الأربعاء، 13 أغسطس 2008

TUNISNEWS
8 ème année,N°3004 du 13.08.2008
 archives : www.tunisnews.net 

Vérité-actionوالجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين:حملة  إنقاذ حياة « مساجين العشريتين  » 🙁 اليوم السابع عشر)

جمعيات تونسية: بيان مشترك بمناسبة عيد المرأة ضد اعتداءات البوليس الماسة بشرف النساء الناشطات الحقوقيات

حــرية و إنـصاف: بيــــــــــــــــــــــــــــــــان

حركة النهضة تــــــــــــــــــــــدين استهداف السودان

العرب:تونس: أحزاب ومنظمات تستنكر الحملة التي تشنها السلطة ضد المحجبات

مصطفى عبدالله ونيسي: أما آن لهذا المنشور أن يُنسخ؟َ! رسالة مفتوحة لوزير الشئون الدينية

الوحدويون الناصريون تونس: بـيـــــــــــــــــــــــــــــان

الشباب الاشتراكي الديمقراطي إلى نساء تونس الحرّة في عيدهنّ الوطني

ايلاف: حقوقي تونسي يتعرض لمضايقات بسبب تصريحات لـإيلاف

سليم بن حميدان: أيها المعذّب مرّتين … لا يليق بك مثل هذا الطريق

علي باش حانبة : حول ما نشره صديق مزعوم لمحمد عبو

سليم بـــــــــــــــــــــــــوخذير : تنـــــــــــــــــــــويه

البديل العاجل: انتفاضة الفقراء بمنطقة الحوض المنجمي من أجل الشغل والحرية والكرامة

حزب العمل الوطنيّ الديمقراطيّ نشرة الكترونيّة عدد 64

محمد عبّــــــــــــــــــــو : خبـــــــــــــــــر ورأي

ا ف ب: افتتاح مؤتمر الاتحاد الجغرافي الدولي في تونس بمشاركة وفد اسرائيلي

النفطي حولة: التطبيع يدخل من باب علم الجغرافيا

خدمة قدس برس: تونس: الخلافات حول القيادة تخيم على أشغال المؤتمر الثامن لحركة الديمقراطيين الاشتراكيين

السبيل أونلاين: الخطاب السياسي والديني في تونس من خلال التجربة البورقيبية (4)

سليم بوخذير: بعد الانقلاب في موريتانيا: المغرب العربي . . عاشت ديمقراطيّة العسكر!

صلاح الدين الجورشي : سعد الدين إبراهيم.. المثقف المشاغب والملاحق

رامي عبد الواحد: في ذكرى ميلادها حرّروها من أغلالها

حركة القوميين العرب : حول الحملة الاعلامية الصهيونية ضد بن جدو والجزيرة

صبحي غندور:حتمية التغيير.. عــــــــــاجلاً أم آجـــــــــــــــلاً

إيلاف: محللون ومتابعون تونسيون يتحدثون لإيلاف عن الانقلاب في موريتانيا ضربة للديمقراطية ودليل على فشل الانتقال السلمي للسلطة

خليل العناني: «ديموقراطيات» عــــــــــــــــــربية يحرسها العسكر!


(Pour afficher les caractères arabes  suivre la démarche suivante : Affichage / Codage / Arabe Windows (

(To readarabic text click on the View then Encoding then Arabic Windows)


أسماء السادة المساجين السياسيين من حركة النهضة الذين تتواصل معاناتهم ومآسي عائلاتهم وأقربهم منذ ما يقارب العشرين عاما بدون انقطاع. نسأل الله لهم  وللمئات من الشبان الذين تتواصل حملات إيقافهم منذ أكثر العامين الماضيين فرجا قريبا عاجلا- آمين 

 

21- هشام بنور

22- منير غيث

23- بشير رمضان

24- فتحي العلج 

 

16- وحيد السرايري

17-  بوراوي مخلوف

18- وصفي الزغلامي

19- عبدالباسط الصليعي

20- الصادق العكاري

11-  كمال الغضبان

12- منير الحناشي

13- بشير اللواتي

14-  محمد نجيب اللواتي

15- الشاذلي النقاش

6-منذر البجاوي

7- الياس بن رمضان

8-عبد النبي بن رابح

9- الهادي الغالي

10- حسين الغضبان

1-الصادق شورو

2- ابراهيم الدريدي

3- رضا البوكادي

4-نورالدين العرباوي

5- الكريم بعلوش


أطلقوا  سراح جميع المساجين السياسيين “   “الحرية للصحفي المنفي في وطنه عبدالله الزواري“ الجمعية الدولية  لمساندة المساجين السياسيين 43 نهج الجزيرة تونس aispptunisie@yahoo.fr e-mail: Vérité-action Case postale 1569  CH – 1701  Fribourg, Suisse    Tél: ++41 79 703 26 11   Fax: ++41 21 625 77 20   info@verite-action.org:  e-mail                                               تونس في  13 أوت 2008                                              

حملة  إنقاذ حياة « مساجين العشريتين  » :                                                     ( اليوم السابع عشر)

                                                    

يقضي سجناء سياسيون تونسيون عقوبات قاسية بالسجن منذ ما يقارب العشرين سنة على خلفية أنشطتهم السياسية و قناعاتهم الفكرية ، و قد أجمعت كل المنظمات الحقوقية الوطنية و الدولية المستقلة على أنهم لم يتمتعوا بمحاكمات عادلة و أن الملفات التي اعتمدت لإدانتهم شابها التزوير و انبنت على اعترافات منتزعة تحت وطأة التعذيب الشديد ، كما أصدرت هيئة الدفاع عنهم  تقريرا مفصلا يعدد الخروقات المرتكبة و يؤكد الطابع السياسي للأحكام و بطلان الإدعاء الرسمي لتورط بعض المتهمين في التخطيط للعنف أو التورط في ارتكابه . و قد ترسخت القناعة لدى كل من تابع المحاكمات أن القضاء ، كما الإعلام و بعض أحزاب الموالاة ، قد وظفت لإقصاء خصم سياسي من الساحة و إضفاء لباس قضائي على التصفية الأمنية ، و رغم أن أغلبية المحاكمين في بداية عشرية التسعينات السوداء قد غادروا السجون ، بعد أن قضى أكثرهم ما يجاوز العشرية في ظروف مأساوية ، فإن انحسار الأضواء عن العشرات الباقين لا يجب أن يحجب معاناتهم ، و عائلاتهم ، منذ ما يقارب العشرين سنة  حيث تعرضوا منذ إيقافهم ، فضلا عن التعذيب ، إلى سياسات تستهدف تدمير بنيتهم الجسدية و المعنوية من خلال تعريضهم لصنوف الإهانات و التجويع  و التعتيم  و التشفي ( بعقوبات العزل الإنفرادي المطول و الإبعاد عن العائلات و بالحرمان من وسائل التثقيف و العزل التام عن مستجدات الأحداث بالعالم الخارجي و الحرمان من الحق في العلاج  ) و تقطيع أواصر الروابط العائلية بالضغط على الزوجات لطلب الطلاق و حرمان الأقارب من العمل .. و هو ما درجت تسميته !بـ  » سياسة القتل البطيء  » .. لم يعد مقبولا تواصل  الصمت على معاناة متواصلة منذ بداية العشرية الأخيرة من …القرن !الماضي .. إن في وسع كل من يسلم بعدالة قضية ضحايا  » الموت البطيء  »  أن يساهم بكلمة أو رسالة أو مقال أو مكاتبة أو عريضة في  الحملة التي تطلقها ( ابتداء من اليوم و حتى إطلاق آخر سجناء  » مساجين العشريتين  » …) الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيينAISPP  و جمعية action – Verité ( سويسرا ) و بالتزامن مع إطلاق حملة وطنية و دولية من المكاتبات و الإتصالات  و التحرك بملفات المصابين بأمراض خطيرة و ضحايا الأحكام المكررة تشرع الجمعيتان في التعريف تباعا بالمساجين السياسيين الذين قضوا زهرة أعمارهم ..من أجل أفكارهم .. و هم على التوالي : منذر البجاوي و رضا البوكادي و نور الدين العرباوي و محمد نجيب اللواتي و الصادق شورو و حسين الغضبان و عبد الكريم البعلوش و إبراهيم الدريدي و عبد النبي بن رابح و الهادي الغالي و منير الحناشي و بشير اللواتي و هشام بنور و وحيد السرايري و الشاذلي النقاش و عبد الباسط الصليعي و الصادق العكاري و منير غيث و بوراوي مخلوف و وصفي الزغلامي و إلياس بن رمضان و البشير رمضان و فتحي العلج و لطفي الداسي و كمال الغضبان . كما تناشد الجمعيتان كل المنظمات و الجمعيات و الشخصيات الوطنية و الدولية  أن تساهم في هذا الجهد بالتعريف بضحايا هذه المظلمة التي لم يعرف لها تاريخ البلاد مثيلا  ، و بتقديم  ما في وسعها من دعم مادي أو معنوي لهم و لعائلاتهم …    عن الجمعيـة الدولية                              Verité – action  لمساندة المساجين السياسيين       الرئيــــــــــــــــــس                              الرئيـــــــــس     الأستاذة سعيدةالعكرمي                           صفوة عيسى                   

16 –  منير الحناشي

حكم بالسجن مدى الحياة .. بعد محاكمة غير عادلة .. !  

بطاقة تعريف سجنية تاريخ دخول السجن  :    فيفري 1991 الحكم   :   مدى الحياة .السجن الحالي   :  برج العامري. الحالة الاجتماعية :    أعزب . المستوى الثقافي :  جامعي . المهنة   :   فني في صناعة المعادن .الحالة الصحية   :   آلام الظهر + إصابة بالفقرة 4 من العمود الفقري. العنوان  :   أريانة ، تونس . للمراسلة و المساندة : منير الحناشي ، السجن المدني برج العامري ، برج العامري ، الجمهورية التونسية . نداء لكل من يتعاطف مع سجين رأي يقبع خلف القضبان منذ قرابة العشريتين : بادر بكتابة كلمة .. أو مراسلة منظمة وطنية أو دولية .. أو مكاتبة الجهات الرسمية … أو مكالمة عائلته ..أو مساعدة أبنائه … حتى لا نقول أننا لم نكن نعلم ….!                         

حملة الإفراج عن  » مساجين العشريتين « 


بيان مشترك بمناسبة عيد المرأة ضد اعتداءات البوليس الماسة بشرف النساء الناشطات الحقوقيات

   

إن الجمعيات الممضية على هذا البيان تنتهز فرصة إحياء عيد المرأة و الاحتفال بإصدار مجلة الأحوال الشخصية، لتنبّه الرأي العام و السلط  لتفاقم ظاهرة الميز الجنسي لدى قوات الأمن. – ان الجمعيات الممضية تعبر عن صدمتها بما حصل للمناضلة زكية الضيفاوي عضوة فرع القيروان للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان و جمعية مناهضة التعذيب و حزب التكتل من أجل العمل والحريات، من تهديد بالاغتصاب و تحرش جنسي أثناء الاحتفاظ بها بمحلات الشرطة بمدينة قفصة، وهو ما رفضت المحكمة تسجيله لدى استنطاقها يوم 29 جويلية الماضي.   – كما تسجل تفاقم الاعتداءات اللفظية ذات الطابع الميزي الجنسي في العديد من المناسبات التي تهاجم فيها الشرطة الناشطات والنشطاء الحقوقيين  أثناء ممارستهم لحقوقهم الأساسية في التظاهر والتعبير والاجتماع، و نعتهن  بشتّى النعوت الماسة بالكرامة وخاصة بالمومسات. -ان اللجوء إلى هذا القاموس الغنّي بالعبارات النابية لوحظ على أعمدة الصحف الموالية في مناسبات عديدة كان رموز المجتمع المدني ضحيتها في ظل إفلات تام من العقاب.  كما تم بعث  مواقع انترنات خصصت لشتم و ثلب النساء و الرجال المدافعين و المعارضين و التي يسمح لها العمل بحرية خلافا لبقية المواقع التي تعنى بحرية التعبيرو التي تعاني من الغلق. -اختلاق صور و أشرطة إباحية من طرف المصالح المختصة لغاية المساس بشرف النساء و الرجال المدافعين و تدمير حياتهم العائلية.   إن الجمعيات الممضية على هذا البيان تطالب السلط  العمومية بوضع حد  لهاته  الاعتداءات الميزية و الماسة بالشرف و بتطبيق القانون المتعلق بالأخلاق الحميدة بصرامة علي قوات الأمن. كما تعبر عن مساندتها و تطالب بإطلاق سراح زكية الضيفاوي فورا وهي التي تحاكم من اجل ممارستها لحقها الأساسي في حرية التعبير.   الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات المجلس الوطني للحريات بتونس المرصد الوطني لحرية الصحافة و النشر و الإبداع الودادية التونسية لقدماء المقاومين الجمعية التونسية لمناهضة التعذيب


أنقذوا حياة السجين السياسي المهندس رضا البوكادي حــرية و إنـصاف 33 نهج المختار عطية 1001 تونس الهاتف / الفاكس : 71.340.860 البريد الإلكتروني :liberte.equite@gmail.com تونس في 12/08/2008 الموافق لـ 10 شعبان 1429 بيـــــــــــــــــــــــــــــان  
لقد اشتدت في الآونة الأخيرة حملة المضايقات على الناشطين الحقوقيين و السياسيين و الاجتماعيين و ليس أدل على ذلك من هذه المحاكمات التي تترى من قفصه ( الحوض المنجمي) إلى محاكمة مجموعة بنزرت مع استمرار الاعتقالات و المحاكمات في صفوف الشباب المتدين إلى الهجمة الواسعة على المراسلات الالكترونية. و من ابرز ما نسجله في عشية الاحتفال الرسمي بعيد المرأة ما تعرضت له المناضلة السياسية زكية الضيفاوي التي أجلت محاكمتها إلى يوم 14/08/2008 بقفصه  و الطالبة في الإعلامية مريم بن سالم الزواغي ( 22 سنة ) القابعة في سجن منوبة على خلفية إبحارها في الانترنات . منظمة حرية وإنصاف -لان تطالب  بإطلاق سراح كل المساجين السياسيين و مساجين الرأي فإنها تشدد على المطالبة بإطلاق سراح المناضلة زكية الضيفاوي و الطالبة مريم بن سالم الزواغي. -تدعو كل المنظمات الإنسانية الوطنية و الدولية للوقوف الى جانب هاتين السجينتين حتى إطلاق سراحهما. عن المكتب التنفيذي للمنظمة المكلفة بملف المساجين زينب الشبلي


                   بسم الله الرحمن الرحيم                    

حركة النهضة تدين استهداف السودان

   

فوجئنا بتصعيد الهجوم الدولي المستهدف لوحدة السودان ولكيانه الوطني من خلال استغلال مشاكله الداخلية مثل مشكلة دارفور ، بما أفسح المجال أمام قوى دولية متربصة بثروات الدول النامية ومعادية لخصوصياتها الحضارية الإسلامية أن تتبع تجاهها خططا تؤجج الصراعات والفتن الداخلية وتعمق الانقسامات والتجزئة وتفتح أبواب المساومات والتبعية والهيمنة وما يجري في السودان ليس منفصلا ولا بعيدا عما يجري في العراق وفي الصومال . وفي هذا السياق يمكن إدراج طلب المدعي العام في المحكمة الدولية إصدار مذكرة اعتقال الرئيس السوداني عمر البشير لمحاكمته عما جرى في دارفور. وحركة النهضة إذ تدين  ما حصل من قتل وتهجير ونهب في إقليم دارفور  و تطالب السلطة السودانية صاحبة المسؤولية على حماية شعبها باتخاذ الحلول وإنجاح المساعي لتجاوز هذه الأزمة  ومخلفاتها بالعدل والإنصاف فإنها ــ تشجب ما تتعرض له أكثر من دولة عربية واسلامية  ومنها دولة السودان من مخططات تمزيق يتولى كبرها  المحافظون الجدد في البيت الابيض وحلفاؤهم من اللوبي الصهيوني ــ تدين ما غلب على القضاء الدولي من ازدواجية المعايير في التعامل مع  القضايا الدولية ومنها ما حصل ويحصل في فلسطين والعراق وأفغانستان وغيرها من جرائم ثابتة ضد دول وشعوب  ترتكبها الولايات المتحدة والكيان الصهيوني في منعة من سلطان القضاء الدولي ومنظمة الأمم المتحدة المغلوبة على أمرها.   لندن 13 أوت 2008 رئيس حركة النهضة الشيخ راشد الغنوشي


تونس: أحزاب ومنظمات تستنكر الحملة التي تشنها السلطة ضد المحجبات

تونس – محمد الحمروني  استنكرت منظمات حقوقية وأحزاب سياسية الحملة التي عادت السلطة لشنها على الفتيات المحجبات في تونس. وجاءت هذه المواقف ردا على إيقاف مجموعة من الشرطة عشية يوم السبت 9 أغسطس الجاري، الشقيقتين حنان وريم الدريدي في مدينة أصيلتي (90 كلم شمال تونس) وإدخالهما بالقوة إلى مركز الشرطة التابع لمحطة باب سعدون الشمالية للنقل البري. ووفقا لما جاء في بيانات المنظمات الحقوقية حاول رجال الأمن إجبار الفتاتين على التوقيع على التزام تتعهدان بموجبه بعدم ارتداء الحجاب مستقبلا، لكن الفتاتان رفضتا ذلك بشدة وتمسكتا بحقهما القانوني في اختيار لباسهن، مما اضطر الشرطة إلى إطلاق سراحهما تحت وابل من الشتائم والعبارات المنافية للحياء والأخلاق. وردا على هذه الحملة قال علي العريض الناطق الرسمي سابقا باسم حركة «النهضة» الإسلامية المحظورة: «إن أي منع لارتداء الحجاب هو خرق فاضح لدستور البلاد وقوانينها، وللحرية الشخصية للأفراد، وحريتهم الدينية، إضافة إلى كونه خرقا صارخا واعتداء فاضحا على المواثيق الدولية التي أمضت عليها تونس». وشدد العريض في تصريحات خاصة لـ «العرب» على أن القضاء التونسي حكم ببطلان هذه الإجراءات التعسفية من خلال حكمه ببطلان العمل بالمناشير المتعلقة بالموضوع وعلى رأسها منشور 108 الذي يمنع ارتداء الحجاب في المعاهد والمؤسـسـات الـتـربـوية والإدارات الرسمية. من جانبه عبر الأستاذ محمد النوري رئيس «منظمة حرية وإنصاف للدفاع عن حقوق الإنسان» عن استنكاره الشديد لما تتعرض له المحجبات من انتهاك لحقوقهن وانتهاك لحرماتهن الخاصة ومن بينها حقهن في اختيار لباسهن. وأضاف النّوري في تصريحات لـ «العرب» أن إصرار السلطة على مضايقة المحجبات ليس له ما يبرره لا قانونيا ولا سياسيا ولا أخلاقيا . ومن الناحية السياسية نعلم جميعا أن المحجبات وخاصة الجيل الجديد منهن لا ينتمين إلى أي تيار سياسي بل هن يمثلن شكلا من التدين العفوي والتلقائي المرتبط برغبة كبيرة في التمسك بالأصول والثوابت الأصيلة للشعب التونسي المسلم. ومن الناحية الأخلاقية لا يوجد أي مبرر لأن يتعرض رجال الأمن لفتيات صغيرات ويقوموا بإهانتهن وترويعهن وسبّهن والتشهير بهنّ أمام الناس دون ذنب اقترفنه. من جانبها عبرت «لجنة الدفاع عن المحجبات بتونس» عن قلقها المتزايد من عودة الحملات البوليسية التي تطارد المحجبات وتروعهن وتنتهك أخص خصوصياتهن في اختيار لباسهن. وتوجهت بنداء خاص إلى دعاة الأمة وعلمائها للتّصدي لهذه الهجمة والاحتجاج لدى السلطة التونسية حتى توقف ملاحقتها للمحجبات. وتؤشر هذه المعطيات على عودة قوية للحملة التي يشنّها البوليس والتي تستهدف المحجبات هذه الأيام وهي تتركز بالخصوص في محطات النقل الكبرى في العاصمة تونس. وتبدو هذه الحملة متناقضة مع التوجه الجديد الذي سارت عليه السلطة في تونس مؤخرا من خلال السماح بظهور بعض المحجبات وهن يتسلم جوائز من الرئيس التونسي زين العابدين بن علي أو من خلال السماح ببث إذاعات إسلامية مثل إذاعة الزيتونة للقرآن الكريم. (المصدر: صحيفة ‘العرب’ (يومية – قطر) الصادرة يوم 13 أوت 2008)


 

بسم الله الرّحمن الرحيم مصطفى عبدالله ونيسي: أما آن لهذا المنشور أن يُنسخ؟َ!(1)  السّيد  أبوبكر  لخزوري    حفظه الله تعالى . سعادة الوزير تحية طيّبة،  و بعد،

 

 
 يُسعِدُني كمواطن تونسيّ يعيش هموم بلده لحظة بلحظة أن ألجأ أليكم لأعبر لكم عن أمر،أحسبه مُهِمّا، يشغلني و يشغل قطاعا واسعا من التونسيين و التونسيات.  ولكن باديء ذي بدء تأكدُّوا سعادة الوزير أنّي ما أردت إلاّ الخير، والدّفاع عن سمعة بلدي، والمساهمة في رفع الحرج  بطريقتي الخاصة عن جزء مهمّ من أهل بلدي ما استطعت إلى ذلك سبيلا.  وأعتقد أنّكم توافقونني تماما في أنّ العلاقة المُثلى و الصحيحة التّي ينبغي أن تربط المواطن،مهما كان انتماءه الفكري والسيّاسي، بمسئوليه وحكامه و قيادته،هي علاقة نُصح وحوار و إخلاص و ثقة متبادلة في إطار دولة القانون و المؤسسات. ولا يخفى على أحد أنّ النُّصح الخالص والمثمر والبنّاء ليس أمرا سهلا و خاصة في هذا الزّمان الذّي قَلَّ فيه المخلصون وكَثُرَ فيه الانتهازيون وهبّوا من كُلِّ صوب و حدب لا يشغلهم إلا قضاء مآربهم الصغيرة ولو كان ذلك على حساب حاجيات الوطن الكبرى. أقدّر جيّدا أن النصح للوطن العزيز وشعبه  قد لا يخلو من تأويلات سيئة للمواقف و التصريحات مهما كانت نبيلة وبريئة ولكن كلّ شيء ما دون مصلحة البلاد يهون. عزاؤنا جميعا مهما اختلفت أراءونا ومذاهبنا ، وكذلك مواقعنا ، أنّ تونس هي القاسم المشترك بيننا الذّي لا ينبغي لأحد منّا أن يفرط فيه، وهي أولى منّا جميعا بالنُّصح و المحبّة و الإخلاص و الولاء. و في هذا الإطار لا غير، وبهذه الخلفية ، أبذل الوُسْعَ لصالح تونس و شعبها ،لا أخضع في ذلك إلاّ لما أراه صالحا لبلدي العزيز والله على ما أقول شهيد.إنّ إيماني بالله  ، وحبّي لبلادي ما تركا لي من خيار إلاّ خيار  المصارحة و المناصحة، كلفني ذلك ما كلّفني.  فوطنيتي تفرض عليّ القيام بواجب النُّصح إزاء بلدي، ومن دون أن أقوم بذلك فلن يرتاح لي ضمير و لن يهدأ لي : (إن أريد إلاّ الإصلاح ما استطعت وما توفيقي إلاّ بالله عليه توكلت وإليه أنيب)هودآية88.  لقد ارتضيت لنفسي مذهبا منذ مدة غير قصيرة، أنّ لا أسيء لتونس وسمعتها ،لا من قريب و لا من بعيد، و أن لا أنخرط في ردود أفعال تكون مسيئة لبلادي حتّى وإن اعتقدت صوابا أو توهمت خطأ أن بلادي أو فريقا من اهلي قد جار عليّ وظلمني. كما أنّي  قررت أن لا أسكت عن إبداء رأي في أي شأن من الشئون العامة إذا ما رأيت في ذلك  مصلحة ،ولكن بالطرق السلمية و الحضارية، بعيدا عن كُلِّ أشكال الفوضى والإستقواء بالأجنبي،شعاري في ذلك قول المصطفى عليه أفضل الصلاة و أزكى التسليم: (من كان يؤمن بالله و اليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت). بهذا التفاؤل والثقة في المستقبل ،وبهذه الرّوح المليئة بحب الخير للتونسيين جميعا ، متدينين وغير متدينين، شعبا وقيادة، مواطنين ومسئولين، أ ُصارحكم سعادة الوزير أنّ حال المحجبّات في بلادي  و ما يعشنّه يشغلني و يشغل جزءا كبيرا من التونسيين. إنّ ما يُعرف بمنشور108القاضي بمنع الحجاب، بحجة أنّه لباس طائفي ،في المؤسسات العمومية  قد تسبب تطبيقه في الكثير من المتاعب لتونسيات كثيرات ،هنّ أمهاتنا وأخواتنا وبناتنا و زوجاتنا ، من طالبات وتلميذات وموظّفات وعاملات..، كما أنّه تسبب  في الكثير من سوء الفهم و اللّبس بين أبناء البلد الواحد. كما أنّه جلب لواضعيه انتقادات لا حصر لها، لا من جانب علماء الفقه و الشريعة في العالم الإسلامي  و حسب،بل حتى   من غير المسلمين  المدافعين عن حقوق الإنسان. كما أنّه كان سببا   لتشويه صورة بلادنا الدّينية لدى بقية الشعوب العربيّة و الإسلاميّة ولدى أوساط الجاليات الإسلامية العربية و غير العربية المقيمة في بلاد الغرب وخاصة منه فرنسا، وأنا أ ُدرك جيّدا ما أقول.  وفي المقابل ، هل أَكسب هذا المنشور بلادنا صفة الحداثة التي كان يتصورها الحريصون و المستميتون على تطبيقه؟ لا شيء من ذلك تحقق. وإنّي كمواطن يعيش في المهجر، و كمسئول جمعياتي ، وكأستاذ في مادة الفقه و السّياسة الشرعية و مُتخرج من الكلية الزّيتونية للشريعة وأصول الدّين بتونس، وكإنسان يعيش هموم شعبه وأمته، مؤهل لأن أنقل إليكم حجم الحرج الذّي يشعر به جزء كبير من أبناء تونس وبناتها نتيجة لهذا المنشور. ومقارنة للنتائج السلبيةّ الكثيرة التي تسبب فيها هذا المنشور بالايجابيات القليلة التي يحاول الحريصون على تطبيقه  تضخيمها، لقلنّا أنّ الأمر لا يستحق كُلّ هذا الحرص على تطبيق مثل هذا المنشور،لو تحلينّا بشيء من المرونة والواقعية،بل بالبراقماتية والعقلانيّة.والغريب في الأمر هي هذه الصرامة والرّاديكالية في تطبيق مثل هذا المنشور و من بعض الأطراف بالذّات دون سواهم، مع العلم أنّ تجاوز كلَّ  الإشكاليات والصعوبات التي ترتبت عن تطبيقه سواء لبعض المواطنين أو للإدارة التونسية نفسها سهل تجاوزها لو توفرت الإرادة السياسية من دون أن نمّس بالحريات الشخصية للمواطنين من ناحية ، ومن دون أن نَمّس بهيبة الدّولة التي نحن أيضا حريصون على إحترامها  من ناحية ثانية. ولقائل أن يقول، سواء كان ناصحا أو مثبطا أو حاسدا، أنّ نداءك هذا، هو عبارة  عن صيحة في واد سحيق لا فائدة مرجوة من وراءه إلاّ ضياع الجهد ومزيدا من كسب عداوات الاستئصالين الذين يزعجهم هذا المنهج المعتدل في المعارضة وتبليغ الصوت الآخر إلى الإدارة  والجهات المسئولة. وعندئذ أقول لسائلي، سواء أكان  ناصحا أو حاقدا أو مثبطا : لو كنت لا أملك إلا الصياح لأقوم ببعض الواجب نحو بلدي لصحت مساء صباحا، فيُكتبَ لي بذلك أجر التذكير بما أراه نافعا ومفيدا،خير لي من السكوت والاستقالة من أمر أرى فيه مصلحة بلادي.  أمّا النتائج التي تتحدّثون عنها فيتولاّها ويرعاها الله، مسبب الأسباب ومالكها، جاعلا نصب عينيّ قوله (ص)( الدّال على الخير كفاعله).  إنّ ما يُعابُ على ما يُعرف بالحجاب هو بُعده الطّائفي ورمزيته السياسية. ونحن في تونس بلد عقبة بن نافع،وأسد بن الفرات وجوهر الصقلي،وابن خلدون،وابن أبي زيد القيرواني،وابن عرفة،وابن عاشور،والقائمة تطول، لا يمكن لأحد أن يُزايد علينا في عُروبتنا وإسلامنا ، أو يلقنّنا دروسا في الدّين و الهويّة، فثقافتنا العربيّة و الإسلاميّة عريقة، ومساهماتنا في خدمة الدّين و العلم الشّرعي لا يتجاهلها إلا ّجاهل. وتونس في دستورها، جمهورية،لغتها العربيّة ودينها الإسلام.  و بناء عليه فإنّ ثقتنا في المشرع التونسي وفي عقلانيته الإسلامية الأصيلة كبيرة لإعادة النّظر في مثل هذا المنشور وغيره متى لزم الأمر بما يخدم مصلحة البلاد و العباد وبما يضمن أيضا تلك المقاصد التي من أجلها وُجدَ المنشور إبتداء،ولكن بصيغة تكون أكثر مرونة وواقعية على ضوء ما يفرضه الشرع الحكيم و العقل النيّر والواقع الموضوعي، الإجتماعي و الدّيني لبلادنا. فما المانع يا تُرى من تعديل هذا المنشور أو نسخه جملة واحدة إذا ما اقتضت المصلحة ذلك؟ إنّ المشرع التونسي ما تردد  لحظة واحدة في تعديل مثل هذا المنشور إذا ما توفرت الإرادة السياسية  وتبيّنت  له المصلحة العامة،خاصة عندما نعرف أنّ هذا المنشور لا يرق إلى مرتبة القانون أو التشريع كما يدل عليه اسمه. وفي هذا الإطار، و خدمة لبلادي من ناحية،وممارسة لإختصاصي  بحكم اهتمامي بهذا الموضوع من ناحية ثانية، قد أفيد في بعث مبادرة وطنية تستحضر الأبعاد التي من أجلها وجد هذا المنشور ابتداء وتعمل في نفس الوقت على تجاوز سلبياته ، وقد يُتّوجُ ذلك باقتراح صيغة تُجنِّبنا ما ترتب عن هذا المنشور من إشكاليات و تعقيدات نحن في غنى عنها،دون أن نلغي هذا المنشور مرّة واحدة، فنحقق إن شاء الله تعالى في هذا المجال الحسّاس وحدتنا القومية ووئامنا الوطني وتناغمنا الإجتماعي، وبذلك وحده نكون أوفياء لديننا وأعرافنا الحميدة وخصوصياتنا التونسية. كما لا يفوتني أن أشير إلى أنّ اللّباس التونسي  الأصيل كـ(السفساري) و(الفوطة) هو لباس إسلامي   تتوفر فيه ابتداء كلّ الشروط والضوابط الشرعية، غير أنّه لباس لا يساعد على العمل وسرعة الحركة والفاعلية،أي أنّه لباس غير عملي. ومن أجل أن نوفر لبناتنا لباسا تونسيا عريقا مراعيا لأعرافنا وخصوصياتنا وأذواقنا الجمالية في اللباس، ألوانا وأشكالا وتصاميم، ومناسبا للعمل وسرعة الحركة، نَهِيبُ بكم أنتم، يا أهل الحلّ والعقد، ونناشدكم أن تُصدروا أوامركم للمصممين والفنيين التونسيين وتُشجعوهم على أن يصمموا لنا تصاميم لباسية تونسية تكون في نفس الوقت أصيلة ،بما تتوفر عليه من ضوابط وشروط شرعية تحفظ  لنا كرامتنا الإنسانية وحياءنا من الله، ومعاصرة بما تشتمل عليه من جمال وأناقة. فاللّباس الإسلامي والعربي متميّز في أشكاله وتصاميمه اللّباسية المتعددة وألوانه المفضلة. ولكن هذا التميز لا يعني أنّه لباس جامد،ثابت ، وواحد في كلّ زمان ومكان،شكلا، وتصميما ولونا وذوقا،لا يتطور ولا يأخذ بعين الاعتبار اختلاف الأذواق والأعراف والبيئات والمجتمعات في تصاميمه وألوانه وأشكاله الجمالية. فاللُباس الإسلامي على الشاكلة الخليجية العربية أو الإيرانية ليس هو بالضرورة اللّباس الإسلامي على الشاكلة المغاربية بصفة عامة والتونسية بصفة خاصة. وأحسب أنّه  لو عمل المصممون التونسيون على تصميم مثل هذا النّوع من اللّباس لحققنّا منافع كثيرة لبلادنا، ولخرجنا من هذا الضّيق منتصرين، فنكون بذلك قد وفرنّا مواطن شغل جديدة ، وتَوْنَسْنَا  لباسنا الإسلامي ليكون في نفس الوقت أصيلا و معاصرا نرفع به الحرج عن نساءنا ، فيُرضين ربّهُنّ، ويمارسنّ حُريتَهُنَ الشخصية، دون أن يُتهمنّ بالطّائفية أو بالتسيّس. أحسب أن الكثير من الإشكاليات لا تـعالج ،هكذا بقوانين فوقية لا تُراع أشواق النّاس الروحية و الأدبية والنّفسية. وأعتقد أنّ  ما ذهبنا إليه من مقترحات  عملية قد تكون هي  المدخل الصحيح و المنهجي والبديل العقلاني و الذّكي لمحاربة الانغلاق الطائفي،والتوظيف الدّيني والسياسي الضّيق. يعلم الله أنّي ما كتبت هذا النداء إلا حُبّا  لبلادي وغِيرة على أهلها و رغبة في كسر هذا الحاجز النفسي  الذّي يمنع التونسيين من التواصل مع بعضهم ،حتى ولئن اختلفت أراءوهم ، فتونس تسعنا جميعا، ومستقبلها يشغلنا جميعا، وعزّتها غايتنا جميعا. كما أنّي، يعلم الله، كم من مرة تساءلت فيما بيني وبين نفسي ، لماذا لا أحاول ولو لمرة واحدة أن أتجه إلى مسئول تونسي مباشرة، لأصارحه وأطرح عليه ما يشغل جزءا كبيرا من التونسيين،ولكنّي أحجم عن ذلك خوفا من سوء الفهم والتأويلات الخاطئة، مع أنّي أومن من النّاحية المبدئية أنّ هذا هو الطريق الطبيعي الذي ينبغي أن يحكم علاقة المواطن بمسئوليه. وأمام إصرار الذّين يريدون أن يستغلوا هذا الملف ،سواء من هذا الفريق أو من ذاك ،قررت وعقدت العزم على محاولة الإتصال المباشر بكم كمسئول  تنفيذي أول عن هذا الملف بأي شكل من الأشكال،لأضع بين يديكم ملاحظاتي المتواضعة هذه، متوقعا منكم حسن القبول والتفهم، فأكون  بذلك سعيدا. أمنيتي سعادة الوزير هو أن تفتح الأبواب أمام كل المواطنين لإبداء أراءهم  ولو كانوا معارضين حتى لا يلتجأ المواطن إلى أساليب أخرى في الضغط والإحراج قد لا تكون دائما في صالح تونس.  أسأل الله العلّي القدير، سيّدي الوزير أن يجد ندائي هذا القبول الحسن لديكم، فما أردت إلاّ الإصلاح و ما توفيقي إلاّ باللّه‘ علية توكلت وهو ربُّ العرش العظيم . تقبّلوا سيّدي الوزير فائق احتراماتي و تقديري، ودمتم في حفظ الله تعالى ورعايته. الإربعاء2جويلية2008 مصطفى عبدالله ونيسي/باريس/فرنسا.        ــــــــ 1) نص رسالة مفتوحة لوزير الشئون الدينية  عن طريق يومية الشروق ،ولكن هذه الأخيرة فيم نعلم لم تنشرها.


بسم الله الرحمن الرحيم تونس في 13أوت 2008  بـيـــان

   

على إثر إنعقاد المؤتمر العام الواحد والثلاثين لإتحاد الدولي للجغرافيين على أرض تونس العربية من 12 إلى 15 أوت/أغسطس 2008  بمشاركة وفد صهيوني وبموافقة وتأييد كلي من رئيس جمعية الجغرافيين التونسيين وبعض أعضائها المطبعين مع العدو الصهيوني وبتسهيلات ومباركة من السلطة. فإن الوحدويين الناصريين بتونس وإنطلاقا من ثوابتهم القومية الرافضة للتطبيع مع العدو الصهيوني : 1/ يرفضون رفضا قطعيا التطبيع مع العدو الصهيوني وإستغلال المؤتمرات العلمية بوابة لتكريس التطبيع سياسيا وثقافيا وعلميا. 2/ يدينون بشدة رئيس جمعية الجغرافيين التونسيين وبعض أعضائها الذين إحتضنوا الوفد الصهيوني ومكنوه من المشاركة في المؤتمر كما يدينون كل المثقفين وغيرهم من المطبعين مع العدو الصهيوني. 3/ يحيون بعض أعضاء جمعية الجغرافيين التونسيين  الرافضين لمشاركة الوفد الصهيوني بالمؤتمر في تونس والذين وقفوا بشدة ضد محاولات التطبيع وإستقبال الصهاينة على أرض تونس العربية المسلمة.     الوحدويون الناصريون /تونس

الشباب الاشتراكي الديمقراطي إلى نساء تونس الحرّة في عيدهنّ الوطني تونس في 13 أوت 2008

تحتفل اليوم المرأة التونسية بعيدها الوطني الذي يعدّ أحد المناسبات الوطنية الهامّة والتاريخية والتي ما فتئت تستغلّها السلطة للمزايدة وادّعاء النجاح المطلق وطمس الواقع والحقائق. تقف الرفيقة زكية الضيفاوي هذا اليوم بكلّ فخر وأنفة واعتزاز وراء القضبان لتعبّر بوضوح عمّا وراء شاشات التلفزات الكاذبة والحناجر المزورّة والأيدي المنافقة التي تتحدّث عن حقوق المرأة وعن المساواة وعن النجاحات في وقت تستمرّ فيه انتهاكات حقوق المرأة واعتبارها سلعة للبيع وجسدا للاستعباد وبضاعة للّذة. في هذا اليوم الذي تعيش فيه المرأة التونسية الاستغلال في المصانع والمتاجر والمعاملات اللاّأخلاقية في الشوارع والفضاءات العمومية والنظرة الدونيّة من قبل سلطة تعتبر حرّيتها منّة وهِبَة وتعتمد عليها كرصيد تعبوي وانتخابي وتؤسّس باسمها جمعيّات وهميّة تبتزّ بها النّاس دون أن تحترم بحقّ مطالب المرأة وطموحاتها في مساواة تامّة وعادلة. في هذا اليوم الذي تفرض فيه خيارات السلطة تغييب المرأة عن المجتمع المدني وعن المنظّمات والأحزاب والنقابات المناضلة لتُبقي عليها تحت عبوديّة ملوّنة وبرّاقة، تتنفّس الرفيقة زكيّة الضيفاوي هواء الحرّية داخل السجن المدني بقفصة بعد مشاركتها في مسيرة سلمية تضامنا مع أمّهات وشقيقات وبنات ورفيقات سجناء انتفاضة الحوض المنجمي. لقد حطّمت الرفيقة كسابقاتها من مناضلات تونس الحرّة كلّ الأكاذيب والأباطيل وكشفت بشاعة التوجّه الأمني وعرّت وحشيّة البعض منه وتواطؤ البعض الآخر وجبن البقيّة واستطاعت الصّمود لتبلّغ صوت نساء تونس الأبيّات إلى شارع محاصر بالزيّ الأمنيّ ليلا نهارا. لقد خَطَتْ الرفيقة خطوات باتّجاه مشاركة عادلة ومساواة تامّة في النضال من أجل الحرّية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية ولا نملك إلاّ تحيّتها ونحن معتزّون بانتمائها إلى التكتّل الديمقراطي من أجل العمل والحرّيات وإلى مناضلات تونس ومواطناتها الأبيّات ونعتبر عيد المرأة الوطني فرصة تاريخيّة لنا لنؤكّد فيها على وقوف الشباب الاشتراكي الديمقراطي بشكل مطلق مع الرفيقة الحرّة وراء القضبان ومع نساء تونس في معركة الحرّية. وندعو باسم الشباب الاشتراكي الديمقراطي المنظّمة الشبابية للتكتّل الديمقراطي كافة هيئات المجتمع المدني إلى المضيّ قدما في الدفاع عن حقوق كاملة ومتساوية للمرأة وعن حقّها في النشاط السياسي والجمعيّاتي والنقابي دون وصاية من السلطة. كما ندعو إلى الوقوف بقوّة لمساندة نساء مساجين الحوض المنجمي في معركتهم للمطالبة بإطلاق سراح المساجين الذين قاموا بدورهم الرّيادي في تحريك الجهة والمطالبة بإخراجها من وضع التهميش والبؤس والتفقير واللاّمبالاة. الشباب الاشتراكي الديمقراطي المنظّمة الشبابية للتكتل الديمقراطي من أجل العمل والحرّيات الكاتب العام الوطني مسؤول الإعلام محمّد ظافرعطي


 

حقوقي تونسي يتعرض لمضايقات بسبب تصريحات لـإيلاف

   

 إسماعيل دبارة من تونس: تعرّض اليوم الثلاثاء الحقوقي زهير مخلوف الكاتب العام لمنظمة حرية و إنصاف للدفاع عن حقوق الإنسان  لمحاصرة لصيقة من قبل عدد كبير من  عناصر أمن بالزي المدني يمتطون سيارة و دراجة نارية مدنيّتين.  و تعرض مخلوف إلى اعتداء بالعنف اللفظي و تهديدات مختلفة في منطقة باب الجزيرة وسط العاصمة تونس. و في اتصال هاتفي مع ‘إيلاف’ قال زهير مخلوف:لاحظت منذ الصباح الباكر ملاحقة لصيقة من قبل سيارات بوليس و درّاجة نارية تتبعهم ن تابعوني و انا متجه إلى عملي و أثنائه … كنت أدليت اليوم بتصريحات لبرنامج « حقوق الناس » الذي تبثه قناة الحوار اللندنية ، كما أشتبه في أن الحوار الصحفي مع ‘إيلاف’ قد استفزّ بعض الجهات في تونس …هم يرفضون باستمرار حديث الحقوقيين و النشطاء مع وسائل الإعلام لأن تصريحاتنا قد لا ترضيهم. » و في بيان لها نددت منظمة ‘حرية و إنصاف’ بما أسمتها  » الهرسلة التي يتعرض لها الناشط الحقوقي زهير مخلوف و اعتبرت أن ما حدث اليوم هو حلقة جديدة من حلقات استهداف الناشطين الحقوقيين ». و طالب المنظمة بوضع حد لهذه الانتهاكات و الاعتداءات التي لا تزيد الوضع إلا تدهورا و احتقانا. كما دعت « المنظمات و الجمعيات في الداخل و الخارج إلى مزيد الضغط من أجل توفير حماية للناشطين الحقوقيين كي يقوموا بعملهم المتمثل في رصد الانتهاكات و فضح التجاوزات و نشر الثقافة الحقوقية حتى ينعم المواطن بمناخ الحرية » على حدّ ما جاء في البيان.   (المصدر: موقع ايلاف ( ابريطانيا) بتاريخ 13 أوت 2008 )


 

 أيها المعذّب مرّتين … لا يليق بك مثل هذا الطريق

 

سليم بن حميدان استأت كثيرا من الرسالة التي توجه بها الدكتور الصحبي العمري لـ’صديقه’ الأستاذ محمد عبو وارتأيت أنه من الواجب التدخل لرفع ما قد يلتبس في ذهن القارئ ‘المحايد’ من وقائع ومغالطات : بادئ ذي بدء، تجدر الإشارة إلى أن معرفتي بالرجلين لا تتجاوز بضع ساعات. ليلة سمر قضيتها مع الدكتور الصحبي العمري لما نزل علي ضيفا، في باريس سنة 2002 رفقة المناضل عبد الوهاب الهاني، وكانت زيارته وقتذاك في إطار حملة أوروبية تهدف للتعريف بمعاناته والاضطهاد الذي تعرض له من طرف السلطات التونسية. أما الأستاذ محمد عبو فلم ألتق به هو الآخر إلا لسويعات معدودات سنة 2005 على هامش ندوة آكس للمعارضة التونسية. وللحقيقة فإنه لا تربط بيننا أي وشائج صداقة رغم زمالتنا في حزب المؤتمر من أجل الجمهورية حيث جمعنا شرف المساهمة في تأسيسه، صدا للظلم وذودا عن الوطن والحرية والكرامة، بما أوتيناه من فهم متواضع وإرادة وطنية صادقة وأمل متدفق في إقامة نظام ديمقراطي يحمي الحريات ويحترم القانون ويحفظ كرامة الناس وشرفهم. ما أردت قوله باختصار هو عدم انحيازي إلى أي من الرجلين بل تعاطفي معهما واحترامي لهما بقدر رسوخ أقدامهما على أرض الوطنية والقيم الإنسانية والديمقراطية التي كانت ‘ذات يوم’ عنوانا للقاء بيننا. تواصلت المسيرة النضالية بعد ذلك للرجلين ليرسو قارب الدكتور الصحبي العمري، ويا خيبة المرسى، على الشاطئ الملوث للدكتاتورية التي أفنى زهرة شبابه في مقاومتها، ويحط شراع الأستاذ عبو في ‘سجن أبو غرايب’ الذي نذر قلمه لفضح الانتهاكات الفظيعة داخل أقبيته السوداء. منذ ذلك التاريخ، بدء العد التنازلي للأول وبدأت معه رحلة الانحدار إلى مستنقع الدكتاتورية الذي لا قرار له سوى الدرك الأسفل لمتحف عاديات التاريخ، وارتفع رصيد الثاني ليرفرف اسمه مزدانا ببطولة الصمود وشرف التضحية ووسام النضال من أجل إنسانية الإنسان.    فرجت المحنة طبعا عن الأول وضاقت الدنيا على الثاني واشتدت على عائلته لتركب حرمه المصون ‘سامية عبو’ أمواج السياسة العاتية وتقرع أبواب الإجارة، داخل البلاد وخارجها، من حاكم ظالم لم يتسع صدره لكلمة حق ‘لاذعة’ تبتغي الإصلاح وتنشد الحرية والكرامة للناس.      نزلت السيدة ‘سامية عبو’ عندنا في أطيب منزل وكان لي وزوجتي شرف استقبالها واستضافتها بضعة أيام، نرافقها فيها نهارا إلى المنظمات الإنسانية ونواسيها ليلا عندما تذكر زوجها الأسير وابنيها المشردين فنكفكف دمعها ونبعث فيها الأمل يقينا بأن دوام الحال من المحال وأن مع العسر يسرا. لقد اكتشفنا زوجة شريفة وأمّا حانية ومناضلة عصية. وازداد إعجابنا بها عندما كانت تحتقر مأساتها وهي تذكر مآسي الآخرين من عائلات المساجين السياسيين الذين عمروا السجون التونسية منذ فجر ‘التغيير’.  لا زلت أذكرها وهي تردد أن نضالها لن ينتهي بتسريح زوجها بل بإخلاء السجون التونسية من كل مساجين الرأي وعودة اللاجئين أمثالنا إلى أرض الوطن، وها هي حرة تنجز ما وعدت وتواصل نضالها بعد عودة الزوج إلى بيتها. أما كل ما ورد في رسالة الدكتور الصحبي العمري، حشوا واستطرادا، من شأن ‘محاولته’ الوساطة لدى رئيس الدولة في شأن تسريح ‘صديقه’ فهو مسعى محمود في ذاته أفسده سرد قبيح وافتراء مفضوح لمشهد خروج الأستاذ عبو من سجنه، يسيء لأصول الصحبة وأخلاق الرجولة التي توجب ستر الصديق ونصحه إذا أذنب لا الفضح والتشهير… هذا إذا افترضنا صدق الرواية وما الراوي في نظري بمصدوق لأن في المتن من التحامل ما يضعفها بل ما يقذف بها في دائرة الموضوع.  نعم، من المشروع أن نأسف لتدخل ‘الخارج’ وضغطه من أجل استرداد بعض الحقوق أو تحقيق بعض الانفراج ولكنه منطق التدافع، المشروع أيضا والمعبر عنه شرعيا بحق الإجارة وإنسانيا بمواثيق اللجوء، يدفع بالمظلوم لطلب النصرة على الظالم من الغريب عندما يبغي القريب.                 كنا نتمنى أن يتدخل العقل للتسوية والضبط قبل أن يتدخل الخارج للتشهير والضغط، ولكنها سياسة الإذلال وامتهان كرامة الشرفاء تنتصر مرة أخرى علينا جميعا، حكاما ومحكومين. وعلى افتراض صدق الرواية وخروج الأستاذ محمد عبو من سجنه بالكيفية المذكورة، فإن في ذلك معرة لنا جميعا كتونسيين لأن إهانة تونسي واحد هي إهانة لنا جميعا بمنطق الأخوة الوطنية والدينية. إن أي سجين رأي يغادر سجنه وأي مهجر يعود إلى وطنه، تحت دائرة المقايضة والإذلال، هو وصمة عار تضاف إلى سجل الاستبداد في بلادنا لأن المناضل إنسان قبل كل شيء يعتريه ما يعتري كل إنسان من صنوف التعب والفشل والإحباط فيقرر الاستراحة وفي القلب لوعة وأسى.  لقد كتبت سابقا، في موضوع عودة المهجرين الذين قايضوا عودتهم بالتنازل عن حقوقهم السياسية أنهم ‘شرفاء وإن ثبطوا’ شريطة ألا يتحولوا خدما أو حشما في بلاط السلطان ويحفظوا ألسنتهم وأقلامهم من تزيين الباطل وقول البهتان. أما فيما يتعلق بالدكتور الصحبي العمري وأمثاله فلا يسعنا إلا الإشفاق عليهم لأنهم أكبر ضحايا الدكتاتورية وهل أشقى ممن أكره على قذف الشرفاء بل على لعن ماضيه المجيد فارتضى الإذعان والخضوع على حياة الكرامة والخلود … فيا خيبة المسعى.

    

حول ما نشره صديق مزعوم لمحمد عبو

    

-علي باش حانبة-   نشر شخص رسالة مفتوحة لمحمد عبوعلى شبكة تونس نيوز في 10 أوت 2008 وأردفها برسالة أخرى لرئيس الدولة. ولست عادة ممن يحبذون  الردّ على الإساءات  المدفوعة الأجراذ يمكن دائما  الردّ عليها بالنضال ضدّ من حرّض عليها حتّى اليوم الذي تكون لنا فيه دولة تترفّع عن بذل جهدها وأموال المواطنين في ضرب خصوم الحاكم. إلاّ أنّي أعتقد هذه المرّة أنّ الرسالة جاءت مضمرة الحطّ من قيمة نضالات التونسيين الرافضين للخنوع وإبرازهم للرأي العام في صورة سيئة. فالرسالة لم تستهدف محمد عبو بقدر ما استهدفت الذين وقفوا معه ودافعوا عنّه وعددهم والحمد لله كبير.تستهدف 800 محام نابوه.. تستهدف الذين اعتصموا بدار المحامي لمدة 53 يوما. تستهدف الذين خرجوا في مظاهرات.. الذين كتبوا المقالات وأصدروا البيانات ووقّعوا العرائض ..الذين رافقوا زوجته وأبناءه في 130 زيارة بين تونس والكاف.. الذين ضُربوا وأهينوا من أجله.. الذين ضُرب الحصار على أرزاقهم لأنهم وقفوا معه.. وتستهدف بشرا من جنسيات أخرى لا يزالون يوميّا وبعد سنة من خروجه يرسلون له البطاقات لمؤازرته. لذلك سأردّ على من يقف وراء الرسالة لعلّه يقتنع في النهاية أنّ السحر قد ينقلب على الساحر فيبحث لنفسه عن دور آخر غير السحر ولأدعوه للإحتكام للدستور والقوانين التي هي فيصل النزاع بين الجميع.   1- الأسطر القليلة »المجانية »: ذكر صاحب الرسالة أن محمد عبو نشر ثلاثة أسطر مجانية. ولكنّه كتبها خدمة لأبناء وطنه وهو يعرف ثمنها. وقد أظهرت الأحداث التي تلت أسطره أنها ساهمت مساهمة غير مسبوقة بفضل تضامن الشرفاء معه في فتح ملفات راكدة لم يكن الركود يزيدها إلا استفحالا. كما أنّه وخلافا لكاتب الرسالة لم يشتم أحدا ولم يهتك أعراض زوجات المسؤولين أو يتدخل في حياتهم الخاصة أو يستعمل حقه في الإعلام للتعبير عن غضب في داخله فقط، وإنما انتقد من انتقد لخدمة المصلحة العامة وبالتثبت مما ينشره من أخبار ممارسا حقه, شرعته قانون البلاد كما يفهمه وحقوق المواطنة وواجب الدفاع عن حقوق أبناء وطنه الذين لم يبخلوا عليه بدورهم بالتضامن والمساندة.   2- البحث عن المال: ذكر كاتب الرسالة أنّ مكتب الاستاذ عبو لا يتوافد عليه الحرفاء. وهذا شرف للمحامي لو كان ممن يعلمون. فشرف للمحامي الحر  أن  يحاصر مكتبه، و شرف له أن لا يوجد اسمه  ضمن قائمة الرشوة السياسية للموالين ، و شرف له أن  يرفض بعض القضايا، وشرف له أن يحسم بعض الخلافات بالصلح، وشرف له أن لا يقبل القضايا المخسورة مسبقا، وأن لا يعد حرفاءه بنتيجة ليست بيده، وشرف  له أن لا يلجأ لخدمات السماسرة رغم كل الصعوبات. أما عن المساعدة التي قررها مجلس الهيئة بكل شجاعة لعائلته أثناء سجنه خلافا لموقف الأطبّاء من كاتب الرسالة عندما سجن فإني آسف لحال الأطباء وعمادتهم وافتخر بتضامن المحاماة مع الاستاذ عبو الذي مثل رسالة للسلطة بكون  قيم التضامن لم تمت. وأمّا بالنسبة للاستغناء فإني أذكّر من يقف وراء صاحب الرسالة بأنّ عائلة محمد عبو تخسر مبلغا يفوق الـ90 ألف دينار سنويا بداية من الأسبوع الذي تلى نشره لمقال « أبوغريب العراق وأبوغرائب تونس » (أوت 2004)إذ تم القطع التعسّفي لعقد كراء محل اكترته الدولة منّها لاستغلاله كمبيت جامعي منذ سنة 1992. وقيل له ساعتها أن القرار صدر من سلطة عليا غاضبة منه.و ما  حصل ساعتها كان يشكل جريمة في حق المال العام ايضا  و تسبب في معاناة أكثر من 250 طالبة وصعوبات مالية للمحلات المجاورة( الوثائق موجودة لمن يرغب في الاطلاع عليها)ولم ’تدْفع لهم مستحقاتهم حيث أصبح المبنى مأوى للحمام لا يقترب منه مكتر. وحتى من اكتراه اثناء سجن الابن رفض الخلاص بدعوى أن السلطة غاضبة من المالك. ثم  تم استغِلال المبنى في  مشاريع فاشلة واضطر مؤخرا لتركه بكراء منابه لأختيه حتى لا تتعرضا للهرسلة بسببه. ولم يراع في ذلك أ ي مصلحة مادية له ولأبنائه لتفضيله مصلحة أبناء تونس الذين أراهم أهلا لذلك رغم دعاة الإحباط. وأعلم الرأي العام بالمناسبة أن هذا الاعتداء على عائلة محمد عبو لم يثنيه عن الكتابة بل إنه نشر في شبكة تونس نيوز في شهر ديسمبر 2004 مقالا بعنوان « فوسكة » حول تزييف الانتخابات أردفه برسالة لمن يسعى لتخويفه بالمحاصرة المالية طالبا منه أن يبحث عن حلول جذرية اكثر كالقتل اذا كان يريد اسكاته. وبعده تلقى تحذيرا شديدا تصور أنه يتجاوز السجن  ولم يتوقف. وأدخل السجن ولم يتوقف عن إخراج التصريحات خارج القضبان عن التعذيب والإهمال الصحي للمساجين. كما أعلم الرأي العام أنه في شهر أوت 2007 وقبل يومين من محاولة السفر إلى لندن لحضور برنامج في قناة الجزيرة مباشر وقع تبليغ عائلته بأن قرار قطع العلاقة الكرائية كان بسببه وبأن الإدارة تفكرّ في الرجوع ولم يبال وذهب للمطار للسفر وللقيام بواجبه الوطني. وفي اللّحظة التي كان فيها في المطار جاءت الشرطة لهرسلة وتخويف عائلته. فكيف يكلفون شخصا تنكّر لكل مبادئه المعلنة من أجل حفنة من المنافع الزائلة للمزايدة عليه و على أمثاله وهم والحمد للاه موجودون في تونس وصامدون رغم اختلافهم عن غالبية ابناء وطنهم؟.   3- البحث عن الشهرة: يبحث الفنان عن الشهرة لأنه فنان ولأن ذلك يزيد في دخله ويفتح له باب المهرجانات. فهل يعلم كاتب الرسالة ما تعني الشهرة بالنسبة لمعارض يعمل محاميا؟ تعني أن لا يقترب من مكتبه إلاّ الغافل أو من سينيبه مجانا وتعني أنه يراقب في أي مكان ذهب إليه. حتى المآتم والأفراح التي يحضرها يجد فيها من يراقبه. ثمّ إنّه لم يطلب من أحد إحضاره في حصّة تلفزية أو إذاعية وإنّما يستجيب للدعوات من باب المسؤولية. وقد سئل  من طرف صحافيين وغيرهم من الأجانب عمّا هو أعلى من الظهور في التلفزات وفي الصحف فأجاب بأن البلاد تعاني من كثرة الجنرالات وأن يفضل دور  الجندي الذي يقوم بواجبه ويفخر بذلك. وكلّما ذكّر أحدهم بنضاله ذكر بنضال أبناء وطنه . وكلّما  وقع التركيز على قضيته ذكر بقضايا غيره.   4- مطلب العفو: ذكر كاتب الرسالة أنه اتصل بزوجة الأستاذ عبو بين فيفري ومارس 2006 وعرض عليها كتابة مطلب عفو إلا أنها امتنعت مصرّحة بأن زوجها يفضل قطع يده على ذلك. ولإنارة الرأي العام أوضّح أن المعني بالأمر لم يطلب منها كتابة مطلب عادي كالمطالب التي يحررها  المساجين أو محاموهم و انما  أشارللاعتذار لرئيس الدولة  وذلك بحضور الأستاذ عبد الرؤوف العيادي الذي التحق بالإجتماع وهي الرسالة الثالثة التي تصله بهذا المعنى وآخرها في نفس الفترة (مارس2006) مطالبة محامية لزميل له بكتابة اعتذار بالنيابة عنّه حتى يخرج في عيد استقلال! وطبعا فزوجته التي تعرفه أكثر من أي شخص آخر رفضت باسمه كلّ هذه المحاولات لأنها تعرف أنّه لو فعل وخرج من السجن لما كان يرفع رأسه أمام الناس وخاصة منهم من ضحوا من أجله. وعندما أعلمته بأوّل محاولة قبل صدور الحكم ضدّه قال لها أن تبلغ زملائه أن اليد التي تخونهم أولى بها أن تقطع وأن تبلغ الرسول أن يهتم بأموره الخاصة بدل الدفاع عن الظلم. كما رفض طيلة سجنه مسايرة إدارة السجن فيما كانت تمرّر له من أفكار حول سراحه إذا توقف عن « المشاكل ». أما فيما يخص المطلب الذي حرره محاميه بتاريخ 19 جويلية 2007 أي قبل خروجه بأربعة أيام (زيارة  ساركوزي التي تحدث عنها كاتب الرسالة كانت يومي 10 و 11 جويلية ) فإنه لم يأت في إطار مناورة لإحراج السلطة وإنما بتكليف من أحد المقرّبين جدّا من السلطة وبموافقة الإدارة العامة للسجون التي مكنته من الزيارة دون رخصة كتابية, في حين انها رفضت كل مطالب الزيارة في   السابق . وقد بقي الزميل المحترم معه ساعة بحضور عون سجن( ومن المؤكد في حضور أجهزة تسجيل سيحتفظ بمحتواها  في أرشيف الدولة) ولم يطلب اعتذارا كغيره ممن حاولوا وإنما حاول إقناعه بأنهم اشترطوا أن يكتب المطلب بخط يده فقال له أنه يفضل البقاء في السجن على تلبية مطلب سخيف لأنه فعلا سخيف ولا معنى له من الناحية القانونية ولا السياسية وقام لينسحب قبل أن يعرض عليه محاميه حلا وسطا وهو كتابة المطلب من طرفه دون اعتراف بجريمة ودون طلب اعتذار. وهذا ما حصل إلا أن محاميه  عاد  بعد ساعة ليقول له أن التراتيب تقتضي إمضاء المنوّب على المطلب .وقبل إمضاءه بعد قراءته جيدا والتفكير وهو الذي سيبقى  في الأرشيف وقد يقرأه أبناؤه يوما ما وهذا لا يخجله لأنه محام يؤمن بأن هناك دولة وليس محاربا في جبل. وهي أفكار ثابتة  لديه عبر عنها قبل دخول السجن وكانت حتما ستخجله لو كان  قبلها يصرح بعكسها و  بأنه لا يعترف بسلطة الدولة. كما أن الخروج من السجن لا يكون بفتح أبوابه  وإنما بالعفو العام أو الخاص أو السراح الشرطي. كما أنه وخلافا لما ذكر صاحب الرسالة لم يخف الأمر وصرّح بذلك  لجريدة « موطنون » حال وصوله إلى منزله ونشر الحوار في الغد( مواطنون ليوم 24 جويلية 2007 ص  1التي لم ترجع أية نسخة من نسخها الخمسة ألاف يومها واسألوا من اشتراها من الموزع) حيث ذكر جوابا على سؤالٍ ما يلي « بالنسبة لي اتصل بي أحد المحامين وقالوا له إذا أراد أن يخرج عليه الكتابة بخط اليد، وقد رفضت ذلك ورفضت الاعتذار والاعتراف ولكني اتفقت معه على أن يكتب مطلب عفو لأني أعترف بأن هناك دولة بقطع النظر عن شرعيتها ». كما صرح لإحدى القنوات التلفزية ليلة خروجه جوابا على سؤال يخصّ سبب الإفراج عنه وإن كانت زيارة الرئيس  ساركوزي هي السبب،  » لم يقع إعلامي بسبب خروجي وإن ثبت أنه تدخل أجنبي فأشكر صاحبه وذلك يخجل ابن وطني الذي إذا قلنا له أرجع لنا حقوقنا امتنع وإذا ما خاطبه الأجانب استجاب. »   5- السيدة سامية عبو: تجرأ محرّر الرسالة على قول أنه فهم متأخرا موقف زوجة الأستاذ عبو من وساطته وأن ذلك يعود لكونها كانت تستجدي الناس في سفراتها. وبقطع النظر عمّا يثيره هذا الكلام من اشمئزاز فإني أعلم من يقف وراءه والرأي العام بأمرين : -صاحب الرسالة عندما كان يعارض كان الاستاذ عبو  الوحيد تقريبا الذي يدافع عنه من تهمة « البوْلسة » التي كانت تنسب له لعدة أسباب -لا أرى إلى اليوم أنها كانت مقنعة ساعتها- وهي تجرؤه دون عقاب على ممارسة خطاب شديد التشنج ونزوله لمستوى المساس بعرض زوجة رئيس الدولة الذي يدعى اليوم أنه يدافع عنه ومن مدح ثم ذم وكذلك من ذم ثم مدح فقد كذب مرتين والمتطرف عادة لا يؤمن أن ينتقل من النقيض إلى النقيض. -زوجة محمد عبو  الفاضلة قضّت معه أكثر من 18 سنة لم يلاحظ يوما أنها قد تفضل أي شئ على زوجها وأتمنى لكل التونسيين زوجات مثلها وأتمنى أن يتوقف النظام عن مثل هذه الممارسات ضد خصومه التي تحطّ من احترام الناس له وتبعث على احتقاره أكثر مما تفيده.   6- خروجه من السجن: ذكر الصديق المأسوف عليه أن محمد عبو خرج ليلا من السجن صحبة 3 منحرفين وأنه لم يجد من يوصله إلى تونس من أصدقائه. والواقع أنه لم يتصل بأي صديق في الكاف حتى لا يزعجهم في ذلك اليوم الحار على الساعة الرابعة بعد الظهر. و يكفي أن نقول أن في الكاف « فرسانا لا يشق لهم غبار » كنجيب حسني و طارق العبيدي و غيرهم. وحال سماع بعض زملائه بالموضوع حاولوا الإلتحاق به إلا أنه كان قد امتطى سيارة  أجرة لو كان صاحبها رفض حمله خوفا من البوليس  لكان ذلك مدعاة للتعاطف معه لا للتحقير وعند وصوله إلى تونس استقبله رجال ونساء يفخر بهم هو وكلّ من شاهد الإستقبال. أمّا الصديق المزعوم فإنه لم يتول حتى تهنئته كما ذكر إنما هو الذي اتصل به رغم اعتراض أصدقائه للاطمئنان على صحته ولازال يتمنى له الخير هذا الذي جمعته به أحلام لو صبرنا لحققناها لوطننا الحبيب بدل البحث عن الخلاص الفردي الذي هو السبب الأهمّ لما نعيشه من تخلف.   7- عرقلة حل معضلة الإسلاميين: حشر صاحب الرسالة محمد عبو  في صفوف من يعرقلون حلّ ملف الإسلاميين. وإني أعلم الرأي العام أن أول إضراباته عن الطعام في السجن كان للمطالبة بإطلاق سراحهم وسراحه وأنه قبل ذلك كان يقوم بواجبه تجاههم إلى درجة أنه حسب عليهم. وأنه عندما كان بعض الناس ينصحونه بتوضيح أنه ليس منهم كان يقول أن هؤلاء الذي ضحّوا كما لم يضحّي أحد في تونس وعانوا الأمرين يستحقون كلمة حق من أجلهم أكثر من البحث  عن خلاص فردي بإعلان التقدمية والبراءة منهم حتى يرضى  » سي فلان » أو « للة علان » واستغل ذلك شق مريض في المعارضة ضدّه وهو في السجن ونشروا في السفارات أنه من المتطرفين وتبعهم النظام في ذلك ولم يأسف يوما لوقوفه مع إخوانه الذين مازالت العين تدمع و القلب يحزن من أجلهم والذين يشرفه دائما أن ينسق مع المعتدلين منهم الباقين على معارضتهم رغم ما كابدوه، دون أن يندد بمن ترك أرض المعركة ليستريح حتى وإن كان ذلك بوساطة كاتب الرسالة أو حتى الشيطان على أن لا يتحول إلى مكلف بمهمة…  أتمنى أن تقع معاقبة من يستغل ضعاف النفوس للمساس بصورة خصوم السلطة بأساليب خسيسة لأنه فعل بنفسه ما لم يفعله العدو بعدوه فنحن نمارس حقوقنا للنهوض ببلادنا،غايتنا نبيلة ووسيلتنا كذلك. وإن عادوا عدنا بأشكال مختلفة قد تكون أكثر فاعلية.   فيما يخص الرسالة الثانية: إني وإن كنت أدعو لتكتل المعارضة حول مطلب إطلاق سراح المساجين السياسيين فإني لا أعارض المبادرات التي قد تطلق بصفة فردية لحل هذا الملف. على أني أخشى أن يضرّ بعضها بالملف أكثر مما يفيد. من ذلك الرسالة الثانية لصاحب الرسالة الأولى التي افتتحها بمدح نسميه جميعا نفاقا وبدعوى لإنتخاب الرئيس الحالي سنة 2009 وبتزييف للحقائق وبانقلاب جذري على ماضي معارض كان يعارض بشكل بائس يضر بالمعارضة والآن يضرّ بالنظام حين يتحول لنصحه. فهو يقول أن رئيس الدولة  يعرف طينة محمد عبو  وأنه قد كلفه بمهمة و التزم بعرض. وهي إساءة لرئيس الدولة قصد بها سذاجة، المدح.  وعلى أي حال فإن الرأي العام قد يفهم الآن أن الحاكم كان يعرف طينة محمد عبو لذلك سجنه وأصرّ على سجنه في حين أنه غض الطرف على من تجاوز كل الحدود الأخلاقية  لحرية الاعلام لأن معرفته بطينته جعلته يفهم أن هناك  وسائل أخرى لترويضه. لذلك فإني أتوجه بدوري إلى رئيس الدولة دون نفاق فيه إهانة له ولذكائه ودون أن أقول أني مع التجديد له سنة 2009، أو أن هناك في المعارضة من يريد الإبقاء على مشكلة الإسلاميين، أن يبادر بإطلاق سراح أبناء تونس المسجونين من حركة النهضة منذ 18 سنة  و مساجين الحوض المنجمي و الأبرياء من بين المحكومين في قضايا الارهاب وحل مشكلة اللاجئين على اختلاف توجهاتهم السياسية حتى يعودوا لأوطانهم  وحتى نستريح نحن من الحزن عليهم وعلى عائلاتهم وبما يقلص التوترات في البلاد ويحسن صورته وبما لا يمكن لأحد أن يقول أنها خسارة سياسية للنظام. تونس في 13 اوت 2008  


 تنـــــــــــــــــــــــــويه  
أرفع إعتذاري لكلّ من نسيت ذكرهم في رسالتي إلى الضمائر الحرّة التي ساندتني والمنشورة أمس على أعمدة « تونيس نيوز » ، و أعبّر لهم عن أحرّ شكري على بالغ مساندتهم لي .. شكرا للفيدارالية الدوليّة لحقوق الإنسان وعلى رأسها الأخت الفاضلة الأستاذة سهير بلحسن ..شكرا لك أخي كمال الجندوبي و للشبكة الأورومتوسّطية لحقوق الإنسان بكلّ فرسانها..  شكرا لأخي الكبير خميس وفاطمة قسيلة …شكرا لجمعية الصحافيين الأفارقة في المنفى و للأخ الطاهر العبيدي .. شكرا لكلّ النشطاء الشرف خارج أرض الوطن دون إستثناء …شكرا للويزا توسكان التي لم تهدأ ريشتها الذهبيّة يوما طوال فترة إعتقالي .. شكرا لزميلي رشيد خشانة و لسفيان الشورابي . . و المعذرة إن كنت نسيت أحدا .. و على  حبّ تونس نلتقي دائما ..  أخوكم سليم بوخذير


انتفاضة الفقراء بمنطقة الحوض المنجمي من أجل الشغل والحرية والكرامة

 

انعقدت الدورة الأولى من المنتدى الاجتماعي المغاربي أيام 25، 26 و 27 جويلية 2008 بمدينة « الجديدة » بالمغرب الشقيق وقد مثلت فرصة لمختلف الوفود المشاركة لتطارح القضايا الاجتماعيّة في مختلف أقطار المغرب الكبير والتعبير عن مساندتها للحركات الاحتجاجيّة الشعبيّة التي شهدتها عديد المدن والقرى في هذه الأقطار (الحوض المنجمي وفريانة في تونس، سيدي إيفني في المغرب…) كما روّج العديد من النشطاء عددا من الوثائق التي تتعرّض لهذه الحركات بالدراسة والتحليل. وقد نشرت البديل في عدد سابق عريضة مساندة لأهالي الحوض المنجمي ممضاة من عديد المشاركين من مختلف البلدان المغاربيّة فيما تنشر في هذا العدد إحدى الوثائق التي راجت خلال المنتدى الاجتماعي المغاربي والتي أعدتها مجموعة من المشاركات التونسيّات: تمثل أحداث الحوض المنجمي بقفصة أهم حركة اجتماعية تشهدها تونس منذ انتفاضة الخبز، جانفي ـ يناير ـ 1984. وقد شملت هذه الحركة كل الفئات الاجتماعية بمدن الحوض المنجمي أي الرديف وأم العرائس والمظيلّة والمتلوّي وشارك فيها النساء والشبان بكثافة. وهي الأطول في تاريخ تونس إذ دامت حوالي الستة أشهر، قبل أن تواجهها السلطات بالقمع والاعتقالات التي شملت أعدادا كبيرة من النشطاء حوكم العديد منهم وما يزال البعض الآخر خصوصا من قادة الحركة ونشطائها أو ممّن قدّموا لها المساندة والدعم موقوفين على ذمّة التحقيق أو ملاحقين. وقد أثارت انتفاضة الحوض المنجمي قضايا اجتماعية جوهرية كالبطالة والفقر والتهميش وتدهور المقدرة الشرائية والفساد والمحسوبية وانخرام التوازن بين الجهات. وهو ما كشف فشل الخيارات الاقتصادية لنظام الحكم الذّي راهن على الانخراط في العولمة الرأسمالية من موقع تابع وطبق وصفات (recettes) المؤسسات على تطبيق مؤسسات المالية والتجارية العالمية البنك العالمي، صندوق النقد الدولي والمنظمة العالمية للتجارة. وسنحاول في هذه المساهمة الوقوف عند أسباب ما أصبح يعرف في بلادنا بـ »انتفاضة الحوض المنجمي » ورصد أهم المراحل التي عرفتها والخروج ببعض الاستنتاجات التي تهم النضال الاجتماعي في بلادنا وفي منطقتنا المغاربية التي هزّتها أحداث اجتماعية مماثلة في نفس الفترة (’سيدي إيفني’ بالمغرب، و’وهران’ بالجزائر).

I. أسباب هيكلية وعميقة

لقد انطلقت أحداث الحوض المنجمي بقفصة على إثر إعلان شركة الفسفاط نتائج المناظرة التي كانت أجرتها منذ مدة لانتداب كوادر وأعوان، وقد خيّبت هذه النتائج التي تأجل إعلانها أكثر من مرّة آمال الأهالي لهزالها أولا ولخضوعها لمنطق المحاصصة بين مراكز النفوذ السياسية والنقابية والعشائرية بالجهة ثانيا. ولكن المناظرة لم تكن سوى القطرة التي أفاضت الكأس، ذلك أن لانفجار الأوضاع بمدن الحوض المنجمي أسبابا عميقة مرتبطة بنمط التنمية المعتمد في البلاد وبانعكاساته السلبية على عامّة الشعب وخصوصا على المناطق والجهات غير المحظوظة ومنها الجنوب الغربي للبلاد. لقد ارتكز النشاط الاقتصادي بهذه الجهة منذ العهد الاستعمار على إنتاج الفسفاط منذ العهد الاستعماري وظلّت شركة فسفاط قفصة المشغّل الرّئيسي لليد العاملة في ظلّ انعدام حركية فلاحية وصناعية وسياحية هامّة. ولكن دور الشركة تراجع من ناحية التشغيل، منذ أن أخضعت لسياسة التطهير (politique d’assainissement) في إطار برنامج الإصلاح الهيكلي الذي بدأ تطبيقه في تونس منذ عام 1986 بضغط من المؤسسات المالية الدولية (البنك العالمي وصندوق النقد الدولي…). وقد تقلّص نتيجة لذلك عدد العاملين بشركة فسفاط قفصة من 14 ألف عامل في أواخر الثمانينات إلى 5853 عاملا منهم 492 إطارا في سنة 2006. كما تراجعت في نفس الوقت الخدمات الاجتماعية التي كانت تسديها الشركة للعاملين بها (صحّة، وسائل نقل..) وهكذا أخذت ظروف أهالي المنطقة تتدهور تدريجيا. وحتى بعض الآليات والبرامج والصناديق التي بُعِثت للاهتمام بالمناطق المنجميّة عانت من مشاكل تتعلّق بجدواها وفاعليتها والقدرة على تطبيقها وانجازها. حتى أن صندوق تنمية منطقة الحوض المنجمي، عوض أن يموّل المئات من حاملي الشهادات العليا لبعث جملة من المشاريع، منح المليارات لرجال أعمال معروفين صرفوها في مشاريع وهمية وأخرى غير ذات مردودية إنتاجية وتشغيلية، مما فوّت على الجهة خلق فرص جديدة وإمكانية انجاز مشاريع تنمويّة ذات بال في مجالات فلاحية وصناعية. ومن جهة أخرى فإن تراجع أداء شركة فسفاط قفصة لم يرتبط فقط بخيارات الدولة الاقتصادية الرأسمالية النيوليبرالية التابعة بل كذلك بسوء الإدارة والتصرّف في الأموال، خاصّة أن السنوات الأخيرة عرفت تطوّرا هاما لأسعار الفسفاط ومشتقاته في السوق العالميّة. فحسب دراسة نشرها الأستاذان محمود بن رمضان وعلي كادل واستندا فيها إلى أرقام رسمية ارتفعت أسعار مواد الفسفاط سنة 2006 بنسبة 11% مقارنة مع سنة 2005، كما انها ارتفعت سنة 2007 بنسبة 47% مقارنة مع نفس السنة. وفي الثلاثية الأولى من سنة 2008 ارتفعت الأسعار بنسبة 125% مقارنة مع نفس الفترة من العام السابق وفي شهر ماي من هذا العام زادت الأسعار بنسبة 55،3 مرّة مقارنة بمعدّل 2005 وقد أثرت هذه الزيادات في مداخيل الشركة التي تطوّرت من 858 مليون دينار سنة 2005 إلى 956 مليون دينار من سنة 2006 ثمّ إلى 1261 مليون دينار سنة 2007 ، ومن المنتظر أن تبلغ مداخيل الشركة سنة 2008 إذا ما استمرّت الأسعار على حالها 2200 مليون دينار (الطريق الجديد ـ 7 جوان 2008) وإلى ذلك فإن الجهة أصبحت تشكو من معضلة أخرى وهي التدهور البيئي. لقد كان السكان يشكون في السابق من غبار الفسفاط الذي كان يشكّل سحبا كثيفة تحط رحالها على المنازل والطرقات وتلحق أضرارا صحيّة بهم ولكن منذ أن جاءت الشركة بالغسّالات أصبحت تستهلك جانبا كبيرا من الثروة المائية بالجهة كما أن المياه المستعملة التي تصرف في الطبيعة لوّثت التربة والمياه الصالحة للشراب والهواء وهو ما خلق مشاكل جدية للأهالي للتزوّد بالماء غير الملوّث، كما سبّب لهم أمراضا خطيرة من بينها السرطان والرّبو والحساسية إلخ… حيث تسجّل المنطقة أعلى نسب الإصابة بمرض السرطان وأضعف معدّلات الأمل في الحياة (espérance de vie) على المستوى الوطني. ومما زاد الطين بلّة أن الجهة مثلها مثل كافّة مناطق الشريط الغربي للبلاد لا تتمتّع بنفس الخدمات الصحّية التجاريّة التي تتمتّع بها بعض الجهات والمناطق المحظوظة خاصّة مع التدهور العامّ والكبير للمرافق الصحية العموميّة في كامل البلاد والذي يتخذ في المناطق والجهات الداخليّة طابعا أكثر حدّة، فإذا كان المعدّل العام بالبلاد طبيب واحد لكل 1248 ساكن سنة 1999 وطبيب واحد لكل 676 ساكن بإقليم تونس فإن الجنوب الغربي بما فيه قفصة لا يوجد فيه إلا طبيب واحد لكل 2027 ساكن. وإذا أضفنا إلى هذه العوامل غلاء الأسعار وضعف الأجور وقلّة المداخيل وتفاقم البطالة وتردّي خدمات السكن والكهرباء والغاز والتعليم فإن جهة قفصة أصبحت جهة متروكة ومنكوبة. وهو ما يفسّر تنامي الغضب خصوصا في منطقة الحوض المنجمي ذات التقاليد النضالية العريقة وانطلاق الاحتجاجات فيها لمجرّد إعلان نتائج مناظرة شركة الفسفاط التي كان الأهالي يأملون أن تكون مناسبة لتشغيل جزء من أبنائهم المعطّلين عن العمل وخاصّة من حاملي الشهادات العليا. II. أهمّ مراحل الحركة لم تعرف تونس الحديثة حدثا في أهمية انتفاضة الحوض المنجمي من حيث طول المدّة والاتساع وان غلب عليها بعد أكثر من ستّة أشهر، وإذا استثنينا مدينة الرديف، الطابع العفوي. وتتبّع مراحل تطوّرها سيظهر لنا ما عرفته الأحداث من زخم وما رفعته من مطالب وما عكسته من نضج وما واجهته من ردود أفعال السلطة: 1) 5 جانفي ـ 5 أفريل 2008: مشاركة كبيرة وتحرّكات نوعية لئن انطلقت التحركات الاجتماعية يوم 5 جانفي 2008 بمبادرة عدد صغير من أصحاب الشهائد المعطّلين عن العمل بإعلان إضراب جوع بالاتحاد المحلّي للشغل بالرّديف، فإن اليوم الموالي شهد خروج سيول بشرية عارمة للتظاهر في شوارع الرّديف والمظيلّة وأم العرائس حيث أُغلِقت الطرقات بالعجلات المطاطية المحترقة ونصبت الخيام على مستوى سكك الحديد ومنعت عمليات إنتاج الفسفاط أو محاولات نقله واعتصم المئات أمام مؤسسات الدولة وخرج التلاميذ في مسيرات كبيرة رافعين شتى الشعارات المطالبة بتشغيل الأهالي ومندّدة بسوء الأوضاع وتنامي مظاهر الفساد والمحاباة، وبالتالي كان الشارع مقصد كل فئات المجتمع وأجناسه لتضمحلّ عديد الحواجز النفسية والثقافية والعشائرية، حتى أن أكثر المعتمديات المحافظة وهي المظيلة كانت عرفت مسيرة نسائية صرفة لم تعرف قفصة لها مثيلا منذ 1991 ورفعت فيها شعارات داعية للتشغيل ومطالبة بتحسين الأوضاع الاجتماعية والبيئية بالجهة، وإن لم تواصل المظيلة طويلا في احتجاجاتها فإن تحركات الأهالي في الرّديف وأم العرائس قد تواصلت بأنساق مختلفة ففي الأولى تمحورت التحركات حول الاتحاد المحلّي للشغل (مسيرات، إضرابات جوع، اعتصمات ، تظاهرات…) واحتضنتها قيادات نقابية مناضلة ذات خلفيات يسارية آمنت بدور العمل النقابي في قيادة النضالات الاجتماعية وفي الوقوف ضد سياسات التفقير والتهميش مما جعلها تلقى تقدير الأهالي وانضباطهم لقيادتها وتفرض على السلطة القبول بها كطرف مفاوض. أما في الثانية ورغم غياب نواة قيادية نقابيّة أو سياسية فإن تحركات نوعية قد تواصلت بنسق محترم (رغم طي الخيام في 16 فيفري على إثر اتفاقات مع السلط الجهوية بالتوازي مع تواصل تعطّل النشاط الفسفاطي) ويتعلّق الأمر بخيمة الأرامل الـ »11″ التي انتصبت أمام المقرّ الإقليمي لشركة الفسفاط بأم العرائس وتواصلت لأكثر من شهر ونصف بغاية تشغيل أبناء ضحايا حوادث الشغل بالشركة المذكورة، وبخيمة أصحاب الشهائد المعطّلين عن العمل التي انتصبت ولمدّة مماثلة في ساحة الاتحاد المحلّي للشغل دفاعا عن حق العمل القار والعمومي، وقد مثّل هذان التحركان قفزة واضحة في تطوّر وعي الحركة بما عكساه من تنظيم ومن دقّة في تحديد المطالب ومن قدرة على لفّ قطاعات أخرى حولهم. ولقد أعطى دخول المتلوّي إلى ساحة الاحتجاجات بعد خمسة أسابيع من انطلاقتها دفعا هاما للحركة لما تمّثله هذه الجهة من ثقل اقتصادي وبشري إلاّ انه سرعان ما تمّ الالتفاف عليها بتحالف ثالوث عشائري نقابي سياسي أغرق الأهالي في الوعود والمساومات أكد عديد المواطنين أنها شملت تنظيم رحلات « حرقة » جماعية. ولقد فوجئت السلطة بانطلاقة الأحداث وبتواصلها على ذلك الشكل مما ادخل الاضطراب والفوضى على مسؤوليها الذين اختاروا تجاهلها عسى الأيام تتكفـّل بإرهاق المحتجين وتثنيهم عن مواصلة تحرّكاتهم، بالتوازي مع فرض حصار إعلامي على الجهة حتى لا يطـّلع الرّأي العام على حقيقة الأوضاع التي فضحت إدعاءات السلطة بنجاحاتها الاقتصادية والاجتماعية وحتى لا تنتقل عدوى ما يحصل إلى بقيّة الجهات خاصّة وأن المطالب المرفوعة عامّة والأوضاع المعيشية متشابهة، بالتوازي مع تحريك مسؤوليها المحلّيين والجهويين والحزبيين (الحزب الحاكم) لبث الضغائن والخلافات العشائرية بين المحتجّين ولعقد المساومات ونثر الوعود والتطمينات. ولكن اهتزاز صورة هذه القيادات التابعة للسلطة في أذهان الأهالي وارتباطها بالفساد والإثراء على حسابهم وتغليب مصالحها الشخصية والعائلية، فوّت فرصة نجاح مثل هذه المحاولات وعمّق في وعي الأهالي ضرورة القطع معها مما أدى إلى رفضهم استقبال أمين عام الحزب الحاكم عند زيارته إلى آم العرائس والرّديف ومهاجمته مما جعله يعجّل بالهروب شأنه شأن بعض البرلمانيين وأعضاء اللجنة المركزية للحزب الحاكم (التجمّع الدستوري الديمقراطي). 2) 6 أفريل ـ 5 جوان 2008: مكاسب رغم التوتـّر إن السلطة التي يضيق صدرها بأدنى الانتقادات والتصريحات والتي اعتادت فرض خياراتها على المجتمع بالقوّة والاستنجاد بالحلول الأمنية والقضائية بمجرّد ظهور احتجاج هنا أو هناك، انصاعت مرغمة لانهيار كل مؤسساتها بالجهة وافتكاك الشارع من قبل الجماهير الغاضبة التي آمنت بقوّتها متوحّدة وبمشروعية وعدالة مطالبها، لكنّها لم تتقبل ذلك بكل سهولة خاصّة مقابل ما عرفته الاحتجاجات من قوّة وأهمية، مما دفعها ليلة 6 أفريل 2008 لإعداد هجوم على مركز شرطة الرّديف من قبل مجموعة من الملثـّمين كمبرر لحملة قمعية لتصفية الحركة والتنكيل بقادتها وهو سيناريو بُدِئ بتنفيذه منذ الصباح الباكر ليوم 7 أفريل باعتقال العديد من القيادات النقابية والشباب الناشطين وتواصل يومين متتاليين وشمل مداهمات ليلية وحملات اعتقال عشوائية وممارسة التنكيل بالأهالي مسّت النساء والشيوخ والأطفال مما دفع غالبية الشباب إلى التحصن بالجبال، وقد ظهر من خلال بشاعة عمليات التعذيب التي تعرّض لها الموقوفون والتي أثارت استياء المنظمات الحقوقية والانسانية محليا ودوليا أن رغبة استئصال الحركة الاجتماعية كانت تقود الخيار الأمني المذكور. لكن الإضراب العام الذي شمل يوم 8 أفريل قطاعات الوظيفة العمومية وشمل المتاجر والمخابز والمسيرات التي غطّت شوارع المدينة وأنهجها أسقطت ذلك الخيار وأجبرت السلطة على تسريح كل الموقوفين. ولقد لعبت النساء دورا محوريا في ذلك الانجاز، فطيلة أشهر الاحتجاجات كانت المرأة في الرّديف بعيدة عن مثل تلك الاهتمامات لارتباطها بذهنية محافظة لم تستطع التحركات النقابية وحدها جرّها إلى حلبة النضال، لكن بمجرّد أن صُدمت بحجم الانتهاكات والفظاعات الأمنية التي طالت الأبناء والأزواج والأقارب والتي لحقها منها نصيب هام، حتى بادرت المئات من النساء بالاعتصام أمام الاتحاد المحلّي للشغل أردفته باعتصامين 8 و9 أفريل أمام معتمدية المكان والتي أبدعت فيه من خلال صياغة الشعارات وشحن المحتجات وتنظيم التحرّكات مما أشعرها بقوّة تجلّت في باقي التحرّكات. مما قد يترك أثارا بارزة في رؤية الأهالي للمرأة ولطبيعة دورها ويمثّل إشارات هامّة للحركة النسائية بضرورة الاعتماد على الفعل الاجتماعي لتحرير المرأة من براثن الإقصاء واللامساواة والدونية حيث لم يعد العمل النخبوي والتثقيف والتعليم قادرا لوحده على إنجاز هذه المهمّة في ظل تحديات العولمة التي تدفع فيها المرأة نصيبا وافرا من الاستغلال المادي والمعنوي، ومن جهة أخرى فإن الاعتقال والتعذيب والتنكيل لم يثن الحركة عن مواصلة نضالاتها وهي التي تدرك أنها ليست محصّنة في نظام غير ديمقراطي من مثل تلك الانتهاكات، ما لم تسع في لحظات انتصاراتها إلى تحقيق أقصى ما يمكن من مكاسب لفائدة الجماهير المنتفضة، وهذا ما حصل أساسا في مدينة الرّديف طيلة شهرين حيث أُجبرت السلطة على التفاوض حول عديد الملفات ومعالجتها معالجة إيجابية (عمال البلدية، عمال الغابات، عمال شركة الحراسة، التحاق أكثر من ألف شاب بشتى المناولات…) مما جعل الحركة تحافظ على جذوة النضال التي آمنت أكثر من أي وقت مضى بقيمتها في تحسين الأوضاع المعيشية وفي كسر حالة انسداد الأفاق التي كانت تسودهم. وقد مثـّل الاحتفال بالعيد العالمي للعمال (1 ماي) مناسبة لتقييم مسيرة أربعة أشهر دعيت فيها السلطة مرّة أخرى للتفاعل الجدّي مع مطالب المحتجين والإسراع بمفاوضة ممثلّيهم حول كل الملفات العالقة والكفّ عن سياسة التهرّب والتسويف والأكاذيب التي أعادت أم العرائس في أواسط أفريل إلى الاحتجاج عبر اعتصامات المعوقين من ضحايا حوادث الشغل بشركة الفسفاط والعاطلين عن العمل والتلاميذ، كما مثـّل التواجد الأمني الكثيف عامل استفزاز بات يدفع إلى مزيد تأزم الأوضاع خاصّة بعد محاصرة الشباب المعتصم بمركز الكهرباء عالي الضّغط الذي يزوّد غسّالات المناجم بالطاقة بقرية « تبديت » الذي أستشهد أثناءه الشاب هشام بن جدو العلايمي « 23سنة » صعقا بالكهرباء على إثر تعمّد معتمد الجهة إعادة تشغيل المولّد.. وعوض أن تفتح السلطة تحقيقا في جريمة القتل، وتدفع إلى تهدئة الأوضاع عبر الإنصات لمطالب المحتجين وتسوية وضعيتهم الاجتماعية الكارثية، مضت أكثر في الحل الأمني، بشن حملات من الاعتقالات والمداهمات بمدينتي الرّديف وأم العرائس ليلة 6 ماي 2008 شملت خلع الدكاكين التجارية ونهب محتوياتها وإتلاف ممتلكات المواطنين وإمطار بيوتهم بالقنابل المسيلة للدموع والتحرّش بالنساء وتعنيف الجميع وإغراقهم بشتى الشتائم، خالقة حالة من الرّعب والتخويف شارك فيها الآلاف من أعوان الأمن بمختلف تشكيلاتهم مدجّجين بشتى أنواع العتاد، مما ساهم في مزيد تصعيد واقع الاحتقان والغضب ودفع المتلوّي مرّة أخرى للانتفاض، لتعرف المدينة منذ يوم 30 ماي سلسة من المسيرات والاعتصامات والمواجهات لم تتورّع السلطة عن قمعها، مما سبب عشرات المعتقلين والمصابين واستشهاد الشاب نبيل شقرة يوم 2 جوان 2008 دهسا بسيارة حرس كانت تطارده… 3) 6 جوان 2008: المنعرج طغت على بديات شهر جوان جملة من الاحتجاجات على الاستفزازات الأمنية الآخذة في التصاعد تجاه المواطنين في كل من الرّديف وأم العرائس والمتلوّي ومطالبة الأهالي بخروج تلك القوات وفك الطوق الأمني. إلاّ أن ما حدث يوم 6 جوان بالرّديف خيّب الآمال وفتح الأوضاع على المجهول، وذلك بإطلاق قوات الأمن النار على مسيرة سلمية متّجهة إلى مقرّ المعتمدية مما أدى إلى استشهاد الشاب الحفناوي بن رضا المغزاوي وإصابة حوالي 25 آخرين إصابات متفاوتة الخطورة. وإن سارعت السلطة على لسان وزير العدل بشير التكاري بتبرير ما حصل واتهام مجموعة من الشباب باستعمال العنف ضدّ أعوان الأمن وتحضير قنابل « الملوتوف » لرميها عليهم، فإن ما حصل قبل ذلك وما تلاه دلّ على سيناريو سلطوي لاستئصال الحركة الاجتماعية بالجهة والإجهاز على نشطائها وقادتها. فطيلة شهر ماي نشطت الاستخبارات البوليسية والعسكرية في الجهة، ودرست نقاط ضعف الحركة وقوّتها وتعرّفت على المواقع الإستراتيجية كمواقع الأحياء ومخارجها والجبال والصحراء المحيطة وربطت مع بعض الوشاة والمخبرين الذين لفظهم الأهالي وشهّروا بهم، في تحضير حثيث لخطـّة تصعيدية تكاملت مساء 6 جوان باستقدام وحدات من الجيش والمئات من عناصر البوليس السياسي الغريب عن الجهة في سيارات على وجه الكراء، إضافة إلى آلاف أعوان الأمن القادمين من شتى الولايات، ولئن قام الجيش بسيطرته على أغلب مدينة الرّديف دون إعلان حالة الطوارئ وقام بتمشيط الجبال القريبة، وأعلن من خلال مضخمات الصوت حضر التجوال فإن قوات « البوب » و »البيغ » سارعت بحملات واسعة من التمشيط والمداهمات والاعتقالات في أغلب مدن الحوض المنجمي وأساسا الرّديف حيث ما تزال تتواصل حد هذه اللحظة بما يرافقها من تنكيل بالأهالي وإتلاف الممتلكات واستعراض القوّة وانتهاك للحرمات، قدّر فيها فرع قفصة للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان في بيان بتاريخ 23 جوان عدد الموقوفين بأكثر من 150 ناشط في الرّديف وحدها أُخضعوا فيها لمختلف أشكال التعذيب الوحشي، تكشف شهادات ضحاياه، التي رووها لمحامييهم، ما وصلت إليه السلطة من احتقار للكرامة الإنسانية ودوس لكل المعايير الوطنية والدولية في التعامل مع الموقوفين، بأن أُعطيت المسؤولين الأمنيين صلاحيات مفتوحة لاستباحة المدينة والتشفي والانتقام والإذلال لأهاليها مما حوّل منطقتي الأمن بالمتلوي وقفصة إلى مخابر حقيقة لتجريب كل صنوف التعذيب والاهانة. كما شرع القضاء على الفور في محاكمة العشرات من الشباب، حيث عرفت المحكمة الابتدائية بقفصة يومي 26 ـ 27 جوان و3 ـ 4 جويلية نهاية الطور الأول من محاكمة شباب الرّديف والمتلوي بتهم حق عام وصلت فيها الأحكام إلى حدود عامين وسبعة أشهر. وتحت ضغط عشرات المحامين الذّين قدموا من جهات مختلفة وتجنّدوا لهذه المعركة تمّ الحكم على البعض بعدم سماع الدّعوى وببطلان الإجراءات.  

(المصدر: « البديـل عاجل » (قائمة مراسلة  موقع حزب العمال الشيوعي التونسي) بتاريخ 13 أوت 2008)


 
حزب العمل الوطنيّ الديمقراطيّ

نشرة الكترونيّة عدد 64 – 14 أوت 2008

 

 
وداعا محمود درويش: توفي الشاعر الفلسطيني محمود درويش يوم السبت 9 أوت على اثر عملية جراحية. ورفضت قوّات الاحتلال الصهيوني السماح بدفنه في القرية التي تقيم بها عائلته بعد ان دمّرت- بعيد النكبة- قرية البروة مسقط رأس فقيد الثورة الفلسطينية. يتقدّم حزب العمل الوطنيّ الديمقراطيّ بتعازيه لعائلة الفقيد ومحبيه في الوطن العربي وكلّ انحاء العالم. إذا لم تكن مطرًا يا حبيبي … فكن شجرًا مشبعًا بالخصوبة … كن شجرًا وإن لم تكن شجرًا يا حبيبي … فكن حجرًا مشبعًا بالرطوبة … كن حجرًا وإن لم تكن حجرًا يا حبيبي … فكن قمرًا في منام الحبيبة … كن قمرًا هكذا قالت امرأة لابنها  في جنازته تونس- موسم المهرجانات والتّهريج: تنوّعت المهرجانات في كلّ مدينة بكثير من الغثّ وقليل من السّمين… في « الكاليبسو » بمدينة الحمّامات، أقام المهرّج الصهيوني الفرنسي « جاك الصّباغ » شهر « أرتور »، حفلة تدافع اليها الجمهور الفرنكفوني، وأشادت الصحف التونسية « بخفة روحه وتجاوبه مع الجمهور »… هذا المهرّج مناضل صهيوني ملتزم، يصرّح بذلك، ويمارس قناعاته الصهيونية علانية، ويهاجم بشكل وقح كلّ مناضل مناهض للإستعمار والصهيونية، وشارك في  احتفالات الكيان الصهيوني بالذكرى 60 لقيامه في فلسطين المحتلة وفي فرنسا. تونس-هجرة: تقول الإحصاءات الرسمية المبنية على التسجيل في القنصليات، أن 5 آلاف مهاجر من ولاية « قبلٌي » يعملون بالخارج (إضافة إلى غير المرسّمين بالقنصليات، والهجرة الموازية)، يحوّلون سنويا 6,5 مليون دينار عن طريق البريد، وضعف هذا المبلغ تقريبا يرسلونه بطرق أخرى أو يأتون به معهم نقدا… عن « الشروق » 09/08/08 تونس-سياحة: زار تونس 4 ملايين سائح خلال الأشهر السبعة الأولى من السنة (منهم 830 ألف من فرنسا) بزيادة 5,3 %مقارنة بنفس الفترة لعام 2007)، وبلغت العائدات 1,6 مليار دينار (1,3 مليار دولار)، بزيادة 9,8 %مقارنة بعام 2007 الذي بلغت فيه المداخيل لكامل السنة 2 مليار دولار. عن وزارة السياحة-رويترز 07/08/08 تونس-فلاحة: يتوقع أن يبلغ انتاج الطماطم هذا الموسم 900 ألف طن، على مساحة 19 ألف هكتار (نصفها في الوطن القبلي). في عام 2007، تم تحويل 780 ألف طن إلى مصبّرات… ونظرا لقصر الموسم وحرارة الطقس فإن الفلاّحين مضطرون إلى الإنتقال في نفس الوقت إلى مصانع التصبير والتحويل والإنتظار ما لا يقلّ عن 10 ساعات تحت الشمس، وبعد أكثر من 3 أشهر يستخلصون ثمن منتوجاتهم… صحيفة *لوطون* 30/07/08 تونس- تضخم: « نصح » صندوق النقد الدولي، البنك المركزي التونسي بتشديد السياسة النقدية للحدّ من التضخم الدي بلغت نسبته 5,2% في شهر جويلية/تموز (4,9% في جوان/حزيران)، أما أسعار المواد الغدائية فإنها ارتفعت ينسبة 6,1% عوض 6,3% قبل شهر… رويترز 09/08/08 تونس-روتين؟ تدور يوم 10 أوت/أغسطس، عملية « تجديد نصف مجلس المستشارين » بمقاطعة أحزاب المعارضة ورفض النقابة العمالية « الإتحاد العام التونسي للشغل » المشاركة احتجاجا على طريقة الإختيار وعلى عدد المقاعد المخصٌصة » للمركزية النقابية. وتشمل العملية 21 مقعدا سيحتلها الحزب الحاكم و21 سيتم تعيينهم من « ذوي الكفاءات » و8 من اتحاد أرباب العمل و8 من اتحاد الفلاحين… « لوطون » 09/08/08 تونس-ضيوف صهاينة: بمناسبة انعقاد أشغال الدورة 31 للإتحاد الجغرافي الدولي، حلّ بتونس وفد صهيوني يتألف من 12 عضوا للمشاركة في أعماله إلى جانب 12 دولة عربية: السعودية، عمان، لبنان، الجزائر، المغرب، ليبيا، مصر، الإمارات، الكويت، الأردن، اليمن وتونس طبعا. افتتح المؤتمر وزير التعليم العالي في تونس، في حين قاطعه النقابيون وعديد الجامعيين. سينعقد مؤتمر إقليمي لما يدعى « الشرق الأوسط وشمال افريقيا »، في تل أبيب، خلال تموز/يوليو 2010. « يونايتد برس انترناشيونال » 12/08/08   موريتانيا-انقلاب آخر: يوم 06/08/08، أطاح العسكر بالرئيس سيدي ولد الشيخ عبد الله، الذي أبقى على علاقات نظامه مع الكيان الصهيوني، بل طوّرها بالنسبة لحكومة ولد الطائع، وتحالف مع الإسلام السياسي « المعتدل، ممّا جلب له الشكر والثناء من قبلهم (راجع ما كتبه راشد الغنوشي في هذا الشأن عدة مرات)… قبل الإنقلاب بمدة وجيزة، بلغت الخلافات أوجها بين الرئيس وحلفائه إذ استقال 25 نائبا و23 عضوا من مجلس الشيوخ، من حزب الرئيس المخلوع، احتجاجا على قضايا فساد واختلاس أموال من صندوق دعم المواد الغدائية، وعلى التدخلات العديدة لمقرّبي الرئيس وزوجته في الشؤون العامة والحكومية … قاد الإنقلاب الجنرال محمد ولد عبد العزيز، قائد الحرس الرئاسي… هذا الإنقلاب هو الرابع منذ 1978 في موريتانيا التي تعدّ 3 ملايين ساكن، وهي من أفقر بلدان العالم، تستورد ثلثي حاجياتها من المواد الغدائية… كافأت الولايات المتحدة موريتانيا بتقديم « إعانات » تحت عناوين مختلفة، من المقرّر أن تبلغ 7,82 مليون دولار عام 2008 (مكافحة الإرهاب، تأهيل وتدريب، تنمية)، كما تتلقى الدولة مساعدات أخرى من أوروبا، بلغت حوالي 5 مليون دولار… هدّدت أمريكا وأوروبا بتجميد « الإعانات »، فيما يحاول العساكر الإنقلابيون إقناعهم بأن لا شيء سيتغير… أ.ف.ب. من 6 إلى 8/08/08 . قبل الانقلاب، أضرب ألف موظف يعملون ب »الديوان الوطني للحالة المدنية »، يوم 3 أوت/آب، احتجاجا على عدم تقاضي أجورهم مند بداية العام الحالي… الكنفدرالية العامة لعمال موريتانيا. الجزائر-إضراب جوع: مند منتصف يوليو (جويلية)، يضرب عن 55 مدرّسا متعاقدا (غير مرسّم) بعد فشل المفاوضات مع وزارة التعليم التي تريد الإبقاء على هشاشة وضعهم، وعدم تثبيتهم. يقول ممثلو المدرّسين أن الإمتحانات المهنية والمناظرات التي نصحتهم الوزارة بخوضها لترسيمهم ليس لها أي مصداقية، إذ « ينجح » فيها من لم يشارك أصلا ولم يدخل قاعة الإمتحان… توظّف وزارة التعليم 40 ألف مدرّس وقتي، وهناك من لم يحصل على أجره منذ 3 سنوات. يعتزم المضربون القيام باعتصامات واحتجاجات أوسع في بداية سبتمبر… عن النقابة الوطنية المستقلة للوظيفة العمومية- الخبر 09/08/08 فلسطين-غزّة: بلغ عدد المرضى الفلسطينيين الذين توفوا نتيجة الحصار وانعدام الأدوية 234 منهم 42 توفوا بعد « اتفاق الهدنة » في 19 جوان الماضي بين حماس والكيان الصهيوني. في غزة أيضا، قبالة شاطئ رفح، تطلق الزوارق الحربية لجيش الإحتلال النار باستمرار على مراكب الصيادين الفلسطينيين، وآخرها كان يوم الأحد 10/08/08…أسرى: في سجون الإحتلال، يوجد 345 أسيرا قضوا أكثر من 15 سنة رهن الإعتقال، منهم 4 قضوا أكثر من 30 سنة وهم على التوالي: سعيد العتبة، نائل البرغوثي، فخري البرغوثي وأكرم منصور. لبنان-القوات الدولية غطاء « شرعي » للعدوان الصٌهيوني؟: تخترق الطائرات الصهيونية يوميا، عشرات المرات، الأجواء اللبنانية، دون أي رد فعل يدكر، بل ان الوحدات العسكرية الإيطالية ل »لقوات الدولية » بجنوب لبنان، تنقل المعلومات التي تجمعها عن « حزب الله » إلى الكيان الصهيوني… وعقد إيهود باراك، الوزير الصهيوني للحرب، اجتماعين هامين مع الطاقم الأمني الإيطالي والمخابرات، أحدهما في تل أبيب في تموز، والثاني هدا الأسبوع في إيطاليا عند عودته من واشنطن… فلسطين اليوم + رويترز 08/08/08  الأردن- مجتمع مدني أم حبوب مهدّئة؟ بينما يستحوذ الكيان الصهيوني على مياه نهر الأردن، تقوم الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية ومنظمة « مرسي كور » بتقديم 150 منحة قيمة كل منها 7 آلاف دينار أردني، « للجمعيات الخيرية والتعاونية » الأردنية، لتوزعها بدورها في شكل قروض « لترشيد الطلب على المياه، وجمع مياه الأمطار وصيانة شبكات المياه داخل المنازل… » تدخل هذه العملية في إطار ما سمّي « بناء قدرات مؤسسات المجتمع المدني وتمكينها من إدارة نفسها بنفسها ». أمّا مياه نهر الأردن، فلنتركها للصهاينة. عن صحيفة « الدستور » 07/08/08 . في باب المنح والهبات أيضا، بلغت « المنح الخارجية » المقدّمة للأردن 260 مليون دينارا أردنيا للشهور الستة الأولى من السنة، ومن المتوقّّع أن تبلغ 440 مليون دينارا في نهاية العام، مقابل 343 مليون دينار عام 2007 . وكالة « بترا » للأنباء 07/08/08 العراق المحتل: يعمل بالعراق حوالي 190 ألف « مدني » متعاقد مع القوات الأمريكية، في مجالات عدة، منها التموين والصيانة وحراسة الدبلوماسيين… بلغت قيمة العقود مع الشركات المشغّلة لهؤلاء، 85 مليار دولار بين 2004 و2007 ، أي حوالي 20% من الكلفة المعلنة للعمليات العسكرية… عن مكتب الميزانية للكنغرس الأمريكي. آب/أوت 2008 . مصر: بلغت تحويلات المصريين العاملين بالخليج فقط، في الربع الثاني من السنة الحالية، مليارا و63 مليون دولار، وبلغت في السنة الماضية جملة تحويلات المصريين بالخارج 6,3 مليار دولار، أي ما يعادل 4,6 من الناتج الوطني الإجمالي. يتصدر اللبنانيون قائمة تحويلات العرب العاملين بالخارج، يليهم المغاربة، ويأتي المصريون في المرتبة الثالثة من حيث قيمة التحويلات المالية… عن مركز معلومات مجلس الوزراء 23/07/08 مصر-محاكمات سياسية: تبدأ محكمة أمن الدولة النظر يوم 09/08/08، في القضية المقدمة ضدّ 49 من عمّال المحلة الكبرى الذين أضربوا يوم 6 أفريل 2008. أما التهم فهي واهية وملفقة، شبيهة بتلك التي ألصقت بالمتهمين بعد انتفاضة يناير 1977 التي سماها أنور السادات « انتفاضة الحرامية ». صحيفة « لسان الشعب » 05/08/08 الكويت: أعلن في الكويت عن حد أدنى للأجور يبلغ 40 دينارا (150 دولارا) لعمّال النظافة و70 دينارا لعمال الحراسة، دون خصم تكاليف السكن والتامين الصحي والمواصلات… جاء ذلك بعد إضراب العمال البنغاليين في الأسبوع الماضي… يصعب تطبيق هذه الإجراءات، لأن الشركات المتعاقدة مع الحكومة والمشغّلة للعمّال الأجانب، تتمتّع بالحماية الضرورية على مستوى عال، تعفيها من تطبيق القوانين والإجراءات التي تراها « مجحفة ». عن رويترز 04/08/08  الإمارات – المال الحلال؟ توقعت شركة « تمويل للإقراض الإسلامي العقاري » أن ترتفع أرباحها بنسبة 200% هذا العام لتبلغ 225 مليون دولار بفضل نمو الإقراض (التسليف) وازدهار السوق العقارية، وتتوقع أن تبلغ أصول الشركة وتمويلاتها « الإسلامية » أكثر من 3 مليار دولار. بلاغ الشركة ليوم 06/08/08 إيران: بلغت مداخيل النفط الإيراني 70 مليار دولار في السنة الماضية، وبلغت 29,5 مليار دولار في الأشهر الأولى الأربعة من السنة الحالية. إيران هي رابع مصدٌر للنفط في العالم، وتحاول تنويع علاقاتها الإقتصادية لفك حالة الحصار التي تحاول الولايات المتحدة وأوروبا وضعها فيها… وكالة « مهر » الإيرانية للأنباء 08/08/08   الكيان الصهيوني-عنصرية متأصّلة: طلبت شركة « نيسان » للسيارات إيقاف بث إعلان إشهاري للقناة العاشرة الصهيونية (على ملك مورّد الغاز المصري المدعوم) أعدته النيابة المحليّة للشركة والذي يسيء بشكل فج إلى العرب ولباسهم ولغتهم وتصرفاتهم وحضارتهم الخ. قالت الشركة أنه يمكنها بيع سياراتها دون الحاجة إلى هذا التهريج العنصري… جورجيا:  هاجمت القوّات الجورجية المدعومة من الولايات المتحدة وحلف الناطو والكيان الصهيوني منطقة أوستيتيا الجنوبية. أسقطت القوّات الروسية 4 طائرات بدون طيار باعها الكيان الصهيوني إلى جورجيا وهدّدت روسيا ببيع أسلحة متطورة إلى إيران وسوريا إذا ما تواصل بيع الصواريخ والدبابات إلى جورجيا حيث يتواجد بشكل دائم فريق من وزارة الحرب الصهيونية وعدد من الشركات « الأمنية » لتدريب الجيش الجورجي، وقواعد أمريكية مع خبراء ومدربين وفنيين… وصرّح وزير « الإندماج » الجورجي (وهو يهودي صهيوني) باللغة العبرية اعتزازه وفخره بالعلاقات الممتازة والمتطورة بين بلاده والكيان الصهيوني. تبلغ قيمة المبيعات العسكرية الصهيونية لجورجيا 200 مليون دولار مصرّح بها في السنتين الأخيرتين، وهو في الحقيقة يفوق ذلك بكثير. وأعلن الكيان الصهيوني أنه أرسل طائرة خاصّة يوم 12/08/08 لترحيل 230 « فني وخبير » يعملون في جورجيا. صحيفة « لوفيغارو » (فرنسية) 13/08/08   الصين-الألعاب الأولمبية: يتفاءل الصينيون برقم 8 فافتتحوا الألعاب الأولمبية يوم 08/08/08 على الساعة الثامنة مساء بحضور 80 من رؤساء الدول والحكومات… يشارك في الألعاب 10500 رياضي من 204 دول وهي الألعاب الأكثر كلفة وتسييسا… على هامش حفل الأستقبال الذي نظمه الرئيس الصٌيني، عانق « حامد قرضاي » العميل المنصّب في أفغانستان صديقه « شمعون بيرس » بحرارة مبالغ فيها (أو مفتعلة؟) لفتت أنظار وكالات الأنباء… كوريا الجنوبية-ملاحقة النقابيين: إثر حملة الإحتجاجات والمظاهرات والإضرابات التي قامت بها النقابات يوم 24 جويلية/تموز، لتحسين ظروف عمل وحياة الأجراء، قامت الحكومة بحملة اعتقالات استهدفت القادة النقابيين ومنهم السيدة « جين يونغ أوك » نائبة رئيس نقابة ك.س.ت.يو، وأصدرت السلط بطاقات تفتيش وجلب ضد عدد من القياديين النقابيين على مستوى مركزي، وقياديي نقابات عمال السيارات… دعت النقابات الكورية إلى تنظيم حملة تضامن دولية لإرغام الحكومة على احترام الحق النقابي… موقع نقابة  K.C.T.U.  كندا-اضراب: مند 3 أسابيع، يقوم عمال قطاع الفنادق والنزل بمنطقة « منريال الكبرى » بإضرابات دورية مع تظاهرات أمام أكبر الفنادق. أما المطالب فتتعلق بإمضاء الإتفاقية الجماعية لعمال الفنادق التي انتهت صلاحيتها، والتخفيض من وتيرة العمل… يريد أرباب العمل الضغط على العمال للقبول بالقليل، ويستغل العمال الموسم السياحي لتحسين ظروف العمل… لابريس/كندا 08/08/08. في الأحياء الشمالية لمنريال عاصمة « كيبيك »، جرت مظاهرات حاشدة ليلة السبت 9 أوت/آب، احتجاجا على قتل الشرطة شابا (18 سنة) وجرح إثنين بالرصاص، وكان الشبان يلعبان « النرد » في إحدى حدائق الحي، وقال شهود عيان ان الشرطة تعاملت بغلظة مفرطة واهانة غير مبررة مع الشاب المقتول وأخيه وأصدقائهما، وصلت حد إطلاق 4 رصاصات على الأقل، نتج عنها القتل والجراح الخطيرة وبقع من الدماء على إسفلت الحديقة… لابريس/كندا 11/08/08  بوليفيا: صوّت المواطنون بنسبة تفوق 63% لفائدة تجديد الثقة للرئيس « إيفو موراليس » في منتصف ولايته، اثناء الإستفتاء الذي جرى يوم 10/08/08. كما فاز5 من معارضي برنامج توزيع الثروات بشكل أعدل -مثل حاكم ولاية « سانتا كروز » (شرق البلاد)- في ولايات يسكنها الأغنياء من أصل أوروبي. أما الرئيس موراليس فيحضى بمساندة الفئات الفقيرة والنساء والسكان الأصليين للبلاد، « الهنود »، الدين ينحدر منهم . من جهة أخرى، قررت الحكومة تأميم أحدى أهم شركات استغلال وتسويق الغاز، بعد فشل المفاوضات معها، وكانت الحكومات السابقة قد خصخصت قطاع الطاقة (النفط والغاز) في التسعينات، ووعد موراليس بإعادة تأميمه وإعادة توزيع مداخيله على كل مناطق البلاد. وهنا يكمن الخلاف بين الرئيس ومعارضيه. عن أ.ف.ب. 11/08/08 قائمة مراسلات حزب العمل الوطنيّ الديمقراطيّ info@hezbelamal.org للاتصالبنا : aliradainfo-request@listas.nodo50.org الى SUBSCRIBE  للإشتراك ارسل رسالة فارغة موضوعها  aliradainfo-request@listas.nodo50.org الى UNSUBSCRIBEلفسخ الإشتراك ارسل رسالة فارغة موضوعها   http://www.hezbelamal.org/ موقع حزب العمل الوطنيّ الديمقراطيّ  

 خبر ورأي  
 
محمد عبّو :  الجنرال عمر البشير أقسم أنّه لن يسلّم شعرة واحدة من مواطن سوداني. ـ فعلا إنّه لن يفعل ذلك فهو وطنيّ غيور قد تضطرّه ظروف الحفاظ على الوحدة الوطنيّة لإبادة مواطنيه والتنكيل بهم في بيوت الأشباح وتمويل من يغتصبهم من أبناء وطنهم لكنّه لا يسمح لأجنبيّ بمحاكمتهم في محكمة دولية غير مستقلة خلافا للمحاكم السودانية الشديدة الاستقلالية. الهيئة الوطنية للمحامين تصدر بيانا تندد فيه بطلب اعتقال عمر البشير وتعتبره مخالفا للقوانين الدولية.ـ يا حبذا لو اهتمت الهيئة بأمور في متناولها التأثير في مجراها كالمطالبة بضمان استقلال القضاء التونسي وإصلاحه وإرجاع القضاة المنفيّين في وطنهم إلى عائلاتهم وتكريمهم على جرأتهم وتضحياتهم بدل الدفاع باسم القانون عن دكتاتور يخجل محام يحترم نفسه من الدفاع عنه إلاّ للمطالبة له بمحاكمة عادلة. عبّر الرئيس الفلسطيني محمود عباس في ندوة صحفية أثناء زيارته لتونس لحضور مؤتمر الحزب الحاكم عن سروره لقبول الرئيس بن علي الترشّح للانتخابات الرئاسية القادمة لقيادة مسيرة التنمية. وعندما سأله صحافي أن كان يعتقد أن رحيل أولمارت سيؤثّر في العلاقات الفلسطينية الإسرائيلية أجاب بكون مشكلة أولمارت هي شأن إسرائيلي داخلي وأنّ ذلك لن يؤثّر في العلاقات. رئاسة الوزراء في إسرائيل شأن داخلي ورئاسة الجمهورية في تونس ليست كذلك بالنسبة للرئيس محمود عباس فهل هذا يعني أنّه لن يعترف بالجمهورية التونسية ولن يقيم معها علاقة طيبة لو وصل للسلطة رئيس آخر غير بن علي ؟ هكذا يكون الوفاء أو لا يكون… العقيد معمر القذافي صرّح أثناء زيارته لتونس : « أن إعلان الرئيس زين العابدين بن علي عن تلبيته نداء التونسيين الترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة هو حدث تاريخي جاء ليؤمن تواصل مسيرة التغيير والتحديث التي تعيشها تونس منذ السابع من نوفمبر 1987 ». ربّما نفهم اهتمام العقيد الليبي بشؤوننا فنحن جميعا للمغرب العربي الكبير ونعمل من أجل تحقيقه : فالأخوة في ليبيا يهمّهم ما يحصل في تونس وكذلك نحن في تونس يهمنا ما يحصل في ليبيا. إلاّ أنّنا نجد صعوبات في الفهم. فأنا مثلا لا أفهم لماذا لا يرقّي قائد الثورة نفسه إلى أمير لواء أو فريق بدل الجمود في رتبة عقيد ولا أفهم ما هي الثورة التي تقاد ولا أفهم لماذا يتحدّث الكتاب الأخضر عن كون المرأة تحيض والرجل لا يحيض ولا أفهم معنى الجماهيرية ولا أفهم كيف يقول أحدهم أنّه قد فهم ولا أفهم كيف يبقى القذافي في السلطة 39 سنة ولا أفهم موقف الشعب الليبي من هذا الأمر. وصفت إحدى الصحف مذيعا مصريا بكونه حقير ولئيم لكونه شكك في انتصار فريق تونسي. ـ عبارتان تشكلان شتما لا يمكن بحال أن يدخل في حرية التعبير بل يسيء إليها ويشوّهها… نفس الجريدة ما فتئ مديرها يؤكد أنّ الكلام الجارح ضدّ المسئولين أمر مرفوض. والكلام الجارح الذي يتحدث عنه هو نقد ضروري لإحداث تغيير حقيقي تكون الشدة فيه أحيانا لازمة بالنظر إلى فداحة الأخطاء المنسوبة إلى المسئول وللدفاع عن ضحاياه، وهذه الشدة لا تبلغ أبدا عبارات الشتم التي تسيء دائما لصاحبها أكثر من المقصود بها. فقليلا من الانسجام مع النفس.   صحافي عبّر عن احترامه لنضالات شخصين مع استنكاره لإرسالهما لأبنائهما للدراسة في الخارج.ـ فعلا كان عليهما أن يتركا أبناءهما للرعب والمحاصرة وأن يتركاهم لمن سرق طفولتهم ليسرق جزءا من شبابهم. لمن كتب هذا الكلام أقول: رفقا بأبناء وطنك، إنّهم يحتاجون دعمك لا قسوتك، مع كامل الاحترام لحقك في التعبير.   لم يقع الإفراج عن أي واحد من مساجين حركة النهضة الخمسة والعشرين رغم مرور 18 سنة على سجنهم.ـ لو افترضنا أنّهم جميعا قد مارسوا عنفا بدافع سياسي أو لغاية سياسية فإنّه لابد من التذكير بأنّ الأمم المتحضرة تعامل المجرمين السياسيين معاملة خاصة وتقر لهم عقوبات أخفّ من غيرهم ممّن كان باعثهم لارتكاب الجريمة انقيادا لأهواء النفس البشرية وخسّة فيها. على من يصرّ على الإبقاء على معاناتهم ومعاناة عائلاتهم أن يذكر أنّ العملية الأمنية التي تمت فجر السابع من نوفمبر والتي صفق لها ساعتها معظم التونسيين الذين أزيل عنهم كابوس الشيخ بورقيبة، لو فشلت لكانوا في السجن. فهل كانوا سيقبلون ساعتها من أبناء وطنهم أن يعاملوهم بهذه القسوة ؟     في زيارة لوفد الاتحاد الأوروبي لإحدى المحاكم وقعت مناداة مسؤولة عن الأحكام وحال وصولها سألها أحد أفراد الوفد عن عدد الأحكام التي تجهز يوميا فالتفتت إلى رئيسها الذي أجابها بالعربية « مائتان » فترجمت للوفد   trois cent cinquante  المشهد أثار ضحك المحامين الحاضرين. ـ اللهم لا تجعل بلادنا أضحوكة.  
(المصدر موقع كلمة الإلكتروني ( تونس ) بتاريخ 9 أوت 2008)  

افتتاح مؤتمر الاتحاد الجغرافي الدولي في تونس بمشاركة وفد اسرائيلي

 

تونس (ا ف ب) – افتتح للاتحاد الجغرافي الدولي مساء الثلاثاء في تونس مؤتمره الحادي والثلاثين تحت شعار ‘لنبني معا مجالاتنا الترابية’ بمشاركة نحو الف جغرافي من بينهم 12 اسرائيليا. وعبر ميخائيل سوفر عضو الوفد الاسرائيلي المشارك في المؤتمر للصحافيين ‘عن سعادته بوجوده في تونس’ معتبرا ‘المشاركة في هذا اللقاء في بلد عربي مؤشرا ايجابيا’. كما عبر عن امله في ان ‘يتعمق الانفتاح على الاسرائيليين اكثر فاكثر’. واثارت مشاركة الوفد الاسرائيلي اجواء من التوتر. وكتبت بعض المواقع على الانترنت ان جمعية الجغرافيين الفلسطينيين ‘قررت مقاطعة المؤتمر على خلفية المشاركة الاسرائيلية’. كما نقلت عن الاتحاد العام التونسي للشغل دعوته الى’السلطات التونسية الى منع دخول الوفد الاسرائيلي الى البلاد (…) ومقاطعة كل اشكال التطبيع مع العدو الصهيوني ومؤسساته’. وكان عدنان حيدر رئيس جمعية الجغرافيين التونسيين الجهة المنظمة للمؤتمر قلل من اهمية المشاركة الاسرائيلية في اللقاء. وقال ان المؤتمر ‘علمي يشرف عليه الاتحاد الجغرافي الدولي العضو في المجلس الدولي للعلوم والمجلس الدولي للعلوم الاجتماعية المنضوي تحت لواء منظمة التربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) التابعة للامم المتحدة’. واشار الى ان ‘قوانين الاتحاد تنص على عدم اقصاء اي مشاركة لاسباب عرقية او دينية او لنوع او لجنس’. وشدد المشاركون في اليوم الاول للمؤتمر الذي يعقد في ‘معرض الكرم’ في للضاحية الشمالية للعاصمة على ‘الدور البارز الذي باتت تلعبه الجغرافيا اليوم خصوصا في ما يتعلق بمد جسور الحوار والتواصل بين الشعوب والتصدي للمخاطر الطبيعية والانسانية وفي متابعة المتغيرات المناخية’. واكدالازهر بوعوني وزير التعليم العالي في الجلسة الافتتاحية على ان ‘تحقيق التقارب والتعايش والتضامن المنشود امر لا مفر منه بعد ان سارت هوة الفوارق بين دول الشمال والجنوب نحو الاتساع’. من جهة اخرى دعا المدير العام للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (الكسو) منجي بوسنينة الى ‘اشراك الثقافة الجغرافية في تقريب الشعوب والفضاءات حتى لا تبقى هذه الثقافة صالحة فقط للاعداد للحروب والحملات الاستعمارية’. ويشارك في المؤتمر الذي تستمر اعماله اربعة ايام سبعون بلدا عربيا واجنبيا من سوريا ولبنان والمغرب والجزائر وليبيا ومصر والامارات العربية والمتحدة والسعودية والكويت والاردن وعمان واليمن. ويشمل البرنامج ندوات حول ‘مفهوم المجال الترابي’ و’المقاربات المعتمدة في مجالي التطبيق والتهيئة’ و’المقاربات التشاركية’ و’الثقافات والحضارات من اجل التنمية الانسانية’ و’نهضة المتوسط’ و’التغيرات المناخية في افريقيا’. كما سيناقش ‘توحيد الاسماء الجغرافية في افريقيا’ و’السنة الدولية للامم المتحدة: كوكب الارض’ و ‘تطور المفهوم الجغرافي. وهي المرة الثانية التي يعقد فيها مؤتمر الاتحاد الجغرافي الدولي في بلد عربي وافريقي منذ تأسيسه في 1922. (المصدر: وكالة الصحافة الفرنسية( أ ف ب )بتاريخ 13 أوت 2008)


 التطبيع يدخل من باب علم الجغرافيا

                               

يلتئم في تونس هذه الأيام المؤتمر31 للاتحاد الدولي للجغرافيين  وخاصة الجامعيين منهم ولئن كان مؤتمرا علميا  تدرس فيه كل التطورات الحاصلة في علوم الجغرافيا  كالأرض والمناخ  وتخطيط الخرائط  وهي كلها أركان أساسية في هذا العلم  إلا انه يأخذ طابعا سياسيا خطيرا باعتباره يشرع الوجود الصهيوني وذلك بقبول الوفد الصهيوني في المؤتمر وهذا ما يؤكد سياسة التطبيع مع العدو التي ينتهجها النظام  في تونس في السر والعلن . ونحن إذ نحيي بالمناسبة نقابة الجامعيين التي نددت بحضور الوفد الصهيوني واستغلال مؤتمر علمي من اجل تبرير سياسة التطبيع  فإننا نستنكر القلة من الأساتذة الجامعيين الذين ساهموا في الإعداد  والتحضير لاستقبال هذا الوفد بمساعدة من السلطة تحت ذريعة العلم  وكلنا يعلم أن الحركة الصهيونية لا تخطو خطوات في الهواء و لا غير محسوبة بل كل خطواتها مدروسة من اجل أن يقع التعامل والتطبيع معها  ثقافيا وسياسيا واقتصاديا ولو كان باسم العلم  . وفي الحقيقة لا نستغرب من الأنظمة العربية الرجعية  انتهاجها  هذه السياسة بل نستغرب من هذه النخبة المثقفة من الجامعيين وغيرهم ممن لم يعودوا يعيرون أدنى اهتماما لسياسة التطبيع بل الأدهى والأمر أنهم يسعون إلى تبرير هذه السياسة ويدعون إلى الانخراط فيها باسم التسامح حينا والثقافة الكونية  أحيانا أخرى . وهم الذين نسوا أو تناسوا أن العدو الصهيوني هو من يقوم بأبشع الجرائم في حق امتنا ابتداء من تونس حيث امتزج دم الفلسطينيين  بالتونسيين في حمام الشط إلى العراق إلى فلسطين إلى لبنان  وهو المتعطش لدماء الأبرياء  ومجازره في  دير ياسين  و جنين وغزة وقانا  وبيروت  وفي كل قرية ومدينة فلسطينية  دليل على انه عدو عنصري استيطاني  وتاريخي  لامتنا العربية من المحيط إلى المحيط . فهؤلاء المثقفون بين ظفرين  مدعوون إلى مراجعة موقفهم   وإلا فهم  يعتبرون  أعداء هذه الأمة  التي  لا تبغي غير الدفاع عن حقها في التحرر من هذا العدو الصهيوني العدو التاريخي للأمة والمتحالف استراتيجيا مع الامبريالية والاستعمار والرجعية العربية .                         .                                                                                                   النفطي حولة في 12 اوت2008


الخلافات حول القيادة تخيم على أشغال المؤتمر الثامن لحركة الديمقراطيين الاشتراكيين

   

 
تونس ـ خدمة قدس برس   رجح مصدر سياسي تونسي أن تتضامن حركة الديمقراطيين الاشتراكيين التي افتتحت يوم أمس أشغال مؤتمرها الثامن بضاحية قمرت في تونس تحت شعار « بعد 30 سنة: حماية للمكاسب واستشراف للمستقبل »، مع مرشح التجمع الدستوري الديمقراطي الرئيس زين العابدين في الانتخابات الرئاسية المقبلة، وأعرب عن أمله في أن يتمكن الديمقراطيون الإشتراكيون في لملمة صفوفهم وتفية قلوبهم ليعودوا إلى ممارسة دورهم السياسي بما يخدم مصلحة العملية السياسية في تونس. وأشار الناشط السياسي القومي التونسي وعضو المؤتمر القومي العربي محمد مسعود الشابي في تصريحات خاصة لـ « قدس برس » إلى أن الخلافات السياسية التي عصفت بحركة الديمقراطيين الإشتراكيين منذ انشقاق زعيمهم الأول محمود المستيري في نهاية عام 1989 وصولا إلى الخلافات الحالية بين الأمين العام السابق محمد مواعدة والأمين العام الحالي اسماعيل بولحية، أضعفت دورهم السياسية وأحالتهم إلى قوة سياسية هامشية ليس لها الدور السياسي الفعال في الحياة السياسية التونسية، كما قال. ونفى الشابي أن يكون الصراع حول منصب القيادة قد حسم لصالح القيادة الحالية لاسماعيل بولحية،واستبعد أن تقدم الحركة في ظل حجمها السياسي الحالي على ترشيح شخصية سياسية لمنافسة الرئيس زين العابدين بن علي في منصب الرئاسة، وقال:  » لا أعتقد أن الجميع سلم بالأمر الواقع، فالتنافس على القيادة لا يزال موجودا، وأتمنى من كل قلبي أن يتمكن الإخوة في مؤتمرهم هذا من تصفية قلوبهم وتوحيد صفوفهم ليقوموا بدورهم السياسي. أما مسألة أن يرشحوا شخصية لمنصب الرئاسة، فهذا أمر أستبعده نظرا لعدم التكافؤ بين حجم الحركة والحزب الحاكم، وهو ما يفرض مراعاة مصالح الحركة السياسية، وبالتالي فالأرجح أن تنضم الحركة لترشيح الرئيس بن علي »، على حد تعبيره. وكان المؤتمر الثامن لحركة الديمقراطيين الاشتراكيين قد افتتح أعماله أمس بحضور عدد من قادة الأحزاب السياسية على رأسهم الأمين العام للتجمع الدستوري الديمقراطي الحاكم الهادي مهني والأمين العام للاتحاد الديمقراطي الوحدوي احمد الاينوبلي والأمين العام للحزب الاجتماعي التحرري منذر ثابت والأمين العام لحزب الخضر للتقدم المنجي الخماسي، والأمين العام المساعد لحزب الوحدة الشعبية عبد الله الرويسي والأمين العام المساعد للاتحاد العام التونسي للشغل محمد سعد. وتعتبر حركة الديمقراطيين الاشتراكيين، التي أعلن عن تأسيسها عام 1978، ثاني أكبر الأحزاب القانونية التونسية بعد الحزب الحاكم، يوم كان على رأسها أحمد المستيري، وإلى جانبه السادة محمد مواعدة ومصطفى بن جعفر وإسماعيل بولحية وحمودة بن سلامة وعبد الستار العجمي والدالي الجازي وعمر بن محمود وعبد الحي شويخة، وتم الاعتراف بها رسميا عام 1983، لتعقد مؤتمرها الأول في نهاية العام ذاته، وشاركت في الانتخابات التشريعية لعام 1983 و 1989 دون أن تحصل على ما كانت تأمله من نتائج. لكن دورها تراجع منذ أن انسحب أحمد المستيري من قيادتها، ودخول قيادة خليفته محمد مواعدة حليفا مساندا للسلطة، في مواجهتها لحركة النهضة غير المعترف بها، وأصبحت الحركة عام 1994 أكثر أحزاب المعارضة تمثيلية في البرلمان، لكن العلاقات بينها وبين السلطة عادت القهقرى وتم اعتقال أمينها العام مواعدة سنة 1995، وبعد أن أطلق سراحه سافر مواعدة إلى الخارج وأصدر بيانا مشتركا مع زعيم حركة النهضة المحظورة وعاد إلى تونس ليدخل للسجن مجددا، ويواجه منافسة من رفيقه إسماعيل بولحية على زعامة الحركة، انتهت بقبوله بالأمر الواقع. (المصدر: وكالة قدس برس إنترناشيونال (بريطانيا) بتاريخ 12 أوت 2008)  


في المسألة الحضارية – الحلقة السادسة  الخطاب السياسي والديني في تونس من خلال التجربة البورقيبية (4)

 

تأطير ورشة حضاريات : هذه هي الحلقة السادسة في محور’المسألة الحضارية’، وقد خصصناها لرسالة أعدت لنيل رسالة الماجستير بكلية التاريخ بالجامعة اللبنانية في التسعينات من القرن الماضي بعنوان (الخطاب السياسي والديني في تونس من خلال واقع التجربة البورقيبية 1956-1987) للتونسي صلاح القطايفي . عثرنا على هذه الرسالة المغمورة والمغمور صاحبها، رغم أهمية موضوعها. وقد وجدناها رسالة بذل صاحبها فيها جهدا واضحا في تناول موضوع مهم يتعلق بالواقع التونسي خاصة في هذه المرحلة الحرجة الذي تمر بها البلاد وتمر بها الحركة الإسلامية بتونس. إن موضوع الرسالة تتطرق ضرورة إلى موضوعات الدين والدولة والعلمانية والسياسة والحركة الإسلامية، وإلى جذور وجودها في الواقع التونسي الحديث. ونحن في هذه المرحلة الحضارية الدقيقة التي يمر بها بلدنا أحوج ما نكون إلى وقفات من هذا القبيل، وإلى رجوع إلى الجذور وإلى الأصول، وإلى مقارنة ما أصبح عليه الواقع بكل ذلك… سنقدم هذه الرسالة – التي يتجاوز حجمها 100 صفحة – على أجزاء ، أحيانا مع تخفيفٍ واختصار من تعقيدات الأكادميين وأهل الإختصاص، وأحيانا أخرى مع تخفيفِ أو إسقاط بعض الفقرات التي قد ترهق أو لا تهم المتابع غير المختص ، وكل ذلك مع ما يقتضيه أحيانا من تصرف خفيف في الصياغة للربط والوصل. يقدم صاحب البحث رسالته بقسم منهجي، وقد قدمناه في الجزء الأول والثاني ، ثم بمدخل نظري جعلناه قسمين – وليس ثلاثة أقسام كما قدرنا سابقا – ، وقد قدمنا الأول منهما في الجزء الثالث من هذه السلسلة، وقد تناول تطور العلاقة بين الديني والسياسي، منذ تبوئ الإسلام هذه البلاد إلى بداية عهد الاستقلال ، وهيمنة الدولة الحديثة على المؤسسات الدينية، وبروز الصراع بين مشروعين حضاريين؛ وسنتناول الآن بقية المدخل النظري في هذا الجزء الرابع من هذه السلسلة وذلك في العنصرين التاليين: الدولة الحديثة، الاجتهاد وتأويل المراجع الدينية/ الإسلام الاحتجاجي ووظيفة الاستثمار المزدوج للدين والسياسة /  1 – الدولة الحديثة: الاجتهاد وتأويل المراجع الدينية درج الخطاب السياسي على الفصل بين الدين وبين جملة من القيم والعلاقات الاجتماعية السائدة والتي يُشرك المتدينون بينها وبين الإسلام. هذا الفصل سيمكِّن السياسي/الحداثي من عزل آراء الفقهاء ليُقيم علاقة مباشرة وحرّة بين مفهوم التقدّم وبين جوهر الإسلام. سيلغي الإرثَ الفقهي بكل مكوِّناته إذ لا يمثِّل لديه سوى نتاج للفكر البشري في لحظات محدّدة من التاريخ، ارتبط فيها بخصوصيات واقع مُعَّين، وهو بذلك قابل للتحوّل أوالتغيير. وبإزاحة أشكال المتوارث يلتجئ الخطاب السياسي إلى عملية الاجتهاد وتأويل المراجع الدينية لخلق شرعية المفاهيم الحديثة التي انبنت عليها قيم الدولة الوطنية. يقوم هذا التأويل على عنصرين أساسيين، يستند الأول على أن الإسلام يفقد صلاحيته المطلقة إذا تراجع عن تطوير معاني نصوصه وفق الواقع الاجتماعي المتحوِّل، في حين يذهب العنصر الثاني إلى أن الاجتهاد ‘المعاصر’ ضرورة تؤكِّدها حركة التاريخ وتفرضها، ولا بدّ من تجاوز الإرث الفقهي كونه تعبيراً عن علاقات محدّدة للنص مع الواقع كما تصوَّرها الفقهاء أنفسهم في فترات تاريخية معـيَّنة. الاجتهاد الحداثي ليس متماثلا ولا متماهيا مع المعنى الفقهي والديني: استقدم الخطاب السياسي من جديد مفهوم الاجتهاد لبناء علاقة ‘شرعية’ بين النظم القانونية التي سنّتها الدولة وبين النصوص الدينية (قرآن وسنّة)، وبين خضوع النصوص الدينية نفسها لفكرة التقدّم التي تعتبر اكتشافاً للفكر الحداثي منذ القرن التاسع عشر(1)، ولكن فكرة الاجتهاد هنا ليست متماثلة ولا هي متماهية مع المعنى الفقهي والديني. إنها تكتسِب مفهوماً زمنياً خاصاً يرتبط بتوجّه الدولة نحو تأسيس مرجعية اجتماعية، قانونية حديثة تتعلق بالحاضر السياسي والاجتماعي، كما يدركه الخطاب السياسي ويفهمه. لذلك لن يكون الاجتهاد هنا صياغة للمفاهيم الدينية من جديد وفق ما جاء في ثنايا الإرث الفقهي، وإنما سيكون علاقة مباشرة بين النصوص كمرجعيات دينية، والحاضر/المستقبل كوعي وفكرة للتقدّم. يتنزّل الاجتهاد في فضاء دنيوي أكثر منه دينياً، ويرتهن إنتاج المعاني الدينية إلى جهاز من المفاهيم الحديثة تشدّها ارهاصات اللحظة التاريخية بكل ضغوطاتها وتصوّراتها أكثر من اهتمامها بالنصوص. بذلك نكون أمام حركة خاصة من الاجتهاد تحاول تفسير القرآن والسنّة تفسيراً معاصراً يستند إلى الأطُر الاجتماعية والثقافية الحديثة، أي أننا داخل مجال من الاجتهاد يقع في إطار قانون الدولة لا في حدود النصوص الشرعية بصبغتها المطلقة والشمولية. بهذا المعنى كانت الدولة المصدر الوحيد للإصلاح الديني وهي المنتج الوحيد للقانون، «فلا مانع إذن من أن نجتهد نحن بدورنا حتى نبلغ الغاية التي يرمي إليها الدين: وهي توطيد أركان مجتمع سليم بطرق أخرى تتماشى مع متطلَّبات العصر الحاضرة لأن الأمور كانت غير مثيرة للاشمئزاز منذ أربعة عشر قرناً أو أكثر، لم تعد الآن لائقة؛ إن الشعور تغيَّر الآن والعقل البشري صار خلاف ما كان عليه»(2). يرث الخطاب السياسي هنا مسلّمات الفكر الإصلاحي الذي اقتنع بأن حركة التاريخ المتقدمة تشمل أيضاً الإسلام ذاته، كما تثبت فكرة تقدم العقل والإنسان، فالدين لم تكن أحكامه مطلقة وثابتة، وإنما كانت أحكامه مرتبطة بالواقع الاجتماعي الخاص تتبع إيقاعاً تدريجياً داخل عملية الاجتهاد، ولماّ تعطّل الاجتهاد توقّفت حركة تطوير معاني النصوص بما يتماشى والتاريخ(3)، هذا يحيلنا إلى علاقة الديني بالزمني كعلاقة نسبية تحتمل التأويل للحفاظ على التوازن الضروري بين النص والواقع. إن الإسلام كما يضبطه مفهوم الخطاب السياسي هو ممارسة تاريخية في حقيقته ترتبط بجملة من الظروف الخاصة، وبالتالي يدعو الخطاب إلى مراجعة الاحكام الفقهية التي لم تكن إلا علاقة يحدِّدها الزمان والمكان بين النص والواقع، وفق إطار ثقافي واجتماعي خاص. الاجتهاد الحداثي في تعدد الزوجات: لذلك نقرأ في بنية ذلك الخطاب عملية فكرية تنشُد تفكيك الإرث الفقهي وإقصائه من أجل تأسيس علاقة لتأويل النصوص والاجتهاد فيها مباشرة. يشرح الحبيب بورقيبة قانون منع تعدّد الزوجات الذي حوته مجلة الأحوال الشخصية «… الإسلام لم يشجِّع تعدُّد الزوجات لأن العدل بين الزوجات ليس في متناول الرجل العادي بحيث يكون مجرد الخوف من عدم العدل مانعاً من التزوّج بأكثر من امرأة لاسيما إذا نظرنا إلى المساوئ المترتِّبة عن تعدّد الزوجات ومن الإكثار من البنين والبنات من عدّة أمهات… فتتشتّت العائلة من جرّاء ذلك وتندثر، بينما العبرة من الزواج هي تكوين العائلة التي هي أساس العمران وأساس الأمة… إن تعدّد الزوجات فيه مضرّة للكون وإن الله لم يوص في كتابه العزيز بعمل من شأنه إلحاق الضّرر بالبشر»(4). في هذا التأويل للنص لا يأخذ القرآن أبعاده من خلال سياقه الديني كما درج على ذلك عامة الفقهاء وإنما يستمدّها من التجربة الخاصة للتاريخ، وبما أن التاريخ حركة ممتدّة نحو الأفضل والمستقبل فإن النص الديني يجب أن يتقبّل تأويلاً يتلاءم مع حركة تطوّر المجتمع. الاجتهاد الحداثي في قضية المرأة : يكتشف الخطاب السياسي الإسلام كجوهر ومجموعة مبادئ، أمّا الأحكام فهي عناصر غير مكتملة ولا هي مكتفية بذاتها، إذ ليست الإسلام في ذاته، وسيقع التأكيد وبإلحاح على أهمية فصل الإسلام النص عن الإسلام الاجتماعي. إن إعادة تأويل النصوص الدينية تخلق شرعية النصوص القانونية مع تصوّر اجتماعي وسياسي، ولعل دور المرأة في الأسرة ووظيفة الأسرة داخل المجتمع كانت إحدى مفاخر النظام البورقيبي، ومكسباً أساسياً يخرجها – المرأة – من إطار العائلة كأم. إننا نقف على نوع من الاكتشاف لمفهوم المرأة المواطنة، هذا الاكتشاف مكّن الخطاب السياسي من إيجاد معادلة متوازنة تتمتّع فيها المرأة بنفس الوضع الذي يتمتّع به الرجل، وإذا كان التقليديون والمحافظون – ويقصد المتدينون – يفسِّرون تعدّد الزوجات ببعض الوقائع والظروف الخاصة، فإن نفس تلك الحالات يمكن تطبيقها على الرجال، إنه لمن التساؤلات البالغة، ذات الدلالات الإيحائية أن يتساءل الخطاب البورقيبي عماّ يمكن قوله إذا تزوّجت المرأة بأكثر من رجل(5)!؟ وإن كان هذا التصوّر ‘غريباً’ فهو يعكس تلك الحدود التي يمكن أن يأخذها وضع المرأة في دائرة العلاقات الاجتماعية، وهو وضع حديث يلغي اعتبار المرأة في علاقة دونية تجاه الرجل ليجعل منها طرفاً ندِّياً سواء في إقامة العقد أو في العلاقات العائلية أو في حق المبادرة في حل العقد «إن كل ما هو إجراء في صالح المرأة لا يمكن إلا تزكيته، باعتبار المرأة عضواً في المجموعة الوطنية، وباعتبار كذلك أن كل إجراء لصالح المرأة هو إجراء في صالح حقوق الإنسان بالإضافة إلى ضرورة وجود حركية دائمة في صالح المرأة وعدم التوقف في ما تحقق منذ ثلاثة عقود (…) إن حقوق الإنسان مجموعة مكتملة تنطبق على كل شيء وكل أمر، وهي بحدّ ذاتها اختيار جميل لا بدّ أن يتجسّد في الواقع»(6). ما يمكن رصده هو نزوع الدولة المكـثّف إلى تقنين مختلف جوانب الحالة الشخصية وإخضاعها إلى رقابة السلطة السياسية لتتحوّل إلى فضاء قابل للرقابة والتصرّف، تحكمه النصوص القانونية أكثر مما تنظمه جملة القيم والأنماط السلوكية المتوارثة. ومع بعث مؤسّسة التنظيم العائلي(7) كإحدى آليات التصرف والرقابة الاجتماعية، تكون الدولة قد تدخّلت بشكل مباشر في فضاء يعتبره الخيال الشعبي مجالاً خاصاً لا يمكن أن يخضع إلاّ إلى الرقابة الفقهية. سيقع إخراج العائلة من محيط القيم الموروثة إلى مجال جديد من الآليات القانونية، فبعد أن كانت مرتبطة بثقافة المجتمع ومراجعه الدينية، سوف تصبح لصيقة بكيان الدولة التي تتدخّل لتحديد تركيبتها وحتى عدد أفرادها، ذكورها إناثها. وقد فسّرت الدولة هذا التدخّل ‘العنيف’ في العلاقات العائلية بضرورة تجسيد الخيارات التنموية، وذلك لإحساسها بأنها تنشط داخل مجال اجتماعي وثقافي يتّسم بالحساسية المفرطة. 2 – الإسلام الاحتجاجي ووظيفة الاستثمار المزدوج للدين والسياسة : لم يكن ظهور الإسلام السياسي استثماراً للتناقضات الاقتصادية والاجتماعية، ولكنه أيضاً استثمارا للمقدّس والمتعالي، بل إن الإسلاميين أكثر حساسية للاختيارات الثقافية والحضارية منهم إلى الخيارات الاقتصادية(8). ذلك ما يفسِّر الدعوة/العودة الشاملة والعنيفة إلى الإسلام كمثالٍ مرجعي مكتمل قابل للتوظيف، ورفض الظلم الاجتماعي؛ في وجه الاغتراب الروحي، ومن أجل الاحتماء به من حركات الاهتزاز والتفكُّك. إن التعلق بالإسلامية كقيم دينية سرمدية غير قابلة للتغيير، تعبِّر عن شكل من أشكال الرفض لتلك القيم السائدة المتصفة بالانحلال والتحوّل. كما أن تلك العودة الدينية المرجعية، بقدر ما تجسِّده من عودة لتراث الماضي فهي دعوة إلى رفض الحاضر بكل قيمه وضغوطاته. وعندما يُقيم الإسلاميون معنى للإسلام الكلّي والشامل ليخلقوا منه نظاماً سياسياً، اجتماعياً وعقائدياً، فإنهم في الواقع يشيِّدون بناءا جديداً ومجتمعاً بديلاً يلغي المفهوم الاجتماعي والثقافي والسياسي للنظام القائم، بل إنهم يقدِّمون للأتباع والمريدين مفهوم “الجماعة” و”العقيدة” وكذلك ‘السياسة’ و’التنظيم’. تحت هذا المستوى من الفهم والاستيعاب قد تعيد الاحتجاجية للعامل الثقافي دورَه، ليفسِّر ظهورها وعودتها، إذ ليست فقط نزعة تُدِينُ التّمايز الاجتماعي، وإنما كذلك توجّه لرفض قيم الحداثة والعصرانية. فهي تنقل مساحة “الصراع” والنزاع من مجالاته الاجتماعية والاقتصادية إلى مشهد ثفافي تحتدم المنافسة فيه لخلق المجتمع نفسه، وتشكيل مراجعه النظرية، إضافة إلى تنظيم المصالح الكبرى وتحديدها، أو تعيين نقاط ارتكازها (9). العودة للمقدّس كقيمة مرجعيّة نموذجية ليست سوى نوع من الإحياء الديني : هذه العودة العنيفة لاستثمار المقدّس كقيمة مرجعيّة نموذجية ليست سوى نوع من الإحياء الديني غير قابلة للتداول، تجد مبررات ظهوره وتوظيفه من خلال عنصرين أساسيين: الأول: يتخذ من تدخّل الدولة في الحقل الديني مصدراً لظهوره واحتجاجه، هذا التدخّل ينفي فعلاً عنيفاً مناهضاً للمبادئ الدينية تدرك دلالاته خاصة في مرحلة الستينات، إذ يبدو الخطاب السياسي كخطاب معلن ضدّ الدين (10)، وبدت الدولة وراءه جهازاً ‘لمصادرة الدين وعدائه’، بل في أرقى حالاتها تظهر كمؤسسة لا تقبل خروج الدين عن هيمنتها وفضاء تصرّفها. ومن أجل ذلك فقد اجتهدت الدولة ‘لاحتكار’ المطلق والمقدّس، وإدراجه ضمن مجالات عملها السياسي. إن ‘الإسلامية’ و’الاحتجاج’ قد لا يعنيان غير تردّدات الذات التي هُمِّشت في مجال الكيان الدولوي. إن الإسلام السياسي يعبِّر في دعوته عن انجراحات المكوّن والمرجعي في إعقاب تلك العدائية التي حكمت علاقة الدولة بالدين في مرحلة الستينات، والتي كانت قد أثارت في الأذهان موقع الدين وإقصائه عن كل دور في الحياة، وافتقاده للتوجيه والرقابة. في هذا التوجُّه المنهجي يبدو الإسلام الاحتجاجي ثأراً للدين والذات معاً…! ثانياً: إن عودة الإسلامية ليست عودة لإحياء العقيدة بقدر ماهي عودة لإعادة إنتاج النص الديني وظيفة وعقيدة وفكراً بما يتلاءم والواقع الثقافي الاجتماعي والسياسي الذي يعيشه الإسلاميون. ولئن كانوا يؤكدون على أنهم يمثِّلون عودة للدين ذاته، ويُماثلون بين دعوة الرسول ودعوتهم (11)، ويرفضون اعتبار عودتهم للدين كنوع من التوظيف، فإنهم في الواقع عيِّنة حقيقية لاستثمار المرجعية الدينية، وخلق شرعية لممارسة دور الاحتجاج الاجتماعي والسياسي، إذ لا تعدو عودتهم للدين سوى تأكيد للمسألة الثقافية ومسألة الهوية(12). وعلى كل فالإسلام الاحتجاجي يتّصف بقدرته وحتى نجاحه في تحويله لهذا الرصيد الجماعي العام إلى رأسمال خاص بفريق اجتماعي جديد ينازع النخبة القائمة. تقارب حركة الإسلاميين أن تكون شكلاً من أشكال المعارضة أكثر ممّا تعبِّر عن تنظيم اجتماعي سياسي جديد: قدّم الإسلاميون أنفسهم كحركة في اتجاه الإسلام، تأخذ عودة للدين ذاته من خلال الرجوع لإحياء جملة المفاهيم والقيم والممارسات الدينية، وبهذا المعنى يمثِّل ثالوث الفكر والعقيدة والتنظيم في أذهانهم آلية لتوجيه عالم القيم والأفكار الدينية(13). غير أن التحليل السوسيولوجي التاريخي لا يتوقف عند المعنى الفردي لسلوك الممارسة الدينية وإنما يتجاوز حقل تلك المستويات إلى أخرى ترتبط بالحاضر التاريخي ومجمل إفرازاته. وبلهجة أخرى فإن مثل تلك الأشكال التاريخية للتّديّن تجد تفسيرها في مستويات الواقع الثقافي والاجتماعي، السياسي والاقتصادي حيث تتحوّل إلى موضوعات للدراسة والبحث العلمي. إننا هنا أمام إحدى التمظهرات التاريخية للتديُّن، أي أمام فهم خاص ومعيّن للدين كسلوك نظري وممارسة عملية، فالواقع التاريخي هو الذي يُنتِج هذه الممارسة وهذا السلوك ليجعل منهما ظاهرة اجتماعية شديدة الارتباط مع الواقع بمستوياته وأبعاده المختلفة. ولم يكن الإسلامييون يميِّزون في تفسير حركتهم أكانت ظاهرة اجتماعية أم هي عودة للدين تتجاوز الواقع التاريخي وتتنزّل ضمن العناية الربّانية واستمرارية الدعوة النبوية نفسها(14). ومهما يكن من أمر هذه الدعوة أكانت عودة للدين في ذاته أو كظاهرة للتديّن تجد مبرّرات تفسيرها في الواقع التاريخي فإنها تأخذ معنى ‘الملاذ’ و’المأوى’ ببعديه العقائدي والاجتماعي خاصة بعد سلسلة الهزائم والانكسارات التي هزّت المجتمع العربي الإسلامي، وكانت هزيمة 1967، نقطة بداية الانتكاس. إنها تقارب أن تكون شكلاً من أشكال المعارضة التي تعيش على قاعدة الإحباط والتأزّم أكثر ممّا تعبِّر عن تنظيم اجتماعي سياسي جديد. ينزع الإسلاميون إلى تقديم المبادئ والقيم التي يعتبرونها بدائل تجسِّد معنى الخلاص، قادرة على أن ترسم تصوّراً دينياً للمشروع الاجتماعي الاقتصادي والثقافي، ولئن كانت تلك الفرق الدينية لا تقبل الفصل بين الخلاص الروحي والخلاص الاجتماعي على أساس التداخل والتمايز بين العنصرين، فإن الحركة الإسلامية كانت تركِّز على تمثيلها لمثل هذين النوعين من الخلاص(15). ولا يكتفي الإسلاميون بإحياء الشعائر الدينية والدعوة العقائدية لتكون ملاذاً للأفراد والجماعات، بل يعملون على إقامة آليات ونموذج معياري يكون حافزاً لانسلاخ الفرد من دائرة المجتمع والثقافة السائدة لينتمي إلى الجماعة باعتبارها حركة تتجه بالمجتمع وجهة الإسلام. ——————————————————– هوامش : 1.راجع: جدعان، فهمي: أسس التقدم عند مفكري الإسلام في العالم العربي الحديث، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت 1981 2.بورقيبة، الحبيب: خطب، الجزء الثاني، ص261. 3.الحداد، الطاهر: امرأتنا في الشريعة والمجتمع، المطبعة الفنية، ط1 تونس 1930 ، ص34-35 4.بورقيبة، الحبيب: خطب، الجزء الثاني، ص261-262 5.بورقيبة، الحبيب: خطب، الجزء الثاني، ص271 6.جعيط، هشام: ‘تصريح لجريدة الصباح’، جريدة الصباح التونسية، 18 أوت 1992. 7.قانون عدد 7 لسنة 1961 المتعلق بالمنتوجات والأدوية الواقية من الحمل، منشور بالرائد الرسمي عدد 1 المؤرخ في 3، 6، 10 جانفي 1961، ص10 8.الهرماسي، عبدالباقي: ‘المجتمع والدولة في المغرب العربي’، مشروع استشراف مستقبل الوطن العربي، محور: ‘المجتمع والدولة’ مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت ط2 ، آب/أغسطس 1992، ص130. 9.غليون، برهان: ‘نقد السياسة، الدولة والدين’ المؤسسة العربية الدراسات والنشر، طبعة أولى بيروت 1991، ص234 10.يمكن تعريف الدين على أساس نسق الممارسات والاعتقادات، من خلاله تستطيع جماعة من الناس أن تفسِّر وتستجيب لما تشعر به أنه مقدّس وفوق الطبيعي، اعتمدنا في هذا التعريف للدين بشكل أساسي على المراجع التالية: DURKHEIM Emile: “The Elementery forms of the Religious, Life, Translated by Joseph Swain (New York: Collier 1961) BERGER Peter: “Second thoughts on Defining Religion” Journal for the Scientific Study of Religion, Vol 13, no 2 (1974), pp 125-133. MACHALEK Richard: “Definitional Strategies in the Stady of Religion” Journal for the Scientific Study of Religion, Vol 16, no 4, (1977), pp 395-401. 11.راجع مجلة المعرفة، عدد4 السنة 5، ص21. 12.الهرماسي، عبدالباقي: ‘المجتمع والدولة في المغرب العربي’ مرجع سابق، ص113. 13.المعرفة، عدد8، السنة 4، ص23. 14.حول هذا الخلاف الذي نشأ بين الإسلاميين أنفسهم، يمكن الرجوع إلى مجلة ‘المعرفة’، العدد 6 ، السنة 5، ص11-13 ، وكذلك ص15-16. 15.المعرفة ، العدد 4، السنة 5، ص15-16. (..يتبع ) (المصدر: موقع السبيل أونلاين.نت بتاريخ 13 أوت 2008)


 بعد الانقلاب في موريتانيا: المغرب العربي . . عاشت ديمقراطيّة العسكر!  
 
سليم بوخذير  
 
شكلت انتخابات آذار2007 في موريتانيا نموذجا ديمقراطيا نادرا استبشرت به الشعوب المغاربية خيرا؛ لكن سرعان ما تم اغتيال هذا الحلم الديمقراطي. هذا المشهد تتويج لتعسف الحكومات التسلّطيّة التي تُكرّس »ديمقراطيّة القوّة  » بدلا من « قوة الديمقراطيّة ». سليم بوخذير في قراءة تحليلية للواقع « الديمقراطي » في بلدان المغرب العربي. لم يكن الانقلاب العسكري الذي شهدته موريتانيا صباح الأربعاء 6 أغسطس أمرا جديدا عليها، مثلما لم تكن عودة العسكر إلى مربّع الحُكم مُعطى غريبا على تاريخ البلد، بل وعلى تاريخ كلّ المنطقة المغاربية، فقط الذي لم يتوقّعه أحد هو أن يحدث الانقلاب في موريتانيا بعد كلّ هذه الفترة القصيرة من انطلاق ما وصفه البعض ب »الوثبة الديمقراطيّة » التي قطعها البلد . لم تنعم شعوب المنطقة المغاربية منذ رحيل المستعمر الأجنبي عنها خلال مواعيد متقاربة من النصف الثاني من القرن الماضي بأيّ حُكم ديمقراطي في تاريخها يعكس إرادتها و ينطق باسمها ويُجسّم طموحاتها. شعوب البلدان الخمسة على بكرة أبيها حلُمت بالحكومة الوطنيّة الديمقراطيّة بعد خروج المستعمر، وكلّها من ليبيا إلى موريتانيا مرورا بتونس والجزائر والمغرب لم تمنحها أقدارها غير تعسف الحكومة التسلّطيّة التي تُكرّس »ديمقراطيّة القوّة  » بديلا ل »قوة الديمقراطيّة ».. خوف من الديمقراطية لا عليها… « لقد سرق رجال العسكر حُلم الديمقراطيّة مُبكّرا من هذه الشعوب وحكمتهم كلّهم بعد الاستقلال قيادات سقطت عليهم من السماء » ولذلك كانت انتخابات آذار2007 في موريتانيا نموذجا نادرا استقبلته شعوب المنطقة بالتهليل. وارتبكت له حكوماتها خشية أن يأتي عليها يوم تنتقل فيه إليها « عدوى الديمقراطية ». لقد سرق رجال العسكر حُلم الديمقراطيّة مُبكّرا من هذه الشعوب وحكمتهم كلّهم بعد الاستقلال قيادات سقطت عليهم من السماء فرضتها إرادة القوّة إلى درجة أنّ الناس بعد جلاء المحتلّ شرعوا يتساءلون : ما الفرق بين أن يحكمك المستعمر أو مستبدّ محلّي؟ في هذا السياق لم يكن غريبا أن يظهر في أدبيّات نُخب هذه الشعوب مصطلح « المطالبة بالاستقلال الثاني » (الاستقلال عن المستبدّ المحلّي)؛ هذا المصطلح الذي كان للمُفكّر التونسي د.المنصف المرزوقي قصب السبق في ابتداعه. رجال القوة ( العسكر) استأثروا ب »أدوار البطولة » في حُكمهم للبلدان الخمسة بأشكال مختلفة فمرّة يرتدى بعضهم رداء مدنيّا، وأخرى يتخفّون وراء « حاكم مدني ». نخب سلطوية.. في ليبيا ارتدى القذافي رداء « القائد المُلهم » ولكنّ ذلك لم يُغيّر من وجهه الحقيقي: عقيد في العسكر قفز إلى منصّة الحُكم بانقلاب ورفض المغادرة منذ زهاء 40 عاما، رغم ما يتوسّمه بعض الملاحظين من خير من تصريحات نجله سيف الإسلام الأخيرة عن الإصلاح و محاربة الفساد و التوزيع العادل للثروة. و في تونس يحكم الجنرال بن علي منذ أكثر من عقديْن وهاهو يستعدّ لولاية خامسة مع أنّه وعد بإلغاء الرئاسة مدى الحياة منذ انقلابه في 7 – 11 – 1987، ومع أنّه ارتدى ثوبا مدنيّا (« منقذ البلاد ») فلا شيء يُلغي أنّه لم يحكم البلد بغير جبروت البوليس وسياسة القبضة الأمنيّة مع تأجيل حُلم الديمقراطيّة إلى أجل غير معلوم . وفي الجزائر لم يغبْ الجنرالات يوما عن ما وراء ستارات الحُكم وكانوا يتخفون وراء الحاكم المدني منذ عهد بومدين ، وتحت يافطة الخوف من البُعبع الدّيني قلبوا الطاولة على انتخابات التسعينيات وأخذوا البلاد مع المُتطرّفين الدينيّين إلى أُتون الحرب الأهليّة وويْلاتها، حيث وُري حُلم الديمقراطيّة الثرى مع أرواح الأبرياء وذلك على الرغم مما تبذله حكومة الرئيس بوتفليقة من مساع لنشر تعدّدية سياسيّة حقيقيّة في البلد في الفترة الماضية.  وفي المغرب حاكم مدنيّ يرث الحُكم عن أبيه الذي ورثه هو الآخر عن أبيه ، هو ليس رجل عسكر ولكن اسألوا المغاربة عن الجنرال أوفقير ومن المسؤول عن سنوات الجمر؟ على أنّ الذي يُحسب للمغرب بالذات من دون باقي دول المنطقة هو مشوار الإنصاف والمُصالحة الذي أذن به الملك محمد السادس لطيّ صفحات سنوات الجمر الأليمة والتعويض للضحايا .. ويُحسب له أيضا سماحه بانتخابات تشريعيّة نزيهة صعد فيها إلى الحكومة من اختارتهم صناديق الاقتراع . اغتيال الديمقراطية وأخيرا في موريتانيا 4 انقلابات عسكريّة تقاسمت تاريخ البلد وقسّمت الحُكم على 4 عسكريّين، وحين فتحت الديمقراطية عينها بعد غفوة عقود، خرج العسكر من قُمقمه ليُعيد إلى أعلى الربوة راياته. جنرالات تركب على رؤوس الشعوب وتقول لهم هلّلوا لديمقراطية العسكر. هذه كلّ حكاية الناس مع السياسة في المغرب العربي . وحين أدخل العقيد علي ولد محمد فال مُعادلة جديدة على لوحة حسابات اللعبة الانقلابية في المنطقة مُهديا الحُكم للشعب بدل الاستئثار به كما فعل من سبقوه، سرعان ما استعاد غُلاة المؤسّسة العسكريّة عرينهم وقذفوا من الشُبّاك الديمقراطية التي أرادت طردهم من الباب صباح الرابع من أغسطس. في هذا السياق رأى عدد من المراقبين أنّ سيدي ولد الشيخ عبد الله قدّم بنفسه على طبق من ذهب الفرصة للجنرالات ليخوضوا الانقلاب حين « استفزهم » بإصدار مرسومه الشهير صباح الانقلاب القاضي بعزل الجنرال ولد عبد العزيز ونائبه، و لكن ألا يحقّ لنا أن نسأل أصحاب هذا الرأي: ومنذ متى غاب هؤلاء عن سُدّة الحُكم ؟ ألم يُقمْ سيدي ولد الشيخ عبد الله اتفاقات منذ البداية بأن يكونوا أعضاده في الحُكم؟ ألا يكون بذلك هذا الذي انتخبه الموريتانيّون قد أهدى كيان الديمقراطيّة الوليد منذ البداية إلى الجنرالات مثلما يقول البعض، ثمّ حين أراد استعادة المقود عجز .. وحين ينتخب الموريتانيّون حاكما مدنيّا يرضى أن يتخفّى منذ البداية وراءه جنرالات لهم مصالحهم فقط ، ألا يكون حُلم الديمقراطيّة الذي عاش على إيقاعه الموريتانيّون حُلما زائفا إلى حدّ مُعيّن؟ يعود رجال العسكر إلى الحُكم في موريتانيا .. هكذا ردّد البعض، ولكن منذ متى غادروه أصلا حتّى يجوز القول إنّهم عادوا .. دقّقوا النظر جيّدا في الصورة الموريتانيّة زمن سيدي ولد الشيخ عبد الله، ستجدونهم بوضوح هناك في الزوايا الخلفيّة .. بل وركّزوا جيّدا في المشهد المغاربي كلّه، ستجدونهم دائما هناك.. فوق رؤوس الجميع!   عاشت ديمقراطيّة العسكر …  
 كاتب وصحفي تونسي    * المصدر : موقع « قنطرة » الألماني (موقع مموّل من راديو و تلفزيون ألمانيا dw )  بتاريخ 13 أوت 2008 .  الرابط : http://www.qantara.de/webcom/show_article.php/_c-492/_nr-779/i.html?PHPSESSID=ca9549a7aeee073409874846bfc09742

 

سعد الدين إبراهيم.. المثقف المشاغب والملاحق

 

 
صلاح الدين الجورشي (*) الدكتور سعد الدين إبراهيم شخصية مثيرة للجدل منذ فترة طويلة. وسواء اتفقت معه أو اختلفت حول مجمل القضايا والمواقف التي دافع عنها ولا يزال، فإنه لا يجوز لك أن تستخف بذكاء الرجل، وعمقه الفكري، وقدرته على المحاججة وسعة اطلاعه، إضافة إلى حبه لبلاده مصر وإيمانه بالديمقراطية. وهي مسائل عرفتها فيه عن قرب، بعد أن قرأت له بعض أهم ما كتب، ثم خالطته، فاختلفت معه في أشياء، لكني وجدت لديه خصالا إيجابية عديدة. إنه من جيل عبد الله العروي، ومحمد العابد الجابري، وحسن حنفي، وحسين مروة، وهشام جعيط، وعبد الباقي الهرماسي، وسمير أمين، وطيب التيزيني، وأمين العالم، وغيرهم ممن ملؤوا الساحة الثقافية العربية طيلة السبعينات ووصولاً إلى التسعينات من القرن الماضي. كان شباب تلك المرحلة يقرؤون لهم، ويتخاصمون فيما بينهم حول ما كتبوه وروجوا له من أفكار وأطروحات. لقد حاولوا في تلك السنوات بالخصوص، ومن خلال مبادرات مركز دراسات الوحدة العربية أو بفضل عدد من دور النشر التي تبنت مشاريعهم، أن يقدموا إجابات، بعضها فكري مخلوط بالأيديولوجيات، وبعضها آراء جريئة تندرج ضمن سجالات المرحلة. لكنهم استطاعوا أن يشغلوا جيلا كاملا ولد ما بعد هزيمة 67 الكاسحة، وحاولوا أن يخرجوه من حالة الصدمة والإحباط. سعد الدين إبراهيم اختصاصه علم اجتماع، وقد أبدع في هذا المجال، لكنه اتجه منذ وقت مبكر نحو قضايا حقوق الإنسان، إذ كان من بين الذين وقفوا وراء إنشاء المنظمة العربية لحقوق الإنسان التي تحمّل في البداية رئاستها. ودافع بشكل مستميت عن مقولة «المجتمع المدني» في فترة كانت تُحارب هذه الفكرة بحجة أنها غريبة عن الثقافة العربية والإسلامية. وهو بالتأكيد أحد رموز المجتمع المدني في مصر والعالم العربي. هذا الانخراط القوي والمبكر في مختلف القضايا ذات الصلة بالتحول الديمقراطي في مصر وكامل المنطقة جعله بالضرورة في حالة صراع مستمر مع النظام المصري. وبعد أن كان يستفاد من آرائه وملاحظاته، تحول تدريجيا إلى خصم يحارب بشدة من قبل الأجهزة الرسمية. وكان عام 2000 لحظة فاصلة في علاقته بالنظام المصري، حين قضت محكمة أمن الدولة على سعد الدين إبراهيم بالسجن سبعة أعوام بتهمة «تلقي أموال من الخارج وتشويه صورة مصر». وقد قضى منها ثلاثة أعوام في السجن رغم تقدم سنه؛ مما أثر على صحته بشكل ملحوظ، وذلك قبل أن تنصفه محكمة النقض وتحكم ببراءته من جميع التهم التي نسبت إليه، نافية بالخصوص ما راج عنه من «عمالة» و»خيانة لبلاده». وقد واكبت شخصيا تلك القضية، وحضرت إحدى جلساتها باسم الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، وتعجبت من بعض الحيثيات التي أُوّلت بشكل غريب، ومن بينها كراسات عن أوضاع الأحزاب العربية، من ضمنها كراس لي تم حجزه أنجزته عن التجربة الحزبية في تونس بطلب من مركز ابن خلدون الذي يديره سعد الدين إبراهيم. وهي دراسات رغم طابعها البحثي العلني والمرشحة للنشر، إلا أن الحملة الإعلامية والسياسية التي وجهت ضد سعد أدرجتها ضمـن «التقارير المخابراتية» التي يعدها المركز بطلب من «جهات أجنبية». قبل أيام صدر حكم غيابي على الرجل يقضي بسجنه لمدة سنتين، إضافة إلى غرامة مالية بعشرة آلف جنيه. وهي القضية الأولى من بين 16 قضية شبيهة مرفوعة ضده، ويفترض أن ينظر فيها القضاء قريبا. أما التهمة فهي «الإضرار بالمصالح القومية للبلاد»؛ بسبب «مقالات نشرها رئيس مركز ابن خلدون تناول فيها أوضاعاً مصرية داخلية، ودعوة للإدارة الأميركية بربط برنامج المعونة الأميركية لمصر بتحقيق تقدم في العملية الديمقراطيـة»، حسب ما ورد في لائحة الاتهام، وهو ما من شأنه أن يؤدي إلى «إضعاف هيبة الدولة واعتبارها». وأوضح أن الحكم الصادر يشكل جولة جديدة في معركة قضائية وسياسية أخرى تخاض ضد هذا الرجل المصرّ على مواصلة مشواره القاسي، والذي قد يجبره هذه المرة على البقاء خارج مصر إلى أن يقضي الله أمراً كان مفعولاً. لاشك في أن آراء سعد الدين إبراهيم قابلة للنقاش، وهي محل أخذ وعطاء في عديد الساحات العربية والأوساط الديمقراطية هنا وهناك، لكن من وجهة نظر حقوقية ومبدئية لا يمكن القبول بأن يكون الرد على الأفكار بسجن الخصوم السياسيين، وتشريدهم، وتخوينهم. فهذا الأسلوب بالذات لا يساعد على حل المشكلات، وإنما يزيد من تعقيدها. ومن مصلحة النظام المصري في هذه المرحلة أن يوسع من دائرة الحريات التي بعضها قائم فعلا، خاصة في مجال حرية التعبير، وأن يسمح بعرض أفكار سعد الدين إبراهيم وغيرها على النقاش العام، فإن ساندها كثيرون فعلى السلطات المصرية استخلاص الدروس الضرورية، أما إن رفضتها الأغلبية، فقد كفى الله المؤمنين القتال. إن المعركة غير المتكافئة بين المثقفين والدولة في العالم العربي يجب أن تتوقف، أو على الأقل يفترض أن تتخذ صيغا ووسائل حضارية تتماشى مع التغييرات الجذرية التي تمت في مجال حقوق الإنسان على الصعيد الكوني. أكثر من خمسين عاما وهذه القصص تتكرر وبصيغ متشابهة في هذا البلد العربي أو ذاك. ولعل أهم سؤال لا يزال يلاحق المثقفين العرب هو قولهم: «متى نعترض على سياسات الأنظمة دون أن نفقد حريتنا؟».. سؤال ينتظر جوابا تأخر كثيرا. (*) كاتب تونسي ( المصدر: جريدة العرب ( يومية –قطر)  بتاريخ 13 أوت 2008 )


 

في ذكرى ميلادها حرّروها من أغلالها

 

رامي عبد الواحد  
ككلّ سنة كلّما اقترب موعد إحياء ذكرى الإعلان عن مجلّة الأحوال الشّخصيّة 13 أوت 1956 الذي أصبح عيدا للمرأة إلاّ و راجت الإشاعات عن تعديل مزعوم لبعض مواد هذه المجلّة خاصّة ذلك المتعلّق بتعدّد الزّواجات و كأنّها تدغدغ مكبوتا دفينا لدى بعض فئات المجتمع فيسيل لعاب البعض و يتشنّج البعض الآخر ، غير أنّ المسألة لا تعدو أن تكون حسب تقديرنا ضربا من الدّعاية السّياسيّة تخضع فيها فئات المجتمع لنوع من الضّغط النّفسي سواء الحالمون بالعودة للتعدّد أو الخائفون من التّراجع عن مكسب جعل من وضع المرأة في تونس متقدّما على أخواتها في المنطقة العربيّة … ثمّ  يطلع أصحاب القرار في صورة المنقذ صاحب القول الفصل المنحاز إلى المساواة . و يعكس ذلك كما يبدو لنا الوضع الإشكالي لمجلّة الأحوال الشّخصيّة فليست هي مجرّد منظومة تشريعيّة تعكس مستوى الوعي والتّراكم لدى التّونسيين بل أداة لإضفاء المشروعيّة السّياسيّة و ممارسة الفرز السّياسي. لذلك قدّمت المجلّة طيلة عقود  على أساس أنّها ثمرة إرادة سياسيّة لصاحب القرار آنذاك الرّئيس الرّاحل الحبيب بورقيبة و نحن لا ننكر ما كان له من دور في الدّفع لإقرار هذا التّشريع و لكن احتكارها سياسيّا و التمعّش من ريعها الرّمزي و توظيفها لترسيخ المشروعيّة هو الذي نتحفّظ عليه فالمجلّة  ثمرة تراكم و استجابة لنداءات حركة الإصلاح الوطني بل الأمر أبعد من ذلك في الزّمن إذ كان الصّداق القيرواني مثلا  يحمي المرأة من التّعسّف في ممارسة التعدّد بتضمّنه حسب إرادة الزّوجة اشتراط الحقّ في الانفراد بزوجها أو حقّ تطليق نفسها أو ضرائرها عند التعدّد و هو اجتهاد يعكس مرونة الفقه المالكي القائم في مصادره على العرف و المصالح المرسلة … كما انتقد عدد من المصلحين من خرّيجي المؤسّسة الزّيتونيّة  التعدّد و على رأسهم الطّاهر الحدّاد. كلّ ذلك الزّخم وقع التّعتيم عليه من طرف الخطاب لصالح محرّر المرأة الأوحد . فاختلط الأمر على فئات من النّاس بين تقبّل مضمون المجلّة و رفض التمشّي السّياسي الأتوقراطي لصاحبها المفترض  » أسرة ديمقراطيّة و دولة استبدادية  » و هو شعور يعكس عمق التمزّق والانشطار في الضّمير التّونسي. كما وُظّفت المجلّة و لا تزال رغم الإجماع الحاصل حولها أداة للفرز السّياسي و تبكيت الخصوم وإقصائهم من دائرة التّواصل السّياسي و الجمعياتي  في المجتمع المدني و ذلك بأشكال تصل أحيانا إلى ضرب من التمحّل و التعسّف و الافتراء ممّا يعكس رمزيّة هذه الوثيقة من خلال إثقال كاهلها بكلّ الكثافات العاطفيّة و السّياسيّة و الحزبويّة الضيّقة أحيانا. أمّا المجتمع فهو في غفلة عن كلّ هذا الجدل فهو ينتج ضروبا من  السّلوكات و الممارسات التي  تعبّر عن حاجاته  الاجتماعيّة و إن كانت مخالفة للقانون و ذلك باستعمال أشكال من التّخفّي و الاحتماء بمشروعيّة غير المشروعيّة المتنازع عليها. فلنأخذ مثالا على ذلك تعدّد الزّوجات فمن منّا لا يعرف اليوم أنّ التعدّد المجرّم قانونا أمر واقع اليوم في تونس بل هو في تزايد مستمرّ بل يتجاوز حجم التعدّد الذي كان علبه المجتمع إبّان الاستقلال حيث كان لا يتجاوز الواحد بالمائة . لا نقصد بذلك ما يسمّيه البعض تعدّد الخليلات أو العلاقات الجنسيّة خارج إطار الزّواج إذ هي علاقات ظرفيّة  لا تتوفّر فيها صفة المعاشرة و المساكنة  بل هي أقرب  إلى النّزوات العابرة . لكنّنا نحيل على نوع من الزّواج العرفي  و هو زواج يعكس أزمة الضّمير التي تعيشها فئات من المجتمع بسبب الإحساس بالتّضادّ بين الزّواج القانوني و الزّواج الشّرعي و قد تعمّق هذا الشّعور المأزوم بفعل غزو الفضائيّات  الشّرقيّة  » يمكن أن نحيل على المسلسل الشّهير الحاج متولّي « و نخصّ بالذّكر الفضائيّات الدّينيّة التي يقبل عليها التّونسيّون بشكل كبير و يشاركون فيها بالأسئلة و الاستفتاء . و يلتجئ عدد من التّونسيين للجواب عن أوضاع اجتماعية حادثة إلى الزّواج الثّاني تحت غطاء المشروعيّة الدّينيّة إذ الزّواج إيجاب و قبول و ليس التّوثيق عبر التّدوين إلاّ مصلحة مرسلة و إذا كان هذا التعدّد مجرّما قانونا فلإنّه يندرج بأيّ حال من الأحوال ضمن باب الزّنى فقها و لا ضمن الخيانة الزّوجيّة أو التعدّي على الأخلاق الحميدة قانونا إذا لم تتظلّم الزّوجة القانونيّة أو الأجوار . البعض يعيشون مع مطلّقاتهم بعد زواج ثان في كنف التّراضي بين الجميع رغم امتعاض بعض أفراد العائلة من الإخوة الذّكور و لكنّ المشروعيّة الدّينيّة تمتصّ كلّ إحساس بالإثم أو العار. لا نملك إحصائيّات دقيقة حول حجم الظّاهرة و لكنّ من نصادفهم من الملتجئين إلى هذا الضّرب من الزّواج كثر فلقد أصبح للزواج العرفي الموازي للزواج القانوني أنصاره لا على المستوى المتصور فحسب بل كذلك على مستوى الممارسة . ( أنظر قصّة عائلة تونسية في صفاقس نشرتها جريدة الشروق بتاريخ الجمعة 04/02/2005 ص 20  تناولت وضع أم وأربعة أبناء كانوا ضحية زواج عرفي تجاوز أربعين سنة من قبل رجل أعمال تونسي متزوج في نفس الوقت زواجا قانونيا )  إن هذا التصور الديني الوافد يضفي على التعدد غير القانوني مشروعية دينية و يوفر للمعدّد حالة من الانسجام الداخلي و التوازن النفسي وراحة الضمير وان كان مجرما في نظر القانون. و ليس أدلّ على هذه المفارقة من ذلك الرّأي الفقهي الذي قدّمه مفتي الدّيار التّونسيّة بمناسبة استفتائه عن مسألة تتعلّق بالطّلاق أشار فيها بما يوافق الشّرع كما يتصوّره و يخالف القانون،  فأثار بذلك جدلا  حول الطّلاق الشّرعي و الطّلاق القانوني ممّا دفع البعض للتّعبير عن إلى حالة من الفوبيا و ردود الفعل الهستيريّة و الدّعوة إلى إخراس المفتي و الفصل الكلّي و الشّامل بين الدّين و القانون. هذا الوضع يعكس الهوّة الواسعة بين المجلّة و الجدل السّياسوي الحاصل حولها من جهة و مشاكل المواطنين و معاناتهم من جهة أخرى و هو ما يفسّر التجاء البعض إلى الانتصار بالسّلطة كلّما أحسّوا بالخوف على المكاسب القانونيّة التي  تضمنها المجلّة و الأصل أن يكون المجتمع هو الضّامن والحامي  لمكاسبه الوطنيّة . لا أدري إن كان يحقّ لنا أن نقارن بين مجلّة الأحوال الشّخصيّة التّونسيّة و أختها الوليدة المغربيّة  » المدوّنة  » فرغم تقدّم التّونسيّة من حيث السّبق الزّمني و وضوح التّشريعات الضّامنة للحقوق والمساواة  فإنّ أختها المغربيّة تتقدّم عليها بميزة فارقة إذ المدوّنة المغربيّة كانت نتاج اختمار و تدافع اجتماعي شارك فيه كلّ المغرب ملكا و شعبا أفضى في النّهاية إلى عقد قانوني أخلاقي قائم على  الإجماع والتّراضي و التفاف الجميع حول أهمّ إنجاز وطني مغربي قبل المصالحة و الإنصاف فكانت المدوّنة أعدل قسمة بين المغاربة .  ليست المرأة وحدها هي التي حقّقت مكاسب بالمدوّنة بل كذلك الوحدة الوطنيّة الضّامنة وحدها لحماية الحقوق و صاحبة الإرادة العليا لتطويرها . هناك مدوّنة تجمّع يتقاسم ريعها الرّمزي الجميع لا مجال فيها لمزايدة أحد على أحد و هنا مجلّة لا تزال تفرّق و تمزّق الوحدة الوطنيّة ويتنازع على مشروعيّتها الجميع و يتزايدون  و يطلب من البعض أن يلتحق بها. في ذكرى ميلادها الثّاني و الخمسين آن لها أن تتحرّر من أغلال المزايدة و التّسييس . 


حول الحملة الاعلامية الصهيونية ضد بن جدو والجزيرة

               بشور:  هذه الحملة هي جزء من تنفيذ توصيات فينوغراد حول دور الاعلام في هزيمة العدو الصهيوني  
 بقلم:معن بشور ادلى الاستاذ معن بشور  الامين العام السابق للمؤتمر القومي العربي، المنسق العام لتجمع اللجان والروابط الشعبية في لبنان بما يلي:   ليست الحملة الاعلامية والسياسية الصهيونية ضد الاعلامي البارز غسان بن جدو وضد قناة « الجزيرة » على خلفية استضافة المناضل الكبير وعميد الاسرى العرب في سجون الاحتلال الصهيوني سمير القنطار في برنامج تلفزيوني، شأناً خاصاً يخص بن جدو والفضائية العربية الكبرى ، بل انها تشكل استفزازاً كبيراً لمشاعر اللبنانيين خصوصاً، والعرب عموماً، من خلال سعيها الى التضييق على المناضل القنطار في حريته وحركته واطلالاته الاعلامية، تماماً كما كانت تضيق عليه خلال سجنه الطويل، كما من خلال سعيها الى التضييق على حرية اعلاميين احرار عرفوا على مدى سنوات بتوازنهم والتزامهم المهني والحرفي. ان هذه الحملة تكشف بكل وضوح حقيقة الادعاءات الصهيونية والامريكية حول احترام الحريات العامة والاصول الديمقراطية، كما تظهر هشاشة هذا الكيان الذي يخشى مقابلة فضائية مع اسير محرر كانت قصة اسره ونضاله محور اهتمام كل ابناء ووطنه وأمته وأحرار العالم ، بالاضافة الى اهتمام العديد من وسائل الاعلام. اننا لا نفصل هذه الحملة ضد « الجزيرة » وضد الاستاذ غسان بن جدو عن مجمل التوصيات التي اقرتها لجنة فينوغراد في مجال تقييم دور الاعلام في هزيمة العدوان الصهيوني على لبنان 2006، وهو اعلام قدّم الشهداء والجرحى لكي ينقل للعالم كله صورة حية عن العدوان عن الفشل الصهيوني، كما لا نفصل هذه الحملة بالتأكيد عن تلك العقلية الارهابية والاستبدادية التي تتحكم بالادارة الامريكية الداعمة للكيان الصهيوني وحربه ضد لبنان والتي عبّر عنها جورج بوش نفسه حين ناقش مع صديقه طوني بلير احتمالات قصف مقر قناة الجزيرة في دولة قطر، بل العقلية التي كانت وراء قصف مكتب الجزيرة في بغداد واستشهاد الاعلامي طارق ايوب في نيسان/ابريل 2003. اننا من موقع المسؤولية الوطنية والقومية ، ومن خلال تمسكنا بالنهج الديمقراطي، ندعو الى أوسع حملة تضامن مع الاعلامي غسان بن جدو وزملائه في قناة « الجزيرة » والى مقاومة كل الضغوط المستمرة على غير صعيد لكي تتراجع هذه القناة  عن مهنيتها وحرفيتها والتزامها بالحقيقة وهي سمات اكسبت « الجزيرة » اكسبتها مكانتها لدى ملايين المشاهدين على مستوى الامة والعالم. ان قضية غسان بن جدو وقناة الجزيرة باتت من القضايا التي يتلازم فيها الخيار الوطني والقومي مع الخيار الديمقراطي الى درجة الالتحام، كما انها واحدة من قضايا مماثلة مرّت بها « الجزيرة » سابقاً، كما معظم  وسائل الاعلام والتعبير، وبالتالي فهي قضية تمس الامة في جوهر قيمها في الحرية والمقاومة والنهوض والالتزام بالحق والحقيقة. مع التقدير لما أتى في المقالة فهي لا تعبر بالضرورة عن رأي حركة القوميين العرب                                                                                                                                                                                                           حركة القوميين العرب  E-mail     :raouf-b@mail.sy     فاكس2312744: 00963  11 تلفون جوال: 932430637  00963 الموقع الإلكتروني: www.alkawmiyeenalarab.net             Haraket Alkawmeyeen Alarab                                 


حتمية التغيير.. عاجلاً أم آجلاً

   

بقلم: صبحي غندور   قانون التطوّر الإنساني يفرض حتميّة التغيير عاجلاً أم آجلاً. لكن ذلك لا يحدث تلقائيّاً لمجرّد الحاجة للتغيير نحو الأفضل والأحسن، بل إنّ عدم تدخّل الإرادة الإنسانيّة لإحداث التغيير المنشود قد يدفع إلى متغيّرات أشدّ سلبيّة من الواقع المرفوض. إذن، التغيير حاصل بفعل التراكمات المتلاحقة للأحداث كمّاً ونوعاً في المجتمعات العربيّة، لكن السؤال المركزي هو: التغيير في أيِّ اتجاه؟ هل نحو مزيد من السوء والتدهور والانقسام أم سيكون التغيير استجابة لحاجات ومتطلّبات بناء مجتمع عربي أفضل؟! هنا يظهر التلازم الحتمي بين الفكر والحركة في أي عمليّة تغيير، كما تتّضح أيضاً المسؤوليّة المشتركة للأجيال المختلفة. فلا « الجيل القديم » معفيّ من مسؤوليّة المستقبل ولا « الجيل الجديد » براء من مسؤوليّة الحاضر. كلاهما معاً يتحمّلان مسؤوليّة مشتركة عن الحاضر والمستقبل معاً. وبمقدار الضّخ الصحيح والسليم للأفكار، تكون الحركة صحيحة وسليمة من قبل الجيل الجديد نحو مستقبل أفضل. وفي كل عمليّة تغيير هناك ركائز ثلاث متلازمة من المهم تحديدها  أولاً: المنطلق، الأسلوب، والغاية. فلا يمكن لأي غاية أو هدف أن يتحقّقا بمعزل عن هذا التّلازم بين الرّكائز الثلاث. فالغاية الوطنيّة أو القوميّة مثلاً لا تتحقّق إذا كان المنطلق لها، أو الأسلوب المعتمد من أجلها، هو طائفي أو مذهبي أو فئوي. فثلاثيّة: (المنطلق والأسلوب والغاية)، هي « ثلاثيّة » ضروريّة في عمل الأفراد أو الجماعات. إذ أن تحديد الغاية وحدها لا يكفي من دون المعرفة الدّقيقة للواقع الّذي يتمّ الانطلاق منه، وبالتّالي للوسائل المطلوبة من أجل الوصول للغاية. وحينما يحدّد الفرد (أو الجماعة) عناصر هذه « الثلاثيّة »، فمن المهمّ إدراك أنّ الغايات قد تكون متعدّدة، لكن من المهمّ ترتيب أولويّات لها. كذلك الأساليب فهي متعدّدة ومرنة تبعاً للظروف والإمكانات. أمّا الواقع (المنطلق) فهو حالة قائمة لا خيار لنا فيها. الخيارات هي فقط في الغايات والوسائل، لكن عندما نحقّق الغاية نكون عندها في واقع جديد ننطلق منه لغاية أخرى. إنّ التّعامل مع سلبيّات الواقع العربي الراهن والعمل لإيجاد بدائل إيجابيّة يتطلّب الخروج أوّلاً من المأزق الّذي يعيشه الفكر العربي المعاصر في كيفيّة تحديد جملة مفاهيم ترتبط بالهويّة والانتماءات المتعدّدة للإنسان العربي، وبدور الدّين في المجتمع، وبالعلاقة الحتمية بين حرّية الوطن وحرّية المواطن، وبالفهم الصّحيح للعروبة وللمواطنيّة وللعلاقة مع « الآخر »، وفي التلازم المنشود بين الفكر والحركة. فهناك قطاع كبير من العرب لا يجد أهمّية الآن للأمور الفكريّة أو للمؤسّسات المهتمّة بالفكر والثقافة، وهذه الفئة من العرب تجد أنّ الأولويّة الآن هي للأمور الحركيّة والعمليّة حيث لا يجوز إضاعة الوقت والجهد في قضايا « الفكر والتنظير »، بينما نجد في المقابل أنّ العديد من المفكّرين العرب يكتفون بطرح الفكر ولا يساهمون في بناء المؤسّسات الّتي تقدر على تحويل الأفكار إلى برامج عمل تنفيذيّة.   إذن، هي معضلة الآحادية في الحالتين: فالفكر هو الّذي يحدّد الأهداف المرجوّة من أي عمل، وهو الّذي يوفر وضوح الرؤية خلال مسيرة تنفيذ برامج العمل. لكن لا قيمة للفكر إذا لم يعالج عمليّاً مشاكل قائمة وإذا ما بقي أسير الكتب وعقول المفكّرين. فالقيمة الحقيقيّة لأي فكرة تتحصّل من مقدار تعاملها مع الواقع ومشاكله والقدرة على تغييره نحو الأفضل.   ولعلّ خير دلالة على التراجع الفكري الحاصل على مراحل منذ ربع قرن تقريباً، هو تدنّي مستوى الشعارات المطروحة على المستويين الوطني والقومي. فبعدما كانت أهداف العرب في الخمسينات والستينات هي التحرّر والتوحّد بين الأوطان، أصبح الهمّ الأساس الآن هو الحفاظ على وحدة كل وطن من خطر التشرذم والصراعات. وبعدما كانت الحرّية تعني تحرّراً من الاحتلال والتسلّط الأجنبي، أصبحت معايير الحرّية تقاس الآن بمدى « الاستقلال » عن العلاقة مع دول عربية أخرى! كذلك بتنا نرى التراجع في مسائل العدل الاجتماعي ومحاربة الفساد وكيفية توزيع الثروات الوطنية. حتى على مستوى الحركات السياسية ذات السمة الدينية، فإنّ شعاراتها انتقلت من عموميات « الأمّة » إلى خصوصيات المذاهب والاجتهادات!! كما انتقل بعضها في أساليبه من الدعوة الفكرية إلى العنف المسلّح وما يجلبه من ويلات لأصحاب هذه الحركات ولأوطانهم وللأمّة معاً. أمّا جيل الشباب العربي، فقد أضحى أسير أحد خيارين، أحلاهما مرٌّ له ولأوطانه: السلبية القائمة على مفاهيم فردية نفعية، أو الاندفاع نحو حركات فئوية تفرّق ولا توحّد، وبعضها يخدم كيد الأعداء، حتى وهو يصارعهم! الواقع العربي الراهن تختلط فيه مفاهيم كثيرة لم تُحسَم بعدُ فكرياً أو سياسياً. وهذه المفاهيم هي أساس مهم في الحركة والوسائل والأساليب، كما هي في الأفكار والغايات والأهداف. فما هو الموقف من التعدّدية بمختلف أنواعها داخل المجتمع، وما هو الفاصل بين المقاومة المشروعة وبين الإرهاب المرفوض، وما هي العلاقة بين حرّية الوطن وبين حرّية المواطنين؟ وكيف يمكن الجمع بين الديمقراطية وبين الحفاظ على وحدة النسيج الاجتماعي في كلّ بلد؟ وهل طريق الديمقراطية يمرّ في تجزئة الكيانات إن لم نقل في إخضاعها للسيطرة الأجنبية أولاً؟ ثمّ ما هي آفاق هذه الديمقراطيات المنشودة من حيث العلاقة مع إسرائيل، وهل ستكون « الشرق أوسطية » هي الإطار الجامع لدول المنطقة أم ستكون هناك خطوات جدّية نحو تكامل عربي شامل يعزّز الهويّة العربية المشتركة ويأخذ بالنموذج الاتحادي الأوروبي كصيغة مستقبلية للعلاقة بين الدول العربية؟ إنّ التغيير المنشود عربياً لن يتحقّق على أيدي من يمنعون حدوثه محلياً وخارجياً. فالتغيير الإيجابي الذي حدث ويحدث في غير الدائرة العربية كان دافعه الأول هو مرجعيات شعبية سليمة اختارت أيضاً من يحكم باسم شعوبها ومن يقود حركة تغيير مجتمعاتها. المشكلة هي الآن في انعدام الإرادة العربية المشتركة، وفي تقييد الإرادات المحلية الوطنية ورهنها لسياسات خارجية. إذ لا مشكلة عربياً في الإمكانات والثروات، ولا في العقول والخبرات وحجم الطاقة البشرية، بل هي مشكلة عدم التوظيف الصحيح لما تملكه الأمّة من خيرات مادية وبشرية. وما أحوج الأمّة العربية الآن إلى مؤسسات مدنية ومرجعيات شعبية ترفض الواقع وتسعى إلى تغييره على أن يتمّ ذلك في إطار منظومة فكرية، تقوم على التلازم بين حسم الانتماء لوحدة الهويّة العربية وبين ضرورة التعدّدية الفكرية والسياسية في المجتمعات العربية. أي على قاعدة فكرية معاكسة لواقع الحال القائم الآن حيث تتصارع الهويات ضمن الدائرة العربية بينما تنعدم الأطر السليمة لتعدّد الاتجاهات الفكرية والسياسية. الأمّة العربية تحتاج إلى مؤسسات وحركات شعبية ترفض الواقع، لكن ترفض أيضاً تغييره بواسطة العنف والإكراه. الأمّة العربية بحاجة إلى تيّارات فكرية وسياسية تصحّح الصورة السيئة والمشوهة عن العروبة والإسلام، فلا التطرّف باسم الدين هو الإسلام، ولا الديكتاتورية باسم القومية هي العروبة. الأمّة بحاجة إلى حركة عروبية ديمقراطية لا طائفية، تُخلِص لأوطانها وتعمل لوحدة مجتمعاتها، وليكون ذلك أساس ومعيار عملها لصالح الأمّة ككل.  مع التقدير لما أتى في المقالة فهي لا تعبر بالضرورة عن رأي حركة القوميين العرب 13/8/2008                                                                                                                                                                                                                                                  حركة القوميين العرب E-mail     :raouf-b@mail.sy     فاكس2312744: 00963  11 تلفون جوال: 932430637  00963 الموقع الإلكتروني: www.alkawmiyeenalarab.net             Haraket Alkawmeyeen Alarab  


 

محللون ومتابعون تونسيون يتحدثون لإيلاف عن الانقلاب في موريتانيا ضربة للديمقراطية ودليل على فشل الانتقال السلمي للسلطة

   

إسماعيل دبارة من تونس: تشهد تونس هذه الأيام نقاشات متنوعة ومعمقة حول الانقلاب الذي نفذّه عدد من أبرز قيادات الجيش الموريتاني وأطاح بالرئيس سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله ورئيس وزرائه يحيى ولد الوقف. الصّحف ومواقع الانترنت المحليّة في تونس غصّت بالآراء والتحليلات المختلفة التي تطرّقت إلى الحدث الذي هزّ البلد المغاربي المجاور من مختلف جوانبه. واختلاف المواقف والآراء والتحليلات في هكذا أحداث يعتبر أمراً طبيعياً إن لم نقل بديهياً إلا أن الإجماع بدا شبه حاصل بخصوص الإقرار بأن الانقلاب هو صفعة للديمقراطية في موريتانيا. وتحت عنوان  » رخاوة الدولة الموريتانية  » كتب المحلل التونسي توفيق المديني في صحيفة النهار اللبنانية بتاريخ 11 آب الجاري: « منذ سنة 1978 شهدت موريتانيا 14 انقلاباً عسكرياً اصطدم بعضها بصخرة الفشل، ونجح البعض الآخر بمقاييس متفاوتة. ولم تكن الانقلابات في موريتانيا من طبيعة واحدة فهي وان كانت في شكلها تمثل ظاهرة واحدة، إلا أنها مختلفة في دوافعها وخلفياتها. الانقلاب العسكري الأبيض الأخير جاء على خلفية أزمة سياسية تعصف بالبلاد منذ أشهر. ويتابع المديني: « ووصلت الأزمة السياسية التي كانت تتفاعل في موريتانيا إلى ذروتها في الأيام الأخيرة بعد إحداث الرئيس الموريتاني سيدي ولد شيخ عبد الله تغييرات في قيادة الجيش والدرك شملت إقالة « الرجل القوي » في موريتانيا الجنرال محمد ولد عبد العزيز قائد الحرس الجمهوري، والجنرال ولد شيخ محمد أحمد، المتهمين بالوقوف وراء الأزمة السياسية التي تعصف بالبلاد. » ويخلص المديني بالقول إلى أنه « يتعذر على الحركة الشعبية العربية وفاعليات المجتمع المدني الضعيفة التأثير والفاعلية في المجال السياسي الذي يهيمن عليه « حزب السلطة » في مجتمعات تستأثر فيها الأجهزة الأمنية للدولة بدور الكابح للمسار الديمقراطي والحامي للأنظمة القائمة، أن تقوم بعملية التغيير الديمقراطي بالوسائل السلمية نظراً إلى حجم الهوة بينها وبين القاعدة الشعبية، وإخفاقها في التنسيق معها، بهدف إحداث تغيير مدني من داخل المؤسسات ». من جهة أخرى، اعتبر عدد من المحللين و المتابعين المعروفين في تونس ممن تحدثت معهم « إيلاف » أن ما جرى في موريتانيا هذا الشهر يعتبر دليلا قاطعا على هشاشة ما يسمى بعملية الانتقال الديمقراطي ، في حين ذهب فريق آخر إلى القول إن التجربة الموريتانية كادت تكون مثاليّة لولا ضيق صدر الانقلابيّين و تآمرهم المستمرّ على معاني الديمقراطيّة و دلالاتها. الكاتب والمحلل السياسي برهان بسّيس قال في تصريحاته لإيلاف إن عملية الانتقال الديمقراطي التي راهن عليها الكثيرون باعتبارها قدوة ومثالا قد لاقت فشلا ذريعا بعد الانقلاب الأخير. ويقول:  » ما حدث في موريتانيا أعاد طرح قضية الانتقال الديمقراطي في البيئة العربية على محكّ التساؤل مع الكثير من الريبة والشك في قدرة البنية السياسية العربية على إنتاج عملية انتقال ديمقراطي سليم و حقيقي و عميق من داخلها. » وبخصوص صدور آراء تتهم الرئيس الموريتاني المطاح به في ما آلت إليه الأمور لأنه لم يحترم تفوق المؤسسة العسكرية و نفوذها في البلاد يردّ برهان بسيّس: لا أعتقد أن المسؤولية في ما حصل متّصلة بتفاصيل إجرائية سواء تعلق الأمر بالرئيس المطاح به أو بأخطاء المؤسسة العسكرية، فالمسؤولية أعمق من ذلك بكثير فهي تتعلق بالآلية الراسخة الثابتة والمتجذّرة بطريقة التصريف السياسي للخلافات القائمة دوما على الغلبة والقهر والعنف في صيغته الانقلابية كما عشناه في موريتانيا. وبالنسبة إلى بسيّس فإن أهم التساؤلات التي يطرحها هذا الحدث هي : أين الجماهير التي تراهن عليها مقاربات التحول الديمقراطي لمعنى الديمقراطية ومضمونها  في حدّ ذاته عندما تحوله بعض المصالح المتعطشة إلى مشروع سريالي عبثي يتعايش فيه الفقر و الأمية و الحاجة و الغبار؟ ». وهاجم بسّيس بشدة من سمّاهم  » المثقفين المندفعين الذين يحلّلون في الشأن الموريتاني إما من منطلق تعطش صادق للديمقراطية أو مزايدات و اندفاعات سطحية لا أكثر ولا أقلّ دون محاولة فهم الوضع المعقّد الذي تناقش فيه مسألة الانتقال الديمقراطي في العالم العربي « . و اعتبر أن النموذج الأمثل الذي يجب أن تنتهجه موريتانيا التي أضحت الانقلابات العسكرية جزءا لا يتجزّأ من تاريخها السياسي ،هو التأسيس على المنوال الغربي في المقدمات و ليس في الخلاصات، بمعنى الاستثمار في التنمية و التعليم والصحة وفي تطوير شروط الرفاهية الاجتماعية ، لأنها القاعدة الصلبة التي تبنى عليها لاحقا عملية الانتقال الديمقراطي في شكلها السياسي. من جهته يرى الإعلامي و المحلل السياسي المتخصّص في الشأن المغاربي رشيد خشانة أن الانقلاب الحاصل في موريتانيا دليل على ضيق صدر الانقلابيين بالديمقراطية و معانيها السامية. وقال: التجربة الديمقراطية الوليدة في موريتانيا وإن كانت من رحم الانقلاب هي الأخرى تركت انطباعا جيّدا لدى الشعوب العربية التائقة إلى الانتقال الديمقراطي السلمي. وقال خشانة إن الدول المغاربية ومن بينها تونس لم ولن تصدر تعليقات رسمية على ما يجري في موريتانيا . » ربما لأنها كانت تخشى أن ينجح النموذج الديمقراطي الموريتاني فتتزايد عليها الضغوطات الشعبية بالإصلاح وانتهاج الديمقراطية كآلية في تسيير مصالح الناس. »   (المصدر: موقع إيلاف بتاريخ 12 أوت  2008)  


 «ديموقراطيات» عربية يحرسها العسكر!

   

خليل العناني   في ايلول (سبتمبر) عام 1863، أصدر الرئيس الأميركي السادس ابراهام لنكولن (1809-1865) ما يطلق عليه «إعلان تحرير العبيد» من أجل تحريم الرق فى الولايات الجنوبية التي انفصلت وأعلنت الحرب على الحكومة الاتحادية الشمالية. ولأجله خاض لنكولن حرباً أهلية استمرت أربع سنوات (1861-1865) راح ضحيتها ما يقرب من 600 ألف أميركي. وبعد فوز لنكولن بالرئاسة للمرة الثانية عام 1864، لم يقم بمعاقبة الولايات الجنوبية «الانفصالية» لمسؤوليتها عن إعلان الحرب، وإنما بدا متسامحاً ومتعاطفاً مع ضحاياها وذلك عكس مواقف غالبية أعضاء حزبه «الجمهوري». وبعد أيام قليلة من انتهاء الحرب الأهلية في نيسان (ابريل) 1865، قام جون ويلكس بوث بإطلاق النار على لنكولن أثناء حضوره عرضاً مسرحياً مع زوجته فى ولاية ميريلاند. وفي السادس من آب (أغسطس) الجاري قام الجنرال محمد ولد عبدالعزيز بخامس انقلاب تشهده موريتانيا منذ استقلالها عن الفرنسيين عام 1960، وقد أعلن في البيان رقم 1 أن هدف الانقلاب هو «تصحيح المسار الديموقراطي وإنقاذ البلاد من حال الشلل التي تسبب بها الرئيس المخلوع محمد ولد الشيخ عبد الله»، وهو بذلك كأنما أطلق النار على «التجربة الديموقراطية» الوليدة في بلاده، وعلى كل من حلم بها في منطقتنا. قطعاً هي مقارنة ظالمة تلك التي تضع ولد عبدالعزيز في صف ابراهام لنكولن، بيد أنها تبدو ضرورية لاستجلاء ضخامة «الوهم» الديموقراطي الذي تعيشه منطقتنا وسط سيل من الدعوات التي لا تنقطع من أجل إجراء انتخابات حرة ونزيهة كشرط لوجود الديموقراطية. وتبدو المسافة بين «ديموقراطيتنا» على غرار ما حدث في «التجربة الموريتانية» وتلك الديموقراطيات الراسخة، كتلك التي تلمحها عندما تقف على شواطئ مرفأ نوازيبو الموريتاني وتلقي بناظريك نحو الضفة الأخرى من الأطلسي. موريتانيا ليست مجرد بلد يقع فى أقاصي القارة السوداء، محاذيا من الشرق لكتلة عربية «ساكنة» تمتد حتى الخليج العربي، ولكنها أيضا بلد لم تحرمه الطبيعة من إمكانية التحول إلى ديموقراطية «ناشئة» تخدمها مزايا عديدة كالموقع الجغرافي أو الموارد الطبيعية (الحديد والنفط)، أو لحجم سكانه (2.5 مليون نسمة) أو لتقدميّة إسلامييّه (التجمع الوطني للتنمية والإصلاح). الخلل إذاً هو «بشريّ» حين تتحول تلك المزايا إلى وقود انقلابات، وحين يصبح الجنرالات مثل محركي العرائس «الماريونيت». فالجنرال ولد عبدالعزيز كان كما المايسترو طيلة الأعوام الثلاثة الماضية، يلوح بيديه تارة فتنهض الديموقراطية، عبر تعبيد الطريق أمام الرئيس المخلوع محمد ولد الشيخ عبدالله للوصول الى الحكم في «أول انتخابات رئاسية نزيهة في العالم العربي» حسبما طنطنت وسائل الإعلام حينها، وإيهام الجميع بأن ثمة «ثمرة» ديموقراطية على وشك البزوغ في أقاصي البادية العربية، ويلوح تارة أخرى فيستفيق الموريتانيون على كابوس مفزع حين قرر ذات ليلة أن يقْبر تلك الثمرة بيديه، مؤكداً أنه لا أمل في ديموقراطية «يحرسها» العسكر. وكما أعطت موريتانيا قبل عام ونصف العام النموذج لانتخابات رئاسية نزيهة وشفافة، وإن شكلاً، فهي الآن تعطي الدرس بأنه لا حياة لديموقراطية تسير خلف أوامر الجنرالات، وأنه لا أمل في قيام «ديموقراطية عربية» في ظل ثقافة ضحلة تعيش على وهم الخلط بين الحرية وصناديق الاقتراع. وهي بذلك تعيدنا الى الحلقة الجهنمية: من أين نبدأ، بصناديق الديموقراطية أم بثقافتها ومؤسساتها؟ مكمن التراجيديا في الانقلاب الموريتاني، أنه جاء، بحسب الجنرال «الجديد» ولد عبدالعزيز، رداً على انقلاب «أبيض» كان الرئيس «المنتخَب» يفكر (مجرد التفكير) في القيام به، ويقيل بمقتضاه ولد عبدالعزيز وصحبه، فآثر هذا الأخير التبكير بانقلابه، أو كما يقول المثل المصري «اتغذى به قبل أن يتعشاني». وهكذا أراد ولد عبدالعزيز أن يضع حداً للحلم «الديموقراطي» الموريتاني، وأن يؤسس شرعيته من خلال نقض شرعية ولد الشيخ عبدالله الذي «أساء التصرف في حكم البلاد، وأوصلها إلى العجز والشلل وتعطيل مؤسسات الديموقراطية» على نحو ما يكرر الجنرال ولد عبدالعزيز في كل مقابلاته. وهي شرعية أقامت نفسها على انشقاق وقع في الحزب الحاكم ذاته (العهد الوطني للديموقراطية والتنمية) حين استقال 48 عضواً من أعضائه من البرلمان الموريتاني قبل وقوع الانقلاب بأيام، ولا ندري هل كانت الاستقالة احتجاجاً على سياسات الرئيس المخلوع أم تمهيداً للجنرال القادم؟ مفارقات «التجربة الموريتانية» عديدة وصادمة، فمن جهة أولى ربما أخطأ الجنرال السابق محمد ولد فال الذي أنهى قبل ثلاث سنوات حقبة معاوية ولد الطايع بالانقلاب عليه فى 3 آب (أغسطس) 2005، بأن سلّم البلاد إلى حكم مدني قبل أن تختمر «البذرة» وتتم تقوية مؤسسات الديموقراطية وتحقيق توازن بين السلطات يضمن تحرير البلاد من هيمنة العسكر وتقنين دورهم في الحياة السياسية، وهو الهدف الذي حاول الرئيس «المخلوع» ولد الشيخ عبدالله القيام به ولكنه فشل. ومن جهة ثانية، أخطأ الرئيس «المخلوع» حين أساء فهم الديموقراطية، واعتبرها بمثابة «صك على بياض» يُعطى لمن يحكم، كي يفعل ما يشاء عندما يشاء من دون حسيب أو رقيب، وهو حسبما تشير تقارير عديدة غض الطرف عن ممارسات للفساد شابت عائلته وبعض المقربين منه، فضلاً عن فشله الذريع في تشكيل حكومة ائتلافية تحميه من غوائل «المتربصين» به. كما أخطأ ولد الشيخ عبدالله حين حاول تغيير «عقد غير مكتوب» مع جنرالات الجيش والحرس الوطني، وصل بمقتضاه الى الرئاسة، وذلك قبل أن يحصّن نفسه شعبياً ومؤسّسياً مما عجّل بنهايته. وهو أيضا لم يبال بضعف «الجنين الديموقراطي»، فتصرّف وكأنه رئيس منتخب من قبل «غالبية راشدة»، ولم يخطر بباله أنه قد يصبح فجأة مجرد فاصل زمني بين انقلابين على نحو ما حدث. ومن جهة ثالثة، أخطأ الموريتانيون مرتين، الأولى حين ظنّوا أن الديموقراطية هي مجرد صناديق اقتراع ودعاية انتخابية ومناظرات رئاسية، في حين أنهم كانوا مجرد «مصوّتين»، شأنهم في ذلك شأن بقية أقرانهم في العالم العربي، ولم يكونوا «مواطنين» يتحصنون بثقافة سياسية مدنية يمكنها مجابهة العسكر. والثانية حين تخلّوا عن رئيسهم «المنتخب» ولم يتحركوا لوقف الانقلاب على «إرادتهم» و «اختيارهم» بالتصويت لمصلحته. وكانت المفارقة أن تخرج تظاهرات مؤيدة لقادة الانقلاب، وكأن الديموقراطية كانت لهم بمثابة عقاب حرمهم لمدة عام ونصف عامٍ من حكم الجنرالات. ومن جهة أخيرة، أخطأنا نحن «المتفرجين» حين توهمنا بأن الديموقراطية قد «صالحت» شعوبنا، وأن الدرس «الديموقراطي» لقسوته قد جاءنا من المغرب البعيد، وذلك بعد أن تكسّرت آماله على أبواب المشرق العربي «المتصدّع» بفعل صراعات محاور الممانعة والاعتدال، ومحاولات «تطييف» الفعل السياسي والديني. قبل عام ونيف أصدر ستيفن كوك، الباحث المعروف في «مجلس العلاقات الخارجية» في نيويورك، كتاباً لافتاً حمل عنوان «العسكر في الشرق الأوسط: يسيطرون ولا يحكمون»، مستشهداً بحالات تركيا والجزائر ومصر، وهو يقيناً لم يفطن إلى أن مجتمعاتنا تهوى هيمنة العسكر، وتعشق «بزاتهم»، وتبدو «سيكولوجياً» كما لو كانت مريضة بعشق جلادها. «التجربة الموريتانية» تمثل، لغرابتها، تحدياً جاداً لنظريات التحول الديموقراطي، التي تقف عاجزة أمام تفسير ذلك «الصمت» الشعبي إزاء انتهاك إرادة الفعل الجماعي وحق الاختيار أو ما يطلق عليه (الإرادة العامة). وتبدو هذه التجربة كما لو كانت ترسيخاً لتلك «الاستثنائية» العربية في التعاطي مع المسألة الديموقراطية فكراً وسلوكاً. وكأننا نحن (العرب) لا نصلح للديموقراطية أبداً حتى لو جاءتنا راكعة، وما حدث في موريتانيا يفرض على نخبنا إعادة التفكير في المطالبة بتحقيق تحوّل ديموقراطي عربي ناجز، قبل أن تسبقه ثورة ثقافية واجتماعية وقيمية يمكن أن تمهد الطريق نحو ديموقراطية «عنفية» لا تخشى بزّات الجنرالات. كما شكّلت هذه التجربة أيضا اختباراً حقيقياً للمزاعم الغربية ببناء الديموقراطية في العالم العربي. فمنذ وقوع الانقلاب، وبعيداً عن عبارات الإدانة «الرسمية» المعتادة، لم يتخذ المجتمع الدولي أي موقف جاد لإنهاء الانقلاب والعودة الى ما كان عليه الوضع قبل 6 آب (أغسطس) الجاري. ولا مجال هنا للحديث عن مصالح أو مآرب يمكنها أن توفر غطاء للجنرالات على غرار ما كان يحدث دائماً في بعض دول أميركا اللاتينية. ويبدو أن ثمة قبولاً دولياً بالأمر الواقع في موريتانيا، ليس لأنها دولة غير مؤثرة في لعبة المصالح والتوازنات الكبرى في المنطقة، فتلك مسألة نسبية، وإنما لكون تجربتها الديموقراطية قد تمثل تهديداً لتلك المصالح في الأجل البعيد. بيد أن الأكيد هو أن الغرب لم يتحرك لأن الشعب الموريتاني نفسه لم يتحرك من أجل حماية «ديموقراطيته»، وذلك على غرار ما حدث في تجارب أخرى مماثلة في كينيا وغانا وصربيا وجورجيا وأوكرانيا وقبلها في المكسيك وتشيلي ونيكاراغوا وفنزويلا وكولومبيا. فتلك ديموقراطيات تحميها شعوبها، أما «ديموقراطيتنا» فيحميها العسكر!   * باحث مصري بمعهد «بروكينغز» للأبحاث – واشنطن   kalanani@brookings.edu   (المصدر: جريدة الحياة (يومية – بريطانيا) بتاريخ 13 أوت  2008)

 

Home – Accueil الرئيسي

Lire aussi ces articles

30 septembre 2003

Accueil TUNISNEWS   4 ème année, N° 1228 du 30.09.2003  archives : www.tunisnews.net الرّابطة التّونسيّة للدفاع عن حقوق الإنسان: أخبار

En savoir plus +

4 mai 2006

Home – Accueil – الرئيسية TUNISNEWS 7 ème année, N° 2173 du 04.05.2006  archives : www.tunisnews.net Visite du Premier Ministre Tunisien

En savoir plus +

Langue / لغة

Sélectionnez la langue dans laquelle vous souhaitez lire les articles du site.

حدد اللغة التي تريد قراءة المنشورات بها على موقع الويب.