الأربعاء، 30 مارس 2011

Home – Accueil

فيكليوم،نساهم بجهدنا فيتقديمإعلام أفضل وأرقى عنبلدنا،تونس Un effort quotidien pour une information de qualité sur notre pays, la Tunisie. Everyday, we contribute to a better information about our country, Tunisia

TUNISNEWS 10ème année, N°3963 du 30.03.2011  

archives : www.tunisnews.net


يو بي أي:شاب تونسي يضرم النار في جسده أمام ثكنة للجيش في مدينة القصرين

كلمة:رفض سياسي لوزير الداخلية الجديد

كلمة:إقالة الراجحي والتداعيات على الوضع الأمني بقفصة

الشروق:سؤال في الشارع السياسي: كيف دخل «الراجحي» الى الوزارة… وكيف غادرها..؟

كلمة:اعتصام بجندوبة لإقالة المعتمد والجيش يعد بالاستجابة

يو بي أي:تونسيون يمنعون شاحنات صهريج ليبية من التزود بالوقود

يو بي أي:إنقاذ 75 تونسيا من الموت غرقا إثناء محاولتهم الهجرة إلى إيطاليا

كلمة:وفد من الاتحاد الأوروبي يزور تونس

الصحافة:وزيرالخارجية البلجيكي:بلجيكيا والاتحاد الاوروبي مستعدان لمنح تونس مرتبة الشريك المتقدم

المصدر:تونس – عياض بن عاشور يرفض إشراف مراقبين دوليين على الانتخابات

الصباح تنشر المرسوم المؤقت المنظم للسلط العمومية

العلم:الأحزاب في تونس .. الإنتفاخ

حركة التجديد:نداء من أجل بناء جبهة لصيانة المكاسب الحداثية لشعبنا

المعتصمين بدار الاتحاد الجهوي ببنزرت:بيان إعلامي إلى الرأي العام

حول تعليق اعتصام النقابيين بمقر الاتحاد الجهوي للشغل ببنزرت:بيـــان

الصباح:الداخلية لا تعلم والعدل تنفي وجودهم في السجون.. إلى متى التعتيم على القناصة؟

الصباح:المشروع الاقرب للتوقيت الإداري أسبوع عمل بـ 5 أيام .. السبت والأحد عطلة.. وتخفيض الراحة بين الحصتين

رويترز:برلسكوني يتعهد باخلاء لامبيدوسا من المهاجرين غير الشرعيين

الصباح:عبد الفتاح مورو يواصل « دروسه »:لن أغيّر بأيّ حال من الأحوال مواقفي المعلنة في وسائل الإعلام والمساجد

آسيا العتروسي:الفساد.. الفساد

«الشروق» تفتح ملفات الفساد: هكذا احتكرت العائلة الحاكمة مفاصل تجارة السيارات… ولهذا أرادت القضاء على تجارة المحرّكات المستعملة

د.خــالد الطراولي:حوار مع صديقي الثائر

يسري الساحلي:التغيير الحقيقي الوحيد في الثورة التونسية

عبد الحفيظ العبدلي: »الثورات العربية أحدثت قطيعة أنثروبولوجية مع الماضي »

علي شرطاني:ماذا عن العلاقات السورية الإيرانية

رويترز:مقابلة-تركيا: على الزعماء العرب تبني التغيير أو مواجهة الهزيمة

القدس العربي:الحقائق الغائبة في ليبيا القذافي

الجزيرة نت:لم يعلن إنهاء العمل بقانون الطوارئ الأسد: نتعرض لمؤامرة وسنبدأ الإصلاح

الجزيرة نت:عبر وعود زائفة واشنطن بوست: الأسد يراوغ شعبه

القدس العربي:السعودية تنفي تقارير إسرائيلية عن عقد لقاء بين الفيصل ونتنياهو في موسكو

منير شفيق:منير شفيق:الموقف من الشعب


Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivan : Affichage / Codage / Arabe Windows)To read arabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows)  


تابعوا جديد أخبار تونس نيوز على الفايس بوك
الرابط

http://www.facebook.com/pages/Tunisnewsnet/133486966724141


شاب تونسي يضرم النار في جسده أمام ثكنة للجيش في مدينة القصرين


 
تونس, تونس, 30 (UPI) — أقدم شاب تونسي اليوم الأربعاء على إضرام النار في جسده أمام ثكنة تابعة للجيش التونسي في مدينة القصرين الواقعة على بعد 200 كيلومتر غرب تونس العاصمة،وذلك في حادثة هي الخامسة من نوعها في غضون أقل من أسبوع.
وقال الناشط الحقوقي محجوب القاهري ليونايتد برس انترناشونال في إتصال هاتفي من مدينة القصرين إن الشاب يدعى رضا نجلاوي ،ويبلغ من العمر 25 عاما،وقد عمد إلى سكب البنزين على نفسه ثم أضرم النار في جسده،حيث أصيب بحروق متوسطة على مستوى الوجه والعنق والصدر.
وأوضح أن الشاب أقدم على حرق نفسه بعد رفض طلب كان قد تقدم به للإفراج عن أحد أقربائه كانت السلطات الأمنية إعتقلته أمس بتهمة التخريب والتسبب في أعمال الشغب التي شهدتها مدينة القصرين في الخامس والعشرين من الشهر الماضي.
وهذه محاولة الانتحار الخامسة من نوعها التي تشهدها تونس في غضون أقل من أسبوع،علما وأن محاولات الانتحار حرقا تكررت بشكل لافت في تونس منذ إقدام الشاب محمد البوعزيزي(26 عاما) على إحراق نفسه في السابع عشر من ديسمبر/ كانون الأول الماضي،ما فجر احتجاجات شعبية إنتهت في الرابع عشر من يناير/كانون الثاني الماضي بفرار الرئيس زين العابدين بن علي إلى السعودية. (المصدر: وكالية يو بي أي (يونايتد برس إنترناشيونال) بتاريخ 30 مارس 2011)  



حرر من قبل التحرير في الثلاثاء, 29. مارس 2011 رفض المؤتمر من أجل الجمهورية في بيان صدر أمس الثلاثاء تعيين وزير الداخلية الجديد الذي وصفه بالتجمعي الملتزم، معتبرا أن تعيينه في منصب وزير للداخلية استفزاز لكل ضحايا الجهاز القمعي، واعتبر تعيينه خطأ سياسي سيلقي بظلاله على مصداقية الحكومة، التي دعاها للتراجع عن قرار التسمية، كما دعا الشباب الثائر إلى مزيد اليقظة حتى تطهير الجهاز الأمني و فتح الفضاء الإعلامي للجميع وتطهير القضاء.

من جهة أخرى اعتبر حزب العمال الشيوعي أن الحبيب الصيد هو أحد رموز الفساد، وارتبط اسمه بعائلة الطرابلسية في قضايا فساد من الوزن الثقيل حسب ما جاء في صفحة الحزب على موقع الفايسبوك، معتبرا أن وضع اليد على وزارة الداخلية سيعيد البلاد إلى المربع الأول.  
 يذكر أن عددا كبيرا من رواد الشبكة العنكبوتية رفضوا تعيين الصيد وزيرا للداخلية و طالبوا بإعادة الراجحي إلى موقعه معتبرين الخطوة محاولة جديدة من حكومة قايد السبسي للالتفاف على الثورة.  

(المصدر: مجلة « كلمة » الإلكترونية ( يومية – محجوبة في تونس)، بتاريخ 29 مارس 2011)



حرر من قبل التحرير في الثلاثاء, 29. مارس 2011 بعد الإعلان عن إقالة وزير الداخلية السابق الراجحي ومباشرة الحبيب الصيد مهامه خلفا له على راس وزارة الداخلية فوجئ المواطنون بظهور لافت لأعوان الأمن بمنطقة الشرطة بقفصة، ودوريات قارة على أغلب الطرقات كما فوجئ متساكني حي حشاد من عمادة لالة معتمدية القصر بفتح مقر منطقة الحرس الوطني بالقصر، الذي كان مقررا أن يفتح قبل انطلاق الثورة بأيام قلائل. وقد اعتبر العديد من الملاحظين بقفصة أن هذه الإجراء التي اتخذتها وزارة الداخلية دليل على ما روج حول سعي بعض كوادر الداخلية لعدم العمل تحت إمرة الوزير السابق. وقد لاقى قرار فتح المنطقة إدانة من طرف أغلب سكان الحي خاصة وأن مقر المنطقة يتوسط الحي. (المصدر: مجلة « كلمة » الإلكترونية ( يومية – محجوبة في تونس)، بتاريخ 29 مارس 2011)



  تونس ـ الشروق : مثّل الاعلان عن تعيين وزير جديد للداخلية في حكومة الباجي قائد السبسي المؤقتة حدثا مهما في الشارع السياسي وفي الشارع الشعبي في تونس.  
فإعفاء وزير الداخلية السابق فرحات الراجحي من مهامه طرحت على مستوى الشارع التونسي وداخل الاوساط السياسية أسئلة كثيرة في علاقة بالوضع العام الذي تعيشه تونس بعد 14 جانفي الماضي وهو وضع كانت وزارة الداخلية الجزء الأهم فيه ومحور كبير داخل المشهد السياسي.
وهذه الأهمية لوزارة الداخلية داخل المشهد السياسي جعلت خبر اقالة وزير الداخلية السابق فرحات الراجحي تحيط به الكثير من التجاذبات خاصة في غياب معلومات صحيحة ودقيقة يمكن ان توضح الأسباب الحقيقية لإقالة فرحات الراجحي.
حقيقة
وهنا لا بدّ لنا من فهم حقيقة مهمة داخل وزارة الداخلية وهي حقيقة تهم علاقة الوزير السابق فرحات الراجحي بأعوان وجهاز الامن.
فلم يعد خافيا على الشارع السياسي في تونس ان هناك «نفورا» وربما «توترا» في علاقة «الراجحي» بالجهاز الامني وذلك بعد أيام قليلة من التحاقه بمنصبه الجديد، وحقيقة تلك العلاقة برزت حين ظهر فرحات الراجحي على شاشة التلفزة وتحدث عن اقتحام مجموعة كبيرة من أعوان الامن لمكتبه وتم الاستيلاء على معطفه وجهاز هاتفه الجوال ونظارته…
تلفزة
وأمام التلفزة تحدث وزير الداخلية السابق فرحات الراجحي عن اسناده لأوامر لا تُطبق داخل الوزارة وداخل الجهاز الامني ليعلن بعد ذلك عن احالة عدد كبير من المسؤولين الأمنيين على التقاعد الوجوبي في ما عرف حينها بحملة لتطهير وزارة الداخلية.  
وبعد تلك التصريحات تحول فرحات الراجحي الى نجم شعبي خاصة على شبكة «الفايس بوك».
ولكن قبل الغوص في ذكر الكثير من الأحداث داخل وزارة الداخلية لابد من الوقوف عند حقيقة مهمة وهي أن نقطة الوزير السابق فرحات الراجحي كانت نجاحه في اعطاء صورة مختلفة عن الصورة التي يحملها الناس عن وزير الداخلية أي وزير للداخلية حيث قدم «الراجحي» صورة وزير الداخلية الهادئ والمتواضع والصريح والشفاف بعيدا عن صورة الوزير الصارم والحازم وهي صورة التصقت بوزير الداخلية على مر الحكومات المتعاقبة منذ استقلال تونس.
غير ان تلك الصورة لا يجب أن تحجب عنا الكثير من الحقائق التي كنا نراها ونلمسها ونسمع عنها داخل وزارة الداخلية دون أن نعرف أسبابها وتفاصيلها.  
فقد كان هناك شيء يوحي بوجود اضطراب في عمل وزارة الداخلية وهو اضطراب ان ثبت فعلا فإن وزير الداخلية حينها يُعتبر المسؤول عنه بالدرجة الاولى.
ففي ظرف أيام عرفت وزارة الداخلية الاعلان عن ثلاثة مديرين للأمن الوطني بما يعنيه هذا المنصب من أهمية ولم يعرف التونسيون كيف ولماذا تم ذلك ولماذا يعين مدير الأمن الوطني اليوم ثم يعزل بعد نصف يوم في وقت صار فيه «الانفلات الأمني» هو المصطلح الأكثر شيوعا في الشارع التونسي.
ومثل هذا الاضطراب غير المفهوم وغير المعروفة أسبابه حدث عند تعيين بعض الولاة، فقد تم الاعلان عن تعيين وال على سيدي بوزيد ليتم التخلي عنه بعد ساعات قليلة من اعلان تعيينه والأمر نفسه بالنسبة الى والي قابس الذي عُين وعُزل دون ان توضح وزارة الداخلية الأسباب الحقيقية وراء كل ذلك ولكن من المستبعد ان لا يكون للوزير حينها معرفة بأسباب كل هذا الاضطراب الذي لا مبرر له…
أمن
واذا كان فرحات الراجحي قد نجح في اعطاء صورة ناصعة عن وزير الداخلية داخل شبكة «الفايس بوك» الا ان الشارع التونسي كان يحتاج الى الاحساس بالأمن عند ممارسته لحياته العادية واليومية وصار هناك شبه تأكيد بأنه يصعب النجاح في تحقيق الامن اذا كان الوزير في قطيعة مع «الماكينة» الأمنية وهي وحدها التي تملك خبرة التعاطي مع الساحة ومع الأوضاع في وقت سيتحول فيه مطلب تحقيق الامن الى مطلب أساسي وملح…  
معلومات
ونعود هنا لنؤكد أننا لا نملك حقائق ثابتة عن أسباب اقالة الوزير بل نملك معلومات تساعد على التحليل وهو ما يجعلنا نسوق بكل احتراز معلومات مفادها أن فرحات الراجحي قد يكون على علم بإمكانية اعفائه من مهامه قبل يومين على الأقل.
وهنا نعود لنؤكد أن ما يدور في بعض أوساط الشارع من علاقة بين حكم حلّ حزب التجمع الدستوري الديمقراطي بفرحات الراجحي لا أساس لها من الصحة فحل التجمّع الدستوري الديمقراطي كان أمرا حتميا ـ حتى للتجمعيين ـ بعد 14 جانفي ثم إن حل التجمع ستستفيد منه بعض التيارات السياسية المعروفة وهو أمر ستثبته انتخابات المجلس التأسيسي فحلّ «التجمع» لدى هذه التيارات يخضع للحسابات السياسية الانتخابية لكننا قبل وبعد كل هذا نحتاج الى أن نسأل كيف دخل فرحات الراجحي الى الوزارة ثم كيف خرج منها..؟   بقلم سفيان الأسود (المصدر: جريدة « الشروق  » (يومية – تونس) الصادرة يوم 30 مارس 2011)  

<



حرر من قبل التحرير في الثلاثاء, 29. مارس 2011 طالب مئات المواطنين صباح يوم أمس الثلاثاء 29 مارس بإقالة معتمد جندوبة الشمالية.
وجاء هذا الاعتصام الذي شارك فيه أعضاء من اللجنة المحلية لحماية الثورة ببلاريجيا والذي دام أكثر من ساعة رفعت خلاله شعارات من بينها « جندوبة حرة، حرة، والمعتمد على بره » وأخرى تندد بمعتمد الجهة وتدينه على خلفية تهم مفادها أنه أساء معاملة المراجعين له فضلا على اتهامه بارتكاب تجاوزات في حق المال العام وصفت بالخطيرة، وانتمائه إلى هياكل الحزب الحاكم سابقا.

 وحسب شهود عيان فإن الإعتصام انتهى بتدخل قوات الجيش وتقديم وعد مفاده عدم عودة المعتمد إلى أن يتم تعيين مسئول جديد. (المصدر: مجلة « كلمة » الإلكترونية ( يومية – محجوبة في تونس)، بتاريخ 29 مارس 2011)


 
تونس, تونس, 30 (UPI) — قال مصدر رسمي إن مجموعة من مواطني مدينة بن قردان التونسية المحاذية للحدود مع ليبيا،قامت بقطع الطريق لمنع عبور شاحنات صهريج ليبية والحيلولة دون تحميلها بالمحروقات والوقود من تونس.
وذكرت وكالة الأنباء التونسية الرسمية أن الشاحنات الليبية دخلت الأراضي التونسية من المنفذ الحدودي رأس جدير،حيث توجهت نحو مدن جرجيس وقابس والصخيرة للتزود بالمحروقات.
وأوضحت أن أفراد هذه المجموعة التي تنتمي إلى « الرابطة الأهلية لحماية الثورة »،تمكنت من منع ثلاث شاحنات صهريج ليبية من مواصلة طريقها، وإجبارها على العودة إلى ليبيا فارغة.
ونقلت عن حسين بالطيب أحد أعضاء هذه المجموعة،قوله إن مجموعته ستواصل منع شاحنات الصهريج الليبية من التزود بالوقود من تونس « خوفا من إستعماله من قبل كتائب القذافي ضد أبناء الشعب الليبي ».
وأضاف بالطيب أن مجموعته لن تعمد إلى قطع الطريق أمام بقية السيارات والشاحنات الليبية التي تدخل تونس للتزود بالمواد الغذائية والاستهلاكية.

وكانت تقارير أشارت في وقت سابق إلى أن العاصمة الليبية تعاني من نقص حاد في الوقود والمحروقات، ما ساهم في بطء حركة آليات كتائب القذافي التي كانت متجهة شرقا لمواجهة المعارضة.

(المصدر: وكالية يو بي أي (يونايتد برس إنترناشيونال) بتاريخ 30 مارس 2011)

 


تونس, تونس, 30 (UPI) — تمكنت البحرية التونسية من إنقاذ 75 تونسيا من الموت غرقا أثناء محاولتهم التسلل خلسة إلى السواحل الجنوبية الإيطالية، فيما أضحى موضوع الهجرة غير الشرعية يسمم العلاقات بين تونس وروما.

وذكر مصدر أمني اليوم الأربعاء أن وحدات من خفر السواحل التونسية تمكنت أمس من إنقاذ حياة 50 شخصا من الموت غرقا غير بعيد عن جزيرة قرقنة من محافظة صفاقس (270 كيلومترا جنوب تونس العاصمة)، أثناء محاولتهم الإبحار خلسة إلى الشواطئ الإيطالية على متن زورق صغير.
وأضافت أن خافرة تابعة للبحرية التونسية تمكنت أيضا فجر أمس من إنقاذ 25 مهاجرا غير شرعي منهم سيدتين وطفلتين كانوا جميعا على متن زورق صغير أصيب بعطل في عمق المياه الدولية، وذلك أثناء محاولة ثانية للهجرة إلى جزيرة « لامبيدوزا » الإيطالية.
وتاتي هذه المحاولات للهجرة غير الشرعية، فيما ذكرت مصادر إيطالية أن نحو ألف مهاجر تونسي وصلوا خلال اليومين الماضيين إلى جزيرة « لامبيدوزا »، ليصبح بذلك عدد التونسيين الذين وصلوا إلى هذه الجزيرة الصغيرة في حدود 20 ألف شخص منذ بداية العام الجاري.
وتواجه جزيرة « لامبيودزا » الإيطالية منذ فترة موجة غير مسبوقة من الهجرة غير الشرعية، تكثفت بشكل لافت منذ الإطاحة بالرئيس التونسي المخلوع بن علي في الرابع عشر من يناير/كانون الثاني الماضي.
وأثارت هذه الموجة حفيظة سكان هذه الجزيرة الصغيرة، كما إستغلها وزير الداخلية الإيطالي روبارتو ماروني للضغط على حكومة برلسكوني لتنظيم عمليات ترحيل جماعية للمهاجرين، إلى جانب توجيه إنتقادات لاذعة للسلطات التونسية.
ودفعت هذه التحركات العديد من المنظمات الحقوقية التونسية والأوروبية والجمعيات الناشطة في مجال الهجرة،إلى رفض الأسلوب الذي تنتهجه السلطات الإيطالية في معالجة موضوع الهجرة غير الشرعية، وإتهام وزير الداخلية الإيطالي بالتدخل في الشأن التونسي.
وقال أمية نوفل الصّدّيق رئيس فيدرالية التونسيين من أجل المواطنة في الضفتين خلال مؤتمر صحفي عقده اليوم الأربعاء في تونس، إن مسألة معالجة الهجرة غير الشرعية من تونس إلى إيطاليا هي « مسألة سيادية ».
وإعتبر خلال هذا المؤتمر الصحافي الذي شارك فيه مندوبون عن منظمات حقوقية تونسية وأوروبية،أ ن تصريحات وزير الداخلية الإيطالي بشأن الهجرة غير الشرعية « تنطوي على تدخل سافر في الشأن الداخلي التونسي، وتهديد للتجربة الديمقراطية الفتية في تونس ».
وبحسب الصّدّيق، فإن الدعوة إلى ترحيل التونسيين الذين وصلوا إلى جزيرة « لامبيدوزا »،أو دعوة السلطات إلى تحويل البحرية التونسية إلى ما يشبه الحرس للسواحل الإيطالية، »أمر مرفوض،و لا يمكن القبول به ».
ودعا في هذا السياق السلطات التونسية إلى الدفاع عن سيادة البلاد،و رفض مثل هذه الدعوات،أو القبول بمقايضات من شأنها الحد من حرية تنقل الأفراد،وبالتالي العودة إلى إرساء نظام بوليسي ».  
(المصدر: وكالية يو بي أي (يونايتد برس إنترناشيونال) بتاريخ 30 مارس 2011)  



حرر من قبل التحرير في الثلاثاء, 29. مارس 2011 يحلّ بتونس اليوم الإربعاء 30 مارس وفد أوروبي مكون من المفوضة الأوروبية المكلفة بالشؤون الداخلية و المفوض الأوروبي المكلف بسياسة الجوار والتوسع. ومن المنتظر أن يجري محادثات موسعة مع أعضاء الحكومة و ممثلين عن جمعيات و منظمات المجتمع المدني.
و تهدف الزيارة حسب ما جاء في موقع المفوضية إلى دراسة الإحتياجات التونسية قبيل انتخابات المجلس التأسيسي واستكشاف الخطوات المقطوعة للانتقال إلى الديمقراطية.
 كما أنه من المنتظر أن يتحول الوفد إلى النقطة الحدودية راس جدير حيث من المنتظر أن يطلع على أوضاع اللاجئين ويجري محادثات مع ممثلي الجمعيات الانسانية.
يذكر أن كاترين أشتون ورئيس البرلمان الأوروبي وعددا من الوفود الاوروبية زاروا تونس بعد ثورة 14 جانفي و أكدوا دعمهم لمسار الانتقال إلى الديمقراطية من جهة أخرى صرح وزير الخارجية البلجيكي خلال ندوة صحفية عقدها يوم أمس في تونس أن بلاده والاتحاد الأوروبي مستعدان لمنح تونس مرتبة الشريك المتقدم بعد أن تجرى انتخابات ديمقراطية.
 
(المصدر: مجلة « كلمة » الإلكترونية ( يومية – محجوبة في تونس)، بتاريخ 29 مارس 2011)


نائب الوزير الأول ووزير الشؤون الخارجية والاصلاح المؤسساتي بالمملكة البلجيكية بلجيكيا والاتحاد الاوروبي مستعدان لمنح تونس مرتبة الشريك المتقدم  


أكد السيد ستيفن فانكير نائب الوزير الأول ووزير الشؤون الخارجية والإصلاح المؤسساتي بالمملكة البلجيكية ان «بلجيكيا والاتحاد الاوروبي مستعدان لمنح تونس مرتبة الشريك المتقدم» مشيرا الى ان الاتفاق النهائي في هذا الخصوص «لا يمكن ان يتم الا بعد اجراء انتخابات حرة وارساء الديمقراطية التي شكل غيابها حجرة عثرة امام مواصلة النظر في هذا الملف خلال مباحثات سنة 2005».
وأعرب خلال ندوة صحفية عقدها ظهر أمس الثلاثاء في اطار زيارة الى تونس تتواصل ثلاثة ايام عن ارادة بلده في مساندة الاقتصاد التونسي في عدة قطاعات نشيطة لا سيما منها الاستثمار والسياحة مؤكدا التزام بلجيكيا بتيسير عودة المؤسسات البلجيكية الى تونس للاستفادة من مختلف فرص التعاون الاقتصادي المتاحة.
وأضاف ان بلجيكيا بامكانها كذلك ان تفيد تونس بخبرتها وتجربتها المكتسبة في العديد من المجالات على غرار البنية التحتية والنقل والطاقة والتصرف في الموانئ.
وبين ان بلجيكيا تتعهد كذلك بمنح المساندة المالية لتونس وقال في هذا الصدد «ان بلجيكيا تساند تونس من خلال العديد من اليات التمويل مثل البنك الاوروبي للاستثمار الذي سيرفع من راسمال الاقتراض المسند لتونس الى مليار اورو».
وأعلن السيد ستيفن فانكير من جهة اخرى عن اعتزام بلجيكيا قريبا تمويل برنامج هام لتقييم المشهد الاعلامي في تونس ومصر موضحا ان هذا البرنامج الذي اعدته منظمة الامم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم «اليونسكو» سيفضي الى انجاز تقرير يتضمن توصيات ترمي الى ارساء اعلام حر وديمقراطي وتعددي. وأجرى وزير الشؤون الخارجية البلجيكي خلال هذه الزيارة سلسلة من المحادثات جمعته مع كل من الوزير الاول بالحكومة المؤقتة ووزير الشؤون الخارجية ووزير التخطيط والتعاون الدولي.
وثمن بالمناسبة تطلع الشعب التونسي الى الديمقراطية موضحا بأن بلجيكا « لم تأت لتقديم الدروس بل للاستماع الى التونسيين».
وأوضح أن بلجيكيا تعطي أهمية كبيرة للتنمية في تونس مبينا ان توفقها في عملية الانتقال الديمقراطي سيمكنها من الاضطلاع بدور ريادي في العالم العربي وسيجعلها مصدر الهام لعديد البلدان الاخرى في المنطقة.
وكان للسيد ستيفن فانكير لقاءات مع عدد من ممثلي المجتمع المدني أكد خلالها استعداد بلاده لتبادل التجارب مع تونس في مجال الحوار الاجتماعي والعمل النقابي والدفاع عن الطبقة الشغيلة مشيرا الى أن سفارة بلجيكا في تونس ستنظم ندوة حول هذا الموضوع بالتعاون مع شركاء تونسيين.
(المصدر: جريدة « الصحافة » (يومية – تونس) الصادرة يوم 30 مارس 2011)

<  



عقد مجلس الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة والإصلاح السياسي والانتقال الديمقراطي اجتماعه الرابع يوم الثلاثاء  و سجل حضور عياض بن عاشور رئيس أبرز هيئات الانتقال الديمقراطي الذي قال ان تونس « لن تقبل ابدا » مراقبين دوليين لانتخابات المجلس التأسيسي المقررة في 24  جويلية المقبل الذي سيكلف وضع دستور جديد للجمهورية الثانية في تونس المستقلة . وشدد بن عاشور على أنه سيتم الاعتماد فقط خلال هذه الانتخابات على مراقبين تونسيين مع إمكانية استدعاء ملاحظين دوليين معربا عن الأمل في أن يتعاون الجميع من أجل إنجاح هذه المحطة الانتخابية التي ستحدد مصير البلاد . وأكد في تصريحات صحافية على هامش الاجتماع  » لا توجد دولة محترمة تقبل بمراقبين دوليين » مضيفا « نعم لملاحظين دوليين أما المراقبون فسيكونون تونسيين فتونس صاحبة الحضارة تؤمن بنفسها خصوصا بعد الثورة وستكون العملية الانتخابية شفافة تماما ولا شبهة فيها ووجود هيئة مستقلة للانتخابات هو الضمان الأساسي لذلك « . كما أشار إلى انه سيتم خلال اليومين القادمين (الأربعاء والخميس) الفراغ نهائيا من ملف تركيبة الهيئة وسيعين أعضاءها رئيس الوزراء بقرار مشيرا إلى أن ما يعطل الانتهاء من ذلك هو صعوبة الاتصال بالجهات الـ24 في البلاد الذين يجري تحديد ممثليهم بالتشاور مع المركزية النقابية ورابطة حقوق الإنسان وعمادة المحامين. وقال انه يتوقع أن يربو العدد النهائي لأعضاء الهيئة على 140 عضوا . ر ش (المصدر: موقع المصدربتاريخ 30 مارس2011)  www.almasdar.tn

<  


الصباح تنشر المرسوم المؤقت المنظم للسلط العمومية 

هذه صلاحيات ومهام رئيس الجمهورية المؤقت.. الوزير الأول والحكومة المؤقتة انتهاء أحكام المرسوم عند مباشرة المجلس التأسيسي مهامه


صدر يوم أمس في الرائد الرسمي مرسوم عدد 14 لسنة 2011 مؤرخ في 23 مارس 2011 يتعلق بالتنظيم المؤقت للسلط العمومية. وينظم المرسوم مهام مختلف السلط التشريعية والتنفيذية والقضائية، ويمنح رئيس الجمهورية المؤقت مهام تنفيذ المراسيم والسلطة الترتيبية العامة وله أن يفوض كلا أو جزءا من هذه السلطة إلى الوزير الأول، ويواصل رئاسة الدولة حتى تاريخ مباشرة المجلس الوطني التأسيسي مهامه. ومن مهامه الأخرى القيادة العليا للقوات المسلحة، العفو الخاص، إشهار الحرب وإبرام السلم بعد مداولة مجلس الوزراء، تعيين الوزير الأول وبقية أعضاء الحكومة باقتراح الوزير الأول، وله إنهاء مهام الحكومة أوعضو منها باقتراح من الوزير الأول.. ويتيح المرسوم لرئيس الجمهورية المؤقت إذا تعذر عليه القيام بمهامه بصفة وقتية أن يفوّض بأمر سلطاته إلى الوزير الأول، وعند شغور منصب رئيس الجمهورية المؤقت لوفاة أواستقالة أوعجز تام، يتولى الوزير الأول « فورا » مهام رئاسة الدولة بصفة مؤقتة. وإذا تزامن شغور منصب رئيس الجمهورية المؤقت مع شغور منصب الوزير الأول تنتخب الحكومة المؤقتة أحد أعضائها الذي يتولى فورا مهام رئاسة الدولة بصفة مؤقتة. وفي ما يتعلق بمهام الحكومة المؤقتة تتمثل في السهر على تصريف أعمال الدولة والسير العادي للمرافق العمومية ويسيرها الوزير الأول وينسق أعمالها ويتصرف في دواليب الإدارة وفي القوة العامة وينوب عند الاقتضاء رئيس الجمهورية المؤقت في رئاسة مجلس الوزراء أو أي مجلس آخر. وتم التنصيص على أن ينتهي العمل بأحكام المرسوم عند مباشرة المجلس الوطني التأسيسي مهامه وضبطه تنظيما آخر للسلط العمومية.  اعداد: رفيق بن عبد الله في ما يلي النص الكامل للمرسوم: إن رئيس الجمهورية المؤقت، باقتراح من الوزير الأول، حيث أن الشعب التونسي هو صاحب السيادة يمارسها عن طريق ممثليه المنتخبين انتخابا مباشرا، حرا ونزيها، وحيث عبر الشعب أثناء ثورة 14 جانفي 2011 عن إرادة ممارسة سيادته كاملة في إطار دستور جديد، وحيث أن الوضع الحالي للدولة، بعد الشغور النهائي لرئاسة الجمهورية في 14 جانفي 2011 كما أقر ذلك المجلس الدستوري في إعلانه الصادر بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية المؤرخ في 15 جانفي 2011، لم يعد يسمح بالسير العادي للسلط العمومية، كما صار من المتعذر التطبيق الكامل لأحكام الدستور، وحيث أن رئيس الجمهورية هو الضامن لاستقلال الوطن وسلامة ترابه ولاحترام القانون وتنفيذ المعاهدات، وهو يسهر على السير العادي للسلط العمومية ويضمن استمرار الدولة، وبعد مداولة مجلس الوزراء، يصدر المرسوم الآتي نصه: الفصل الأول ـ إلى حين مباشرة مجلس وطني تأسيسي منتخب انتخابا عاما، حرا، مباشرا وسريا حسب مقتضيات نظام انتخابي يصدر للغرض مهامه، يتم تنظيم السلط العمومية بالجمهورية التونسية تنظيما مؤقتا وفقا لأحكام هذا المرسوم. الباب الأول أحكام عامة الفصل 2 ـ تحل بمقتضى هذا المرسوم المجالس الآتية: ـ مجلس النواب، ـ مجلس المستشارين، ـ المجلس الاقتصادي والاجتماعي، ـ المجلس الدستوري. يتولى الكتاب العامون أوالمكلفون بالشؤون الإدارية والمالية لهذه المجالس تصريف أمورها الإدارية والمالية إلى حين وضع المؤسسات التي ستعوضها بمقتضى الدستور الجديد. الفصل 3 ـ تمارس المحكمة الإدارية ودائرة المحاسبات صلاحياتهما طبقا للقوانين والتراتيب الجاري بها العمل والمتعلقة بضبط تنظيمهما وتحديد مشمولات أنظارهما والإجراءات المتبعة لديهما. الباب الثاني السلطة التشريعية الفصل 4 ـ يتم إصدار النصوص ذات الصبغة التشريعية في صيغة مراسيم يختمها رئيس الجمهورية المؤقت، بعد مداولتها في مجلس الوزراء ويسهر على نشرها بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية. الفصل 5 ـ تتخذ شكل مراسيم النصوص المتعلقة بـ : ـ الترخيص في المصادقة على المعاهدات، ـ العفو التشريعي وحقوق الإنسان والحريات الأساسية، ـ النظام الانتخابي والصحافة والإعلام والاتصال والنشر، ـ تنظيم الأحزاب السياسية وتمويلها والجمعيات والمنظمات غير الحكومية والمهن، ـ مكافحة الإرهاب ومنع غسل الأموال، ـ تنمية الاقتصاد، ـ قانون الشغل والضمان الاجتماعي والصحة، ـ المالية والجباية، ـ نظام الملكية والحقوق العينية، ـ التربية والتعليم والثقافة، ـ مجابهة الكوارث والأخطار الداهمة واتخاذ التدابير الاستثنائية، ـ الإجراءات أمام مختلف أصناف المحاكم وضبط الجنايات والجنح والعقوبات المنطبقة عليها وكذلك المخالفات الجزائية إذا كانت مستوجبة لعقوبة سالبة للحرية، ـ الضمانات الأساسية للموظفين والأعوان المدنيين والعسكريين، ـ الجنسية والحالة الشخصية والالتزامات، ـ الأساليب العامة لتطبيق هذا المرسوم. وبصفة عامة كل المواد التي تدخل بطبيعتها في مجال القانون. الباب الثالث السلطة التنفيذية الفصل 6 ـ يمارس رئيس الجمهورية المؤقت السلطة التنفيذية بمساعدة حكومة مؤقتة يترأسها وزير أول. القسم الأول رئيس الجمهورية المؤقت الفصل 7 ـ يسهر رئيس الجمهورية المؤقت على تنفيذ المراسيم ويمارس السلطة الترتيبية العامة وله أن يفوض كلا أو جزءا من هذه السلطة إلى الوزير الأول. ويقع تأشير الأوامر ذات الصبغة الترتيبية من قبل الوزير الأول وعضو الحكومة المعني. الفصل 8 ـ يواصل رئيس الجمهورية المؤقت رئاسة الدولة حتى تاريخ مباشرة المجلس الوطني التأسيسي مهامه. الفصل 9 ـ يمارس رئيس الجمهورية المؤقت الوظائف التالية: ـ القيادة العليا للقوات المسلحة، ـ المصادقة على المعاهدات، ـ العفو الخاص، ـ إشهار الحرب وإبرام السلم بعد مداولة مجلس الوزراء، ـ تعيين الوزير الأول وتعيين بقية أعضاء الحكومة باقتراح من الوزير الأول، ـ رئاسة مجلس الوزراء، ـ إنهاء مهام الحكومة أوعضو منها باقتراح من الوزير الأول، ـ اعتماد الدبلوماسيين للدولة في الخارج وقبول اعتماد ممثلي الدول الأجنبية لديه، ـ إسناد الوظائف العليا المدنية والعسكرية باقتراح من الحكومة. ولرئيس الجمهورية أن يفوّض إسناد بعض تلك الوظائف إلى الوزير الأول. الفصل 10 ـ لرئيس الجمهورية المؤقت إذا تعذر عليه القيام بمهامه بصفة وقتية أن يفوّض بأمر سلطاته إلى الوزير الأول. وعند شغور منصب رئيس الجمهورية المؤقت لوفاة أواستقالة أوعجز تام، يتولى الوزير الأول فورا مهام رئاسة الدولة بصفة مؤقتة. وإذا تزامن شغور منصب رئيس الجمهورية المؤقت مع شغور منصب الوزير الأول تنتخب الحكومة المؤقتة أحد أعضائها الذي يتولى فورا مهام رئاسة الدولة بصفة مؤقتة. الفصل 11 ـ لا يجوز لرئيس الجمهورية المؤقت الترشح لعضوية المجلس الوطني التأسيسي، كما لا يجوز له الترشح لأي انتخابات أخرى بعد وضع الدستور الجديد. الفصل 12 ـ المقر الرسمي لرئاسة الجمهورية تونس العاصمة وضواحيها إلا أنه يمكن في ظروف استثنائية أن يحوّل مؤقتا إلى أي مكان آخر من تراب الجمهورية. القسم الثاني الحكومة المؤقتة الفصل 13 ـ تسهر الحكومة المؤقتة على تصريف أعمال الدولة وعلى السير العادي للمرافق العمومية ويسيرها الوزير الأول وينسق أعمالها ويتصرف في دواليب الإدارة وفي القوة العامة وينوب عند الاقتضاء رئيس الجمهورية المؤقت في رئاسة مجلس الوزراء أو أي مجلس آخر. الفصل 14 ـ يسهر الوزراء كل حسب القطاع الراجع إليه بالنظر على تسيير الإدارة المركزية والإشراف على المؤسسات والمنشآت العمومية طبقا للقوانين والتراتيب الجاري بها العمل. كما تشمل الإدارة مصالح جهوية ومحلية في إطار اللامحورية أو اللامركزية يقع تنظيمها وتسييرها أوالإشراف عليها طبقا للقوانين والتراتيب الجاري بها العمل. الفصل 15 ـ لا يجوز للوزير الأول وبقية أعضاء الحكومة المؤقتة الترشح لعضوية المجلس الوطني التأسيسي. القسم الثالث الجماعات المحلية الفصل 16 ـ تمارس المجالس البلدية والمجالس الجهوية والهياكل التي يمنحها القانون صفة الجماعة المحلية، المصالح المحلية حسبما يضبطه القانون. الباب الرابع السلطة القضائية الفصل 17 ـ تنظم السلطة القضائية بمختلف أصنافها وتسير وتمارس صلاحياتها وفقا للقوانين والتراتيب الجاري بها العمل. الباب الخامس أحكام ختامية الفصل 18 ـ ينتهي العمل بأحكام هذا المرسوم عند مباشرة المجلس الوطني التأسيسي مهامه وضبطه تنظيما آخر للسلط العمومية. الفصل 19 ـ ينشر هذا المرسوم بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية ويدخل حيز التنفيذ بداية من 15 مارس 2011. تونس في 23 مارس 2011. رئيس الجمهورية المؤقت فؤاد المبزع (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 30 مارس 2011)



بعد شهرين يوما بيوم على انتصار الثورة في تونس والإطاحة بالنظام السابق ورأسه زين العابدين بن علي ،الذي فر من البلاد بعيدا عن كل أصول الشرف العسكري بوصفه ضابطا ساميا، وشرف رجل الدولة بوصفه رئيسا سابقا للبلاد، لوحظ بمناسبة تحرير تأسيس الأحزاب انتفاخ مفرط في عدد المؤسسات الحزبية سواء تلك التي تكونت فعلا ونالت التأشيرة الرسمية أو تلك التي قدمت طلبا في التأشيرة وما زالت تنتظر، وخاصة تلك التي يجري الإعداد لها لتقديم مطلب ترخيص. وفيما كان عدد الأحزاب المرخص لها قبل الرابع عشر من جانفي 2011 يراوح العشرة، فقد ارتفع إلى حوالي 30 في منتصف شهر مارس ، وهو مرشح للإزدياد ولعله يبلغ الستين حزبا وربما أكثر قبل انتخابات المجلس التأسيسي في 24 يوليوز المقبل. ويقول العارفون بالخوض في توجهات هذه الأحزاب المؤسسة أو التي هي قيد التأسيس أن بينها عددا من تلك التي تقوم على اتجاهات اشتراكية « متطرفة  » وأخرى على ما سمي باتجاهات اشتراكية معتدلة، عدا الأحزاب القومية العروبية وأكثرها ينسب نفسه للتوجه اليساري الإشتراكي، وفي المقابل نجد عددا من الأحزاب الليبيرالية التي لا تقول عن نفسها أنها يمينية، هذا إضافة إلى تلك المنبثقة من حزب الدستور الذي تم حله على خلفية شكوى تقدمت بها وزارة الداخلية، وهي أحزاب قائمة أو ستقوم دون أن تعلن عن نفسها كذلك أو تكشف عن مرجعيتها، وهناك بالطبع أحزاب تنسب نفسها للتيار الإسلامي لعل أهمها وأكثرها وقعا في الحياة السياسية في البلاد حزب النهضة الذي شهد صحبة أحزاب اليسار أكبر قدر من التعسف خلال الأحقاب الماضية. والأحزاب الإسلامية بالذات يختلف خطابها بين ما هو معتدل وبين ما هو متطرف، والنهضة بالذات تعلن خطابا معتدلا يقوم على الإعتراف بمجلة الأحوال الشخصية ( الحد الفاصل في تونس اليوم) كعنصر ممثل لاجتهاد إسلامي مقبول وله ركائزه، فيما حزب التحرير المستورد من الأردن عبر لندن والذي يبدو أن الإتجاه شديد لرفض منحه التأشيرة القانونية ، يعتمد مقولات من نوع ضرورة قيام الخلافة ورفض الديمقراطية والإعلان الصريح بأنه إذا وصل للحكم فإنه يحل كل الأحزاب التي لا تتفق مع مرجعيته ، أي بعبارة أخرى كل الأحزاب باستثنائه هو ذاته. ولكن السؤال المطروح يبقى كما يلي : كيف يمكن دخول انتخابات لإقامة مجلس يؤسس للدولة الجديدة بعد 4 أشهر وأيام من الآن، بمثل هذه الترسانة من الأحزاب التي لا يعرف جمهور الناخبين عنها أو عن غالبها شيئا، أحزاب غير واضحة معالمها ، غير مقروءة برامجها إن كانت لها حقا برامج أصلا، إن انتفاخا بمثل هذا القدر في عدد الأحزاب ليس مما يساعد على وضوح الرؤية ولا فرضية اختيار حقيقي للتصويت لهذه العائلة الفكرية أو تلك، خصوصا في ظل نظام انتخابي يبدو أنه يتجه نحو النسبية المطلقة في الدوائر الصغيرة الإسمية. لا يجازف المرء للقول إنها مغامرة ، ولكن الحيرة لا بد أن تسود إزاء وضع يبدو ضبابيا جدا تنقصه معالم الوضوح. ــــــــــــــــــــــ *كاتب صحفي رئيس التحرير الأسبق لصحيفة الصباح التونسية (المصدر: صحيفة « العلم  » (يومية – المغرب) الصادرة يوم 30 مارس 2011)

<  



  إيمانا منها بأن تحقيق أهداف الثورة التي أطاحت بنظام الاستبداد والفساد يستدعي تجميع أوسع القوى الديمقراطية المتمسكة بقيم المواطنة والجمهورية المبنية على الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية، وتفاعلا مع ما تشهده الساحة السياسية من مبادرات مواطنية متنوعة تلتقي حول ضرورة الإسراع في بناء تيار وطني للحفاظ على المكاسب الحداثية والحضارية لبلادنا وما حققته الثورة من انجازات وحمايتها من مخاطر الارتداد وتطويرها في إطار النظام الجمهوري الجديد.
فإن حركة التجديد تتوجّه بنداء ملح إلى كافة المناضلات والمناضلين والمواطنات والمواطنين أنصار الديمقراطية والتقدم أيّا كان موقعهم، كي نعمل معا على بناء جبهة وطنية واسعة تضم في صفوفها كل القوى الحريصة على صيانة المكاسب الحداثية والعقلانية التي حققها شعبنا عبر تاريخه، وكانت ثمرة مسار إصلاحي عريق انطلق منذ القرن التاسع عشر ونجح في التوليف بين تراثنا العربي الإسلامي وما فيه من جوانب نيّرة وبين القيم والحقوق الكونية، خاصة في ما يتعلق بحقوق المرأة والمساواة بين المرأة والرجل. ومن مهام هذه الجبهة أيضا تأمين عملية الانتقال الديمقراطي نحو نظام جمهوري حقيقي يستجيب لآمال الشعب وطموحات الشباب ويكرس أهداف ثورة الكرامة والحرية.   تونس في 30 مارس 2011   عن حركة التجديد جنيدي عبد الجواد

<  



أيها الأخوة الإعزاء لقد اقترف الكاتب العام للاتحاد الجهوي للشغل ببنزرت المدعو عبد الكريم الخالقي أخطاءا كثيرة وخيانات لا تغفر لمبادئ المنظمة من ذلك : 1/ التحرش الجنسي ضد عديد المنخرطات والنقابيات مستغلا نفوذه النقابي للغرض  (أنظر ملف الشكوى المقدمة للمركزية) 2/ تورطه في طرد حوالي 40 عاملا من معمل Cofit  وطرد النقابي نزار العقربي بجهة ماطر 3/ عدم استجابته لرغبة عمال شركة النقل بمدينة بنزرت في مؤتمر استثنائي رغم العريضة الممضاة من قبل أكثر من ثلثي المنخرطين طبقا للقانون مما دفع أكثر من 200 عامل للانسلاخ. 4/ وقوفه ضد الثورة ومطالبها بمساندته لهاشمي بلوزة الوالي التجمعي المرفوض جماهيريا وتحريضه لبعض العمال قصد دفعهم الى تحركات مضادة للثورة (تشكيك- إضرابات مطلبية – تجمعات…) ولما نفذ صبر عديد النقابيين بالجهة قدموا شكوى للمركزية ضد الكاتب العام ثم اعتصموا رافعين شعار « لا للفساد لا للخيانة » فجند الكاتب العام ميليشيات من ضمنها بعض المنحرفين من ماطر وجرزونة عن طريق فتحي التليلي وعلي الرياحي وزهرة لموشي وهشام الكوكي ومنير نفاتي. فقامت هذه الميلشيات بتعنيف المعتصمين في عدة مناسبات مرتين قبل الاعتصام وثلاثة مرات أثناء الاعتصام. أيها الإخوة الإعزاء. يجب أن نقاوم معا وبكل قوة هذا السلوك الخطير والمرفوض حفاظا على سمعة الجهة ووحدة النقابيين. أيها الإخوة الإعزاء إن المعتصمين يدعونكم يوم الخميس 31 مارس 2011 على الساعة الرابعة والنصف بعد الزوال لحضور الاجتماع العام.   عن المعتصمين بدار الاتحاد الجهوي ببنزرت     بنزرت في 28/03/2011   إلى الأخ الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل   الموضوع : شكوى ضدّ الكاتب العام للإتحاد الجهوي للشغل ببنزرت ومجموعته   تحية نقابيّة وبعد، نحن المعتصمون سلميا بدار الاتحاد الجهوي للشغل ببنزرت تعرّضنا يوم 19 مارس 2011 الى اعتداء سافر وعنيف من قبل أكثر من 40 معتديا مسلحين بالعصي والسكاكين والكلام البذيء والسب والشتم والحركات الإباحيّة مدنسين حرمة دار الاتحاد. وفي يوم الخميس 24 مارس 2011 وبعد انتهاء أشغال الهيئة الإدارية الجهوية وقبيل مغادرة الأمين العام المساعد المكلف بالنظام الداخلي الذي أشرف على انعقادها وتحت أنظاره هاجمتنا ميليشيات ارهابية ومأجورة وراحت تعتدي علينا بكل همجية مستعملة السواعد والكراسي والعبارات البذيئة والحركات غير الأخلاقية ثم راحت تمزق كل المعلقات واللافتات ببهو الاتحاد. تمت هذه الجريمة من طرف الكاتب العام للاتحاد الجهوي عبد الكريم الخالقي وعضو المكتب التنفيذي فتحي التليلي وزهرة اللموشي ومنير النفاتي وهشام الكوكي. وفي يوم الجمعة 26 مارس عند الساعة التاسعة صباحا جاء الكاتب العام ومعه عدد من الأشخاص واستفزنا محرضا على استعمال العنف ضدنا فانهالوا علينا دفعا ولكما قصد اخراجنا من دار الاتحاد وفك اعتصامنا كالمحاولات السابقة مع العلم أنه تعمد في كل اعتداء جلب ميليشيات من ماطر ومنزل بورقيبة وجرزونة وسجنان بعد شحنهم بالنعرات الجهوية ضد متساكني مدينة بنزرت. وتجلي ذلك فيما تلفظوا به من عبارات مشحونة بالعداء الجهوي. إن مثل هذه الممارسات من شأنها أن تشوه سمعة المنظمة وتضرّ مصالح المنخرطين وتشقّ وحدتهم. لذلك نطالب بمحاسبة المعتدين تخطيطا وتنفيذا حتى لا تصبح هذه الممارسات المرفوضة قاعدة لقمع الرأي المخالف داخل منظمتنا. كما نحيطكم علما بخطورة الوضع بالجهة اثر كل هذه الاعتداءات. ونحمل الكاتب العام للاتحاد الجهوي ببنزرت مسؤولية كل احتقان وانفلات. والســــلام
عن المعتصمين     بنزرت في 28/03/2011
إلى الأخ الكاتب العام المساعد للاتحاد العام التونسي للشغل المكلف بالنظام الداخلي   الموضوع : شكوى ضدّ الكاتب العام للإتحاد الجهوي للشغل ببنزرت ومجموعته تحية نقابيّة وبعد، نحن المعتصمون سلميا بدار الاتحاد الجهوي للشغل ببنزرت تعرّضنا يوم 19 مارس 2011 الى اعتداء سافر وعنيف من قبل أكثر من 40 معتديا مسلحين بالعصي والسكاكين والكلام البذيء والسب والشتم والحركات الإباحيّة مدنسين حرمة دار الاتحاد. وفي يوم الخميس 24 مارس 2011 وبعد انتهاء أشغال الهيئة الإدارية الجهوية وقبيل مغادرة الأمين العام المساعد المكلف بالنظام الداخلي الذي أشرف على انعقادها وتحت أنظاره هاجمتنا ميليشيات ارهابية ومأجورة وراحت تعتدي علينا بكل همجية مستعملة السواعد والكراسي والعبارات البذيئة والحركات غير الأخلاقية ثم راحت تمزق كل المعلقات واللافتات ببهو الاتحاد. تمت هذه الجريمة من طرف الكاتب العام للاتحاد الجهوي عبد الكريم الخالقي وعضو المكتب التنفيذي فتحي التليلي وزهرة اللموشي ومنير النفاتي وهشام الكوكي. وفي يوم الجمعة 26 مارس عند الساعة التاسعة صباحا جاء الكاتب العام ومعه عدد من الأشخاص واستفزنا محرضا على استعمال العنف ضدنا فانهالوا علينا دفعا ولكما قصد اخراجنا من دار الاتحاد وفك اعتصامنا كالمحاولات السابقة مع العلم أنه تعمد في كل اعتداء جلب ميليشيات من ماطر ومنزل بورقيبة وجرزونة وسجنان بعد شحنهم بالنعرات الجهوية ضد متساكني مدينة بنزرت. وتجلي ذلك فيما تلفظوا به من عبارات مشحونة بالعداء الجهوي. إن مثل هذه الممارسات من شأنها أن تشوه سمعة المنظمة وتضرّ مصالح المنخرطين وتشقّ وحدتهم. لذلك نطالب بمحاسبة المعتدين تخطيطا وتنفيذا حتى لا تصبح هذه الممارسات المرفوضة قاعدة لقمع الرأي المخالف داخل منظمتنا. كما نحيطكم علما بخطورة الوضع بالجهة اثر كل هذه الاعتداءات. ونحمل الكاتب العام للاتحاد الجهوي ببنزرت مسؤولية كل احتقان وانفلات. والســــلام         عن المعتصمين

<  


بنزرت في 28/03/2011

حول تعليق اعتصام النقابيين بمقر الاتحاد الجهوي للشغل ببنزرت بيـــان


 
قامت لجنة وساطة مكوّنة من 7 نقابيين عرفوا بنضاليتهم ودفاعهم عن المنظمة بمدّ المعتصمين ببيان داخلي ممضى من قبل 22 إطار نقابي وجاء في هذا البيان عدة مقترحات تفاعل معها المعتصمون إيجابيا وتم الإتفاق على التزام لجنة الوساطة بمتابعة الملف لدى المركزية النقابية من أجل تحقيق مطالب المعتصمين وعدم اتخاذ أي إجراء عقابي ضدّهم.
إثر ذلك اجتمع المعتصمون بروح معنوية عالية مؤمنين بشرعية مطالبهم ومثمنين مجهودات إخوانهم في لجنة الوساطة واعتبروا تعليق الاعتصام ضرورة أملتها روح الوحدة النقابية المناضلة وحتمها واجب الوقوف الى جانب المنظمة في هذا الظرف الدقيق.
ونحن إذ أعلنا تعليق الاعتصام فإننا نؤكد التزامنا بمواصلة النضال مع بقية الإخوة النقابيين والشغالين ضد الفساد داخل الاتحاد الجهوي للشغل ببنزرت تمسكنا بمطالبنا التي لا مجال للتشكيك في شرعيتها.
لنناضل من أجل
اتحاد وطني مناضل وديمقراطي لا للفساد داخل الاتحاد الجهوي ببنزرت
عن المعتصمين بدار الاتحاد الجهوي للشغل ببنزرت

<  



لعل أكثر مطلب ينادي به غالبية التونسيين إبان ثورة  14 جانفي سيما عائلات الشهداء هو مقاضاة القناصة ومحاكمتهم وظلت الاسئلة التي تخامر الذهن دون إجابة شافية من ذلك: لماذا تلوذ الهياكل المعنية بالصمت
في ما يتعلق بمسألة القناصة؟ ولماذا لم تعرف إلى الآن هوياتهم وتحدد انتماءاتهم ؟ ولماذا كل هذا التعتيم الإعلامي بشأنهم؟ في ظل تأكيد البعض  انه وقع القبض على البعض منهم في الجهات وتمت إحالتهم على المحاكم مما جعل عائلات الشهداء تعيش غليان مفاده لماذا تتغافل الحكومة والجهاز العدلي عن محاسبتهم؟
ورغم أنه تم في ولاية القصرين خلال يوم 16 جانفي الماضي إلقاء القبض من طرف الجيش الوطني على مجموعة من الأشخاص بزي مدني ضبطت بحوزتهم أسلحة وفقا لما أكده شهود عيان من منطقة حي الزهور بولاية القصرين فانه إلى حد الآن لم يعلن عن هوية هؤلاء والى ماذا أفضى التحقيق بشأنهم سيما ان شهود عيان اكدوا أن الجيش الوطني اخبر المواطنين أنهم ينتمون إلى فرقة القنص التي أتت إلى القصرين  خلال أيام الثامن والتاسع والعاشر من جانفي. وهي التي قامت بعمليات القنص تلك، مع العلم أن عمليات القتل تلك وردت في مقاطع فيديو تم تداولها بشكل مكثف على شبكة الموقع الاجتماعي « الفايسبوك ».
وتبقى الأسئلة المطروحة في هذا الشأن كثيرة :أين الأشخاص اللذين تم القبض عليهم في تلك الفترة؟  لماذا كل هذا التعتيم الإعلامي بشأنهم؟ والأهم لماذا لا يحاسبون سيما أن جرائم القتل التي ارتكبت كانت في ظل نظام لا يزال قائم الذات وفي ظل وجود وزارة داخلية لا تزال بدورها قائمة الذات ومن الأكيد هنالك وثائق تحدد المهام والفرق الموكل لها تنفيذ الأوامر.    
   ولأنه من غير المسموح التغافل عن هذا الموضوع وتركه يمر مرور الكرام دون أن تقع محاكمة مرتكبو هذه الجرائم فقد اتصلت الصباح  بوزارتي الداخلية والعدل  للتوصل إلى إجابة عن كل الأسئلة السالفة الذكر. وقد أكدت الأولى أنها لا تعلم شيئا عن هؤلاء  فيما صرح مصدر من وزارة العدل انه في ما يتعلق بقضية القناصة فان هنالك عدة قضايا منشورة في عدة محاكم بمختلف جهات الجمهورية لدى قضاة التحقيق في ما يتعلق بهذا الموضوع وأن الأبحاث ما تزال جارية وهي التي ستثبت انتماء من قاموا بقتل المواطنين المتظاهرين أيام الثورة وسوف ينالون جزاء ما ارتكبوه مشيرا إلى انه لم يتمكن حتى الآن من إلقاء القبض عليهم وأن الأبحاث لا تزال سارية.
هذه الإجابة جعلت السيدة خديجة مدني (محامية لدى محكمة التعقيب) تؤكد بأنه من الضروري اليوم القطع مع مسألة التعتيم  في هذه المسالة نظرا لأهميتها  كونها تمثل مطلبا شعبيا لا تراجع فيه. ولئن يمنع القانون نشر تفاصيل التحقيق فانه من الواجب في هذه المسألة طمأنة الناس سيما أهالي الشهداء. وأضافت انه لا يكفي إقالة رموز الفساد أمثال احمد فريعة والسرياطي إذ لا بد للهياكل المعنية أن تتحرك بالنجاعة المطلوبة لكشف هوية هؤلاء. وردا عن سؤال يتعلق بالعقوبة اللازمة التي يستحقها القناصة خاصة أن البعض طالب بإعدامهم أوردت المحامية أن عقوبة القتل العمد تصل حد الإعدام. وأشارت إلى أن التواجد فوق سطوح المنازل وإطلاق النار هو اكبر نموذج للقتل العمد لذا من الضروري أن تسلط عليهم أقصى العقوبات.  منال حرزي (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 30 مارس 2011)

المشروع الاقرب للتوقيت الإداري أسبوع عمل بـ 5 أيام .. السبت والأحد عطلة.. وتخفيض الراحة بين الحصتين


 
يبدو أن مشروع تعديل التوقيت الإداري المعمول به حاليا مازال قائما ومازالت مصالح الوظيفة العمومية في الوزارة الأولى تبحث عن إمكانيات تغيير التوقيت الإداري ونظام العمل وسط الأسبوع.
وما يؤكد هذا التخمين هو قيام الوزارة الأولى هذه الأيام بتوزيع استمارة على الوزارات والمؤسسات العمومية لاستقصاء رأي الموظفين والأعوان حول ايجابيات وسلبيات التوقيت الإداري المعمول به حاليا والمقترحات الممكنة لتعديله.
وجاءت الاستمارة في شكل استطلاع للرأي تضمن بعض الأسئلة والاستفسارات حول نظام العمل بالأيام الستة ونظام العمل بالحصة الواحدة وإمكانيات الإبقاء على التوقيت الإداري الحالي أو تعديله.
كما تضمنت الاستمارة رأي الموظف في صورة اختياره على نظام أسبوع العمل بـ 6 أيام أو العمل بـ 5 أيام فقط. وتضمّنت الاستمارة سؤالا خاصا بنظام العمل بالحصة الواحدة أو الحصة المسترسلة،ليكون توقيت العمل إمّا من الساعة الثامنة والنصف صباحا إلى الساعة الخامسة والنصف بعد الظهر مع راحة بساعة ونصف، أو العمل من الساعة التاسعة صباحا إلى الساعة الخامسة وخمس وأربعين دقيقة.
كما تضمنت الاستمارة أسئلة أخرى حول التأثيرات المادية والاجتماعية لكل من نظامي العمل الإداري.  
 
مشاريع لتعديل نظام العمل الاداري
ويذكر أن الوزارة الأولى كانت ومنذ سنتين تقريبا أعدت بعض المشاريع لتعديل نظام العمل الإداري لكن ظلت هذه المشاريع حبرا على ورق. ويبدو أن آخر ما تم التوصل إليه منذ أشهر ووقع عليه الاتفاق مشروعان اثنان كان سيتم اعتماد احدهما.لكن ظلت المسالة على حالها لأمور بقيت مجهولة رغم ان تعديل التوقيت الاداري كان سيتم وحسب مصادر مؤكدة في نهاية سنة 2009.  ومشروعا اصلاح التوقيت الاداري والوظيفي اللذان كان سيتم اعتماد أحدهما في نهاية السنة قبل الماضية كانا ينصان على أن يكون أسبوع العمل الاداري والوظيفي  5 ايام فقط ليكون بذلك يوم السبت يوم عطلة ينضاف الى يوم الاحد. وينص المشروع الأوّل على أن يكون التوقيت الشتوي بين غرة سبتمبر و 30 جوان لينطلق التوقيت الصيفي بداية من غرة جويلية الى حدّ 31 اوت. ويكون العمل في التوقيت الشتوي من الاثنين الى الخميس من الساعة التاسعة صباحا الى الواحدة ظهرا ثم استراحة بساعة قبل العودة للعمل من الساعة الثانية ظهرا للسادسة مساء اما يوم الجمعة فيكون فيه العمل صباحا دون تغيير على ان تمتد راحة بعد الظهر الى حدود الساعة الثانية والنصف لتكون العودة لمراكز العمل من الثانية والنصف الى السادسة مساء.. ويكون يوم السبت والاحد يوما عطلة. وبالنسبة للتوقيت الصيفي فيكون خلاله العمل من الساعة الثامنة صباحا الى الثالثة ظهرا من الاثنين الى الخميس في حين يتوقف العمل يوم الجمعة عند الساعة الواحدة والنصف بعد الزوال ويكون يوم السبت والأحد يومي راحة. ويختلف المشروع الثاني عن المشروع الأول فيما يتعلق بتوقيت دخول الموظفين والزمن المخصص للراحة بين الحصتين الصباحية والمسائية.  وينص هذا المشروع على اعتماد نفس التوقيتين الشتوي والصيفي المعتمدين في المشروع الأوّل مع جدول زمني مغاير في مواعيد دخول الموظفين وخروجهم .ويرى المشروع الثاني أن يكون العمل في الحصة  بالنسبة للتوقيت الشتوي من الساعة الثامنة والنصف الى حدود الواحدة ظهرا تكون بعدها راحة لمدة ساعة قبل الحصة المسائية التي تمتّد من الساعة الثانية الى الخامسة والنصف مساء.ويكون العمل يوم الجمعة من الثامنة والنصف صباحا الى الواحدة ظهرا ثم راحة بساعة ونصف الساعة قبل الحصّة المسائية التي تمتّد من الساعة الثانية والنصف الى الخامسة والنصف ويكون يوم السبت وأيضا الاحد عطلة. وبالنسبة اللتوقيت الصيفي، يكون خلاله العمل من الساعة الثامنة صباحا الى الثالثة ظهرا من الاثنين الى الخميس في حين يتوقف العمل يوم الجمعة عند الساعة الواحدة والنصف بعد الزوال ويكون يوم السبت والأحد يوما راحة. وينص المشروعان على أن تكون مدة العمل 39 ساعة ونصف الساعة اسبوعيا خلال فترة العمل الشتوية. وتكون 33 ساعة ونصف الساعة صيفا في اسبوع العمل لمدة 5 ايام مقابل 35 ساعة في اسبوع الستة ايام المعمول به حاليا.
ويذكر أن التوقيت الاداري الوارد في المشروعين هو نفس التوقيت تقريبا الذي تعتمد عليه جلّ الدول الأوروبية.وهو توقيت يسمح للموّظف باسترجاع الأنفاس خلال عطلة نهاية الأسبوع التي تمتد يومين كاملين.
 
 مردودية أفضل
وكانت الوزارة الاولى لجأت منذ سنة 2007 الى جملة من الاستشارات وإستبيان خاص بالتوقيت الوظيفي أّكّد على ضرورة اصلاح الزمن الوظيفي والتوقيت الاداري حتى يواكب العصر ويواكب التغييرات الإجتماعية والإقتصادية وتغير نمط حياة المواطن بصفة عامة.
 وكانت الاستشارة وما تبعها من تمش واقتراحات ركزت على أن يأخذ الاصلاح الاداري الجديد بالاعتبار جميع المؤشرات والعناصر المستجدة والعمل على أن يكون الاصلاح في اتجاه  تحقيق مردودية أفضل للعمل الاداري والموظف على حد السواء بحيث تتحقق المردودية ويتحقق المناخ الاجتماعي الملائم للموظف عبر تمكينه من تفرغ  أكثر لحياته الخاصة هذا الى جانب إيجاد حل جذري لمشكل حركة المرور  والاختناق المروري بالمدن الكبرى خاصة.  سـفـيـان رجـب (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 30 مارس 2011)



لامبيدوسا (ايطاليا) (رويترز) – وعد رئيس الوزراء الايطالي سيلفيو برلسكوني باجلاء الاف المهاجرين التونسيين غير الشرعيين من لامبيدوسا بحلول مطلع الاسبوع بعد احتجاج بشأن أزمة انسانية في الجزيرة الصغيرة التي تقع في جنوب البلاد.
وقال برلسكوني الذي زار لامبيدوسا يوم الاربعاء ان اجراء نقل نحو 6000 مهاجر يعيشون في معسكر خيام مؤقت الى مراكز اخرى في ايطاليا بدأ بالفعل على متن ست سفن تبلغ سعتها الاجمالية عشرة الاف راكب.  
ولامبيدوسا في الاحوال العادية جزيرة سياحية هادئة وميناء للصيد تبعد نحو 225 كيلومترا من ساحل تونس لكنها تحولت الى مخيم يعج بالنفايات حيث يصل مئات المهاجرين من تونس على متن زوارق صيد كل يوم.
وقال برلسكوني في اجتماع مع سكان الجزيرة الذين شهدوا وصول 19 الف تونسي منذ الاضطرابات الشعبية التي أطاحت برئيسهم في يناير كانون الثاني « من هذه اللحظة وخلال 48-60 ساعة ستصبح لامبيدوسا مأهولة فقط بسكانها. »
ومع نقل مهاجرين من لامبيدوسا ظهرت مشاكل في مخيمات في اماكن اخرى في ايطاليا وتكافح الحكومة للتوصل الى حل بعيد المدي.
ويطالب حلفاء برلسكوني في رابطة الشمال باعادة المهاجرين الى تونس على الفور لكن رئيس الوزراء نفسه انتهج خطا أكثر حرصا.
وقال « سنتمكن من أخذ بعضهم مرة اخرى من الاماكن التي غادروا منها. لن يكون الامر سهلا لكنه سيكون اشارة قوية الى ان الامر لا يستحق المخاطرة ثم اعادتهم مرة اخرى الى اوطانهم. »
ووصل عدد صغير جدا من المهاجرين الاخرين أغلبهم من الاريتريين قادمين من ليبيا الى شرق تونس حيث تقاتل قوات معمر القذافي المعارضين منذ ستة اسابيع والتعرض لضربات جوية غربية تستهدف حماية المدنيين في الصراع.
وبعد ان واجه انتقادات مريرة لتقاعسه عن اتخاذ اجراء مع تفاقم الازمة منذ بداية العام قدم برلسكوني سلسلة من الوعود التي تراوحت بين المساعدة في انشاء ملعب جولف في لامبيدوسا الى اقتراح ترشيح الجزيرة للفوز بجائزة نوبل للسلام.
وقال ان شبكة راي وميدياست — وهي اكبر شبكة بث خاصة في ايطاليا يمتلكها هو — ستبث برامج بشأن جمال جزيرة لامبيدوسا لتشجيع السياحة الى الجزيرة التي يبلغ عدد سكانها خمسة الاف نسمة
 
(المصدر: وكالة رويترز للأنباء بتاريخ 30 مارس2011)

<  


عبد الفتاح مورو يواصل « دروسه » لن أغيّر بأيّ حال من الأحوال مواقفي المعلنة في وسائل الإعلام والمساجد


اصبحت الدروس التي يقدمها الشيخ عبد الفتاح مورو بجوامع مختلفة حسب روزنامة محددة تستقطب اهتمام الكثيرين الذين بات بعضهم يحرص على حضورها باستمرار وقد كان درس اول امس (الاثنين) الذي قدمه بجامع ابو هريرة ببلفي بين صلاتي المغرب والعشاء فرصة له للتطرق الى عديد المسائل الدينية.. كانت بداية درس الأستاذ عبد الفتاح أو الشيخ كما يحلو للبعض تسميته بالعودة الى ما عاناه المصلون في حقبة بن علي الذي الغى الدور الحقيقي للمساجد التي اقتصرت مهمتها على تامين الصلاة فقط تحت شعار ما اسماه « صلي و ارفع صباطك ». لقد اعتبر البعض هذا الدرس الذي امتد اكثر من ستين دقيقة خطابا سياسيا اكثر منه دينيا اذ كان استناد الشيخ على الاحاديث النبوية قليلا ليتخذ الجزء الاكبر من حديثه منحى سياسيا واقتصر في شهاداته على واقع « المصلي » او »المواطن » قبل 14 جانفي وما تعرض له من مضايقات وقمع وكبت للحريات الفردية من ذلك ان العديد من الملتحين قد تم تهديدهم وحبسهم وتابع قائلا : »لقد زرت كمحام البعض من المسجونين بتهمة « الالتزام بالصلاة ورفض حلق اللحي »..وصلت فترة قبوع احدهم 18 سنة في زنزانة فردية..فكان اكبر امر يقلق نظام الرئيس المخلوع هو ذاك الشاب الملتزم وليس ما جاوز الستين. » لا للمحاسبة كما تطرق الشيخ عبد الفتاح مورو إلى موضوع فاجأ به الحاضرين الذين كانوا متعطشين لمعرفة أغوار دينهم وأسراره اذ تحدث عن واقعة حصلت معه في الفترة الاخيرة بقوله: »فوجئت وانا الج صبيحة ذات يوم مبنى مكتبي بمجموعة من النساء اللاتي ارتدين « سفساري » وقد طلبن مني توكيلي للدفاع عن حقوقهن في العودة للعمل لماخور العاصمة… ولما علمت بأمرهن رفضت على التو لكن بعد سماعي لقصصهن وظروف دخولهن هذا العالم تأثرت وسالت دموعي وكنت في قرارة نفسي ابحث عن الأسباب الكامنة وراء إقدامهن على ما اقترفن في حق أنفسهن لاتاكد وان انحراف الذات البشرية مرده ظروف معينة وجب علينا محاسبة الظروف وإيجاد حلول لها وليس للأشخاص. » « موقفنا » ثابت واصل الشيخ حديثه الى الحاضرين بالتطرق في اكثر من مرة الى قنواتنا التلفزية اذ اشار قائلا: »لقد طلب مني في برنامج حواري مع فنانين في احدى قنواتنا التلفزية دعوة المصلين الى دخول قاعات السينما والمسرح, في المقابل كان ردي بالطلب منهم بدعوة رواد السينما والمسرح ودور الثقافة الى دخول المساجد للصلاة. لقد اكد علي احد الحاضرين بمتابعة خطبي ودروسي لمعاينة مدى ثباتي على موقفي, لذلك فاني اقول للجميع اني لن اغير باي حال من الاحوال مواقفي التي أعلنتها في وسائل الاعلام او المساجد ويضيف الاستاذ مورو قائلا: »علينا ان نهتم بالشان العام للبلاد وكل مصلي مطالب بدعوة جاره وكل من يعرفه الى الطريق الصحيحة وبذلك نرسل رسالة الى المشككين فينا باننا لسنا من هواة التفجيرات او الداعين الى تكفير والتخريب واستعمال كل ما من شانه ان يرهب التونسي بتعلة. » ردود فعل متباينة بعد انتهاء الدرس وصلاة العشاء تعالت الاصوات في الجامع بين مؤيد لموقف الشيخ مورو ورده على الدعوة الى زيارة الفضاءات الثقافية وغنائه، ورافض لما اتاه في تلك الحصة التلفزية والذين اعتبروه ليس من الاسلام في شيء. وقد احتد الحوار بين مورو واحد الحاضرين حول كيفية الرد الامر الذي جعل القائمين على الجامع يدعون الجميع الى احترام قدسية المكان. فكانت خاتمة الدرس اصواتا متعالية.  جمال الفرشيشي (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 30 مارس 2011)



غرائب وعجائب.. فساد العائلة « المالكة » لا تقف عند حد بل ان  ما اكتشفه وما يكتشفه التونسيون يوما بعد يوم من هوس بلغ حد المرض غير القابل للعلاج والذي استبد برموز وعصابات  النظام المخلوع بين السلطة والمال من شأنه أن يدفع التونسيين بمختلف مواقعهم وهم الذين أعلنوا الحرب على الظلم والاستبداد الى اليقظة الدائمة والاصرار على ملاحقة ومساءلة عصابات الفساد والاستعداد لاستئصال كل مظاهره وعدم التسليم بالقول أن للبيت رب يحميه…
والحقيقية أنه ورغم أن أغلب التونسيين كانوا يدركون بطريقة أو باخرى قبل ثورة الكرامة التي وضعت حدا لنظام بن علي غير مأسوف عليه، بأن الفساد بات أشبه بالوباء المستشري في مختلف القطاعات والمؤسسات بما في ذلك المؤسسات التربوية التي يفترض أن تكون الاكثر حصانة في وجه كل أنواع التجاوزات نظرا لصبغتها الاخلاقية والتربوية والعلمية، فانه لا أحد عمليا وربما باستثناء عصابات المستفيدين كان  يدرك الحجم الحقيقي للفساد  ولا أحد أيضا بامكانه اليوم أن يحدد بشكل قطعي  حجم ما سلب ونهب  وصودر من ثروات هذا البلد.
بل انه قد لا يكون من المبالغة في  شيء الاقرار بأن السواد الاعظم من أبناء هذا الشعب الكادح لم يستفق بعد من وقع الانباء المتواترة بشان هيمنة النظام السابق على نحو نصف اقتصاد البلاد الامر الذي لم يكن من الصعب على سماسرة الوطنية التوصل اليه عبر استغلال النفوذ  وتشخيص القوانين التي كانت تطوع لمصلحة فئة محددة استطاعت أن تتحول الى أخطبوط. أما فضيحة وجود المخدرات في القصر الرئاسي فهي بالتأكيد شهادة اضافية  تعكس نظرة بن علي وامتهانه لهذا الشعب ولمكانته.
وفي انتظار تغيير جذري في  العقليات وتحول المساءلة والمحاسبة الى ثقافة سائدة  فانه من حق المواطن اليوم أن يطالب  بكل الطرق المشروعة المتاحة لديه بازاحة الستار كاملا والكشف عما خفي من جرائم في حق هذا البلد وملاحقة الاطراف المعنية والحرص على استعادة ما تم تهريبه الى الخارج  حتى تكون عبارة « من أين لك هذا »عنوان لمطاردة كل من تسول له نفسه سرقة أموال الشعب… صحيح أن اللجنة الوطنية لتقصي الحقائق حول الرشوة والفساد قد انطلقت ومنذ تأسيسها بعد الثورة الشعبية في تلقي ومتابعة الكثير من الملفات العالقة ولكن الاكيد ان الامر يستوجب توفر آلية قانونية  دائمة ترصد وتلاحق وتجهض كل محاولات الفساد قبل استفحالها. 
الفساد والديموقراطية ضدان لا يلتقيان وغياب الديموقراطية يعني بكل بساطة توفر الارضية المطلوبة لانتشار الظلم وغياب العدالة والشفافية ولغة المحاسبة والمساءلة. 
« الشعب يريد اسقاط النظام » كان وسيظل الشعار الذي شغل العالم العربي بعد ثورة الكرامة في تونس التي أسقطت ما بقي من جدران الخوف التي شيدتها الانظمة العربية بالقمع والاستبداد وهو الشعار الذي يجب ألا يغيب لردع المفسدين ممن يهدّدون  مصير الشّعوب ومستقبلها… آسيا العتروس (المصدر: جريدة « الصباح » (يومية – تونس) الصادرة يوم 30 مارس 2011)



٭ تونس ـ «الشروق»: تصنّف تونس من بين الدول الأكثر فسادا في العالم، فالفساد ضرب كل التفاصيل، ومثّلت «العائلة المالكة» سابقا رمزا من رموز هذا الفساد، وقد استطاع الشعب التونسي إزاحة هذه العائلة من السلطة، الا ان السؤال مازال مطروحا: هل بإسقاط نظام بن علي، انتهى الفساد؟ أين نجد امتدادات الفساد اليوم؟ ماهي استتباعات تلك العمليات التي كان مركزها مافيا الفساد الحاكم، من تحالف مع تلك العائلة ونهب مال الشعب هل مازال هؤلاء ينعمون بالنفوذ الاقتصادي حتى بعد الثورة؟ من هم وماذا يفعلون؟ «الشروق» تحاول فتح الملفات والكشف عن عمليات الفساد التي كانت ومازالت متواصلة. من أهم القطاعات التي نخرها الفساد، هو أسطول السيارات في تونس من يتحكم في هذا الأسطول؟ ومن المستفيد من عمليات الاحتكار المافيوزية التي عرفها هذا القطاع؟

يضم أسطول السيارات في تونس اليوم ما يقارب المليون و200 ألف سيارة من بينها 300 ألف شاحنة وحافلة و700 ألف سيارة فهي إذن سوق هامة تغري رأس المال، لكن اي رأس مال؟
بالرجوع الى الوراء نعثر بين رفوف الارقام ان تونس استوردت بين سنة 1990 و2000 ما يقارب الستة آلاف سيارة سنويا وكان معدل ثمن شراء السيارة من الخارج 5 آلاف أورو، مما يعني ان تونس تدفع سنويا مبلغ 30 مليون أورو لاستيراد السيارات فقط.
هذا الرقم ارتفع كثيرا من سنة 2001 الى سنة 2010، اذ بلغ معدل الاستيراد 30 ألف سيارة سنويا. بمعدل ثمن يصل الى 10 آلاف أورو للسيارة الواحدة، فأصبحت تونس تدفع ما يقارب 300 مليون أورو كمعدل سنوي (الأورو يساوي 1.8 دينار تونسي).
مع الملاحظ بالنسبة الى الخبراء ان السيارات المستوردة خلال السنوات الأخيرة لم ترتق الى مستوى المواصفات الفنية الدنيا المطلوبة.
سنة 2000 لم يتجاوز أسطول السيارات في تونس 900 ألف سيارة وفق ما أفادنا به السيد ناعم الحاج منصور رئيس الغرفة الوطنية لتجّار المحرّكات وقطع الغيار المستعملة للعربات، الا ان هذا الرقم بلغ مليون و200 ألف سيارة سنة 2010، ليسجّل بذلك زيادة بـ 300 ألف سيارة خلال عشر سنوات فقط.
كان مردّ هذا الارتفاع المبرر القائل بوجوب تجديد أسطول السيارات، فصدر الأمر الى كل المؤسسات بتجديد أسطولها من السيارات وكانت سنة 1998 منعرجا حقيقيا بالنسبة الى المتابعين لهذا الميدان المعقّد، اذ تقرر محاصرة العاملين في قطاع توريد المحّركات المستعملة وقطع غيار السيارات المستعملة.
وتم منح رخص بشكل حصري واحتكاري لأفراد من «العائلة المالكة» سابقا: ـ شركة قيس بن علي ـ شركة نعيمة بن علي ـ شركة الناصر الطرابلسي ـ شركة محمد بن المنصف الطرابلسي ـ شركة محمد الدوّاس ـ شركة حسام الطرابلسي ـ شركة بشير بن علي ـ شركة عماد الطرابلسي ـ شركة حياة بن علي ـ شركة نجاة بن علي ـ شركة دريد بن علي ـ شركة منى المهيري ـ شركة المنصف الطرابلسي ـ شركة معز الطرابلسي سنة 2007 صدر قرار بمنع توريد المحرّكات المستعملة وصدر هذا القرار عن وزارة التجارة، الا ان اصحاب الشركات من العائلة «المالكة سابقا» استطاعوا التلاعب وإيجاد مخرج بأن توجهوا الى وزارة الصناعة واستخرجوا رخصا في ما يسمى بتجديد عمرة (Rénovation)، اي إعادة تفكيك المحرّك ومراجعته وإعادة هيكلته ولكن بقي ذلك نظريا لا غير أما عمليا فإن المحرّك لا يطرأ عليه اي تجديد، وبرزت شركات تعرف بشركات الواجهة يكون وكيلها شخصا غير معروف وهي مملوكة لأفراد من العائلة المالكة سابقا، وعرفت شركات مثل شركة «كلينيك دي أونجان» بباجة CEB المملوكة لمحمد بن منصف الطرابلسي وقيس بن صلاح بن علي. ثم شركة «ياسين سرفيس» بقرنبالية لصاحبها محمد الدواس ابن شقيقة بن علي وشركة «ميكانوفا» بتونس لصاحبتها نعيمة بن علي حرم حبيب اللطيف. تصدير وهمي اضافة الى تلك الشركات الموجهة الى السوق المحلية بعثوا بشركات مصدّرة كليا مملوكة لعائلة الطرابلسي مثل الناصر وعماد ومعز وحسام… وهذه الشركات كانت بؤرة للفساد والتلاعب، اذ تم إحداث مخازن ومساحات يتم فيها تخزين ما لا تتسع اليه المخازن الاصلية للديوانة مثلا الميناء لا يتسع لأكثر من 600 حاوية في أقصى الحالات لذلك يتم اللجوء الى مساحات ومخازن خارج الميناء للتخزين الوقتي، وهذه المخازن والمغازات مملوكة بالكامل لـ «العائلة المالكة» او عن طريق شركات وأشخاص واجهة. لذلك أسسوا لمنظومة نهب ظاهرها قانوني ولكنها كانت واقعيا مخالفة للقانون. شركات التجديد أسسوا ما يسمى بشركات إعادة التجديد، وهي طريقة للتهرب من القرار الصادر عن وزارة التجارة الذي أراد إغلاق الابواب على تجارة المحرّكات الميكانيكية المستعملة وقطع الغيار القديمة واتجهوا الى فكرة تجديد المحرّكات للإيهام بأنها عملية صناعية والتوجه بذلك نحو وزارة الصناعة ولم تكن في الحقيقة عملية تجديد للمحرّكات بل لا تتجاوز العملية غسل للمحرّك ثم توضع ملصقة على المحرّك تتضمن اسم الشركة ونوع المحرّك ثم يتم ارجاع تلك المحرّكات الى حاوياتها الاصلية وتحوّل وجهة هذه الحاويات في ظرف 24 ساعة وبفاتورة تصل الى 80 ألف دينار عن الحاوية الواحدة اي بمعدل 650 دينارا للمحرّك الواحد، وهنا يمكننا ان نستنتج انه من غير الممكن واقعيا إعادة تجديد (Révision) لمئات المحركات في ليلة واحدة هذه الشركات تدفع للديوانة عن كل محرّك 10 دنانير لا غير وتأخذ الباقي لفائدتها. النظر تتوجه الحاويات الى مخازن ومغازات التسريح الديواني مثلا من رادس الى حمام سوسة بوثائق سليمة وتكون الحاوية مشمعة، وبدعوى انه سيعاد تصديرها وعوض ان يتم توجيهها الى المخزن يقع تحويل وجهتها الى صاحب البضاعة الذي دفع عمولة تصل الى 70 ألف دينار عن الحاوية الواحدة وهنا يقع التلاعب بوثائق الشحن والتصريح الديواني وذلك لإلغاء عملية دخول الحاوية الى المخزن بعملية تصدير وهمية بتواطؤ مع بعض الأعوان في الديوانة ويتم استغلال الثغرات الموجودة في منظومة الاعلامية للديوانة المعروفة باسم «سندة» مثلما أكد على ذلك السيد ناعم الحاج منصور رئيس الغرفة الوطنية لتجار المحرّكات وقطع الغيار المستعملة للعربات. وقال انه لا وجود لتوافق بين ما تصرّح به الديوانة في خصوص عدد الحاويات وبين ما تؤكده شركة الشحن والترصيف (STAM) اذ تصرّح STAM بدخول ألف حاوية مقابل تصريح الديوانة باستخلاص 400 حاوية وإعادة تصدير 200 حاوية فأين ذهب الفارق، اي 400 حاوية وهذا ما يسمى بعملية النظر. السؤال المطروح إذن، لماذا السعي الى تهميش هذا القطاع المتعلق بالمحرّكات المستعملة اذا تعلّق بالتجار من أبناء الشعب، واحتكاره اذا كان اصحاب الرخص من العائلة «المالكة». يمكننا ان نلاحظ ان تونس تملك شركة STIA المملوكة لمروان المبروك صهر بن علي الذي اقتناها حديثا من الدولة بسعر 24 مليون دينار وفي بتة قال عنها محدثنا السيد ناعم الحاج منصور إنها مشبوهة، اذ ان هذه الشركة يفوق رقم معاملاتها 300 مليون دينار تونسي وبمرابيح تتجاوز 10 بالمائة من معاملاتها وقيمة الأرض والآلات تصل الى 500 مليون دينار وهي متخصصة في تركيب الشاحنات والحافلات. المحرّكات المستعملة تونس لا تصنع السيارات بل تقوم بعملية تركيب للحافلات والشاحنات كما لا تصنع تونس قطاع الغيار باستثناء البطاريات وشركات صناعة المصافي (Filtres) والإطارات المطاطية وبلور السيارات.. في حين أغلب القطع لا تصنّع في تونس لذلك تكون تكلفة استيرادها مرتفعة وبالعملة الصعبة مثلا علبة سرعة السيارة بولو 4 تصل تكلفة توريدها 4 آلاف يقع توريدها بسعر لا يقل عن 1500 أورو. وعند توريدها مستعملة وفي حالة حسنة يتكلف توريدها 50 أورو وتباع للحريف بسعر 300 دينار فقط. أما محرّك سيارة من نوع «كيا» KIA عندما يكون جديدا تصل تكلفته الى 8 آلاف دينار في حين عندما يكون مستعملا وفي حالة حسنة لا تتجاوز تكلفته 700 دينار فقط، لذلك اعتبر أصحاب شركات السيارات بأن تجار قطع الغيار المستعملة والمحرّكات القديمة منافسون جدّيون لهم فأطلقوا على هذه التجارة صفة التجارة الموازية، وهنا يطرح السؤال موازية لمن؟ يبدو ان المنافسة الجدية التي خلقتها تجارة المحرّكات المستعملة لأصحاب شركات السيارات جعلت الدولة تتحرّك عبر إطار تشريعي لمحاصرة أولئك التجار لفسح المجال أمام صخر الماطري صاحب شركة النقل التي تملك «فولس فاغن» و«كيا» و«جاغوار» وRVI وTCM وبلحسن الطرابلسي الذي يملك شركة «ألفا انترناسيونال» ويتاجر في سيارات «الفورد» و«لاند روفر» و«مان» Man ومحمد مروان المبروك صاحب شركة المحرّك التي تملك نيابات «فيات» و«مرسيدس» و«إيفيكو»… والمهدي بلقايد صاحب شركة ستافيم «بيجو» بالاشتراك مع حليمة بن علي ومحمد زين العابدين بن علي. إضافة الى ملكيتهم لبنوك مثل الزيتونة لصخر الماطري و«البيات» BIAT لمروان المبروك أسهم كبيرة فيها وهو نفس الشيء بالنسبة الى البنك التونسي BT التي لبلحسن الطرابلسي أسهم كبيرة فيها… اذ يشتري الحريف المحرّك الجديد او السيارة بقرض من بنك يتبع أحد هذه العصابات التابعة لبن علي ويشتري السيارة من شركة لأصهاره أو أبنائه. في كل مكان إذن عملية الشراء في كل مفاصلها يعود خراجها لعائلة بن علي وأصهاره لذلك فلقد عملوا على رهن الناس بقروضهم وورطوا البلاد في حالة فساد غير مسبوقة. السيد ناعم الحاج منصور قال انه من الضروري إعادة الاعتبار لتجارة المحرّكات والقطع المستعملة التي عانت طويلا من بطش عصابات سلطة بن علي، وقال انها تجارة موازية لتجارة تلك العصابة ولكنها ليست موازية بالمعنى القانوني والتجاري للكلمة لأنها لا تضرّ بالاقتصاد الوطني وإنما تساهم في نموّه لتخفيفها العبء عن الدولة وعن المستهلك. وقال ان هذه التجارة ستعود بالفائدة على الجميع في ظل الثورة خاصة بعد ان انتهى الطرابلسية وانتهت فترة سيطرتهم على كل مفاصل التجارة.   ٭ إعداد: منجي الخضراوي (المصدر: جريدة « الشروق  » (يومية – تونس) الصادرة يوم 30 مارس 2011)


د.خــالد الطراولي ktraouli@yahoo.fr عرفته، شابا يافعا يرتاد مجالس الحديث والمناظرة، يحب الحوار، والعناد واللجاجة أحيانا..، وكبر صديقي وأصبح كهلا، ومرت عليه سنوات القحط والتصحر، فدخل بيته وأغلق بابه ونادى عاليا البيوت أمان والكهوف أمان والدهاليز أمان… وذات يوم غاب ساعي البريد، وطرقت الثورة الباب، واستيقظ المارد من سباته وأصبح السكون تململا، والانسحاب بركانا، والخروج ثورة، وأصبح صديقي من الثوار… قال : هناك التونسي الأشقر والتونسي الأسمر والتونسي الذي لا لون له ولا رائحة! قلت : ترتيبات خِلْقية… قال : هناك التونسي الثائر والتونسي الصامت، والتونسي الذي لم يثر ولم يصمت ويبحث عن مكان تحت الشمس بأقل مصروف وبأكثر دهاء، شعاره 14 جانفي سبقت 13 جانفي لأن 13 جانفي لم يكن، بعضهم كان مداحا مناشدا داعية، فلما سقطت الصورة، نزع قميصه وقد قُدَّ من قبل ومن دبر وأصبح من المبشرين.. قلت : ترتيبات أخلاقية قال : هناك التونسي السياسي والتونسي السياسي والتونسي السياسي، فالكل يأكل سياسة ويشرب سياسة ويتحدث سياسة ويصمت سياسة، يصحو سياسة وينام سياسة…الكل أصبح محللا أو مرشدا أو عارضا بضاعته في الأسواق.. قلت : ترتيبات ثورية قال : هناك التونسيون الذين ينادون بإسقاط الحكومة، وهناك تونسيون يبحثون عن حكومة، وهناك تونسيون ينادون بتنحية أي حكومة، رضاء الناس غاية لا تدرك، خاصة إذا تشبث الحكام بمواقفهم وأعلنوا عصيانهم ضد الشارع، وأفلحوا في كسب المربعات الرمادية وراهنوا على « الفوضى الخلاقة »… قلت : ترتيبات سياسوية قال : هناك تونسيون يسرعون الخطى، بعضهم إيمان وبعضهم فضول، وآخرون يتباطئون، بعضهم كسل وبعضهم حسابات، وآخرون مقعدون، يراهنون على الانتظار، أو على الموت… قلت : ترتيبات بشرية قال : هناك من التونسيين من رفض الانحناء وعاش في المهجر منفيا، أو في السجن مرميا، أو في الوطن مكويا، ومن التونسيين من عاش حاني الظهر ومات حاني الظهر ولعله يبعث منحنيا، ومن التونسيين من صمت وتقوقع شعاره « الله ينصر من اصبح » و « الدنيا مع الواقف »، قالوا له السلطان يريد تاجا، قال اعطوه تاجين، قالوا له السلطان هرب، قال اسكنوه غيابات الجب، ولا تتهموا الذئب. قلت : ترتيبات أمنية. قال : هناك الداخل والخارج، هناك المهجر والوطن، هناك من يعيش بالدولار أو الأورو، وهناك من يجري وراء « الدورو » قلت : ترتيبات تبريرية هذه تونس العزيزة بملاءتها وفسيفسائها، بشياطينها وملائكتها، تتمايل بين فجر وغروب، تبحث لسفينتها عن مرسى السلامة، تدفعها ثقافات وأعراف وعقليات وحسابات، ومنها ثقافة الاقصاء، ثقافة أصلها ثابت في عقليات تكونت على وقع خطوات الاستبداد، فجارت وبغت، وفرعها ثمرات ملقية على الأرصفة تشير على الجميع بالاستكانة إلى رأي الفرد الواحد الأوحد، فكان السقوط الأخلاقي والانهيار القيمي… المهجر والداخل وطن، وجغرافيا التونسيين وتاريخهم واحد، أمسهم جماعة وحاضرهم جماعة ومستقبلهم جماعة، التونسي للتونسي رحمة سواء شرّقت أو غرّبت سفينته، وسواء خيّر الإرساء في أو ميناء أو عزم على الإبحار في الأعماق. المصدر: موقع حركة اللقاء الإصلاحي الديمقراطي www.liqaa.net مارس 2011  

<  

 


استبشر الجميع في تونس بالثورة التي أسقطت عرش طاغية قصر قرطاج و زوجته و تفاءلوا بمستقبل أكثر إشراقا للبلد التي يتمنى الجميع أن يصبح يوما ما « سويسرا إفريقيا ». طبعا الثورة تعني التغيير القاطع و التام مع الماضي و بدء عهد جديد تشعّ فيه أنوار الحرية و العدل فماذا تغيّر في تونس بعد مضي أكثر من شهرين على فرار بن علي؟ في البداية أنا أقرّ أن تغيير المجتمعات ليس بالأمر الهيّن و لا يكون في أيام و لا حتى أشهر..يحتاج الأمر إلى عقود لأن الثورة الحقيقية تكون في العقول وهو أمر لا يتمّ بصورة ميكانيكية أو نقول له كن فيكون…سنرى أكيد ثمار هذه الثورة في أجيالنا القادمة التي لن تتربى في « الأحضان البنفسجية » و لن تشرب من قيم الانتهازية و النفاق و التملّق و ستعمل أياديها من أجل خير تونس لا من أجل التصفيق ل »صانع التحوّل » أو زوجته الفاضلة. إلا أن هذا لا يعني أيضا أن الثورة لا تحققّ تغييرات آنية فماذا غيّرت أو بدّلت ثورة تونس؟ بالنسبة لأعلى « ورم » السلطة فقد هرب بن علي لا يلوي على شيء و كان فراره أبرز تغيير حققته الثورة بإعلان رئيس المجلس الدستوري فراغ منصب رئاسة الجمهورية و تولية السيد فؤاد المبزع مهام الرئاسة المؤقتة (مع إحترازي على هذه الكلمة التي تقابلها الرئاسة الدائمة أو المؤبّدة عافانا و عافاكم الله) .الشيء الإيجابي أن الشعب فرض طريقة أخرى للتداول على أعلى منصب في الجمهورية غير الإنتخابات المزيفة أو التوريث أو الإنقلاب العسكري أو زيارة ملك الموت لقصور الملوك و الرؤساء إلا أنني أعتقد و بكل صراحة أن ما وقع لم يكن سوى تعويض « شخص » الرئيس بن علي ب »شخص » رئيس آخر فقط و إلا بماذا نفسّر مسرحية ليلة 14 جانفي و التلاعب بالفصول الدستورية التي كان بطلها الوزير الأول السابق محمد الغنوشي..التغيير لم يكن راديكاليا و كانت هذه أولى الضربات التي جعلت الثورة تترنّح إلى الآن. لقد تغير الرئيس و لم تتغير مؤسسة الرئاسة. التغيير الثاني شمل رئيس الوزراء حيث عرفنا ثلاث حكومات بعد بن علي رأس إثنتان منها رئيس « الأغلبية الصامتة » محمد الغنوشي (الذي أضاع وقتا ثمينا لم يستفد منه إلا المتورّطون في الفساد) ثم جاء بعده السيد باجي قايد سبسي..ما نلاحظه في الشخصيتان هو انتماءهما السابق ل »حزب الدستور » و كأن قدر البلاد أن لا يحكمها إلا ‘الدساترة’…صحيح أن باجي قايد سبسي يفوق سلفه محمد الغنوشي خبرة و حنكة سياسية و لكن هل تسمح الثورات التي تخرج قادة حزب ما من الباب أن يعودوا من الشباك؟ تغيّر رؤساء الوزارة و لم يتغيّر الرحم الذي يولدون منه. التغيير الثالث شمل الوزراء والولاة و المعتمدين..لا أدري لماذا تصر الحكومة على تعيينهم من إطارات » الحزب المقبور » و كأني بها تستعذب الإعتصامات و تتلذّذ بسماع كلمة « ديقاج »..إما أن الحكومة مازالت تواصل إستبلاه الشعب و إما أنها تفعل ذلك عمدا لتثير غضب الشارع و توجّهه نحو قضية معينة و الله وحده يعلم ما تصنعه هي من وراء الستار. هل تغيّر الولاة و المعتمدون و المديرون العامون حقا؟ التغيير الرابع شمل الأحزاب فقد صدر قرار قضائي بحلّ التجمع الدستوري الديمقراطي و أصبح لدينا 50 حزب (و هل من مزيد)..نحن نسير نحو حزب لكل مواطن و جبهات و تكتلات بعدد أيام السنة   (جبهة 1 جانفي,جبهة 2 جانفي,جبهة 3 جانفي…… حتى جبهة 31 ديسمبر)..أما الإعجاز الأكبر فهو إخراج الحي من الميت حيث ولد من رحم الحزب البائد أربعة أو خمسة أحزاب تدور في فلك إحياء أمجاد ‘الحزب الدستوري’ مثل حزب الوطن (أو نادي قدماء وزارة الداخلية كما أسميه) و حزب الوفاق…هل قضت الثورة فعلا على ‘التجمّع’ أم أنه بالفعل كما يقال عنه سرطان انتشر في جسد البلاد و علاج السرطان ميئوس منه؟..تغيّر المشهد الحزبي و لم يتغيّر موقف المواطن من الأحزاب. التغيير الخامس شمل الإعلام فقد أصبحت القناة الوطنية منبرا مفتوحا لجميع الأطياف (حتى الإسلاميين)..الرقابة التي كانت مستحكمة على الإعلام تراخت و الإنترنت أصبحت سماء مفتوحة يحلّق في أرجاءها من يشاء متى شاء..هذا الوجه الجميل من الصورة  أما الوجه الآخر فهو أن الذين كانوا بالأمس سبب تفاهة المشهد الإعلامي و تزييف الوعي و محاصرة الحقيقة و تخريب المعلومة الهادفة و الصادقة هم أنفسهم اليوم من يعملون من أجل الثورة و من أجل تحقيق أهدافها و يا للعجب…صحف (مثل « الحدث » و « كل الناس » و « الإعلان » ) التي كانت مختصّة في قدح الشخصيات الوطنية ( من حقوقيين و معارضين و إعلاميين) و ملاحقة كل نفس معارض بأساليب رخيصة و ساهمت في تقديم صورة جد بائسة عن الإعلام التونسي كيف يسمح لها بعد الثورة أن تواصل نشاطها و كأن أمرا لم يكن؟  هل طالت الثورة المجال الإعلامي  فعلا؟ التغيير السادس شمل مقاومة الفساد و البطالة و هما عنوان ثورة تونس.. »التشغيل إستحقاق يا عصابة السراق » أول الشعارات التي رفعت و أجملها و أبلغها و أكثرها تأثيرا (حيث جمعت بين البطالة و الفساد).النظام السابق كان يقاوم الفساد و البطالة هو أيضا و لكن على طريقته الخاصة التي تبدأ أولا بنفي أن يكون حجم الفساد كبيرا أو مستشريا على نطاق واسع ثم حصر ذلك في تجاوزات محدودة بلا تأثير أما البطالة فمستقرة عند حدود 14 بالمائة (و هذه النسبة التي تقدّمها الحكومة لم يطلها التغيير طيلة 23 سنة ومن سخرية الأقدار أن بن علي هرب يوم 14) و ترجع الحكومة البطالة  أساسا للظروف العالمية و ليس للاختيارات الإقتصادية الوطنيّة.هذه الأعذار يبدو أنها لم تقنع حتى الرئيس نفسه فقام يعدنا ب300 ألف موطن شغل و لا أدري كيف كان سيفي بوعده أم أن هذا الوعد مثله مثل الوعود السابقة و خاصة « لا مجال لرئاسة مدى الحياة »…بعد الثورة  للأسف الفساد مازال موجودا مثل الرشوة و سرقة المال العام أو التغاضي عن ذلك و إستغلال المناصب و النفوذ أما البطالة فحدّث و لا حرج.. صراحة لم يتغير الشيء الكبير فالحكومة ليس جادة في مقاومة الفساد و البطالة تسير نحو الأسوأ.. أمام قتامة المشهد يحق لنا أن نسأل ماذا تغيّر إذن؟ الشيء الوحيد الذي تغيّر (وهو أكيد ليس بالشيء الهين) هو زوال حاجز الخوف…لم نعد نخاف من أحد لا رئيسا و لا حكومة و لا شرطة…و هذا الأمر هو أكبر حماية للثورة و دعامة لها..مضى ذلك الزمن الذي كنا ننتقل فيه إلى الجانب الآخر من شارع الحبيب بورقيبة حين المرور أمام مبنى وزارة الداخلية..مضى الزمن الذي كنا نسير أمام القرجاني فلا نقدر أن نرفع رؤوسنا حتى لنرى ذلك المبنى القديم و المتهالك..مضى الزمن الذي كنا نغيّر فيه الطريق حين نرى في آخره عون أمن..مضى الزمن الذي كنا نخاف فيه من العمدة ومن أقزام التجمع حتى لا أقول من المعتمدين أو الولاة (الذي يحق لنا أن نقول أنهم كانوا يعيشون في بروج عاجية)…مضى زمن الخوف من رجال الأعمال المتنفذين و من الرؤساء المديرين العامين الفاسدين..مضى زمن الحكومة المستبدة التي تفعل ما تشاء و تحكم بما تريد.. ..لم تعد في القلب رهبة أو وجل..فالقصور لهم ولكن الشوارع لنا….ليس للحكومة تفويض مطلق و لا صك على بياض فالشعب يراقب و ينتظر و لسان حاله يقول إنما نحن معكم في هدنة و إن عدتم عدنا.. بن علي خاطب الشعب يوم 7 نوفمبر 1987 قائلا « لا ظلم بعد اليوم » (لم يقلها حتى الخلفاء الراشدون) أما اليوم فإنه الشعب من يخاطب الحكومة صارخا « لا خوف بعد اليوم ». يسري الســـاحلي حمام سوسة في 30 مارس 2011

<  



بقلم :  عبد الحفيظ العبدلي – لوزان- swissinfo.ch منذ اندلاع الثورتيْن التونسية والمصرية، اللتان فاجأتا صناع القرار والمحللين الاجتماعيين في العواصم الغربية وتميّزتا بتطوراتهما المتسارعة وأشكالهما النضالية المبتكرة، تمر بقية البلدان العربية بحالة من الغليان المتصاعد. ولقد بلغ صدى هذيْن الثورتيْن بلدان مجاورة للمحيط العربي كالصين، وإيران، وتركيا.. مما دفع البعض إلى الحديث عن « تسونامي الثورات العربية ». ومحاولة منهما لتجاوز السلبية التي تقترن في العادة ب »الجري وراء الأحداث »، نظمت كل من جمعية موزاييك، ومركز البحوث حول التطوّرات السياسية التابعيْن لجامعة لوزان يوم الجمعة 25 مارس 2011 يوما دراسيا خصصاه بالكامل لدراسة الثورتيْن المصرية والتونسية.   تأتي هذه المبادرة في لحظة تشهد فيها الدوائر العلمية في المؤسسات الغربية ثورة على المناهج والأفكار والنظريات التي ركنت طويلا إلى الحديث عن « إستعصاء الواقع العربي عن الإنتقال الديمقراطي »، وتلويحها بأن البديل للأنظمة القائمة « سيطرة الإسلاميين على مقاليد الأمور » أو »وضع الإرهابيين أيديهم  على منابع النفط ». لقد أدى غياب النظرة المستقبلية، والغفلة عما كان يعتمل في رحم هذه المجتمعات الثائرة إلى طرح العديد من التحديات على رجل السياسة وعلى المحلل الإجتماعي والدارس الإنتروبولوجي بنفس القدر وبنفس الإلحاح.   فهل يمكن أن تؤدي هذه الثورات إلى تحوّلات جذرية في المجتمعات المذكورة، وهل يمكن الحديث بعدها عن قطيعة حقيقية في تاريخ هذه الشعوب؟ وهل تنجح الشعوب العربية في هذا الرهان؟ هذه القضايا وغيرها التي تطرق إليها البحث والنقاش خلال اليوم الدراسي الذي إستضافته جامعة لوزان كانت محور الحوار التالي الذي أجرته swissinfo.ch مع الدكتور منذر كيلاني، أستاذ علم الأنثروبولوجيا ومدير معهد علم الإجتماع في كلية العلوم الإجتماعية والسياسية بجامعة لوزان. swissinfo.ch: عند الحديث عن التغيرات الإجتماعية، هل يصح إستعمال عبارة « تسونامي الثورات العربية »، وهل يمكن للعوامل الخارجية أن تؤثّر على المعادلات الاجتماعية الداخلية؟

منذر كيلاني: من الصعب دائما تفسير الظواهر الإجتماعية بواسطة اللغة المجازية. يمكن إستعمال لفظ « تسونامي » إذا كان المقصود هو أن هذه الثورات فاجأتننا، ولم ينتبه إليها أحد من قبل. رغم أنه حتى السونامي نفسه أصبح بالإمكان توقع حدوثه في بعض الأحيان. أنا أفضّل إستخدام لفضة « الموجة العاتية »، بدلا عن « التسونامي ».   مثلما أطاحت هذه الإنتفاضات بأنظمة حكم مستبدة، أطاحت ايضا بأفكار جاهزة لدى الباحثين حول المجتمعات العربية. هل سنشهد برأيكم مراجعات عميقة على هذا المستوى؟
منذر كيلاني:  هذا التغيير، وهذه المراجعة قد بدأتا فعلا، وهي لا تقف عند حدود مراجعة العرب لرؤيتهم لأنفسهم، بل تتعدى إلى رؤية الغربيين للعالم العربي، و لعلاقة بلدانهم خاصة مع الأنظمة المستبدة التي كانت سائدة. فما يشهده العالم العربي من تغيرات سياسية عميقة تنعكس عنه أيضا تغيّرات جذرية في مناهج وطرق التفكير. هل معنى هذا أننا لن نسمع بعد الآن حديثا عن « الإستثناء العربي »؟
منذر كيلاني: هذا اليوم الدراسي الذي نظمته جامعة لوزان يهدف إلى وضع هذه الأحداث في سياقها التاريخي الخاص، ولكن ايضا قراءتها في ضوء التطوّرات التي تشهدها الساحة الدولية. نعم ساد من قبل حديث عن « الإستثناء العربي »، يستند في المقام الأوّل إلى القول ان تلك المجتمعات جامدة وخاملة، وأنها مجتمعات ميالة إلى الأنظمة الشمولية وإلى الإرهاب، ولا تنظر إلى المستقبل إلا من ثقبة الماضي. ما نشهده اليوم ينسف من الأساس هذه الأفكار المسبقة. رفع هذا « الاستثناء » لا يعني بالضرورة أن تصبح هذه المجتمعات نسخة من المجتمعات الغربية، بل أن تشهد حركية ودينامية، وانقلابا في الوقائع والمعادلات، لأنه لا يوجد مجتمع بمعزل عن هذه التغيّرات. ربما كانت هذه اللحظة مناسبة لان الأمور بلغت مستوى من الضغوط، والفساد والمحسوبية لم يعد بإمكان فئات مثل فئة الشباب تحمله.   اختلف موقف البلدان الغربية مما يحدث في العالم العربي، عما كان موقفها إزاء التحوّلات في اوروبا الشرقية، ومن قبل في البرتغال وفي إسبانيا. هل تتوقّع ان يقبل هذا الغرب بما ستفرزه العملية الديمقراطية في العالم العربي؟ منذر كيلاني: مما لاشك فيه أن أوروبا الغربية والولايات المتحدة قد دعما وأيدا التحوّلات الديمقراطية في أوروبا الشرقية ومن قبل في بلدان جنوب القارة مثل البرتغال واليونان وإسبانيا، وقد تلقت تلك البلدان الدعم، حتى قبل تحوّلها إلى حركات شعبية واسعة، وحصل ذلك لسبب وحيد هو أنهم نظروا إليها بوصفها جزءً من أوروبا. الأمر يختلف في حالة العالم العربي، لأن الموقف في هذه الحالة كان شديد الغموض وشابه كثير من التردد، لأن الوضع أكثر تعقيدا، حيث تتداخل فيه العديد من العوامل (الماضي الاستعماري، والرغبة في التوسع، والدعم التقليدي للأنظمة العربية الحليف الجيو إستراتيجي سواء لكونها بلدان منتجة للنفط، او لأنها أطراف تعمل بالوكالة للحد من موجات الهجرة غير الشرعية). هذه العوامل جعلت الغرب غير مستعد من حيث المبدأ إلى دعم وتعزيز الديمقراطية في العالم العربي. ثم إن ما حصل في الواقع حصل ضد إرادة الغرب، وإن كانت بعض البلدان هي بصدد تصحيح مواقفها لكن من السابق لأونه إدراك ما إذا كانت هذه المراجعات صادقة ومبدئية، وهل ستثبت إذا جاءت صناديق الاقتراع بغير ما ترغب فيه.    لفهم ما يحصل، كيف تنظر إلى الدور الذي لعبته وسائل الإتصال الحديثة (فايسبوك، تويتر، قنوات تلفزيونية)؟ منذر كيلاني: هذه الأدوات كانت مؤثرة في الأحداث، لكنها تظل مع ذلك مجرد أدوات وتقنيات سهّلت التواصل، وتبادل المعلومات والتجارب، وأعانت على التعبئة. لكن المشكلات الحقيقية هي من طبيعة أخرى، وهي مشكلات إجتماعية وسياسية وإقتصادية. وكان للسكان رغبة جامحة إلى التغيير والتحرر، وهذا هو ما كان محددا في النهاية. لا يمكن نكران أهمية هذه الأدوات، لكنها ليست هي من قام بالثورة. هذه المرحلة من تاريخ المنطقة العربية مفعمة بالآمال، والأحلام، والأفكار الوردية، هل نستطيع القول ان العالم العربي يعيش مرحلة فاصلة في التاريخ حاليا؟
منذر كيلاني: هذا سابق لأوانه، علينا ان ننتظر قليلا للتأكد فعلا ان هناك قطيعة وثورة بالمعني العميق للكلمة. لو أخذنا مثال الثورة الفرنسية لعام 1798، كان هنا سلسلة من الاحداث، لكن لا احد تجرأ في البداية على تسميتها بالثورة، وكان لابد من التأكد أوّلا من الإتجاه الذي تأخذه الأحداث. الشيء الوحيد الذي يمكن ان اقوله الآن هو ان ما يحدث اليوم يطيح بالعديد من التوازنات، ومن عدم التوازن، وأن الوقائع بصدد تغيير العديد من الرؤى والأفكار، كما انها بصدد الإطاحة بسلسلة من الأنظمة الشمولية. من الواضح جدا ان هذه التغيّرات تهزّ في العمق الأسس التي قامت عليها هذه المجتمعات، والرغبة في التغيير قوية جدا مما يدفعني إلى الاعتقاد أنها ستقود إلى التوصل إلى عقد إجتماعي جديد، وإلى توافق سياسي يتوّجان بصياغة دساتير جديدة، مما سيجعل من المستحيل العودة إلى الوراء. أشرتم في كلامكم إلى إمكانية أن تفرز الثورات العربية الجارية عقدا إجتماعيا جديدا، ما هي المنزلة التي سوف يحتلها « الدين » في المعادلة الجديدة؟
منذر كيلاني: هذا الموضوع ليس مطروحا على الثورات الحديثة فقط، ففي أوروبا نفسها هناك محاولات حاليا لإقحام مادة في الدساتير تؤكد على مرجعية الديانة المسيحية والثقافة الرومانية كأساس للهوية الوطنية، بالتالي من المنطقي أن يطرح هذا الموضوع في البلدان العربية. لكن هل سيطرح السؤال كما طرح إلى حد اليوم أم بطريقة أخرى؟ وهل سيكتفي الداعون إلى ذلك بالنص على الدين كمرجعية رمزية وثقافية أم باعتباره مرجعية إيديولوجية منه يستمد النظام السياسي؟ وإن كنت شخصيا أميل إلى الخيار الأوّل. أقول هذا إنطلاقا من أن الثورات العربية الحالية ليست من طبيعة الثورة الإيرانية سنتيْ 1978 و1979. تلك الثورة جعلت مرجعيتها الرئيسية الإسلام، أما في العالم العربي السؤال يطرح بطريقة مغايرة. في تونس مثلا لن يكون الأمر بعيدا عما كان عليه الحال في الدستور السابق، بمعنى التنصيص على الإسلام كمرجعية للهوية الوطنية.   مع شيء من الإستشراف المستقبلي، هل يمكن القول أن الشعوب العربية تعيش اليوم قطيعة أنتروبولوجية مع ماضيها؟
منذر كيلاني: يبدو لي أن هناك أشكالا عديدة لهذه القطيعة الأنثروبولوجية: فعلى الرغم من الحضور الرمزي القوي للدين في المجال العربي، أنهت هذه الثورات التوظيف السيئ للدين من طرف الأنظمة الدكتاتورية والشمولية بحثا منها عن الشرعية المفقودة، والدين اليوم بصدد العودة إلى مكانته الطبيعية بعيدا عن التوظيف الإيديولوجي من هذا الطرف او ذاك سواء كان هذا الطرف علمانيا أم غيره.   أما القطيعة الثانية، فتتمثل في انعتاق المرأة وتحررها، ويتجلى ذلك من خلال توسع دورها في المجتمع، وإقرار جميع الأطراف الإجتماعية بذلك، وسواء كانت هذه المرأة محجبة أم لا. وهذه النقطة الأخيرة تدل على أن تحرر المرأة يمكن ان يتحقق بطرق أخرى غير التي عرفتها تجربة المرأة في الغرب.   أما الوجه الثالث لهذه القطيعة فيتعلّق بالموقف من العنف: فالشباب والأجيال المختلفة التي خرجت إلى الشوارع مطالبة بالتغيير، اتخذت حركتها طابعا سلميا، والعنف الوحيد الذي حدث مارسته أجهزة الدولة، وقد ترك العنف مكانه للعديد من المبادرات التي كشفت عن حس مدني راقيا جدا، وعن قدرة كبيرة على التنظم والتحكم الذاتي، ولم ترفع شعارات معادية لأي جهات خارجية مما يؤكد تخلي هذه الشعوب على الشعور بالضحية وعقلية المؤامرة التي سادت لديها زمنا طويلا. وفي هذا نوع من التأكيد على أن حل المشكلات يكمن في القدرة الذاتية لهذه الشعوب على تحمّل مسؤوليتها بأيديها، ومن خلال الانتظام ضمن عقد اجتماعي جديد. عبد الحفيظ العبدلي – لوزان- swissinfo.ch

<  



 
– كيف يمكن لإيران أن تجعل العلاقة مع سوريا غير قابلة للمراجعة ولا للتراجع فيها ولماذا؟

ولتأمين إيران موقعا مريحا لها في محيطها العربي الإسلامي، كان عليها أن تمنع قيام نظام إسلامي سني على حدودها الشمالية الشرقية في أفغانستان. ولذلك لم تتردد في التعاون مع أمريكا والقوى الإستعمارية الغربية الغازية الأخرى، في الإسراع بالتدخل للإطاحة بنظام طالبان، الذي لم يعط الفرصة لطرح ما يريد أن يطرحه من مبادرات، وما يريد أن يتقدم به من خيارات، وللقيام بما يريد أن يقوم به من سياسات مختلفة ومن علاقات إقليمية ودولية مختلفة. وسرعان ما أصدرت عليه الجهات التي ليس لها مصلحة في وجوده أحكامها بفساده وتخلفه، والتي لم يكن لها حرج في الإطاحة به. وكانت إيران من تلك القوى المناوئة والمعادية له ومن منطلق مبدئي وطائفي مذهبي أساسا. والتي كانت مستعدة لعمل أي شيء لمنع قيامه ولاستمراره في الوجود بعد أن وجد. وبعد ما أخفقت في الإطاحة بنظام البعث في العراق، أي نظام صدام حسين وعائلته الذي فرض عليها المعركة والحرب مبكرا، وألحق بها هزيمة مرة، كانت الفرصة سانحة للثأر لنفسها في أول فرصة أعطاها إياها صدام حسين الحليف الأمريكي الغربي نفسه باحتلال الكويت مما جعل الحليف الأمريكي نفسه ينقلب عليه. وكان ذلك واضحا منذ البداية، وليعود إلى عدو الأمس الإيراني في الحرب العراقية الإيرانية، والحليف في غزو أمريكا لأفغانستان، ليكون له داعما هذه المرة كذلك وحليفا في الإطاحة بصدام حسين ونظامه. فلا مكان هناك في أفغانستان وفي العراق وفي كل أماكن التوتر والنزاعات والحروب للأغبياء في دنيا السياسة العلمانية التقليدية الشيطانية، حيث كان الرفيق صدام حسين وفريقه السياسي وعصاباته، ولا مكان إلا للعقلاء والأذكياء، حيث كانت القيادة الإيرانية ومستشاريها وخبرائها ودارسيها ومراقبيها الإستراتيجيين. وكانت إيران لا تتردد في القبول بأي عرض من هذا القبيل من أي جهة لتحقيق ذلك. وفعلا فقد كان لإيران ما تريد من خلال :

1- الحسابات السياسية المحكمة للقيادة الإيرانية على القاعدة الميكيافيلية الغاية تبرر الوسيلة. 2- ومن خلال الغباء السياسي للقائد العراقي الرفيق صدام حسين. 3- ومن خلال ضيق الأفق السياسي لقيادة البيت الأبيض، وخضوعها للغرور والشعور بالقوة والتفوق العسكري والرغبة في الإنتقام من تنظيم القاعدة الذي جرها إلى الساحة الأفغانية والباكستانية، واستدرجها إلى العراق، ومن نظام صدام حسين الذي لم يقبل إلا بالحسم العسكري… وهي التي كانت : أ- قد أغرقت أمريكا في الوحل الأفغاني الذي تنهي به قيام نظام إسلامي سني هناك، وتظل أمريكا تستنزف هناك إلى ما شاء الله … بـ – وتحقق لها سقوط نظام البعث في العراق، وإعدام الرفيق صدام حسين بيد طائفية شيعية وبإشراف إيراني وأمريكي.

ج- وتحقق لها كذلك فتح طريق مباشر مع سوريا، عبر السيطرة المباشرة على القاعدة الطائفية الشيعية بجنوب العراق، الذي تعمل فيه إيران على فرض أمر واقع على العراق بالتقسيم، بناء على طلب الأحزاب الشيعية التابعة لها، والتي مازالت مصرة على أن لا تقبل بعراق موحد، وأن لا تقبل بغير عراق فدرالي مقسم ليس فيه من جهة موحدة أو الأكثر توحدا على الأقل غير الطائفة الشيعية، لما للمرجعية فيها وعندها من قداسة، ولما لإيران عليها من نفوذ وسلطان مادي وأدبي وروحي. وبذلك تكون إيران قد نجحت في شق طريقا مباشرا إلى سوريا لتكون :

1- مدخلا مناسبا ومعبرا للمنطقة العربية كلها. 2- وجسرا استراتيجيا نحو العمق العربي، وإن كان ذلك قد حصل في الحقيقة إلى حد الآن عل الأقل من خلال الإنتهاء إلى حدود مشتركة معها عبر الحدود العراقية السعودية والحدود العراقية الكويتية، إلا أن مجرد حدود تبقى غير كافية لأن الذي حصل لها مع سوريا من علاقات دبلماسية وسياسية واقتصادية واجتماعية…قد تجاوز ذلك إلى ما يمكن، بل إلى ما يجب ربما أن يكون، إذا ما استمرت الأمور على النحو الواقعة عليه اليوم، أكثر.

3- جسر عبور آمن إلى لبنان وإلى الجنوب خاصة، حيث نجحت إيران في وقت مبكر وفق رؤية مستقبلية كانت تريد منها أن يكون لها من خلالها إشعاع سياسي وثقافي وعقائدي طائفي شيعي ومذهبي إثني عشري في المنطقة وفي العالم الإسلامي، باتجاه كسب رأي عام يكون دائما إلى جانب من يتوجه له بالخطاب المناهض للغرب عموما ولأمريكا وللكيان الصهيوني تحديدا، في استقطاب جانب كبير من الطائفة الشيعية هناك، والتي حرصت على أن تجعل منها قوة مقاومة قوية بتأسيس حزب الله الذي انتزعت منه البيعة للمرشد العام للثورة  » الإسلامية « ، وحرصت على أن تجعل منه قوة ضاربة مقاتلة ومغامرة، استطاعت به أن تلحق أكبر هزيمة بالعدو الصهيوني الذي لم يعرف يوما في تاريخ وجوده بالمنطقة طعم هزيمة واحدة في كل الحروب التي كان يخوضها مع جيوش النظام الرسمي العربي، إذا ما استثنينا حرب أكتوبر التي حول فيها هذا النظام نفسه النصر العسكري إلى هزيمة، والتي استطاعت برعايتها لحزب الله من خلال الجسر السوري أن تحرر سنة 2000 جنوب لبنان الذي كان محتلا منذ سنة 1982 تاريخ تأسيسها لحزب الله في لبنان.

4- حليف تتعزز به علاقاتها المتوترة، التي لها مصلحة في أن تظل كذلك على مستوى التعاطي الإعلامي الموجه والخطاب الإستهلاكي الخارجي، ولاعتبارات قومية وطائفية مذهبية، مع الولايات المتحدة الأمريكية التي ظلت سوريا محافظة كذلك على علاقات متوترة معها، بالرغم من تعاملها بإيجابية كبيرة معها في ما يسمى بالحرب على الإرهاب، وبالرغم من تحالفها معها في إخراج القوات العراقية من الكويت، من أجل موقفها من الكيان الصهيوني المحتل لهضبة الجولان السورية منذ حرب 1973 والإستمرار من أجل ذلك في رفضها للإنخراط في ما سمي بعملية السلام وفق المفهوم الغربي الصهيوني .   – طبيعة النظام السوري والنظام الإيراني وطبيعة العلاقة بينهما :

لقد كان مرجع العلاقة للنظام السوري بالنظام الإيراني زيادة على الإعتبارات السالفة الذكر، إلى فترة الحرب الباردة، لما أسقطت الثورة في إيران نظام الشاه شرطي الخليج في ذلك الوقت، والذي كان يزود العدو الصهيوني بالنفط اللازم في معاركه وحروبه مع الأنظمة العربية في الوطن العربي، والذي كان يحتل الجزر الإماراتية الثلاث طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبي موسى، والتي مازالت إيران من بعده مصرة على أنها جزرا إيرانية، والذي أصبح بانتهاء مقاطعة العرب له، وإنهاء عدم الإعتراف به، بعد ما كان يسميه النظام العربي في حينه  » الصلح المنفرد  » الذي أجراه المقبور السادات بعد حرب أكتوبر، يتزود بالغاز الطبيعي المصري بناء على عقد مدته 20 سنة وبأسعار منخفضة جدا، في الوقت الذي يحاصر فيه الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، ويمنع عنه العالم والنظام العربي الرسمي، بما فيه ما يسمى بالسلطة الوطنية الفلسطينية في رام الله بقيادة المدعو محمود عباس وحكومته اللاشرعية التي يقودها المدعو سلام فياض، وفي مقدمته النظام المصر، الكهرباء والغاز والماء والدواء والغذاء والكساء وكل المرافق اللازمة لكل تفاصيل الحياة اليومية.

وبإسقاط نظام الشاه أصبحت إيران أكثر قربا من المنطقة العربية، بالرغم من تمسكها الشديد بالجزر الإماراتية المحتلة الثلاث، على اعتبار أن ذلك هو فضاءها ومحيطها الطبيعي، بالرغم من عروبة هذه وفارسية تلك على المستوى القومي والعرقي، وبالرغم من سنية هذه في الأصل وتاريخا، بالرغم مما يتخللها من أقليات شيعية ومن طوائف ومذاهب أخرى، وبالرغم مما يتخللها كذلك من أقليات من ملل ونحل وطوائف ومذاهب أخرى، ولما يجب أن تكون عليه العلاقات في العالم الإسلامي، بالنظر إلى طبيعة شعوبه الإسلامية وهي، وإن كانت تعمل على الإبقاء على علاقات لها بأوروبا، إلا أنها اتجهت كذلك شرقا بحثا على علاقات لها مع الإتحاد السوفياتي في ذلك الوقت، وهي نفس القبلة التي كانت بعض الأنظمة العربية التي منها النظام السوري ييممها وجهه. وإذا كان نظام البعث في العراق غير مرحب بها منذ البداية لما كان يخشاه مما يمكن أن يكون من تجاوب شيعة العراق معها، ولما كانت الثورة مستقطبة لهم، فإن نظام معمر القذافي القبلي قد كان ترحيبه بها كبيرا، لما كانت عليه العلاقة من توتر بينه وبين نظام الشاه من قبل، ولما كانت العلاقة عليه من توتر مع أمريكا، إلا أنه لم يكن مرحبا به في إيران، نظرا لأنها تحمله كما يحمله الشيعة عموما وشيعة لبنان خصوصا مسؤولية اختفاء الزعيم الشيعي موسى الصدر.

والذي جعل لنظام الثورة  » الإسلامية  » في إيران قبولا لدى الرأي العام العربي والإسلامي في الكثير من البلدان، ليس إسقاطها لنظام الشاه فقط، ولا توجيه ضربة قاسمة للولايات المتحدة الأمريكية، ولكن لما أبدته من صفة إسلامية، وما جاءت رافعة له من شعارات إسلامية بالنسبة للشعوب خاصة، ولكن لما جاءت عليه من علاقة عداء ورفض للكيان الصهيوني وللمشروع الصهيوني في المنطقة العربية وفي العالم الإسلامي. لهذه الإعتبارات، كان منذ البداية التقارب الإيراني السوري ممكنا، والذي زاده تأييدا وتأكيدا الطبيعة الطائفية للنظامين، حتى انتهى إلى ما انتهى إليه من علاقة ليس لها ما يبررها، إذا ما استثنينا الطبيعة الطائفية لكلا النظامين، والتي تجاوز بها النظام السوري على ما يبدو طبيعته القومية العربية التي مازال يبدي الإصرار عليها، والتي يعزز بها النظام في إيران طبيعته القومية الفارسية.

وإذا كان من المفارقات غير الغريبة أن توجد علاقة بهذه الصفة، وعلى أساس هذه الطبيعة، وفي هذا المستوى الذي عليه النظام في كل من سوريا وإيران، بين نظام علماني ونظام  » ديني  » إسلامي « ، فإن من المفارقات الغريبة أن يكون نظام علماني كالنظام السوري، الذي اجتمعت فيه في الحقيقة كل الغرائب والمتناقضات والعجائب، نظاما طائفيا حاملا لراية القومية العربية وعاملا بالنظام الجمهوري في ما يزعم لنفسه وفي ما يزعمه له الزاعمون والواهمون ممن لا عقل ولا لب لهم…وأن يكون نظام  » إسلامي  » كالنظام الإيراني نظاما طائفيا مذهبيا، رافعا لراية الإسلام في ما يزعم لنفسه وفي ما يزعمه له الزاعمون وما يروج له المروجون، حاملا للراية القومية الفارسية التي لا يبديها، وينكرها على العالمين والعارفين بها، وهي التي لا بأس في الحقيقة بها في النهاية حين تكون في محلها، وتكون الدولة رافعة للواء الإسلام على وجهه الصحيح الذي يجمع ولا يفرق، ويقرب ولا يبعد، والذي يوحد ولا يشتت.. فغرابة المفارقة تأتي في الأصل من علاقة غريبة أصبحت قائمة بين نظام نابذ للإسلام وغير معترف له بالحاكمية وبالمفهوم السياسي للدولة فيه ومصرا على الفصل بين ما هو دولة في مفهوم قياداته والنخب الداعمة والمكونة له ومكونات المجتمع المؤمنة به والخادمة له، وبين ما هو دين في ذلك المفهوم نفسه وعلى أساسه، ومؤمن بالقومية وبالإشتراكية على حد زعمه أكثر من إيمانه بالدين الإسلامي، وبين نظام نابذ، كما قلنا في الأصل، أي كما يجب أن يكون إسلاميا، للقومية وفي اعتراف بها، ومؤمن بالإسلام وبالنظام الإسلامي، في دولة أعلنت بعد الثورة أنها ثورة إسلامية وأن نظامها إسلامي. فالأصل في العلاقة أن تكون علاقة نظام الثورة  » الإسلامية  » في إيران في الظروف العادية بنظام البعث في سوريا، كالعلاقة بالبعث العراقي. وليس الغريب أن يكون النظام الإيراني قوميا إسلاميا، ولكن الغريب أن يكون النظام القومي العربي العلماني في سوريا طائفيا.

فبالمفهوم القومي، كان لا يمكن أن تكون العلاقة بين نظام البعث القومي العربي الإشتراكي السوري علاقة صداقة وقرب من النظام القومي الفارسي وتحالفا معه كما كانت عليه الحال في عهد الشاه.

وبالمفهوم الإسلامي كان يمكن أن تكون العلاقة بين نظام الجمهورية  » الإسلامية  » الإيرانية والنظام القومي العربي الإشتراكي السوري علاقة تعاون وصداقة في حدها الأقصى، ولا يمكن أن تكون علاقة تحالف استراتيجي في محيط قومي عربي إسلامي مازال خاضعا لأنظمة تقليدية وعلمانية هجينة مغشوشة ذات أصول سنية، وإسلامي مقاوم في حركة التحرر والتحرير العربية الإسلامية، كما كانت عليه الحال مع نظام البعث القومي العربي الإشتراكي في العراق .

ولكن وبالرغم من كل ذلك، فقد كان للبعد الطائفي في النظامين القوميين المختلفين الفارسي الإيراني والقومي العربي تأثير على الإتجاه بالعلاقة إلى أن تكون علاقة تحالف إستراتيجي، وقد بدا أن الجامع الأكبر والأقوى بينهما هو البعد الطائفي الذي لا يصح للنظام الإيراني ذي الطبيعة « الإسلامية  » التي يعلنها ويبديها ويؤكد عليها باستمرار ولا يصلح له، أن تكون هي المحدد الأكبر، حين يكون هذا النظام إسلاميا حقا، للعلاقات الخارجية مع الأنظمة العلمانية خاصة في المنطقة العربية تحديدا ، ولكن الواقع يؤكد على أنها قد كانت في النهاية إلى حد الآن على الأقل، من العوامل الأساسية والقوية والهامة الجامعة بين هذين النظامين المختلفين. والذي يؤكد ما أذهب إليه وما أقوله، أنه لم يكن العامل الذي أوجد المصالح وتأكدت به، ولكنه كان العامل الذي أوجد المصالح وأكدها وتأكدت به. لأن العلاقة بين النظامين تأكدت طائفيا ثم كانت المصالح بعد ذلك، وبعد ما ساءت العلاقة بين شقي حزب البعث القومي العربي الإشتراكي في كل من سوريا والعراق، والتي كانت دائما في الحقيقة سيئة، ولكن ذلك ما سهل لإيران الإنصراف نحو سوريا، وذلك ما جعل من النظام السوري أكثر استعدادا للترحيب بالعلاقة المطلوبة إيرانيا مع النظام الإيراني وأكثر إيمانا وقبولا بها .

ذلك أنه لا مانع من أن تكون المصالح جامعا بين نظام ونظام مهما اختلفت طبائع الأنظمة ومرجعياتها، ولا حرج في الأصل في ذلك. واختلاف طبائع الأنظمة لا يمنع من الإشتراك في المصالح.

وأن تكون المصالح المشتركة بين أنظمة ذات طبيعة واحدة قومية علمانية أو إسلامية طائفية، فذلك هو الأصل في الشيء وتلك هي القاعدة، وأن تكون العلاقة القومية العلمانية أو الإسلامية الطائفية بين أنظمة قومية علمانية أو إسلامية طائفية هي المحققة للمصالح بين مثل هذه الأنظمة ذات الطبيعة الواحدة والمرجعية الواحدة فذلك هو الأصل في الشيء كذلك وتلك هي القاعدة. أما أن تكون الطبائع مختلفة، فالأصل هو اختلاف المصالح وهو الأصل في الشيء كذلك، ولكن الإستثناء هو أن تكون المصالح والعلاقات الإستراتيجية قائمة بين أنظمة مختلفة الطبائع. ولقد عرف العالم قبل انهيار المنظومة الإشتراكية ولعقود طويلة كم كانت العلاقة متوترة بين نظامين عالميين كانا يحكمان سيطرتهما على العالم. وكم كان مجال الإلتقاء المصلحي الظرفي ضيقا. وكم كانت القطيعة واضحة في مجال التعامل مع العلاقات الإستراتيجية.    

والمؤكد أن من بين الفوارق الأساسية والهامة بين النظام القومي العربي الإشتراكي الطائفي الوراثي الجمهوري السوري، والنظام الفارسي الطائفي الشيعي المذهبي الجعفري  » الإسلامي  » الإيراني، هو أنه إذا كان هذا النظام على قوميته وطائفيته ومذهبيته و » إسلامه  » نظاما وطنيا يتجه نحو الأممية ويطمح للعالمية، فإن النظام السوري على قوميته واشتراكيته وطائفيته وأسريته ووراثته وجمهوريته كان نظاما لا وطنيا يتجه نحو التقوقع والإنعزالية. وهو من صنف النظام العربي المنتهية في الأصل صلاحيته والمستفيد هذه الأيام وفي هذه الظروف وفي هذا الوقت من الوقت بدل الضائع.

إلا أن الحالة التي بين أيدينا في كل من إيران وسوريا، أن كلا النظامين شاذ عن القاعدة. وهما استثناء عن الأصل في الشيء علمانيا وإسلاميا، وإن كان النظام الإيراني أقرب إلى الأصل، لأن النظام الإسلامي لا يستبعد البعد الطائفي ولا المنزع القومي، ولا يفسد ذلك طبيعته الإسلامية في الأصل، حين يكون نظاما إسلاميا حقيقيا. أما النظام العلماني، وإن كان يعترف بالقومية، إلا أنه مستبعد في الأصل كل الإستبعاد البعد الطائفي، وإن كنت شخصيا أذهب إلى ما ذهب إليه لينين، من اعتبار الشيوعيين في ذلك الوقت طائفة، وأعتبر أن النظام العلماني في العالم الإسلامي ليس إلا ولا يمكن إلا أن يكون نظاما طائفيا، على قاعدة أن العلمانيين واللائكيين ليسوا في الحقيقة إلا طائفة جديدة مستحدثة انضافت إلى التقسيم الطائفي التاريخي للمجتمعات في العالم الإسلامي، هذه الطائفية التي ليست في الحقيقة الأصل في الإسلام، كما أنها ليست الأصل كذلك في العلمانية الأصلية في الغرب العلماني الأصيل في العلمانية، الذي ظهرت فيه العلمانية على الطائفية كما كان الإسلام وكما يجب أن يكون ظاهرا على الطائفية.

فالخطر في العلاقة بين النظام السوري والنظام الإيراني ليست في اختلاف طبيعة الأنظمة ولا في ما يمكن أن يكون بينها من مصالح مشتركة على أي مستوى، ولكن الخطر أن العلاقة كانت وبالتأكيد على أساس طائفي، وفي ذلك إساءة للنظام العلماني القومي الجمهوري الإشتراكي، وللنظام الجمهوري الإسلامي الإيراني، بما يحيلنا إلى القول :

– أن النظام لا يكون علمانيا إذا كان طائفيا، سواء كان ذلك على أساس المفهوم الطائفي العلماني للطائفة العلمانية الحديثة، أو على أساس المفهوم الطائفي الإسلامي لأي طائفة من الطوائف التاريخية في تاريخ الإسلام، وأن النظام لا يكون إسلاميا إذا كان كذلك طائفيا مذهبيا، لأن الأصل في الإسلام أنه قرآني سني وليس مذهبيا طائفيا. وإذا كان النظام السياسي لكل شعوب أمة العرب والمسلمين لا يمكن ولا يجوز أن يكون نظاما علمانيا لائكيا لاعتبارات كثيرة يأتي على أهمها على الإطلاق، أنه النظام الذي لا تصح عبادة شعوب أمة العرب والمسلمين والإنسان عموما به لله. ثم لأنه لا يسمح ولا يجيز إلا للطائفة العلمانية أن يكون لها الحق في إدارة الشأن العام والوجود في سدة الحكم، ولا يجوز لغيرها فيه بل ولا تجيز لغيرها من والأطراف فيه من الذين هم من غير تلك الطائفة، والذين لا يريدون أن يكونوا منها والذين لا يجوزون لأنفسهم أو لا يجوز لهم ذلك، أن يكون لهم حق ولا موقع في إدارة الشأن العام وفي الوجود في سدة الحكم، فإنه لا يمكن إلا أن يكون إسلاميا قرآنيا سنيا غير طائفي كما جاء. وهو الذي يمكن أن تكون، إذا ما صدقت منا النية وصح منا العزم، كل الإنتماءات الطائفية والعرقية والأثنية وغيرها ممثلة فيه، ويكون لكل من هو جدير بموقع فيه الحق في المشاركة في إدارة الشأن العام والإرتقاء إلى سدة الحكم، بحسب كل وما هو ميسر له، وبحسب ما ينتهي إليه اختيار المسلمين وغيرهم من رعايا الدولة الإسلامية في نظام الشورى الإسلامي، الذي يجب أن يكون التشريع فيه مستمدا من كل المدارس والمراجع الفقهية لمختلف طوائف الأمة، ومستندا إلى اجتهادات كل المجتهدين من مختلف الطوائف، ومنفتحا على طوائف الأقليات بمختلف ألوانهم وأعراقهم وأديانهم ومعتقداتهم، مع الإحترام الكامل لخصائصهم وثوابتهم، وإثبات حقهم في انتظام حياتهم على أساس منها في إطار النظام العام الذي لا يمكن في العالم الإسلامي، الذي يمثل المسلمون فيه الأغلبية أحيانا أو الأغلبية الساحقة مطلقا، إلا أن يكون نظام الشريعة الإسلامية العادل.

– وإذا كان النظام العلماني الأصيل قد قام على أساس طبقي ثم قومي لا ديني، فإن النظام الإسلامي، وإن كان يعترف بالقومية والطبقية وحتى بالطائفية، إلا أنها ليست الأصل فيه، وهو الذي مع ذلك الإعتراف بها تبقى استثناء، وهو الذي ينظمها ويتعامل معها على غير الطريقة التي تعامل ويتعامل بها معها النظام العلماني الأصيل، وعلى أساس غير نفس المفاهيم والمدلولات، لأن الإسلام جاء عالميا إنسانيا كونيا ولا يمكن أن ينجر إلى القومية والطائفية والطبقية أو غير ذلك مما لا مكان له فيه من أطر ومفاهيم ومدلولات. – أما النظام العلماني، فقد جاء طبقيا قوميا عرقيا عنصريا. وهو يسعى لأن يكون عالميا إنسانيا كونيا، وهو بحكم طبيعته تلك لا يمكن له أن يكون كذلك.(يتبع)  

علي شرطاني

<  


لندن (رويترز) – قال وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو يوم الاربعاء ان عهدا جديدا يجتاح الشرق الاوسط وان على الحكام العرب أن يتبنوا التغيير أو المخاطرة بازاحتهم. ورفض مزاعم كثير من الحكام العرب بأن موجة الانتفاضات الشعبية التي لم يسبق لها مثيل وأطاحت برئيسي تونس ومصر وألهمت حشودا في كل من ليبيا واليمن والبحرين وسوريا من عمل « عناصر أجنبية ». وقال داود اوغلو ان الشرق الاوسط يمر بحالة جيشان سياسي واجتماعي مثل تلك التي هيمنت على شرق أوروبا في التسعينات وأطاحت بعدد من الدكتاتوريات الشيوعية. وأبلغ رويترز في مقابلة « تشهد المنطقة عهدا من التغيير مثلما حدث في أوروبا الشرقية في أواخر التسعينات. بمجرد وجود طلب شعبي في منطقة تتأثر كل دولة بتلك المطالب. » وقال الوزير التركي ان العالم يتغير وان الاجيال العربية الشابة « أرادت مزيدا من الكرامة والرخاء الاقتصادي والديمقراطية. « والان ينبغي للزعماء الحكماء في المنطقة قيادة هذه العملية وليس محاولة منعها. من يحاولون منع هذا العملية سيواجهون مزيدا من المصاعب مثلما هو الحال في ليبيا. » ومضى يقول « هذا عهد جديد سيفرز كثيرا من التحديات وكثيرا من الفرص وكثيرا من المخاطر. » وكان داود اوغلو يتحدث بعد يوم من تكثيف تحالف دولي في لندن الضغط على الزعيم الليبي معمر القذافي للتخلي عن السلطة وقراره مواصلة العمل العسكري ضد قوات القذافي الى أن يمتثل لقرار للامم المتحدة. وردا على سؤال بشأن اتهامات سورية بأن « عناصر أجنبية » تقف وراء أسبوعين من الاحتجاجات المناهضة للحكومة قال داود اوغلو « ليس لدينا أي دليل. في تونس ومصر وليبيا وسوريا والبحرين واليمن .. في كل تلك الدول كانت بداية أصيلة. » وقال ان محمود بوعزيزي بائع الخضراوات التونسي الذي اشعل النار في نفسه في احتجاج بعدما صفعته ضابطة شرطة على وجهه وأهانته كان  » تونسيا عاديا ». وأضاف « اذا اعتقدنا أن تلك الامور تقودها عناصر أجنبية فهذا يعني عندئذ أننا نعتقد أنه لا يمكن للافراد العرب أو المجتمعات العربية المطالبة بالتغيير أو فعل شيء كهذا. « يريد عرب عاديون.. شبان عرب .. رجال ونساء مزيدا من الكرامة والحرية والمشاركة في الحياة السياسية. أعتقد أن المطالب بالتغيير أصيلة. » وتابع يقول « ينبغي أن نفهم تلك الاصوات في ميدان التحرير.. وفي تونس وفي المناطق الاخرى. عندئذ يمكننا الاستعداد للمستقبل. » وأدلى داود اوغلو بتصريحاته قبيل القاء الرئيس السوري بشار الاسد كلمة أمام البرلمان هي الاولى له منذ بدأت الاحتجاجات قال فيها ان الاحتجاجات نتيجة « لمؤامرة كبيرة خيوطها تمتد من دول بعيدة ودول قريبة ولها بعض الخيوط داخل الوطن ». وقال داود اوغلو ان بلاده أجرت مشاورات عديدة مع سوريا مع تنامي التحدي لحكم الاسد الذي بدأ قبل 11 عاما. وقال « نحن ندعم الاصلاحات والتحول الى الديمقراطية لكن ينبغي أن يكون تحولا سلميا وليس من خلال العنف والهجمات ضد المدنيين أو من خلال محاولة الابقاء على الوضع الراهن أو زعزعة الاستقرار. » ويتطلع داود اوغلو الى عهد جديد في ليبيا بمجرد اقناع القذافي بأن عصره قد ولى. وقال « طول أمد الوضع الراهن المتمثل في التوتر الاهلي أو انقسام ليبيا .. خيارات غير جيدة. وينبغي للقذافي أن يدرك هذا أيضا. « ينبغي أن يكون هناك عهد جديد في ليبيا يقوم على طموحات الشعب. » لكن ينبغي أولا للمجتمع الدولي الذي يستخدم القوة العسكرية لحلف شمال الاطلسي أن يوقف الهجمات على المدنيين وينجز وقفا لاطلاق النار ويمضي بالتوازي مع ذلك في عملية سياسية حتى يتسنى للشعب تقرير مستقبله. ووصف داود اوغلو الوضع في اليمن بأنه « حرج للغاية ». ولم يجب الوزير التركي مباشرة على سؤال بشأن ما اذا كانت بلاده تؤيد اقتراحا أمريكيا بتنحي الرئيس علي عبد الله صالح وذهابه الى المنفى مع أسرته وقال ان الهدف الرئيسي هو الحفاظ على وحدة اليمن وتجنب نشوب صراع طائفي. « في هذا السياق كانت هناك مثل هذه العملية في اليمن من أجل التغيير السياسي. توجد قوة دافعة ونحن نؤيد ذلك التغيير. » وشاركت تركيا في جهود دبلوماسية مكثفة لتهدئة التوترات المتأججة في البحرين. وقال داود اوغلو انه سيزور البحرين الاسبوع القادم لمشاهدة الوضع على الارض وتشجيع الاصلاحات بعدما تحدث مع وزراء من البحرين والسعودية والامارات وايران لتهدئة التوتر. وقال « تصاعد التوتر في البحرين ربما يسبب تصعيدا للتوتر في الخليج. » من سايمون كاميرون مور وسامية نخول وصلة هذا المقال http://www.swissinfo.ch/ara/detail/content.html?cid=29887850

<  



رأي القدس 2011-03-29 ركز معظم المتحدثين في اجتماع لندن حول ليبيا امس على ضرورة تنحي الزعيم الليبي معمر القذافي عن الحكم والمغادرة الى ملاذ آمن في الخارج، ولكن ما يجري على الارض من معارك بين الثوار المدعومين من حزب الناتو وغطائه الجوي وبين القوات الحكومية الموالية يوحي بعكس ذلك تماما. الموقف على جبهات القتال يتسم بالغموض، وغالبا تأتي التقارير الاخبارية من جانب واحد، اي وسائل الاعلام الغربية وبعض مراسلي القنوات العربية التلفزيونية، لان الاعلام الليبي الرسمي ضعيف وغير مهني ويفتقد للمصداقية والموضوعية، واقرب الى البروباغاندا الدعائية. طائرات التحالف تشن غارات يومية على اهداف ليبية رسمية، بعضها استهدف مدينة سبها في اقصى الجنوب، وبعضها الآخر مدينة طرابلس حيث سمعت اصوات انفجارات، ومن الصعب التعرف على طبيعة هذه الاهداف، وما اذا كانت قد تسببت في مقتل مدنيين ابرياء، وهؤلاء ليبيون ايضا في كل الاحوال. وكالات الانباء الغربية افادت امس بان قوات العقيد القذافي استعادت مدينة بن جواد، ومواقع اخرى قريبة منها استولى عليها الثوار في هجوم معاكس شنته ليلة امس الاول، كما انها، اي قوات كتائب القذافي تواصل دفاعها عن مكاسبها الميدانية في مدينة مصراتة، مما يعني اننا امام صراع طويل ودموي، وان النهاية ليست قريبة مثلما يعتقد بعض المتفائلين برحيل سريع للزعيم الليبي. وربما هذا هو السبب، اي مواصلة كتائب القذافي المعارك بشراسة، الذي دفع الرئيس الامريكي باراك اوباما الى التأكيد، في خطابه الذي القاه بالامس على خطأ اطاحة نظام الزعيم الليبي بالقوة، والتشديد على ان بلاده لن ترسل قوات برية لتحقيق مثل هذا الهدف. صحيح ان قرار مجلس الامن الدولي بشأن ليبيا لا يعطي تفويضا صريحا بتغيير النظام الليبي، وازالة زعيمه من السلطة بالقوة، ولكن السر الذي بات معروفا للجميع ان التحالف الغربي المساند للثوار الليبيين يضع هذا الهدف، اي اطاحة النظام، نصب عينيه، ويعمل من اجل تحقيقه بكل الوسائل الممكنة، مضافا الى ذلك ان دولا عديدة بدأت تعترف بالمجلس الوطني الانتقالي كممثل شرعي ووحيد لليبيا، وتترجم هذا الاعتراف باقامة علاقات دبلوماسية وفتح سفارات او ممثليات لها في مدينة بنغازي. ومن اللافت انه بعد 42 يوما من اندلاع الثورة في ليبيا، ما زالت العاصمة الليبية طرابلس في قبضة العقيد معمر القذافي وكتائبه، علاوة على مدن اخرى رئيسية مثل الزاوية وسبها وسرت والجبل الغربي، ومن الملاحظ ايضا اننا لم نسمع في الفترة الاخيرة حدوث اي انشقاقات في معسكر الزعيم الليبي، او لجوء كتائب من الجيش الى الثوار مثلما كان عليه الحال في بداية الثورة، او مثلما يحدث حاليا في يمن الرئيس علي عبدالله صالح. فمنذ انشقاق شخصيات ليبية بارزة مثل مصطفى عبد الجليل وزير العدل (رئيس المجلس الانتقالي حاليا) وعبد الفتاح يونس وزير الداخلية، وسفراء عديدين بينهم السيد عبدالرحمن شلقم وزير الخارجية السابق، لم نسمع ان وزيرا بارزا انضم الى الثوار، بمن في ذلك عبد العاطي العبيدي ابن قبيلة العبيدات الشهيرة المتمركزة في المنطقة الشرقية، او السادة محمد الزوي، موسى كوسا، عبد المجيد القعود، عبد الفتاح غانم، عبد السلام التريكي، البغدادي المحمودي وغيرهم من الوزراء ورؤساء الوزراء الحاليين والسابقين. هناك من يبرر عدم حدوث هذه الاستقالات بالقول بانهم قد يكونون محتجزين في قاعدة العزيزية وممنوعا عليهم المغادرة، ولكن بعض هؤلاء غادر ليبيا فعلا في مهام رسمية وعاد الى طرابلس ومارس مهامه، ولو كان يفكر فعلا في الانشقاق لفعل. نحن نطرح هذه التساؤلات من قبيل البحث عن المعرفة، ومحاولة رسم صورة اقرب الى الدقة عما يحدث في ليبيا في ظل الكم الهائل من المعلومات غير الدقيقة التي تبثها بعض وسائل الاعلام الغربية الامر الذي ادى الى بلبلة القارئ او المشاهد، وفقدان جانب كبير من ثقته بوسائل الاعلام. العقيد معمر القذافي لن يغادر السلطة بسهولة وفق ما يتمنى خصومه، وهو على اي حال دون اي اصدقاء، كما ان طائرات حلف الناتو وبعد ما يقرب من اسبوعين من القصف لن تجد اهدافا تقصفها في الايام المقبلة، لان امكانيات النظام العسكرية محدودة للغاية، الامر الذي يدفعنا الى القول بان الطريقة الوحيدة لاطاحة نظام القذافي تتمثل في ارسال قوات نظامية ارضية غربية لانجاز هذه المهمة لان تدريب قوات الثوار وتسليحها من قبل الناتو يحتاج الى وقت طويل للوصول الى الجهوزية المطلوبة في هذا الصدد. اننا وباختصار شديد امام حرب دموية قد تطول لاشهر، ان لم يكن سنوات، وكل المؤشرات المتوفرة حاليا تصب في مصلحة التقسيم، اي ليبيا شرقية واخرى غربية، الاولى غنية تجلس على احتياطات نفطية هائلة، والثانية غربية فقيرة معدمة محاصرة ومنبوذة دوليا، تماما على غرار ما حدث في كوريا. الغرب يريد النفط، ويبدو انه قد حصل عليه بعد ان نجح في انتزاعه من القذافي بعد طرد قواته من بنغازي وراس لانوف والبريقة، ولا نعتقد انه يرغب في تعريض حياة جنوده من اجل اطاحة نظام القذافي، والارجح انه سيترك حتى يضعف ويسقط مثل الثمرة المتعفنة في نهاية المطاف. (المصدر: صحيفة « القدس العربي » (يومية – لندن) الصادرة يوم 29 مارس 2011)


لم يعلن إنهاء العمل بقانون الطوارئ الأسد: نتعرض لمؤامرة وسنبدأ الإصلاح


قال الرئيس السوري بشار الأسد الأربعاء إن سوريا هدفٌ لما أسماها مؤامرة لإحداث صراع طائفي، معتبرا أن بعض السوريين الذين تظاهروا ضد حكمه لهم مطالب مشروعة لكنهم تعرضوا لخداع من قلة متآمرة. واعترف بأن الإصلاح تأخر لكن سوريا ستبدأ الآن، والتحدي هو نوع الإصلاح الذي نريد الوصول إليه. وأضاف خلال جلسة أمام البرلمان -في أول كلمة علنية له منذ اندلاع الاحتجاجات في جنوبي سوريا وامتدادها لوسط البلاد والمناطق الساحلية- أنه لا يمكن القول إن كل من خرج للشوارع يعد متآمرا. وأنهى الأسد كلمته دون الإعلان عن نهاية العمل بقانون الطوارئ، ورأى أن البقاء بدون إصلاح « مدمر »، لكنه حذر من « التسرع » فيه. وقال إنه كانت هناك تعليمات بمنع جرح أي مواطن خلال الاحتجاجات، وكان هناك حرص على عدم إراقة دماء، وأقر بأن كلمته تأخرت كثيرا عمدا حتى تتضح الصورة من الأحداث في المنطقة. وأضاف أن أهل درعا التي بدأت الاحتجاجات فيها هم من سيقومون بتطويق القلة القليلة التي أرادت الفوضى. وأوضح أنه ليس كل من خرج للمظاهرات متآمر بل الغالبية خرجت بشكل عفوي وحركتها أقلية متآمرة إذ خلط المتآمرون بين الفتنة والإصلاح والحاجات اليومية. وقال إنه سيتم التحقيق والمحاسبة في ما يتعلق بإراقة الدماء، معربا عن أسفه لسفك هذه الدماء وأنه سيعمل بأقصى سرعة للملمة الجراح ورأب الصدع. استقالة الحكومة جاء ذلك بعد أن قبل الأسد استقالة حكومته أمس بعد نحو أسبوعين من الاضطرابات المؤيدة للديمقراطية. وكان المعارض السوري مأمون الحمصي قال لرويترز من منفاه في كندا إن الأسد يتعرض لضغوط داخلية وخارجية، وإنه « أعد خطة لإعطاء انطباع للرأي العام بأنه بدأ الإصلاحات ». وقصر المحتجون في البداية مطالبهم على المزيد من الحرية، لكن بعد القمع الذي عاملتهم به قوات الأمن خاصة في درعا حيث انطلقت الشرارة الأولى للاحتجاجات أصبحوا يدعون إلى « إسقاط النظام ». وهذه النداءات هي صدى للانتفاضات التي أسقطت الرئيسين التونسي والمصري، وحضت الثوار على قتال العقيد معمر القذافي. وقد تفجرت الاحتجاجات في جنوبي سوريا وامتدت إلى مناطق أخرى في البلاد مما يشكل أكبر تحد للرئيس السوري منذ توليه السلطة عام 2000. دعوة لإصلاحات سياسية وقد دعت الولايات المتحدة الأسد أمس إلى القيام بإصلاحات سياسية أكبر، قائلة إنها تراقب الوضع في سوريا، في تعليق جاء بعد ساعات فقط من تقديم حكومة ناجي عطري استقالتها التي قبلها الرئيس السوري. ومن لندن أدانت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون ما وصفته بقمع المتظاهرين في سوريا، وحثت الأسد على تنفيذ الإصلاحات في مواعيدها والاستجابة لمطالب الشعب بما في ذلك الرفع الفوري لحالة الطوارئ. ومن لندن أيضا أدان نظيرها الفرنسي آلان جوبيه الأسلوب الذي ووجهت به المظاهرات، لكنه اعتبر أن من المبكر الحديث عن العقوبات. من جهة أخرى قال نيك كليغ نائب رئيس الوزراء البريطاني الثلاثاء إن لندن لا ترى ضرورة لتدخل دولي في سوريا التي تجتاحها احتجاجات مناهضة للحكومة.            (المصدر: موقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 30 مارس 2011)


عبر وعود زائفة واشنطن بوست: الأسد يراوغ شعبه


تساءلت صحيفة واشنطن بوست عما إذا كان يمكن للرئيس السوري بشار الأسد القيام بالإصلاح في البلاد؟ وشككت برؤية كثيرين من أعضاء الكونغرس والمسؤولين الأميركيين الذي زاروا سوريا وقالوا إنهم يعتقدون أن الأسد يعتبر رئيسا إصلاحيا. فتلك وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون –والقول للصحيفة- تصرح بأن بلادها لن تتدخل في سوريا، وسط دعوات متنامية واضطرابات تنادي بضرورة إجراء إصلاحات بأسرع ما يكون، وخاصة بعد أن أسفرت المظاهرات التي خرجت في مختلف أنحاء البلاد عن سقوط أكثر من ستين قتيلا من المدنيين على أيدي القوات العسكرية والأمنية السورية. وتأتي تصريحات كلينتون انعكاسا لرأي كثير من المسؤولين الأميركيين الذين يرون في الأسد رئيسا إصلاحيا وأنه يمكن أن يتحول ليصبح حليفا للغرب رغم قسوته ورعايته « للإرهاب » وعلاقته الوطيدة مع إيران. وأما ما يجعل البعض من المسؤولين الأميركيين يعتقد أن « الدكتاتور » الأسد (45 عاما) فتقول واشنطن بوست بافتتاحيتها إنه ينبني على أن من أسمته آخر دكتاتور لدى العرب يمكنه أن يتخلى عن العلاقة مع حركة المقاومة الإسلامية (حماس) التي يستضيف قياداتها في عاصمته دمشق. زيارات أميركية كما أن بعض مسؤولي الإدارة الأميركية يعتقدون أن الأسد يضع من ضمن اهتماماته ومصالحه عقد اتفاق سلام مع إسرائيل، ففي نوفمبر/ تشرين الثاني 2010 التقى الأسد بدمشق رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأميركي السيناتور جون كيري، وهي آخر إحدى زيارات تكررت على مدار عامين ماضيين. وأشارت واشنطن بوست إلى تصريحات لكيري تضمنت قوله إنه موقن أنه يمكن إقامة علاقات أميركية مختلفة مع النظام السوري، ولكن الأسد لم يتقدم بأي مبادرات جديدة يكون من شأنها تطوير الإشارات التي ألمح إليها أثناء اجتماعه مع مسؤولين أميركيين. وتضيف الصحيفة أنه لا يمكنها أن تثق بأن الأسد سيوفي بوعوده بالإصلاح، لأنه ينتمي للأسرة العلوية التي لا تشكل سوى 6% من الشعب السوري، وبالتالي فإنها سرعان ما تفقد قوتها فيما لو تحولت سوريا للنظام الديمقراطي. وقالت إن « الدكتاتور » السوري مثله مثل الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك يسعى إلى تعطيل وإعاقة تلبية مطالب الشعب بالإصلاح والتغيير عن طريق اتباع العنف والوعود الزائفة. واختتمت بالقول إنه إذا كان الأسد سيبقى يماطل ويعيق الإصلاح ويستخدم العنف ضد الشعب، فحري بالرئيس الأميركي باراك أوباما وجون كيري والمسؤولين الأميركيين الآخرين أن يقفوا بشكل واضح وفاعل إلى جانب الشعب السوري الساعي إلى التغيير.             المصدر:واشنطن بوست (المصدر: موقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 30 مارس 2011)

 


2011-03-30 الرياض- نفت السعودية الأربعاء تقارير إسرائيلية عن عقد لقاء سري في موسكو جمع وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ورئيس الاستخبارات السعودية الأمير مقرن بن عبد العزيز والرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن). ونفى مصدر مسؤول بوزارة الخارجية السعودية في بيان « جملة وتفصيلاً ما تناقلته بعض وسائل الإعلام حول لقاء مزعوم بين الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية ورئيس الوزراء الإسرائيلي ». وكانت صحيفة (يديعوت أحرونوت) ذكرت الأحد الماضي أن لقاءً سرياً عقد في موسكو بين نتنياهو والفيصل ورئيس الاستخبارات السعودية وعباس. وأضافت الصحيفة « أن المجتمعين تناولوا التطورات المتسارعة في المنطقة وأبرزها ثورة البحرين، وتصاعدت الحركة الجماهيرية المطالبة بإحداث إصلاحات سياسية وإقامة دستورية ملكية، وهو ما ترفضه حكومة البحرين وكذلك الحكومة السعودية، حيث أرسلت السعودية قواتها لقمع التظاهرات مستخدمة العربات المدرعة والدبابات والمروحيات ». (المصدر: صحيفة « القدس العربي » (يومية – لندن) الصادرة يوم 30 مارس 2011)



منير شفيق لقد كان من الحكمة ومن الدقة التكتيكية في إدارة الصراع في ثورات تونس ومصر وليبيا واليمن حصر الشعار الرئيسي برحيل الرئيس وإسقاط نظامه، مع التركيز على عناصر الاستبداد والفساد والتأكيد على الكرامة والحرية للشعب. وذلك من أجل حشد أوسع جبهة داخلية خلف ثورة الشباب وتحويلها إلى ثورة شعبية مليونية من جهة ومن أجل التقليل ما أمكن من عداء للخارج الأميركي-الأوروبي لها وإحراجه من جهة ثانية. فالثورة الشبابية-الشعبية-المليونية في حد ذاتها ليست مخيفة لرأس الدولة ونظامه فحسب، وإنما أيضا حتى للنخب وبعض المعارضات السياسية للنظام، كما لكل دعاة الديمقراطية الذين أرادوا أن يتم التغيير تدرجا من خلال الإصلاح وصناديق الاقتراع وليس من خلال الثورة بكل ما تحمله الثورة من أبعاد. والدليل ما كان يبرز في أثناء الثورة من ميول للمصالحة والمهادنة والحوار مع رأس النظام والقبول بحلول أدنى من تنحيته أو تنظيم رحيله، بما لا يجعله خضوعا لإرادة الشارع.. إرادة الشعب. والدليل الأهم عدم التعرض لإستراتيجية الثورة الشعبية للوصول إلى الديمقراطية في أي من برامج الديمقراطيين وكتاباتهم. فهذه سابقة، فرض الخضوع لما يريد الشعب لا يسهل ابتلاعه، لا على المستوى الدولي، ولا على مستوى الأنظمة، ولا حتى على مستوى النخب الديمقراطية والإصلاحية التي أسقطت من حساباتها الثورة الشعبية المليونية وسيلة للتغيير وتحقيق الإصلاح والديمقراطية. ناهيك عن الذين لا يرون التغيير إلا من خلال الإرهاب الفردي أو من خلال البؤر المسلحة. إن الثقة بالشعب وبإرادته حين تتحول إلى ثورة عامة تملأ الساحات والميادين والشوارع مسألة علمية ومعرفية وأيديولوجية تتناقض مع عقلية النخبة ومع النظرة إلى الشعب باعتباره « العوام » أو العامة إن لم يكن « الدهماء »، أو في أحسن الحالات اعتبار أفعاله عاطفية، وليست صادرة عن وعي وعقل وذكاء وتراكم للتجارب والخبرات. هذه النظرة إلى الشعب مستحكمة لدى أغلب العلماء والمفكرين والمثقفين ورجال السياسة، وقد قل من يحترم وعي الشعب ومعرفته وحكمته، أو يراهن عليه في التغيير مراهنة إستراتيجية حقيقية. وهذا يفسر الميل الدائم لدى الكثيرين من طلاب التغيير إلى المساومة مع الحكام، أو مع القوى الدولية المتنفذة، بعد ردح من الزمن، ولا سيما بعد أن يستفحل بياض الشعر في غزو سواده، أي عندما يعبر مرحلة الشباب، مرحلة المبادئ والشجاعة ورفض المساومة. المشكلة هنا نظرية ومعرفية وأيديولوجية، وتتلخص في السؤال: أي تغيير نريد؟ ومن الذي يستطيع القيام بهذا التغيير؟ هنالك تغيير يمكن أن يتم ضمن ما يرضى به صاحب السلطة أو يريده أو يقتنع به، وهذا ما دأب عليه الذين يريدون من التغيير أن يأتي من خلال الحاكم، ومن هنا يبدأ الاقتناع بالمساومة، وكثيرا ما ينتهي الأمر بالذوبان في ما يريده الحاكم، والتحول إلى بطانته. وثمة التغيير الذي يعتمد ممارسة الضغوط على الحاكم، ولكن ضمن سقف لا يوصل إلى القطيعة، والاعتماد هنا على النضالات الضاغطة من النخبة، وربما بعض التظاهرات والاحتجاجات الشعبية، وهذه قد يطول بها الزمن، متراوحة بين إنجاز محدود هنا وانتكاسة كبيرة هناك، وربما الوصول إلى الطريق المسدود. وأخيرا وليس آخرا (لأن أساليب التغيير غير محدودة) هنالك التغيير من خلال الثورة وإسقاط الحاكم ونظامه، فبعضه قد يحدث من خلال انقلاب عسكري، وبعضه من خلال ثورة مسلحة، وبعضه، وهو الأهم، والأعمق، من خلال الثورة الشعبية السلمية العامة، وهذا النموذج الأخير عرفته تجارب كثيرة في الماضي والحاضر، ويعيشه العرب والعالم مع ثورات تونس ومصر وليبيا واليمن والبحرين، كما عرفت أساليب الانقلابات العسكرية والثورات المسلحة تجارب كثيرة في الماضي والحاضر كذلك. ولكن حتى تجارب الثورات المسلحة على شكل انتفاضة مسلحة عامة، أم على شكل كفاح مسلح طويل الأمد، كان النجاح فيها مرهونا بتأييد الشعب لها. في الظروف الراهنة التي تطورت فيها قوى الأمن لتصبح أقوى من الجيش أو أصبح الجيش في البلد الواحد جيوشا مما أخذ يستبعد أسلوب الانقلاب إلا من خلال اتفاق هيئة الأركان على إحداث التغيير، وهذا لا يحدث إلا عند وقوع كارثة كبرى (هزيمة مثلا) أو في حالة انفلات الوضع أمنيا، أو نزول الجماهير إلى الشوارع وفشل قوات الأمن في كبتها، وشبيه ذلك ما حدث في مصر مثلا في آخر أيام حسني مبارك وتشكيل المجلس العسكري الأعلى. بعد انتصار الثورتين في تونس ومصر وبعد أن تلحق بهما الثورة في اليمن قريبا إن شاء الله، انقلب الموقف من ناحية النظر إلى الشعب وتقدير دوره في التغيير وفرضه، حتى أصبح شعار « الشعب يريد إسقاط النظام » أنشودة ترددها الألسن من المحيط إلى الخليج. فمن الآن فصاعدا ما عاد لحاكم وأسرته وبطانته الاستهانة بالشعب والتصرف كما لو لم يكن ثمة شعب، ولم يعد بمقدور نخب اعتادت هجاء الشعب واعتباره صفرا على الشمال أن تطمئن إلى شعاراتها المرفوضة من الشعب، وكذلك لم يعد بمقدور الذين ذهب تقويمهم للشعب استنادا إلى ما كان يطفو على السطح من مظاهر لا مبالاة وعقلية نفعية واستهلاكية أو تفسخية وانحطاطية أو تلخيص موقف الناس العاديين بالركض وراء لقمة الخبز. فالشعب اليوم أصبح الأشد حضورا في حسابات الجميع، فالحاكم مذعور، والغرب مشدوه، والمعارض مبهور، وطالب التغيير أدرك أهمية الجمهور فلا أحد يستطيع أن يقول أين الشعب؟ أو يصرخ بشماتة أو يأس: الشعب في حالة موات، ولا من فائدة. هذا التغيير سيترك أثره المباشر على القوى الخارجية وهي تتعامل مع العرب من الآن فصاعدا، أما الكيان الصهيوني فعليه أن يعد للعشرة قبل أن يأخذ قراره بعدوان، والأنظمة يجب ألا تنام الليل إذا لم تسع لاسترضاء الشعب وعدم إيصاله إلى حد الغضب والنزول إلى الشارع. والأهم فتح الأفق أمام دعاة التغيير والإصلاح والنهضة والتحرير، على الثقة بالشعب، بعد الله، في تقرير مصير الصراع. هذا يقتضي الكف عن اعتبار النخب التغييرية لنفسها مالكة الوعي والمعرفة، تفيض بهما أو تهبط بهما من خلال مظلة على الشعب، فالنخب عليها احترام الشعب واحترام عقيدته ووعيه وتقاليده وتجاربه، فالشعب هو الأقدر على أن يقرر موعد النزول إلى الشارع أو يقرر متى يصبر، وإلى أي حد يصبر، على ما يجري. فالثورة يجب أن تترك من ناحية اندلاعها لعفوية الشعب وليس لحسابات قيادات النخبة، خصوصا إذا لم تكن ممن يمتلك مجسة حساسة جدا لنبض الشارع، هذا وسيكون الأمر كذلك إذا ما قدر لصندوق الاقتراع أن يصبح نافذ القول. صحيح أن الثورة وكل ثورة شعبية تبدأ عفوية من حيث الظاهر أو من جهة شرارة إطلاقها، ولكنها في الواقع تكون نتاج مجموعة ظواهر توحي للعقل الجمعي أن بالإمكان النزول إلى الشارع، وأن بالإمكان الصمود والاستمرار وصولا إلى الانتصار، وهنا يمكن التقدم بمجموعة مؤشرات على تلك الظواهر التي يلمسها الشعب فيندفع إلى الثورة. على سبيل المثال الشعور بأن رأسا للنظام قد شاخ وضعف وأصبح تحت تسلط الزوجة والبنات والأولاد والأصهار، والشعور بأن القوى الخارجية تضعف وتتراجع، حالات انتصار لقوى صغيرة على القوى الدولية المسيطرة مثلا انتصار المقاومتين في لبنان وقطاع غزة في حربي تموز 2006 و2008/2009 على التوالي. أو ملاحظة فشل الاحتلال الأميركي للعراق أمام المقاومة أو الاحتلال الأميركي لأفغانستان أمام المقاومة المتواضعة كذلك. فمجموعة هذه الظواهر المتناثرة ودون تنظير مركب تشكل وحيا للشعب بأن يتحرك وينزل إلى الشوارع، وبصورة شديدة التصميم على الانتصار، وبالمناسبة ثمة إجماع في مصر على أن انتصار الثورة الشبابية-الشعبية في تونس جاءت إيحاء ملهما لشباب مصر وشعبها أن بإمكانهما الانتفاض والانتصار. ثم هناك تجارب الشعب في تلقيه لضربات قاسية حين تتحرك بعض القطاعات فيقابلها النظام بالشدة والقسوة فتنطفئ جذوتها وتحدث الانتكاسة، فالشعب هنا يتعلم الدروس في متى يكون النظام قادرا ومتى يكون عاجزا. ولهذا ما يبدو عفوية يستند إلى وعي ومعرفة وتجارب، فهو عفوي فقط بمعنى لم يحدث وفق خطة مدبرة سلفا أعدتها نخبة ونفذتها، أما اعتباره مجرد صدفة أو مجرد رد فعل لحدث جزئي، مثلا إحراق الشاب بوعزيزي لنفسه احتجاجا على شرطي منعه من بيع الخضرة من بسطته، فليس دقيقا إلا بقدر ما جاء الحدث في وقت مناسب تنتظر الثورة الشعبية شرارته لتنطلق. من هنا يجب إسقاط الفوقية التي يتعامل بها المثقف أو القائد السياسي أو المفكر مع الشعب، إسقاط عقلية الأستاذ إزاء تلاميذه. فبقدر ما يمكن أن يعطي المثقف أو السياسي أو القائد للشعب يمكن للشعب أن يعطيه ويعلمه، وهذا لا يكون إلا إذا أحسن احترام الشعب وأحسن جس نبضه وأحسن التعلم منه، فعندئذ فقط يتلاقى الأخذ والعطاء المتبادلان في علاقة النخبة بالشعب. (المصدر: موقع الجزيرة.نت (الدوحة – قطر) بتاريخ 30 مارس 2011)

Lire aussi ces articles

24 octobre 2006

Home – Accueil – الرئيسية TUNISNEWS 7 ème année, N° 2346 du 24.10.2006  archives : www.tunisnews.net Mounir Dabbour: Gréve de la

En savoir plus +

17 mars 2006

Home – Accueil – الرئيسية TUNISNEWS 6 ème année, N° 2125 du 17.03.2006  archives : www.tunisnews.net AFP: Un rassemblement d’opposants tunisiens

En savoir plus +

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.