء وقت للمتهم لدراسة الملف والرد عليه ، بشكل مباشر ،أوعن طريق محاكميه ، الوقت المخصص لجلسات المحاكمات ، مرض المتهم ،وهي هذه جميعها توفرت في محاكمة الرئيس الصربي السابق سلوبودان ميلوسيفيتش ، إضافة لفرار المتهم ، أوامتناعه عن الحضور أوعدم الاجابة على اسئلة المحكمة ،أوما يسمى بدفاع الصمت ، وعدم توفر المال لمواصلة المحاكمات ، وهذه شهدناها في محاكمات مختلفة في جرائم السلطة  » .
الاتفاقات الدولية : وهناك اتفاقات دولية تنظم العلاقة في المجال الجنائي ، و منها اتفاقية جنيف بشأن حماية الأشخاص المدنيين في وقت الحرب ، ومدونة لقواعد سلوك الموظفين المكلفين بإنفاذ القوانين ، وإعلان الأمم المتحدة للقضاء علي جميع أشكال التمييز العنصري ، والبروتوكول الاختياري الأول الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية بشأن تقديم شكاوي من قبل الأفراد ، ومبادئ الأمم المتحدة الأساسية بشأن استقلال السلطة القضائية ، والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ، واتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة ،و الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية و السياسية ، ومجموعة المبادئ المتعلقة بحماية جميع الأشخاص الذين يتعرضون لأي شكل من أشكال الاحتجاز أو السجن ، و إعلان بشأن المبادئ الأساسية لتوفير العدالة لضحايا الجريمة وإساءة استعمال السلطة ،والاتفاقية الدولية لقمع جريمة الفصل العنصري والمعاقبة عليها ،اعتمدت وعرضت للتوقيع والتصديق والانضمام بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 3068 (د-28) المؤرخ في 30 نوفمبر 1973، أما تاريخ بدء النفاذ فهو 18 يوليو 1976، وفقا لأحكام المادة 15.وإعلان بشأن المبادئ الأساسية الخاصة بإسهام وسائل الإعلام في دعم السلام والتفاهم الدولي وتعزيز حقوق الإنسان، ومكافحة العنصرية والفصل العنصري والتحريض علي الحرب ، و قد اعتمد ونشر علي الملأ من قبل المؤتمر العام لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة في دورته العشرين ، يوم 28 نوفمبر 1978. وإعلان بشأن القضاء على جميع أشكال التعصب والتمييز القائمين على أساس الدين أو المعتقد اعتمد ونشر علي الملأ بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 36/55 المؤرخ في 25 نوفمبر 1981.وإعلان منح الاستقلال للبلدان والشعوب المستعمرة اعتمد ونشر علي الملأ بموجب قرارالجمعية العامة للأمم المتحدة 1514 (د-15) المؤرخ في 14 ديسمبر 1960 .
أوغيستو بينوشيه : و يعد كل من الرئيس التشيلي السابق بينوشيه ،والروماني السابق تشاوشيسكو ، والتشادي حسين حبري ، و الاثيوبي منغيستو هيلاماريام ، و البنمي مانوال نوريغا ، والجنرال الكوري جنوبي جون هوان وروتا ، والمالي موسى ترواري ،و اليبيري تشالز تايلور، و الكمبودي بول بوت ، و اليوناني جورج بابادوبوس ، والاندونيسي سوهارتو ، بالاضافة إلى الرئيسان السابقان في صربيا ، و العراق ، سلوبودان ميلوسيفيتش ، و صدام حسين ، ورئيس الوزراء الاسرائيلي آرييل شارون ، و عدد من الدكتاتورين الصغار ، أمثلة صارخة ، و نماذج تجسد جرائم السلطة في العصر الحديث .
ففي 23 أغسطس 1973 أصبح أوغستو بونيشيه رئيسا لهيئة الاركان في تشيلي ، و مالبث أن دبر مع اطراف خارجية كبرى انقلابا ضد الرئيس الليندي ، ليحل مكانه و يبق يظل في السلطة حتى 1990 أي 17 سنة كاملة . و قد ظل قائدا للجيش حتى 1998 ، ليأمن مكر الحكام الجدد و هم أنصار الليندي ، ثم سافر إلى لندن حيث اعتقلته السلطات هناك ، بناءا على مذكرة توقيف صادرة من محكمة اسبانية ، و لكن رئيسة وزراء بريطانيا السابقة مارغريت تاتشر ، رفضت تسليمه ، ووضعته بدل السجن تحت الغقامة الجبرية . و في 1999 انتخب رئيس جديد لتشيلي هو ريكاردو لاغوس ، و بعد سنتين عاد بينوشيه إلى تشيلي حيث استقبله أنصاره في المطار بحفاوة بالغة ، مثلت له حصانة من المحاكمة إلى حين ، و في 2004 رفعت المحكمة الدستورية عنه الحصانة ، من أجل محاكمته على الجرائم التي ارتكبها بحق معارضيه ، أثناء فترة حكمه ،بعد توجيه اتهامات له بالتهرب الضريبي و الخداع و جرائم تزوير أخرى تتعلق ب 27 مليون دولار اختفت في حسابات بنكية أجنبية ، و لكنها ما لبثت أن تراجعت ، بزعم شيخوخته ، 90 عاما ، ولوجود أنصار له داخل مفاصل الحكم ، و رفضت 3 قضايا ضد بونيشيه .و لكن صعود ميشيل باشليه إلى السلطة مؤخرا ، عاد عقارب الساعة للوراء فهي ابنة جنرال قتله بونيشيه سنة 1974 ، فأحس البائس بأن خصومه ينتصرون عليه و هم تحت الثرى . و في 28 يناير الماضي أعادت الولايات المتحدة ابنة بونيشيه الحليف السابق إلى الارجنتين ،بعد رفض طلبها اللجوء السياسي ، هربا من تهم التهرب الضريبي في بلادها ،و قد فرت قبل يوم ، اعتقال والدتها و اربعة من أقاربها ، بتهم تتعلق باتهرب الضريبي . و إضافة إلى الفساد المالي يتهم أوغيستو بينوشيه بقتل 119 من المعارضة بشكل مباشر ، سنة 1975 ، و بالمسؤولية عن قتل و اختفاء أكثر من ثلاثة آلاف شخص بين 1973 و 1990 ، توزيع أموال الشعب في أكثر من 100 مصرف أجنبي . و لم يجرئ أحد على اتخاذ موقف قضائي حاسم بسبب علاقة بينوشيه الخارجية التي منعت سجنه في اسبانيا و قوته الداخلية المتمثلة في أنصاره و رجاله في مفاصل السلطة .
النموذج الآخر ، الذي يحمل قواسم مشتركة مع بينوشيه ، و كل بينوشيه ، و هي الاستبداد و سرقة أموال الشعب ،و المختلف تماما عن المدلل بينوشيه ، من حيث المصير ، هو الرئيس السابق لبنما ايمانوال نوريغا ، كما يحمل اسما آخر هو أنتونيو ، الذي تولى الحكم في بلاده سنة 1984 و في سنة 1989 غزت الولايات المتحدة الاميركية في عهد الرئيس الاميركي جورج بوش الاب ، بنما ، و اعتلقت نوريغا ، بعد مطاردة مثيرة ، بتهمة تهريب المخدرات إلى أسواقها ، و تنظيم اعتداءات على جنودها المرابطين في قناة بنما ، و قال وزير الخارجية الاميركي الاسبق كولن باول الذي كان ضابطا كبيرا و أحد المسؤولين عن عملية غزو بنما  » سنحطم صورته كروبن هود  » و قالت الولايات المتحدة إنها عثرت في منزول نورييغا على  » مواد تتعلق بالسحر، ومكتبة خاصة بالكتب التي تتحدث عن هتلر، وألبومات من الصور الجنسية الإباحية، وصور التعذيب، وملصق جداري كبير يحتوي على صور جميع القسيسين الكاثوليك في بنما، وصور لمسؤولين كاثوليك آخرين في أمريكا الوسطى، مما يوحي بأنهم موضوعون على لائحة القتل « . وقد تبين أن مخابئ المخدرات المزعومة في مخبأ نورييغا ما هي إلاّ طعام الطامال المكسيكي المحتوي على شرائح من الورق مكتوب عليها أسماء أعداء نورييغا. وقد أخرج نوريغا من سفارة الفاتيكان بعد ابلاغ السفير عنه ، مما جعله يسب السفيروالفاتيكان اثناء تسليمه للاميركيين . وفي 10 يوليو 1992 حكمت القضاء الاميركي على نوريغا بالسجن لمدة 40 سنة ، ثم خففت إلى 30 سنة يقضيها حاليا في ميامي .
نيكولاي تشاوتشيسكو : النموذج الثالث ، الشبيه نسبيا من حيث المصير ، و إن كان أكثر سوءا بلا ريب ، هو ديكتاتور رومانيا السابق نيكولاي تشاوتشيسكو . السكرتير التنفيذي للحزب الشيوعي الروماني عام 1965 ثم رئيساً للبلاد عام 1974. استمر عهد تشاوتشيسكو الى عام 1989، حيث لوحق ثم أُعدم هو و زوجته أمام عدسات التلفزيون . بعد ادانته بجرائم الابادة و تدمير الاقتصاد و الممتلكات الخاصة ، و بالفعل اتسم حكمه بالشدة و الدموية. انتخب ايون اليسكو خلفاً له، وقد بقي في السلطة حتى عام 1996 عندما أصبح ايميل كونستانتينسكو رئيسا للبلاد. وُوفق على انضمام رومانيا الى الاتحاد الاوروبي ابتداءاً من العام 2007، بعد سلسلة من الاصلاحات السياسية، الاقتصادية و الاجتماعية اللتي قامت بها الحكومة في الفترة الأخيرة .
بول بوت :  الذي أبدت حكومة الولايات المتحدة وغيرها من الدول الغربية حماساً لفكرة محاكمته لمسؤوليته المباشرة عن حصد ما لا يقل عن مليون ونصف إنسان خلال فترة حكمه من 1975 إلى 1979 ، تمت محاكمته بتهمة الخيانة ، و صدر عليه حكم بالسجن المؤبد سنة 1997 ، توفي السجن سنة 1998 . ما يثير الانتباه في قصة بول بوت أنه جاء إلى الحكم على ظهر دبابة فيتنامية، وأطاحت به دبابة فيتنامية. فبدعم من فيتنام استولى الخمير الحمر على مقاليد الأمور في كمبوديا عام 1975 بعد عام كامل من الحروب الأهلية الطاحنة، بقيادة بول بوت . معروف عن  نظام بول بوت أنه شيد غرف التعذيب وأقام معسكرات الاعتقال لتطهير صفوف الشعب من كل دخيل وعميل على حد زعمه . وعلم نظام بول بوت عساكره فن التعذيب واستخراج الاعترافات ، و يدونون الدروس في كراسات لتوزع على العساكر لتصبح جزءاً من تربيتهم العسكرية. وقتل نظام بول بوت واحداً من كل ستة مواطنين كمبوديين خلال فترة حكمه. وعمد بعد قتل المدنيين إلى إعدام من كانوا يكلفون بالقتل، ثم بتصفية الجنود الذين أمروا بقتل الجلادين، كل ذلك في محاولة منه للقضاء على إمكانية أن يثور عليه أحد، أو لنقل في محاولة لمنع غيره من اكتساب القوة ، و لكنه سقط من حيث لم يحتسب . و قد صور جزء من تلك الفضائع في فيلم  » حقول القتل  » الشهير . *
تشارلز تايلور : ففي يونيو 2003 وجَّهت « المحكمة الخاصة بسيراليون » رسمياً إلى تشارلز تايلور, الذي كان آنذاك رئيساً لجمهورية ليبيريا, تهما بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية, وكانت تلك أول مرة يُتخذ فيها مثل هذا الإجراء ضد رئيس دولة إفريقي أثناء توليه منصبه. وأُرغم تايلور على ترك المنصب في أغسطس من نفس العام نتيجة الضغوط المتزايدة من المجتمع الدولي وتصاعد الصراع في ليبيريا. وقد أدى ذلك الصراع, خصوصاً في أوائل 2003, إلى سقوط آلاف القتلى, واتسم بارتفاع مستويات العنف الجنسي ضد النساء والفتيات, والنزوح الجماعي إما داخل ليبيريا نفسها أو إلى ساحل العاج وغينيا وسيراليون. وقد منحت حكومة نيجيريا حق اللجوء إلى تشارلز تايلور, وكفلت له ضمناً عدم تقديمه للمحاكمة في نيجيريا أو تسليمه إلى « المحكمة الخاصة ». وكان قد صدر أمر دولي بالقبض عليه بعد أن أعلنت المحكمة الخاصة ، توجيه تهم إليه تهم بارتكاب جرائم حرب ، و جرائم ضد الانسانية ، و انتهاكات خطيرة للقانون الدولي ن خلال الصراع المسلح في سيراليون ، في يونيو 2003 . و قد واحتجت منظمة العفو الدولية على مخالفة الحكومة النيجيرية لالتزاماتها بموجب القانون الدولي، غير أن الدعوة لتسليم تشارلز تايلور إلى المحكمة الخاصة أو التحقيق معه، بغية محاكمته جنائياً أمام القضاء النيجيري أو الشروع في إجراءات تسليمه، لم تلق سوى التجاهل . جورجيوس باباندريو : خشي المحافظ الكولونيل جورجيوس بابادوبولوس أن تكون تلك على يد سلفه ، وبدأ الضابط الذي يتسم بالهدوء وان كان جافا في وضع الخطط للقيام بانقلاب عسكري.وتمكن في النهاية من وضع هذه الخطط موضع التنفيذ في الحادي والعشرين من نيسان ابريل من عام1967 بمساعدة البريجادير ستيليانوس باتاكوس . وبعد ما يزيد على ست سنوات في السلطة وبالتحديد في شهر تشرين الثاني نوفمبر من عام 1973 تمت الاطاحة به من جانب زملائه السابقين.لقد امضى بابادوبولوس الذي توفي في 29 يونيو 1999 عن عمر يناهز الثمانين عاما العقود الأخيرة من عمره داخل السجن في أثينا قبل ان يتم ادخاله المستشفى في عام 1996 لمرض تيبس العضلات.وكان بابادوبولوس قد ولد في بيلوبونيس في الخامس من آيار مايو من عام 1919 من أب يعمل مدرسا في المرحلة الثانوية, وقد حاول بابادوبولوس إبان فترة حكمه أن يغلف نظامه الدكتاتوري بغلالة ديمقراطية, وقد شكل الكولونيل الذي لم يستطع مطلقا الحصول على تأييد شعبي كبير حكومة مدنية في البداية غير أنه ظل طوال فترة توليه مناصبه الرسمية ابتداء من وزير وحتى وصوله الى رئاسة الوزارة مسيطرا على كافة الاحداث الهامة في بلاده.وفي أعقاب انقلاب مضاد فاشل في كانون الأول ديسمبر من عام 1967 فر الملك قسطنطين إلى منفاه في روما, وأصبح بابادوبولوس بعد ذلك رئيسا للوزراء ووزيرا للدفاع ، وفي الأول من حزيران يونيو من عام 1973 اعلن الغاء الملكية وقرر اجراء انتخابات رئاسية.وكمرشح وحيد في هذه الانتخابات حصل بابادوبولوس على نسبة 78,4 بالمائة من الأصوات, غير أنه لم يستمر رئيسا للدولة إلا لفترة قصيرة فقط حتى الخامس والعشرين من تشرين الثاني نوفمبر من عام 1973 فقد تزايدت الاضطرابات حينئذ في البلاد وبصفة خاصة بين الطلبة والمثقفين مما دفعه الى اعلان الأحكام العرفية . وأصبح بابادوبولوس أكثر انعزالا بعد أن أصدر أوامره بالقمع الدموي للمظاهرات, وانتهى الأمر بأن اطاحت القوات المسلحة بنظام حكمه. وفي يوليو من عام 1974 انهارت الطغمة العسكرية الجديدة التي تولت السلطة في أعقاب الاطاحة ببابادوبولوس ، فقد خلف التوتر الذي ساد العلاقات مع تركيا وكذلك المحاولات المزعومة لربط قبرص باليونان، النظام العسكري الحاكم في أثينا دون أي تأييد, وعاد قسطنطين كرامنليس من منفاه في باريس ليقود اليونان من جديد على طريق الديمقراطية.وحوكم بابادوبولوس في عام 1975 بتهمة الخيانة العظمى وحكم عليه في البداية بالاعدام، إلا انه تم تخفيف الحكم في وقت لاحق الى السجن مدى الحياة.وقد أمضى بابادوبولوس العقود الأخيرة من عمره في جناح خاص مريح بسجن كوريدالوس بأثينا حيث كرس معظم وقته لدراسة الأعمال السياسية والفلسفية, ولم يعرب بابادوبولوس مطلقا عن أسفه لما ارتكبه من أفعال وظل حتى النهاية يزعم بأنه لم يعامل بعدالة ، و أنه مظلوم .
الجنرال جون دو هوان: استلم السلطة في كوريا الجنوبية ،بعد الأضطراب الكامل الذي خلفه اغتيال  الرئيس « بارك »، حيث استحوذ جون على السلطة بواسطة الانقلاب الذي قاده في ديسمبر من عام 1979، وأصبح رئيس الجمهورية الخامسة ، 1980-1988 ، بعد ما قضى بقسوة بالغة على المظاهرات الشعبية المطالبة بالعودة إلى الحكم المدني، ومن أشهرها حركة  » كوانغ جو » الديمقراطية في مايو من عام 1980، حيث قتل 200 شخص ، وبالرغم من تدابير جون المتعسفة ، و القمعية، تميز الجو السياسي للجمهورية الخامسة بالمظاهرات الداعية إلى العودة إلى الديمقراطية خصوصا من طرف الطلبة. وقد وصل الشغب إلى قمته في يونيو من عام 1987 مع المسيرة الكبيرة لأجل الديمقراطية في سيئول، التي أرغمت الرئيس « جون  » على الإذعان لبيان الديمقراطة المقترح من طرف الجنرال السابق « نوتايو وو » الذي كان حينذاك رئيسا لحزب العدالة الديمقراطي الحاكم. و قد اعتقل جون نهاية 1987 و حكم عليه بالسجن لمدة 22 عاما . وفي 1997 صدر عنه عفو رئاسي .
النموذج الثامن هو ، موسى تراوري رئيس مالي السابق ، و الذي أطيح به سنة 1991 بعد حكم استمر 23 عاما ،و قد حكم عليه بالاعدام سنة 1993 بعد اتهامه بارتكاب جرائم بحق شعبه ، و اختلاسات ، ثم عفي عنه سنة 2002  . حسين حبري : منحه الرئيس السينغالي السابق عبده ضيوف اللجوء السياسي ، و في فبراير 2000 وجهت محكمة سنغالية تهمة ارتكاب التعذيب إلى حسين حبري، دكتاتور تشاد السابق المقيم في المنفى، ووضعته تحت الإقامة الجبرية في منزله، وكانت تلك أول مرة تتهم فيها إحدى المحاكم في دولة إفريقية شخصاً من دولة إفريقية أخرى بارتكاب الفظائع .و في نوفمبر من عام 2000 قال الرئيس عبدالله واد إن حسين حبري لا يمكن أن يقدم للمحاكمة في السينغال لانها غير معنية بأي جرائم ارتكبت في منطقة تبعد 4 ىلاف كيلومتر . على حد قوله . و في 20 مارس 2001 أكدت محكمة النقض السينغالية على أن المحاكم الوطنية لا تملك صلاحيات محاكمة حسين حبري المتهم بالضلوع في جرائم قمع . و في 19 سبتمبر 2005 أصدر القاضي البلجيكي دانيال فرانسيس مذكرة جلب ضد حسين حبري لارتكابه جرائم ضد شعبه أثناء فترة حكمه 1982 ، 1990 ، ووجهت السلطات البلجيكية طلبا رسميا لحكومة السينغال لتسلم حبري . لكن عبدالله واد رفض ذلك و طلب من الاتحاد الافريقي تشكيل محكمة افريقية لمحكمة حبري . لكن الجهات الدولية لا تزال ترغب في نقله لبروكسل ، و كانت الحكومة التشادية قد ايدت في 2002 مثل هذا الاجراء ، لكن للسينغال و الاتحاد الافريقي موقف آخر لتشابه أنظمته .
صدام حسين ، حيث تشكلت المحكمة الجنائية العراقية المختصة في 10 اكتوبر 2003 بقرار من مجلس الحكم في العراق للنظر فيما يقال عن ارتكاب صدام  « جرائم ضد الانسانية » و أعلنت المحكمة أنها   » مستقلة  » و  » لا ترتبط بأي جهة كانت  » واختصت المحكمة بالجرائم المذكورة من فترة 1968 الى 2003 . و هي الفترة التي حكم فيها صدتم حسين . تشكل هذه المحكمة حسب قانون ادارة الدولة للفترة الأنتقالية التي اعتبرت كدستور مؤقت للعراق في فترة بول بريمر. تمتلك المحكمة حق محاكمة اي شخص عراقي الجنسية تم اتهامه ب »جرائم حرب » و « انتهاك لحقوق الأنسان » و « ابادة جماعية » . و تم حتى الآن عقد 21 جلسة في قضية الرئيس العراقي السابق صدام حسين ، و يعتقد أنها ستستمر لفترة أطول نظرا لملفات القضية و عدد الشهود و التعقيدات السياسية و القضائية التي تحيط بالقضية .
آرييل شارون : مجرم الحرب المسؤول عن مجازر صبرا وشاتيلا ، وكانت قضية صبرا وشاتيلا قد رُفعت أمام القضاء البلجيكي في فبراير 2003 ، بموجب قانون صادر عام 1993، يخول المحاكم البلجيكية سلطة مقاضاة الأشخاص المتهمين بارتكاب جرائم الإبادة الجماعية، أو ارتكاب جرائم ضد الإنسانية، أو جرائم حرب، بغض النظر عن مكان ارتكابها، أو ما إذا كان المشتبه فيه أو الضحايا مواطنين بلجيكيين. وقد أوضح قرار المحكمة العليا الصادر أن بالإمكان المضي قدماً في التحقيقات حتى إذا كان المشتبه فيه خارج البلاد.  وقضت المحكمة العليا البلجيكية ،محكمة النقض، بأن أحد الذين اتهمهم أقارب ضحايا في دعوى جنائية، وهو رئيس الوزراء الإسرائيلي أريئيل شارون، سوف يظل متمتعاً بحصانة من المقاضاة ما دام يشغل هذا المنصب، ولكنها قضت بجواز المضي قدماً في التحقيقات ضد متهم آخر في نفس الدعوى، وهو قائد الجيش الإسرائيلي السابق أموس يارون . ولا يعرف ما إذا كان الرئيس الاميركي جورج بوش سيحاكم هو الآخر ، بعد أن أعلنت هيومن رايتس ووتش ، وبمناسبة نشر تقريرها السنوي لعام 2006، بأن العام 2005 حمل أدلة جديدة على أن التعذيب وإساءة المعاملة كانا جزءاً لا يتجزأ من استراتيجية إدارة بوش في مواجهة الإرهاب، مما أسهم في أضعاف حركة الدفاع عن حقوق الإنسان في العالم . وقالت منظمة هيومن رايتس ووتش في تقرير جديد أن حكومات أوروبا وأمريكا الشمالية تقوم بشكل متزايد بإرسال مشتبهين إلى دول تمارس التعسف استناداً إلى « ضمانات دبلوماسية » واهية من شأنها تعريض هؤلاء الموقوفين لخطرٍ جدي يتمثل في التعذيب وسوء المعاملة . وليس جورج بوش وحده الرئيس الوحيد الموجود في السلطة مما تطالب منظمات المجتمع المدني بمحاكمته ، و إنما الكثير من الرؤساء العرب و في مقدمتهم الجنرال الانقلابي بن علي .

 

وسطية الامة في مقابل السفهاء من الناس أولا

 
 مقدمة :   كثر الحديث في المدة المنصرمة عن الوسطية في الاسلام بمناسبة مواجهة تيارات الغلو والتشدد الداخلية . تلك وسطية داخلية نحن بأشد الحاجة إليها سيما أن الوحي الكريم حفل بها أيما حفل . سوى أن منبع تلك الوسطية الداخلية وأسها الراسخ هي الوسطية الخارجية التي أرست قاعدتها سورة الفاتحة ـ القانون الاساسي للانسان ـ وكذا سورة البقرة بمناسبة الحديث عن القبلة . وليس ذلك بغريب عن كتاب جاء مقرونا بالميزان للناس كافة . ولذلك فإن مهمة هذه الذكرى الرجوع إلى منبع الوسطية الاسلامية التي تخاطب كل إنسان في كل زمان ومكان وحال .   تذكير أولي سريع :   ما ينبغي لدارس القرآن الكريم أبدا أن يغفل عن حقيقتين لازمتين له : أولهما أن كل ما سيرد فيه من البقرة حتى الناس ليس هو سوى تفصيل لعموم الفاتحة ـ القانون الاساسي للانسان ـ وتبيين لمجملها وثانيهما هو أن القرآن الكريم وهو يخط للانسان منهاجه العام فإنه لا يغفل أبدا عن أكبر تحد يواجه ذلك الانسان من البعثة الاخيرة حتى نهايات حياة الامة الخاتمة ألا وهو التحدي الاسرائيلي بشقيه اليهودي والمسيحي ولكن التركيز على الاول أكثر دوما لاسباب معلومة . كل دارس للقرآن الكريم يغفل عن ذلك لا يكسب من دراسته خيرا كثيرا . الدليل على ذلك هنا هو أن مناسبة تحويل القبلة ـ حوالي 18 شهرا بعد الهجرة ـ كان حدثا متصلا بذلك التحدي الذي قدم له بقوله  » سيقول السفهاء من الناس .. » والدليل الثاني هو كون ذلك الحدث جاء في قلب أطول سورة تتعرض لذلك التحدي لتفصل وتبين عموم   » المغضوب عليهم  » .   القرآن الكريم يهتم بوسطية الامة بين الامم بأكثر من إهتمامه بوسطية بعضها عن بعض :   كان القرآن الكريم صريحا في وصف  الامة الخاتمة بأنها  » أمة وسطا  » ولم يرد ذلك كذلك سوى في هذا الموضع . ولم يفصل البيان القرآني أعظم وصف لهذه الامة ـ الوسطية ـ عن المناخ السائد زمن التنزيل وهو ذات المناخ الذي سيصاحب الامة حتى البعث .   منشأ وسطية الامة الخاتمة هو : إستقلالها بقبلة خاصة بها وتميزها بذلك عن بني إسرائيل :   لا يتطلب الامر عناء إذ جاء بصريح الاية  » وكذلك جعلناكم أمة وسطا .. » وذلك مباشرة بعد تناول قضية القبلة الجديدة . تقدير الكلام يكون  » لاجل ذلك جعلناكم أمة وسطا  » وذلك ليدمغ بني إسرائيل بمجانبتهم للوسطية بسبب كونهم مغضوب عليهم لاجل معرفتهم بصدق النبي الجديد المصدق لما بين أيديهم معرفة لا يتوفر عليها شعب في الدنيا أبدا ولكن إيثارهم للكبر بزعمهم أنهم أهل كتاب سماوي بما يجعل  » الاميين  » أي العرب يقاسمونهم النفوذ الديني .. هو الذي حال دون توسطهم .   مقصد الوسطية للامة الخاتمة : أداء دور الشهادة على الناس قاطبة حتى يوم البعث :
لا يتطلب الامر عناء مرة أخرى إذ جاء بصريح الاية  » لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا « . فالوسطية إذن : ـــ منبعها خارجي عام ضمن العلاقة الانسانية مع كل الشعوب والامم مطلقا طرا . ـــ منشؤها إستقلال الامة الخاتمة بقبلة خاصة بها بعد مشاركة بني إسرائيل في قبلتهم عقدا ونصف كاملا تقريبا وهي مرحلة طويلة كفيلة بجعلهم يفيؤون مع الفائين لو كانوا صادقين . ـــ مقصدها التأهل لاقامة الشهادة على الناس قاطبة حتى يوم القيامة تحت لواء شهادة النبي محمد عليه الصلاة والسلام على الامة وعلى الناس كذلك بحكم كون الامة ترثه في رسالته الدعوية .   ما العلاقة بين القبلة والوسطية ؟   لا بد لنا لحسن المقاربة وقصد المعالجة من اللواذ بما لاذ به التشريع أي الترميز الذي هو نصب علامة دالة على شيء يحصل ذلك الشيء بحصول علامته الدالة عليه حتى مع غيابه هو. مثال على ذلك : التيمم رمز على الطهارة فهو لا يطهر بحال من الاحوال بدنا ولكن الله شرعه للترميز على الطاعة والتسليم من ناحية ولحصول الاستعداد النفسي الضروري للصلاة إذ أن الطهارة حتى مع وظيفتها المادية المعروفة وإقامة الصلاة وغير ذلك تؤدي وظيفة الاستعداد النفسي لملاقاة الرحمان سبحانه وإنفتاح القلب لمناجاته كما يستعد كل طالب لملاقاة مطلوب . معنى ذلك هو كون القبلة التي كان يتوجه لها المسلمون على مدى عقد ونصف تقريبا مع بني إسرائيل أي بيت المقدس لم تكن قبلة خاطئة ولكنها رمزت لمرحلة معينة والان جاء دور معلم آخر ليرمز إلى مرحلة جديدة ولذلك إستبدلت القبلة وبقي بيت المقدس ثالث ثلاثة لا تشد الرحال إلا إليها وهو من هو في قلب كل مؤمن سيما بحكم إغتصابه من لدن الصهاينة . وفي ذلك يقول سبحانه معللا تحويل القبلة  » وما جعلنا القبلة التي كنت عليها إلا لنعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه « . وهو هنا يقصد بني إسرائيل بالذات وذلك لان نجوم حركة النفاق التي ستبدأ مع الهجرة إلى المدينة وما وفرته من تمكين وقوة ستكون خالصة من اليهود وليس من شيم العربي الحر الشهم الكريم الشجاع أن يمرد على النفاق وتلك هي المحمدة التي من أجلها نزل الكتاب الخاتم بلغة العرب على العرب لان من مرد على النفاق لا يرجى منه خير أبدا.   العلاقة بين القبلة وبين الوسطية هي إذن :   ـــ لابد من تجسيد حي للوسطية الاسلامية الخارجية العامة في حدث مادي مشهور لتستبين الوسطية من السبل الاخرى . فكان حدث القبلة . ـــ لابد بدء وقبل كل شيء من التوسط تميزا عن أخطر ظاهرة بشرية تلازم أمة التوحيد حتى البعث أي بني إسرائيل بوصفها التحدي الاكبر فإذا حصل ذلك فإن ما عداه أيسر وأهون . ـــ أثبت العلم اليوم بأن القبلة الجديدة ـ مكة المكرمة ـ هي قلب الارض جغرافيا أو قل بالاحرى سرتها فهي قبلة جديدة إذن متوائمة حتى جغرافيا مع مقتضيات الوسطية وهي بعد ذلك قبلة متلائمة مع البيت المعمور في السماء فوق الكعبة الكريمة تحديدا فتكون الصورة جميلة في تسبيحها : طواف ملائكي لا ينقطع في السماء وطواف بشري لا ينقطع في الارض . ـــ أول عمل ميداني يقوم به الانسان بعد التوحيد ـ وهو عمل قلبي عقلي ـ هو الصلاة ولذا وجب تجسيد الوسطية في ذلك العمل الذي هو فاتحة حياة الانسان فجرا بالغداة كل يوم وخاتمته غسقا ليلا كل يوم فإذا إلتزم الانسان الوسطية جغرافيا قبلة إلى سرة الارض وإنسجاما مع الطوافين في السماء وروحيا بمناجاة الرحمان سبحانه سبعة عشر مرة في اليوم والليلة داعيا عاملا  » إهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين « … فإنه يكون وسطيا فيما عدا ذلك من عمل أو قريبا من ذلك . ـــ مخالفة بني إسرائيل أصبحت ضرورية بعد حصول أول خطوات التمكين بالهجرة وبدر على الابواب وذلك حتى لا يفخروا كذبا بإتباع النبي الخاتم لهم أو بإتباعهم هم له كما فعلوا قبل ذلك ولن يزالوا مع شيخ الانبياء وجدهم رمز التوحيد القرآني الكريم مطلقا إبراهيم عليه السلام . وهي مخالفة أو تميز لا بد منه للشهادة على الناس حتى تستبين صراط ربك المستقيم والسبل المفرقة . سيما أن بني إسرائيل برعوا في التلبيس وشطروا في الكذب والنفاق . ومن ذلك قولهم عن المؤمنين بأنهم أحبطوا صلاتهم السابقة على مدى عقد ونصف  » وما كان الله ليضيع إيمانكم ». كما علل ذلك التميز وتلك المخالفة بقوله  » لئلا يكون للناس عليكم حجة « . وذلك لان الشهادة على الناس تتطلب القوة ومن شروط القوة التميز دون إستعلاء . فلو أمسكت الامم المشهود عليها بحجة على الامة الشاهدة فإن وظيفة الشهادة تكون عبثا معبوثا .   صورة للفؤاد الصافي :   هذا الامر تربأ بأنفسها الاقلام والالسنة أن تطأه لفرط حساسيته وصفائه ونقائه وطهارته . لم يكن عليه الصلاة والسلام قبل البعثة حتى وهو في غار حراء يتحنث يتطلع للنبوة أبدا مطلقا ولكن لما بعث أخذ الكتاب بقوة العزم والحزم والجد فبلغ الامانة وترك الانسانية على محجة بيضاء . ظل في مرحلة من مراحل التوجه إلى بيت المقدس مشتركا مع بني إسرائيل في قبلة موسى عليه السلام يقلب وجهه في السماء يرنو إلى مصير آخر في صلاته وقبلة أخرى في حياته تميزه وتميز أمته عن بني إسرائيل ولكنه لم ينبس ببنت شفة بل لم يدع بذلك أبدا رحمانا رحيما لو دعاه لاجاب ولكنه لا يقدم بين يدي ربه . وصفه الوحي قائلا  » قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها « . صورة للفؤاد الصافي النقي الطاهر الذي يتطلع إلى أمر يرى الحق فيه والصواب ولكنه لفرط الادب مع من أدبه فأحسن تأديبه لا يزيد على مالا يملك له من فؤاده الصافي شيئا . تجمع المسألة هنا بين أمرين لابد منهما للنبوة وحواري النبوة : حسن التطلع وحسن الادب ولا يغني أحدهما عن الاخر لو تخلف الاخر فهما معا زينة .   فوائد جانبية :   1 ــ سماهم الوحي سفهاء لان السفيه لغة هو من لا يضبط أمره ولا يحفظ ما فيه فتقول العرب عن الوعاء سفيها إذا كان غطاؤه أو وكاؤه هينا سرعان ما ينخرم فيضيع ما بداخله وكذا تقول عن الرجل سفيها إذا كان لا يضبط تصريف أمره المالي مثلا أي لا يحفظ وعاءه الفكري على نحو يجعله يتصرف في ماله تصرف الحكماء أو قريبا من ذلك . بنو إسرائيل سفهاء لانهم لم يحفظوا وصية موسى عليه السلام لهم في التوراة أي إتباع النبي الامي الذي إسمه أحمد يأتي بعده فكان شأنهم شأن الوعاء الذي لا يحفظ ما فيه أو الانسان الذي تنقصه الحكمة . فلم يكن إذن الوصف لهم بالسفاهة من قبيل المبالغة أو المجاوزة بل هو الوصف الصحيح المنضبط كيف لا وهوالقرآن الكريم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه . 2 ــ تجاهلهم القرآن الكريم هنا في موضع تبديل القبلة ووصف الامة الخاتمة بالوسطية فلم يشر صراحة إلى كونهم من بني إسرائيل على خلاف مواضع أخرى كثيرة في القرآن الكريم وهو تجاهل مقصود منه إهمال أمرهم بالاعراض عن ذكرهم وكذلك ليشمل ذلك كل من سار على نهجهم في القديم والحديث . 3 ــ إستخدم القرآن الكريم على عادته في الدقة  » من  » التبعيضية إذ ليس من عادته التعميم عندما يتعلق الحديث عن طائفة محددة حتى لو كان فيهم رجل واحد يمكن ألا تنسحب عليه صفة السفاهة فإن ذلك يقتضي التبعيض وهو درس لنا اليوم وفي كل يوم لئلا نسقط في حبائل التعميم المهلكة .   خلاصة الذكرى :   من كان فاهما لوصفه بالوسطية من هذه الامة فعليه أن يحقق الوسطية الخارجية العامة أولا لانها منبع الوسطية الداخلية ورب وسطي داخل الامة إسرائيلي القبلة في منهج حياته .   فهل من مدكر وهل من قائم معني نتفكر ؟   الهادي بريك ــ ألمانيا


 

 

رحلة الديمقراطية في تونس

(قراءة في كتاب الدكتور خالد الطراولي إشراقات تونسية / صحيفة الأهرام المصرية)

بقلم السيد رشاد

يبدو الحديث عن الإصلاح هذه الأيام وكأنه موضة الموسم‏,‏ أو اكتشاف القرن المشبع بحرائق مواجهة الإرهاب‏,‏ وأيديولوجيات صراع الحضارات‏.‏          من هنا يكتسب هذا الكتاب إشراقات تونسية لمؤلفه د‏.‏ خالد الطراولي والصادر عن مركز الحضارة العربية أهمية خاصة‏,‏ حيث يبحث مؤلفه قضية الإصلاح السياسي‏,‏ وما يرتبط بها من محاور متعددة في مقدمتها معادلة التغيير والديمقراطية والتنمية مع السعي لفهم الواقع التونسي كنموذج‏.‏   

 

ويري الطراولي أن الإصلاح ليس مجرد إسقاط لهرم وكفي‏,‏ أو هو كتاب مقدس لا رأي ولا شأن للشعوب فيه‏,‏ بل هو مسار يهدف إلي التغيير‏,‏ ويجب أن يتأسس علي وعي ورشد‏,‏ ينطلق من الواقع ويعود إليه‏,‏ وهو بهذا المفهوم يتأسس علي ثلاثة منهجيات باعتباره أولا عملية داخلية ذات هدف‏,‏ وهو متدرج دون ترقيع أو تلفيق‏,‏ وهو أيضا يمثل حالة من التكاتف والتعاون والمشاركة‏,‏ وليس عزلة أو انفرادا‏.‏ وفي هذا الشأن يطرح الكتاب عدة تساؤلات عن فكرة الديمقراطية وهل هي شريعة أم طريقة؟ إطار أم عقيدة؟ نظام أم منهجية؟ والمحاولات العربية المستميتة للوصول إلي تصور وربما فبركته لكي يرضي الحاكم والمحكوم معا‏.‏

      

الجديد أن المؤلف يؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن الديمقراطية لم تعد مطلب المعارضة وحدها‏,‏ أو الأفراد هنا وهناك‏,‏ بل أصبحت أيضا مطلبا تنادي به ـ بصورة أو أخري ـ النخب الحاكمة‏,‏ وهو ما يفند مزاعم بعض الأصوات التي تردد أن رحلتنا مع الديمقراطية لم تبدأ‏,‏ ولن تبدأ‏,‏ فالأهلية مفقودة‏,‏ والآفاق مسدودة‏,‏ والعزائم مشلولة‏,‏ أو أن الجينات العربية تلفظ الديمقراطية باعتبارها كيانا غريبا علي أجسامنا‏,‏ لا تستسيغه عقولنا‏,‏ وهويتنا وثقافتنا‏,‏ أو ربما نحن لسنا أهلا لها‏,‏ وبهذا تظل الديمقراطية مجرد حلم لا يغادر دائرة السراب‏,‏ لكن المؤلف يرفض هذه التصورات‏,‏ مؤكدا أن عجلة التاريخ لا تعود إلي الوراء‏,‏ وأن إرادة الشعوب إن سعت إلي هدف فلا يمكن ردها‏,‏ وإن لحظة الصفر الحضارية قد حل أوانها‏.‏          

 

الكتاب بضم ستة فصول‏,‏ قوامها الأساسي مجموعة من المقالات,‏ وهي في مجملها محاولة مهمة لاكتشاف مناطق الظل والنور في قضية الإصلاح خصوصا في الحالة التونسية‏.‏

 

المصدر : صحيفة الأهرام المصرية السيت 1 جويلية 2006

 

يمكن الحصول على نسخة من كتاب إشراقات تونسية الديمقراطية ورحلة الشتاء والصيف الذي وقعت مصادرته في تونس وسحب كل نسخه من الأسواق، على العناوين التالية :

 

Librairie d’Orient

18, rue des Fossées St Bernard

75005 Paris

Métro : Cardinal Lemoine Ligne 7

ــــــ

Librairie du Monde Arabe

Les Editions Al Qalam

220, rue St Jacques

75005 Paris

RER : Luxembourg

ــــــ

Librairie Al boustan

1, rue Larrey

75005 Paris

Métro : Monge Ligne 7

ــــــ

Librairie des quatre chemins / quatre écoles

25 Avenue Jean Jaurès Aubervilliers

Métro : quatre chemins ligne 7

ــــــ

كما يمكن مراسلة دار النشر  » مركز الحضارة العربية  » على موقعها على النات

www.alhdara-alarabia.com

أو بالاتصال مباشرة بعنوانها الإلكتروني :

E.mail : alhdara_alarabia@yahoo.com

E.mail : alhdara_alarabia@hotmail.com

 

أو مراسلة موقع اللقاء الإصلاحي الديمقراطي على البريد الإلكتروني :

Liqa2005@yahoo.fr

 

 

 

 

 


 

النيونيوين أو اليسار التونسي الجديد

 

إذا وصلت حجارة سور برلين المنهار، لتسقط على رؤوس يسارييّنا و شيوعييّنا، فانه لا  يستغرب أي ذو بصيرة أو مراهن على تغيير عادل للمجتمع، من أن يتدثّر  كل هؤلاء » المعطوبين »، برداء النيونوية الجديدة.   النيولبراليّــة  هو شعار » المرحلة » الذي يرددّه عدد من اليساريين النيونيوين. فموضة حقوق الإنسان و الحرّيات السّياسية و الديمقراطية  » البرجوازيّـة  » أصبحت اللون الطّاغي على أدبياتهم و برامجهم. و معاركهم « الفوق-شعبيّة »، و هم « أصوات الشعب »، أصبحت البراكسيس الوحيدة لقادة البعض منهم و لأدواتهم التعبوية [ اقصد المعادلة الرياضية: طلبــة × حفنة من المحامين ÷ مجموعة من الأساتذة = حسبة سياسية ]. ثنائيّة نيو: طبقة عاملة / حزب لا يعمل شيئا، هي المهيمنة اليوم في الخارطة السياسية المتمايلة بطبيعتها بفعل امواج » الفوضى البنّاءة ». « ثوريّون محترفون ماركسيون-لينينيّون-ستالينيّون-نيونيوون » متغلغلون في المقاهي و في الحانـات  » اللاّشعبيـّة و اللاّوطنيـة واللاّديمقراطيـة » الخ من صفات النّظام النوفمبري. و كلها مزايدات بالونيّه، انفجرت مع أول إبرة رقيقة، صغيرة، خرجت من أصوات عاملات فنطازيا المعتصمـات منذ 23 ماي الفارط.   النيومحافظيّــة عادة ما يذهب تفكيرنا إلى المحافظين الجدد في أمريكا. و ننسى أن لنا نيومحافظيـن محلّي الطابع، تونسيي النشأة، من اليمين الإسلامي الجديد، الذي يرى في النسخة التركيّة منه، مسربا ممكنا لتحقيق حلمه للوصول للحكم. و اليمين المتسربل من جديد، بعد عشرية « الهجـرة » الأوروبية، و المتشوق  » لفتـح » الوقف التونسي و تحريره من الحلف الكفّـاري-الدستوري/ اليهودي-اليساري، اُستُقطب و اُحتُضن من قبل النيونيويـن اليساريين. فالنيومحافظيـة و النيولبراليـة تغرفان من منبع واحد. فلا فائدة من الخلاف الذي سيلهينا عن التناقض « الرّئيسـي » ضدّ مدنّسـي الكتاب المقدّس في برج الرومي.   النيوتقدميــّة تونس في حاجة إلى حزب ديمقراطي تقدمي « كبيـر ». هذا ما يسعى نحوه تقدمييّنا السّاحبين لرداء التقدّمية عن سابقيهم الذي فاض الصبغ الأخضر / البنفسجي عليه ليجعله غير صالح للباس. النائب عن الأمّة السيد عادل الشاوش عن المربّع التّقدمي المغلق على نفسه، كان مارًّا بجانب مقرّ شركة فنطازيا في وسط العاصمة، و المعتصمات يقفن في الشارع و يردّدن الشعارات المطالبة بحقوقهن المهدورة. توقف هنيهة ليرسم ابتسامة زرقاء على لون ورقته الانتخابية، بعد تبرؤه من اللون الأحمر « العتيق و الكلاسيكي » و الذي جفّ روبله السوفيتي، و مر مرور الكرام لينزل بمقهى لونيفار، تحضيرا للمؤتمر « الكبير » .   فنطازي قديم ممّن يحلم بان يحكم الفنطازيون أنفسهم

 

 
الكــذبـة الكبــرى

حدثونا عن الديمقراطية حتى خلناها جنة الله في أرضه التي أعطاها لأحبائه ومنعها عن أعدائه… زعموا أنهم يحبون أن نكون دبمقراطيين، قهو خلاصنا وخلاصهم، مصلحتنا ومصالحهم…   أوجعوا رؤوسنا صباحا ومساء عن محاسن الديمقراطية، وجعلوا أنفسهم حراس معبدها، وأسسوا لها المشاريع والأطر ، فلا دخول إلا باذنهم ولا قبول إلا بمباركتهم ولا رأي إلا باستشارتهم…   اعتقدنا جازمين أن القوم يريدون خيرنا ويسعون إلى رفاهنا وسؤددنا…اعتقدنا جازمين أن الديمقراطية حلمنا ونجاتنا… صدقنا الأقوال ورأينا الديمقراطية في ديارها وبين أهلها وهي تتهادى كالعروس ليلة زفافها…   كان الحلم جميلا والكلمات تنساب من أفواه أصحابها تزيدنا اقتناعا بأن القوم موغلون في الديمقراطية ولا يريدون حبسها عنا، كانوا يرونها قطعة من الحلوى ويروننا صغارا ويسعون إلى توزيعها علينا!   قلنا يسقط الاستبداد… قالوا يسقط الاستبداد! قلنا سحقا للحواشي الفاسدة وخفافيش الليل التي تمص دماء الشعوب والمستضعفين… قالوا سحقا، سحقا، سحقا…   قلنا يحيا العدل، يحي المواطن، يحيا الوطن… قالوا يحيا، يحيا، يحيا.. قلنا لا للجمهوريات الملكية… قالوا وهل تورث الجمهوريات؟؟؟   ومرت الأيام….  انتخبنا حكومة وشهدوا على أن انتخابنا كان ديمقراطيا… قالوا لا نريدها وحاصروا البلد وجوعوا صغاره وكباره وعاقبوا أهله على ديمقراطيتنهم…باسم الديمقراطية!   أسقطنا تمثال الاستبداد، فبعثوا لنا محررين على ظهر دبابة لا تحمل رقم الوطن…باسم الديمقراطية!   أردنا إعلاما حرا ونزيها، قالوا نعم فهو أول بركات الديمقراطية…فأسسنا  » الجزيرة  » فأرادوا نسفها وتسفيهها…باسم الديمقراطية!   قاومنا المحاكم العسكرية ومحاكم الاستثناء والسجون بدون محاكمات… فأسسوا لنا سجونا بدون قانون، بدون محامي، بدون شهود، بدون ألوان غير اللون البرتقالي المفزع….باسم الديمقراطية!   أردنا أن نكون أحرارا في بلادنا فلبسنا ما نريد، فقالوا لنا نعم ولكن لا تتغطى نساءكم ولا تتحجب بناتكم، نريد رؤوسا عارية، نريد عقولا فارغة، نريد أجسادا بلا عقول…باسم الديمقراطية!   زرعوا في خصرنا جسدا غريبا، سموه واحة الديمقراطية، واحة في صحراء قاحلة يجتمع حولها الاستبداد والظلمات من كل ناحية وفي كل باب… فكانت واحة بدون ماء، بدون أشجار، صحراء قاحلة أخرى بين الصحاري، لا تنبت إلا حنظلا ولا تنتج إلا أكفانا ولا تشيد إلا مقابر لأطفال الجيران…باسم الديمقراطية!   هذه قصتي مع ديمقراطية مغشوشة ومزيفة وهي شهادة على عهد ضلّ طريقه، وعلى ضمير مات في الطريق، شهادة على عربدة على استعلاء على استخفاف، شهادة على زمن رديء غابت فيه منظومة القيم و انهزمت فيه الأخلاق!   بقلم : مواطــن   يمكن مطالعة المزيد من خواطر  » مواطن  » على موقع اللقاء الإصلاحي الديمقراطي www.liqaa.net

 
في رسالة الى الوسط:

مواطن تونسي يروي قصة مأساة اجتماعية

 
 بسم الله الرحمن الرحيم   سيدي ، سيدتي السلام عليكم و رحمة الله   وبعد فإنني مواطن تونسي متغرب بألمانيا منذ ثلاثين سنة و اليوم مرت علي قرابة الخمس سنوات لا أستطيع السفر الى وطني الحبيب من أجل مشكلة قضائية رفعت ضدي حينما كنت طوال سنة كاملة في مستشفيات المانيا. وقصتي الغريبة ابتدأت عندما تزوجت من سيدة تونسية، وسرعان مااتضح لى في الأخير بأن هدفها من الزواج كان فقط تغطية ماضيها و الحصول على حكم نفقة ضدي . عندما أتتني إلى بيت الزوجية و هي حامل كانت لا تعلم بذلك و الكارثة الأكبر من ذلك هو أنها أتتني و بها مرض … عالجتها منه على حساب تأميني بألمانيا و بعد صراع مع نفسي و ضميري قررت أن أسترها و أن أسامحها على أسرار ماضيها الملوث التي كتمتها عني قبل الزواج و قلت لنفسي لعلها ستكون شكورة و بذلك تصبح لي زوجة صالحة و وفية لكن و مع الأسف كان كل ما حصل هو عكس ذلك و بعدما تسوقت و اشترت كل ما أرادت من المانيا و جمعت الأموال و قالت هاته المرة بصراحة بانها تريد العودة إلى صاحبها … تسبب لي ذلك الكلام في مرض خطير جعلني أنام لمدة سنة كاملة بمستشفيات المانيا و انتهزت الزوجة غيابي و قامت بالوطن بالعديد من الشكاوى ضدي :من إهمال عيال إلى دفع نفقة مائتي دينار شهريا و سجني لمدة ثمان أشهر إلى آخره كل ذلك عندما كنت بالمستشفى . و عند خروجي سافرت إلى الوطن حيث قبض علي و انا لازلت اعاني من مرضي . و عند الإطلاع على ملفات الأحكام علمت بأنها تحصلت على تلك الأحكام باستعمال التدليس و الكذب و كان ساعدها على ذلك عدل التنفيذ الذي هو كذلك كذب على القضاء و زعم بانه اتصل بوالدتي تحت عنوان مزيف و في تلك الفترة كانت والدتي خارج التراب التونسي . وبعد كفاح طويل بمساعدة محامي السفارة الألمانية بتونس استطعت العودة إلى المانيا حيث واصلت علاجي بعدما حاولت التقدم بشكوى ضدها و ضد من ساعدها في التزوير عند وكيل الجمهورية بصفاقس لكن بدون جدوى و لم أجد المساعدة حتى من المحامي الذي أخذ مني المال . و ها انا اليوم و منذ قرابة الخمس سنوات أرسل شكواي إلى رئاسة الجمهورية عن طريق الفاكس لكنني لم اتحصل على إجابة. و اليوم أحاول عبر الإنترنت أن ألفت النظر الى مشكلتي التي أعاني منها و انا الآن معاق بدرجة سبعين بالمائة و أتقاضى سوى أربع مائة إيرو شهريا كتقاعد إيعاقي وهو ما يجعلني غير قادرعلى زيادة دفع الأموال إلى المحامي الذي انقطع عن الدفاع عن حقوقي . سيدي ، سيدتي هل يوجد بالوطن الحبيب أي مسؤل من اصحاب البر و التقوى يرفق بحالي؟, و أنا الآن أتمنى شيئا واحدا فقط وهو قضاء آخر أيام حياتي في وطني العزيز حذو أهلي ,و طالما أني أكون هناك مهددا بالسجن و لا اجد من يساعدني في هاته القضية أبقى منفيا في الغربة .   و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته .   إن الله لا يضيع أجر المحسنين   المكي بن علي:   العنوان : Mekki ben Ali Zammit / Quer-Strasse 1 40227 Duesseldorf – Allemagne الهاتف 00492111520387 الإنترنات mekki.zammit@tiscali.de النقال 00491621626098   (المصدر: مجلة الوسط الألكترونية بتاريخ 5 جويلية 2006)

بسم الله الرحمان الرحيم   والصلاة والسلام على أفضل المرسلين

 

                   تونس في 5 جويلية 2006

ذكرى استقلال الشقيقة الجزائر

بلد المليون والنصف شهيد

                                      

 

                                                                        بقلم محمد العروسي الهاني مناضل دستوري

                                                                                   كاتب عام جمعية الوفاء

 

رسالة تهنئة من الأعماق للشعب الجزائري

 الشقيق والى رمز البلاد السيد  عبد العزيز بوتفليقة

 بمناسبة الذكرى 44 لعيد الاستقلال المجيد

 

 

من الأعماق والوجدان والإحساس العميق والشعور الوطني الصادق وفي كنف النخوة والاعتزاز والفخر وبروح وطنية عالية يسعدني كمناضل دستوري وطني ناضلت في صلب الحزب الحر الدستوري التونسي بقيادة الزعيم الحبيب بورقيبة رحمه الله إبان الحركة التحريرية. وتزامن نضالي سنة المجد والشرف لميلاد الثورة الجزائرية المباركة في غرة نوفمبر 1954وكنت آنذاك في سن الرابعة عشر. وبهذه المناسبة السعيدة والحدث السار والعيد الوطني المجيد لأمتنا المجيدة وشعبنا الوفي الباسل ولمناضلي جبهة التحرير الجزائرية جبهة الوفاء والنضال والفدى والتضحية.

أتقدم بواسطة موقع الانترنات تونس نيوز المحطة الإعلامية الهامة بأسمى آيات التهاني وأصدق وأطيب الأماني إلى رمز الأمة وزعيمها الوطني الرئيس عبد العزيز بوتفليقة رجل الدولة الحازم المناضل الصادق والمجاهد الباسل في طليعة أبناء جبهة التحرير الجزائرية في الثورة المباركة ثورة غرة نوفمبر 1954 المجيدة التي دوخت الاستعمار الفرنسي وجبروته. وخلدت تاريخ الجزائر ورسخت معاني الكرامة والشهامة والرجولة والفحولة والشجاعة والإقدام وضحت بمليون ونصف شهيد : حقا أنها ثورة لن تمحى من ذاكرتنا الوطنية في تونس الحبيبة التي وقفت وقفة الرجل الواحد مع الشقيقة الجزائر في كفاحها ونضالها وآزرت الثورة واحتضنتها في تونس وساعدتها واحتضنت الحكومة المؤقتة وشاركت في كل المحن والشدائد وأيام الكفاح الوطني بين الشعبين التونسي والجزائري .

أحداث ساقية سيدي يوسف خير شاهد على صدق التضامن والتآزر والتعاون والكفاح المشترك

بفضل الحس الوطني وبعد النظر والوطنية الصادقة وعمق الوفاء والحب الذي كان يملأ قلب الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة رحمه الله الذي سخر حياته لخدمة قضايا أمتنا المغاربية انطلاقا من تحرير الأوطان الثلاثة تونس ، المغرب والجزائر… وأن أعظم شهادة وابلغ حجة واصدق برهان وأنبل موقف وأكبر دليل هو شهادة الرئيس المناضل عبد العزيز بوتفليقة وعرفانه بالجميل وهو من أهل الفضل والجميل حيث بادر يوم وفاة الزعيم الحبيب بورقيبة بالحضور حالا للمشاركة في تشييع جثمانه الطاهر إلى مثواه الأخير بالمنستير.

خطابكم بمجلس النواب بتونس يبقى راسخا ومرجعا للتونسيين

إن خطابكم بمجلس النواب بتونس عام 2000 يبقى بإذن الله راسخا في وجداننا وقلوبنا  لما يحمله من معاني الوفاء الدائم والعرفان بالجميل لحبيب الشعوب المغاربية وزعيمها الأكبر الحبيب بورقيبة.

إن التنويه والحقائق التي ذكرتموها في خطابكم لم نسمعها  من قبل ولا من بعد حقا إنها شهادة من مناضل كبير نحو مناضل اكبر وصدق الزعيم بورقيبة عندما قال عام 1979 في قمة الدول العربية إن خليفتي في الزعامة  والخطابة لا تكون  مؤشراتها إلا في شخص السيد عبد العزيز بوتفليقة وزير الشؤون الخارجية الجزائرية آنذاك .

صدقت رؤية بورقيبة العظيم

وفعلا صدقت رؤية الزعيم الراحل الذي له أكثر من حكمة في مجال التنبؤ بالإحداث الهامة والاستشراف وبعد النظر نتيجة الخبرة والحكمة.

قال تعالى : » يؤتي الحكمة من يشاء  » صدق الله العظيم

ختاما عاشت الجزائر حرة منيعة مستقلة قوية أبد الدهر بقيادتكم الحكيمة وتحت راية اكبر حزب جبهة التحرير الجزائرية. وعاش مغربنا العربي الكبير شامخا قويا.

وان شاء الله يزداد قوة وإشعاعا و مزيد دعم أركان الاتحاد المغاربي و عقد قمة قادتنا قريبا إن شاء الله.

   والله ولي التوفيق

   محمد العروسي الهاني

      مناضل دستوري

      وصهر أبناء العلمه وسكيكده بالجزائر الشقيقة

 


 
عمليات اختطاف تقلق الجزائريين ضحاياها أبناء تجار وأثرياء وبرلمانيون مقابلها فديات كبيرة…

ومدير الامن يعترف: القضاء علي الجريمة مستحيل

 
الجزائر ـ القدس العربي ـ من مولود مرشدي   حدثت في الفترة الاخيرة عمليات اختطاف مقابل فديات تدفع لمنفذيها ضحاياها من ابناء الاثرياء والصناعيين في منطقة القبائل بشرق الجزائر، اعطت الاعتقاد ان المنطقة تشهد وضعا متدهورا وانها مقفلة في وجه الاجانب.   وآخر ضحايا هذا النوع من العمليات ابن احد الصناعيين في ولاية تيزي وزو، عاصمة القبائل، لكن العملية انتهت بسلام بعد ان اضطر والده لدفع فدية للخاطفين مقابل اطلاق سراح ابنه. واعترف رجل الاعمال عمر ياكر، والد الشاب امين المختطف قبل اكثر من اسبوع، بان الخاطفين اشترطوا عليه دفع فدية كبري، الا انه تكتم حول مبلغها الحقيقي.   وقال انه تعرض طيلة خمسة ايام، مدة اختطاف نجله البالغ من العمر 21 عاما، لتهديدات من الخاطفين بقتله ان هو رفض دفع المبلغ الذي طلبوه. واكتفي بالقول ان الصناعيين وكبار التجار في المنطقة سيتعرضون لمثل ما تعرض له ان استمر الوضع علي ما هو عليه .   ولم تكن هذه المرة الاولي التي تشهد فيها المنطقة عملية من هذا النوع. فقبلها اختطف نجل حداد ابراهيم، احد اكبر رجال المقاولات في الجزائر، قبل اكثر من شهر، وطالبه الخاطفون بدفع ملبغ 250 مليون دينار (الدولار يعادل 75 دينارا).   وتحدثت الصحف عن هذا المبلغ الضخم دون ان تكذبها عائلة حداد، وقال احد اقارب هذه العائلة الثرية لـ القدس العربي ان عائلة المختطف ستكذب الاخبار التي نشرتها الصحف ولكن شيئا من ذلك لم يقع. وشكك مندوبو عروش منطقة القبائل في خلفيات تدهور الوضع الامني في المنطقة، وقالوا انه تدهور مدبر الهدف منه اقناع سكان المنطقة ان اللا أمن استفحل بهذا الشكل نتيجة لانسحاب قوات الدرك منها تحت ضغط الشارع القبائلي بعد احداث الربيع الاسود سنة 2001.   واكد مسؤولو حركة العروش في بيان ان الدعوة الي اعادة نشر قوات الدرك مرفوضة، واعتبروا انسحابها تحقيقا لمطالبهم خلال المفاوضات مع الحكومة.   وبرزت ظاهرة اختطاف ابناء رجال الاعمال والعائلات الثرية وحتي البرلمانيين كـ موضة جديدة في عالم الجريمة المنظمة في الجزائر. وذكر تقرير لمصالح الدرك الوطني ان عدد عمليات الاختطاف بلغ منذ بداية العام 13 عملية عرفت ثلاث حالات اغتصاب وسبع حالات تعذيب.   ويتذكر الجزائريون عضو مجلس الأمة (الغرفة الثانية) محمد بديار الذي اختطف في منطقة الشريعة بولاية تبسة المتاخمة للحدود التونسية، قبل ثلاث سنوات، واسال اختطافه حبرا كثيرا.   وقيل حينها ان الجماعة السلفية للدعوة والقتال ، وهي جماعة اسلامية تقاتل الحكومة، هي التي اختطفته وانها طالبت بفدية كبري تضاربت بشأنها الاقاويل بين مؤكد لدفعها وناف لها.   والمثير ان الصحف كانت تنقل المفاوضات بين الخاطفين وعائلته بالتفاصيل يوميا.   وكان محمد بوثلجة احد برلمانيي جبهة التحرير الوطني (حزب الاغلبية) تعرض قبل اسبوعين بمسقط رأسه بمدينة غليزان (300 كلم غرب العاصمة) لابتزاز من مجهولين طالبوه بـ20 مليون دينار مقابل الحفاظ علي حياته. وتظاهر هذا الاخير بقبول دفع الفدية قبل ان يرتب الامر مع قوات الامن التي تمكنت من القاء القبض علي صاحب المكالمات المشبوهة. ولم يكن سوي مراهق لم يتعد السابعة عشرة من العمر.   وتتضارب التأويلات حول هوية الخاطفين والمهدِدين بالخطف، بين انهم لصوص تحولوا الي هذه الطريقة للنصب والايقاع بضحاياهم، او انهم من عناصر الجماعات المسلحة التي اتخذت من جبال منطقة القبائل معقلا لها. واكد المدير العام للامن الوطني العقيد علي التونسي بمدينة وهران ان القضاء علي الجريمة المنظمة بالجزائر مستحيل في الوقت الراهن بعد ان استفحلت بشكل لافت.   (المصدر: صحيفة « القدس العربي » الصادرة يوم 3 جويلية 2006)

12 صحيفة مصرية تعتزم الاحتجاب احتجاجا علي قانون الصحافة الجديد

القاهرة ـ القدس العربي   في تصعيد جديد لأزمة الصحافيين المصريين قررت اثنتا عشر صحيفة الاحتجاب عن الصدور يوم الاحد القادم وذلك بسبب رفض الحكومة الامتثال لمطالب الصحافيين بشأن الغاء قانون الحبس في قضايا النشر. والصحف التي قررت الاحتجاب هي المصري اليوم و الاحرار و نهضة نصر و الاسبوع و العالم اليوم و الفجر و العربي و صوت الامة كما ستقوم صحف الاهالي و التجمع و الكرامة و الدستور بالاحتجاب في الايام التالية حيث تاريخ صدورها مختلف عن الصحف السابقة. وقرر مجلس نقابة الصحافيين في اجتماع تاريخي عقد ظهر امس علي خلفية اعتصام جميع اعضاء مجلس الادارة تصعيد المواجهة مع النظام من خلال محاصرة مجلس الشعب والشوري يومي السبت والاحد القادمين وهما اليومان المقرر ان يناقش فيهما البرلمان المصري القانون المثير للجدل والذي ادي لحالة من السخط في اوساط الصحافيين المصريين. ويواجه مجلس نقابة الصحافيين موقفا مصيريا بسبب تشدد الحكومة ورفضها تعديل اية مواد في مشروع القانون بعد تعديله. وعلمت القدس العربي ان مجلس النقابة قرر بكامل اعضائه عدم رفض الاعتصام الذي بدأ ليلة الاثنين وكانت مفاوضات قد جرت في الكواليس بين نقيب الصحافيين جلال عارف وبعض المسؤولين بغرض اثناء مجلس النقابة عن الاعتصام غير ان المجلس اصر علي الغاء المواد التي تقر مبدأ الحبس في امور بعينها مثل اهانة رئيس الدولة او التشكيك في الذمة المالية للمسؤولين قبل التشاور في اي امور اخري. وعلي صعيد اخر اعلن الاتحاد الدولي للصحافيين دعمه الكامل للصحافيين المصريين فيما اسماه معركة الحرية التي تدور رحاها الان. وهدد مجلس النقابة باللجوء لاساليب غير تقليدية في نقل الصراع مع الحكومة. وبات موقف الصحف القومية غامضا للغاية حيث لم يحضر من بين رؤساء التحرير سوي صلاح عيسي رئيس تحرير صحيفة القاهرة التابعة لوزارة الثقافة. ويستشعر مجلس النقابة ميل رؤساء تحرير الصحف الرسمية للانحياز الي صف السلطة وعدم التضامن مع النقابة. ومن بين الذين اعربوا عن قلقهم من موقف الصحافيين الحكوميين جمال فهمي وعبد الله السناوي رئيس تحرير صحيفة العربي ومجموعة كبيرة من صحافيي المعارضة. واكد السناوي ان مجلس النقابة ورؤساء تحرير الصحف المعارضة والمستقلة اتفقوا علي الامتثال لاي رأي يصدر عن الجمعية العمومية للنقابة والمنعقدة علي مدار الساعة. اضاف السناوي ان مجلس النقابة يدرك الحرج الذي يقع فيه رؤساء تحرير الصحف شبه الحكومية لذا لن تتم مطالبتهم بالاضراب او الاحتجاب في الوقت الراهن. وقال السناوي ان المعركة وان كانت قد اشتدت وتيرتها بسرعة الا انها لا زالت في جولتها الاولي ونرجو ان تستمع الحكومة للغة العقل وليس مطلوبا الضغط علي الصحف الرسمية في الوقت الراهن وان كان صحافيو المعارضة يطمحون لان ينزلوا للساحة لمشاركة اخوانهم الكفاح ضد قوي الامن. ومن اشد بنود القانون اثارة للغيظ مادة تقر مبدأ الحبس لكل صحافي ينتقد او يهين رؤساء الدول الاجنبية وقد اعتبر الكثير من الصحافيين ان هذا القانون فيه تملق من الحكومة المصرية لبوش وزعماء اسرائيل من اجل الحصول علي دعمهم. ويطالب الصحافيون بضرورة الغاء او تعديل اكثر من ثلاث عشرة مادة في القانون المذكور وقد وصف السناوي ما قامت به الحكومة بانها اخذت بالشمال ما منحته باليمين. علي صعيد اخر تقرر ان تحسم الجمعية العمومية مستجدات الصراع والتصعيد مع الحكومة حيث سيتم طرح مجموعة من الاقتراحات للتصويت عليها وعلي رأسها الدعوة لاعلان الاضراب العام عن العمل والاعتصام والامتناع عن الطعام والشراب. وبالرغم من ورود انباء عن تأجيل عرض القانون المثير للجدل علي مجلس الشعب للدورة البرلمانية القادمة الا ان مجلس النقابة يتوقع ان يتم اقراره يوم الاربعاء القادم. علي صعيد اخر استأنفت قوات الامن تواجدها الكثيف في وسط القاهرة وبرغم انها حاصرت نقابة الصحافيين بمئتي جندي الا انها قامت بالدفع بعدد كبير في شوارع وسط القاهرة خشية خروج الصحافيين للشوارع من اجل التظاهر.   (المصدر: صحيفة « القدس العربي » الصادرة يوم 5 جويلية 2006)

مصالحة وطنية أم خديعة جديدة ؟

الهادي المثلوثي، تونس.
المالكي فقد عقله والاحتلال فقد ثقته والهزيمة لا تحتاج إلى براهين ولهذا وذاك تمخضت دهاليز الحكومة المالكية العتيدة لتلد مكيدة جديدة لتضاف إلى سجل حافل بالمكائد وما عسى تنجب الخيانة والعمالة غير الخداع والالتفاف وما عسى تملي الهزيمة والعجز غير المحاولات اللئيمة. تجرع الاحتلال سم الهزيمة وفقد ثقته في قوة جيوشه وجبروت أسلحته وفي معاونيه وذيوله ولم يبق غير استخدام حصان طروادة للوصول إلى خنادق المقاومة وقلاعها. وها هو المالكي يطرح خديعته المغلفة بيافطة المصالحة الوطنية وأظن أنه فقد صوابه.  فقد المالكي عقله إن كان لديه عقل حيث أعلن منذ اعتلائه منصبه البدء في إنجاز ثلاث خطط إستراتيجية للإنقاذ الوطني وهي: 1- الخطة الأمنية لبغداد: والهدف منها فك الحصار على المنطقة الخضراء وحماية تنقل مواكب حكومته وبرلمانه ومؤسساته المزعومة التي عجزت قوات الاحتلال على حمايتها الأمر يثبت أن الوضع خارج السيطرة وأن الأمريكان لا يتحكمون إلا في ثكناتهم وأن الحكومة لا تعمل إلا في مكاتبها داخل جحورها في المنطقة الخضراء وأن أي عمل يمكن أن تنجزه السلطة الجديدة لا يتعدى العمليات الأمنية العسكرية والمداهمات والملاحقات والاعتقالات والتصفيات والمحاكمات الثأرية، أما إعادة البناء والتنمية وتلبية حاجيات المواطن فهي مستحيلة في ظل الفوضى والاقتتال والاحتلال وأكثر من ذلك هل من ساهم في تخريب العراق وتدمير دولته برمتها يحمل هم ومشقة إعادة بنائه ؟. هل من يعمل على التنكيل بالشعب العراقي وإذلاله ونهبه يصلح لإعادة الأمل والأمان وهو لا زال ممعنا في مشاريعه التصفوية وسياساته الإرهابية ؟ هل بإمكان ميليشيات القتل وعصابات النهب أن تعيد الحياة للخراب والدمار الذي أنجزته ومازالت تنشره ؟. إن من بنى سياسته على التصفية والانتقام والنهب والفساد ومن ركب الخيانة مطية إلى السلطة قد يستطيع فعل أي شيء ولكن من المستحيل أن يبني وطنا وأن يقود شعب، إلا إذا فقد عقله وصنع من الأوهام سلطانا.  2- المصالحة الوطنية: مشروع معقول بالمعنى المطلق ولكن عن أي وطنية يتحدث المالكي وحكومته وجبهته وحزبه وجميع من لف لفه لم يتركوا مستوى من الخيانة والعمالة إلا بلغوها ونالوا تيجانها كما لم يتركوا وسيلة إلا استخدموها للتنكيل بالوطن والمواطن. لم يحدث في التاريخ أن تصالح باعة الوطن والمتخندقين في صف الاحتلال مع المدافعين عن الوطن ورافعي راية الجهاد والتحرير. فالمصالحة الوحيدة التي يمكن أن تحدث بين الفرقاء من أبناء الوطن الواحد هي أن يكون الوطن محررا ومستقلا أولا. إن المصالحة بين المتخاذلين والخونة المحتمين بالاحتلال من جهة وقوى المقاومة من جهة ثانية تعني أمرا وحيدا وهو القبول بالاحتلال وتسليم سلاح المقاومة وحينها يقرر الاحتلال ما يريد. والمراد معروف. من جاء بالاحتلال واحتمى به واعتبره محررا للعراق وساعيا إلى بنائه وتنميته ليس ولن يكون وطنيا ولا صادقا بل إنه الخداع عينه والخيانة في أتم تأهبها. فخطة المصالحة المالكية الإنجلوصهيونية لها أحابيلها وأهدافها: أولا التغطية على مواصلة مشروع التصفية والانتقام من خصوم الاحتلال ومقاوميه باعتبارهم قوى إرهابية وثانيا احتواء ما أمكن من فصائل المقاومة الوطنية والإسلامية العراقية قصد إضعافها والإيقاع بها وثالثا الظهور بمظهر الحريص على توحيد العراقيين وإيقاف سفك الدماء والاقتتال واستعادة الأمن ظاهريا وفي الخفاء إطلاق أيدي فرق الموت لتعيث بالبلاد قتلا ورعبا لأن عودة الاستقرار والأمان للشعب العراقي سيجعل الناس يستعيدون ذاكرتهم ووعيهم بضرورة إخراج المحتل ومحاسبة المتعاونين معه ومن كانوا من إفرازاته مهما على علا شأنهم. وعليه ليس من مصلحة جميع المتآمرين على العراق عودة الاستقرار واستعادة الوحدة الوطنية للشعب العراقي. هل غفل المالكي عن هذا أم أن ذكاءه الخارق قد جعلنا نفهم أنه فقد عقل الخيانة واستعاد رشده وروحه الوطنية ؟. ثم هل من المنطق أن تشارك المقاومة المسلحة وتزج بقياداتها السياسية في العملية السياسية التي اختطها ويشرف عليها الاحتلال ؟. هذا من جانب وناحية أخرى ألم تقع حركة المقاومة الإسلامية في فلسطين وعبر العملية الديمقراطية في فخ المسرح السياسي لتكون تحت طائلة الاختطاف والاعتقال والتصفية، ألم يستغل الاحتلال الصهيوني الأحداث للقبض على وزراء ونواب من قادة حماس ؟. ألم يكن خالد مشعل واجهة سياسية ومع ذلك هو مطلوب من قبل دولة الاحتلال الصهيوني حيا أو ميتا ؟. ألم تختطف من قبل فرنسا القيادة السياسية للمقاومة الجزائرية ؟. أليس الاحتلال الجاثم على أرض العراق هو أبشع احتلال ماكر ومخادع سيما وأنه صهيوني المبدأ والأسلوب وسيما أيضا أن الحكومة المالكية المزعومة سليلة هذا الاحتلال ؟. إن الكثير من المناوئين والمتآمرين ومنهم زمرة الخيانة الحاكمة في المنطقة الخضراء ينكرون ويستنكرون وجود قيادة سياسية للمقاومة المسلحة وليس هذا الاستنكار من باب الحرص أو الجهل وإنما من باب الوقيعة والمخادعة للكشف عن رموز وقادة المقاومة بهدف الوصول إلى مفاصل القوة فيها. ولذا فإن البحث عن ممثلين للمقاومة لإنجاح مشروح المصالحة الوطنية هو محاولة لاختراق المقاومة وكشفها.    3- المطلب الأحمر: أي قائمة المطلوبين من الصدامين وقوائم أخرى لم تعلن بعد في انتظار اقتناع المشمولين بها بالدخول في طاعة الحكومة والقبول بالاحتلال والتخلي عن الممانعة والرفض بما جعل مسلسل الاتهامات وقائمات المطلوبين سيفا معلقا على رقاب كل الأحرار والشرفاء من العراقيين طالما لم يعترفوا بالسلطة الديمقراطية العميلة الجديدة. لا أدري لماذا وصف هذا المطلب بالأحمر ولكن يبدو أنه مطلب دموي يستهدف ملاحقة البعثيين داخل وخارج العراق أي مد عمل فرق الموت التي يديرها حزبه وحلفاؤه إلى خارج العراق لتصفية الهاربين من الوطن الذي صار جحيما ومسرحا لجنون الطائفية والسياسة الثأرية للحكومات الانتقامية التي فتحت البلاد لجميع عصابات التخريب والتصفية والنهب لتجريد العراق من كل مقدراته البشرية والطبيعية. فقد المالكي إنسانيته إذ شمل مخططه الانتقامي الثكالى والمشردين والشيوخ المرضى « حسب لائحة المطلوبين والأشخاص المذكورين فيها » الأمر الذي يثبت دون شك أن قضية الحكم الجديد ليس السعي إلى وحدة العراق أرضا وشعبا وإنما في الأمر إصرار على تمزيق العراق وأن قانون اجتثاث البعث قد مر إلى مرحلته الأخطر وهي التنكيل بالسنة ومحاصرتهم وملاحقتهم في الداخل والخارج وصولا إلى إبادتهم. وأخيرا لا بد من القول أنه بالإمكان القبول بمبدأ المصالحة ولكن بتنفيذ شروط دنيا لإثبات حسن النية: الأول الاعتراف بأن كل من وقف مع الاحتلال هو خائن وهذا أمر تقره جميع الأعراف والقوانين والشرائع السماوية والأخلاق والقيم الوطنية والإنسانية. وثانيا الاعتذار للشعب العراقي عما اقترفته الأحزاب والميليشيات الطائفية العاملة في ركاب الاحتلال في حق الوطن والمواطن العراقي. ثالثا التخلي عن مساندة قوات الاحتلال والانفصال عنها عسكريا وسياسيا. رابعا التوقف عن المساس بأي مواطن عراقي والاكتفاء بمقاومة الاحتلال بالطرق السلمية أو الانخراط في المقاومة المسلحة. خامسا الاعتراف بأن المؤسسات الحاكمة حاليا مؤسسات تمشية أمور مؤقتة وتناط إدارتها لمتخصصين تكنوقراط. وبعدها يجلس الفرقاء لوضع خطة للمصالحة الوطنية يتفق عليها الجميع دون استثناء أو إقصاء أو احتواء. على حد فهمي يبدو مشروع المصالحة المطروح ليس الهدف منه المصالحة الوطنية حقا وإنما بلورة لاتفاق بين أطراف العملية السياسية وشركاء السلطة القائمة التي تحتاج أكثر من غيرها إلى مصالحة طائية مع بعضها البعض لتدارك عجزها وأخطاءها وحماية سفينة الخيانة والفساد التي ركبتها في حالة من التوتر والأحقاد وتصفية الحسابات وانعدام الثقة حيث لا ثقة بين فريق وفريق وبين عميل وعميل ولا ثقة في الاحتلال نفسه ولا في الأطراف الداعمة علاوة على أن المقاومة بصمودها وضرباتها الموجعة قد أربكت الاحتلال وقوضت خططه وشددت الخناق وأحكمت الحصار على نشاط وتحرك الحكومة العميلة. فخير وسيلة للمصالحة هي توبة الخونة والاعتراف بالهزيمة والبحث عن مفر للنجاة من محاسبة الشعب العراقي الأبي أما المقاومة العراقية بمختلف مكوناتها فهي منسجمة مع مبادئها وقيمها ومتصالحة مع وطنها وشعبها وهي منتصرة بعون الله وبالروح الوطنية الجهادية وليس لها من مطلب غير تحرير العراق وطرد الاحتلال. وإن الله بالخاسئين والخونة كفيل. عاشت المقامة والمجاهدين وجميع رجال الرافدين الصابرين المرابطين في خنادق القتال وفي سجون الاحتلال والحذر كل الحذر من حصان طروادة ومحتوياته. تونس في 4/7/2006.   

 
 

هل استنفد « المنتدى » أغراضه قبل أن يحقق أهدافه؟

 
صلاح الدين الجورشي – صنعاء   مرت الآن خمس سنوات على خطة « الشرق الأوسط الكبير »، التي أعلن عنها الرئيس الأمريكي بوش، قبل أن تتبنّـاها وتعدّلها الدول الصناعية الثمانية في قمة سي آيلاند، التي عقدت في يونيو 2004، وتنبثق عنها مبادرة « المنتدى من أجل المستقبل ».   ورغم الجدل الذي أثارته هذه الخطة في أوساط النخب، والمخاوف التي زرعتها في قلب الأنظمة العربية المذعورة من أي تغيير يُـفرض عليها من الداخل أو الخارج، إلا أن تساؤلات بدأت تُـطرح هنا أو هناك تشكّـك في جدوى الخطة، وفي جدّية القائمين عليها. فهل أن منتدى المستقبل سيصبح أمرا لاغيا في المستقبل القريب؟   شهدت العاصمة اليمنية قبل أيام آخر المفارقات التي تكشف عُـمق المسافة بين الخطاب والممارسة. ففي يوم الأحد 25 يونيو، انطلقت فعاليات « مؤتمر صنعاء حول الديمقراطية والإصلاح السياسي وحرية التعبير » بمشاركة 500 شخصية. وكانت المفاجأة، عندما قرر الرئيس عبد الله صالح أن يفتتح أشغال المؤتمر بدل الوزير الأول، وذلك بعد أربع وعشرين ساعة فقط من إعلانه التراجع عن قرار التخلي عن رئاسة اليمن، والترشح لعهدة رئاسية أخرى تمتدّ سبع سنوات، تضاف إلى مسيرته في الحكم التي استمرت 28 عاما، وذلك استجابة منه لـ « رغبة الجماهير ».   وتمثلت رسالته الأساسية، التي أراد أن يبلغها في خطابه بحضور مسؤولين أمريكيين وأوروبيين، في أن الديمقراطية لا تُـفرض من الخارج، وأن العراق والصومال مثال حي وقوي على ذلك. وتوجه للمعنيين بالأمر بقوله « ظلت المنظومة الاشتراكية تُـدرّسنا 70 عاما دون أن نستفيد منها، وأنتم تعيدون نفس الخطأ، تكثرون الحكي عن الديمقراطية والمجتمع المدني، لكن بدون جدوى ». وأضاف: « درَّسونا الديمقراطية، لكن في الآن نفسه أطعمونا ».   رغم خيبة الأمل التي عبّـر عنها الكثير من ممثلي المنظمات غير الحكومية، الذين كانوا يتصوّرون – على غرار ما صرح به سعد الدين إبراهيم – بأن يكون علي عبد الله صالح قنديل العرب، إلا أنه شعور أصبح يلازمهم بأن المؤتمرات التي تعقد تحت راية منتدى المستقبل تكاد تصبح بلا جدوى.   هذا الشعور عبّـر عنه وزير خارجية إيطاليا الجديد حين قال في مداخلته: « أخشى أن تكون جهودنا قد فقدت شيئا من الحماس بسبب كثرة المؤتمرات أو البطء في عملية الإنجاز »، وأضاف « نشعر بضرورة التوصل إلى صيغ عمل جديدة تكون بعيدة عن الرّوتين أو التوظيف لاعتبارات محلية، وتمكن من تنفيذ التوصيات وتوسيع آثارها ».   أما أسمى خضر، الناشطة والوزيرة الأردنية السابقة، فقد حثت المشاركين على التفكير في تجاوز المأزق « حتى لا نبقى ندور داخل دوائر مغلقة »، وبلغ الأمر بالبعض إلى استعمال مفردات أكثر حدّة لتوصيف المشاركة الشكلية للمجتمع المدني في مثل هذه الاجتماعات، مثل « المفعول بهم من غير الحكوميين » أو « شهود زور ».   تباين المواقف   حددت الدول الصناعية الثمانية الهدف من إنشائها لمنتدى المستقبل، وهو « الأمل في إقامة حوار غير رسمي مَـرن ومفتوح وشامل، يكرّس لتقوية الديمقراطية ومشاركة المجتمع المدني لتطوير مهارات التدريب وتشجيع نمو الاقتصادات الحديثة، التي تولّـد الثروات وتمتد وتندمج في الاقتصاد العالمي ».   وكانت البداية واعدة، رغم الخلافات التي شقّـت ولا تزال منظمات المجتمعات المدنية العربية بسبب تبايُـن مواقف من مبدأ المشاركة. ففي اجتماع وزراء خارجية الدول الثمانية إلى جانب نظرائهم من الدول العربية وغيرها، المشاركة في « المنتدى من أجل المستقبل » الذي عقد في الرباط في 11 ديسمبر 2004، تمكّـن وفد يمثل الاجتماع الموازي غير الحكومي الذي دعا إليه مركز القاهرة لحقوق الإنسان من « اقتحام حرمة » قاعة الاجتماعات الرسمية بدعم من وزير الخارجية الأمريكي كولن باول، وتبليغ مطالب النشطاء والديمقراطيين العرب. لكن تلك المطالب بقيت بدون أي صدى أو متابعة، ثم جاء اللقاء الثاني في البحرين (نوفمبر 2005)، وحمل معه خلافات المنظمات العربية غير الحكومية حول الموقف من المنتدى، وإن كانت المشاركة فيه أوسع.   أما على الصعيد الرسمي، فقد انفض الاجتماع الوزاري دون إصدار بيان ختامي بسبب تحفظ عدد من الحكومات العربية على إنشاء صندوق لتمويل منظمات المجتمع المدني. وفي الاجتماع القادم، الذي يُفترض أن يلتئم في الأردن خلال شهر ديسمبر القادم، يخشى البعض من أن يكون مردوده أضعف من سابقيه.   فهل يعني ذلك أن الأنظمة العربية قد نجحت في إبعاد الخطر عنها بإفراغ مبادرة الشرق الأوسط الكبير من أي مفعول « سحري » لتسريع الإصلاحات السياسية؟   تظل مسألة التمويل عائقا….   يقول سكوت كاربنتر، المسؤول على « الميبي » MEPI، « أجزم بأننا خلال السنتين الماضيتين قطعنا شوطا هاما »، لكنه يُـقر بضرورة البحث عن « طرق أفضل » نظرا لأن حوار دعم الديمقراطية « يجب ألا يبقى مجالا للكلام فقط، وإنما الفكرة جاءت لدعم مبادرات عملية »، مُحذرا من أنه في صورة « عدم إحراز أي تقدم، فسيكون السيناريو القادم أكثر سوءا ».   هذا الرجل الذي لا تطمئن له معظم الحكومات العربية، ساند بوضوح النص الذي تقدّمت به المنظمات غير الحكومية العربية في مؤتمر صنعاء لتعديل مشروع البيان الختامي، الذي حاولت الحكومات تمريره، وهو النص الذي حاول السفير المصري لدى اليمن إفراغه من كل نبرة احتجاجية، مما دفع بوزير الخارجية اليمني إلى رفض ما أسماه بـ « دكتاتورية المجتمع المدني ».   وقد شكل التوافق بين الرسميين وغير الحكوميين حول البيان الختامي، بعد تباين الآراء والمواقف، أول إنجاز رمزي يحققه المجتمع المدني العربي في مسعاه الشاق من أجل تغيير طبيعة العلاقة القائمة بينه وبين أنظمة الحكم في المنطقة.   الأمر الآخر، الذي سلك طريقه نحو الإنجاز، ويتوقع البعض أن يكون له تأثير مباشر على أوضاع الجمعيات والمنظمات العربية غير الحكومية، يخص « مؤسسة المستقبل لمنطقة الشرق الأوسط الكبير وشمال إفريقيا »، وهي عبارة عن صندوق لتقديم المنح إلى مختلف منظمات المجتمع المدني الناشطة في مجال دعم الديمقراطية والإصلاح، والمعلوم أن مسألة التمويل لا تزال تشكّـل مثار جدل واسع في أوساط النشطاء والديمقراطيين العرب، إضافة إلى تحفظات الحكومات.   فهذه الأخيرة، أو أغلبها، يرفض تقديم مساعدات مالية غير مشروطة، وفي الآن نفسه، تعمل هذه الحكومات على وضع العراقيل أمام تلقي الأموال من مؤسسات أجنبية، وتقوم بتخوين من يلجأ إلى ذلك.   تأرجح مبادرة المستقبل   وفي اجتماع البحرين، المشار إليه سابقا، اعترضت عديد الحكومات وفي مقدمتها مصر على إنشاء « مؤسسة المستقبل »، ورأت فيها وسيلة للمس من « السيادة الوطنية »، لكن حكومات أخرى سارعت إلى دعم الفكرة، وقامت بتخصيص مساعدة مالية هامة، مثلما فعلت قطر. وأمام الضغوط التي مارستها واشنطن، تراجعت الحكومات المتحفظة، وقبلت على مضض بهذه المؤسسة، التي بدأت تشق طريقها رويدا رويدا نحو الهيكلة وضبط الصلاحيات.   إذ سيتولى مجلس إدارة مُـكوَّن من شخصيات معروفة على الصعيدين، الإقليمي والدولي، ولا تتولى مسؤوليات رسمية، وسيكون رئيس المجلس من أحد دول المنطقة، وليس من خارجها. وعلمت سويس أنفو أنه تم ترشيح 41 شخصية لهذه الهيئة، سيقع اختيار 15 منها بالتساوي بين الرجال والنساء ليكونوا أعضاء في مجلس إدارتها، مع الملاحظة أن الحكومات غير ممثلة في المؤسسة، ولا علاقة لها باتخاذ القرار فيها أو بطريقة توزيع المنح المالية، وسيقع الإعلان عن قائمة الأعضاء خلال الأيام القليلة القادمة.   ومن الأسماء التي تم ترشيحها المفكر السوري برهان غليون، والدكتورة رحمة بورقية، أول امرأة مغربية تتولى رئاسة جامعة، والصحفي السعودي عبد الرحمان الراشد، مدير مجلس إدارة قناة العربية، وبختيار أمين، وزير حقوق الإنسان العراقي السابق.   وفي هذا السياق، تم أيضا ترشيح الناشطة الحقوقية خديجة الشريف والرئيسة الحالية لجمعية النساء الديمقراطيات، لكنها اعتذرت لاعتبارات قد تكون لها علاقة بالموقف المتحفظ الذي تتمسك به بعض فعاليات المجتمع المدني التونسي.   كما عبّـرت خمس دول (أربع منها عربية) عن رغبتها في احتضان مقر « مؤسسة المستقبل »، وهي المغرب وقطر والأردن واليمن وتركيا، وستنطلق المؤسسة من رصيد مالي يتراوح بين 60 و70 مليون دولار، تبرّعت بها عديد الحكومات العربية والغربية، من بينها الولايات المتحدة، وقطر وسويسرا.   لكن المؤسسة لن تعتمد في أسلوب عملها لتقديم المنح إلى المنظمات غير الحكومية على قبول الحكومات أو رفضها، وهو أمر إن تم، فإنه يشكل عاملا هاما في توسيع دائرة المستفيدين من هذه الآلية الجديدة.   هكذا تبدو مبادرة المستقبل، متأرجحة بين حالة الشك التي أخذت تنتاب آلاف النشطاء الذين يحاولون استثمار ما اعتبروه فرصة لتعديل موازين القوى لصالح التغيير والإصلاح، وبين جهود تُـبذل من قبل جهات متعددة حكومية غربية وأخرى مدنية غير حكومية، من أجل تفعيل المبادرة، والحيلولة دون أن تفشل وتذهب ريحها.   وبين هذا وذاك، يبقى المجال واسعا للحسابات السياسية الاستراتيجية والمناورات المتعددة التي تقوم بها مختلف الأطراف، سواء للمحافظة على الأوضاع الراهنة، رغم سوئها، أو العمل على إدخالها في حركية مجهولة النتائج والتداعيات، أما على أرض الواقع، فأعراض الحمل لا تزال قائمة، لكن لا توجد الدلائل على أن الجنين سيكون خاليا من العاهات والتشوّه.   (المصدر: موقع سويس إنفو بتاريخ 5 جويلية 2006)

مجتمع مدني مغاربي تحت التأسيس..

 
محمود معروف – الرباط   يطل المجتمع المدني المغاربي، بين الفينة والأخرى في المشهد السياسي المغاربي، يلقى تشجيعا من جهات رسمية وتحفظات، وأحيانا ملاحقات من جهات رسمية أخرى، خاصة عندما يطل في ميدان حقوق الإنسان والحريات العامة.   وخلال الشهور الماضية، أعلن، في تمش يبدو بعيدا أو على الأقل ليس متماهيا مع المواقف الرسمية، عن تأسيس عدد من المنظمات المغاربية، في وقت لازال العمل المغاربي الرسمي المشترك يراوح مكانه، غير عابئ بدعوات مجتمعية وأيضا أوروبية رسمية، لإعادة تفعيله وإعادة الروح لمؤسساته.   وإذا كان العمل المغاربي المشترك قد عرف النور قبل استقلال دوَّله، من خلال مكتب المغرب العربي في القاهرة، والذي نسّـق نضالات شعوب تونس والجزائر والمغرب من أجل نيل استقلالها، وأكّـد على وحدتها في مؤتمر طنجة عام 1958، فإن اتحاد المغرب العربي، الذي تأسس في فبراير عام 1989، توّج جهودا بذلت على مدى أربعين عاما، وأنعش آمالا كادت أن تبدد بمغرب عربي منفتح موحّـد منسجما مع ولادة عصر التكتلات الاقتصادية الكبرى.   كان اتحاد المغرب العربي، الذي ضم كلا من ليبيا وتونس والجزائر والمغرب وموريتانيا، قد ولد بعد سنوات من العلاقات المقطوعة والمتوترة، والتي وصلت أحيانا إلى المواجهات المسلّـحة والحدود المغلقة لسنوات طويلة، فانتعشت الآمال، ليس فقط لإنهاء توترات كانت قائمة وحساسيات لا تزول إلا بالتعاون وتسوية قضايا بدت مستعصية، بل أيضا من خلال الانفتاح والاندفاع في تطوير العلاقات، إلى مغرب عربي بلا حدود. لكن الآمال لم تنتعش إلا لسنوات قليلة، وعادت الأوضاع وما زالت، إلى ما كانت عليه بكل التفاصيل من توترات وحدود مغلقة.   غياب الإطار المغاربي   كان المغرب العربي يشهد حالة مستغربة من خلال التماهي بين المواقف الرسمية من جهة، والمواقف الحزبية والنقابية من جهة أخرى، كان الموقف الرسمي في هذه الدولة أو تلك في توتر علاقاتها الثنائية، تحرص على إبراز وحدة مجتمعها بكل مكوّناته وراء الموقف الرسمي، وكان المجتمع الحزبي والنقابي، حتى في الهامش الذي يعتقد فيه أنه بعيد عن الموقف الرسمي، لا يظهر هذا الهامش في التعاطي المغاربي ولا يبرزه.   وحتى حين برزت مقولة المجتمع المدني ودوره في تحفيز المجتمع السياسي على التطور الداخلي، كان المجتمع المدني في الدول المغاربية يقف عاجزا، مغاربيا، أمام حواجز التوترات السياسية الثنائية المزمنة والمتراكمة.   كان مستغربا أن العلاقات بين الأحزاب والنقابات في الدول المغاربية، التي تنتمي إلى إطار عربي أو عالمي مشترك، لا تستطيع التقدم بمبادرة لإطار مغاربي مشترك، وأن المثقفين الذين يتحدّثون لغة حداثية منفتحة تدعو إلى عدم الانغلاق، تغلق عقولها وأفكارها أمام أي ثقافة مغاربية مشتركة في ازدواجية اللغة أو الهموم الإبداعية.   وكانت الثقافة المغاربية تتوجّـه، إما شمالا نحو باريس أو شرقا نحو بيروت والقاهرة دون أن تمر ريحها مغاربيا، وكانت منظمات حقوق الإنسان التي تضافرت جهودها للحد من الانتهاكات الخطيرة والاختراقات اللاإنسانية في بلادها أو أقطار العالم الأخرى، لا تعتبر نفسها معنية بما يجري في الدول المغاربية الأخرى، إلا بما ينسجم مع الموقف الرسمي لبلادها.   « مغرب الشعوب »   « مغرب الشعوب »، شعار هيمن سنوات طويلة على الخطاب السياسي المغاربي، حيث كانت الشعوب مغيبة عن صناعة مستقبلها الاقتصادي والسياسي والثقافي، ولم يكن الشعار أكثر من كلمات تُـرفع هنا أو هناك للمزايدة أو للضغط السياسي أو لتبرير عدم التعاون بين الدول وتأجيج التوترات السياسية الثنائية، التي لم تنتج في النهاية إلا مآزق سياسية وثقافية وتنموية بل وإنسانية، لم تسلم منها أي من دول المنطقة، وإن كانت بدرجات متفاوتة، وهي مآزق تُـهدّد استقرارها كدول وكمجتمعات انفراديا أو جماعيا.   في الشهور الأخيرة، بدأ مغرب الشعوب يطل برأسه في المشهد المغاربي، يلحظ دون أن يتوقف أحد مطولا أمامه. بين الفينة والأخرى يعلن عن تأسيس إطار مغاربي مشترك، إطار ثقافي أو إطار حقوقي، ولا يحظى هذا الإعلان بكثير من الاهتمام الإعلامي الرسمي أو الحزبي أو الخاص، ولا يُـبدي المسؤولون الرسميون ما يشير إلى خوفهم، مما يعلن على مقارباتهم ورُؤاهم للمغرب العربي، اعتقادا ان ما يعلن لن يؤثر ما دامت « الروح الوطنية » لها الأولوية على « الروح المغاربية »، وما دام المجتمع المدني لا زال في إطار التكوين والبلورة ولم تتجاوز منظماته بعد مرحلة الرضاعة من ثدي السلطة أو أثداء أطراف خارجية، وفي كلتا الحالتين يبقى المجتمع المدني رهينا بيد السلطة ولا يستطيع أن يتمرد على توجهاتها أو يذهب بعيدا عنها.   لكن الراهن ليس دائما أو مؤبدا. فكما علت أصوات هنا أو هناك في ظل انفتاح وتشجيع عالمي على تعزيز دور المجتمع المدني ومنظماته تطالب بتخفيف قبضة السياسي (دولة وأحزابا) على المجتمع، وفي ظل انتعاش لرياح الديمقراطية وحقوق الإنسان، وبالتالي، قيام منظمات مجتمع مدني فاعلة في الأقطار المغاربية، مستقلة عن السياسي الرسمي أو الحزبي، فإن هذه الرياح ستلفح المنطقة وتنعش الروح المغاربية بقيام منظمات مجتمع مدني مغاربي، لأن السياسي سيجد نفسه في لحظة ما عاجزا عن الاستغلال الفج « للروح الوطنية »، التي تبتز من خلالها المجتمعات للالتفاف على تنمية حقيقة وديمقراطية واحترام حقوق الإنسان في دولة الحق والقانون، وهي دولة لن تقوم برأي كثيرين إلا إذا كانت في إطار مغاربي.   (المصدر: موقع سويس إنفو بتاريخ 4 جويلية 2006)
 


اغتصاب الماجدات العراقيات

 
عبد الباري عطوان   أخيراً، وبعد أربعة اشهر من الجريمة، بدأ بعض النواب العراقيين يطالبون بالتحقيق في الممارسات اللاأخلاقية للقوات الامريكية في العراق الجديد ، ويناشدون مجلس الامن الدولي التدخل.   هذه المطالبات تأتي بعد اعلان وزارة العدل الامريكية عن توجيه الاتهام الي جندي امريكي باغتصاب صبية عراقية ثم قتلها مع ثلاثة من افراد اسرتها.   الجريمة تمت في منطقة اليوسفية جنوب بغداد، عندما اقتحم عدد من الجنود الامريكيين في آذار (مارس) الماضي منزلاً، وقتلوا رب الأسرة وزوجته وابنتيه الكبري وعمرها 15 عاماً، والصغري وعمرها 7 سنوات. وتناوب الجنود علي اغتصاب البنت الكبري قبل اطلاق الرصاص علي انحاء حساسة من جسدها.   وزارة الداخلية العراقية لم تحقق في هذه الجريمة، لان الذين اقدموا عليها من الجنود الامريكيين، رغم ان جثث الضحايا جري نقلها الي المستشفي وعاينها الاطباء.   وزير الداخلية في حينه، السيد بيان جبر لا يهتم كثيراً بارواح العراقيين، ولا يعبأ بانتهاك اعراض ماجداتهم، والشيء نفسه يقال عن الدكتور ابراهيم الجعفري رئيس الوزراء في ذلك الوقت. فالجريمة في مفهوم الاثنين هي تلك التي يرتكبها رجال المقاومة العراقية ضد قوات التحرير الامريكية.   بالأمس صدرت اصوات في البرلمان العراقي تطالب باستدعاء رئيس الوزراء نوري المالكي لاستجوابه بشأن الجريمة هذه، والمطالبة باشراك وزارة العدل العراقية في التحقيقات التي تجريها نظيرتها الامريكية في هذا الخصوص، علي اعتبار ان الحكومة العراقية تتمتع بالسيادة الكاملة وفق قرار مجلس الامن رقم 1546.   فاذا كان رئيس الوزراء لم يعلم بزيارة الرئيس الامريكي جورج بوش الي بغداد قبل شهر الا قبل خمس دقائق من اللقاء به فعن اي سيادة يتحدث هؤلاء؟ السيادة في العراق هي في يد المحتل، والقضاء العراقي الذي يطالب بعض النواب بتوليه النظر في هذه الجريمة لا يحاكم الا رموز النظام السابق، اما السادة الامريكان المحتلون فهم فوق كل القوانين والدساتير العراقية.   العراق كله يتعرض للاغتصاب، بل لأبشع انواعه علي ايدي الجنود الامريكان، والمجموعة العراقية الحاكمة التي شاركت في تسهيله، وتلذذت بالتفرج عليه دون خجل او حياء.   فاغتصاب صبية عراقية يظل تفصيلا صغيرا عند هؤلاء الحكام الجدد، لا يستحق منهم اي تحقيق او اهتمام، خاصة ان هذه الصبية من الطائفة الاخري، فالعراق الجديد الآن لم يعد مقسماً وفق المعايير الجغرافية، وانما الطائفية ايضاً، فهناك طائفة درجة اولي، واخري درجة ثانية، وثالثة ورابعة.   الحرب العالمية الاولي قامت بسبب اغتيال امير نمساوي، ولكن يبدو ان قتل مئة الف عراقي، وتدمير البلد بكامله، واكتشاف عشرات الجثث المجهولة يومياً لم تحرك ساكناً لدي المتعاونين مع الاحتلال الامريكي لبلدهم، فهل سيحرك هؤلاء اغتصاب طفلة، وعلي ايدي المحررين الامريكيين؟   امر مؤسف ان جميع هذه الجرائم التي ترتكب في حق العراقيين يتم الكشف عنها من قبل الامريكيين، ابتداء من فضائح التعذيب في ابو غريب ومروراً بمجزرتي حديثة والاسحاقي، وانتهاء بفضيحة اغتصاب الطفلة عبير. ولم نسمع أو نقرأ ان وزارة الداخلية العراقية، او صحافتها، او محطات تلفزيوناتها التي تتوالد وتتكاثر مثل الارانب، قد كشفت عن اي من هذه الجرائم او الفضائح.   السبب بسيط وهو ان الاجهزة الامنية العراقية منشغلة فقط في مطاردة رجال المقاومة الذين يدافعون عن الشرف والكرامة العراقيين، ولا تجرؤ علي اغضاب المحتل الامريكي وكشف فضائحه وانتهاكاته لاعراض العراقيين وحقوقهم، حتي لا يذكر هذا الكشف العراقيين بالخديعة الكبري التي وقعوا فيها علي ايدي النخبة الحاكمة الحالية التي وعدتهم بعراق افضل، وصاغت دستوراً يضع حماية حقوق العراقيين وارواحهم علي رأس اولوياته.   جريمة الاغتصاب هذه ادانة جديدة للادارة الامريكية، وتأكيد اضافي علي كذب كل ادعاءاتها حول تحويل العراق الي واحة للديمقراطية والحريات وحقوق الانسان..   وربما يجادل المسؤولون الامريكيون كعادتهم دائما بأن هذه الجريمة حادثة فردية، ارتكبها جندي، ولا تمثل جميع القوات الامريكية، وهو جدل مرفوض، ويستخدم كذريعة لتبرير الاحتلال، وتغطية العورة الامريكية.   الاطباء في المستشفيات العراقية يتعرضون الي ارهاب حقيقي من القيادة الامريكية التي تمنعهم من الحديث عن عشرات الجثث لابرياء عراقيين يقتلون علي ايدي القوات الامريكية، مثلما تحظر عليهم اجراء اي تشريح لهذه الجثث وتحديد الجهة المسؤولة. ولا بد ان هؤلاء تلقوا اوامر مشددة من هذه القيادة بعدم افشاء اي معلومات حول اغتصاب هذه الطفلة العراقية وذويها.   الادارة الامريكية الحالية سقطت في الامتحان الاخلاقي في العراق، مثلما سقطت في الامتحانين العسكري والسياسي، فلم يعد مقبولاً منها ان تقدم دروساً في الديمقراطية وحقوق الانسان والاخلاق وجنودها يغتصبون العراقيات ويعذبون المعتقلين، ويدمرون المدن والقري فوق رؤوس اصحابها. فما الفرق بين هؤلاء الجنود الامريكيين الذين يمارسون الاغتصاب والقتل وبين الارهابيين الذين يتحدثون عنهم، ويقولون انهم يطاردونهم؟   انتهاك اعراض العراقيات وقتلهن مثلما حدث مع الطفلة عبير هو الارهاب بعينه، بل ابشع انواع الارهاب، وتقديم بعض الجنود المتورطين الي المحكمة لا يغسل العار الذي لحق بالقوات الامريكية والنخبة العراقية المتواطئة مع الاحتلال، والمتسترة علي جرائمه في حق العراقيين جميعا بغض النظر عن جنسهم او طوائفهم.   (المصدر: صحيفة « القدس العربي » الصادرة يوم 5 جويلية 2006)

النهضة وإشكالية التصحير السياسي:

إحباط دولة الاستقلال تمهيداً لتفكيك المجتمع

مطاع صفدي (*)   مثلما كان العرب ممنوعين من تكوين أمة منذ سقوط الخلافة العثمانية، وتمت تجزئة الوطن إلي قطريات، ثم مُنحت القطريات هذه أشكالَ دول، واعتُبرت مستقلة ومنضّمة إلي هيئة الأمم المتحدة ما أن تم جلاء الجيوش الإستعمارية، نقول مثلما مُنع العربُ من استئناف وجودهم كأمة معاصرة منذ أوائل القرن العشرين، فإنه يجري اليوم، وفي مطلع القرن الواحد والعشرين، حرمان العرب حتي من هذه الدويلات المركبة في حدود القطريات، المتحولة هي ذاتها، إلي غيتوات (معتزلات) مغلقة ضد بعضها، ومرصودة كل واحدة منها لاستملاكها أرضاً وشعباً وثروات من قبل أوليغارشيات الفئويات الطاغية التي تمتهن السطو المنظم علي كرامة شعوبها وأموالهم.   حتي هذه الدويلات المصطفة المركبة بيد المستعمر المباشر قبل رحيله لم تعد مناسبة أو مقبولة بنظر المستعمر الجديد، الأمريكي الإسرائيلي. فالعرب يعيشون اليوم مرحلة الإجهاز علي مقومات هذه الدويلة عينها، الموصوفة تجاوزا بالوطنية المستقلة ذات السيادة. أمسي الأمر اليومي للاستعمار العائد، في صيغة الغزو والاحتلال ونشر اشعاعاته السوداء في أوسع الدوائر حوله، يتلخص في مبدأ واحد: إلغاء الدولة أو تهميشها والاشتغال المباشر علي صيغة وجود المجتمع نفسه، والكيفيات المؤدية مبدئياً إلي تفكيك عراه التاريخية عن بعضها، وإعمال أشكال من الجراحات الموضعية في كل نسيج من أنسجته علي حدة. فقد استنفدت أدوار الدويلة باعتبارها كانت أجهزة ضبط ورقابة وقمع مركزية، قائمة بوظيفة الإستنابة المباشرة عن الاستعمار الاحتلالي المنسحب مؤقتاً برموزه المادية. فكل ما هو مركزي الآن، أو يوحي بعلاقة ما بآلية المركز، ينبغي العمل علي إضعافه إلي درجة تهديمه، والخلاص من عوامله كلها. لا يمكن انكار كون الدولة القطرية حافظة علي الأقل لبعض شروط الكيان السياسي القانوني، والمتجلي تحديداً في لمّ أطراف الوطن الصغير وفرض الولاء للقانون العام الذي يشرعن بدوره قيام السلطة المركزية، وهي التي لا يمكن أن تصل إلي قيادة البلد دون صفقات توافق ما مع الخارج وقواه المؤثرة عن بعد أو قرب.   ومع ذلك فهذه البنية الهشة التي سميت بالدولة الوطنية المستقلة، رغم كل عاهاتها الولادية والمكتسبة وضعف نسبة الولاء الشعبي لسلطاتها ورموزها، فقد غطت مساحة زمانية وواقعية من عصر النهضة العربية الثانية، وهي تميزها عن النهضة الأولي إبان القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين، حيث لم يكن للعرب كيان سياسي ما، كانوا ملتفين بالعباءة العثمانية، وولاؤهم موجه نحو الخليفة السلطان في الاستانة، إستنبول. وعلي ذلك لم ينشأ شكل للدولة بصفتها الحديثة، وحسب مفهومها المتعارف عليه في الشرعية الدولية، إلا في ظل الاستعمار الغربي أو بتأثير نفوذه، ولم تكتسب الاعتراف بها إلا مع جلاء جيوش المستعمر نفسه. فهي دولة متطورة عن إدارة رجال الانتداب للشؤون اليومية مع الاستعانة ببعض المتعاونين المحليين، الذين بدورهم قد يحوزون لقب الحاكم والرئيس والوزير والمدير والموظف إلخ… لكنهم جميعاً أدوات عاملة في أجهزة الإدارة الاستعمارية، مهما تقنعوا وراء مراتب حكومية رسمية.   لم يتح للدولة (المستقلة) أن تتطور كثيراً عن شكل الحكومة الإدارية التي كانت عليه أيام الحكم الأجنبي المباشر، ما عدا أن هذا الحكم قد صارت له صفة الوطني والمستقل تجاوزا، ودون مضمونها الفعلي. فبدلاً من تسلط المستعمر، حل التسلط (الوطني) من قبل فئات مغتصبة بفعل تقلبات فوقية قادتها غالباً قوي الأمر الواقع، من عسكرية أو عشائرية أو مذهبية معينة. لم يتغير مفهوم الحكم عن كونه تسلطاً قهرياً كما صاغه الاستعمار، وإن أصبح له إسم ووجه محليان. أي أن عصر النهضة الثانية قادته سلطات، أو حكومات أمرٍ واقع غالباً، في حين لم تتكون دول، أو كيانات دولية بالمعني المتعارف عليه. فالحكومة ترتكز إلي دولة وليس العكس؛ وهي التي تسبغ عليها شرعيتها بالنسبة إلي شعبها وإلي المجتمع الدولي. لكن عندما لا تكون هناك دولة قائمة بذاتها أصلاً كما هو حال البلاد الخارجة من حقبة السيطرة الأجنبية، فإنه من الطبيعي والواقعي أن تتولي حكومات الاستقلال بناء الدولة واستكمال شروطها الوظيفية والقانونية، بما يوفر لها كياناً مادياً وحقوقياً قائماً بذاته ومستمراً، بينما تتغير الحكومات وتتعاقب. وبقدر ما يتعزز وجود الدولة، وتمارس سلطاتها الإدارية بفعل أجهزتها المتقدمة، وبحسب استراتيجية تنظيمية متوافق عليها دستورياً وشعبياً، فإنه لا يتبقي للحكومات إلا اصدار القرارات السياسية، والتوجيهات الإدارية العليا، ورسم الخطط والمشاريع التي يوكل إلي أجهزة الدولة القائمة أمر تنفيذها.   فأية حكومة هي بمثابة العقل المدبر، والمحتاج إلي بقية الجسد الحي الذي هو الدولة. أما عندما يدب الخلل في هذه الهندسة العضوية للكيان السلطوي الشرعي، كأن تعبث حكومة أمرٍ وقعٍ ما بأجهزة الدولة وتتدخل في تركيبها وتعطيل بعضها، وفرض أجهزة أخري طارئة محلها، ومسؤولين غير مؤهلين، فإن الدولة لا تفقد بذلك آليتها الخاصة فحسب، بل تنهار تدريجياً، وتُنزع عنها شخصيتها العمومية؛ تتحول إلي مجرد مكاتب خاصة ملحقة بذلك الوزير أو المتنفذ أو حزبه المتسلط. ومن الطريف في نشأة الدولة العربية (الحديثة). سواء توزعت إلي أنظمة جمهورية وأخري ملكية وثالثة عشائرية، إلا أنها جميعاً انتهت تقريباً إلي نموذج ذلك النظام المدعو بالأوليغارشية أو حكم عصبة الأغنياء، مع الفارق، وهو أن هذا الغني يأتي عن طريق السلطة أولاً ثم عَبْر التجارة أو الصناعة. والسلطة في الدولة العربية مغتصبة غالباً، مكتسبة بالاغتصاب إما بالقوة العسكرية أو بالنفوذ القبلي والعشائري. غير أنه في المراحل الأولي من الاستقلال ظهر ما كان يسمي بطبقة رجال الرعيل الأولي، وهي الحاملة لأسماء بارزة في العمل الوطني ضد الاستعمار، وبحسب مواصفات ومواقف متفاوتة من قضايا الاحتلال ونسب التقاطع معه أو ضده. وفي هذه الحقبة كانت مشكلة الرعيل الأول هذا تتمحور حول الكيفية التي يمكن الاحتفاظ بالسلطة كما لو كانت ثمناً ومكافأة دائمة لهم مقابل (تضحيات) النضال السابقة. لقد برز الاستئثار بالحكم كعقدة مركزية لكل من يصل إلي كراسيه بأية طريقة كانت. ومن ثم جاء نهج الانقلاب العسكري ليزيل أولاً هذه الطبقة الحاكمة من الرعيل الأول. ثم أمسي الانقلاب الأسلوب الوحيد (تداول) التسلط والاستئثار به، بين المغتصبين (الثائرين) الجدد، أو القدامي السابقين. وأما نوع التسلط الملكي والأميري فقد كان أقرب إلي الثبات والاستقرار من صنوه وخصمه الآخر الحكم العسكري وأحزابه الأحادية، ويرجع السبب الأهم في ذلك إلي عدم انقطاع وصاية الدولة المستعمرة بالنفوذ المباشر، ومن ثم غير المباشر الذي انتهت إليه في حقبة جلاء الجيوش الأوروبية عن معظم الوطن العربي.   بإختصار فقد غطت مساحةً السلطة إبان النهضة الثانية صيغتان للبنية الدولتية، طارئتان علي متون العلوم السياسية علي الأقل من حيث ظروف النشوء والتكون وإجراءات الممارسة. كلا الصيغتين مختلفتان في الشكل متقاربتان في المضمون، قد يعكسان معاً حالة شعبية ومجتمعية ما. بالنسبة للأقطار الحضرية كان اضطراب السلطة امتداداً لأحوال الحراك السياسي المتفجرة قضاياه دفعة واحدة في تلك الفترة الموصوفة بالمؤسسة للدولة العربية الحرة. لكن القوي الوطنية المتصدرة لهذا الحراك لم تكن مالكة لأدوات التغيير المادية، وكان جلها من جيل الشباب الطلاب وأساتذتهم. فالاختطاف العسكري كان سهلاً، وخاصة من قبل الضباط الشباب أنفسهم المتخرجين حديثاً من الكليات العسكرية، فهم شريحة من ذلك الجيل الثائر عينه والمتحرق لحماية الاستقلال من ارتدادات الاستعمار الجديد علي الوطن، ومؤامرات (أحلافه) المشبوهة – كحلف بغداد وفراغ ايزنهاور إلخ… دون نسيان ماذا كان يعني زرع إسرائيل وطرد شعب فلسطين أو تشريده في أنحاء المشرق، بالنسبة لشباب ذلك الجيل الممتلئ ثقة بالحرية ومستقبلها والمفجوع بالنكبة الأولي العظمي ومعها انفجار أسئلة المسؤولية التاريخية والسياسية والبحث عن إمكانـــــيات الدفاع والتجاوز إزاء تداعيات النكسة المجلجلة. كانت عسكرة (الثورة) القومية آنذاك هي الحل الراهن المحسوم.   لكن في حال انهزام الثورة وانسداد آفاقها الدولية خاصة، تمسي العسكرة غاية في ذاتها، والسياسةُ مجرد تابع رديف لها، مهمتها ابتكار أقنعة دعاوية فارغة، تحجب التسلط وتمركزه المتفاقم بيد الفئة الأخيرة المسيطرة، من بقايا الجيل الثائر أو من المتشبهين ببعض رموزه الغابرة. وبفعل هذا التطور الموضوعي تُصاب الدولة الناشئة بانفصام بنيوي يفتك بكيانها القانوني والتنظيمي، ويحولها إلي مجرد أجهزة إدارية أمنية، تتابع انفصال أسيادها الحكام عن المجتمع، وتمارس ذات عاداتهم بالانصراف عن الشأن العام واستخدام المناصب لاصطياد المنافع الخاصة. فالفساد ليس حالة مرضية طارئة تصيب من كان صالحاً ثم لأمر ما تساقط في حبائل الكسب غير المشروع. بل هو الحصيلة المركبة لسيرورة السلطة العربية بصيغتيها الجمهورية والملكية الأسروية، العشائرية. فكلاهما ينتصران للحكومة الخاصة علي حساب الدولة والمجتمع معاً. وما تعنيه الحكومة الخاصة هو انفراد أصحابها من الطغمة الأوليغارشية بإصدار مختلف القرارات التي تلغي عملياً مبدأ توزع السلطة بين تنفيذية وتشريعية وقضائية. من هنا يغدو امتناع الإصلاح موضوعياً محتوماً حتي لو أراده بعض الحكام أو ادعوا العمل من أجله.   هذه الحالة البائسة من تهالك التنشئة القانونية للدولة بفعل نموها الذاتي لم تعطل مسيرة النهضة الشاملة، وحتي المجتزأة فحسب، بل أعادت إنتاج الاستبداد القروسطي ثم يكمل الاستعمار الغازي العائد مهمة الإجهاز عليها كما فعل في العراق. وكما هو حادثٌ في لبنان من تعجيزه المستديم، بخلق كل التناقضات الطائفية ثم المذهبية المعيقة لتكوين مجتمع متجانس كقاعدة ضرورية لقيام دولة حقيقية. بعد تعجيز النهضة عن إبداع دولة العرب العصرية، يدخل تاريخها البائس في الحقبة التالية علي موت الدولة وعنوانها: إماتة المجتمع وتفكيكه ليتم تعجيزه البنيوي عن حماية وحدته التاريخية، فكيف بالنسبة لآماله الكبري في رسم آفاق مدنيته الإنسانية.   (*) كاتب سوري ولد في مدينة دمشق عام 1929. تلقى تعليمه في دمشق ونال الإجازة في الفلسفة من جامعتها. عمل مدرساً وفي حقل الصحافة الأدبية والفكرية، ورأس تحرير مجلة (الفكر العربي) في بيروت. عضو جمعية البحوث والدراسات.   (المصدر: صحيفة القدس العربي الصادرة يوم 3 جويلية 2006)

 


Home – Accueil الرئيسية

 

Lire aussi ces articles

25 juillet 2007

Home – Accueil – الرئيسية TUNISNEWS 8 ème année, N° 2619 du 25.07.2007  archives : www.tunisnews.net AISPP: Libération de Me Mohamed Abbou

En savoir plus +

8 septembre 2008

Home – Accueil TUNISNEWS 8 ème année, N° 3030 du 08.09.2008  archives : www.tunisnews.net   Liberté et Equité: Communiqué El-Watan: Droits

En savoir plus +

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.